المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قل الملكية بالشهر


oumda2
2009-01-31, 14:16
مقدمة



يأخذ المشرع الجزائري بنظام الشهر العيني, ملغيا سلطان الإدارة في توجهها و تراضيها على نقل الملكية العقارية و سائر الحقوق العينية الأخرى، جاعلا وجودها و عدمها يسير اطرادا مع إجراء أو تخلف القيد.
و القيد, يقصد به جملة الإجراءات و القواعد القانونية و التقنية التي تخص التصرفات الدائرة حول العقارات كاشفة كانت، أو منشئة, أو ناقلة, أو معدلة, أو منهية, سواء أكان التصرف عقدا, أو حكما, أو قرارا إداريا, كما يستوي أن يكون الحق ناشئا عن تصرف قانوني أو عن واقعة مادية.
و على ضوء ذلك تعين تبيين: ما هي التصرفات التي تستلزم إجراء الشهر و كذا دور القيد في إنشاء الحق و ما يترتب عنه من آثار تجاه الغير؟



















المبحث الأول:
التصرف الواجب الشهر و آثار القيد:

تقتضي المعاملات العقارية الحديثة ضرورة إجراء القيد, و هو ما سارت عليه عامة التشريعات, إلى جانب أخدها بالرسمية ركنا لتكريس قيمة الحق تجاه الغير، و قد نصت المادة 793 من القانون المدني على أن "ملكية و الحقوق العينية الأخرى في العقار لا تنقل فيما بين المتعاقدين و لا في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون, و بالأخص تلك التي تدير مصلحة الشهر العقاري" كما أن " العقود الإدارية و الاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو انقضاء حق عيني لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية " بنص المادة 16 من الأمر رقم: 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن قانون المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري .
و يشترك هذان النصان في اعتبارهما القيد شرطا لنقل الملكية في العقارات و الحقوق العينية الأخرى, بصرف النظر عن نوع التصرف و كذا تساوي الحال بين كونه كاشفا أو منشئا، أيا كان مصدره.
و لذلك وجب تفضيل التصرفات التي يتعين شهرها لنقل الملكية و الآثار المنجزة عن القيد و عدمه في المطلب الموالي.

المطلب الأول:
التصرفات اللازمة الشهر ليحصل
الاعتراف بالحق

إن مقتضي المادة 16 من الأمر: 75/74 المتضمن قانون المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري رغم أن له مؤدى عام، فإنه يمتد إلى الحقوق العينية الأصلية و التبعية, كالرهن و التخصيص, و تلك الامتيازات الخاصة المتصلة بالعقارات.
إن أي تصرف أو عقد, تبادليا كان كالبيع أو ما تفرع عنه من حقوق عينية كالانتفاع و الاستعمال و الحق على الرقبة.. ، أو تلك التي تغير الحقوق العينية العقارية كتمديد مدد الإستفادات من حقوق الانتفاع, أو تلك التي تنهيها, أو أي عقد كاشف لحقوق عينية، أو عقود الصلح متى دارت حول حق عيني تعين شهرها لتنقل إزاء الطرفين و الغير, و نفس الشئ بالنسبة للعقود المنشئة لالتزام من جانب واحد، كالوصية ، و الوقف و الهبة.
و تندرج ضمن نفس الإطار جميع القرارات الإدارية المتصلة بأي من الحقوق العينية العقارية كما تقصده نصوص أخرى, كالمادة 30 من قانون نزاع الملكية، و المادتين 29 و 30 من قانون الأملاك الوطنية فيما يتعلق بمسألة تعيين الحدود و التصفيف الخاصة بالضم إلى الأملاك الوطنية العمومية، و المادة 26 من قانون التنازل عن أملاك الدولة، و المادتين 12 و 13 من القانون 87/19 لـ:08/12/1987.
و رغم ما يكتنف نص المادة 16 المنوه إليها من تعميم، إلا أن النص الموالي لها ( المادة 17) قد أضاف أن لا يكون هناك أثر بين الأطراف كما لا يحتج بها في مواجهة الغير جميع العقود التي تساوى أو تفوق مددها 12 سنة إذا ما لم تكن محل شهر, رغم أنها لا تنشئ أي حق عيني.
بالإضافة إلى النص السابق (المادة 14 من نفس القانون), و بعض مواد المرسوم التنفيذي 76/63 المطبـق لقـانون الشهر العقـاري, و القانون المدني, و قانون الإجراءات المدنية .
ضف إلى ذلك المادة 353/1 من قانون التسجيل المعدلة بالقانون رقم 03/22 المؤرخ فـي: 28/12/2003 المتضمن قانون المالية لعام: 2004 الذي يقتضي إجراء الشهر لتنتقل الملكية في العقارات التي يبت في نزاعاتها بقرارات قضائية نهائية بالتعديل أو التغيير أو الإزالة أو الكشف كالقسمة، أو إسناد الملكية للتقادم, أو ثبوت الشفعة وفقا للمادة 803 من القانون المدني, أو إرساء المزاد وفق المادة: 394 من قانون الإجراءات المدنية...
إن القرارات القضائية النهائية الصادرة عن مختلف الجهات القضائية, و إن لم يفرق المشرع بينها و بين سائرها باعتبارها لها سندات ملكية قد ألزم الموثقون و الموظفون و كتاب أمناء الضبط كل في حدود اختصاصه بإجراء شهرها داخل الآجال التي حددتها المادة 90 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر.

المطلب الثاني:
آثار التصرفات اللازمة الشهر:

أضاف المشروع إلى الأركان اللازمة في عامة العقود بخصوص تلك المنصبة علي العقارات ركنا آخر، يتعلق الأمر بالرسمية (بعد سنة: 1971 كما سنفصله في حينه) و بالتبعية لذلك ألزم باحترام مبدء الأثر الإضافي للشهر (راجع البحث الخاص بذلك) بنص المادة 88 من المرسوم: 76/63 المطبق لقانون الشهر، فحال بهذا المبدء دون إمكانية شهر أي تصرف من غير أن يكون التصرف السابق له مشهر هو الأخر , حماية للغير .
و هنا تكمن الأهمية الكبرى لسن الشهر, استثناء من مبدء سلطان الإرادة، ونية المشرع من وراء قصر آثار القيد دون الشهر على طرفي العلاقة بالتزامات شخصية، هذا إذا لبيا الشكلية المتطلبة لانعقاد العقد ، و مع ذلك وجب الوقوف عند نقطتين هامتين تتصلان بهذا العنوان:

الفرع الأول:
العقود السابقة لتاريخ 01/01/1971

لم يكن يشترط القانون قبل هذا التاريخ وجوب مراعاة الرسمية و الشهر (العقود العرفية)، معتدا بصحة التصرف بين طرفيه أو أطرافه، إلا أنه لا يتولد عنه أي أثر في مواجهة الغير إلا من بعد صبه في طابع رسمي و إجراء الشهر ،و بذلك يصبح مثلا من المستحيل بعد إجراء القيد إعادة الحال إلي ما كانت عليه إذا قام نفس البائع الذي باع للمشتري الأول بإشهار البيع للمشتري الثاني ، ولا تطرح هنا إلا إمكانية المطالبة بالتعويض .

الفرع الثاني:
العقود اللاحقة لتاريخ 01/01/1971

كرس المشرع فعليا ركن وجوب إفراغ التصرف في شكل رسمي غير معتد في ذات الوقت بأي تصرف يختل فيه هذا الركـــن, و بالتالي يعدم إمكانية المخاصمة لأجل إثبات صحة التعاقد العام و يساوي بين الحالتين - ما قبل التعاهد و ما بعده- مع إمكانية الدفع بالإثراء بلا سبب لرد ثمن المبيع.
و مع ذلك فانه مد هذه الحماية التي كفلها للطرفين إلى الالتزام بإجراء شهر التصرف الذي يصير بين يدي الموثق أو الموظف أو كاتب الضبط مباشرة عقب تلقيه رسميا، و تقوم في حال مخالفة ذلك مسؤوليته
أو مسؤولية الدولة بقيام مسؤولية من تقاعس عن هذا الإجراء ، و ذلك ببساطة لأن نقل الملكية التي أرادها المشتري أو من طلبها لا يكون إلا من تاريخ القيد ، و قد يحدث أن يتم التصرف في العين مرتين أو أكثر لأشخاص لا يعلم كل منهم أو بعضهم بالتصرفات السابقة غير المشهرة لغيرهم, فيكون التصرف اللاحق أسبق في القيد من غيره فيتضرر من أبرم التصرف الأول لمصلحته بانتقال الملكية إلي غيره. كبيع ذات العين مرتيــن.
و إذا سلمنا بأن الملكية لا تنتقل إلا من تاريخ القيد فإنه من المتعين القول كذلك بأن التزامات البائع جميعها تقوم بمجرد ذلك, كالتسليم و ضمان منع التعرض و الاستحقاق و العيوب الخفية.
و بالنسبة للحقوق العينية العقارية نجد المشرع يُعمِل القواعد نفسها إذا ما تعلق الأمر بعقود الإيجار المجاوزة لمدة 12 سنة بحسب قانون الشهر بخصوص التصرفات الناقلة للحقوق العينية العقارية كما سبق التنويه إليه في معرض الموضوع الحالي .

المبحث الثاني :
شرط القيد كمرتب للحق و آثاره
في مواجهة الغير:

مكن المشرع من كان الحق أو التصرف القانوني لمصلحته من امتياز شرط القيد ليدّعي في مواجهة الغير, سواء أكان مركزه منجرّا عن تصرف قانوني أو واقعة مادية كالتقادم المكسب للملكية أو الالتصاق أو الوفاة, و هذا بعد شهر الدّعوى الدائرة حول الحق المنوه إليه، أو تعرقل التصرف فيه.
و قد جاء في نص المادة 15 من الأمر 75/74 المتضمن قانون المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري أن:
" كل حق للملكية و كل حق عيني أخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ يوم إشهارهما في مجموعة البطاقات العقارية، غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفـــاة أصحاب الحقوق العينية " .
و بذلك يكون النص الحالي قد اقتصر في استثناءاته على الوفاة، التي يعتد بها وحدها لإعمال الأثر الرجعي لنشوء حقوق الورثة في الملكية عند أي قيد لاحق.
تجدر الإشارة إلى أنه ثار خلاف قضائي و فقهي حاد قبل سنة 2003 حول ضرورة شهر عقد الوعد بالبيع، فذهب اتجاه إلى عدم ضرورة ذلك لاعتبار أن التصرف لا يؤثر على المركز القانوني للعين من جهة، ومن جهة أخرى اعتبار إمكانية الرجوع قبل حلول التاريخ المحدد لإبرام عقد البيع, و كذا أن ذلك لا يؤثر في شئ إذا ما لم يبد أي من الواعد و الموعود له رغبتيهما في التقدم إلى الموثق أو بذل إجراء قضائي لتفعيل الوعد، فتستمر الحالة علي ما كانت عليه دون تغير في صاحب الملكية. فلا داع بذلك لإجراء الشهر .
فيما ذهب الاتجاه الغالب إلى إخضاع الوعد بالبيع إلى ذات أحكام عقد البيع لا نصبابهما على عقار, و هو ما كرسه مجلس الدولة بقراره: 004983 لتاريخ: 15/07/2002 – مجلة الدولة عدد 3 لسنة 2003 الصفحة 155- إذ اعتبر أن الوعد بالبيع إذا لم يراع الشهر فلا يحتج بـه في مواجهة الغير، و هو الموقف الذي اتخذه المشروع بقانون المالية لسنة 2004.

المطلب الأول:
مدى نفاذ التصرفات و الإجراءات القانونية في حق الغير :

لقد حسم كل من القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية و كذا قانون الشهر مسألة جواز الاحتجاج بالحق في مواجهة الغير، معتبرة كلها ذلك لا يمكن قيامه إلا من تاريخ القيد. كالتصريح بالشفعة الذي لا ينفد في حق الغير إلا من تاريخ تسجيل الرغبة فيها (الشفعة)، فبذلك يمكن أن يكون التصرف الحاصل لغير الشفيع محلا للإبطال.
كذلك تسري آثار القيد في الحيلولة دون التصرف في الشئ المحجوز عليه بالنسبة للحجوز العقارية سواء عن طريق الإيجار أو البيع و تلقي الإيرادات و الأجور، و أيضا مثل عدم نفاذ الحوالات و المخالصات بالأجرة متى زادت عن ثلاث سنوات في حق الدائن المرتهن إلا في حالة ما إذا تم تسجيلها سابقة عن قيد الرهن طبقا للمادة 897 القانون المدني.
كما أوقف المشروع بالمرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر قبول العرائض الهادفة إلى الحكم بالفسخ أو الإبطال أو نقض الحقوق الناتجة عن وثائق مشهرة ، و ذلك بموجب المادة 85 منه، إذ يثبت هذا الشهر بشهادة من المحافظ العقاري (راجع الموضوع الخاص بذلك).
أما فيما يتعلق بالشرط الذي تم على أساسه الفسخ أو الإلغاء أو الإبطال الواقع للحقوق المشهرة, فإن عدم إشهاره يجعله غير سار تماما, كالحكم المؤسس عليه قِبَـلَ الخلف الخاص لصاحب الحق، فإذا افترضنا أن عقد البيع أًبرم بتاريخ: 27/12/2006 من "أ" إلى "ب" و تم شهره في: 02/01/2007، تم تعاقد "أ" مع "ب" من جديد على أن لا يتصرف بالبيع و لا بغيره من التصرفات في العقار المبيع بتاريخ 04/01/2007 و تصرف "ب" ببيع العقار نفسه إلى "ج" في 06/01/2007 قام "أ" و "ب" بشهر العقد الثاني المانع للتصرف الذي أبرماه، فإنهما لا يمكنهما أن يطالبا "ج" برد المبيع و استلام الثمن لأن الشرط أسبق من البيع الأخير، إذ يمكن لـ "ج" أن يدفع حينها بأن الشهر هو الذي يرتب آثار الشرط الذي تعاقد "أ" و "ب" من أجله معتمدا على ما تحميه به المادة 87 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر .
أما فيما يتعلق بمصير الدعاوى غير المشهرة فإن مجلس الدولة بقراره رقم 2160 المؤرخ في 08/10/2001 المنشور على الموقع رتب عدم قبول الدعاوى الدائرة حول حقوق كانت مشهرة، و رغم صواب ما ذهب إليه ، فإن الغريب أن الغرفة العقارية للمحكمة العليا استثنت من هذا الشرط- و بالتالي من هذه النتيجة - العرائض الافتتاحية الدائرة حول العقارات المتواجدة بالأماكن التي لم تكن خاضعة للمسح. ولا ندري ما العبرة من اعتماد معيار المسح في ذلـك.

المطلب الثاني :
شرط القيد لوجود الحق العيني قبل الغير

ترتيبا على ما سبق عرضة تحت العنوان السالف, يمكن التساؤل حول إشكالية هامة و هي:
هل أن المشرع الجزائري قصد تخويل القيد مطلق القوة الإثباتية أم أنه أجاز الطعن فيه؟ و كذا: ماذا يمكن أن يترتب عن القيد عند الاعتداد بالأثر الرجعي في حالة الوفــاة؟
اشترط القانون ضرورة الإثبات بالقيد على كل مدع ملكيته لحق عيني بموجب واقعة مادية, كالتقادم المكسب أو الالتصاق بالعقار التي أجازها القانون المدني للحصول على الملكية, شأنه شأن المرسوم: 83/352 المؤرخ في: 21/05/1983 المتعلق بإعداد عقود الشهرة, المتضمن الاعتراف بالملكية.
فضلا عن المادة 39 من قانون التوجيه العقاري التي تخص تسليم شهادة الحيازة .
يشترط أن يفرغ التقادم المكسب للملكية في تصرف قانوني, مثل عقد الشهرة الذي يعده الموثق أو القرار القضائي الذي يتضمن اكتساب الملكية بهذه الطريقة، أو شهادة الحيازة المحصلة من البلدية ( و هنا تجدر الإشارة إلي أن شهادات الحيازة المسلمة من قبل البلدية لا تعد سند ملكية و إنما تعتبر وثيقة للإكساب بالتقادم عند مسح الأراضي) و يجدر التنوية إلى أن المادة 827 و المواد التالية لها من القانون المدني تضع حدا للإكساب بالتقادم في المناطق التي يكون فيها القيد لاحقا للمسح, مع إمكان ذلك فيما كان سابقا للمسح أو وقت القيد الأول, شريطة أن يحصل إفراغه في تصرف قانوني كما تم تبيانه أعلاه.
هناك إشكال يثور حول إمكانية تملك الحق الذي يشهر بعد القيد الأول عن طريق الحيازة ، سواء أخرج العقار من تحت يد مالكه إلى غيره فاستمر حائزا له للمدة التي تجيز الكسب بالتقادم في مقابل اعتبار الملكية أبدية بعد القيد كما هو معروف...
تكتسب الملكية بالتقادم بحسب المواد من 823 إلى834 و كذلك جميع الحقوق العينية العقارية الأصلية و تزول بعدم الاستعمال .
و استثنت الأراضي الممسوحة بالمادة الأولى من المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 المتعلق بإعداد الموثوق لعقود الشهرة, أي أنه خص فقط الأراضي التابعة للخواص دون غيرهــا.
كما يثور الإشكال أيضا حول قابلية الإدعاء للمطالبة بتقرير الملكية على أساس التقادم لأرض مندرجة ضمن مناطق ممسوحة تحصل صاحبها على وثائق.
إنه من غير الجائز اكتساب الملكية حيث ذلك لخضوع الدعوى هنا إلى ذات أحكام إعداد عقد الشهرة.
إذا أخدنا بمبدأ الشهر العيني نجد كثيرا من التشريعات تمنح القيد الأول قوة إثباته مطلقة لا تطرح مع وجودها مسألة الاكتساب بالتقادم.
لكن القانون الجزائري على خلاف ذلك سلك مسلكا أخر جاعلا بإمكان كل من له مصلحة أن يطعن في قرارات المحافظ العقاري كموظف, و ذلك أمام القضاء الإداري وفقا لنص المادة 7 من قانون الاجراءات المدنية مع احترام قواعد الاختصاص المقررة.
نصت المادة 15 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر على أجل رفع الدعوى - تحت طائلة سقوط إمكانية رفعها - كاستثناء وحيد عن الأثر المطهر للقيد و القوة الاثباتية للقيد النهائي عند للجوء إلى القضاء لإعادة النظر في الحقوق التالية للعقد الأول .
و ينجلي – تفسيرا لذلك – عدم أخذ المشرع الجزائر بمطلق القوة الإثباتية للشهر بإجازته الطعن بإلغاء القيد أمام القيد لكن من تاريخ العلم بالقيد حسب الأحكام العامــة.
أما في ظل نظام الشهر العيني فلا يمكن الطعن و إنما فقط المطالبة بالتعويض بدعوى القضاء الكامل.
لا يمكن الإدعاء بالملكية بسبب الالتصاق ما لم يتم شهر السند الذي يثبت ذلك على ان يخرج ذلك عن الأراضي الممسوحة تحت طائلة افتقار القيد لقوته الإثباتية .
و قد نظمت الالتصاق بالمواد 778 ق م و ما يليها سببا لتقرير الملكية سواء اتصل ذلك بتغيير الحدود أو إنشاء حق عيني معين لصالح الخواص ، أو إلحاق ملكية خاصة بالأملاك الوطنية، مهما كان مصدر الفعل (أي الإنسان أو الطبيعة)، كما تضمنت ذلك مواد كثيرة من المرسوم: 76/63 المطبق لقانون الشهر, و المادة 15 من الأمر: 75/74 المؤرخ في: 12/11/1975 المتضمن قانون المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري.
لكن الغرفة العقارية كانت قد حسمت مسألة كون " الدفاتر العقارية الموضوعية على أساس مجموعة البطاقات العقارية البلدية و مسح الأراضي المحدث، تشكل المنطلق الوحيد لإقامة البينة في نشأة الملكية العقارية ... ومن الثابت قانونا كذلك أن الدفتر العقاري هو الدليل الوحيد لإثبات الملكيـة العقارية " (راجع المجلة القضائية لسنة 2001 الصفحة 249 ) .
بعد تطرقنا لكل من التصرفات القانونية و ثانيا إلى أحكام انتقال الملكية بناء على وقائع مادية و دور القيد بشأنها.. تعين أخيرا التطرق إلى الوفاة كواقعة مادية مكسبه للملكية عن طريق الميراث أو الوصية كتصرفين مضافين إلى ما بعد حصول واقعة الموت, وفقا لأحكام القانون المدنــي.
استثناء من آثار عدم الرجعية بالنسبة للقيد نجد المادة 15 من الأمر: 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن قانون المسخ العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري تجعل من الإمكان الرجوع بالآثار إلى تاريخ الوفاة شريطة أن يسعى الوارث أو الموصى له أو هما معا للحصول على شهادة رسمية موثقة تتضمن انتقال الحق و قيده بمجموعة البطاقات العقارية طبقا للمادتين 39 و62 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر العقاري, و هو ما كرسته المادة 91 من نفس المرسوم بجعلها "كل انتقال أو إنشاء أو انقضاء لحقوق عينية عقارية بمناسبة أو بفعل الوفاة يجب أن يثبت بموجب شهادة موثقة " .
و سطرت المادة 99 من المرسوم 76/63 المطبق لقانون الشهر العقاري أجلا للوارثين أو الموصين لهم قدره 6 أشهر بعد الوفاة, تحت طائلة عدم اعتبار القيد شرطا كاشفا, لينفذ التصرف في مواجهة غيرهم ، فتقع مسؤوليتهم المدنية إذا أضر تقاعسهم هذا بالغير, كما لا يمكن نتيجة لذلك أن يشهروا تصرفاتهم تطبيقا للأثر الإضافي للقيد و لا يمكنهم أن يحتجوا بما ينجر عن نظام القيد العيني من الضمانات لصالح ذوي الحقوق العينية التي تم شهرها لتصير تصرفاتهم ناجزه في الحقوق المترتبة عن الميراث بعد الوفاة .














الخــــاتمة:

يمكن القول أخيرا أن المشرع الجزائر قد وفق كثيرا بأخذه بنظام الشهر العيني، و إعطائه أثرا منشئا للقيـد، و العلة من كل ذلك الضمان الأقصى و تحقيق المرونة في تأميـن المعامـلات بيـن المتعاملين في العقـارات أو علاقتهم بالغير من زاوية المسؤولية، رغم الفواصل و الفراغات التي تتخلل أحكام المشرع في إطار القوة الإثباتية للقيد، وكذا استثناء المناطق الممسوحة من إمكانية اكتساب الملكية بطريق التقادم، و هذه الانتقادات على قلتها لطبيعة الموضوع الحالي، تجعل المشرع أمام ضرورة سن نصوص لسدها, و إثراء المكتبة التشريعية العقارية التي تسرح أيدي القضاء في الفصل و عدم التراوح بين مختلف المفاهيم التي يصير إليها بتأويل نصوص متفرقة قد تنزل إلى مرتبة التناقض حول ذات المواضيع

oumda2
2009-01-31, 14:20
بقي العرب تحت الحكم العثماني لمدة أربعة قرون، حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى أين ساندت الأقطار العربية الحلفاء في حربها التي و من خلالها أسقطت الحكم العثماني ، من أجل الحصول على استقلالها،و في الفترة ما بين الحربين العالميتين ظهرت الثورات و الانتفاضات المنادية للاستقلال، و مع ظهور فكرة القومية العربية التي نادى بها بعض المفكرين العرب و هبوب رياح الحرية، نالت الدول العربية استقلالها، فاتجهت إلى إنشاء تنظيمات إقليمية تجمع بينها من أجل تحقيق مصالحها المشتركة.



و تعد جامعة الدول العربية من أقدم المنظمات الإقليمية التي عرفتها المنظمة العربية، حيث أنها نشأت قبل منظمة الأمم المتحدة بثلاثة أشهر و قبل منظمة الوحدة الإفريقية بثمانية عشر عاما .



جامعة الدول العربية هي منظمة دولية ذات أساس قومي، و هي باعتبارها منظمة إقليمية تختلف عن المنظمات الدولية العالمية التي تسمح بانضمام أي دولة في العالم إليها مادامت توافق على أنظمتها و مواثيقها.


أما المنظمة الإقليمية فهي التي تشترط لعضويتها رابطة معينة اقتصادية أو سياسية أو جغرافية أو دينية أو غير ذلك و هي منظمة قومية لأن شروط الانتساب إليها أن تكون الدولة منتمية إلى الأمة العربية (1).



و ظهرت فكرة إنشاء جامعة للدول العربية تسعى إلى تحقيق المصالح المشتركة للدول العربية بعد انتشار فكرة القومية و حركات التحرر أين تحصلت غالبية الدول العربية على استقلالها من الاستعمار الفرنسي و البريطاني ولهذا سنتناول ظروف نشأة هذه المنظمة الإقليمية العريقة و عليه ارتأينا إلى طرح الإشكالية التالية كيف نشأت جامعة الدول العربية و ماهي مبادئها خصائصها، أهدافها و شروط العضوية فيها و ماهي انجازاتها؟





ـــــــــــــــــــــــ


(1)ذ/ بن عامر تونسي، قانون المجتمع الدولي، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة السادسة، 2005 ص201



المبحث الأول: نشأة جامعة الدول العربية(مبادئها، أهدافها)وشروط العضوية فيها:


المطلب الأول: نشأة جامعة الدول العربية و مبادئها و أهدافها:


الفرع الأول: نشأة جامعة الدول العربية:


بعد الاتصالات التي قامت بها الحكومة المصرية في عام 1942 مع حكومات الدول العربية،انعقدت في الإسكندرية في المدة من 25 سبتمبر إلى أكتوبر 1944 لجنة تحضيرية للمؤتمر العربي ،و ساهم في أعمال هذه اللجنة ممثلون لسوريا و لبنان و شرق الأردن و العراق و المملكة العربية السعودية و مصر و أرسل اليمن مراقبا عنه في هذه اللجنة و قامت هذه اللجنة بإعداد الأسس التي تم الاتفاق عليها كميثاق لهذه المنظمة و تعرف هذه الأسس باسم بروتوكول الإسكندرية الذي تم التوقيع عليه في 19 مارس 1945.



و في 22 مارس 1945 انعقد المؤتمر العربي و اشتركت فيه الدول العربية السبع التي أشرنا إليها و أقر هذا المؤتمر بالاجتماع مشروع الميثاق الذي أعدته اللجنة الفرعية و لم يشترك اليمن في أعماله هذا المؤتمر لكنه قام بالتوقيع عليه في صنعاء بتاريخ 5 ماي 1945.



و بذلك انتهت الأعمال التحضيرية لإنشاء جامعة الدول العربية و كان من اللازم بعد ذلك توافر شرط التصديق على مشروع ميثاقها طبقا للأوضاع الدستورية للبلاد العربية الموقعة على الميثاق حتى تخرج هذه المنظمة إلى حيز الوجود،كما نص على إيداع وثائق التصديق لدى الأمانة العامة على أن يصبح الميثاق نافذا قبل من صدق عليه بعد انقضاء 15 يوما من تاريخ استلام الأمين العام وثائق التصديق من أربع دول و قد تحقق هذا الشرط في 01 ماي 1945.



يعد ميثاق جامعة الدول العربية المصدر الأساسي للنظام القانوني لتلك المنظمة حيث يتكون ميثاق جامعة الدول العربية من ديباجة و عشرين مادة و ثلاثة ملاحق(1).






ــــــــــــــــــــــــ


(1)ذ/ جمال عبد الناصر مانع، التنظيم الدولي ( النظرية العامة و المنظمات العالمية و الإقليمية و المتخصصة)، دار العلوم للنشر و التوزيع، 2006، ص 242-243


الفرع الثاني: المبادئ التي تقوم عليها الجامعة(1):


أنشئت الجامعة في 1945 ،فجاءت صورة صادقة عن أحوال الحكومات العربية و روابطها آنذاك: حذر متبادل، و تشبث بالغ بالسيادة، و سعي لتحقيق مآرب شخصية أو مطامع إقليمية، مع رغبة ما في التعاون و أهم المبادئ التي تقوم عليها الجامعة يمكن أن تلخص بمايلي:


1) المساواة التامة بين جميع الدول الأعضاء.


2) المحافظة على سيادة الدول الأعضاء: و قد جعل الميثاق من احترام السيادة و الاستقلال غرضا من أغراض الجامعة.


3)عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، و لهذا تلتزم كل دولة عضو باحترام أنظمة الحكم القائمة في هذه دول، و تعتبرها حقا من حقوق هذه الدول، و تتعهد بعدم القيام بأي عمل يرمي إلى تغيير تلك الأنظمة.


4) تسوية المنازعات بالطرق السلمية و عدم جواز اللجوء إلى القوة، و الجامعة تضع تحت تصرف الأعضاء بعض الوسائل السلمية لتسوية منازعاتها كالتحكيم و الوساطة.


5) التعاون المتبادل بين الأعضاء في مختلف الميادين، و تعاونها عند وقوع اعتداء عليها أو على إحداها.


الفرع الثالث: أهداف الجامعة(2):


جاء في ديباجة الميثاق:« تثبيتا: للعلاقات الوثيقة و الروابط العديدة التي تربط بين الدول العربية و حرصا على دعم الروابط و توطيدها على أساس احترام استقلال تلك الدول و سيادتها و توجيها لجهودها إلى ما فيه خير البلاد قاطبة و صلاح أحوالها و تأمين مستقبلها و تحقيق أمانيها و آمالها، و استجابة للرأي العام العربي في جميع الأقطار العربية.. » كما بينت المادة الثانية أهداف الجامعة و عليه يمكن تحديد هذه الأهداف كالآتي:


1 ـ صيانة استقلال الدول الأعضاء: فقد أكدت ديباجة الميثاق و المادة2/1 أن من مقاصد الجامعة صيانة استقلال أعضائها ضد أي عدوان خارجي.


2 ـ حل المنازعات العربية بالطرق الودية: أكدت المادتان الخامسة و السادسة من الميثاق على دور الجامعة في منع قيام الحروب بين الدول العربية و العمل على حل منازعاتها بالطرق الودية.


3 ـ توثيق الصلات السياسية بين الدول العربية الأعضاء: و نصت المادة الثانية من الميثاق على تنسيق الخطط السياسية بين الدول الأعضاء ضمانا لتحقيق التعاون فيما بينها.


ـــــــــــــــــــــــــ


(1)محمد المجذوب، التنظيم الدولي ' النظرية و المنظمات العالمية و الإقليمية و المتخصصة'، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثامنة،2006،ص406


2)ذ/ بن عامر تونسي، قانون المجتمع الدولي، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة السادسة، 2005ص205-206



4 ـ توثيق أوجه التعاون في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية أكد الميثاق على تعاون أعضائها في المجالات التالية:


* الشؤون الاقتصادية و المالية و يدخل التبادل التجاري و الجمارك و النقد و أمور الزراعة و الصناعة.


* شؤون المواصلات و يدخل في ذلك السكك الحديدية و الطرق و الطيران و الملاحة و البرق و البريد.


* شؤون الثقافة.


* شؤون الجنسية، و الجوازات و التأشيرات، و تنفيذ الأحكام، و تسليم المجرمين.


* الشؤون الاجتماعية.


* الشؤون الصحية(1).


المطلب الثاني: العضوية و عوارضها في الجامعة العربية:


الفرع الأول: أنواع العضوية في الجامعة العربية:


تنقسم العضوية في جامعة الدول العربية إلى عضوية أصلية و عضوية مكتسبة


أولا: العضوية الأصلية:


هذه العضوية تثبت عادة للدول التي دخلت المنظمة وقت إنشائها و قد ثبتت العضوية الأصلية في جامعة الدول العربية للدول العربية التي وقعت على الميثاق و عددها سبعة هي مصر، السعودية، اليمن،سوريا،لبنان،الأردن،العراق.


ثانيا: العضوية المكتسبة:


تثبت هذه العضوية للدول التي تنضم إلى المنظمة في تاريخ لاحق على إنشائها و يشترط لاكتساب العضوية في جامعة الدول العربية توافر شروط هي:


- أن يكون طالب العضوية متمتعا بوصف الدولة.


- أن تكون الدولة عربية أي تنتمي إلى الأمة العربية و يتمتع مجلس الجامعة بسلطة للتأكد من هذا الشرط.


- أن تكون الدولة مستقلة و لكن ما هو المقصود بالاستقلال هل السياسي أم الاقتصادي أو الثقافي؟ تحديده يكون رهنا لمجلس الجامعة.


- أن تطلب الدولة الانضمام إلى الجامعة و يتضمن الطلب الذي تقدمه الدولة تعهدا باحترام نصوص الميثاق.


- يجب أن يوافق مجلس الجامعة على الطلب في أول اجتماع له يعقد بعد تقديم الطلب(2).


ــــــــــــــــــــــ


(1) ذ/ بن عامر تونسي، مرجع سابق،ص 206


(2)ذ/ جمال عبد الناصر مانع، التنظيم الدولي ( النظرية العامة و المنظمات العالمية و الإقليمية و المتخصصة)، دار العلوم للنشر و التوزيع، 2006، ص244


الفرع الثاني: شروط العضوية في الجامعة العربية و عوارضها:


І)شروط العضوية:


نصت المادة الأولى من ميثاق جامعة الدول العربية على مايلي:"تتألف من الدول العربية المستقلة الموقعة على هذا الميثاق و لكل دولة عربية مستقلة الحق في أن تنظم إلى الجامعة، فإذا رغبت في الانضمام قدمت طلبا بذلك يودع لدى الأمانة العامة الدائمة و يعرض على المجلس في اجتماع يعقد بعد تقديم الطلب" و عليه نميز بين نوعين من الشروط:


أ) الشروط الموضوعية:


1) دولة مستقلة: لطلب العضوية في الجامعة العربية لا بد أن يكون متمتعا بوصف الدولة أي لابد منة توافر مقومات الدولة(شعب،إقليم،سيادة)على أنه يلاحظ أن منظمة التحرير الفلسطينية تتمتع بالعضوية الكاملة في الجامعة العربية منذ 1976، و الحقيقة أن هذه الحالة تعتبر خروجا عن المفهوم القانوني للدولة و قد أمثله اعتبارات سياسية لا غير


2) دولة عربية: لم يتضمن الميثاق تعريفا لما يعتبر من الدول متمتعا بوصف العروبة و من هنا اتجه الفقه إلى وضع بعض المعايير لتحديد مفهوم العروبة مثل:


* «المعيار السليم هو حقيقة شعور الدولة طالبة الانضمام» الإحساس بالانتماء إلى الأمة العربية.


* معيار اللغة العربية فإذا كان شعب الدولة يتكلم اللغة العربية.


* معيار الجغرافيا أي أن تكون الدولة طالبة العضوية واقعة في الإطار الإقليمي للوطن العربي الذي ينحصر في القارتين الإفريقية و الآسيوية (صومال،جيبوتي)


ب) الشروط الشكلية:


تتم هذه الإجراءات كالتالي:


* تقديم طلب من طرف الدولة الراغبة في العضوية للأمانة العامة للجامعة متضمنا هذه الرغبة و معلنا عن التزامها بأحكام ميثاق الجامعة دون قيد و لا شرط و الوفاء بالتزامات العضوية، ثم يقوم الأمين العام بعرض رغبنها على مجلس الجامعة في أول اجتماع استثنائي لمجلس الجامعة.


* أن يوافق مجلس الجامعة على الانضمام: و حتى يتحقق انضمام الدولة العربية إلى الجامعة فإنه لا بد من صدور قرار من جانب مجلس الجامعة بقبول الدولة عضوا فيها(1).




ـــــــــــــــــــــ


(1) ذ/ بن عامر تونسي، قانون المجتمع الدولي، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة السادسة، 2005 ص207


208-209

oumda2
2009-01-31, 14:30
) عوارض العضوية في جامعة
الدول العربية(1):
تلحق بعضوية الدول في جامعة الدول العربية العوارض التالية:
أولا- الانسحاب من العضوية:
1- القاعدة العامة(الانسحاب غير الفوري): قرر الميثاق أن لكل دولة عضو أن تنسحب من الجامعة بشرط أن تبلغ المجلس قبل تنفيذه بسنة فالدولة لا تفقد عضويتها في الجامعة لمجرد إبلاغها المجلس بالانسحاب و إنما يترتب ذلك بعد سنة و حكمة : - إعطاء الدولة فرصة للتفكير
- عدم حدوث هزة مفاجئة في هيكل الجامعة
2- الاستثناء(الانسحاب الفوري): في حالة تعديل الميثاق و لم تقبل الدولة هذا التعديل إذ في هذه الحالة يجوز للدولة الانسحاب من الجامعة دون انتظار مدة السنة، و ترجع أسباب انسحاب الدولة العضو إلى:
- الانسحاب طبقا للمادة التي تقضي بأنه إذا رأت إحدى دول الجامعة أن تنسحب منها أبلغت المجلس عزمها على الانسحاب قبل تنفيذه بسنة.
- الانسحاب بسبب تعديل ميثاق جامعة الدول العربية و هذا ما تنص إليه المادة 19 في نهايتها حيث تقرر أن للدولة التي تقبل التعديل أن تنسحب عند تنفيذه دون التقييد بأحكام المادة 18 أي لا يلزم في هذه الحالة على خلاف الحالة السابقة أن تقدم الدولة المنسحبة بإبلاغ عزمها على الانسحاب إلى مجلس جامعة الدول العربية قبل تنفيذه بسنة.
ثانيا- الفصل أو الطرد من العضوية:
يشترط لتوقيع عقوبة الفصل أو الطرد من جامعة الدول العربية توافر ثلاثة شروط:
- عدم قيام الدولة بالواجبات التي نص عليها الميثاق و يمكن توقيع هذا الجزاء على كل دولة لا تقوم بأي واجبات قررها الميثاق و لكن الميثاق لم يحدد ما هي هده الواجبات و لهذا يجب على المجلس أن يتروى كثيرا قبل تطبيق هذا الجزاء لأمور ثلاثة:
أ- الطرد أو الفصل لا يكون إلا في حالة انتهاك شديد لمبادئ الميثاق.
ب- لا تطبق المنظمات الدولية جزاء الطرد أو الفصل كحل أخير.
ج- قرار الفصل يجب صدوره بإجماع دول الجامعة.




ــــــــــــــــــــــ
(1) ذ/ جمال عبد الناصر مانع، مرجع سابق،ص 244-245

ثالثا- فقد العضوية بسبب زوال الشخصية الدولية:
إذا فقدت إحدى الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية شخصيتها القانونية الدولية لاندماجها في دولة عربية أخرى أو لغير ذلك من الأسباب فإنها تفقد بالتالي عضويتها في الجامعة مثال دلك عندما قامت الوحدة بين مصر و سوريا عام 1958، و نشوء الجمهورية العربية المتحدة حيث أصبحت الدولة الجديدة عضوا في الجامعة و عندما وقع الانفصال عادت سوريا إلى عضوية الجامعة عام 1961 لأنها بالانفصال استعادت شخصيتها القانونية الدولية.
رابعا- تجميد العضوية:
جزاء التجميد هو جزاء غريب لم تنص عليه ميثاق الجامعة، وتكفينا لهذا الجزاء أنه يقع في مرتبة وسطى بين جزائي الفصل و الحرمان من حقوق و مزايا العضوية و يترتب على ذلك العديد من النتائج منها:
-أن الدولة التي يتم تجميد عضويتها لا تلتزم بدفع أنصبتها المالية في ميزانية المنظمة خلال فترة التجميد.
- أن تجميد العضوية لا يترتب عليها زوالها أي أن الدولة لا تفقد بالتجميد عضويتها في المنظمة.
- تظل الدولة التي تم تجميد عضويتها ملتزمة بالمبادئ و الأهداف التي قامت عليها الجامعة العربية.
خامسا- غياب دولة عضو أو سياسة الكرسي الخالي:
أن الدولة يمكن أن تتغيب عن جلسات أحد الأجهزة المنظمة و يعرف هذا بسياسة الكرسي الخالي و هذا يعني إمكانية غياب بعض الأعضاء و قد مارست الدول أعضاء الجامعة العربية هذه السياسة عن طريق الامتناع عن حضور جلسات مجلس الجامعة.
سادسا- استئناف الدولة لعضويتها في مجلس الجامعة:
يحدث ذلك خصوصا إذا اتحدت دولتان و يترتب عليه تمثيلها بمقعد واحد في المنظمة ثم يحدث انفصال إحداها من الاتحاد الأمر الذي يدعوها إلى طلب استئناف عضويتها فيها(1).







ـــــــــــــــــــــــ
(1)ذ/ جمال عبد الناصر مانع، مرجع سابق،ص 245-246
المبحث الثاني:تركيب الجامعة العربية و تقييمها:
المطلب الأول: تركيب الجامعة العربية و انجازاتها:
الفرع الأول: تركيب الجامعة العربية(1):
تتكون الأجهزة التي نص عليها ميثاق جامعة الدول العربية ممايلي:
أ) مجلس الجامعة: و يتكون من ممثلي الدول المشتركة في الجامعة و يكون لكل منها صوت واحد مهما يكن عدد ممثليها(3/1) و للمجلس اختصاص حسب ما قررته المادة 3/2 من ميثاق الجامعة «مهمته تحقيق أغراض الجامعة و مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول المشتركة فيها من اتفاقيات في الأمور المشار إليها في المادة السابقة»، و من هذه المهام:
* القيام بكل ما من شأنه دعم التعاون بين الدول العربية في مختلف المجالات.
* اتخاذ التدابير اللازمة لدفع ما قد يقع على إحدى دول الجامعة من عدوان.
* حل المنازعات بين الدول الأعضاء في الجامعة عن طريق الوساطة و التحكيم.
* وضع نظام داخلي لكل من المجلس و اللجان الدائمة و الأمانة العامة....
ب) اللجان الدائمة: نصت المادة 4 من الميثاق:« تؤلف لكل من الشؤون المبينة في المادة الثانية لجنة خاصة تمثل فيها الدول المشتركة في الجامعة، و تتولى هذه اللجان وضع قواعد التعاون و مداه، و صياغتها في شكل مشروعات اتفاقات تعرض على المجلس للنظر فيها تمهيدا لعرضها على الدول المذكورة»
و قد تم تشكيل اللجان الدائمة التالية:
* اللجنة السياسية و تتكون من وزراء خارجية الدول الأعضاء.
* لجنة الشؤون الاقتصادية. * لجنة الإعلام. * لجنة الشؤون المالية و الإدارية.
* لجنة الشؤون الاجتماعية. * لجنة خبراء البترول. * لجنة حقوق الإنسان.
* لجنة المواصلات. * لجنة الأرصاد الجوية.
* اللجنة القانونية * اللجنة الصحية





ـــــــــــــــــــــــ
(1)ذ/ بن عامر تونسي، مرجع سابق، ص 211-212-213
ج) الأمانة العامة:تتألف من أمين عام و أمناء مساعدين و عدد كاف من الموظفين و يكون تعيين الأمين العام بقرار من مجلس الجامعة بأغلبية الثلثين،أما الأمناء المساعدون و الموظفون الرئيسيون فيعينهم الأمين العام بعد موافقة المجلس و يعين الأمين العام لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، ومن اختصاصات الأمانة العامة مايلي:
1) الاختصاصات الإدارية: يتولى الأمين العام، بمقتضى أحكام الميثاق و اللوائح الداخلية عدة اختصاصات من بينها:
* إعداد مشروع ميزانية الجامعة.
* تحديد تاريخ دورات انعقاد مجلس الجامعة.
* متابعة تنفيذ قرارات المجلس و اللجان.
2) الاختصاصات السياسية: يمكن للأمين العام و وفقا لميثاق الجامعة العربية أن يمارس بعض الاختصاصات ذات الطابع السياسي مثل:
- حضور اجتماعات مجلس الجامعة، و الاشتراك في مناقشة الموضوعات المعروضة عليه.
- تقديم تقارير أو بيانات شفوية عن أية مسألة يرى أنها قد تسئ إلى العلاقات القائمة بين الدول الأعضاء أو بينها و بين الدول الأخرى(1).
الفرع الثاني: انجازات الجامعة:
عندما نحاول تقييم نشاط الجامعة يتعين علينا أن نفصل بين النشاط السياسي و النشاط غير السياسي، ففي الميدان غير السياسي نرى أن الجامعة أصابت نجاحا محسوسا حتى أصبحت بعض اللجان التابعة لها تعتبر ، إلى حد ما ،نواة لهيئات عربية مركزية تعمل على صعيد عربي شامل و من بين انجازاتها نذكر:
في الشؤون الثقافية:
- ففي الشؤون الثقافية أنشأت الجامعة إدارة ثقافية تعمل على النهوض بالثقافة العربية و توحيد نظم التعليم في الوطن العربي و أسهمت في إثراء الثقافة العربية و تزويدها بالتراث الغربي عن طريق نشر المؤلفات القيمة و ترجمة أمهات الكتب الأجنبية.
- أنشأت معهد المخطوطات العربية عام 1946 الذي يهدف إلى جمع أشتات التراث العربي المبعثر في مكتبات العالم(2).

oumda2
2009-01-31, 14:31
ــــــــــــــــــــــــ
(1) ذ/ بن عامر تونسي، مرجع سابق، ص214-215
(2)محمد المجذوب، التنظيم الدولي ' النظرية و المنظمات العالمية و الإقليمية و المتخصصة'، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثامنة، 2006 ،ص 398-399

- أنشأت معهد الدراسات العربية العالية لإعداد أجيال من الدارسين المتخصصين في شؤون البلاد و إجراء بحوت التي تبرز مفهوم الحركة القومية العربية.
- كما تتعاون على الصعيد الدولي مع المنظمات العالمية ، و من أهمها منظمة الأونسكو، و للجامعة العربية في باريس مقر ( الأونسكو).
- كما أنشأت المنظمة العربية للتربية و العلوم و الثقافة ( ألكسو) على غرار الأونسكو.
في الشؤون القانونية: أحرزت الإدارة القانونية تقدما محسوسا في مضمار توحيد المصطلحات القانونية و تنسيق النشاط القانوني و توحيد القوانين في الأقطار العربية و تجلى هذا التقدم بإبرام الاتفاقيات المهمة التالية:
* اتفاقية تنفيذ الأحكام.
* اتفاقية تسليم المجرمين.
* الاتفاقية الخاصة بجنسية أبناء الدول العربية المقيمين في بلاد غير التي ينتمون إليها بأصلهم.
* اتفاقية الإعلانات و الإنابات القضائية.
* اتفاقية مزايا و حصانات جامعة الدول العربية.
* اتفاقية الجنسية.
في شؤون المواصلات: أولت الجامعة اهتمامها لمسألة ربط البلاد العربية بعضها ببعض و تسهيل سبل الاتصال فيما بينها و تحقيقا لدلك أنشئ الاتحاد العربي للمواصلات السلكية و اللاسلكية و الاتحاد البريدي العام.
في شؤون الاقتصاد: سعت الجامعة لتنظيم النشاط الاقتصادي لدولها و العمل على توحيد الاقتصاد العربي و لتحقيق هذا الهدف أنشئ المجلس الاقتصادي لتنفيذ مشروع السوق العربية المشتركة اعتبارا من أول عام 1965 و لكن الخلافات السياسية بين الأنظمة العربية حالت حتى دون تنفيذه(1).







ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد المجذوب، التنظيم الدولي ' النظرية و المنظمات العالمية و الإقليمية و المتخصصة'، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثامنة، 2006،ص400

المطلب الثاني: تقييم الجامعة:
بالرغم من الانجازات العظيمة التي انجزتها الجامعة العربية و التي لا يمكن لأحذ إنكارها إلا أنها قد أخفقت في تحقيق الكثير من مبادئها التي بقيت مجرد نصوص مكتوية و عليه نذكر من جملة سمات إخفاق الجامعة ما يلي:
- إن المساواة التامة بين الأعضاء لم تتحقق بسبب التفاوت في حجم القدرة و الثروة و المستوى الاجتماعي، و قيام المحاور المتناحرة، و الاستعاضة عن مجلس الجامعة بمؤتمرات القمة العربية(اجتماعات الملوك و الرؤساء العرب)، و تطبيق مبدأ الإجماع في اتخاذ القرارات، و لو كانت مصيرية.

- إن مفهوم السيادة أصبح ، لدى الدول الأعضاء، هدفا استراتيجيا ثابتا يقف بالمرصاد لكل محاولة توحيدية(و لو كانت تستهدف إلغاء التأشيرات و توحيد المصطلحات أو الاتفاق على شكل الأرقام)، و يتساهل مع كل انتهاك خارجي للسيادة.

- إن صيانة استقلال الدول الأعضاء بقيت أمنية، لأن الجامعة لم تحسن الحفاظ على استقلال أبنائها، و لم تتخذ موقفا حازما ممن فرط في استقلاله،أو تدبيرا زجريا ضد من فضل التبعية على الاستقلال. و إذا كانت المحافظة على استقلال الأعضاء و الدفاع عن سيادتهم من مبادئ الجامعة و أهدافها: فماذا فعلت من أجل فلسطين و دعم انتفاضتها؟ و ماذا فعلت عندما احتل العدو الصهيوني جنوب لبنان؟(1).......

و إضافة إلى ذلك فقد أخفقت الجامعة العربية في تحقيق:
1) عدم وجود نظام الإلزام في حل المنازعات، و التمسك بقاعدة الإجماع في اتخاذ القرار في الأمور الهامة.
2)كثرة الهيئات و المؤتمرات دون تنفيذ ما يتخذ من قرارات.
3)عدم تصفية الجو السياسي بين الأنظمة العربية.
4) بحث عن الحلول و التعاون خارج نطاق الجامعة العربية و خير مثال عن ذلك حرب الخليج و ما ترتب عنها(2).

ــــــــــــــــــــــــ
(1)محمد المجذوب، التنظيم الدولي ' النظرية و المنظمات العالمية و الإقليمية و المتخصصة'، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثامنة،2006 ،ص 407
(2) ذ/ بن عامر تونسي، مرجع سابق، ص 216






مما لاشك فيه أن العرب ينتمون إلى وحدة قومية اتسمت على مر العصور، بالانفتاح و التسامح و التفاعل، و كل قومية تسعى إلى تتجسد في كيان سياسي مستقل، أي في إطار ما يسمى اليوم بالدولة و لهذا فمن الطبيعي أن يطمح العرب إلى تكوين دولتهم الاتحادية القادرة على لم شمل كياناتهم المعبرة و المستضعفة ، فظنوا أن الجامعة ستكون أداة لذلك إلا إنها أخفقت أكثر مما حققت ما كنا نصبوا إليه.

فمما لاشك فيه أن الجامعة العربية ما هي إلا انعكاسا لواقعنا العربي المتميز بالتخلف و بعد الأنظمة عن واقع شعوبها و افتقار الديمقراطية و حرية الرأي كل هذا يتطلب من الباحث أن لا يصب لومه و سخطه على الجامعة العربية لفشلها و عدم فعاليتها، و إنما يجب أن يشمل أيضا الواقع العربي و العمل على تغيير هذا الواقع و النهوض به.

رباب فيروز
2009-01-31, 17:19
شكرا لك وجزاااااك الله كل خير