شروح الأحاديث - الصفحة 16 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-08, 14:36   رقم المشاركة : 226
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وقت صلاة الضحى

السؤال


ما هو الوقت المناسب لصلاة "الإشراق" وصلاة " الضحى"؟.

الجواب

الحمد لله

صلاة الإشراق هي صلاة الضحى في أول وقتها ، وليست صلاتين مختلفتين ، وسميت كذلك لكونها تفعل عقب شروق الشمس وارتفاعها .

قال الشيخ ابن باز :

صلاة الإشراق هي صلاة الضحى في أول وقتها .

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 11 / 401

وقت صلاة الضحى من طلوع الشمس وارتفاعها إلى قبيل وقت صلاة الظهر .

وقدّره الشيخ ابن عثيمين بأنه بعد شروق الشمس بربع ساعة إلى قبيل صلاة الظهر بعشر دقائق .

الشرح الممتع 4 / 122

فكل هذا الوقت وقت لصلاة الضحى .

( والأفضل صلاتها بعد اشتداد حر الشمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) رواه مسلم ( 748 )

والفصال هي أولاد الإبل ، ومعنى ترمض تشتد عليها الرمضاء وهي حرارة الشمس .

ابن باز مجموع فتاوى 11/ 395

وقدّر العلماء هذا بمضي ربع النهار أي نصف الوقت بين طلوع الشمس وصلاة الظهر .

انظر المجموع للنووي 4 / 36

والموسوعة الفقهية 27 / 224 .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:38   رقم المشاركة : 227
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف تصلى صلاة النهار الرباعية ؟

السؤال

عن صلاة النافلة التي قبل الظهر وقبل العصر ، هل تصلى بأربع ركعات وتسليمة واحدة أم كل ركعتين بتسليمة ؟.

الجواب

الحمد لله

ذهب جمهور العلماء إلى أن الأفضل في نافلة الليل والنهار أن تصلى ركعتين ركعتين ، بل ذهب بعض العلماء كالإمام أحمد إلى وجوب ذلك ، وأنها لا تصح إذا صلاها أكثر من ركعتين بتسليم واحد ، إلا الوتر لورود السنة الصحيحة بذلك .

وقد استدلوا على هذا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " . رواه الترمذي ( 597 ) وأبو داود ( 1295 ) والنسائي ( 1666 ) وابن ماجه ( 1322 )

. والحديث صححه الشيخ الألباني في " تمام المنَّة " ( ص 240 ) .

ومعنى ( مثنى مثنى ) أي : ركعتين ركعتين . كذا فسره ابن عمر رضي الله عنهما

ففي صحيح مسلم عن عقبة بن حريث قال : قلت لابن عمر‏:‏ ما معني مثنى مثنى ‏؟‏ قال ‏:‏ تسلم من كل ركعتين‏ .‏

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :

قوله: " مثنى مثنى " يعني : اثنتين اثنتين فلا يُصلِّي أربعاً جميعاً ، وإنما يُصلِّي اثنتين اثنتين ، لما ثبت في " صحيح البخاري ومسلم " مِن حديث ابن عُمرَ أنَّ رَجُلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما ترى في صلاةِ اللَّيلِ ؟

قال : " مَثْنى مَثْنى ، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصّبحَ صَلَّى واحدةً فأوترت له ما قد صَلَّى " .

وأما " النَّهار " : فقد رواه أهل السُّنَن ، واختلف العلماءُ في تصحيحه :

والصَّحيح : أنَّه ثابتٌ كما صَحَّح ذلك البخاريُّ ، وعلى هذا : فتكون صلاةُ الليلِ وصلاةُ النَّهارِ كلتاهما مَثْنى مَثْنى يُسَلِّمُ مِن كُلِّ اثنتين ، ويُبْنَى على هذه القاعدة كُلُّ حديثٍ وَرَدَ بلفظ الأربع مِن غير أن يُصرِّحَ فيه بنفي التَّسليم

أي : أنَّه إذا جاءك حديثٌ فيه أربع ؛ ولم يُصرِّحْ بنفي التَّسليم : فإنه يجب أنْ يُحملَ على أنَّه يُسَلِّمُ مِن كُلِّ رَكعتين ، لأنَّ هذه هي القاعدة ، والقاعدةُ تُحْمَلُ الجزئيات عليها

فقول عائشة لما سُئلت عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان : " ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة ، يُصَلِّي أربعاً ، فلا تسأل عن حُسنِهِنَّ وطُولِهِنَّ " ، ظاهره

: أنَّ الأربع بسلام واحد ، ولكن يُحمل هذا الظَّاهر على القاعدة العامَّة ، وهي أنَّ صلاة الليل مَثْنى مَثْنى ، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويُقال : إنها ذكرتْ أربعاً وحدها

ثم أربعاً وحدها ؛ لأنَّه صَلَّى أربعاً ثم استراح ، بدليل " ثم " التي للترتيب والمهلة .

" الشرح الممتع " ( 4 / 76 ، 77 ) .

وحديث ابن عمر بوَّب عليه ابن خزيمة - في صحيحه ( 2 / 214 ) - بقوله " باب التسليم في كل ركعتين من صلاة التطوع صلاة الليل والنهار جميعا "

وأعقبه بباب " باب ذكر الأخبار المنصوصة والدالة على خلاف قول من زعم أن تطوع النهار أربعاً لا مثنى " - وساق أدلة كثيرة على أن تطوع النهار ركعتين ركعتين - .

ويحمل حديث " رحم الله من صلى قبل العصر أربعاً " على ما سبق من كونها ركعتين ركعتين .

قال ابن حبان :

وقوله صلى الله عليه وسلم " أربعا " : أراد به : بتسليمتين ؛ لأن في خبر يعلى بن عطاء عن علي بن عبد الله الأزدي عن ابن عمر قال :

قال النبي صلى الله عليه وسلم " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " . " صحيح ابن حبان " ( 6 / 206 ) ، وقال مثل هذا - في ( 6 / 231 ) - في الأربع التي بعد صلاة الجمعة .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" المشروع للمسلم أن يصلي النافلة مثنى مثنى ليلاً ونهاراً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " صلاة الليل مثنى مثنى ) متفق على صحته

وفي رواية صحيحة : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) خرجها الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (11/390)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:42   رقم المشاركة : 228
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى حديث : ( سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ : صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ )

السؤال :

ما معني قول النبي صلى الله غليه وسلم في وصية نوح عليه السلام : ( فإنها صلاة كل شيء ، وبها يرزق الخلق ) ؟

وهل يجوز أن يقال عما فعله مع الأعرابي في أول الحديث ، هل يقال هذه فراسة أم ماذا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى الإمام أحمد (6583) ، والحاكم (154) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : " كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ

عَلَيْهِ جُبَّةُ سِيجَانٍ مَزْرُورَةٌ بِالدِّيبَاجِ ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ وَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ !!

قَالَ: يُرِيدُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ، وَيَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ .

قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ ، وَقَالَ : ( أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ ) ؟!

ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ : إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ : آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ

وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً ، قَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ .

وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ .

وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ ) .

صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وكذا صححه الألباني في " الصحيحة " (134) وصححه أيضا محققو المسند .

ثانيا :

قوله صلى الله عليه وسلم : (وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ) في معنى قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) الإسراء/ 44

يعني : يسبح بحمده سبحانه كل شيء

قال ابن كثير رحمه الله :

" أَيْ : وَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ: أَيْ لَا تَفْقَهُونَ تسبيحهم أيها الناس، لأنها بخلاف لغاتكم ، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات "

انتهى من " تفسير ابن كثير" (5/ 73) .

وقال السعدي رحمه الله :

" ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ ) من حيوان ناطق وغير ناطق ومن أشجار ونبات وجامد وحي وميت إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ بلسان الحال ولسان المقال

. ( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) أي: تسبيح باقي المخلوقات التي على غير لغتكم بل يحيط بها علام الغيوب "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 459) .

ولذلك فإن العلماء يروون هذا الحديث عند تفسير هذه الآية .

وقوله : ( وَبِها يُرْزَقُ الخَلْقُ ) : أي : إنّ التّسبيح من مفاتيح الرزق على العباد ، وذلك باعتبارين :

الاعتبار الأول : أن التسبيح تنزيه الله أن يكون معه نظير يخلق معه الخلق أو يرزقهم

قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الروم/ 40

فالتسبيح شهادة من العبد أنه لا رازق إلا الله ، كما أنه لا خالق إلا هو ، ولا محيي ولا مميت إلا هو سبحانه ، وهذه الشهادة أول مفاتح الرزق .

الاعتبار الثاني : الحمد في قوله : ( سبحان الله وبحمده ) ومعلوم أن الحمد والشكر يفتح أبواب الرزق ويزيد النعمة ، كما قال تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) إبراهيم/ 7 ،

قال ابن كثير رحمه الله :

" أَيْ : لَئِنْ شَكَرْتُمْ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ لِأَزِيدَنَّكُمْ مِنْهَا " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 479).

ثالثا :

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأعرابي : ( أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ ) لأنه يرتدي جبة من سيجان ، وهو جمع ساج ، وهو الطيلسان الأخضر ، مزرورة بالديباج

وهو من الحرير الطبيعي ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ) متفق عليه .

والطيلسان من لباس العجم ، وليس من لباس العرب ، قال في " تاج العروس " (16/ 204):

" يُقَال فِي الشَّتْمِ : يَا ابْن الطَّيْلَسَانِ، أَي إِنَّك أَعْجَمِيُّ ، لأَنَّ العَجَمَ هم الَّذين يَتَطَيْلَسُون ، نَقَله الزَّمَخْشَرِيُّ والصّاغَانِيُّ " انتهى .

وتشبه العربي بالعجمي من السفه وقلة العقل ، ولذلك قال له : ( أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ ) .

وهذا من فطنته صلى الله عليه وسلم وفراسته ومعرفته بأحوال الناس ، بما تدل عليه أقوالهم ، وأحوالهم .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:46   رقم المشاركة : 229
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح قوله صلى الله عليه وسلم في صفة المنافق : ( وإذا وعد أخلف ) .

السؤال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : _( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) ما هو تعريف الوعد شرع ا؟

وهل هو مرتبط بالقسم /الحلف ؟

مثال: إذا قال شخص لآخر بأنه سيفعل له ( أو معه) أمراً ولم يفعل، فهل هذا إخلاف بالوعد وآية من النفاق ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) رواه البخاري (33) ، ومسلم (59) .

الوعد : هو التعهد بفعل الخير في المستقبل ، كأن يقول الرجل لصاحبه : " أعدك بهدية " أو " أعدك بالذهاب معك إلى الدرس " ونحو ذلك .

قال موسى عليه السلام لقومه : ( يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ) طه/ 86 .

قال مجاهد :

" موعدي : عهدي ".

انتهى من " تفسير الطبري " (18/351) .

قال في " عون المعبود " (12/ 289):

" ( وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ) أَيْ إِذَا وَعَدَ بِالْخَيْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ : لَمْ يَفِ بِذَلِكَ " انتهى .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" الْمُرَادُ بِالْوَعْدِ فِي الْحَدِيثِ : الْوَعْدُ بِالْخَيْرِ ، وَأَمَّا الشَّرُّ فَيُسْتَحَبُّ إِخْلَافُهُ ، وَقَدْ يَجِبُ ، مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِ إِنْفَاذِهِ مَفْسَدَةٌ "

انتهى من " فتح الباري " (1/ 90) .

وإخلاف الوعد : عدم الوفاء به عن عمد ، من غير عذر معتبر .

فإذا لم يف به لعذر ، مثل قيام مانع يمنعه من الوفاء ، أو عجزه عنه ، أو نحو ذلك : فليس بمخلف وعده .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" خُلْفَ الْوَعْدِ لَا يَقْدَحُ ، إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مُقَارِنًا لِلْوَعْدِ ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَازِمًا ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ ، أَوْ بَدَا لَهُ رَأْيٌ : فَهَذَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ صُورَةُ النِّفَاقِ ، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ "

انتهى من " فتح الباري " (1/ 90)

وينظر : " كشف المشكل " لابن الجوزي (3/ 409) .

وقال ابن رجب رحمه الله :

" ( إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ) وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَعِدَ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ لَا يَفِيَ بِوَعْدِهِ ، وَهَذَا أَشَّرُ الْخُلْفِ ، وَلَوْ قَالَ: أَفْعَلُ كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ، كَانَ كَذِبًا وَخُلْفًا ، قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ .

الثَّانِي : أَنْ يَعِدَ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ ، فَيُخْلِفُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَهُ فِي الْخُلْفِ "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " (2/ 482-483) .

ثانيا :

لا يرتبط الوعد بالقسم ، فقد يعد الرجل وعدا ، ولا يقسم عليه ، فإذا وعد وعدا وأقسم عليه صار وعدا مؤكدا واجب الوفاء .

قال ابن القيم رحمه الله :

" وإخلاف الوعد مما فطر الله العباد على ذمه واستقباحه ، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله قبيح "

انتهى من " إغاثة اللهفان " (2/ 47) .

واختلف العلماء في " الوفاء بالوعد " : هل هو واجب مطلقا ، ويحرم خلفه ، أو مستحب ، ويكره خلفه .

قال النووي رحمه الله :

" أجمعَ العلماءُ على أن مَن وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهيّ عنه فينبغي أن يفي بوعده ، وهل ذلك واجبٌ ، أو مستحبّ ؟ فيه خلاف بينهم

ذهب الشافعيُّ وأبو حنيفة والجمهورُ إلى أنه مستحبّ ، فلو تركه فاته الفضل ، وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة، ولكن لا يأثم .

وذهبَ جماعةٌ إلى أنه واجب ، قال الإِمامُ أبو بكر بن العربي المالكي : أجلُّ مَن ذهبَ إلى هذا المذهب عمرُ بن عبد العزيز

قال : وذهبتِ المالكية مذهباً ثالثاً : أنه إن ارتبط الوعدُ بسبب كقوله : تزوّج ولك كذا، أو احلف أنك لا تشتمني ولك كذا، أو نحو ذلك ، وجب الوفاء ، وإن كان وعداً مُطلقاً، لم يجب.

واستدلّ مَن لم يوجبه بأنه في معنى الهبة ، والهبة لا تلزم إلا بالقبض عند الجمهور، وعند المالكية : تلزم قبل القبض "

انتهى ، من " الأذكار" (ص 317) .

وينظر : "جامع العلوم والحكم" (2/ 485-486)

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:51   رقم المشاركة : 230
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المقصود بالسحور في الأحاديث الواردة في فضله : سحور الصائمين خاصة

السؤال:


هل السحور في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم "إِ نَّ اللهَ تَعَالَى وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِين "، أو في أي حديث غيره هل بركته للصائم فقط

أم أن وقت السحر في كل الأيام مستحب فيها السحور ولو علي جرعة ماء ؟


الجواب :

الحمد لله

السَّحُور هو الطعام الذي يأكله الإنسان أو يشربه في آخر الليل ، وسمي سحوراً لأنه يؤكل في وقت السحر ، وهو آخر الليل .

" لسان العرب " (4/ 351) .

وقد وردت عدة أحاديث في فضل السحور ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً) رواه البخاري (1923) ، ومسلم (1095)

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، أَكْلَةُ السَّحَرِ) رواه مسلم (1096)

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ) رواه أحمد (11086) وصححه محققو المسند . وحسنه الألباني في "الصحيحة " (1654) .

والمقصود بالسحور في هذه الأحاديث : أكلة السحر التي يأكلها الصائم خاصة ، لأن ذلك الطعام يقوي الصائم على عبادة الصيام ، ويسهلها عليه

ولأنه يفرق به بين صيامنا – نحن المسلمين- وصيام أهل الكتاب ، ويؤخذ ذلك من كلام العلماء على العلة من جعل السحور بركة.

قال النووي رحمه الله :

" أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَأَمَّا الْبَرَكَةُ الَّتِي فِيهِ فَظَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يُقَوِّي عَلَى الصِّيَامِ وَيُنَشِّطُ لَهُ وَتَحْصُلُ بِسَبَبِهِ الرَّغْبَةُ فِي الِازْدِيَادِ مِنَ الصِّيَامِ لِخِفَّةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ عَلَى الْمُتَسَحِّرِ

. فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ فِي مَعْنَاهُ "

انتهى من " شرح النووي على مسلم " (7/ 206) .

وقال المناوي رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ) : " أي : الذين يتناولون السحور بقصد التقوي به على الصوم

لما فيه من كسر شهوة البطن والفرج الموجبة لتصفية القلب وغلبة الروحانية على الجسمانية الموجبة للقرب من جانب الرب تعالى ، فلذلك كان السحور متأكد الندب جدا " .

انتهى من " فيض القدير " (2/ 270) .

وجاء في " الموسوعة الفقهية " (24/ 270):

" السُّحُورُ سُنَّةٌ لِلصَّائِمِ ، وَقَدْ نَقَل ابْنُ الْمُنْذِرِ الإْجْمَاعَ عَلَى كَوْنِهِ مَنْدُوبًا " انتهى .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" المشروع للصائم أن يتسحر قبل طلوع الفجر؛ لما في ذلك من التقوي على الصيام " .

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (9/ 26) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" (إن في السحور بركة) أين البركة ؟ كله بركة : عبادة ، واقتداء بالرسول ، ومخالفة لأصحاب الجحيم ، وعون على الصوم ، وإعطاء للنفوس حقها

حيث إنها ستقبل على وقت تمسك فيه ، فتنال حظها من الأكل والشرب لتتقوى به على طاعة الله عز وجل ، هذه مقدمة الصوم ".

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (147/ 7) بترقيم الشاملة .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، وَهِيَ : اتِّبَاعُ السُّنَّةِ ، وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ ، وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ ، وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ

وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ ، أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ ، وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ ، وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ " .

انتهى من " فتح الباري " (4/ 140) .

وبعض هذه العلل التي ذكرها الحافظ ابن حجر رحمه الله ليست خاصة بالصائم ، ولكنها تابعة لنية الصيام ، فنية الصيام هي الأصل ثم تتبعها هذه الفوائد من طعام السحور .

وقد أجمع العلماء على أن السحور مستحب للصائم ، ولا نعلم أحدا من العلماء قال باستحبابه لغير الصائم ، ولو كان السحور مستحبا للصائم وغيره لداوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم

ولكنه لم يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أن استحباب السحور إنما هو خاص بمن أراد أن يصوم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:57   رقم المشاركة : 231
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المحافظة على ركعتين بعد العصر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم .

السؤال :

عن عائشة رضي الله عنها قالت : والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله ، وما لقي الله تعالى حتى ثقل عن الصلاة وكان يصلي كثيرًا من صلاته قاعدًا . تعني الركعتين بعد العصر

. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما ، ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته ، وكان يحب ما يخفف عنهم . إلى أي صلاة يشير هذا الحديث بالضبط ؟

هل يشير إلى ركعتي السنة بعد العصر ؟

وهل هو حديث صحيح ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

ذهب جماهير أهل العلم إلى كراهة الصلاة بعد العصر حتى غروب الشمس ، وبعد الصبح حتى ترتفع الشمس ، وحكى بعض أهل العلم الاتفاق على ذلك .

فروى البخاري ومسلم (827) عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ ) .

قال النووي رحمه الله :

" فِي أَحَادِيث الْبَاب : نَهْيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاة بَعْد الْعَصْر حَتَّى تَغْرُب الشَّمْس ، وَبَعْد الصُّبْح حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس ، وَبَعْد طُلُوعهَا حَتَّى تَرْتَفِع

وَعِنْد اِسْتِوَائِهَا حَتَّى تَزُول ، وَعِنْد اِصْفِرَارهَا حَتَّى تَغْرُب . وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى كَرَاهَة صَلَاة لَا سَبَب لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَات " انتهى .

واختلف أهل العلم في الصلوات ذوات الأسباب كتحية المسجد وسنة الوضوء ، فمنهم من جوز فعلها في أوقات النهي ، ومنهم من منع ذلك ، والراجح الأول

والله أعلم .

ثانيا :

ما ورد في الأحاديث من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر في بيته ، ويداوم على ذلك : صحيح ثابت أيضا ؛ فروى البخاري (591) ، ومسلم (835)

عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت : ( مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ عِنْدِي قَطُّ ) .

وفي رواية لهما : ( صَلَاتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي قَطُّ ، سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً : رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ) .

وفي رواية للبخاري (590) عنها رضي الله عنها قَالَتْ: ( وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ ، مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ ، وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ ، وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا

- تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ - وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا ، وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِي المَسْجِدِ ، مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِه ِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ ) .

وهذا كله محمول على أنه كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم ؛ فقد فاتته الركعتان بعد الظهر ، فصلاهما بعد العصر ، ثم أثبتهما ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاة أثبتها .

روى البخاري (1233) ، ومسلم (834) عن أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا - يعني الركعتين بعد العصر -

ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى العَصْرَ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الجَارِيَةَ ، فَقُلْتُ : قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ : تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ

وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا ؟ فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ ، فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ، فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : ( يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ

وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ القَيْس ِ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ ، فَهُمَا هَاتَانِ ) .

وروى مسلم (835) عن أبي سَلَمَةَ ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَقَالَتْ : ( كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ

ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا ، أَوْ نَسِيَهُمَا ، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا ) .

وعلى ذلك : فإنه يشرع لكل أحد قضاء راتبة الظهر ونحوها بعد العصر ، إذا فاتت لعذر .

وأما الاستدامة على صلاة الركعتين في هذا الوقت : فهي من خصائصه ، صلى الله عليه وسلم .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الرِّوَايَات مَنْ أَجَازَ التَّنَفُّل بَعْدَ الْعَصْر مُطْلَقًا ، مَا لَمْ يَقْصِد الصَّلَاة عِنْدَ غُرُوب الشَّمْس ، وَأَجَابَ عَنْهُ مَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَة : بِأَنَّ فِعْلَهُ هَذَا يَدُلّ عَلَى جَوَاز اِسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَ مِنْ الرَّوَاتِب مِنْ غَيْر كَرَاهَة

وَأَمَّا مُوَاظَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصه ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ رِوَايَة ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَة أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْر وَيَنْهَى عَنْهَا ,

وَيُوَاصِل وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَال " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَرِوَايَة أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة وَفِي آخِرِهِ " وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاة أَثْبَتَهَا " رَوَاهُ مُسْلِم

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : الَّذِي اِخْتَصَّ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَة عَلَى ذَلِكَ لَا أَصْلُ الْقَضَاء " انتهى .

"فتح الباري" (2/64) . وينظر : "عمدة القاري" (5/ 85) .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن هذه الأحاديث ، فأجابوا :

" لا تجوز صلاة النافلة بعد العصر ؛ لأنه وقت نهي ، وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المذكورة هو قضاء لراتبة الظهر التي فاتته -

وداوم عليها صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه كان إذا عمل عملا داوم عليه ، وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم ، لكن تجوز الصلاة بعد العصر إذا كانت من ذوات الأسباب ؛ كتحية المسجد

وصلاة الكسوف ، وركعتي الطواف بعد العصر وبعد الصبح ، وصلاة الجنازة ؛ للأحاديث الواردة في ذلك " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/ 173-174) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" ليس هناك سنة بعد العصر ، فقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس ، إلا لمن عليه فوائت ، هذا يقضيها ولو بعد العصر لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها

لا كفارة لها إلا ذلك ) متفق عليه ، فلو تذكر بعد العصر أن عليه الظهر نسيها : صلاها، أو عليه الفجر نسيها : صلاها ، أو غير ذلك

وهكذا لو أن إنسانا دخل المسجد أو طاف بعد العصر في مكة ، صلى تحية المسجد ، وصلى ركعتي الطواف ، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر ، هذه من ذوات الأسباب تصلى بعد العصر .

أما سنة راتبة بعد العصر فلا ، إلا خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد صلى بعد العصر ركعتين بسبب أنه شغل عنها بعد الظهر ، ثم أثبتها

وسئل عنها : هل نقضيهما ؟ قال : لا . وأخبرت عائشة أنه أثبتها ، كان يصليها بعد العصر .

هذا شيء خاص به عليه الصلاة والسلام " انتهى.

"فتاوى نور على الدرب" (10/ 318) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 15:02   رقم المشاركة : 232
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ) .

السؤال:


جاء في الحديث : ( إنَّ من عبادِ اللهِ مَن لو أقسَم على اللهِ لأبَرَّه ) ، فكيف نجمع بين هذا ، وبين الحديث الذي رواه أبو هريرة عن سليمان عليه السلام أنه أقسم أن يطوف على تسعين امرأة...

الحديث المعروف. أليس الأنبياء أفضل الناس ، وهم أولى بأن يبر الله أيمانهم ؟ كيف نوجه هذا بارك الله فيكم ؟


الجواب :


الحمد لله


أولا :

روى البخاري (2703) - واللفظ له - ، ومسلم (1675) عن أنس : أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ ، وَطَلَبُوا العَفْوَ ، فَأَبَوْا ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ

فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ : أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا ، فَقَالَ : ( يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ ) ، فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ) .

وروى مسلم (2622) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( رُبَّ أَشْعَثَ ، مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ ) .

قيل : المعنى : أنه لو حلف على شيء أن يقع ؛ ثقة بالله وحسن ظن به لأبره الله ، وقيل : معنى القسم في الحديث : الدعاء .

قال النووي رحمه الله :

" (لَوْ أقسم على الله لأبره) أي لو حلف على وقوع شَيْءٍ أَوْقَعَهُ اللَّهُ إِكْرَامًا لَهُ بِإِجَابَةِ سُؤَالِهِ وَصِيَانَتِهِ مِنَ الْحِنْثِ فِي يَمِينِهِ ، وَهَذَا لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقِيلَ مَعْنَى الْقَسَمِ هُنَا الدُّعَاءُ ، وَإِبْرَارُهُ إِجَابَتُهُ " انتهى .

وقال الحافظ رحمه الله :

" أَيْ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى شَيْءٍ أَنْ يَقَعَ طَمَعًا فِي كَرَمِ اللَّهِ بِإِبْرَارِهِ لَأَبَرَّهُ وَأَوْقَعَهُ لِأَجْلِهِ ، وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَن إِجَابَة دُعَائِهِ " انتهى .

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" الإقسام على الله أن يقول الإنسان : والله ، لا يكون كذا وكذا ، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا ، والإقسام على الله نوعان:

أحدهما : أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله -عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء ، فهذا جائز

ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: ( رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) .

النوع الثاني: من الإقسام على الله : ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس ، وأنه يستحق على الله كذا وكذا ، فهذا - والعياذ بالله – محرم ، وقد يكون مُحبِطا للعمل "

انتهى ملخصا من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (3/ 78-79) .

ثانيا :

روى البخاري (6639) ، ومسلم (1654) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قَالَ سُلَيْمَانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً ، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ :

قُلْ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ ) .

وفي رواية لمسلم : ( فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ - أَوِ الْمَلَكُ -: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ ) .

ولا شك أن الأنبياء أفضل الناس، وهم أولى بأن يبر الله أيمانهم من غيرهم ، ولكن نبيَ الله سليمان عليه السلام لما ترك نسيانا ذكر المشيئة

وكان نبيا ينظر إليه ويقتدى به ، لم يسامح بترك ذكر المشيئة والاستثناء في يمينه ، فترتب على ذلك عدم تحقيق ما تمنى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" المُرْسَلُونَ لَهُم مأمورات لَو تركوها كَانَ ذَلِك سيئات ، وَإِن كَانَ فعل مَا دونهَا حَسَنَات لغَيرهم مِمَّن لم يُؤمر بذلك "

انتهى من " جامع الرسائل " (1/ 254) .

وقال ابن الجوزي رحمه الله :

" تَعْلِيق الْأَمر بِالْمَشِيئَةِ تَسْلِيم للقدر. وَإِنَّمَا ترك سُلَيْمَان الإستثناء نِسْيَانا فَلم يسامح بِتَرْكِهِ وَهُوَ نَبِي كريم، حَتَّى أثر التّرْك فقد الْغَرَض ، ونفع قَول إِن شَاءَ الله قوما كَافِرين ، فَإِنَّهُ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة

: ( إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج يحفرون السد كل يَوْم وَيَقُولُونَ: غَدا نتمه ، فيجيئون وَقد عَاد كَمَا كَانَ ، فَإِذا أذن فِي خُرُوجهمْ قَالَ قَائِلهمْ : إِن شَاءَ الله ، فيجيئون وَهُوَ على حَاله فيفتحونه ) ، فَبَان لهَذَا مرتبَة الْمَشِيئَة .

فَإِن قَالَ قَائِل : من أَيْن لِسُلَيْمَان أَن يخلق من مَائه فِي تِلْكَ اللَّيْلَة مائَة غُلَام ، لَا يجوز أَن يكون بِوَحْي لِأَنَّهُ مَا وَقع ، وَلَا يجوز أَن يكون الْأَمر فِي ذَلِك إِلَيْهِ ، لِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا مَا يُريدهُ الله؟ فَالْجَوَاب :

إِنَّه من جنس التَّمَنِّي على الله ، وَالسُّؤَال لَهُ أَن يفعل، وَالْقسم عَلَيْهِ ، كَقَوْل أنس بن النَّضر: (وَالله لَا تكسر سنّ الرّبيع) غير أَنه لما خلا لَفظه من اسْتثِنَاء لم يسامح مثله بِتَرْكِهِ ، ذَلِك لِأَنَّهُ نَبِي يقْتَدى بِهِ " انتهى .

"كشف المشكل" (3/ 445-446) .

فالمقربون من أهل التقوى والصلاح ليسوا كغيرهم ، فإنهم قد لا يسامحون بترك ما لو تركه غيرهم لم يعاتبوا عليه ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

( إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي ، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) رواه مسلم (2702) .

مع أنه صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر

قَالَ القاضي عِيَاضٌ رحمه الله :

" الْمُرَادُ بِالْغَيْنِ فَتَرَاتٌ عَنِ الذِّكْرِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا فَتَرَ عَنْهُ لِأَمْرٍ مَا عَدَّ ذَلِكَ ذَنْبًا فَاسْتَغْفَرَ عَنْهُ " انتهى
.
"فتح الباري" (11/ 101) .

ونبي الله سليمان عليه السلام دعا ربه فقال : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) سورة ص/ 35 ، فملّكه الله مشارق الأرض ومغاربها

وسخر له الجن والإنس والريح ، وصار كل شيء تحت هيمنته وسلطانه بإذن الله ، فهو أعظم جاها عند الله من أفراد الصالحين الذين إذا أقسم أحدهم على الله أبره الله

ولكن الله تعالى أراد أن يؤدب نبيه حيث نسي أن يذكر مشيئة الله التي تسبق مشيئة العباد .

ومع ما أنعم الله به عليه كان حريا به صلى الله عليه وسلم أن يتذكر الاستثناء ولا ينساه ، وخاصة مع قول الملك له : ( قل إن شاء الله ) .

وهذا كما روى البخاري (122) ومسلم عن ابن عباس قال : حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ ؟

فَقَالَ : أَنَا أَعْلَمُ ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ... ) ، فذكر حديثه مع الخضر .

مع أن موسى عليه السلام أفضل وأكرم على الله من الخضر ، ولكنه تأديب الله تعالى لأنبيائه وأصفياء خلقه .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 15:08   رقم المشاركة : 233
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا كان إلقاء المؤمن نفسه في نار الدجال مأموراً به ولا يعد انتحاراً ؟

السؤال :

ذكرتم أنه يمكن الكذب بخصوص الدين ، إذا كان المرء يخاف على نفسه ، لكن ماذا لو اختار المرء الموت ، كما فعل بعض الصالحين في الماضي كماشطة بنت فرعون التي ضحت بنفسها وأبنائها من أجل دينها ؟

وهل يُعتبر ذلك انتحاراً ؟

وسمعت بعض العلماء الثقات يقولون : إن الدجال سيحكم العالم ، وإن على المؤمن أن يفر منه إلى مدينة أخرى ، فإن كان ولا بد من المواجهة ، فليواجه وليعلم أن الدجال له نار وجنة

وأن ناره جنة ، وجنته نار، وأن على المؤمن أن يقفز في ناره كي يدخل الجنة الحقيقية .

وهنا يأتي التساؤل : أليس هذا انتحارا ، والانتحار محرم في الإسلام ؟

لقد أشرتم إلى هذا المفهوم في بعض الفتاوى ، وقلتم إن الانتحار محرم بجميع أشكاله في الإسلام ، فلماذا جاز هنا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

يجوز للمسلم أن يظهر دينه ، ويصدع بالحق ولو أدى ذلك إلى قتله ، ولا يعدّ هذا انتحارا ؛ فالانتحار أن يباشر هو قتل نفسه

أو يتسبب في ذلك بسبب غير مشروع ؛ لكنه هنا ثبت على دينه ، وأظهر كلمة التوحيد ، وليس في هذا قتلا للنفس ، بل الكفار هم الذين باشروا قتله

والسبب الذي فعله ، وهو الثبات على دينه ، والصبر على أذى الكفار : سبب مشروع مطلوب ، إما وجوبا أو ندبا ، وليس هذا من قتل النفس في شيء .

بل هذا حاله كحال المجاهد في سبيل الله ، الذي يصبر على قتال الكفار ، إعلاء لدين الله ، كما أمره الله بذلك ، وإن كان فيه قتل نفسه ، وذهاب ماله

إلا أنه لم يباشر هو قتل نفسه ، بل هو قام بما أمره الله من العبودية المشروعة ، إما وجوبا ، وإما ندبا ، وإن ترتب على ذلك : قتل نفسه ، وذهاب ماله .

عن خَبَّاب قال : " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً ، وَهْوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ - وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً - فَقُلْتُ يا رسول الله ، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لنا ؟

فَقَعَدَ وَهْوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ فَقَالَ: ( لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ ، مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ ، فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ

مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ . وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ ) . زَادَ بَيَانٌ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ . رواه البخاري (3852 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"والنبي صلى الله عليه وسلم إنما قال لهم ذلك ، آمرا لهم بالصبر على أذى الكفار، وإن بلغوا بهم إلى حد القتل صبرا ، كما قتلوا المؤمنين صبرا ؛ ومدحا لمن يصبر على الإيمان حتى يقتل " .

انتهى من " قاعدة في الانغماس في العدو " ( ص 79 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 15:08   رقم المشاركة : 234
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


ثانيا :

حديث الدجال المشار إليه ، هو حديث رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ : " قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ : أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : ( إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا

فَأَمَّا الَّتِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَى أَنَّهَا نَارٌ ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ ) رواه البخاري ( 3450 ) .

ورواه مسلم (2934 ) عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ أَنَّهُ قَالَ ، فِي الدَّجَّالِ: ( إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا . فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ ، وَمَاؤُهُ نَارٌ . فَلاَ تَهْلِكُوا ) .

فالمسلم أُمِر أن يختار نار الدجال ، لأنّ فيها نجاته ، وفي جنة الدجال الهلاك ، فلهذا كان اختيار المسلم لنار الدجال اختيارا للنجاة ، وليس هذا من الانتحار في شيء .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى
:
" وهذا كله يرجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي ، فإما أن يكون الدجال ساحرا ، فيخيل الشيء بصورة عكسه ، وإما أن يجعل الله باطن الجنة التي يسخرها الدجال نارا وباطن النار جنة ، وهذا الراجح‏‏ "

انتهى من " فتح الباري " ( 13 / 99 ) .

فتبين بذلك أن ما يتوهمه الناس نارا مهلكة مع الدجال ، فإنها ليست مهلكة للمؤمن ، بل فيها نجاته ، كما أمره الله ، وتبين أن اختيارها : هو اختيار النجاة ، وليس اختيارا للهلاك ، ولا قتلا للنفس ، كما توهم السائل .

وإذا قدر أن فيها قتلا للنفس ، فإنما هذا من باب تقديم هلاك النفس ، على ضياع الدين ، والكفر بالله ، وقد قال الله تعالى : ( وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ) البقرة/191 ، وقال تعالى أيضا : ( وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) البقرة/217 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَالْحَسَنُ ، وَقَتَادَةُ ، وَالضَّحَّاكُ ، وَالرَّبِيعُ ابن أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ : {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} يَقُولُ: الشِّرْكُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ " .

انتهى من " تفسير ابن كثير " (1/525).

وقال أيضا :

" { وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } أَيْ: قَدْ كَانُوا يَفْتِنُونَ الْمُسْلِمَ فِي دِينِهِ، حَتَّى يَرُدُّوهُ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ إِيمَانِهِ فَذَلِكَ أَكْبَرُ عند الله من القتل "

انتهى من " تفسير ابن كثير" (1/576) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَإِن كَانَ قتل النُّفُوس فِيهِ شَرّ فالفتنة الْحَاصِلَة بالْكفْر، وَظُهُور أَهله أعظم من ذَلِك فَيدْفَع أعظم الفسادين بِالْتِزَام أدناهما "

انتهى من " جامع الرسائل " (2/142) .

وقال شيخ الإسلام أيضا :

" ومن هذا الباب : الذي يُكرَهُ على الكفر فيصبر حتى يُقتَل ولا يتكلم بالكفر؛ فإن هذا بمنزلة الذي يُقاتِله العدو حتى يُقتَل ولا يستأسِر لهم ، والذي يتكلم بالكفر بلسانه [وهو] موقنٌ من قلبه بالإيمان ، بمنزلة المستأسِر للعدو.

فإن كان هو الآمر النَّاهي ابتداء ، كَان بمنزلة المجاهد ابتداء.

فإذا كان الأول أَعَزَّ الإيمان وأَذَلَّ الكفر ، كان هو الأفضل.

وقد يكون واجبًا : إذا أفضى تركه إلى زوال الإيمان من القلوب ، وغلبة الكفر عليها ، وهي الفتنة ، فإنَّ الفتنة أشدُّ من القتل ، فإذا كان بترك القتل يحصل من الكفر ما لا يحصل بالقتل

وبالقتل يحصل من الإيمان ما لا يحصل بتركه تَرَجَّح القتل : واجبًا تارةً ، ومُستحبًّا أُخرى.

وكثيرًا ما يكون ذلك تخويفًا به فيجب الصبر على ذلك"

انتهى من " جامع المسائل " (5/329) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 14:01   رقم المشاركة : 235
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




شرح حديث : ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) .

السؤال:

ما المقصود بـ( يفقهه في الدين ) في الحديث المشهور ، هل المقصود الفهم في الدين بشكل عام ، سواء في العقيدة أو الفقه أو الحديث ؟

أم المقصود الفهم في الفقه بشكل خاص ؟

وهل يشترط أن يكون المسلم طالب علم ، وعنده من العلم الكثير ، حتى يشمله هذا الحديث ، أم يكفي أن يكون عنده من العلم والفهم في ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، ومن الأساسيات في كل علم شرعي ؟


الجواب :


الحمد لله

روى البخاري (71) ، ومسلم (1037) عن مُعَاوِيَةَ بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ).

والفقه في اللغة : هو الفهم ، ثم غلب إطلاقه على فهم الدين والشرع .

قال العيني رحمه الله :

" قَوْله : (يفقهه) أَي : يفهمهُ ، إِذْ الْفِقْه فِي اللُّغَة الْفَهم . قَالَ تَعَالَى : ( يفقهوا قولي ) طه/ 28 ، أَي : يفهموا قولي ، من فقه يفقه ، ثمَّ خُص بِهِ علم الشَّرِيعَة ، والعالم بِهِ يُسمى فَقِيها "

انتهى من "عمدة القاري" (2/42) ، وينظر: " فتح الباري" (1/ 161) .

فالفقه في الدين : معرفة أحكام الشريعة بأدلتها ، وفهم معاني الأمر والنهي ، والعمل بمقتضى ذلك ، فيرث به الفقيه الخشية من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الْفِقْهُ فِي الدِّينِ : فَهْمُ مَعَانِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، لِيَسْتَبْصِرَ الْإِنْسَانُ فِي دِينِه ِ، أَلَا تَرَى قَوْله تَعَالَى : ( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة/ 122 .

فَقَرَنَ الْإِنْذَارَ بِالْفِقْهِ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفِقْهَ مَا وَزَعَ عَنْ مُحَرَّمٍ ، أَوْ دَعَا إلَى وَاجِبٍ ، وَخَوَّفَ النُّفُوسَ مَوَاقِعَهُ ، الْمَحْظُورَةَ "
.
انتهى من"الفتاوى الكبرى" (6/ 171)

وينظر : "مجموع الفتاوى" (20/ 212) .

وقال النووي رحمه الله :

" فِيهِ فَضِيلَةُ الْعِلْمِ ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ، وَالْحَثِّ عَلَيْهِ ؛ وَسَبَبُهُ : أَنَّهُ قَائِدٌ إِلَى تَقْوَى اللَّهُ تَعَالَى ".

انتهى من " شرح النووي على مسلم " (7/ 128) .

فتحصل من ذلك : أن الفقه في الدين هو : فهم مراد الله من عباده ، سواء كان مراده تصديقا لخبر ، أو عملا بأمر ، أو انتهاء عن نهي ، وليس فهم العلم فحسب

بل الفهم الحامل لصاحبه على الامتثال ، ثم الناس يتفاوتون في ذلك ، علما وعملا وحالا ؛ فمن مقل ومستكثر ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" كُلُّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَا بُدَّ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ ، فَمَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين ِ، لَمْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا

وَالدِّينُ : مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ ؛ وَهُوَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ ، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ ، وَيُطِيعَهُ فِيمَا أَمَرَ ، تَصْدِيقًا عَامًّا ، وَطَاعَةً عَامَّةً ".

انتهى من " مجموع الفتاوى " (28/ 80).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" هذا الحديث العظيم يدلنا على فضل الفقه في الدين.

والفقه في الدين هو : الفقه في كتاب الله عز وجل ، والفقه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الفقه في الإسلام من جهة أصل الشريعة ، ومن جهة أحكام الله التي أمرنا بها

ومن جهة ما نهانا عنه سبحانه وتعالى ، ومن جهة البصيرة بما يجب على العبد من حق الله وحق عباده ، ومن جهة خشية الله وتعظيمه ومراقبته

فإن رأس العلم خشية الله سبحانه وتعالى ، وتعظيم حرماته ، ومراقبته عز وجل فيما يأتي العبد ويذر ، فمن فقد خشية الله ، ومراقبته فلا قيمة لعلمه ، إنما العلم النافع .

والفقه في الدين الذي هو علامة السعادة ، هو العلم الذي يؤثر في صاحبه خشية الله ، ويورثه تعظيم حرمات الله ومراقبته ، ويدفعه إلى أداء فرائض الله وإلى ترك محارم الله ، وإلى الدعوة إلى الله عز وجل

وبيان شرعه لعباده .

فمن رزق الفقه في الدين على هذا الوجه : فذلك هو الدليل والعلامة على أن الله أراد به خيرا ، ومن حرم ذلك ، وصار مع الجهلة والضالين عن السبيل

المعرضين عن الفقه في الدين ، وعن تعلم ما أوجب الله عليه ، وعن البصيرة فيما حرم الله عليه : فذلك من الدلائل على أن الله لم يرد به خيرا .

فمن شأن المؤمن طلب العلم والتفقه في الدين ، والتبصر ، والعناية بكتاب الله والإقبال عليه وتدبره ، والاستفادة منه والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتفقه فيها

والعمل بها ، وحفظ ما تيسر منها ، فمن أعرض عن هذين الأصلين ، وغفل عنهما : فذلك دليل وعلامة على أن الله سبحانه لم يرد به خيرا ، وذلك علامة الهلاك والدمار ، وعلامة فساد القلب وانحرافه عن الهدى " .

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (9/ 129-130).

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 14:04   رقم المشاركة : 236
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا كانت الملائكة تستحي من عثمان رضي الله عنه ؟

السؤال:

لماذا كانت الملائكة تستحي من عثمان رضي الله عنه ؟

وماذا عمل حتى بلغ تلك المرتبة ؟


الجواب :

الحمد لله


كان عثمان رضي الله عنه من أحسن الناس خُلقاً ، وأشدهم حياءً ، فروى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي : أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ : عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً : عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ...) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

ولعله لأجل عِظَم هذه الخصلة الحميدة ، التي لا تأتي إلا بخير، كانت الملائكة تستحيي منه ، ما لا تستحيي من غيره .
روى مسلم (2401) عن عَائِشَةَ، قَالَتْ :

" كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي ، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ ، أَوْ سَاقَيْهِ ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَذِنَ لَهُ ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، فَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ

فَأَذِنَ لَهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ

فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ ؟!

فَقَالَ: ( أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ ) ؟! " .

وفي لفظ له (2402) : ( إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ ، وَإِنِّي خَشِيتُ ، إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ ) .
فهذا استحياء رسول الله صلى الله عليه وسلم منه رضي الله عنه .

وروى الطبراني في "المعجم الأوسط" (8601) عَنْ عَائِشَةَ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ عُثْمَانَ حَيِيٌّ سَتِيرٌ، تَسْتَحْييِ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ ) .

وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2106) .

وقد روى أحمد (543) عن سَالِم أَبي جُمَيْعٍ قال : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، وَذَكَرَ عُثْمَانَ وَشِدَّةَ حَيَائِهِ ، فَقَالَ : " إِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ ، فَمَا يَضَعُ عَنْهُ الثَّوْبَ لِيُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ، يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ " .

قال الهيثمي في "المجمع" (9/82) : " رجاله ثقات " .

قال المناوي رحمه الله

: " كان يستحي حتى من حلائله ، وفي خلوته ، ولشدة حيائه كانت تستحي منه ملائكة الرحمن "

انتهى من " فيض القدير" (1/ 459) .

راجع جواب السؤال القادم لمعرفة خلق الحياء وصوره وآثاره .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 14:09   رقم المشاركة : 237
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحياء من الله تعالى ، صُوَره ، وأنواعه ، وآثاره

السؤال:

كيف - يا شيخ - أستحي من الله ؟

فالله يراني في الخلاء ، وعند قضاء الحاجة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : إنه يجب علينا أن نستحي من الله كما نستحي من الرجل الصالح منا ، فمَن أستحي منه مِن البشر لا أريده أن يراني على هذه الأوضاع التي ذكرتها سابقاً

فأخجل منه مِن أن يطلع على عورتي ويراني كذلك ، ولكن هذا يستحيل مع الله ، فكيف أستحي من الله ؟

وهل لهذا الحياء ثواب عند الله ؟


الجواب:

الحمد لله


سؤالك أخي الفاضل في محله ، وهو يدل على انتباه ، ونباهة ، فنسأل الله أن يزيدك هدى وتوفيقاً ، وأن تكون من حملة العلم والدعاة إلى الله .

وجواباً عليه نقول :

1. الحياء لغةً مصدر حيي ، وهو : تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذمّ ، وفي الشّرع : خلق يبعث على اجتناب القبيح من الأفعال والأقوال ، ويمنع من التّقصير في حقّ ذي الحق .

" الموسوعة الفقهية " ( 18 / 259 ) .

2. الحديث الذي ورد في سؤالك هو :

عَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ .

رواه الإمام أحمد في " الزهد " ( 46 ) ، والبيهقي في " شعب الأيمان " ( 6 / 145 ) والطبراني في " المعجم الكبير " ( 7738 ) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " ( 741 ) .

قال المناوي – رحمه الله - :

( أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك ) قال ابن جرير : هذا أبلغ موعظة وأبْين دلالة بأوجز إيجاز ، وأوضح بيان ، إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح

وذوي الهيئات والفضل ؛ أن يراه وهو فاعله ، والله مطلع على جميع أفعال خلقه ، فالعبد إذا استحى من ربه

استحياءه من رجل صالح من قومه : تجنَّب جميع المعاصي الظاهرة ، والباطنة ، فيا لها مِن وصية ، ما أبلغها ، وموعظة ما أجمعها " انتهى .

" فيض القدير " ( 3 / 74 ) .

ولذلك قال بعض السلف : خف الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك !!

قال الراغب الأصفهاني ـ رحمه الله ـ :

( حق الإنسان إذا همَّ بقبيح أن يتصور أجل من في نفسه حتى كأنه يراه ، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ، ولذلك لا يستحي من الحيوان ، ولا من الأطفال

ولا من الذين لا يميزون ، ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ، ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد .

والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة : البشر ، وهم أكثر من يستحي منه ، ثم نفسه ، ثم الله تعالى ، ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه : فنفْسه عنده أخس من غيره

ومن استحى منها ولم يستح من الله : فلعدم معرفته بالله ، فالإنسان يستحيي ممن يعظمه ، ويعلم أنه يراه أو يسمع نجواه ، فيبكته ؛ ومن لا يعرف الله فكيف يعظمه، وكيف يعلم أنه مطلع عليه ؟"

انتهى . "الذريعة إلى مكارم الشريعة" ص (289) .

3. وما ذكرتَه أخي الفاضل ليس له دخل بالحياء في أصل صورته ؛ لأنه لا قضاء للحاجة ، ولا جماع ، ولا اغتسال إلا بكشف عورة

وهذا أمرٌ معلوم ، لكن قد يفعل ذلك بعض من نزع الحياء من قلبه ، فتراه يتمشى في البيت وهو عريان ! أو يعبث بعورته أثناء قضائه لحاجته

أو تراه يغتسل ولا يبالي بمن يراه من الناس ، وهكذا تختلف صور أولئك الذين يقضون حاجتهم ، أو يغتسلون بحسب ما في قلوبهم من الحياء .

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟

قَالَ : احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ

قَالَ : إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِياً ، قَالَ : اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ .

رواه الترمذي ( 2794 ) وأبو داود ( 4017 ) وابن ماجه ( 1920 ) ، وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وقوله في الحديث : ( فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحَيَا مِنْهُ ) " أَيْ : فَاستتر [ يعني : مما أمر الله بالاستتار منه ] ، طَاعَة لَهُ وَطَلَبًا لِمَا يُحِبّهُ مِنْك وَيُرْضِيه ؛ وَلَيْسَ الْمُرَاد فَاسْتَتِرْ مِنْهُ ؛ إِذْ لَا يُمْكِن الِاسْتِتَار مِنْهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَثَنَاؤُهُ "

قاله السندي في حاشية ابن ماجة .

وقد سئل ابن عباس ، رضي الله عنهما ، عن قول الله عز وجل : ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) هود/5

فَقَالَ : ( أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ ) . رواه البخاري (4681) .

يعني : أنهم كانوا يكرهون أَنْ يَقْضُوا الْحَاجَة فِي الْخَلَاء وَهُمْ عُرَاة .

كان الصدِّيق يقول : استحيوا من الله ؛ فإني أذهب إلى الغائط فأظل متقنعا بثوبي حياءً من ربي عز وجل !!

وكان أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم لا يقيم صلبه حياء من الله عز وجل .

" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 52 ) .

ولكن هذا قدر زائد ، ومكرُمة عالية ، لا يؤمر بها كل الناس ، والإخلال بمثل هذا المقام ، لا يخل بأدب ولا دين ، مادام المرء قد حفظ عورته ، كما أمره نبيه صلى الله عليه وسلم

وأعطى الحياء حقه ؛ فلم يقدم على قبيح في الشرع ، ولا مرذول في الأدب والأخلاق .

وللفائدة :

ففي المسألة حديث مشهور ، لكنه ضعيف ، ينهى عن التعري عند قضاء الحاجة ، وعند الجماع ، وهو : ( إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ ؛ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ

وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ ) رواه الترمذي ( 2800 ) ، وفيه ليث بن أبي سليم ، وكان قد اختلط ، وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " ( 64 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 14:14   رقم المشاركة : 238
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بيده ؟

السؤال :


كان النبي صلى الله عليه وسلم أمياً لا يكتب ، ولذلك كان له خاتم يلبسه ويختم به مراسلاته ، ولكن كيف يمكن التوفيق بين ذلك وبين ما جاء في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال :

" يوم الخميس ، وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال : ( ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) ، فتنازعوا

ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه ) ، وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب

وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة " قال يعقوب بن محمد : سألت المغيرة بن عبد الرحمن ، عن جزيرة العرب ، فقال : " مكة والمدينة واليمامة واليمن " ، وقال يعقوب ، والعرج : أول تهامة" (4.228)

وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها (صحيح البخاري 7.88) ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم ليس لأنه أمي لا يكتب ؛ ولكن ليختم كتبه ورسائله التي كان يرسل بها إلى ملوك الأرض ، وقد كانت عادتهم في ذلك الوقت أن لا يقبلوا كتابا إلا مختوما من صاحبه .

روى البخاري (2938) عن أنس رضي الله عنه قال : " لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ ، قِيلَ لَهُ : إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " .

ثانيا :

كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسولا أميا ، لا يقرأ ولا يكتب ؛ كما وصفه ربه عز وجل بقوله : ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف/ 158.

وقال تعالى : (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت/ 48 .

فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ كتابا أو يكتب شيئا قبل نزول الوحي .

وقد اختلف أهل العلم : هل تعلم النبي صلى الله عليه وسلم القراءة والكتابة بعد نزول الوحي أم لا ؟

فذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه كتب صلى الله عليه وسلم ، يوم الحديبية وغيره ؛ فقد روى البخاري (4251) في خبر الحديبية

: (... فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ... ) .
وكذلك الحديث الذي رواه البخاري (3053) ، ومسلم (1637) وهو الحديث الذي ذكره السائل في سؤاله .

وأكثر العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم ما قرأ ولا كتب شيئا حتى مات .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَهَكَذَا كَانَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلَا يَخُطُّ سَطْرًا وَلَا حَرْفًا بِيَدِهِ ، بَلْ كَانَ لَهُ كُتَّابٌ يَكْتُبُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْوَحْيَ وَالرَّسَائِلَ إِلَى الْأَقَالِيمِ

وَمَنْ زَعَمَ مِنْ مُتَأَخَّرِي الْفُقَهَاءِ ، كَالْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَتَبَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ : "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" فَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: (ثُمَّ أَخَذَ فَكَتَبَ):

وَهَذِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: ( ثُمَّ أَمَرَ فَكَتَبَ) ، وَلِهَذَا اشْتَدَّ النَّكِيرُ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ على من قال بقول الباجي، وتبرؤوا مِنْهُ ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا وَخَطَبُوا بِهِ فِي مَحَافِلِهِمْ :

وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّجُلُ -أَعْنِي الْبَاجِيَّ، فِيمَا يَظْهَرُ عَنْهُ -أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ ، لَا أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ ، وَمَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ ، فَضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 285-286) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ - يعني رواية يوم الحديبية - أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فَادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ يَكْتُبُ

فَشَنَّعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ وَأَنَّ الَّذِي قَالَه مُخَالف الْقُرْآنَ ... وَذكر ابن دِحْيَةَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ وَافَقُوا الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ ، وَاحْتج بَعضهم لذَلِك بأحاديث

وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عنها بضعفها، وَعَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالْكَاتِبُ فِيهَا عَلِيٌّ ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بِأَنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي كَتَبَ ، فمعنى (كتب) أي : ( أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ ) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .

انتهى باختصار من "فتح الباري" (7/ 503-504) .

فالراجح - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب ولم يقرأ حتى مات ، وما ورد من كونه كتب - كما في حديث الحديبية - ، فإنما معناه : أمر عليا رضي الله عنه أن يكتب .

وعلى ذلك فقوله في حديث ابن عباس : ( ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا) إنما يعني : آمر من يكتب لكم ، لا أنه صلى الله عليه وسلم كان سيكتب بنفسه

وخاصة أنه في مرض الموت ، وقد أصابه من التعب والضعف ما أصابه ، فالمناسب - ولو كان يحسن الكتابة - أن يأمر أحدا ممن بحضرته أن يكتب .

ثالثا :

قول السائل :

" وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها " غير صحيح ؛ فلم تكن العقود تكتب وتوثق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

وكتابة عقد النكاح وتوثيقه إنما يقصد به ضمان الحقوق ، وليست كتابة العقد ركنا من أركان النكاح أو شرطا في صحته .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 14:20   رقم المشاركة : 239
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى قول أَنَس بْن مَالِكٍ : ( أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ ) ؟

السؤال:

قال أنس رضي الله عنه : إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله قبل وفاته ، حتى توفي وأكثر ما كان يوحي يوم توفي الرسول صلى الله عليه وسلم . هل يمكن أن تشرحوا لي هذا الحديث

لأنه يضع العديد من التساؤلات ، أي : ما هو الوحي الذي أنزل على سيدنا محمد يوم وفاته ؟


الجواب :


الحمد لله


روى البخاري (4982) ومسلم (3016) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ ، حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَوْله : ( إِنَّ اللَّه تَابَعَ عَلَى رَسُوله الْوَحْي قَبْل وَفَاته ) أَيْ أَكْثَرَ إِنْزَاله قُرْب وَفَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالسِّرّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوُفُود بَعْد فَتْح مَكَّة كَثُرُوا وَكَثُرَ سُؤَالهمْ عَنْ الْأَحْكَام فَكَثُرَ النُّزُول بِسَبَبِ ذَلِكَ .

قَوْله : ( حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَر مَا كَانَ الْوَحْي ) أَيْ الزَّمَان الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ وَفَاته ، كَانَ نُزُول الْوَحْي فِيهِ أَكْثَر مِنْ غَيْره مِنْ الْأَزْمِنَة .

قَوْله : ( ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد ) فِيهِ إِظْهَار مَا تَضَمَّنَتْهُ الْغَايَة فِي قَوْله " حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه " وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ أَخِيرًا عَلَى خِلَاف مَا وَقَعَ أَوَّلًا , فَإِنَّ الْوَحْي فِي أَوَّل الْبَعْثَة فَتَرَ فَتْرَة ثُمَّ كَثُرَ

, وَفِي أَثْنَاء النُّزُول بِمَكَّة لَمْ يَنْزِل مِنْ السُّوَر الطِّوَال إِلَّا الْقَلِيل , أمَّا بَعْد الْهِجْرَة فنَزَلَتْ السُّوَر الطِّوَال الْمُشْتَمِلَة عَلَى غَالِب الْأَحْكَام , إِلَّا أَنَّهُ كَانَ الزَّمَن الْأَخِير مِنْ الْحَيَاة النَّبَوِيَّة ، أَكْثَر الْأَزْمِنَة نُزُولًا بِالسَّبَبِ الْمُتَقَدِّم "

انتهى من " فتح الباري " .

وقال ابن علان رحمه الله :

" ( إِنَّ اللَّه تَابَعَ عَلَى رَسُوله الْوَحْي قَبْل وَفَاته ) ؛ وذلك لتكمل الشريعة ، ولا يبقى مما يوحي إليه به شيء .
( حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَر مَا كَانَ الْوَحْي )

أي : وقت أكثريته ، ولما تكامل ما أريد إنزاله للعالم ، مما به انتظام معاشهم ومعادهم ، قال تعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فتوفي بعده بأشهر "

انتهى مختصرا من " دليل الفالحين" (2/346)

ولذلك قال أبو ذر رضي الله عنه : " تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما "

قال : فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم ) رواه الطبراني في الكبير (1647) ، وصححه الألباني في الصحيحة (1803) .

وليس المراد بالوحي هنا : خصوص القرآن ، بل المراد به كل ما أوحى الله به إلى نبيه من أمر الدين ، ولو كان قد أخبرنا بذلك في سنته ، ولم ينزل بخصوصه قرآن .

راجع للفائدة إجابة السؤال القادم

وليس المراد ـ أيضا ـ بقول أنس رضي الله عنه : ( حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ ..) : الخبر عن يوم وفاته صلى الله عليه وسلم خاصة ، كما فهم السائل

بل المراد بذلك الزمان الذي توفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو آخر عمره الشريف ، وقد يكون ذلك سنة ، أو أكثر شيئا ما ، أو أقل ، فكل ذلك يصح أنه آخر عمره ، وزمان وفاته

ولهذا قال : ( ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ ) .

وقد كان عام تسع من الهجرة يسمى بعام الوفود ، فوفد كثير من قبائل العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كوفد ثقيف ووفد بني تميم ووفد نجران ، ودخل الناس في دين الله أفواجا

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَفِي سنة تسع كَانَ قَدُومُ عَامَّةِ وُفُودِ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَلِذَلِكَ تُسَمَّى سَنَةُ تِسْعٍ سَنَةَ الْوُفُودِ "

انتهى من "البداية والنهاية" (7/231)

وينظر : "حدائق الأنوار " للحضرمي (ص/365) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 15:42   رقم المشاركة : 240
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: أنواع الوحي وصوره ، وأثرها على النبي ، ورد على ادعاء إصابته بالصرع

السؤال

المناصرون للمسيحية يقولون : إن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان يهدر مثل الجمل ، ويحنق عند فمه ، ويتمدد على الأرض عندما يأتيه الوحي ، فهل هذا صحيح ؟

وهم يقولون أيضا - كما قال أحمد بن حنبل – ( كان النبي يتوجع ويعض على شفتيه ويغلق عينيه ، وفي بعض الأوقات كان يهدر مثل الجمل ) - أحمد بن حنبل 1 ، 34 ، 464 ، الفصل 163 )

-. ولكن الأمر الخطير أنهم يقولون : إن محمداً كان به صرع ! . فهل يمكنكم أن تردوا على هذا الأمر بسرعة ؟ فأنا بحاجة إلى إجابتكم . جزاكم الله خيراً .


الجواب :

الحمد لله


أولاً:

إن مزاعم الكذبة والمفترين على ديننا وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا تنتهي ، فمنذ أن بُعث النبي صلى الله عليه وسلم للناس بدأت الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم فاتُّهم بأنه ساحر

وأنه مجنون ، وليس هذا ببدع في الاتهامات ، فقد نال إخوانه الرسل من قبل مثل هذا ، ولم يتآمر المبطلون على إطلاق هذه الاتهامات ، بل كان اتفاقهم فيها ناشئا عن طغيانهم

قال تعالى ( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ . أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) الذاريات/ 52 ، 53 .

ثانياً:

تعددت طرق الوحي التي كان يوحي بها الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنها :

1. تكليم الله تعالى مباشرة من وراء حجاب ، يقظة كما حصل ليلة المعراج ، ومناماً كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ -

أي : في المنام - فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قُلْتُ : رَبِّ لَا أَدْرِي ... ) رواه الترمذي ( 3234 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

2. النفث في الرُّوع .

وهو ما يقذفه الله في قلب الموحَى إليه مما أراد الله تعالى ، وهو داخل في " الوحي "

المذكور في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الشورى/ 51 .

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أَنّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ وَلاَ يَحْمِلَنّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَن تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ ) .

رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 4 ) من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " ( 2085 ) .

قال المناوي – رحمه الله - :

( في رُوعِي ) بضم الراء ، أي : ألقى الوحي في خلَدي وبالي ، أو في نفسي ، أو قلبي ، أو عقلي ، من غير أن أسمعه ولا أراه .

" فيض القدير " ( 2 / 571 ) .

3. الرؤيا الصادقة .

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ .

رواه البخاري .

وقال عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ – وهو من كبار التابعين - : " رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ ثُمَّ قَرَأَ ( إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) " .
رواه البخاري ( 138 ) .

4. عن طريق جبريل عليه السلام ، وكان يأتيه على صور ، منها :

أ. أن يأتيه على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها .

عن مسروق أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) التكوير/ 23

وقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) النجم/ 13 ، 14 :

فَقَالَتْ : أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ) .

رواه مسلم ( 177 ) .

ب. أن يأتيه في مثل صلصلة الجرس .

عن عائشة رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ ) .

رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 )

قال البغوي – رحمه الله - :

قوله ( يأتيني في مثل صلصلة الجرس ) فالصلصلة : صوت الحديد إذا حرك ، قال أبو سليمان الخطابي : يريد - والله أعلم - أنه صوت متدارِك يسمعه ولا يثبته عند أول ما يقرع سمعه حتى يتفهم

ويستثبت ، فيتلقفه حينئذٍ ويعيه ، ولذلك قال : وهو أشده عليَّ .

" شرح السنَّة " ( 13 / 322 ) .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc