slomerck
2009-02-05, 22:32
أثر العولمة على سيادة الدولة
(السياسة الخارجية كحالة خاصة )
مفهوم العولمة :
برزَ مفهوم العولمة في العقد الأخير من القرن العشرين أي الفترة التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، وقد رافق هذه الأحداث الترويج والتشريع لعالم ذي قطب واحد، ودعوة لحقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني وصراع الحضارات والنظام الدولي الجديد وغير ذلك من المفاهيم، وهكذا كان الحال، حيث تظهر مصطلحات ومفاهيم لدى الغرب وأمريكا وما ان تظهر هذه المفاهيم حتى يبدأ الكتاب والباحثون العرب، بالدراسة والبحث والتحليل لهذه المفاهيم بين مؤيد ومعارض لها، تعقد الندوات والحلقات الدراسية لمناقشتها وتُنشر البحوث والدراسات عنها. هنالك من يصف ظاهرة العولمة وكأنها مثال للتحولات الكبرى في التاريخ التي معها وبها تتداعي شبكة العلائق والدلالات للمعاني التي رسخت طويلاً عن الأشياء، فتحتاج تبعاً لذلك الى ان يعاد تعريفها وبناؤها في الوعي في ضوء الحقائق الجديدة، ومع هذا الرأي يفترض ان يصاحب هذا التحول الكوني الجديد والصاخب للعولمة إعادة النظر في كثير من الأفكار والتصورات والمعارف التي ولدتها لحظات او مراحل تاريخية مختلفة منصرمة، وكذلك إجراء مراجعة شاملة لكم هائل من المذاهب والمعتقدات السياسية والاقتصادية والثقافية التي سادت في كثير من المجتمعات في هذا العالم الواسع.وهناك من يتحدث بشكل مهول عن ما يسمى بالتحول الكوني وأن العالم على أعتاب ولوج عالم جديد، الا ان ذلك يبقى محض افتراض يحتاج الى إثبات في حسابات التحليل الكمي وانه من السابق لأوانه الاطمئنان الى ان الاتجاه سيفضي الى عالم جديد، او ان المجتمعات سائرة نحو نهاية المجالات الوطنية والسيادة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة.
ومن الجدير بالإشارة الى ان الدولة العظمى التي تعمل على الترويج للعولمة وفرضها بمستوياتها المختلفة هي الولايات المتحدة الأمريكية، مستخدمة في ذلك سيطرتها السياسية وقدرتها العسكرية وتقنيات الاتصال الحديثة. وقد وصل الأمر بالبعض الى اعتبار العولمة قدراً لا مردّ له ونهاية للتاريخ بعد هزيمة النموذج المقابل الذي حاول الاتحاد السوفيتي تقديمه طيلة السنوات السابقة، ولذلك يفضل نقاد العولمة تسميتها(بالأمركة) توخياً للدقة، وللمؤيدين والمعارضين محاور وملاحظات عن العولمة وهي جديرة بالاهتمام والمناقشة، تتلخص في مؤثراتها السلبية والايجابية...
ومن الطبيعي أن يتفاوت فهم الأفراد للعولمة ومضامينها المختلفة، فلا يمكن حصر وتحديد العولمة في تعريف واحد مهما اتصف هذا التعريف بالشمول والدقة، فالاقتصادي الذي يركز على المستجدات الاقتصادية العالمية وطبيعة المرحلة الراهنة من التراكم الرأسمالي على الصعيد العالمي، يتهم العولمة بخلاف عالم السياسة الذي يبحث عن تأثير التطورات العالمية والتكنولوجية المعاصرة على الدولة ودورها في عالم يزداد انكماشاً يوماً بعد يوم. كما أن عالم الاجتماع يرصد بروز القضايا العالمية المعاصرة، كقضايا الانفجار السكاني والبيئة والفقر و المخدرات وازدحام المدن والإرهاب بالإضافة إلى بروز المجتمع المدني على الصعيد العالمي يفهم العولمة بخلاف المهتم بالشأن الثقافي الذي يهمه ما يحدث من انفتاح للثقافات والحضارات وترابطها مع بعضها بعضاً، واحتمالات هيمنة الثقافة الاستهلاكية وتهديدها للقيم والقناعات المحلية.
لذا أصبح من الضروري التمييز بين "العولمة" الاقتصادية و"العولمة" الثقافية و"العولمة" العلمية و"العولمة" الاجتماعية،و"العولمة" السياسية ، فلا توجد عولمة واحدة.
أما موقعنا كعرب فلا يمكن تحديده إلا ضمن "العالم الثالث" وهو مجموع الدول التي خضعت لفترات مختلفة للاستعمار القديم والتي لم تعرف بالتالي إلا تنمية جزئية مشوهة وموجهة لخدمة الخارج، والتي مازالت الغالبية من شعوبها تعيش في مستويات متفاوتة من الفقر. وهي التي يسميها الغرب "الدول النامية". والتي تسمى في رطانة الأمم المتحدة مجموعة السبع وسبعين وإن تجاوز عددها الحالي ذلك العدد إلى ما يقارب الضعف، تنتشر في القارات الجنوبية الثلاث. فأقطارنا جزء لا يتجزأ من العالم الثالث الذي يظل رغم تقدم بعض بلدانه الملموس وتراجع أخرى خاضعا للاستغلال والتبعية. الاستغلال بمعنى خروج جزء كبير من الفائض الاقتصادي المتحقق من عمل أهل القطر ليذهب إلى الدول الصناعية المتقدمة من خلال التجارة غير المتكافئة وتحويل فوائد القروض وأرباح الاستثمار الأجنبي المباشر، وأخيرا استثمارات أبناء العالم الثالث في خارجه. والتبعية بمعنى القيود الخارجية على حرية الإرادة الوطنية في صنع قراراتها والتأثير الإعلامي والإعلاني المكثف في تغيير القيم الحضارية وأشكال السلوك في اتجاهات كثيرا ما تضر بقضية التنمية (وأخطرها محاولة محاكاة أنماط الاستهلاك المبدد التي تسود في مجتمعات الغرب). وتأكيد الانتماء للعالم الثالث ضرورة لفهم مخاطر وفرص التنمية العربية.
اثرالعولمة على سيادة الدولة وسياساتها الخارجية (الابعاد السياسية للعولمة ):
تعد السياسة من أبرز اختصاصات الدولة القومية التي تحرص على عدم التفريط بها ضمن نطاقها الجغرافي ومجالها الوطني. وهذا الحرص ضِمن المجال المحلي، وبعيد عن التدخلات الخارجية ترتبط أشد الارتباط؛ بمفهوم السيادة وممارسة الدولة لصلاحياتها وسلطاتها على شعبها وأرضها وثرواتها الطبيعية.
والدولة القومية هي نَقيض العولمة، كما أن السياسة ونتيجة لطبيعتها ستكون من أكثر الأبعاد الحياتية مقاومة للعولمة التي تتضمن انكماش العالم وإلغاء الحدود الجغرافية وربط الاقتصادات والثقافات والمجتمعات والأفراد بروابط تتخطى الدول وتتجاوز سيطرتها التقليدية على مجالها الوطني والمحلِّي .
إن الدولة التي كانت دائماً الوحدة الارتكازية لكل النشاطات والقرارات والتشريعات أصبحت الآن مجرد وحدة ضمن شبكة من العلاقات والوحدات الكثيرة في عالم يزداد انكماشاً وترابطاً . فالقرارات التي تتخذ في عاصمة من العواصم العالمية سرعان ما تنتشر انتشاراً سريعاً إلى كل العواصم، والتشريعات التي تخص دولة من الدول تستحوذ مباشرة على اهتمام العالم بأسره، والسياسات التي تستهدف قطاعات اجتماعية في مجتمع من المجتمعات تؤثر تأثيراً حاسماً في السياسات الداخلية والخارجية لكل المجتمعات القريبة والبعيدة.
ترتبط "العولمة السياسية" ببروز مجموعة من القوى العالمية والإقليمية و المحلية الجديدة خلال عقد التسعينات، والتي أخذت تنافس الدول في المجال السياسي، ومن أبرز هذه القوى التكتلات التجارية الإقليمية كالسوق الأوروبية المشتركة لتشكل وحدة نقدية تعمل من خلال المصرف المركزي الأوروبي الذي أنشئ عام 1999 ليشرف على عملة اليورو.
إن النموذج الاندماجي الأوروبي يقوم أساساً على تخلي الدول الأوروبية الطوعي عن بعض من مظاهر السيادة لصالح كيان إقليمي يتجه نحو الوحدة الاقتصادية، وربما لاحقاً الوحدة السياسية من خلال بروز الولايات المتحدة الأوروبية التي تتمتع بسياسة خارجية ودفاعية واحدة لتصبح قوة منافسة للولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن القادم.
مع السياق الاقتصادي هناك المؤسسات المالية والتجارية والاقتصادية العالمية، وفي مقدمتها منظمة التجارة العالمية، والتي تأسست عام 1996، لتشرف إشرافاً كاملاً على النشاط التجاري العالمي. كما يشرف صندوق النقد الدولي على النظام المالي العالمي.
لقد أصبحت هذه المؤسسات التجارية والمالية من الضخامة والقوة، حيث أنها أصبحت قادرة على فرز قراراتها وتوجيهاتها على كل دول العالم. كذلك هناك الشركات العابرة للحدود التي شكلت نتيجة للتحالفات عابرة القارات بين الشركات الصناعية والمالية والخدماتية العلاقة في كل من أوروبا وأمريكا واليابان. .
إن ما تقوم به هذه الشركات هو إعادة رسم الخارطة الاقتصادية العالمية وزيادة سيطرتها وتحكمها في الأسواق العالمية وتوجيه سياساتها خلال القرن القادم.
ومع أن هذا التطور الذي يصب في سياق بروز الحكم العالمي، والذي يتضمن بروز شبكة من المؤسسات العالمية المترابطة التي تضم الدول والمنظمات غير الحكومية والشركات العابرة للقارات، والهيئات الدولية، كالأمم المتحدة يستثمرها البعض ليعدها خطوة في الطريق المستقبلي نحو قيام الحكومة العالمية الواحدة والتي هي الهدف النهائي للعولمة السياسية. في حين، أن ما يجري يمثل موقف تلك الدول بكل سيادتها واستقلالها باتجاه التعاون في تناول قضايا مهمة تخص المجتمع الدولي وتعمل سوية من أجل حلها.
(السياسة الخارجية كحالة خاصة )
مفهوم العولمة :
برزَ مفهوم العولمة في العقد الأخير من القرن العشرين أي الفترة التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، وقد رافق هذه الأحداث الترويج والتشريع لعالم ذي قطب واحد، ودعوة لحقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني وصراع الحضارات والنظام الدولي الجديد وغير ذلك من المفاهيم، وهكذا كان الحال، حيث تظهر مصطلحات ومفاهيم لدى الغرب وأمريكا وما ان تظهر هذه المفاهيم حتى يبدأ الكتاب والباحثون العرب، بالدراسة والبحث والتحليل لهذه المفاهيم بين مؤيد ومعارض لها، تعقد الندوات والحلقات الدراسية لمناقشتها وتُنشر البحوث والدراسات عنها. هنالك من يصف ظاهرة العولمة وكأنها مثال للتحولات الكبرى في التاريخ التي معها وبها تتداعي شبكة العلائق والدلالات للمعاني التي رسخت طويلاً عن الأشياء، فتحتاج تبعاً لذلك الى ان يعاد تعريفها وبناؤها في الوعي في ضوء الحقائق الجديدة، ومع هذا الرأي يفترض ان يصاحب هذا التحول الكوني الجديد والصاخب للعولمة إعادة النظر في كثير من الأفكار والتصورات والمعارف التي ولدتها لحظات او مراحل تاريخية مختلفة منصرمة، وكذلك إجراء مراجعة شاملة لكم هائل من المذاهب والمعتقدات السياسية والاقتصادية والثقافية التي سادت في كثير من المجتمعات في هذا العالم الواسع.وهناك من يتحدث بشكل مهول عن ما يسمى بالتحول الكوني وأن العالم على أعتاب ولوج عالم جديد، الا ان ذلك يبقى محض افتراض يحتاج الى إثبات في حسابات التحليل الكمي وانه من السابق لأوانه الاطمئنان الى ان الاتجاه سيفضي الى عالم جديد، او ان المجتمعات سائرة نحو نهاية المجالات الوطنية والسيادة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة.
ومن الجدير بالإشارة الى ان الدولة العظمى التي تعمل على الترويج للعولمة وفرضها بمستوياتها المختلفة هي الولايات المتحدة الأمريكية، مستخدمة في ذلك سيطرتها السياسية وقدرتها العسكرية وتقنيات الاتصال الحديثة. وقد وصل الأمر بالبعض الى اعتبار العولمة قدراً لا مردّ له ونهاية للتاريخ بعد هزيمة النموذج المقابل الذي حاول الاتحاد السوفيتي تقديمه طيلة السنوات السابقة، ولذلك يفضل نقاد العولمة تسميتها(بالأمركة) توخياً للدقة، وللمؤيدين والمعارضين محاور وملاحظات عن العولمة وهي جديرة بالاهتمام والمناقشة، تتلخص في مؤثراتها السلبية والايجابية...
ومن الطبيعي أن يتفاوت فهم الأفراد للعولمة ومضامينها المختلفة، فلا يمكن حصر وتحديد العولمة في تعريف واحد مهما اتصف هذا التعريف بالشمول والدقة، فالاقتصادي الذي يركز على المستجدات الاقتصادية العالمية وطبيعة المرحلة الراهنة من التراكم الرأسمالي على الصعيد العالمي، يتهم العولمة بخلاف عالم السياسة الذي يبحث عن تأثير التطورات العالمية والتكنولوجية المعاصرة على الدولة ودورها في عالم يزداد انكماشاً يوماً بعد يوم. كما أن عالم الاجتماع يرصد بروز القضايا العالمية المعاصرة، كقضايا الانفجار السكاني والبيئة والفقر و المخدرات وازدحام المدن والإرهاب بالإضافة إلى بروز المجتمع المدني على الصعيد العالمي يفهم العولمة بخلاف المهتم بالشأن الثقافي الذي يهمه ما يحدث من انفتاح للثقافات والحضارات وترابطها مع بعضها بعضاً، واحتمالات هيمنة الثقافة الاستهلاكية وتهديدها للقيم والقناعات المحلية.
لذا أصبح من الضروري التمييز بين "العولمة" الاقتصادية و"العولمة" الثقافية و"العولمة" العلمية و"العولمة" الاجتماعية،و"العولمة" السياسية ، فلا توجد عولمة واحدة.
أما موقعنا كعرب فلا يمكن تحديده إلا ضمن "العالم الثالث" وهو مجموع الدول التي خضعت لفترات مختلفة للاستعمار القديم والتي لم تعرف بالتالي إلا تنمية جزئية مشوهة وموجهة لخدمة الخارج، والتي مازالت الغالبية من شعوبها تعيش في مستويات متفاوتة من الفقر. وهي التي يسميها الغرب "الدول النامية". والتي تسمى في رطانة الأمم المتحدة مجموعة السبع وسبعين وإن تجاوز عددها الحالي ذلك العدد إلى ما يقارب الضعف، تنتشر في القارات الجنوبية الثلاث. فأقطارنا جزء لا يتجزأ من العالم الثالث الذي يظل رغم تقدم بعض بلدانه الملموس وتراجع أخرى خاضعا للاستغلال والتبعية. الاستغلال بمعنى خروج جزء كبير من الفائض الاقتصادي المتحقق من عمل أهل القطر ليذهب إلى الدول الصناعية المتقدمة من خلال التجارة غير المتكافئة وتحويل فوائد القروض وأرباح الاستثمار الأجنبي المباشر، وأخيرا استثمارات أبناء العالم الثالث في خارجه. والتبعية بمعنى القيود الخارجية على حرية الإرادة الوطنية في صنع قراراتها والتأثير الإعلامي والإعلاني المكثف في تغيير القيم الحضارية وأشكال السلوك في اتجاهات كثيرا ما تضر بقضية التنمية (وأخطرها محاولة محاكاة أنماط الاستهلاك المبدد التي تسود في مجتمعات الغرب). وتأكيد الانتماء للعالم الثالث ضرورة لفهم مخاطر وفرص التنمية العربية.
اثرالعولمة على سيادة الدولة وسياساتها الخارجية (الابعاد السياسية للعولمة ):
تعد السياسة من أبرز اختصاصات الدولة القومية التي تحرص على عدم التفريط بها ضمن نطاقها الجغرافي ومجالها الوطني. وهذا الحرص ضِمن المجال المحلي، وبعيد عن التدخلات الخارجية ترتبط أشد الارتباط؛ بمفهوم السيادة وممارسة الدولة لصلاحياتها وسلطاتها على شعبها وأرضها وثرواتها الطبيعية.
والدولة القومية هي نَقيض العولمة، كما أن السياسة ونتيجة لطبيعتها ستكون من أكثر الأبعاد الحياتية مقاومة للعولمة التي تتضمن انكماش العالم وإلغاء الحدود الجغرافية وربط الاقتصادات والثقافات والمجتمعات والأفراد بروابط تتخطى الدول وتتجاوز سيطرتها التقليدية على مجالها الوطني والمحلِّي .
إن الدولة التي كانت دائماً الوحدة الارتكازية لكل النشاطات والقرارات والتشريعات أصبحت الآن مجرد وحدة ضمن شبكة من العلاقات والوحدات الكثيرة في عالم يزداد انكماشاً وترابطاً . فالقرارات التي تتخذ في عاصمة من العواصم العالمية سرعان ما تنتشر انتشاراً سريعاً إلى كل العواصم، والتشريعات التي تخص دولة من الدول تستحوذ مباشرة على اهتمام العالم بأسره، والسياسات التي تستهدف قطاعات اجتماعية في مجتمع من المجتمعات تؤثر تأثيراً حاسماً في السياسات الداخلية والخارجية لكل المجتمعات القريبة والبعيدة.
ترتبط "العولمة السياسية" ببروز مجموعة من القوى العالمية والإقليمية و المحلية الجديدة خلال عقد التسعينات، والتي أخذت تنافس الدول في المجال السياسي، ومن أبرز هذه القوى التكتلات التجارية الإقليمية كالسوق الأوروبية المشتركة لتشكل وحدة نقدية تعمل من خلال المصرف المركزي الأوروبي الذي أنشئ عام 1999 ليشرف على عملة اليورو.
إن النموذج الاندماجي الأوروبي يقوم أساساً على تخلي الدول الأوروبية الطوعي عن بعض من مظاهر السيادة لصالح كيان إقليمي يتجه نحو الوحدة الاقتصادية، وربما لاحقاً الوحدة السياسية من خلال بروز الولايات المتحدة الأوروبية التي تتمتع بسياسة خارجية ودفاعية واحدة لتصبح قوة منافسة للولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن القادم.
مع السياق الاقتصادي هناك المؤسسات المالية والتجارية والاقتصادية العالمية، وفي مقدمتها منظمة التجارة العالمية، والتي تأسست عام 1996، لتشرف إشرافاً كاملاً على النشاط التجاري العالمي. كما يشرف صندوق النقد الدولي على النظام المالي العالمي.
لقد أصبحت هذه المؤسسات التجارية والمالية من الضخامة والقوة، حيث أنها أصبحت قادرة على فرز قراراتها وتوجيهاتها على كل دول العالم. كذلك هناك الشركات العابرة للحدود التي شكلت نتيجة للتحالفات عابرة القارات بين الشركات الصناعية والمالية والخدماتية العلاقة في كل من أوروبا وأمريكا واليابان. .
إن ما تقوم به هذه الشركات هو إعادة رسم الخارطة الاقتصادية العالمية وزيادة سيطرتها وتحكمها في الأسواق العالمية وتوجيه سياساتها خلال القرن القادم.
ومع أن هذا التطور الذي يصب في سياق بروز الحكم العالمي، والذي يتضمن بروز شبكة من المؤسسات العالمية المترابطة التي تضم الدول والمنظمات غير الحكومية والشركات العابرة للقارات، والهيئات الدولية، كالأمم المتحدة يستثمرها البعض ليعدها خطوة في الطريق المستقبلي نحو قيام الحكومة العالمية الواحدة والتي هي الهدف النهائي للعولمة السياسية. في حين، أن ما يجري يمثل موقف تلك الدول بكل سيادتها واستقلالها باتجاه التعاون في تناول قضايا مهمة تخص المجتمع الدولي وتعمل سوية من أجل حلها.