فقد كتب الله الانتشار لرسالة الشيخ د.سفر الحوالي (منهج الأشاعرة في العقيدة ) وهي رسالة صغيرة قد حوت على أهم الانتقادات على الأشاعرة وقد أثنى عليها فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين , ومن أهم ما ذُكر في الرسالة حكم فقهاء المذاهب الأربعة في الأشاعرة , وقد شاغب بعض المتعالمين (حسن السقاف , عمر كامل) فردوا على هذه الرسالة ردّا هزيلا وتناقلته الأشاعرة في كثير من المنتديات فرحين بهذه الردود وخصوصا ردّهم على حكم أئمة المذاهب الأربعة في الأشعرية , فعزمت الرد على ردهم في هذه الجزئية مستعينا بالله وقد سميته:
(تأكيد الأقوال السنيّة
لعلماء المذاهب الفقهيّة
أن الأشاعرة ليست من المرضيّة)
والله أسأل التوفيق والسداد ,,,
قال (السقاف وصاحبه):
إن أئمة المذاهب الأربعة قد توفاهم الله تعالى قبل أن يخرج , بل قبل أن يولد الإمام أبو الحسن الأشعري سنة ( 260 ) هـ , وآخر الأئمة موتاً هو أحمد بن حنبل توفي سنة (241) هـ فكيف يحكمون على الأشعري الذي ولد بعد وفاتهم؟
.................................................. ................................
أقول : اقرأ جيداً !!! ألا ترى قول د.الحوالي (وسنأتي بحكمهم عند أئمة المذاهب الأربعة من الفقهاء) ولم يقل أئمة المذاهب الأربعة المتبوعين بل قال(من الفقهاء) فدل على أن قصده فقهاء المذاهب الأربعة, ثم أنظر إلى السياق فإنه جاء في ذكر الفقهاء الذين أدركوا الأشعرية فيتبين لك مراد المؤلف
المالكية
قال د.سفر الحوالي:
عند المالكية :
روى حافظ المغرب وعلمها الفذ ابن عبد البر بسنده عن فقيه المالكية بالمشرق ابن خويز منداد أنه قال في كتاب الشهادات شرحاً لقول مالك : لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء ، وقال :
(( أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام ، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري ، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً ، ويهجر ويؤدب على بدعته ، فإن تمادى عليها استتيب منها)) ا.ه
وروى ابن عبد البر نفسه في الانتقاء عن الأئمة الثلاثة (( مالك وأبي حنيفة والشافعي )) نهيهم عن الكلام وزجر أصحابه وتبديعهم وتعزيرهم ، ومثله ابن القيم في ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) فماذا يكون الأشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال (السقاف وصاحبه):
قلنا له: يكذبك كلامك الذي أوردته بعد ذلك الآخذ بتلابيبك لأنك أوردت كلام مالك في القضية نقلاً عن ابن خويز منداد الذي هو متهم عند المالكية وعند علماء الجرح والتعديل الذين تلوك بفمك وتردد اسمهم متبجحاً!! وإليك ذلك:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في " لسان الميزان" (5/291من الطبعة الهندية).ما نصه :
((عنده -ابن خويز منداد -شواذ عن مالك , واختيارات وتأويلات لم يعرج عليها حذاق المذهب كقوله إن العبيد لا يدخلون في خطاب الأحرار وأن خبر الواحد مفيد العلم .... وقد تكلم فيه أبو الوليد الباجي ولم يكن بالجيد النظر ولا بالقوي في الفقه وكان يزعم أن مذهب مالك أنه لا يشهد جنازة متكلم ولا يجوز شهادتهم ولا مناكحتهم ولا أماناتهم , وطعن ابن عبد البر فيه أيضا )) انتهى كلام الإمام الحافظ ابن حجر .
.................................................. ................................................
أقول : هذا التلبيس مفضوح لأن الدكتور لم ينقل عن الأئمة الأربعة بل نقل عن أئمة وفقهاء المذاهب الأربعة الذين أدركوا الأشعرية فقال أولا عند الملكية ) ولم يقل عند الإمام مالك , فإن سلمنا لكم أن الخبر هذا شاذ عن مالك ، -و الشذوذ لا يقدح في عدالة الراوي فهو (مخالفة(الثقة) لمن هو أولى منه)ولا يكون متهما, كما هو معلوم عند من لديه أدنى مسكة علم في فن مصطلح الحديث-
فهو صحيح عن ابن خويز منداد –وهو احد أئمة المذهب المشهورين قال ابن غزي في ديوان الإسلام (ج 1 / ص 40) : (الإمام العلامة شيخ المالكية أبو بكر البغدادي، له مصنفات في الفقه والأصول.)
وصحيح كذلك عن (سائر أصحابنا) أي المالكية ,
ونقلُ ابن عبد البر لهذا الخبر إقرار لكلام ابن خويز بل قال بعده (( ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول صلى الله عليه وسلم أو أجمعت عليه الأمة وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه )) وكلامه هذا قاعدة عند أهل السنة و الجماعة .
أتعلم من ابن عبد البر!!!
قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء (18 / 153- 161)
(( الامام العلامة، حافظ المغرب، شيخ الاسلام،...أدرك الكبار، وطال عمره، وعلا سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، ووثق وضعف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان، ...كان إماما دينا، ثقة، متقنا، علامة، متبرحا، صاحب سنة واتباع، وكان أولا أثريا ظاهريا فيما قيل، ثم تحول مالكيا مع ميل بين إلى فقه الشافعي في مسائل ...
وكان في أصول الديانة على مذهب السلف، لم يدخل في علم الكلام، بل قفا آثار مشايخه رحمهم الله.))
الحنفية
قال د.سفر الحوالي:
عند الحنفية:
معلوم أن واضع الطحاوية وشارحها كلاهما حنفيان ، وكان الإمام الطحاوي معاصراً للأشعري وكتب هذه العقيدة لبيان معتقد الإمام أبي حنيفة وأصحابه ، وهي مشابهة لما في الفقه الأكبر عنه وقد نقلوا عن الإمام أنه صرح بكفر من قال إن الله ليس على العرش أو توقف فيه ، وتلميذه أبو يوسف كفر بشراً المريسي ، ومعلوم أن الأشاعرة ينفون العلو وينكرون كونه تعالى على العرش
ومعلوم أيضاً أن أصولهم مستمدة من بشر المريسي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال (السقاف وصاحبه):
قال الطحاوي في عقيدته :
(( وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء وبما فوقه ))
وأنتم تقولون في السماء وعلى العرش مستقر أي جالس تعالى الله عن ذلك !!
ويقول أيضا الإمام الطحاوي :
(( تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات
الست كسائر المبتدعات ))
أما عن شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي ...
يا من تعتمدون على شرحه !!
أتعلم ما ذا قال فيه الشيخ القاري في ((شرح الفقه الأكبر)) ص (172 )
قال(والحاصل أن الشارح يقول بعلو المكان مع نفي التشبيه وتبع فيه طائفة من أهل البدعة)) وابن أبي العز هذا مطعون في عقيدته عند علماء عصره لأنه قال أقوالا مستشنعة منها أنه قدح في عصمة النبي كما ذكره الحافظ ابن حجر في أنباء الغمر (2/96)
(وقوله أن الراجح تفضيل الملائكة على الرسول صلى الله عليه وسلم !! )
وممن أنكر على ابن أبي العز من الحنابلة :
(( زين الدين ابن رجب , تقي الدين ابن مفلح ))
.................................................. ..........................................
أقول :
سبحان الله ما هذا الافتراء العظيم !؟ , فمن قال أن أهل السنة يقولون أن الله محتاجا للعرش , والعرش محيطا به- تعالى الله عن ذلك-
*** أولا: قول الطحاوي : و مراد الطحاوي كما بينه الشارح-المفترى عليه وسنبين ذلك- فقال ابن أبي العز في شرحه على الطحاوية (2 / 175):
(وإنما قال الشيخ رحمه الله هذا الكلام هنا ، لأنه لما ذكر العرش والكرسي ، ذكر بعد ذلك غناه سبحانه عن العرش وما دون العرش ، ليبين أن خلقه للعرش واستواءه عليه ، ليس لحاجته إليه ، بل له في ذلك حكمة اقتضته ، وكون العالي فوقا للسافل ، لا يلزم أن يكون السافل حاويا للعالي ، محيطا به ، حاملا له ، و لا أن يكون الأعلى مفتقرا إليه . فانظر إلى السماء ، كيف هي فوق الأرض وليست مفتقرة إليها ؟ فالرب تعالى أعظم شأنا وأجل من أن يلزم من علوه ذلك )أ.ه
وأين أنتم من قول الطحاوي (1 / 401):
(لا نَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ بِآرَائِنَا وَلَا مُتَوَهِّمِينَ بِأَهْوَائِنَا ، فَإِنَّهُ مَا سَلِمَ فِي دِينِهِ إِلَّا مَنْ سَلَّمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أ.ه
قال الشارح (ج 1 / 437- 438):
(فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كَلَامَهُ بَيَانًا وَهُدًى ، فَإِذَا أَرَادَ بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ ، وَلَمْ يَحُفَّ بِهِ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَتَبَادَرُ غَيْرُهُ إِلَى فَهْمِ كُلِّ أَحَدٍ ، لَم يَكُنْ بَيَانًا وَلَا هُدًى)أ.ه
وأما قول الطحاوي تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات
الست كسائر المبتدعات) أ.ه
1- فأما الحدود:
قال الشارح(2 / 19- 22):
(وَالشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى الْمُشَبِّهَةِ الْقَائِلِينَ : إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ ، وَإِنَّهُ جُثَّةٌ وَأَعْضَاءٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا . فَالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ النَّفْيِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا حَقٌّ ، لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَهُ مَنْ أَدْخَلَ فِي عُمُومِ نَفْيِهِ حَقًّا وَبَاطِلًا ، فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ ذَلِكَ . وَهُوَ : أَنَّ السَّلَفَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْبَشَرَ لَا يَعْلَمُونَ لِلَّهِ حَدًّا ، وَأَنَّهُمْ لَا يَحُدُّونَ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ .
وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ : ((وَقَدْ أَعْجَزَ خَلْقَهُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ .)) فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ اللَّهَ يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يُحِيطَ أَحَدٌ بِحَدِّهِ . والحد يقال على ما ينفصل به الشيء ويتميز به عن غيره , والله تعالى غير حال في خلقه بل هو القيوم سبحانه ,فالحد بهذا المعنى ليس فيه منازعة لأن وراء نفيه نفي وجود الرب ونفي حقيقته , وأما الحد بمعنى العلم والإحاطة فهو منفي عن الله ) أ.ه ملخصا
2- وأما الأركان والأعضاء والأدوات:
قال الشارح (2 / ص 23- 26)وَأَمَّا لَفْظُ الْأَرْكَانِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ فَيَسْتَدِلّ بِهَا النُّفَاةُ عَلَى نَفْيِ بَعْضِ الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ بِالْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ ، كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ ,والإمام أبو حنيفة أثبت هذه الصفات الذاتية الخبرية ونفى أن تكون اليد بمعنى الإرادة كما في (الفقه الأكبر) وما أثبته الإمام ثابت بالأدلة القاطعة قال تعالى(ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) ولَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ بِقُدْرَتِي مَعَ تَثْنِيَةِ الْيَدِ ، وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَقَالَ إِبْلِيسُ : وَأَنَا أَيْضًا خَلَقْتَنِي بِقُدْرَتِكَ ، فَلَا فَضْلَ لَهُ عَلَيَّ بِذَلِكَ...)أ.ه بتصرف
وقال (وَلَكِنْ لَا يُقَالُ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ إِنَّهَا أَعْضَاءٌ ، أَوْ جَوَارِحٌ ، أَوْ أَدَوَاتٌ ، أَوْ أَرْكَانٌ ، لِأَنَّ الرُّكْنَ جُزْءُ الْمَاهِيَّةِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ ، لَا يَتَجَزَّأُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَالْأَعْضَاءُ فِيهَا مَعْنَى التَّفْرِيقِ وَالتَّعْضِيَةِ (التقطيع) ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَالْجَوَارِحُ فِيهَا مَعْنَى الِاكْتِسَابِ وَالِانْتِفَاعِ . وَكَذَلِكَ الْأَدَوَاتُ هِيَ الْآلَاتُ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا فِي جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ . وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي مُنْتَفِيَةٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلِهَذَا لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى . فَالْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ صَحِيحَةُ الْمَعَانِي ، سَالِمَةٌ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ الْفَاسِدَةِ ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يُعْدَلَ عَنِ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا ، لِئَلَّا يَثْبُتَ مَعْنًى فَاسِدٌ ، أَوْ يُنْفَى مَعْنًى صَحِيحٌ) أ.ه بتصرف يسير
3- وأما الجهة :
قال الشارح (2 / 28- 30)وَأَمَّا لَفْظُ الْجِهَةِ ، فَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا هُوَ مَوْجُودٌ ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا هُوَ مَعْدُومٌ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا مَوْجُودَ إِلَّا الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ ، فَإِذَا أُرِيدَ بِالْجِهَةِ أَمْرٌ مَوْجُودٌ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ مَخْلُوقًا ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْصُرُهُ شَيْءٌ ، وَلَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ . وَإِنْ أُرِيدَ بِالْجِهَةِ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ ، وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَالَمِ ، فَلَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ ...)
وقال : (وَقَوْلُ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ : (( لَا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ )) هُوَ حَقٌّ ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ ، بَلْ هُوَ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ . وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ : أَنَّهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ . فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَ كَلَامِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : ( لَا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ ) وَقَوْلُهُ: ( مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ ) عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْوِيهِ شَيْءٌ ، وَلَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ ، كَمَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ ، الْعَالِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ )أ.ه
*** ثانيا : طعنك في الشارح
وأما طعنك في عقيدة ابن أبي العز -رحمه الله- وافترائك عليه أنه طعن بعصمة رسول الله وأنه قال أقوال مستشنعة فغير صحيح , وحاصل الأمر كما جاء في (تاريخ ابن قاضي شهبة ) (ص89) (أن ابن أبي العز أنكر بعض ما جاء في قصيدة ابن ايبك في مدح النبي -وقد غلا فيها- , ومما جاء فيها قوله (حسبي رسول الله ) فقال : لا يقال: هذا إلا عن الله تعالى ,وقوله( أشفع لي) قال: لا تطلب منه الشفاعة , وقوله : (المعصوم من الزلل) فقال: إلا زلة العتاب,وقولهيا خير خلق الله) زعم أن الراجح تفضيل الملائكة ...)أ.هـ بتصرف
التعليق عل هذه المسائل:
1-(حسبي رسول الله ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى - (ج 1 / ص 306)
قال تعالىيا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) ومعنى ذلك عند جماهير السلف والخلف أن الله وحده حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين)
قال ابن القيم في زاد المعاد (ج 1 / ص 36):
(فَإِنّ " الْحَسْبَ " و " الْكِفَايَةَ " لِلّهِ وَحْدَهُ كَالتّوَكّلِ وَالتّقْوَى وَالْعِبَادَةِ قَالَ اللّهُ تَعَالَى : { وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الّذِي أَيّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ } [ الْأَنْفَالُ 62 ] . فَفَرّقَ بَيْنَ الْحَسْبِ وَالتّأْيِيدِ فَجَعَلَ الْحَسْبَ لَهُ وَحْدَهُ وَجَعَلَ التّأْيِيدَ لَهُ بِنَصْرِهِ وَبِعِبَادِهِ وَأَثْنَى اللّه سُبْحَانَهُ عَلَى أَهْلِ التّوْحِيدِ وَالتّوَكّلِ مِنْ عِبَادِهِ حَيْثُ أَفْرَدُوهُ بِالْحَسْبِ فَقَالَ تَعَالَى: { الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [ آل عِمْرَانَ 173 ] . وَلَمْ يَقُولُوا : حَسْبُنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلَهُمْ وَمَدَحَ الرّبّ تَعَالَى لَهُمْ بِذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ لِرَسُولِهِ اللّهُ وَأَتْبَاعُك حَسْبُك وَأَتْبَاعُهُ قَدْ أَفْرَدُوا الرّبّ تَعَالَى بِالْحَسْبِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِهِ فِيهِ فَكَيْفَ يُشْرِكُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ فِي حَسْبِ رَسُولِهِ ؟ هَذَا مِنْ أَمْحَلْ الْمُحَالِ وَأَبْطَلْ الْبَاطِلِ)أ.ه
فابن أبي العز لم يأتي بشيء من عنده بل وافق قول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم ...
2- وأما قوله لا يجوز أن يقال أشفع لي), وإنما يقال: اللهم شفعه فيَّ , فقد نزع فيه إلى حديث عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي ( فقال: ادع الله أن يعافيني, قال: إن شئت دعوت ,وإن شئت صبرت فهو خير لك, قال: فادعه, قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي, اللهم فشفِّعه فيَّ ...)
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (1 / 233)
(وأما دعاء الرسول وطلب الحوائج منه وطلب شفاعته عند قبره أو بعد موته فهذا لم يفعله أحد من السلف ومعلوم أنه لو كان قصد الدعاء عند القبر مشروعا لفعله الصحابة والتابعون وكذلك السؤال به فكيف بدعائه وسؤاله بعد موته )
3-(المعصوم من الزلل) هذا إطلاق غير صحيح فالأنبياء معصومون في التبليغ و معصومون من الكبائر دون الصغائر وهو قول أهل السنة وكذلك قول أكثر الأشعرية قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 319): (القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف حتى إنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمدى أن هذا قول أكثر الأشعرية وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء بل هو لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول )
فسبحان الله أنظر كيف الهوى يفعل بصاحبه فابن أبي العز أصبح قادحا في عصمة النبي والأشاعرة الموافقين لقوله ليسوا كذلك (وإن تعجب فعجب قولهم)
4- وأما تفضيل الملائكة على صالحي البشر فهذه مسألة لا فائدة منها فإن الواجب علينا الإيمان بالملائكة و النبيين ,وليس أن نعتقد أي الفريقين أفضل،وقال شيخ الشافعية في زمانه عبد الرحمن الفزاري المعروف بالفركاح في كتابه(الإشارة في البشارة في تفضيل البشر على الملك) بعد عرض المسألةوحاصل الكلام أن هذه المسألة من فضول المسائل,ولهذا لم يتعرض لها كثير من أهل الأصول,وتوقف أبو حنيفة رحمه الله في الجواب عنها كما تقدم والله أعلم بالصواب) أ.هـ ولو كانت من المسائل التي يضلل المخطئ بها لما سكت وتوقف عنها الإمام أبو حنيفة و الطحاوي و(كثير من أهل الأصول), وأما قول ابن أبي العز – رحمه الله – بتفضيل الملائكة قد جانب فيه الصواب ولكن هذا لا يقدح في عقيدته .
الشافعية
قال د.سفر الحوالي:
- عند الشافعية :
قال الإمام أبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني ، وقد كان معاصراً للأشعري : (( لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية و الجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل )) .ه
قال الإمام أبو الحسن الكرجي من علماء القرن الخامس الشافعية ما نصه : (( لم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرؤون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت من عدة من المشايخ والأئمة )) ، وضرب مثالاً بشيخ الشافعية في عصره الإمام أبو حامد الإسفرائيني (( الملقب الشافعي ))
(( ومعلوم شدة الشيخ على أصحاب الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري ، وعلق عنه أبو بكر الراذقاني وهو عندي ، و به اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميزه وقال : (( هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي ، استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين)) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال (السقاف وصاحبه):
أولا : أقول: هذا كلام باطل غير صحيح اعلم أنّ ابن سريج لم يقل هذا وذلك لأنّ ابن سريج مات قبل الأشعري بـ(21)سنة، وأبو الحسن الأشعري عاش (64) سنة ولما مات ابن سريج كان عمره (43)سنة ولم يظهر إذ ذاك مذهب الأشعري بعد، لأنه كما ذكر عنه أنه صحب الجباني يدرس عليه ويتعلم ويأخذ عنه (40) سنة، وهو خاله، وكم كان عمره لما بدأ بالأخذ عنه؟ ربما كان عشر سنوات أو ثمانية مثلاً فيستحيل إذ ذاك أن يدرك ابن سريج الأشاعرة حتى تقول ما نقلته عنه !!
وأمر آخر أن د. سفر الحوالي نقل هذا الكلام اعتمادا على ابن القيم في "إجتماع الجيوش" والذي فيه مروي بسند فيه إنقطاع بين الزنجاني وابن سريج
وابن القيم مخطئ في ذلك!! بل مدّلس وقليل نظر وتحقيق!! فإنه بعد أن ذكر تلك العبارة المكذوبة عن ابن سريج
وثانيا : تقول :
أما ما نقلته عن الكرجي فغير صحيح بين ذلك الإمام السبكي في طبقات الشافعية عند ترجمته للكرجي ومما جاء فيها (... وقد حكى الحافظ أبو محمد الدمياطي ..وذكر أن هذا الكرجي من أكابر أصحاب الشيخ أبي إسحاق ... ثم قال ابن السمعاني وله قصيدة بائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مائتي بيت قرأتها عليه في داره بالكرج .))اهـ
فأقول : ثبت لنا بهذا الكلام أن ابن السمعاني قال إن لهذا الرجل قصيدة في الإعتقاد على مذهب السلف موافقة للسنة وابن السمعاني كان أشعري العقيدة فلا يعترف بأن القصيدة على السنة واعتقاد السلف إلا إذا وافقت ما يعتقد أنه كذلك وهو رأي الأشعري .
أم ما قلته عن أبو الحسن الكرجي فأقول : ا ن هذا الكلام مكذوب على الكرجى كما نص على ذلك الحافظ عبد الوهاب السبكي رحمه الله تعالى في" طبقات الشافعية الكبرى" (6/ 140-146)
والكرجي هذا شبه مجهول عند الشافعية وليس هو من أئمتهم البتة !!
.................................................. ...............................
أقول : فأما قولك أن ابن سريج لم يدرك الأشعرية فهذا تضليل وتلاعب ساذج:
أعلم أولا :
أن أبا الحسن الأشعري ولد سنة ستين ومائتين(260)هـ , طبقات الشافعية (ج 1 / ص 11)
وابن سريج توفي سنة ست وثلاث مائة(306)هـ , الوافي بالوفيات (ج 2 / ص 468)
العبر في خبر من غبر (ج 1 / ص 111),
فقولك : (ولما مات ابن سريج كان عمره-أي الأشعري- (43) سنة) فهذا باطل بل كان عمره (46) سنة لأن بين ولادة أبي الحسن(260) و وفاة ابن سريج(306) , ستة وأربعين سنة(46)
وأيضا قولك (وكم كان عمره لما بدأ بالأخذ عنه؟ ربما كان عشر سنوات أو ثمانية مثلاً فيستحيل إذ ذاك أن يدرك ابن سريج الأشاعرة )من أبطل الباطل , فلماذا بدأتَ بعدِّ السنين بعد أن بلغ عمره العشرة سنين ؟؟ ألا تعلم أن أبا علي الجبائي هو زوج أمه(المختصر في أخبار البشر (ج 1 / ص 210)) وقد ولد في كنفه’ فالأشعري صحب الجبائي من صغره بل ربى عنده ,
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ...) أو يعزلانه- فيصبح معتزلي- أو يمشعرانه!!!
فحين بلغ الأربعين تاب من الاعتزال في بداية سنة (300)هـ وحينها ظهرت الأشعريه أفلا تكفي ست (6) سنين كي ينتشر المذهب فيدركه ابن سريج !!؟
وأما قولك( ابن القيم مخطئ في ذلك!! بل مدّلس وقليل نظر وتحقيق!! فإنه بعد أن ذكر تلك العبارة المكذوبة عن ابن سريج (في اجتماع جيوشه) )أ.ه ,
فيه قلة أدب , وتعالم ,وجهل مركب, وافتراء على ابن القيم, فهذا الخبر لم ينقله ابن القيم وحده كي( يكذب) بل ذكره الزنجاني نفسه في رسالته –وهي مخطوطة لم تطبع- وهي موجودة في الجامعة الأسلامية ورقة (36/بالى 40/أ) والذهبي في الأربعين(ح95 ص90) وفي تذكرة الحفاظ(3/813) إذا فهل الزنجاني و الذهبي كذلك مدلسان وقليلا نظر وتحقيق وكاذبان؟!!! تأدب مع العلماء واكفهم لسانك الزفر. هذا أولا ,
أما ثانيا : فإنك لو تأملت الخبر جيداً من بدايته لوجدت قول الزنجاني(سألت أيدك الله تعالى بتوفيقه بيان ما صح لدي وتأدى حقيقته إلى من سلك مذهب السلف وصالحي الخلف في الصفات الواردة في الكتاب المنزل والسنة المنقولة بالطرق الصحيحة برواية الثقات الأثبات، عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجيز من القول، واختصار في الجواب، فاستخرت اللّه سبحانه وتعالى، وأجبت – أي الزنجاني- عنه جواب بعض الأئمة الفقهاء وهو أبو العباس...) فإن سلمنا ((جدلا))أن هناك انقطاع , فيكفينا أنه قول الزنجاني وحكمه على الأشاعرة , وهاك أقوال العلماء فيه:
(قال السمعاني: كان جليل القدر عالما زاهدا ) , ( قال ابن طاهر: ما رأيت مثله. )
وسئل إسماعيل التيمي الحافظ عن سعد الزنجاني فقال : إمام كبير , عارف بالسنة )أ.ه
أنظر الأنساب(6/326-327) , السير (18/385) , تاريخ الإسلام (ص40) (وفيات سنة 471).
وتغافلت ولم تتكلم في أبو حامد الإسفرائيني (( الملقب الشافعي )) وموقفه من الأشاعرة ؟!!!
ثانيا : نقدك لكلام الكرجي :
سبحان الله لم هذه المكابرة ؟! , فأنت لم تتعرض للخبر ولم تتكلم فيه رواية ولا دراية!!!
بل أتيت بكلام ابن السمعاني , فسبحان الله من أعلم بعقيدة الكرجي ؟ الكرجي نفسه (حين استنكف وتبرأ من الأشاعرة) أم ابن السمعاني ؟!! وليته كان نقلا صحيح , ففوق كل هذا تبين أن النص مبتور فلم يأتي بكلام السبكي في هذه القصيدة (وقال السبكي في الطبقات الكبرى: قد وقفنا على قصيدة تعزى إلى هذا الشيخ ...وباح فيها بالتجسيم،) طبقات الشافعية (ج 1 / ص 54)
طبعا (التجسيم) في نظر السبكي هو منهج أهل السنة والجماعة ألا وهو الإثبات و التنزيه.
وأما دعواك أنه مجهول و ليس من أئمة الشافعية فهذا من جهلك !!!
(قال ابن السمعاني: وهو إمام ورع فقيه مفت محدث خير أديب شاعر. أفنى عمره في جمع العلم ونشره .) طبقات الشافعية (ج 1 / ص 54) , ثم إن السبكي لا يقبل قوله في أهل السنة قال فيه عز الدين الكناني (819)هـ : (هو رجل قليل الأدب، عديم الإنصاف جاهل بأهل السنة ورتبهم) (الإعلان للسخاوي: 469 فما بعد) و(معجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة: 48 47 (الظاهرية))
الحنابلة
قال د.سفر الحوالي:
عند الحنابلة :
موقف الحنابلة من الأشاعرة أشهر من أن يذكر فمنذ بدّع الإمام أحمد
(( ابن كلاب )) وأمر بهجره – وهو المؤسس الحقيقي للمذهب الأشعري –
لم يزل الحنابلة معهم في معركة طويلة ، وحتى في أيام دولة نظام الملك –
التي استطالوا فيها – وبعدها كان الحنابلة يخرجون من بغداد كل واعظ يخلط
قصصه بشيء من مذهب الأشاعرة ، ولم يكن ابن القشيري إلا واحداً ممن تعرض
لذلك ، وبسبب انتشار مذهبهم وإجماع علماء الدولة سيما الحنابلة على محاربته
أصدر الخليفة القادر منشور(( الاعتقاد القادر))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال (السقاف وصاحبه):
أما قولك أن مذهب الحنابلة يحكم بضلال الأشاعرة فحكم واهي , فالمعروف أن الإمام أحمد يؤول بعض انصوص في الصفات كما قال ابن كثير في البداية والنهاية (10/327) :
روى البيهقي عن الحاكم عن أبي عمرو بن السماك عن حنبل أن أحمد بن حنبل
تأول قول الله تعالى (( وجاء ربك )) أنه جاء ثوابه .. !! ثم قال البيهقي هذا إسناد لا غبار علي.. !!
والإمام احمد لا يقول بقولكم أن الله في السماء أو أنه يحل فيها !!
إليك الدليل:إن الإمام أحمد كان يقول في عقيدته :
((والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل , ولا تلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش))
المصدر طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (2/297)
وكذلك الإمام أحمد :
أنكر على من يقول بأن الله جسم , ولم يجي ففي الشريعة ذلك فبطل !! المصدر طبقات الحنابلة ( 2/298)
يعني الإمام أحمد يقول بقول الأشاعرة !!
.................................................. ........................................
أقول : هذا تدليس ليس بعده تدليس فالأمام أحمد أشهر من نار على علم وعقيدته هي عقيدة أهل السنة أهل الحديث ليست الأشعرية وهذا لاينكره إلا من به خلل في عقله .
فزعمك أن الإمام أحمد أوّل مجيء الله بمجيء الثواب مردود من وجهين :
الأول : أن راوي هذا الخبر عن الإمام أحمد هو (حنبل) وهو لا شك أنه ثقة , ولكن لديه غرائب و تفرد عن الإمام أحمد بهذه الرواية.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 13 / ص 52): ( له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب)أ.ه
وذكره أبو بكر الخلال فقال: (قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية وأغرب بشيء يسير وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم) أ.ه طبقات الحنابلة (1 / 55) و المنهج الأحمد (1/245).
فهذه المسألة من التي أغرب و تفرد بها حنبل و دليل ذلك :
قالَ ابن رجب في فتح الباري(ج 7 / ص 238- 239):
(وقد ذهب إليه طائفة ممن يميل إلى الكلام من أصحابنا ، وخرجوه عن أحمد من رواية حنبل عنه في قوله تعالى : { وَجَاءَ رَبُّكَ } [الفجر: 22] ، أن المراد : وجاء أمر ربك .
وقال ابن حماد : رأيت بعض أصحابنا حكى عن أبي عبد الله في الإتيان ، أنه قال : تأتي قدرته .
قال : وهذا على حد الوهم من قائله ، وخطأ في إضافته إليه-أي الإمام أحمد- .
والفرقة الثالثة : أطلقت النزول كما ورد ، ولم تتعد ما ورد ، ونفت الكيفية عنه ، وعلموا أن نزول الله تعالى ليس كنزول المخلوق .وهذا قول أئمة السلف : حماد بن زيد ، وأحمد ؛ فإن حماد بن زيد سئل عن النزول ، فقال : هو في مكانه ، يقرب من خلقه كيف شاء .إلى أن قال :
وقال حنبل : قلت لأبي عبد الله : ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا ؟ قال : نعم . قلت : نزوله بعلمه ، أو بماذا ؟ قال لي : اسكت عن هذا ، مالك ولهذا ؟ لِلَّهِ أمض الحديث على ما روي ، بلا كيف ولا حد-إحاطة- ؛ إلا بما جاءت به الآثار وبما جاء به الكتاب ؛ قال الله عزوجل : { فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ } [النحل: 74] ، ينزل كيف شاء بعلمه وقدرته وعظمته ، أحاط بكل شيء علماً ، لا يبلغ قدره واصف ، ولا ينأى عنه هارب . انتهى .)أ.ه
فالتأويل هذا خطأ في إضافته إلى الإمام أحمد كما قال ابن حماد ,
ثم إن الرواية الأخيرة هي الموافقة لسائر الروايات عن أحمد مما يدل على أن الرواية الأولى الذي ذكرها -السقاف – غريبة من الغرائب فهي غير مقبولة.
الثاني : إن هذا الخبر من زيادات إحدى نسخ البداية والنهاية ، وهي النسخة المصرية ، وباقي النسخ لم يرد فيها هذا الخبر ، فيتبين أن هذا النقل عن البيهقي من زيادة الناسخ , لأن هذه النسخة فيها الكثير مما استدركها الناسخ على ابن كثير كإعادة تراجم الحسن وابن سيرين وغيرهما , وقد اختلط
كلام الناسخ مع كلام ابن كثير.
وأما قولك عن الإمام (والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل...)و (أنكر على من يقول بأن الله جسم..)
فأقول :
أولا : سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ من قال من أهل السنة أن الله يلحقه تبدل وتغير وأنه جسم ؟!! هذا دليل على جهلكم في اعتقاد السلفيين فالحكم على الشيء فرع عن تصوره وأنتم ليس لديكم أدنى علم و تصور لاعتقاد أهل السنة فكيف رميتموهم بالتجسيم.؟!!!
ثانيا : أن هناك بتر مفضوح قبل هذا الكلام, ولا نستغربه منكم فهذا هو ديدنكم !! - فالشبه بينكم وبين الرافضة كبير- فالنص بتمامه (وكان يقول في معنى الاستواء هو العلو والارتفاع ولم يزل الله تعالى عاليا رفيعا قبل أن يخلق عرشه فهو فوق كل شيء والعالي على كل شيء وإنما خص الله العرش لمعنى فيه مخالف لسائر الأشياء والعرش أفضل الأشياء وأرفعها فامتدح الله نفسه بأنه على العرش أستوى أي عليه علا ولا يجوز أن يقال أستوى بمماسة ولا بملاقاة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل ولا تلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش ) أ. هـ
فالآن يتبن اعتقاد الإمام أحمد وهذا هو ما نعتقده ولا نقول أن الله مماس للعرش لعدم ورود النص ولأنه من الكيفية والكيف نفوضه إلى الله .
ثالثا : أن هذا الكلام ليس موجود في ( طبقات الحنابلة) بل هو موجود في (اعتقاد الإمام أحمد) لأبي الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث، التميمي البغدادي الحنبلي.المتوفى سنة عشر وأربع مئة(410)هـ (سير أعلام النبلاء (17 / 273) ,
وهو الذي روى هذا الاعتقاد مباشرة عن الإمام أحمد , وطبعا هو لم يدرك الإمام أحمد (241هـ) بل بينه وبين الإمام أحمد سنين كثيرة فهذا الكتاب وإن كان في أغلبه يوافق معتقد أهل السنة إلا أنه غير ثابت عن الأمام أحمد , فاعتقاد الإمام أحمد معروف من كتبه الموثوقة مثل أصول السنة و الرد على الجهمية و....
وبعد بيان هذا تبين لك من يدلس , ويبتر النصوص , ويحمل الكلام مالا يتحمل , ويفتري على مخالفيه بكلام ينكرونه ويتبرؤون منه , ومن يقل أدبه على العلماء ويفتري عليهم افتراءات عظيمة .
ويتبن لك أيضا أن الأشاعرة مقطوعون مبتورون عن السلف , فليس لهم من يوافقهم ويقول بآرائهم من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة , بل العلماء الذين أدركوا الأشعرية كانوا يأنفون ويستنكفون ويتبرؤون من الأشعرية , فإذاً هذا المذهب محدث ما نزل به كتاب ولا سنة ,,,
والحمد لله على نعمة الإسلام و السنة ,,,
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره وتبع سنته إلى يوم الدين..........