ايجار المحلات السكنية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ايجار المحلات السكنية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-01-28, 17:32   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 ايجار المحلات السكنية

عنوان هذه المذكرة إيجار المحلات السكنية التابعة لدواوين الترقية و التسيير العقاري



















إن ظاهرة السكن الحقير التي برزت في شكل أكواخ و أحياء قصديرية في المدن و القرى فرضت على الدولة منذ الاستقلال وضع سياسة اجتماعية قصد توفير سكن محترم للعمال و لفئات المواطنين الأكثر حرماناً، تطلب تنفيذ هذا البرنامج إصدار عدة نصوص تشريعية تتضمن كيفية إدارة و تسيير هذه السكنات( ) من بينها خلق ما يسمى بـدواوين الترقية و التـسيير العقار؛ التي تـعتبر مؤسسات عمومية وطنية ذات طابع صـناعي و تجاري( ).
و باعتبار ديوان الترقية هو المختص بإيجار المحلات السكنية التابعة له، فانه يتعين علينا بادئ ذي بدء التطرق بإيجاز إلى مراحل نشأة دواوين الترقية و التسيير العقاري ثم نتطرق لتحديد طبيعتها القانونية و مهامها و طريقة تسييرها، حتى يكون لنا نظرة متكاملة عن الجهاز المسؤول عن إيجار المحلات السكنية التي هي موضوع بحثنا هذا.
فبعد خروج المعمر الفرنسي من البلاد، بقيت أملاك المعمرين شاغرة، فتم اتخاذ إجراءات تضمن تسيير هذا الكم الهائل من الثروة العقارية و من أهم الإجراءات التي اتخذتها البلاد آنذاك هو صدور الأمر رقم 66/102( )، الذي بموجبه أصبحت الأملاك التي بحوزة شاغليها ضمن أملاك الدولة و تم إخضاع تلك المحلات لنظام الإيجار الذي تم إسناد مهمة القيام به في مرحلة أولى إلى مصالح السكن بالولاية و تم إحداث مؤسسة عمومية للتسيير في شكل مكتب للسكن المعد للكراء على مستوى كل ولاية ثم في مرحلة لاحقة تم تحويل تلك المكاتب لمكاتب جديدة تدعى مكاتب الترقية العقارية و التسيير العقاري تتمتع بالاستقلال الذاتي وتخضع لوصاية الدولة عليها عن طريق الوالي( ) و تم إنشائها بموجب الأمر 74/63 ( ) ثم تبعته عدة نصوص أخرى منها الامر76/93 ( ) ، و في نفس السياق تم إصدار المرسوم التنفيذي76/143 ( )، و لقد تم إنشاء هذه المكاتب


لبناء المساكن من اجل الإيجار الجماعي و الفردي و كذا تسيير هذه البرامج و مراقبة و جرد هذه السكنات و نتج عن صدور المرسوم 76/144 ( ) ،حل المكاتب العمومية للسكن معتدل الكراء التي أنشئت خلال فترة الاستعمار ثم تبعه صدور عدة مراسيم و قوانين لتنظيم العلاقة بين المؤجرلمستأجر لغاية صدور المرسوم 85/270 ( ) ،المتضمن إنشاء دواوين الترقية و التسيير العقاري ثم جاء المرسوم التنفيذي 91/147 و الذي ألغى المرسوم 85/270 و غير الطبيعة القانونية لديوان الترقية و التسيير العقاري و حدد كيفية تنظيمه و عمله ثم جاء المرسوم 93/08 ( ) ،الذي تمم و عدل المرسوم التنفيذي 91/ 147 و تم بموجبه إخضاع دواوين الترقية لوصاية الوزير المكلف بالسكن بعدما كانت خاضعة لوصاية الوالي.
و لدراسة إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية يستوجب منا تحديد طبيعته القانونية التي على أساسها يمكن تحديد الاختصاص القضائي للمنازعات التي يكون ديوان الترقية طرفاً فيها فاختلفت الطبيعة القانونية لدواوين الترقية باختلاف النصوص القانونية المنظمة لها، فبالرجوع للأمرين 74/63 و 76/93 نجدهما كيفا مكاتب الترقية على أنها مؤسسات إدارية تخضع لوصاية الوالي تحت إشراف وزير الأشغال العمومية و البناء و وزير المالية و وزير الداخلية ثم جاء المرسوم 85/270 ليغير تنظيم دواوين الترقية العقارية في الولاية و عملها و إعطائها اسماً جديداً و كيف طبيعتها على أنها مؤسسات عمومية ذات طابع اقتصادي تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي ثم جاء المرسوم التنفيذي 91/147 و كيفها على أنها، مؤسسات عمومية ذات طابع تجاري و صناعي، تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و تعد تاجرة في علاقتها مع الغير و تخضع لقواعد القانون التجاري و ألحق بها المشرع صفة التاجر و هذا ما تم تأكيده بموجب المرسوم التشريعي 93/03( ).
ولقد اختلفت اهتمامات دواوين الترقية و التسيير العقاري في مجال الإسكان حسب السياسة المتبعة من طرف الدولة، أين أتبع نظام الإيجار من تاريخ نشأة ديوان الترقية لغاية صدور القانون 81/01 الذي بموجبه تم التنازل عن الأملاك العقارية ذات الإستعمال السكني لحساب المستأجرين الشرعيين المستوفين لالتزاماتهم الإيجارية ،ثم تم بيع الأملاك المشروع في إستغلالها بعد 01/01/1981 بموجب القانون 86/03 و طبقا



للمرسوم التنفيذي 97/35 ( ) أدخلت سياسة جديدة في مجال الإسكان و أصبحت دواوين الترقية تهتم بترقية و تسيير الأملاك العقارية الموضوعة تحت تصرفها، ثم جاء المرسوم التنفيذي 97/506 ( ) الذي طبق على السكنات المستغلة بعد 01/01/1998 ، ثم تلاه المرسوم التنفيذي 98/42 ( ) ، الذي تم تعديله بموجب المرسوم التنفيذي 04/334 المحدد لشروط الحصول على هذه السكنات.
أما عن تسيير و إدارة دواوين الترقية فكان ينظمهما المرسوم التنفيذي 91/147 الذي تم تعديله بموجب المرسوم التنفيذي 93/08 ثم جاء المقرر 676 المؤرخ في 20/06/2005 المتضمن تعيين أعضاء إدارة ديوان الترقية تطبيقا لأحكام المادة 03 من المرسوم 93/08 .
ونظرا لأهمية هذا الموضوع ألا و هو موضوع الإيجار الذي يشكل الشغل الشاغل للمواطن الجزائري، لاسيما الطبقة الضعيفة منه و المحدودة الأجر ارتأينا تسليط الضوء على إيجار السكنات الإجتماعية التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري نظرا لأهميتها و للدور الذي لعبته و لا زالت تلعبه في حل أزمة السكن التي تعاني منها البلاد، دون التركيز على السكنات الترقوية، و ذلك بالإجابة على عدة أسئلة تتعلق بهذا الموضوع منها:
• كيفية انعقاد عقد الإيجار المبرم بين ديوان الترقية و المستأجر؟
• ما هو القانون الواجب التطبيق على هذا النوع من العقود من حيث الإبرام و الآثار المترتبة عليه و كذا طرق إنتهاء العلاقة الإيجارية بين المتعاقدين؟.
• ما هي جل المنازعات التي تطرح على مستوى الجهات القضائية فيما يتعلق بهذا النوع من العقود؟.
من خلال هذه الإشكالات حاولت مناقشة هذا الموضوع في ثلاثة فصول أساسية ، ونظرا لكون الفصل المتعلق بالإنتهاء مطول نوعا ما إرتأيت جعله في فصل مستقل عن الآثار المترتبة عن عقد الإيجار، وتطرقت لدراستها كما يلي:
* الفصل الأول: كيفية إبرام عقد إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية، و الآثار المترتبة عنه.
* الفصل الثاني :إنتهاء عقد الإيجار.
* الفصل الثالث: أهم المنازعات الناشئة عنه.


الفصل الأول
إبرام عقد الإيجار و الآثار المترتبة عنه
إن إيجار المحلات السكنية التابعة لدواوين الترقية و التسيير العقاري من أهم العقود المطروحة أمام الجهات القضائية لتعلقها بأهم حاجيات المواطن و هو السكن، لذا فهو يطرح إشكالات عدة في الواقع العملي.
وعلى هذا الأساس ارتأينا البدأ بتوضيح مفهوم عقد الإيجار قبل التطرق إلى إجراءات و شروط إبرام هذا العقد في مبحث أول، ثم تبيان الآثار المترتبة عن إبرامه في مبحث ثان كالتالي:

المبحث الأول
مفهوم عـقد الإيـجار و إجراءات إبرامه

قبل التطرق إلى كيفية إبرام عقد الإيجار بين ديوان الترقية و المستأجر باعتباره عقد خاص، كان من الأولى تحديد مفهوم هذا العقد بتعريفه و معرفة خصائصه و طبيعته القانونية في مطلب أول، و بعد ذلك نعرض الإجراءات المتبعة لإبرامه في المطلب الثاني.

المطلب الأول : مفهوم عقد الإيجار
نتناول هذا المطلب في ثلاث فروع كالآتي:
- تعريف عقد إيجار المحلات السكنية التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري.
- خصائص هذا العقد.
- طبيعته القانونية.
الفرع الأول : تعريف عقد الإيجار
عقد الإيجار، هو عقد من العقود المسماة، نظمه المشرع الجزائري في القانون المدني، وبموجب نصوص قانونية خاصة، منها المرسوم التنفيذي 76/147 ( ) ويعتبر عقد الإيجار من أهم العقود المسماة بعد عقد البيع، بحيث يتيح للمؤجر استغلال ملكه، ويتيح للمستأجر الانتفاع بما لا يملك.

والمشرع الجزائري لم يعطي تعريفا لعقد الإيجار، واكتفى بالنص في المادة 467 من القانون المدني على شروط إبرام العقد كما بلي:« ينعقد الإيجار، بمقتضى عقد بين المؤجر والمستأجر.......».
وعرفته الشريعة الإسلامية على أنه » تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من العين المؤجرة في الشرع ونظر العقلاء بعوض يصلح أجر «( ).
وعرفه المشرع المصري في المادة 558 من القانون المدني المصري على انه: « الإيجار عقد، يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم».
مما سبق يتضح لنا أن الإيجار طبقا للقواعد العامة، يتم بموجب عقد بين المؤجر والمستأجر و بالرجوع لإيجار المساكن التابعة لدواوين الترقية، نجد أن المشرع قد حدد لها إجراءات خاصة، نظرا للطبيعة الإجتماعية لهذه السكنات و ما يميز هذا العقد هو أن العلاقة الإيجارية التي تنظمه تخضع لنظام خاص، و هذا ما نصت عليه المادة 25 من المرسوم 91/454( ) كما يلي:« تخضع شروط منح العقارات السكنية أو المهنية التي آلت ملكيتها للدولة بموجب الأمر 66/102 .......للمرسوم 76/147 المؤرخ في 23 أكتوبر 1976»،و يجب تجسيد العقد في شكل نموذج محدد سلفا نصت عليه المادة الثانية من المرسوم 76/147 فيما يلي:« تبرم إجارة المنازل المشار إليها في المـادة السابقة، بموجب عقد طبقا للأحكام المنصوص عليها فيما بعد، وحسب النموذج المرفق بالملحق ».

الفرع الثاني: خصائص عقد الإيجار
عقد إيجار السكنات التابعة لدواوين الترقية و التسيير العقاري تتميز عن غيرها من العقود الأخرى بمجموعة من الخصائص فرضها المشرع على طرفي العقد و هذا راجع للهدف المسطر من قبل الدولة في إنشاء مثل هذه السكنات و الذي يوحي بأنها مخصصة لشريحة من المجتمع و هي العائلات و الأفراد ذوي الدخل الضعيف، و تتمثل مجمل هذه الخصائص فيما يلي:
أولا : اشتراط وجود عقد إيجار خاص :
طبقا للمادة 02 من المرسوم التنفيذي 76/147 «تبرم إجارة المنازل المشار إليها في المادة السابقة بموجب عقد طبقا للأحكام المنصوص عليها فيما بعد وحسب النموذج المرفق بالملحق» ولقد جاء المرسوم التنفيذي رقم 97/35 ( )وأخضع عقد الإيجار الصادر عن ديوان الترقية إلى النموذج المنصوص عليه في

المرسوم 94/69( ) بالنسبة للإيجارات الصادرة بعد شهر أكتوبر 1992 فنصت المادة الثالثة من المرسوم السابق على مايلي:« يمكن ديوان الترقية والتسيير العقاري، كل ممن يحوز مقرر إستفادة الذي سلم له في إطار التنظيم المعمول به من إيجار الأملاك المنصوص عليها على أساس عقد إيجار» وعليه كل من يستند إلى سند غير عقد الإيجـار المنصوص عليه في النمـوذج الملحـق بالمرســم 76/147 بالنسبة للإيجارات المسلمة قبل شهر أكتوبر 1992 أو إلى عقد غير المنصوص عليه في المرسوم 94/69 بالنسبة للإيجارات المسلمة بعد شهر أكتوبر 1992، فإن هذا العقد لا يعد حجة على المؤجر أي ديوان الترقية والتسيير العقاري.
ثانيا: منح حق التبادل:
يمكن للمستأجرين الذين يشغلون السكنات التابعة لديوان الترقية، بموجب عقود قانونية، القيام بتبادل سكناتهم، على أن يكون هذا التبادل بمعرفة من المؤجر وبعد ترخيص منه، ويبقى طرفا التبادل مسؤولين بما عليهم من إلتزامات إتجاه المؤجر بالنسبة للسكن الذين كانوا يحتلونه فنصت المادة 15 من المرسوم 76/147 على ما يلي « يستطيع المستأجرون المقيمون في نفس المنطقة و المستفيدون بحق البقاء بالعين المؤجرة أن يتبادلوا محال السكنى التي كانوا يشغـلونها من أجل إستعمـال أفضـل للعائلـة وعلى كل مبادل أن يخطر المصلحة المؤجرة التابعة لها، وعلى هذه الجهة أن تعرض طلب التبديل على اللجنة المختصة إقليميا بتوزيع السكن، ولا تقبل المصلحة المؤجرة بهذا التبديل إلا بعد صدور ترخيص صريح من اللجنة المذكورة، ويضل المستأجر الذي قام بالتبديل، ملزما اتجاه المصلحة المؤجرة بجميع الإلتزامات المترتبة على إستأجاره لمنزل كان يشغله قبل التبديل » وبعض الأفراد المتحصلين بموجب عقود إيجار على سكنات تابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري يقومون بعملية تبادل بهذه المساكن دون الحصول على إذن صريح من لجنـة منـح السكن، وكان موقـف المحكمـة العليـا من هذه التصرفات في القرار( ) الذي جاء فيه «من المقرر قانونيا من المرسوم رقم 76/147 المؤرخ في 23/10/1976 المتضمن تنظيم علاقات الإيجار من ديوان الترقية والتسيير العقاري و المستأجرين أن التبادل أو التخلي عن المساكن المملوكة للدولة يخضع للموافقة الصريحة للهيئة المسيرة، ومن ثم فإن التخلي عن القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير مؤسس، ولما كان من الثابت في قضية الحال أن عملية التبادل للسكنيـن المملوكين للدولة تمت بدون الموافقة الصريحة للهيئة المسيرة وان قضاة الموضوع بقرارهم الرافض لهذه العملية أصابوا في تطبيق القانون ».
ثالثا: أن المشرع وضع قيودا على كل من المؤجر و المستأجر لقيام العلاقة الإيجارية بالنسبة للإيجارات التابعة لديوان الترقية، فاشترط المشرع في الشخص الذي يريد الإستفادة من سكن إجتماعي أن تتوافر فيه جملة من الشروط نص عليها المرسوم التنفيذي رقم:98/42 المؤرخ في 01/02/1998 المعدل بموجب

المرسوم التنفيذي رقم:04/334 المؤرخ في 24/10/2004 الذي يحدد شروط وكيفيات الحصول على المساكن العمومية الإيجارية ذات الطابع الإجتماعي .
رابعا: ان العلاقة الإيجارية قد تقوم بقوة القانون في حالات جاء بها المرسوم التنفيذي 76/147 فيمايلي:
1- حالة غياب أو وفات أو تخلي المستأجر الأصلي عن محل إقامته، فتؤول إستفادة هذا المسكن لأعضاء عائلته الذين كانوا يعيشون معه مدة أكثر من ستة أشهر.
2- حالة ترميم أو تحسين المسكن من قبل المصلحة المؤجرة على هذه الأخيرة أن تعوض المستأجر بمنزل آخر صالح للسكن خلال فترة الأشغال .
خامسا: أجاز المشرع نقل حق الإيجار، وفقا لما جاء به المرسوم 98/43( )على أن تكون للفروع من الدرجة الأولى الذين تتوافر فيهم شـروط الحصـول على سكن إجتماعي وكذا الأشخاص الذين تتوافر فيهم شروط حق البقاء في مساكنهم وفقا للأحكام التشريعية المعمول بها.
سادسا: أن بدل الإيجار محدد بموجب مراسيم و لا يحق للمصلحة المؤجرة أن تحدده بنفسها.
سابعا:من خصوصيات هذا العقد هو حرمان المستأجر من العين المؤجرة في حالة عدم شغله لها بنفسه أو بواسطة أفراد عائلته لمدة لا تقل عن 08 أشهر أثناء السنة الإيجارية باستثناء انتقال المستأجر إلى مدينة أخرى بحكم التزاماته المهنية
ثامنا: ممارسة حق الشفعة طبقا لنص المادة 23 من المرسوم التشريعي 93/03 .
هذه مجـمل الخصائص التي تميزعقد إيجار المساكن التابعة لديوان الترقية و من خلالها يمكن تحديد الطبيعة القانونية لهذا العقد و التي سنتناولها فيما يلي:

الفرع الثالث : الطبيعة القانونية لعقد إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية:
يمكن القول أن العقد المبرم بين ديوان الترقية و المستأجر ليس بقرار إداري لأنه يصدر بتوافق إرادتين اثنتين وليس بإرادة الديوان وحده، و هذا ما سنراه في المطلب الثاني عند التطرق لإجراءات إبرام العقد، ، كما أن ديوان الترقية لا يستطيع طرد المستأجر بإرادته المنفردة و دون اللجوء للقضاء وعليه في حالة إخلال المستأجر بالتزماته يلجأ ديوان الترقية والتسيير العقاري إلى القضاء لاستيفاء حقوقه منه، بالإضافة إلى كل ما سبق فإننا وعند التطرق لإجراءات إبرام عقد الإيجـار سنجده يمر بمرحلتيـن اثنتين الأولى تتعلـق بالحصول على مقرر إستفادة من لجنة الدائرة المختصة ثم يتم إبرام عقد الإيجار مع ديوان الترقية والتسيير العقاري، مما

يدفعنا للقول بأنه لو أراد المشرع أن يتم الحصول على هذه السكنات بموجب قرار إداري، لجعل الاستفادة من المحل السكني تتوقف على حصول المستفيد على مقرر إستفادة من لجنة الدائرة دون اللجوء لإبرام عقد بين المستأجر والمصلحة المؤجرة .
لكن السؤال المطروح لا يقف عند هذا الحد، بل يتعداه لتحديد الطبيعة القانونية لهذا العقد هل يعد العقد المبرم بين ديوان الترقية والتسيير العقاري بإعتبارها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري وبين المستأجر بإعتباره شخص طبيعي و في غالب الأحيان ينتمي للطبقة المحرومة ذات الدخل المحدود عقد إذعان أم لا؟
بالرجوع لنص المادة 70 من القانون المدني نجدها تنص على أنه « يحصل القبول في عقد الإذعان بمجرد التسليم لشروط مقررة يضعها الموجب و لا يقبل مناقشة فيها » من خلال نص هذه المادة نخلص للقول بأن مركز المتعاقدين في عقد الإذعان غير متساوي و أن الطرف الضعيف يكون قبوله بغير نقاش للإيجاب الصادر من الطرف القوي و الذي غالبا ما يكون موجه للجميع دون تحديد شخص معين و غالبا ما يكون عقد الإذعان في شكل نموذج محدد سلفا ما على الطرف المتعاقد مع الإدارة إلا الموافقة على الشروط التي جاءت فيه.
فإذا قمنا بمقارنة بين خصائص عقد إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري وبين عقد الإذعان ، لوجدنا نقاط إتفاق ونقاط إختلاف بينـهما ، فبـالنسبة لعدم تساوي المتعاقدين من الناحية الإقتصادية و الإجتماعية فالفرق واضح بإعتبار أن ديوان الترقية هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري أما المستأجر فهو شخص طبيعي من الفئة ضعيفة الدخل كذلك نجد أن نموذج عقد الإيجار محدد سلفا من طرف المشرع وذلك بموجب المرسومين 76/147 و 94/69.
غير أن عقد الإيجار الخاص بالسكنات التابعة لديوان الترقية لا يتدخل فيه هذا الأخير بإرادته المنفردة في تحديد الشخـص المتعاقد معه، وعـلى هذا الأساس لا يمكن إعتبار عقد الإيـجار المبرم بين ديوان الترقية و المستأجر عقد إذعان بمعنى الكلمة رغم أنه يحمل في طياته بعض مميزات عقود الإذعان، فهو عقد من نوع خاص بين عقد الإذعان و العقود الخاصة المبرمة بين الأشخاص الطبيعيين.

المطلب الثاني: إجراءات إبرام عقد إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية
إبرام عقد إيجار المساكن الاجتماعية التابعة لدواوين الترقية والتسيير العقاري تستلزم إجرائين هامين وهما:- مرحلة إعداد قائمة المستفيدين.
- مرحلة إبرام عقد الإيجار


ولقد حدد المشرع في المرسوم التنفيذي رقم 04/334( )، إجراءات الحصول على هذه المساكن من شروط التسجيل إلى الإجراءات المتبعة في إعداد قائمة المستفيدين إلى طرق الطعن في هذه القائمة و ذلك كما يلي:
الفرع الأول: إعداد قائمة المستفيدين:
إن الهيئة المكلفة بإعداد قائمة المستفيدين من السكنات الإجتماعية التابعة لدواوين الترقية، خضعت لعدة تغيرات، سنتطرق إليها بالترتيب الزمني حتى نصل لآخر تعديل والمتمثل في المرسوم التنفيذي رقم 04/334 المؤرخ في 24/10/2004 .
في البداية أسندت مهمة توزيع السكنات الاجتماعية إلى لجنة منح السكنات على مستوى البلدية بموجب المرسوم رقم 76/145( ) لغاية سنة 1989.
و ابتداء من سنة 1989 و بموجب المرسوم التنفيذي 89/35( ) ، تحولت لجنة المنح من البلدية إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري، الذي ألغى المرسوم 76/145 وأصبحت طلبات المساكن تودع لدى دواويـن الترقية و بموجب المرسوم التنفيذي 98/42( )، تم إعادة منح مهمة توزيع المساكن الإجتماعية إلى البلدية وتم نقل الملفات المتعلقة بطلب السكن و المسجلة لدى دواوين الترقية إلى البلديات المعنية في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من يوم نشر هذا المرسوم.
وبموجب المرسوم التنفيذي رقم 04/334 المؤرخ في 24/10/2004 تم تحويل مهمة توزيع المساكن الإجتماعية إلى الدائرة المختصة، و تشكل لذلك لجنة الدائرة لمنح السكنات الإجتماعية.
أما على مستوى لجنة الطعون فأصبح يترأسها الوالي شخصياً.
و لإعداد قائمة المستفيدين لهذه السكنات يجب إتباع الاجراءت التالية:
أولا: شروط التسجيل في القائمة:
كل شخص طبيعي مقيم منذ سنة على الأقل في البلدية التي توجد فيها مشاريع السكنات الإجتماعية المقرر توزيعها( ) له الحق في الإستفادة من السكنات موضوع المرسوم04/334 المؤرخ في 24/10/2004 و لا يمكن لأي شخص أن يحصل على سكن إيجاري ذي طابع إجتماعي إذا كان:

1- مالكا لسكن تتوفر فيه شروط النظافة والأمن الضروريين.
2- مالكا لقطعة أرض صالحة للبناء.
3- مستفيد من سكن إيجاري عمومي، ذو طابع إجتماعي.
4- مستفيد من إعانة مالية من الدولة في إطار شراء أو بناء مسكن( ).
وعليه فكل شخص توافرت فيه شروط الإستفادة، يمكنه أن يحرر طلب السكن في مطبوعة يحدد نموذجها الوزير المكلف بالسكن مرفق بالوثائق التالية:
1- شهادة عائلية أو شهادة شخصية للحالة المدنية حسب الحالة.
2- شهادة إقامة.
3- شهادة الأجرة، أو أي شهادة أخرى، تثبت المداخيل أو عدمها.
4- تصريح شرفي يحرر في مطبوع يحدد نموذجه الوزير المكلف بالسكن يقر من خلاله طالب السكن أنه يوافق على الشروط الواردة في أحكام المادة 04 من المرسوم التنفيذي 98/42 المؤرخ في 01/02/1998.
5- كل الوثائق الأخرى التي يراها طالب السكن ضرورية.
ثم يودع طلب السكن لدى الدائرة المعنية مقابل الحصول على وصل يحمل رقم التسجيل و تاريخه ( ) .
يسجل طلب السكن حسب النظام التسلسلي لتاريخ إستلامه، في سجل يرقمه ويؤشر عليه رئيس المحكمة المختصة إقليميا، و بعد التسجيل بالقائمة تأتي مرحلة دراسات الطلبات و التي نتطرق لها فيما يلي:
ثانيا: دراسة الطلبات:
يقوم ديوان الترقية بإرسال كشف وذلك قبل التاريخ المتوقع لتسليم برنامج السكنات بثلاثة (3) أشهر إلى كل من الوالي و المـدير المكلف بالسـكن في الـولاية يوضح فيه محتوى بـرنامج السكنات المعدة للإستغلال و موقعها ورزنامة تسليمها وخلال مدة 15 يوم إبتداءا من تاريخ استلام الكشف المذكور أعلاه، يحدد الوالي بقرار، تاريخ انطلاق أشغال لجنة الدائرة و اختتامها، بالإضافة إلى محتوى برنامج السكنات المقرر توزيعها مع مراعاة أحكام المادة 20 من المرسوم التنفيذي 98/42 المؤرخ في 01/02/1998 .
ولغرض التحقق ميدانيا من صحة المعلومات الواردة في طلبات السكن يشكل رئيس الدائرة فرقة للتحقيق أو أكثر، و يعين الوالي بقرار الأشخاص المفوضين لهذا الغرض، بناءا على إقتراح رئيس الدائرة المعني ويؤدي الأشخاص المفوضين لهذا الغرض، أمام رئيس المحكمة المختص إقليميا اليمين الآتية: « أقسم بالله العلي


العظيم، أن أقوم بأعمال وظيفتي بأمانة وصدق، وان أحافظ على السر المهني وأراعي في كل الأحوال الواجبات المفروضة عليا»( ).
ويخصص في كل برنامج، ثلث(1/3) المساكن المقرر توزيعها لطالبيها الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة ( ).
وقبل التعديل الذي جاء به المرسوم التنفيذي 04/334 المؤرخ في 24/10/2004 كانت طلبات السكن تدرس من طرف لجنة بلدية لمنح السكنات، في حين فإن المرسوم 04/334 جعل طلبات السكن تودع لدى لجنة الدائرة لمنح السكنات و التي تتكون من:
1- رئيس الدائرة رئيسا.
2- رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني.
3- ممثل المدير الولائي المكلف بالسكن.
4- ممثل المدير الولائي المكلف بالشؤون الإجتماعية.
5- ممثل ديوان الترقية والتسيير العقاري.
6- ممثل الصندوق الوطني للسكن.
ويعين أعضاء لجنة الدائرة بقرار من الوالي المختص إقليميا( ) ،وتتولى لجنة الدائرة المكلفة بمنح السكنات مهمة البت في صحة الطابع الإجتماعي للطلبات على أساس نتائج التحقيق التي قامت بها فرق التحقيق وتتداول بمقر الدائرة المعنية وتدون المداولات في سجل يرقمه ويؤشر عليه رئيس المحكمة المختص إقليميا وتحدد لجنة الدائرة قائمة المستفيدين المعتمدين، الذين يتم توزيع السكنات عليهم، حسب أصناف السكنات وحسب احتياجاتهم
العائلية وقدراتهم على الوفاء بالالتزامات المالية التي تقع على عاتقهم و ترتب حسـب الأولوية، الطلبات الواردة من الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة و الذين تزيد أعمارهم على 35 سنة على أساس مقاييس وسلم تنقيط الذي يحدده الوزير المكلف بالسكن بقرار( ) .
بعد المداولة تحدد لجنة الدائرة المعنية، قائمة المستفيدين التي تشمل على البيانات المتعلقة بهويتهم ولاسيما:
- أسماؤهم وألقابهم ونسبهم ( اسم الأب و الأم ).
- تاريخ الازدياد ومكانه.
- عنوان محل الإقامة.


و تعلق القائمة خلال 48 ساعة التي تلي تاريخ المداولة بمقر المجلس الشعبي البلدي المعني، وعند الضرورة في أماكن عمومية أخرى مدة 08 أيام ( ) ، حتى يتم تبليغ المستفيدين بالنتائج و يمنح فرصة للذين لم يستفيدوا من هذه السكنات من تسجيل الطعن، في القائمة و هذا ما سنتطرق له فيما يلي:
ثالثا : الطعن في قائمة المستفيدين:
بعد نشر قائمة المستفيدين، يمكن لكل طالب سكن، يرى أنه أجحف في حقه أن يقدم طعنا كتابيا مقابل إستلامه لوصل لدى اللجنة الولائية المختصة ويحدد الأجل المفتوح لهذا الغرض بثمانية (08) أيام، وتتكون لجنة الطعن من:
1- الوالي رئيسا.
2- رئيس المجلس الشعبي الولائي.
3- رئيس الدائرة التي أنشأت فيها المساكن الممنوحة.
4- المدير الولائي المكلف بالسكن.
5- المدير الولائي المكلف بالشؤون الإجتماعية.
6- المدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري.
7- ممثل الصندوق الوطني للسكن.
وتتولى مصالح الولاية كتابة لجنة الطعن ( ).
وعلى اللجنة أن تفصل في هذه الطعون، في أجل أقصاه 15 يوما، ولها القيام بجميع التحقيقات التي تراها ضرورية لإتخاذ القرارات النهائية التي تؤيد أو تعدل قرارات لجنة الدائرة لمنح السكنات، ويرسل الوالي عند إنتهاء أشغال التحقيق و المراقبة، القائمة النهائية للمستفيدين، مرفقة بنسخة من المحضر إلى:
- رئيس الدائرة المعني للقيام بالإجراءات الضرورية ولا سيما نشرها خلال 48 ساعة بمقر البلدية.
- المؤجر للتنفيذ وهو ديوان الترقية والتسيير العقاري، وذلك عن طريق إعداد عقد إيجار للمستفيدين.
رابعا: جزاء الإخلال بأحكام المرسوم التنفيذي 04/334 :
يعتبر كل قرار إستفادة، يتخذ خارج أحكام المرسوم التنفيذي04/334 باطلا ولا أثر له ويحرم المستأجر الذي أدلى بتصريحات خاطئة، ثبتت قانونا في ملف طلب السكن من حقوقه كمستأجر دون الإخلال بالمتابعات التي قد يتعرض لها، مع إلزامه برد مقابل الامتيازات و التي يكون قد تحصل عليها دون وجه حق كما ألزم المشرع المستأجر في حالة إستلامه للسكن أو كان له سكن وظيفي أو أي سكن إيجاري آخر تابع للممتلكات

العمومية أن يسلم وثيقة الإخلاء للمؤجر الجديد.
و تجدر الإشارة هنا، إلى أن المشرع حدد أجل أقصاه 30 يوما إبتداءا من نشر المرسوم التنفيذي 04/334 لتحويل كل الملفات المتعلقة بطلب السكن والمسجلة لـدى المجالــس الشعبية البلدية إلى الدائرة المعنية ويتم التحويل على أساس كشف يوقعه رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني، يبين فيه قائمة الملفات المحولة( ).
وما يمكن أن نستنتجه من خلال الإجراءات المتبعة في إعداد قائمة المستفيدين و الإجراءات الخاصة بتوزيع السكنات الإجتماعية، و الهيئة المكلفة بذلك، أن المشرع الجزائري، قد تفطن للسلبيات التي جاء بها المرسوم التنفيذي 98/42 والذي ترتب عنها البطئ في توزيع السكنات الإجتماعية بسبب عدم إعداد قائمة المستفيدين من طرف اللجان البلدية، أو لعدم نشرها في الوقت المحدد لها قانونا، مما جعل ديوان الترقية والتسيير العقاري، يتعرض لخسائر كبيرة بسبب الغلق ولفترة طويلة للسكنات الإجتماعية الجاهزة، مما ألزم ذلك ديوان الترقية من وضع حراس، لحمايتها، وبالتالي تكبد الديوان تكاليف باهظة لذلك دون أن ننسى ما يعاني منه المواطن المحروم الذي هو بحاجة ماسة لمثل هذه السكنات و زادته تلك الوضعية، بؤسا وحرمانا كبيرين ونتيجة لكل ذلك جاء المرسوم التنفيذي 04/334 ليعدل ويتمم المرسوم 98/42 المؤرخ في 01/02/1998 والمتعلق بشروط الحصول على المساكن العمومية الإيجارية ذات الطابع الإجتماعي و كيفيات ذلك فقام المشرع يجعل طلبات السكن تودع لدى الدائرة المعنية، و جعل اللجنة المختصة بفحص الطلبات هي لجنة الدائرة، و رئيس الدائرة هو المختص بتشكيل فرق التحقيق.
و لعل السبب الذي جعل المشرع يقوم بتحويل المهام التي كانت مسندة للجنة البلدية إلى لجنة الدائرة ؛ و ذلك لتجسيد فعالية الرقابة التي تمارسها الدولة في طريقة توزيع و تسيير مثل هذه السكنات، و بالرجوع إلى تشكيلة أعضاء لجنة دراسة الطلبات وفقا للتعديل الذي جاء به المرسوم 04/ 334 المؤرخ في 24/10/2004 نجد أن أغلبها هي أعضاء تمثل الدولة و ليست بممثلة للشعب بالإضافة؛ إلى أن لجنة الطعون أصبح يترأسها الوالي شخصيا و يسهر على التأكد من صحة الوثائق المقدمة لها، و التساؤل الذي يثور هو أنه في حالة تأييد
اللجنة الولائية المختصة بنظر الطعون لقرار لجنة الدائرة الرافض لطلب السكن، فهل يحق للمعني رفع دعوى ضد القرار النهائي للجنة القاضي بالرفض؟
بالرجوع للقواعد العامة و حسب المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية فإن قرار اللجنة هو قرار ولائي يطعن فيه أمام الغرفة الإدارية الجهوية.
الفرع الثاني: إبرام العقد
بعد إنتهاء المرحلة الأولى، من إعداد القائمة النهائية للمستفيدين، ترسل هذه الأخيرة لديوان الترقية والتسيير العقاري، من أجل إبرام عقد الإيجار مع المستفيدين، ولقد إشترط المشرع عند إبرام عقد الإيجار توافر


الشروط العامة لإبرام العقود، المنصوص عليها في القانون المدني إلا أن عقد إيجار سكنات ديوان الترقية، يستوجب شكلا معينا، خلافا لعقد الإيجار في القانون المدني الذي منح الحرية للأطراف في إعطاء أي شكل لعقد الإيجار و هذا قبل صدور المرسوم التشريعي93/03 ( ) .
وعليه فهناك شروط تتعلق بأطراف العقد، وأخرى تتعلق بموضوعه و أخرى تتعلق بالشكلية سنحاول التطرق إليها فيما يلي:
أولا: الشروط المتعلقة بأطراف العقد:
أطراف العقد هما: المؤجر وهو ديوان الترقية والتسيير العقاري، الذي يملك حق الإيجار أما المستأجر فهو ذلك الشخص الذي يملك حق شخصي قِبَلَ المؤجر.
أ‌- ولاية المؤجر:
هو ديوان الترقية و التسيير العقاري، و بإعتباره شخص معنوي فلقد نصت المادة 17 من المرسوم التنفيذي 91/454( ) في القسم الرابع الذي جاء تحت عنوان التأجير «... أما الأملاك العقارية الأخرى التابعة للأملاك الخاصة بالدولة و التي تسيرها المؤسسات و الهيئات المكلفة بتسيير القطاع العقاري العمومي فتستأجرها الهيئات المعنية، طبقا للتشريع المعمول به في هذا المجال».
نستخلص من نص هذه المادة أن الأملاك العقارية التابعة لديوان الترقية هو المختص بإيجارها و طبقا للمرسوم التنفيذي 91/147 ( ) فديوان الترقيـة و التسيير العقـاري هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري، تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و بالتالي أهلية إبرام عقود إيجار السكنات التابعة له
حسب المادة 06 من نفس المرسوم ، و نصت المادة 05 من المرسوم 91/147 على مايلي:
«تخول دواوين الترقية و التسيير العقاري فضلا عن ذلك بتسيير الأملاك العقارية المسندة له ....»
و تنص المادة 16 من نفس المرسوم على مايلي: « يتولى المدير العام مايلي .......يمثل الديوان إزاء الغير ويمكنه أن يوقع على جميع الوثائق التي تلزم الديوان ......».
من خلال هذه النصوص، يتضح لنا أن ديوان الترقية والتسيير العقاري، هو المؤجر للمحلات السكنية التابعة له، ولقد صدرت عدة قرارات عن المحكمة العليا تؤكد أن ولاية التأجير تعود لديوان الترقية و التسيير العقاري وليس لغيره، منها قرار عن المحكمة العليا( )،جاء فيه :« حيث أن دعوى الحال، تتعلق بإجبار المدعى

عليه الطاعن حاليا على التعاقد مع المطعون ضده، أو بمعنى آخر إلزامه بمنح السكن بدعوى أنه إستفاد منه بقرار إداري من والي الولاية، حيث أنه يتعين تذكير قضاة الموضوع أن دواوين الترقية والتسيير العقاري هي مؤسسات عمومية إقتصادية، تتمتع بالشخصية المعنوية و الإستقلال المالي، وهي حرة في التصرف في أملاكها و أموالها، ولا يمكن أن تخضع بمعنى القانون إلى أي سلطة، وان التعاقد في مجال الإيجار المتعلق بالسكنات التابعة لهذه الدواوين لا يخضع إلا لمقتضيات المادة 02 من المرسوم 76/147...».
وهناك قرار آخر ( ) أهم ما جاء فيه :«..... حيث انه تبين فعلا من الإطلاع على عقد الإيجار الذي إستفاد بموجبه الطاعن بالسكن المتنازع حوله، أنه أبرم بينه وبين ديوان الترقية والتسيير العقاري، وعلى هذا الأساس، فإن الوالي يعتبر خارج عن العقد المذكور ولا يمكنه التقاضي بشأنه، وعليه فهذا الوجه مؤسس ويترتب عنه النقض».
ب – أهلية المستأجر:
المستأجر هو صاحب حق شخصي قِبَلَ المؤجر، و عند إستئجار مسكن تابع لديوان الترقية و التسيير العقاري، يشترط في المستأجر أن تتوافر فيه أهلية الإدارة، بإعتبار أن قصد المستأجر، هو السكن لا القيام بعمل من أعمال التصرف ، ويشترط في المستأجر كذلك تحديد هويته بالتدقيق، بالإضافة للشروط الواجب توافرها فيه والتي يتم التأكد منها عند إعداد قائمة المستفيدين، لأن السكنات الإجتماعية لا تؤجر إلا للأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في المرسوم 98/42 المؤرخ في أول فبرايـر1998 والمتضمن الحصول على المساكن العمومية الإيجارية ذات الطابع الإجتماعي والذي تم تعديله بموجب المرسوم التنفيذي 04/334.
ثانيا: الشروط المتعلقة بموضوع العقد:
يعد عقد الإيجار من عقود المدة، ملزم للجالبين، إذ يلتزم المؤجر بتمكين المستأجر بالإنتفاع بالعين المؤجرة، ويلتزم المستأجر بدفع الأجرة على أساس المـدة التي مكث فيها بالعين المؤجرة ، ولذا فإن موضوع أو محل عقد الإيجار متعدد( ) ، و بالرجوع إلى نموذج عقد الإيجار الملحق بالمـرسوم التنفيذي رقم 76/147 و المرسوم التنفيذي رقم 94/69 المؤرخ في 19/03/1994 والمتضمن المصادقة على نموذج عقد الإيجار يمكن حصر الشروط الموضوعية لعقد إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري فيما يلي:
أ- السكن المؤجر:
يؤجر ديوان الترقية والتسيير العقاري، للمستأجر سكناً ويشترط في الشيء المؤجر طبقا للقواعد العامة أن يكون موجودا وقت إبرام العقد، أو ممكن الوجود، وان يكون معينا بذاته أي تعيين الشيء المؤجر ووصفه

وتركيبه وموقعه وملاحقه إن إقتضى الأمر كما يجب تحديد الإنتفاع المقصود من الشيء المؤجر كبيان أن الشقة أجرت للسكن، بالإضافة إلى ما سبق يجب أن يكون الشيء المؤجر غير مخالف للنظام العام كإيجار السكنات التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري من طرف المستأجر ( )كما يشترط في السكن المؤجر أن يكون سليما وصالحا للسكن.
ويترتب على إبرام عقد الإيجار دون تحديد السكن محل الإيجار، إلى إنعدام محل إلتزام المؤجر ومنه يقع عقد الإيجار باطلا طبقا لنص المادة 93 من القانون المدني بإعتبار المحلات المعدة للسكن تعد من الأشياء القيمية التي يجب تعيينها بالذات ليتم تمييزها عن غيرها، و لقد أكد المشرع في عقد الإيجار النموذجي الملحق بالمرسوم التنفيذي 76/147 على ضرورة تحديد الأمكنة المؤجرة بذكر طبيعة المكان وموقعه و عدد الغرف التي يتكون منها و ملحقاته إن وجدت ( ).
ب – مدة الإيجار:
من مقتضيات الإيجار أن يعقد لمدة محدودة، فالمؤجر إذ يُخول المستأجر منفعة شيء فهو لا يمنحه هذه المنفعة على سبيل التأبيد والدوام ولكن إلى مدة محدودة يعود الشيء المؤجر بعد مضيها إلى المؤجر( ) .
أما بالنسبة لإيجار السكنات التابعة لديوان الترقية فإنه كان عقد غير محدد المدة ويمكن إعتباره عقد شبه أبدي، إذا ما طبقنا عليه المرسوم التنفيذي 76/147 والذي طبق على الإيجارات المبرمة حتى شهر أكتوبر من سنة 1992 أما بالنسبة للإيجارات المبرمـة بعد شهر أكتوبر 1992 فإنها تخضع و طبقا للمرسوم التنفيذي
97/35 (4) إلى النموذج المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي 94/69 و الذي نصت المادة الثانية منه على
مايلي: «اتفق على التأجير المقصود بهذا العقد مدة .... و تبتدئ هذه المدة من تاريخ ...... ويمكن تجديد هذه المدة وفقا للشروط و الكيفيات التي تتفق عليها الأطراف ».
ومنه نخلص أن عقد إيجار سكنات ديوان الترقية أصبحت محددة المدة، و بإعتبار العقد هو من عقود الإدارة، فالمشرع أوجب ألا تتجاوز مدة إيجاره (03) سنوات و هذا ما أكدته المادة الرابعة من المرسوم التنفيذي97/35 بالنص على ما يلي: «يكون الإيجار لمدة أقصاها ثلاث (03) سنوات قابلة للتجديد إما بإتفاق مشترك بين الطرفين أو بتجديد ضمني وفقا للأحكام التشريعية المعمول بها».
والواقع أن ديوان الترقية يقوم بتجديد العقد سواء بإتفاق الطرفين أو ضمنيا ، و التجديد الضمني يتم لمدة ثلاث سنوات أي بنفس مدة العقد الأول، و عليه يمكن القول أن عقود إيجار المحلات السكنية التابعة لديوان الترقية تجدد بصفة مستمرة دون طرد المستأجر عند انتهاء المدة المحدد إلا في حالة إخلاله بالتزاماته التعاقدية.


ج- تحديد مبلغ الإيجار:
الأجرة هي ركن من أركان عقد الإيجار، فلكي يقوم الإيجار يجب أن يتوافر رضا المتعاقدين على السكن الذي يجوز تأجيره، وان يقع الإيجار لمدة محدودة، و أن يكون لقاء أجرة معلومة( )، كما تعرف الأجرة على أنها المقابل الذي يلتزم المستأجر بتقديمه إلى المؤجر في نظير إنتفاعه بالمال المؤجر و تعتبر الأجرة ركنا أساسيا لا ينعقد الإيجار بدونه و إذا قصد المؤجر أن يخول المستأجر المنفعة دون أجرة فان العقد يكون عاريا لا إيجارا( ) فالأجرة هي الركن الذي يميز الإيجار عن العارية، وعقد الإيجار هو من عقود المعاوضة يأخذ كل طرف مقابل لما يعطيه، و الأصل أن يتفق المؤجر والمستأجر على تحديد الأجرة لكن إيجار السكنات والمحلات المهنية التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري لم تترك لإرادة المتعاقدين بل صدر بشأنها مراسيم تنظمها إبتداءا من إنشاء دواوين الترقية والتسيير العقاري، فمنذ 1974 إلى غاية 1981 طبق سعر خاص على ايجار هذه السكنات ثم صدر المرسوم 83/256 المؤخر في 09/04/1983 الذي حدد طريقة حساب الإيجار في المرحلة ما بين 1981 إلى غاية 1995 ثم ارتفعت قيمة لإيجار بصفة محسوسة إبتداءا من سنة 1996، وفي سنة 1998 صدر قانون خاص بتحديد قيمة الإيجار في السكنات التي شرع في إستغلالها إبتداءا من 01/01/1998 حيث صدر المرسوم التنفيذي 97/506 المؤرخ في 29/12/1997 و المتعلق بتحديد القواعد المنضمة للإيجار المطبق على المساكن التابعة للأملاك الايجارية لدواوين الترقية و التسيير العقاري( ).
وبناءا على ما سبق يمكن تقسيم مراحل تحديد مبلغ الإيجار إلى مرحلتين أساسيتين مرحلة ما قبل صدور المرسوم التنفيذي 97/506 ومرحلة ما بعد صدوره.
1- مرحلة ما قبل صدور المرسوم التنفيذي 97/506:
كان الأمر 76/94( ) هو المـطبق على إيجار المحلات السـكنية التابعة لمكاتب الترقية والتسيير العقاري و كانت الأجرة تحسب في إطار هذا الأمر بحاصل المساحة المصححة مضروب بسعر الأساس للمتر المربع الخاص بالمنطقة، وكانت قيمة الإيجار في المرحلـة الأولى ما هي إلا سعر رمزي لا يغطي كلفة الإنجاز،
فصدر المرسوم التنفيذي رقم 89/98 ( ) ، الذي جاء فيه المشرع بنظام جديـد هو نظام الإعانـة على الكــراء وتم تدعيم بعض الفئات فقط من طرف الدولة؛ حتى تنقص من الخسائر الناجمة عن الدعم الشامل،

لمبالغ الإيجار وميز المشرع بين الإيجارات الإجتماعية، والإيجارات الإقتصادية إلا أن هذا المرسوم لم يتم تطبيقه نظرا للصعوبات العملية التي واجهته وتم التفكير في إيجاد سياسة لا تعتمد على الإيجار وحده و أتجه ديوان الترقية لإنجاز السكنات من أجل البيع وهو ما يسمى بالسكنات الترقوية لمواجهة العجز المالي الذي واجه الديوان وقام المشرع بإعادة النظر في مبالغ الإيجار بعد التحول الإقتصادي و السياسـي الذي عرفتـه البلاد، فأصدر المرسوم التنفيذي رقم 96/35( ) ونص في مادته الأولى على أن نسب الإيجار الحالية المطبقةعلى المحلات السكنية تبقى سارية المفعول ولعل المشرع أراد من وراء ذلك تهيئة المستأجر لإمكانية رفع مبالغ الإيجار فيما بعد، ثم صدر المرسوم التنفيذي 96/210( ) ، الذي نص في مادته الأولى على أنه :« ترفع بمعدل عشرة في المائة (10% ) نسب الإيجار المطبقة .....»، ثم جاء المرسوم التنفيذي 97/60 ( ) ونص في مادته الأولى على مايلي: « ترفع بمعدل عشرين في المائة (20% ) نسب الإيجار المطبقة .....».
2- مرحلة ما بعد صدور المرسوم التنفيذي 97/506:
وبصدور المرسوم التنفيذي 97/506 المؤرخ في 24/12/1997 الذي يحدد القواعد المنظمة للإيجار المطبق على المساكن التابعة للأملاك الإيجارية لدواوين الترقية و التسيير العقاري و الموضوعة للإستغلال إبتداءا من أول يناير سنة 1998 ونص في مادته الرابعة على مايلي:
«ينقسم الإيجار إلى قسمين:
- مبلغ الإيجار الرئيسي (إ.ر).
- التكاليف الإيجارية للصيانة العادية للأجزاء المشتركة »
وجاء في المادة 05 منه لتحديد كيفية حساب الإيجار الرئيسي وذلك كما يلي:
- القيمة الإيجارية المرجعية للمتر المربع(ق.إ.م).
- مساحة المسكن القابلة للإسكان (م.م).
- تكاليف التسيير التقني والإداري (ك).
- المنطقة والمنطقة الفرعية(ط.م).
ويتم الحصول على الإيجار الرئيسي بتطبيق الصيغة الآتية:

(إ.ر)=(ق.إ.م)× (م.م)×(ك)×(ط.م).
وجاءت المادة 09 من نفس المرسوم لتحديد تكاليف الصيانة اليومية من النفقات التي يتحملها المستأجر وتغطي :
1- مبالغ الأشغال والخدمات المتعلقة بالصيانة الأجزاء المشتركة من الصنف الأول كما هو محدد في المرسوم التنفيذي 83/ 666 ( ).
2- الرسوم الإيجارية المنصوص عليها في التشريع المعمول به.
د- تحديد مبلغ الكفالة:
هو عبارة عن مبلغ يدفعه المستأجر، قبل تسلمه مفاتيح السكن، وهو عبارة عن ضمانة يلتزم المستأجر بدفعها عند إبرام العقد، ولقد عرفها المرسوم التنفيذي رقم 76/147 في مادته 09 على أنها عبارة عن كفالة تدفع كضمان لتنفيذ المستأجر لإلتزماته، وكانت تقدر قيمتها بثلاثة أمثال الإيجار الأصلي ويسلم للمستأجر مقابل دفعها وصل بذلك ولا يجوز للمستأجر عنـد دفع مبلغ الكفالة أن يمتنع عن سداد قيمـة الإيجـار و الأعبـاء الإيجارية في مواعيد إستحقاقها المحددة، ويتم رد الكفالة للمستأجر في نهاية مدة الإيجار بعد خصم قيمة الترميمات الإيجارية، ومختلف المبالغ المستحقة الأخرى، ثم جاء بعد ذلك المرسوم التنفيذي 94/69 المؤرخ في 19/03/1994 و أكد في مادته 05 على أن المستأجر يدفع مبلغا عند التوقيع علىالعقد، مقابل وصل مخالصة يحمل إشارة " إيداع كفالة " يسلمه له المؤجر وذلك ضمانا لحسن إستعمال الملك المؤجر طبقا لوثيقة حالة الأماكن المحررة وقت الشروع في الحيازة، ويرد مبلغ هذه الكفالة للمستأجر المغادر بناءا على حالة الأماكن المعاينة حضوريا وبعد خصم المصاريف المقدرة للترميم والإصلاح المحتملين ، ثم جاء القرار الوزاري المؤرخ
في 28/01/1998( ) ،وحدد قيمة مبلغ الضمان بعشرة آلاف دينار (10.000دج) للغرفة الواحدة، ويقصد بالغرفة هنا الغرفة الصالحة للسكن، وهذه القيمة تطبق لى المساكن المستغلة بعد أول جانفي 1998 .
ثالثا: الشكلية:
بالرجوع للقواعد العامة، نجد أن عقد الإيجار هو عقد رضائي، يتم بمجرد تبادل الطرفان التعبيرعن إرادتيهما المتطابقتين، ولا يحتاج إلى أي إجراء شكلي بإستثناء الإيجار التجاري وإيجار الأراضي الفلاحية، وإذا كان الأصل في الإيجار أنه عقد رضائي؛ فإن المرسوم التشريعي المتعلق بالنشاط العقاري قد أوجب في المادة 20 منه على ضرورة أن يكون عقد الإيجار مكتوب وفقا للنموذج المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي رقم 94/69 ، هذا بالنسبة للإيجار وطبقا للقواعد العامة في القانون المدني إلا أن ما يميز إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري هو أن المشرع أخضعها منذ البداية إلى وجوب تحرير عقد إيجار طبقا

للمرسوم التنفيذي 76/147، وهذه القاعدة في آن واحد شكلية لصحة العقد، ووسيلة وحيدة لإثباته، ولا يمكن إثباته لا بوصولات دفع الإيجار ولا بالقرارات الولائية ذلك أن الوالي لا يدخـل في اختصاصه إبـرام عقد إيجار هذه السكنات ( ) و تنص المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 76/147 على مايلي : « تبرم إجارة المنازل المشار إليها في المادة السابقة بموجب عقد طبقا للأحكام المنصوص عليها فيما بعد، وحسب النموذج المرفق بالملحق »، نستنتج من ذلك أن علاقة الإيجار لا تثبت إلا بموجب عقد مكتوب مبرم بين مدير ديوان الترقية والتسيير العقاري والمستأجر، ولا يمكن إثباته بوصل إيجار أو بقرار صادر من الوالي كما يجري في بعض الحالات( ). وهذا ما أكده القضاء في قرار صادر عن المحكمة العليا( )جاء فيه«إن عقد الإيجار المبرم بين المستأجر وديوان الترقية والتسيير العقاري، لا يثبت إلا بموجب عقد مكتوب محرر حسب نموذج معين عملا بما جاء في المادة 02 من المرسوم 76/147 ، وأن الإحتجاج بوصولات الإيجار في هذا المجال، غير ممكن في غياب عقد الإيجار»
وبمجيء المرسوم التنفيذي 97/35 والمطبق على السكنات المؤجرة والمسلمة بعد أكتوبر 1992 نص في المادة الثالثة منه: « يتم إعداد عقد الإيجار وفقا للنموذج المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي رقم 94/69 المؤرخ في 19/03/1994».
ومما سبق نستنتج أن المشرع أوجب ضرورة إفراغ عقد الإيجار في سند مكتوب،كما يجب تسجيله على مستوى مفتشيه التسجيل بالمصالح المالية حتى يكون العقد صحيحا وهذا ما نصت عليه المادة 21 من المرسوم التشريعي 93/03 المتعلق بالنشاط العقاري حتى يكون حجة على الغير.
ويحرر العقد في أربعة نسخ تسلم نسخة واحدة منه للمستأجر، ويتحمل هذا الأخير حقوق الطبع والتسجيل ( )
وصدرت عدة قرارات من المحكمة العليا تؤكد ضرورة إعداد عقد الإيجار وفقا للنموذج المنصوص عليه في المرسوم 76/147 بالنسبة للإيجارات المسلمة قبل شهر أكتوبر 1992 وطبقا لعقد الإيجار المنصوص عليه في المرسوم رقم 94/69 بالنسبة للإيجارات المسلمة بعد شهر أكتوبر 1992، وهذا ما أكده القرار ( ) جـاء فيـه: « ... حيث أن على من يدعي الإيجار أن يثبته، وأنه فيما يتعلق بالمساكن التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري فإن صفة المستأجر تثبت بقرار منح إذا تعلق الأمر بسكن تابع لأملاك الدولة سابقا أو بعقد إيجار


مبرم مع المؤجر عملا بالمادة 02 من المرسوم 76/147 المؤرخ في 23/10/1976، ولا يمكن الاحتجاج بأية وثيقة أخرى مهما كانت طبيعتها ....».
ولقد وضع المشرع نموذجا للعقد طبقا للمرسوم التنفيذي 94/69 أوضح فيه هوية أطراف العقد، وتحديد محل العقد، و الأعباء التي يتحملها الطرفين، والضـمانات الواجـب تقديمها، ثم تطـرق في المادتين السادسة و السابعة منه إلى تحديد التزامات الطرفين وتطرق في المادتين العاشرة و الحادية عشر إلى حالات انفصام العلاقة بين الطرفين ونص أخيرا على وجوب إخضاع هذا العقد للتسجيل لدى المصالح المؤهلة، مع ضرورة توقيع العقد من طرف كل من المصلحة المؤجرة والمستأجر ( ) .
وتجدر الإشارة إلى أن عقد الإيجار المبرم وفقا للنموذج المرفق بالمرسوم 76/147 هو عقد مكتوب ورسمي بإعتبار أن ديوان الترقية كان ذو طابع إداري وبتغيير طبيعته القانونية بموجب المرسوم 91/147 أصبح ذو طابع صناعي وتجـاري وبالتــالي فالعقد الذي يبرمه ديوان الترقية لا يمكن إضفاء صفة الرسمية عليه فهو عقد عرفي خاضع لنموذج معين، ثم جاء المرسوم التنفيذي 94/69 و اشترط في المادة الحادية عشرة منه على وجوب إخضاع العقد للتسجيل لدى المصالح المؤهلة لذلك.

الفرع الثالث: حالة تعدد المستأجرين:
كثيرا ما يحدث بفعل سوء تصرف الإدارة؛ أن يستفيد شخصان أو أكثر بنفس السكن التابع لديوان الترقية و التسيير العقاري، في هذه الحالة إذا كانت الإستفادة بالنسبة للجميع مؤسسة على مقرر إداري؛ بقي المؤجر حرا في التعامل مع من يريد بالنسبة للسكن موضوع النزاع أي أنه يتعاقد مع أحد المستفيدين أو مع غيرهم دون أي مانع قانوني أما إذا كان أحدهم أبرم العقد مع المؤجر و الباقون مستفيدين بمقررات إدارية يِؤخذ بالعقد دون المقررات الإدارية و في حالة إستفادة عدة أشخاص بعقود حول نفس السكن يؤخذ بأقدم عقد ذلك أن وضع اليد الذي تنص عليه المادة :485 من القانون المدني لا يمكن أن يتحقق بالنسبة لمثل هذه المساكن إلا في حالة إبرام العقد ( ).
و لقد صدرت عدة قررات بهذا الشأن عن المحكمة العليا منها القرار( ) الذي جاء فيه مايلي:« حيث فعلا يتبين من الأوراق المودعة بالملف أن عقد الإيجار الأقدم هو الذي انعقد لصالح السيدة ( ب.م ) و أن المجلس
أخطأ لما أسس تصريحه بصحة العقد لفائدة السيدة: ( ب.م ) الثانية و ذلك على أساس المادة:485 من قانون المدني و أن المجلس أساء تطبيق القانون .. ».


المبحث الثاني
الآثار المترتبة على إبرام عقد الإيجار
بعد إبرام عقد الإيجار تترتب عنه آثار هامة؛ تتمثل في الإلتزامات المتبادلة المترتبة على الطرفين، فالتزام أحدهما يعتبر بمثابة حق بالنسبة للطرف الآخر و سنحاول توضيح ذلك في المطلبين التاليين.

المطلب الأول: التزامات ديوان الترقية و التسيير العقاري:
طبقا لنص المادة 16 من المرسوم التنفيذي رقم 76/147، تلتزم المصلحة المؤجرة بما يلي:« يجب على المـصلحة المؤجرة ؛ أن تسلم العين المؤجرة في حالة جيدة قابلة للسكنى ، و أن تـقوم بأعـمال الصيانة و الترميمات المفروضة عليها، حتى تضل صالحة للسكنى وفضلا عن ذلك، يضمن المؤجر للمستأجر جميع الأضرار أو التعرضات في انتفاع بالعين المؤجرة الناجمة عن أعمال مندوبية أو الغير».
كما نصت المادة 07 من المرسوم التنفيذي 64/69 على مايلي:« يلتزم المؤجر بـ:
- تسليم المستأجر الملك المؤجر و ملحقاته ؛ المتمثـلة في حالة صالـحة للسكنى و التجهيزات و التركيبات في حالة صالحة للاستعمال.
- صيانة المحلات بإبقائها في حالة صالحة للاستعمال المنصوص عليه في العقد ، والقيام بجميع الترميمات التي يتحملها صراحة المستأجر.
- الامتناع عن المساس بحقوق المستأجر ، في التمتع بالأماكن المؤجرة تمتعا ارتياحياً.
- جميع الالتزامات الأخرى، التي يتفق الطرفان عليها».
من خلال النصين السابقين، يمكن تقسيم الالتزامات المفروضة على مصلحة المؤجرة في ثلاثة فروع على الشكل التالي:
- الالتزام بتسليم العين المؤجرة.
- الالتزام بالصيانة.
- الالتزام بضمان التعرض.

الفرع الأول: التزام ديوان الترقية والتسيير العقاري بتسليم العين المؤجرة
نص المشرع على ضـرورة تسليم المصلحة المؤجرة للعين المؤجرة في المرسومين التنفيذيين 76/147 و 94/69، لكنه لم يتناول مضمون الالتزام بالتسليم ،مما يجعلنا نعود إلى القواعد العامة في القانون المدني


لتحديد ذلك، و يكون تسليم العين المؤجرة ؛ بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيـازتها و الانتفاع بها دون عائق و لو لم يستولي عليها استيلاء ماديًا ما دام المؤجر أعلمه بذلك ( ) فالغرض من التأجير يكون محدد في عقد الإيجار، على أنه معد للسكن، و يشترط في التسليم أن تكون العين المؤجرة صالحة للسكن و محل الالتزام بالتسليم هو العين المؤجرة و ملحقاتها التابعة لها وقت إبرام العقـد ويتم التسليم بتحرير محضر بذلك ( )، و بالنسبة لمضمون الالتزام بالتسليم فتنص المادة 476 القانون المدني على مايلي: « يلتزم المؤجر ، أن يسلم للمستأجر العين المؤجرة و ملحقاتها في حالة تصبح للانتفاع المعد لها تبعا للإتفاق الوارد بين الطرفين أو حسب طبيعة العين».
هذا بالنسبة للعين المؤجرة، أما عن ملحقاتها ،فقد أحالت المادة 478 من القانون المدني على أحكام الالتزام بتسليم العين المبيعة دون تعطي مفهوما لملحفات الشيء و عموما فأن ملحقات المحل المعد للسكن يشمل على سبيل المثال: الحدائق ، المستودع، الحوش المصعد ، المدخل، و سطح العمارة.......الخ، وتحديد ما يعتبر من ملحقات العين المؤجرة تختلف باختلاف الظروف و هو بهذه المثابة يترك لتقدير قاضي الموضوع يستهدي فيه بما أعد بصفة دائمة لإستعمال العين المؤجرة ، و بالغرض المقصود منها و بطبيعة الأشياء و عرف الجـهـة و قصد المتعاقدين ( ).
أما عن كيفية تسليم العين المؤجرة، فإنه و بالرجوع إلى نص المادة 367 من قانون المدني نستخلص منها أن التسليم يكون بوضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر أو بإخلائه من المستأجر السابق، في حالة وجوده، أما عن وقت تسليم العين المؤجرة فديون الترقية لا يسلم المسكن إلى بعد إبرام عقد الإيجار، و يتم تسليم المسكن بإعطاء مفاتيح السكن للمستأجر ، وقد أكدت المادة 16 من المرسوم 76/147 على ضرورة تسليم العين المؤجرة في حالة جيدة قابلة للسكنى وذلك بان تكون الجدران نظيفة و الأبواب و النوافذ و الأقفال محكمة، وإذا سلمت المصلحة المؤجرة الشيء المؤجر في حالة لا يكون فيه صالحا للانتفاع المعد له أو طرأ على هذا الانتفاع نقص كبير لا يمكن التسامح فيه بحسب العرف كانت المصلحة المؤجرة مسؤولة في إجراء الإصلاحات اللازمة ، و في حالة إخلال المصلحة المؤجرة بالتزاماتهما السابقة يكون للمستأجر الحق في التعويض، وقد يكون ذلك بإنقاص الأجر بما يقابل النقص في مقدار العين المؤجرة و قد يكون التعويض أكثر من ذلك، إذا ما أصاب المستأجر ضرر أكثر بكثير من نسبة النقص، كما يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ عقد الإيجار إذا كان النقص جسيماً( ).

و تسقط دعوى إنقاص الأجرة أو فسخ العقد ، بمضي سنة، تبدأ من وقت التسليم الفعلي للعين المؤجرة و مدة سنة هاته هي مدة تقادم و ليست مدة سقوط ( )، و إذا امتنع المؤجر عن تنفيذ التزامه فان المستأجر يستطيع أن يطالب بالتنفيذ العيني طالما كان ذلك ممكنا كما له الحق في أن يطالب بالفسخ مع التعويض في الحالتين إذا كان المؤجر هو المتسبب في عدم التنفيذ، أما إذا كان هناك سبب أجنبي فإن المستأجر لا يطالب إلا بالفسخ مع رد ما سبق أن قدمه من أجرة ( ) .

الفرع الثاني : الالتزام بصيانة العين المؤجرة
يعد عقد الإيجار، من العقود المستمرة، و لذا فان الالتزام بتسليم المحل السكني في حالة يصلح للانتفاع المعد له يمتد طيلة مدة الإيجار عن طريق الصيانة وتشمل أعمال الصيانة القيام بالترميمات الضرورية للانتفاع بالعين و هي ترميمات لازمة حتى يتمكن المستأجر من الانتفاع بالعين انتفاعاً كاملاً و إن لم تكن لازمة لحفظ العين من الهلاك و هي في الوقت ذاته ليست من الترميمات البسيطة التي جرى العرف بجعلها على المستأجر فتختلف بذلك عن الترميمات التأجيرية( )،و نصت المادة 16 من المرسوم التنفيذي76/147 على مايلي: «... و أن تقوم ( أي المصلحة المؤجرة) بأعمال الصيانة و الترميمات المفروضة عليها حتى تضل صالحة للسكنى....» و نصت المادة 07 الفقرة الثانية من المرسوم التنفيذي 94/69 في إطار الالتزامات التي تقع على المصلحة المؤجرة مايلي: « ... صيانة المحلات بأبقها في حالة صالحة للاستعمال المنصوص عليه في العقد و القيام بجميع الترميمات التي يتحملها صراحة المستأجر... ».
نستخلص مما سبق، إلى أن المصلحة المؤجرة ، يقع عليها التزام بالقيام بالترميمات الضرورية أي بمعنى الترميمات المفروضة عليها كما جاء في المادة 16 من المرسوم76/147 و هي تلك الترميمات اللازمة لتمكين المستأجر من المنفعة المؤجرة سواء تعلقت هذه الإصلاحات بالعين المؤجرة أو بملحقاتها لكن المشرع لم يحدد المتسبب في الأضرار المؤدية للصيانة ، و حتى بالرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني فإنها نصت في المادة 479 منه على إلزام المؤجر بضرورة صيانة العين المؤجرة لتبقى صالحة للانتفاع بها دون أن تحدد المتسبب في تلك الأضرار، سواء كانت راجعة لقوة قاهرة، أو بفعل الغير، أو بفعل المصلحة المؤجرة و يجب التميز بين نوعين من الترميمات الأولى هي الترميمات الضرورية التي تقع على عاتق المؤجر، و الثانية هي الترميمـات التأجيرية التي تقع على عاتق المستأجر ، التي سنتطرق إليها بالتفصيل عند دراسة التزامات المستأجر.


ولقد نصت المادة 18 من عقد الإيجار النموذجي الملحق بالمرسوم التنفيذي 76/147 على أعمال الصيانة التي تقع على عاتق المصلحة المؤجرة منها:
1- إصلاح أو ترميم السقوف و السطوح.
2- ترميم الجدران الحاملة و هياكل البنايات و كذلك الواجهات.
3- إصلاح أو تبديل أعمال النجارة الخارجية.
4- تصريف مجاري المياه القذرة.
5- إصلاح المصاعد.
6- إصلاح السلالم، و كافة الأجزاء المشتركة من العمارة.
7- تجصيص الوجهات و تبيضها.
8- تجديد دهانات كافة الأجزاء المشتركة و كذلك النجارة الخارجية.
9- كافة الترميمات التي تقع على عاتقها عن طريق التشريع أو التنظيم( ).
و جاءت أعمال الصيانة هذه على سبيل المثال لا على سبيل الحصر و تنقسم الترميمات الضرورية إلى نوعين، أولهما ترميمات ضرورية تؤثر في الانتفاع بالمحل السكني المؤجر، لا في سلامته، مثل: تبيض الأسطح أو تنظيف المراحيض و تصريف المياه و تدخل هذه الأعمال ضمن الصيانة العادية،و لذا لا تتطلب إعذار المؤجر للقيام بها، بينما الأفعال الطارئة التي تحدث نتيجة قوة قاهرة فعلى المستأجر أن يخبر بها المؤجر و إذا تأخر بعد اعذراه عن القيام بهذه الترميمات؛ فللمستأجر أن يحصل على ترخيص من المحكمة يسمح له بإجراء ذلك بنفسه و باقتـطاع ما أنفقه من ثمن الإيجار، كما له الحق في طلب إنقاص الأجرة، أو فسخ العقد ( ) و لقد صدر قرار عن المحكمة العليا( ) :
« من المقرر قانونا ً أنه يتعين على المؤجر أن يتعهد بصيانة العين المؤجرة لتبقى على الحالة التي كانت عليها، وقت التسليم، و يجب عليه أن يقوم بجميع الترميمات الضرورية و لما ثبت في قضية الحال أن ديوان الترقية و التسيير العقاري هو مالك البناية الموجودة بها السقف المتنازع على ترميمه، فان تلك الترميمات اللازمة لصيانة العين المؤجرة لكي تبقى على الحالة التي كـانت عليها وقت التسليم تقع على عاتق المؤجر، و عليه فان قضاة الموضوع بتحميلهم للمستأجـر عبء الترميمات المذكورة يكـونوا قد خالفوا القـانـون و عرضوا قرارهم للنقض».


و ثانيهما ترميمات ضرورية مستعجلة، و هي تلك الترميمات التي تؤثر في سلامة المحل السكني كترميم الأسقف إذ كانت موشكة على الانهيار أو إصلاح الحائط إذ كان مهدداً بالسقوط ، ويجب على المؤجر القيام بها، حتى يحافظ على العين المؤجرة من الهلاك و لا يجوز للمستأجر أن يمنعه من القيام بها ( ) كما يمكن للمستأجر أن يقوم بها دون حاجة إلى ترخيص من القضاء، و عليه عند تأخر المؤجر رغم إعذاره عن القيام بالتزاماته المنصوص عنها في المادة 479 من القانون المدني ، جاز للمستأجر طبقا لنص المادة 480 من القانون المدني الحصول على ترخيص من المحكمة لإجراء هذه الترميمات بنفسه ثم يقوم باقتطاع ما أنفقه من ثمن الإيجار، مع حقه في طلب فسخ الإيجار أو إنقاص ثمنه و يجوز للمستأجر دون حاجة لترخيص من القضاء القيام بالترميمات المستعجلة و ينقص ما أنفقه من ثمن الإيجار إذا لم يقم المؤجر بتنفيذها في الوقت المناسب بعد اعذراه.
ولقد ألزم المشرع ديوان الترقية والتسييرالعقاري ، حالة إسترجاعه للمسكن من أجل القيام بترميمات التعلية أو التحسين تتطلب الإخلاء المسبق للأمكنة المشغولة طبقا لنص المادة14 من المرسوم 76/147 بأن توفر للمستأجر حق شغل منزل آخر صالح للسكن لغاية إنتهاء الترميمات، و لا يعتبر شغل المستأجر للسكن الجديد عقد إيجار؛ بل هو رابطة ايجارية قامت بقوة القانون لحين زوال وجودها والمتمثل في إنهاء الترميمات والعودة للمسكن القديم، وفيما يخص التكاليف المقررة على المحل السكني فيتحملها المؤجر؛ من ضرائب ورسوم مقررة على العين المؤجرة، كما يتحمل ثمن المياه إذا قدر جزافاً فإذا قدر بالعداد فيكون على المستأجر،أما ثمن الكهرباء والغاز وغير ذلك مما هو خاص بالاستعمال الشخصي فيتحمله المستأجر، و الإلتزام بالقيام بالترميمات الضرورية بنوعيها وتسديد التكاليف المقررة على العين المؤجرة ليست من النظام العام، إذ يجوز الإتفاق على خلاف ذلك طبقا لنص المادة 479 الفقرة الثالثة من القانون المدني.

الفرع الثالث: إلتزام ديوان الترقية والتسيير العقاري بالضمان
يضمن المؤجر التعرض الصادر منه شخصياً؛ سواء كان تعرضاً مادياً أو تعرضاً مبنياً على سبب قانوني و كذلك يضمن التعرض الصادر من الغير إذا كان مبنياً على سبب قانوني ، و لا يضمن التعرض المادي الصادر من الغير ( ) .
و حتى يتمكن المستأجر من التمتع بالعين المؤجرة، تمتعاً هادئاً، فقد ألزم المشرع المؤجر بضمان التعرض حيث نصت المادة 16 الفقرة الثانية من المرسوم التنفيذي 76/147 على ما يلي :«.... يضمن المؤجر للمستأجر، جميع الأضرار أو التعرضات في الإنتفاع بالعين الناجمة عن أعمال مندوبيه أو الغير » ونصت

المادة 07 الفقرة الثالثة من المرسوم التنفيذي 94/69 على ما يلي: «... الإمتناع عن المساس بحقوق المستأجر في التمتع بالأماكن المؤجرة تمتعاً إرتياحياً » .
مما سبق نخلص إلى أن التعرض قد يكون من طرف المصلحة المؤجرة وهو التعرض الشخصي، و قد يكون من الغير و هو التعرض الصادر من الغير، و تجـدر الإشـارة إلى أن المشرع لم يتناول أحكام التعرض الخاصة عند تنظيمه للعلاقة بين المؤجر و المستأجر لمحل معد للسكن و تابع لديوان الترقية و التسيير العقاري، مما يتعين معه الرجوع إلى أحكام الضمان الواردة في القانون المدني ، و نتعرض لها في ما يلي:
أولا: ضمان ديوان الترقية و التسيير العقاري لتعرض مندوبيه:
طبقا لنص المادة 16 الفقرة الثانية من المرسوم التنفيذي76/147 السالفة الذكر فإن ديوان الترقية يلتزم بضمان جميع التعرضات الواردة على الانتفاع بالعين المؤجرة و الصادرة عن أعمال مندوبيه ، سواء كان التعرض مادي ، أو مبني على سبب قانوني.
و التعرض الشخصي هو كل تصرف قانوني أو عمل مادي من شأنه أن يعرقل إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ، فيقوم التعـرض المـادي على أعمال ماديـة محضــة تقع من مندوبي ديوان الترقية، كإلحاق أي تغيير بالعين المؤجرة أو بملحقاتها، و يقع التعرض المبني على سبب قانوني، كإعطاء ديوان الترقية للغير حقوق على العين المؤجرة، تتعارض مع انتفاع المستأجر بها؛ كتأجيرها لشخص ثاني، و حتى يضمن ديوان الترقية التعرض الشخصي، لابد من توافر الشروط التالية:
1- وقوع التعرض فعلا.
2- وقوع التعرض أثناء مدة الإيجار .
3- أن تحول أعمال المؤجر دون إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة أو تخل بهذا الإنتفاع.
4- ألا يستند المؤجر في الأعمال التي يقوم بها إلى حق ثابت له( ).
ثانيا: ضمان ديوان الترقية و التسيير العقاري للتعرض الصادر من الغير
الغير هو كل شخص تتعارض مصلحته مع حق المستأجر،و لقد ميز المشرع بين نوعي التعرض في هذه الحالة؛ التعرض القانوني و التعرض المادي، و جعل ديوان الترقية كمصلحة مؤجرة؛ ضامنة للتعرض القانوني دون المادي، خلافاً للتعرض الشخصي الذي تضمنه المصلحة المؤجرة سواء كان قانونيـاً أو مادياً، وهذا طبقا لنـص المـادة 483 الفقرة الثانية من القانون المدني، والسبب في ذلك أن التعرض المادي الصادر من الغير لا ينسب إلى ديوان الترقية ولا علاقة له به، فقد يكون هو نفسه ضحية لهذا التعدي إذا كان هناك إتلافا للعين المؤجرة، ولا يتحقق التعرض الصادر من الغير المبني على سند قانوني إلا بتوفر الشروط التالية:
1- يجب أن يكون التعرض صادرا من الغير.

2- يجب أن يكون إدعاء الغير بوجود حق له على العين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجر.
3- وقوع التعرض بالفعل، كأن يستولي الغير على حيازة العين المؤجرة ويخرج المستأجر منها أو يرفع دعوى قضائية بأنه مستأجر مفضل على المستأجر الذي يتعرض له.
4- وقوع التعرض أثناء مدة الإيجار.
فإذا تحققت هذه الشروط؛ كان المؤجر ملزما برد التعرض أو إزالته، وضمان التعرض هو إلتزام أصلي ومن أمثلة التعرض القانوني الذي يطرح بكثرة أمام المحاكم، هو حالة استفادة شخصان أو أكثر بنفس السكن التابع لديوان الترقية و التسيير العقاري و الذي يشكل حالة تعدد المستأجرين، وهذا بفعل سوء تصرف الإدارة، وقد صدر قرار بهذا الشأن ( ).
ثالثا : إلتزام ديوان الترقية بضمان العيوب الخفية
إن ديوان الترقية و التسيير العقاري ملزم بتسليم العين المؤجرة في حالة صالحة للانتفاع بها، و نظرا لطبيعة عقد الإيجار بإعتباره عقد زمني و مستمر فالمؤجر يبقى ضامنا للمستأجر الانتفاع الهادئ والكامل بالعين المؤجرة؛ فإذا طرأ عيب أثناء مدة الإيجار ضمنه المؤجر، و نصت المادة 488 من القانون المدني على شروط ضمان العيوب الخفية بالعين المؤجرة و هي:
1- أن يحول العيب دون الانتفاع بالعين المؤجرة أو ينقص من هذا الانتفاع إنقاصا جسيما.
2- يجب أن يكون العيب خفي.
3- يجب أن يكون العيب غير معلوم للمستأجر.
و حالة تحقق هذه الشروط يكون للمستأجر الخيار بين فسخ العقد أو إنقاص ثمن الأجرة أو إصلاح العيب و هو التنفيذ العيني للإلتزام، كما يجوز للمستأجر إصلاح العيب على نفقة المؤجر إذا كان ذلك لا يستدعي أموالا باهظة، كما يجوز له في جميع الحالات طلب التعويض بسبب حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة.

المطلب الثاني: إلتزامات المستأجر:

ينشأ عند إبرام عقد الإيجار، إلتزامات على عاتق المستأجر؛ فيلتزم بدفع الأجرة المتفق عليها مقابل انتفاعه بالسكن، و بموجب عقد الإيجار؛ يلتزم المستأجر بإستعمال العين المؤجرة فيما أعدت له و المحافظة عليها، و عند انتهاء الأجل المتفق عليه في العقد يلتزم بإخلاء الأماكن المؤجرة و ردها للمصلحة المؤجرة و هذا ما سنتناوله فيما يلي:

الفرع الأول: التزام المستأجر بدفع الأجرة:
تستحق الأجرة بمجرد إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، فيقع عليه إلزام بدفع مبلغ مالي شهرياً، و لقد نظم المشرع الأحكام الخاصة بالوفاء بالأجرة بالنسبة للسكنات التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري بموجب نصوص قانونية خاصة، لا يمكن التفاوض بشأنها كما هو الحال بالنسبة لعقود الإيجار الأخرى، و يعتبر هذا الالتزام من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق المستأجر لأنه يجسد خاصية عقد الإيجار المتمثلة في كونه عقد معاوضة، ينتفع المستأجر بالعين المؤجرة مقابل دفعه مبلغ مالي شهري، و حدد المرسوم التنفيذي 76/147 ميعاد دفع الأجرة في المادة 08 منه:« يستحق دفع قيمة الإيجار و الأعباء الايجارية في اجل أقصاه اليوم الخامس من الشهر التالي، و تسدد مقابل القسيمة المرسلة من المصلحة المسيرة »، أما عن طريقـة تسديدهـا فنصـت المادة 08 في فقرتها الأخيرة على مايلي:«.... و يقوم المستأجر بسداد الإيجارات إما نقدا أو بأية كيفية قانونية أخرى للدفع، لدى الصناديق أو المكاتب المتخصصة المفتوحة لهذا الغرض».
و جاء القرار المؤرخ في 27 يناير 1998 يتضمن المصادقة على نموذج وصل الإيجار الذي يعتبر وسيلة إثبات و وفاء المستأجر للأجرة، و إن إظهار الوصل الأخير من قبل المستأجر يعد قرينة لوفائه بالإقساط السابقة، حتى يقوم دليل على خلاف ذلك طبقا لنص المادة 499 من قانون المدني ،ويخضع تحديد مبلغ الإيجار لنصوص قانونية لا لإرادة ديوان الترقية، كما سبق ذكره من قبل، و ينقسم مبلغ الإيجار إلى قسمين :
مبلغ الإيجار الرئيسي و تكاليف الصيانة، و يحدد مبلغ الإيجار الرئيسي على أساس العناصر التي يتكون منها و التي تشمل:
1- القيمة الايجارية المرجعية للمتر المربع: و التي يتم تحديدها اعتماداً على قيمة التثبيتات المساوية للقيمة الإجمالية للبرنامج السكني زائد المساحة السكنية للبرنامج زائد قيمة تسديد القروض حسب جدول شهري( ).
2- مساحة المسكن القابلة للإسكان.
3- تكاليف التسيير التقني و الإداري: و هي المصاريف المترتبة عن الإجراءات المتبعة في البناء.
4- المنطقة و المنطقة الفرعية: قيمة الإيجار تختلف من منطقة إلى أخرى،حسب مدى توافر وسائل الراحة و الترفيه و مدى توافر الخدمات في تلك المنطقة.
أما عن التكاليف الايجارية للصيانة العادية للأجزاء المشتركة، فهي تلك النفقات التي يتحملها المستأجر .
وعند تحديد المبلغ المستحق الدفع، هناك فئات منحها المشرع تخفيض على أساس الأجر الرئيسي و هي فئة المجاهدين و ذوي الحقوق و المعوقين و يتراوح التخفيض بنسبة20 % إلى 40 % ( ).

وفي حالة عدم تسديد مبلغ الإيجار، عند حلول أجله، ترفع مبالغ الإيجار التي لا تدفع بعد شهرين من حلول أجل استحقاقها بنسبة 05% عن كل شهر من التأخير و حالة استمرار عدم الدفع لمدة 06 أشهر بعد حلول أجل الإستحقاق و بعد تبليغ المستأجر بثلاث إنذارات بالوفاء دون أن يستجيب؛ فلديوان الترقية طلب فسخ العقد بقوة القانون و له الحق في متابعة المستأجر قضائيا لتسديد المبالغ الغير مدفوعة و طرد المعني من المسكن ( ).
و لضمان استيفاء الأجرة، اشترط المشرع على المستأجر تقديم كفالة قيمتها تساوي ثلاث أمثال الإيجار الرئيسي، طبقا للمرسوم التنفيذي76/147، ثم جاء المرسوم 97/506 و ألزم المستأجر بدفع كفالة حددت قيمتها بعشرة آلاف دينار( 10.000 دج) عن كل غرفة.
ونظراً لكون غالبية الفئات المحرومة من السكن هي فئات ذات دخل محدود، فإن المشرع أوجد نظام الإعانة على الكراء؛ يخص المساكن الإجتماعية الممولة من أموال الخزينة العامة، و يستفيد منها ذوي الدخل الضعيف و العائلات المعوزة، و يتم حساب القيمة الايجارية المرجعية للمتر المربع التي على أساسها يتم حساب الإيجار بالإيراد الشهري للمستأجر و قرينه، فإذا زادت قيمة مبلغ الإيجار الرئيسي قسطا منه يمنح له الحق في الاستفادة من الإعانة الشخصية على الكراء.

الفرع الثاني: إلتزام المستأجر باستعمال السكن حسب ما إتفق عليه و المحافظة عليه
يلتزم المستأجر عند شغله للمسكن، أن يشغله بصفة أصلية و شخصية مع أفراد عائلته الذين يعيشون عادة معه و هذا ما نصت عليه المادة الرابعة من المرسوم 76/147 و يترتب على هذا الإلتزام، إلتزام المستأجر بإستعمال العين المؤجرة فيما أعدت له و حسب ما تم الاتفاق عليه، كما يترتب عن الشغل الشخصي للمحل السكني إلتزام المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة.
أولا: إستعمال العين المؤجرة فيما أعدت له:
يلتزم المستأجر باستعمال العين المؤجرة بحسب ما اتفق عليه في العقد؛ وهو أن يكون مخصص للسكن ولا يجوز للمستأجر تحويله لمحل تجاري أو مهني أو حرفي إلا بالموافقة الصريحة و الكتابية من المصلحة المؤجرة و هذا ما نصت عليه المادة 04 الفقرة الثانية من المرسوم 76/147، وفي هذه الحالة تنظم العلاقات بين المستأجر و ديوان الترقية بموجب الأحكام المتعلقة بإيجارات المحال المعدة للإستعمال الجديد، ولا يجب على المستأجر المطالبة بالتعويض عن التحسينات التي أدخلت بمعرفته على الأمكنة و يحتفظ المؤجر بحقه في المطالبة بإعادة الأمكنة إلى حالتها الأولى حالة ما إذا تمت دون ترخيص منه و هذا ما نصت عليه

المادة 04/06 من نفس المرسوم، ومن أهم التغييرات التي قد يدخلها المستأجر على العين المؤجرة هي:
ضم الشرفة إلى الغرفة أو تحويل نافذة إلى باب بالنسبة للذين يشغلون الطابق الأرضي من العمارات.
ويترتب على إخلال المستأجر بإلتزامه في شغل الأمكنة بنفسه أو بأفراد عائلته المشار إليهم في المادة 12 من نفس المرسوم، حرمانه من حق البقاء بالأمكنة طبقا لنص المادة 13 من نفس المرسوم، كما يلتزم المستأجر بعدم التنازل عن الإيجار سواء بعوض أو بغير عوض، و ألا يؤجر من الباطن كل أو بعض الأمكنة، وألا يعمل على شغلها من الغير و لو بصفة مؤقتة طبقا لنص المادة 04 الفقرة الرابعة من نفس المرسوم، وإذا أخل المستأجر بهذا الإلتزام يحق للمؤجر المطالبة بفسخ العقد و هذا ما أكده القرارالصادر عن المحكمة العليا( )«...بعدم جواز الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار إلا بناءا على موافقة صريحة ومكتوبة في عقد الإيجار، وان قبض الهيئة المؤجرة بدل الإيجار من المستأجر الفرعي، لا يعني الموافقة الصريحة على الإيجار الفرعي، ذلك أن هذه الموافقة يجب أن تكون مكتوبة... ».
غير أن هذه القاعدة عليها استثناءات، أين منح المشرع للمستأجر حق التنازل عن حقه في الإيجار وذلك بنقل حق الإيجار طبقا لمرسوم التنفيذي 98/43( ) أين نص في مادته الأولى على شروط نقل حق الإيجار وهي:
1- تكون لمن لهم علاقة قرابة من الدرجة الأولى (الفروع) و تتوافر فيهم شروط الحصول على السكن الإجتماعي المنصوص عليها في التنظيم المعمول به.
2- أن تتوافر فيهم شروط حق البقاء في مساكنهم، كما هو منصوص عليه في الأحكام التشريعية المعمول بها. و أضافت المادة 02 من نفس المرسوم شرط آخر وهو:
3- القبول الصريح والكتابي للمؤجر طبقا للتشريع المعمول به.
ونصت المادة 03 من نفس المرسوم، على إجرءات نقل حق الإيجار، وذلك بإرسال المتنازل، طلب نقل حق الإيجار لديوان الترقية عن طريق رسالة موصى عليها، مرفوقاً بالوثائق التي تثبت أن طالب نقل حق الإيجار، يستوفي الشروط السالفة الذكر.
وهناك إستثناء آخر أضافه المشرع، يتعلق بشاغلي السكنات دون سند قانوني، الذين قدموا طلبات تسوية وضعيتهم لدى مصالح ديوان الترقية قبل تاريخ نشر المرسوم 98/43 بأن يستفيدوا بصفة استثنائية، من نقل حق الإيجار حسب الشروط و الكيفيات التي تحدد بقرار من الوزير المكلف بالسكن( ).


ولقد صدر بهذا الشأن، حكم عن محكمة وهران بتاريخ 24/02/2003، تحت رقم 212/03 جـاء فـيـه:« حيث أن المدعي في دعوى الحال، يؤسس دعواه على تنازل صادر من شخص لا نعرف صفته .... وهو تنازل مصادق عليه عام 2002، أي بسنـوات بعد صـدور المرسوم 98/43 الذي جاء ليحد من التنازل مما يجعل منه دون قيمة...وعليه رفضت الدعوى لعدم التأسيس ».
ورغم هذه النصوص القانونية المختلفة، إلا أن الواقع خلاف ذلك فما زالت سكنات ديوان الترقية تخضع للتنازل عن طريق بيع المفتاح.
ثانيا: المحافظة على العين المؤجرة
تنص المادة 04 الفقرة الثالثة من المرسوم 76/147 على مايلي: «.. وبأن ينتفع بالأمكنة كرب أسرة صالح، وأن يقدم كل عناية ضرورية لصيانتها، و أن يقوم بإجراء جميع الترميمات التأجيرية على حسابه...»، فإلتزام المستأجر هنا، هو إلتزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة ، فعليه إخطار المصلحة المؤجرة بكل أمر يستوجب إجراء إصلاحات مـفروضة على المؤجر، وإلا كان مسؤولاً شخصيا عنها، وطبقا للمادتين 495 الفقرة الثانية و المادة 503 الفقـرة الأولى من القانون المدني ، فالمستـأجر يمكن له دفـع المسـؤولية عنه إذا أثبت أنه قام بالعناية الكافية في الحفاظ على العين المؤجرة حتى وإن لم يتحقق الغرض المقصود ، والمستأجر ملزم بالقيام بالترميمات التأجيرية البسيطة التي تنشأ عن الإستعمال المألوف للعين المؤجرة و يترتب عن خطأ المستأجر أو تابعيه أو من يعيشون معه و لقد نصت المادة 19 من عقد الإيجار النموذجي المرفق بالمرسوم التنفيذي 76/147 « يلتزم المستأجر بتنفيذ كافة الترميمات التأجيرية أو الصيانة داخل الأمكنة التي يشغلها وخاصة:
- ترميم أو تبديل الأجهزة الصحية المكسورة أو المعطوبة.
- إصلاح رشح المياه، داخل الأمكنة المؤجرة.
- تركيب أو إصلاح الأجهزة الكهربائية الموجودة.
- إصلاح أو تبديل الأقفال و المقابض والمفصلات و المذابح.
- إجراء الدهانات الداخلية.
- تبديل البلاطة و الخزف داخل الأمكنة.
- كافة الترميمات التي تقع على عاتقه بمقتضى الأحكام التشريعية أو التنظيمية».
كما يقع على عاتق المستأجر في إطار المحافظة على العين المؤجرة، المحافظة على الأجزاء المشتركة، كما يقع عليه التزام بعدم التعرض لأشغال الترميم التي تجريها المصلحة المؤجرة، كما يقع على المستأجر مسؤولية حريق العين المؤجرة التي تقوم بحكم القانون وما عليه إلا إثبات عكس ذلك، بإثبات أن الحريق راجع لسبب أجنبي لا يد له فيه، كرجوع الحريق بسبب فعل المؤجر أو الغير أو بسبب مستأجر آخر أو بسبب قوة قاهرة كما يدخل ضمن إلتزامات المستأجر في المحافظة على العين المؤجرة مايلي:

1- السماح للمصلحة المؤجرة بتنفيذ أشغال تحسين الأجزاء المشتركة .....الخ.
2- يجب على المستأجر أن يرحب بالزيارات الدورية التي يقوم بها الأعوان المخولون من المصلحة المؤجرة و المكلفون بمراقبة الأحوال الصحية ومظهر وصيانة العمارة.
3 - أن يصون تشغيل التركيبات والأجهزة الموجودة داخل الأمكنة ....الخ.
و غيرها من الإلتزامات الأخرى التي نصت عليها المادة 20( ). وكل مخالفة لهذه الإلتزامات، تؤدي إلى فسخ عقد الإيجار فورا، وتعرض المتسبب للطرد الفوري بموجب أمر مستعجل، مع عدم الإخلال بالإجراءات الأخرى المناسبة، التي ترى المصلحة المؤجرة لزوما في إتخاذها ( ) .
وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها( ) الذي جاء فيه:«عن الوجه المثار تلقائيا من طرف المحكمة العليا: حيث أن القرار المطعون فيه أسس قضاءه على إلغاء قرار منح السكن للطاعن من طرف الولاية، معتبراً أن لهذه الأخيرة الحق في جعل حد للعلاقة الإيجارية دون اللجوء إلى الطرق القانونية، حيث أن المرسوم 76/147 المؤرخ في 23/10/1976 المنظم للعلاقة الإيجارية بين المستأجر لمحل سكني وديوان الترقية والتسيير العقاري ينص في المادة 17 على أن كل مخالفة لمقتضيات هذا المرسوم تؤدي إلى فسخ عقد الإيجار فورا ويعرض المتسبب للطرد الفوري بموجب أمر مستعجل.
حيث انه تبين من قراءة هذا النص حتمية لجوء المؤجر إلى القضاء لطلب طرد المستأجر، دون إستعمال الطرد الإداري.
حيث انه بتأسيس الطرد على إلغاء قرار الإستفادة من السكن من طرف الإدارة يكون المجلس القضائي قد خالف القانون ».

الفرع الثالث: إلتزام المستأجر برد العين المؤجرة وملحقاتها:
ينقضي عقد الإيجار، بإنتهاء مدته، بالنسبة للعقود المبرمة بعد صدور المرسوم التشريعي 93/03 ( ) أما العقود المبرمة قبل صدوره فهي تخضع لأحكام القانون المدني فيما يتعلق بحق البقاء و تنص المادة 04 الفقرة الخامسة من المرسوم 76/147 على مايلي :« يلتزم المستأجر عند البدء بالإنتفاع بالأمكنة بأن يعيد للمصلحة المؤجرة في نهاية الإجارة كل مفاتيح الأمكنة، خالصا من كافة الإلتزامات المتولدة عن العقد ومن شغله للأمكنة »، ومنه فالمستأجر عليه إلتزام بالتسليم بنفس الطريقة التي استلم بها المحل السكني و يتحقق ذلك بإرجاع مفاتيح المسكن للمؤجر، ويتم التأكد من ذلك من خلال محضر المعاينة المحرر عند تسليم العين

المؤجرة، وعند إحداث نقص أو تلف؛ فلديوان الترقية أن يخصم المصاريف الخاصة بالترميم و الإصلاح المحتملين، من قيمة الكفالة.
والسؤال الذي يطرح هو هل يجوز للمستأجر أن يرجع على المؤجر بما أنفقه من المصروفات على العين المؤجرة ؟ خلافا للقواعـد العامـة فالمشرع نص في المادة 04 القفرة السادسة من المرسوم 76/147 على ألا يطالب المستأجر بأي حق أو تعويض من أي نوع و عن كافة التركيبات والتحسينات أو الإصلاحات التي أدخلت على الأمكنة حتى لو كانت مصروفات نافعة لزيادة الإنتفاع بالعين المؤجرة بل وأكثر من ذلك منح المشرع للمؤجر حق مطالبة المستأجر بإعادة الأمكنة لحالتها الأولى؛ عند عدم حصوله على ترخيص من ديوان الترقية.
ويترتب على عدم قيام المستأجر برد العين المؤجرة أو التأخر في ردها أو ردها في حالة غير الحالة التي استلمها عليها، ترتيب الجزاء، برفع دعوى استعجالية من قبل المؤجر لطرد المستأجر؛ حالة عدم قيام هذا الأخير برد العين المؤجرة، وحالة تأخره في الرد يلتزم بالتعويض، وحالة رد العين المؤجرة في حالة غير صالحة؛ فللمؤجر إلزام المستأجر بالإصلاح على نفقته مع التعويض.
و تجدر الإشارة أن المشرع خول المستأجر ممارسة حق الشفعة حيث تنص المادة 23 من المرسوم التشريعي 93/03 " إذا قرر شخص معنوي مؤجر بيع البناية التي يملكها أجزاء، يستفيد الشاغل القانوني للجزء الموضوع للبيع من حق الشفعة لشرائه ...".
و بالرجوع لنص المادة 05 من القانون 81/01 المؤرخ في 07/02/1981 المتضمن التنازل عن الأملاك العقارية نجدها تنص على شروط ممارسة حق الشفعة و هي:
1- أن يكون المترشح شخص طبيعي ذو جنسية جزائرية.
2- أن يكون بيده سند إيجار حسب النموذج المنصوص عليه في المرسوم 76/147.
3- أن يكون قد وفى بالتزاماته الإيجارية.
4- أن يكون قد شغل العين المؤجرة بصفة شخصية و دائمة.
ثم جاء المرسوم التنفيذي 03/269 المؤرخ في 07/08/2003 و حدد شروط التنازل عن الأملاك العقارية ذات الإستعمال السكني ، كما حـدد طرق تخـفيض قيمة التنازل حسب طـريقة الشراء ؛ بـدفع كامل الثمن أو بالتقسيط.






الفـصل الثـاني
إنتهـاء عـقد الإيجـار

عقد إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية، كغيره من العقود الأخرى ينتهي بانتهاء مدته، إلا أنه ما يميز هذا العقد أنه مر بمرحلتين أساسيتين، الأولى كان ينطبق عليها المرسوم 76/147 و كان العقد غير محدد المدة، و المرحلة الثانية ، خضعت لنص المرسوم 97/35 الذي أحال في إعداد عقد الإيجار للنموذج المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي 94/69 ، وجعل العـقد محدد المدة، لذلك سنحاول التطرق لطرق إنتهاء عقد الإيجار في مبحثين، نخصص المبحث الأول لطريقة إنتهاء العقد بانقضاء مدته في ظل المرسومين رقم 76/147 و 97/35 و نخصص المبحث الثاني لطرق إنهاء العقد و ذلك قبل انقضاء مدته؛ و الذي يكون بسبب إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته التعاقدية أو بسبب إنتقال ملكية العين المؤجرة للمستأجر.

المـبحث الأول
إنتهـاء عـقد الإيجار بانقضاء مدته

عقود إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية في ظل المرسوم 76/147 لا يمكن إنهاؤها إلا بعد توجيه تنبيه بالإخلاء في الآجال المحددة في المادة 475 من القانون المدني ، باعتبارها عقود غير محددة المدة و للمستأجر الحق في التمسك بحق البقاء، أما بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 93/03 فإن المادة 22 منه هي الواجبة التطبيق، و كذا المادة 06 الفقرة السادسة من المرسوم التنفيذي 94/69 المتضمن المصادقة على نموذج عقد الإيجار.
و يمكن القول أن عقد إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري، قد مر بمرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: هي مرحلة ما قبل صدور المرسوم التنفيذي 97/35 المؤرخ في14/01/1997 و تميزت بتجهيز سكنات اجتماعية ينطبق عليها المرسوم 76/147 و كان عقد الإيجار فيها غير محدد المدة.
المرحلة الثانية: و هي مرحلة ما بعد صدور المرسوم التنفيذي 97/35 و الذي نص في مادته الرابعة على أن الإيجار يكون لمدة أقصاها ثلاث سنوات قابلة للتجديد الصريح أو الضمني.


و عليه ستكون دراسة هذا المبحث في مطلبين؛ نبين في الأول إنتهاء عقد الإيجار في ظل المرسوم 76/147 أما الثاني نبين فيه إنتهاء عقد الإيجار في ظل المرسوم التنفيذي 97/35 كما يلي:

المطلب الأول: انتهاء عقد الإيجار في ظل المرسوم 76/147
عقد الإيجار المبرم من قبل ديوان الترقية و التسيير العقاري، يمكن اعتباره عقد شبه أبدي لأنه غير محدد المدة، إذا طبق عليه نموذج العقد المنصوص عليه في ملحق المرسوم 76/147، و المطبق على الإيجارات المبرمة قبل شهر أكتوبر 1992 و لإنهائه نعود إلى القواعد العامة في القانون المدني بإرسال تنبيه بالإخلاء، بناءا ً على الآجال المحددة في المادة475 من القانون المدني ، و المحددة بستة أشهر في ديار السكنى المنفصلة و يرد الإنذار بالتخلي لزوماً في الآجال التالية:15 يناير، 15 ابريل،15 يوليو،15 أكتوبر، و إذا عين الإنذار بالتخلي في أجل آخر، فلا يجرى إلا ابتداءاً من الأجل الذي يليه ، و يستفيد المستأجر طبقا لنص المادة 11 من المرسوم 76/147 من حـق البقاء بالأمكنة ؛ شريطة قيامه بالـوفاء بكافة الالتزامات المتولدة عن عقد الإيجار و عليه نخلص مما سبق أن عقود الإيجار المبرمة قبل صدور المرسوم التشريعي رقم 93/03 لا يترتب عن انقضاء مدتها خروج المستأجر منها، بل يبقى ينتفع بالعين المؤجرة لاستفادته من حق البقاء، و عليه سنتطرق لتحديد مفهوم حق البقاء و شروط ممارسته و الآثار المترتبة على التمسك بحق البقاء و ذلك فيما يلي:

الفرع الأول : مفهوم حق البقاء:
حق البقاء هو نتيجة لتطور القانون و الاجتهاد الفرنسيين طيلة فترة دامت ما يزيد عن ثلاثين سنة حيث أن المشرع الفرنسي أدخل حق البقاء في قانونه المدني لأول مرة بموجب قانون 01 سبتمبر 1948 و ذلك للحد من التهديد بالطرد الذي كان يمارس على المستأجر كلما رفض دفع الإيجار، و تبنى المشرع الجزائري مفهوم حق البقاء لحماية المستأجر في المواد من 514 إلى 537 من القانون المدني، إلا أنه سرعان ما تدخل و قام بإلغاء تطبيق أحكام هذه المواد على عقود الإيجار ذات الإستعمال السكني المبرمة بعد صدور المرسوم التشريعي93/03 المتعلق بالنشاط العقاري، نظرا لكون المؤجرين و بسبب حق البقاء أصبحوا يفضلون غلق المساكن و تركها خاوية؛ بدلا من إيجارها. إلا أنه أبقى على أحكام حق البقاء المنصوص عليها في المرسوم 76/147، في المواد من 11 إلى 15 منه، لأن غلق السكنات التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري غير متوقع و بالتالي يقوم حق البقاء في هذه الأمكنة بقوة القانون، و بالرجوع لنص المادة 11 منه نجدها تنص على أنه " يستفيد المستأجر من حق البقاء بالأمكنة شريطة قيامه بالوفاء بكافة الإلتزامات المتولدة عن عقد الإيجار...." فالمشرع هنا لم يفرق بين حق البقاء و حق

الإيجار لأن المادة أوردت ذكر المستأجر و ليس الشاغل و كأن المشرع أراد أن يجعل من حق البقاء في السكنات الإجتماعية هو انتقال لحق الإيجار، لأنه و حسب المادة 11 السالفة الذكر فالمصلحة المؤجرة لا يمكنها إنهاء عقد الإيجار إلا في حالة إخلال المستأجر بالتزاماته التعاقدية ،و يبقى المستأجر يتمتع بصفة مستأجر مستفيد من حق البقاء و هذا ما أكده قرار المحكمة العليا( )« حيث أنه في القضية الراهنة السكن المقصود في هذا الشأن ، تابع لأملاك مكتب الترقية و التسيير العقاري ، و عليه فالعلاقات بين المؤجر و المستأجر، لا تخضع لأحكام القانون المدني و إنما تخضع لأحكام المرسوم76/147 المؤرخ في 23/10/1976 و في نصوص هذا المرسوم لا يوجد أحكام مثل التي يقررها القانون المدني بل هي على العكس لا يوجد تمييز بين المستأجر و الشاغل المستفيد من قانون الإيجار، و حضور المستأجرفي الأمكنة مفروض مع المالك رغم إرادته، بعد مضي المدة المنصوص عليها في العقد، عند نهاية الإيجار المتفق عليه ».
إلا أننا نرى بأن الأصح هو الشاغل و ليس المستأجر، كما أننا لا نجد في المرسوم 76/147 ما يدل على حق المؤجر في توجيه التنبيه بالإخلاء، الذي نص عليه القانون المدني، ليتحول المستأجر إلى شاغل للأمكنة .

الفرع الثاني: شروط ممارسة حق البقاء بالأمكنة
يمكن إجمال شروط ممارسة حق البقاء فيما يلي:
1- إن الحق البقاء لا يستفيد منه إلا من حاز على عقد إيجار، طبقا للمرسوم 76/147.
2 - إن حق البقاء لا يستفيد منه إلا المستأجر الذي وفى بالتزاماته التعاقدية، كدفع الأجرة، والمحافظة على العين المؤجرة، و هذا ما تؤكده المادة 11 من المرسوم 76/147 .
3- إن الحق في البقاء لا يقوم إلا بعد توجيه التنبيه بالإخلاء و انتهاء عقد الإيجار.
4- أن يشغل المستـأجر الأمكنة بصفة شخصية و فعلية خلال 08 أشهر من السنة الإيجارية، باستثناء ما نصت عليه المادة 13 الفقرة 3 من نفس المرسوم، و المشرع لم يوضح هل تكون المدة متصلة أو منفصلة؟
من خلال ما سبق يتضح لنا أنه عند الإخلال بأحد الشروط السابقة الذكر فإن الشاغل أو المستأجر حسب ما جاء في المرسوم 76/147 لا يستفيد من حق البقاء، و ما على المؤجر إلا رفع دعوى إلغاء حق البقاء أمام قاضي الموضوع، و تؤسس دعوى المؤجر إما على وقائع مادية مثل عدم شغل الأمكنة، أو على وقائع قانونية مثل قرار الإعلان بالخطر الوجود بالعين المؤجرة.

و بالرجوع لنص المادة 13 من المرسوم 76/147، نجدها تنص على أنه لا حق في البقاء بالعين المؤجرة للمستأجرين:
1- الذين صدر بشأنهم قرار قضائي تنفيذي بالطرد.
2- الذين لا يشغلون حقيقة العين المؤجرة بأنفسهم أو بأفراد عائلاتهم المشار إليهم في المادة 12 من نفس المرسوم، خلال فترة تعادل ما لا يقل عن 08 أشهر أثناء سنة ايجارية غير أن هذا المقتضى لا يطبق على المستأجرين الذين تدعوهم التزاماتهم المهنية إلى الإقامة في مدينة أخرى ليس لهم بها مسكن بشرط أن يضعوا مسكنهم تحت رعاية الهيئة المؤجرة خالياً من كل شاغل غير قانوني.
3- الذين لهم أو في استطاعتهم أن يحصلوا باستعمال حق الاسترجاع في نفس البلدة لمسكن شخصي يفي بحاجاتهم و حاجيات أعضاء أسرتهم الذين يعلونهم.
ولا يمكن أن يطلب إخلاء الأمكنة المؤجرة من المستأجر في هذه الحالة إلا إذا كان باستطاعته أن يتسلم محل السكن الخاص به، يشترط أن يثبت خلال 15 يوماً التالية للنزاع في أحقية بقائه بالعين المؤجرة أنه أقام دعوى استرجاع ما زالت قائمة حسب القانون.
4- الذين يشغلون أمكنة غير صحية، و كان سكناها محظور، أو أمكنة صدر بشأنها قرار بالخطر يقضي بالترميم أو بهدم بناية مهددة بالانهيار.
5- إذا كانوا يشغلون أمكنة بموجب سند تابع لعقد عمل، عندما ينتهي العمل بهذا العقد.

الفرع الثالث: الآثار المترتبة على التمسك بحق البقاء
من بين الآثار المترتبة على التمسك بحق البقاء ما يلي:
أولا: يصبح الشخص المعني شاغلا لا مستأجرا، لأن مصدر حق البقاء بالأمكنة هو القانون لا عقد الإيجار( )، في حين و حسب ما تم ذكره سابقا فإن المشرع في المواد من 11 إلى 15 من المرسوم السابق لم يفرق بين المستأجر و الشاغل .
ثانيا: حق البقاء غير محدد المدة ، فهو حق مؤبد لا يمكن نقضه إلا عن طريق إسترجاع الأمكنة في حالة توافر شروطه.
ثالثا: حق البقاء لا يكتسب الصفة النهائية، لأنه يسقط بمجرد ثبوت إخلال المستأجر بأحد إلتزاماته.
رابعا: حق البقاء هو حق لصيق بالشخص لا يمكن التنازل عنه و لا يمكن نقله للغير إلا ما نصت عليه المادة 12 من المرسوم 76/147 أنه في حالة غياب أو وفاة المستأجر أو تخليه عن محل إقامته يستفيد أعضاء

عائلته الذين كانوا يعيشون عادة معه منذ أكثر من 06 أشهر بحق البقاء بالأمكنة و في حالة الطلاق يؤول حق الإيجار و حق البقاء بالعين المؤجرة للزوج المعين من قبل القاضي، طبقا لأحكام المادة 467 من القانون المدني، وإن إفادة أفراد العائلة الذين كانوا يعيشون مع المستأجر من حق البقاء لا يكون إلا في حالات نص عليها المشرع صراحة و هي:
1- حالة وفاة المستأجر: يقصد بها الوفاة الطبيعية أو الوفاة الحكمية، ففي حالة وفاة المستأجر تكون إفادة حق البقاء لأفراد عائلته الذين كانوا يعيشون معه منذ أكثر من ستة أشهر دون غيرهم من الورثة و هناك قرار عن المحكمة العليا ( ) «...إن المرسوم76/147 المؤرخ في 23/10/1976 الذي هو نص خاص يقيد القانون العام، ينص في مادته 12 أن حق البقاء في الأمكنة يؤول عند وفاة المستأجر إلى أفراد عائلته العائشين عادة معه، و أن القرار المطعون فيه لما قضى أن أفراد عائلة المستأجر و العائشون عادة معه، يستفيدون بحق البقاء في الأمكنة قد طبق في الحقيقة نص المادة 12 من المرسوم76/147.. »
و تجدر الإشارة إلى أن المادة 12 من المرسوم أعلاه ذكرت أفراد العائلة و لم تذكر الورثة، و مفهوم العائلة أوسع من الورثة لأنها تجمع كل ذوي القربى ممن يجمعهم أصل واحد .
و قبل القسمة فالحق هنا؛ حق مشاع، و عليه ففكرة الشياع توجد حتى في الحقوق الشخصية، و إدارة المال الشائع و نسب دفع الإيجار تكون حسب نسبة الفرد في الإرث، لكن الإشكال يثور عند رفع دعوى القسمة فكيف نقوم حق الإيجار؟ لكن عمليا يحل أحد الورثة محل الآخرين في دفع بدل الإيجار.
2- حالة غياب المستأجر: ففي حالة غياب المستأجر يستفيد من حق البقاء الأشخاص الذين حددتهم المادة 12 من المرسوم 76/147 و هناك من يرى بأنه يعتبر هجر للمنزل حسب ما جاء في المادة 330 من قانون العقوبات و ذلك بأن يكون فجائي و بدون مبرر و يجب الحكم بالإهمال أو الفقد.
3- حالة تخلي المستأجر عن محل إقامته: هذه الحالة جاء بها المشرع خلافا لما هو منصوص عليه في المادة 515 من القانون المدني، حيث أضافت المادة 12 من المرسوم 76/147 حالة التخلي؛ و يقصد بالتخلي عدم تسديد الأجرة، لأنه في الحالات الأخرى يلتبس التخلي مع الغياب، و هناك من يرى بأن التخلي هو ترك العين المؤجرة لأفراد العائلة المقيمين فيها وقت التخلي ممن يجوز لهم التمسك بحق البقاء، فالمتخلي قد يبقى في نفس المنطقة و لا يسدد إلتزاماته في حين فإن الغائب هو من يهجر المكان إلى مكان آخر.
4- حالة الطلاق: أضاف المشرع حالة أخرى للإستفادة من حق البقاء و هي حالة الطلاق و ترك للقاضي سلطة في تحديد من يستفيد من حق البقاء، و الفرق بين المادة 12 من المرسوم 76/147 و المادة 467 من القانون المدني هو أن المادة 12 أحالت على المادة 467 من القانون المدني التي أجازت للقاضي تعيين أي من

الزوجين ينتفع بحق الإيجار، و ذلك من أجل حضانة الأولاد، في حين أن المادة 12 من المرسوم 76/147 تكلمت على انتقال حق البقاء و حق الإيجار في حالة الطلاق، و في هذا الصدد صدر قرار عن المحكمة العليا( ) " حيث بموجب الحكم القاضي بالطلاق فإن حضانة الأولاد أسندت إلى والدتهم و كذلك حقها في البقاء بالأمكنة و أنه بمقتضى المادة 12/02 من المرسوم 76/147 و استنادا لمقتضيات المادة 467 من القانون المدني فإن البقاء بالأمكنة هي نتيجة لحق الإيجار و أنه لا يحق لشخص البقاء في الأمكنة دون تمتعه بالحق في الإيجار و أنه في مثل هذه الظروف فإن ديوان الترقية لم يخرق القانون".
و طبقا للمادة 52 من قانون الأسرة لسنة 1984 فإن المطلقة الحاضنة تستفيد من حق البقاء أو بحق الإيجار ما لم يكن الزوج يمتلك سكن وحيد و لم يكن لها ولي يقبل إيواءها، و طبقا للأمر 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 المعدل لقانون الأسرة فإنه أشار في المادة 72 منه على أنه يجب على الأب أن يوفر مسكن ملائم لممارسة الحضانة و إذا تعذر عليه ذلك فله دفع بدل الإيجار و تبقى الحاضنة في بيت الزوجية حتى تنفيذ الأب للحكم القضائي المتعلق بالسكن.
نستنتج مما سبق أن حق البقاء لا يكون إلا لأفراد العائلة حتى لو توافر في شخص آخر شرط الإقامة الحقيقة، فإنه لا يستفيد من حق البقاء.
و لقد جاء قرار عن المحكمة العليا( )«....إن المسكن محل النزاع كان مؤجر من قبل ديوان الترقية و التسيير العقاري للمرحوم ( م . م) الذي ترك بعد وفاته زوجته التي أسكنت معها المدعي، و الذي تكلف بها و تحمل دفع الإيجار... إن القضاة الموضوع لما اعتبروا أن المدعي الذي لم يثبت بأنه من عائلة المستأجر الشرعي، لا يستفيد بحق البقاء، إنهم طبقوا أحكام المادة 12 من المرسوم76/147 ».
و السؤال المطروح حول حق البقاء هو هل أنه يعتبر من النظام العام أم لا؟
فهناك من يرى أن حق البقاء من النظام العام لأن أحكامه كلها قواعد آمرة لا يجوز الإتفاق على مخالفتها، و يستند هذا الفريق إلى نص المادة 523 من القانون المدني التي تنص " لا يمكن التنازل عن الحق في البقاء في الأمكنة إلا بعد إنقضاء مدة الإيجار " ، و عليه فإن كل اتفاق مخالف لذلك يعد باطلا و الهدف من ذلك هو حماية الشاغل من كل تخلي مسبق عن حق البقاء، و قد أشار القضاء لذلك في القرار( ) إذ جاء فيه "... لا يمكن إبطال حق البقاء المنصوص عليه في المادة 514 من القانون المدني المتعلق بالنظام العام... " ، لكن بعد انتهاء عقد الإيجار فالمستأجر حر في التخلي عن هذا الحق، و يجب أن يكون هذا التخلي بدون مقابل.
و هناك من لا يعتبره من النظام العام إذ أنه لا يجوز للقاضي أن يثير تطبيقه تلقائيا، و اعتبرت المحكمة

العليا أنه يمكن الحكم بالطرد بعد التنبيه بالإخلاء إذا لم يطالب المستأجر بحقه في البقاء في الأمكنة( ).

المطلب الثاني: انتهاء عقد الإيجار في ظل المرسوم التنفيذي97/35
بالرجوع إلى نص المادة 04 من المرسوم التنفيذي 97/35 نجدها تنص على ما يلي" يكون الإيجار لمدة أقصاها ثلاث سنوات قابلة للتجديد إما باتفاق مشترك بين الطرفين أو بتجديد ضمني وفقا لأحكام التشريع المعمول به"، قبل التطرق لكيفية تجديد العقد عند انتهاء مدته كما جاء في المادة السالفة الذكر، سنحاول معرفة مدى التمسك بحق البقاء في ظل المرسوم 97/35 و ذلك كما يلي:

الفرع الأول: مدى التمسك بحق البقاء في ظل المرسوم التنفيذي 97/35
بالرجوع للمرسوم التنفيذي 97/35 نجده لم ينص صراحة على إمكانية التمسك بحق البقاء في المحلات السكنية المسلمة بعد شهر أكتوبر 1992 و أمام هذا السكوت نتساءل عن مدى إمكانية تطبيق أحكام حق البقاء المنظمة بموجب المرسوم 76/147 على السكنات المسلمة بعد أكتوبر 1992؟.
بالرجوع لنص المادة 03 من المرسوم التنفيذي 97/35 نجدها تنص على ما يلي" ... يتم إعداد عقد الإيجار وفقا للنموذج المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي 94/69 ... ".
و بالرجوع لنص المادة 20 من المرسوم التشريعي 93/03 المتعلق بالنشاط العقاري، نجدها لم تحدد ما نوع المحلات السكنية التي لا يطبق عليها حق البقاء، لكنه و بالرجوع لنص المادة 23 من نفس المرسوم نجده ينص على ما يلي " إذا قرر شخص معنوي مؤجر بيع البناية التي يملكها أجزاء يستفيد الشاغل القانوني للجزء الموضوع للبيع من حق الشفعة لشرائه ... "
و عليه فالمادة تقصد ديوان الترقية و التسيير العقاري كشخص معنوي، و عليه فالمرسوم التشريعي 93/03 لا يقتصر تطبيقه على المحلات السكنية المملوكة ملكية خاصة.
إلا أن هناك رأي آخر و الذي يقتصر على حرفية نص المادة 20 من المرسوم التشريعي 93/03 و التي لم تنص على عدم تطبيق النصوص المتعلقة بحق البقاء في الأمكنة التابعة لديوان الترقية و منه تبقى المواد من 11 إلى 15 من المرسوم 76/147 سارية المفعول، على اعتبار السكنات التابعة لديوان الترقية تمنح بشروط خاصة، بالإضافة إلى أن المرسوم التنفيذي 98/43 الذي نص على نقل حق الإيجار في السكنات التابعة لديوان الترقية للأشخاص الذين تتوافر فيهم شروط حق البقاء في الأمكنة، دون أن يميز بين نوعي السكنات.
إلا أننا نرى بأن ديوان الترقية أصبح مرقي عقاري في ظل المرسوم التنفيذي 97/35، و عليه فهناك

نوعين من السكنات :
1- سكنات إجتماعية، و هي المسلمة قبل شهر أكتوير 1992، وينطبق عليها المرسوم 76/147، و عقد الإيجار فيها غير محدد المدة، و يخضع للعقد النموذجي المنصوص عليه في هذا المرسوم الأخير.
2- سكنات ترقوية، و هي السكنات المسلمة بعد شهر أكتوبر 1992 و ينطبق عليها المرسوم التنفيذي 97/35، و عقد الإيجار فيها محدد المدة، و يخضع للعقد النموذجي المنصوص عليه في المرسوم 94/69.
مما يجعلنا نقول بأن حق البقاء غير وارد في السكنات الترقوية التابعة لديوان الترقية، و هذا ما تم تجسيده عمليا، حيث أن هناك من دواوين الترقية و التسيير العقاري من يقوم بإبرام عقود إيجار السكنات المسلمة بعد أكتوبر 1992 لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، و بانتهاء المدة يغادر المستأجر الأمكنة طبقا لنص المادة 22 من المرسوم التشريعي 93/03، و بالتالي لا يمكن للمستأجر التمسك بحق البقاء في الأمكنة عملا بنص المادة 20 من نفس المرسوم ( ) .

الفرع الثاني: التجديد الصريح للعقد
بالرجوع لنص المادة 04 من المرسوم التنفيذي 97/35 نجدها تنص " يكون الإيجار لمدة أقصاها ثلاث ( 03) سنوات قابلة للتجديد إما باتفاق مشترك بين الطرفين .... ".
و حسب هذه المادة فإنه يمكن لديوان الترقية و التسيير العقاري أن يؤجر السكنات التي سلمها بعد أكتوبر 1992 لمـدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد باتفاق مشترك بين الطرفين، و هنا نكون أمام عقد إيجار جديد؛ يتم وفقا للشروط و الكيفيـات التي يتفق عليها الطرفان، و تسـري عليه النصوص القانونية التي تحكم إبرام عقد إيجار جديد و عادة ما يكون بنفس المدة السابقة.
و يعتبر التجديد الصريح للإيجار الصورة الغالبة لتجديد عقود إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية ، و تجدد بصفة مستمرة و لا يمكن طرد المستأجر عند انقضاء المدة؛ إلا عند إخلال المستأجر بالتزاماته التعاقدية.

الفرع الثالث: التجديد الضمني للعقد
بالرجوع لنص المادة 04 من نفس المرسوم نجدها تنص " ... أو بتجديد ضمني وفقا لأحكام التشريع المعمول به".
أما المرسوم 76/147 لم ينص على التجديد الضمني؛ لأن عقود الإيجار حسبه غير محددة المدة، لذلك نعود للقواعد العامة في القانون المدني ، حيث تنص المادة 509 منه على أنه "إذا انتهى عقد الإيجار و بقي


المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة مع علم المؤجر اعتبر الإيجار قد تجدد بشروطه الأولى و لكن لمدة غير محددة… " و عليه فالتجديد الضمني هو امتداد للإيجار الأصلي.

المبحث الثاني
إنتهاء عقد الإيجار قبل إنقضاء مدته

قد ينتهي عقد الإيجار قبل إنتهاء مدته؛ بالفسخ حالة إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته التعاقدية، وقد ينتهي الإيجار بفقدان المؤجر لملكية العين المؤجرة بسبب هلاكها، أو بسبب إنتقال الملكية للمستأجر و سنتطرق إلى كل ذلك في المطلبين المواليين.

المطلب الأول: انتهاء الإيجار بالفسخ
يعد الفسخ سببا من أسباب انحلال الرابطة التعاقدية الملزمة للجانبين، و يمكن فسخ العقد في حالة إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته التعاقدية، أو لاستحالة تنفيذ العقد لهلاك العين المؤجرة، و بناء عليه يمكن تقسيم هذا المطلب إلى ثلاثة فروع، نخصص الفرع الأول لحالات الفسخ التي يبادر بها المؤجر، و الفرع الثاني لحالات الفسخ التي يبادر بها المستأجر، و نخصص الفرع الثالث للفسخ بسبب هلاك العين المؤجرة كما يلي:

الفرع الأول: إنتهاء الإيجار بالفسخ الذي يبادر به ديوان الترقية
يحق لديوان الترقية أن يطلب فسخ عقد الإيجار في حالة إخلال المستأجر بإلتزام من الإلتزامات المفروضة عليه بموجب العقد، و بالرجوع لنص المادة التاسعة من المرسوم التنفيذي 94/69 نجدها تنص على مايلي:
« يحتفظ المؤجر بحق فسخ هذا العقد بسب مايلي:
- عدم دفع..... شهر من الإيجار.
- عدم دفع الأعباء الواجبة على المستأجر.
- عدم احترام المستأجر أي التزام فرضه عليه هذا العقد.
- أسباب فسخ أخرى يحتمل أن يتفق الطرفان عليهما».
و بالرجوع لنص المادة الرابعة من المرسوم التنفيذي76/147 نجدها نصت على مجموعة من الالتزامات المفروضة على المستأجر و ينجم عن الإخلال بها فسخ عقد الإيجار و نصت المادة الثامنة من نفس المرسوم

على أن دفع قيمة الإيجار و الأعباء الايجارية يكون في أجل أقصاه اليوم الخامس من الشهر التالي، و تسدد مقابل القسيمة المرسلة من المصلحة المسيرة، و كل تأخير في الوفاء يتجاوز ثلاثة أشهر يعرض المستأجر إلى فسخ عقد الإيجار فوراً و يتعرض للطرد الفوري بموجب أمر مستعجل مع عدم الإخلال بالإجراءات الأخرى المناسبة التي ترى المصلحة المؤجرة لزوماً في اتخاذها.
و هناك إجراءات يجب على ديوان الترقية اتخاذها قبل فسخ العقد، و أكثر حالات فسخ العقد الذي يبادر به ديوان الترقية، يتعلق بعدم تسديد المستأجر لمبالغ الإيجار و هذا ما لمسناه على مستوى المحاكم خلال فترة تدريبنا و عليه حالة عدم دفع مبالغ الإيجـار فإنها تـرفع بعـد مرور شهرين من حلول أجل استحقاقها بنسبة 5% عن كل شهر من التأخير و إذا لم يدفع المستأجر مجموع مبلغ إيجارات ستة (06) أشهر بعد حلول أجل الاستحقاق و ثلاثة إنذارات بالوفاء دون نتيجة، يفسخ عقد الإيجار بقوة القانون مع احتفاظ الهيئة المؤجرة بحق متابعة المستأجر من أجل تسديد المبالغ الغير مدفوعة و طرد المعني من السكن( )، وبعد توجيه الانذارت الثلاثة و قبل فسخ العقد؛ يقوم ديوان الترقية بتوجيه أمر بالدفع عن طريق المحضر القضائي و يعتبر بمثابة آخر إنذار يوجهه ديوان الترقية للمستأجر، و تحدد فيه مهلة شهر من تاريخ تبليغ هذا الأمر للمستأجر لتسديد الإيجار المطالب به وإلا يفسخ عقد الإيجار بقوة القانون ، مع المتابعة القضائية المحتملة لتسديد المبالغ المستحقة، و حالة عدم الاستجابة ترفع دعوى قضائية لفسخ عقد الإيجار.
و ما يمكن أن نخلص إليه هو أن المرسوم97/506 رفع من مدة التأخير في الوفاء بالإيجارات من ثلاثة أشهر المنصوص عنها في المرسوم76/147 إلى ستة أشهر؛ مع شرط إنذارالمستأجر بثلاث إنذارات قبل الشروع في إجراءات طرد المستأجر.
و هناك حالات أخرى يترتب عنها فسخ عقد الإيجار من طرف المؤجر، و تتمثل في عدم شغل الأمكنة من طرف المستأجر شخصيا و بصفة دائمة مع أفراد أسرته الذين يعيشون معه عادة تحت سقف منزله، و كذا عدم احترام تخصيص الأمكنة؛ بإجراء تعديلات في توزيعها أو مزاولة أية تجارة أو صناعة أو مهنة حرة دون ترخيص صريح و كتابي من المصلحة المؤجرة، و عدم المحافظة على العين المؤجرة كرب أسرة صالح، ففي جميع هذه الحالات، منح المشرع للمؤجر فسخ العقد فوراً و بقوة القانون مع طـرد المستأجـر بموجب أمر مستعجل، دون الإخلال بالإجراءات الأخرى التي تراها المصلحة المؤجرة لازمة كالمطالبة بالتعويض أو بإصلاح التلف( ) ، غير أنه من وجهة نظرنا فإن العاوى التي مضمونها إخلال بالتزام تعاقدي تكون أمام قاضي الموضوع ،و في ذلك صدرت عدة قرارات منها( ) :


« إن العقوبات المترتبة عن عدم الوفاء بالالتزامات من ضمنها فسخ عقد الإيجار لا تنتج بقوة القانون و لكن عن طريق التقاضي أمام المحاكم، و عليه فإن في غياب دعوى يقوم بها المؤجر ضد المستأجر فإن العقد المبرم بينهما يبقى ساري المفعول بكل ما ينتج عن ذلك من آثار قانونية».
كذلك فإذا استأجر المستأجر مسكنا تابعا لديوان الترقية و التسيير العقاري و لم يقم بشغله لمدة ثمانية أشهر من يوم تسلم المسكن؛ لا هو و لا أفراد عائلته نتج عن ذلك إنهاء العلاقة الايجارية و لكن المشرع وضع استثناء واحد عن حالة عدم شغل المسكن و سمح فيه للمستأجر أن يحتفظ بالمسكن خالياً لمدة تزيد عن ثمانية أشهر إذا قدم سبباً جديا متمثلاً في أن التزاماته المهنية دعته إلى الإقامة في مدينة أخرى و ليس له في هذه المدينة مسكن.

الفرع الثاني : انتهاء العقد بالفسخ الذي يبادر به المستأجر
بالرجوع لنص المادة العاشرة من المرسوم التنفيذي 94/96 نجد أن حالات الفسخ التي منحها المشرع للمستأجر تكون بسبب تغيير مكان الإقامة أو بسب آخر شخصي و عائلي، فما يمكن ملاحظته هو أن المشرع لم يجعل الفسخ بسبب إخلال ديوان الترقية كمصلحة مؤجرة بإلتزماتها التعاقدية؛ بل بسبب وجود مانع يمنع المستأجر من الاستمرار في تنفيذ العقد، لذلك نعود للقواعد العامة الخاصة بالجزاء المترتب عن إخلال المؤجر بالتزاماته و المتمثل في فسخ عقد الإيجار منها: عدم تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، و قد يكون الفسخ لتغييرالمستأجر لمحل إقامته أو بسبب آخر شخصي كتغيير محل عمله، و في هذه الحالات يلتزم المستأجر
بإخطار المؤجر في أجل شهر واحد قبل موعد الفسخ برسالة موصى عليها مع إشعار بالاستلام( ) .

الفرع الثالث: انتهاء الإيجار بالفسخ لهلاك العين المؤجرة
يعد هلاك العين المؤجرة سببا من أسباب انقضاء عقد الإيجار، و الهلاك الكلي للعين المؤجرة يؤدي لفسخ عقد الإيجار بقوة القانون، أما إذا كان الهلاك جزئيا، فللمستأجر طلب إما انتقاص ثمن الإيجار أو فسخ عقد الإيجار و له طلب التعويض إذا كان الهلاك أو التغيير بسبب المؤجر( ).
فإذا ثبت أن المكان آيل للسقوط و لا يقبل الترميم و لا بد من هدمه، فللمؤجر طلب فسخ الإيجار و إخلاء المكان المؤجر حتى يدرأ مسؤوليته فيما لو سقط المكان على المقيمين فيه أو على المارة، و للمستأجر كذلك أن يطلب الفسخ لعدم تمكنه من الانتفاع بالعين المؤجرة و يترتب على ذلك أن الإيجار ينفسخ كما كان لينفسخ لو أن العين المؤجرة قد هلكت فعلاً.


المطلب الثاني: انتهاء عقد الإيجار بانتقال ملكية العين المؤجرة للمستأجر
إن إيجار السكنات التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري، تنقضي بإنتقال ملكية العين المؤجرة للمستأجر، إما عن طريق التنازل و هذا بالنـسبة للسكنات المستغلة قبل جانفي 1981 ، و إما عن طريق البيـع و هذا بموجب القانون رقم 86/03 المؤرخ في 04 افريل1986 بالنسبة للسكنات المستغلة بعد 1981 و قبل أكتوبر 1992 و إما تنتقل ملكيتها عن طريق البيع بالإيجار و هذا بموجب المرسوم رقم 97/35 المؤرخ في 14/01/1997 بالنسبة للسكنات المستغلة بعد أكتوبر1992، و عليه قسمنا هذا المطلب إلى ثلاثة فروع كما يلي:

الفرع الأول: إنتقال الملكية في السكنات المستغلة قبل جانفي 1981
بصدور القانون رقم 81/01 المؤرخ في 07 فبراير 1981 الذي بموجبه تم التنازل عن الأملاك العقارية ذات الإستعمال السكني أو المـهني أو التجاري أو الحرفي التابعة للدولة و الجماعات المحلية و مكاتب الترقية و التسيير العقاري و المؤسسات و الهيئات و الأجهزة العمومية، لحساب الأشخاص المتمتعين بصفة المستأجر الشرعي و المستوفون لالتزاماتهم الإيجارية عند تاريخ التنازل، و يتم التنازل عن هذه الأملاك مقابل مبالغ مالية رمزية تدفع على مراحل.

الفرع الثاني: إنتقال الملكية في السكنات المستغلة بعد 01 جانفي 1981 و قبل أكتوبر 1992
بصدور القانون رقم 86/03 المؤرخ في 04 فبراير 1986 المعدل و المتمم للقانون رقم 81/01 السابق الذكر، بدأت عمليات بيع الأملاك العقارية المشروع في استغلالها بعد 01 جانفي 1981، و تطبيقا لهذا القانون صدر المرسوم رقم 88/71 المؤرخ في 22 مارس 1988 المحدد للشروط الخاصة التي تطبق على بيع الأملاك العقارية العمومية التي شرع في استغلالها بعد 01 جانفي 1981، و يتم البيع بموجب هذا المرسوم لكل شخص ثبتت فيه صفة المستأجر القانوني أو المستفيد، و يتم البيع نقدا و بالتقسيط خلال مدة أقصاها ثلاثون سنة بالنسبة للمحلات ذات الإستعمال السكني.

الفرع الثالث: إنتقال الملكية في السكنات المستغلة بعد أكتوبر1992
إبتداء من أكتوبر 1992 شرع في تطبيق سياسة جديدة؛ بصدور قانون المالية التكميلي لسنة 1992، الذي أكد في مادته 76 على أن المساكن الإجتماعية الحضرية الجديدة و المحلات التابعة للقطاع الإيجاري و المنجزة من قبل ديوان الترقية و الموضوعة للإستغلال إبتداء من أكتوبر 1992 غير قابلة للتنازل( )

ثم صدر قانون المالية لسنة 1996 و أصبحت الأملاك التابعة للدولة ذات الطابع السكني المنجزة بعد أكتوبر 1992؛ قابلة للبيع طبقا للمرسوم التنفيذي 97/35، و نص على البيع بالإيجار الذي منح للمستأجر حق شراء المسكن المؤجر بدفع ثمنه أقساطا، و بتمام دفع الأقساط الواجبة تنتقل ملكية المسكن للمستأجر.
و البيع بالإيجار عرفه المشرع في المادة السابعة من المرسوم 97/35 السالف الذكر بأنه «... هو العقد الذي يلتزم بموجبه ديوان الترقية و التسيير العقاري باعتباره المالك المؤجر أن يحـول ملكاً عقارياً ذا إستعمال سكني لأي مشتري إثر فترة تحدد بإتفاق مشترك و حسب شروط هذا المرسوم و خلال الفترة المتفق عليها يحتفظ ديوان الترقية و التسيير العقاري بصفته مالك العقار بكل حقوقه و التزاماته أما المستأجر المشتري فيحتفظ بكل الالتزامات المرتبطة بالمستأجرين لا سيما في مجال الأعباء المشتركة ».
فالبيع بالإيجار يعتبرعقد ناقل للملكية و الفترة التي يلتزم فيها المشتري بدفع أقساط البيع يحتفظ فيها بصفته كمستأجر و هذا يعني أنه يلتزم بدفع ثمن الإيجار مقابل انتفاعه بالعين المؤجرة و لا يحق له التصرف فيها.
ثم جاء المرسوم التنفيذي 03/269 ( ) و حدد في المادة 04 منه على شروط التنازل على الأملاك العقارية
أما عن إجراءات التنازل؛ فيتم إيداع الطلب لدى لجنة الدائرة المختصة التي يؤسسها الوالي المختص إقليميا و يرفق الملف بالسند الشرعي لشغل الملك العقاري و وثيقة تثبت دفع كل مستحقات الإيجار التي تصدر عن المصلحة المسيرة و شهادة ميلاد المعني بالإضافة إلى نسخة مصادق عليها من بطاقة هوية المشتري .
و على اللجنة أن تفصل في الطلب في أجل ثلاثة أشهر من يوم إيداع الطلب، و تبلغ المعني بقرارها و حالة الموافقة تبلغه بثمن التنازل وبوثيقة الالتزام بالشراء و يبرم عقد البيع بين المقبل على الشراء و مالك العقار موضوع التنازل طبقا للتشريع المعمول به.
وحالة رفض الطلب يجب عن اللجنة أن تعلله و كل طعن في قرار لجنة الدائرة يوجه للجنة الولائية في أجل شهر من تاريخ استلام التبليغ و على هذه الأخيرة الفصل في الطعن خلال شهر من تاريخ إخطارها ثم جاء القرار الوزاري المؤرخ في 27 يناير 2004 ليحدد معايير تحديد القيمة التجارية في إطار التنازل عن الأملاك العقارية التابعة للدولة و لدواوين الترقية و التسيير العقاري و الموضوعة حيز الاستغلال قبل أول يناير
2004، ثم جاء القرار المؤرخ في 25 فبراير2004 ليحدد نموذج وثيقة الالتزام لشراء الأملاك العقارية التابعة للدولة و لدواوين الترقية و التسيير العقاري.




الفصل الثالث
المنازعات الناشئة عن عقد الإيجار

قد تنشأ المنازعة، بين المؤجر و المستأجر بمجرد إبرام عقد الإيجار، غير أن أكبر عدد من المنازعات يحدث أثناء تنفيذ العقد؛ لعدم قيـام أحد الطرفين بالتزامـاته التعاقديـة كعدم الوفاء بسعر الإيجار، أو الامتناع عن القيام بالترميمات، كما لا تخلو مرحلة انقضاء العقد من أسباب للمنازعة، عند إنتقال حق الإيجار و حق البقاء و غيرها من المسائل التي قد تؤدي لنشوب النزاع بين الطرفين.
وعليه سنحاول التطرق إلى تحديد أطراف الدعوى ثم الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى في المبحث الأول.
و ندرس أنواع الدعاوى التي قد يبادر برفعها أحد الطرفين ضد الآخر في المبحث الثاني.
و خلال ذلك نحاول إعطاء نظرة عملية عن موقف الاجتهاد القضائي من بعض المنازعات التي تطرح بكثرة على مستوى الجهات القضائية و ذلك كما يلي:

المبحث الأول
أطراف الدعوى و الجهة القضائية المختصة
لقد نص قانون الإجراءات المدنية و المرسومين 76/147 و 94/69 على الاختصاص النوعي و المحلي فيما يخص المنازاعات المتعلقة بالإيجار، و كذا أطراف الدعوى.
و عليه سنتناول بالدراسة في هذا المبحث نقطتين أساسيتين، تتعلق الأول بأطراف الدعوى و في المطلب الثاني الجهة القضائية المختصة نوعيا و محليا بنظرها كما يلي:
المطلب الاول: أطراف الدعوى
نقسم دراسة هذا المطلب إلى فرعين رئيسيين بالنظر إلى أطراف العقد.
- الفرع الأول نتحدث فيه عن المؤجر؛ ديوان الترقية و التسيير العقاري.
- الفرع الثاني نتحدث فيه عن المستأجر.




الفرع الأول: المؤجر ( ديوان الترقية و التسيير العقاري)

إن المصلحة المؤجرة للمحلات السكنية التابعة لديوان الترقية، هو ديوان الترقية و التسيير العقاري في حد ذاته و عليه سنتطرق إلى تحديد كيفية إثبات صفته في التقاضي فالصفة تعد من النظام العام يثيرها القاضي من تلقاء نفسه و في جميع مراحل الدعوى؛ بما فيها مرحلة الطـعن بالنقض طبقا لنص المادة 459 من ق. إ. م ، و باعتبار ديوان الترقية و التسيير العقاري شخصية معنوية تتمتع بالاستقلال المالي و هي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري، فالمدير العام لديوان الترقية هو الممثل القانوني له، حيث تنص المادة 16 من المرسوم التنفيذي 91/147 المؤرخ في 05/12/1995 على ما يلي:« يتولى المدير العام ما يلي: يمثل الديوان إزاء الغير و يمكنه أن يوقع على جميع الوثائق التي تلزم الديوان.....».
وقد صدر عن المحكمة العليا قرار( ) يؤكد أن رفع الدعاوى القضائية المتعلقة بالمنازعات الخاصة بالمساكن التابعة لدواوين الترقية من صلاحيـات الديوان لا الولايـة حيث جاء فيه: «...حيث أن الطاعن يعيب على القرار المطعون فيه قبول الدعوى المقامة من طرف والي الولاية رغم أنه لم يكن طرفا في عقد الايجار المبرم بينه و بين ديوان الترقية و التسيير العقاري.... حيث أنه تبين فعلا من الاطلاع على عقد الإيجار الذي استفاد بموجبه الطاعن بالسكن المتنازع حوله أنه أبرم بينه و بين ديوان الترقية وعلى هذا الأساس فإن الوالي يعتبر خارج عن العقد المذكور و لا يمكنه التقاضي بشأنه، و عليه فهذا الوجه مؤسس و يترتب عنه النقض».
الفرع الثاني : المستأجر

يكون المستأجر إما شخص معنويا أو طبيعيا يتقاضى بصفته مستأجرا أصليا أو شاغلا للأمكنة أو مستفيد من التنازل عن الإيجار أو مستفيد من انتقال حق البقاء.
و يثبت المستأجر للمحلات السكنية التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري صفته في التقاضي لحماية حقوقه المترتبة عن عقد الإيجار بوسيلة وحيدة و هي نسخة من عقد الإيجار، و عليه فإن صفة المستأجر تثبت بعقد إيجار مبرم مع ديوان الترقية و التسيير العقاري عملا بالمادة الثانية من المرسوم التنفيذي 76/147 المؤرخ في 23/10/1976 بالنسبة الإيجارات الصادرة قبل أكتوبر 1992 ، و تثبت صفة المستأجر بالنسبة للإيجارات الصادرة بعد شهر أكتوبر 1992 طبقا لنموذج المنصوص عليه في المرسـوم التنفيذي 94/69 المؤرخ في 19/03/1994 و لا يمكن الاحتجاج بأي وثيقة أخرى مهما كانت طبيعتها ( ).كما سبق تفصيله.


المطلب الثاني : الاختصاص النوعي و المحلي

لقد نص قانون الإجراءات المدنية على الاختصاص النوعي و المحلي فيما يخص المنزاعات المتعلقة بالإيجار، و سنتعرض لهما بالتركيز على الإختصاص النوعي لأهميته كما يلي:


الفرع الأول : الاختصاص المحلي
يكون الاختصاص المحلي للجهة القضائية التي يقع في دائرتها العقار، حيث تنص المادة الثامنة من قانون الإجراءات المدنية على مايلي:«.... و مع ذلك، ترفع الطلبات المتعلقة بالمواد المذكورة أدناه أمام الجهات القضائية دون سواها على الوجه التالي:
في الدعاوى العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار، أو دعاوي الإيجارات بما فيها التجارية المتعلقة بالعقارات، أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة إختصاصها.......».
و هذا ما تؤكده كذلك المادة 33 من ملحق المرسوم رقم 76/147 التي تنص على أن المحكمة التي تقع في دائرة إختصاصها العمارة السكنية المؤجرة تختص بالنظر في النزاعات المحتملة و المتعلقة بعقود إجارة المساكن التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري.

الفرع الثاني : الاختصاص النوعي
أولا- إختصاص قاضي الموضوع هو القاعدة :
يختص قاضي الموضوع بالبت في المنازعة المتعلقة بوجود العقد أو شروط صحته كما يختص بمجمل المسائل المترتبة عن تنفيذه و عن فسخه و إنهائه، فالمنازعة حول طبيعة عقد الإيجار و محله و سببه و إثباته، و حول مواصفات العين المؤجرة هي من الدعاوى التي تمس بأصل الحق و يرجع فيها الاختصاص لقاضي الموضوع و في ذلك صدر قرار عن المحكمة العليا جاء فيه( )« حيث أنه لا يمكن لقاضي الاستعجال أن يبت في دعوى الحال ذلك أن الأمر أصبح بعد استفادة الطاعن من عقد إيجار مقابل عقد الإيجار الذي يتمنع به المطعون ضده، فضلا على صدور قرار قضائي يقضي على الطاعن بالطرد من هذا المسكن، يتعلق بموضوع الدعوى، إذ يتعين على القاضي أن يحسم بين سندين اثنين ليبين من له الأحقية في الإيجار...».

أما عن الفرع المختص بالنظر في مثل هذه الدعاوى؛ فإنه بالرجوع للمرسوم التنفيذي 91/147 المؤرخ في 12/05/1991 ، نص في مادته الثانية على أن دواوين الترقية و التسيير العقاري تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي ؛ و تعد تاجرة في علاقاتها مع الغير و تخضع لقواعد القانون التجاري ، وطبقا لذلك فلتحديد الفرع المختـص بنظر الدعوى، ننظر له من جهة المدعى عليه في النزاع، فإذا كان المستأجر من يرفع الدعوى فالقسم المختص هو القسم التجاري باعتبار أن ديوان الترقية و التسيير العقاري هي المدعى عليها أما إذا كان المدعي هو ديوان الترقية و التسيير العقاري فإن القسم المختص هو القسم المدني لكن من الناحية العملية فإن الفرع المختص بنظر مثل هذه المنازعات هو قسم الإيجار المدني.
و حدث في السابق أن تمسك القاضي الإداري بالبت في المنازعة الايجارية عندما يكون منح السكن وقع بموجب مقرر إداري ، لأن ديوان الترقية و التسيير العقاري بعد إنشائه بموجب الأمر رقم 74/63 المؤرخ في 10 يونيو 1974 أعتبر مؤسسة عمومية ذات طابع إداري وذلك بموجب الأمر76/93 المؤرخ في 23/10/1976 و خضع لوصاية الوالي تحت إشراف وزارة الأشغال العمومية و البناء و من البديهي أن مراقبة شرعية هذه القرارات لا يمكن أن تخول للقاضي العادي، مع العلم أن هذا التشريع لم يبقى ساري المفعول.
ثانيا- إختصاص قاضي الاستعجال هو الاستثناء:
يختص قاضي الاستعجال بالبت في دعاوى الإيجارحسب المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية بتوافر عناصر الإستعجال و عدم المساس بأصل الحق، و بالرجوع لنص المادة 17 من المرسوم 76/147 نجدها تنص على اختصاص القاضي الإستعجالي بطرد المستأجر عند إخلاله بالتزاماته الواردة في هذا المرسوم بموجب أمر مستعجل، إلا أننا نرى أنه و عند الإخلال بالإلتزامات التعاقدية، على القاضي إجراء تحقيق في الموضوع عن طريق المعاينة أو الخبرة، و له في ذلك تقدير الأدلة حتى يتأكد من وجود الإخلال بالإلتزام فعلا و هذا من اختصاص القاضي العادي أي قاضي الموضوع باعتبار أن القضاء الاستعجالي هو تدبير مؤقت لا يمس بأصل الحق و لقد كرس إجتهاد المحكمة العليا بعض المبادئ لتحديد الحالات التي يكون فيها قاضي الاستعجال مختصاً للبت في دعاوى الإيجار.









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلات, السكنية, احجار

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc