تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حتى لا تنخدع .....بالوهابية


أبو هاجر القحطاني
2012-07-07, 14:21
الكثير منا سمع عنا الوهابية والبعض منا كره الوهابية والبعض الاخر لم يفهم شيئا عنها والبعض الاخر لايهمه الامر فهو بعد دنياه ...وكل يغني على ليلاه
...............
هنا اود تنبيهك اخي الحبيب من خطر هذه الكلمة الوهابية والتي صرنا نسمعها كثيرا وتنبيهي لك اخي الحبيب ليس من الفكر ولكن من الكلمة التي اصبحت تستخدم للتنفير من الدعاه واهل العلم ...
فالوهابية اسم اخترعه اهل البدع والمنحرفون لكي يشوهوا صورة الدعوة النقية التي لاتعترف بالاحزاب والديمقراطية ولا بالشعوذة والقبورية ولا بتخريفات الرافضة الاثنا عشرية ولا بتلبيس اليهودية والنصرانية ... فاتفقت كل الفرق الباطلة بالعداء لهذه الفرقة التي تدعوا الى التمسك بالكتاب والسنة امتثالا لامر الله وامر رسول على اعتبار ان فيه النجاة والسلامة في الدنيا والاخرة ....
اخي الحبيب ...
حتى تعلم ان هذه اشاعة وفرية مافيها مرية تابع معي مااقوله لك الان وبهدؤ دون تعصب وكن منصفا في الحكم ...
اولا :
نحن نعلم جميعا ان من جاء بشيء جديد واخترع امرا جديدا فهو ينسب اليه ميكافيلي صاحب فكرة الغاية تبرر الوسيلة نقول عن كل من اتبع هذا الفكر بانه ميكافيلي .
وكل من جاء بفكر جديد فهو ينسب اليه ..
ثانيا :
لو قلنا ان هناك فكر اسمه الوهابية يفترض ان يكون هذا الكلام وهذا المنهج الذي جاء به من فكر محمد بن عبد الوهاب ..
ثالثا :
بعد ماسبق نقول لكل من قال ان هناك وهابية ارونا مالجديد الذي جاء به ابن عبدالوهاب ولم يكن موجودا قبله فان قلتم يوجد سنقول ارونا بالبينة والحجة والبرهان ؛ فان قلتم لايوجد انتهت دعواكم فلايصح ان ننسب اليه ونسمي باسمه افكار لناس اخرين وهو مجرد سائر على نهجهم .. لاننا لو سمينا الفكر باسمه وهو مجرد متبع يعني اننا سنسمي الفكر كل يوم بالاف الاسماء ونسمي الفكر باسم كل متبع لهذا المنهج وهذا غير صحيح لان الصحيح ان نسمي الفكر باسم صاحب الفكر لا باسم من اتبع الفكر .

رابعا :
ننظر في كتب شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن حجر العسقلاني والشافعي وابن حنبل وابو حنيفة وننظر فيما قالوه في العيدة التي جاء بها ابن عبدالوهاب هل ابن عبدالوهاب قال بقولهم ام انه اخترع فكر جديد فان قلتم هو سر على نهجهم سنقول لكم اذن سمو الفكر باسم واحد منهم وليس باسمه وان قلتم لس على نهجهم سنقول كتب العقيدة والتوحيد من زمن الصحابة والتابعين موجود وفي متناول الجميع لنرى ماالفرق بين مادعا اليه محمد بن عبدالوهاب وبين ماكان يدعوا اليه اؤلئك الائمة الاعلام ...

وخلاصة القول اخي الحبيب ..

هي ان محمد بن عبدالوهاب انما احيا الكتاب والسنة ولم يأت بفكر جديد وانما تستخدم هذه الكلمة لتنفير النا عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة ؛ فاصحاب هذا الشائعة والدعاية يعلمون انك لن تقرأ ولن تبحث في منهج ابن عبدالوهاب فيشوهون وهم واثقون من انك جاهل وستنخدع بهم ولكن ان اردت ان تعرف الحقيقة فامسك كتابا من كتب الشيخ رحمه الله تعالى لتعلم انه قام بدعوة وكان بحق مجدد وكان امام في زمن انحسرت فيه الدعوةواندثر فيه الخير وانتشرت الخرافات والبدع والقبورية ولم يكن طامعا بدنيا بدليل انه لم يشارك في الحكم اطلاقا وانشغل هو بالدعوة ومن بعده ابناؤه واحفاده

فاياك اياك ان تنخدع بما يقوله المرجفون فانهم ليسوا حريصين عليك فلاتصدق ان فارسي جاء من اخر الدنيا لكي ينقذك ولاتصدق علماني منحرف اقبل من باريس كي ينهض بك فكلهم انما يريدون النيل من دينك وعقيدتك فاحذر كل الحذر
بمعنى اخر لايوجد مذهب اسمه الوهابي وانما تسمية تستخدم للتنفير والتشويه بدين الاسلام حتى يتكلم هؤلاء الناعقون براحتهم لانهم يعلمون انهم لوتكلموا عن الاسلام مباشرة فسيغضب عليهم المسلمون ولكن يطعنون ويشوهون ويقولون نحن انما نطعن في الوهابية وفي حقيقة الامر ان هذا ليس الا غطاء للطعن في دينك وعقيدتك فالحذر الحذر
وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم
منقول

ملك الاحلام
2012-07-07, 14:43
بوركت اخي بل عباد الظلال خافو ان ينسبو الدعوة الى محمد ابن عبد الوهاب فيقول محمدية كون عبد الوهاب هو الاب
فخافو ان بقولهم تكون مطابقة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالو وهابية
نسبة لابيه لكنه فرو من شيء فسقطو في اخر فالوهاب اسم من اسماء الله في ان تكن محمدية او وهابية فهي اسلامية حقا

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-07-07, 15:18
جزاك الله خيرا
دعوتنا سلفية لا وهابية وإن كانت في حقيقتها هي الدعوة التي نصرها وأيدها ودعا إليها العلامة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ لأن الدعوة السلفية هي دعوة الله ـ تعالى ـ وهو ـ سبحانه وتعالى ـ الوهَّاب، وهي دعوة مباركة باركها الله تعالى من فوق سبع سماوات ووهبها لمن أحبه، كما قال إبراهيم ـ عليه السلام ـ ﴿رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين﴾.

ولما كان أهل البدع والأهواء يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعجبهم أن يكون الناس على الجادة، لذا فإنهم يصفون أهل الحق أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم بنعوت شتى منها قولهم لمن انتسب للحق والسنة: (الوهابية)، ظانين أنهم بهذا الوصف يشنعون الدعوة ويجعلون من هذا الوصف عند الجهال أداةً مانعةً تحول بينهم وبين وصولهم لمعرفة الحق واتباع السنة، ولكن هيهات هيهات لقد انقلب السحر على الساحر، وأيد الله ـ تعالى ـ أتباع هذه الدعوة وجعل لهم شأناً عظيماً، ولم لا وهي دعوته ـ سبحانه وتعالى ـ، وأتباعها هم أولياؤه؟!.
ويقول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب عن حقيقة دعوته في رسالته التي أرسل بها إلى عبد الرحمن بن عبد الله السويدي أحد علماء العراق:

"أخبرك أني ـ ولله الحمد ـ متبعٌ، ولست بمبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكني بينت للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعبد الله به، من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق لله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة".

الجليس الصلح
2012-07-07, 15:43
شكرا على ما قدمت بارك الله فيك

أبو عبد الرحمن الجزائري
2012-07-07, 17:14
جزاك الله خيرا

تصفية وتربية
2012-07-07, 17:24
هذا سؤال طرحه الشيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله- على العلامة الفوزان -حفظه الله-:

الشيخ محمد بن هادي المدخلي:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حيّاكم الله فضيلة الشيخ صالح وجزاكم عنّا خيرًا ونشكر لجامعنا الإسلامية الموفقة، ونشكر لمديرها وعمادة شؤون خرّيجيها في ترتيبهم لمثل هذه اللقاءات النّافعة، فجزاهم الله خيرًا، وضاعف في مثوبتهم.

فضيلة الشيخ يمناسبة ما تقدّم قبل قليل وهو الكلام على البدء بالدعوة إلى التوحيد والسُنّة وأنه يُنفِّر، هناك سؤال يأتينا معشر المُدرِّسين، وهذه مناسبة طيِّبة مباركة جدًا، ونُحب أن يسمع أبناءكم التوجيه منكم على جناح آخر يُشاع ويُذكر وقد أجيب عنه لكن في مثل هذ المحفل المبارك التذكير به حسن، ألا وهو: أن دعوة الشيخ: محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله تعالى عليه- جاءت بتكفير المسلمين وتكفير المجتمعات، وأن التكفير نابع منها. فحبذا -حفظكم الله- لو شنّفتم مسامعنا بالكلام على هذا القول الذي يُلصق بهذه الدعوة التي نفع الله بها نفعًا عظيما، وجزاكم الله خيرًا.

الشيخ الفوزان:

بارك الله فيك، وأنا أشرت إلى هذا إشارة خفيفة للذي يقول أن الشيخ جاء بمذهب جديد، أنا أقول تتحدّاه أن يُبيِّن لنا ما هو هذا المذهب الجديد الذي خرج به الشيخ عن جادّة أهل العلم وعن السّلف الصالح، بيِّن لنا هذا. أما أن الشيخ يُقال فيه ما يُقال، فليس هذا بغريب، قيل في الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وُصِف الأنبياء بالجنُون، وُصِفوا بالسحر، وُصِفوا بالكذب ووصفوا بأوصاف كثيرة، وُصِف الأئِمة بشيء من ذلك، ومنهم الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، فلا غرابة في هذا أبدًا ولا يضر بالشيخ، وإنما يرفعه الله بذلك، يرفعه الله بذلك، وهذا الذي يقول أنه يُكفِّر المسلمين، إنه إنه إنه إنه، نقول: هذه كتب الشيخ موجودة، كتبه موجودة -ولله الحمد- فهات لنا نص من كتبه أنه يُكفِّر المسلمين، إنما يُكفِّر من كفّره الله ورسوله، وأجمع المسلمون على تكفيره، أما أنه يستقل بمسألة ويُكفِّره فيها، أن يكون مسبوقا بذلك من أهل اعلم ومن غير دليل من كتاب الله وسنة رسوله فهذا اِتهام باطل، لا يُلتفت إليه ولا يُحسب له حساب. هات لنا من كلام الشيخ ما يُثبت ما تقول، هذه كتبه موجودة الآن، وأنت لا تسمع الكلام الذي يُقال في فلان من العُلماء دون أن ترجع إلى كلامه هو وإلى مؤلفاته هو. أيضًا أنظر إلى آثار دعوة الشيخ، أنظر إلى آثارها، الحمد لله دعوة الشيخ الآن ظلّلت على هذه البلاد مدّة طويلة وهي تعيش في ظلّها الوارف واِمتدّت إلى الأمصار، وإلى الأقطار -ولله الحمد-، فلو كانت دعوة فاشلة أو دعوة على غير هدي الكتاب والسنة لما نجحت مثل غيرها من الدعوات التي لم تقم على أصل. ما أكثر الدُعاة وما أكثر الجماعات الدعوية، لكن أين الآثار؟ رجل واحد هذه آثار دعوته، أين آثار دعوة هؤلاء؟ وما السبب في هذا؟ السبب الأصل الذي تقوم عليه الدعوة، الواقع يُكذِّب هؤلاء -ولله الحمد-. نعم.
تفريغ: ألم الفراق

تصفية وتربية
2012-07-07, 17:25
وهذا سؤال آخر طُرِح على الشيخ الفوزان حفظه الله:
السؤال:
وهذا سائل يقول: بلادنا على منهج السّلف وهناك بعض النّاس يدعوننا بالوهابية، فما قولكم؟
الشيخ الفوزان:

ما يهمكم هذا، ما دمتم على منهج السّلف وعلى عقيدة التوحيد ما عليكم، سمّواكم وهّابية ، هذا فخر لكم، الوهابية وش حقيقتها؟ الوهابية على دين الله وعلى التوحيد وعلى الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- فأنتم ما عليكم من ها الكلام هذا، تمسّكوا بالحق ولا يضركم أنهم يقولون كذا ويقولون كذا، أو متشدّدين أو جامدين أو وهّابية أو غيرها، ما يهمنا الألقاب. نعم.

نحن يهمنا الحقيقة، إذا كنّا على حق فلا يهمنا التلقيبات والتشنيعات، أما الذي ماهو على حق يجب عليه أنه يرجع للحق. نعم.

فإذا قال لكم أنت وهابية، قل له: اِشرحوا لنا مذهب الوهابية، وش هو؟ بيِّنوه لنا، لأنهم قد يكونون إنهم لا يعرفون مذهب الوهابية، جُهّال، أو يكونون يعرفون ويُريدون التضليل، فأنتم اطلبوا منهم وتحدوهم، اطلبوا منهم يُبيِّنون لكم ما عليه الوهابية التي يقولون. فإن كان حقًا فالحق هو المُتبع وإن كان باطلاً -ونبرأ إلى الله من ذلك- فالباطل يُترك. نعم.


تفريغ: ألم الفراق

أبو هاجر القحطاني
2012-07-07, 19:25
جزاكم الله خير الجزاء اخوتي واخواتي الموحدين وجمعنا وايكم في جنات النعيم مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين

العنبلي الأصيل
2012-07-07, 23:19
بارك الله فيك يا يونس وجزاك خيرا.

farestlemcen
2012-07-07, 23:29
الفرع الثاني : دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب
قال الشيخ رحمه الله معرفا بالدعوة الوهابية(9) وبشيخها وقائدها الأول ابن عبد الوهاب (5/32):


" قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية فتبعه عليها قوم فلقبوا بالوهابيين، ولم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه ، فإن أتباع النجديين كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين ، يدرسون الفقه في كتب الحنابلة ، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد، فإن أتباعه كانوا ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين أهل إثبات وتنـزيه، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار، ويصدقون بالرؤية ويثبتون الشفاعة، ويترضون عن جميع السلف، ولا يكفرون بالكبيرة ، ويثبتون الكرامة.
وإنما كانت غاية ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع ، في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير و زيغهم المبين".


فانظر إلى إنصافه ووصفه لأتباع الشيخ ابن عبد الوهاب وللحنابلة بأنهم أهل إثبات وتنـزيه، وأين هو من وصف الأشعرية لأهل السنة عموما وللحنابلة خصوصا بأنهم مجسمة ومشبهة وحشوية؟ وانظر كيف وصفهم بأنهم:" سنيون سلفيون"! وإن وصفا كهذا لا يصدر إلا من موافق لأهل الحق إن شاء الله تعالى. أما عن تلقيب أهل السنة بالوهابية ، فلم يكن مقرا له حيث قال رحمه الله تعالى :"وأصبحت الجماعة الداعية إلى الله يدعون من الداعين إلى أنفسهم (الوهابيين)".
وربما كان أدلة موافقته أنه قال ذلك بعد أن اتهم بالوهابية، فلم ينكر الموافقة بل انتقل ليهاجم الخصوم ويدافع عن الوهابيين بالكلام الذي ذكرنا،
ثم قال (5/103):" لا والله ما كنت أملك يومئذ كتابا واحدا لابن عبد الوهاب، ولا أعرف من ترجمة حياته إلا القليل، ووالله ما اشتريت كتابا من كتبه إلى اليوم، وإنما هي أفيكات قوم يهرفون بما لا يعرفون، ويحاولون إطفاء نور الله ما لا يستطيعون، وسنعرض عنهم اليوم وهم يدعوننا وهابيين، كما أعرضنا عنهم بالأمس وهم يدعوننا عبداويين، ولنا أسوة بمواقف أمثالنا مع أمثالهم من الماضين.." (10).
وقال في موضع آخر في الرد على مبطل من خصوم الدعوة (5/282-283):


" ثم يرمي الجمعية بأنها تنشر المذهب الوهابي،أَفَتَعُدُّ الدعوة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، وطرحِ البدع والضلالات واجتنابِ المرديات والمهلكات نشرا للوهابية، أم أن نشر العلم والتهذيب وحرية الضمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح نشر للوهابية ؟


إذا فالعالم المتمدن كله وهابي ! فأئمة الإسلام كلهم وهابيون ! ما ضرنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمة الإسلام".
ولما كانت تهمة الوهابية قد شملت الشيخ رحمه وجميع إخوانه العاملين معه وقد كانت تذرعت بها السلطة الفرنسية الغاشمة لتوقيف نشاط الشيخ الطيب العقبي رحمه الله





حيث جاء في منشور التوقيف الذي أصدره "ميشال" الوالي الفرنسي آنذاك ما يلي :" إن القصد العام من هذه الدعاية [ يقصد دعوة الشيخ العقبي ] هو نشر تعاليم والأصول الوهابية بين الأوساط الجزائرية بدعوى الرجوع بهم إلى أصول الدين الصحيح، وتطهير الإسلام من الخرافات القديمة التي يستغلها أصحاب الطرق واتباعهم"(البصائر السنة الأولى العدد31ص4).

قفص النسيان
2012-07-07, 23:43
شكرااااااااااااااااااااا

أبو هاجر القحطاني
2012-07-08, 23:03
بارك الله فيك يا يونس وجزاك خيرا.
وفيك بارك الله أخي الكريم حفظك الله ورعاك

أبو هاجر القحطاني
2012-07-08, 23:09
الفرع الثاني : دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب
قال الشيخ رحمه الله معرفا بالدعوة الوهابية(9) وبشيخها وقائدها الأول ابن عبد الوهاب (5/32):


" قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية فتبعه عليها قوم فلقبوا بالوهابيين، ولم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه ، فإن أتباع النجديين كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين ، يدرسون الفقه في كتب الحنابلة ، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد، فإن أتباعه كانوا ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين أهل إثبات وتنـزيه، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار، ويصدقون بالرؤية ويثبتون الشفاعة، ويترضون عن جميع السلف، ولا يكفرون بالكبيرة ، ويثبتون الكرامة.
وإنما كانت غاية ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع ، في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير و زيغهم المبين".


فانظر إلى إنصافه ووصفه لأتباع الشيخ ابن عبد الوهاب وللحنابلة بأنهم أهل إثبات وتنـزيه، وأين هو من وصف الأشعرية لأهل السنة عموما وللحنابلة خصوصا بأنهم مجسمة ومشبهة وحشوية؟ وانظر كيف وصفهم بأنهم:" سنيون سلفيون"! وإن وصفا كهذا لا يصدر إلا من موافق لأهل الحق إن شاء الله تعالى. أما عن تلقيب أهل السنة بالوهابية ، فلم يكن مقرا له حيث قال رحمه الله تعالى :"وأصبحت الجماعة الداعية إلى الله يدعون من الداعين إلى أنفسهم (الوهابيين)".
وربما كان أدلة موافقته أنه قال ذلك بعد أن اتهم بالوهابية، فلم ينكر الموافقة بل انتقل ليهاجم الخصوم ويدافع عن الوهابيين بالكلام الذي ذكرنا،
ثم قال (5/103):" لا والله ما كنت أملك يومئذ كتابا واحدا لابن عبد الوهاب، ولا أعرف من ترجمة حياته إلا القليل، ووالله ما اشتريت كتابا من كتبه إلى اليوم، وإنما هي أفيكات قوم يهرفون بما لا يعرفون، ويحاولون إطفاء نور الله ما لا يستطيعون، وسنعرض عنهم اليوم وهم يدعوننا وهابيين، كما أعرضنا عنهم بالأمس وهم يدعوننا عبداويين، ولنا أسوة بمواقف أمثالنا مع أمثالهم من الماضين.." (10).
وقال في موضع آخر في الرد على مبطل من خصوم الدعوة (5/282-283):


" ثم يرمي الجمعية بأنها تنشر المذهب الوهابي،أَفَتَعُدُّ الدعوة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، وطرحِ البدع والضلالات واجتنابِ المرديات والمهلكات نشرا للوهابية، أم أن نشر العلم والتهذيب وحرية الضمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح نشر للوهابية ؟


إذا فالعالم المتمدن كله وهابي ! فأئمة الإسلام كلهم وهابيون ! ما ضرنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمة الإسلام".
ولما كانت تهمة الوهابية قد شملت الشيخ رحمه وجميع إخوانه العاملين معه وقد كانت تذرعت بها السلطة الفرنسية الغاشمة لتوقيف نشاط الشيخ الطيب العقبي رحمه الله





حيث جاء في منشور التوقيف الذي أصدره "ميشال" الوالي الفرنسي آنذاك ما يلي :" إن القصد العام من هذه الدعاية [ يقصد دعوة الشيخ العقبي ] هو نشر تعاليم والأصول الوهابية بين الأوساط الجزائرية بدعوى الرجوع بهم إلى أصول الدين الصحيح، وتطهير الإسلام من الخرافات القديمة التي يستغلها أصحاب الطرق واتباعهم"(البصائر السنة الأولى العدد31ص4).








جزاك الله خيرا وبارك فيك وفي جهدك الطيب ونفع بك وحفظك من كل سوء

farestlemcen
2012-07-08, 23:40
جزاك الله خيرا وبارك فيك وفي جهدك الطيب ونفع بك وحفظك من كل سوء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل

abedalkader
2012-07-08, 23:42
بسم الله الرحمن الرحيم


« موقف علماء الجزائر من الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية »


منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووول



توطئة


هذه كلمات جليلة ، وعبارات نبيلة لعلماء أجلاء من القطر الجزائري ، موضوعها الثناء على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، ومقصودها الذب عن دعوته الإصلاحية السلفية ، نفضتُ عنها غبار النسيان والإهمال ، حتى تكون شهباً وصواعق على أهل الشرك والضلال .


والسبب الذي دفعني وحفزني إلى ذلك هو إبراز موقف علماء الجزائر - ممن لهم مكانة عند القاصي والداني - من دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب الإصلاحية النجدية ، وفي هذا رد على من طعن ويطعن في الدعوة السلفية بالجزائر وينبزها بـ " الوهابية " ، و" الوهابية " بزعمهم ضلال مبين ، ومروق عن الدين ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .


بل وصل الحال بأحدهم أن سطر في إحدى الصحف بالبنط العريض ، قوله البغيض : ( الوهابية أخطر من الشيعة ) ؛ ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) .


وقبل الشروع في المقصود ألفت نظرك - أيها القاريء الكريم - إلى أمرين مهمين :


الأول : حرص علماء أهل السنة - وإن نأت بهم الديار - على معرفة حقيقة " الدعوة الوهابية " من خلال كتب علمائها ، أو من خلال ما كتب عنها من الثقات - على قلة ما وصلهم منها - ، مع تجنب الاعتماد على كتب خصومها عنها - على كثرتها - ، وقد وفِّقوا في هذا الأمر إلى حد بعيد ، ولله الحمد .


وقارن بين تحري هؤلاء العلماء للحق - في زمن قلَّت فيه وسائل البحث والتحقيق - ، وبين صنيع عدد من الدكاترة والباحثين - الجزائريين - ممن كتبوا عن الشيخ ابن عبد الوهاب ودعوته الإصلاحية ، وجل اعتمادهم - إن لم يكن كله - على ما كتبه الخصوم عنهم ، ( وأنى تعرف الحقائق من مثل هاته الكتب أو تلك ، أم كيف يؤخذ حقيقة قوم من كتب خصومهم ؟ ) كما قال ابن باديس - رحمه الله - .

الثاني : تضمن الكلمات والعبارات التي ستقر بها عينك - بعد قليل - على رد ونقض أغلب الشبه والتهم المثارة على الدعوة الوهابية ، وفيها - أيضا - رد ونقض للافتراءات التي رميت بها جمعية العلماء لمَّا قامت بدعوة المسلمين في الجزائر إلى التوحيد والاتباع ، ونبذ الشرك والابتداع .

فتهمة الوهابية هي التهمة الجاهزة التي يرمي بها دعاةُ الشرك والضلالة دعاةَ التوحيد والرسالة في كل زمان ومكان ، فما دام المصلحون ينكرون الشرك والبدع فهم وهابيون شاءوا أم أبوا ، وهذه التهمة - بزعمهم - هي الجرح الذي لا برأ منه ، والله المستعان .

بل وصل الأمر بعلماء السوء إلى تحريض إدارة الاحتلال الفرنسي على علماء الدعوة السلفية ، فكان أن أصدر الكاتب العام للشؤون الأهلية والشرطة العامة " ميشال " قراره المشهور بتاريخ ( 16 فبراير 1933 م ) ، جاء فيه ما نصه :

( أُنهي إليَّ من مصادر متعددة أن الأهالي دخلت عليهم الحيرة والتشويش بسبب دعاية تنشر في أوساطهم يقوم بها إما دعاة استمدوا فكرتهم من الحركة الوهابية السائدة بمكة ، وإما حجاج جزائريون تمكنت فيهم عاطفة التعصب الإسلامي ... وإما جمعيات كجمعية العلماء المؤسسة بالجزائر بقصد افتتاح مدارس عربية حرة لتعليم القرآن والعربية ...

إن المقصد العام من هذه الدعاية هو نشر التعاليم والأصول الوهابية بين الأوساط الجزائرية بدعوى الرجوع بهم إلى أصول الدين الصحيح وتطهير الإسلام من الخرافات القديمة التي يستغلها أصحاب الطرق وأتباعهم ، ولكن لا يبعد أن يكون في نفس الأمر وراء هذه الدعاية مقصد سياسي يرمي إلى المس بالنفوذ الفرنسوي .

لا يخفى أن أكثر رؤساء الزوايا وكثيرا من المرابطين المعظَّمين في نفوس الأهالي اطمأنت قلوبهم للسيادة الفرنسوية ، وبمقتضاه صاروا يطلبون الاعتماد على حكومتنا لمقاومة الأخطار التي أمست تهددهم من جراء تلك الجمعية التي لا يزال أنصارها يتكاثرون يوما فيوما بفضل دعاية متواصلة الجهود ، ماهرة الأساليب ، وعلى الأخص فيما بين الناشئة المتعلمة بالمدارس القرآنية ) .

إلى أن قال : ( وعليه فإني أعهد إليكم أن تراقبوا بكامل الاهتمام ما يروج في الاجتماعات والمسامرات الواقعة باسم الجمعية التي يترأسها السيد ابن باديس ، ولسانها الرسمي في الجزائر [ العاصمة ] الشيخ الطيب العقبي ، كما يجب أن تشمل مراقبتكم المكاتب القرآنية المقصود استبدال الطلبة القائمين بها بطلبة اعتنقوا الفكرة الوهابية ) (1) .

والحقيقة التي يتعامى عنها المبتدعون أن ( الكتاب واحد ، والسنة واحدة ، والغاية - وهي الرجوع إليهما - واحدة ، فبالضرورة تكون الدعوة واحدة ، بلا حاجة إلى تعارف ولا ارتباط ، وإن تباعدت الأعصار والأمصار ) كما قال ابن باديس - رحمه الله - .

وبعد ، فقد غصتُ بطون الكتب والمجلات والجرائد ، وجمعتُ كل ما وقفتُ عليه ونسقته في صعيد واحد ، مع اقتصاري - في الغالب - على محل الشاهد ، ورتبت الأقوال على حسب وفيات أصحابها - لا على حسب العلم والشهرة - ، وآثرت عدم التعليق عليها - إلا في القليل الذي لا بد منه - حتى لا يمتد بي الحبل ويتسع المجال ، فليس المقصود - هنا - دراسة مدى تأثر الدعوة السلفية الإصلاحية في الجزائر بدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، وأكتفي الآن بالإحالة إلى البحوث والدراسات التي سبقت في هذا الصدد ؛ منها رسالة الدكتور عبد الحليم عويس : " أثر دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب في الفكر الإسلامي الإصلاحي بالجزائر " (1) ، وكتاب الدكتور تركي رابح : " الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ محمد بن عبد الوهاب في طريق الإصلاح والسلفية - دراسة مقارنة - " (2) ، ورسالة الشيخ الباحث محمد حاج عيسى الجزائري : " أصول الدعوة السلفية من كلام ابن عبد الوهاب وابن باديس " (3) .


====


1) جريدة " البصائر " ( العدد 31 ، 19 جمادى الأولى 135 هـ / 7 أوت 1936 م ، ص 4 ) .


(2) وهي مطبوعة متداولة .


(3) عده ضمن ما طُبع له في كتابه " الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح الإسلامي والتربية في الجزائر " ( ص 542 ط الخامسة ) ، ولم أقف عليه .


(4) أشار إليها في رسالته " عقيدة العلامة عبد الحميد بن باديس السلفية وبيان موقفه من الأشعرية " ( ص 27 ) ، ولم أقف عليها أيضا .


[[ تابعوا باقي المقال على هذا الرابط....---- ]] :

http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139996 (http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139996)

farestlemcen
2012-07-08, 23:50
راسلة للدكتور محمد الدراجي بعنوان "ركائز الفكر السلفي عند الشيخ حماني –رحمه الله-" في أربع حلقات نشرت بالأعداد : 153و155و156و157 من جريدة البصائر السلسة الرابعة.



من كان عنده هذا الكتاب أن يتحفنا به

أم أنس الجزائرية
2012-07-09, 07:04
موضووع قيّم

بارك الله فيكم

Karime Const
2012-07-09, 18:49
تحياتي أخي يونس

أرى - و الله أعلم - أن إنساب الأتباع (الخلف) لشيخهم ليست حديثة عهد، فلها جذور طويلة في تاريخنا الإسلامي. و قد تستخدم للمدح كما تستخدم للذم، فهل وصْف الشيخ خليل بأنه مالكي يعتبر مذمة؟

و لكن إذا قلتَ لأحدهم أنت جهمي فقد يثور عليك!

إذن فالعبرة بالأصل و ما اتفق العلماء عليه.

فبما أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله معروف لدى القريب و البعيد في دوره الريادي في بلاد الحجاز، فلا أرى بأسا في استخدام كلمة الوهابية. رغم أنني شخصيا لا أستخدمها لما قد تسيء لشخصه رحمه الله أكثر مما تمدح من تطلق عليه. أو بكل بساطة لأننا في غنى عن هكذا تسميات.

و للأسف الشديد، أن أكثر من يسيء إلى فكره و جهاده هو بعض ممن ينتسبون إلى السلفية ظلما و عدوانا. موهمين العام و الخاص أنهم على منهج الشيخ رحمه الله.
فيظن الغافل ذلك حقيقة! فيقول جاهلا: إذن تلك هي الوهابية!!!!


أرجو أن تتقبل مروري


تحياتي

jackin
2012-07-09, 20:31
السلام عليكم
إن نعمة الله تعالى على هذه الأمة ،
ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
(( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأسِ كل مائة سنة من يجدد لها دينها ))
رواه أبو داود ، وهو حديث صحيح.
إحياء ما ذهب من العمل بالكتاب والسنة ،
إحياء السنن التي ماتت بإظهار البدع والمحدثات ،
فيرزق الله من هذه الأمة جبالاً يجددون لها ما اندرس من دينها ؛
فالله دَرُهم في الإمامة والحكم ،
ولله دَرُهم في العلم والتعليم ،
ولله دَرُهم في ساحات الوغى والجهاد.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مثل أُمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره ))
حديث حسن بطرقه ؛
فالخير باقي في هذه الأمة إلى يوم القيامة.
من المعلوم أن المجدد محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله
لم يبتدع فكرا جديدا في الإسلام ،
ولم يسم دعوته ــ
ولا أحد من أتباعه ــ
بالحركة الوهابية أو الدعوة الوهابية ،
وانما أطلق هذا الاسم بعض الدارسين لحركته ،
سواء من منطلق تعريفي مجرد ،
أو بقصد الإساءة وتشويه السمعة
في محاولة للأشعار بأنها حركة حادثة
يتزعمها شخص خارج عن جسد الفكر الإسلامي .
الوهابية ليست فكرة جديدة ،
وانما هي الدعوة الإسلامية نفسها في صورتها السلفية النقية الصافية ،
وهي حركة تجديدية تعتمد على أصول الشريعة نفسها
التي قامت عليها المذاهب الفقهية الأربعة المتعمدة ،
وتستند إلى مصادر التشريع المعتبرة ،
وترجع إلى مراجع العلم والفتوى نفسها التي يزخر بها التراث الفقهي الإسلامي ،
غير أن اعتماد غالب علماء هذه الدعوة ـ وليس كلهم ـ
على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
في الفروع الفقهية على أساس الاتباع والانتصار للدليل وليس التقليد والتعصب المذهبي ،
واما في مسائل الاعتقاد فانهم لم يزيدوا قيد أنملة
على ما أجمع عليه السلف الصالح رضي الله عنه
من الصحابة والتابعين اللائمة الأربعة وكبار أتباعهم
وكل من له قدم صــدق من أئمة الدين والعلم في كل العصور .
وهكذا يبتلي الله المصلحين باستمرار بمن يشوه سمعتهم ،
ويسبهم ويشتمهم ،
وهذا طريق الأنبياء ؛
ألم يقولوا عن نبينا صلى الله عليه وسلم
ساحر ، كذاب ، مجنون ، به جِنة!!

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه*** فالناس أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسنـاء قُلنَّ لوجهها*** حســــداً وزوراً إنه لذميم
ولا ينكر هذا كله إلا مكابر أو جاهل
لا يعرف حقيقة هذه الدعوة ومكانة علماءها ،
أو متعصب أعماه هواه عن الإنصاف .
اللهم ألهمنا رشدنا ، وقنا شر أنفسنا ،
وأرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه ،
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ،
إنه هو الغفور الرحيم.

saqrarab
2012-07-10, 00:17
حصرتم الاسلام
دين الرحمة والعلم
في منهج واحد مهما اختلفنا على تسميته لكنه يبقى منهج من مناهج الاسلام وفرقة من الفرق الاسلامية اصابه مثلما اصاب الفرق الاسلامية كلها
سواء سميتموه وهابية او سلفية فهو فرقة من الفرق الاسلامية وليس هو الاسلام
حصرتم الاجتهاد في علماء هذا المنهج وكان الاسلام بسعته ضاق على الناس في فكر واحد
هذا المنهج اختلف اهله انفسهم وتفرعت منه فرق ومناهج شتى
بحث بسيط في الانترنت لترو الفروق بين الفتاوى بين علماء هذا المنهج حتى وصلت الى التكفير والاخراج من الملة
هو منهج اصابه ما اصاب الفرق الاسلامية السابقة له
تفرق وتشرذم فرق عديدة بعضها يكفر الاخرى وتسميات عديدة
هذه جهادية وهذه تكفيرية وهذه حاكمية وهذه جامية وهذه دعوية وهذه وهذه
ومازال كل يوم تظهر فرقة جديدة
احمد الله اني مسلم وكفى

أبو هاجر القحطاني
2012-07-10, 01:29
تحياتي أخي يونس

أرى - و الله أعلم - أن إنساب الأتباع (الخلف) لشيخهم ليست حديثة عهد، فلها جذور طويلة في تاريخنا الإسلامي. و قد تستخدم للمدح كما تستخدم للذم، فهل وصْف الشيخ خليل بأنه مالكي يعتبر مذمة؟

و لكن إذا قلتَ لأحدهم أنت جهمي فقد يثور عليك!

إذن فالعبرة بالأصل و ما اتفق العلماء عليه.

فبما أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله معروف لدى القريب و البعيد في دوره الريادي في بلاد الحجاز، فلا أرى بأسا في استخدام كلمة الوهابية. رغم أنني شخصيا لا أستخدمها لما قد تسيء لشخصه رحمه الله أكثر مما تمدح من تطلق عليه. أو بكل بساطة لأننا في غنى عن هكذا تسميات.

و للأسف الشديد، أن أكثر من يسيء إلى فكره و جهاده هو بعض ممن ينتسبون إلى السلفية ظلما و عدوانا. موهمين العام و الخاص أنهم على منهج الشيخ رحمه الله.
فيظن الغافل ذلك حقيقة! فيقول جاهلا: إذن تلك هي الوهابية!!!!


أرجو أن تتقبل مروري


تحياتي

جزاك الله خيرا أخي الكريم كريم على اضافتك النافعة
وأعلم أخي أن أكثر من أساء لدعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب من حيث لا يدرون هم أهل الأهواء المنتسبين زورا لمنهج السلف

أبو هاجر القحطاني
2012-07-10, 01:35
حصرتم الاسلام
دين الرحمة والعلم
في منهج واحد مهما اختلفنا على تسميته لكنه يبقى منهج من مناهج الاسلام وفرقة من الفرق الاسلامية اصابه مثلما اصاب الفرق الاسلامية كلها
سواء سميتموه وهابية او سلفية فهو فرقة من الفرق الاسلامية وليس هو الاسلام
حصرتم الاجتهاد في علماء هذا المنهج وكان الاسلام بسعته ضاق على الناس في فكر واحد
هذا المنهج اختلف اهله انفسهم وتفرعت منه فرق ومناهج شتى
بحث بسيط في الانترنت لترو الفروق بين الفتاوى بين علماء هذا المنهج حتى وصلت الى التكفير والاخراج من الملة
هو منهج اصابه ما اصاب الفرق الاسلامية السابقة له
تفرق وتشرذم فرق عديدة بعضها يكفر الاخرى وتسميات عديدة
هذه جهادية وهذه تكفيرية وهذه حاكمية وهذه جامية وهذه دعوية وهذه وهذه
ومازال كل يوم تظهر فرقة جديدة
احمد الله اني مسلم وكفى
منهج السلف في العقيدة وأثره في وحدة المسلمين

فضيلة الشيخ الدكتور صالح ابن سعد السحيمي

الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كبيرا .
وبعد :
فهذا جهد متواضع ، أساهم به لبيان المنهج الذي كان عليه السلف الصالح في العقيدة ، ومدى مخالفة الناس لذلك المنهج ، مما فرق كلمة المسلمين وأضعف وحدتهم .
وجعلت عنوان البحث : منهج السلف في العقيدة وأثره في وحدة المسلمين ؛ وقد حملني على ذلك إهمال كثير من الباحثين لهذا الجانب ، أعني جانب العقيدة ، والذي هو
العامل الأول ، والركيزة الأساسية التي ينبني عليها كيان المجتمع الإسلامي ، وتنضوي تحت لوائها صفوف المسلمين ، منها يستلهمون طريق وحدتهم ، وعلى ضوئها يشقون طريقهم إلى أعلى قمم المجد والعلى ، وبهداها ومبادئها القيمة يفتحون القلوب قبل أن يفتحوا الأمصار والأقطار ، ولقد كثرت المؤلفات والخطب والمحاضرات والمواعظ والندوات التي تنادي بوحدة المسلمين ، وجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم بالأساليب المتعددة ، وطرح الحلول الكثيرة ، لكن هذه الأساليب والحلول ناقصة وغير تامة ؛ نظرا لاهتمامها بالجوانب الفرعية فقط ، فنجد أن جماعة ممن يهتمون بعوامل التضامن الإسلامي يركزون جل اهتمامهم على الجانب السياسي ، ونجد جماعة أخرى تركز على الجانب الأخلاقي ، ونجد جماعة ثالثة تركز على جوانب الترغيب والترهيب والزهد والورع ، وقل أن تجد من بين هؤلاء من يهتم بالجانب الأساسي والركن العظيم ، والذي هو الحصن الحصين ، والمنطلق المتين لجمع كلمة المسلمين ، ألا وهو عقيدة التوحيد الذي جمعنا الله به بعد الفرقة ، وألف بين قلوبنا بعد التمزق ، حتى أصبحنا به أمة واحدة ذات هدف واحد ومنطلق واحد ، وعقيدة واحدة ، هي مصدر عزتنا ، وعنوان سعادتنا ، ومناط وجودنا في هذه الحياة ، إنها عبادة الله الذي لا إله غيره ، ولا رب سواه ، إنه الهدف الأسمى ، والمقصد الأعلى الذي خلقنا الله له ، وأوجدنا من أجله ، كما قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، وقال تعالى : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ .
وقال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ، إذا تأملنا هذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها - وما أكثره في كتاب الله - وجدنا أن أساس كل عمل في الإسلام إنما ينطلق من العقيدة ، ويرتكز عليها ، كما يرتكز البناء على أركانه .
والبيت لا يبتنى إلا له عمد ****** ولا عمـاد إذا لـم ترس أوتاد
وإذا عرفنا ذلك فإن أية دعوة إلى التضامن الإسلامي ، إذا لم ينطلق أصحابها من هذا المبدأ الأساسي ، ولم تؤسس على هذا البناء الراسخ ، ولم تقم على تحقيق التوحيد ، وتخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي ؛ فإنها دعوة سيكتب لها الفشل لا محالة ، عاجلا أم آجلا ؛ لأن البناء لا يقوم في الهواء ، ولا يمكن تشييده إلا على أرض صلبة حتى لا يتعرض للانهيار يوما من الأيام.
قال الله تعالى : أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وحينما نقول : إن مبنى التضامن الإسلامي على عقيدة التوحيد وعندما ندعو إلى وجوب الانطلاق من هذا المبدأ ، فإن ذلك لا يعني إهمال الجوانب الأخرى التي أشرنا إليها أو إلى بعضها في ما مضى ، وإنما نعني وجوب التأسيس ، وذلك بأن نبدأ أعمالنا كلها من هذا المنطلق .
فعلى ضوئه تكون السياسة ، وعلى منهجه نبني الآداب والأخلاق ، وفي حدوده ندعو إلى الترغيب والترهيب ، وعلى مبادئه يوجد بإذن الله تعالى المجتمع الإسلامي الصالح المنشود ، وتوجد السعادة البشرية في الدنيا والآخرة ، ويعود الناس إلى دين الله أفواجا فينعمون بالخير والأمن والطمأنينة ، وفق هدى العقيدة الخالصة الوارفة الظلال ، فيتخلصون بذلك من أدران الوثنية وأوضار الجهل ، وحينئذ تصفو قلوبهم ، وتخلص لله ، وتخلع ربقة الشرك الذي ران عليها سنين طويلة ، والذي هو أعظم ذنب عصي به الله - عز وجل - ، منذ أن انحرف الناس عن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها حتى وقعوا فيما وقعوا فيه من الإفراط والتفريط والغلو والتقصير ، فلقد كان الإنسان في أول خلقه على المنهج الرباني الصحيح ، عقيدة وسلوكا ، وأخلاقا وعبادة ومعاملة ، حقبة من الزمن .
يذكر علماء التاريخ والسير بأنها تقدر بعشرة قرون ، إلى أن بدأ الانحراف في العقيدة ، في أولئك القوم الذين بعث الله فيهم نوحا - عليه الصلاة والسلام - ، بعد أن زين لهم الشيطان عبادة الأصنام والأوثان ، بسبب الغلو في الصالحين ؛ فقد روى البخاري - رحمه الله - في صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى : وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا.

قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا ، ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت ، فانظر كيف بدأ الانحراف عن الصراط السوي نتيجة للغلو بطريق التدريج ، وذلك أنهم كانوا يتبركون بدعائهم ، وكلما مات منهم أحد مثلوا صورته وتمسحوا بها زمنا طويلا إلى أن عبدوها باستدراج الشيطان لهم ، ثم صارت سنة في الناس يهرم عليها الكبير ، ويشب عليها الصغير إلى أن بعث الله فيهم نوحا - عليه الصلاة والسلام - فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة ما سواه ، فأصروا واستكبروا استكبارا ، ولم يؤمن منهم إلا النزر اليسير.

وما كان عليه حال قوم نوح هي نفس الحال التي ارتكس فيها الناس بعد ذلك من الغلو ومجاوزة الحد ، واتباع الهوى الذي أودى بالناس إلى عبادة غير الله - سبحانه وتعالى - ، وأخطر هذه الأسباب هو الغلو الذي حذر الله منه في غير ما آية من كتابه.
والغلو هو مجاوزة الحد ، وضابطه : تعدي ما أمر الله به بالزيادة فيه ، وهو الطغيان الذي نهى الله عنه في قوله تعالى : وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي . وكذا قال تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ، أي لا تتعدوا ما حد الله لكم.
وأهل الكتاب هنا : هم اليهود والنصارى ، فنهاهم عن الغلو في الدين ، ونحن كذلك كما قال تعالى : فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، والغلو كثير في النصارى ، فإنهم غلوا في عيسى - عليه الصلاة والسلام - فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلها من دون الله ، يعبدونه كما يعبدون الله ، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه ، فادعوا لهم العصمة ، واتبعوهم في كل ما قالوه سواء كان حقا أو باطلا ، وناقضتهم اليهود في أمر عيسى - عليه الصلاة والسلام - ، فحطوا من منزلته حتى جعلوه ولد بغي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه الله - : " ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى ، وغلا في الحين بإفراط أو تفريط ، وضاهاهم في ذلك ، فقد شابههم ، كالخوارج المارقين من الإسلام الذين خرجوا في خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، وقاتلهم حين خرجوا على المسلمين ، وكان قاتلهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما ثبت ذلك من عشرة أوجه في الصحاح ، والمسانيد وغير ذلك ، وكذلك من غلا في دينه من الرافضة والقدرية والجهمية والمعتزلة " ، وقال أيضا : " فإذا كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من انتسب إلى الإسلام وقد مرق منه مع عبادته العظيمة ، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان ، قد يمرق أيضا من الإسلام ، وذلك بأسباب منها الغلو الذي ذمه الله في كتابه ، حيث قال : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ اهـ .
وهذا الكلام يدل دلالة واضحة على أن أعظم فتنة ابتليت بها البشرية إنما هي فتنة الغلو الذي جاء التحذير منه في غير ما آية وحديث ، وقد تقدم من الآيات ما يوضح ذلك ، أما الأحاديث فمنها ما ثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله ، وثبت في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه ، من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو .
وهذه نصوص صريحة وواضحة في أن سبب الانحراف عن العقيدة الصحيحة والفطرة السليمة إنما هو ذلك الغلو ومجاوزة الحد الذي أدى بالتالي إلى صرف العبادة إلى غير الله - سبحانه وتعالى - ، الأمر الذي من أجله بعث الله الرسل لإعادة الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ذلكم هو الهدف الأسمى الذي أوجد الله من أجله الثقلين : الجن والإنس ، فكل عاقل في هذا الوجود يعرف أنه مخلوق لخالق ، ومربوب لرب ، أوجده بعد أن لم يكن .
لو طرح سؤال مفاده : لماذا خلقت في هذه الحياة ؟ ولماذا فضلت على سائر الكائنات الأخرى ؟ وما هي مهمتك في هذه الحياة ؟ فإن الجواب عند المؤمن حاضر بكل بساطة : إن كان صانع يعرف سر صنعته ، لماذا صنعها ؟ ولماذا صنعها على نحو معين دون غيره ؟
والله تعالى هو صانع الإنسان وخالقه ، ومدبر أمره .
فلنسأله : يا رب لماذا خلقت هذا الإنسان ؟
هل خلقته لمجرد الطعام والشراب ؟ هل خلقته للهو واللعب ؟ هل خلقته لمجرد أن يمشي على التراب ويأكل مما خرج من التراب ، ثم يعود كما كان إلى التراب ، فإذا لم يكن الأمر كذلك فما سر هذه القوى والملكات التي أودعها الله الإنسان من عقل وإرادة ونفس وروح .
لقد جاء جواب ذلك بما يشفي ويكفي في الكتاب العزيز الذي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ حيث نص - تبارك وتعالى - على أنه خلق هذا الإنسان ليكون خليفة في الأرض :
قال تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، وهذه الخلافة معناها أن يعرف الإنسان ربه حق معرفته ، ويعبده حق عبادته .
قال تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
ويقول الله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ وإذن فالجواب البدهي الذي تنطلق به الفطرة في هذا الكون أن الإنسان عبد الله ، خلق لذلك ، وسخر الله له ما في السماوات وما في الأرض من أجل تحقيق هذا الغرض .
ومن هنا يعلم كل ذي فطرة سليمة ، وعقل متجرد ، أن عبادة الإنسان ، لقوى الطبيعة ومظاهرها من فوقه ، ومن تحته كالشمس والقمر والنجوم والأنهار والأبقار والأشجار ونحوها قلب للوضع الطبيعي ، وانتكاس بالإنسان أي انتكاس ! !
والإنسان إذن ، بحكم فطرته ومنطق الكون ، إنما هو مربوب لله سبحانه لا لغيره ، لعبادته وحده لا لعبادة بشر ولا حجر ولا بقر ولا شجر ، ولا شمس ولا قمر ، وكل عبادة لغير الله إنما هي من تزيين الشيطان عدو الإنسان ؛ ولذا نرى أول نداء يوجهه الله لرسله هو الأمر بعبادته ، وبيان أنه لا إله غيره ، ولا رب سواه ، اقرأ مثلا : قوله تعالى : اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .
هذه العبادة لله وحده هي العهد القديم الذي أخذه الله على بني الإنسان ، ورسخه في فطرهم البشرية ، وغرسه في طبائعهم الأصيلة ، منذ خلقهم وصورهم ، وجعلهم في أحسن تقويم ، وأوجد فيهم العقل الواعي ، الذي يتميزون به على سائر الكائنات ، وجعل كل ما حولهم من الآيات البينات دليلا قاطعا على وحدانيته سبحانه ، وإفراده بكامل العبودية ، وأخذ العهد عليهم حيث قال تعالى : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ .
ومن هنا نعلم أن كل عبادة لغير الله ، وإن ظهرت في صورة عبادة حجر ، أو شجر ، أو مدر ، أو هوى ، إنما هو من إيحاء الشيطان وتزيينه ووسوسته بشكل مباشر أو غير مباشر ، بغض النظر عن القالب الذي ظهرت فيه تلك العبادة ؛ ولذا نرى أن الله - تبارك وتعالى - قد أخذ العهد على بني آدم منذ أن كانوا في صلب أبيهم آدم .
هذا العهد بين الله وعباده ، هو الذي صوره القرآن في أروع صورة وبلاغة ، حين قال : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ .

فلا عجب أن يكون المقصود الأعظم من بعثة النبيين وإرسال المرسلين ، وإنزال الكتب المقدسة ، هو تذكير الناس بهذا العهد القديم ، وإزالة ما تراكم على معدن الفطرة من غبار الغفلة أو الوثنية ، أو التقليد الأعمى .
ولا عجب أن يكون النداء الأول لكل رسول : يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .
بهذا دعا قومه ، نوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وشعيب ، كل رسول بعث إلى قوم مكذبين ، قال تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .
وقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ، وقال تعالى بعد أن ذكر قصص طائفة كبيرة من الأنبياء : إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ، وكما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ .
وقد أمر الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال : وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ، أي الموت ، كما قال تعالى على لسان قوم : وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ وهو الموت ، فالتكليف بالعبادة لازم له حتى يلقى ربه .
ولم تسقط عنه بسمو الروح ، ولا بالاتصال القوي بالله كما يدعي غلاة الصوفية .
وقال تعالى في شأن عيسى ابن مريم الذي رفعه قومه إلى مرتبة الألوهية : لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا .
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا .
ويعرض لنا القرآن مشهدا من مشاهد يوم الحشر ، يسأل الله فيه المسيح - عليه الصلاة والسلام - عما نسبوه إليه وافتروه عليه ، فيجيب في أدب العبودية متبرئا مما صنعوا : وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .
فالأديان كلها دعوة إلى عبادة الله وحده ، والأنبياء جميعا أول العابدين لله ، فعبادة الله وحده هي - إذن مهمة الإنسان الأولى في الوجود كما بينت ذلك كل الرسالات ، قال تعالى : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ، فقد دلت الآية الكريمة وما في معناها على وحدة الهدف والعقيدة التي هي محور دعوة جميع الرسل من لدن نوح - عليه الصلاة والسلام - إلى خاتمهم وأفضلهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، الذي بعثه الله رحمة للعاملين ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ولينقذهم من أوحال الشرك وأدران الوثنية ، فكان بذلك نبراسا لأمة ينير لها الطريق ، ومشعلا : يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يترسمون تلك الخطى النبوية ، ويستلهمون سر وحدتهم من صفاء العقيدة الخالصة التي لم تشبها شائبة ؛ فأصبحوا بذلك سادة الدنيا ، وفتح الله لهم أبواب الخير من كل مكان ورفعوا راية التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها ، وكل عاقل يدرك أن هذا النصر المؤزر الذي حققه الله على أيديهم لم يكن وليد الصدفة ، ولم يكن بسبب كثرة العدد والعدة ، وإنما تحقق ذلك بسبب اعتمادهم على الله والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب المشروعة ، وبدئهم بالأهم قبل المهم ، وانطلاقهم في دعوتهم من تحقيق كلمتي التوحيد " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ؛ لأن ذلك هو الأساس الذي أمروا أن يبدءوا به ، قال تعالى : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وقال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وقال تعالى : قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وقال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
ومن السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس قال : لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله . . . الحديث .
ومما يدل على أهمية العقيدة ، وكونها أساس كل عمل : تكفيرها للذنوب والكبائر إذا صدرت عن إخلاص وقوة إيمان ، يدل لذلك ما رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث صاحب البطاقة حيث ينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل من البصر ، ثم يؤتى ببطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة فتطيش السجلات ، وتثقل البطاقة .

وإذًا فتوحيد الله تعالى ، هو رأس الأمر كله ، والجسد لا يستقيم بلا رأس ، كما قال الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله .
وهذه نصوص صريحة دالة إلى وجوب البدء بالدعوة إلى توحيد الله تعالى ، قبل جميع التكاليف ؛ لأن قبول جميع التكاليف مرهون بتحقيق ذلك ، وهذا ما سار عليه السلف الصالح في دعوتهم ، مما حقق لهم النجاح في برهة وجيزة ، أذهلت العقول ، وتحطمت أمامها عروش الكفر والطغيان .
وقد استمر الأمر على هذا الحال ثم بدأ الانحراف بعد ذلك عن هذه الجادة بسب الانصراف عن الكتاب والسنة - اللذين يجب أن نأخذ العقيدة منهما - والاشتغال بالفلسفة والمنطق ، اللذين لم يستفد منهما المسلمون غير تخريب العقيدة ، والقيل والقال ، والجدل الذي لا طائل تحته ، ولا جدوى من ورائه ، حتى قال قائلهم :
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ************ سـوى أن جمعنـا فيـه قيـل وقالوا
الأمر الذي حدا بكثير من الناس إلى تعطيل صفات الله - عز وجل - ، أو تفويضها ، أو تأويلها ، أو تمثيلها ، وكذلك الحال في عبادة الله - عز وجل - حيث لم يقتصر الأمر على التقيد بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح في ذلك ، حتى أصبح الناس في العبادة نتيجة لجهلهم بما كان عليه السلف الصالح من صحة الاعتقاد ، أصبحوا ما بين مفرط ومفرط ، فالمفرطون أسرفوا في دعوى المحبة حتى أخرجهم ذلك إلى نوع من الرعونة والدعاوى التي تنافي العبودية ، وتثبت الربوبية أو شيئا منها لغير الله ، ومعلوم أن الرب والمعبود هو الله وحده ، ومع ذلك يدعي هؤلاء دعاوى تتجاوز حدود الأنبياء والمرسلين فضلا عن عامة الناس ، أو بطلب من غير الله ما لا يصلح بكل وجه إلا الله ، لا يصلح للأنبياء ولا للمرسلين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : وهذا باب وقع فيه كثير من الشيوخ ( يعني شيوخ المتصوفة ) وسببه : ضعف تحقيق العبودية التي بينها الرسل ، وحددها الأمر والنهي ، الذي جاءوا به ، بل ضعف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته .
وإذا ضعف العقل ، وقل العلم بالدين ، وفي النفس محبة طائشة جاهلة ، انبسطت النفس بحمقها في ذلك ، كما ينبسط الإنسان في محبة الإنسان مع حمقه وجهله ، ويكون سببا لبغض المحبوب له ، ونفوره منه ، بل سببا لعقوبته .
وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من أمور الجهل بالدين ، إما من تعدي حدود الله ، وإما من تضييع حقوق الله ، وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها ، كقول بعضهم : أي مريد لي ترك في النار أحدا فأنا بريء منه ، وقال الآخر : أي مريد لي ترك أحدا من المؤمنين يدخل النار فأنا منه بريء .
فالأول : جعل مريده يخرج كل من في النار .
والثاني : جعل مريده يمنع أهل الكبائر من دخول النار .
ويقول بعضهم : إذا كان يوم القيامة نصبت خيمتي على جهنم ، حتى لا يدخلها أحد ، وأمثال ذلك من الأقوال التي تؤثر عن بعض المشايخ المشهورين ، وهي إما كذب عليهم ، وإما غلط منهم " . اهـ .
وإذا كانت هذه المقالات الإلحادية قد وجدت في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية وقبله ، فإن في عصرنا من الدعاوى التي تبلغ حد التأليه ، ما هو أدهى وأمر .

من ذلك قول أحد زعماء الطرق الصوفية المعاصرين ، قد خصني بالفضل والتشريف أن قلت : كن يكن بلا تسويف ، ويدعي هذا الكذاب الأشر أن رجلا نصرانيا دخل الجنة بسبب أنه عاشر امرأة من أتباع ذلك الشيخ معاشرة غير شرعية ، مع أن المرأة التي عاشرها كما يقول ليست ملتزمة - كما يقول - بالطريقة ، ولكنه دخل الجنة ببركة شيخ الطريقة التي تنتمي إليها هذه المرأة ، ويقول أحد الأفاكين من هؤلاء : إن من ضرورات مذهبهم أن لأئمتهم درجة لا يبلغها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلى غير ذلك من المقالات الكفرية والإلحادية ، القديمة والحديثة ، والتي لا تكاد تعد ولا تحصى .
ترى ماذا ترك هؤلاء الملاحدة من العبودية ، إذا ادعوا بلوغ مثل هذه المراتب ، وإذا سئلوا عن تفسير هذه الترهات ، ادعوا أنهم كانوا في حالة سكر بحب الإله ، قال
الشاعر في التهكم بهم ووصف أحوالهم التي يزعمون أنها عبادة :
ألا قــل لهــم قـول عبـد نصـوح ********* وحق النصيحة أن تستمع
متـى علـم النـاس في ديننا ******* بــــأن الغنــــا ســــنة تتبــــع
وأن يــأكل المـرأ أكـل الحمـار ******* ويرقص في الجمع حتى يقع
وقـــالوا : ســكرنا بحــب الإلــه ******* ومــا أسـكر القـوم إلا القصـع
كـــذاك البهــائم إن أشــبعت ******* يرقصهـــــا ربهـــــا والشــــبع
ويســـكره النـــاي ثــم الغنــا *******ويس لــو تليــت مــا انصــدع
فيـــا للعقـــول ويـــا للنهـــى *******ألا منكــــر منكمــــو للبــــدع
تهــان مســاجدنا بالســماع *******وتكــرم عــن مثـل ذاك البيـع
وقال آخر :
تلــي الكتــاب فـأطرقوا ******** لا خيفـة لكنــــه إطــــراق ســــاهٍ لاهـــي
وأتــى الغنـاء فكـالحمير تنـاهقوا ******** واللـــه مـــا رقصـــوا لأجـــل اللـــه
دف ومزمـــــار ونغمــــة شــــادن******* فمتــى رأيــت عبــادة بملاهــي
ثقـــل الكتــاب عليهــم لمــا رأوا ******** تقييــــــده بــــــأوامر ونــــــواهي
سـمعوا لـه رعـدا وبرقـا إذ حـوى******** زجـــرا وتخويفــا بفعــل منــاهي
ورأوه أعظــم قـاطع للنفس عـن شــهواتها يــا ذبحهـا المتنـاهي
وأتـى السـماع موافقـا أغراضهـا فلأجــل ذاك غــدا عظيــم الجـاه
أيـن المسـاعد للهوى من قاطع أسـبابه عنـد الجـهول السـاهي
إن لـم يكـن خـمر الجسـوم فإنه خــمر العقـول ممـاثل ومضـاهي
فـانظر إلى النشوان عند شرابه وانظر إلى النشوان عند ملاهي
وانظــر إلــى تمــزيق ذا أتــوا بـه مـن بعـد تمـزيق الفـؤاد اللاهي
واحـكم فـأي الخمرتين أحق بال تحــــريم والتــــأثيم عنــــد اللـــه

وما وصفه الشاعر من أحوال هؤلاء الناس يعطي صورة حقيقية عن مدى الانحراف الذي وقعوا فيه حيث بلغ بهم الحال إلى اعتبار الرقص والغناء عبادة تقربهم إلى الله بدعوى أن تلك الرقصات والأنغام الصوفية ، إنما هي نابعة من قلب مفعم بالمحبة ، فجعلوا محبتهم للخالق مشابهة لمحبة المخلوق من وجود العتاب والعذل واللوم والغرم ، ونحو ذلك مما يجب أن ينزه الله عنه ؛ لأنه لا يليق بجلال الله وعظمته .
ولكن الدليل والبرهان على محبة القلب الله وخضوعه له إنما يتجسد في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ، فلا يكون محبا لله إلا من يتبع رسوله .
وطاعة الرسول ، ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية .
وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسنته - صلى الله عليه وسلم - ، ويدعي من الحالات ما لا يتسع هذا الموضع لذكره ، حتى قد يظن أحدهم سقوط الأمر ، وتحليل الحرام له ، وغير ذلك مما فيه مخالفة لشريعة الرسول وسنته وطاعته .
بل قد جعل الله أساس محبته ومحبة رسوله ، الجهاد في سبيله ، والجهاد يتضمن كمال محبة ما أمر الله به ، وكمال بغض ما نهى الله عنه ؛ ولهذا قال في صفة من يحبهم ويحبونه : أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، ولهذا كانت محبة هذه الأمة الله أكمل من محبة من قبلها ، وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم وأكمل ، هذه الأمة في ذلك هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن كان بهم أشبه كان ذلك فيه أكمل .
" هذا صنف " .
والصنف الثاني وهم المفرطون وهم العصاة أو الذين غلطوا في فهم حقيقة العبادة ، وهم الذين ظنوا أن المحبة تنافي أدب العبودية ، ولا تصاحب خشية الله ومخافته التي يجب أن يتصف بها كل عبد لله ، كما ظن أن المحبة لا تتحقق من المخلوق للخالق ، وإنما المطلوب منه الطاعة والخضوع فقط .
ولذا نجد بعضهم يقول " اللهم إني أعبدك لا طمعا في ثوابك ولا خوفا من عقابك " ، فانظر يا أخي المسلم ، كيف فصلوا بين العبادة وبين الخوف والخشية ، والمحبة والرجاء .

والحقيقة أن المحبة لا تنافي الخشية ، والمخافة بل الخوف لازم للمحبة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إذ ليس عند القلب السليم أحلى ولا ألذ ، ولا أطيب ولا أسر ولا أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله ، ومحبته له ، وإخلاص الدين له " .
وذلك يقتضي انجذاب القلب إلى الله ، فيصير القلب منيبا إلى الله خائفا منه ، راغبا راهبا ، كما قال تعالى : مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ، إذ المحب يخاف من زوال مطلوبه أو عدم حصول مرغوبه ، فلا يكون عبد الله ومحبه ، إلا بين خوف ورجاء ، كما قال تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا .
فقد دلت الآية الكريمة على أن كل عبد مخلص لله لا بد أن يكون مع عبادته بين الخوف والرجاء ، وقد نص العلماء - رحمهم الله - على أنه ينبغي للمسلم أن يغلب جانب الخوف في الصحة حتى لا يأمن من مكر الله ، وأن يغلب جانب الرجاء في المرض حتى لا ييأس من روح الله ، والآية الكريمة نزلت في أناس من الإنس كانوا يعبدون نفرا من الجن ، فأسلم الجن ، وبقي الإنس على عبادتهم إياهم ، فأخبر الله تعالى ، أن هؤلاء المدعوين يطلبون القربة إلى الله - عز وجل - بالعمل بما يرضيه ، خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه ، وهذا ينطبق على كل من يدعو غير الله في الوقت الذي يكون المدعوون أحوج ما يكون إلى عبادة الله ، كما يقال : ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ، ومع ذلك نجد كثيرا ممن انتكست فطرتهم ، يعكف عند ميت في قبره ، يطلب منه قضاء الحاجات ، وتفرج الكربات ، ويزعم أنه يعلم الغيب ، ويعطي الولد ، وغير ذلك ، مما لا يقدر عليه إلا الله .
ولا نكاد نجد بلدا من بلاد الإسلام ، إلا وفيه أنماط من هذه الطقوس التي حالت بين الناس ، وبين فهم العقيدة الصحيحة ، ومن هنا تبدو الحاجة ملحة إلى بيان تلك العقيدة الصافية الخالصة ، التي ترتكز على نصوص الوحيين الكتاب والسنة .
فالإنسان في كل زمان ومكان ، في حاجة ماسة إلى عقيدة تحدد له غايته ، وتوضح
له منهجه الذي يسير عليه ؛ لتحقيق هذه الغاية ، ولكنه عندما تنتكس فطرته ، وتطول غفلته ، وينقلب فهمه ، حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن ، عندها تتحول عقيدته إلى حجر يقدسه ، أو شجر يعظمه ، أو شمس تضيء نهاره ، أو قمر ينير ليله ، أو بحر تتلاطم أمواجه ، أو نار تتلظى ، أو حيوان يهابه ، أو إنسان يكبر في نفسه ، أو أي مخلوق يرى له فضلا عليه من ملك أو جني ، أو نبي ، أو ولي ، ميت أو حي ، فيتعلق من ذلك كله بما هو أوهن من خيوط بيت العنكبوت .
قال تعالى : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ .
وقد يكون ذلك منه لمجرد التقليد من غير وعي أو تفكير : وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ .
وقد لا يكون الانحراف في العقيدة ، باتباع الهوى الذي ذمه الله في غير ما آية ، فمن كتابه العزيز .
قال تعالى : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ .
وقال تعالى : إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى .
وفي هذا العصر الذي ادلهمت فيه الظلمات ، وانقلبت فيه الحقائق ، وتغيرت فيه المفاهيم ، يتساءل الفرد المسلم عن طريق الخلاص يتساءل وهو حائر بين هذه الجماعات المتصارعة ، والأحزاب المتناحرة ، والدعوات المتفرقة ذات المناهج المختلفة التي تدعي لنفسها السير على المنهج الصحيح .

وكلٌ يدعي وصلًا لليلى وليلـى لا تقر لهم بذاك
وهذه الدعوات لا يخلو أمرها من حالين :
إحداهما : الخطأ في المنهج والسلوك .
كمناهج الطرق الصوفية التي ذكرنا فيما سبق بعض مقالاتهم الإلحادية التي لا تمت إلى الدين بصلة بل صرفت اتباعها عن الاعتماد على الكتاب والسنة اللذين هما مصدر شريعة الإسلام ، والحال الثانية ، الخطأ في الفكر . كمثل جماعات الدعوة الإسلامية المعاصرة ، والتي تنطلق في دعواتها من منطلق حزبي ضيق .
الأمر الذي بعد بهم عن منهج السلف الصالح ، إذ أن هذه الجماعات لم تؤسس بناء دعوتها على توحيد الباري - جل وعلا - والعقيدة السلفية الصافية من الشوائب .
فإن من تأثر بتلك الدعوات إن كان من أهل العقيدة أصلا لا يكون ولاؤه لها ، ولا يكون فكره متفقا معها ، بسبب سيطرة هذه المناهج على أفكاره ، حتى ماتت العقيدة في نفسه ؛ فأصبح لا يدعو لها ، وإن كان يعتقدها ، لكنه بعد عنها تحت تأثير المنهج الحزبي ؛ لأنه يوالي ويعادي على ذلك الفكر الضيق ، الذي بني على غير أسس سليمة ، فلا يكون للعقيدة مكان ولا مجال في التطبيق العملي ، ولا تعطي ثمراتها الطيبة اليانعة ، فهي لا تفيد معتقدها ؛ لأنها قد فقدت روحها ، فأصبحت بلا روح ، كالجذوة التي استترت وانغمرت تحت الرماد .
وخطورة هذا الأمر لا تقل عن الجهل بالعقيدة ، فإن من يعرف العقيدة ولا يدعو إليها ، هو كالجاهل بها سواء بسواء ، وهؤلاء إنما أصيبوا بالخرس عن الدعوة إلى العقيدة بدعوى أن ذلك يفرق الأمة ، ويمزق كيانها ؛ لأنهم يريدون أن يجمعوا تحت لوائهم من هب ودب ، لا فرق في ذلك عندهم بين ملتزم بالعقيدة الصحيحة وغيره .
إذ أن الهدف الذي يقصدونه هو مجرد الجمع دون تمييز ، وهذا منهج بلا شك سينتهي بأصحابه إلى الفشل الذريع ؛ نظرا لكونه قد بني على غير أسس سليمة ، وذلك أن أصحاب هذا المسلك أتوا من عدم الفهم والإدراك الصحيح ، حيث لم يفرقوا في الدعوة ، بين الأصول والفروع .
فتراهم يبدءون بالدعوة إلى بعض الفروع ، ويزعمون أنه متى أقيم هذا الفرع ، فإنه سوف يوجد الأصل تلقائيا ؛ ولذا نرى كثيرا منهم يهتمون بالجانب السياسي ، بدعوى أنه متى وجدت الدولة التي ينشدونها عند ذلك تصلح العقيدة وغيرها ، مما فسد من أحوال المسلمين ، وهذا تصور غير صحيح ؛ لأن صاحب هذا التصور ذكر شيئا ، وغابت عنه أشياء .
هذا على فرض أن صاحب هذا الفكر حسن النية ، بيد أننا نشك في حسن نيته ، وإنما يروج بذلك على أولئك الذين لا رسوخ لهم في فهم العقيدة مستغلا عواطفهم نحوها ، لكنه ينوي خلاف ذلك ؛ لأنه ليس من أهل العقيدة ولا أدل على ذلك من كونه يدعي أن الدعوة إلى العقيدة تفرق الأمة كما أسلفنا .
نعم الإسلام دين ودولة ، وعقيدة وشريعة ، ولكن يجب أن نأخذه كوحدة متكاملة بحيث ينطلق في سياسته ، وجميع أموره من العقيدة الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة ، وهما كفيلان ببيان منهج الدعوة الإسلامية كما فصلنا ذلك فيما تقدم .
لا بمجرد الدعاية والأناشيد الحماسية والهتافات ، والشعارات الجوفاء التي لم يستفد منها المسلمون سوى القضاء على الدعوة وأهلها في كثير من البلاد ، حيث يهيجون الشباب المسلم ، ويلهبون حماسه ويستثيرونه ، إلى أن يثور ويتحرك فيقع في أيدي الطغاة الظلمة أعداء الإسلام والمسلمين ؛ فيقضون على هؤلاء الشباب ، ويهدرون هذه الطاقة نتيجة لذلك المسلك الخاطئ ، الذي تسلكه تلك الجماعات في دعوتها ، وإذا أردنا أن يتحقق للمسلمين ، ما يصبون إليه ، وما يتطلعون إليه ، من العودة بالمسلمين إلى الإسلام الصحيح ، فعلينا أن نسلك بهم طريق التعليم والتربية ، وتفقيه الشباب المسلم الشوائب التي علقت بالدين ودعوته ، وتلك الرواسب التي أكل عليها الدهر وشرب ، والتي

انحرفت بالمسلمين عن الجادة الصحيحة التي رسمها لهم الله - عز وجل - في كتابه المبين ، وبينها رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في سنته المطهرة ، ولنا أسوة حسنة في أولئك الدعاة المصلحين الذين أسسوا دعوتهم على عقيدة الإسلام ، وبدءوا بتطهيرها من شوائب الشرك والخرافات .
الأمر الذي تحقق بسببه رفع راية التوحيد خفاقة في ربوع الجزيرة العربية ، بعد أن ران عليها الجهل ، وخيم عليها الظلام عدة قرون ، وعاد كثير من الناس إلى الشرك والخرافات ، فانقشع ذلك الجهل ، وتحول ذلك الظلام إلى نور ، على يد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، الذي بدأ بتعليم الناس العقيدة الصحيحة ، وقامت بفضل هذه العقيدة دولة التوحيد ، منذ أن قام الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - مؤسس هذه الدولة المباركة بتبني هذه الدعوة الطيبة ، فكتب الله لها بذلك النصر والبقاء ، وزالت مظاهر الشرك والوثنية في برهة وجيزة ، وهي لم تكن لتزول ، لو لم تنطلق هذه الدعوة من روح العقيدة .
ولست مبالغا حينما أذكر هذه الحقيقة ، فإنها حقيقة يسلم بها الأعداء فضلا عن الأصدقاء ، والحق ما شهدت به الأعداء .
وخلاصة القول : إنه لا صلاح لنا ولا فلاح ، ولا نجاح لدعوتنا ، إلا إذا بدأنا بالأهم قبل المهم ، وذلك بأن ننطلق في دعوتنا من عقيدة التوحيد ، نبني عليها سياستنا ، وأحكامنا ، وأخلاقنا ، وآدابنا ، ننطلق في كل ذلك من هدي الكتاب ، والسنة ، بلا إفراط ، ولا تفريط ، ذلكم هو الصراط المستقيم ، والمنهج القويم ، الذي أمرنا الله تعالى ، بسلوكه ، فقال : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقال تعالى : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وقال رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - : تركت فيكم أمرين ، لن تضلوا بعدي ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتي .
ويقول الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - : لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، اللهم إنا نسألك أن ترد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا ، ونسألك أن ترينا الحق حقا وترزقنا اتباعه ، والباطل باطلا وترزقنا اجتنابه ، وأن لا تجعله ملتبسا علينا فنضل إنك ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .

saqrarab
2012-07-10, 02:04
منهج السلف في العقيدة وأثره في وحدة المسلمين

فضيلة الشيخ الدكتور صالح ابن سعد السحيمي

الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كبيرا .
وبعد :
فهذا جهد متواضع ، أساهم به لبيان المنهج الذي كان عليه السلف الصالح في العقيدة ، ومدى مخالفة الناس لذلك المنهج ، مما فرق كلمة المسلمين وأضعف وحدتهم .
وجعلت عنوان البحث : منهج السلف في العقيدة وأثره في وحدة المسلمين ؛ وقد حملني على ذلك إهمال كثير من الباحثين لهذا الجانب ، أعني جانب العقيدة ، والذي هو
العامل الأول ، والركيزة الأساسية التي ينبني عليها كيان المجتمع الإسلامي ، وتنضوي تحت لوائها صفوف المسلمين ، منها يستلهمون طريق وحدتهم ، وعلى ضوئها يشقون طريقهم إلى أعلى قمم المجد والعلى ، وبهداها ومبادئها القيمة يفتحون القلوب قبل أن يفتحوا الأمصار والأقطار ، ولقد كثرت المؤلفات والخطب والمحاضرات والمواعظ والندوات التي تنادي بوحدة المسلمين ، وجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم بالأساليب المتعددة ، وطرح الحلول الكثيرة ، لكن هذه الأساليب والحلول ناقصة وغير تامة ؛ نظرا لاهتمامها بالجوانب الفرعية فقط ، فنجد أن جماعة ممن يهتمون بعوامل التضامن الإسلامي يركزون جل اهتمامهم على الجانب السياسي ، ونجد جماعة أخرى تركز على الجانب الأخلاقي ، ونجد جماعة ثالثة تركز على جوانب الترغيب والترهيب والزهد والورع ، وقل أن تجد من بين هؤلاء من يهتم بالجانب الأساسي والركن العظيم ، والذي هو الحصن الحصين ، والمنطلق المتين لجمع كلمة المسلمين ، ألا وهو عقيدة التوحيد الذي جمعنا الله به بعد الفرقة ، وألف بين قلوبنا بعد التمزق ، حتى أصبحنا به أمة واحدة ذات هدف واحد ومنطلق واحد ، وعقيدة واحدة ، هي مصدر عزتنا ، وعنوان سعادتنا ، ومناط وجودنا في هذه الحياة ، إنها عبادة الله الذي لا إله غيره ، ولا رب سواه ، إنه الهدف الأسمى ، والمقصد الأعلى الذي خلقنا الله له ، وأوجدنا من أجله ، كما قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، وقال تعالى : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ .
وقال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ، إذا تأملنا هذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها - وما أكثره في كتاب الله - وجدنا أن أساس كل عمل في الإسلام إنما ينطلق من العقيدة ، ويرتكز عليها ، كما يرتكز البناء على أركانه .
والبيت لا يبتنى إلا له عمد ****** ولا عمـاد إذا لـم ترس أوتاد
وإذا عرفنا ذلك فإن أية دعوة إلى التضامن الإسلامي ، إذا لم ينطلق أصحابها من هذا المبدأ الأساسي ، ولم تؤسس على هذا البناء الراسخ ، ولم تقم على تحقيق التوحيد ، وتخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي ؛ فإنها دعوة سيكتب لها الفشل لا محالة ، عاجلا أم آجلا ؛ لأن البناء لا يقوم في الهواء ، ولا يمكن تشييده إلا على أرض صلبة حتى لا يتعرض للانهيار يوما من الأيام.
قال الله تعالى : أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وحينما نقول : إن مبنى التضامن الإسلامي على عقيدة التوحيد وعندما ندعو إلى وجوب الانطلاق من هذا المبدأ ، فإن ذلك لا يعني إهمال الجوانب الأخرى التي أشرنا إليها أو إلى بعضها في ما مضى ، وإنما نعني وجوب التأسيس ، وذلك بأن نبدأ أعمالنا كلها من هذا المنطلق .
فعلى ضوئه تكون السياسة ، وعلى منهجه نبني الآداب والأخلاق ، وفي حدوده ندعو إلى الترغيب والترهيب ، وعلى مبادئه يوجد بإذن الله تعالى المجتمع الإسلامي الصالح المنشود ، وتوجد السعادة البشرية في الدنيا والآخرة ، ويعود الناس إلى دين الله أفواجا فينعمون بالخير والأمن والطمأنينة ، وفق هدى العقيدة الخالصة الوارفة الظلال ، فيتخلصون بذلك من أدران الوثنية وأوضار الجهل ، وحينئذ تصفو قلوبهم ، وتخلص لله ، وتخلع ربقة الشرك الذي ران عليها سنين طويلة ، والذي هو أعظم ذنب عصي به الله - عز وجل - ، منذ أن انحرف الناس عن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها حتى وقعوا فيما وقعوا فيه من الإفراط والتفريط والغلو والتقصير ، فلقد كان الإنسان في أول خلقه على المنهج الرباني الصحيح ، عقيدة وسلوكا ، وأخلاقا وعبادة ومعاملة ، حقبة من الزمن .
يذكر علماء التاريخ والسير بأنها تقدر بعشرة قرون ، إلى أن بدأ الانحراف في العقيدة ، في أولئك القوم الذين بعث الله فيهم نوحا - عليه الصلاة والسلام - ، بعد أن زين لهم الشيطان عبادة الأصنام والأوثان ، بسبب الغلو في الصالحين ؛ فقد روى البخاري - رحمه الله - في صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى : وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا.

قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا ، ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت ، فانظر كيف بدأ الانحراف عن الصراط السوي نتيجة للغلو بطريق التدريج ، وذلك أنهم كانوا يتبركون بدعائهم ، وكلما مات منهم أحد مثلوا صورته وتمسحوا بها زمنا طويلا إلى أن عبدوها باستدراج الشيطان لهم ، ثم صارت سنة في الناس يهرم عليها الكبير ، ويشب عليها الصغير إلى أن بعث الله فيهم نوحا - عليه الصلاة والسلام - فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة ما سواه ، فأصروا واستكبروا استكبارا ، ولم يؤمن منهم إلا النزر اليسير.

وما كان عليه حال قوم نوح هي نفس الحال التي ارتكس فيها الناس بعد ذلك من الغلو ومجاوزة الحد ، واتباع الهوى الذي أودى بالناس إلى عبادة غير الله - سبحانه وتعالى - ، وأخطر هذه الأسباب هو الغلو الذي حذر الله منه في غير ما آية من كتابه.
والغلو هو مجاوزة الحد ، وضابطه : تعدي ما أمر الله به بالزيادة فيه ، وهو الطغيان الذي نهى الله عنه في قوله تعالى : وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي . وكذا قال تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ، أي لا تتعدوا ما حد الله لكم.
وأهل الكتاب هنا : هم اليهود والنصارى ، فنهاهم عن الغلو في الدين ، ونحن كذلك كما قال تعالى : فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، والغلو كثير في النصارى ، فإنهم غلوا في عيسى - عليه الصلاة والسلام - فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلها من دون الله ، يعبدونه كما يعبدون الله ، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه ، فادعوا لهم العصمة ، واتبعوهم في كل ما قالوه سواء كان حقا أو باطلا ، وناقضتهم اليهود في أمر عيسى - عليه الصلاة والسلام - ، فحطوا من منزلته حتى جعلوه ولد بغي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه الله - : " ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى ، وغلا في الحين بإفراط أو تفريط ، وضاهاهم في ذلك ، فقد شابههم ، كالخوارج المارقين من الإسلام الذين خرجوا في خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، وقاتلهم حين خرجوا على المسلمين ، وكان قاتلهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما ثبت ذلك من عشرة أوجه في الصحاح ، والمسانيد وغير ذلك ، وكذلك من غلا في دينه من الرافضة والقدرية والجهمية والمعتزلة " ، وقال أيضا : " فإذا كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من انتسب إلى الإسلام وقد مرق منه مع عبادته العظيمة ، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان ، قد يمرق أيضا من الإسلام ، وذلك بأسباب منها الغلو الذي ذمه الله في كتابه ، حيث قال : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ اهـ .
وهذا الكلام يدل دلالة واضحة على أن أعظم فتنة ابتليت بها البشرية إنما هي فتنة الغلو الذي جاء التحذير منه في غير ما آية وحديث ، وقد تقدم من الآيات ما يوضح ذلك ، أما الأحاديث فمنها ما ثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله ، وثبت في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه ، من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو .
وهذه نصوص صريحة وواضحة في أن سبب الانحراف عن العقيدة الصحيحة والفطرة السليمة إنما هو ذلك الغلو ومجاوزة الحد الذي أدى بالتالي إلى صرف العبادة إلى غير الله - سبحانه وتعالى - ، الأمر الذي من أجله بعث الله الرسل لإعادة الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ذلكم هو الهدف الأسمى الذي أوجد الله من أجله الثقلين : الجن والإنس ، فكل عاقل في هذا الوجود يعرف أنه مخلوق لخالق ، ومربوب لرب ، أوجده بعد أن لم يكن .
لو طرح سؤال مفاده : لماذا خلقت في هذه الحياة ؟ ولماذا فضلت على سائر الكائنات الأخرى ؟ وما هي مهمتك في هذه الحياة ؟ فإن الجواب عند المؤمن حاضر بكل بساطة : إن كان صانع يعرف سر صنعته ، لماذا صنعها ؟ ولماذا صنعها على نحو معين دون غيره ؟
والله تعالى هو صانع الإنسان وخالقه ، ومدبر أمره .
فلنسأله : يا رب لماذا خلقت هذا الإنسان ؟
هل خلقته لمجرد الطعام والشراب ؟ هل خلقته للهو واللعب ؟ هل خلقته لمجرد أن يمشي على التراب ويأكل مما خرج من التراب ، ثم يعود كما كان إلى التراب ، فإذا لم يكن الأمر كذلك فما سر هذه القوى والملكات التي أودعها الله الإنسان من عقل وإرادة ونفس وروح .
لقد جاء جواب ذلك بما يشفي ويكفي في الكتاب العزيز الذي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ حيث نص - تبارك وتعالى - على أنه خلق هذا الإنسان ليكون خليفة في الأرض :
قال تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، وهذه الخلافة معناها أن يعرف الإنسان ربه حق معرفته ، ويعبده حق عبادته .
قال تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
ويقول الله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ وإذن فالجواب البدهي الذي تنطلق به الفطرة في هذا الكون أن الإنسان عبد الله ، خلق لذلك ، وسخر الله له ما في السماوات وما في الأرض من أجل تحقيق هذا الغرض .
ومن هنا يعلم كل ذي فطرة سليمة ، وعقل متجرد ، أن عبادة الإنسان ، لقوى الطبيعة ومظاهرها من فوقه ، ومن تحته كالشمس والقمر والنجوم والأنهار والأبقار والأشجار ونحوها قلب للوضع الطبيعي ، وانتكاس بالإنسان أي انتكاس ! !
والإنسان إذن ، بحكم فطرته ومنطق الكون ، إنما هو مربوب لله سبحانه لا لغيره ، لعبادته وحده لا لعبادة بشر ولا حجر ولا بقر ولا شجر ، ولا شمس ولا قمر ، وكل عبادة لغير الله إنما هي من تزيين الشيطان عدو الإنسان ؛ ولذا نرى أول نداء يوجهه الله لرسله هو الأمر بعبادته ، وبيان أنه لا إله غيره ، ولا رب سواه ، اقرأ مثلا : قوله تعالى : اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .
هذه العبادة لله وحده هي العهد القديم الذي أخذه الله على بني الإنسان ، ورسخه في فطرهم البشرية ، وغرسه في طبائعهم الأصيلة ، منذ خلقهم وصورهم ، وجعلهم في أحسن تقويم ، وأوجد فيهم العقل الواعي ، الذي يتميزون به على سائر الكائنات ، وجعل كل ما حولهم من الآيات البينات دليلا قاطعا على وحدانيته سبحانه ، وإفراده بكامل العبودية ، وأخذ العهد عليهم حيث قال تعالى : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ .
ومن هنا نعلم أن كل عبادة لغير الله ، وإن ظهرت في صورة عبادة حجر ، أو شجر ، أو مدر ، أو هوى ، إنما هو من إيحاء الشيطان وتزيينه ووسوسته بشكل مباشر أو غير مباشر ، بغض النظر عن القالب الذي ظهرت فيه تلك العبادة ؛ ولذا نرى أن الله - تبارك وتعالى - قد أخذ العهد على بني آدم منذ أن كانوا في صلب أبيهم آدم .
هذا العهد بين الله وعباده ، هو الذي صوره القرآن في أروع صورة وبلاغة ، حين قال : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ .

فلا عجب أن يكون المقصود الأعظم من بعثة النبيين وإرسال المرسلين ، وإنزال الكتب المقدسة ، هو تذكير الناس بهذا العهد القديم ، وإزالة ما تراكم على معدن الفطرة من غبار الغفلة أو الوثنية ، أو التقليد الأعمى .
ولا عجب أن يكون النداء الأول لكل رسول : يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .
بهذا دعا قومه ، نوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وشعيب ، كل رسول بعث إلى قوم مكذبين ، قال تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .
وقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ، وقال تعالى بعد أن ذكر قصص طائفة كبيرة من الأنبياء : إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ، وكما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ .
وقد أمر الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال : وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ، أي الموت ، كما قال تعالى على لسان قوم : وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ وهو الموت ، فالتكليف بالعبادة لازم له حتى يلقى ربه .
ولم تسقط عنه بسمو الروح ، ولا بالاتصال القوي بالله كما يدعي غلاة الصوفية .
وقال تعالى في شأن عيسى ابن مريم الذي رفعه قومه إلى مرتبة الألوهية : لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا .
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا .
ويعرض لنا القرآن مشهدا من مشاهد يوم الحشر ، يسأل الله فيه المسيح - عليه الصلاة والسلام - عما نسبوه إليه وافتروه عليه ، فيجيب في أدب العبودية متبرئا مما صنعوا : وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .
فالأديان كلها دعوة إلى عبادة الله وحده ، والأنبياء جميعا أول العابدين لله ، فعبادة الله وحده هي - إذن مهمة الإنسان الأولى في الوجود كما بينت ذلك كل الرسالات ، قال تعالى : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ، فقد دلت الآية الكريمة وما في معناها على وحدة الهدف والعقيدة التي هي محور دعوة جميع الرسل من لدن نوح - عليه الصلاة والسلام - إلى خاتمهم وأفضلهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، الذي بعثه الله رحمة للعاملين ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ولينقذهم من أوحال الشرك وأدران الوثنية ، فكان بذلك نبراسا لأمة ينير لها الطريق ، ومشعلا : يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يترسمون تلك الخطى النبوية ، ويستلهمون سر وحدتهم من صفاء العقيدة الخالصة التي لم تشبها شائبة ؛ فأصبحوا بذلك سادة الدنيا ، وفتح الله لهم أبواب الخير من كل مكان ورفعوا راية التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها ، وكل عاقل يدرك أن هذا النصر المؤزر الذي حققه الله على أيديهم لم يكن وليد الصدفة ، ولم يكن بسبب كثرة العدد والعدة ، وإنما تحقق ذلك بسبب اعتمادهم على الله والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب المشروعة ، وبدئهم بالأهم قبل المهم ، وانطلاقهم في دعوتهم من تحقيق كلمتي التوحيد " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ؛ لأن ذلك هو الأساس الذي أمروا أن يبدءوا به ، قال تعالى : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وقال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وقال تعالى : قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وقال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
ومن السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس قال : لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله . . . الحديث .
ومما يدل على أهمية العقيدة ، وكونها أساس كل عمل : تكفيرها للذنوب والكبائر إذا صدرت عن إخلاص وقوة إيمان ، يدل لذلك ما رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث صاحب البطاقة حيث ينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل من البصر ، ثم يؤتى ببطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة فتطيش السجلات ، وتثقل البطاقة .

وإذًا فتوحيد الله تعالى ، هو رأس الأمر كله ، والجسد لا يستقيم بلا رأس ، كما قال الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله .
وهذه نصوص صريحة دالة إلى وجوب البدء بالدعوة إلى توحيد الله تعالى ، قبل جميع التكاليف ؛ لأن قبول جميع التكاليف مرهون بتحقيق ذلك ، وهذا ما سار عليه السلف الصالح في دعوتهم ، مما حقق لهم النجاح في برهة وجيزة ، أذهلت العقول ، وتحطمت أمامها عروش الكفر والطغيان .
وقد استمر الأمر على هذا الحال ثم بدأ الانحراف بعد ذلك عن هذه الجادة بسب الانصراف عن الكتاب والسنة - اللذين يجب أن نأخذ العقيدة منهما - والاشتغال بالفلسفة والمنطق ، اللذين لم يستفد منهما المسلمون غير تخريب العقيدة ، والقيل والقال ، والجدل الذي لا طائل تحته ، ولا جدوى من ورائه ، حتى قال قائلهم :
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ************ سـوى أن جمعنـا فيـه قيـل وقالوا
الأمر الذي حدا بكثير من الناس إلى تعطيل صفات الله - عز وجل - ، أو تفويضها ، أو تأويلها ، أو تمثيلها ، وكذلك الحال في عبادة الله - عز وجل - حيث لم يقتصر الأمر على التقيد بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح في ذلك ، حتى أصبح الناس في العبادة نتيجة لجهلهم بما كان عليه السلف الصالح من صحة الاعتقاد ، أصبحوا ما بين مفرط ومفرط ، فالمفرطون أسرفوا في دعوى المحبة حتى أخرجهم ذلك إلى نوع من الرعونة والدعاوى التي تنافي العبودية ، وتثبت الربوبية أو شيئا منها لغير الله ، ومعلوم أن الرب والمعبود هو الله وحده ، ومع ذلك يدعي هؤلاء دعاوى تتجاوز حدود الأنبياء والمرسلين فضلا عن عامة الناس ، أو بطلب من غير الله ما لا يصلح بكل وجه إلا الله ، لا يصلح للأنبياء ولا للمرسلين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : وهذا باب وقع فيه كثير من الشيوخ ( يعني شيوخ المتصوفة ) وسببه : ضعف تحقيق العبودية التي بينها الرسل ، وحددها الأمر والنهي ، الذي جاءوا به ، بل ضعف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته .
وإذا ضعف العقل ، وقل العلم بالدين ، وفي النفس محبة طائشة جاهلة ، انبسطت النفس بحمقها في ذلك ، كما ينبسط الإنسان في محبة الإنسان مع حمقه وجهله ، ويكون سببا لبغض المحبوب له ، ونفوره منه ، بل سببا لعقوبته .
وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من أمور الجهل بالدين ، إما من تعدي حدود الله ، وإما من تضييع حقوق الله ، وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها ، كقول بعضهم : أي مريد لي ترك في النار أحدا فأنا بريء منه ، وقال الآخر : أي مريد لي ترك أحدا من المؤمنين يدخل النار فأنا منه بريء .
فالأول : جعل مريده يخرج كل من في النار .
والثاني : جعل مريده يمنع أهل الكبائر من دخول النار .
ويقول بعضهم : إذا كان يوم القيامة نصبت خيمتي على جهنم ، حتى لا يدخلها أحد ، وأمثال ذلك من الأقوال التي تؤثر عن بعض المشايخ المشهورين ، وهي إما كذب عليهم ، وإما غلط منهم " . اهـ .
وإذا كانت هذه المقالات الإلحادية قد وجدت في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية وقبله ، فإن في عصرنا من الدعاوى التي تبلغ حد التأليه ، ما هو أدهى وأمر .

من ذلك قول أحد زعماء الطرق الصوفية المعاصرين ، قد خصني بالفضل والتشريف أن قلت : كن يكن بلا تسويف ، ويدعي هذا الكذاب الأشر أن رجلا نصرانيا دخل الجنة بسبب أنه عاشر امرأة من أتباع ذلك الشيخ معاشرة غير شرعية ، مع أن المرأة التي عاشرها كما يقول ليست ملتزمة - كما يقول - بالطريقة ، ولكنه دخل الجنة ببركة شيخ الطريقة التي تنتمي إليها هذه المرأة ، ويقول أحد الأفاكين من هؤلاء : إن من ضرورات مذهبهم أن لأئمتهم درجة لا يبلغها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلى غير ذلك من المقالات الكفرية والإلحادية ، القديمة والحديثة ، والتي لا تكاد تعد ولا تحصى .
ترى ماذا ترك هؤلاء الملاحدة من العبودية ، إذا ادعوا بلوغ مثل هذه المراتب ، وإذا سئلوا عن تفسير هذه الترهات ، ادعوا أنهم كانوا في حالة سكر بحب الإله ، قال
الشاعر في التهكم بهم ووصف أحوالهم التي يزعمون أنها عبادة :
ألا قــل لهــم قـول عبـد نصـوح ********* وحق النصيحة أن تستمع
متـى علـم النـاس في ديننا ******* بــــأن الغنــــا ســــنة تتبــــع
وأن يــأكل المـرأ أكـل الحمـار ******* ويرقص في الجمع حتى يقع
وقـــالوا : ســكرنا بحــب الإلــه ******* ومــا أسـكر القـوم إلا القصـع
كـــذاك البهــائم إن أشــبعت ******* يرقصهـــــا ربهـــــا والشــــبع
ويســـكره النـــاي ثــم الغنــا *******ويس لــو تليــت مــا انصــدع
فيـــا للعقـــول ويـــا للنهـــى *******ألا منكــــر منكمــــو للبــــدع
تهــان مســاجدنا بالســماع *******وتكــرم عــن مثـل ذاك البيـع
وقال آخر :
تلــي الكتــاب فـأطرقوا ******** لا خيفـة لكنــــه إطــــراق ســــاهٍ لاهـــي
وأتــى الغنـاء فكـالحمير تنـاهقوا ******** واللـــه مـــا رقصـــوا لأجـــل اللـــه
دف ومزمـــــار ونغمــــة شــــادن******* فمتــى رأيــت عبــادة بملاهــي
ثقـــل الكتــاب عليهــم لمــا رأوا ******** تقييــــــده بــــــأوامر ونــــــواهي
سـمعوا لـه رعـدا وبرقـا إذ حـوى******** زجـــرا وتخويفــا بفعــل منــاهي
ورأوه أعظــم قـاطع للنفس عـن شــهواتها يــا ذبحهـا المتنـاهي
وأتـى السـماع موافقـا أغراضهـا فلأجــل ذاك غــدا عظيــم الجـاه
أيـن المسـاعد للهوى من قاطع أسـبابه عنـد الجـهول السـاهي
إن لـم يكـن خـمر الجسـوم فإنه خــمر العقـول ممـاثل ومضـاهي
فـانظر إلى النشوان عند شرابه وانظر إلى النشوان عند ملاهي
وانظــر إلــى تمــزيق ذا أتــوا بـه مـن بعـد تمـزيق الفـؤاد اللاهي
واحـكم فـأي الخمرتين أحق بال تحــــريم والتــــأثيم عنــــد اللـــه

وما وصفه الشاعر من أحوال هؤلاء الناس يعطي صورة حقيقية عن مدى الانحراف الذي وقعوا فيه حيث بلغ بهم الحال إلى اعتبار الرقص والغناء عبادة تقربهم إلى الله بدعوى أن تلك الرقصات والأنغام الصوفية ، إنما هي نابعة من قلب مفعم بالمحبة ، فجعلوا محبتهم للخالق مشابهة لمحبة المخلوق من وجود العتاب والعذل واللوم والغرم ، ونحو ذلك مما يجب أن ينزه الله عنه ؛ لأنه لا يليق بجلال الله وعظمته .
ولكن الدليل والبرهان على محبة القلب الله وخضوعه له إنما يتجسد في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ، فلا يكون محبا لله إلا من يتبع رسوله .
وطاعة الرسول ، ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية .
وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسنته - صلى الله عليه وسلم - ، ويدعي من الحالات ما لا يتسع هذا الموضع لذكره ، حتى قد يظن أحدهم سقوط الأمر ، وتحليل الحرام له ، وغير ذلك مما فيه مخالفة لشريعة الرسول وسنته وطاعته .
بل قد جعل الله أساس محبته ومحبة رسوله ، الجهاد في سبيله ، والجهاد يتضمن كمال محبة ما أمر الله به ، وكمال بغض ما نهى الله عنه ؛ ولهذا قال في صفة من يحبهم ويحبونه : أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، ولهذا كانت محبة هذه الأمة الله أكمل من محبة من قبلها ، وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم وأكمل ، هذه الأمة في ذلك هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن كان بهم أشبه كان ذلك فيه أكمل .
" هذا صنف " .
والصنف الثاني وهم المفرطون وهم العصاة أو الذين غلطوا في فهم حقيقة العبادة ، وهم الذين ظنوا أن المحبة تنافي أدب العبودية ، ولا تصاحب خشية الله ومخافته التي يجب أن يتصف بها كل عبد لله ، كما ظن أن المحبة لا تتحقق من المخلوق للخالق ، وإنما المطلوب منه الطاعة والخضوع فقط .
ولذا نجد بعضهم يقول " اللهم إني أعبدك لا طمعا في ثوابك ولا خوفا من عقابك " ، فانظر يا أخي المسلم ، كيف فصلوا بين العبادة وبين الخوف والخشية ، والمحبة والرجاء .

والحقيقة أن المحبة لا تنافي الخشية ، والمخافة بل الخوف لازم للمحبة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إذ ليس عند القلب السليم أحلى ولا ألذ ، ولا أطيب ولا أسر ولا أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله ، ومحبته له ، وإخلاص الدين له " .
وذلك يقتضي انجذاب القلب إلى الله ، فيصير القلب منيبا إلى الله خائفا منه ، راغبا راهبا ، كما قال تعالى : مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ، إذ المحب يخاف من زوال مطلوبه أو عدم حصول مرغوبه ، فلا يكون عبد الله ومحبه ، إلا بين خوف ورجاء ، كما قال تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا .
فقد دلت الآية الكريمة على أن كل عبد مخلص لله لا بد أن يكون مع عبادته بين الخوف والرجاء ، وقد نص العلماء - رحمهم الله - على أنه ينبغي للمسلم أن يغلب جانب الخوف في الصحة حتى لا يأمن من مكر الله ، وأن يغلب جانب الرجاء في المرض حتى لا ييأس من روح الله ، والآية الكريمة نزلت في أناس من الإنس كانوا يعبدون نفرا من الجن ، فأسلم الجن ، وبقي الإنس على عبادتهم إياهم ، فأخبر الله تعالى ، أن هؤلاء المدعوين يطلبون القربة إلى الله - عز وجل - بالعمل بما يرضيه ، خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه ، وهذا ينطبق على كل من يدعو غير الله في الوقت الذي يكون المدعوون أحوج ما يكون إلى عبادة الله ، كما يقال : ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ، ومع ذلك نجد كثيرا ممن انتكست فطرتهم ، يعكف عند ميت في قبره ، يطلب منه قضاء الحاجات ، وتفرج الكربات ، ويزعم أنه يعلم الغيب ، ويعطي الولد ، وغير ذلك ، مما لا يقدر عليه إلا الله .
ولا نكاد نجد بلدا من بلاد الإسلام ، إلا وفيه أنماط من هذه الطقوس التي حالت بين الناس ، وبين فهم العقيدة الصحيحة ، ومن هنا تبدو الحاجة ملحة إلى بيان تلك العقيدة الصافية الخالصة ، التي ترتكز على نصوص الوحيين الكتاب والسنة .
فالإنسان في كل زمان ومكان ، في حاجة ماسة إلى عقيدة تحدد له غايته ، وتوضح
له منهجه الذي يسير عليه ؛ لتحقيق هذه الغاية ، ولكنه عندما تنتكس فطرته ، وتطول غفلته ، وينقلب فهمه ، حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن ، عندها تتحول عقيدته إلى حجر يقدسه ، أو شجر يعظمه ، أو شمس تضيء نهاره ، أو قمر ينير ليله ، أو بحر تتلاطم أمواجه ، أو نار تتلظى ، أو حيوان يهابه ، أو إنسان يكبر في نفسه ، أو أي مخلوق يرى له فضلا عليه من ملك أو جني ، أو نبي ، أو ولي ، ميت أو حي ، فيتعلق من ذلك كله بما هو أوهن من خيوط بيت العنكبوت .
قال تعالى : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ .
وقد يكون ذلك منه لمجرد التقليد من غير وعي أو تفكير : وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ .
وقد لا يكون الانحراف في العقيدة ، باتباع الهوى الذي ذمه الله في غير ما آية ، فمن كتابه العزيز .
قال تعالى : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ .
وقال تعالى : إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى .
وفي هذا العصر الذي ادلهمت فيه الظلمات ، وانقلبت فيه الحقائق ، وتغيرت فيه المفاهيم ، يتساءل الفرد المسلم عن طريق الخلاص يتساءل وهو حائر بين هذه الجماعات المتصارعة ، والأحزاب المتناحرة ، والدعوات المتفرقة ذات المناهج المختلفة التي تدعي لنفسها السير على المنهج الصحيح .

وكلٌ يدعي وصلًا لليلى وليلـى لا تقر لهم بذاك
وهذه الدعوات لا يخلو أمرها من حالين :
إحداهما : الخطأ في المنهج والسلوك .
كمناهج الطرق الصوفية التي ذكرنا فيما سبق بعض مقالاتهم الإلحادية التي لا تمت إلى الدين بصلة بل صرفت اتباعها عن الاعتماد على الكتاب والسنة اللذين هما مصدر شريعة الإسلام ، والحال الثانية ، الخطأ في الفكر . كمثل جماعات الدعوة الإسلامية المعاصرة ، والتي تنطلق في دعواتها من منطلق حزبي ضيق .
الأمر الذي بعد بهم عن منهج السلف الصالح ، إذ أن هذه الجماعات لم تؤسس بناء دعوتها على توحيد الباري - جل وعلا - والعقيدة السلفية الصافية من الشوائب .
فإن من تأثر بتلك الدعوات إن كان من أهل العقيدة أصلا لا يكون ولاؤه لها ، ولا يكون فكره متفقا معها ، بسبب سيطرة هذه المناهج على أفكاره ، حتى ماتت العقيدة في نفسه ؛ فأصبح لا يدعو لها ، وإن كان يعتقدها ، لكنه بعد عنها تحت تأثير المنهج الحزبي ؛ لأنه يوالي ويعادي على ذلك الفكر الضيق ، الذي بني على غير أسس سليمة ، فلا يكون للعقيدة مكان ولا مجال في التطبيق العملي ، ولا تعطي ثمراتها الطيبة اليانعة ، فهي لا تفيد معتقدها ؛ لأنها قد فقدت روحها ، فأصبحت بلا روح ، كالجذوة التي استترت وانغمرت تحت الرماد .
وخطورة هذا الأمر لا تقل عن الجهل بالعقيدة ، فإن من يعرف العقيدة ولا يدعو إليها ، هو كالجاهل بها سواء بسواء ، وهؤلاء إنما أصيبوا بالخرس عن الدعوة إلى العقيدة بدعوى أن ذلك يفرق الأمة ، ويمزق كيانها ؛ لأنهم يريدون أن يجمعوا تحت لوائهم من هب ودب ، لا فرق في ذلك عندهم بين ملتزم بالعقيدة الصحيحة وغيره .
إذ أن الهدف الذي يقصدونه هو مجرد الجمع دون تمييز ، وهذا منهج بلا شك سينتهي بأصحابه إلى الفشل الذريع ؛ نظرا لكونه قد بني على غير أسس سليمة ، وذلك أن أصحاب هذا المسلك أتوا من عدم الفهم والإدراك الصحيح ، حيث لم يفرقوا في الدعوة ، بين الأصول والفروع .
فتراهم يبدءون بالدعوة إلى بعض الفروع ، ويزعمون أنه متى أقيم هذا الفرع ، فإنه سوف يوجد الأصل تلقائيا ؛ ولذا نرى كثيرا منهم يهتمون بالجانب السياسي ، بدعوى أنه متى وجدت الدولة التي ينشدونها عند ذلك تصلح العقيدة وغيرها ، مما فسد من أحوال المسلمين ، وهذا تصور غير صحيح ؛ لأن صاحب هذا التصور ذكر شيئا ، وغابت عنه أشياء .
هذا على فرض أن صاحب هذا الفكر حسن النية ، بيد أننا نشك في حسن نيته ، وإنما يروج بذلك على أولئك الذين لا رسوخ لهم في فهم العقيدة مستغلا عواطفهم نحوها ، لكنه ينوي خلاف ذلك ؛ لأنه ليس من أهل العقيدة ولا أدل على ذلك من كونه يدعي أن الدعوة إلى العقيدة تفرق الأمة كما أسلفنا .
نعم الإسلام دين ودولة ، وعقيدة وشريعة ، ولكن يجب أن نأخذه كوحدة متكاملة بحيث ينطلق في سياسته ، وجميع أموره من العقيدة الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة ، وهما كفيلان ببيان منهج الدعوة الإسلامية كما فصلنا ذلك فيما تقدم .
لا بمجرد الدعاية والأناشيد الحماسية والهتافات ، والشعارات الجوفاء التي لم يستفد منها المسلمون سوى القضاء على الدعوة وأهلها في كثير من البلاد ، حيث يهيجون الشباب المسلم ، ويلهبون حماسه ويستثيرونه ، إلى أن يثور ويتحرك فيقع في أيدي الطغاة الظلمة أعداء الإسلام والمسلمين ؛ فيقضون على هؤلاء الشباب ، ويهدرون هذه الطاقة نتيجة لذلك المسلك الخاطئ ، الذي تسلكه تلك الجماعات في دعوتها ، وإذا أردنا أن يتحقق للمسلمين ، ما يصبون إليه ، وما يتطلعون إليه ، من العودة بالمسلمين إلى الإسلام الصحيح ، فعلينا أن نسلك بهم طريق التعليم والتربية ، وتفقيه الشباب المسلم الشوائب التي علقت بالدين ودعوته ، وتلك الرواسب التي أكل عليها الدهر وشرب ، والتي

انحرفت بالمسلمين عن الجادة الصحيحة التي رسمها لهم الله - عز وجل - في كتابه المبين ، وبينها رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في سنته المطهرة ، ولنا أسوة حسنة في أولئك الدعاة المصلحين الذين أسسوا دعوتهم على عقيدة الإسلام ، وبدءوا بتطهيرها من شوائب الشرك والخرافات .
الأمر الذي تحقق بسببه رفع راية التوحيد خفاقة في ربوع الجزيرة العربية ، بعد أن ران عليها الجهل ، وخيم عليها الظلام عدة قرون ، وعاد كثير من الناس إلى الشرك والخرافات ، فانقشع ذلك الجهل ، وتحول ذلك الظلام إلى نور ، على يد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، الذي بدأ بتعليم الناس العقيدة الصحيحة ، وقامت بفضل هذه العقيدة دولة التوحيد ، منذ أن قام الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - مؤسس هذه الدولة المباركة بتبني هذه الدعوة الطيبة ، فكتب الله لها بذلك النصر والبقاء ، وزالت مظاهر الشرك والوثنية في برهة وجيزة ، وهي لم تكن لتزول ، لو لم تنطلق هذه الدعوة من روح العقيدة .
ولست مبالغا حينما أذكر هذه الحقيقة ، فإنها حقيقة يسلم بها الأعداء فضلا عن الأصدقاء ، والحق ما شهدت به الأعداء .
وخلاصة القول : إنه لا صلاح لنا ولا فلاح ، ولا نجاح لدعوتنا ، إلا إذا بدأنا بالأهم قبل المهم ، وذلك بأن ننطلق في دعوتنا من عقيدة التوحيد ، نبني عليها سياستنا ، وأحكامنا ، وأخلاقنا ، وآدابنا ، ننطلق في كل ذلك من هدي الكتاب ، والسنة ، بلا إفراط ، ولا تفريط ، ذلكم هو الصراط المستقيم ، والمنهج القويم ، الذي أمرنا الله تعالى ، بسلوكه ، فقال : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقال تعالى : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وقال رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - : تركت فيكم أمرين ، لن تضلوا بعدي ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتي .
ويقول الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - : لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، اللهم إنا نسألك أن ترد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا ، ونسألك أن ترينا الحق حقا وترزقنا اتباعه ، والباطل باطلا وترزقنا اجتنابه ، وأن لا تجعله ملتبسا علينا فنضل إنك ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .



بعد سنة ان شاء الله وبعد ان اقرا المجلد الذي نسخته ولصقته سارد عليك
ارجوك يا اخي كفى نسخا ولصقا نريد ردود من زبدة افكاركم استطيع ان انسخ لك عشرات الالاف من المقالات التي ترد عليك لكنني اعرف انه لافائدة من النسخ واللصق

أبو هاجر القحطاني
2012-07-10, 02:20
بعد سنة ان شاء الله وبعد ان اقرا المجلد الذي نسخته ولصقته سارد عليك
ارجوك يا اخي كفى نسخا ولصقا نريد ردود من زبدة افكاركم استطيع ان انسخ لك عشرات الالاف من المقالات التي ترد عليك لكنني اعرف انه لافائدة من النسخ واللصق


وانا في انتظارك ان شاء الله بعد سنة عندما تقرأ المجلد بتمعن -وأشك في انك ستفعل - وترد عليه ردا علميا بالأدلة من الكتاب والسنة عندها سآتيك بزبدة أفكاري حفظك الله ورعاك وجعل الجنة مثواك

لزرق
2012-07-10, 08:58
هذا ما يقال وما يسمع عنه ولكن الحقيقة غر ذلك

old young miss
2012-07-10, 09:04
بوركت أخي

جزيت خيرا

لزرق
2012-07-10, 09:11
وانا في انتظارك ان شاء الله بعد سنة عندما تقرأ المجلد بتمعن -وأشك في انك ستفعل - وترد عليه ردا علميا بالأدلة من الكتاب والسنة عندها سآتيك بزبدة أفكاري حفظك الله ورعاك وجعل الجنة مثواك

أي أدلة علمية تتحدث عنها ؟
كل ما تفعلونه هو إيراد أحاديث وآيات كثيرة ولكن الخلل يكمن في إسقاطها وحتى فهمها فالعبرة بالفهم السليم للادلة وليس بكثرة إيرادها ( رب حامل لفقه لمن هو أفقه منه )

وكل كلام تأتي به هو اجتهادات للعلماء يصيبون ويخطؤون مثل يصيب غيرهم ويخطئ وأرجو ألا تعملوا العقل في الأدلة التي تستشهدون بها
فإن لم يكن لديك دليل شرعي صريح وقطعي الدلالة بمنطوق اللغة ( وهذا منهجكم طبعا في فهم الأحاديث ) فلا تأتني بأدلة في غير محلها

أبو هاجر القحطاني
2012-07-10, 10:07
أي أدلة علمية تتحدث عنها ؟
كل ما تفعلونه هو إيراد أحاديث وآيات كثيرة ولكن الخلل يكمن في إسقاطها وحتى فهمها فالعبرة بالفهم السليم للادلة وليس بكثرة إيرادها ( رب حامل لفقه لمن هو أفقه منه )

وكل كلام تأتي به هو اجتهادات للعلماء يصيبون ويخطؤون مثل يصيب غيرهم ويخطئ وأرجو ألا تعملوا العقل في الأدلة التي تستشهدون بها
فإن لم يكن لديك دليل شرعي صريح وقطعي الدلالة بمنطوق اللغة ( وهذا منهجكم طبعا في فهم الأحاديث ) فلا تأتني بأدلة في غير محلها
منهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة يقوم على القواعد التالية
- حصر الاستدلال في الدليل الشرعي ( الوحي ) في الدين .
2- مراعاة قواعد الاستدلال ، فلا يضربون الأدلة الشرعية بعضها ببعض ، بل يردون المتشابه إلى المحكم ، والمجمل إلى المبين ، ويجمعون بين نصوص الوعد والوعيد والنفي والإثبات ، والعموم والخصوص ، ويقولون بالنسخ في الأحكام ونحو ذلك .
3- يعملون بكل ما صح من الأدلة الشرعية دون تفريق بين آحاد وغيره .
4- يعتمدون تفسير القرآن بالقرآن ، والقرآن بالسنة والعكس ، ويعتمدون معاني لغة العرب ولسانهم ؛ لأنها لغة القرآن والسنة ، ويردون ما يخالف ذلك .
5- يعتمدون تفسير الصحابة ، وفهمهم للنصوص وأقوالهم وأعمالهم وآثارهم ؛ لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة وأزكاها ، وعاشوا وقت تنزل الوحي وأعلم باللغة ومقاصد الشرع ، ثم آثار السلف الصالح أئمة الهدى الذين هم بهم مقتدون .
6- ما بلغهم وعلموه من الدين عملوا به ، وما اشتبه عليهم علمه ، أو علم كيفيته ، ( كبعض نصوص الغيبيات والقدر ) يسلمون به ويردون علمه إلى الله – سبحانه وتعالى – ولا يخوضون فيه .
7- يتجنبون الألفاظ البدعية في العقيدة ( كالجوهر والعرض والجسم ) لاحتمالها للخطأ والصواب ؛ ولأن في ألفاظ الشرع غنى وكمالاً .
8- يتجنبون المراء والخصومات في الدين ، ولا يجادلون إلا بالتي هي أحسن .
9- ينفون التعارض بين العقل السليم والفطرة وبين نصوص الشرع ، وبين الحقيقة والشريعة وبين القدر والشرع ، وما يتوهمه أهل الأهواء من التعارض بين العقل والنقل فهو من عجز عقولهم وقصورها .
10- يتجنبون التأويل في العقيدة والغيبيات – بغير دليل شرعي صريح – لأنه قول على الله بغير علم ؛ ولأن مسائل العقيدة والغيبيات توقيفية لا مجال للرأي ولا للعقل فيها ولا تدرك بالعلوم الحسية .
11- يعنون بالإسناد وثقة الرواة وعدالتهم لحفظ الدين .

أبو هاجر القحطاني
2012-07-13, 02:16
بوركت أخي

جزيت خيرا
واياكم انشاء الله جزاك الله خيرا اخي الكريم

saqrarab
2012-07-13, 10:54
نسخ ولصق ردود عبارة عن نسخ ولصق استخدموا عقولكم وافكاركم انتم وليس افكار غيركم

farestlemcen
2012-07-13, 12:14
نسخ ولصق ردود عبارة عن نسخ ولصق استخدموا عقولكم وافكاركم انتم وليس افكار غيركم


إذا كان عقلك يضاهي واحد من مليون منعقل شيخ عبد الحميد إبن باديس إبن باز الألباني رحمهم الله أتحفنا بأفكارك و مؤلفاتك و ردودك العلمية التي ترجو بها وجه الله لا قيل و قال و كثرة الجدال و الله شهيد على ما نقول.

ابو مسلم السلفي
2012-07-13, 14:38
الحمد لله وبعد
موضوع قيم وجميل
بوركتم على الطرح
وفقكم الله

محمد همام الحارث
2012-07-13, 15:03
الكثير منا سمع عنا الوهابية والبعض منا كره الوهابية والبعض الاخر لم يفهم شيئا عنها والبعض الاخر لايهمه الامر فهو بعد دنياه ...وكل يغني على ليلاه
...............
هنا اود تنبيهك اخي الحبيب من خطر هذه الكلمة الوهابية والتي صرنا نسمعها كثيرا وتنبيهي لك اخي الحبيب ليس من الفكر ولكن من الكلمة التي اصبحت تستخدم للتنفير من الدعاه واهل العلم ...
فالوهابية اسم اخترعه اهل البدع والمنحرفون لكي يشوهوا صورة الدعوة النقية التي لاتعترف بالاحزاب والديمقراطية ولا بالشعوذة والقبورية ولا بتخريفات الرافضة الاثنا عشرية ولا بتلبيس اليهودية والنصرانية ... فاتفقت كل الفرق الباطلة بالعداء لهذه الفرقة التي تدعوا الى التمسك بالكتاب والسنة امتثالا لامر الله وامر رسول على اعتبار ان فيه النجاة والسلامة في الدنيا والاخرة ....
اخي الحبيب ...
حتى تعلم ان هذه اشاعة وفرية مافيها مرية تابع معي مااقوله لك الان وبهدؤ دون تعصب وكن منصفا في الحكم ...
اولا :
نحن نعلم جميعا ان من جاء بشيء جديد واخترع امرا جديدا فهو ينسب اليه ميكافيلي صاحب فكرة الغاية تبرر الوسيلة نقول عن كل من اتبع هذا الفكر بانه ميكافيلي .
وكل من جاء بفكر جديد فهو ينسب اليه ..
ثانيا :
لو قلنا ان هناك فكر اسمه الوهابية يفترض ان يكون هذا الكلام وهذا المنهج الذي جاء به من فكر محمد بن عبد الوهاب ..
ثالثا :
بعد ماسبق نقول لكل من قال ان هناك وهابية ارونا مالجديد الذي جاء به ابن عبدالوهاب ولم يكن موجودا قبله فان قلتم يوجد سنقول ارونا بالبينة والحجة والبرهان ؛ فان قلتم لايوجد انتهت دعواكم فلايصح ان ننسب اليه ونسمي باسمه افكار لناس اخرين وهو مجرد سائر على نهجهم .. لاننا لو سمينا الفكر باسمه وهو مجرد متبع يعني اننا سنسمي الفكر كل يوم بالاف الاسماء ونسمي الفكر باسم كل متبع لهذا المنهج وهذا غير صحيح لان الصحيح ان نسمي الفكر باسم صاحب الفكر لا باسم من اتبع الفكر .

رابعا :
ننظر في كتب شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن حجر العسقلاني والشافعي وابن حنبل وابو حنيفة وننظر فيما قالوه في العيدة التي جاء بها ابن عبدالوهاب هل ابن عبدالوهاب قال بقولهم ام انه اخترع فكر جديد فان قلتم هو سر على نهجهم سنقول لكم اذن سمو الفكر باسم واحد منهم وليس باسمه وان قلتم لس على نهجهم سنقول كتب العقيدة والتوحيد من زمن الصحابة والتابعين موجود وفي متناول الجميع لنرى ماالفرق بين مادعا اليه محمد بن عبدالوهاب وبين ماكان يدعوا اليه اؤلئك الائمة الاعلام ...

وخلاصة القول اخي الحبيب ..

هي ان محمد بن عبدالوهاب انما احيا الكتاب والسنة ولم يأت بفكر جديد وانما تستخدم هذه الكلمة لتنفير النا عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة ؛ فاصحاب هذا الشائعة والدعاية يعلمون انك لن تقرأ ولن تبحث في منهج ابن عبدالوهاب فيشوهون وهم واثقون من انك جاهل وستنخدع بهم ولكن ان اردت ان تعرف الحقيقة فامسك كتابا من كتب الشيخ رحمه الله تعالى لتعلم انه قام بدعوة وكان بحق مجدد وكان امام في زمن انحسرت فيه الدعوةواندثر فيه الخير وانتشرت الخرافات والبدع والقبورية ولم يكن طامعا بدنيا بدليل انه لم يشارك في الحكم اطلاقا وانشغل هو بالدعوة ومن بعده ابناؤه واحفاده

فاياك اياك ان تنخدع بما يقوله المرجفون فانهم ليسوا حريصين عليك فلاتصدق ان فارسي جاء من اخر الدنيا لكي ينقذك ولاتصدق علماني منحرف اقبل من باريس كي ينهض بك فكلهم انما يريدون النيل من دينك وعقيدتك فاحذر كل الحذر
بمعنى اخر لايوجد مذهب اسمه الوهابي وانما تسمية تستخدم للتنفير والتشويه بدين الاسلام حتى يتكلم هؤلاء الناعقون براحتهم لانهم يعلمون انهم لوتكلموا عن الاسلام مباشرة فسيغضب عليهم المسلمون ولكن يطعنون ويشوهون ويقولون نحن انما نطعن في الوهابية وفي حقيقة الامر ان هذا ليس الا غطاء للطعن في دينك وعقيدتك فالحذر الحذر
وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم
منقول



بارك الله فيك

saqrarab
2012-07-13, 17:52
إذا كان عقلك يضاهي واحد من مليون منعقل شيخ عبد الحميد إبن باديس إبن باز الألباني رحمهم الله أتحفنا بأفكارك و مؤلفاتك و ردودك العلمية التي ترجو بها وجه الله لا قيل و قال و كثرة الجدال و الله شهيد على ما نقول.



انا كل ما اطلبه منكم ان تكفو عن النسخ واللصق في ردودكم
او تقللوا منها
لان النسخ واللصق يفسد الموضوع وفيه حشو لا داعي له
اما عن مسالة عقلي فالحمد لله لي من العلم ما يجعلني اميز بين الحق والباطل
وانا تابع للحق واعرف الرجل عن طريق الحق ولست من من يعرفون الحق عن طريق الرجال

farestlemcen
2012-07-13, 18:07
انا كل ما اطلبه منكم ان تكفو عن النسخ واللصق في ردودكم
او تقللوا منها
لان النسخ واللصق يفسد الموضوع وفيه حشو لا داعي له
اما عن مسالة عقلي فالحمد لله لي من العلم ما يجعلني اميز بين الحق والباطل
وانا تابع للحق واعرف الرجل عن طريق الحق ولست من من يعرفون الحق عن طريق الرجال




تمدح حزب اللات الشيعي"http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1018203" و تقول أنك تعرف الحق من الباطل هداني الله وإياك
أما أنا لا أزيد حرف واحد أوأ نقص مما قال أهل العلم لعل الله يثبتني

saqrarab
2012-07-13, 22:28
تمدح حزب اللات الشيعي"http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1018203" و تقول أنك تعرف الحق من الباطل هداني الله وإياك
أما أنا لا أزيد حرف واحد أوأ نقص مما قال أهل العلم لعل الله يثبتني


ههههههههههههههههه
هل هذا http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1018203
تسميه مدحا الانصاف يا اخي الكريم الانصاف
اتمنى من الاخوة ان يحكموا بيني وبينك

farestlemcen
2012-07-14, 07:07
ههههههههههههههههه
هل هذا http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1018203
تسميه مدحا الانصاف يا اخي الكريم الانصاف
اتمنى من الاخوة ان يحكموا بيني وبينك
إن أخطأت في حقك فغفر الله لي و لك .
و أعلم أن أهل قسطينة أهل العلم و المعرفة منبت السلفية الحديثة على يد الشيخ عبد الحميد رائد الإصلاح شيمتهم العفو

balout
2012-07-14, 09:33
بوركت أخي
و أرجو أن يستفيد من موضوعك كل من يستخدم هذه الكلمة دون وعي

موحدة الله
2012-07-14, 09:40
كثرت التسميات في زمن الفتن
كل مايهمنا هو الاسلام فقط كتابنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام

أصيل بطبعي
2012-07-14, 09:45
يعطيك العافية على ما قدمت بارك الله فيك

farestlemcen
2012-07-14, 13:39
كثرت التسميات في زمن الفتن
كل مايهمنا هو الاسلام فقط كتابنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام



في المراد بأهل السنَّة والجماعة
قال البربهاري رحمه الله: اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلاَّ بالآخَر. فمن السنَّة لزومُ الجماعة، فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان ضالاًّ مضلاًّ. والأساس الذي تُبنى عليه الجماعة، وهم أصحاب محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ورحمهم الله أجمعين، وهم أهل السنَّة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضلَّ وابتدع، وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ، والضلالة وأهلها في النار. وقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: «لا عذر لأحدٍ في ضلالةٍ ركبها حسبها هدًى، ولا في هدًى تركه حسبه ضلالةً، فقد بُيِّنت الأمور، وثبتت الحجَّة، وانقطع العذر».
وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع.
واعلم - رحمك الله - أنَّ الدين إنما جاء من قِبَل الله تبارك وتعالى، لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم، وعلمُه عند الله وعند رسوله، فلا تتَّبع شيئًا بهواك فتمرقَ من الدين فتخرجَ من الإسلام، فإنه لا حجَّة لك، فقد بيَّن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأمَّته السنَّة، وأوضحها لأصحابه وهُم الجماعة، وهُم السواد الأعظم، والسواد الأعظم: الحقُّ وأهله، فمن خالف أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في شيءٍ من أمر الدين فقد كفر.
[«شرح السنَّة» للبربهاري (1/35)]

أبو هاجر القحطاني
2012-07-16, 23:14
في المراد بأهل السنَّة والجماعة
قال البربهاري رحمه الله: اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلاَّ بالآخَر. فمن السنَّة لزومُ الجماعة، فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان ضالاًّ مضلاًّ. والأساس الذي تُبنى عليه الجماعة، وهم أصحاب محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ورحمهم الله أجمعين، وهم أهل السنَّة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضلَّ وابتدع، وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ، والضلالة وأهلها في النار. وقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: «لا عذر لأحدٍ في ضلالةٍ ركبها حسبها هدًى، ولا في هدًى تركه حسبه ضلالةً، فقد بُيِّنت الأمور، وثبتت الحجَّة، وانقطع العذر».
وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع.
واعلم - رحمك الله - أنَّ الدين إنما جاء من قِبَل الله تبارك وتعالى، لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم، وعلمُه عند الله وعند رسوله، فلا تتَّبع شيئًا بهواك فتمرقَ من الدين فتخرجَ من الإسلام، فإنه لا حجَّة لك، فقد بيَّن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأمَّته السنَّة، وأوضحها لأصحابه وهُم الجماعة، وهُم السواد الأعظم، والسواد الأعظم: الحقُّ وأهله، فمن خالف أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في شيءٍ من أمر الدين فقد كفر.
[«شرح السنَّة» للبربهاري (1/35)]

جزاك الله خيرا اخي فارس تلمسان وبارك الله فيك وفي جهدك الطيب ونفع بك

كويتنا
2012-07-16, 23:32
شكرا اخ يونس على هذا الموضوع القيم وجزاك الله خيرا ،،، المشكله في من يذم الوهابيه والسلفيه كما يسميهم في حين لا يأخذ فتواه الا من شيوخ من اتباع السلفيه والوهابيه يعني هو مقتنع من خلال افعاله ان الوهابيه او السلفيه كما يسميها هي الاسلام الحقيقي النقي في حين ينكر ذلك بكلامه !!!!

الحضني28
2012-07-17, 08:13
منهج السلف في العقيدة وأثره في وحدة المسلمين

فضيلة الشيخ الدكتور صالح ابن سعد السحيمي

الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كبيرا .
وبعد :
فهذا جهد متواضع ، أساهم به لبيان المنهج الذي كان عليه السلف الصالح في العقيدة ، ومدى مخالفة الناس لذلك المنهج ، مما فرق كلمة المسلمين وأضعف وحدتهم .
وجعلت عنوان البحث : منهج السلف في العقيدة وأثره في وحدة المسلمين ؛ وقد حملني على ذلك إهمال كثير من الباحثين لهذا الجانب ، أعني جانب العقيدة ، والذي هو
العامل الأول ، والركيزة الأساسية التي ينبني عليها كيان المجتمع الإسلامي ، وتنضوي تحت لوائها صفوف المسلمين ، منها يستلهمون طريق وحدتهم ، وعلى ضوئها يشقون طريقهم إلى أعلى قمم المجد والعلى ، وبهداها ومبادئها القيمة يفتحون القلوب قبل أن يفتحوا الأمصار والأقطار ، ولقد كثرت المؤلفات والخطب والمحاضرات والمواعظ والندوات التي تنادي بوحدة المسلمين ، وجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم بالأساليب المتعددة ، وطرح الحلول الكثيرة ، لكن هذه الأساليب والحلول ناقصة وغير تامة ؛ نظرا لاهتمامها بالجوانب الفرعية فقط ، فنجد أن جماعة ممن يهتمون بعوامل التضامن الإسلامي يركزون جل اهتمامهم على الجانب السياسي ، ونجد جماعة أخرى تركز على الجانب الأخلاقي ، ونجد جماعة ثالثة تركز على جوانب الترغيب والترهيب والزهد والورع ، وقل أن تجد من بين هؤلاء من يهتم بالجانب الأساسي والركن العظيم ، والذي هو الحصن الحصين ، والمنطلق المتين لجمع كلمة المسلمين ، ألا وهو عقيدة التوحيد الذي جمعنا الله به بعد الفرقة ، وألف بين قلوبنا بعد التمزق ، حتى أصبحنا به أمة واحدة ذات هدف واحد ومنطلق واحد ، وعقيدة واحدة ، هي مصدر عزتنا ، وعنوان سعادتنا ، ومناط وجودنا في هذه الحياة ، إنها عبادة الله الذي لا إله غيره ، ولا رب سواه ، إنه الهدف الأسمى ، والمقصد الأعلى الذي خلقنا الله له ، وأوجدنا من أجله ، كما قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، وقال تعالى : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ .
وقال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ، إذا تأملنا هذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها - وما أكثره في كتاب الله - وجدنا أن أساس كل عمل في الإسلام إنما ينطلق من العقيدة ، ويرتكز عليها ، كما يرتكز البناء على أركانه .
والبيت لا يبتنى إلا له عمد ****** ولا عمـاد إذا لـم ترس أوتاد
وإذا عرفنا ذلك فإن أية دعوة إلى التضامن الإسلامي ، إذا لم ينطلق أصحابها من هذا المبدأ الأساسي ، ولم تؤسس على هذا البناء الراسخ ، ولم تقم على تحقيق التوحيد ، وتخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي ؛ فإنها دعوة سيكتب لها الفشل لا محالة ، عاجلا أم آجلا ؛ لأن البناء لا يقوم في الهواء ، ولا يمكن تشييده إلا على أرض صلبة حتى لا يتعرض للانهيار يوما من الأيام.
قال الله تعالى : أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وحينما نقول : إن مبنى التضامن الإسلامي على عقيدة التوحيد وعندما ندعو إلى وجوب الانطلاق من هذا المبدأ ، فإن ذلك لا يعني إهمال الجوانب الأخرى التي أشرنا إليها أو إلى بعضها في ما مضى ، وإنما نعني وجوب التأسيس ، وذلك بأن نبدأ أعمالنا كلها من هذا المنطلق .
فعلى ضوئه تكون السياسة ، وعلى منهجه نبني الآداب والأخلاق ، وفي حدوده ندعو إلى الترغيب والترهيب ، وعلى مبادئه يوجد بإذن الله تعالى المجتمع الإسلامي الصالح المنشود ، وتوجد السعادة البشرية في الدنيا والآخرة ، ويعود الناس إلى دين الله أفواجا فينعمون بالخير والأمن والطمأنينة ، وفق هدى العقيدة الخالصة الوارفة الظلال ، فيتخلصون بذلك من أدران الوثنية وأوضار الجهل ، وحينئذ تصفو قلوبهم ، وتخلص لله ، وتخلع ربقة الشرك الذي ران عليها سنين طويلة ، والذي هو أعظم ذنب عصي به الله - عز وجل - ، منذ أن انحرف الناس عن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها حتى وقعوا فيما وقعوا فيه من الإفراط والتفريط والغلو والتقصير ، فلقد كان الإنسان في أول خلقه على المنهج الرباني الصحيح ، عقيدة وسلوكا ، وأخلاقا وعبادة ومعاملة ، حقبة من الزمن .
يذكر علماء التاريخ والسير بأنها تقدر بعشرة قرون ، إلى أن بدأ الانحراف في العقيدة ، في أولئك القوم الذين بعث الله فيهم نوحا - عليه الصلاة والسلام - ، بعد أن زين لهم الشيطان عبادة الأصنام والأوثان ، بسبب الغلو في الصالحين ؛ فقد روى البخاري - رحمه الله - في صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى : وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا.

قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا ، ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت ، فانظر كيف بدأ الانحراف عن الصراط السوي نتيجة للغلو بطريق التدريج ، وذلك أنهم كانوا يتبركون بدعائهم ، وكلما مات منهم أحد مثلوا صورته وتمسحوا بها زمنا طويلا إلى أن عبدوها باستدراج الشيطان لهم ، ثم صارت سنة في الناس يهرم عليها الكبير ، ويشب عليها الصغير إلى أن بعث الله فيهم نوحا - عليه الصلاة والسلام - فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة ما سواه ، فأصروا واستكبروا استكبارا ، ولم يؤمن منهم إلا النزر اليسير.

وما كان عليه حال قوم نوح هي نفس الحال التي ارتكس فيها الناس بعد ذلك من الغلو ومجاوزة الحد ، واتباع الهوى الذي أودى بالناس إلى عبادة غير الله - سبحانه وتعالى - ، وأخطر هذه الأسباب هو الغلو الذي حذر الله منه في غير ما آية من كتابه.
والغلو هو مجاوزة الحد ، وضابطه : تعدي ما أمر الله به بالزيادة فيه ، وهو الطغيان الذي نهى الله عنه في قوله تعالى : وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي . وكذا قال تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ، أي لا تتعدوا ما حد الله لكم.
وأهل الكتاب هنا : هم اليهود والنصارى ، فنهاهم عن الغلو في الدين ، ونحن كذلك كما قال تعالى : فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، والغلو كثير في النصارى ، فإنهم غلوا في عيسى - عليه الصلاة والسلام - فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلها من دون الله ، يعبدونه كما يعبدون الله ، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه ، فادعوا لهم العصمة ، واتبعوهم في كل ما قالوه سواء كان حقا أو باطلا ، وناقضتهم اليهود في أمر عيسى - عليه الصلاة والسلام - ، فحطوا من منزلته حتى جعلوه ولد بغي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه الله - : " ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى ، وغلا في الحين بإفراط أو تفريط ، وضاهاهم في ذلك ، فقد شابههم ، كالخوارج المارقين من الإسلام الذين خرجوا في خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، وقاتلهم حين خرجوا على المسلمين ، وكان قاتلهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما ثبت ذلك من عشرة أوجه في الصحاح ، والمسانيد وغير ذلك ، وكذلك من غلا في دينه من الرافضة والقدرية والجهمية والمعتزلة " ، وقال أيضا : " فإذا كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من انتسب إلى الإسلام وقد مرق منه مع عبادته العظيمة ، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان ، قد يمرق أيضا من الإسلام ، وذلك بأسباب منها الغلو الذي ذمه الله في كتابه ، حيث قال : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ اهـ .
وهذا الكلام يدل دلالة واضحة على أن أعظم فتنة ابتليت بها البشرية إنما هي فتنة الغلو الذي جاء التحذير منه في غير ما آية وحديث ، وقد تقدم من الآيات ما يوضح ذلك ، أما الأحاديث فمنها ما ثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله ، وثبت في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه ، من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو .
وهذه نصوص صريحة وواضحة في أن سبب الانحراف عن العقيدة الصحيحة والفطرة السليمة إنما هو ذلك الغلو ومجاوزة الحد الذي أدى بالتالي إلى صرف العبادة إلى غير الله - سبحانه وتعالى - ، الأمر الذي من أجله بعث الله الرسل لإعادة الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ذلكم هو الهدف الأسمى الذي أوجد الله من أجله الثقلين : الجن والإنس ، فكل عاقل في هذا الوجود يعرف أنه مخلوق لخالق ، ومربوب لرب ، أوجده بعد أن لم يكن .
لو طرح سؤال مفاده : لماذا خلقت في هذه الحياة ؟ ولماذا فضلت على سائر الكائنات الأخرى ؟ وما هي مهمتك في هذه الحياة ؟ فإن الجواب عند المؤمن حاضر بكل بساطة : إن كان صانع يعرف سر صنعته ، لماذا صنعها ؟ ولماذا صنعها على نحو معين دون غيره ؟
والله تعالى هو صانع الإنسان وخالقه ، ومدبر أمره .
فلنسأله : يا رب لماذا خلقت هذا الإنسان ؟
هل خلقته لمجرد الطعام والشراب ؟ هل خلقته للهو واللعب ؟ هل خلقته لمجرد أن يمشي على التراب ويأكل مما خرج من التراب ، ثم يعود كما كان إلى التراب ، فإذا لم يكن الأمر كذلك فما سر هذه القوى والملكات التي أودعها الله الإنسان من عقل وإرادة ونفس وروح .
لقد جاء جواب ذلك بما يشفي ويكفي في الكتاب العزيز الذي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ حيث نص - تبارك وتعالى - على أنه خلق هذا الإنسان ليكون خليفة في الأرض :
قال تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، وهذه الخلافة معناها أن يعرف الإنسان ربه حق معرفته ، ويعبده حق عبادته .
قال تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
ويقول الله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ وإذن فالجواب البدهي الذي تنطلق به الفطرة في هذا الكون أن الإنسان عبد الله ، خلق لذلك ، وسخر الله له ما في السماوات وما في الأرض من أجل تحقيق هذا الغرض .
ومن هنا يعلم كل ذي فطرة سليمة ، وعقل متجرد ، أن عبادة الإنسان ، لقوى الطبيعة ومظاهرها من فوقه ، ومن تحته كالشمس والقمر والنجوم والأنهار والأبقار والأشجار ونحوها قلب للوضع الطبيعي ، وانتكاس بالإنسان أي انتكاس ! !
والإنسان إذن ، بحكم فطرته ومنطق الكون ، إنما هو مربوب لله سبحانه لا لغيره ، لعبادته وحده لا لعبادة بشر ولا حجر ولا بقر ولا شجر ، ولا شمس ولا قمر ، وكل عبادة لغير الله إنما هي من تزيين الشيطان عدو الإنسان ؛ ولذا نرى أول نداء يوجهه الله لرسله هو الأمر بعبادته ، وبيان أنه لا إله غيره ، ولا رب سواه ، اقرأ مثلا : قوله تعالى : اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .
هذه العبادة لله وحده هي العهد القديم الذي أخذه الله على بني الإنسان ، ورسخه في فطرهم البشرية ، وغرسه في طبائعهم الأصيلة ، منذ خلقهم وصورهم ، وجعلهم في أحسن تقويم ، وأوجد فيهم العقل الواعي ، الذي يتميزون به على سائر الكائنات ، وجعل كل ما حولهم من الآيات البينات دليلا قاطعا على وحدانيته سبحانه ، وإفراده بكامل العبودية ، وأخذ العهد عليهم حيث قال تعالى : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ .
ومن هنا نعلم أن كل عبادة لغير الله ، وإن ظهرت في صورة عبادة حجر ، أو شجر ، أو مدر ، أو هوى ، إنما هو من إيحاء الشيطان وتزيينه ووسوسته بشكل مباشر أو غير مباشر ، بغض النظر عن القالب الذي ظهرت فيه تلك العبادة ؛ ولذا نرى أن الله - تبارك وتعالى - قد أخذ العهد على بني آدم منذ أن كانوا في صلب أبيهم آدم .
هذا العهد بين الله وعباده ، هو الذي صوره القرآن في أروع صورة وبلاغة ، حين قال : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ .

فلا عجب أن يكون المقصود الأعظم من بعثة النبيين وإرسال المرسلين ، وإنزال الكتب المقدسة ، هو تذكير الناس بهذا العهد القديم ، وإزالة ما تراكم على معدن الفطرة من غبار الغفلة أو الوثنية ، أو التقليد الأعمى .
ولا عجب أن يكون النداء الأول لكل رسول : يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .
بهذا دعا قومه ، نوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وشعيب ، كل رسول بعث إلى قوم مكذبين ، قال تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .
وقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ، وقال تعالى بعد أن ذكر قصص طائفة كبيرة من الأنبياء : إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ، وكما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ .
وقد أمر الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال : وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ، أي الموت ، كما قال تعالى على لسان قوم : وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ وهو الموت ، فالتكليف بالعبادة لازم له حتى يلقى ربه .
ولم تسقط عنه بسمو الروح ، ولا بالاتصال القوي بالله كما يدعي غلاة الصوفية .
وقال تعالى في شأن عيسى ابن مريم الذي رفعه قومه إلى مرتبة الألوهية : لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا .
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا .
ويعرض لنا القرآن مشهدا من مشاهد يوم الحشر ، يسأل الله فيه المسيح - عليه الصلاة والسلام - عما نسبوه إليه وافتروه عليه ، فيجيب في أدب العبودية متبرئا مما صنعوا : وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .
فالأديان كلها دعوة إلى عبادة الله وحده ، والأنبياء جميعا أول العابدين لله ، فعبادة الله وحده هي - إذن مهمة الإنسان الأولى في الوجود كما بينت ذلك كل الرسالات ، قال تعالى : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ، فقد دلت الآية الكريمة وما في معناها على وحدة الهدف والعقيدة التي هي محور دعوة جميع الرسل من لدن نوح - عليه الصلاة والسلام - إلى خاتمهم وأفضلهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، الذي بعثه الله رحمة للعاملين ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ولينقذهم من أوحال الشرك وأدران الوثنية ، فكان بذلك نبراسا لأمة ينير لها الطريق ، ومشعلا : يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يترسمون تلك الخطى النبوية ، ويستلهمون سر وحدتهم من صفاء العقيدة الخالصة التي لم تشبها شائبة ؛ فأصبحوا بذلك سادة الدنيا ، وفتح الله لهم أبواب الخير من كل مكان ورفعوا راية التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها ، وكل عاقل يدرك أن هذا النصر المؤزر الذي حققه الله على أيديهم لم يكن وليد الصدفة ، ولم يكن بسبب كثرة العدد والعدة ، وإنما تحقق ذلك بسبب اعتمادهم على الله والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب المشروعة ، وبدئهم بالأهم قبل المهم ، وانطلاقهم في دعوتهم من تحقيق كلمتي التوحيد " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ؛ لأن ذلك هو الأساس الذي أمروا أن يبدءوا به ، قال تعالى : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وقال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وقال تعالى : قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وقال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
ومن السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس قال : لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى اليمن قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله . . . الحديث .
ومما يدل على أهمية العقيدة ، وكونها أساس كل عمل : تكفيرها للذنوب والكبائر إذا صدرت عن إخلاص وقوة إيمان ، يدل لذلك ما رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث صاحب البطاقة حيث ينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل من البصر ، ثم يؤتى ببطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة فتطيش السجلات ، وتثقل البطاقة .

وإذًا فتوحيد الله تعالى ، هو رأس الأمر كله ، والجسد لا يستقيم بلا رأس ، كما قال الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله .
وهذه نصوص صريحة دالة إلى وجوب البدء بالدعوة إلى توحيد الله تعالى ، قبل جميع التكاليف ؛ لأن قبول جميع التكاليف مرهون بتحقيق ذلك ، وهذا ما سار عليه السلف الصالح في دعوتهم ، مما حقق لهم النجاح في برهة وجيزة ، أذهلت العقول ، وتحطمت أمامها عروش الكفر والطغيان .
وقد استمر الأمر على هذا الحال ثم بدأ الانحراف بعد ذلك عن هذه الجادة بسب الانصراف عن الكتاب والسنة - اللذين يجب أن نأخذ العقيدة منهما - والاشتغال بالفلسفة والمنطق ، اللذين لم يستفد منهما المسلمون غير تخريب العقيدة ، والقيل والقال ، والجدل الذي لا طائل تحته ، ولا جدوى من ورائه ، حتى قال قائلهم :
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ************ سـوى أن جمعنـا فيـه قيـل وقالوا
الأمر الذي حدا بكثير من الناس إلى تعطيل صفات الله - عز وجل - ، أو تفويضها ، أو تأويلها ، أو تمثيلها ، وكذلك الحال في عبادة الله - عز وجل - حيث لم يقتصر الأمر على التقيد بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح في ذلك ، حتى أصبح الناس في العبادة نتيجة لجهلهم بما كان عليه السلف الصالح من صحة الاعتقاد ، أصبحوا ما بين مفرط ومفرط ، فالمفرطون أسرفوا في دعوى المحبة حتى أخرجهم ذلك إلى نوع من الرعونة والدعاوى التي تنافي العبودية ، وتثبت الربوبية أو شيئا منها لغير الله ، ومعلوم أن الرب والمعبود هو الله وحده ، ومع ذلك يدعي هؤلاء دعاوى تتجاوز حدود الأنبياء والمرسلين فضلا عن عامة الناس ، أو بطلب من غير الله ما لا يصلح بكل وجه إلا الله ، لا يصلح للأنبياء ولا للمرسلين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : وهذا باب وقع فيه كثير من الشيوخ ( يعني شيوخ المتصوفة ) وسببه : ضعف تحقيق العبودية التي بينها الرسل ، وحددها الأمر والنهي ، الذي جاءوا به ، بل ضعف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته .
وإذا ضعف العقل ، وقل العلم بالدين ، وفي النفس محبة طائشة جاهلة ، انبسطت النفس بحمقها في ذلك ، كما ينبسط الإنسان في محبة الإنسان مع حمقه وجهله ، ويكون سببا لبغض المحبوب له ، ونفوره منه ، بل سببا لعقوبته .
وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من أمور الجهل بالدين ، إما من تعدي حدود الله ، وإما من تضييع حقوق الله ، وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها ، كقول بعضهم : أي مريد لي ترك في النار أحدا فأنا بريء منه ، وقال الآخر : أي مريد لي ترك أحدا من المؤمنين يدخل النار فأنا منه بريء .
فالأول : جعل مريده يخرج كل من في النار .
والثاني : جعل مريده يمنع أهل الكبائر من دخول النار .
ويقول بعضهم : إذا كان يوم القيامة نصبت خيمتي على جهنم ، حتى لا يدخلها أحد ، وأمثال ذلك من الأقوال التي تؤثر عن بعض المشايخ المشهورين ، وهي إما كذب عليهم ، وإما غلط منهم " . اهـ .
وإذا كانت هذه المقالات الإلحادية قد وجدت في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية وقبله ، فإن في عصرنا من الدعاوى التي تبلغ حد التأليه ، ما هو أدهى وأمر .

من ذلك قول أحد زعماء الطرق الصوفية المعاصرين ، قد خصني بالفضل والتشريف أن قلت : كن يكن بلا تسويف ، ويدعي هذا الكذاب الأشر أن رجلا نصرانيا دخل الجنة بسبب أنه عاشر امرأة من أتباع ذلك الشيخ معاشرة غير شرعية ، مع أن المرأة التي عاشرها كما يقول ليست ملتزمة - كما يقول - بالطريقة ، ولكنه دخل الجنة ببركة شيخ الطريقة التي تنتمي إليها هذه المرأة ، ويقول أحد الأفاكين من هؤلاء : إن من ضرورات مذهبهم أن لأئمتهم درجة لا يبلغها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلى غير ذلك من المقالات الكفرية والإلحادية ، القديمة والحديثة ، والتي لا تكاد تعد ولا تحصى .
ترى ماذا ترك هؤلاء الملاحدة من العبودية ، إذا ادعوا بلوغ مثل هذه المراتب ، وإذا سئلوا عن تفسير هذه الترهات ، ادعوا أنهم كانوا في حالة سكر بحب الإله ، قال
الشاعر في التهكم بهم ووصف أحوالهم التي يزعمون أنها عبادة :
ألا قــل لهــم قـول عبـد نصـوح ********* وحق النصيحة أن تستمع
متـى علـم النـاس في ديننا ******* بــــأن الغنــــا ســــنة تتبــــع
وأن يــأكل المـرأ أكـل الحمـار ******* ويرقص في الجمع حتى يقع
وقـــالوا : ســكرنا بحــب الإلــه ******* ومــا أسـكر القـوم إلا القصـع
كـــذاك البهــائم إن أشــبعت ******* يرقصهـــــا ربهـــــا والشــــبع
ويســـكره النـــاي ثــم الغنــا *******ويس لــو تليــت مــا انصــدع
فيـــا للعقـــول ويـــا للنهـــى *******ألا منكــــر منكمــــو للبــــدع
تهــان مســاجدنا بالســماع *******وتكــرم عــن مثـل ذاك البيـع
وقال آخر :
تلــي الكتــاب فـأطرقوا ******** لا خيفـة لكنــــه إطــــراق ســــاهٍ لاهـــي
وأتــى الغنـاء فكـالحمير تنـاهقوا ******** واللـــه مـــا رقصـــوا لأجـــل اللـــه
دف ومزمـــــار ونغمــــة شــــادن******* فمتــى رأيــت عبــادة بملاهــي
ثقـــل الكتــاب عليهــم لمــا رأوا ******** تقييــــــده بــــــأوامر ونــــــواهي
سـمعوا لـه رعـدا وبرقـا إذ حـوى******** زجـــرا وتخويفــا بفعــل منــاهي
ورأوه أعظــم قـاطع للنفس عـن شــهواتها يــا ذبحهـا المتنـاهي
وأتـى السـماع موافقـا أغراضهـا فلأجــل ذاك غــدا عظيــم الجـاه
أيـن المسـاعد للهوى من قاطع أسـبابه عنـد الجـهول السـاهي
إن لـم يكـن خـمر الجسـوم فإنه خــمر العقـول ممـاثل ومضـاهي
فـانظر إلى النشوان عند شرابه وانظر إلى النشوان عند ملاهي
وانظــر إلــى تمــزيق ذا أتــوا بـه مـن بعـد تمـزيق الفـؤاد اللاهي
واحـكم فـأي الخمرتين أحق بال تحــــريم والتــــأثيم عنــــد اللـــه

وما وصفه الشاعر من أحوال هؤلاء الناس يعطي صورة حقيقية عن مدى الانحراف الذي وقعوا فيه حيث بلغ بهم الحال إلى اعتبار الرقص والغناء عبادة تقربهم إلى الله بدعوى أن تلك الرقصات والأنغام الصوفية ، إنما هي نابعة من قلب مفعم بالمحبة ، فجعلوا محبتهم للخالق مشابهة لمحبة المخلوق من وجود العتاب والعذل واللوم والغرم ، ونحو ذلك مما يجب أن ينزه الله عنه ؛ لأنه لا يليق بجلال الله وعظمته .
ولكن الدليل والبرهان على محبة القلب الله وخضوعه له إنما يتجسد في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ، فلا يكون محبا لله إلا من يتبع رسوله .
وطاعة الرسول ، ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية .
وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسنته - صلى الله عليه وسلم - ، ويدعي من الحالات ما لا يتسع هذا الموضع لذكره ، حتى قد يظن أحدهم سقوط الأمر ، وتحليل الحرام له ، وغير ذلك مما فيه مخالفة لشريعة الرسول وسنته وطاعته .
بل قد جعل الله أساس محبته ومحبة رسوله ، الجهاد في سبيله ، والجهاد يتضمن كمال محبة ما أمر الله به ، وكمال بغض ما نهى الله عنه ؛ ولهذا قال في صفة من يحبهم ويحبونه : أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، ولهذا كانت محبة هذه الأمة الله أكمل من محبة من قبلها ، وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم وأكمل ، هذه الأمة في ذلك هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن كان بهم أشبه كان ذلك فيه أكمل .
" هذا صنف " .
والصنف الثاني وهم المفرطون وهم العصاة أو الذين غلطوا في فهم حقيقة العبادة ، وهم الذين ظنوا أن المحبة تنافي أدب العبودية ، ولا تصاحب خشية الله ومخافته التي يجب أن يتصف بها كل عبد لله ، كما ظن أن المحبة لا تتحقق من المخلوق للخالق ، وإنما المطلوب منه الطاعة والخضوع فقط .
ولذا نجد بعضهم يقول " اللهم إني أعبدك لا طمعا في ثوابك ولا خوفا من عقابك " ، فانظر يا أخي المسلم ، كيف فصلوا بين العبادة وبين الخوف والخشية ، والمحبة والرجاء .

والحقيقة أن المحبة لا تنافي الخشية ، والمخافة بل الخوف لازم للمحبة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إذ ليس عند القلب السليم أحلى ولا ألذ ، ولا أطيب ولا أسر ولا أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله ، ومحبته له ، وإخلاص الدين له " .
وذلك يقتضي انجذاب القلب إلى الله ، فيصير القلب منيبا إلى الله خائفا منه ، راغبا راهبا ، كما قال تعالى : مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ، إذ المحب يخاف من زوال مطلوبه أو عدم حصول مرغوبه ، فلا يكون عبد الله ومحبه ، إلا بين خوف ورجاء ، كما قال تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا .
فقد دلت الآية الكريمة على أن كل عبد مخلص لله لا بد أن يكون مع عبادته بين الخوف والرجاء ، وقد نص العلماء - رحمهم الله - على أنه ينبغي للمسلم أن يغلب جانب الخوف في الصحة حتى لا يأمن من مكر الله ، وأن يغلب جانب الرجاء في المرض حتى لا ييأس من روح الله ، والآية الكريمة نزلت في أناس من الإنس كانوا يعبدون نفرا من الجن ، فأسلم الجن ، وبقي الإنس على عبادتهم إياهم ، فأخبر الله تعالى ، أن هؤلاء المدعوين يطلبون القربة إلى الله - عز وجل - بالعمل بما يرضيه ، خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه ، وهذا ينطبق على كل من يدعو غير الله في الوقت الذي يكون المدعوون أحوج ما يكون إلى عبادة الله ، كما يقال : ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ، ومع ذلك نجد كثيرا ممن انتكست فطرتهم ، يعكف عند ميت في قبره ، يطلب منه قضاء الحاجات ، وتفرج الكربات ، ويزعم أنه يعلم الغيب ، ويعطي الولد ، وغير ذلك ، مما لا يقدر عليه إلا الله .
ولا نكاد نجد بلدا من بلاد الإسلام ، إلا وفيه أنماط من هذه الطقوس التي حالت بين الناس ، وبين فهم العقيدة الصحيحة ، ومن هنا تبدو الحاجة ملحة إلى بيان تلك العقيدة الصافية الخالصة ، التي ترتكز على نصوص الوحيين الكتاب والسنة .
فالإنسان في كل زمان ومكان ، في حاجة ماسة إلى عقيدة تحدد له غايته ، وتوضح
له منهجه الذي يسير عليه ؛ لتحقيق هذه الغاية ، ولكنه عندما تنتكس فطرته ، وتطول غفلته ، وينقلب فهمه ، حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن ، عندها تتحول عقيدته إلى حجر يقدسه ، أو شجر يعظمه ، أو شمس تضيء نهاره ، أو قمر ينير ليله ، أو بحر تتلاطم أمواجه ، أو نار تتلظى ، أو حيوان يهابه ، أو إنسان يكبر في نفسه ، أو أي مخلوق يرى له فضلا عليه من ملك أو جني ، أو نبي ، أو ولي ، ميت أو حي ، فيتعلق من ذلك كله بما هو أوهن من خيوط بيت العنكبوت .
قال تعالى : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ .
وقد يكون ذلك منه لمجرد التقليد من غير وعي أو تفكير : وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ .
وقد لا يكون الانحراف في العقيدة ، باتباع الهوى الذي ذمه الله في غير ما آية ، فمن كتابه العزيز .
قال تعالى : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ .
وقال تعالى : إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى .
وفي هذا العصر الذي ادلهمت فيه الظلمات ، وانقلبت فيه الحقائق ، وتغيرت فيه المفاهيم ، يتساءل الفرد المسلم عن طريق الخلاص يتساءل وهو حائر بين هذه الجماعات المتصارعة ، والأحزاب المتناحرة ، والدعوات المتفرقة ذات المناهج المختلفة التي تدعي لنفسها السير على المنهج الصحيح .

وكلٌ يدعي وصلًا لليلى وليلـى لا تقر لهم بذاك
وهذه الدعوات لا يخلو أمرها من حالين :
إحداهما : الخطأ في المنهج والسلوك .
كمناهج الطرق الصوفية التي ذكرنا فيما سبق بعض مقالاتهم الإلحادية التي لا تمت إلى الدين بصلة بل صرفت اتباعها عن الاعتماد على الكتاب والسنة اللذين هما مصدر شريعة الإسلام ، والحال الثانية ، الخطأ في الفكر . كمثل جماعات الدعوة الإسلامية المعاصرة ، والتي تنطلق في دعواتها من منطلق حزبي ضيق .
الأمر الذي بعد بهم عن منهج السلف الصالح ، إذ أن هذه الجماعات لم تؤسس بناء دعوتها على توحيد الباري - جل وعلا - والعقيدة السلفية الصافية من الشوائب .
فإن من تأثر بتلك الدعوات إن كان من أهل العقيدة أصلا لا يكون ولاؤه لها ، ولا يكون فكره متفقا معها ، بسبب سيطرة هذه المناهج على أفكاره ، حتى ماتت العقيدة في نفسه ؛ فأصبح لا يدعو لها ، وإن كان يعتقدها ، لكنه بعد عنها تحت تأثير المنهج الحزبي ؛ لأنه يوالي ويعادي على ذلك الفكر الضيق ، الذي بني على غير أسس سليمة ، فلا يكون للعقيدة مكان ولا مجال في التطبيق العملي ، ولا تعطي ثمراتها الطيبة اليانعة ، فهي لا تفيد معتقدها ؛ لأنها قد فقدت روحها ، فأصبحت بلا روح ، كالجذوة التي استترت وانغمرت تحت الرماد .
وخطورة هذا الأمر لا تقل عن الجهل بالعقيدة ، فإن من يعرف العقيدة ولا يدعو إليها ، هو كالجاهل بها سواء بسواء ، وهؤلاء إنما أصيبوا بالخرس عن الدعوة إلى العقيدة بدعوى أن ذلك يفرق الأمة ، ويمزق كيانها ؛ لأنهم يريدون أن يجمعوا تحت لوائهم من هب ودب ، لا فرق في ذلك عندهم بين ملتزم بالعقيدة الصحيحة وغيره .
إذ أن الهدف الذي يقصدونه هو مجرد الجمع دون تمييز ، وهذا منهج بلا شك سينتهي بأصحابه إلى الفشل الذريع ؛ نظرا لكونه قد بني على غير أسس سليمة ، وذلك أن أصحاب هذا المسلك أتوا من عدم الفهم والإدراك الصحيح ، حيث لم يفرقوا في الدعوة ، بين الأصول والفروع .
فتراهم يبدءون بالدعوة إلى بعض الفروع ، ويزعمون أنه متى أقيم هذا الفرع ، فإنه سوف يوجد الأصل تلقائيا ؛ ولذا نرى كثيرا منهم يهتمون بالجانب السياسي ، بدعوى أنه متى وجدت الدولة التي ينشدونها عند ذلك تصلح العقيدة وغيرها ، مما فسد من أحوال المسلمين ، وهذا تصور غير صحيح ؛ لأن صاحب هذا التصور ذكر شيئا ، وغابت عنه أشياء .
هذا على فرض أن صاحب هذا الفكر حسن النية ، بيد أننا نشك في حسن نيته ، وإنما يروج بذلك على أولئك الذين لا رسوخ لهم في فهم العقيدة مستغلا عواطفهم نحوها ، لكنه ينوي خلاف ذلك ؛ لأنه ليس من أهل العقيدة ولا أدل على ذلك من كونه يدعي أن الدعوة إلى العقيدة تفرق الأمة كما أسلفنا .
نعم الإسلام دين ودولة ، وعقيدة وشريعة ، ولكن يجب أن نأخذه كوحدة متكاملة بحيث ينطلق في سياسته ، وجميع أموره من العقيدة الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة ، وهما كفيلان ببيان منهج الدعوة الإسلامية كما فصلنا ذلك فيما تقدم .
لا بمجرد الدعاية والأناشيد الحماسية والهتافات ، والشعارات الجوفاء التي لم يستفد منها المسلمون سوى القضاء على الدعوة وأهلها في كثير من البلاد ، حيث يهيجون الشباب المسلم ، ويلهبون حماسه ويستثيرونه ، إلى أن يثور ويتحرك فيقع في أيدي الطغاة الظلمة أعداء الإسلام والمسلمين ؛ فيقضون على هؤلاء الشباب ، ويهدرون هذه الطاقة نتيجة لذلك المسلك الخاطئ ، الذي تسلكه تلك الجماعات في دعوتها ، وإذا أردنا أن يتحقق للمسلمين ، ما يصبون إليه ، وما يتطلعون إليه ، من العودة بالمسلمين إلى الإسلام الصحيح ، فعلينا أن نسلك بهم طريق التعليم والتربية ، وتفقيه الشباب المسلم الشوائب التي علقت بالدين ودعوته ، وتلك الرواسب التي أكل عليها الدهر وشرب ، والتي

انحرفت بالمسلمين عن الجادة الصحيحة التي رسمها لهم الله - عز وجل - في كتابه المبين ، وبينها رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في سنته المطهرة ، ولنا أسوة حسنة في أولئك الدعاة المصلحين الذين أسسوا دعوتهم على عقيدة الإسلام ، وبدءوا بتطهيرها من شوائب الشرك والخرافات .
الأمر الذي تحقق بسببه رفع راية التوحيد خفاقة في ربوع الجزيرة العربية ، بعد أن ران عليها الجهل ، وخيم عليها الظلام عدة قرون ، وعاد كثير من الناس إلى الشرك والخرافات ، فانقشع ذلك الجهل ، وتحول ذلك الظلام إلى نور ، على يد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، الذي بدأ بتعليم الناس العقيدة الصحيحة ، وقامت بفضل هذه العقيدة دولة التوحيد ، منذ أن قام الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - مؤسس هذه الدولة المباركة بتبني هذه الدعوة الطيبة ، فكتب الله لها بذلك النصر والبقاء ، وزالت مظاهر الشرك والوثنية في برهة وجيزة ، وهي لم تكن لتزول ، لو لم تنطلق هذه الدعوة من روح العقيدة .
ولست مبالغا حينما أذكر هذه الحقيقة ، فإنها حقيقة يسلم بها الأعداء فضلا عن الأصدقاء ، والحق ما شهدت به الأعداء .
وخلاصة القول : إنه لا صلاح لنا ولا فلاح ، ولا نجاح لدعوتنا ، إلا إذا بدأنا بالأهم قبل المهم ، وذلك بأن ننطلق في دعوتنا من عقيدة التوحيد ، نبني عليها سياستنا ، وأحكامنا ، وأخلاقنا ، وآدابنا ، ننطلق في كل ذلك من هدي الكتاب ، والسنة ، بلا إفراط ، ولا تفريط ، ذلكم هو الصراط المستقيم ، والمنهج القويم ، الذي أمرنا الله تعالى ، بسلوكه ، فقال : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقال تعالى : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وقال رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - : تركت فيكم أمرين ، لن تضلوا بعدي ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتي .
ويقول الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - : لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، اللهم إنا نسألك أن ترد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا ، ونسألك أن ترينا الحق حقا وترزقنا اتباعه ، والباطل باطلا وترزقنا اجتنابه ، وأن لا تجعله ملتبسا علينا فنضل إنك ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .


وهل أضفت شيئا أخي بكل هذا النقل ؟
كفانا نسخا ولصقا

الحضني28
2012-07-17, 08:16
منهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة يقوم على القواعد التالية
- حصر الاستدلال في الدليل الشرعي ( الوحي ) في الدين .
2- مراعاة قواعد الاستدلال ، فلا يضربون الأدلة الشرعية بعضها ببعض ، بل يردون المتشابه إلى المحكم ، والمجمل إلى المبين ، ويجمعون بين نصوص الوعد والوعيد والنفي والإثبات ، والعموم والخصوص ، ويقولون بالنسخ في الأحكام ونحو ذلك .
3- يعملون بكل ما صح من الأدلة الشرعية دون تفريق بين آحاد وغيره .
4- يعتمدون تفسير القرآن بالقرآن ، والقرآن بالسنة والعكس ، ويعتمدون معاني لغة العرب ولسانهم ؛ لأنها لغة القرآن والسنة ، ويردون ما يخالف ذلك .
5- يعتمدون تفسير الصحابة ، وفهمهم للنصوص وأقوالهم وأعمالهم وآثارهم ؛ لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة وأزكاها ، وعاشوا وقت تنزل الوحي وأعلم باللغة ومقاصد الشرع ، ثم آثار السلف الصالح أئمة الهدى الذين هم بهم مقتدون .
6- ما بلغهم وعلموه من الدين عملوا به ، وما اشتبه عليهم علمه ، أو علم كيفيته ، ( كبعض نصوص الغيبيات والقدر ) يسلمون به ويردون علمه إلى الله – سبحانه وتعالى – ولا يخوضون فيه .
7- يتجنبون الألفاظ البدعية في العقيدة ( كالجوهر والعرض والجسم ) لاحتمالها للخطأ والصواب ؛ ولأن في ألفاظ الشرع غنى وكمالاً .
8- يتجنبون المراء والخصومات في الدين ، ولا يجادلون إلا بالتي هي أحسن .
9- ينفون التعارض بين العقل السليم والفطرة وبين نصوص الشرع ، وبين الحقيقة والشريعة وبين القدر والشرع ، وما يتوهمه أهل الأهواء من التعارض بين العقل والنقل فهو من عجز عقولهم وقصورها .
10- يتجنبون التأويل في العقيدة والغيبيات – بغير دليل شرعي صريح – لأنه قول على الله بغير علم ؛ ولأن مسائل العقيدة والغيبيات توقيفية لا مجال للرأي ولا للعقل فيها ولا تدرك بالعلوم الحسية .
11- يعنون بالإسناد وثقة الرواة وعدالتهم لحفظ الدين .



كل ماقلته وضعه بشر قذ يصيب وقد يخطئ

معلني الشوق
2012-07-17, 08:59
جزيتم خيرا على الموضوع القييم

أبو هاجر القحطاني
2012-07-20, 16:38
جزيتم خيرا على الموضوع القييم
واياكم ان شاء الله

أبو هاجر القحطاني
2013-03-02, 02:49
يرفع للأهمية البالغة

أنين المذنبين
2013-03-02, 07:05
جزاك الله خيرا

hassene96
2013-06-26, 15:55
.......السلام عليكم .......
...........موضوع رائع...........
........بارك الله فيك و جزاك خيرا........

الهمــام
2013-06-26, 16:03
بارك الله فيك اخي

zina zizi
2013-06-26, 18:46
جزاك الله خيرا

زموري 34 وأفتخر
2013-06-26, 19:09
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/rd/0012.gif (http://forum.tawwat.com/images-topics/replies.htm)

http://forum.tawwat.com/images-topics/images/rd/0028.gif (http://forum.tawwat.com/images-topics/replies.htm)

http://forum.tawwat.com/images-topics/images/rd/0029.gif (http://forum.tawwat.com/images-topics/replies.htm)

ibra34
2013-06-26, 21:47
لقد كان علماء يستخدمون مصطلح الوهابية، كبن باديس و البشير الإبراهيمي فقد كتب الشيخ عبد الحميد ابن باديس - رحمه الله - سلسلة مقالات بعنوان من هم الوهابيون ؟ ما هي حكومتهم ؟ ما هي غايتهم السياسية ؟ ما هو مذهبهم ؟ "ينظر آثار بن باديس

عبدون جمال
2013-06-26, 21:58
سلفية او وهابية في النهاية كلها هراااااااااااء .فلا مذهبية ولا طائفية في الاسلام
وفي لنهاية لكل هذه الهراطق نتيجة واحدة هي بكل وضوح القتل

sbmwhadz
2013-07-22, 19:49
سلفية او وهابية في النهاية كلها هراااااااااااء .فلا مذهبية ولا طائفية في الاسلام
وفي لنهاية لكل هذه الهراطق نتيجة واحدة هي بكل وضوح القتل

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الرد على من يرفض أن يقول: أنا سلفي خشية التفرقة
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (رحمه الله)


السؤال :
بعض إخواننا الدعاة يقول: أنا أرفض أن أقول: أنا سلفي، خشية أن الناس تنظر إلي نظرة حزبية، فهل هذا الكلام صحيح أم أن عليَّ أن أبين للناس السلفية؟


الجواب
:
جرت مناقشة بيني وبين أحد الكُّتاب الإسلاميين الذين هم معنا على الكتاب والسنة، أرجو من إخواننا طلاب العلم أن يحفظوا هذه المناقشة؛ لأن ثمرتها مهمة جداً. قلت له: إذا سألك سائل: ما مذهبك؟ ما هو جوابك؟ قال: مسلم. قلت: هذا الجواب خطأ. قال: لم؟ قلت: لو سألك سائل: ما دينك؟ قال: مسلم. فقلت: أنا ما سألتك أولاً ما دينك؟ أنا سألتك ما مذهبك؟ وأنت تعلم أن في الأرض الإسلامية اليوم مذاهب كثيرة وكثيرة جداً، أنت معنا في الحكم على بعضها بأنها ليست من الإسلام في شيء إطلاقاً، كـالدروز مثلاً: والإسماعيلية، والعلوية ونحوهم، مع ذلك فهم يقولون: نحن مسلمون، وهناك طوائف أخرى قد لا نقول: إنها خرجت من الإسلام، وإنما لا شك أنها تكون من الطوائف الضالة التي خرجت في مسائل كثيرة عن الكتاب والسنة، كـالمعتزلة، والخوارج والمرجئة والجبرية ونحو ذلك، ما رأيك أهذا موجود عندك اليوم أم لا؟ قال: نعم. قلت: فإذا سألنا شخصاً من هؤلاء الأشخاص: ما مذهبك؟ سيقول قولك متحفظاً: مسلم، فأنت مسلم وهو مسلم، إذاً نحن نريد أن توضح في جوابك عن مذهبك بعد إسلامك ودينك؟ قال: إذاً أنا مذهبي الكتاب والسنة. قلت: أيضاً هذا الجواب لا يكفي. قال: لم؟ قلت: لأن من ذكرناهم يقولون عن أنفسهم أنهم مسلمون، ولا أحد منهم يقول: أنا لست على الكتاب والسنة، فمثلاً: هل الشيعة يقولون: نحن ضد الكتاب والسنة؟ بل يقولون: نحن على الكتاب والسنة، وأنتم منحرفون عن الكتاب والسنة، فلا يكفي يا أستاذ أن تقول: أنا مسلم على الكتاب والسنة، فلا بد من ضميمة أخرى، فما رأيك: هل يجوز أن نفهم الكتاب والسنة فهماً جديداً، أم لابد أن نلتزم في فهم الكتاب والسنة ما كان عليه السلف الصالح؟ قال: لا بد من ذلك. قلت: هل أنت تعتقد أن أصحاب المذاهب الأخرى -من كان خارجاً عن الإسلام، ويدعي الإسلام ومن كان لا يزال في دائرة الإسلام لكنه ظل عن بعض أحكامه- هل تعتقد أنهم يقولون معك ومعي: نحن على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح؟ قال: لا. لا يشتركون معنا. قلت: إذاً أنت لا يكفي أن تقول: أنا على الكتاب وعلى السنة، لابد من ضميمة أخرى. قال: نعم. قلت: إذاً ستقول: على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح . والآن نأتي إلى بيت القصيد، قلت له وهو رجل أديب وكاتب: هل توجد كلمة واحدة في اللغة العربية تجمع لنا إشارة إلى هذه الكلمات كلها: مسلم، على الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح، مثلاً: أنا سلفي؟ قال: هو كذلك. وأسقط في يده، هذا هو الجواب، فإذا أحد أنكر عليك فقل لـه هذا الكلام الذي ذكرناه: وأنت ماذا؟ سيقول لك: مسلم، وأكمل بقية المناقشة معه. وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=109241