الجلفة إنفو للأخبار : الذكرى الـ 171 لملحمة الزعاطشة ... حكاية الشاب البطل "حسن" مع إرهاب المحتل الفرنسي!! الذكرى الـ 171 لملحمة الزعاطشة ... حكاية الشاب البطل "حسن" مع إرهاب المحتل الفرنسي!! ================================================================================ المسعود بن سالم on 22:30 26/11/2020 كل فئات الشعب الجزائري تعرضت لإرهاب المحتل الفرنسي الذي لم يكتف بخوض حرب البارود بل تجاوز ذلك بالتنكيل بجثامين الشهداء وعرضها. ومادمنا اليوم مع الذكرى الـ 171 لملحمة الزعاطشة فإننا سنتحدث اليوم عن الشاب البطل "حسن ابن بوزيان" الذي استشهد يوم اقتحام واحة الزعاطشة الموافق للسادس والعشرين 26 من شهر نوفمبر من سنة 1849. باعتباره أحد شهداء مقاومة الزعاطشة وباعتباره صاحب الرأس المقطوعة مع رأسي الشهيدين: أبوه الشيخ بوزيان والشيخ موسى بن الحسن المدني الدرقاوي. اندلاع انتفاضة الزعاطشة من خلال متابعتنا لما هو متداول من طرف الباحثين عن جماجم ورفات شهداء المقاومة الشعبية فإننا لم نقرأ شيئا عن مصير جمجمة الشاب البطل الشهيد "حسن ابن قائد واحة الزعاطشة الشيخ بوزيان ". ولا نعرف شيئا من خلال المعلومات المتاحة عن مصير رفاته التي عُرضت في واحة الزعاطشة أيام 26-27-28 نوفمبر 1849 ثم عُرضت طيلة 10 أيام بسوق بسكرة ابتداء من تاريخ 29 نوفمبر 1849 وهناك رسم هذه الرؤوس الطبيب "فيرديناند كونْوَا" المنشور سنة 1888. وإذا رجعنا إلى التفاصيل التي نشرها الصحفي الفرنسي "فيليكس مورنون" في نوفمبر 1849، في المقال المعنون "الحرب في الواحات" فإننا سنجد سردا مهما لحادثة محاولة سجن الشيخ بوزيان في جويلية 1849 من طرف الملازم سيروكا Seroka والجنود الذين معه. وهاهو الصحفي فيليكس يتحدث: "في الصائفة الماضية ادعى أحد شيوخ الواحات أن النبي قد زاره في المنام ... ولم يلبث أن سرى نداء الجهاد في الجوار وأن الشيخ بوزيان سيكون قائدا لحرب مقدسة ... فاتجه الملازم سيروكا الى الواحة وأمر الشيخ بوزيان أن يرافقه لأن قائد مركز بسكرة "الرائد سان جيرمان" يريده ... وعندما اقتيد بوزيان قال أحد الجنود مازحا "إذا كان قد شاهد النبي في أحد أحلامه فإنه سيراه شخصيا عما قريب وإن نية الرائد هي قطع رأسه بمجرد أن يضع قدميه على الأرض" ... فسمع الشيخ بوزيان هذا الكلام وأخذه على محمل الجد ورفض السير مع الملازم سيروكا ... فدفعه الجنود بالقوة وسقطت بعض حبات سبحته على الأرض فنزل لكي يلتقطها فتم دفعه مرة أخرى ... في هذه الأثناء كان أحد أبناء بوزيان يرقُبهم ورأى كيف تم تعنيف أبيه ومعاملته بقسوة ... فأطلق رصاصة عشوائية من بندقيته ... ثم بدأ إطلاق النار ونجت الفرقة الفرنسية بأعجوبة من الواحة ... ذاع صيت هذه الحادثة وبدأ العرب يقولون أن الحماية الإلهية كانت تحوم فوق رأس بوزيان ...". هنا نلاحظ هنا أن السبب المباشر في اندلاع انتفاضة الزعاطشة هو أحد أبناء الشيخ بوزيان الذي أطلق النار لإنقاذ أبيه من مصير الموت على يد الرائد سان جرمان قائد مركز بسكرة. وهذا شيء مهم لأن ذلك سيفسّر الحقد الذي سيحمله الفرنسيون لهذا الفتى والحرص على إعدامه لكي لا يكون قائدا وخليفة لأبيه بوزيان. شجاعة حسن ابن بوزيان وإعدامه في يوم الإقتحام يتحدث النقيب الفرنسي "ألفونس بلون ميشال" في كتابه الصادر سنة 1880 بباريس ... فيقول: بوزيان وولداه والشريف سي موسى طاردتهم كتيبة الزواف الثانية بقيادة الرائد لافاروند من دار إلى دار ... فتحصّنوا (المقاومون) بدار بوزيان ومن هناك خاضوا ضدنا قتالا ضاريا ... غير أن القصف قد فتح لنا الطريق وراءهم ليموت أولئك الرجال الحديديون تحت الأطلال". وتؤكد لنا هذه الشهادة أن هناك ولدين للشيخ بوزيان وليس إبنا واحدا. ونلاحظ هنا أن إبني الشيخ بوزيان قد حملا السلاح ضد القوات الفرنسية لا سيما يوم الإقتحام من طرف العدو. كما نجد الجنرال إيميل إيربيون، قائد حصار واقتحام الزعاطشة، يتحدث عن ابن الشيخ بوزيان في كتابه عن الزعاطشة الصادر سنة 1863 حيث يقول "إبن بوزيان شاب عمره عشرون سنة إكتسب حنكة أبيه وقد كان معه لحظة اقتحام الواحة ثم اختفى. أعطى الجنرال أمرا بالبحث عنه في كل مكان ... ثم جاءه برأسه محمد الصغير، قايد بسكرة، ورماها عند قدمي الجنرال وقال "جنرال، جرو الذئب لن يكون ذئبا" ... لقد وقع ذلك الشاب العربي أثناء فراره بين يدي قوم شيخ العرب الذي قطع رأسه". وينقل الدكتور "ستّار أوعثماني" شهادة لجندي فرنسي يقول فيها "كان إبن بوزيان شابا جميلا وباسلا. لقد توفي برباطة الجأش التي تميّز الشجاعة الحقيقية ... لحظات قبل رميه بالرصاص دفعه جندي بعنف بأخمص بندقيته فبرقت عينا الشاب العربي: أنا إبن بوزيان ... إبن بوزيان يُقتَل ولا يُضرَب". المصير المجهول لجمجمة الشاب البطل حسن بن بوزيان بعد قطع رؤوس كل من الشيخ بوزيان وابنه حسن والشيخ موسى الدرقاوي تم عرضها بالواحة ثم بسوق بسكرة لعدة أيام وهذا لنفي إشاعة نجاتهم وفي نفس الوقت ضرب المثل بمصير كل من يحارب فرنسا. ودون معرفة مصير جمجمة الشاب حسن فإن باقي الجماجم قد مرت على الدكتور كونوَا فيرديناند Quesnoi Ferdinand، طبيب بمركز بسكرة، لتصير لاحقا ضمن مجموعة المقتنيات الخاصة للدكتور فيتال Vital، الطبيب الرئيسي بقسنطينة. وبعد وفاة هذا الأخير عثر عليها الدكتور روبو Reboud، مراسل المجلة الإفريقية والطبيب السابق بالبرج العسكري بالجلفة في خمسينات القرن التاسع عشر، ليقوم بإرسالها إلى متحف باريس طبقا لمساهمته المنشورة بالمجلة الإفريقية "La Revue Africaine" والتي يقول فيها إنه هو من قام بإرسال جماجم بوزيان وبوبغلة وشريف تبسة (الشريف بوكديدة) ضمن مقتنيات أرسلها إلى متحف باريس تضم جماجم أخرى. وأشار روبو إلى أنه قد تحصل على هذه الجماجم من "ريني فيتال" شقيق الدكتور فيتال الذي كان يملك "مقتنيات أنثروبولوجية" ويشغل منصب الطبيب الرئيسي لناحية قسنطينة. وبالنسبة لمصير أسرة الشيخ بوزيان فإننا نجد النقيب بيري في مذكراته الصادرة سنة 1887 يقول إنه بعد اقتحام الواحة تم ذبح أم الشيخ بوزيان وزوجته وابنته. وهكذا فإننا أمام جريمة شنعاء لم تراع فيها القوات الفرنسية لا الكبير ولا الصغير ... لتبقى الزعاطشة ملحمة خالدة تخلد التضحيات الجسيمة ليس فقط للجزائريين بل لإخوانهم العرب بدليل الشهداء الذين وفدوا من تونس ومكة والمغرب ... وستبقى الزعاطشة أيضا وصمة عار لن تُنسى على مر التاريخ حول الجُرم الفرنسي ... النصب التذكاري لملحمة الزعاطشة ساحة واحة الزعاطشة أطلال أساسات وبقايا نخل بواحة الزعاطشة صورة الرؤوس المقطوعة الشيخ بوزيان وموسى الدرقاوي والشاب حسن (رسم الدكتور كونْوَا) الكاتب في صورة بالزعاطشة