الرشوة2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرشوة2

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-21, 11:10   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 الرشوة2

خطة البحث:
المقدمة
الفصل الأول: المقارنة من حيث النظام القانوني لجريمة الرشوة
المبحث الأول: المقارنة من حيث ماهية الرشوة
المطلب الأول: تعريف الرشوة: في التشريعات و الحكمة منها
الفرع الأول: التعريف
الفرع الثاني: الحكمة منها
المطلب الثاني: التكييف القانوني للرشوة و موقف التشريعات منها
الفرع الأول: أنصار الأحادية في الرشوة و التشريعات التي تأخذ بها
الفرع الثاني: أنصار الازدواجية في الرشوة و التشريعات التي تأخذ بها
المبحث الثاني: المقارن من حيث أركان جريمة الرشوة
المطلب الأول: العنصر المفترض للمرتشي- صفة الموظف العام
الفرع الأول: تحديد المدلول
الفرع الثاني: تحديد الاختصاص
المطلب الثاني: الركن المادي
الفرع الأول: محل الرشوة: أ- موضوعها
ب- صور بلوغها
ج- صور المقابل
الفرع الثاني: سبب الرشوة: أ- أداء العمل
ب- الامتناع عنه أو التأخير في القيام
ج- الإخلال بواجبات الوظيفة
المطلب الثالث: الركن المعنوي
الفرع الأول: نوع القصد الجنائي
الفرع الثاني: عناصره
الفرع الثالث: معاصرة القصد الجنائي لماديات الجريمة
الفصل الثاني: النظام الجزئي للرشوة في كل تشريع
المبحث الأول: التشريع الفرنسي
المطلب الأول: عقوبات الرشوة السلبية
المطلب الثاني: عقوبات الرشوة الإيجابية
المبحث الثاني: التشريع المصري
المطلب الأول: رشوة بسيطة
الفرع الأول: أصلية
الفرع الثاني: تكميلية
الفرع الثالث: الإعفاء
المطلب الثاني: رشوة مشددة
الفرع الأول: تشديد راجع للغرض من الرشوة
الفرع الثاني: تشديد متعلق بنوع العمل المطلوب من الموظف
المبحث الثالث: التشريع الجزائري
المطلب الأول: عقوبة الرشوة السلبية
الفرع الأول: عقوبات أصلية
الفرع الثاني: عقوبات تكميلية
المطلب الثاني: عقوبات الرشوة الإيجابية
الفرع الأول: عقوبات أصلية
الفرع الاني: عقوبات تكميلية
المطلب الثالث: عقوبات رشوة الوسيط و المستفيد
الفرع الأول: رشوة الوسيط
الفرع الثاني: رشوة المستفيد
المبحث الرابع: التشريع اللبناني
المطلب الأول: الرشوة البسيطة
الفرع الثاني: عقوبات أصلية
الفرع الثاني: عقوبات إضافية
الفرع الثالث: عقوبات إضافية فرعية
المطلب الثاني:الرشوة المشددة
الفصل الثالث: الجرائم الملحقة بالرشوة
المبحث الأول: رشوة المستخدمين في المشاريع الخاصة
المطلب الأول: الصفة المفترضة للجاني
المطلب الثاني: الركن المادي و المعنوي لجريمة الرشوة في المشاريع الخاصة
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
المطلب الثالث: عقوبات الرشوة في المشروعات الخاصة
المبحث الثاني: جريمة استغلال النفوذ
المطلب الأول: الركن المادي لجريمة استغلال النفوذ
المطلب الثاني: الركن المعنوي لجريمة استغلال النفوذ
المطلب الثالث: عقوبات جريمة استغلال النفوذ
المبحث الثالث: جريمة الوساطة و الاستفادة في الرشوة
المطلب الأول: جريمة الوساطة
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
الفرع الثالث: عقوبة جريمة الوساطة
المطلب الثاني: جريمة الاستفادة من الرشوة
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
الفرع الثالث: عقوبة جريمة الوساطة
الخاتمة
المراجع
الملاحق





المقدمة :

لما قامت الدول اوجبت ضرورة بقائها واستمرارها رعاية مصالح المواطنين في مختلف نواحي حياتهم وتنظيم شؤونهم و وقع هذا اللعب عاتق اولئك الذين قاموا على شؤون الدولة .واذا كان بمقدور الحاكم في العصور الشاقة ان يتولى بنفسه تنظيم تلك المهام .فان نشاة الدولة و اتساع نطاقها وتعدد الافراد فيها وتنوع مصالحهم اقتضى ان توجد الى جوار الحاكم جهات تعاونه في اداء مهمته , ولقد اخذت تلك الجهات تتعدد تبعا لازدياد الأعباء وتنوعها ومع مرور الزمن أكثرت الخدمات التي تقدمها الدولة لرعاياهم وصار من الضروري وجود بعض الأفراد الذين توليهم الدولة بعض سلطاتها تحقيقا لرسالتها وهم الموظفون العموميون , واذا كانت الدولة تمنح بعض سلطاتها لموظفيها فانها تهدف بهذا الى أن تستخدم السلطات في النطاق الذي رسمه القانون تحقيقا للمصلحة التي ترجى وحفاظا على حقوق الأفراد والمساواة بينهم أمام القانون وهي من ناحية أخرى تعطي الموظف مقابلا للعمل الذي يقوم به , وهو الوضع الطبيعي بالنسبة لكل من يحصل من آخر على بعض من خدماته.
و الأصل في الموظف اذا منح سلطانا معينا أن يستعمله في حدود القانون وتحقيقا لما ابتغاه لأن الخروج على تلك الضوابط يؤدي الى الاخلال بالمصلحة التي أراد القانون حمايتها بما قد يترتب على هذا من اضطراب يقع في النظام . وعلى أن اخلال الموظف بواجبات وطبقته قد يصل في بعض الصور الى درجة يضطرب فيها نظام العمل ويفقد أفراد الجمهور الثقة بالموظف وتبعا بالأعمال الحكومية بما يؤدي الى فساد الادارة الحكومية وفي هذه الحالة لا يقف المشرع عند الجزاء الاداري وحده بل يقرر عقوبة جنائية في أجل ذلك الاخلال مهددا بها كل من تسوله نفسه ارتكاب احدى الجرائم التي يحددها وتتصل بعمل الموظف و لا شك في أن من أخطر صور الاخلال بالوظيفة لا تجار بها أي تقاضي المقابل على أية صورة لقاء تحقيق مصلحة لبعض الأفراد ومن هنا كان الأساس في تجريم أفعال الرشوة فالمجتمع يرى فيها ظاهرة خطيرة جديرة بالمكافحة.
ولقد هددت هاته الجريمة عروشا وأسقطت حكومات وتورط في فصائحها الأمير والملك والموظف والمستخدم على حد السواء ولم يعرف التاريخ الحديث فضيحة أكبر من فضيحة لوكهيد وسببها الرشوة التي قدمتها الى عدة شخصيات سياسية في عدد كبير من الدول الأوروبية , كاليابان , وايطاليا , وتركيا , وألمانيا الغربية وهولندا ومن بين نتائجها اعتقال رئيس الوزراء الياباني واستقالة الحكومة .
كما هددت ملكة هولندا بالتخلي عن العرش بسبب الرشوة التي تلقاها زوجها الأمير بيربارد.
ولهذا يرجع اختيارنا لجريمة الرشوة كموضوع لبحثنا نظرا لعدة اعتبارات من بينها أن الرشوة كانت ولازالت من أهم اهتمامات المجتمع في كل الميادين متوخين من الجهات المختصة بتغليض العقاب والضرب بقوة على أيدي المرتشين العابثين بمصالح المجتمع حتى يمكن استئصال هذا المرض ومحاربة البريوقراطية في كل الادارات والمجالات والدول.
وفي هذا السياق قامت كل التنشريعات في العالم على تجريم الرشوة وهذا رغبة منهم في عدم السماح بافلات كل أطراف الجريمة ومنه
فما نظرة التشريعات ( فرنسي , مصري , لبناني وجزائري ) لجريمة الرشوة ؟ وما هي السبيل الموضوعة لمكافحتها ؟ ومدى فعاليتها ؟
ولهذا الصدد اتبعنا في بحثنا على المنهج المقارن وعلى هذا المنهج وضعنا وقسمنا خطة بحثنا الى 3 فصول كل فصل مقسم الى مباحث ومطالب .

بمجرد الفصل الأول : المقارنة من حيث النظام القانوني لجريمة الرشوة
المبحث الأول : المقارنة من حيث ماهية الرشوة
المطلب الأول : تعريف الرشوة والحكمة منها
الفرع الأول : تعريف الرشوة
الرشوة في اللغة , مثلثة الراء : الجعل وما يعطي لقضاء مصلحة وجمعها رشا ورشاً وقال الفيومي : <<الرشوة بالكسر ما يعطيه الشخص للحاكم أو غير ليحكم له أو يحصله على ما يريد >>
وقال ابن الأثير :<<الرشوة الوصلة الى الحاجة بالمصانعة التي هي أن تضع لغيرك شيئا ليضع لك الأجر مقابله >>
وقال أبو العباس :<<الرشوة مأخوذة من رشا الفرخ , اذا مد رأسه الى أمه لتزفه وراشاه حاباه وصانعه وظاهره , وارتشى أخذ رشوة وترشاه أي لابنه واسترشى أي طلب رشوة والراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل والمرتشي الأخذ والراش الذي يسعى بينهما ( ).
والرشوة في الاصطلاح : ما يعطي لابطال حق أو لاحقاق باطل . وهو أحض من التعريف اللغوي.
أما التعريفات التي وردت في معظم التشريعات القانونية عرفت الرشوة على أنها << الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة وما يؤدي الى أن هذه الجريمة تفترض وجود طرفين أو أكثر.
-الراشي : هو صاحب المصلحة الذي يهدف الى ارتكاب الموظف لعمل من أعمال وظيفته أو الاخلال بها أو الامتناع عن القيام بهذه الأعمال مقابل الرشوة.
-والطرف الثاني هو المرتشي: سواء أكان موظفا عموميا أو مستخدما عموميا يطلب لنفسه أو لغيره أو يأخذ وعدا أو عطية ويمكن أن يكون هنا طرف ثالث وهو الوسيط بينهما .
اذن فتعريف الرشوة بمعناها الواسع هي اتفاق بين شخصين بعرض أحدهما على الأخذ بُعلا أو فائدة ما فيقبلها لأداء عمل أو الامتناع عن عمل يدخل وظيفته أو مأموريته ( ).
ولقد نصت المادة 103 ق ع لبناني على أنه : يعد مرتشيا كل موظفا عمومي قبل وعدا من آخر بشيء ما أو أخذ هدية أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقا أو لامتناعه عن عمل من الأعمال المذكورة ولو ظهر أنه غير حق >>.
فالأصل في الرشوة الاتجار بالوظيفة ومن أجل ذلك سبق نص المادة 103 ق ع مصري وهو نفس الحكم في قانون العقوبات القديم الصادر في سنة 1883 فقد نصت المادة 89 منه على تعريف للرشوة مطابق لتعريف المادة 103 ق ع مصري الجديد ولذا قالت محكمة النقض المصرية في حكم قديم لها : ان علماء القانون عرفوا الرشوة بانها تجارة المستخدم في سلطته لعمل شيء أو امتناعه عن عمل يكون من خصائص وظيفته وعلى طبق التعريف وردت المادة 89 قانون عقوبات.
وكان الخروج عن هذا الأصل في قانون سنة 1904 ولكن الشارع المصري لم يقف عن هذا الحد بل أنه لدى تعديله قانون العقوبات 1904 أضاف الى باب الرشوة نصا يعتبر الموظفين الخبراء والمحكمين وكل انسان مكلف بخدمة عمومية.
ثم أضاف اليه بالمرسوم بقانون رقم 17 لسنة 1929 نصا آخر يعتبر أن حكم الرشوة أن يقبل أي شخص له صفة نيابية عامة وعدا بشيء ما أو أن يأخذ هدية أو عطية للحصول من احدى السلطات العامة على أمر من الأمور.
وفضلا عن ذلك فقد نص في المادة 189 من قانون سنة 1904 التي أصبحت المادة 222 في القانون الحالي على أن كل طبيب أو جراح (ولو لم يكن موظفا عموميا ) شهد زورا بممرض أو بعاهة تستوجب الاعفاء من أي خدمة عمومية يحكم عليه بالعقوبات المقررة للرشوة اذا سبق الى ذلك بالوعد بشيء ما أو باعطائه هدية أو عطية ( ).
ونص في قانون الانتخاب على عقاب كل من أعطى آخر أو علاض أو التزم بأن يعطيه فائدة لنفسه أو لغيره كي يحمله على التصويت على وجه خاص أو على الامتناع عن التصويت . وكل من فعل أو طلب فائدة من هذا القبيل لنفسه أو لغيره (م 66 من قانون الانتخاب الصادر في 19 ديسمبر سنة 1930).
مع أن الشارع المصري لم يخرج في ذلك كله عن غاية واحدة وهي حماية المصلحة العامة من أضرار الرشوة ولذا وضع أحكام الرشوة في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وهو الكتاب الخاص لجرائم المضرة بالمصلحة العمومية.
أما مفهوم الرشوة في القانون الانجليزي فقد سبق القانون الفرنس يالى هذا المعنى فمنذ سنة 1902 صدر في انجلترا قانون يعاقب كل عامل (Agent) خادما كان أو مستخدما يقبل عطاء أو هدية لأداء عمل يتعلق بأشغال مخدومة أو للامتناع عن عمل من هذا القبيل أو جزاء على عمل هذا النوع سبق له أداؤه أو لمحاباة شخص له صلة بأشغال مخدومة أو لمعاكسة آخر كذلك . أما في مصر فلا يعاقب على مستخدمي البيوت التجارية أو الصناعية أو المالية اذا قبلوا رشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم أو للامتناع عن عمل من هذا القبيل ( ).
أما عن الرشوة في القانون الفرنسي حيث كان النص الأصلي للمادة 177 من قانون العقوبات المقابلة للمادة 103 عقوبات مصري , قاصرا على الفقرتين الأوليتين الخاصتين بالموظفين العموميين فأضاف اليه القانون الصادر في 13 ماي 1863 فقرة 3 تعاقب الخبراء والمحكمين الذين يقبلون وعدا أو يأخذون هدية أو عطية . لاصدار حكم أو ابداء رأي في مصلحة أحد الخصوم ثم أضاف اليه القانون الصادر في 4 يوليو 1899 فقرة 4 تعاقب أعضاء الهيئات النيابية الذين يتاجرون بنفوذهم لدى السلطات العامة بل ذهب هذا القانون الى أبعد من ذلك اذ عاقب أفراد الناس الذين يتخذون من مثل هذا النفوذ وسيلة رشوة بالنفوذ السياسي , غير أن الشارعالفرنسي اضطر ازاء تطور الأخلاق العامة بعد الحرب العظمى الماضية وشيوع الرشوة في جميع دوائر الأعمال العامة و الخاصة الى وضع حد لهذه المفاسد فأضاف في 16 فبراير 1918 الى الامادة 177 عقوبات فقرة 5 يعاقب مستخدمي المحلات التجارية والصناعية الذين يقبلون أو يأخون بغير علم مخدوميهم وبغير رضاهم وعودا تقتضيه واجباتهم وبذا اصبح العقاب على الرشوة لا يقتصر على الموظفين بل يتناول الأفراد أيضا.
أما عن جريمة الرشوة في القانون الجزائري فلم يكن بعيدا أو يأخذ بغير ما يأخذ به التشريعات الأخرى فلقد جاء معرفا للرشوة بوجه عام في المادة 126 ق ع على أنها الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة أو استغلالها بأن يطلب الجاني أو يقبل أو يحصل على عطية أو وعد بها أو أية منفعة أخرى لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنها . ولقد كانت ظاهرة الرشوة متفشية بكثرة في الفترة الاستعمارية ورجع الفقهاء الفرنسيين هي كيفية تنظيم الجهاز القضائي المؤسس سنة 1854 والى غياب الرقابة على قرارات المجالس (المعروفة بجهات التقاضي التي تمثل السيادة ).
وهذا هو ما يمكن تحليله من جمل المادتين 301 و 302 من قانون العقوبات اللبناني 301 ع لبناني << كل موظف ...التمس أو قبل ...>> , وهذا لأن المشرع يحرم بالرشوة كافة الجرائم التي تقوم على الاتجار بالوظيفة أو الخ\مة ويتعدى فيها على الأعمال و الوظيفة التي يجب أن تؤدي بالتطلع فقط لمقتضيات الصلح العام.
الفرع الثاني : الحكمة من تجريم الرشوة
ان المصلحة القانونية المهدورة بارتكاب جريمة الرشوة هي حسن أداء الوظيفة العامة و بالتالي ضمان نزاهتها و الاتجار في أعمال الوظيفة العامة يهبط بها الى مستوى السلع ويجرها من سموها باعتبارها خدمات تؤديها الدولة لأفراد الشعب , والنتائج المترتبة على ذلك وحتمية العواقب بالنسبة للفرد وبالنسبة للمجتمع على حد السواء :
أ-الرشوة خرق لمبدأ المساواة بين الألإراد المتساويين في المركز القانوني حيث تؤدي خدمات مرافق الدولة الى من يدفع المقابل للموظف العام وتحجب هذه الخدمات أو تعطل عن الأفراد غير القادرين أو العازفين عن أداء ذلك المقابل وتفشي مثل تلك الظاهرة من شأنه أن يهدر ثقة المواطنين الأسوياء في نزاهة الجهاز الاداري للدولة من ناحية و أن يدخل في روع الموطنين غير الأسوياء الاعتقاد بقدرتهم على شراء ذمة الدولة من خلال موظفيها من ناحية أخرى , وذلك من أخطر ما يصيب الأداة الحكومية في دولة من الدول.
ب-الرشوة هي مدخل للانحراف بالوظيفة العامة وفساد موظفيها فهي انحراف بالوظيفة العامة من حيث أنها تجعل الأولوية في أداء الخدمات العامة للأفراد الذين تتوافر فيهم شروط الانتفاع بها.
ج-الروة مدخل لفساد موظفي الدولة لأنها تؤدي الى اثرائهم دون سبب مشروع بينما الأصل أنهم ملزمون بأداء الخدمات للمواطنين دونما مقابل وهكذا يستوي بين الموظفين أنفسهم صنف جديد من صنوف المنافسة القذرة . يصبح فيه الموظف المرتشي بما يحصل عليه من دخل مثالا يهتدي به من غيره من الموظفين وهنا مكمن الخطورة اذ تصبح الوظيفة العامة سلعة رائجة وتلك مقدمات الفساد التي تصب وظائف الدولة الأخرى .
ويمكن اعتبار الرشوة احدى الجرائم التعزيزية في النظام الجنائي الاسلامي و أدلة تجريمها ثابتة بنصوص القرآن والسنة فلا رشوة لا تستقيم مع أي مبادئ الشريعة وتتعارض مع ما يمكن اعتباره قواعد تنظيم علاقة المحكومين بالحكام وعمال الدولة . وفي القانون الروماني كان يعاقب على الرشوة بغرامة تساوي المبلغ الذي أخذه المرتشي ثم خول بعد ذلك القاضي سلطة توقيع عقوبة النفي والاعدام اذا ترتب على الرشوة التضحية بشخص بريء وتتفق القوانين الوضعية على تجريم الرشوة.
ولهذا فظاهرة الرشوة لم تنطور من ناحية الكم فقط بل من ناحية الكيف أيضا.
فالمشاهد في الآونة الأخيرة أن الرشوة لم تعد عملا فرديا يقتصر على الموظف المرتشي بل اتخذت الجريمة صفة التنظيم يساهم فيها عدد كبير من الموظفين الذين تترابط اختصاصاتهم في العمل ببعض مصالح , وهنا وجه آخر من أوجه الخطورة . الأمر الذي يقتضي مكافحة الرشوة ليس فحسب عن طريق تشديد العقوبة . أو ملاحقة كافة من لهم صلة ولو كانت واهبة بمحيط الجريمة ( ).
بل يكون ذلك بربط تلك الظاهرة في شقي السلوك المؤثم والعقوبة المقدرة بظروف الوسط الاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي نشأت فيه الرشوة , ففي هذا الوسط تكمن الأسباب الجنيئة لتفشي تلك الظاهرة والحق أنما في ذلك كاشفة عن آفة مزدوجة فالرشوة من ناحية تفضح بيروقراطية التنظيم الاداري الذي تمت وترعرعت فيه وهي من ناحية ثلانية أخرى تغطي رقعة القصور الحضاري وهو قصور لم يستوعب بالقدر الكافي حتى اليوم فكرة أن الدولة ملتزمة بأن تؤدي للفرد من خلال مرافقها العامة خدماته على النحو الواجب , وفي وقت معقول دونها غير ما يدفعه من ضرائب أو رسوم واذا كانت الحكمة من تجريم الرشوة واحدة وهي حصابة مقومات حسن أداء الوظيفة العامة وبالتالي نزاهة الأداة الحكومية . فقد استدعى ذلك تدخل المشرع بالتجريم والعقاب في دائرة لأفعال عديدة ز دفعها جميعا بوصف الرشوة.
المطلب الثاني : التكليف القانوني للرشوة وموقف التشريعات من التكييف
لقد اختلف الفقه القانوني في اعطاء التكييف القانوني لجريمة الرشوة التامة كجريمة تقتضي اتحاد ارادة شخصين الأول هو دائما صاحب مصلحة يعرض هدية أو عطية على موظف ليحمله على أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن عمل كذلك . أما الثاني فهو الموظف الذي يقبل عرض الهدية أو العطية ويتاجر لوظيفته ومنه فلقد قسم الفقه هاته الجريمة الى قسمين رشوة ايجابية هي العرض من الراشي ( ).
ورشوة سلبية هي قبول من طرف المرتشي ( )
وبالرغم من هذا التقسييم الا أن الاختلاف الفقهي لانزال قائم في اعتبار هذا أن العنصر أن يكونان جريمة واحدة أو جريمتين ؟ ولقد انقسم الفقهاء ومن بعدها التشريعات في تكييف الرشوة . البعض يرى أن الرشوة هي جريمة واحدة والرأي الثاني يرى أن الجريمة هي متكونة من جريمتين منفصلتين وينتعرض لكل من هذين المذهبين بنوع ممن التفصيل ونجد لكل مذهب منهما بعض التشريعات التي نأخذ بها.
الفرع الأول : مناتصرو أحادية الرشوة والتشريعات التي نأخذ بها :
هذا الاتجاه يغير جريمة الرشوة جريمة la corruption –délit unique واحدة فاعلها الأصلي هو الموظف المرتشي أما صاحب الحاجة (الراشي ) فليس الا شريكا في هذه الجريمة الأصلية , وتقوم هذه النظرية على أن جوهر الرشوة انما يتمثل في الاتجار بأ‘مال الوظيفة و المساس بنزاهتها وهو ما لا يتصور وقوعه الا من جانب الموظف الذي يخون هنا الثقة التي وضعها رب العمل فيه , باستاد أمانة الوظيفة اليه , فالمرتشي اذن هو المعول عليه في مشروع الرشوة . فهو أكثر اجراما من الراشي لأنه بخل بواجبات الأمانة التي تلقيها الوظيفة اليه وهي واجبات لا لاتقيد الراشي في شيء.
ومؤدى مذهب وحدة جريمة الرشوة اذن هو اعتبار الموظف الفاعل الوحيد فيعتبر شريكا , اذا توافرت بين الرشوة الايجابية والرشوة السلبية لا توجد عندئذ امكانية افلات الراشي والمرتشي أحيانا من العقاب.
1-فبصفة عامة يتوقف تقرير المسؤولية الجنائية للراشي وامكانية عقابه على مصير الدعوى الجنائية المرفوعة في مواجهة المرتشي وبالتالي فانقضاء نتلك الدعوى بالتقادم أو العفو أو الوفاة يحول دون مساءلة الراشي . كما أن انتقاء قيام الرشوة عند المرتشي قانونا لانعدام قصده الجنائي أو لأي سبب آخر . بمنع معاقبة الراشي , وتلك أمثلة لأعمال نتائج نظرية اشعار الجريمة التي تقتضيها قواعد الاشتراك الجنائي واعتبار الراشي مجرد شريك للموظف المرتشي يخضع للقاعدة المعروفة في مجال المساهمة الجنائية وهي أن الشريكك ليستعبر اجرامه من الفاعل الأصلي (la criminalité par emprunte ) ويترتب على ذلك أن صاحب الحاجة الذي يعرض الرشوة على الموظف فيرفضها هذا الأخير لا يخضع للمساءلة الجنائية حيث يقتصر دورة في هذا الفرض على مجرد الشروع في الاشتراك والشروع في الاشتراك غير معاقب عليه في القانون الجنائي.
2-يؤدي مذهب الوحدة الى وقوف مساءلة الموظف الذي يطلب الرشوة فيرفض صاحب الحاجة طلب عند حد الشروع فلا يطةن مرتكبا لجريمة تامة..
3-ويبدو من المشكوك فيه أخيرا. امكانية معاقبة شركاء صاحب الحاجة (الراشي ) في ظل مذهب الوحدة , وفقا للقواعد العامة في المساهمة الجنائية فان الاشتراك في الاشتراك غير معاقب عليه La complicité de complicité est impunis sable وهكذا يؤدي مذهب الوحدة الى خروج فرضين يغلب وقوعهما في العمل من دائرة العقاب . عرض الرشوة من صاحب الحاجة حين يرفضه الموظف وطلب الرشوة من الموظف حين لا يستجيب اليه صاحب الحاجة . فلا يعد جريمة تامة يضاف الى ذلك ما وجه في انتقاد الأساس النظرية لهذا المذهب فمن الصعوبة في مجال نظرية الاشتراك اعتبار الراشي مجرد شريك فقي جريمة الرشوة . ذلك أن الشريك لا يساهم في ارتكابها بطريقة أصلية ومباشرة وفي الرشوة على العكس من ذلك يقوم المرتشي و الراشي سويا بدورين رئيسيين في تنفيذهما بدون تدخل من جانب الراشي وتحت وطأة هذه الانتقادات ومن أجل تفادي النتائج السابقة التي تؤدي اليها مبدأ الوحدة يستمد مذهب ثنائية الرشوة مبرر وجوده ( ).
ومن التشريعات التي تأخذ بمبدأ وحدة الرشوة –التشريع اللبناني , المصري , الليبي , الدانماركي والقانون الايطالي .


الفرع الثاني : مناصرو ازدواجية الرشوة والتشريعات التي نأخذ بها
أو ما يسمى مبدأ ثنائية الرشوة (la corruption deux délits distincts ) وهو مذهب تعتنقه معظم التشريعات الجنائية وفيه لا يغعتبر الراشي صاحب الحاجة مجرد شريك في الجريمة وانما يعتبر مثل المرتشي الموظف فاعلا أصليا في جريمة سلبية هي جريمة الموظف والمرتشي وجريمة ايجابية لصاحب الحاجة الراشي.
وتجزئه الرشوة الى جريمتين يعكس بهذا الاختلاف الذي يميز السلوك الإجرامي لكل من المرتشي والراشي .
ويرتب مذهب الثنائية أو الازدواج Le dualisme في جريمة الرشوة مجموعة آثار قانونية معايرة لتلك التي تعرضنا لها بشأن مذهب الوحدة وهي آثار ترمي في مجموعها الى تشديد حلفة العقاب على كل من المرتشي والراشي على حد السواء .
1-يسمح ذلك المذهب باستقلال جريمتي المرتشي والراشي في المسؤولية والعقاب وهكذا يتصور وقوع احدى الجريمتين دون وقوع الأخرى بالضرورة ولعل أهم نتائج ذلك الاستقلال امكانية مساءلة صاحب الحاجة عن جريمة عرض الرشوة التي يرفضها صاحب الحاجة الاستجابة الى طلبه وهاتان نتيجتان ما كان يمكن الوصول اليهما في ظل الأخذ بنظرية الوحدة للرشوة ( ) .
2- مؤدي مذهب الثنائيةأن يتولد نوع من الاستقلال الموضوعي بين أركان كل من جريمتي الرشوة الاايجابية والرشوة والرشوة السلبية . وهكذا فمن المتصور من ناحية أولى أن يكون لكل من الراشي والمرتشي شركاء في جريمة غير شركاء الطرف الآخر , ومن ناحية أولى أن يكون لكل من الراشي و المرتشي شركاء في جريمة غير شركاء الطرف الاخر , ومن ناحية ثانية يصبح من الممكن معاقبة شركاء الراشي وباعتباره هنا فاعلا اصليا لجريمة مستقلة وهو ماكان غير ممكن في ظل نظرية وحدة الرشوة حيث كان الراشي مجرد شريك المرتشي و الاشتراك في الاشتراك غير معاقب عليه كما ذكرنا ,ورغم ان ذلك لا يرى البعض وفقا لمذهب الثنائية محلا لحضور الشروع في الرشوة بنوعيها طالما ان الجريمة تقع تامة بمجرد البدء في تنفيذ الفعل المكون لها سواء بالطلب أو العرض.
3-ان الاستقلال الموضوعي بين الدعوتين المرفوعتين عن كل منهما وبالتالي فليس من المحتم مباشرة اجراءات متزامنة بهدف تحريك الدعوى الجنائية في نفس الوقت ضد الموظف المرتشي وصاحب المصلحة الراشي . بل يصبح من الجائز رفع دعوى بين منفصلين قبل كل منها ومن الممكن تبرئة الراشي وادانة المرتشي أو العكس . كما أن العفو الصادر في حق الفاعلين لا يمتد آثاره الى المرتشي . فلا يجوز ولا يستفيد من هذا العفو سوى من تقرر لصالحه فقط بالاضافة الى ذلك فان انقضاء الدعوى الجنائية في مواجهة أحد الفاعلين بالوفاة مثلا لا يمنع نظرنا دون تحريك الدعوى في مواجهة الفعال الآخر.
ويرتب الاستقلال الاجرائي بين الجريمتين أخيرا , نتيجة هامة تتعلق بعقوبة الغرامة النسبية والتي يقررها ضمن عقوبات الرشوة, فالقاعدة أن الغرامة النسبية واحدة لا تتعدد بتعدد المسؤولين عن الجريمة من فاعلين وشركاء فهي عقوبة واحدة يشترك جميع المساهمين في الجريمة في دفعها على وجه التضامن ( ).
ورغم ذلك فمؤدي الأخذ بنظام ثنائية الرشوة الحكم على كل من الراشي والمرتشي بغرامة مستقلة وهو ما يخالف الأحكام العامة من هذا الشأن.
وبهذه النتائج فالكثير من التشريعات نأخذ بهذا المبدأ أي ثنائية جريمة الرشوة ومن أهم التشريعات والقوانين التي أخذت بهذا الرأي ومنهم التشريع الفرنسي و الألماني والنمساوي والسوداني وعلى غرار هذه التشريعات أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ وهذا راجع أن مجمل أحكام و القوانين الجزائرية متأثرة بما جاء في التشريع الفرنسي.
المبحث الثاني : المقارنة من حيث أركان جريمة الرشوة
يتطلب جريمة الرشوة توافر أركان ثلاثة لقيامها وهم ركن مادي ومعنوي وبالاضافة الى شرط أو ركن مفترض هو الصفة لأنها من جرائم ذوي الصفة.
المطلب الأول : العنصر المفترض للمرتشي
أو ما يسمى بالصفة المفترضة المرتشي ويفترض لتوافر الرشوة أن يكون المرتشي ذا صفة ويعد عنصرا اساسيا ورئيسيا لقيام مسؤولية الموظف جنائيا ذلك أنه لا يخفى ما لتحديد صفة الجاني من أهمية خاصة . حينما يستلزم المشرع وقوع السلوك الاجرامي ممن يتمتع بتلك الصفة وبانتفاعها لا تقوم الجريمة وينبغي بالاضافة لذلك أن يكون الموظف مختصا بالعمل الذي تلقى المقابل من أجل القيام به وهكذا ينطوي الشرط المفترض اللازم لقيام الرشوة على عنصرين.
-أن يكون الفاعل موظفا عاما حقيقة أو حكما وثابتا أن يثبت في حقه الاختصاص بالعميل الذي من أجله طلب المقابل.
ورغم بساطة هذين العنصرين فان نطيقها وتحديدهما في العمل لا يخلو أحيانا من اشارة بعض الصعوبات ولعل مرجع ذلك أن تعريف الموظف العام وتحديد فكرة الاختصاص في مجال الوظيفة أمران لم ينظمهما قانون العقوبات بل هما أصلا من مواضيع القانون الاداري.
الفرع الأول : تحديد المدلول
التعريف الاداري :
نظرا لعدم ورود تعريف محدد للموظف العام في القانون الجنائي ولا في القوانين الخاصة بالموظفين في كل التشريعات فان الفقه والقضاء الاداري تصديا للبحث عن التعريف المناسب للموظف العام.
ولقد اسفر القضاء الاداري في مصر على تعريف معين وجد قبولا في الفقه وهذا ما أوردته المحكمة الادارية العليا لمجلس الدولة المصري في أحكامها , اذ قررت << ان المقومات الأساسية التي تقوم عليها فكرة الموظف العام تخلص في أن تكون تعيين الموظف بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام >>.
وهذا ما يمكن استخلاصه من نص المادة الأولى من المرسوم الاشتراكي اللبناني رقم 112 الصادر بتاريخ يوليو 1959 ويقرر هذا المرسوم في شأن الموظفين العموميين ما يلي:<< ينقسم الموظفون الى دائمين ....ويفسر أجيرا كل شخص في خدمة الدولة لا ينتسب الى احدى الفئتين في الفقرتين 2-3 من هذه المادة >>.
ويعرف القضاء الاداري الفرنسي الموظف العام بأنه << الشخص الذي يعهد اليه بوظيفة دائمة داخلة ضمن كادر الوظائف الخاصة بمرفق عام>>.
ولقد جاء في المادة 1 من الأمر رقم66 –133 المؤرخ في 1966 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الجزائري ما يلي :<< يعتبر موظفين الأشخاص المعنيون في وظيفة دائمة الذين رسما في درجة التسلسل في الادارات المركزية التابعة للدولة والمصالح الخارجة التابعة لهذه الادارات والجماعات المحلية , وكذلك المؤسسات والهيئات العمومية حسب كيفيات تحدد بمرسوم...>>.
ويبدو من هذه المادة أن المشرع الجزائري لم يعرف الموظف العام بل هو تعداد للأشخاص الذي سري عليهم قانون الوظيفة العامة.
وهذا ما حذا به المشرع الفرنسي الذي هو بدوره لم يرد فيه نص يتضمن تعريفا شاملا للموظفين الا أن القانون الصادر في عهد حكومة فيشي 1941 حاول تعداد الطوائف المختلفة للموظفين.
ويتضح من استعراص كل التعاريف الفقهية والقضائية وجود قصور في تعريف وتحديد مدلول الموظف العام ولا يمكن الأخذ بها في قانون العقوبات.
التعريف الجنائي :
يشترط لتوافر جريمة الرشوة صفة الموظف وقد حددت المادة 111 قانون عقوبات مصري بانهم << المستخدمون في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها و أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء كانوا منتخبين ...>>
أما القانون اللبناني لم يذكر الأشخاص الذين يعتبرون منتصبن لطائفة الموظفين العموميين في المادتين 301-302 << ... العمال أو المستخدمون في الدولة في ادارة عامة... ضباط السلطة المدنية أو العسكرية ...المكلفون بخدمة عامة ... معاونو القضاة...>>
أما المشرع الجزائري استخدم عدة مصطلحات للتعبير عن الموظف العام في قانون العقوبات مستمدة من القانون الاداري كالموظف العمومي في المواد 108-109 –110 –120-121 وغيرهاما كما استخدم مصطلحات أخرى.
أما المادة 49 عقوبات جزائري تضمنت ما يلي : << يعتبر موظفا بالنسبة لقانون العقوبات كل شخص تحت أي تسمية و بأي وضع كان بأية وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة ذات أجرا أو بغير أجر ... أو أي خدمة ذات مصلحة عمومية >>.
وبهذا نستنتج أن المشرع الجزائري قد سلك مسلك التشريعات الجنائية التي تطبق قاعدة النظرية الشخصية بصفة نسبية في قانون العقوبات.
ويتضح من النصوص السابقة أن مدلول الموظف العام في جريمة الرشوة يتسع ليشمل الفئات التالية
أ-الموظف العام الحقيقي
ب-الموظف العام الحكمي
أ-الموظف العام الحقيقي :
تعدد الصيغ الفقهية والقضائية التي تعرف الموظف العام وان كانت لا تختلف كثيرا في مضمونها ولعل أكثر هذه الصيغ قولا هي التي يمكن استخلاصها من حكم للمحكمة الادارية العليا تقضي فيه بأنه صفة الموظف العام لا تقوم بالشخص . ولا تجري عليه أحكام الوظيفة العامة الا اذا كان معينا في عمل دائم وفي خدمة مرفق عام تديره الدولة أو السلطات الادارية بطريق مباشر ومنه فان فكرة الموظف العام الحقيقي يجب أن تقوم ثلاثة شروط لابد من توافرها لكي يكتسب هذا الشخص الصفة وبهذا الحكم القضائي أصبح ملزما وهذا ما أفصح عنه المرسوم الأساسي من الوظيفة العامة الصادر في 02 سونيو 1966 المادة 1 منه << يعتبر موظفين عموميين الأشخاص المعينون في وظيفة دائمة الذين رسموا في درجة من درجات التدرج الوظيفي في الادارة المركزية للدولة وفي المصالح الخارجية التابعة للادارات المركزية وفي الجماعات المحلية وكذلك في المجالس والهيئات العامة حسب كيفيات تحدد بمرسوم >د واستنادا لهذا نلاحظ أن كل التشريعات تقريبا أخذت بهذا التعريف وعلى أنه يقوم على ثلاث شروط :
*العمل في احدى الادارات المركزية التابعة للدولة والمصالح التابعة لها والوحدات :
فالعبرة هنا بخضوع الشخص لسلطة عامة ادارية يستوي في هذا أن تكون هذه السلطة مركزية أو بسلطة مجلس أو مصلحية ( ).
وهكذا يعد\ موظفا عاما من يعمل في وزارات الحكومة ومصالحها و الأجهزة التي لها موازنه خاصة بها وكل من يعمل في وحدات الحكم المحلي وكذلك في خدمة الهيئات العامة وبصفة عامة كافة أعضاء الادارة بغض النظر عن مكانتهم الوظيفية أو تدرجهم في السلم الوظيفي أو نطاق اختصاصهم لأن هؤلاء إلا الوظيف شخاص جميعا يلعبون دورا هاما في نطاق وظائفهم . قد سباء استغلالهم لها الغيابات مخالفة لواجب الموضوعية والنزاهة الذي نفرضه الوظيفة عليهم
*دائمة الوظيفة ك
وهناك من لا يعتبره شرط أساسي فلا فرق بين الموظف الدائم والموظف المؤقت حيث يجب قيام الرشوة بموجب عمل يؤديه وبمناسبة الوظيفة ولو كان العمل المعهود اليه عملا عارضا .
*مشروعية التحاق الشخص بالمرفق العام الذي يعمل به :
ويقصد به التحاق الشخص بالمرفق و الوظيفة وتعيينه يتم بطريقة مشروعة وفقا للطرق القانونية وبقرار من السلطة المختصة بالتعيين .
ويثار السؤال حول جريمة الموظف الذي يقبل الرشوة اذا كان موظفا فعليا ويكونا كذلك في الحالتين :
الحالة الأولى : اذا لم يصدر قرار بتعيينه أو صدر هذا القرار وكان مشوبا بأي عيب يؤدي الى بطلانه
الحالة الثانية : تتوافر حين يتصدى أحد الأشخاص لادارة الشؤون العامة كما هو الحال اذا عجزت السلطات الشرعية عن القيام بهذه المهمة وذلك في حالة احتلال العدو جزءا من الاقليم مثلا أو امتنع الاتصال بجزء من الاقليم بسبب الفياضانات والاضطربات تطبق على الموظف أحكام جريمة الرشوة أم لا ؟ وهنا لابد من التفرقة بين رأيين.
أ/ اذا كان النقض أو الخطأ مما يعند به أو كان غير معروفا للناس حيث لم يفقد الموظف بسببه شيئا من مظاهر السلطة التي تخولها له وظيفته فهنا نطبق على الراشي والمرتشي أحكام جريمة الرشوة وكذلك الحال بالنسبة للحالة الثانية.
ب/ أما اذا كان النقص على درجة الأهمية بحيث يمتنع معه قيام الموظف بأعمال وظيفته أو اذا انتحل الموظف صفة لم تكن له أو كانت له ثم زالت عنه بعزل أو استقالة فلا يمكن أن تطبق جريمة الرشوة عليه لانعدام الصفة التي هي ركن للجريمة ويعاقب على انتحال الصفة الكاذبة للحصول بعقوبة النصب.
ب- الموظف الفعلي :
هناك من الأشخاص من اعتبرتهم التشريعات في حكم الموظفين العموميين.
وهذا ما جاء في المادة 111 عقوبات مصري والمادة 301-302 لبناني و أما الفرنسي وعلى غراره المشرع في مادته 126-127 فلقد كان المشرع الفرنسي يحصر في بداية الأمر الموظفين فقط ثم مددت للخبراء والمحكمين 1863 ثم الى المستخدمين و أجراء للمؤسسات الصناعية والتجارية 1919 ثم الى الأطباء 1928 فالمكلفين بخدمة عامة 1943 و أخيرا امتدت الى المنتخبين وكل العمال والمستخدمين في 1945( ) , وهذا ما جاء في المادتين 126-127 ق ع الجزائري ومنه سوف نشرح بايجاز هؤلاء الموظفين.
القضاة :
ان كل التشريعات تفصل بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية وبالرغم من هذا الفصل فان القاضي في حكم الموظف يخضعان لنفس الأحكام التي يشدد فيها القانون في عقوبة القاضي نظرا الأهمية وخطورة المنصب وعلى هذا يدخل في حكم الموظف والمأمورين طبقا للمادتين 103 و 104 قانون مصري.
وبالرجوع للقانون الأساسي للقضاء الجزائري الصادر بالأمر 69/27 وتعدلاته اللاحقة يمكننا أن تحدد رجال القضاء على أنهم قضاة الحكم والنيابة العامة والمجلس الأعلى والمجالس القضائية والمحاكم والذين يعينون بموجب مرسوم يتخذ باقتراح من وزير العدل حافظ الأختام يعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للقضاء ( ).
أعضاء المجالس النيابية :
وهم أعضاء الهيئات العامة ذات الصفة التمثيلية أي الذين ينوبون عن مجموع المواطنين أو عن جماعة منهم في التعبير عن ارادتهم في الشؤون العامة سواء كانوا أعضاء المجالس الشعبية العامة كالمجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة أو أ‘ضاء المجالس الشعبية المحلية الولائية.
والحكمة من ضم هؤلاء الى الأشخاص المعتبرون في حكم الموظفين العامين تكمن في وجوب تأكيد نزاهة وظيفة التمثيل النيابي اذ تعهد لهم أعمال هي غاية الأهمية فهم يمارسون الاختصاص التشريعي للدولة ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية للدولة . فيعد مرتكبا لجريمة الرشوة النائب الذي يصوت قرار معين أو يدافع لصالح مشروع قانون معين وثبت أن تصويته أو دفاعه كان مقابل رشوة حصل عليها.
الحكم الخبير . المحلف و العضو في جهة قضائية :
وهم الأشخاص الذين يعاونون القضاة في ممارسة اختصاصهم , ويؤدون أعملا تمهيدية ومنمة العمل .
القاضي ويمارسون بذلك بعضا من صلاحيات القضاء ولذا اعتبر في حكم الموظفين وملزمون بالنزاهة التي تقتضيها وظيفة القضاء. والتزام الأمانة في تأدية واجبهم وعدم خيانة الثقة التي منحت لهم ويكون هؤلاء مرتكبين لجريمة الرسوة اذا أصدرو اقرارا أو أبدوا رأيا لمصلحة احد الأطراف أو ضده تحت تأثير ما نالوه من منفعة ثمنا لموقفهم هذا ويقع هذا الالتزام اتزانا الخبير والمحكم سواء تم تعيينه من طرف السلطة الادارية أو القضائية أو من طرف الأطراف أنفسهم.
الطبيب الجراح –طبيب الاسنان والقابلة ك
هم ليسوا خاضعين لتعريف الموظف العام اذي سبق الاشارة اليه ذلك اذا كان موظفا سارت عليه نصوص الرشوة كما تسري على سائر الموظفين وقد علق التشريع تطبيقه لنصوص الرشوة في هذا المجال على توافر شرطين اولهما أن يكون الغرض من المقابل الذي يطلبه أو يقبل الوعد به أو يأخذه هو اعطاء شهادة أو بيان مزور . وثانيهما أن تكون هذه الشهادة أو البيان في شأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة , ويعني ذلك أنه لا محل لتطبيق نصوص الرشوة اذا كان الغرض من الفعل الاجرامي هو اعطاء شهادة أو بيان صحيح أو كان معلقا بأمر آخر غير الحمل أو العاهة أو المرض أو الوفاة كتقدير السن ويتعين بالاضافة الى ذلك أن تتوافر سائر أركان الرشوة أي الأخذ أو القبول أو الطلب والقصد الجنائي.
عمال القطاع الخاص:
ان مجال تجريم الرشوة لم يقف عند القطاع العام فقط بل توسع على القطاع الخاص فمن الثابت أن العلاقات التي تنشأ بحكم العمل أو المصلحة الخاصة بين العامل ورب العمل في القطاع الخاص تخلق نوعا من الرابطة المشتركة المبينة على أساس الثقة المتبادلة ونعرض وجود نظام مهني لا يجوز للعامل الشذوذ عنه أو الاخلال به اذ أنه في حالة العكس من جراء تصرف هذا الأخير لا يليق مع أدبية وخلقية العمل الشريف يختل التوازن على عاتقه الفردي على مسؤولياته الجزائية ويؤكد العلماء ان الأشياء أو الأسرار التي تحيط ببعض المهن والمصالح الخاصة هي آخذة في الازدياد والتكرار , وتزداد معها المنافسة غير المشروعة التي تعتمد الطرق الملتوية لنيل الأطماع المالية , كرشوة المستخدمين لنقل أسرارهم مؤسسة أخرى مما يسبب الخسارة للمؤسسة التي يعمل فيها.
والفقه والتشريع على اختلافهم أرادوا من وراء تجريم هاته الأفعال على المستخدمين أرادوا التشديد على أهمية المؤسسات الفردية التي تساوي من حيث طبيعتها مؤسسات الدولة نفسها , فيقتضي حمايتها من الاعتداء عليها الأشخاص الذين يعملون فيها.
الفرع الثاني : تحديد اختصاص الموظف العام :
لا يكفي توافر صفة الموظف العام بالتحديد السابق وانما يجب أن يكون هذا الموظف مختصا بالعمل الذي يطلبه منه صاحب الحاجة . ومصدر الاختصاص نصوصا لائحية أو تنظيمية كما يمكن أن يكون قرارا فرديا صادرا عن رئيس مختص ولا يشترط في هذه الحالة أن يكون شفويا . بل من الجائز أن يحدد الاختصاص بناء على العرف وهذا ما أشارت اليه محكمة النقض المصرية الى أنه << اذا كان العمل قد جرى في المحاكم على أن يقوم الكتاب الأول بأمر رؤسائهم بتحديد الجلسات حتى ينتظم العمل في دوائر المحاكم المتعددة وحتى توزع القضايا توزيعا عادلا . فان هذا العرف يعد مصدرا لاختصاص الكاتب الأول في المحكمة بتحديد الجلسة التي تنظر فيها الدعوى >>, ولقد توسع التشريع أيضا في تحديد اختصاص الموظف العام في صدد جريمة الرشوة كما فعل في تحديد الموظف العام فلم يشترط أن يكون مختصا بكل العمل كما سوى بين الاختصاص والادعاء بالاختصاص أو زعمه كل من القانون المصري 103 والقانون اللبناني 301-302 ( ), وهذا ما لم يبينه المشرع الفرنسي والجزائري في قانونيهما ولكن القضاء يعمل على التدقيق والتمييز بين الرشوة والاحتيال.
وخلاصة القول أن لتحقق العنصر المفترض في الركن المادي للجريمة لابد من أن تتوافر في الفاعل صفة الموظف العام المختص بالتحديد السابق وقت ارتكاب النشاط الاجرامي , فلا يرتكب جريمة الرشوة تطبيقا لذلك ومن ينتحل احدى الصفات السابقة وان كان قد يتوافر في شأنه جنحة الاحتيال إذا توافرت.
المطلب الثاني : الركن المادي
يمكن تشبيه الرشوة في صورتها **** بالعقد غير المشروع الذي طرفاه الموظف المرتشي من ناحية وصاحب المصلحة الراشي من ناحية ثانية ورضا اطراف مشروع الرشوة الاجرامي مفترض اذ ينصب على الاتجار بالوظيفة من جانب الموظف مقابل منفعة يؤديها لصاحب الحاجة وكل عقد لابد له من محل وسبب ومحل مشروع الرشوة الاجرامي يتمثل في طلب الموظف أو أخذه عطية أو قبوله الوعد . فاذا ما تحقق محل الرشوة على هذا النحو من توافر وسائل بلوغه وورود هذه الوسائل على موضوع معين , هو العطية أو الوعد كان لابد من البحث عن سبب الرشوة والمتمثل سببها في إحدى مظاهر السلوك التي يقترفها الموظف وهي أداء عمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الاخلال باحدى واجبات الوظيفة ومن هنا سنحت على النوالب محل الرشوة ثم سببها ببعض من التفصيل في القوانين التي نحن بصدد مقارنتها.
الفرع الأول: محل الرشوة: يمكن أن نرى في محل الرشوة موضوعا يسعى إليه الموظف المرتشي على وجه الخصوص و هو المنفعة (العملية أو الوعد بها) و هي تمثل ابتداء بالباعث على ارتكاب الجريمة لكنها ايضا نهاية المطاف في هذا المشروع المؤكد فهي ثمرة الاتجار بالوظيفة او الخدمة.
أ‌- موضوع الرشوة: ينبغي أن ينصب النشاط الإجرامي للرشوة على عملية أو الوعد بها و هو ما يستخلص من المادة 103 من ق العقوبات المصري. فالفقه يجمع على أنها الفائدة التي يحصل عليها الموظف المرتشي من جراء الاتجار في عمله الوظيفي و قد نص المشرع على الفائدة كموضوع جريمة الرشوة في م 107 ع مصري بقوله:" يكون من قبيل الوعد أو العملية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به و وافق عليه أيا كان اسمها أو نوعها فسواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية.
و هكذا فالمقابل في جريمة الرشوة و إن عبر عنه المشرع بألفاظ الوعد أو العملية أو الفائدة قد تكون مالا او منفعة و المال هو كل شيء يمكن تقويمه فلا ينصرف اللفظ إلى النقود وحدها بل يندرج تحته كافة أنواع الهدايا المختلفة لأنها جميعا ممل يمكن تقويمها( ).
و قد توسع الفقه في فهم الفائدة كمقابل في جريمة الرشوة حيث يرى فيها مطلق المنفعة سواء كانت عاجلة أم آجلة و سواء كانت ظاهرة أو خفية أو مادية أم معنوية, و هذا ما نصت عليه المادة 301 لبناني أي عبر عنها المشرع بلفظي الهدية أو المنفعة. و بناء على ذلك تتحقق جريمة الرشوة بإحدى الصورتين الأولى قبول الموظف وعدا من آخر بشيء ما و الثانية أخذه هدية أو عطية عرضها عليه آخر.
و الغالب أن يأخذ الموظف عطية أو هدية لأنه يقتضي عادة جزاء قيامه بالعمل أو امتناعه عنه. و لا يهم نوع العطاء الذي قدم للموظف فكما يكون العطاء نقودا يصح أن يكون عروضا أو أوراقا مالية أو مجوهرات أو مأكولات أو أي شيء آخر ذي قيمة على أنه ليس بلازم لأن يأخذ الموظف عطية أو هدية بل يكفي أن يقبل وعدا من آخر بشيء ما ذلك انه لا يشترط اتمام الرشوة أو يكون الموظف قد تقاضى ثمن العمل المطلوب بل يقوم بمجرد الاتفاق الذي ييتم بينهما و لايشترط لتحقيق الجريمة من جانب الراشي أن يكون قد قام بفعل العرض أو الاعطاء متى ثبت أنه قصد ارثاء الموظف ( ), فكثيرا اما يقدم الشوة داخل مظروف على صورة حطاب أو في محفظة على اعتبار أنها تتضمن أوراقا أو مستندات أو غيرها.
وكذلك لا يشترط لقيام الجريمة من جانب المرشي أن يكون قبوله صريحا بل يصح أن يستنتج القبول في ظروف الأحوال و الأمر الذي يمكن أن تنشأ عنه صعوبات في العمل هو اثبات ذلك الاتفاق أو التعاقد الحاصل بين الراشي والمرتشي غير أنه اذا قبض الوظف العطاء يجعل من السهل اقامة الدليل على هذا الاتفاق .
والمادة 177 من القانون الفرنسي لم تخرج عن هذا السياق نصت أن محل الرشوة يكون اما وعدا أو العطية أو الأخذ.<<Sollicité ou agrée des offres où promesses Sollicité où reçu des dons où présents…>> ( ).
والمشرع الجزائري قد نص في المادتين 127 و 128 ق ع على جريمة الرشوة والتي يستفاد منها على أن أركان جريمة المرتشي ثلاثة –صفة المرشي وطلب أو قبول عطية أو هدية أو أي منفعة أخرى و أن يكون الغرض من العطية أو الهدية جعل المرتشي على أداء عمل يدخل في اختصاصه أو خارجا عنها ومن شأن وظيفته أن تسهل آداءها فصفة المرتشي هي عنصر مفترض في الجاني نص عليه المشرعه في المادتين 126 و 127 ق ع جزائري( ).
أما الركن المادي فيتحقق بطلب الجاني أو قبوله عطية أو وعد أو تلقى هبة أو هدية أو أي منفعة أخرى نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه.
ب-صور بلوغ الرشوة :
لقد حددت نفس المواد في التشريعات السالفة الذكر موضوع المقارنة وسائل بلوغ الرشوة وهب الطلب والقبول والأخذ.
1/ الطلب :
هو تعبير عن ارادة منفردة من جانب الموظف ومنهجة للحصول على مقابل نظير أداء العمل الوظيفي , وتنص الرشوة بمجرد الطلب ولو يستجب له صاحب الحاجة بل ولو رفضه وسارع الى ابلاغ السلطات العامة فالرشوة في هذه الصورة هي سلوك الموظف دون اعتبار سلوك صاحب الحاجة وعلة اعتبار الطلب المجرد كافيا لتمام الرشوة أن الموظف قد عرض بذلك العمل الوظيفي للاتجار فأخل نزاهة وظيفته والثقة في الدولة وهناك عناصر ضرورية لابد أن ينطوي عليها طلب الرشوة حتى يكون معاقيا عليه هي أن يكون الطلب اراديا أي صادر عن الموظف ومعبرا عن ارادته الجادة في الحصول على مقابل نظيرا العمل المراد منه كما يلزم لطلب الرشوة أن يصل الى علم من يوجه اليه فالرشوة باعتيبارها عقد غير مشروع يتطلب تلاقي ارادتي كل من الموظف المرتشي وصاحب الحاجة الراشي . فان لم يعبر الموظف عن ارادته في مواجهة صاحب الحاجة نفسه بتجرد الطلب من قيمة وفي هذا الصدد نطرح اشكالية الشروع في طلب الرشوة نفسها فهل يعاقب على الشروع في طلب الرشوة أم لا ؟
ان امكانية الشروع في طلب الرشوة أمر مختلف فيه في الفقه . فالبعض يراه ممكنا مثل أن بحور الموظف خطابا يبدي فيه قبول الوعد الذي يعرضه صاحب المصلحة ويرسل اليه عن طريق البريد فيضبط الجواب أو الخطاب أو أن يقدم الراشي ظرفا للراشي الى المرتشي ولا يوجد به أوراق نقدية بل أوراق بيضاء بينما يرى البعض الآخر أن القبول سلوك غير قابل للتجزئة وبالتالي لا يتصور فيه المشروع وهو قول لا يتفق مع صحيح ما استقر عليه القضاء في أنه في القبول ينحصر مبدأ التنفيذ ونهايته , فالقبول اما أن يقع تاما أي عبر الموظف بارادة غير مشكوك فيها على استجابته لعرض الرشوة واما لا تقع الرشوة على الأخلاق.
ولا يشترط لطلب الموظف شكل خاص فقد يكون شفاهة أو كتابة كما قد يكون صراحة أو ضمنيا ويسوي أن يطلب الموظف المقابل لنفسه أو لغيره فتقوم جريمة الرشوة في حالة طلب الموظف المقابل المنفعة شخص آخر وتطبيقا لذلك قضى بأنه لايصلح دفاعا أن يدعي المرتشي أنه لم يطلب الرشوة لنفسه وانما طلبها لغيره ( )
2 / القبول :
يفترض القبول من جانب الموظف المرتشي أي هناك ايجابا أو غرضا من صاحب الحاجة : يعبر فيه عن ارادته بتعهده بتقديم الهدية أو المنفعة اذا ما قضى له مصلحته والقبول هو تعبير عن ارادة منهجه الى تلقي المقابل في المستقبل نظير القيام بالعمل الوظيفي وبصدر القبول عن الموظف ويفترض عرضا أو ايجابا من صاحب الحاجة وبالقبول الذي صادف العرض ينعقد الاتفاق الذي تتمثل فيه ماديات الرشوة في هذه الصورة ولا تقدم الرشوة على العرض الهازل حتى وان قبل الموظف هذا العرض والقبول يكون صريحا أو ضمنيا.
ومن صور التعبير الضمني لقبول الموظف أن ينصرف ضمنيا للقيام بالعمل بعد عرض صاحب الحاجة وهذا صعب الاثبات ومتروك للسلطة التقديرية للقاضي كما يجوز أن يكون القبول معلقا على شرط.
3/ الأخذ:
الأخذ او التلقي هو الصورة الغالبة في الرشوة واحظرها اذ يكون الموظف قد قبل فعله ثمن اتجاره بوظيفته واستغلالها وبتميز فعل الأخذ عن باقي صور الركن المادي بأنها ترد مباشرة على العطية سواء سبغها وعد بالرشوة أو لم يسبقها هذا الوعد ولا عبرة بنوع التسليم أو الصورة أو الهيئة التي قدمت بها العطية.
ولاثبات الأخذ في جريمة الرشوة جائز بكافة الوسائل و الطرق منها البينة والقرائن ويستوي أن يكون الأخذ هو لنفس الموظف أو المعني فأخذ العطية كمقابل للعمل الوظيفي هو الذي به تتحقق الرشوة بغض النظر عن الشخص المستفيد من العمل ولكن اذا كان الأخذ لمصلحة الغير فيلزم أن تكون للموظف مصلحة شخصية في حصول الغير على العطية والا انتفت صفة المقابل اللازم لقيام الرشوة.
ج- صور المقابل في الرشوة :
لقد حصل فقهاء الشرع والقانون من دائرة مقابل الرشوة دائرة واسعة وتختلف المقابل في شكله ونوعه وطبيعته والمهم أنه يفيض من طرف االمرتشي أو أي شخص آخر تربطه بالمرتشي علاقة من نوع خاص وهذا ما اعتمده الشارع المصري ونص عليه في المادة 107 ق ع مصري << يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أبا كان اسمها أو نوعها وسواء هذه الفائدة ما دية أو غير مادية >> وقد بين المشرع اللبناني محل الرشوة أو موضوع النشاط بأنها هدية أو وعد بها أو أي منفعة أخرى للموظف المرتشي نفسه أو لغيره 301 و 302 وهكذا توسع المشرع اللبناني في تحديد المنفعة سواء من ناحية الطبيعية أو الشخص الذي يتلقاها.
وتقابل هاته المواد في القانون الفرنسي المادة 177 التي تنص على أن عدم امكانية حصر نوعه ولا شكله وذكرت أنواع الصور على سبيل المثال لا على سبيل الحصر ونص المادة هو << ....Sollcité où agrée des offres où promesses ..>>( ).
أما في التشريع الجزائري أن تشكل الفائدة التي تسعى الموظف المرتشي الى تحقيقها موضوع النشاط الاجرامي في الرشوة السلبية وهذا ما أفصح عنه المشرع الجزائري عن توسعه لتحديد مقابل الرشوة في المادة 126 ق ع جزائري ق ع جزائري بقوله << ...يعد مرتشيا أو يعاقب ...كل من يطلب أو يقبل عطية أو وعدا أو يطلب أو يتلقى هبة أو هدية أو أية منافع أخرى >>.
ومنه نلاحظ أن كل التشريعات لم يحدد مقابل الرشوة على سبيل الحصر بل على سبيل المنال وفسحت الباب للقاضي في معرفة نوع المقابل و أعطاه العقوبة.
ومنه فان الفائدة أو المقابل الذي يتقاظاه الموظف اما يكون مادي كالمال أو الوعد به أو الهديا المادية ظاهرة عينا أو مستنره وقد تكون الفائدة للمرتشي نفسه وقد تكون لغيره , كأن يشترط المرتشي أن يمنح شخصا فائدة مادية مقابل الاتجار بالوظيفة .
ويستوي أن تكون الفائدة أو المقابل مشروعة أو غير مشروعة في ذاتها ولقد اختلف الفقه في هذا المبدأ حول المواقعة الجنسية ان كان يمكن اعتبارها من قبيل القائدة أم لا وانتهى الرأي الى اعتبار جريمة الزنا من قبيل الفوائد أو المقابل لجريمة الرشوة ( )
وما يجدر الاشارة اليه أنه يجب اثبات التناسب والتلازم بين المنفعة و أهمية العمل الذي يقوم به الموظف لأن تضاؤل هذه القيمة قد يبلغ الدرجة التي تنتفي عنها صفة المنفعة في جريمة الرشوة والتلازم متروك اثباته وتقديره للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع و الأصل العام في تقديم المقابل يكون من طرف الراشي الى المرتشي نفسه أي الموظف وقد يتم اعطاء المقابل الى شخص آخر قد يتم تعيينه مسبقا.
الفرع الثاني : سبب الرشوة
يتمثل سبب الرشوة في قيام الموظف بالاتجار بوظيفته عبر احدى هذه الصور أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عن القيام به أو في صورة الاخلال بواجباته أو اتيان عمل زعم الموظف أنه من اختصاصه أو يمتنع عن القيام به وكل التشريعات اتفقت على تضمين نصوصها ثلاث صور أساسية أداء العمل الوظيفي الامتناع عنه أو التأخير في القيام به و الاخلال بواجيات الوظيفية .
أ/ أداء عمل :
تتحقق هذه الصورة اذا كان الموظف العمومي قد عرض الاتجار في الوظيفة في صورة أداء عمل هو أصله من اختصاصه ومنوط به أداؤه وقد يزعم الموظف أن العمل المطلوب منه اتيانه في مقابل الرشوة من اختصاصه وهو في الحقيقة من اختصاص غيره , وتقع جريمة الرشوة في هذه الحالة أيضا لقيام سببها بالاضافة الى الغش والاحتيال على الراشي . وحسب التشريع المصري فانه يكفي لقيام الرشوة مقابل العمل أن يكون للمرتشي نصيب من الاختصاص بالعمل . كما يجب اثبات الاختصاص عند المنازعة فيه كما لا يهم أن يكون تأدية العمل بحق أو بدون حق وقد نص على جريمة الرشوة مقابل أداء العمل في القانون المصري في المادة 103 وما يليها في قوله <<...لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقا ...>> مما يستفاد منه أن القانون يعاقب في الرشوة الاتجار بالوظيفة نفسها لا على الاتجار بالنفوذ الذي نسبغه الوظيفة على صاحبها أو على حد جارو الرشوة هي جريمة وظيفة أكثر من كونها جريمة موظف ( ).
كما يشترط القانون اللبناني أن يكون الغرض من الرشوة هو أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجباتها وذلك في المواد 301 و 302 عقوبات ويعاقب على الاتجار بالوظيفة نفسها فيعتبر أداء العمل الوظيفي أو الامتناع عنه الصورة الغالبة لتحقق الغرض من الرشوة . فأداء عمل معين يفيد قيام الموظف بسلوك ايجابي تتحقق به مصلحة صاحب الحجاجة كأن يأخذ رجل البوليس مالا وهدية ليحرر محضرا من الواجب تحريره. أو اصدار القاضي حكما مطابقا للقانون نظير حصوله على منفعة معينة وقد يتلقى الموظف فائدة نظير صرف شهادة ليس صرفها من اختصاصه وانما زعم أنه مختص بذلك أما التشريع الجزائري فقد نص على ذلك في المادة 126 ق ع فقرة 1 بقولها << ليقوم بصفته موظفا أو ذا ولاية نيابية بأداء عمل من أعمال وظيفته غير مقرر له أجر سواء كان مشروعا أو بالامتناع عن أدائه أو بأداء عمل وان كان خارجا عن اختصاصاته الشخصية ...>>.
ويقصد بأعمال الوظيفة بأداء عمل من أعمال وظيفته كل عمل يدخل في اختصاص الموظف طبقا لما تحدده القوانين واللوائح والتعليمات و الأوامر المعمول بها وهو المجال العادي لعقوبة الرشوة فكل عمل يستطيع الموظف مباشرته لدخوله في اختصاص وظيفته من قبيل الأعمال الوظيفية الموكل بها .
كما نص عن أداء العمل كسبب للرشوة في القانون الفرنسي في المادة 177 وقد توسع القضاء الفرنسي كثيرا في تبيان الأعمال التي تسهل وظيفة المرتشي للقيام بها , و هو ما يطلق عليهم بعضهم شبه الرشوة وقد استخدم جارسون عبارة قابلية الشراء بالمال للدلالة عن عبارة تشبيه الرشوة كما قضت محكمة النقض الفرنسية في حكم لها بتاريخ 31-03-1127 في قضية مشهورة باسم قضية كلود أنتوان روز تتخلص وقائعها أن المتهم روز هو من الخبراء . هدد فردا بتحرير محضر له لمخالفة ارتكبها في منطقة خارجة عن الدائرة التي حلف اليمين للعمل فيها ان اعترض عن دفع المبلغ فدفع الأخير ما طلب منه ولما قدم الخبير الى محكمة الجنايات صاوون حكم عليه بجريمة نصب لا رشوة . وذلك بعدم توافر ركن الاختصاص في الوظيفة الا أن محكمة النقض نقضت الحكم المذكور على أساس أن الموظف المرتشي اعتقد أنه مختص به. أو ادعاه لأنه في كلتا الحالتين . يتاجر بوظيفة وصفته و أحالت الدعوى لمحكمة الجنايات التي حكمت ان الواقعة نصبا لا رشوة , فأبرمت الرأي الثاني .
وقضت أن روز امتنع عن تحرير محضر لم يكن له الحق في تحريره . و وفررت بتوافر أركان النصب المقررة في 455 ق ع فرنسي وبذلك اثار تكييف الجريمة ناشا فقهيا في قضية معينة عندما يخطئ القضاء في ذلك .
ب/الامتناع عن العمل او التأخير في القيام به :
إن الشارع اللبناني قد نص على دلك في نفس المادتين السالفتين الذكر إد قد يكون العمل الذي ينتظره صاحب الحاجة عبارة عن سلوك سلبي من جانب الموظف بان يتخذ صورة الامتناع عن أداء العمل الوظيفي ويتحقق الامتناع ولو كان العمل في نطاق السلطة التقديرية للموظف طالما أن الامتناع كان نظير فائدة أو منفعة
ولا يشترط أن يكون الامتناع تاما فقد يكون جزئيا متخذا صورة التأخير في القيام بالعمل أي الامتناع عن أدائه في الوقت المحدد له وذلك حين تقتضي مصلحة صاحب الحاجة مثل هذا التأخير . ومن أمثلة الرشوة عن طريق الامتناع ( )أن يقبل ساعي البريد نظير هدية نظير امتناعه عن تسليمه رسالة الى الشخص المرسل اليه أو ان يتقلى موظف الرائب هدية نظير أن يرسل استمارة للمطالبة بضريبة مستحقة.
وكذا الأمر في القانون المصري فقد تم النص على الامتناع عن العمل أو التأخير في القيام به في المادة 103 و 103 مكرر فقد يكون المطلوب من الموظف أن يمتنع عن القيام باحدى أعماله الوظيفية في مقابل الرشوة سواء كان المطلوب من الموظف كان امتناعه تاما أو تأخيرا القيام به وقد يزعم الموظف أن من اختصاصه العمل الوظيفي المراد الامتناع عن القيام به في مقابل جعل يتقاضاه فتتحقق في هذه الصورة جريمة الرشوة أيضا وحسب ما جاء في قضاء النقض المصري ( ) , أنه متى كان ما أثبته الحكم عن واقعه وكان لا يؤثر في قيام هذه الجريمة بثبوت جريمة توافر جريمة حيازة الشيء غير المعبأ طبقا لقرار وزير أو عدم توافرها ما دام أن القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما اذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقا أو غير حق ...>>.
وفي القانون الجزائري توقع نفس العقوبة في م 126 ق ع اذا كان الامتناع عن العمل يوجبه القانون مثال ذلك توقيع العقوبة على حارس السجن الذي يسلم خطابا من احد المسجونين متعلقا بطلب سجائر له من خارج السجن مقابل مبلغ معين من النقود لذلك كما يتحقق الامتناع عن العمل الذي يعد سبب للرشوة بأحجام الموظف عن اتيان عمل يوجب القانون عليه أداؤه أو بمغه سلطة تقديرية تخول له القيام بهذا العمل أو الامتناع عنه فيؤثر الموظف الامتناع عنه ويفسر الفقه الامتناع عن العمل تفسيرا موسعا فهو يشتمل ليس فقط الأحجام التام و القاطع عن أداء العمل الوظيفي بل أيضا مجرد التأخير في القيام بالعمل أي امتناع الموظف عن أدائه في الوقت المحدد له ويعد من قبيل التأخير في تنفيذ العمل بسبب الرشوة عدم القيام به في الوقت المناسب لكي تترتب عليه آثاره ولو لم يترتب على التأخير بطلان العمل وهذا ما أورده الشارع الفرنسي في المادة 177.
ج/ الاخلال بواجبات الوظيفة
لقد أوجبت المادة 26 من ق اجراءات جنائية المصرية على أن كل موظف أو مكلف بخدمة عامة , أثناء تأدية عمل أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أو أن يبلغ عنها فورا النيابة العامة أو أقرب مأمور من مأموري الضبط الجنائي وامتنع الموظف أو المكلف بخدمة عامة عن أداء واجب التبليغ عن جريمة تعتبر اخلال خطير بواجباته الوظيفية أو الخدمة العامة وهي الحالة التي يعمد فيها الموظف العمومي الى العبث سواء كان مختصا بالقيام بها أو زاعما ذلك ( ) , والاخلال بواجبات الوظيفة عدة صور منها اتيان العمل الوظيفي على نحو مخالف بما ألزمت به قوانين الوظيفة ولوائحها وقد يكون الاخلال في صورة وسوء استغلال السلطة التقديرية مقابل جعل الرشوة . وقد تكون في صورة الاعتداء على اختصاص الموظفين الآخرين بالخروج عن نطاق اختصاص الموظف مقابل مبلغ الرشوة . وقد تكون في صورة خيانة الأمانة التي تفترض في الموظف العمومي ز المنوط به بحكم وظيفة المحافظة على الأسرار أو المعلومات التي تصل اليه بحكم وظيفته.
أما بالنسبة للاخلال بواجبات الوظيفة لدى الشارع اللبناني فامتناع الموظف عن أداء عمل من أعمال وظيفته فيعد اخلال بهذه الوظيفة كما أنه يعد كذلك أداؤه لعمل من أعمال وظيفته على نحو مخالف للقانون ولكن للاخلال بواجبات الوظيفة معين أوسع من ذلك بحيث يتجاوز أعمال الوظيفة ليشمل أمانتها الوظيفية ذاتها ويكون كل انحرف عن واجب من تلك الواجبات أو الامتناع عن القيام به سرى عليه وصف الاخلال بواجبات الوظيفة ( ), فالموظف الذي يعهد اليه بسبب وظيفته حفظ أوراق معينة ثم ينتزعها من مكانها وموظف النيابية الذي يسرق احدى القضايا بسبب عملة الذي يقتضي نقل القضايا , ما بن الموظفين كل هؤلاء أخوا بأمانة الوظيفة ويعد سلوكهم هذا مكونا لجريمة الرشوة . ولقد نص المشرع اللبناني عن صورة الاخلال بواجبات الوظيفة في م 302 ع بالعمل المنافي للوظيفة ومن أمثلته الذي نص عليها الاهمال في العمل أو تأخيره أو الادعاء بأنه داخل وظيفته.
ويلاحظ أن الغرض من الرشوة في مجال القطاع الخاص اما أن يكون كشف أسرار أو معلومات شيء الى العمل واما القيام بعمل أو الامتناع عن عمل بقصد الحاق ضرر مادي أو المعنوي بصالح العمل وهو ما تفترض أن صاحب العمل لا يعلم ولا يوافق على ما يقوم به الحامل أو المستخدم.
اما الاخلال بواجبات الوظيفة في التشريع الجزائري وعلى غراره الفرنسي هذه الفكرة كاحدى صور العمل الوظيفي مقابل الرشوة تتسم بالعمومية والاتساع اذ أنه لم بنص المشرع الجزائري شأنه شأن المشرع الفرنسي على حالة الزعم بالاختصاص المنصوص عليها في القانونين السابقين اذا لم يعتبر هذه الصورة داخلة ضمن أحكام الرشوة بل هي ذات صلة يبجرائم أخرى لا سيما منها جريمة النصب المادة 372 ع ج ان توافرت أركانها.
المطلب الثالث : الركن المعنوي
الرشوة في جميع في جميع حالاتها جريمة عمدية أي بالأحرى جريمة قصدية يتحذر ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي أو الجرمي المقصود هنا قصد الموظف المرتشي باعتباره الفاعل في جريمة الرشوة أما قصد الراشي أو الوسيط فهو قصد تدخل في الجريمة فحسب ومتى توافرت لدى أي منهما عناصر التدخل.
الفرع الأول : نوع القصد الجنائي
يثار التساؤل في الفقه حول ما اذا كان القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتمثل في مجرد القصد العام لدى الموظف أم لابد من ضرورة توافر القصد الخاص ومارد التساؤل الى أن المشرع المصري قد حرص في نص المادة 104 مكرر عقوبات على تأكيد قيام الجريمة حتى ولو كان المرتشي يقصد عدم تنفيذ العمل المطلوب.
ويرى معظم الفقه قيام القصد الجنائي لدى الموظف وبالتالي توافر جريمة الرشوة قانونا استنادا الى محض القصد العام لا الخاص . فالموظف يرتكب الجريمة كما هي وارادة في النموذج القانوني بمجرد طلبه أو قبوله أو أخذه فائدة غير مستحقة ولو لم تتوافر لديه نية الاتجار بالوظيفة وهو رأي يبدو منسقا مع ظاهر مفهوم نص المادة 104 ع مصري وفقا للرأي السابق فلا يمكن اعتبار نية الاتجار بالوظيفة مقصدا خاصا ولا ينبغي اقاعها , بالتالي في الركن المعنوي للجريمة وانما هي علة تجريم أفعال الرشوة أو هي الحكمة من وراء ذلك بينما يرى جانب فهي آخر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتطلب بالاضافة للقصد العام قصدا خاصا مضمونه اتجاه نية الموظف الى الاتجار بأعمال الوظيفة أو استغلالها فالقانون وفقا لهذا الرأي لا يعاقب على مجرد تلقي الفائدة لذاته وانما باعتباره مقابلا للعمل الوظيفي فجريمة الرشوة اذن من جرائم القصد الجنائي الخاص التي يتطلب القانون بشأنها الى جواز القصد العام بنية الاتجار بأعمال الوظيفة أو بنية استغلالها, ويترتب على ذلك عدم قيام الجريمة قانونا اذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة المقدمة اليه للعبث بأعمال وظيفته لتمكين السلطات من القبض على الراشي لانتقاء نية الاتجار في نية الاستغلال عنده وانتقاء القصد الجنائي ( ).
1في العمال فكرة القصد الجنائي لدى المرتشي : أعمال فكرة القصد الجنائي مثلما سبق تحليلها يعني وضعها موضع التطبيق وفي هذا يثار شوالين
أولا وقت الاعتداء بالقصد الجنائي لدى المرتشي : القاعدة في الجرائم الوقتية هي تقدير القصد الجنائي فمدى توافره لحظة ارتكاب السلوك المادي المكون للجريمة ففي هذه اللحظة التي يستنفذ فيها البنيان القانون للجريمة مظاهره المادية اما أن يقوم القصد الجنائي لدى الفاعل فتقوم في حقه الجريمة واما أن تنتفي هذا القصد فتنتفي الجريمة اما في الجرائم المستمرة فالعبرة في تقرير القصد الجنائي لا يكون فقط بمدى توافر عمله لحظة اتيان السلوك وانما يتحقق هذا العلم في أي وقت لاحق على بدء السلوك.
وقد أثير التساؤل في خصوص جريمة الرشوة حول الوقت الذي يجب الاعتداء فيه بتوافر ركن العلم لدى الموظف المرتشي فهل يتوافر القصد الجنائي لدى الموظف المرتشي فهل يتوافر القصد الجنائي لدى هذا الأخير اذا تسلم عطية أو هدية معتقدا أنها سداد لدين سابق أو مرسله اليه من أحد اقاربه ثم اكتشف فيما بعد أنها مقابل العمل الوظيفي فقرر الابقاء عليها رغم ذلك؟
وقد تنازع الاجابة عن هذا السؤال رايان فههيان أو لهما يرى انتقاء جريمة الرشوة لعدم معاصرة القصد الجنائي للركن المادي وتأنبهما بطالب على العكس أو بقيام الرشوة اذ يصعب اهمال علم الموظف ولو كان لاحقا على السلوك في قيام قصده الجنائي . موفقا للرأي الأول لا تقوم الرشوة الا اذا كان الموظف لحظة تسلمه العطية بكونها مقابلا لعمله الوظيفي وذلك استنادا الى أحد المبادئ المعروفة في القصد الجنائي وهو مبدأ معاصرة القصد للنشاط المادي المكون للجريمة وتظل الجريمة منتفية على هذا النحو ولو علم الموظف في ما بعد بوصف العطية وبأنها ثمن عمله الوظيفي وذلك لانتقاء نية الاتجار أو الاستغلال لديه لحظة اتيانه للسلوك المادي أما الرأي الثاني فهو يرى أن الموظف الذي تسلم هذه العطية جاهلتا صفتها لحظة تلقيه اياها ثم بعلم فيقرر الاحتفاظ بها فمثله يعتبر مرتكبا لجريمة الرشوة لتوافر القصد الجنائي لديه وهذا الرأي استخلص النية الاجرامية لدى الموظف من واقعه استمراره في حيازة العطية أو الهدية رغم عمله اللاحق بسببه.
ويبدو أن الرأي الثاني في النتيجة التي يخلص اليها يعتبر سلوك الموظف في هذا الغرض مخلا بالواجب العام الملقى على عاتق سائر الموظفين بالالتزام بالأمانة والصدق والمحافظة على كرامة الوظيفة ويذهب البعض الى حد الاعتقاد بأن تطبيق مبدأ معاصرة القصد لما دبات السلوك في شأنه أن يطبق من نطاق جريمة الرشوة ويتنافى بالتالي مع السياسة التشريعية التي تهدف الى الاحاطة بكل صور العبث بالوظيفة بكل صور العبث بالوظيفة العامة .
ويمكننا العثور في أسانيد هذا الرأي على حجتين لا يخلو ظاهرهما من المنطق أو لها أنه اذا كان المشرع بغير قبول العطية أو الهدية بعد تمام العمل أو الامتناع او الاخلال بواجبات الوظيفة جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة ولو كان ذلك بغير اتفاق سابق فانه يكون من غير السائغ نفي الجريمة عن الموظف الذي يتلقى قبل قيامه بالعمل المطلوب هدية يعتقد أن الغرض منها بريء ثم بعد اككتشافه للغرض الحقيقي منها يقوم على العمل المطلوب بناء عليها ونظيرا لاحتفاظ بها وثانيهما ان المعاصرة لا تنعدم بين فعل الأخذ والقصد الجنائي في هذا القرض الذي نحن بصدده الحق أن وقت تقدير القصد الجنائي لدى الموظف المرتشي هو لحظة ارتكاب السلوك المادي حسب ما يستخلص من نص التجريم وهنو الطلب أو القبول أو الأخذ أو وعد بها وفي هذا انتحاز الى الرأي يؤكد على معاصرة القصد الجنائي لماديات الجريمة وتحتم هذه الخلاصة بحجج ثلاث .
1/ ان البحث في وقت الاعتداد يتوافر القصد وفنية و أخرى مستمرة والرشوة جريمة وقتية فيكون الاعتداء بالقصد الجنائي لدى فاعلها هو في لحظة ارتكاب سلوك الطلب أو القبول أو الأخذ والقول , انما على حيازة ما تم الحصول علىه أو الابقاء على قبول ماتم الوعد به.
2/ ان القياس على جريمة المكافأة اللاحقة حين يعاقب المشرع على قبول الموظف لعطية أو هبةة بعد تمام العمل أو الامتناع أو الاخلال بواجبات الوظيفة ولو كان ذلك دون اتفاق سابق على صاحب المصلحة هو قياس مع الفارق فمن ناحية الأولى تختلف طبيعة كل من الجريمتين فثمة جريمة الرشوة بمعناه الدقيق وهي الجريمة الأم على محض صورة خاصة في صورها ومن ناحية ثانية فجريمة المكافأة اللاحقة والعقاب عليها هو دليل من باب أولى على ضرورة مبدأ معاصرة القصد الجنائي للسلوك المادي والخروج على ذلك يتطلب نصا خاصا.
3/ ان اقحام سلك الموظف الشائن اذ يقبل الاحتفاظ بالعمل رغم علمه اللاحق بصلتها بعمله الوظيفي في فكرة القصد الجنائي هو أمر يستقيم مع منطق التحليل القانوني فالجريمة من حيث بنيانها القانوني وما يدخل فيه من عناصر شتى و الزج بأوصاف اجتماعية أو بمسالك شائنة للفاعل شيئا آخر , فتكلما أمران لا ينبغي الخلط بينهما وان جاز اعتبار سلوك الموظف ماسا . بكرامة وظيفته ونزاهتها فقد يصلح ذلك لمساءلة عن مخالفة تأديبية عن جريمة تفتقد لأحد العناصر.
-2-كيفية اثبات القصد الجنائي لدى المرتشي :
يعتبر اثبات القصد الجنائي لدى مرتكب أي جريمة من المسائل الموضوعية التي يقررها قضاة الموضوع حسب ما يستخلص من ظروف وملابسات كل قضية ولا تخضع محكمة الموضوع في تقديرها لتوافر القصد من عدمه لرقابة المحكمة العليا متى كان ذلك التقدير مستندا الى أسباب منطقية مستخلصة من أوراق الدعوى.
ويكون اثبات القصد الجنائي في الرشوة وفقا للقواعد العامة في الاثبات في المواد الجنائية فهو يكون بالاقرار من طرف المرتشي أو بالقرائن لكن خصوصية جريمة الرشوة يجعل الظروف والملابسات المحيطة بالفعل المادي للرشوة دورا كبيرا لاستجلاء ركن العمد لدى الفاعل وباعتبار الرشوة من جرائم القصد الخاص . فلا بد من اثبات توافر قصد الاتجار بالوظيفة أو قصد استغلالها . ولعل أهم ما يثير اثبات القصد الجنائي ضرورة قيام الارتباط الغائي بين سلوك الموظف وبين سبب الرشوة فالأصل العام في الرشوة اثبات المكافأة غير المستحقة بسببها اتيان عمل من الأعمال الكاشفة عن نية الاتجار في الوظيفة وهو ما يستدل عليه من ظروف الحال.
وهكذا تقوم جريمة الرشوة بالاتفاق الذي بين المرتشي والراشي ولا تبقى بعد ذلك الى اقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه تسليم المبلغ أما اذا ثبت انتقاء كل صلة بين الفائدة التي حصل عليها أو وعد بها الموظف وبين عمله الوظيفي فلا يمكن مساءلة الموظف جنائيا فقد تكون الفائدة بسبب أواصر القرابة والصداقة التي تربط الموظف وصاحب المصلحة أو تكون الفائدة تنفيذا لعلاقة عق\ية مثبتة الصلة تماما بالعمل الوظيفي واثبات ذلك بكون من خلال الظروف والقرائن والملابسات الخاصة بكل حالة على حدى.
ويثار سؤال على المستوى الاجرائي لمعرفة مدى سلامة اجراءات ضبط الرشوة ان كانت نتيجة تدبير وتحريض من رجال الشرطة فهل مكن اثبات توافر القصد الجنائي لدى الموظف الذي تم تحريضه صوريا على ارتكاب الجريمة ؟ وينبغي هنا التفرقة بين فرضيتين.
1/ أنه لا يؤثر قيام أركان جريمة الرشوة وقوعها نتيجة تدبير يقوم به الراشي لكي يسهل لرجال السلطة العامة ضبط الجريمة وبالتالي يقيد بقبول أو حصول الموظف على الفائدة حتى ولو لم يكن الراشي جادا في ما عرضه على الموظف متى كان عرضه للرشوة جديا في ظاهره وكان الموظف قد قبله على أنه جدي ناويا العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو لمصلحة غيره.
2/ اذا كان ضبط الجريمة قد تم على محض تحريض رجال السلطة العامة تقع هذه الاجراءات الى الضبط بالبطلان وهو بطلان لا يمنع من اثبات الجريمة بطرق أخرى . ولما كان القصد الجاني مسألة باطنية تقوم في نفس الجاني مفصحا عنها اما بصورة صريحة أو بصورة ضمنية فليس ثمة ما يحول دون استظهار هذا القصد من الامارات الدالة عليه وتطبيقا لهذا المعنى فانه لا يشترط قانونا لقيام جناية عرض الرشوة أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا الغرض وبأنه يريد شراء ذهنه بل يكفي أن تدل ظروف الحال على توافر هذا القصد ذلك بأن الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأنه جريمة أخرى قد يقوم في نفس الجاني وغالبا ما ***ولقاضي الموضوع اذا لم يفصح الراشي عن قصده بالقول أو الكتابة أن يستدل علة توافره بكافة طرق الاثبات وبظروف العطاء وملابساته ومحكمة الموضوع أن يأخذ بما تطمئن اليه من أدلة ثبوت الجريمة ولها أن تصرح مالا يستقيم مع اقناعها وفي هذه الحالة الأخيرة لا تترتب على قضاة الموضوع ان لم يأخذوا بالتسجيلات الهاتفية كدليل لثبوت الرشوة حتى ولو لم تطلب المحكمة الاستعانة لخبير لفحص هذه التسجيلات.
الفرع الثاني : مكونات وعناصر القصد الجنائي
تقتضي دراسة القصد الجنائي التحليلية الوقوف على مكونات هذه الفكرة لتي بدونها لا يكفي الركن المادي وحده تحقيق البنيان القانوني للجريمة وتتمثل هذه المكونات في عنصري العلم في تشكيل النموذج القانوني للجريمة ورغم أن الفقه متفق على ضرورة توافر هذين العنصرين فالخلاف يثور حول ما اذا كان القصد الجنائي يتطلب بالاضافة الى القصد العام لدى المرتشي توافر قصد الخاص هكذا تتعرض الى مكونات القصد الجنائي , لأن الرشوة جريمة عهدية فلا بد لقيامها من توافر القصد الجنائي وما يطلق عليه الفقه أحيانا ركن العمد في الجريمة أو ركن الخطأ العمدي و أيا ما كانت التسمية التي نطلقها فالمهم هو استبعاد قيام الرشوة غير العمدية أو الرشوة عن طريق الخطأ أو الاهمال ويتحقق القصد الجنائي لدى المشرع المصري بتوافر عنصري.
1-ارادة السلوك المادي المكون للجريمة:
يلزم لقيام الرشوة قانونا أن تتجه ارادة الفاعل الى اتيان أحد المظاهر السلوكية التي تنص عليها المشرع وهي طلب أو قبول أو أخذ العطية أو الوعد بها ويجب بالاضافة لارادة السلوك انصراف نية الفاعل الى الاتسيلاء على العطية بقصد التملك أو الانتفاع.
حيث يترتب على مسبق تخلف القصد الجنائي لدى الموظف في كل مرة تنتفي فيها ارادته السلوك الصادر عنه ويتحقق ذلك فيما لو دس صاحب المصلحة مبلغا من المال في جيب موظف أو أسقطه في درج مكتبه دون أن تنصرف ارادة هذا الأخير الى أخذ هذا المبلغ.
كما لا يصح أحيانا اعتباره قبول الموظف إراديا لوعد بعطية صادر عن صاحب المصلحة . فالقبول الصوري من جانب الموظف أو مجرد تظاهره بقبول الوعد اذا كان الهدف منه الايقاع بالراشي وتسهيل ضبطه متلبسا لا يقيم القصد الجنائي لديه وينتفي بالتالي في حقه جريمة الرشوة.
وارادة السلوك التي يعتد بها قانونا في هذا الشأن هي تلك الصادرة عن وعي واختيار حيث أن م 62 ف 1 من ق العقوبات التي تقرر عدم عقاب من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل كما تنتفي ارادته سلوك الموظف اذ طلب أو قبل أو أخذ عطية أو الوعد بها , وكان بذلك واقعا تحت اكراه أو كان معتبرا في حالة ضرورة فاذا ما احتج الفاعل بكونه مكرها أو مضطرا لارتكاب الرشوة امتنعت مسؤولية الجنائية متى توافرت في حقه كافة الشروط التي يتطلبها نص القانون م 61 ق ع وقد نصت م 104 مكرر من ق ع مصري على أنه <<كل موظف عمومي طلب لنفسه ....يعقب بعقوبة الرشوة المنصوص عليها في المواد الثلاث السابقة حسب الأحوال حق ولو كان بقصد عدم القيام بذلك العمل أو عدم الامتناع عنه أو عدم الاخلال بواجبات الوظيفة >>( )
أما عن الارادة لدى المشرع الجزائري فقد تجسد نافي الجريمة السلبية والجريمة الايجابية فعنصر الارادة في الرشوة السلبية يتمثل في علم لموظف بأركان الجريمة ومع ذلك أرادها بأن اتجه الى الطرف الآخر بالطلب أو القبول أو الأخذ قامت الجريمة وعليه فلا تقوم الجريمة اذا علم الموظف بأركان الجريمة ولكنه لم يردها ولكنه تظاهر بأنه يريدها فاتجه الى الطرف الآخر بالقبول . أو الطلب أو الأخذ للايقاع بالراشي.
كما يشترط أن يتوافر القصد للجاني لحظة تنفيذه لركن المادي لهذه الجريمة أي معاصرة القصد للركن المادي , ويشير المشرع الجزائري الى أن صورة القصد الجاني هنا . هو القصد الجناني الخاص و القائم على نية الاتجار بالوظيفة العمومية واستغلالها ولكن الرأي الراجح في الفقه يرى أن القصد الجنائي لجريمة الرشوة هو قصد عام باعتبار لأن قيام الموظف بالعمل ليس من ماديات الجريمة فالجريمة تقوم سواء قام الموظف بالعمل ام أحجم عنه فالقانون لا يشترط ضرورة قيام الموظف بالعمل المطلوب وعلى ذلك فالجريمة تعد قائمة ولو اتجهت نية الجاني الى قبول الرشوة وعدم تنفيذ ما طلب منه ولو كان القصد خاصا لا يشترط القانون وجوب اتجاه ارادة الموظف الى تنفي العمل الوظيفي ولكن المشرع لم يفعل ذلك مما يؤكد أن القصد هنا قصد عام . في حين أن ارادة الراشي في الرشوة السلبية يهدف من ورائها الى تحقيق مصلحة يبتغيها لنفسه أو لغيره . فغرض الراشي هو أساس الركن المعنوي الذي تتجه ارادته لتحقيقه وبالتالي فلا يعد راشيا اذا انتفى لديه الغرض من عمله . اذ يجب أن يعلم أنه بوجه افعاله (الترغيب والترهيب )الى موظف عام أو في حكمة لحمله على القيام بالعمل الذي يبتغيه في حدود وظيفته فقصده بهذا المفهوم قصد جنائي خاص( ).
2-العلم بالعناصر الواقعية التي يشملها نص تحريم الرشوة :
يلزم لقيام القصد الجنائي لدى الفاعل بصفة عامة حسب المشرع أن القانون المصري علمه بكافة العناصر الواقعية الداخلة في تشكيل البنيان المادي للجريمة وتحليل القصد الجاني في نصوص جريمة الرشوة لا يشتد عن هذا الأصل فلا يدمن علم الموظف المرتشي بكافة العناصر الواقعية المستخلصة من نص تحريم الرشوة , على أن هذا العلم لا ينصرف بطبيعة الحال الى العلم بالصفة غير مشروعة الفعل . أي يكون الفعل يشكل جريمة معاقب عليها اذ هذا العلم مفترض في كافة الأحوال تطبيقا لقاعدة افتراض العلم القانوني (Nul n’est cencé ignoré la loi ) . وعلى هذا فلا يقبل من الموظف المتهم زعمه بأنه كان يجهل أن الوظيفة التي يباشر أعمالها تدخل ضمن الوظائف التي يغبر شاغلوها من الموظفين العموميين في تطبيق نصوص الرشوة كما لا يجوز لعضو المجلس أو لمحكم أو لحارس قضائي ممن ورد ذكرهم في نص م 111 ق ع مصري الدفع بجهلهم بصفة الموظف العام الحكمي التي يضيفها عليهم ق العقوبات في نصوص تطبيق أحكام الرشوة اذ الجهل هنا منصب على عنصر قانوني و الأصل افتراض علم المخاطبين بأحكام القانون به . وبالاضافة الى العلم بالعناصر الواقعية المكونة لصفة الموظف العام فلابد من توافر علم هذا الأخير بان ما يطلبه أو يقبله أو يأخذه من فائدة انما لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجبات هذه الوظيفة فعلم الموظف بالارتباط الغائي بين موضوع الرشوة وبين سببها ضروري لقيام قصده الجنائي والا تختلف نية الاجرامية وانتفى قيام الجريمة قانون في حقه . وأمثلة انتقاء العلم بهذه الصلة متعددة . فالموظف الذي يقبل هدية لنفسه أو لغيره ظنا منه مرسلة اليه من أحد أقاربه أو أحد أصدقائه ثم يكتشف فيما بعد أن مرسلها ليس الا أحد أصحاب المصلحة في أمر يخص عمله الوظيفي . لا يمكن اعتباره مرتشيا لانتفاء ركن العلم لديه حتى ولو لم يقم برد الهدية لأن الرشوة من الجرائم الوقتية التي يتم فيها تقدير قيام القصد الجنائي لحظة تحقيق السلوك المادي وهو ما يعرف بمعاصرة القصد لماديات الجريمة.
وقد عرضت محكمة النقض على تأصيل ركن العلم على هذا النحو بقولها << من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد على المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للاخلال بواجباته وأنه ثمن الاتجار بوظيفته أو استغلالها >>.ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الاخلال بواجبات الوظيفة ولما كان الحكم للمطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذا للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المجني عليه مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي كما هو معروف به في القانون فان ما يثيره الطاعن من أنه أخذ المبلغ كوهبة لا يكون مقبولا.

الفصل الثاني النظام الجزائي للرشوة في كل تشريع
في بادئ الأمر يجب الاشارة الى شيء مهم هو أن الشريعة الاسلامية تعبير الرشوة حرام بلا خراف وهي من الكبائر لقوله تعالى << سماعون للكذب أكالون للسحت >>. وقوله أيضا << ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس وبالاثم و أ،تم تعلمون >>
وروى عبد اله بن عمر وقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلة الراشي والمرتشي " وفي رواية ريادة الرائش.
ومنه نلاحظ أن الشريعة الاسلامية تعتبر الرشوة من جرائم التعزير أي الجرائم التي لم يقدر لها الإسلام عقوبات مقدرة ومحددة كالحد والقصاص بل يترك تقدير عقوبتها لولي الأمر أو القاضي المجتهد وذلك حسب كل مكان وزمان وحسب تغير وتبدل مصالح الناس و أحكامهم التي يسيرون عليها فيضع لها العقوبة المناسبة والرادعة.
وبهذا أقام كل تشريع على تجريم الرشوة ووضع العقوبة المناسبة لها واختلفت العقوبات حسب اختلاف تكييفهم للرشوة فمن يأخذ بها على أنها جريمة واحدة أو جريمة مزدوجة. ولهذا يجب أن نبحث العقوبات لكل تشريع على حدى.
المبحث الأول : عقوبات التشريع الفرنسي
1/ المطل الأول ك عقوبات الرشوة السلبية
المشرع الفرنسي يعتبر الرشوة التي يقوم بها الموظف جنحة ويعاققب عليها بالحبس من سنتين الى 10 سنوات وبغرامة مضعفة لقيمة الوعد أو العطية المأخوذة ولا يجب أن تتعدى هذه االغرامة 1500 فرنك هذا ما جاء في المادة 177.( )
وفي حالة تسهل عمل من أعمال الوظيفة الرشوة مما يعاقب عليها بالحبس من عام الى 5 سنوات وبغرامة مالية من 600 الى 15000 فرنك وفي كلتا الحالتين المتهم يحرم من كل الحقوق المنصوص عليها في المادة 42 ع فرنسي الفترة من 5 الى 10 سنوات.
وتتبع هذه العقوبات عقوبة مصادرة الأشياء و تؤخذ الى الخزينة العامة وهذا ما جاء في المادة 180 الفقرتين 3-4 .
« dans tout les cas le coupable pourra être privé des droits de l’art 42 pour une durée de 5 à 10 ans. et les choses livrées ne seront pas restituées. Mais confisquées au profit du trésor (art 180 at 3 et 4) ( ).
والمادة 18 في فقرتها الأولى تضع ظروف تشد\يد للعقوبة أن الرشوة الغرض منها ارتكاب عمل اجرامي أو القاضي الذي يقيض رشوة ففعله الاجرامي يصبح جناية ويعاقب بالسجن من 5 سنوات الى 10 سنوات أو بعقوبة أشد حسب نوع الرشوة وتأثيرها المادة 182.
استغلال النفوذ أدرجه المشرع الفرنسي ضمن جريمة الرشوة ويعاقب عليه من سنة الى 5 سنوات وبالغرامة المنصوص عليها في المادة 177 ع السالفة الذكر ويعاقب بالحبس من سنتين الى 10 سنوات اذا كان من الأشخاص المنصوص عليهم في المادة 177 ويعاقب على استغلال النفوذ بما يعاقب عليه الموظف الراشي ( ).
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة الايجابية :
<< الحبس من سنة الى خمس سنوات وبغرامة مضعفة للوعود أو الانشاء المطلوبة ولا يجب أن تقل عن 1500 >>( ).
المشرع الفرنسي يعتبر جريمة الراشي جريمة مستقلة عن جريمة المرتشي ويعاقب عليها بعقوبة الجنحة ولقد أدرجها مع عقوبة استغلال النفوذ في المادة 179 لأنها تحرم استعمال الوسائل غير المشروعة << الحصول على فعل أو الامتناع عنه كانت مزيات أو امتيازات نصت عليها المواد 177-178>>.
وبالرغم من كونها جنحة مميزة الرشوة الايجابية تبقى مرتبطة بشكل ضيق بالرشوة السلبية واستغلال النفوذ في عناصرها المكونة لها وفي العقوبة المقررة من جهة نظرا لعقوبة المشرع تبني نظام العقوبة المرجعية وتعاقب المرتشي بنفس العقوبات المنصوص عليها في المكواد 177-178 وهذا ما يؤدي الى تطبيق العقوبات التكميلية والظروف المشددة الواردة في المادة 180 الى 182 فالرشوة الايجابية تعاقب الذي يقبل التماسات لم يبادر هو لها والعنصر المتميز في الرشوة الايجابية هو في تجريم الاعتداء والتهديد التي يمكن للمذنب استعمالها للحصول على المزايا والامتيازات ولكن هذا الامتداد يبدل طبيعة الجنحة . فهل يمكننا أن نتحدث في هذه الحالة على الرشوة عندما يقبلها الموظف أمام التهديد والاكراه ؟
أن هذا يؤدي الى تنازع في التكييف مع عنف للقاضي أو عون القوة العمومية المادة 228 وما يتبعها أو مع التهديد المعاقب عليه بنص المادة 305 وما يتبعها . والمادة 179 يعاقب الراشي << يتحقق آثار الرشوة أو الاكراه أو عدم تحقق هذه الآثار بمعنى الاستقلال عن نتائج فعله . عروض ووعود لم يقبلها الموظف وهذا الحل يمكن من العقاب لجنحة لم تكتمل . ان مجرد المحاولة للرشوة التي لم يعد يعاقب عليها بهذا الوصف من وقت تحول المخالفة الى جنحة .
ويجب ملاحظة ان النظام التوي مرتشي وراتي ليسا .
كشركاء في التشريع الفرنسي . ولكن كجريمتين في جنحتين مختلفتين لا يمنع من المتابعة بالاشتراك في القانون والخبر الذي حصر وسهل وفرع جنحة الرشوة الايجابية وهذا أمثاله الذي يسلم للراشي نفوذا موجهة لرشوة مفتش الضرائب المباشرة ( ).
المبحث الثاني : عقوبات المشرع المصري
لقد حدد الشارع المصري عقوبة الرشوة في صورتها البسيطة م 103 ق ع وتوقع هذه العقوبة على الراشي والوسيط مذلك م 107 مكرر ق ع ونص بعد ذلك على حالتين شد فيهما عقوبة الرشوة المادتان 107 و 104 ق ع.
المطلب الأول : عقوبة الرشوة البسيطة
نص المشرع على عقوبة أصلية للرشوة ثم أضاف اليها عقوبتين تكميلتين وثمة عقوبات تبعية تقتضي بها القواعد العامة وقد أعقب ذلك النص على سببين للاعفاء من العقوبات.
أ-العقوبة الأصلية للرشوة :
العقوبة الأصلية هي الأشغال الشاقة المؤيدة م 103 ق ع ولم يخطر الشارع تطبيق الظروف المخففة وعلى الرغم من أن الشارع . قد نص على هذه العقوبة بالنسبة للمرتشي فنها توقع كذلك على الراشي والمتوسط بينهما باعتبارهما شريكين في الرشوة والقاعدة أن من << اشتراك في جريمة فعلية عقوبتها >>. م 41 ق ع مصري وعلى الرغم من وضوح هذه القاعدة فقد آثر الشارع أن يبالغ في التوضيح فردد هذه القاعدة في م 107 مكرر التي نصت على ان يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي.
كما أن تعدد الفاعلين متصور في الرشوة ومحل ذلك أن يتعدد الموظفون المختصون بالعمل ويقدم اليهم المقابل بالاشتراك ( ), وتوقع على كل فاعل ذات عقوبة المرتشي اذ لم يجعل الشارع من ذلك التعدد ظرفا مشددا للرشوة.
أما في حالة الشروع فيعاقب الموظف بالمادة 108 مع المادتين 45. 446 ويعاقب الراشي بالمادة 111 أما الوسيط فيختلف عقابه بحسب ما اذا كان وسيطا للراشي والمرتشي .
ب- العقوبات التكميلية:
1/الغرامة المالية :
قرر الشارع للرشوة عقوبة الغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى الموظف أو وعد به , والغرامة على هذا النحو غرامة نسبية اذ هي محددة بقدر مقابل الرشوة أي الكسب الحرام . الذي حصل عليه المرتشي أو كان محتمل حوصله عليه ولكنها غرامة نسبية ناقصة باعتبار أي تناسبها مقيد بحد أدنى هو ألف جنيه وهي عقوبة وجوبية فليس للقاضي سلطة الاعفاء منها وهي كعقوبة تكميلية لا يجوز الاكتفاء . وتخضع هذه الغرامة لجميع أحكام الغرامات النسبية ومن أهم هذه الأحكام أنها لا تتعدد المحكوم عليهم بل يحكم عليهم بغرامة واحدة ويلتزمون بها قبل الدولة بالتضامن م 44 ق ج واذا عومل المحكوم عليه بالرأفة وخففت العقوبة السالبة للحرية التي حكم بها عليه فان هذا التخفيف لا يسري على الغرامة واذا تعذر تحددي قيمة مقابل الرشوة كما لو كان فائدة ذات طبيعة معنوية قضى بالغرامة في حدها الأدنى وهو ألف جنيه.
المصادر كعوقبة تكميلية :
نص الشارع على مصادرة مقابل الرشوة في المادة 110 ق ع التي قضت بأن << يحكم في جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقا للمواد السابقة >> ولا يقتصر موضوع المصادرة على النقود وانما يتسع لكل شيء اذا نصت المادة 30 ع بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة والمحاكم المصرية تطبق هذه المادة على جريمة الرشوة وتقضي بمصادر النقود أو الأشياء الأخرى المضبوطة التي قدمت على سبيل الرشوة ( ).
الا ما نص الشارع على على استثنائه منها أو قضت بذلك طبيعة الأشياء فمن أهم ما تتقيد به هذه المصادرة أنها لا ترد الا على مال مضبوط ويقتضي ذلك أن يكون ثمة مال سلمه الراشي أو الوسيط الي المرتشي ويكفي التسليم الرمزي والتسليم الحكمي فوضع المال تحت تصرف المرتشي ليستولي عليه حينما يشاء بعد تسليمها كافيا ولكن التسليم كما لو اقتصرت الرشوة على وعد أو طلب فلا محل كذلك للمصادرة وتخضع هذه المصادرة للقواعد العامة من حيث تقييدها باحترام حقوق الغير حسن النية . وبعد الغير حسن النية اذا كان غير مسؤول عن الرشوة أي كان أجنبيا عن الجريمة.
ج- العقوبات التبعية والتكميلية الأخرى في الرشوة
تلحق المحكوم عليه بعقوبة جنائية من أجل الرشوة جميع العقوبات التكميلية التي نصت عليها م 25 من ق ع . عهلى أنه اذا حكم على الموظف المرتشي أو من في حكمه بعقوبة السجن المنصوص عليها في م 108 ع فيترتب على هذا الحكم عزله من وظيفته اذا كان موظف وحرمانه من القبول في أي خدمة في الحكومة فاذا كان عضوا في أحد المجالس الحزبية أو النيابية أو مجالس المديريات أو المجالس البلدية أو المحلية فيترتب على هذا الحكم زوال العضوية . وكل موظف ارتكب جناية الرشوة فعومل بالرأفة وحكم عليه بالحبس طبقا للمادة 17 يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه .
د-الاعفاء من العقوبة
نص الشارع على سببين الاعفاء من العقوبة في المادة 107 مكرر من ق ع في قوله << ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة اذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها >> وسبب الاعفاء هما الاخبار والاعتراف والاستفادة منهما مقتصرة على الراشي والوسيط فالشارع قد استبعد المرتشي من نطاق الاعفاء.
وعلة الاعفاء من العقاب أن الرشوة جريمة ت. في تحقيقها وتعق مرتكبيها ومحاكمتهم اقامة الدليل عليهم أمرا عسيرا ولذلك فان المعترف يقدم المجتمع خدمة يستحق أن يكافأ عليها بالاعفاء من العقاب وتفسيرا استبعاد المرتشي من نطاق الاعفاء . ان علته غير متحققة فالراشي أو الوسيط يكافأ بالاعفاء لأنه كشف للسلطات عن الموظف الذي أخل بثقة الناس في نزاهة الدولة . فاذا كانت قد اكتشفت أمر هذا الموظف وتوافرت لديها الأدلة عليه فان ما صدر عنه من نشاط بعد ذلك لا تقوم به خدمة للمجتمع يستحق أن يكافأ عليها.
وينبغي أن يتوافر الاعتراف أو الابلاغ على شرطان هما الاخلاص والتفصيل . فيجب أن يكون صادرا بنية اعانة السلطات في الكشف عن الجريمة وادانة مرتكبها ويقتضي ذلك أن يكون صادقا مطابقا للحقيقة وتطبيقا لذلك فان الابلاغ أو الاعتراف الذي ينطوي على ما يخالف الحقيقة فلا يستحق صاحب الاعفاء . وكذلك يجب أن يكون الابلاغ مفصلا متضمنا جميع عناصر الجريمة وظروفها و الأدلة عليها طالما كان المتهم عالما بها . وتطبيقا لذلك فان الاعتراف المجمل الذي لا يفيد السلطات في شيء لا يصلح أن يكون سببا للاعفاء من العقوبة.
كما أن الاعتراف لا ينتج أثره في الاعفاء الا اذا اصدر أمام محكمة الموضوع وقبل اقفال باب المرافعة لديها على أنه اذا صدر لأول مرة بعد اقفال باب المرافعة أو من باب أولى أمام محكمة النقض فلا يصلح سبب للاستفادة . لكن اذا أنكر المهم أمام سلطات التحقيق ثم اعترف لدى محكمة الموضوع استفاد من الاعفاء.
ويقتصر تأثير الاعفاء على العقوبة السالبة للحرية والغرامة فلا يمتد الى المصادرة ذلك أن حيازة الرشوة مخالفة للنظام العام كما لا يمتد نطاق الاعفاء الى جريمة عرض الرشوة.
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة المشددة
نص الشارع المصري على سببين لتشديد عقوبة الرشوة فالأول موضوعه أن يكون الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من عقوبة الرشوة امتناع المرتشي عن عمل من أعمال وظيفته أو الاخلال بواجباتها.
الفرع الأول : كون الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعفوية أشد من عقوبة الرشوة
نصت على هذا السبب التشديد المادة 108 ق ع في قولها << اذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوية أشد من العقوبة المقررة للرشوة فيعاقب الراشي والمرتشي والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامة المقررة للرشوة ويعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة اذا أخبر السلطات بالجريمة طبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 من هذا القانون >>.
وهذا السبب للتشديد يدعو طبيعة نفسية اذ يقوم بمجرد استهداف غرض اجرامي معين من الرشوة فمجرد اتجاه الارادة الى هذا الغرض كاف للتشديد ولا يشترط تنفيذه فعلا . بل ان استحالة ذلك التنفيذ سواء لأسباب كانت قائمة وقت الرشوة ولكن محمولة من أطرافها لكلهم أو بعضهم أو لأسباب طرأت بعد الرشوة لا يجوز دون توافر هذا الظرف المشدد وبذلك يمكن القول أن هذه الرشوة المشددة تفرض قصدا خاصا باعتبار أنها تتطلب اتجاه الارادة الى فعل اجرامي ليس في ذاته من ماديات الرشوة.
وعلة التشديد الخطورة السالفة لهذه الرشوة: فهي ليست مجرد هدية تلقاها الموظف أو مجرد عزم على الاخلال بواجبات الوظيفة . وانما ثمة عزم على ارتكاب جريمة بالغة الخطورة والمجال المتصور لهذه الرشوة المشددة هي أن يكون الغرض منها ارتكاب جريمة يعاقب عليها بالعدام . وترتكب الرشوة المشددة بمجرد أخذ المقابل أو قبول الوعد بدأو طلبه ولا يحول دون توقيع العقوبة المشددة . عدول الجناة باختيارهم عن الغرض الاجرامي الذي استهدفوه بالرشوة . ذلك أنه عدول لاحق على تمام الجريمة ومجرد تبعا لذلك الأثر.
والقواعد التي أخضع لها القانون هذه الرشوة المشددة تشدد على القواعد العامة بل انها تشدد على قواعد الرشوة وخاصة من حيث أحكام امتناع العقاب : فالجناة توقع عليهم عقوبة جريمة لم يرتكبها لمجرد عقدهم العزم عليها أو لمجرد اتجاه نية شخص واحد اليها وتمثل هذه القواعد شذوذا على أحكام تعدد الجرائم فتوقيع عقوبة الجريمة الأشد من بين الجرائم المرتبطة بوحدة الغرض منوط بتنفيذها تنفيذا كامل . والغرض في هذه الحالة أنها لم تنفذ وحين تجنتمع الرشوة والاتفاق الجنائي على الجريمة , ذات العقوبة الأشد . فان القواعد العامة تقتضي لتوقيع العقوبة الأشد من بين عقوبتين الرشوة والاتفاق . ولكن الشارع يستبعدها معا . ويقرر توقيع عقوبة الجريمة التي استهدفتها الرشوة وخرج في هذه الرشوة على أحكام الاعفاء الخاصة بالرشوة كما حددت المادة 107 مكرر 1 ق ع فاستبعدها و أحل محلها قواعد الاعفاء الخاصة بالاتفاق الجنائي كما حددتها الفقرة الأخيرة من م 48 ق ع . ويقضي هذا المعنى بأن : يعفي من العقوبات المقرروة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بأخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي ولمن اشترك بنية قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أول الجناة فاذا حصل الاخبار الى ضبط الجناة الآخرين.
والاستفادة من هذا الاعفاء مقتصرة على الراشي والوسيط فلا يستفيد منه المرتشي ( ).
الفرع الثاني : الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الاخلال بواجباتها
نص الشارع على هذا السبب للتشديد في م 104 ق ع في قوله كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للاخلال بواجباتها أو لمكافأنه على ما وقع منه . ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من هذا القانون , ونطاق التشديد مستمد من نوع العمل الوظيفي الذي يعد الموظف المرتشي القيام به . نظير مقابل الرشوة الذي أخذه أو طلبه أو قبل الوعد به ويفترض أنم هذا العمل اتخذ صورة الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو صورة الاخلال بواجبات الوظيفة ويعني ذلك أن تخرج من نطاق التشديد حالة ما اذا كان موضوع الرشوة عمل ايجابيا أما الإخلال بواجبات الوظيفة فيعني ذلك المدلول العام الذي سلف توضيحه والذي يتسع لكل اخلال بأمانة الوظيفة ذاتها.
ويتصرف تشديد العقوبة الى الغرامة فقط فيرتفع بها الى الضعف ويمتد هذا التشديد الى حديها على السواء , فتصير منحصرة بين ألفين من الجنيهات كحد أدنى وضعف مقابل الرشوة كحد أقصى أما العقوبة السالبة للحرية والمصادرة فتظل أحكامها دون تعديل.
المبحث الثالث : عقوبات المشرع الجزائري
لقد أخذ المشرع الجزائري بنظام ثنائية الرشوة على غرار القانون الفرنسي باعتباره مصدرا تاريخيا له فقد حافظ على نفس الترتيب ونفس المحتوى أو مضمون المواد بل نجده أحيانا يقرر نفس العقوبة المماثلة للمواد المنصوص عليها في قانون الفرنسي ولم يغير المشرع الجزائري منذ صدوره للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08 يونيو 1966 والمتضمن قانون العقوبات الجزائري الأحكام الواردة في المواد 126- 134 ع جزائري والمتعلقة بعقوبة الرشوة في حين قام بتعديلات هامة
والمشرع الجزائري قد اصطلح على تسمية الجريمة الأولى السلبية بالرشوة السلبية من جانب الموظف العام ومن في حكمه.
وأما الثانية ايجابية من جانب صاحب المصلحة وقد اصطلح على تسميتها الرشوة الايجابية حيث أن الجريمتان مستقلتان عن بعضهما في التجريم والعقاب اذ لا يعتبر سلوك الراشي اشتراكا في جريمة المرتشي وانما سلوك كل منهما مستقل في جريمته بحيث يتصور أن يكون لكل من الراشي والمرتشي شركاء في جريمته غير شركاء الآخر كما يتصور كذلك أن تتوافر احدى الجريمتين دون الأخرى أو أن يكون لكل منهما صور شروع خاصة بها.
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة السلبية
بادئ بدء يجب علينا ملاحظة أن الشريعة الاسلامية تعتبر الرشوة من جرائم القزيز ( ), وهي الجرائم التي لم يقرر لها الاسلام عقوبات مقدرة ومحددة كالحد والقصاص , بل يترك تقدير عقوبتها لولي الأمر أو القاضي المجتهد . يتقرر في شأنها عقوبة جنايات أو جنح أو مخالفات وذلك حسب كل زمان ومكان وحسب تغير وتبدل مصالح الناس وأحكامهم التي يسيرون عليها فيضع لها العقوبة المناسبة والرادعة .
أما المشرع الجزائري فقد قسم العقوبات على جريمة الرشوة الى أصلية وتكميلية دون الاخلال بالعقوبات التأديبية التي توقع على الموطن في قطاع وظيفته .
الفرع الثالث : العقوبات الأصلية
اذا ارتكب الموظف العام أم من في حكمه المذكورين في م 126 قانون العقوبات جريمة الرشوة مستكملة لبنياتها القانوني على النحو الذي أوضحناه في ما سلف . كل مستحق للعقوبة الأصلية التي قررتهعا المادة نفسها والمتمثلة في الحبس من نستين الى عشر سنوات . ونلاحظ أنم هذه العقوبة تفوق العقوبة التي قررها المشرع اللبناني والمقدرة بالحبس من ثلاث أشهر الى ثلاث سنوات . كما أنها تقل عن العقوبة التي قررها المشرع المصري والمتمثلة في الأشغال الشاقة المؤبدة. وتتساوى مع العقوبة المقررة في التنشريع الفرنسي .
1-تشديد العقوبة الأصلية
تشدد عقوبة الرشوة في ق العقوبات الجزائري بالنظر الى صفة الجاني أو الغرض من الرشوة أو نتيجتها التشديد اذا كان الجاني قاضيا أو كاتب ضبط.
فنظرا لخطورة دور القاضي شدد قانون العقوبات العقوبة في م 126 مكرر 1 والمضافة بموجب القانون رقم 90-15 المؤرخ في 14 يوليو 1990 فهنا يعاقب القاضي بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 20 سنة وغرامة من 3000 الى 30.000 أما اذا كان مرتكب الرشوة كاتب ضبط فيعاقب بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 10 سنوات وغرامة من 3000 الى 30.000 م 126 مكرر 2.
أما في حالة ما اذا كان غرض الرشوة ارتكاب جناية فقد نصت م 130 ق ع على أنه في حالة ما اذا كان الغرض من الرشوة أو استغلال النفوذ هو أداء فعل بصفة القانون بأنه جناية فان العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على مرتكب الرشوة أو لاستغلال النفوذ .
واذا ارتكب موظف جريمة رشوة من أجل ارتكاب الجناية التي يعاقب عليها م 61 ق ع بالاعدام فتكون العقوبة الاعدام هذه هي التي تطبق على هذا الموظف.
أما اذا ترتب على الرشوة الحكم بعقوبة جناية فقرر المشرع في م 131 من ق ع تشديد العقوبة على القاضي أو العضو المحلف أو عضوان لهيئة قضائية الذي يرتكب جريمة الرشوة ويترتب على ذلك الحكم بعقوبة جناية ضد أحد المتهمين فيطبق العقوبة المقررة لهذه الجناية على مرتكب الرشوة.
2-تخفيف العقوبة
لا تطبق العقوبة الأصلية المقررة على الموظف العام أو من في حكمه على مرتكب الرشوة في القطاع الخاص وذلك لأن الرشوة في هذا القطاع نقل خطورة عن الرشوة في القطاع العام فقرر لها المشرع في م 127 عقوبة الحبس من سنة الى 5 سنوات.









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الرشوة2


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc