بحث : مظاهر الحياة العقلية العصر الجاهلي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > قسم التعليم الثانوي العام > أرشيف منتديات التعليم الثانوي

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحث : مظاهر الحياة العقلية العصر الجاهلي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-30, 18:30   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
usb8015
محظور
 
إحصائية العضو










B18 بحث : مظاهر الحياة العقلية العصر الجاهلي


إن طبيعة العقلالعربي لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر إلى العلم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني، كان يطوففيما حوله؛ فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له، و جاس بالبيت أو الأبياتمن الشعر أو الحكمة أو المثل. "فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضهفذلك ما لا يتفق والعقل العربي.



وفوق هذا هو إذانظر إلى الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثيرعجبه، فهو إذا وقف أمام شجرة، لا ينظر إليها ككل، إنما يستوقف نظره شيءخاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها،



و إذا كان أمامبستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه "الفوتوغرافيا"، إنمايكون كالنحلة، يطير من زهرة إلى زهرة، فيرتشف من كل رشفة". إلى أن قال: "هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما ترى في أدب العرب - حتىفي العصور الإسلامية - من نقص وما ترى فيه من جمال".



وقد خلص من بحثه، إلى أن هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها إلى الكمال،



نشاً من البيئاتالطبيعية والاجتماعية التي عاش فيها العرب، وهو ليس إلا وراثة لنتائج هذهالبيئات، "ولو كانت هنالك أية أمة أخرى في مثل بيئتهم، لكان لها مثلعقليتهم،



و أكبر دليل علىذلك ما يقرره الباحثون من الشبه القوي في الأخلاق والعقليات بين الأممالتي تعيش في بيئات متشابهة أو متقاربة، وإذ كان العرب سكان صحارى، كانلهم شبه كبير بسكان الصحارى في البقاع الأخرى من حيث العقل والخلق".



أما العوامل التيعملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملانقويان. هما: البيئة الطبيعية، وعنى بها ما يحيط بالشعب طبيعيا من جبالوانهار وصحراء وغير ذلك،



والبيئةالاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودينوأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.



وحصر أحمد أمينمظاهر الحياة العقلية في الجاهلية في الأمور التالية: اللغة والشعروالأمثال والقصص. وتكلم على كل مظهر من هذه المظاهر وجاء بأمثلة استدل بهاما ذهب إليه.



والحدود التيوضعها أحمد أمين للعقلية العربية الجاهلية، هي حدود عامة، جعلها تنطبق علىعقلية أهل الوبر وعقلية أهل المدر، لم يفرق فيها بين عقلية من عقليةالجماعتين.



وقد كونها ورسمهامن دراساته لما ورد في المؤلفات الإسلامية من أمور لها صلة بالحياةالعقلية ومن مطالعاته لما أورده "أوليري" "وبراون" وأمثالهما عن العقليةالعربية،



ومن آرائهوملاحظاته لمشكلات العالم العربي ولوضع العرب في الزمن الحاضر. والحدودالمذكورة هي صورة متقاربة مع الصورة التي يرسمها العلماء المشتغلونبالسامية عادة عن العقلية السامية،



وهي مثلها أيضامستمدة من آراء وملاحظات وأوصاف عامة شاملة، ولم تستند إلى بحوث علميةودراسات مختبرية، لذا فأنني لا أستطيع أن أقول أكر مما قلته بالنسبة إلىتحديد العقلية الساميّة، من وجوب التريث والاستمرار في البحث ومن ضرورةتجنب التعميم والاستعجال في إعطاء الأحكام.



وتقوم نظرية أحمدأمين في العقلية العربية على أساس إنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرامجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها فيالنعوت المذكورة.



والعاملان فيرأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعنى بالبيئة الطبيعية مايحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك،



وبالبيئةالاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحوذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أنتكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعيةوحدها.



وخطاً من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد "هيكل" "Heagel"، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني، وحجة "هيكل" أنه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات،



لبان ذلك فيعقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم، ولكنهم لميكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابليتهم ولا ثقافتهم.



وردّ "أحمد أمين" عليه هو أن "ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد،إذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد إقليمه،



و ينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول".



وأثرالبيئة الطبيعية في العرب، أنها جعلت بلادهم بقعة صحراوية تصهرها الشمس،ويقل فيها الماء، ويجف الهواء، وهي أمور لم تسمح للنبات أن يكثر، ولاللمزروعات أن تنمو، آلا كَلأً مبعثراً هنا وهناك،



وأنواعاً منالأشجار والنبات مفرقة استطاعت أن تتحمل الصيف القائظ، والجوّ الجاف،فهزلت حيواناتهم، وتحلت أجسامهم، وهي كذلك أضعفت فيها حركة المرور، فلميستطع السير فيها إلا الجمل،



فصعب علىالمدنيات المجاورة من فرس وروم أن تستعمر الجزيرة، وتفيض عليها منثقافتها، اللهم إلا ما تسرب منها في مجار ضيقة معوجة عن طرق مختلفة".



وأثر آخر كانلهذه البيئة الطبيعية في العرب، هو أنها أثرت في النفوس فجعلتها تشعر أنهاوحدها تجاه طبيعة قاسية، تقابلها وجهاً لوجه، لا حول لها ولا قوة، لامزروعات واسعة ولا أشجار باسقة،



تطلع الشمس فلاظل لها، ويطلع القمر والنجوم فلا حائل، تبعث الشمس أشعتها المحرقة القاسيةفتصيب أعماق نخاعه، ويسطع القمر فيرسل أشعته الفضية الوادعة فتبر لبّه،وتتألق النجوم في السماء فتمتلك عليه نفسه، وتعطف الرياح العاتية فتدمر كلما أتت عليه.



