لماذا خلقنا الله وهو يعلم ان الغالبية ستدخل النار؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لماذا خلقنا الله وهو يعلم ان الغالبية ستدخل النار؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-02-20, 16:44   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة لماذا خلقنا الله وهو يعلم ان الغالبية ستدخل النار؟

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

لماذا خلقنا الله وهو يعلم ان الغالبية ستدخل النار؟


أولاً:

إن معرفة الغاية التي من أجلها خلق الله الخلق فيها الجواب عن كثير من الإشكالات والشبهات التي يرددها كثير من الملحدين ، وقد يتأثر بها بعض المسلمين ، ومن تلك الشبهات الظن بأن الله تعالى خلق الناس من أجل أن يضع بعضهم في الجنة ، وآخرين في النار ! وهذا ظن خاطئ ، وما من أجل ذلك خلق الله الخلق ، وأوجدهم .

وليعلم الأخ السائل – ومن رام معرفة الحق – أن الغاية من خلق الإنسان ، وخلق السموات ، والأرض : ليُعرف سبحانه وتعالى ، ويوحَّد ، ويطاع .

قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدون ) الذاريات/ 56 .

قال ابن كثير – رحمه الله -:

أي : إنما خلقتُهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم .

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( إلا ليعبدون ) أي : إلا ليقروا بعبادتي طوعاً ، أو كرهاً .

وهذا اختيار ابن جرير .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .

وثمة خلط عند كثيرين بين الغاية المرادة من العباد ، وهي : شرعه الذي أحبه منهم ، وأمرهم به ، والغاية المرادة بالعباد ، وهي إثابة المطيع ، ومعاقبة العاصي ، وهذا من قدره الكائن الذي لا يرد ولا يبدل .

قال ابن القيم - رحمه الله - :

وأما الحق الذي هو غاية خلقها – أي : السموات والأرض وما بينهما - : فهو غاية تُراد من العباد ، وغاية تراد بهم .

فالتي تُراد منهم : أن يعرفوا الله تعالى ، وصفات كماله عز و جل ، وأن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً ، فيكون هو وحده إلههم ، ومعبودهم ، ومطاعهم ، ومحبوبهم ، قال تعالى : ( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ) .

فأخبر أنه خلق العالم ليَعرف عبادُه كمالَ قدرته ، وإحاطة علمه ، وذلك يستلزم معرفته ومعرفة أسمائه وصفاته وتوحيده .

وقال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ، فهذه الغاية هي المرادة من العباد ، وهي أن يعرفوا ربهم ، ويعبدوه وحده .

وأما الغاية المرادة بهم : فهي الجزاء بالعدل ، والفضل ، والثواب ، والعقاب ، قال تعالى ( ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) النجم/ 31 ، قال تعالى ( إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ) طه/ 15 ، وقال تعالى ( ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين ) النحل/ 39 ، قال تعالى ( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ) يونس/ 3 ، 4 .

" بدائع الفوائد " ( 4 / 971 ) .












 


رد مع اقتباس
قديم 2018-02-20, 16:45   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحكمة مِن خَلْق البشر

أولاً :

من عظيم صفات الله تعالى " الحكمة " ، ومن أعظم أسمائه تعالى " الحكيم " ، وينبغي أن يُعلم أنه ما خلق شيئاً عبثاً ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وإنما يخلق لِحِكَمٍ بالغة عظيمة ، ومصالح راجحة عميمة ، عَلِمَها من عَلِمها ، وجَهِلها من جهلها ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه الكريم ، فبيَّن أنه لم يخلق البشر عبثاً ، ولم يخلق السموات والأرض عبثاً ، فقال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ . فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) المؤمنون/115،116 ، وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ) الأنبياء/16 ، وقال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) الدخان/38 ، 39 ، ويقول سبحانه وتعالى : ( حم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ) الأحقاف/1 – 3 .

وكما أن ثبوت الحكمة في خلق البشر ثابت من ناحية الشرع , فهو ثابت – أيضاً - من ناحية العقل ، فلا يمكن لعاقل إلا أن يسلِّم أنه قد خلقت الأشياء لحكَمٍ ، والإنسان العاقل ينزه نفسه عن فعل أشياء في حياته دون حكمة ، فكيف بالله تعالى أحكم الحاكمين ؟!

ولذا أثبت المؤمنون العقلاء الحكمة لله تعالى في خلقه ، ونفاها الكفار ، قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران/190 ، 191 ، وقال تعالى – في بيان موقف الكفار من حكمة خلقه - : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص/27 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السموات والأرض ، وأنه لم يخلقهما باطلاً ، أي : عبثاً ولعباً ، من غير فائدة ولا مصلحة .

( ذلك ظن الذين كفروا ) بربهم ، حيث ظنوا ما لا يليق بجلاله .

( فويل للذين كفروا من النار ) فإنها التي تأخذ الحق منهم ، وتبلغ منهم كل مبلغ ، وإنما خلق الله السموات والأرض بالحق وللحق ، فخلقهما ليعلم العباد كمال علمه وقدرته ، وسعة سلطانه ، وأنه تعالى وحده المعبود ، دون من لم يخلق مثقال ذرة من السموات والأرض ، وأن البعث حق ، وسيفصل الله بين أهل الخير والشر ، ولا يظن الجاهل بحكمة الله ، أن يسوي الله بينهما في حكمه ، ولهذا قال : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) هذا غير لائق بحِكمَتنا وحُكْمنا " انتهى .

" تفسير السعدي " ( ص 712 ) .

ثانياً :

ولم يخلق الله تعالى الإنسان ليأكل ويشرب ويتكاثر ، فيكون بذلك كالبهائم ، وقد كرَّم الله تعالى الإنسان ، وفضَّله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً ، ولكن أبى أكثر الناس إلا كفوراً فجهلوا أو جحدوا الحكمة الحقيقية من خلقهم ، وصار كل هَمِّهِم التمتع بشهوات الدنيا , وحياة هؤلاء كحياة البهائم , بل هم أضل ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) محمد/12 ، وقال تعالى : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) الحجر/3 , وقال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 . ومن المعلوم عند عقلاء الناس أن الذي يصنع الشيء هو أدرى بالحكمة منه من غيره ، ولله المثل الأعلى فإنه هو الذي خلق البشر ، وهو أعلم بالحكمة من خلقه للناس ، وهذا لا يجادل فيه أحد في أمور الدنيا ، ثم إن الناس كلهم يجزمون أن أعضاءهم خُلقت لحكمة ، فهذه العين للنظر ، وهذه الأذن للسمع ، وهكذا ، أفيُعقل أن تكون أعضاؤه مخلوقةً لحكمة ، ويكون هو بذاته مخلوقاً عبثاً ؟! أو أنه لا يرضى أن يستجيب لمن خلقه عندما يخبره بالحكمة من خلقه ؟!

ثالثاً :

وقد بيَّن الله تعالى أنه خلق السموات والأرض ، والحياة والموت للابتلاء والاختبار ، ليبتلي الناس , مَنْ يطيعه ليثيبه ، ومَنْ يعصيه ليعاقبه ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) هود/ 7 ، وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/ 2 .

وبهذا الابتلاء تظهر آثار أسماء الله تعالى وصفاته ، مثل اسم الله تعالى " الرحمن " ، و " الغفور " و " الحكيم " و " التوَّاب " و " الرحيم " وغيرها من أسمائه الحسنى .

ومن أعظم الأوامر التي خلق الله البشر من أجلها – وهو من أعظم الابتلاءات - : الأمر بتوحيده عز وجل وعبادته وحده لا شريك له ، وقد نصَّ الله تعالى على هذه الحكمة في خلق البشر فقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إلا ليعبدون ، أي : إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً ، وهذا اختيار ابن جرير ، وقال ابن جريج : إلا ليعرفون ، وقال الربيع بن أنس : إلا ليعبدون ، أي : إلا للعبادة " انتهى .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ، ومعرفته بأسمائه وصفاته ، وأمرهم بذلك ، فمن انقاد ، وأدى ما أمر به ، فهو من المفلحين ، ومن أعرض عن ذلك ، فأولئك هم الخاسرون ، ولا بد أن يجمعهم في دار ، يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم ، ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء ، فقال : ( ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) أي : ولئن قلتَ لهؤلاء ، وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ، لم يصدقوك ، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به ، وقالوا : ( إن هذا إلا سحر مبين ) ألا وهو الحق المبين " انتهى .

" تفسير السعدي " ( ص 333 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-20, 16:47   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانياً:

إن الله تعالى لا يُدخل الناس الجنة أو النار ، لمجرد أنه يعلم أنهم يستحقون ذلك ؛ بل يُدخلهم الجنة والنار بأعمالهم التي قاموا بها ـ فعلا ـ في دنياهم ، ولو أن الله تعالى خلق خلّقاً وأدخلهم ناره : لأوشك أن يحتجوا على الله بأنه لم يختبرهم ، ولم يجعل لهم مجالاً للعمل ، وهذه حجة أراد الله تعالى دحضها ؛ فخلقهم في الدنيا ، وركَّب لهم عقولاً ، وأنزل كتبه ، وأرسل رسله ، وكل ذلك لئلا يكون لهؤلاء حجة على الله يوم القيامة .

قال تعالى : ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء/ 165 .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

فصرح في هذه الآية الكريمة : بأن لا بد أن يقطع حجة كل أحدٍ بإرسال الرسل ، مبشِّرين من أطاعهم بالجنة ، ومنذرين مَن عصاهم النار .

وهذه الحجة التي أوضح هنا قطعَها بإرسال الرسل مبشرين ومنذرين : بيَّنها في آخر سورة طه بقوله ( وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَذِلَّ وَنَخْزَى ) ، وأشار لها في سورة القصص بقوله : ( وَلَوْلا أَن تُصِيبَهُم مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وقوله جلَّ وعلا : ( ذلِكَ أَن لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) ، وقوله : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ) ، وكقوله : ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .

ويوضح ما دلت عليه هذه الآيات المذكورة وأمثالها في القرآن العظيم من أن الله جلَّ وعلا لا يعذب أحداً إلا بعد الإنذار والإعذار على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام : تصريحه جلَّ وعلا في آيات كثيرة : بأنه لم يُدخل أحداً النار إلا بعد الإعذار والإنذار على ألسنة الرسل ، فمن ذلك قوله جلَّ وعلا : ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُواْ بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَىْءٍ ) .

ومعلوم أن قوله جلَّ وعلا : ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ ) يعم جميع الأفواج الملقين في النار .

قال أبو حيان في " البحر المحيط " في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها ما نصه : و ( كُلَّمَا ) تدل على عموم أزمان الإلقاء ، فتعم الملقَيْن .

ومن ذلك قوله جلَّ وعلا : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ، وقوله في هذه الآية : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) عام لجميع الكفار ... .

فقوله تعالى : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً ) إلى قوله ( قالُوا بَلَى ) : عام في جميع الكفار ، وهو ظاهر في أن جميع أهل النار قد أنذرتهم الرسل في دار الدنيا ، فعصوا أمر ربهم ، كما هو واضح .

" أضواء البيان " ( 3 / 66 ، 67 ) .

وفي اعتقادنا أن معرفة الغاية التي خلَق الله الخلق من أجلها ، ومعرفة أن الله تعالى لا يعذِّب أحداً وفق ما يعلم منه سبحانه ، بل جزاء أعماله في الدنيا ، وأن في هذا قطعاً لحجته عند الله : يكون بذلك الجواب عن الإشكال الوارد في السؤال .

ثالثاً:

وأما لماذا أنزل إبليس إلى الأرض ، مع آدم وذريته ، ففرق بين نزول آدم ونزول إبليس ؛ آدم عليه السلام نزل إلى الأرض ، وقد تاب إلى ربه جل جلاله ، فتاب عليه وهداه ، وأنزله إلى دار الدنيا ، نبيا مكرما ، مغفورا له ، يبقى في دار الدنيا إلى أجله الذي أجله الله له .

وأما عدو الله إبليس ، فإنه لم يتب أصلا ، ولا ندم عن ذنبه ، ولا رجع ، ولا رجا التوبة ، ولا سلك لها سبيلا ، بل عاند واستكبر ، وطغى وكفر ، وطلب من الله جل جلاله ، ألا يعجل بهلاكه وعذابه ، بل يؤخر ذلك إلى يوم الوقت المعلوم ، لا يأخذ فرصته في التوبة ، ويتمكن من الإنابة ، بل ليكمل طريق الشقاء ، ويأخذ أهل الغواية معه إلى دار البوار ؛ فنزل إماما لحزبه ، حزب الشيطان الخاسرين ، لتتم حكمة الله في خلقه ، وابتلائه لهم : هل يطيعونه ، أم يطيعون عدوه ؛ ولتتم الشقوة على العدو اللعين : بعناده وفساده ، ويستحق من ربه الخسران المبين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-20, 19:52   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*جزائرية وافتخر*
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية *جزائرية وافتخر*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 18:41   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دودو تتكلم والكل يتعلم مشاهدة المشاركة
انارت لمساتك صفحتي المتواضعه
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc