الاخ رضا
2012-07-03, 08:32
http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=604:2009-12-10-22-41-36&catid=18&Itemid=176
أكاذيب العصر
للشيخ بدر الدين صاري الجزائري حفظه الله.
الحلقة الأولى: أكذوبة الحوار
من أكبر الأكاذيب في هذا العصر..كذبة " الحوار" التي أضحت مثل القناع الذي يختفي من ورائه اللصوص والمجرمون .. فلم نسمع في عصر من العصور التشدق بالحوار سماعنا له هذا العصر، وكل يدعي وصلا به، ويجعله منهج حياته في الظاهر وأمام العالم، ولكنه إذا وقف أمام الخصم، ساءت أخلاقه، وبطشت يده، وفحش لسانه، وتحول إلى سبع من السباع، ينتهك كل كرامة، ويتعد كل الحدود، ثم يقول لخصمه متشدقا بملء فيه : "نحن دعاة حوار" هذه هي أكذوبة العصر..
وإذا شئت أن تتأكد من هذه الحقيقة فانظر إلى الردود التي يكتبها أمثال هؤلاء في الجرائد والمجلات وعلى صفحات الشبكات العنكبوتية،وغيرها من وسائل الإعلام على مخالفيهم وخصومهم، لتعلم أن الكذب صار شيئا لا يستحيى منه.. وهذا ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه (( سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصَدَّق فيها الكاذب و يُكَذَّب فيها الصادق و يُؤْتَمَن فيها الخائن و يُخَوَّن فيها الأمين و يَنطق فيها الرُّوَيْبِضَة قيل : و ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة )) ( رواه ابن ماجه وأحمد ) وإليك أخي القارئ نماذج وصورا من "أكذوبة الحوار" التي هي إحدى الأكاذيب العصرية:
الصورة الأولى : سبُّ العلماء والطعن في الفضلاء
- ألم تسمع بذلك "الكاتب" ومن في فلكه وعلى طريقته يدور..الذي سخر قلمه للطعن في علماء المسلمين والتشغيب عليهم وتنفير الناس منهم، وكيْل التهم لهم، فمرة يصفهم بالمجسمة وأخرى بالحشوية، ولا نراه إلا منقبا في صفحات التاريخ السوداء، وباحثا عن الأسانيد المظلمة، ينسج بها خيوط الكذب، ويصوغ منها الزور والبهتان، وكأن الأمة ليس لها تاريخ مشرق، ولا وجه مضيئ.. وكأن الأمة المسلمة لم تعش إلا في المستنقعات الآسنة، ولم تتعطر إلا بالروائح الكريهة، لكي ينفض عنها - أمثال هؤلاء- الغبار ويزيحوا عنها الستار.. فأين لغة الحوار؟ ومن هؤلاء؟ أأبرار هم أم فجار!! ولأمثال هؤلاء أسوق لهم ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل في الحديث القدسي ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب..)) وأذكرهم بقول القائل (لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في منتهكم معلومة)
حادثة وعبرة : يقولون ما لا يفعلون
وما زلت أذكر تلك الحادثة العجيبة التي وقعت لي منذ سنوات مع أمثال هؤلاء حيث استدعيت إلى محاضرة يلقيها دكتور كبير وصاحب اسم لامع من أسماء المفكرين، وقد أزبد المحاضر وأرغى وكال التهم وألصق الأكاذيب بشيخ الإسلام ابن تيمية، والألباني وابن باز وغيرهم، وكان ينقل كلام العلماء من غير عزو ولا يشير إلى أي مصدر، بل ويصيغ كلامهم بأسلوبه الخاص، وهو أمام جمع من الدكاترة والمثقفين، ومما قال هذا المحاضر" "أنا مستعد أن أتحاور مع البوذي والمجوسي،وأسمع لهؤلاء ولا ينبغي علينا أن نقصي أحدا" ثم لما فتح المجال للنقاش تدخلتُ بسؤال حول مصادر المحاضر التي لم يذكر منها مصدرا واحدا، فثارت ثائرته وارتفع صوته وهاجمني بأنواع من السب والشتم، فهل الحوار يكون مع البوذي فقط؟
فانظر إلى أمثال هؤلاء الذين يُلقون الكلام على عواهنه، ويقولون ما لا يفعلون، فأين لغة الحوار وأين أسلوب النقاش العلمي الرصين البعيد عن التشنج والعصبية ؟!
الصورة الثانية : بغض وحقد
- ألم يأتك نبأ من هُم اليوم أكثر الناس تشدقا بالحوار، وأشدهم دعوة لحرية الرأي.. من دعاة "التحرر والانسلاخ".. انظر إلى مواقفهم المخزية، وتعاملهم مع رأي غيرهم، وقناعات خصومهم .. فتراهم على أرض الواقع يظهرون على حقيقتهم المكشوفة ويسقط قناع "الحوار" و"الفكر المتفتح" الذي يتسترون به، فكلما واجهوا المخالفين والخصوم، إلا وانقلبوا إلى نمور ووحوش كاسرة، لا يرقبون في خصومهم إلاًّ ولا ذمة...ألم تسمع إلى شعاراتهم الرقيقة المبطنة بالحقد والضغينة، كشعارهم البراق "الحرية الشخصية" وهم أول المصادرين لهذه الحرية، المحاربين لهذا الشعار، فكلما شاهدوا مظاهر العفة، وصُوَر الاستقامة، إلا ونصبوا المشانق، ووجهوا الحراب لصدور الشباب.. كلما انتشر الحجاب ، وألقت ذوات الخدور على وجوههن النقاب، إلا وأحدثوا جلبة ونادوا بأعلى الأصوات: الحرية في خطر والأمن القومي في خطر، ونحن لا نقبل باستراد اللباس من وراء البحار ، وهذا مما يضحك الثكلى، ويثير الشفقة على عقول هؤلاء.. فأين هي الحرية الشخصية وأين هو الحوار؟!
حادثة وعبرة : النقاب وإرهاب المفكرين
كلنا سمع ..عن تلك الباقعة، أقصد تلك الضجة الواقعة، التي أثيرت عن النقاب في أرض الكنانة، شارك فيها كل رويبضة وفويسقة ، والذي أثار عجبي ليس هذا .. وإنما تلكم الأسباب "العلمية" والتفكير "الموضوعي" الذي نوقشت به القضية من طرف هؤلاء "المفكرين والمنظرين" لتسويغ حملتهم على النقاب، وإقناع المتنقبات بضرورة التخلي عن هذا المظهر الذي نُعت بأحط النعوت، وَوُسِم بأخس السمات .
وإليك أخي القارئ جملا منها، تظهر من خلالها "ثقافة الحوار وحرية الأفكار"، عند هؤلاء الرهط .. ولا إخالك إلا فطنا عاقلا.. تدرك سماجة الطرح وفساد التصور..
- قالوا : "النقاب مجرد عادة لا أساس لها في الدين وليس عبادة" قلنا : هلا تركوا الناس على عاداتهم كما يزعمون في منظوماتهم ؟
- قالوا : النقاب تمييز ديني وتعصب . قلنا : لم يفرض أحد على نسائكم وبناتكم النقاب، كما فرض عليكم السفور والعري فرضا، ألم تسمعوا ألفاظ التهديد والوعيد لـ (عشرة آلاف ممرضة متنقبة) في مستشفيات مصر إما أن يتخلَّين عن النقاب وإما الطرد من العمل! فمن المتعصب ومن المتزمت ؟ أجيبوا يا عقلاء العالم ..
- قالوا : النقاب دخيل على المجتمع، قلنا : الدخيل يُعرف بالتاريخ ويُعلم بالسنين والحساب.
- قالوا : النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم منهن من كنَّ منتقبات، ومنهن من كنَّ سافرات: قلنا: فليسعكم ما وسع الناس في عهد خير الناس.
- قالوا عن المرأة المنقَّبة : "غراب أسود يذكر بنار جهنم".. (هكذا سمعت طبيبا مشهورا ومسؤولا كبيرا في بلده في لقاء مباشر على الشاشة.. أذيع على الأنترنت) .. قلنا: فبماذا يذكركم الانحلال والتفسخ والعري ؟
- قالوا :المرأة المحجبة معاقة ذهنيا وفكريا، (سمعت دكتورا يقول هذا الكلام على المباشر) قلنا : نحن لا نقول عن السافرات هذا الكلام ، ولا نقبل أن يوصفن بمثل هذا الوصف؟ فانظروا بارك الله فيكم من المعاق؟
إلى غير ذلك من الكذب والبهتان، واللعب بعقول أشباه الصبيان. والذي يغني ذكره عن رده لوضوح فساده .
- فهل سمعت في هذا العرض لغة الحوار أم صوت القنابل والدمار؟ يا عقلاء العالم، هل هذه هي الحضارة والثقافة ؟ أجيبوا واحكموا بالعدل والقسطاس المستقيم ، من هو المعتدي الأثيم والظالم اللئيم؟
الصورة الثالثة : حوار الثقافات أم نشر الضلالات، وتأجيج الصراعات
- من الحوار الكاذب في هذا العصر، ما يسمى "بحوار الحضارات والثقافات"، الذي سنكشف عن عواره، ونجلي حقيقته، ونبين أهدافه ومراميه، بشكل مختصر لأن فساد هذا المذهب عريض، وأكاذيبه واسعة تظهر لنا من خلال هذه النقاط:
- فقد جعلوه أي "حوار الثقافات" مطية لنشر الأوبئة الخلقية، وإشاعة الرذيلة، وتصدير التنصير والانحرافات العقدية إلى المجتمعات المسلمة، وعولمة الفساد والانحلال.. كما هو واضح في أبجديات هذه المنظومة المريبة، وفي البرامج الثقافية وفي ما يسمى بالتبادل الثقافي والتوأمة الثقافية، وغير ذلك من الحيل ووجوه الخداع، حيث ثبت بالأدلة والواقع، أن هذا الحوار الثقافي المزعوم، يُفَـرِّخ "الانسلاخ الثقافي" و "التنكر للهوية"، ويصنع "العملاء والجواسيس"، ويهيئ الطابور الخامس الذي يكون في خدمة الأغراض الإستدمارية في المستقبل.
- أن دهاقنة السياسة العالمية وصناع القرار في دهاليز الحكم، لا يؤمنون بحوار الحضارات، وما يقع على أرض العراق وفلسطين، خير شاهد على كذبهم وتواطئهم على الصراع ،بل دعوا بصراحة إلى فرض النموذج الأمريكي على العالم كما ذكر صاحب كتاب " نهاية التاريخ والإنسان الأخير" والذي يعلن فيه " أن العالم وصل إلى قمة تقدمه مع النظرية الليبرالية التي انتصرت في صراعاتها على غيرها من النظريات والنظريات الدينية على وجه الخصوص، وغيرها من المنظومات الفكرية الشائعة، وبناء على ذلك فلم يعد أمام البشرية إلا التسليم بالنموذج الرأسمالي ومنظوماته الأخلاقية والرمزية والمادية أو ما يسمى بقيم الحداثة ". وكان الجواب العملي ما رأيناه في أرض العراق وأفغانستان.
- وفي مقال حديث نشر في مجلة النيوزويك بنسختها العربية لفوكوياما، ذكر "أن العالم الإسلامي هو الأمة الوحيدة في العالم التي ترفض الحداثة والتي استعصى على الغرب احتوائها حتى الآن". فهل هي لغة احتواء أم لغة حوار؟
لهذا فإن معظم الندوات والمؤتمرات التيانعقدت لمعالجة المشكلة كان موضوعها هو " صراع الحضارات " وليس حوار الحضارات،وبدت فيه النوايا الغربية معقودة على افتعال الصراع وتأجيجه، وظهر للعالم أجمع أن الطرف المقصود في هذا الصراع هو الإسلام.
- ظهر جليا أن الغرب عنصري وعدواني إلى النخاع، ولا يحترم ملة ولا دينا، في تلك التصريحات المعادية والمستفزة للمسلمين التي تفوه بها بعض القادة الغربيين مثل الرئيس الأمريكي السابق وإدوارد جيريجيان وريتشارد بيرل ومارغريت تاتشر وبيرلسكوني وكبير الفاتيكان، وغيرهم من السياسيين ورجال الكنيسة، خير دليل على أن هؤلاء الناس لا يَدْعون إلى "حوار الحضارات والثقافات" إلا لأغراض مريبة ومشبوهة
- وما حوادث الاستهزاء بنبينا صلى الله عليه وسلم خافية على الناس، والأعجب أن الذين يدافعون عن موقف الغرب من قضية الرسوم: يتشدقون بالحرية في بلاد الغرب، وأن الغرب لا يعترف بشيء مقدس ولو كان من دينه ومعتقداته، وأنه كما سخر بنبي الإسلام سخر كذلك بديانته ورموزه.
والجواب على هذه الترهات : إذا كان الغرب لا يحترم ديانته ومقدساته وعقيدته ورموزه، فذلك شأنه هو ولا دخل لأحد في ذلك، لكن لماذا يستنكر علينا احترامنا نحن لعقيدتنا ولمقدساتنا؟!، وهل سبق وأن سمعنا مسلما تطاول على أحد أنبيائهم والذين هم أنبياؤنا أيضا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟! بل هل سمعنا مسلما اعتدى على بقرة في أرض الهند وهي الإله المقدس لديهم؟! ثم مَن دنس بأقدامه وداس على المصحف بغوانتانامو وألقى به في الأماكن النجسة؟ وهل سمعنا أيضا عن مسلم دنّس الإنجيل أو التوراة أو كتب البوذية المقدسة؟ فأين هي لغة الحوار يا عقلاء العالم ؟! ولو فعل واحد من المسلمين مثل هذا لأنكر عليه المسلمون خاصتهم وعامتهم . وصدق الله العظيم الذي أرشدنا إلى حقيقة هؤلاء الناس في كتابه الكريم فقال رب العزة والجلال (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)
حادثة وعبرة: كنا نحترم كتابهم !
سمعت حوارا أجرته فضائية مشهورة مع سجين سابق في "غوانتنامو" يقول أن الأمريكان كانوا يأتونهم بالإنجيل ويضعونه فوق المصحف فإذا ذهبوا غَيَّر السجناء مكانه، فتثور ثائرة الجنود فيمزقون المصحف ويدوسونه تحت أقدامهم ويقول هذا السجين: لم نكن نفعل بالإنجيل ما كان يفعله هؤلاء الجنود بالقرآن، وكنا نحترم كتابهم.
وختاما..
لا بد أن تعلم أخي القارئ أن ما ذكرته ما هو إلا قليل من كثير من صور العدوان، ليعلم كل من على هذه البسيطة أن هؤلاء الناس من أكذب بني البشر، ولا يتشدوقون بالحوار، إلا نفاقا وخداعا وأحاديثهم عن الحوار ،أَحاديث مُلَفَّقَة، وأكاذيب مُزَخْرفة قال الله عز وجل (( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))
أكاذيب العصر
للشيخ بدر الدين صاري الجزائري حفظه الله.
الحلقة الأولى: أكذوبة الحوار
من أكبر الأكاذيب في هذا العصر..كذبة " الحوار" التي أضحت مثل القناع الذي يختفي من ورائه اللصوص والمجرمون .. فلم نسمع في عصر من العصور التشدق بالحوار سماعنا له هذا العصر، وكل يدعي وصلا به، ويجعله منهج حياته في الظاهر وأمام العالم، ولكنه إذا وقف أمام الخصم، ساءت أخلاقه، وبطشت يده، وفحش لسانه، وتحول إلى سبع من السباع، ينتهك كل كرامة، ويتعد كل الحدود، ثم يقول لخصمه متشدقا بملء فيه : "نحن دعاة حوار" هذه هي أكذوبة العصر..
وإذا شئت أن تتأكد من هذه الحقيقة فانظر إلى الردود التي يكتبها أمثال هؤلاء في الجرائد والمجلات وعلى صفحات الشبكات العنكبوتية،وغيرها من وسائل الإعلام على مخالفيهم وخصومهم، لتعلم أن الكذب صار شيئا لا يستحيى منه.. وهذا ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه (( سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصَدَّق فيها الكاذب و يُكَذَّب فيها الصادق و يُؤْتَمَن فيها الخائن و يُخَوَّن فيها الأمين و يَنطق فيها الرُّوَيْبِضَة قيل : و ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة )) ( رواه ابن ماجه وأحمد ) وإليك أخي القارئ نماذج وصورا من "أكذوبة الحوار" التي هي إحدى الأكاذيب العصرية:
الصورة الأولى : سبُّ العلماء والطعن في الفضلاء
- ألم تسمع بذلك "الكاتب" ومن في فلكه وعلى طريقته يدور..الذي سخر قلمه للطعن في علماء المسلمين والتشغيب عليهم وتنفير الناس منهم، وكيْل التهم لهم، فمرة يصفهم بالمجسمة وأخرى بالحشوية، ولا نراه إلا منقبا في صفحات التاريخ السوداء، وباحثا عن الأسانيد المظلمة، ينسج بها خيوط الكذب، ويصوغ منها الزور والبهتان، وكأن الأمة ليس لها تاريخ مشرق، ولا وجه مضيئ.. وكأن الأمة المسلمة لم تعش إلا في المستنقعات الآسنة، ولم تتعطر إلا بالروائح الكريهة، لكي ينفض عنها - أمثال هؤلاء- الغبار ويزيحوا عنها الستار.. فأين لغة الحوار؟ ومن هؤلاء؟ أأبرار هم أم فجار!! ولأمثال هؤلاء أسوق لهم ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل في الحديث القدسي ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب..)) وأذكرهم بقول القائل (لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في منتهكم معلومة)
حادثة وعبرة : يقولون ما لا يفعلون
وما زلت أذكر تلك الحادثة العجيبة التي وقعت لي منذ سنوات مع أمثال هؤلاء حيث استدعيت إلى محاضرة يلقيها دكتور كبير وصاحب اسم لامع من أسماء المفكرين، وقد أزبد المحاضر وأرغى وكال التهم وألصق الأكاذيب بشيخ الإسلام ابن تيمية، والألباني وابن باز وغيرهم، وكان ينقل كلام العلماء من غير عزو ولا يشير إلى أي مصدر، بل ويصيغ كلامهم بأسلوبه الخاص، وهو أمام جمع من الدكاترة والمثقفين، ومما قال هذا المحاضر" "أنا مستعد أن أتحاور مع البوذي والمجوسي،وأسمع لهؤلاء ولا ينبغي علينا أن نقصي أحدا" ثم لما فتح المجال للنقاش تدخلتُ بسؤال حول مصادر المحاضر التي لم يذكر منها مصدرا واحدا، فثارت ثائرته وارتفع صوته وهاجمني بأنواع من السب والشتم، فهل الحوار يكون مع البوذي فقط؟
فانظر إلى أمثال هؤلاء الذين يُلقون الكلام على عواهنه، ويقولون ما لا يفعلون، فأين لغة الحوار وأين أسلوب النقاش العلمي الرصين البعيد عن التشنج والعصبية ؟!
الصورة الثانية : بغض وحقد
- ألم يأتك نبأ من هُم اليوم أكثر الناس تشدقا بالحوار، وأشدهم دعوة لحرية الرأي.. من دعاة "التحرر والانسلاخ".. انظر إلى مواقفهم المخزية، وتعاملهم مع رأي غيرهم، وقناعات خصومهم .. فتراهم على أرض الواقع يظهرون على حقيقتهم المكشوفة ويسقط قناع "الحوار" و"الفكر المتفتح" الذي يتسترون به، فكلما واجهوا المخالفين والخصوم، إلا وانقلبوا إلى نمور ووحوش كاسرة، لا يرقبون في خصومهم إلاًّ ولا ذمة...ألم تسمع إلى شعاراتهم الرقيقة المبطنة بالحقد والضغينة، كشعارهم البراق "الحرية الشخصية" وهم أول المصادرين لهذه الحرية، المحاربين لهذا الشعار، فكلما شاهدوا مظاهر العفة، وصُوَر الاستقامة، إلا ونصبوا المشانق، ووجهوا الحراب لصدور الشباب.. كلما انتشر الحجاب ، وألقت ذوات الخدور على وجوههن النقاب، إلا وأحدثوا جلبة ونادوا بأعلى الأصوات: الحرية في خطر والأمن القومي في خطر، ونحن لا نقبل باستراد اللباس من وراء البحار ، وهذا مما يضحك الثكلى، ويثير الشفقة على عقول هؤلاء.. فأين هي الحرية الشخصية وأين هو الحوار؟!
حادثة وعبرة : النقاب وإرهاب المفكرين
كلنا سمع ..عن تلك الباقعة، أقصد تلك الضجة الواقعة، التي أثيرت عن النقاب في أرض الكنانة، شارك فيها كل رويبضة وفويسقة ، والذي أثار عجبي ليس هذا .. وإنما تلكم الأسباب "العلمية" والتفكير "الموضوعي" الذي نوقشت به القضية من طرف هؤلاء "المفكرين والمنظرين" لتسويغ حملتهم على النقاب، وإقناع المتنقبات بضرورة التخلي عن هذا المظهر الذي نُعت بأحط النعوت، وَوُسِم بأخس السمات .
وإليك أخي القارئ جملا منها، تظهر من خلالها "ثقافة الحوار وحرية الأفكار"، عند هؤلاء الرهط .. ولا إخالك إلا فطنا عاقلا.. تدرك سماجة الطرح وفساد التصور..
- قالوا : "النقاب مجرد عادة لا أساس لها في الدين وليس عبادة" قلنا : هلا تركوا الناس على عاداتهم كما يزعمون في منظوماتهم ؟
- قالوا : النقاب تمييز ديني وتعصب . قلنا : لم يفرض أحد على نسائكم وبناتكم النقاب، كما فرض عليكم السفور والعري فرضا، ألم تسمعوا ألفاظ التهديد والوعيد لـ (عشرة آلاف ممرضة متنقبة) في مستشفيات مصر إما أن يتخلَّين عن النقاب وإما الطرد من العمل! فمن المتعصب ومن المتزمت ؟ أجيبوا يا عقلاء العالم ..
- قالوا : النقاب دخيل على المجتمع، قلنا : الدخيل يُعرف بالتاريخ ويُعلم بالسنين والحساب.
- قالوا : النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم منهن من كنَّ منتقبات، ومنهن من كنَّ سافرات: قلنا: فليسعكم ما وسع الناس في عهد خير الناس.
- قالوا عن المرأة المنقَّبة : "غراب أسود يذكر بنار جهنم".. (هكذا سمعت طبيبا مشهورا ومسؤولا كبيرا في بلده في لقاء مباشر على الشاشة.. أذيع على الأنترنت) .. قلنا: فبماذا يذكركم الانحلال والتفسخ والعري ؟
- قالوا :المرأة المحجبة معاقة ذهنيا وفكريا، (سمعت دكتورا يقول هذا الكلام على المباشر) قلنا : نحن لا نقول عن السافرات هذا الكلام ، ولا نقبل أن يوصفن بمثل هذا الوصف؟ فانظروا بارك الله فيكم من المعاق؟
إلى غير ذلك من الكذب والبهتان، واللعب بعقول أشباه الصبيان. والذي يغني ذكره عن رده لوضوح فساده .
- فهل سمعت في هذا العرض لغة الحوار أم صوت القنابل والدمار؟ يا عقلاء العالم، هل هذه هي الحضارة والثقافة ؟ أجيبوا واحكموا بالعدل والقسطاس المستقيم ، من هو المعتدي الأثيم والظالم اللئيم؟
الصورة الثالثة : حوار الثقافات أم نشر الضلالات، وتأجيج الصراعات
- من الحوار الكاذب في هذا العصر، ما يسمى "بحوار الحضارات والثقافات"، الذي سنكشف عن عواره، ونجلي حقيقته، ونبين أهدافه ومراميه، بشكل مختصر لأن فساد هذا المذهب عريض، وأكاذيبه واسعة تظهر لنا من خلال هذه النقاط:
- فقد جعلوه أي "حوار الثقافات" مطية لنشر الأوبئة الخلقية، وإشاعة الرذيلة، وتصدير التنصير والانحرافات العقدية إلى المجتمعات المسلمة، وعولمة الفساد والانحلال.. كما هو واضح في أبجديات هذه المنظومة المريبة، وفي البرامج الثقافية وفي ما يسمى بالتبادل الثقافي والتوأمة الثقافية، وغير ذلك من الحيل ووجوه الخداع، حيث ثبت بالأدلة والواقع، أن هذا الحوار الثقافي المزعوم، يُفَـرِّخ "الانسلاخ الثقافي" و "التنكر للهوية"، ويصنع "العملاء والجواسيس"، ويهيئ الطابور الخامس الذي يكون في خدمة الأغراض الإستدمارية في المستقبل.
- أن دهاقنة السياسة العالمية وصناع القرار في دهاليز الحكم، لا يؤمنون بحوار الحضارات، وما يقع على أرض العراق وفلسطين، خير شاهد على كذبهم وتواطئهم على الصراع ،بل دعوا بصراحة إلى فرض النموذج الأمريكي على العالم كما ذكر صاحب كتاب " نهاية التاريخ والإنسان الأخير" والذي يعلن فيه " أن العالم وصل إلى قمة تقدمه مع النظرية الليبرالية التي انتصرت في صراعاتها على غيرها من النظريات والنظريات الدينية على وجه الخصوص، وغيرها من المنظومات الفكرية الشائعة، وبناء على ذلك فلم يعد أمام البشرية إلا التسليم بالنموذج الرأسمالي ومنظوماته الأخلاقية والرمزية والمادية أو ما يسمى بقيم الحداثة ". وكان الجواب العملي ما رأيناه في أرض العراق وأفغانستان.
- وفي مقال حديث نشر في مجلة النيوزويك بنسختها العربية لفوكوياما، ذكر "أن العالم الإسلامي هو الأمة الوحيدة في العالم التي ترفض الحداثة والتي استعصى على الغرب احتوائها حتى الآن". فهل هي لغة احتواء أم لغة حوار؟
لهذا فإن معظم الندوات والمؤتمرات التيانعقدت لمعالجة المشكلة كان موضوعها هو " صراع الحضارات " وليس حوار الحضارات،وبدت فيه النوايا الغربية معقودة على افتعال الصراع وتأجيجه، وظهر للعالم أجمع أن الطرف المقصود في هذا الصراع هو الإسلام.
- ظهر جليا أن الغرب عنصري وعدواني إلى النخاع، ولا يحترم ملة ولا دينا، في تلك التصريحات المعادية والمستفزة للمسلمين التي تفوه بها بعض القادة الغربيين مثل الرئيس الأمريكي السابق وإدوارد جيريجيان وريتشارد بيرل ومارغريت تاتشر وبيرلسكوني وكبير الفاتيكان، وغيرهم من السياسيين ورجال الكنيسة، خير دليل على أن هؤلاء الناس لا يَدْعون إلى "حوار الحضارات والثقافات" إلا لأغراض مريبة ومشبوهة
- وما حوادث الاستهزاء بنبينا صلى الله عليه وسلم خافية على الناس، والأعجب أن الذين يدافعون عن موقف الغرب من قضية الرسوم: يتشدقون بالحرية في بلاد الغرب، وأن الغرب لا يعترف بشيء مقدس ولو كان من دينه ومعتقداته، وأنه كما سخر بنبي الإسلام سخر كذلك بديانته ورموزه.
والجواب على هذه الترهات : إذا كان الغرب لا يحترم ديانته ومقدساته وعقيدته ورموزه، فذلك شأنه هو ولا دخل لأحد في ذلك، لكن لماذا يستنكر علينا احترامنا نحن لعقيدتنا ولمقدساتنا؟!، وهل سبق وأن سمعنا مسلما تطاول على أحد أنبيائهم والذين هم أنبياؤنا أيضا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟! بل هل سمعنا مسلما اعتدى على بقرة في أرض الهند وهي الإله المقدس لديهم؟! ثم مَن دنس بأقدامه وداس على المصحف بغوانتانامو وألقى به في الأماكن النجسة؟ وهل سمعنا أيضا عن مسلم دنّس الإنجيل أو التوراة أو كتب البوذية المقدسة؟ فأين هي لغة الحوار يا عقلاء العالم ؟! ولو فعل واحد من المسلمين مثل هذا لأنكر عليه المسلمون خاصتهم وعامتهم . وصدق الله العظيم الذي أرشدنا إلى حقيقة هؤلاء الناس في كتابه الكريم فقال رب العزة والجلال (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)
حادثة وعبرة: كنا نحترم كتابهم !
سمعت حوارا أجرته فضائية مشهورة مع سجين سابق في "غوانتنامو" يقول أن الأمريكان كانوا يأتونهم بالإنجيل ويضعونه فوق المصحف فإذا ذهبوا غَيَّر السجناء مكانه، فتثور ثائرة الجنود فيمزقون المصحف ويدوسونه تحت أقدامهم ويقول هذا السجين: لم نكن نفعل بالإنجيل ما كان يفعله هؤلاء الجنود بالقرآن، وكنا نحترم كتابهم.
وختاما..
لا بد أن تعلم أخي القارئ أن ما ذكرته ما هو إلا قليل من كثير من صور العدوان، ليعلم كل من على هذه البسيطة أن هؤلاء الناس من أكذب بني البشر، ولا يتشدوقون بالحوار، إلا نفاقا وخداعا وأحاديثهم عن الحوار ،أَحاديث مُلَفَّقَة، وأكاذيب مُزَخْرفة قال الله عز وجل (( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))