مايهم اساتذة الفلسفة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 - لشعب آداب و فلسفة، و اللغات الأجنبية > قسم الفلسفة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مايهم اساتذة الفلسفة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-10-18, 18:47   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
halim halim
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B11 مايهم اساتذة الفلسفة

الجمهورية الجزائرية الديقراطية الشعبية
وزارة التربية الوطنية
05/11/2015 بشار في يوم
المفتشية العامة للبيداغوجيا
إلى أساتذة مادة الفلسفة بولاية النعامة
الموضوع: تقنيات إعداد وانجاز، مقالة فلسفية حول مضمون النص .
ماهو النص الفلسفي من الناحية البيداغوجية؟:
هو خطاب فلسفي ،يتضمن إشكال أو مشكل ،ثم موقف وبرهنة، كما أن لهذا النص أو الخطاب إطار فكري معين (مذهب أو اتجاه،أو نظرية) وهويتضمن كموضوع محدد؛صعوبات معينة ، من طبيعة معرفية ومنطقية ومنهجية واستدلالية ونقدية...؛حيث يطلب من التلميذ مواجهتهاعقلانيا وبالتدريج،قصد الوصول بشكل ذاتي إلى حل منطقي مقنع لها وللمشكل أو الإشكال الذي يحتويه هذا النص كموضوع معطى،وهذا اعتمادا على إمكانياته العقلية ،وانطلاقا من قدراته الباطنية وكفاءاته ومعارفه السابقة.
الأهمية البيداغوجية للنص الفلسفي:
للنصوص الفلسفية،أهمية كبرى بالنسبة لوعي الدروس النظرية أو الإلمام بها،أو للتمهيد لها أو تشكل مدخلا قصد فهم وهضم مرجعية فكرية ما، أودرس نظري محدد، ناهيك على أهميتها لتعلم طريقة تحليل النص الفلسفي بالتدريب المرحلي لخطواته خلال سنة دراسية كاملة،بغية تذليل بعض الصعوبات المعرفية والاستدلالية والمنهجية والمنطقية والنقدية والاستنتاجية...،إضافة إلى حاجتنا إليها عند التوثيق، والاستشهاد والاقتباس وبناء أنواع المقال الفلسفي عموما سواء حين انجازا لواجبات أو الفروض المحروسة أومعالجة أحد مواضيع الامتحان،مما يجعل توفيق التلميذ في انجاز تحليل النصوص،أو بناء المقال عموما أمرا ميسورا،لكن هناك تقنيات وفنيات يجب إتباعها،حين إعطائه للتلاميذ وهي كالتالي:
أ)ـ مايجب على الأستاذ فعله بيداغوجيا:
1ـ يجب ترقيم النص الفلسفي،وبيان عبارات وألفاظ النص كموضوع معطى بدقة ووضوح،مع التزام الأمانة العلمية،حين تدوين وعرض الأقوال والنصوص المجزوئة(المؤلف، الكتاب ،المراجع إن وجدت، دارالطبع ،تاريخ الطبع، الصفحة).
2ـ من الأقوم منهجيا،أن يحضرالنص مسبقا، بمجموعة من الأسئلة، كحوارات إستفهامية محيّرة ومحفزة، قصد البحث فيها ومناقشتها لحلّها .
(1)
3ـ يجب أن يخصص الأستاذ لحصة تحليل النص الفلسفي،ساعتين كاملتين دون نقصان أوزيادة.
4ـ يجب التمييز عند تحليل النص بين مرحلة قراءة النص وفهمه و تفكيكه لمدة ساعة ، وبيت مرحلة تركيب النص وتلخيصه على السبورة بخطواته المعروفة، لمدة ساعة أخرى أيضا.
5ـ يجب تجزئة الصعوبات المنهجية والمنطقية والاستدلالية والنقدية والاستنتاجية...،كإعطاء مثلا: مقدمتين مع تحديد أطروحة صاحب النص ،وأحيانا أخرى الاستدلال على قضية لفيلسوف ضمن أطروحته التي نحن بصددها؛ أو نقدا لأطروحته وهكذا...،إلى غاية إعطاء مقال كامل ومتكامل في الفترة الثالثة، بالنسبة للسنوات الثانية آداب وفلسفة،وإلى غاية الفترة الثانية بالنسبة للسنوات النهائية علمي وتقني،لأن ذلك يعد من صميم طريقة المقاربة بالكفاءات.
6ـ أن يكون موضوع النص الفلسفي وما يتعلق به من مطلوب أو مطالب واضحا ودقيقا ،يحيل إلى مشكلة أو إشكالية ،ولا يتضمن صعوبة ذاتية،وأن يكون عموما،مناسبا للتلميذ المتوسط المستوى .
7 ـ أن يتأكد الأستاذ من أن التلاميذ قد حضّروا تحليل النص الفلسفي من خلال الأسئلة التي قدمت لهم،قبل الإقدام على تحليله وحلّه ،حتى لا يكون هناك مشقة في فهمه وتحليله و وهذا تقديرا للوقت وضمانا للاستفادة والاستزادة.
8ـ وجوب تحديد الأستاذ للمصطلحات الصعبة والكلمات المفتاحية(مفاهيم،ألفاظ،حروف)،حتى يسهل فهمها،من قبل التلميذ ومن ثم فهم جوانب النص وحدوده وأبعاده.
9ـ أن يستدرج تلاميذه انطلاقا من عبارات النص المقدم دائما(إلى ضبط المفاهيم الصعبة والكلمات المفاتيح)،وإلى تحديدا لمشكل أو الإشكال ـ ثم الأطروحات المفترضة ـ والطريقة المناسبة بخطواته المعروفة الخاصة بتحليل النص،للتذكير بها أو ببعضها،حسب مطلب محدد،وإن لم يكن،فليشر إليها الأستاذ شفهيا فقط،حين الشرح والتوضيح،ثم يتقيّد بعد ذلك بالمطلوب والضروري حين الإجابة.
10ـ ضرورة انتباه الأستاذ إلى دور اللغة وقواعدها،عند فهم النص وتحليله ، وأن يدفع التلميذ إلى ذلك،بحيث يجب مراعاة علامات الوقف،نظرا لما تؤديه من وظيفة في توضيح الخطاب الكتابي،سواء عند كتابة المقال،أوعند فهم النص،وتتمثل في (الفاصلة، النقطة، النقطتان،الثلاث نقاط،الفاصلة المنقوطة، بين قوسين،... .)أوأدوات الربط؛كحروف الجر،وحروف العطف،وأدوات الإشارة والوصل،أو عبارات الاستدراك،مثل،أو حروف التقليل،أو حروف التحقيق التي تفيد التأكيد، كأن نقول ،من المسلم به، ومما لاشك فيه ...،وعليه فمعرفة وظيفة هاته الأدوات السابقة،يعيننا في فهم النص وتحليله،بعمق وشمولية.
11ـ ضرورة مراعاة الأستاذ،لوظيفة كل كل كلمة أوعبارة،تختلف دلالاتها باختلاف السياق،أو السجل الموجودة فيه:علمي تاريخي ديني،فلسفي حدسي ...،كما يختلف كل مثال أو قول أو مفهوم أو تعريف باختلاف الإطار المرجعي أو النسق الفكري، الذي يتضمنها(مذهب ،أو نظرية أو أطروحة أو اتجاه)
(2)
،إضافة إلى الإلمام بقواعد الإعراب(تركيب الكلمات)،التي تسهم في الكشف عن معاني ودلالات الألفاظ والجمل:فمثلا جملة انتقد الغزالي ابن رشد ،لا يظهر فيها الفاعل والمفعول به،إلا بعد تشكيل الجملة وإعرابها،عند ذاك فقط ؛يسهل اكتشاف المعنى أو الدلالة ،وعليه فقواعد تركيب الكلمات؛ تجعلنا ننفذ أكثر إلى أعماق النص الفلسفي .
12ـ أن يدفع الأستاذ تلاميذه إلى إدراك وصياغة المشكل أو الإشكال، من خلال الظروف الفكرية والاجتماعية،التي أدت إلى ظهور النص واتجاه صاحبه،أو من خلال القراءة الواعية والعميقة والشاملة لعباراته وألفاظه،ووزنها وزنا سليما ودقيقا، أوعلى أساس الإطار الفكري والسياق المرجعي، مثلا: النظرية العقلية،أو أصحاب النظرية الحتمية ، في درس الحرية والمسؤولية،أو النظرية الجشتالتية أو النظرية الظواهرية في درس الإحساس والإدراك.
13ـ أن يمهد رفقة تلاميذه للمشكل أو الإشكال،وذلك من خلال عدة صوّر،إماعبرالظروف والأسباب، التي أدت بصاحب النص إلى كتابة نصه،(الثورة الصناعية الكبرى)، مع إبراز توجهه أو إطاره الفكري،(وضعي أو عقلي أوديني أو حدسي... .)،إن أمكن؛ أو من خلال تبيان الاختلاف بين الأطروحات أو الاتجاهات،أو قد يتضمن الانطلاق من مفهوم شائع،(الحرية هي أن نفعل ما نشاء)،أو غموض تصور(الإرادة)،أوتفسير خاطئ(العقل يعارض الدين)،او دفع التلميذ إلى التعرض إلى نظرية أو قول يعارض أطروحة صاحب النص مثلاالأصالة)بالمعاصرة أساس التطور الحضاري)، أوبطرح فكرة عامة عن الموضوع(الحقيقة أو الثقافة)،... ،وهذا حسب طبيعة النص ؛والزاوية التي ينظر منها إلى تحليل المشكل أوالإشكال،مع العلم أن هذه الحالات السابقة تسهم منهجيا في إبراز المشكل أوالاشكال.
14ـ أن يقوم الأستاذ رفقة تلاميذه بتحديد القضية الأولية،التي بنيّت عليها أطروحة صاحب النص؛وهذا من خلال عبارات وألفاظ النص الفلسفي،ثم يصيغ قضية الأطروحة أو منطقها كفكرة محورية مع تلاميذه على السبورة بشكل دقيق وواضح.
15ـ أن يحدد مع تلاميذه البراهين التي تضمنها النص الفلسفي،وهذا بتقسيم فقرات النص الفلسفي على شكل أفكار أساسية كمسلمات ثم يصيغها كتابيا على السبورة،بحيث يجب أن تتجاوز الظاهر والسطح ،لتعبر عن عمق النص ، مع العلم أن هذا التقسيم السابق للأفكارالأساسية،يخضع لسلم منطقي ،مع الكشف عن طبيعته وصورته المنطقية،(تجريبية، تاريخية، واقعية،عقلية،دينية... .)
16ـأن يحفز تلاميذه على استثمار المادة المعرفية في إثبات وتوسيع وإثراء تلكم الأفكار الأساسية كمسلمات رئيسية(أفكار ومعلومات الدروس، ثقافة عامة ،الواقع،أقوال، أمثلة،نتائج العلم والفكر، تجارب شخصية... .)، بدون الخروج عن منطق صاحب النص وتوجهه، خاصة عند ما نطالبهم ببناء مقال شامل وكامل،حين انجاز الواجبات و في فترة القيام بالفروض المحروسة والامتحانات.
17ـأن يستدرج تلاميذ قسمه إلى نقد براهين صاحب النص داخليا وخارجيا،إما بتدعيم أطرو حة صاحب النص (تحديد الايجابيات عبر أفكار أخرى دون تكرار عبارات النص)،وإما بتهديمه(تحديد السلبيات
(3)
داخل البرهنة وخارجها)، وأما بتقويمه، (تحديد السلبيات وتثمين الايجابيات)، مستعينا في ذلك بما يلي (معلومات الدروس، نصوص سابقة، أمثلة مضادة، الواقع، التاريخ ،نتائج العلم والفكر،ثقافة عامة...)بأن يختار منها الحجج، التي تدعم أو تهدم أو تقوم أطروحة صاحب النص وبراهينه حيال المشكل أو الإشكال المطروح في المقدمة، بحيث يدخل هذا النقد ضمن إطار أو نسق فكري معين لحلهما.
18ـ أن يدفع التلاميذ إلى استنتاج رأي شخصي مقنع من المشكل أو الإشكال المطروح في المقدمة،لازم منطقيا عن خطوة التحليل والتوسيع من جهة(أي تجنب الصدفة والعشوائية والارتجال في صياغة الاستنتاج العام في مرحلة الخاتمة)،وكإجابة عن المشكل أو الإشكال المطروح في المقدمة من جهة أخرى،بشرط أن لا يكون عاما أوعائما ،ولا غامضا أو مشّوها ،ولا خارجا عن الموضوع... .
19ـ أن يكون تحريرالمقال حول النص الفلسفي على اللوح مرحليا ومجزئا،حسب المقتضيات المنهجية والمنطقية لكل خطوة.
20ـ يجب أن يميز الأستاذ لـتلاميذه بيداغوجيا وتعلميا،وحتى منهجيا ومنطقيا؛بين القضية والأطروحة من جهة،وبين القضية والبراهين من جهة أخرى،لأن الأطروحة عبارة عن نسق منطقي، ينطلق من قضية ما ثم نبرهن عنها بالحجج،ثم يوقفها الوصول إلى نتيجة لازمة عنها منطقيا.
21 ـ حسن التقويم(تحديد الأخطاء المنهجية والمعرفية والمنطقية والاستدلالية والنقدية...)،وهذا بأن يقوم الأستاذ بحكمة ووعي ،ومن خلال تنشيط الحصة بتساؤلات حوارية محفزة بأخذ يد التلميذ لإدراك تلكم الأخطاء وتجاوزها في الوقت نفسه.
22 ـ يجب مراعاة الفرروق الفردية بين التلاميذ،عند إعطاء النص الفلسفي بمعنى يجب أن يتناسب النص مع قدرات التلميذ العقلية والنفسية،وأن يمس ظروفه وانشغالاته الاجتماعية وأن يتوافق مع ما لديه من كفاءات محققة سابقا.
23 ـ أن يخدم تحليل النص الفلسفي أنواع مختلفة من التقويم،تشخيصي ومرحلي وتكويني وتحصلي،وأن يقف الأستاذ عند أخطائه المختلفة،شريطة أن يعيها التلميذ أو ينقلها ،حتى لا ينسى،كما يجب أن يدفع الأستاذ التلميذ إلى التقويم الذاتي بقصد التوفيق في كتابة مقالة فلسفية صحيحة حول مضمون النص .
24ـ أن يخدم تحليل النص الفلسفي،كفاءات محددة مختلفة(منهجية،منطقية،استدلالية،نقدية استنتاجية... .).
25 ـ أن يمس تحليل النص الإشكالات الرئيسة من المحور،وما يندرج تحتها من مشكلات هامة مختلفة.
ب) ـ ما يجب على الأستاذ تركه بيداغوجيا :
1ـ لا تمنح نصا فلسفيا ليس له علاقة بإشكالات أومشكلات محاور البرنامج.
2ـ لاتعطي أسئلة شفوية أوعابرة (أي أسئلة أو مطالب غير مكتوبة على السبورة وغيرمقيّدة على أوراق
(4)
الكراس)،ولا أسئلة مستحيلة الحل أو صورية(بدون التقديم المسبق لمنهجية تحليل النص ولا نموذج حي عن تحليله ولا دروس مشروحة كمادة لتحريره وبنائه)وبدون أي مطالب مبهمة أو ناقصة أو مشوهة أوزائدة عن الحاجة ولا تؤدي إلى الانخراط ضمن ضرورة منهجية أو علاقة منطقية بين مكوناته.
3ـ لا تكرر إعطاء نفس النص الفلسفي خلال فصل أو عام دراسي واحد .
4ـ بيداغوجيا،يجب أن يخصص الأستاذ، لحصة تحليل النص الفلسفي،ساعتين كاملتين لاأقل ولاأكثر.
5ـ لا تعطي التلميذ إنجازا لمقال فلسفي كامل الخطوات ،وشامل المعارف في بداية السنة الدراسية،عند تصحيح تحليل النص الفلسفي،ـ اللهم إلا إذا كان إعطاء مقالا فلسفيا حول مضمون النص،على سبيل الاستئناس والاقتداء، قبل تكليفهم بتحليل النصوص الفلسفية ـ ، بل يجب تجزئة الصعوبات المنهجية والمنطقية والاستدلالية والنقدية والاستنتاجية...،إلى غاية الفترة الثالثة بالنسبة للسنوات الثانية آداب وفلسفة أما بالنسبة للسنوات الثالثة علمي وتقني ،إلى غاية الفترة الثانية،ثم بعد ذلك تقدم حلول مختصرة وضيّقة عن موضوع كل نص فلسفي،وهذا ما تعبر عنه روح المقاربة بالكفاءات،التي تؤمن بالتمرحل البيداغوجي في التنظير والتطبيق وفي التعليم والتقويم .
6ـ أن لايكون تقديم النص الفلسفي المطبّق،متزامنا مع وقت الفروض المحروسة أو الاختبارات الفصلية.
7 ـ أن لا يتكرر نفس موضوع النص الفلسفي في الفروض المحروسة أو الاختبارات الفصلية.
8ـ أن ليخلط الأستاذ بين طريقة النص وبقية الطرق الفلسفية الأخرى،خلال الحصص التطبيقية أو الفروض أوالامتحانات .
9ـ أن لا يتعرض الأستاذ إلى المقدمة ،بدون الإشارة كتابيا إلى قسميها:أولا التمهيد، ثم ثانيا المشكل أو الإشكال،وهذا مراعاة للجانب التعليمي التعلّمي حتى يتعلم التلميذ ويفهم الخطوات بدقة ووضوح .
10 ـ أن لا يكون التصحيح تقييما فقط (إعطاء الدرجات أو النقاط)،بل تقويما،أي الوقوف على النقائص والأخطاء المختلفة التي يقع فيها التلميذ عند انجاز مقالة فلسفية حول مضمون النص في ورقته المزدوجة،وتعزيز الايجابيات وتثمينها ، للاستفادة منها،مع مراعاة السلم الوطني عند التقييم والتقويم .
11 ـ أن لا يخدم كتابة مقال فلسفي حول مضمون النص الفلسفي ،طبيعة تقويمية واحدة،بل متنوعة(تشخيصية، تكوينية،مرحلية،تحصيلية).
12ـأن لايكون التصحيح لتحليل النص حين الواجب أوالفرض المحروس أوالاختبار،بدون تقييم ولاتقويم.
13ـ أن لا نفصل تحليل النص الفلسفي عن الكفاءات التي نتوخى تحقيقها أو الوصول إليها.
14ـ أن لا يكون موضوع النص الفلسفي المقدم ،بعيدا عن إشكالات أو مشكلات برنامج الفلسفة.
(5)
15ـ أن لا يكون تقديم تحليل النص الفلسفي للتلاميذ فوضويا أو عشوائيا عند الشرح والتدريس، بل يجب أن يندرج التحليل والشرح ضمن سياق منطقي ومنهجي ، يبعث على التساوق والانسجام.
16ـ أن لا يكون تحليل النص وشرحه، فوريا وشاملا ـ يعتمد على السرد والإملاء والتلقين، بمعنى يجب أن يكون مجزئا ومرحليا،يخضع لمنهج حواري توليدي باستمرار،حسب طريقة تحليل النص.
17ـ أن لا يكون دراسة النص وشرحه ،بعيدا عن الإثارة الفكرية وأسلوب التشويق النفسي ،ولا يدفع إلى الاستدراج الجماعي للتلاميذ إلى استخراج المادة المعرفية بما يتناسب ومراحل تحليل النص.
18ـ أن لا يكون استخراج التمهيد وصياغة المشكل أوالإشكال،بعيدا عن طبيعة النص وجوانبه وأبعاده.
19ـ أن لا يكون استثمار المادة المعرفية عند تحليل النص وشرحه، بعيدا عن منطق صاحب النص وتوجهه أو مرجعيته الفكرية.
20ـ أن لا يكون تقديم النص وشرحه، بدون مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.
21ـ أن لا يكون تحليل النص وشرحه،بدون الالتزام بقواعد اللغة،عند تركيب الكلمات ومراعاة معاني ودلالات الألفاظ والجمل.
22ـ أن لا يخلط الأستاذ بين القضية كفكرة محورية أولية والأطروحة أوالبرهنة أوالنتيجة ،لأن لكل واحد منهم يحمل خصوصية بيداغوجية، وتعليمية، ومنهجية،تختلف عن الأخرى وتتميز .
23ـ أن لا يفصل الأستاذ حين كتابة مقال فلسفي حول مضمون النص بين شكله المنهجي ومضمونه المعرفي ( أي تكييف المنهجية مع المادة المعرفية).


إعداد مفتش التربية الوطنية لمادة الفلسفة :
السيد قاضي قادة عبد الجبار
الإمضاء والخاتم:


(6)

الحرية والواجب الأخلاقي والمسؤولية عند إيمانويل كانط
لقد قسم كانط مشروعه الفلسفي ،إلى ثلاثة فصول منسجمة الأبعاد؛ ومتناغمة الجوانب، وهي كالتالي :نقد العقل الخالص، الذي يهتم بنظرية المعرفة وحدودها، ويليه نقد العقل العملي وأخيرا استكمل بنائه الفكري بنقد ملكة الحكم أو الذوق التي هي موضوع علم الجمال، وما يهمنا ها هنا،هو نقد العقل العملي،الذي يهتم بالتجربة السلوكية العملية ،التي تتعلق بالمسألة الأخلاقية من حيث التشوق أو الرغبة والإرادة،و مدى تأثيرها على حياة الفرد والجماعة على السواء ،ولاسيما من الناحية السلوكية والأخلاقية والإنسانية.
لانالحياة الإنسانية من الناحية العملية،بحاجةإلى تنظيم أمثل للعلاقات بين الناس ،وهذا التنظيم لايكون إلا بمراعاة واجبات صارمة،تحفظ هذه الحياة من الفوضى والاضطراب الناتجين عن الأهواء والغرائز الحيوانية فينا ،ومن أبرز هذه الواجبات؛نذكر الواجب الأخلاقي الذي يمليه الضميرالفردي الفطري فينا،الذي يسطع بقوته الخيرة الوهاجة من الداخل لينير ظلمات الحياة خارج ذواتنا،والتيلطخ بهائهاالشروأفسدت جمالها الأنانية والمصلحةالفردية،وعكر صفوها المكر والخداع،هذه الحياة التي تقع خارجنانعني بها الحياة الاجتماعية للأفراد ويؤدي في الوقت نفسه هذاالشعوربالواجب الأخلاقي كدليل على حريتنا إلى أن نكون مسؤولينا على ذواتنا ،فهو كفيل بتنظيم المجتمع وعلاقاته؛ مما يجعله يقودنا بصرامة نابعة من الذات العقلية أوالضميرإلى شاطئ النجاة والنجاح والسعادة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاحهو:كيف يؤدي الامتثال إلى روح الضمير الخلقي ،والالتزام بمايتضمنه من واجبات أخلاقية صارمة،إلى تنظيم أمثل وأنبل للحياة الاجتماعية والإنسانية؟،وهل يتعارض الواجب الأخلاقي مع الواجب الاجتماعي،ومعما تسنه المؤسسات الثقافية والاجتماعية من تشريعات وقوانين ؟.
الواجب الأخلاقي كقانون، يعلى ولايعلى عليه:
يرى كانط أن الإنسان أخلاقي ،ليس بحاجة إلى قوانين مصطنعة تضبطه أوتشريعات يضعها المجتمع لتحدد سلوكهوتوجهه،كمالايحتاج إلى أي ضغط خارجي،لان الضمير وما يتضمنه من واجبات أخلاقية فطرية كافية لتوجيهه،وإرشاده إلى سبل الخير والحق،فمثلا الجندي الذي يكافح بدافع من ضغط القانون والخوف منه،والذي سكّه مجتمع ما،يعتبر في الحقيقة عملا خير؛لأنه غير نابع من مبدأ الواجب الأخلاقي ،وغير صادر عن إرادته الحرة المستقلة،ولم تحثه عليه إنسانيته،بل هو مجبر على القيام به ،وإذا زاد هذا الضغط على حده ،انقلب إلى ضده،وهوالخيانة،في حين ينبغي أن يصدر هذا الفعل المقدس عن الواجب الأخلاقي،أي يجب أن يستمد صوت الواجب الفطري من وحي ضميره، ويشع من داخل نفسه مباشرة،بشكلمتناغم عقليا ومسترسل معنويا،على هذا النحو،يجب أن أدافع عن البلاد والعباد،وعن الأرض والعرض،وأن أتحلى بالأمانةو أتخلى عن الخيانة،لأن هذه الأخيرة لاتخدمني ،ولاتخدمشعبي،بل على العكس أصبح ضحية مأساوية لذلك ،ولا أتلذذ في دنياي وآخرتي بنشوة الخير والسعادة، إلا إذا كان من أجل الواجب الخلقي مهما كان موتا أوشهادة ،بل على النقيض من ذلك أجني نتيجة الخيانة،الخزي والعار ،وأعرض بلادي،إلى الأخطار والدمار...،وعليه فصوت الواجب الأخلاقي هذا يجب أن ينادي من أعماق نفس هذا الجندي ،ويستمد من ضميره الخلقي ،ومن ثم يصبح هذا الفعل ،خاضعا لمتابعته ومراقبته،وفي الوقت نفسه ،ينبغي أن يشعر من ذاته أثناء اختياره له بالحرية التي تدفعه إليه الإرادة الخيرة ،وانه مسؤول عن أفعاله،أمام ضميره الفردي فقط،حيث يقول كانط :"إن الواجب هو ضرورة انجاز فعل ،احتراما للقانون"(1)، بمعنى أن الضمير الخلقي ذي الصبغة العقلية يملي علينا
(1)
الآلاف من الواجبات الفطرية التي يحتم علينا العقل القيام بها واحترامها وعدم الخدش في قيمتها وتلطيخ قداستها،فهي تبقى قوانين كلية، بمعنى يلزمنا بها العقل أوالضميرالذي خلقه الله فينا في عقل كل إنسان،وهي صالحة لكل زمان ومكان ،كأن كانط يريد أن يبين من خلال قوله هذا أن ضمير أي إنسان لو طرحت عليه هذه الأسئلة المتتاليةوهي :هل تريد أن تكون صادقا مع نفسك ومع غيرك أم تكون كاذبا؟،لقال لك أريد أن أكون صادقا،ولوكان ذلك مرا أي في غير صالحي،وأيضا هل تريد المحبة أم البغضاء؟، لقال لك المحبة ولو كانت مصحوبة بالألم ،وكذلك نقول له هل تريد الإصلاح أم الإفساد؟ ،لأجاب الإصلاح،لأن ذلك يتجاوز دائرتي الغريزية الضيقة إلى دائرة أخرى ذات لون مثالي مشع،أكثر اتساع ورحابة،وهكذا نلمس من خلال هذه الأسئلة البريئة،من أي غرض مادي أونفعي،أنضميرالإنسان ،لو خيّر بين الخير والشر ؛لأختار الخير ،لذا فالإنسان بطبعه لا يريد إلا الخير بفطرته(الإرادة الخيرة) ،وهذا التمييز أو التخيير،واحد لدى جميع الناس العقلاء(يفرضه العقل)،وتبقى هذه الإرادة الحرة الخيرة،النابعة من ضميرنا،حجة علينا فيما بعد،لأنهاتتصرف،بتأثير من الواجب الأخلاقي الفطري فينا وروحه الصارمة،وهكذا فالإنسان ملزم أخلاقيا من خلال ما سبق بأن يكون مسؤولا أمام ضميره (أمام نفسه) عن طريق الامتثال أمام الواجب الأخلاقي كقانون.
الإرادة الخيرة الحرة والواجب الأخلاقي الفطري:
ولكي يزداد الأمر وضوحا ،نطرح السؤال التالي:وهو كيف تتصرف الإرادة الخيرة بدافع من الواجب الأخلاقي؟،إن الإرادة الخيرة تعمل بدافع من الواجب الأخلاقي،لاطبقا له ،بمعنى بسائق الضمير لابسائق المصالح، لأن الخضوع لهذه الأخيرة هي التي تجعل الإنسان غير حربمعنى تحيله إلى فرد مقيد بأوامرشرطية نابعة من الأهواء والغرائز،تجعل الإنسان عبدا لشهواته وغرائزه وخطرا على غيره من أفراد المجتمع،فمثلا :لو عدنا من جديد ،وسألنا ضمير ذلك الشخص،عن لماذا يريد الصدق ؟،لكانت إجابته التلقائية الحرةكالتالي:لأن الواجب الأخلاقي يملي عليّ،أن أتجنب الكذب والزور ،الذي يفكك العلاقات الاجتماعية،ويمزق روابط الأخوة بين الناس، وإذا قلنا له لماذا تريد المحبة ؟،لأجاب بدون ترددأيبحرية،بأنه على البشرية ،أن لاتعيش في جو مكهرب،ومحيط ملوث بالكراهية والحروب،وإذا سألناه مرة أخرى عن لماذا يريد الإصلاح؟، لكانت إجابته بكل عفوية وحرية ،لأنه يجب تجنب السلوك المشين ،من ظلم وإثم وعدوان ،مع الحث في الوقت نفسه على الخير والنهي عن المنكر ،والدعوة إلى العمل الشريف،والمساهمة في بناء المجتمع بوحي من الضميرالخلقي،وإلا استحالت الحياة الاجتماعية ،وإذا سألناه للمرة الأخيرة ، عن لماذا تفضل الاستقامة في السلوك على الانحراف والجريمة ؟،لأجاب بشكل حر ومبدئي؛لأن الواجب الأخلاقي ، يدعوني إلى أن أحيا حياة هادئة ومستقرة، تخلو من الآفات الاجتماعية،والعقد النفسية ،والانحرافات الأخلاقية،وهذالايكون إلا بالتزام القوانين والمبادئ الأخلاقية التي فطرنا عليها،وحتى إذا ما جنح هذا الشخص إلى الجريمة؛كالسرقة أو الزنى أو القتل ،فانه يعرف مسبقا بعقله ، نتائج فعله،وخطورتها على غيره من الناس، لذلك فلا مهرب له من عقاب الضمير
(2)

بالحسرة والندم ، حتى يرتد عن فعلته،ويستقيم من جديد على صوت الواجب الأخلاقي فيه، ومقاصده النبيلة،وأبعادهالمثالية،وحتى يعم بذلك الخير ويزول الشر من على الأرض، وبهذا فالإرادة الخيرة تقوم على مبدأ الواجب الفطري الخير فينا وكانط نفسه يقول :"تكمن الإرادة الصالحة في إرادة المرء إتمام واجبه ،فالواجب يتمم ليس فقط عندما يكون الفعل مطابقا للواجب ،وإنما عندما يفعل عن واجب"(2)
وعليه فالإرادة الخيرة أوالطيبة هي التي تكون بدافع الواجب لاطبقاله،وأن هذا الواجب الذي يسكن أعماق أنفسنا،،يبقى قانونا ثابثالايتزعزع مهما تغيرت الأزمنة وتباعدت الأمكنة،علاوة على أن هذا التمييز نفسه ،لايقوم على الضغط والإكراه ،بل على حرية الاختيار ،فالإنسان له المقدرة على التمييز بين الحق والباطل ،والخطأ والصواب ،وبين أن يكون صالحا ؛أوان يكون طالحا،...،وان اختياره لأحد الفعلين ،تم وفق شعوره بالحرية،لأنه يعرف مسبقا طبيعتهما وحقيقتهما،ويقدر منذ البدء النتائج التي يؤدي إليها ؛كل واحد منهما سلبا أو إيجابا، وهكذا عند اختياره لأحد الطرفين ، يكون الجزاء ، عن طريق سلطة الضمير فيما بعد ،إما بالندم والحسرة ، وإما بالثواب ؛فيشعر بالراحة والاطمئنان؛ ونفهم من ذلك أن الواجب الأخلاقي ،لايتعارض مع الحرية ، بل يقوم عليهما؛أو كلاهما يندمجان في سلوك كل فرد عاقل ، من فعل وقول وعمل ، ولذا من باب الاعتباط الفصل بينهما، يقول كانط:" إن التشريع الذي يجعل من فعل ما واجبا ،ومن هذا الواجب الدافع في الوقت ذاته،هو تشريع أخلاقي، وبالمقابل يعد قانونياالتشريع الذي لايدمج الدافع في القانون، ولأجل ذلك فهو يقبل بدافع آخر غير فكرة الواجب نفسها"(3) ص35نستشف من ذلك أن الواجب الحقيقي ليس هو المستمد من التشريع الاجتماعي والمؤسساتي ومن دافع خارجي اجتماعي بل هو الذي يصدر من دافع داخلي أخلاقي الطابع وهو مبدأ الواجب الأخلاقي .
الواجب الأخلاقي الفطري يجانب المصلحة الفردية:
ومن جهة أخرى نجد هذا الواجب الأخلاقي نفسه منزه عن المنفعة أو المصلحة ،لأن ارتباط الفعل بها ، يجعله يحمل روح شريرة، لذا فسبيل الإرادة الخيرة ؛هو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى الخير والحق (طريق الله)أما بقية السبل الأخرى، مهما كانت مبرراتها وتفسيراتها ، فهي لاتمت إلى الخير والحق بصلة ،لأنها بوضوح؛ غير صادرة عن الإرادة الخيرة، التي تخضع لروح الواجب الأخلاقي، بمعنى أن هذه السبل ،لاتريد الخير من أجل الخير ،بل من أجل النتائج فقط من شهرة ومصلحة وهوى(أوامر شرطية)(4)،وهي بذلك سبل تقوم على الأنانية والغريزة والظلم ،ومبطنة بالشر والاستغلال والحيلة، فمثلا المساعدات الأمريكية، التي تتهاطل على بعض البلدان الضعيفة ، هي في حقيقة الأمر ، توحي بخدمة مصالح معينة،لأن أغلب المساعدات مرتبطة بمشروط مجحفة،وعليه فهي مساعدات ليس من أجل المساعدة بل من أجل تلبية منافع وأهواء الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فهي غير عادلة وغير إنسانية، لأنها تحمل الكثير من الشر،وتزيد الدول المتخلفة تخلفا ، أما عندما تكون أفعالنا وأقوالنا وسلوكنا عامة ،موازية للشعور بالواجب الأخلاقيالذي يقوم روح الإرادة الخيرة فينا، عند ذاك فقط ، نكون إنسانيين ، نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا، ونقول الحق ولوكان مرا،وندافع عن أنفسنا ولوكلفنا ذلك الموت أوالشهادة،،ونحترم البلدان الأخرى ، كما نحب أن يحترم بلدنا هذا ،ونطمح إلى أن تتقدم البلدان الأخرى
(3)
نحو الأصلح والأنبل ، كما نطمح لبلدنا أيضا،ولايهمنا أن نكون سعداء على حساب الحق وعلى حساب كرامتنا وإنسانيتنا،وكل القيم الإنسانية الفطرية والأصيلة فينا،وبذلك يرى كانط نفسه ،أنه بموجب هذا القانون الأخلاقي ، المفطور في نفوسنا ، يكون العمل فاضلا وصالحا ، لابسبب ما ينتج عن هذا العمل ، من نتائج حسنة وطيبة، أو بما فيه من حكمة؛ولكن لأن هذا العمل قد أدّي وفقا لهذا الشعورالداخلي بالواجب(5)،بمعنى يجب أن تكون نيتنا صادقة، عند فعل الخير ، حتى وإن كان هذا الفعل ليس في صالحنا ،أو لايعاقب عنه القانون ،أو لم يطلع على حقيقته الناس، لكي يلومونا عليه الناس ويحاسبونا، لذلك فلا غرابة،أن يندد كانط بالأطماع التوسعية للدول الأوروبية ، في كل من قارة أمريكا وإفريقيا وآسيا ،والظلم المسلط على هذه القارات الثلاث، تحت شعار العلم والحضارة والتقدم ، لكنه في الباطن يحمل مصالح جشعة ومنافع شريرة،ومن هنا يضع كانطقواعد صارمة ؛ وصفات واضحة للفعل الخلقي الخير، وهي أنه لابد على الانسان، أن يعمل على نحو ،يصح أن يكون قانوا عاما للبشر ، وأنه يجب أن يعامل أخاه الانسان كغاية وليس كوسيلة،وأن يكون فعله الخلقي هذا ، صادر عن الضمير ، وليس عن سلطة خارجية، وبهذا نخلص إلى حقيقة جوهرية وهي أن الواجب الأخلاقي منزه عن أي غرض مادي أو معنوي.
إقامة العدلالإنسانيوالسلمالعالمي :
إن مبدأ الإرادة الخيرة الذي ينبجس من أعماق الضمير الخلقي ،ويعززه ويرعاه الشعور بالواجب الأخلاقي كقانون كلي ،يكفل لأفراد المجتمع إذا عاشوا حياة بوحي من ضمائرهم الحرة الطاهرة ،علاقات اجتماعية هادئة ومستقرة ،تتناغم فيها العقول البشرية ،وتنسجم داخلها الضمائر الحية الحرة، فيتحولون إلى عاملون فاعلون حقا، فيأخذ كل ذي حق حقه،بمراعاة الواجبات الأخلاقية كأوامر مطلقة ،فتزول الحيلة والشر وإغماط الحقوق،وتتبدد الشكوك والمخاوف من بعضنا البعض سواء على المستوي الاجتماعي أو الدولي أو الإنساني ،وهذا باحترام حقوقالغيرمنالناس،واحترام حقوق الجوار من المجتمعات والدول ،والكف عن تهديد بعضنا البعض عن طريق الحروب والحصار والمؤامرات، نتيجة اعتماد منطق المصلحة الشخصية ،والنظرة الضيقة،والتصور المادي في تسيير علاقاتنا الاجتماعية والدولية والإنسانية،مما يستدعي إقامة مؤسسات اجتماعية ودولية لحماية هذه الحقوق الفردية والاجتماعية والدولية،لتكريس تلكم الواجبات الأخلاقية كقوانين كلية شاملة تعلو على الناس ولايعلونعليها،وهذا قصد تحقيق السلم الاجتماعي والدولي،وهذا ليس معناه الخضوع لتشريعات اجتماعية ودولية ،خارجة عن روح الواجب الأخلاقي الفطري فينا ،ومجانبة لصوت الضمير الذي ينادي من أعماق النفس الإنسانية،لان التشريعات الاجتماعية الخارجة عن روح الواجب الأخلاقي الفطري ،قد تكون مدعاة للشقاق وسوء الأخلاق،وسببا في الظلم والجور، ومطية لخدمة الغرائز والأهواء الحيوانية ، وذريعة للعنصرية والطبقية والجهوية ،لذا فالعمل بروح الواجبات الأخلاقية،وتطبيق مضمونها ومقاصدها على أرض الواقع الاجتماعي والإنساني، هو الذي يحقق العدل ويوجد السلم، سواء أكان ذلك داخل المجتمع نفسه أو بين المجتمعات والدول، ولأدل على ذلك تأسيس كانط لفكرة هيئة الأمم المتحدة بهدف التسييرالعقلاني للعلاقات الدولية وحل الخلافات سلميا بين البلدان المتصارعة، قبل استغلالها من طرف
(4)
البلدان الكبرى اقتصاديا في العالم حاليا، لأغراض أخرى شريرة وماكرة، وتعتبر رسالة كانط "السلام الدائم " الذي ظهر عام 1795م ،فكرة جميلة ونبيلة حول هذه القضية، لقد كان كانط يشكو بقوله :"إن حكامنا لايملكون المال للإنفاق على تعليمة الشعب وتثقيفه لأنهم حولوا كل مواردهم المالية في الاستعداد للحرب القادمة"(6)، كما يقول أيضا "إن سلوك الدول المشين البعيد عن الإنسانية وخصوصا الدول التجارية في قارتنا الأوروبية ،والمظالم التي تنزلها في شعوب البلدان الخارجية يملأ نفوسنا بالرعب،إن مجرد زيارة هذه الدول لتلك الشعوب تعتبر كافية لغزوها ،فقد اعتبرت الدول الأوروبية الاستعمارية البلاد التي اكتشفتها كأمريكا وبلدان الزنوج،وجزر التوابل ورأس الرجاء الصالح وغيرها،بلادا مباحة لاتخصأحدا،ولم تقم وزنا لسكانها الأصليين" (7)262

الواجب الاجتماعي المشرّع،في مقابل الواجب الأخلاقي الفطري:
لكن إذا كان التصور الذي أطرتفسيركانط في مجال نقد العقل العملي وهو أن الإنسان خير بطبعه فان هناك من ينطلق من تصور نقيض لفكرة كانط ألا وهو توماس هوبز الذي يؤطر لنظرة أخرى مخالفة، تتمحور حول كون الإنسان شرير بطبعه وليس خير إضافة إلى أن هوبزلايرى في الإنسان ضميرا يصح الركون إليه في الحكم على الأعمال والأشياء،وأن الدين والأخلاق من صنع الدولة(8)، ونفهم من ذلك أن الاستعانة بالسلطة الاجتماعية يكون ضروريا في هذا المجال،والمتمثلة في القانون والتشريعات المجتمعية،بحيث تعمل هذه السلطة على إلزامنا بالسير وفق ما تقتضيه من أوامر ونواهي (واجباتالدولةوالعدالة)،في حالة ما إذا حاول لأحد الأفراد الخروج عن هذه الأوامر والنواهي ،فانه ينا نتيجة خرقه لهذه المسؤوليات(الواجبات)،أقصى العقوبات،لكيلايرجع لذاك مرة أخرى،ولعل تمسك السلطة الاجتماعية بهذه القوانين والتشريعات يهدف إلى الاقتصاص للمظلومين ،حتى ترجع إلى ذوي الحقوق حقوقهم،وتردالأمورإلى نصابها(تحقيق العدل)، بغرض تنظيم أحسن للعلاقات الاجتماعية،وضمان السير الحسن لحياة وشؤون المجتمع،وعليه فالواجب الاجتماعي ،هو الذي يقوّم ويوجه سلوك الفرد،وليس الضمير الخلقي ،ويجعله يساير التنظيم العام للمجتمع الذي يوجد فيه .
ليس هذا فحسب بل المجتمع هو الذي يضع ويشرع قواعد ومبادئ التمييزبين الخير والشر،والحقوالباطل،والخطأوالصواب،وليس العقل أوالضميرالخلقي،ويلزم تبعا لذلك الفرد على إتباعها والعمل بها،وأن هذه القواعد والمبادئ تختلف من مجتمع لآخر،حسب طبيعة الثقافة أو البيئة أو التاريخ الخاص بهذا المجتمع نفسه،لذا فان المجتمع يهيمن على كامل الحياة الفردية،حتىلاتكون هناك فوضى أو اضطرابات بسبب الغرائز والأهواء،فكل مجتمع يسن لنفسه قوانين الزواج والطلاق والميراث ،ويشرع تنظيم الحياة الخاصة به (الأسرة ،المدرسة،العمل،الدولة...،)،فمثلا :الغرب يشجع العلاقات الحرة بين
(5)


الجنسين ،ولايحدد قواعد معينة للميراث،بل يترك ذلك كله لإرادة صاحب الذمة المالية،أي جعل للشخص السلطان الكامل في ماله وفي حياته وبعد مماته،بينما المجتمع الإسلامي ،يعمل على تقييد تلك العلاقات،ويعتبر العلاقة بين الرجل و المرأة ،علاقة روحية معنوية،أكثر منها علاقة حيوانية،وان حفظ النوع الإنساني على الوجه الأكمل لايكون إلا بالزواج(9)،إضافة إلى وضع قواعد لمسألة الميراث حسب مهام ووظائف كل طرف في الحياة لتحقيق العدل،ونجد أيضا أن مسالة المدرسة في مجتمع اشتراكي هي غير مسألة المدرسة في مجتمع إسلامي ،وان ما يعتبر في مجتمع من المجتمعات من المؤسسات الأساسية،قد يعتبر في مجتمع آخر من المؤسسات الثانوية،فالملكية الخاصة مثلا أساسية في المجتمعات الرأسمالية ،في حين أنها في المجتمعات الشيوعية ليست كذلك،الزواج بواحدة من المؤسسات الأساسية في الدول الغربية ،في حين أنها من المؤسسات الثانوية في كثير من الدول الشرقية(10)،لذا يعرف دوركايم الظاهرة الاجتماعية بأنها :"كل ضرب من السلوك ثابتا كان أم غير ثابت،يمكن أن يباشر نوعا من القهر الخارجي على الأفراد"(11)،ونفهم من ذلك أن القواعد والمبادئ والمؤسسات الاجتماعية ،توجد قبل الفرد وتبقى بعده، فهي بذلك منفصلة ومستقلة عنه،وهكذا فالواجب الاجتماعي يحرص على أن تكون مسؤولياتنا عن سلوكنا وأفعالنا ،وما ينتج عنها اتجاه غيرنا عن طريق التشريع الاجتماعي أوثقافة المجتمع ككل. ،كما أن تعلم الطفل المبادئ الخلقية والقيم الاجتماعية، لايكون إلا بالتأثر والتأثير والاحتكاك المستمر مع زملائه وأصدقائه في الوسط الذي يحياه،لذا يقول الفيلسوف الكبير برتراند راسل في هذا الشأن :"من الصعب إن لم يكن من المستحيل،تعليم العدل لطفل منفرد عن أقرانه"(12)
الخاتمة:
وفي الأخير نستنتج أن قوة المجتمع وتماسكه،وضمان أمنه وبقائه ،متوقف على تفاعل كل من الواجب الأخلاقي (إلزام الضمير)والواجب الاجتماعي(إلزام المجتمع)،وما يؤكد انسجامهما وتكاملهما ،هو أننا ما دمنا مسؤولين أخلاقيا أمام ضميرنا عن كل ما يصدر عنا من أفعال وسلوكات ،فان ذلك له تأثيرا ايجابيا على حياة المجتمع وأفراده ،يتمثل في التسيير الأمثل لشؤونه وعلاقاته،وفي الوقت نفسه للغير كامل الحق ،في أن يتابعنا أخلاقيا ،على النتائج التي تتركها أفعالنا وسلوكاتنا عامة ،على علاقاتنا الاجتماعية وسيرها،عن طريق التعويض أمام العدالة ،وهذا يدل على أن المجتمع هو أيضا يدعو الفرد ككائن اجتماعي بنوع من الالتزامات الأخلاقية في معاملاته وسلوكاته اتجاه الجماعة ،كي لايلحق الضرر بها ويساهم بطرق تربوية متنوعة في إيجاد جوأخلاقي نظيف ، وعلى هذا الأساس تساؤل أفلاطون قديما هل يمكن للفضيلة أن تعلم ،وهل هي هبة من الله ،أم أنها نوع من السلوك يكتسب عن طريق التربية؟(13)، وفي الأصل نجد هناك تفاعل بين الجانبين داخل الحياة الإنسانية،ومن هنا فالواجب الأخلاقي له بعد اجتماعي،وان الواجب الاجتماعي له هدف أخلاقي،وهما يعملان معا لنفس الغاية،وهي إعادة الاعتبار لقيمة الإنسان وكرامته ،بغية تحقيق في الأخير العدالة كفضيلة أخلاقية بين جميع الناس.
(6)

الهوامش :
(1) ايمانويل كانط ،مقدمة لكل ميتافيزيقا مقبلة،ترجمة نازلي اسماعي حسين ،ومحمد فتحي الشنيطي،،طبع المسسة الوطنية للفنون المطبعية،وحدة الرغاية، الجزائر طبعة سنة 1991،ص 233.
(2) اميل براهييه،تاريخ الفلسفة في القرن الثامن عشر، الجزء الخامس، ترجمة جورج طرابيشي ،دار الطليعة للطباعة والنشر ،بيروت ، الطبعة الأولى في ديسمبر1983،ص284.
(3) أيس ،مجلة فصلية،الموزع في الجزائر رواق الكتاب،4،طريق الهواء الجميل، باش جراح ،الجزائر العدد1،جوان 2005،صدر بها بحث ، لكلود بيشي، المنهجية الأخلاقية عند كانط ، ترجمة فؤاد مليت ،ص 35.
(4) الأمر الشرطي :هو الأمر الصادر عن الشهوات ،لأنه يجعل الفعل يخدم المنافعوالغرائزالحيوانية،ومن ثم فهو فعل غير أخلاقي (بمعنى شرير).
(5) نقلا عن ول ديورانت،قصة الفلسفة ،ترجمة الدكتور فتح الله محمد المشعشع،منشورات مكتبة المعارف،بيروت ،الطبعة الرابعة سنة1982،ص350 .
(6) نقلا عن ول ديورانت،المرجع السابق نفسه ،ص362 .
(7) المرجع السابق نفسه ،ص363 .
(8) نقلا عن أحمد أمين ،وزكي نجيب محمود،قصة الفلسفة الحديثة،الجزءالاول،مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر،الطبعة الخامسة سنة 1967،ص 64 .
(9) الإمام محمد أبو زهرة، تنظيم الإسلام للمجتمع ، دار الفكر العربي ،بيروت ، طبع في 30أكتوبر1965، ص64
(10) الدكتور محمد لبيب النجيحي ،الأسس الاجتماعية للتربية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر،ببيروت ، الطبعة السابعة ،سنة 1978، ص55 .
(11) نقلا عن الدكتور صلاح الفوال ،علم الاجتماع ،دار الفكر العربي (طبعة بدون سنة)، ص 76
(12) برتراند راسل ، في التربية ، ترجمة سمير عبده ، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت ،لبنان (بدون سنة الطبع) ،ص 106 .
(13) نقلا عن الدكتور محمد لبيب النجيحي ، في الفكر التربوي ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، ببيروت ،الطبعة الثانية سنة1981 ،ص134 .
(7)









 


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc