جريمة الإجهاض - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

جريمة الإجهاض

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-08, 14:05   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 جريمة الإجهاض

المقدمة
إن الموضوع الإجهاض متشعب الجوانب و متعدد المسائل، أثار نقاش حاد بين مختلف الأنظمة القانونية فهو موضوع يرتبط بموقف الدولة من سلوك الأفراد و مقدار ما تسمح لهم من تصرفات احتراما لحريتهم الفردية، فلو فتحت باب الحريات الفردية بدون أي قيد أو شرط لكنا أمام مجتمع تعمه الفوضى و يحكمه الفساد و العبث و الانحلال لأن هذا الموضوع الخطير مس بالأخلاق و حسن الآداب و قد يلحق الضرر بالمصلحة العامة و أيضا بالمصلحة الفردة، و لهذا كان لا بد على المشرع أن تنظم ساسة جنائية حكمة من خلالها ضمن مصالح الأفراد من جهة و الحفاظ على النظام العام في المجتمع.
و ما نشاهد اليوم في حياتنا اليوميية من تعقد الحياة الاجتماعية و المفاهيم جعلت التشريعات تختلف موافقها اتجاه قضيية الاجهاض فهناك من القوانين من تعترف بإباحة هذا الفعل باسم التقدم و الحرية الشيء الذ دفع بالكثير من الفتات التي حملت سفحا و تريد التخلص من الجنن الذي في أحشائها خشية الفضيحة و العار فترضى أن تجهض نفسها بنفسها أو بواسطة الغير و لهذه الأسباب فإن معظم القوانين اعتبرت هذا الفعل جريمة، فوضحت أركانه، أسبابه، ومونعه، وقررت العقوبة في شأن مرتكبيها، سواء كان بفعله أو بفعل الغير.
و نجد الشريعة الاسلامية شريعة دينية خالصة قد نهت عن الفساد و المنكر و كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالشخص و الجماعة، فحرم الله سبحانه و تعالى في العديد من الآيات قتل النفس فيقول جل جلاله: "و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"، لأن إسقاط الجنين هو إهدار لروحه دون وجه حق لكن رغم ذلك نجد الفقه الإسلامي لم يأخذ الحكم على إطلاقه و إنما فسر الوضعية و استنتج أسباب الإباحة، وفق الشرع أخذا بعين الاعتبار الحلال و الحرام و مصلحة الجنين و الأم، كما اقتضتها حكمة الله عز وجل، من هنا حاولنا أن نوضح الفارق بين القوانين و الوضعية و الفقه الإسلامي كنظام قانوني عظيم له طبيعة يسقل و يتميز بها عن سائر النظم القانونية من خلال مختلف المذاهب الشرعية.
و لهذا قمنا في بحثنا هذا بدراسة مقارنة قانونية و شرعية فحددنا أركان الاعتبار الفعل جريمة و أسباب و الموانع و العقوبة في القانون و موقف الشرع اتجاهها.

الفصل الأول : الأركان العامة للإجهاض
يفترض الإجهاض أن يكون هناك حمل حقيقي أي جنين موجود فعلا و أن يقع الإجهاض بفعل يترتب عليه نتيجة معينة هي خروج الجنين قبل موعده الطبيعي، و أن توجد علاقة سببية، بينهما، هذا إلى جانب الركن المعنوي و الذي يتخذ صورة القصد دائما.
و سنتحدث فيما يلي بالتفصيل عن هذه الأركان:
المبحث الأول: محل الإعتداء
محل الإعتداء في الإجهاض هو الحمل، و يطلق الحمل على حالة "المرآة الحامل" و لكن له دلالة أخرى هي المقصودة إذا نظرنا إليه كحمل للإعتداء، و نعني بهذا "الجنين المستكن في الرحم".
و قد تثار في هذا الصدد إشكالية وجود الحمل، من عدمه، إذ أن التشريعات تختلف في نظرتها حول إمكانية أو اعتبار عدم وجود محل الإعتداء، - الجنين- شروعا في الاسقاط، و هذا ما سنوضحه لاحقا فيما يخص العقوبة المقررة للإجهاض.
المطلب الأول: حق المعتدي عليه بالأجهاض
تتفق أغلب التشريعات الجنائية في تحريم إجهاض الحامل لما في ذلك من إعتداء على حق التكوين و النمو بالنسبة للجنين في بطن أمه من ناحية، و تعريض حياة الأم الحامل للخطر من ناحية أخرى.
و من ثمة الشارع لم يحمي حقا واحدا بالعقاب على الإجهاض، و إنما يحمي حقوقا متعددة، أحدهما، رئيسي و بعضها ثانوي، فالحق المقصود بالحماية أصلا هو حق الجنين في الحياة المستقبلية، أي حقه في النمو الطبيعي داخل الرحم حتى ميلاده، كما يحمي القانون كذلك صلاحية أو حق الحامل للإنجاب في المستقبل.
كما اعتنى المشرع في النهاية بحق المجتمع في التكاثر ضمانا لاستمراره و ازهاره. و إجمالا لذلك نجد أن المشرع يحمي ثلاثة حقوق على الترتيب:
• حق الجنين بالدرجة الأولى الحياة
• حق الأم الحامل بالإنجاب
• ثم حق المجتمع بالتكاثر
المطلب الثاني: خصائص حياة الجنين و نهايتها
لقد عالج التشريع الجزائري مسألة حياة الجنين و نهايتها، فعرف الحمل على أنه البويضة الملحقة و عليه يمكن القول بأن الحمل هو البويضة الملحقة منذ التلقيح حتى تتم الولادة الطبيعية، و يتفق هذا التعريف مع النص إذا كان الحمل موجودا فعلا، سواء في أيامه الأولى، أو أنه أصبح جنينا قد اكتمل تكوينه و دبت فيه الروح و تحرك في بطن أمه، أما المقصود من قول من قول المشرع "أو نفترض حملها" فمعناه أن الجريمة تقوم حتى لو كان الحمل غير متقين، و يكون ذلك عادة في الأيام الأولى من تخلف الدورة الشهرية، لدى السيدات، حين ذاك يرجع حدوث الحمل مفترضا أي غير حقيقي.1
و قد ذهب الدكتور "محمد صبحي نجم" إلى القول على أنه "لا يقع الإجهاض إلى على إمرأة حامل في أوقات حملها و الحمل هو البويضة الملقحة منذ التلقيح الذي بين الذكر و الأنثى و التي يتكون منها الجنين شيئا فشيئا إلى أن تتم الولادة الطبيعية".2
و قد أخذ المشرع المصري نفس الفكرة بأن حياة الجنين تبدأ بالإخصاب، أي تلقيح الحيوان المنوي، لبويضة المرأة، فبمجرد اندماج الخليتين المذكرة و المؤنثة، يتكون الجنين، و يستحق الحماية، و تنتهي حياة الجنين لتحل محلها الحياة العادية، حينما تبدأ عملية الولادة الطبيعية أو المبسترة لا حينما تنتهي.
و ينحصر مجال الإجهاض في الفترة ما بين الإخصاب و بداية الولادة فلا إجهاض قبل الإخصاب و لا إجهاض بعد عملية الولادة، ولو كانت لم تنته بعد، و يترتب على هذا التمديد النتائج التالية:
لا تعد إجهاضا جميع الأفعال التي تستهدف الحيلولة دون الإخصاب أي فعال "منع الحمل و لا تفرقة في هذا الشأن بين أفعال، تبتغي منع الحيوان المنوي من الدخول في جسم المرأة"، و أفعال تفترض دخوله، و تستهدف منعه من الوصول إلى البويضة أو منعه من تلقحيه.
و لا تعد إجهاضا جميع الأفعال التي ترتكب بعد بداية عملية الولادة، و لو كان ذلك أثناءه أو تمس حياة المولود أو سلامة جسمه، و إنما تعد قتلا أو جرحا، إذ قد صارت له حياة عادية يحميها الشارع في النطاق المعتاد، و طوال الفترة التي تمتد خلالها حياة الجنين، و يتصور ارتكاب الإجهاض، فلا يشترط أن تمضي مدة معينة على الإخصاب أو أن يبلغ الجنين درجة معينة من النمو، فالأجهاض قد يرتكب و الحمل في ساعاته الأولى و حياة الجنين وقت ارتكاب الإجهاض شرطا لتصوره. 1
و هناك رأي راجح في الفقه الفرنسي مؤبداه إلى أن جريمة الإجهاض تقوم و لو لم يثبت أن الجنين كان حيا أو قابلا للحياة و غني عن البيان أن منع الحمل قبل حدوثه بالفعل لا يعد إجهاضا حتى و لو تم ذلك بعملية جراحية، بل يعد عقما. 2
المطلب الثالث: نطاق الحماية الجنائية للجنين
لقد بسط الشرع الجزائري حمايته على الجنين سواء كان قد اكتمل تكوينه و سارت فيه الروح أو كان في طور التكوين السابق لتلك المرحلة في الشهور الأولى من الحمل، أو حتى لو كانت البويضة مخصبة، أي ملقحة من الأيام الأولى من الحمل، تلك الأيام التي يكون الحمل فيما محتملا و لكنه غير متقين، بل و نلاحظ أن المشرع قد جرم فعل الإجهاض في الحركة التامة و الشروع سواء كان الحمل موجودا أو غير موجود، و قد اعتبر عملية الإجهاض جريمة حتى و لو كانت مستحيلة، استحالة نسبية بسبب الوسيلة المستخدمة، أو استحالة مادية مطلقة إذا كانت هذه الاستحالة راجعة إلى موضوع الجريمة ذاته وهو عدم وجود الحمل سابقا. 1
و لقد حرص التشريع المقارن على تجريم الاعتداء عليه، بل جرم تهديده بالخطر، فاعتبر الإجهاض متحققا بإخراج الجنين من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، و لو خرج حيا و قابلا للحياة، فالغالب فيمن يخرجون من الأرحام قبل الموعد الطبيعي أن يكون الموت مصيرهم، و إن كتبت لهم الحياة فهي في الغالب حياة قصيرة، مثقلة بالضعف و المرض، بالإضافة إلى أنه لا يجوز أن يكون الفيصل بين العقاب و عدمه بضع ساعات أو بضع أيام يحياها المولود، عقب خروجه من الرحم.
و قد حمى التشريع المصري الجنين في مواجهة أمه على الرغم من أنها مصدر حياته، و بينهما صلة عضوية وثيقة، فعاقبها إذا أتت فعل الإجهاض2، و لم يجعل من رضائها به سببا لإباحته و استبعد أسباب عديدة لإباحة الإجهاض و قد أكدت محكمة النقض المصرية ذلك، عندما رفضت إباحة إجهاض الجنين الذي لم يتجاوز عمره أربعة أشهر، فاعتبرت الإسقاط جنائيا ولو ارتكب قبل أن يتشكل الجنين أو تدب فيه الحركة، و لا يشترط لتحريم أفعال الإجهاض أن يترتب عليها خروج الجنين ميتا من بطن أمه و إنما يكفي أن يترتب عليها خروج الجنين قبل موعد ولادته الطبيعي، و لو خرج حيا قابلا للحياة، و العلة في ذلك أن المشرع أراد حماية الجنين من أي خطر يهدد حياته، و لأن خرج قابلا للحياة، و العلة في ذلك أن المشرع أراد حماية الجنين من أي خطر يهدد حياته، و لأن الغالب هو أن الجنين الذي يخرج من بطن أمه قبل ولادته الطبيعية يكون الموت مصيره. 3
و رغم أن معظم الدول تقرر الحماية للجنين إلا أنه هناك في بعض الدول في التشريع المقارن، فمنها من أباحت الإجهاض و منها من شجعت عليه – مثل ما فعلت الحكومة الصينية- فما أقره مؤتمر قانون العقوبات الدولي المنعقد في لاهاي عام 1964 و الذي جاء بتوصيات منها، "يجب الإكثار من عدد الحالات التي يباح فيها الإسقاط في الدول التي تعاقب عليه". 1
المبحث الثاني: الركن المادي للإجهاض
هناك ثلاثة عناصر للركن المادي للإجهاض، أولا فعل الإسقاط و النتيجة الإجرامية و المتمثلة في موت الجنين أو خروجه من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، و لو خرج حيا و قابلا للحياة، و العلاقة السببية بينهما.
المطلب الأول: فعل الإسقاط
ينشأ فعل الإسقاط في جريمة الإجهاض من استعمال الطرق و الأعمال العنيفة، و أي وسيلة تؤدي إلى اسقاط الجنين و إنزاله، المادة 304 قانون العقوبات الجزائرية: "كل من أجهض ارمأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولات و مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأي وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك...."، فوسائل الإجهاض كثيرة و متعددة فقد يلجأ الجاني في الإجهاض إلى إعطاء مأكولات و مشروبات أو أدوية و عقاقير طبية، أو حقن طبية أو آلات ميكانكية باستعمال العنف كالقفز من مكان مرتفع أو ممارسة رياضية عنيفة أو حمل الأثقال و التدليك و الحمامات الساخنة أو قد تلجأ المرأة الحامل إلى إجهاض نفسها بارتدائها ملابس ضيقة إو إلى الرقص العنيف 2 و ما إلى ذلك من الوسائل و الطرق، و الأعمال التي تؤدي إلى الإجهاض إلى غير ذلك من الأمثلة فقد تكون الوسائل كيميائية بإعطاء الحامل مادة تحدث تقلصات في عضلات الرحم يكون من شأنها إخراج الجنين.
و الإجهاض في الصورة الأولى "جريمة ضرر" و في الثانية "جريمة خطأ".
و قد ذهبت محكمة النقض المصرية في ذلك أن أركان الجريمة تتوافر و لو ظل الحمل في الرحم الحامل بسبب وفاتها و ليس باستعمال القانون لفظ الإسقاط، ما يفيد أن خروج الحمل من الرحم في مثل هذه الحالة ركن من أركان الجريمة.1
المطلب الثالث: العلاقة السببية
يجب أن تتوفر رابطة السببية بين فعل الإسقاط و موت الجنين أو خروجه قبل موعده الطبيعي للولادة بأن يكون الفعل الذي أتاه المتهم سببا في النتيجة المذكورة فإذا ارتكب المتهم فعل الإجهاض بإيذاء أو غيره و لم تحدث النتيجة، و إنما حدث الإجهاض بعد ذلك نتيجة إصابة الحامل بإصابة سيارة مثلا، فلا تتوفر أركان الجريمة، لعدم توفر علاقة السببية بين فعل المتهم الأول، و إجهاض المجني عليها.
و يخضع تحديد العلاقة السببية للقواعد العامة من حيث توفرها من عدمها للسلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه من محكمة النقض، في ذلك إلا إذا أخطأ قاضي الموضوع في القول بأن شيئا معينا يصلح بأن يكون نتيجة أو لا يصلح.2
أما عن الشروع فقد نصت عليه المادة 262 قانون العقوبات المصرية بقولها: "أنه لا عقاب على شروع في الإسقاط" و علة ذلك فيما يبدو أن حق الجنين يم ينله اعتداء فتضاءلت بذلك الأهمية الاجتماعية للفعل بالإضافة إلى أن البحث في جرائم الإجهاض يكشف عن أسرار عائلية و أخلاقية من المصلحة المحافظة و التستر عليها إذا لم يحدث الإجهاض فعلا.
و يرى الدكتور نجيب حسني ان المساهمة الجنائية في الإجهاض تقتضي تطبيق القواعد العامة ما لم يرد في القانون نص يقضي بما يخالفها.
أو باعطائها مادة قاتلة للجنين، و قد تكون الوسائل الميكانيكية كالدفع بالآلة أو أداة إلى الرحم تخرج الجنين أو تقتله أو توجيه الأشعة إلى الجسم الحامل يكون من شأنها إخراج الجنين و قتله و فعل الإسقاط قد يصدر عن غير الحامل و قد يصدر عن الحامل نفسها، و قد يرتكب برضائها أو بناء على طلبها أو على الرغم منها، و قد يكون هذا الفعل إيجابيا وهو الصورة المألوفة له و قد يكون سلبيا، متمثلا في امتناع الحامل عن الحيلولة دون اتيان الغير فعل الإجهاض على جسمها، و قد عنى القانون هذه الصورة، حين أثار في المادة 262 من قانون العقوبات المصرية المرأة التي :"مكنت غيرها من استعمال وسائل الاسقاط و ليس من عناصر فعل الإسقاط أن تظل الحامل على قيد الحياة بعد ارتكابها فعل الاسقاط، و بناء على ذلك يرتكب هذا الفعل، بقتل الحامل نفسها، إذ من شأن ذلك القضاء على مصدر حياة الجنين، مما يفضي بالضرورة إلى موته". 1



المطلب الثاني: النتيجة
تطبيقا لنص المادة م 304 قانون العقوبات الجزائري، أن يؤدي فعل الإسقاط إلى تحقيق النتيجة، و هي إنزال الجنين قبل اكتمال مدة الحمل الطبيعية حيا أو ميتا أو لا يؤدي إلى تحقيقها مما يعد شروعا، و حتى إذا لم تكن المرأة حاملا، أي لو كانت الجريمة مستحيلة، تقوم الجريمة بحسب هذا النص.
و تتخذ النتيجة في جريمة الإجهاض إحدى الصورتين:
• موت الجنين في الرحم، و يتحقق بذلك الاعتداء على حقه في الحياة، أما الصورة الثانية فهي خروج الجنين من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، و تتحقق هذه الصورة و لو خرج الجنين حيا و قابلا للحياة، إذ يتحقق بذلك الاعتداء على حق الجنين، في النمو الطبيعي و الولادة الطبيعية، و تتشابه الصورتان فإذا قتل الجنين في الرحم فمصيره أن يخرج منه أي أن بقاؤه فيه يهدد صحة الأم، بأشد الأخطار، و من ناحية ثانية فإن الجنين الذي يخرج من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته نادرا ما يعيش طويلا، فعدم اكتماله لنموه يجعل منه غير معد لمواجهة ظروف الحياة في الخارج.
و يفضي تطبيق هذه القواعد إلى النتائج التالية: "يعتبر فاعلا من يجهض امرأة دون علمها أو دون رضاها، و لا يعتبر من هذا التكييف أن يكون له في جريمته شركاء، أو أن يساهم معه فيها شخص يقوم مثله بدور رئيسي فيها، إذ يتعدد بذلك فاعلو الجريمة، و تعتبر المرأة فاعلة إذا أجهضت نفسها و ذلك تطبيق للقواعد العامة، و لكنها تعتبر كذلك فاعلة إذا سمحت للغير أن يجهضها و هذا الحكم يبرره أن لها السيطرة على المشروع الإجرامي مما يعني توفر نية الفاعل لديها.
و يترتب على اعتبار المرأة فاعلة لجريمة إجهاضها نفسها أنها إذا مكنت طبيبا من إجهاضها فلا يعتبر شريكة له، و لا توقع عليها تبعا لذلك العقوبة المشددة التي تنص عليها المادة 262 قانون العقوبات المصرية و إنما تعتبر فاعلة لجريمة أخرى متميزة.
و إذا كانت المرأة راضية بالإجهاض فإن موقف الغير الذي يساهم معها في جريمتها يتحدد على أساس نوع الأفعال التي صدرت عنه و لهذا فإن الشارع قد وسع من نطاق فكرة الفاعل في الإجهاض، فقد اعتبر من اقتصر نشاطه على دلالة "الحامل" على وسائل الاسقاط فاعلا كما نصت عليه المادة 261 قانون العقوبات المصرية.
و يبرز هذا التوسع أن دلالة الحامل على هذه الوسائل هي المرحلة الصعبة و الأساسية في المشروع الإجرامي مما يقتضي اعتبار القائم بها صاحب الدور الرئيسي فيه، أما استعمال الحامل لها فهو في ذاته أمر يسير.
المبحث الثالث:
تعتبر جرائم الإجهاض من الجرائم العمدية التي يجب أن يتوفر فيها القصد الجنائي العام فلا يقع الإجهاض لمجرد خطأ و لو كان جسيما كما تتطلب جرائم الإجهاض كذلك قصدا خاصا هو تحقيق نتيجة معينة بذاتها تتمثل في موت الجنين أو خروجه قبل موعده الطبيعي.
المطلب الأول: العلم
يجب أن يعلم المتهم أن المرأة الحامل، فإن ارتكب الفعل الذي ترتب عليه إجهاضا جاهلا أنها حامل فلا يتوفر لديه القصد، و يجب أن يتوفر هذا العلم لحظة الفعل، فإن كان جاهلا للحمل وقت الفعل ثم علم به بعد ارتكاب الفعل، فلا يعد القصد متوفر لديه، و تطبيقا لذلك، فإن من ضرب امرأة يجهل أنها حامل أو قذف بها من مكان مرتفع فترتب على ذلك إجهاضا، فلا يسأل عن الإجهاض ولو علم بعد فاعله بالحمل وحصول الإجهاض. و يجب أن يعلم المتهم أن من شأن فعله إحداث الإجهاض فمن أعطى حاملا مادة يعتقد أنها لا تضر بالجنين أو يعتقد أنها تساعد على نموه أو حرضها على ممارسة رياضة عنيفة دون أن يرد إلى خاطره أنها قد تحدث الإجهاض لا يسأل عنه إذا حدث.
و يتعين ان يتوقع وقت فعله حدوث النتيجة الإجرامية و هي موت الجنين أو خروجه من الرحم قبل موعده الطبيعي لولادته، و تطبيقا لذلك لا يتوفر القصد لمن أعطى حاملا مادة لتستعملها كدهان الجلد ولم يكن متوقعا أنها سوف ستتناول بالفم، و يترتب على ذاك إجهاضا لذا يعاقب كل من حرض حاملا على أن تحمل جسما ثقيلا غير متوقع أن يترتب على ذلك إجهاضا.
المطلب الثاني: الإرادة
يتعين أن تتجه إرادة المتهم إلى فعل الإسقاط و إلى قتل الجنين أو إخراجه من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، حتى يتولد لديه القصد، و تطبيقا لذلك فإن القصد لا يتوفر لدى من يضرب امرأة لا يعلم أنها حاملا، مريدا مجرد إلامها في بدنها و لا تكون إرادته متجهة إلى إجهاضها، أو من يفض شجارا تشترك فيه امرأة حامل، فتجهض كأثر لفعل عنيف، صدر عنه في سبيل فض هذا الشجار.
و قد ذهب جانب من الفقه إلى أن المشرع يتطلب إلى جانب ذلك لوقوع الإجهاض قصدا خاصا فالقصد العام تقوم به جريمة الضرب أما القصد الخاص فهو اتجاه نية الجاني إلى نتيجة معينة بذاتها و هي طرد الجنين قبل الميعاد، لكن بعض الفقه ينكر ذلك لأن معنى القصد الخاص لا يتحقق في هذه الجريمة، فالفارق بين القصد العام و القصد الخاص أن الأول يقوم بانصراف علم الجاني إلى أركان الجريمة و اتجاه إرادته إلى الفعل و النتيجة باتجاه علم الجاني و إرادته إلى عناصر أو وقائع أخرى خارجة عن نطاق أركان الجريمة، و الفرض في جريمة الإجهاض أن علم الجاني و إرادته قد اتجها إلى النتيجة التي هي عنصر من عناصر الركن المادي، و على ذلك فالقصد في هذه الجريمة قصد عام و خاص.
المطلب الثالث: القصد الإحتمالي
قد يثور التساؤل عما إذا كان القانون يعتد بالقصد الاحتمالي للإجهاض، بمعنى أن يتوقع المتهم النتيجة كأثر ممكن لفعله ويقبلها رغم ذلك و مثيل ذلك المرأة الحامل عندما تزاول رياضة عنيفة و تتوقع أن يؤدي ذلك إلى إجهاضها، و ترحب بهذه النتيجة كأثر للفعل فيحدث الإجهاض؟
و يذهب الرأي السائد في القانون الفرنسي و المصري إلى القول بأن القانون لا يعتد بالقصد الاحتمالي للإجهاض، و يعني هذا الرأي، بالقصد الاحتمالي حالة ما إذا لم يتوقع المتهم الإجهاض و لم يرده تبعا لذلك و لكن كان باستطاعته و من واجبه ذلك التوقع مثال ذلك من يضرب امرأة حامل، مريدا مجرد إيذائها فيترتب على ذلك إجهاضها، و يثبت أنه كان باستطاعته و من واجبه أن يتوقع ذلك و يتسع هذا الوضع لفرضين:
 أن يكون المتهم غير عالم بالحمل، و لكن باستطاعته أن يعلم به،
 و أن يكون عالما غير متوقع الإجهاض، و إنما باستطاعته ذلك التوقع.
و في هذا الصدد وافق الدكتور "محمود نجيب حسني" على ما خلص إليه الفقه، و لكن رفض حجهم : فالمتهم لا يسأل عن الإجهاض و ليس تعليل ذلك أن القصد الاحتمالي قد توفر لديه و هو غير كافي، ليقوم به الركن المعنوي للإجهاض، و إنما التعليل الصحيح انه لم يتوفر لديه القصد الجنائي في أي من صوره، ذلك أن القصد يتطلب في كل الحالات توقع النتيجة و اتجاه الإرادة إليها، و لا تقوم المسؤولية العمدية عن نتيجة لم يتوقعها المتهم، و لم تتجه إليها إرادته تبعا لذلك، غلا إذا وجد نص استثنائي يقرر ذلك ولا وجود لمثل هذا النص.
و لكن إذا توفر القصد الاحتمالي في مدلوله الصحيح فإن جريمة الإجهاض تقوم به، و يفترض القصد الاحتمالي في هذا المدلول، توقع النتيجة كأثر ممكن للفعل ثم قبوله و تطبيقا لذلك. يتوفر القصد لدى الحامل التي تزاول الرياضة العنيفة أو تتعاطى الخمر متوقعة إمكان أن يفضي ذلك إلى جانب إجهاضها، فترحب به لأن الحمل غير مرغوب فيه.
و تمضي في مسلكها فيحدث الإجهاض، و يتوفر القصد كذلك لدى لمن يجري لحامل عملية جراحية دون أن تتوفر لها شروط إباحتها و يتوقع إمكان إجهاضها كأثر للعملية، فيقبل ذلك الإمكان و يمضي في عمله، فيحدث الإجهاض. 1
و قد ذهب رأي آخر إلى عدم الأخذ بنظرية القصد الاحتمالي، فلا تقوم جريمة الإجهاض بضرب امرأة حامل ولو ترتب على الضرب إسقاطها، سواء كان عالما بالحمل أم لا. طالما أنه لم يقصد الإسقاط بالذات، و لا تعدو الواقعة أن تكون ضريا عاديا، إذ أن نظرية القصد الاحتمالي يلزم نص صريح لإمكان الأخذ بها 2، ولا أثر للباعث أي كان نوعه على توفر القصد، فسواء تم الإسقاط بدافع الانتقام أو بدافع مساعدة الحامل على الخلاص من حمل لا ترغب فيه و أن يتم برضائها و بناءا على طلبها، فرضاء المجني عليه لا تأثيرا له على قيام الجريمة.









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الإجهاض, جريمة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc