"شيخ المؤرخين الجزائريين" الدكتور أبو القاسم سعد الله - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > تاريخ الجزائر > قسم شخصيات و أعلام جزائرية

قسم شخصيات و أعلام جزائرية يهتم بالشخصيات و الأعلام الجزائرية التاريخية التي تركت بصماتها على مرّ العصور

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

"شيخ المؤرخين الجزائريين" الدكتور أبو القاسم سعد الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-02-02, 12:55   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البرنوس مشاهدة المشاركة
رحمه الله رحمة واسعة
رحم الله شيخنا ومؤرخنا واسكنه فسيح جناته
شكراً على مرورك أخي الكريم








 


رد مع اقتباس
قديم 2014-02-02, 17:13   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
البرنوس
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية البرنوس
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وُلد الدكتور أبو القاسم سعد الله العام 1930 بضواحي قمار بولاية الوادي، ‏وهو باحث ومؤرخ، حفظ القرآن الكريم وتلقى مبادئ العلوم من لغة ‏وفقه ودين، وهو من رجالات الفكر البارزين ومن أعلام الإصلاح ‏الاجتماعي والديني. ‏
له سجل علمي حافل بالإنجازات: من وظائف، ومؤلفات، وترجمات.
درس بجامع الزيتونة بتونس من 1947 حتى 1954 واحتل المرتبة الثانية في دفعته.
بدأ يكتب في صحيفة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1954، وكان يطلق عليه "الناقد الصغير"، كما درس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في القاهرة، وحاز على شهادة الماجستير في التاريخ والعلوم السياسية سنة 1962، ثم انتقل إلى أمريكا سنة 1962، حيث درس في جامعة منيسوتا التي حصل منها على شهادة الدكتوراة في التاريخ الحديث والمعاصر باللغة الإنجليزية سنة 1965.
إضافة إلى اللغة العربية، يتقن الراحل اللغة الفرنسية والإنجليزية كما درس الفارسية والألمانية.
ومن أشهر مؤلفاته:
المؤلفات:

موسوعة: تاريخ الجزائر الثقافي (9 مجلدات)، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998.
أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر (5 أجزاء)،دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1993-1996-2004.
الحركة الوطنية الجزائرية (4 أجزاء)، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1969-1992-1997.
محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية الاحتلال)، ط1، مصر، 1970، ط3، الجزائر، 1982.
بحوث في التاريخ العربي الإسلامي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2003.
الزمن الأخضر، ديوان سعد الله، الجزائر، 1985.
سعفة خضراء، المؤسسة الوطنية، الجزائر، 1986.
دراسات في الأدب الجزائري الحديث, دار الآداب، بيروت، 1966.
تجارب في الأدب والرحلة، المؤسسة الوطنية، الجزائر، 1982.
منطلقات فكرية، ط2، الدار العربية للكتاب، تونس ـ ليبيا، 1982.
أفكار جامحة، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1988.
قضايا شائكة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1989.
في الجدل الثقافي، دار المعارف، تونس، 1993.
هموم حضارية، دار الأمة، الجزائر، 1993.
التحقيق:
حكاية العشاق في الحب والاشتياق، الأمير مصطفى بن إبراهيم باشا، الجزائر، 1982.
رحلة ابن حمادوش الجزائري، عبد الرزاق بن حمادوش الجزائري، الجزائر، 1982.
منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية، عبد الكريم الفكون، عمار، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1987.
مختارات من الشعر العربي، جمع المفتي أحمد بن عمار، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط2 ،1991.
تاريخ العدواني، محمد بن عمر العدواني، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1996.
رسالة الغريب إلى الحبيب، تأليف أحمد بن أبي عصيدة البجائي، دار الغرب الإسلامي، 1991.
أعيان من المشارقة والمغاربة (تاريخ عبد الحميد بك)، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2000.
الترجمة:
شعوب وقوميات، الجزائر، 1958
الجزائر وأوروبا، جون ب. وولف، الجزائر، 1986
حياة الأمير عبد القادر، شارل هنري تشرشل، الجزائر-تونس، 1982
الوظائف العلمية والإدارية،
أستاذ التاريخ، جامعة آل البيت الأردن، 1996 – 2002م.‏
أستاذ التاريخ، جامعة الجزائر منذ 1971م.‏
أستاذ مشارك في التاريخ، جامعة الجزائر 1967 – 1971م.‏
أستاذ مساعد في التاريخ، جامعة ويسكنسن، أوكلير (أمريكا) 1960 – 1976م.‏
وكيل كلية الآداب، جامعة الجزائر، 1968 – 1972م.‏
رئيس قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة الجزائر 1969 – 1971م.‏

توفي، السبت14/12/2013 ، شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد الله بمستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة عن 86 سنة بعد معاناة من المرض.










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 09:27   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رحم الله شيخنا ومؤرخنا واسكنه فسيح جناته


باراك الله فيك أخي الكريم برنوس
وجزاك الله خيراً










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 09:32   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
عبد الكريم عوفي


هيرودوت الجزائر يرحل وتبقى موسوعاته التاريخية والثقافية تنتظر الباحثين

كتب كثير من الزملاء العلماء وطلاب العلم عن العلامة الراحل، أستاذ الأجيال وشيخ المؤرخين الجزائريين (أبو القاسم سعد الله) "هيرودوت الجزائر". كتبوا عن مآثره وقدموا شهاداتهم. والحقيقة إنه مهما كتبنا وتحدثنا عنه فإننا لن نعطي الرجل حقه، لأن ما كتبه عن الحركة الوطنية والثقافة الجزائرية وأعلامهما بمختلف أطيافها كثير وكثير جدا. وعزاؤنا الوحيد أن نتضرع إلى الله- سبحانه وتعالى- أن يجزيه عنا وعن العلم خيرا كثيرا، وأن يسكنه فسيح جنانه، وأن ينزله منزلة عباده الصالحين.
سأل الكاتب الصحفي مراد وزناجي المرحوم عن عدد من الأعلام الجغرافية التي احتضنت مسيرته الفكرية فأجابه: "قمار مطلع الفجر، ووادي سوف واحتي الوارفة، والزيتونة مهد العلم والأدب، ودار العلوم بيت سدنة اللغة العربية والدراسات الإسلامية الرصينة، وبن عكنون جنتي بعد عذاب الغربة... ومنيسوتا نقطة التقاء حضارتين عندي (حضارتنا وحضارتهم)، وآل البيت تجربة الجمع بين تراث الشرق ومنهج الغرب...". بهذه المفاتيح اللسانية لخص الدكتور أبو القاسم سعد الله سيرته العلمية العطرة. إنه صاحب أكبر موسوعة ثقافية جزائرية "تاريخ الجزائر الثقافي"، وأحد الأعلام الذين شكلوا على مر السنين الثقافة الوطنية المتميزة، كابن الفكون، وابن قنفذ، وأبي رأس المعسكري، وابن باديس، واطفيش، وابن أبي شنب، والإبراهيمي، ومالك بن نبي، ومفدي زكرياء، ومحمد العيد، وغيرهم كثير، ممن تُعطر سيرتهم كتب التراجم والفهارس والطبقات.
لا يخفى على المثقف النزيه والطالب النجيب أن أبا القاسم سعد الله قامة سامقة من قامات العلم، فهو العالم الموسوعي؛ المؤرخ، والمحقق، والرحالة، والأديب، والصحفي، والمترجم، والمصلح الاجتماعي، والمربي، لقد أثرى المكتبة الوطنية والعربية، بل العالمية بعشرات من الكتب، ولا سيما المطولة منها، وألف عقولا عبر مسيرته التعليمية في الجامعة الجزائرية وفي عدد من الجامعات خارج الجزائر، إذْ كوَّن أجيالا من الباحثين كان لهم الأثر الطيب على الحركة العلمية والفكرية.
تعود صلتي بالرجل إلى أيام الطلب العلمي في الجامعة عندما قرأت بعض كتبه (محمد العيد آل خليفة، والشاذلي القسنطيني، وابن العنابي وابن حمادوش ومنشور الهداية وابن الفكون، وبعض كتبه التاريخية). وقد قويت هذه الصلة عندما حضرت له بعض الندوات والملتقيات الفكرية، ولما بدأت في العناية بالتراث الجزائري المخطوط عام 1982م، تأكدت أن خير من يشد عضدي في هذا الحقل المعرفي هو الشيخ أبو القاسم سعدالله، لأنه أكثر من غيره معرفة بكنوز التراث المخطوط في الجزائر وفي خارجها. فكان تاريخ الجزائر الثقافي مرآة عاكسة لما أنشُده، وكانت البداية مع جزئيه الأول والثاني قبل أن تلحق الأجزاء الأخرى تباعا- وكنت على معرفة منه بمراحل إنجازها-، بل أفدت منه الكثير قبل أن يخرجها مطبوعة، إذ كنت أفزع إليه كلما أشكل علي أمر. بيني وبينه مراسلات عديدة بشأن المخطوطات في الجزائر. لقد كان الرجل متواضعا سخيا في المعلومات العلمية والتوجيهات والنصائح، رغم بعده ومعاناته وكبر سنه.
لقد خدم الدكتور أبو القاسم سعد الله المجتمع الجزائري خدمة تاريخية وثقافية وأدبية ولغوية وتربوية وسياسية واجتماعية ونقدية، خدمة لا نجدها عند غيره من أعلام الفكر الجزائري؛ قديما وحديثا، فآثاره الخالدة التي تزيد على ثلاثين مجلدا، غير المقالات والأبحاث المتناثرة في المجلات والجرائد الوطنية والعربية والأجنبية شاهدة على سيرته العلمية العطرة وعلى المكانة المرموقة التي ارتقى إليها.
ترك الدكتور سعد الله بصمة قوية بأعماله المتميزة، فهو عالم لا يُشق له غبار في منهج كتابة التاريخ وخدمة التراث والتعامل معه. إنه صاحب تجربة طويلة، أفنى عمره في البحث والتنقيب مُرتحلا إلى جهات مختلفة في أنحاء العالم. ولا نجانب الحقيقة إذا قلنا: إن الرجل صاحب مدرسة متميزة كوَّن رعيلا من الباحثين في مجال العلوم الإنسانية، كالتاريخ والآداب والرحلات والاجتماعيات وغيرها.
ولتميز كتابه "تاريخ الجزائر الثقافي"، الذي صدر في تسعة أجزاء عن دار الغرب الإسلامي، عام 1998م، ثم أعيد نشره في الدار نفسها بعد أن أضاف إليه جزءا عاشرا، وكان يحبذ تسميته بـ (الموسوعة الثقافية الجزائرية)، لأن ما تضمنه من مواد واسعة ونادرة يتطلب هذه التسمية، لكن الكتاب عُرف في طبعتيه الأولى والثانية (جزآن) بالاسم المذكور فأبقى عليه كما هو. قلت: ولتميزه أحببت أن أخصه بالذكر هنا وفاء لجهوده النادرة.
فالكتاب اعتنى فيه بالآثار الفكرية والمادية التي أنتجها العلماء الجزائريون في شتى فنون المعرفة الإنسانية، كالفقه، والأصول، والتوحيد، والفرائض، والنوازل، والقرآن وقراءاته، والتفسير، والحديث النبوي الشريف، والإجازات، وعلم الكلام، والتصوف، والمنطق، واللغة، والنحو، والصرف، والمعاجم، والأدب، والشعر، والقصة، والمسرح، والأمثال، والتاريخ، والتراجم، والسير، والأنساب، والأثبات، والرحلات، والطب، والسحر والخرافة، والتنجيم، والفلك، والزراعة، والاجتماع، والسياسة، والفلسفة، والقضاء، والرياضيات، والجغرافيا، والكيمياء، والفنون الأخرى، كالموسيقى، والرسم، والنحت، والمنمنمات، وغير ذلك مما يتعلق بالآثار المادية، والمؤسسات، والمكتبات، والمساجد، والزوايا، والقصور.
أكد الدكتور أبو القاسم سعد الله أن ما جاء في الموسوعة من معارف ومواد لم يأت بسهولة، إذ رجع فيه إلى مئات من المصادر والمراجع، والوثائق، والمخطوطات، والآثار، والوسائل المادية؛ في مكتبات، ومتاحف، وخزانات، وزوايا، وأقبية، ومراكز بحث في شتى أنحاء الجزائر، وفي خارجها؛ في كبريات الجامعات، والمراكز البحثية، والمتاحف، شرقا وغربا، وما أفاده من الأرشيف الفرنسي كان غزيرا، إذا إن الكثير من أوجه النشاط الثقافي والفكري في العهدين العثماني والفرنسي مُستمد من كتابات الفرنسيين. وقد أشار الأستاذ أيضا في أكثر من موضع إلى أن المتعامل مع المصادر والوثائق ينبغي أن يكون حذرا، وألا يقبل كل ما يُقال، بل على الباحث أن يعمل فكره ويرجح ما هو أقرب إلى الحقيقة.
إن المادة التي جمعها شيخنا في هذه الموسوعة من خلال رحلاته مع المصادر والمراجع التي وقف عليها في الجامعات ومراكز البحث على اختلاف اهتماماتها، تقدم خدمة جليلة لخَدَمة التراث الجزائري المخطوط والمطبوع؛ الذي أنتجه علماؤنا عبر الأعصر المختلفة، ولم ير بعضه النور بعد. هذه المادة الخام بحاجة إلى دراسة وتحليل واستقراء ونقد، لاستخراج الدرر منها، ووضعها في متناول أبناء المجتمع للاستفادة منها، كل في مجاله، ولا أجانب الصواب إذا قلت: إن خير ما يربط البحث العلمي في جامعاتنا ومراكزنا البحثية بالتنمية الوطنية هو أن نولي وجهة نظرنا نحو هذا الكنز الذي وضعه بين أيدينا الدكتور الشيخ، وهو عربون وفاء للرجل.
ومن الإنصاف والعدل أن نؤكد حقيقة مرة عاشها "هيرودوتس" الجزائر في مسيرته العلمية تعاورتها أطراف متعددة، لقد نُكب الرجل في إحدى سفرياته فضاعت محفظته وفقد أوراقه وجذاذاته ومصادره ومراجعه ومصوراته، وكل ما يتعلق بيومياته مما دونه عن رحلاته ومشاهداته وانطباعته في السنوات (1984/1988م)، ولكن إخلاصه النية في إتمام مشروعه العلمي الكبير جعله يقلع مرة أخرى مستعينا بالله ليستدرك ما ضاع منه. فهذا عامل اخترق حلقة من حلقات بحثه أثر فيه كثيرا، لكن العامل الأخطر هو تنكر أبناء وطنه لجهوده (1) (أعني بعض من كان بيدهم سلطة القرار من مسؤولين؛ صغارا أم كبارا). فقد حدثني في مراسلات كثيرة عن هذا الجانب، وأستأذن القراء في اقتطاف بعض الفقرات من رسالة بعثها إلي بعد أن قرأ العرض الذي قدمته حول (تاريخ الجزائر الثقافي) (2). قال: "الأخ الدكتور عبد الكريم عوفي، تحية طيبة، وبعد اطلعت على ما دبجه قلمك الرصين لعرض كتاب تاريخ الجزائر الثقافي. لقد سرني تقديمك له لأنك من أبرز المدركين لرسالته الفاهمين لمراميه. وللحقيقة أقول إنني أستغرب من نفسي عندما أتأمل ما ضمنته من مصادر ومعارف وآراء.. كيف استطعت أن أكتب وحدي عملا مثله في وقت كنت فيه في حاجة ماسة إلى توفير الحد الأدنى للعيش مع عائلتي في بلاد الغربة، ولكن يومياتي ستفصل كيف كنت أصارع من أجل لقمة العيش بينما أكتب التاريخ الثقافي فصلا فصلا تحت وطأة الألم والمعاناة والقلق والخوف من المستقبل.
أحب أن أشير إلى أن الكتاب أصبح في عشرة مجلدات، فقد وفقني الله إلى البلوغ به سنة 1962. وأصبح المجلد الأخير من طبعته الأولى هو التاسع بينما أصبح ما كان تاسعا (الفهارس) هو العاشر. وقد طبعت المجلدات العشرة عدة طبعات عند الناشر (عالم المعرفة).
ومع ذلك فما يزال في التاريخ الثقافي كثير من الثغرات. وقد جمعت معلومات عديدة لكتابة استدراك له. وفي زيارات سريعة هذا العام إلى تندوف وأدرار والأغواط وغرداية اكتشفت كنوزا أخرى من تراثنا الثقافي، ولكن أنّى لمثلي أن يلم بكل ما اكتشفت بينما لم تعد صحتي تسمح لي بالوقوف الطويل ولا المشي البعيد ولا التركيز العميق ولا السفر الشاق.
ومن جهة أخرى تقدمت منذ خمس سنوات إلى مختلف الوزارات والمراكز المعنية بالبحث... أطلب منحة تفرغ مدة ستة أشهر في بلاد أجنبية لكي أرجع بالبحث في التاريخ الثقافي: من الفتح الإسلامي إلى فاتح العهد العثماني، فلم تستجب أية جهة، أليس هذا مما يسبب الإحباط واليأس؟
مرة أخرى أشكرك على المقالة الواعية العارضة لمحتوى الكتاب، واعدا القراء بمواصلة البحث ما دمت حيا. وفي نفس الوقت يسرني أن أخبرك أنه قد صدرت يومياتي (مسار قلم )، وهي تبلغ حتى الآن خمسة مجلدات، كما صدر لي كتب جديدة هي: حصاد الخريف، حاطب أوراق، على خطى المسلمين. والله المستعان... دالي براهيم 11 أكتوبر 2010م".
لله درك يا شيخ الشيوخ! كيف احتملت ما لقيت من عاديات الزمن؟ وكيف صبرت على المتنكرين لجهودك؟
قلت في ردي على الشيخ على الرسالة السابقة: "... السر يا شيخنا هو أن الله سبحانه وتعالى يعلم أنك أخلصت النية فأمدك بالقوة ويسَّر لك التوفيق، ولم يُيسِّره لغيرك ممن حاله أيسر، وينفقون أوقاتهم وأموالهم في الملاهي ووو... الحمد لله على نعمه.
أعلَم كثيرا عن المعاناة التي رافقتك في رحلة البحث العلمي في الداخل والخارج، هي ضريبة العالم، يحترق ليستضيء الآخرون، أبْشِر أستاذي فإن جزاءك عند الله كبير. النفوس الوفية كغيمة ماطرة، الكل يسعد بقدومها ويستبشر برؤيتها، وهكذا أنت يا شيخنا، أبا القاسم. جعلك الله سعيد الدارين، قرير العينين لا تشكوهما ولا حزنا ولا دينا". (3)
لا أظن أن أحدا من حملة العلم ومن العارفين بحركة التاريخ عبر الأزمنة المختلفة يخالفني إذا قلت: إن أبا القاسم سعد الله هو هيرودتس الجزائر، بل هو أعظم منه، لُقِّب هيروديتس الإغريقي بأبي التاريخ، لكونه أول من وضع الحجر الأساس في كتابة التاريخ بعد رحلاته الشهيرة إلى ليبيا ومصر وأكرانيا وصقلية، وسجل وقائع الحرب الفارسية اليونانية، وشخص عادات وتقاليد وتاريخ شعوب البحر المتوسط في كتابه (تاريخ هيرودتس)، ولم يراع فيما كتبه الدقة العلمية والموضوعية- كما يؤكد مؤرخو الغرب. واستحق أبو القاسم سعد الله أن يلقَّب بـ(شيخ المؤرخين). لقد كان في رحلاته الميدانية الطويلة؛ شرقا وغربا، وفي رحلاته الفكرية أكثر إحاطة وشمولية، ودقة في الطرح العلمي والموضوعية، ولنا تلقيبه بـهيرودتس الجزائر) بفخر واعتزاز لما تميزت به كتاباته التاريخية والثقافية والأدبية والاجتماعية والسياسية من منهجية محكمة وبعد فكري في التناول والموضوعية.
رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جنانه، ووفق طلابه ومحبيه في استكمال مشروعه العلمي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(*) دكتور بجامعة جامعة أم القرى بمكة المكرمة
هوامش:
(1) معروف عند العام والخاص أن أبا القاسم سعد الله أعرض عن المناصب والمسؤوليات، لأنه يدرك أنها تتعارض والتعاطي مع العلم.
(2) ينظر المقال في مجلة دراسات أدبية، العدد: الخامس، عام 2010م، التي تصدر عن مركز البصيرة في الجزائر العاصمة .
(3) مكة المكرمة في يوم الجمعة 3/1/1432هـ.
https://www.echoroukonline.com/ara/articles/192220.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 09:34   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
لحسن بن علجية


أبو القاسم سعد الله... عُلُوٌّ فِي الحَيَاةِ وَفِي المَمَاتِ

إنْ قيلَ ماتَ فلم يمتْ مَنْ ذِكْرُهُ *** حيُّ على مَرِّ الليالِي باقِي
جمع الله سبحانه وتعالى في شيخنا أبي القاسم سعد الله ما تفرق في غيره من المحاسن الفاخرة والمناقب المتكاثرة، عُرِف رحمه الله بالاستقامة الخُلقية والصرامة العلمية والزهد في حطام الفانية، لم يعرف الكلل ولا الملل وما ضعف وما استكان، وكان من الصابرين.
تحمَّل مسؤولية وأمانة التأريخ الكامل والشامل لبلده الجزائر، بالرغم من عدم توفر كثير من الشروط التي ذكرها لمن يقوم بهذه المهمة الشاقة والصعبة، فلم تتوفر له المحفزات _ المادية والمعنوية _ ولم يتوفر له المناخ الحر، بل انعدم في كثير من المراحل التاريخية. كان سعد الله نتاج شعب يصنع التاريخ ولا يكتبه، والأدهى والأمر من ذلك أنه شعب لا يعترف لأي بطل في تاريخه، حتى أنه تميز بظاهرة غريبة انفرد بها عن بقية الشعوب وهي ظاهرة تحطيم الأبطال والرموز الذين صاروا غَرَضًا، كما لا حظ ذلك الشيخ سعد الله، فأمسى تاريخنا مهملا.
ولما توفر لسعد الله شرطان أساسيان وهما: بطولات وإنجازات شعبه، وثقافته العالية أيقن رحمه لله أن كتابة تاريخ شعبه أصبحت فرض عين يجب أداؤه على الفور لا التراخي، وأنَّ توقيتَ هذا الفرض ضروري لا اختيار ولا فسحة فيه .
كانت المهمة صعبة وشاقة وعظيمة - ولكن العظيم تصغر في عينه العظائم - تتطلب تضحيات كبيرة فمسارات وجوانب تاريخ الجزائر لا تحصى ولا تحصر ولا تستقصى، كتب رحمه عن فترة الإحتلال والمقاومات الشعبية والحركة الوطنية، والثورة الجزائرية، وفصل تاريخنا الثقافي الشامل من الفتح الإسلامي إلى القرن العشرين، في موسوعته العظيمة النادرة المفيدة الماتعة، واهتمَّ بتحقيق أعمال جزائرية رائعة . كان ميزانه العلمي صارما دقيقا، لا يَزِنُ بضاعة إلا إذا تميزت بالجِدِّية في المنهج، والجديد في الموضوع.
لم يبخس أحدا حقه ولم يجامل أو يتحامل على أحد، وكان يرى أن التاريخ لا يرحم الموتى الذين تنكروا وخانوا وطنهم وأمتهم، سواء كانوا زعماء أو أعيان أو مشايخ ......الخ.
وإذا كان من وَرَّخَ لمؤمن فكأنما أحياه، فما بالك بمن وَرَّخَ لأمة وأحيا تاريخها !!!
لم يكن ولاء الشيخ سعد الله إلا لدينه ولغته ووطنه، لم يقصد بما خَطَّ قلمه خدمة ملك أو أمير، ولم يرفع إنتاجه لسدة رئيس أو أعتاب وزير، ولم يرتمي ببضاعته إلا على أبواب فضل الله العلي القدير، رفض المناصب السامية، والجنسية الأمريكية، ونذر نفسه لخدمة العلم فاعتكف في محرابه، صائما عن زخرف الدنيا، قائما على كتابة تاريخ شعبه. كان رحمه الله مؤرخا حُرًا نزيها مُنزويا عن الشُّهرة، ناقما على صنف من المؤرخين وصفهم بأنهم يرضعون أثداء النظام ويمتصون أصابع الحكام، وما أكثرهم في العالم العربي.
لم يعجب البعض من قومنا منهج سعد الله العلمي المرتكز على دينه ولغته ووطنه، فهو نتاج مدرسة النجاح بقمار وشيخها محمد الطاهر التليلي ونتاج الحلقات العلمية بجامع الزيتونة ودار العلوم بالقاهرة، أرادوا منه أن يكون نتاج المدرسة الغربية ولم يكن ولاؤه لها بالرغم من دراسته بأمريكا، التي قصدها محصنا بصلابة دينه وعشقه للغته وحبه لوطنه.، وربما كان ذنبه أنه لم يتخرج من جامعة فرنسية، وحتى لو تخرج منها لكان كما كان، وبمناسبة ذكر فرنسا، ما أروع مقاله: (أتيناك طائعين يا باريس) جريدة الجديد: 15 / 12 / 2013م
لم أتشرف بالتتلمذ على أستاذ الجيل ومفخرة الجزائر، وتشرفت بمراسلات عديدة معه، اغلبها إجابات عن أسئلتي، وربما يأبى الجواب عن بعضها، فلا أراجِعُهُ هيبةً منه، كان يصف اعتكافه للبحث والتأليف ببيت الطاعة، وكنت كلما عثرت على وثيقة مهمة أو كتاب نادر يهمه أو إصدار هنا أو هناك عن تاريخ الجزائر أرسله له، كان رحمه الله يطلب مني معرفة ثمن الكتاب أو الكتب التي أرسلها له ليسدد ثمنها ويقول لي : لعلك تكلف نفسك ما لا تطيق، وأجيبه أن هذا دأبي مع زملائي من طلبة العلم ومشايخي، وأن إكرام أهل العلم مما أوصانا به سلفنا الصالح.
ومما قاله لي رحمه الله: (أن الرحلة أصبحت من طبعي، فلا إنتاج بدون تغيير البيئة ولا تغييرَ بدون رحيل ومشاهدةٍ وإضافة علم على علم) .
كان رحمه الله يقول: (إن أوقاتي معدودة بالدقائق !!! ) .
كان يقول: (أخافُ أن تنطفئ الشمعة قبل أن أكملَ المشروع !)، ونقول لك يا شيخنا: نَمْ قريرَ العين، لقد اكتمل المشروع ولم تنطفئ الشمعة بل زادت نورا على نور.
كان وفيا لأساتذته ومشايخه حققَ ونشرَ بعض تراثِ شيخه محمد الطاهر التليلي، وكان حاضرا في اليوم الدراسي بباتنة الذي خُصص للشيخ عُمر دَرْدُور، وكان الشيخ سعد الله قد تعرَّف عليه بالقاهرة، وأثنى عليه في كلمته، وقال عنه إنه - أي الشيخ عمر دردور - (كان من جيل آخر، جيل تطمئن إليه النفس وتثق في كلامه صدقه)، وكان وفيا للشيخ المهدي البوعبدلي فنشر الرسائل المتبادلة بينهما ........ الخ .
كان رحمه الله سليم الصدر عزيز النَّفس كاملَ الأدب، عفيف اللسان والقلم، يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه، بعيدا عن التَّكلف في أقواله وأفعاله، مُنْزَوِيًا عن الشُّهرة، عُرِفَ برجاحة العقل والفهم الثاقب والرأي الصائب، والمروءة والتواضع الجَمِّ، شهد له الناس بحسن السيرة وصفاء السريرة، كَثَّرَ اللهُ في المسلمين أمثاله. رحلَ سعد الله تاركًا وراءه مئات الطلبة، وآلاف القراء والباحثين، يعتمدون في رسائلهم وبحوثهم ومؤلفاتهم على مؤلفاته التي لا غنى عنها، فهي كالمُدَونة عند المالكية .
https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189773.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 09:35   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
أحمد بن السائح


المجاهد أبو القاسم سعد الله... فارس العلم والقلم

كانت الساعة الرابعة وأربع وأربعين دقيقة من مساء يوم السبت 14 / 12 / 2013 عندما هاتفني صديقي الأستاذ الدكتور مسعود فلوسي ، وبعد السلام والتحية .. قال لي : (( هل علمت آخر الأخبار ؟!!.. )) قلت على الفور لا ـ واستيقنت قبل أن يكمل الخبر أن الأمر جلل ـ قال لي : (( الدكتور سعد الله توفي إلى رحمة الله )) .. فكان الخبر الفاجع الذي زلزلني وهزني من الداخل ؛ والأستاذ الدكتور مسعود فلوسي من القلائل الذين يعرفون عمق الرابطة والصلة الوثيقة التي تربطني بالفقيد الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله ... دَعَوْتُ له بالرحمة والمغفرة .. وَوَدَّعْتُ الدكتور فلوسي ، وبقيت وَاجِمًا مستغفرًا مترحمًا على هذا الرجل الفذ الذي أخلص للعلم وألزم نفسه بالمناضلة الشريفة في مجال البحث العلمي ومتابعة الشأن الثقافي بوساطة جهوده المخلصة واهتماماته التي ركزت على إحياء التراث والتاريخ الجزائريين وتخليصهما من منظور المدرسة الكولونيالية.
وكان هذا المشروع العلمي الضخم ـ الذي تحمله فقيدنا المرحوم الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله ـ الذي لا يتصدى له إلا الفحول من العلماء ، ولا يصبر ويصابر على مشاقه والمعاناة في سبيله إلا أولئك الذين تشهد أعمالهم الخالدة على ما بذلوه في سبيل نشر العلم وترقية المعرفة بَلْهَ الاضافات المبدعة . ومن ثمة كان العلم هو شغله الشاغل ، وكانت الدراسات الأكاديمية هي التي ارتضاها لنفسه عن قناعة وطواعية واختيار ، وكان يردِّدُ دائمًا عبارته الذهبية : (( ... مشاريعي العلمية أكبر من عمري . )) . وكان عليه رحمة الله كالنحلة الذكية التي أوحى لها ربك لتؤدى وظيفتها وفق الناموس المسطر لها متنقلة بين أنفع الأشجار وأفيد الأزهار، وكانت رحلاته ومحطاته بين أشهر المكتبات ، وما فيها من نفائس المجاميع والمخطوطات ، وكانت أجمل لحظات سعادته تلك التي يقضيها قارئا ومُدَوِّنًا ومقابلا بين النصوص ومُقَارِنًا بين المصادر والمراجع المتنوعة التي يعرف وحده كيف يغربلها وينخلها بمنهجه الصارم وطرائقه العلمية الدقيقة الموشحة بشروحاته وتعليقاته الثرية وملاحظاته القيمة التي يتدفق بها صلب قلمه ، وهي بمثابة الشراب المختلف ألوانه يتشكل منها صميم العلم وجرثومته.
كان البروفيسور سعد الله مُبرمِجًا لأعماله ، وكانت رزنامته الفكرية والعلمية ـ اليومية أَوْ على المدى الطويل ـ مزدحمة بكثرة الأعمال وتراكم المشاريع ؛ والغريب أن مشاريعه ليست مقتصرة على اختصاص واحد يتعلق بالتاريخ كما يتبادر إلى كثير من الأذهان ؛ وأعماله في الواقع قد يتغلب عليها التاريخ إلى حَدٍّ ما ، ولكن مشاريعه بشكل عام لا تصب كلها في مجال التاريخ ، فسعد الله بدأ حياته إعلاميا ـ مراسلا من تونس ـ في جريدة (( البصائر )) وغيرها من جرائد تونس ، وكان في خواتيم الأربعينيات ومطالع الخمسينيات من القرن الآفل شاعرًا شابًّا مُغَرِّدًا في آفاق الوطنية المكبلة من طرف الآسر المحتل ، كما كان قَاصًّا مُبْدِعًا وصاحب خواطر رائعة نشرها هنا وهناك في جرائد الجزائر وتونس ومجلة (( الآداب )) البيروتية ، وكان متابعا ومطلعا على ينابيع الثقافة المشرقية ، وظل على تلك الحال قارِئًا نهمًا يلتهم كل ما يقع في يده ، وقد انتفع بذهابه إلى تونس بكل ما كان يُنْشَرُ هناك من ثقافة متنوعة ، وعلى الرغم من كثرة المواد التي كانت مقررة على طلبة الزيتونة يومذاك إلا أن فقيدنا ـ عليه رحمة الله ـ كان فرادة بين أقرانه ولَدَّاتِهِ وظاهرة علمية تَنْمَازُ عن غيرها ، وبذلك استطاع أن يُوَفِّقَ بين مهمة الطلب والتحصيل والازدراد من الكتب الخارجة عن المقرر ، وقد كان لكل تلك الكتب التي كانت تستهويه وتأخذ بمجامع قلبه الأثر البالغ في تكوينه وتحصيله اللغوي وصقل مواهبه في مجال الشعر والفن القصصي .
وفي تونس نجح في نشر تجاربه القصصية وأشعاره الأولى وخواطره المبدعة في جريدتي : (( النهضة )) و (( الأسبوع )) وهو دون العشرين ، وفي تونس ـ أيضا ـ تعرَّف على أدب المشرق وتابع باهتمام وانتظام ما كانت تنشره : (( الآداب )) اللبنانية و (( أبوللو )) و (( الرسالة )) المصريتان وغيرهما من المجلات الأدبية التي لا تصل إلى الجزائر ، وكان مساره في هذا الإتجاه الجديد مُوَفَّقًا ، بل كان بمثابة الفتح العلمي الجديد الذي جمع بين الاطلاع والنشر . والواقع أن انطلاقته ـ الإيجابية ـ وجراءته على النشر ومساهمته في الحياة الأدبية يُعَدُّ من الحوافز التي جعلت طموحات الشاب سعد الله في محلها ، وكسرت مخاوفه النفسية ، وفسحت أمامه أبواب العلم وما فيه من تحديات وعراك فكري ونقاشات فيها الانتقاد والاختلاف الذي تمليه سلطة المذاهب الأدبية والمدارس الإجتماعية والفلسفية ، بَلْهَ ما تفرضه هيمنة التيارات السياسية . ومن جهوده في تلك الأثناء مساهمته بمعية زمرة من زملائه وصحبه المبدعين تأسيس : (( رابطة القلم الجديد )) التي اتُّفِقَ على تسميتها والانضمام إليها ، و (( رابطة القلم الجديد )) جمعية أدبية غير معتمدة من أية جهة رسمية ، واعتمادها الوحيد هو اتفاق أصحابها ومؤسسيها على تسميتها بهذا الإسم ؛ وهي قائمة فيما بينهم فقط ، وقد نشر بعضهم باسمها محاولاتهم الأولى ، وهي تتألف من تونسيين وجزائريين ، ولعل أبرزهم هو صاحبنا الشاب أبو القاسم سعد الله الذي ظل أكثر التزاما بـ : (( رابطة القلم الجديد )) . والملاحظ أن (( رابطة القلم الجديد )) تفتقر إلى منبر يجمع شتاتها ، ويتولى نشر مساهمات أعضائها الذين راح كل واحد منهم ينشر نتاجه الأدبي في أية جريدة أو مجلة تتاح له فيها فرصة النشر . وتبقى (( رابطة القلم الجديد )) رابطة قائمة بوساطة الاتفاق بين أعضائها ، ولا يكاد يُعْرَفُ لها وجود في واقع الناس ، فهي رابطة اقتصرت على مؤسسيها وحدهم .
وبعد ذهابه إلى دار العلوم بالقاهرة تفتقت مواهبه الإبداعية وراحت تشق طريقها نحو عالم النشر . وبالموازاة مع دراسته في دار العلوم استطاع هذا الشاب الذي جاء إلى القاهرة ـ بطريقة فيها الكثير من المغامرة والمخاطرة ـ أن يجمع بين الحسنيين ، فكان جادًّا في دراسته ، الأول في الترتيب دائما ، متفهما لوضعه وكيف وَصَلَ إلى القاهرة بقليل من الزاد وكيف غامر بالمجئ متحديا كل مخاوف اليأس التي كادت تقضي على طموحه المتفائل ، وتدفن آماله العراض في الالتحاق بركب العلم والعلماء ، وكان فقيدنا ـ طيب الله بالرحمات ثراه ـ يعلم أن وجوده في أرض الكنانة معجزة وهو الغريب الذي لا يمتلك قوت يومه ، ولا يعلم أين يولي وجهه وسط العاصمة المصرية التي تعج بالألوف المؤلفة من أمثاله الذين يتوافدون عليها من كل فج عميق ، ليجد كل واحد منهم ضالته المتطلع إليها ، ومقصده الذي جاء من أجله .
وفي دار العلوم التي تحققت طموحاته بالانتساب إليها ، وجد نخبة من العلماء المحققين أخذ عنهم أصول العلم وحقائق المعرفة . وكان نعم الطالب الوارث لعلمهم الغزير ، وكان من أساتذته في دار العلوم الأستاذ المحقق الكبير عبد السلام محمد هارون والأستاذ الدكتور سامي الدهان والأستاذ الدكتور عمر الدسوقي .. وغير هؤلاء ، وفي تلك المرحلة تابع أخبار النخبة المثقفة في مصر من خلال كثرة مطالعاته وشغفه بالأدب الذي هيمن على عقله ، وشغل وقته بالادمان والاستزادة من لذة القراءات المتواصلة التي جعلت منه فيما بعد سعد الله العالم المحقق وشيخ المؤرخين والباحث الأكاديمي الموسوعي . وفي مصر شدته أيضا الحياة الفكرية وما كان فيها من جدل واختلاف بين أساطين العلم وجهابذة المفكرين ، وهناك تعرف على حقيقة الواقع الثقافي وما فيه من مشاهد متباينة ، وأدرك بوعيه الغض أبعاد رسالة المثقف ومواقفه الفكرية وما يترتب عليها من انتماء وتحديد اتجاهات ، ومجابهة سلطة التفكير الموجَّه ، والعض بالنواجذ على الاستمساك بحق حرية الرأي والتعبير ، والتضحية في سبيل الذود عنهما وحمايتهما . وبالرغم من الظروف العسيرة التي التحق فيها بدار العلوم ، فقد كان من أنشط الطلبة وأقدرهم على الإبداع والكتابة ، وكان يحرص على تنظيم وقته وبرمجة نشاطاته التي لا يحيد عنها يمنة أو يسرة بفضل انضباطه الدقيق والتزامه بالعمل الجاد .
وإذا كانت مساهماته الأدبية وما فيها من تنوع وإبداع قد سجلت حضورها بشكل لافت في المشهد الثقافي ، فقد تعرف من جهة أخرى على نخبة من رموز الأدب والثقافة وانجذب إليهم بمواهبه وطموحاته ، وانجذبوا ـ بدورهم ـ إليه ليكون إضافة جديدة تدعم تطلعاتهم ، وتضفي المزيد من المصداقية على مذهبهم الأدبي الجديد الثائر على القديم ، وكان من ألمع الأسماء التي تعرف عليها الشاعر صلاح عبد الصبور والشاعر فاروق شوشة والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي وعبد الرحمن الخميسي ويوسف السباعي ورجاء النقاش و محمود أمين العالم ومحمد الفيتوري وعبد الرحمن الشرقاوي .
وبانضمام الأديب الشاب أبو القاسم سعد الله إلى هذه النخبة من أعلام الشعر الحديث في مصر ، رمى وراءه ظهريا أوهام (( رابطة القلم الجديد )) التي كانت تمثل مرحلة محدودة ومؤقتة انتهت وانفرط عقد جماعتها بانسحاب الأستاذ سعد الله منها ، فقد كان عمود خيمتها والأكثر نشرًا باسمها . والحقيقة أن (( رابطة القلم الجديد )) كانت قائمة على التوهم الذي اضطر أعضاءها إلى الإعلان عن إنشائها ، وهي التي تفتقر لكل المقومات القانونية والموضوعية والمادية التي ينبني عليها الإنشاء والتأسيس . ووجد الشاب سعد الله وسط هذا الوضع الثقافي الجديد ـ بمصر ـ ضالته التي كان يبحث عنها ويتغياها ؛ وضاعف من كتاباته المبدعة في مجلة (( الرسالة الجديدة )) و (( الآداب )) البيروتية و (( العالم العربي )) و (( البصائر )) الجزائرية قبل أن تتوقف نهائيا في أفريل 1956 ؛ واستطاع أن يُعرِّف بالأدب الجزائري ـ الذي ظل مغمورًا إلى حين ـ بدراساته المستفيضة على صفحات (( الآداب )) بالإضافة إلى ما نشره من أشعار ودراسات نقدية تتلاءم مع توجهات (( الرسالة الجديدة )) ، ويكاد قلمه لا يتوقف ، وفي تلك الأثناء اشترك في العديد من المناشط الثقافية شعرا ونثرا وإبداعا في القصة والرواية والنقد ، و كثف من مطالعاته المتنوعة ، وكانت فترة تواجده بدار العلوم فترة خصبة توازى فيها التكوين العلمي الرصين وإشباع الرغبة من مطالعة المعاناة المتواصلة التي لا تعرف الراحة أو الانقطاع . وتحولت قراءاته إلى ظاهرة إدمان تقتصر عليه دون سواه ، وتمكن في نهاية المطاف من الإنتصار لثورته بطبع باكورة إنتاجه الشعري (( النصر للجزائر )) في (( دار الفكر )) بالقاهرة سنة 1957 وهي السنة التي وقع فيها (( إضراب الثمانية أيام )) و دارت فيها (( معركة الجزائر )) بعنف وضراوة زلزلتا قواعد الواقع الكولونيالي الجائر .


https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189774.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 09:36   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
محمد سريج


أبو القاسم سعد الله... الأديب الشاعر

لا شك أن العديد من الناس يعرفون سعد الله بكتاباته التاريخية في الحركة الوطنية وتاريخ الجزائر الثقافي والترجمة والمخطوطات والتحقيقات وغيرها، لكن نقول إن سعد الله أيضا الاديب، قصائده عديدة ومتنوعة المتمعن فيها يلحظ فيها الانسان الفقير، المتأثر بحال الجزائر، نفسه تتوق دائما للاشادة بالكبار في شتى المجالات وأيضا الرفيق والصاحب .
وقلة منهم من يدرك أنه صحافيا وأديبا (قاصا وشاعرا)، من يطلع على إنتاجه في "البصائر" في خمسينيات القرن الماضي، يدرك الكثير منه، فبالاضافة إلى العديد من الكتابات الادبية، آثرت أن أنحو منحى آخر وهو تشخيص بعض من عمل الأستاذ الادبي وأنقل ما جادت به قريحته في الشعر بنوعيه (الحر والعمودي). فهو الأديب الشاعر قبل أن يكون مؤرخا محترفا.
لقد آمن سعد الله، بقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرا". (1) ، ولو لم يكن في الشعر الا الحكمة لكفته شرفا وفائدة، كيف لا والله تعالى يقول عن الحكمة: "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يتذكر إلا أولو الألباب" (2)
فسخر أدبه من شعر ونثر للقضايا الوطنية وللاشادة بعظماء الرجال لما قدموه للانسانية وهو حق لهم علينا، فنوع كتاباته سيما ما تعلق بالشعر، تارة الشعر الحر وأحيانا أخرى الشعر العمودي، ناهيك عن أعمال قصصية عديدة، ولتعريف القارئ الكريم ببعض مساهمات الاستاذ في مجال الادب، اقتطفت بعضا مما قاله في مواضيع شتى.
01 ـ إشادة الشاعر بالأديب الحفناوي هالي :
له قصيدة نظمها في الشعر العمودي تتألف من واحد وثلاثين بيتا، نظمها في حق الاستاذ الاديب الحفناوي هالي ـ أستاذ بالمعهد ـ عنونها بـ "قيثارة الأنغام"، مشيدا بخصاله وإنتاجه الفكري والبلاغي، إنه اعتراف من طالب على الطريق إلى أستاذ محترف في الأدب والبلاغة، نقتطع جزءا منها على سبيل المثال لا الحصر يقول :
من ذا الذي أنجبت هذا كوكب والخـلق قد سجدوا إلى الاجرام
أنجبت أضوأ كوكب في أفقـه نورا وأسـمى في سمـاء كـرام
وسمـوت لله العظيـم كـأنما جزت الفضاء على براقك "سامي"
أجمل به قمـرا كـأن بزوغـه والأفـق مجل وشـروق سـلام (3)
02 ـ ماذا قال سعد الله في محمد العيد آل خليفة؟
ـ لم ينس الاستاذ سعد الله الشاعر الجزائري أمير الشعراء محمد العيد آل خليفة، وخصص له من أدبه قصيدة شعر يثني فيها على الرجل، وبل يدعوه إلى العودة إلى هذا الفن لما فيه من أسرار لا يفهم معناها إلا الأديب، عنونها بـ "هزار (4) الشعر"، تتألف من واحد وعشرين بيتا اقتطفت بعضا منها، يقول:
يا حـالما بأمـاني الخلد يستـرها وفي الوجـود أمان هو باكيـها
مجـللا بوقـار الشيـب تدفعـه "روح التصـوف" رفافا بواديـها
إن الشيـوخ إذا لم ترو حكمتـها صدى الشباب.فلا جدوى له فيها
كم من شعوب أضاء الشعر منهجها إلى الحقيقـة فانجابت دياجيـها
عد للطبيعة وابعث حسنها نغـما فإنـما الشـعر ألحـان نغنيـها (5)
03 ـ إشادة سعد الله باابن باديس :
مؤرخنا وأديبنا الاستاذ سعد الله لا يفتأ دائما يذكر الرجال العظام الذين ماتوا وتركوا النهج والأثر، الذين لم يعيشوا لأنفسهم بل عاشوا لامتهم وللانسانية جمعاء، الذين وإن ماتوا فذكرهم يبقى حيا بيننا لأن مآثرهم ـ شئنا أم أبينا ـ تبقى خير شاهد عليهم، إنه رائد التجديد والإصلاح والنهضة في الجزائر الشيخ عبد الحميد ابن باديس، ذكره في قصيدة من أربعة وعشرين بيتا يقول:
أين ضوء الفجر في تلك الربـا سترت أنواره كـف الزمـان
ليـتتها تعلـم لمـا فـعلـت إن نبع النور طامي الفيـضان
ناج روح الفيلسوف قد ثـوى عبقري الرأي جياش الجنـان
أذهل التاريـخ مـا أحكمـه في الوجود من فنون ومبـان
وعقول تائهـات أصبحـت تنهل العرفان من كل مكـان
أنت للجـيل الجديـد مرشد أحسن التوجيه بالشرع القرآني
كنت خصبا ورواء ونـدى وسموا وهدى في المهـرجان
أورقت منـك عقول ذبـلت وانتشت منك قلوب ومغان
يا ابـن باديس هنـاء ضافـيا بالنعيم في الخلود والتهـاني (6)
04 ـ سعد الله الوطني الثائر:
كانت الثورة تسري في كيانه سريان الدم في العروق، لطالما أشاد بها وبالذين أشادوا بها وفي هذا السياق كتب قصيدة ـ من الشعر الحر ـ في كفاح الشعب الجزائري، ذات الأربعين بيتا عنونها بـ"الطيــن"، فيها الكثير من التفاؤل بمستقبل مشرق، داعيا إياهم إلى الصبر لأن الفرج قريب، اخترت بعضا منها، يقول:
يا أخي الضارب في دنيا الكفاح
أيها الساخر من عصف الريـاح
يا ابن أمي، أيها الدامي الجراح
اصطبر، وابشر بإشراق الصباح
فالغد المنشـود خفاق الجنـاح
***
يا أخي الرابض في تلك البطاح..
إنـك اليوم سفيـر الفـلاح
حولـك الأمة آمالا فسـاح
فخذ الحق اغتصـابا واكتساح
أيها الرابض في تلك البطـاح .. (7)
ـ وفي قصيدة أخرى عنونها بـ "احتــراق" ضمنها حبه الشديد لشعبه ووطنه، وتذكر الشهداء الذين رووا الأرض الطاهرة لا لشيء سوى ليتحرر من الاستعمار، القصيدة تتكون من خمسة عشر بيتا، اقتطف منه البعض على سبيل الاستدلال ليس إلا، يقول:
أيا شعب أنت وجودي وحبي وإيماني الفائض المستـراق
وأنت وداعي الذي لـن يذوب إذا وا الوجود عراه المحـاق
ولست أؤمـل غيـر اعـتاق يعيدك خلدا، نعيمك يغرى
ويـا وطـنا غامـرا بالمـاء تجرعـه العاديـات الـزؤام
يمـوت الشهيد ويثغو الوليـد وكل يبارك هـذا النـظام
وتخـطو الحـياة إلى غـايـة ونحن على عرشها والغمام
ويطوي الفناء صحائف حرب ولن تنطوي صفحة من سلام
هبـونا نطمئن قلـب الـدرام فقد تنطفئ جذوة بالـلظاء (8)
05 ـ سعد الله الصديق المهنئ للرفاق:
هي أنشودة "هناء" عنونها بـ "خميلة وربيع" نظمها للصديق الأستاذ ابراهيم مزهودي بزواجه الذي صاهر به أسرة إصلاحية مثقفة: أسرة المرحوم مبارك الميلي فقيد التاريخ والادب والاصلاح، يقول الاستاذ: "فإلى العروسين وإلى الزميل محمد الميلي وإلى الربيع الجديد أزف هذه الأنشودة الرمزية". هذه الأنشودة في شكل حوار بين خميلة وربيع:
تقول خميلة: توشحت بالورد والياسمين ورحت اناجي الصباح العطر
وعلى شفتي ابتهال الحنيـن وفـوق البراعم ضوء القمر
ونمنمت لوني عـلى شفـتي قـهب الصبـاح يجــدده
يقول ربيع: خميل بحق الحنـان الوريـق وحق الحشائش من حولـك
بنا رفـرف الكـون بالعـبق ووشى الـروابي لـون قزح
وسالت مع الجـدول الدفـق رؤانا وشعر اللـقاء المـرح (9)
06 ـ سعد الله وهموم الفقراء والمحرومين :
و في قصيدة أخرى بعنوان "أنشودة المزارع والحقول"، فيها الكثير من الآهات والتأوهات، يستشعر الألم من الظروف التي ألمت به والفقر الذي يرافقه، ويرافق السواد الاعظم من الجزائريين، إنها كلمات تعبر عن أشياء عدة كانت تختلج صدر الأديب سعد الله، اخترت بعضا منها يقول:
طول النهار ....
استنبت الأرض الخراب
وأغالب البؤس المميت
لا البرد يقعدني ولا الريح العصوف
لا البؤس يرفق بي ولا المرض العضال
طول النهار ...كاالالة الخرساء...أعمل مطلقا ...
بدراهم وشتائم
لا غاية تدنو ...و لا أملا طليق
دنيا من الحرمان والدم والشهيق
***
أنا هنا ...
نحن العبيد ...
عرقا وأعصابا وروحا
شبحا وإعصارا مبيد (10)


https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189772.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 09:37   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
أحمد بن السائح


الدكتور سعد الله...مؤسس المدرسة التاريخية الجزائرية

في غمرة إنتاجه الأدبي الوفير ، كتب العلامة أبو القاسم سعد الله أطروحته للماجيستير سنة 1960 عن الشاعر محمد العيد آل خليفة وكانت بعنوان : (( محمد العيد آل خليفة رائد الشعر الجزائري في العصر الحديث )) ؛ وكان للمقادير مشيئتها ودورها ، فلم يناقش رسالته وتوجَّهَ إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد حصوله على منحة للدراسة من جبهة التحريرالوطني .
وفي قسم التاريخ بجامعة (( منيسوتا ـ MINNESOTA )) تحصل على الماجيستير سنة 1962 ، ومنها نال الدكتوراه سنة 1965 ، وعاد إلى جامعة الجزائر سنة 1967 ؛ وبدأ مساره الأكاديمي بين زملائه وطلبته ، وتبوَّأَ عدة مناصب ومسؤوليات في الجامعة الجزائرية ، وكان أستاذا زائرا في العديد من الجامعات العربية والأجنبية ، وساهم في إصلاح التعليم العالي بتجربته وخبرته ، وترأس لجانا علمية مختلفة كما كان عضوا في بعضها ، كما أسندت له مهام علمية أخرى مثل فيها الجزائر أحسن تمثيل . وعن جهوده الأكاديمية التي تُذكرُ على الدهر فَتَشْكَرُ فقد خصه (( معهد المناهج )) بنشرية حول : (( السيرة الذاتية والعلمية )) تحت عنوان (( أ. د . أبو القاسم سعد الله شيخ المؤرخين ، وقدوة الباحثين )) بمناسبة تكريمه واستحقاقه لـ : (( وسام العالم الجزائري )) الممنوح له من طرف المعهد المذكور ـ ربيع الثاني 1428 / ماي 2007 ـ ؛ فتحية خالصة لِـ : (( معهد المناهج ))على لفتته الخالدة ، وتقديره لأعمال فقيدنا وتكريمه في حياته .
وأنتج في مجال تخصصه طائفة من التواليف الموسوعية ككتابه الضخم (( تاريخ الجزائر الثقافي )) الذي جاء في عشرة مجلدات ، واشتمل على أكثر من 5071 صفحة ، وموسوعته الأخرى (( أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر )) المؤلفة من خمسة مجلدات واشتملت على 1675 صفحة ، وأطروحته للدكتوراه (( الحركة الوطنية الجزائرية )) بمجلداتها الأربعة ، وتجاوز تعداد صفحاتها 1880 صفحة ؛ فضلا عن كتبه الأخرى التي زادت على الأربعين وتوزَّعتها التراجم والدراسات المختلفة والتحقيق والإبداع الأدبي بمختلف ضروبه ؛ وستبقى كتبه ودراساته شاهدة على موسوعيته وأصالة أبحاثه وغزارة علمه ؛ فهو الرجل الذي جمع أطراف العلم ، واعتكف في محراب التاريخ ، ورابط دهرًا طويلا في خنادق الأدب ، وكان بحق المفكر والمؤرخ والرحالة الطَّوَّاف الذي جاب الأمصار والبقاع النائية من أجل استكمال معلومة أوتسجيل تهميش يظنهما البعض من البساطة بمكان ، وهما عند فقيدنا من صميم العلم الذي لا يستقيم إلا بهما وبأشباههما ونظائرهما ، وهو الأديب الشاعر الناثر والروائي المبدع الذي جرب كل ألوان السرد ، فكان يراعه مطواعا يستجيب ويتدفق كالسيل المنهمر ، وهو الذي جال أصقاعا كثيرة للاطلاع على شتى فنون المعرفة والوقوف على منشأ ونهاية الحضارات ، فكان المتقن المتحكم في فن الأداء العلمي بمهارة المتخصص الذي خُلْقَ للإنتاج الفكري وخُلْقَ هذا الأخير له ، وكأنهما صنوان لا يفترقان .
وعلى الرغم من ذلك الجهد وما فيه من مثابرة وانضباط ، فقد كان الطالب أبو القاسم سعد الله يتطلع من وراء كل تلك المتاعب والمشاق إلى التحصن بثقافة معرفية شاملة تكون بمثابة الذخيرة العلمية المسلحة بلسان العلم والدليل ، التي تحتاجها جزائر ما بعد الاستقلال ، تحسبا وتحديا للفراغات والتركة الخراب التي سيتركها المستدمر بعد رحيله ؛ وكان فقيدنا ـ يومذاك ـ على علم ووعي تامين بمخططات العدو ومكره وأحابيله الإدارية والعسكرية التي كانت تستهدف تقرير المصير وتتربص باسترجاع سيادتنا الوطنية . وقد تحقق الكثير من حدس سعد الله ، بتصاعد عنف منظمة الجيش السري (( O.A.S )) التي عملت على تلغيم التفاوض ، وضرب استقلال الجزائر بشكل جنوني بوساطة تنفيذ جرائم جهنمية فيها الإبادة والمحو الكامل لكل ما له صلة بالشعب الجزائري الذي أصبح هدفا مستباحا لجرائمها التي لا تستثني شيئا ولا ترحم أحدا ؛ وقد اشتمل مخطط المنظمة الإرهابية على زرع الخراب وإشاعة الرعب والذعر في النفوس ، وتدمير المؤسسات واغتيال الأشخاص ، ومناوءة كل ما هو جزائري ، فكان اغتيال الكاتب مولود فرعون في : 15 / 03 / 1962 ، وتفجير الميناء في قلب العاصمة في : 02 / 05 / 1962 ، وحرق مكتبة جامعة الجزائر في : 07 / 06 / 1962 ، من بعض أعمالها الراسخة في الذاكرة الجزائرية .
وكان تحدي سعد الله في محله ، فالجزائر ـ في السنوات الأولى لاستقلالها ـ كانت في أشد الحاجة إلى أبنائها وإطاراتها العلمية والثقافية في كل مجال . وكان فقيدنا عليه رحمة الله من أبرز تلك النخب المخلصة التي عادت إلى الجزائر للمساهمة في بنائها ؛ وقد عاد بعزيمة صادقة لتحرير الجزائر ثقافيا وتطهيرها من أدران المستدمر وآثار بقايا االمسخ والانسلاخ ، التي دمرت الأمة الجزائرية ، وفَرْنَسَتْ واقعها على مدى أكثر من قرن واثنتين وثلاثين سنة . وبعودة سعد الله إلى الجامعة الجزائرية ، بدأت هذه الأخيرة تعرف نقلة نوعية في التدريس ، وبدأ اليراع في أيدي الطلبة يتحرك من اليمين إلى الشمال ؛ وعلى مستوى المضمون كان للشاب المتألق الدكتور أبو القاسم سعد الله الفضل كل الفضل في تحرير الدرس التاريخي من قبضة المدرسة التاريخية الفرنسية ، وتفسيرها المغرض للتاريخ من وجهة نظرها الكولونيالية المتجنية ، وتعصبها الشوفيني المقيت . وكان سعد الله ـ صاحب الحركة الوطنية الجزائرية ـ بمنهاجه الصادق ونظرته المتطلعة التي تقوم على استراتيجية علمية وطنية ، يعمل على تأسيس مدرسة واقعية للتاريخ الجزائري ، مدرسة موضوعية متحررة من هيمنة الإملاءات التي يحاول تكريسها والإبقاء عليها سدنة الإستدمار وقَوَّادِّيهِ بوساطة المنهج العلمي !!! ـ وما هو بعلمي ـ أو التدليس الكولونيالي من الذين تداولوا على دراسة وتدريس التاريخ الجزائري من منطلقات متشبعة إلى حَدِّ التخمة بالروح الإستدمارية القائمة على الإستكبار والزيف والإستعلاء .
والواقع أن الْمُتَبَنِّينَ للمنهج الطاغي للمدرسة التاريخية الفرنسية ، راحوا يرقصون رقصة الطير الذبيح بعد أن ضاعت منهم الجزائر إلى الأبد ، وحَلَّ محلها في المجال الأكاديمي ـ وفي الجانب التاريخي تحديدا ـ سعد الله الذي عاد بمشروعه الرافض لرجع صدى الناعقين بجدوى الطرح الكولونيالي للتاريخ الجزائري في القديم أو الحديث أو حتى المعاصر لأسباب واعتبارات مختلفة تعود إلى لوثة ومثالب الإستدمار في حَدِّ ذاته وما صاحبه من اغتصاب ومظالم . ونستطيع أن نقرر الآن أن الدكتور سعد الله هو رائد المدرسة التاريخية الجزائرية ، وواضع بذورها في تربة الواقع الأكاديمي الجزائري ، وصاحب مشروعها العلمي بدون منازع ، وهو الذي رعى طوال مشواره العلمي الحافل بالأعمال الجليلة والتواليف الرصينة التي تنافح عن الأرض وتذود عن العرض ، وتتصدى للدجل العلمي الزائف باسم أكذوبة البحث العلمي !!! للإبقاء على الصنم المتهالك للمدرسة التاريخية الفرنسية التي تهاوت على أيدي البروفيسور أبو القاسم سعد الله الذي ظل إلى آخر رمق من حياته مرابطا في خندق التاريخ ، وظل رمزا من رموز المجابهة الثقافية التي ليس لها من غاية سوى إحقاق الحق ، وإزهاق الباطل الزاحف باسم العلم !!! وإسكات مكبرات الصوت التي يروج لها أحباء
(( الجزائر فرنسية )) وخلفاء المعلم (( لافيجري )) بيننا ، وهم كثر ولا يزالون على ضلالهم القديم .
ويكفي الدكتور سعد الله أنه تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها ورمز علمي قضَّى أكثر من خمس وستين سنة فارسًا لا يُشقُّ له غبار في ميدان العلم ، وسلخ يفاعته وزهرة شبابه وكهولته وشيخوخته بين القرطاس والقلم ، وأحب الكتابة ومتابعة البحث إلى درجة الهوس والافتتان ، فجاءت النتائج كما أراد لها أن تكون ، وأصبحت الكتابة عنده جِرَشَّةً تلازمه ويلازمها ، يكتب في كل مكان .. يصطحب معه كنانيشه أينما حل وارتحل .. يُدَوِّنُ .. يلاحظ .. يتساءل عن فكرة .. يبحث عن مخطوط .. يحاور من أجل الظفر بغائبة أو اكتشاف حقيقة علمية تنير دروب البحث وتبدد الضباب الكثيف الذي يحجب ذخائر التراث وحقائق التاريخ .. يثير النقاشات حول مواضيع تحتاج إلى التعاون والتركيز للوقوف على أجوبة تتعلق بقضايا ثقافية حساسة غير مجمع عليها .
وقد آتت المدرسة التاريخية الجزائرية أكلها على أيدي أبي القاسم سعد الله وأينعت ثمارها في كل جامعات الوطن ، ولاخوف على مصيرها ومشروعها ؛ فأصلها ثابت وفرعها في السماء ، وسيبقى سعد الله الرمز .. سعد الله النضال .. سعد الله الموقف .. سعد الله الإنسان الذي لا ينفد صبره .. سعد الله اليراع المتميز الذي لا ينضب حبره ، ويكفيه أن يكون من طلبته وحوارييه هذه الأسماء اللامعة والهامات المتألقة في سماء الجامعة الجزائرية التي تسلمت أمانة المشعل من أيدي المعلم الرائد الذي ذهب إلى دار البقاء مطمئنا ، ونذكر منهم الأستاذ الدكتور العالم المحقق نصر الدين سعيدوني ، والبروفيسور الكبير محمد العربي الزبيري والبروفيسور المرحوم يحي بوعزيز ، والبروفيسور يوسف مناصرية ، والأستاذ الدكتور محمد العربي معريش ، والأستاذ الدكتور محمد الأمين بلغيث ، والأستاذ الدكتور أحمد مريوش ...
والذي يريد أن يتعرف على سعد الله أكثر عليه أن يقرأ آثاره ، ويتعمق في فهم نتاجه الذي يعد ظاهرة في عالم الكتابة الموسوعية التي لا ساحل لها ؛ وبقراءة سعد الله واكتشاف عالمه الفكري الدسم نستطيع التعرف على اهتمامات هذا المفكر العملاق الذي لَمْ نعرف بعد من يجاريه من معاصريه في غزارة الإنتاج العلمي ، والتفرغ للبحث الأكاديمي تفرغًا كليا ؛ واللافت للإنتباه أن أبا القاسم نذر نفسه للبحث الْمُضَنَّى الذي كان على حساب صحته ، وأوغل في هذا الإتجاه حتى طالته طائفة من الأسقام ، تضافرت كلها على النيل منه ، وأحاطت به من كل جانب ، وجعلت منه فريسة للأدواء المستعصية ، وما كان منه ـ عليه رحمة الله ـ إلا أن تصدى لها بمواصلة الكتابة وبالتصميم على إنجاز ما يمكن إنجازه ؛ وكان صبورًا وقويًا ببأْسه وعناده ، وواجه محنة العلل التي جاءته تترى بإضافة مشاريع جديدة إلى مشاريعه السابقة ، وتشبث بالبحث ودفع ضريبة التعب والمرض في سبيل حفظ تاريخنا الثقافي من الإنمحاء والتلاشي والضياع ، وأبلى البلاء الحسن بصموده المتواصل وثباته الذي يشهد عليه المنصفون . واستمسك في نهاية المطاف بالقلم بين ثلاثية السبابة والوسطى والإبهام ، مثله مثل المقاتل الشهم الجريح في ميدان الوغى ، يقاتل وجراحه تنزف ؛ ذلك هو سعد الله الذي يأبى أن يسقط القلم من يمناه ، ويصر على استمرارية المواجهة بين القلم والقرطاس ، وتسجيل آخر الفصول من معركة الحبر مع بياض الورق الذي سيظل بياضا بعد مجالدة سعد الله الذي انطفأت بذهابه و رحيله إلى دار البقاء شمعة من شموع الوطنية والعلم والتاريخ .



https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189767.html










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 09:39   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
محمد سي يوسف


العلامة أبو القاسم سعد الله كما عرفته

عندما شرعت في كتابة هذه الكلمة، وجدت نفسي قد خانتني العبارات ولم أجد الكلمات المناسبة لأعبر بها عن هذا الرجل العظيم. لقد عرفته أول مرة عندما كنت طالبا في قسم التاريخ لتحضير شهادة الليسانس وكان ذلك عام 1974بجامعة الجزائر، إذ درسنا عدة مواد، منها الحياة الثقافية في العهد العثماني والجزائر ما بين الحربين.. وبعد الليسانس، درسنا كذلك خلال سنة كاملة لتحضير شهادة المنهجية التي تؤهلنا للتسجيل في الدراسات العليا، ثم أشرف علي في الماجيستير بعد أن ناقشت دبلوم الدراسات المعمقة وكان رئيس اللجنة المناقشة.
كان الدكتور سعد الله رحمه الله في غاية البساطة، فهو يقدم المحاضرات وكنا نشعر وكأننا في جلسة سمر بين الأصدقاء، لا نشعر بالوقت إلا وقد انتهت المحاضرة. وقد علمت أن الكثير من الأساتذة الجامعيين الذين درسهم - وأنا واحد منهم - تأثروا بطريقته في التدريس، لأنها طريقة تشد الطالب لتتبع المحاضرة دون أن يشعر بالملل والتعب. كان رحمه الله يحث الطلبة على الإكثار من قراءة الكتب، إذ كان يذكر لنا دوما كتبا من تأليف كتاب عاشوا في العهد العثماني، مثل كتب ابن حمادوش وابن العنابي وأبي راس الناصري... إلخ. إذ كان في هذه الفترة متقدما في جمع مادة "الحياة الثقافية" الذي نشر جزأه الأول والثاني عام 1981، كما نشر عام 1975 كتاب "الحركة الوطنية" الجزء الثالث، ووجدنا فيه جل المحاضرات التي كان قد مها لنا عن فترة ما بين الحربين، وعرفت فيما بعد أن كل الأعمال التي حاضر فيها - تقريبا - نشرت على شكل كتب. عندما كان مشرفا علينا (مع طلبة آخرين) قال لنا - رحمه الله - عدة مرات بأنه لايقبل أن يشرف على طلبة يعملون من أجل الشهادة فقط، بل لا بد أن يكونوا باحثين، وكان يشجع طلبته بل ويحثهم على كتابة المقالات وتولى تصحيحها بنفسه، لتنشر إن وجدت وسيلة للنشر، وإلا كان يقول: المهم أن تكتبوا وقد يكون النشر في وقت لاحق. وكان لنا ذلك بعد أن أصدر قسم التاريخ "مجلة الدراسات التاريخية"، إذ احتوت أعدادها الأولى على مقالات كثيرة لطلبة الدكتور أبو القاسم سعد الله رحمه الله.
إن أكثر الأشياء التي تعلمناها عن الفقيد رحمه الله هي الدقة في الشرح والوصف والابتعاد عن الغموض والإبهام، وكان يلح على شرح كل كلمة غامضة وكل الأعلام الواردة في النص إن كان ذلك سيزيد الموضوع وضوحا ولا بد من الإهتمام أكثر بالهوامش لأنها تخدم النص. وكان - رحمه الله - لا يقبل بأعمال خالية من الفهارس، فهي ضرورية في البحث خصوصا إن تعلق الأمر بالكتب، فالفهارس حتمية لا يمكن الاستغناء عنها، ولا يقبل من دور النشر أن تتصرف فيها أو تهملها مهما تكون الأسباب، فالأعمال الآكاديمية تتطلب ذلك كما يقول.
كان الدكتور سعد الله رحمه الله بسيطا في حياته، قنوعا، عفيفا، زاهدا في كل شيء إلا البحث العلمي والتدريس، وقد عرضت عليه مناصب عليا فرفضها. وكان متسامحا لأبعد الحدود حتى مع الذين أساؤوا إليه، وقد أخبرني ذات مرة في عام 1987 وبنبرة فيها الكثير من الحسرة والألم أن كتابه "أبحاث و آراء في تاريخ الجزائر" الجزء الثالث، الصادر عن المؤسسة الوطنية للكتاب عام 1986 قد تعرض للحجز والمنع من التداول بسبب عبارة صغيرة وردت في الصفحة 264، الهامش 17 مكرر، ويبدو أن إحدى "الشخصيات البارزة" في ذلك الوقت هي التي أمرت بمنع توزيع الكتاب وهذا رغم أن هذه العبارة التي كانت سببا في منع الكتاب تحسب لصالح الأستاذ سعد الله وليس ضده، لأنه صحح بها في الهامش معلومات خاطئة كان قد دونها صاحب المخطوط الذي هو موضوع الدراسة التي قدمها الدكتور سعد الله. ومع ذلك لم يشفع له تصحيح هذا الخطأ كما لم تشفع له مكانته العلمية والآكاديمية، ولم يسمح بتسويق الكتاب إلا بعد سنتين أي حوالي نهاية 1988. إلا أنه رحمه الله كان متسامحا وتقبل الأمر إلى أن صدر الأمر بتداوله من جديد، ورفض - رحمه الله - ذكر اسم الشخص (أو الشخصية البارزة) التي كانت وراء المنع. هذه هي أخلاقه.
رحم الله أستاذنا وشيخنا وأسكنه فسيح جنانه. إنا لله وإنا إليه راجعون.


https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189653.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 11:16   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
الطيب برغوث


هكذا يكون المجد حقا.. كلمة وداع للدكتور أبي القاسم سعد الله(1)

تلقت "مؤسسة السننية للدراسات الحضارية " كما تلقى الجزائريون عامة والنخبة المثقفة منهم خاصة، نبأ وفاة شيخ المؤرخين الجزائريين الأستاذ الدكتور أبي القاسم سعد الله رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى من جنته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فحزن أعضاؤها كثيرا على ما انقطع بوفاته من علم ومعرفة وقدوة وجهاد رسالي نموذجي، نحن في أمس الحاجة إليه، في مرحلة تتعرض فيها هويتنا الثقافية وأمننا الاجتماعي والحضاري لتحديات كبيرة وخطيرة، ظل رحمه الله يواجهها طيلة حياته، من خلال مرابطته النموذجية في ثغر بناء الوعي التاريخي لأجيال المجتمع، باعتباره الشرط القاعدي الأساس لاستكمال استقلالنا الوطني وحمايته من ناحية، والتخلص من مركبات وعقد الدونية والاستلابية الثقافية والحضارية من ناحية أخرى، والانفتاح الواعي على الثقافات والخبرات العالمية بروح المساهمة والمنافسة من ناحية ثالثة، واستثمار ذلك كله في بناء نهضتنا الحضارية الوطنية من ناحية رابعة.
وإن اختيار الدكتور أبي القاسم سعد الله للمرابطة في هذا العمق الحيوي من الساحة الثقافية، من توفيق الله تعالى له، فقد أحسن رحمه الله تحديد مضغة وأولوية الاهتمام لديه منذ وقت مبكر، عندما ركز جهده على المساهمة في بناء الوعي التاريخي لأجيال المجتمع الجزائري، من خلال العناية بكتابة تاريخ المجتمع الجزائري، وأبدع في ذلك أيما إبداع، وترك لنا ثروة عظيمة لا تقدر بثمن، فهي تقع ضمن دائرة أم الثروات الاستراتيجية، لأنها الثروة التي تساعدنا على معرفة من نحن؟ وما وزننا في التاريخ؟ وما دورنا فيه وواجبنا تجاهه؟ وماذا نملك من مقومات وشروط لأداء هذا الدور؟ وأين أخطأنا وأين أصبنا؟ ولماذا أخطأنا أو أصبنا؟ وكيف تشكل حاضرنا بالصورة التي هو عليها؟
إن الساحة التاريخية بمحتواها الفكري والثقافي والحضاري، كانت ولا زالت وستظل، الميدان الذي دارت وتدور وستدور فيه أقوى معارك المواجهة الفكرية والثقافية والاجتماعية والحضارية بين المشروع الاستعماري الاستئصالي الاستكباري البغيض، أو أي مشروع استضعافي هيمني آخر، وبين المجتمع الجزائري بل ومنطقة الشمالي الإفريقي، أو أي مجتمع آخر ينشد الحرية والعدالة واستقلالية الإرادة الوطنية. ولولا بقايا الوعي التاريخي الذي صمد في وجه المشروع الاستعماري زمنا طويلا (قرنا وأزيد من ثلث قرن)، لتغير وجه التاريخ في هذا الشمال الإفريقي وفي أجزاء واسعة من القارة الإفريقية، كما تغير قبل ذلك في الضفة الجنوبية الغربية للبحر الأبيض المتوسط، في حركة التطهير العرقي والديني التي تعرض لها الوجود الإسلامي فيما كان يعرف بالأندلس.
فالوعي التاريخي السنني الأصيل، محرك أساسا من محركات التاريخ، من أمتلكه من أفراد أو مجتمعات، نمت قواه الذاتية وطموحاته الاجتماعية، واستعصى على الاستلاب والتبعية، وتحررت إرادته الحضارية، وامتلك زمام إمكانه الحضاري، واستقلالية وفعالية فعله الثقافي والاجتماعي والحضاري. ومن افتقده كان عرضة لشتى صنوف الاستلاب والتبعية، ووهنت إرادته الحضارية، وفقد استقلاليته، وعرَّض وجوده للخطر.
فقصور الوعي التاريخي الأصيل، هو الذي جعل، على سبيل المثال، أحد أقطاب النخبة الوطنية في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو فرحات عباس رحمه الله يقول: " فرنسا هي أنا.. ولو أني اكتشفت وجود الأمة الجزائرية لكنت وطنيا. فالرجال الذين ماتوا من أجل طموحهم الوطني يكرمون يوميا ويحترمون، ولا قيمة لحياتي أكثر من حياتهم، على أني غير مستعد لهذه التضحية، فالجزائر كوطن ليست سوى أسطورة، أنا لم أكتشفه. سألت عنه التاريخ، سألت عنه الأموات والأحياء، زرت المقابر: لم يحدثني عنه أحد .
والوعي التاريخي السنني المتكامل، هو الذي جعل قطبا آخر من أقطاب النخبة الوطنية في نفس الفترة، وهو الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله، يقول مناقشا لفرحات عباس ومسائلا لفئات من النخبة الوطنية التي بدأ وعيها التاريخي يعاني من آثار الاستلاب الثقافي: "لا يا سادتي... إننا نحن فتشنا في صحف التاريخ، وفتشنا في الحالة الحاضرة، فوجدنا الأمة الجزائرية المسلمة متكونة موجودة كما تكونت ووجدت كل أمم الدنيا، ولهذه الأمة تاريخها الحافل بجلائل الأعمال، ولها وحدتها الدينية واللغوية، ولها ثقافتها الخاصة وعوائدها وأخلاقها، بما فيها من حسن وقبيح، شأن كل أمة في الدنيا.
ثم إن هذه الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت. بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد في لغتها وفي أخلاقها وفي عنصرها، وفي دينها، لا تريد أن تندمج. ولها وطن محدود معين هو الوطن الجزائري بحدوده الحالية المعروفة، والذي يشرف على إدارته العليا السيد الوالي العام المعين من قبل الدولة الفرنسية" (آثار الإمام عبد الحميد بن باديس 3 / 308).
وقد كان لهذا الوعي التاريخي الأصيل، الذي كانت تستند إليه مواقف ومبادرات وحركة الأمام عبد الحميد بن باديس وحركة الإصلاح خاصة، وجمهرة الحركة الوطنية عامة، تأثيره المباشر لدى الزعيم الوطني الكبير فرحات عباس، فتجاوز هذا الارتباك في وعيه التاريخي، ليقف وجها لوجه أمام ليل الاستعمار البهيم، ويساهم في فضح بشاعته، وكشف زيف أطروحات الرسالة التحضيرية لفرنسا فيما وراء البحار !
لهذا تمنح الأمم الحية مكانة خاصة للوعي التاريخي، وتجند له أعزَّ ما لديها من العبقريات الفكرية، ومن الإمكانات البشرية والمادية والوسائل الفنية، والشروط القانونية، حتى تنمي هذا الوعي التاريخي في الأجيال، وتحررها من الشعور بالدونية، وتغذي فيها الثقة بالنفس، والاعتزاز بالانتماء، والإحساس بالمسؤولية، وروح المبادرة والمنافسة والمكابدة، من أجل إثبات الوجود وتفعيله ثقافيا واجتماعيا وحضاريا. بل إن بعض المجتمعات الفقيرة في الوعي التاريخي، تلجأ إلى الأساطير والخيال الفني، لتستدرك بعض النقص الذي تعانيه في مجال الوعي التاريخي! لشعورها بما للوعي التاريخي من ثقل تربوي وثقافي واجتماعي وسياسي غير عادي في مجال صناعة النهضة الحضارية والمحافظة على استمراريتها في الوقت نفسه.
من أجل هذا قلت في مطلع هذه الخاطرة، بأن اختيار الدكتور أبي القاسم سعد الله للمرابطة في هذا العمق الحيوي من الساحة الثقافية، هو من توفيق الله تعالى وتكريمه له، ليكون في عداد خالدي الذكر، بما يقدمه من خدمة فكرية وثقافية وتربوية جادة، في إحدى أهم بؤر ومضغ إعادة بناء وتجديد الوعي التاريخي لأجيال المجتمع الجزائري، وتحريرها من نفوذ وسطوة وزيف المدرسة التاريخية الاستعمارية، التي عملت وما تزال تعمل بكل قوة، على إقناع أجيال المجتمع والأمة والعالم، بأن الاستعمار كان يحمل رسالة تحضيرية إنسانية للمجتمع الجزائري ! وأن وجوده قد أنهى فترة الغزو العربي والتسلط التركي ! كما تدل على ذلك محاور مقرر دراسة التاريخ في العهد الاستعماري، التي كانت مصاغة بعناية وحنكة بيداغوجية وسيكولوجية، كما يلي: ( الوجود الروماني، الغزو العربي، التسلط التركي، مجيء الفرنسيين ) (مولود قاسم، أصالية أم انفصالية)! ناهيك عما كان يدور على الساحات المعرفية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية الأخرى، من معارك شرسة، تتمحور كلها حول ضرب مقومات الوعي التاريخي لأجيال المجتمع الجزائري، وتجريدها من الشعور بذاتيتها الثقافية والحضارية، وتحويلها إلى كتلة غثائية هامشية مسخرة للأعمال والمهام القذرة!
وبمناسبة الإشارة إلى الرسالة التحضيرية التي رفع الاستعمار شعارها، واستباح بها مجتمعات وهتك بها أعراضها، وعبث بمقدراتها، وقصم ظهورها، أثبت هنا مقولة ذات دلالات عميقة على النزعة الاستكبارية المركزية التي كانت تقف وراء "مشروع البتر والإلحاق " الذي واجهه المجتمع الجزائري طيلة الوجود الاستعماري الفرنسي. هذه المقولة المؤسسة والمغذية للمركزية الاستعلائية الاستكبارية، جاءت في خطاب الكاتب والسياسي الفرنسي العنصري جول فيري في 28 جوان 1885، قال فيه: "أيها السادة، ينبغي أن نتكلم بصوت أعلى وأقوى! ينبغي أن نقول بكل صراحة إن للأعراق العليا حقا على الأعراق الدنيا، قلت إن لها حقا بمعنى أن لها واجبا . أن عليها واجب إدخال الأعراق الدنيا في الحضارة" (سيكولوجية الجماهير /26).
هكذا كان العلم يُسخَّر لخدمة الأغراض الاستعمارية، وهكذا كان العلماء يوظفون عبقرياتهم العلمية، وأوزانهم العلمية والاجتماعية لتغذية روح القهر والتدمير لمجتمعات أخرى، ونهب مقدراتها، باسم واجب إدخال الأعراق الدنيا في الحضارة!
إن ما أنجزه الدكتور سعد الله رحمه الله في مجال إعادة بناء وتجديد الوعي التاريخي لأجيال المجتمع الجزائري، ومواجهة هذه الروح الاستعمارية الاستكبارية، يقع ضمن الثروات الإستراتيجية الحقيقية الخالدة، بل يعد أمًّا لهذه الثروات الإستراتيجية البشرية منها والطبيعة أو الفكرية.. لأن الوعي التاريخي بأبعاده العقدية والفكرية والثقافية والحضارية، هو الذي يمنح أجيال المجتمع عامة، والنخب الفكرية والسياسية والاجتماعية فيه خاصة، البصيرةَ الفكرية والروحية الرسالية الهادية، ويشحذ غيرتها الوطنية، ويرفع مستوى إخلاصها وتفانيها في خدمة الوطن ورعاية مصالحه العليا بكل أمانة.


https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189443.html










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 11:18   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
الطيب برغوث



هكذا يكون المجد حقا.. كلمة وداع للدكتور أبي القاسم سعد الله (2)

وإني أستطيع أن أقول بأن المجتمع الجزائري عانى من قصور الوعي التاريخي حتى بعد مرحلة الاستقلال، فهرعت بعض نخبه مبكرا ذات اليسار نحو الاشتراكية، بل والشيوعية، وذات اليمين نحو الرأسمالية، وباتجاه التلفيقية التي لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، إلا رائحة المصالح الفردية أو الفئوية أو الجهوية.. وقد كان لذلك كله الأثر السيئ على مسيرة ومصير النهضة الحضارية الوطنية، التي توفرت الكثير من شروطها المعنوية والنفسية والاجتماعية والسياسية، عبر الإنجاز التاريخي الضخم للثورة الجزائرية الكبرى، والكثير من شروطها المادية، وعبر الثروات الضخمة التي يتوفر عليها المجتمع الجزائري، وعبر الشروط البشرية ممثلة في الاستعداد غير العادي لأجيال المجتمع الجزائري للتضحية من أجل تحقيق النهضة.
إن كل هذه الشروط الاستثنائية للنهضة الحضارية، تبخرت بين أيدينا، بسبب اضطراب وضمور الوعي التاريخي، حتى وصلنا إلى مرحلة نادى فيها بعض طلبتنا: "التاريخ في المزبلة"!؟ وصار الحديث باللغة الوطنية أو ارتداء الأزياء الوطنية منقصة لدى كثير من النخب! والحديث بلغة المستعمر وتقليده في عاداته وتقاليده وأوضاعه، دون حاجة إلى ذلك، حاجة نفسية واجتماعية لدى هؤلاء! وتحول الإسلام ذاته إلى عامل صراع واهتلاك اجتماعي بعد أن كان عامل لحم وتأليف وشحذ للطاقات، ولو دُرست وقُيِّمت مسيرة المجتمع الجزائري بعد الاستقلال، ومصير نهضته الحضارية، من منظور الوعي التاريخي، لتأكد لدينا فعلا مدى مسئولية قصور أو اضطراب الوعي التاريخي عن ذلك كله.
وبمناسبة الحديث عن مركب الدونية والغثائية والإمعية، الذي حرص المشروع الاستعماري على زرعه في أعماق الإنسان والمجتمع الجزائريين، من خلال ضرب وعيهما التاريخي وحرمانهما منه، نذكر بأن الدكتور أبو القاسم سعد، يعطينا نموذجا حيا في هذا المجال عن الأهمية الكبيرة للوعي التاريخي في تحصين الأفراد والمجتمع، وتحقيق توافقهما النفسي، وانسجامهما الاجتماعي.
فهو رحمه الله كان يتقن الإنجليزية، ويعرف الفرنسية والألمانية.. ودرس في الولايات المتحدة حتى نال شهادة الدكتوراه، وانفتح على الثقافة العالمية المعاصرة وآدابها وتياراتها ومناهجها، في سن عمْرية حساسة، وفي مرحلة تاريخية كان العالم فيها يغلي بالأفكار اليسارية واليمينية والتلفيقية، التي جرفت واستوعبت جل النخب الوطنية والعربية والإسلامية.. وحولتها إلى دعاة ومبشرين بها ومجسدين لها في حياتهم الخاصة، وفيما يتاح لهم من مسئوليات ثقافية أو اجتماعية أو سياسية عامة في المجتمع، ومع ذلك لم تستوعبه أي من هذه الثقافات، أو يجرفه أي تيار من هذه التيارات العالمية، شرقية كانت أم غربية، بل ظل جزائريا مسلما خالصا معتقا، أخذ كل ما في هذه الثقافات العالمية من خيرية وبركة، وهضمها واستوعبها جيدا، وأعاد صياغتها على ضوء معطيات المعادلة الثقافية والاجتماعية والحضارية لمجتمعه وأمته، فكان ما قدمه لنفسه ولمجتمعه ولأمته خيرا خالصا بإذن الله.
وإني أرى بأن ما ذكره شاعر الإسلام الكبير محمد إقبال، عن تمكنه من الإفلات من سحر وأسر واستلاب الثقافة الغربية المعاصرة، حينما قال: "لقد كسرت طلسم العصر الحاضر، وأبطلت فكره، التقطت الحبة، وأفلت من شبكة الصياد، يشهد الله أني كنت في ذلك مُقلِّدًا لإبراهيم، فقد خضتُ في هذه النار واثقًا بنفسي، وخرجت منها سليمًا محتفظًا بشخصيتي " ـ روائع إقبال للندوي ـ. ينطبق على الدكتور سعد الله إلى حد بعيد.
واستكمالا للصورة في عمقها، أرى أنه من المفيد تربويا أن نذكر هنا كذلك، بأن الدكتور سعد الله وهو يقضي جزءا كبيرا من حياته مطلعا على التراث الثقافي الإسلامي، وعلى تياراته الفكرية والسياسية والدعوية.. لم يستوعبه أي تيار من هذه التيارات في المشرق أو في المغرب، ولم ينحاز إلا لما هو أصيل ونافع وداعم لبناء وتجديد الوعي التاريخي للفرد والمجتمع والأمة. لقد كان متوازنا على الصعيد الذاتي، وكان منصفا وموضوعيا إلى حد بعيد على المستوى العلمي والمنهجي، ولذلك فهو يصنف ضمن المدرسة الفكرية الحضارية الجامعة، التي تقوم على الاعتزاز النفسي والفعلي بثوابت الهوية الذاتية للمجتمع والأمة من ناحية، وعلى الانفتاح الفعلي على رشد الخبرة السننية البشرية أينما كانت من ناحية أخرى، وعلى احترام المعادلة الثقافية والاجتماعية للمجتمع الجزائري ومراعاة مصالحها الحيوية من ناحية ثالثة، وعلى روح المنافسة التكاملية بين مكونات المجتمع والأمة على خدمة النهضة الحضارية المنشودة من ناحية ثالثة، وعلى التكاملية الحضارية الإنسانية من ناحية رابعة.
من هنا تتجلى الأهمية الكبيرة للجهد المعرفي التربوي الذي قام به الدكتور أبو القاسم سعد الله في مجال إعادة بناء وتجديد الوعي التاريخي لأجيال المجتمع الجزائري، كما تتجلى كذلك المكانة الكبيرة التي يحتلها هذا الرجل في تاريخ المجتمع الجزائري المعاصر، حتى وإن لم تتح لجهوده الضخمة فرص الانتشار والتعميم المطلوب مرحليا، وحوصر هو نفسه وضيِّق عليه، حتى اضطر إلى الهجرة حفاظا على حياته وكرامته، وحرصا على إتمام مشروعه الثقافي الكبير.
وكعادة الله سبحانه وتعالى في مباركة الجهود المخلصة والتمكين لها، فإن ما قدمه الدكتور سعد الله يلقى قبولا لدى عموم فئات المجتمع، وسيزداد الاهتمام به اتساعا وعمقا مع مرور الزمن. وإنني عندما أرى نماذج من تعليقات أجيال مختلفة في مواقع التواصل الاجتماعي، على وفاته رحمه الله، وكيف غمره من يعرفه ومن لا يعرفه بالدعاء الخالص له بالمغفرة وجزيل الثواب. وعندما أرى واحدا من هذه الأجيال يكتب في تعليقه مخاطبا له: "لأول مرة في حياتي تفيض عيناي دموعاً على إنسان لم أعرفه ولم أسمع عنه حتى هذا اليوم، نعم الرجال أنت يا أبا القاسم".
وقبل أن أترحم عليك، نرجو منك أن تسامحنا على تقصيرنا وتجاهلنا لشخصية عظيمة مثلك وعدم الاستفادة من كنوزك oussama ـ تقرت، الشروق اليومي:14 . 12 . 2013 . وعندما أرى نوعية من حضروا جنازته، من العلماء والمفكرين والباحثين والأدباء والفنانين وجموع المواطنين، رغم بعد المسافة .
عندما يرى الإنسان كل هذا، ويستحضر ما قيل فيه من شهادات من زملائه وتلامذته وقرائه، والسيل الغامر من الأدعية الصادقة التي ليس وراءها مطامع أو مخاوف، يتأكد فعلا بأن الله تعالى يبارك جهود المخلصين من عباده، ويكتب لها القبول، ويضمن لها الذيوع والانتشار والخلود، وهو كل ما يتوق إليه كل ذي بصيرة في هذه الدنيا، بأن يجعل الله له لسان صدق في الآخرين، كما قال أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام: "وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ".
وفي التاريخ وعت سيدة مقام أهل العلم عند الله وعند الناس، وأدركت دورهم المحوري في تاريخ المجتمعات الإنسانية، وكانت لها كلمة عظيمة تكتب بحروف من نور في ذاكرة كل إنسان بصفة عامة، وأمام صاحب كل مسئولية وولاية على الناس خاصة، رأيت أن أسوقها بمناسبة وفاة شيخ المؤرخين وأستاذ الأجيال الدكتور أبي القاسم سعد الله رحمه الله، لتعتبر بها الأجيال، وتضع نفسها حيث ينبغي لها أن تكون. فقد كان رحمه الله ممن تنطبق عليهم هذه الكلمة بحق.
روي أن الخليفة هارون الرشيد وعبد الله بن المبارك، قدما من غير اتفاق سابق بينهما، إلى الرقّة، فانجفل الناس خلف عبد الله بن المبارك، وتقطّعت النعال، وارتفعت الغَبَرة، من شدة الزحام، والرغبة في طلب العلم، والتبرك بأمير المؤمنين في الحديث: "فأشرفت أمّ ولد أمير المؤمنين من برج الخشب، فلما رأت الناس قالت: ما هذا؟! قالوا: عالم أهل خراسان قدم الرقة يقال له عبد الله بن المبارك. فقالت: هذا والله الملك، لا ملك هارون، الذي لا يجمع الناس إلا بشُرَطٍ وأعوان "!.
وأنا أقول في ختام خاطرتي هاته: هذا والله هو المجد حقا، وليس الملك فحسب، فالمجد سلطان ممتد لا ينقطع، لأنه يرتكز على العلم النافع للأجيال، والمحصِّن لها من التيه والدونية والعدمية التاريخية، وفي السنة النبوية: "مَن سَنَّ سُنَّةً حَسنةً فعمِلَ بِها، كانَ لَهُ أجرُها وَمِثْلُ أجرِ مَن عملَ بِها، لا يَنقُصُ مِن أجورِهِم شيئًا ومن سنَّ سنَّةً سيِّئةً فعملَ بِها، كانَ عليهِ وزرُها وَوِزْرُ مَن عملَ بِها من بعده لا ينقصُ من أوزارِهِم شيئًا" رواه ابن ماجة .
هذا هو الدرس البليغ الذي تستفيده الأجيال من حياة الدكتور أبي القاسم سعد الله، وأن تقتدي به فيه، إن أرادت فعلا أن يكون لها نصيب من المجد الخالد. إن على كل فرد في المجتمع أن يختار المجال الحيوي المناسب له، ويركز جهده عليه، ويذهب بعيدا في الإبداع فيه، وخدمة القضايا والمصالح الحيوية لمجتمعه وأمته من خلاله، بكل إخلاص وصبر ودأب وفعالية واحتسابية.
والأسئلة التربوية الهامة التي أود إنهاء هذه الخاطرة بها، وأرجو من أصدقاء وتلامذة ومحبي الدكتور سعد الله رحمه الله الإجابة عنها هي: كيف اهتدى إلى الاهتمام بهذه المضغة المحورية في الوعي الثقافي: أي الوعي التاريخي؟ خاصة وأنه بدأ أديبا صاحب ملكات وقدرات كبيرة، فكيف فلت من سحر الأدب وسلطانه، وتماهى مع الفن التاريخي ومتاعبه؟ وكيف لم تؤثر فيه الثقافات التي أمتلك زمام أوعيتها اللغوية كالانجليز والفرنسية والألمانية..؟ وكيف حافظ على توازنه الفكري والسلوكي أمام عواصف التيارات اليسارية والليبرالية والتلفيقية؟ من أين جاءته قوة التوازن الفكري والنفسي والسلوكي ؟ هل هذه الأمور خاصة به لا يمكن تكررها؟ أم إنها تتكرر بمعرفة أسبابها وشروطها والأخذ بها؟ كيف نصنع نماذج علمائية وفكرية من هذا الطراز العالي؟ من المسئول عن ذلك؟ ما دور السلطة في ذلك؟ وما دور المجتمع في ذلك؟ وما دور الأسرة في ذلك؟ وما دور الإعلام ورجال المال وغيرهم في ذلك؟ كيف تستمر جهود هذه المدرسة التاريخية الجزائرية على نفس الروح الرسالية العالية، وعلى نفس المنهج العلمي الموضوعي المتوازن؟











رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 11:19   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
فريد بوڤرة


أبو القاسم سعد الله.. مفخرة الجزائر في هذا العصر

لم أحزن على أحد مثل حزني على الأستاذ الكبير أبو القاسم سعد الله الذي أحيا الله به الجزائر من خلال عشرات الكتب التي دوّنها وحقّقها ونشرها، والذي نفخ الروح بقلمه في صفحات تاريخها المجيد، فهو مؤرخ الجزائر بلا منازع ومعلي رايتها بين الأمم، ومثله لا يتكرر إلا مرة في القرن أو أكثر، ويكفيه فخرًا موسوعته "تاريخ الجزائر الثقافي" التي تنوء بها العصبة من المؤرخين والباحثين، وهي الموسوعة التي جعلت الجزائري يرفع رأسه عاليًا في سماء الفكر والثقافة، ويفخر بتاريخ أجداده وبلاده. فهل يكفي أن نصف الأستاذ بـ"حارس ذاكرة الجزائر" أو "شيخ المؤرخين الجزائريين" أو "مؤرخ الأجيال" أو "مؤرخ الجزائر الكبير"؛ فهو في الحقيقة فوق أي لقبٍ وفوق أي تكريمٍ.
عرفتُ الفقيد فعرفتُ التاريخ وأحببته، عرفتُ الأستاذ من خلال كتبه وعشتُ معه فيها بروحي ومشاعري، لا تمر عليَّ بضعة أيام دون أن أقرأ في أحد كتبه أو أبحث فيها عن أمر يشغلني أو عن مسألة تؤرقني، فلا أهدأ ولا أسكن حتى يشفي غليلي "سعد السعود" - كما كان يدعوه الإمام البشير الإبراهيمي -.
قرأتُ "يومياته" التي نشرها تحت عنوان "مسار قلم" فعرفته أكثر وأحببته أكثر؛ فرحتُ لفرحه وحزنتُ لحزنه، وتنقّلتُ معه بين الجزائر والقاهرة وأمريكا وفرنسا والأردن، كنتُ معه مقيمًا ومسافرًا، وشاركته أحلامه وأبحاثه، رافقته طالبًا مميّزًا ثم أستاذًا وباحثًا مبرِّزًا، رأيته شابًا وكهلاً وشيخًا، كما رأيته ابنًا وزوجًا وأبًا.
ومن آخر كتب الأستاذ الذي طبعتْ في حياته كتاب "حبر على ورق" (عالم المعرفة 2012)، وهو عبارة عن مقالات متنوِّعة نُشرت متفرِّقة في الزمان والمكان، فجمع سعد الله شملها بين دفتي كتاب واحد، يجد القارئ نفسه بين مقالات فكرية وذكريات عن شخصيات، وجولات ومشاهدات.
ومن أمتع ما في الكتاب حديث الدكتور عن رحلاته إلى أدرار وتندوف وغرداية والأغواط، لما فيها من صورة شيخ كبير لم يمنعه التقدم في العمر ولا المرض من الاستزادة من العلم والمعرفة بدل الركون إلى الراحة.
في المقدِّمة يُحدثنا "قدوة الباحثين الجزائريين" عن منزلة الكتابة من نفسه فيقول: (قلمي لا يهدأ له بال، ولا يستقر له بلبال... فالكتابة عندي هي دوائي وهي دائي، هي غذائي وهي هوائي، فإذا كتبتُ رضيتُ عن نفسي وإذا لم أكتب سخطتُ عنها ومرَّ اليوم كأنَّه سُرق من عمري)، إيه يا شيخنا يا ليت شباب الكتَّاب يقرؤون كلماتك، بل يا ليتهم يسمعون آهاتك .
وفي ختام المقدِّمة أهدى الدكتور الكتاب إلى أبناء جيله من الأحياء الذين استكانوا للراحة أو المرض وطلَّقوا القلم والقرطاس قائلا: (أهدي إليهم هذا الكتاب الذي سيقول لهم: اكتبوا حتى بأهدابكم وأظافركم إذا لم تُطعكم أقلامكم، ثم اذهبوا إلى ربِّكم وأنتم راضون أنكم قُمتم بمهمتكم الفكرية والإنسانية، ولكم مني كل التمنيات) اهـ، فبهذا القلم السيال وهذا الفكر الجوّال ساد الأستاذ ونبغ وتميّز، فرحمه الله رحمة واسعة.
ثم لا يمكن أن نتحدث عن الأستاذ سعد الله ونغفل أمرا مهما وهو: ذوقه الرفيع في اختيار ووضع عناوين كتبه، حتى أصبح متفرِّدًا في هذا عن غيره من الكتّاب؛ ولا شك أن العناوين المميَّزة تُوحي بالمضامين المميَّزة، فإن ذلك: "أفكار جامحة، خارج السرب، مجادلة الآخر، حاطب أوراق، حصاد الخريف، حبر على ورق، مسار قلم..."، ولا عجب فسعد الله يُعدُّ أديبًا وشاعرًا قبل أن يكون مؤرخًا، وكم هم جميل حين يكون المؤرخ أديبًا؟!!
وبعد، فقد مات سعد الله بجسمه المادي الفاني ولكن سعد الله الذي عرفتُ حيٌّ لم يمت، فهو حيٌّ معي من خلال كتبه التي تملأ عليَّ حياتي ومكتبتي، وعزائي أن العظماء لا يموتون بل هم أحياء بيننا بمآثرهم وآثارهم... رحم الله أستاذي الكبير وشيخي الجليل، وجزاه عني وعن الجزائر والجزائريين خير الجزاء، وجعل كل ما قدّمه من عملٍ وكل ما بذله من جهدٍ في ميزان حسناته.

https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189329.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 11:20   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
عبد الحميد عثماني


أبو القاسم سعد الله... عالم رفض الأضواء

"إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء"، قول منسوب إلى سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، تمثلته حينما بلغني نعي شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد الله، الذي رحل عن عمر ناهز 83 عاما قضاها دون كلل ولا ملل طالبا ومدرسا وباحثا ومؤلفا، يصطاد جواهر التاريخ الوطني في أرجاء المعمورة الفسيحة، فما ترك عبر القارات الخمس، متحفا ولا مركزا علميّا ولا جامعة عالمية تحوي وثائق أو مخطوطات قديمة تتعلق بماضي الجزائر القريب والبعيد، وإلا وحط بها رحاله، منقّبا عن مآثر وآثار هذه البلاد التي عشقها منذ صغره، فعاش صوفيا متبتلا في محراب تاريخها التليد، ينفض عنه غبار الطمس والنسيان والتنكر، ولأجل تلك المهمة الجليلة التي تفرغ لها بإخلاص، رفض كل المناصب السياسية والمسؤوليات الرسمية التي تصرفه عن همّه النبيل، فقدم للجزائر بمفرده وجهده الشخصي ما عجزت كافة المؤسسات العلمية عن إنجازه طيلة عقود، ويكفيه شرفا وفخرا أنه جمع بعد سنوات طويلة من البحث والتمحيص "تاريخ الجزائر الثقافي" في تسعة مجلدات، وهو الحقل المعرفي السحيق الذي لم يطرقه سواه، لأنه خشي أن يجهل العالم إسهام الجزائر الثقافي في مجرى الحضارة الإنسانية عندما يُقرن تاريخها فقط بالبطولات الحربية والثورات العسكرية عبر القرون.
لا أظنّ أن رحم الجزائر ستلد رجلا آخر في مقام هذا العالم الكبير، ففقدانه اليوم هو ثلمة غائرة ستتهدم على أنقاضها عرى عديدة من تاريخ الجزائر، مع هذه الرفعة السامية والمشوار الحافل بالعطاء، فقد تميز الرجل بأخلاق العلماء الكبار الذين يتسمون بالتواضع ونبذ الشهرة والهروب من الأضواء التي لاحقته باستمرار، لكنه كان أسمى من الوقوع في درك الغرور وتقديس الذات.
زرته في شهر مارس من عام 2007 في مكتبه بالمركز الوطني للبحث في تاريخ الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، بأعالي الأبيار، وجدته عند مدخل الباب ينتظرني في الموعد المحدد بالدقيقة، لأنه لا يستقبل ضيوفه وهو جالس فوق أريكته على طريقة المسؤولين، بل ينهض من مكانه ويتقدم للترحيب بزوّاره احتراما لهم، صافحته ثم هممت بتقبيل ناصيته كما يفعل الناس عندنا احتفاء بأهل العلم، فرجع قليلا للخلف، وأبى عليّ ذلك، ثم خاطبني "أعزّك الله يا بني".
جلست إلى جنبه ثلاث ساعات كاملة، وتشعّب بنا الحديث الشيق عن أبحاثه ومؤلفاته ومسيرته العلمية، من مسقط الرأس بمدينة قمار إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مرورا بالزيتونة والأزهر وبغداد، لكني وجدت نفسي أمام عالم يتحفظ جدا في الحديث عن ذاته، فكنت المتحدث وهو المستمع!، وأقصى ما يهمس به، هو أن يؤكد معلومة أو يصوّب أخرى، ولم يتلفظ طيلة المجلس الذي جمعنا بكلمة واحدة، لا بالفرنسية ولا بالانجليزية ولا بالفارسية ولا بالألمانية، وهي اللغات التي أتقنها جميعها بهدف التمكن من الغوص في أعماق التاريخ الوطني، بل كان حريصًا على الكلام العربي الفصيح، وإن شذّ عن ذلك، نطق بلهجة محليّة من واد سوف، ما زال يرطّب بها لسانه الذي لم يتبدّل بعد 60 عاما من الغربة.
وفي غضون ذلك المجلس الطيب الذي سكب عليه من عطر روحه الزكية بنفحات العلم، أبلغتُ عالمنا الجليل أنه قد وقع عليه الاختيار من طرف اتحاد الطلبة لنيل "وسام الاستحقاق السنوي"، كأهم شخصية جزائرية خدمت الثقافة، وأن عليه حضور مراسيم الحفل البروتوكولي لاستلام الوسام الذي سيغطيه التلفزيون وتشارك فيه شخصيات حكومية، لمحت التأثر الواضح في نظرات عيونه، شكرني على المبادرة، لكنه رفض أن يشاركنا الاحتفالية، مؤكدا لي أنه لا يستحق التكريم جزاء خدمته للثقافة!، ثم اعتذر بلباقة، قائلا إن وقته لا يسمح بذلك، وحتى لا يحملني على العودة بخفيّ حنين، فأخرجُ من عنده منزعجا، أبدى لي عمدة المؤرخين الاستعداد لتقديم محاضرة مفيدة للطلبة في مناسبة أخرى، ما جعلني أفهم أن الرجل لا يحبّ الأضواء ويتحاشى مجالس المديح والثنايا، وقتها صدقت فعلا تلك الرواية المتداولة على نطاق واسع، والتي مفادها أن الدكتور أبو القاسم سعد الله رفض رفضا قاطعا أن يتولّى شؤون وزارة الثقافة بعد إلحاح شديد من المرحوم قاصدي مرباح، إنها أخلاق العلماء الكبار الذين يتواضعون بسموّ منزلتهم، ولا تزيدهم شهرتهم إلا تقديرا وتشبّثا بمكانة ونزاهة وشفافية رجل العلم الخالص.
رحم الله الشيخ سعد الله، وعوض الجزائر في مصيبتها وتاريخها خيرا.

https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189328.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 11:27   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
إكليل
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك يا أخي نعم يستحق الدكتور لقب شيخ المؤرخين بجدارة .فمنذ طفولتي كلما قرات كتابا و جدت على الهامش إسم الدكتور أبو القاسم سعد الله .










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-03, 17:05   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
الجليس الصلح
عضو ماسي
 
إحصائية العضو










افتراضي

رحم الله شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور سعد الله
بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
"سيد, الله, المؤرخين, الجزائريين", الدكتور, القاسم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:25

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc