شروح الأحاديث - الصفحة 14 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-09-27, 15:10   رقم المشاركة : 196
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المعركة بين اليهود والمسلمين في آخر الزمان المعتدي فيها هم اليهود

السؤال:

ورد في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر . فيقول الحجر والشجر : يا مسلم ! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله

إلا الغرقد ) . بينما - حسب ما أعلم - كان المسلمون على طوال التاريخ يحسنون إلى اليهود ، ويتقبلون وجودهم ، فالإسلام دين محبة وسلام . فلماذا يذكر الحديث هنا أنه ينبغي علينا قتلهم ، ولماذا لم يفعل المسلمون ذلك سابقًا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

الإسلام دين الرحمة والسلام كما وصفت السائلة

، ولهذا ؛ أقر الإسلام اليهود والنصارى على البقاء في بلاد الإسلام ولم يهجِّرهم ولم يقتلهم كما فعلوا ويفعلون هم حينما تمكنوا من بلاد المسلمين

وذلك وفق معاهدة تكون بينهم وبين الدولة الإسلامية على كل طرف منهما حقوق وواجبات ، فما داموا يلتزمون بتلك الشروط فهم يتمتعون بتلك الإقامة الآمنة .

ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية حامية لأهل الذمة في بلاد المسلمين ، ومدافعة عن حقوقهم إذا التزموا بشروط الإقامة ، حتى قال عليه الصلاة والسلام : ( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ

وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) رواه البخاري (3166) .

وقال عليه الصلاة والسلام : ( مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا ، أَوْ انْتَقَصَهُ ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ ، فَأَنَا حَجِيجُهُ [أي خصمه]

يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو داود (3052) وحسنه ابن حجر في " موافقة الخبر " (2/184) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

فإن أخلوا بالشروط - كما لو غدروا أو خانوا أو تجهزوا لقتالنا أو ساعدوا أعداءنا ... ونحو ذلك - فإنهم يكونون ناقضين للعهد ، وحينئذ فلا عهد بيننا وبينهم ، ولا يستحقون تلك الإقامة الآمنة التي لم يحافظوا عليها .

ثانياً :

نعم ؛ كان المسلمون يتقبلون وجود اليهود ويحسنون إليهم ما داموا ملتزمين بشروط إقامتهم ، ولكن اليهود هم اليهود ! سرعان ما كانوا يعودون إلى غدرهم وخيانتهم

ويكفي أن تعلمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة كان بها ثلاثة طوائف لليهود ، وهم (بنو قينقاع ، وبنو النضير ، وبنو قريظة ) وقد عاهدهم جميعاً وسالمهم جميعاً ، ولكنهم غدروا وخانوا جميعا !!

فقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقتل منهم من قتل ، وطرد منهم من طرد خارج المدينة ، ومنعهم من الإقامة فيها .
ثالثاً :

روى البخاري (3593) ، ومسلم (2921) من حديث ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ : ( تُقَاتِلُكُمُ اليَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ يَقُولُ الحَجَرُ : يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي، فَاقْتُلْهُ ) .

وفي صحيح مسلم (2922) من حديث أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ

فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي ، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ).

وقد جاء في بعض الروايات ما يدل على أن قتال اليهود المذكور في هذا الحديث سيكون في آخر الزمان حين يخرج الدجال وينزل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، فيقتله .

روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّ قَنَاةَ [واد في المدينة]

فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ ، فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ يُسَلِّطُ اللهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ

فَيَقْتُلُونَهُ وَيَقْتُلُونَ شِيعَتَهُ ، حَتَّى إِنَّ الْيَهُودِيَّ لَيَخْتَبِئُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَوِ الْحَجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرَةُ لِلْمُسْلِمِ : هَذَا يَهُودِيٌّ تَحْتِي فَاقْتُلْهُ )

رواه الإمام أحمد في " المسند " (9/255) ، ولكن في إسناده ضعف بسبب عنعنة محمد بن إسحاق ، وله شواهد أخرى تنظر في تحقيق المسند من طبعة مؤسسة الرسالة .

وقد أورد هذه الشواهد الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " (6/610) ، وحسَّن منها حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه ، ثم قال : " فالمراد بقتال اليهود : وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى " انتهى.

وقال ابن الملقن : " المراد بقوله (تقاتلون اليهود) إذا نزل عيسى ، فإن المسلمين معه ، واليهود مع الدجال"

انتهى من "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (17/663).

وهو ما جزم به جمع من شراح الحديث ، بل أخرج الإمام الترمذي (2236) حديث عبد الله بن عمر السابق في باب " علامة الدجال ".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اليهود إنما ينتظرون المسيح الدجال ، فإنه الذي يتبعه اليهود ، ويخرج معه سبعون ألف مطيلس من يهود أصبهان ، ويقتلهم المسلمون معه ، حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم ! هذا يهودي ورائي تعال فاقتله "

انتهى من " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " (2/ 30) .

ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله :

" فإن عيسى عليه الصلاة والسلام يغزوه ، ومعه المسلمون ، فيقتله بباب اللد ، باب هناك في فلسطين ، قرب القدس ، يقتله بحربته كما جاء في الحديث الصحيح ، والمسلمون معه يقتلون اليهود قتلة عظيمة

جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلمين يقاتلون اليهود ، فيقتلونهم ، ويسلطون عليهم ، ينادي الشجر والحجر : يا مسلم ، يا عبد الله ، هذا يهودي تعال فاقتله ، فيقتل عيسى الدجال وينتهي أمره " .

انتهى من " فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر " (4/ 290) .

وإذا خرج الدجال تبعه عشرات الآلاف من اليهود واجتمعوا معه يريدون قتال المسلمين ، فينزل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ويجتمع معه المسلمون لقتال الدجال وأتباعه

فيدعو عيسى ابن مريم اليهود للإسلام ، ولا يقبل منهم في ذلك الوقت إلا الإسلام ، فيسلم منهم من يسلم ، ويبقى منهم من يبقى على يهوديته ، فتكون المعركة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم .

وبهذا يتبين أن المعركة من جانب المسلمين معركة عادلة مشروعة يحبها الله تعالى بلا شك ، ومما يدل على ذلك :

- أنها ضد الدجال ومؤيديه الذين اجتمعوا لقتال المسلمين : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) الصف/32.

- ولأنها معركة يخوضها المسلمون تحت قيادة عيسى بن مريم عليه السلام أحد الرسل الكرام .

- أن الله تعالى يكرم المسلمين في هذه المعركة بهذه الكرامة وهي نطق الحجر والشجر ومناداته على المسلم حتى يقتل اليهودي الذي يختبئ وراءه .

فكل ذلك يدل على أنها معركة عادلة يحبها الله ، كما هو الشأن في المعارك الإسلامية كلها التي يكون المقصد منها إعلاء كلمة الله في الأرض ، : (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه مسلم (1915).

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 15:13   رقم المشاركة : 197
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف كان نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال:

لقد صح فيما أعلم أن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مكتوب عليه (الله 'سطر' رسول 'سطر' محمد) وبهذا الشكل تقرأ "الله رسول محمد" وهذه اللفظة فيها شرك صريح ، ولا أزال متعجبا من ذلك الأمر وأبحث عن جواب له .

الجواب :

الحمد لله

روى البخاري (3106) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : " كان نقش خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ : مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ " .

وظاهر الحديث أن الكتابة كانت من أعلى إلى أسفل : مكتوب في السطر الأعلى : (محمد) ، وفي الأوسط : (رسول) ، وفي السطر الثالث : (الله) ، وليس العكس ، كما يظن بعض الناس .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الشُّيُوخِ: إِنَّ كِتَابَتَهُ كَانَتْ مِنْ أَسْفَلَ إِلَى فَوْقَ، يَعْنِي أَنَّ الْجَلَالَةَ فِي أَعْلَى الْأَسْطُرِ الثَّلَاثَةِ، وَمُحَمَّدٌ فِي أَسْفَلِهَا: فَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ، بَلْ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ يُخَالِفُ ظَاهِرُهَا ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا:

( مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَالسَّطْرُ الثَّانِي: رَسُولٌ، والسطر الثَّالِث: الله ) "

انتهى من "فتح الباري" (10/ 329) .

وغاية ما هنالك أن تكون الكتابة منقوشة في الخاتم ، بصورة مقلوبة ، حتى إذا ختم به ، ظهرت الكتابة منطبعة على الاستقامة ، كما هو الشأن في عامة الأختام .

" ولَمْ تَكُنْ كِتَابَتُهُ عَلَى السِّيَاقِ الْعَادِيِّ؛ فَإِنَّ ضَرُورَةَ الِاحْتِيَاجِ إِلَى أَنْ يَخْتِمَ بِهِ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْأَحْرُفُ الْمَنْقُوشَةُ مَقْلُوبَةً؛ لِيَخْرُجَ الْخَتْمُ مُسْتَوِيًا "

انتهى من "فتح الباري" (10/ 329) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" كانت كِتَابَتُهُ مَقْلُوبَةٌ لِيَطْبَعَ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ ، كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهَذَا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ كِتَابَتَهُ كَانَتْ مُسْتَقِيمَةً. وَتُطْبَعُ كَذَلِكَ ، وَفِي صِحَّةِ هَذَا نَظَرٌ، وَلَسْتُ أَعْرِفُ لِذَلِكَ إِسْنَادًا لَا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا "

انتهى من "البداية والنهاية" (8/ 365) .

وهذا كله : لا إشكال فيه ، ولا محظور بوجه من الوجوه .

وإذا افترضنا جدلا أن الرواية قد صحت بذلك ، وأن كتابته كانت : الله ـ محمد ـ رسول ؛ فليس المراد بذلك ما ذكره السائل في سؤاله ، بل هو أقرب إلى التكلف

أو اتباع الوساوس ، وإنما المقصود بذلك ، لو فرض صحته : محمد رسول الله ، وإنما كتب على هذه الصفة تأدبا ، ليكتب اسم الله قبل كل شيء.

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 15:16   رقم المشاركة : 198
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الزواج بامرأة من محارمه من كبائر الذنوب وليس من أسباب الردة

السؤال:

ما حكم من تزوج امرأة لا تحل له ، وهو يعلم ذلك ، حيث حكم البعض بكفره ، مستدلين بحديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال : " مر بي عمي الحارث بن عمرو

ومعه لواء قد عقده له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فسألته . قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب عنق رجل تزوج امرأة أبيه ؟


الجواب :

الحمد لله

اتفق العلماء – فيما اطلعنا عليه – من المذاهب الأربعة وغيرهم على أن الزواج بمَحرم أو بمن لا تحل للزوج ليس ردة في نفس الأمر ، وليس كفرا مبيحا دمه وماله

وإنما هي إحدى كبائر الذنوب وفواحش المعاصي . ويكون كفرا وردة إذا أنكر التحريم واعتقد حل هذا النكاح .

وقد اختلف العلماء في عقوبة من فعل هذا ، ولم يذكر أحد منهم أنه يقتل ردة .

فعند الحنفية : لا حد عليه ، وإنما عليه التعزير ، وحملوا الحديث الذي ذكره السائل على المستحل .

قال ابن الهمام الحنفي رحمه الله :

" هذا يدل على أنه استحل ذلك فارتد به "

انتهى من " فتح القدير " (5/261) .

وذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة ، أن من تزوج محرَّمة عليه : يُحد حد الزنا ، إن كان محصنا فالرجم ، وإن كان غير محصن فالجلد مائة جلدة ، وحملوا حديث البراء بن عازب على المستحل أيضا .

جاء في " التاج والإكليل " من كتب المالكية (8/390):

" إن تزوج زوجة أبيه أو زوجة ولده حُدَّ [يعني : حد الزنا] إن كان عالما بتحريم ذلك " انتهى.

وقال الماوردي الشافعي رحمه الله :

" فجعله النبي صلى الله عليه وسلم باستحلال ما نص الله تعالى على تحريمه مرتدا ، وجعل ماله بتخميسه إياه فيئا "

انتهى من " الحاوي الكبير " (8/ 146) .

ويقول البهوتي الحنبلي رحمه الله :

" وخبر البراء ( يقتل ويؤخذ ماله ) قال أبو بكر : محمول عند أحمد على المستحل ، وأن غير المستحل كزان "

انتهى من " كشاف القناع " (6/54-55)

وينظر : "الفروع" لابن مفلح (10/56) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" حديث أبي بردة بن نيار ( لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى من تزوج امرأة أبيه ، فأمره أن يضرب عنقه ويخمس ماله ) فإن تخميس المال دل على أنه كان كافرا لا فاسقا ، وكفره بأنه لم يحرم ما حرم الله ورسوله "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (20/ 90).

ومراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بـ" أنه لم يحرم ما حرم الله ورسوله .." : استحلال ذلك ، كما يدل عليه ما قبله ، وما بعده من الكلام .

وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا ثُمَّ مَلَّكَهَا لِوَلَدِهِ . فَهَلْ يَجُوزُ لِوَلَدِهِ وَطْؤُهَا؟

فَأَجَابَ:

" الْحَمْدُ اللَّه ، لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ وَطْءِ أَبِيهِ وَالْحَالُ هَذِهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَمَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَفِي السُّنَنِ {عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: رَأَيْت خَالِي أَبَا بُرْدَةَ وَمَعَهُ رَايَتُهُ فَقُلْت: إلَى أَيْنَ؟

فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَأُخَمِّسَ مَالَهُ} وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَطْئِهَا بِالنِّكَاحِ وَبَيْنَ وَطْئِهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/77) .

وقال الشوكاني رحمه الله :

" لا بد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وسلم بقتله ، عالم بالتحريم ، وفعله مستحلا ، وذلك من موجبات الكفر ، والمرتد يقتل "

انتهى من " نيل الأوطار " (7/137) .

وذهب ابن حزم ، وهو رواية عن أحمد : إلى أن من وقع على ذات محرم فعقابه أشد من الزاني ، فيجب قتله بكل حال ، سواء كان محصنا أو غير محصن .

غير أنهم قالوا يقتل حدا ، لا ردة .

واختار هذا القول الخطابي وشيخ الإسلام ابن تيمية

قال ابن حزم رحمه الله :

" فمن وطئ امرأة أبيه بعقد سماه نكاحا ، أو بغير عقد ، فقتلُهُ واجب ولا بد ، وتخميس ماله فرض ، ويكون الباقي لورثته - إن كان لم يرتد -، أو للمسلمين إن كان ارتد " .

انتهى من " المحلى " (12/204) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" فَوَاَللَّهِ مَا رَضِيَ لَهُ بِحَدِّ الزَّانِي حَتَّى حَكَمَ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْعُنُقِ وَأَخْذِ الْمَالِ ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمَحْضُ ؛ فَإِنَّ جَرِيمَتَهُ أَعْظَمُ مِنْ جَرِيمَةِ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ

فَإِنَّ هَذَا ارْتَكَبَ مَحْظُورًا وَاحِدًا، وَالْعَاقِدُ عَلَيْهَا ضَمَّ إلَى جَرِيمَةِ الْوَطْءِ جَرِيمَةَ الْعَقْدِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ ، فَانْتَهَكَ حُرْمَةَ شَرْعِهِ بِالْعَقْدِ، وَحُرْمَةَ أُمِّهِ بِالْوَطْءِ"

انتهى من"إعلام الموقعين" (2/249) ، وينظر : "زاد المعاد" (5/13-14) .

وينظر أيضا : "المغني" (9/56) ، " مجموع فتاوى " شيخ الإسلام ابن تيمية (34/177) . " معالم السنن " (3/329) .

والخلاصة :

أن هذا الفعل ، وإن كان محرما تحريما عظيمة ، وجريمة مغلظة ، إلا أنه ليس كفرا في نفسه ، كما يدل عليه كلام أهل العلم في الحديث المذكور ، إلا إذا كان مستحلا لذلك ، غير خاضع لحكم الله ورسوله فيه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 15:19   رقم المشاركة : 199
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التوفيق بين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من أثر سم اليهودية وبين قوله لها : "ما كان الله ليسلطك على ذلك"

السؤال:

بخصوص حديث الشاة المسمومة : في قول النبي للمرأة ( ما كان الله ليسلطك على ) ، أي في أن النبي خصص هذه المرأة بعدم التسليط عليه

فكيف هذا وقد ثبت أن النبي مات متأثرا بهذا السم ؛ أليس موته متأثرا بالسم يعنى تسليطها عليه ، وتمكنها منه ، حتى ولو بعد فترة من الزمن؟


الجواب :

الحمد لله


عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : " أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ ، فَأَكَلَ مِنْهَا ، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ : أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ

قَالَ : ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ )" رواه البخاري ( 2474 ) ، ومسلم ( 2190 ) .

وعن عَائِشَةُ رضى الله عنها : " كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ : (يَا عَائِشَةُ ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ ) " رواه البخاري ( 4165 ) .

"وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم اسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي" .

يراجع : " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " (15 / 91).

والجمع بين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بالسم وبين قوله لليهودية التي وضعت له السم (ما كان الله ليسلطك على ذلك) هو أنه صلى الله عليه وسلم لم يمت في الحال ؛

أي لم يكن الله ليسلطك على قتلي بهذا السم في هذا الوقت الذي أردتيه ؛ لأن السم في العادة يقتل صاحبه فورا ، بدليل أن من أكل معه وهو بشر بن البراء رضي الله عنه مات من السم

, أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد عاش بعد هذه الواقعة ثلاث سنوات ، قاد خلالها الجيوش وخاض المعارك وباشر حياته الشريفة , ثم لما حضر أجله الذي كتبه الله تعالى : هاج عليه أثر السم ، ليكرمه الله تعالى بالشهادة .

وفي " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " (15 / 92):

" وفيه: معجزة ظاهرة له عليه السلام، حيث لم يؤثر فيه السم ، والذي أكل معه مات " انتهى.

وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (4/111):

" وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى كَانَ وَجَعُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ: (مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأُكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ مِنَ الشَّاةِ يَوْمَ خَيْبَرَ حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعِ الْأَبْهَرِ مِنِّي) ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِيدًا " انتهى .

وجاء في "شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية "(12 / 94):

" ومن المعجزة أنه لم يؤثّر فيه في وقته ؛ لأنهم قالوا: إن كان نبيًّا لم يضره , وإن كان ملكًا استرحنا منه ، فلمَّا لم يؤثر فيه تيقنوا نبوته حتى قيل: إن اليهودية أسلمت , ثم نقض عليه بعد ثلاث سنين لإكرامه بالشهادة" انتهى.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 15:24   رقم المشاركة : 200
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

آداب النصيحة .

السؤال:

ما هي الخطوط العريضة في كيفية إسداء النصيحة ؟

وهل تكون على إنفراد أم أمام الملأ ؟

ومن المؤهل لذلك ؟


الجواب:

الحمد لله

النصيحة معلم بارز من معالم الأخوة الإسلامية ، وهي من كمال الإيمان ، وتمام الإحسان ، إذ لا يكمل إيمان المسلم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وحتى يكره لأخيه ما يكره لنفسه ، وهذا هو دافع النصح .

روى البخاري (57) ، ومسلم (56) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : " بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ " .

وروى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) ، قُلْنَا لِمَنْ ؟ ، قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) " .

قال ابن الأثير رحمه الله :

" نَصيحةُ عامّةِ المسلمين : إرشادُهم إلى مصالِحِهم "

انتهى من "النهاية " (5 /142) .

وللنصيحة آداب عامة ينبغي أن يتحلى بها الناصح الشفيق ، منها :

- أن يكون دافعه في النصيحة محبة الخير لأخيه المسلم ، وكراهة أن يصيبه الشر

قال ابن رجب رحمه الله :

" وأما النصيحة للمسلمين : فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه ، ويشفق عليهم ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح لفرحهم ، وإن ضره ذلك في دنياه ، كرخص أسعارهم

وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته ، وكذلك جميع ما يضرهم عامة ، ويحب ما يصلحهم ، وألفتهم ، ودوام النعم عليهم ، ونصرهم على عدوهم ، ودفع كل أذى ومكروه عنهم

. وقال أبو عمرو بن الصلاح

: النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادةً وفعلاً "

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (ص 80) .

- أن يكون مخلصا فيها ، يبتغي بها وجه الله ، فلا يريد بها إظهار العلو والارتفاع على أخيه .

- أن تكون تلك النصيحة خالية من الغش والخيانة ، قال الشيخ ابن باز رحمه الله :" النصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه . فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه: ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه

ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه . ومن ذلك قول العرب : ذَهَبٌ ناصح ، يعني سليما من الغش . ويقال عسل ناصح ، أي : سليم من الغش والشمع "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 90) .

- ألا يريد بالنصيحة التعيير والتبكيت ، وللحافظ ابن رجب رحمه الله رسالة خاصة في : " الفرق بين النصيحة والتعيير " .
- أن تكون النصيحة بروح الأخوة والمودة

لا تعنيف فيها ولا تشديد ، وقد قال الله تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل/ 125.

- أن تكون بعلم وبيان وحجة

قال السعدي رحمه الله :

" من الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل والبداءة بالأهم فالأهم ، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم ، وبما يكون قبوله أتم ، وبالرفق واللين ، فإن انقاد بالحكمة ، وإلا فينتقل معه بالدعوة بالموعظة الحسنة

وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب . فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق . أو كان داعية إلى الباطل ، فيجادل بالتي هي أحسن

وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلا ونقلا . ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها ، فإنه أقرب إلى حصول المقصود ، وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها

ولا تحصل الفائدة منها بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها "

انتهى من " تفسير السعدي" (ص 452) .

- أن تكون في السر ، فلا يجهر بها أمام الناس إلا للمصلحة الراجحة .

قال ابن رجب رحمه الله :

" كان السَّلفُ إذا أرادوا نصيحةَ أحدٍ ، وعظوه سراً ، حتّى قال بعضهم : مَنْ وعظ أخاه فيما بينه وبينَه فهي نصيحة ، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنَّما وبخه . وقال الفضيل: المؤمن يَسْتُرُ ويَنْصَحُ ، والفاجرُ يهتك ويُعيِّرُ"

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (1/ 236) .

وقال ابن حزم رحمه الله

: " إِذا نصحت فانصح سرا لَا جَهرا ، وبتعريض لَا تَصْرِيح ، إِلَّا أَن لَا يفهم المنصوح تعريضك ، فَلَا بُد من التَّصْرِيح .... فَإِن تعديت هَذِه الْوُجُوه فَأَنت ظَالِم لَا نَاصح "

انتهى من "الأخلاق والسير" (ص 45) .

على أنه إذا افترض أن في الجهر بالنصح مصلحة راجحة : فلا حرج على الناصح أن يجهر بنصحه ، كأن يرد على من أخطأ في مسائل الاعتقاد أمام الناس ، لئلا يغتروا بقوله ويتبعوه على خطئه

وكمن ينكر على من أباح الربا ، أو ينشر البدعة والفجور بين الناس ، فمثل هذا نصحه علانية مشروع ، بل قد يكون واجبا ، للمصلحة الراجحة ، ودرء المفسدة الغالبة .

قال ابن رجب رحمه الله :

" إن كان مقصوده مجرد تبيين الحق ، ولئلا يغتر الناس بمقالات من أخطأ في مقالاته : فلا ريب أنه مثاب على قصده ، ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم"

انتهى من "الفرق بين النصيحة والتعيير" (ص 7) .

- أن يختار الناصح أحسن العبارات ، ويتلطف بالمنصوح ، ويلين له القول .

- أن يصبر الناصح على ما قد يلحقه من أذى بسبب نصحه .

- كتمان السر ، وستر المسلم ، وعدم التعرض لعرضه ، فالناصح رفيق شفيق محب للخير راغب في الستر .

- أن يتحرى ويتثبت قبل النصيحة ، ولا يأخذ بالظن ، حتى لا يتهم أخاه بما ليس فيه .

- أن يختار الوقت المناسب للنصيحة . قال ابن مسعود رضي الله عنه : " إِنَّ لِهَذِهِ الْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالًا ، وَإِنَّ لَهَا فَتْرَةً وَإِدْبَارًا ، فَخُذُوهَا عِنْدَ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا ، وَذَرُوهَا عِنْدَ فَتْرَتِهَا وَإِدْبَارِهَا " .

رواه ابن المبارك في "الزهد" (1331) .

- أن يكون الناصح عاملاً بما يأمر الناس به ، وتاركاً لما ينهى الناس عنه ، قال الله تعالى- موبخاً بني إسرائيل على تناقض أقوالهم مع أفعالهم-: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) البقرة/44

وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يأمر الناس بالمعروف ولا يأتيه ، وينهاهم المنكر ويأتيه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 15:29   رقم المشاركة : 201
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

البدانة ليست مذمومة في الشريعة بإطلاق

السؤال:


أخبرني اليوم أحد أصدقائي بأنه لا ينبغي للمسلم أن يكون بديناً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن كذلك. فهل هناك في شريعتنا ما يضع قيداً لمثل هذا الأمر؟


الجواب
:

الحمد لله

البدانة تكون مذمومة في الشرع إذا كان سببها كثرة الأكل أو الخلود إلى الراحة والكسل وعدم العمل .

أما البدانة التي تكون بسبب تقدم السن ، أو تكون بطبيعة الجسم ، كما لو كان الشخص بدينا وراثةً مثلا ؛ فهذه البدانة ليست مذمومة ، ولا يلام عليها الإنسان .

وقد روى البخاري (2457) ومسلم (4603) عن عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ .

قَالَ عِمْرَانُ : فَلَا أَدْرِي أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً . ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ) .

قال النووي رحمه الله :

" قال جمهور العلماء في مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ : الْمُرَادُ بِالسِّمَنِ هُنَا كَثْرَةُ اللحم، ومعناه أنه يكثر ذلك فيهم، قَالُوا: وَالْمَذْمُومُ مِنْهُ مَنْ يَسْتَكْسِبُهُ

وَأَمَّا مَنْ هُوَ فِيهِ خِلْقَةً فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا، وَالْمُتَكَسِّبُ لَهُ هُوَ الْمُتَوَسِّعُ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ " انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" (وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ) : أَيْ يُحِبُّونَ التَّوَسُّعَ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ، وَهِيَ أَسْبَابُ السِّمَنِ " انتهى .

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

"قوله : (ويظهر فيهم السمن) . "السمن" : كثرة الشحم واللحم ، وهذا الحديث مشكل ، لأن ظهور السمن ليس باختيار الإنسان ، فكيف يكون صفة ذم ؟!

قال أهل العلم : المراد أن هؤلاء يعتنون بأسباب السمن من المطاعم والمشارب والترف ، فيكون همهم إصلاح أبدانهم وتسمينها .

أما السمن الذي لا اختيار للإنسان فيه ، فلا يذم عليه ، كما لا يذم الإنسان على كونه طويلاً أو قصيراً أو أسود أو أبيض ، لكن يذم على شيء يكون هو السبب فيه"

انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد" (2/350) .

ويدل لهذا المعنى أن الحديث ورد في سنن الترمذي (2147) بلفظ : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَتَسَمَّنُونَ وَيُحِبُّونَ السِّمَنَ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وروى ابن ماجة (962) عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي قَدْ بَدنْتُ، فَإِذَا رَكَعْتُ

فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعْتُ فَارْفَعُوا، وَإِذَا سَجَدْتُ فَاسْجُدُوا، وَلَا أُلْفِيَنَّ رَجُلًا يَسْبِقُنِي إِلَى الرُّكُوعِ، وَلَا إِلَى السُّجُودِ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

قال الخطابي رحمه الله في "معالم السنن" (1/ 176):

" قوله : (إني قد بدنت) يروى على وجهين : أحدهما : بدّنت بتشديد الدال، ومعناه كبر السن . والآخر: بدُنت مضمومة الدال غير مشدودة، ومعناه: زيادة الجسم واحتمال اللحم " انتهى .

وكلا المعنيين قد حصل للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد روى أبو داود (942) عن أُمّ قَيْسٍ بِنْت مِحْصَنٍ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَسَنَّ وَحَمَلَ اللَّحْمَ، اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ)

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" . ومثل هذا أيضا ثبت في صحيح مسلم (1233) عن عائشة رضي الله عنه أنها كانت تصف صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت

: (فلمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخَذَه اللَّحْمُ ... إلخ الحديث) .

فهذه البدانة التي حصلت للرسول صلى الله عليه وسلم كانت شيئا يسيرا ولم تكن بدانة مفرطة ، وكانت بحكم تقدم سنه صلى الله عليه وسلم .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 15:35   رقم المشاركة : 202
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

شرح حديث : (هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا) .

السؤال:

روى البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي : " أنه مر رجل من فقراء المسلمين على النبي يوما فقال النبي لأصحابه: ( ما تقولون في هذا ؟ )

فقالوا : رجل من فقراء المسلمين ، هذا والله حرى إن خطب ألا يزوج ، وإن شفع ألا يشفع ، ثم مر رجل آخر من الأشراف ، فقال : ( ما تقولون في هذا ؟ )

قالوا: رجل من أشراف القوم هذا والله حرى إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع ، فأشار النبي على الرجل الفقير الأول فقال : ( والله هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ) .

فما شرح هذا الحديث كما فهمه سلف هذه الأمة ؟ وما الحد المسموح به في استخدام عبارة القسم "والله.."، وفي أي الظروف ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

روى البخاري (6447) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : " مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ : ( مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا ؟ )

فَقَالَ : رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا ؟ ) ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ

وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا ) .

وروى أحمد (21493) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أَبَا ذَرٍّ، ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ تَرَاهُ فِي الْمَسْجِدِ ) قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا ، قَالَ: فَقَالَ:

( يَا أَبَا ذَرٍّ، ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ تَرَاهُ فِي الْمَسْجِدِ ) قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ ضَعِيفٌ عَلَيْهِ أَخْلَاقٌ ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا.

قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَهَذَا أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُرَابِ الْأَرْضِ مِثْلِ هَذَا ) .

وقال محققو المسند : إسناده صحيح على شرط الشيخين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ شَخْصَيْنِ : (هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ مِثْلِ هَذَا ) فَصَارَ وَاحِدٌ مِنْ الْآدَمِيِّينَ خَيْرًا مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ بَنِي جِنْسِهِ

وَهَذَا تَبَايُنٌ عَظِيمٌ لَا يَحْصُلُ مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانِ ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ مَنْ قَالَ : " مَا سَبَقَكُمْ أَبُوبَكْرٍ بِفَضْلِ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَكِنْ بِشَيْءِ وَقَرَ فِي قَلْبِهِ ".

وَهُوَ الْيَقِينُ وَالْإِيمَانُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وُزِنْت بِالْأُمَّةِ فَرَجَحْت ثُمَّ وُزِنَ أَبُو بَكْرٍ بِالْأُمَّةِ فَرَجَحَ ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ بِالْأُمَّةِ فَرَجَحَ ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ) " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (2/ 384-385).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَفِي الْحَدِيثِ : أَنَّ السِّيَادَةَ بِمُجَرَّدِ الدُّنْيَا لَا أَثَرَ لَهَا ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ بِالْآخِرَةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ ، وَأَنَّ الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَظُّ مِنَ الدُّنْيَا يُعَاضُ عَنْهُ بِحَسَنَةِ الْآخِرَةِ

فَفِيهِ فَضِيلَةٌ لِلْفَقْرِ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ ، لَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لتفضيل الْفَقِير على الْغَنِيّ كَمَا قَالَ ابن بَطَّالٍ ، لَكِنْ تَبَيَّنَ مِنْ سِيَاقِ طُرُقِ الْقِصَّةِ أَنَّ جِهَةَ تَفْضِيلِهِ إِنَّمَا هِيَ لِفَضْلِهِ بِالتَّقْوَى .. " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فهذان رجلان أحدهما من أشراف القوم ، وممن له كلمة فيهم ، وممن يجاب إذا خطب ، ويسمع إذا قال ، والثاني بالعكس، رجل من ضعفاء الناس ليس له قيمة

إن خطب فلا يجاب ، وإن شفع فلا يشفع ، وإن قال فلا يسمع .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (هذا خير من ملء الأرض مثل هذا ) أي : خير عند الله عز وجل من ملء الأرض من مثل هذا الرجل الذي له شرف وجاه في قومه

لأن الله سبحانه وتعالى ليس ينظر إلى الشرف ، والجاه ، والنسب ، والمال ، والصورة ، واللباس ، والمركوب ، والمسكون ، وإنما ينظر إلى القلب والعمل

فإذا صلح القلب فيما بينه وبين الله عز وجل ، وأناب إلى الله ، وصار ذاكراً لله تعالى خائفاً منه ، مخبتاً إليه ، عاملاً بما يرضي الله عز وجل ، فهذا هو الكريم عند الله، وهذا هو الوجيه عنده

وهذا هو الذي لو أقسم على الله لأبره .

فيؤخذ من هذا فائدة عظيمة ، وهي أن الرجل قد يكون ذا منزلة عالية في الدنيا، ولكنه ليس له قدر عند الله ، وقد يكون في الدنيا ذا مرتبة منحطة ، وليس له قيمة عند الناس ، وهو عند الله خير من كثير ممن سواه " .

انتهى من " شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (3/ 52-53) .

وحاصل ذلك كله :

أن مكانة العبد عند الله تعالى إنما هي باعتبار ما في قلبه من محبة لله ، وإخلاص وإخبات ، وخوف ورجاء وتقوى ، وباعتبار العمل الذي يبرهن به صاحبه على ما في قلبه من خصال الإيمان .

فمن كان أعظم محبة لله ، وخوفا ورجاء وتقوى : كان أحب إلى الله ، وبمقدار تفاوت ما بين الناس من ذلك ، تتفاوت منازلهم عند الله

حتى يصير الرجل الفقير الذي لا يؤبه له ، بكمال إيمانه : خيرا من ملء الأرض من الغني الوجيه ضعيف الإيمان .

ولا يدل الحديث على أن المسلم الفقير أفضل وأحب إلى الله من المسلم الغني بإطلاق ، فإن الصواب في هذه المسألة : أن أفضلهما أتقاهما ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ أَيُّمَا أَفْضَلُ : الْفَقِيرُ الصَّابِرُ أَوْ الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ؟ وَالصَّحِيحُ : أَنَّ أَفْضَلَهُمَا أَتْقَاهُمَا ؛ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي التَّقْوَى اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/ 21) .

ثانيا :

ينبغي للمسلم تعظيم أمر اليمين ، فلا يقسم إلا بالله ، ولا يقسم إلا وهو صادق ، ولا يتجارى في أمر اليمين فيقسم على كل شيء ، كلما أراد تحقيق قول أو تصديقه فيه

أقسم عليه بالله ، فهذا لا ينبغي لجلال اليمين ، وقد صرح أهل العلم بكراهة الإكثار من الأيمان .

فيشترط للمسموح به من الأيمان عدة شروط :

- ألا يحلف الحالف إلا بالله .

- أن يكون الحالف صادقا فيما يحلف عليه ، أو يغلب على ظنه أنه صادق .

- ألا يحلف بمجرد الظن ، حتى يتيقن أو يغلب على ظنه أنه صادق في يمينه .

- ألا يحلف إلا عند الحاجة إلى اليمين ، كالحلف في الشهادة ، ونحو ذلك ، وفي الأمور العلمية : إنما يحلف على شيء له خطر وأهمية ، يريد أن ينبه الناس على مكانه

ويدلهم عليه ، أو يرى أن الناس يتشككون فيه ، أو لا يقر في نفوسهم بمجرد الخبر ، ونحو ذلك من المقاصد الشرعية والعلمية المعتبرة .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-28, 20:11   رقم المشاركة : 203
معلومات العضو
ikramm011
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

لاحول ولا قوة الابالله










رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:04   رقم المشاركة : 204
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ikramm011 مشاهدة المشاركة
لاحول ولا قوة الابالله

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:07   رقم المشاركة : 205
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



شرح حديث : ( .. َمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ)

السؤال:

قرأت حديثاً يقول : ( إن من هجر أخاه فوق ثلاث ومات على ذلك دخل النار ) ، فهل هذا الحديث صحيح ، وما شرحه ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى البخاري (5727) ، ومسلم (2560) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) .

وروى أبو داود (4914) ، وأحمد (9092) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ ) .

قال الحافظ العراقي رحمه الله في " تخريج الإحياء" (ص 688):

" أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد صَحِيح " .

وقال النووي رحمه الله في "رياض الصالحين" (ص 433):

" رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم " .

وكذا صححه الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود" .

ثانيا :

أفاد الحديث : التغليظ والتشديد في أمر الهجر والخصام ، فمن هجر أخاه فوق ثلاث ليال ، ولم يتب إلى الله : فقد استوجب العقوبة بدخول النار ، إلا أنه في مشيئة الله : إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له .

إلا من استحل ذلك ، مع علمه بحرمته ، ولم يحرم حرام الله في ذلك ، ولم يلتزمه : فإن هذا ردة عن دين الله عز وجل .

وينظر للفائدة : إجابة السؤالين القادمين

قال ابن علان رحمه الله :

" (فمن هجر فوق ثلاث فمات) مصراً على الهجر والقطيعة (دخل النار) إن شاء الله تعذيبه مع عصاة الموحدين ، أو دخل النار خالداً مؤبداً ، إن استحل ذلك ، مع علمه بحرمته والإِجماع عليها "

انتهى من "دليل الفالحين" (8/ 435) .

وقال القاري رحمه الله :

" ( فَمَاتَ) أَيْ : عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ( دَخَلَ النَّارَ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ : أَيِ اسْتَوْجَبَ دُخُولَ النَّارِ، فَالْوَاقِعُ فِي الْإِثْمِ ، كَالْوَاقِعِ فِي الْعُقُوبَةِ : إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ " انتهى .

وينظر: "عون المعبود" (13/ 176):

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:11   رقم المشاركة : 206
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم المؤمن المرتكب لبعض المعاصي

السؤال


ما هو حال المؤمن الذي ارتكب الكثير من المعاصي في حياته ؟

هل يغفر الله له أم أنه يُعذب ؟

وما هو مقدار عذابه ؟.


الجواب

الحمد لله

فالمؤمنون الذين يموتون على الإيمـان إذا كانوا قد ارتكبوا في حياتهم معصيةً دون الكفر والشرك المخرج من الملة ، لهم حالتان:

الأولى : أن يكونوا قد تابوا من المعصية في حياتهم ، فإن تابوا منها توبة نصوحاً قبلها الله منهم . فيعودون كمن لا ذنب له، ولا يعاقبون على معصيتهم في الآخرة ، بل ربما أكرمهم ربهم فبدل سيئاتهم حسنات .

الثانية : الذين يموتون و لم يتوبوا من المعاصي أو كانت توبتهم ناقصة لم تستوف الشروط، أو لم تقبل توبتهم فيها، فإن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية واتفق عليه السلف الصالح أن هؤلاء

ـ العصاة من أهل التوحيد ـ على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : قوم تكون لهم حسنات كثيرة تزيد وترجح على هذه السيئات، فهؤلاء يتجاوز الله عنهم ، ويسامحهم في سيئاتهم

ويدخلهم الجنة ، ولا تمسهم النار أبداً إحساناً من الله وفضلاً وإنعاماً. كما جـاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

:"إن الله سبحانه وتعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتها عليك في الدنيا

وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" رواه البخاري (2441) ومسلم (2768) .

وقال تعالى: { فمن ثقلت موازينه فأولئك المفلحون} الأعراف/8 .

وقال سبحانه : {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه فأمه هاوية } القارعة/:6-7 .

القسم الثاني : قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار

ما شاء الله أن يوقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة كما قال تعالى بعد أن أخبر بدخول أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النارِ النارَ

فقال سبحانه : ( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ . وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين َ)

إلى قوله : ( أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) الأعراف/46-49

القسم الثالث : قوم لقوا الله تعالى مصرين على الكبائر والإثم والفواحش فزادت سيئاتهم على حسناتهم فهؤلاء هم الذين يستحقون دخول النار بقدر ذنوبهم فمنهم من تأخذه إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه

ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه حتى أن منهم من لا يحرم على النار منه إلا أثر السجود ، وهؤلاء هم الذين يأذن الله في خروجهم من النار بالشفاعة فيشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ،و سائر الأنبياء

والملائكة والمؤمنون ومن شاء الله أن يكرمه. فمن كان من هؤلاء العصاة أعظم إيمانا و أخف ذنبا كان أخف عذاباَ وأقل مكثا فيها وأسرع خروجا منها

وكل من كان أعظم ذنباً وأضعف إيماناً كان أعظم عذاباً و أكثر مكثاً نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء .

فهذه حال عصاة المؤمنين في الآخرة .

وأما في الدنيا فهم ما داموا لم يرتكبوا عملاً يخرجهم من الملة فهم مؤمنون ناقصوا الإيمان كما أجمع على ذلك السلف الصالح مستدلين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ؛ فمن تلك الآيات :

قوله تعالى في آية القصاص :( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف ) البقرة/178 فجعل الله القاتل أخاً لأولياء المقتول وهذه الأخوَّة هي أخوة الإيمان فدل ذلك على أن القاتل لم يكفر مع أن قتل المؤمن كبيرة من أكبر الكبائر .

وقوله جل شأنه : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات/9 :10 فسمى الله الطائفتين المقتتلتين مؤمنين مع أن الاقتتال من كبائر الذنوب ، بل وجعل المصلحين بينهم أخوة لهم

فدل هذا على أن مرتكب المعصية والكبيرة التي لا تصل إلى حد الشرك والكفر ؛ يثبت له اسم الإيمان وأحكامه . لكنه يكون ناقص الإيمان . وبهذا تجتمع النصوص الشرعية وتأتلف . والله أعلم .

يراجع ( أعلام السنة المنشورة 212 )

و ( شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين 2 / 238 ).

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:14   رقم المشاركة : 207
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا يجوز هجر المسلم لاختلاف وجهات النظر

السؤال

أعلم أنه يجوز للمسلم أن يغضب على أخيه مدة لا تتجاوز 3 أيام ، وأن خيرهما الذي يبدأ بالسلام ، لكن إذا كنت لا أرى هذا الأخ إلا مرة واحدة في الأسبوع أو ما يقارب ذلك

فهل يجوز لي أن أعرض عنه بعد مواجهته 3 مرات ، أم أن علي أن أتقيد بالحد المذكور ( 3 أيام فقط ) ؟

إن أنا فعلت ، فإن الأخ سوف لن يعي أني مستاء منه

أعلم أن هذا الأسلوب ليس من الأساليب الحسنة التي يحرص المسلم على التخلق بها ، لكن قد يحصل أن يقوم أحد الإخوة بفعل شيء ما ، فأقرر إشعاره أني لا أوافقه فعله .


الجواب

الحمد لله


"هجر المسلم لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام "

رواه البخاري ( 5727 ) ومسلم ( 2560 ) ، ولا سيما إذا كان المؤمن قريباً لك أخاً أو ابن أخ أو عمّاً أو ابن عم فإن الهجر في حقِّه يكون أشد إثماً .

اللهم إلا إذا كان على معصية ، وكان في هجره مصلحة ، بحيث يقلع عن هذه المعصية فلا بأس به ، لأن هذا من باب إزالة المنكر

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم ( 49 )

والأصل أن هجر المؤمن لأخيه المؤمن محرّم حتى يوجد ما يقتضي الإباحة" .انتهى.

انظر " فتاوى منار الإسلام " لابن عثيمين ج/ 3 ص/732 .

وقال ولي الدين العراقي :

"هذا التحريم محله في هجرانٍ ينشأ عن غضب لأمر جائز لا تعلق له بالدين ، فأما الهجران لمصلحة دينية من معصية أو بدعة : فلا مانع منه

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجران كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم ، قال ابن عبد البر : وفي حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت له منه بدعة أو فاحشة

يرجو أن يكون هجرانه تأديباً له وزجراً عنها ، وقال أبو العباس القرطبي : فأما الهجران لأجل المعاصي والبدعة فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك ولا يختلف في هذا ، وقال ابن عبد البر –

أيضاً - : أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا أن يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه

فإن كان كذلك رخص له في مجانبته ، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية" .

"انتهى من طرح التثريب " ( 8 / 99 ) .

والذي ينبغي عليك إذا ارتكب أخوك محرّماً مناصحته وبيان حرمة هذا الأمر وأنه لا يجوز ، وتذكّيره بالله ، فإذا رأيت منه تمادياً على هذه المعصية ورأيت أن المصلحة في هجره فهذا حكمه الجواز كما سبق

وأما إن كان مجرّد فعل لا توافقه عليه ، أو اختلاف وجهات النظر فبيّن له عدم موافقتك لفعله أو خطأه في وجهة نظره ، أما أن تجعل من هجره إشعاراً بعدم موافقته فهذا قد يؤدي به إلى عدم القبول منك أصلاً

فضلاً عن أنه لا يعتبر ذلك مسوغاً شرعيّاً لهجره أكثر من ثلاثة أيام ، وسبق في فتوى الشيخ ابن عثيمين أن الأصل في الهجر الحرمة حتى يوجد ما يقتضي الإباحة .

والواجب على المسلم أن يكون واسع الصدر ، ناصحاً لإخوانه ، وأن يتحمّل منهم ويغض الطرف عن هفواتهم ، لا أن يستعجل في اتخاذ حل قد يكون سبباً للقطيعة والهجر المحرّم

وفّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، وصلى الله على نبينا محمد .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:17   رقم المشاركة : 208
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم التخاصم وفضل الإصلاح بين المتخاصمين

السؤال


لدينا في الفصل زميلتان متخاصمتان في رمضان ، ومنذ فترة طويلة وهم على ذلك الحال ، والعلاقة بيني وبينهم ليست قوية ، أريد أن أصلح بينهما لأحصل على أجر الإصلاح بين الناس

وأريد رسالة أكتبها إليهما ، ولكني أخشى المواجهة ، أرجو أن تنال رسالتي اهتمامكم .


الجواب

الحمد لله

أولاً :

إن ما تحرصين عليه أيتها الأخت لهو من مكارم الأخلاق .

قال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) الأنفال/1 .

وقال تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/114 .

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإصلاح بين الناس أفضل من تطوع الصيام والصلاة والصدقة .

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ :

صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ) قَالَ الترمذي : وَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ : ( هِيَ الْحَالِقَةُ . لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ) .

رواه أبو داود ( 4273 ) والترمذي ( 2433 ) . وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .

وقد أجاز الشرع المطهر الكذب من أجل هذا الأمر العظيم ، فيجوز لكِ أن تنقلي لكلا الطرفين المتخاصمين مدح الطرف الآخر وثناءه عليه ، رغبةً في الإصلاح ، وليس هذا من الكذب المحرم .

عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) . رواه البخاري ( 2495 ) .

ثانياً :

الهجر بين المسلمين من المحرمات ، ويمكنك تذكير الطرفين بالنصوص الدالة على هذا ، ومنها :

من القرآن الكريم :

أ. قال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/46 .

ب. وقال تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران/103 .

ومن السنة النبوية :

أ. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَبَاغَضُوا ، وَلا تَحَاسَدُوا ، وَلا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا

وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) رواه البخاري (6065) ومسلم (2559) .

ب. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ

يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) . رواه البخاري (5727) ومسلم (2560) .

ج. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ

فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) . رواه مسلم ( 2565 ) .

قال النووي :

" ( أَنْظِرُوا هَذَيْنِ ) أي : أَخِّرُوهُمَا حَتَّى يَرْجِعَا إِلَى الصُّلْح وَالْمَوَدَّة " . انتهى .

د. عن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ) . رواه أبو داود ( 4915 ) .

وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" ( 2762 ) .

فهذه النصوص تدل على تحريم هجر المسلم لأخيه ، بترك السلام عليه والإعراض عنه أكثر من ثلاثة أيام ، ما لم يكن الهجر بسبب شرعي ويترتب عليه مصلحة فإنه يجوز أكثر من ثلاثة أيام .

فعليك أن تذكري المتخاصمتين بهذه الآيات والأحاديث ، وتحاولي التقريب بين وجهات النظر ، والحث على نبذ الفرقة والخلاف

ويمكنك مخاطبة كل واحدة منهما مباشرة كما يمكنك كتابة هذه النصوص في ورقة ودفعها لهما لقراءتها .

ونسال الله أن يوفقك لما فيه الخير .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:21   رقم المشاركة : 209
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى السيادة في قوله صلى الله عليه وسلم : (أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مَا خَلَا النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ)

السؤال :

روى ابن ماجه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين )

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ فاطمة سيدة أهل الجنة ، فهل المقصود بالسيادة هنا أنه سيكون لهم الحكم والملك في الجنة ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

روى الترمذي (3666) ، وابن ماجة (95) عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مَا خَلَا النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ) .

وروى البخاري (3623) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة رضي الله عنها : ( أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ ؟ ) .

وروى الترمذي (3781) وحسنه ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ هَذَا مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلِ الأَرْضَ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ وَيُبَشِّرَنِي بِأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ

وَأَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ)وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وأفضل الصحابة، بل أفضل الخلق بعد الأنبياء عليهم االسلام: أبو بكر الصديق ، ثم من بعده: عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب

" انتهى من "الباعث الحثيث" (ص 183)

وينظر : "فتح المغيث" للسخاوي (4/ 113)

"الصواعق المحرقة" للهيتمي (2/ 706) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وهما - يعني الحسن والحسين - رضي الله عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهَذَا الصِّنْفُ أَكْمَلُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ "

انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4/ 169) .

وقال القاري رحمه الله :

" الْكُهُولُ: جَمْعُ الْكَهْلِ، وَهُوَ - عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ - مَنْ جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إِلَى إِحْدَى وَخَمْسِينَ، فَاعْتَبَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا حَالَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ كَهْلٌ

وَقِيلَ: سَيِّدَا مَنْ مَاتَ كَهْلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا كَهْلٌ ، بَلْ مَنْ يَدْخُلُهَا ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ ، وَإِذْ كَانَا سَيِّدَيِ الْكُهُولِ ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَا سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِهَا "

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (9/ 3913) .

ويؤيد ذلك ما رواه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (602) عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَقَالَ: ( يَا عَلِيُّ، هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشَبَابِهَا بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ) .

وحسنه محققو المسند ، وكذا حسنه الألباني في "الصحيحة" (2/468) .

ثانيا :

المقصود بالسيادة في هذه الأحاديث : الأفضلية ، فهؤلاء السادة هم أفضل أهل الجنة ، ومقدموهم ، قال المناوي رحمه الله :

" السيد : أفضل القوم ؛ كما ورد : ( قوموا إلى سيدكم ) أي أفضلكم " .

انتهى من "فيض القدير" (4/ 120) .

وجاء في " لسان العرب " (3/ 228) .

" والسَّيِّدُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ وَالْمَالِكِ وَالشَّرِيفِ وَالْفَاضِلِ وَالْكَرِيمِ وَالْحَلِيمِ ومُحْتَمِل أَذى قَوْمِهِ وَالزَّوْجِ وَالرَّئِيسِ والمقدَّم " انتهى .

وليس المقصود بالسيادة أنه سيكون لهم الحكم والملك في الجنة ، فيحكمون على غيرهم ويسوسونهم ، كما يحكم الأمير والقاضي في أهل الدنيا

فالحكم والملك كله لله يوم القيامة ، ولكل واحد من أهل الجنة ملكه الخاص به ، يتنعم به ، وبما فيه من قصور وجنات وزوجات .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:24   رقم المشاركة : 210
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحكمة من قصر عمر هذه الأمة عن أعمار من سبقها من الأمم .

السؤال:

ما سبب أن أعمار قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم قصيرة ، وأعمار الأمم السابقة طويلة ؟

الجواب :

الحمد لله

أعمار هذه الأمة قصيرة بالنسبة لمن سبقهم من الأمم ؛ روى الترمذي (3550) وحسنه ، وابن ماجة (4236) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ ) .
وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .

وهذا من حكمة الله تعالى وقدرته وعلمه ، فيطيل أعمار من يشاء من عباده ، ويقصر من أعمار من يشاء منهم ، ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون .

وقد تكلم بعض أهل العلم في الحكمة من ذلك ، فقيل : هذا من رحمة الله بهذه الأمة ، قصر أعمارهم ، لئلا يبطروا ويستكبروا .

قال الطيبي رحمه الله

: " هذا من رحمة الله بهذه الأمة ورفقه بهم ، أخرهم في الأصلاب ، حتى أخرجهم إلى الأرحام بعد نفاد الدنيا، ثم قصر أعمارهم لئلا يلتبسوا بالدنيا إلا قليلا

فإن القرون السالفة كانت أعمارهم وأبدانهم وأرزاقهم أضعاف ذلك ، كان أحدهم يعمر ألف سنة ، وطوله ثمانون ذراعا ، وأكثر، وأقل ، وحبة القمح ككلوة البقرة ، والرمانة يحملها عشرة

فكانوا يتناولون الدنيا بمثل تلك الأجساد ، وفي تلك الأعمار، فبطروا واستكبروا وأعرضوا عن الله ( فصب عليهم ربك سوط عذاب) ، فلم يزل الخلق ينقصون خلقا ورزقا وأجلا

إلى أن صارت هذه الأمة آخر الأمم ، يأخذون أرزاقا قليلة ، بأبدان ضعيفة ، في مدة قصيرة ، كيلا يبطروا، فذلك رحمة بهم "

انتهى من "فيض القدير" (2/ 11) .

وقيل : ليخف حسابهم يوم القيامة ، فلا يتأخروا عن دخول الجنة :

قال المناوي رحمه الله :

" فَأكْرم الله هَذَا الأمّة - يعني بذلك - بقلة عقابهم ، وحسابهم المعوّق لَهُم عَن دُخُول الْجنَّة "

انتهى من "التيسير" للمناوي (1/ 176) .

وقيل : ليجتهدوا في العمل :

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" إنما طَالت أَعَمَّار الأَوَائِل لطول البَادِيَة ، فَلَمَّا شَارف الركب بلد الإِقَامَة ، قِيْلَ: حُثُّوا المَطِيّ "

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (21/372) .

وقال ابن بطال رحمه الله :

" وكذلك إعلامه صلى الله عليه وسلم لهم : أن رأس مائة سنة ، لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد ، إعلام منه لهم أن أعمار أمته ليست بطول أعمار من تقدم من الأمم السالفة ، ليجتهدوا في العمل

وقد بيَّن ذلك في حديث آخر، فقال: ( أعمار أمتي من الستين إلى السبعين وأقلهم من يجاوز ذلك ) " .

انتهى من "شرح صحيح البخارى" (2/ 224) .

وقيل : عوضهم عن قصر أعمارهم بمضاعفة الثواب لهم :

قال الطوسي رحمه الله :

" ومن رحمة الله بهذه الأمة أن جعلهم في آخر الزمان، وجعل أعمارهم قصيرة ، وضاعف لهم الثواب " .

انتهى من " نزهة المجالس " (2/ 183) .

فعوضهم الله بليال وأزمنة وأمكنة ومناسبات تتضاعف فيها الأجور ، كليلة القدر وعشر ذي الحجة ، وصيام عرفة ، وغير ذلك .

فأقام الله الحجة على الأولين والآخرين بطول أعمار الأولين ، وأعلمهم أنه من يهده الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلا هادي له ، ولو عمر في الأرض آلاف السنين .

وجعل في الأولين عبرة للآخرين ، ثم قصر أعمار الآخرين ، رحمة بهم ، وبارك لهم ، وضاعف لهم أجورهم .

وهذه كلها : إنما هي اجتهادات ممن قالها من أهل العلم ، ليس في شيء منها ما دل واضح الدليل على صوابه ، وأنه حكمة الله في خلقه ؛ فالله أعلم بالصواب من ذلك كله

أو غيره ، وإنما ينبغي للعبد تلمس ما ينفعه من ذلك ، فيعلم أن عمره قصير ، كما أن أعمار الأمة فيمن سبقها : قصيرة ، فليجتهد غايته في تعمير وقته بما ينفعه عند الله وفي الدار الآخرة .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc