تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : زيد ... حبيب الحبيب


سعدالله محمد
2009-02-09, 18:47
أعدّ حارثة والد زيد الراحلة والمتاع لزوجته سعدى التي كانت تزمع زيارة أهلها ...وخرج يودعهما ..وسالت من مآقيه دموع حنان خفي ..وكأنما علم أنه سيرى ولده زيد للمرة الأخيرة ...
مالبثت زوجته أم زيد عند أهلها أيام قلائل حتى فاجأتهم غارة احدى القبائل المناوئة فأسرت اٍبنها فيمن أسرت ..
وعادت الأم الى زوجها حاملة اٍليه اللوعة والأسى ..ولم يكد والده حارثة يسمع بالنبأ حتى سقط مغشيا عليه ..
ومضى حارثة يجوب الديار ...ويقطع الصحارى..ويسائل القبائل والقوافل عن حبّة قلبه زيد منشدا هذا الشعر من بديهته وولهه

بكيت على زيد ولم أدر مافعل ... أحيّ فيرجى أم أتى دونه الأجل ؟؟
فوالله ما أدري واٍني سائل ... أغالك بعدي السهل أم غالك الجبل ؟؟
تذكرنيه الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه اٍذا غربها أفل
واٍن هبّت الأرواح هيّجن ذكره ... فياطول ماحزني عليه وياوجل

وشاء الله سبحانه أن يباع زيد في سوق عكاظ حيث اشتراه حكيم بن حزام ووهبه للسيدة خديجة التي وهبته بدورها لزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك قبل زمن البعثة..فسرّ به وأعتقه ومنحه من نفسه العظيمة وقلبه الكبير الكثير من العطف والحنان ..
وتهادى الى مسامع حارثة أن رجل هاشمي شريف رفيع القدر يربّي غلاما من حيّ حارثة ، فحزم الراحلة وتوجّه اليه رفقة أخيه حتى لقياه صلى الله عليه وسلم فقالا له ( يابن عبد المطلب...يابن سيّد قومه ..أنتم أهل حرم ..تفكون العاني وتطعمون الأسير..جئناك في ولدنا ، فامنن علينا وأحسن في فدائه )
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم تعلّق زيد به ، لذلك قال لحارثة ( أدعوا زيدا ، وخيّروه ، فاٍذا اختاركم فهو لكم بغير فداء ...وان اختارني فوالله ماأنا بالذي أختار على من اختارني فداء ) ..
تهللّ وجه حارثة الذي لم يكن يتوقع كل هذا السماح ، وقال ( لقد أنصفتنا ، وزدتنا على النصف)
ثم بعث النبي الى زيد ، ولما جاء سأله ( هل تعرف هؤولاء ؟؟ )
قال زيد ( نعم ، هذا أبي ... وهذا عمّي )
وأعاد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ماقاله لحارثة ...
وهنا قال زيد ( ما أنا بالذي أختار عليك أحد ..أنت الأب وأنت العم ) ..
نديت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من موقف الفتى ، ثم أمسك بيده وخرج به اٍلى فناء الكعبة حيث قريش مجتمعة..
ونادى في الجموع (..اشهدوا أن زيدا ابني ..يرثني وأرثه ) ...

...يتبع ان شاء الله

سعدالله محمد
2009-02-10, 15:59
أحبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم حبّا عظيما ..فلقّبه الصحابة بحبّ رسول الله ..
تقول عائشة رضي الله عنها ( مابعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في جيش اٍلاّ أمّره عليهم ،ولو بقي حيّا بعد الرسول لأستخلفه ) ..
لقد أسر زيد قلب النبي بخصاله الفريدة ...فهو اليتيم المكسور ..المحبّ الوفيّ ..المخفيّ وقت الجزاء والثناء ..الحاضر وقت الحاجة والطلب ..الأسد المغوار وقت الحروب والخطوب ..
وتزوج زيد بأمر الله زينب ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلّقها بعد مدة من زواج متعثر بارادة الله تعالى ، وأمر الله سبحانه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بطليقة ابنه ، وتزوجها رسول الله وحطم بذلك أكبر عادة كانت سائدة وقتئذ وهي عادة التبني ..
بدأت الروم توجس خيفة من النظام الاٍسلامي الجديد الذي يتعارض مع نظامها في كل شيء ، والذي بدأت شوكته تقوى ودائرته تتوسع يوما بعد يوم ، فعمدوا على افتعال مناوشات عديدة مع جيش الاسلام وشاركهم فيها عملائهم من حكام العرب لدول الشام الموالين للروم ..
أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم هدف الروم القوة العظمى في المنطقة ، ورأى أن يبتدرهم بالهجوم حتى يفهمهم بأنه دين المقاومة والجهاد وعليهم الخشية منه ، والاعراض عن الاستفزاز والمؤامرة ..
فأرسل اليهم بجيش الاسلام الذي نزل بالبلقاء بجوار بلدة تسمى مؤتة ، وكعادته صلى الله عليه وسلم أمّر زيدا على الجيش ...
ولم يكد المسلمون يطالعون جيش الروم حتى أذهلهم عددهم وعدّتهم التي فاقت كل ما في الحسبان ..
ولكنهم تعلموا من دينهم أن الله هو الناصر وأنه مخزي الكافرين ..وأنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باٍذن الله والله مع الصابرين ..
وهنالك أقدموا ولم يبالوا ... وقادهم قائدهم وحامل لوائهم زيد مقتحما رماح العدو ونباله وسيوفه ..
فلم يكن يبحث عن النصر بقدر مايبحث عن نعمة الجنان ومتعة الأبدان ..وزفاف الحور وهناء القصور ..
وعانق حبيب الحبيب المصير وزفت روحه تتخاطفه زوجاته الحور ..وتبسم وجهه معلنا الشهادة في سبيل الله ...
واندفع جعفر بن أبي طالب كالسهم صوب الراية واستلمها من يد زيد المبتسم وواصل شق صفوف العدو مكبرا صادعا في صوت كزئير الأسد ...

وبينما القتال مشتد في ساحة المعركة ..كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس لأصحابه في المدينة مستبشرا بنصر الله متهللا وجهه الكريم اٍذ فجأة صمت وأسبل جفنيه اٍلى الأرض برهة من الزمن ثم رفعهما دامعتين وقال
ــ أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ..
.ثم رفعها جعفر بن أبي طالب فقاتل بها حتى قتل شهيدا ..
وصمت قليلا ثم استأنف كلماته
ـ ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ..
ثم صمت مرة أخرى ، ثم قال ووحهه مهللا سعيدا
ـ لقد رفعوا اٍليّ في الجنة .

.. هنيئا لحبيب الحبيب زيد بن حارثة بالجنة ورضاء ذي المنة ..


ونواصل أحداث المعركة مع القائد العبقري خالد بن الوليد ..ان شاء الله .

المهذب
2009-02-10, 22:30
السلام عليكم وررحمة الله وبركاته
شكرا الاخ سعد الله على طرح هذا الموضوع القيم والمفيد.

سعدالله محمد
2009-02-11, 15:26
شكر الله لك اهتمامك أخي المهذب ونفعك بما قرأت ..