بن حجوجة
2012-07-04, 17:36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا عسانا أن نقول في خمسينية الاستقلال والمشعل لم يسلم إلى حد الآن إلى جيل الاستقلال، الشيوخ عندنا لم يهرموا بعد ولا زالوا يكفرون بكل قوانين البيولوجيا وبنواميس التداول التي قد تحيلهم إلى الراحة، بل نحن أجيال الاستقلال الذين هرمنا.. هرمنا من تلك الممارسات البائدة. الرئيس بوتفليقة اعترف قبيل انتخابات ماي 2012 بأنه لم يعد يوجد مبرر الآن أمام إصرار الشيوخ على البقاء والاستمرار في إدارة شؤون الحكم، حيث قال في ولاية سطيف بملء فيه: ''طاب جناننا..'' في إشارة منه إلى أنه حان الوقت لتسليم المشعل (الذي تعطل نصف قرن) إلى الكفاءات والمهارات الجزائرية الشابة المعطلة عن المساهمة في بناء الوطن، لكن للأسف أثبتت طريقة تنظيم الانتخابات ونتائجها عكس ذلك، وهو ما يشهد عليه تقرير اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية التي أكدت أن هذه الانتخابات لم تمر في ظروف طبيعية. وبسبب هذه الممارسات غير المسؤولة والمتكررة وغير المتبصرة بالعواقب، ضاعت منا فرصة ثمينة للتغيير السلمي والديمقراطي في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم العربي والعالم ككل. كأن الجزائر بخير وفي حاجة فقط إلى استمرارية كما يتشدق بذلك صباح مساء رجالات النظام والحكم عندنا الذين يأكلون في الغلة وينعمون بالرفاه، بينما أغلبية الشعب فليذهبوا إلى الجحيم، ومن يقول غير ذلك يتهم بالنكران بل يصل حتى إلى الإدانة بالتخوين، وهذا ما يحيل دائما إلى طرح السؤال التقليدي من يحكم من؟ لأن حصان من يديرون شؤون الحكم لا يجر عربة المحكومين، بل هو جاثم خلفها ولا يقوى على الحركة. سمعت الكثير من أبناء هذا الشعب ممن لم تتوافر لهم فرص الرحيل إلى الضفة الأخرى في أوروبا أو إلى أي منطقة أخرى في العالم يكرر مقولة ''لو بقيت فرنسا في الجزائر لكان حالنا أفضل بكثير مما هو عليه الآن''، لكن بالرغم من تحفظي على هكذا مقولات التي من الممكن أن تصب في أخطر أنواع الخيانة الرمزية للوطن، إلا أن محاولة تفسيرها أو تأويلها بهدوء وبعيدا عن الحماسة المفرطة يمكن أن تحيلنا إلى حالة مزمنة من فقدان الثقة وتفاقم درجة خيبة المحكومين ممن يديرون شؤونهم، لا تحتاج حبوب مهدئة أو أقراص الهلوسة كما يسميها معمر القذافي بقدر ما هي في حاجة مستعجلة إلى عمليات جراحية عميقة وجوهرية.
نصف قرن من احتكار الأقلية الحاكمة للسلطة والثروات الريعية، والتضييق على الحريات، وخنق مساحات الرأي والتفكير الحر والإبداع، وسيادة الأحادية والخطاب الشعبوي والقبلية، والإقصاء والتعسف والتصلب البيروقراطي، وفقدان الثقة والمصداقية في مؤسسات الدولة، وتدهور سلم قيم المجتمع. خمسون سنة مضت ولازالت الطبقة الحاكمة التي بلغت من الكبر عتيّا تقوم بعمليات تجميلية علها تخفي وهنها وعجزها المكشوف، في الوقت الذي تخشى أن تضع مسيرتها وحصيلتها في الحكم أمام مرآة الحقيقة، هذا الرهاب لازم كل الحكومات المتعاقبة وجل الرؤساء الذين اختارهم النظام في الجزائر. الخوف المرضي من مجهر التقييم يرهن مستقبل التنمية في الجزائر، ويعطل كل إمكانية اختبار وامتحان التجارب على مدار نصف قرن مضى (أو أكثر) للتعلم من الأخطاء والاستفادة من الفشل في النهوض والانطلاق في تجربة التحديث .
ماذا عسانا أن نقول في خمسينية الاستقلال والمشعل لم يسلم إلى حد الآن إلى جيل الاستقلال، الشيوخ عندنا لم يهرموا بعد ولا زالوا يكفرون بكل قوانين البيولوجيا وبنواميس التداول التي قد تحيلهم إلى الراحة، بل نحن أجيال الاستقلال الذين هرمنا.. هرمنا من تلك الممارسات البائدة. الرئيس بوتفليقة اعترف قبيل انتخابات ماي 2012 بأنه لم يعد يوجد مبرر الآن أمام إصرار الشيوخ على البقاء والاستمرار في إدارة شؤون الحكم، حيث قال في ولاية سطيف بملء فيه: ''طاب جناننا..'' في إشارة منه إلى أنه حان الوقت لتسليم المشعل (الذي تعطل نصف قرن) إلى الكفاءات والمهارات الجزائرية الشابة المعطلة عن المساهمة في بناء الوطن، لكن للأسف أثبتت طريقة تنظيم الانتخابات ونتائجها عكس ذلك، وهو ما يشهد عليه تقرير اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية التي أكدت أن هذه الانتخابات لم تمر في ظروف طبيعية. وبسبب هذه الممارسات غير المسؤولة والمتكررة وغير المتبصرة بالعواقب، ضاعت منا فرصة ثمينة للتغيير السلمي والديمقراطي في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم العربي والعالم ككل. كأن الجزائر بخير وفي حاجة فقط إلى استمرارية كما يتشدق بذلك صباح مساء رجالات النظام والحكم عندنا الذين يأكلون في الغلة وينعمون بالرفاه، بينما أغلبية الشعب فليذهبوا إلى الجحيم، ومن يقول غير ذلك يتهم بالنكران بل يصل حتى إلى الإدانة بالتخوين، وهذا ما يحيل دائما إلى طرح السؤال التقليدي من يحكم من؟ لأن حصان من يديرون شؤون الحكم لا يجر عربة المحكومين، بل هو جاثم خلفها ولا يقوى على الحركة. سمعت الكثير من أبناء هذا الشعب ممن لم تتوافر لهم فرص الرحيل إلى الضفة الأخرى في أوروبا أو إلى أي منطقة أخرى في العالم يكرر مقولة ''لو بقيت فرنسا في الجزائر لكان حالنا أفضل بكثير مما هو عليه الآن''، لكن بالرغم من تحفظي على هكذا مقولات التي من الممكن أن تصب في أخطر أنواع الخيانة الرمزية للوطن، إلا أن محاولة تفسيرها أو تأويلها بهدوء وبعيدا عن الحماسة المفرطة يمكن أن تحيلنا إلى حالة مزمنة من فقدان الثقة وتفاقم درجة خيبة المحكومين ممن يديرون شؤونهم، لا تحتاج حبوب مهدئة أو أقراص الهلوسة كما يسميها معمر القذافي بقدر ما هي في حاجة مستعجلة إلى عمليات جراحية عميقة وجوهرية.
نصف قرن من احتكار الأقلية الحاكمة للسلطة والثروات الريعية، والتضييق على الحريات، وخنق مساحات الرأي والتفكير الحر والإبداع، وسيادة الأحادية والخطاب الشعبوي والقبلية، والإقصاء والتعسف والتصلب البيروقراطي، وفقدان الثقة والمصداقية في مؤسسات الدولة، وتدهور سلم قيم المجتمع. خمسون سنة مضت ولازالت الطبقة الحاكمة التي بلغت من الكبر عتيّا تقوم بعمليات تجميلية علها تخفي وهنها وعجزها المكشوف، في الوقت الذي تخشى أن تضع مسيرتها وحصيلتها في الحكم أمام مرآة الحقيقة، هذا الرهاب لازم كل الحكومات المتعاقبة وجل الرؤساء الذين اختارهم النظام في الجزائر. الخوف المرضي من مجهر التقييم يرهن مستقبل التنمية في الجزائر، ويعطل كل إمكانية اختبار وامتحان التجارب على مدار نصف قرن مضى (أو أكثر) للتعلم من الأخطاء والاستفادة من الفشل في النهوض والانطلاق في تجربة التحديث .