أمام هذه الطبيعةالقوية، والطبيعة الجميلة، والطبيعة القاسية، تهرع النفوس الحساسة إلىرحمن رحيم، والى بارئ مصور والى حفيظ مغيث- إلى الله-. ولعل هذا هو السرفي الديانات الثلاث التي يدين بها أكثر العالم، وهي اليهودية والنصرانيةوالإسلام نبعث من صحراء سيناء وفلسطين وصحراء العرب.



والبيئةالطبيعية أيضاً، هي التي أثرت-على رأيه-في طبع العربي فجعلته كثيباُصارماً يغلب عليه الوجد، موسيقاه ذات نغمة واحدة متكررة عابسة حزينة،ولغته غنية بالألفاظ، إذا كانت تلك الألفاظ من ضروريات الحياة في المعيشةالبدوية، وشعره ذو حدود معينة مرسومة، وقوانينه تقاليد القبيلة وعرفالناس، وهي التي جعلته كريماً على فقره، يبذل نفسه في سبيل الدفاع عن حمىقبيلته.



كل هذه وأمثالهامن صفات ذكرها وشرحها هي في رأيه من خلق هذه البيئة الطبيعية التي جعلتلجزيرة العرب وضعاً خاصاً ومن أهلها جماعة امتازت عن بقية الناس بالمميزاتالمذكورة.



وقد استمر "أحمدأمين"، في شرح أثر البيئة الطبيعية في عقلية العرب وفي مظاهر تلك العقليةالتي حصرها كما ذكرت في اللغة والشعر والأمثال والقصص، حتى انتهى منالفصول التي خصصها في تلك العقلية،



أما أثر البيئةالاجتماعية التي هي في نظره شريكة للبيئة الطبيعية في عملها وفعلها فيالعقلية الجاهلية وفي كل عقلية من العقليات، فلم يتحدث عنه ولم يشر إلىفعله،



ولم يتكلم علىأنواع تلك البيئة ومقوماتها التي ذكرها في أثناء تعريفه لها، وهي: "مايحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك"، ثم خلص منبحثه عن العقلية العربية وعن مظاهرها وكأنه نسي ما نسبه إلى العامل الثانيمن فعل،



بل الذي رأيتهوفهمته من خلال ما كتبه انه أرجع ما يجب إرجاعه إلى عامل البيئةالاجتماعية - على حد قوله - إلى فعل عامل البيئة الطبيعية وأثرها في عقليةالعرب الجاهليين. وهكذا صارت البيئة الطبيعية هي العامل الأول الفعال فيتكوين تلك العقلية، وحرمنا بذلك من الوقوف على أمثلته لتأثر عامل البيئةالاجتماعية في تكوين عقلية الجاهليين.



وأعتقد إن "أحمدأمين" لو كان قد وقف على ما كتب في الألمانية أو الفرنسية أو الإنكليزيةعن تأريخ اليمن القديم المستمد من المسند، ولو كان قد وقف على ترجماتكتابات المسند أو الكتابات الثمودية والصفوية واللحيانية، لما كان قد أهملالإشارة إلى أصحاب تلك الكتابات، ولعدٌل حتماً في حدود تعريفه للعقليةالعربية،



ولأفرز صفحة أوأكثر إلى أثر طبيعة أرض اليمن وحضرموت في عقلية أهل اليمن وفي تكوينحضارتهم وثقافتهم، فإن فيما ذكره في فصوله عن العقلية العربية الجاهلية مابحب رفعه وحذفه بالنسبة إلى أهل اليمن وأعالي الحجاز.

المظهر الاجتماعي

الشعر الجاهلى

هوالشعر الذى قيل قبل الإسلام بنحو من مائة وخمسين إلى مئتى عام في رأى بعضالمحققين الذين أشاروا إلى أن الشعر الناضج يعود إليها وقد اشتمل على شعرعدد كبير من الشعراء على رأسهم شعراء المعلقات مثل عنترة وزهير ولبيدوامرىء القيس كما ضم دواوين عدد من الشعراء والشاعرات الذى وصلنا شعربعضهم كاملا تقريبا ووصلتنا شذرات من شعر بعضهم ويتميز هذا الشعر بجزالةلفظه ومتانة تراكيبه واحتوائه على معلومات غنية عن البيئة الجاهلية بمافيها من حيوان وطير وجماد كما أنه عبر عن أحداث حياة العرب وتقاليدهمومعاركهم المشهورة وأماكن معيشة قبائلهم وأسماء آبار مياههم وأسماءفرسانهم المشهورين ومحبوباتهم حتى قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه ( كانالشعر علم قوم لم يكن لديهم علم أصح منه ) واعتبر هذا الشعر سجلا لحياةالأمة العربية قبل ظهور الإسلام كما اعتمد عليه علماء اللغة في وضع قواعدالنحو والاستشهاد على صحتها واعتمد عليه مفسرو القرآن في بيان معانىالكلمات ومدى ورودها في لغة العرب

اصل العرب ومساكنهم

كتبكثير من علماء الأنساب والتاريخ في اصل العرب وقد كثرت الأقوال وتضاربتالآراء خصوصا بين القديم والحديث فالاعتماد عند المتقدمين على الكتبالمدونة وعند بعض العصريين على الآثار القديمة التي نقب عنها في جوف الأرضوحيث أن أمر التنقيب عقيم في جزيرة العرب وبالأخص لم يجر حتى اليوم فيالربع الخالي مع صحراء الأحقاف فاصبح الاعتماد فيما يتعلق بشؤون العربحتما على الكتب المدونة لأنه لم يكن أمامنا ما ينفي صحتها غيران كتبالتاريخ والأنساب المتعلقة بي اصل العرب وتقسيمهم تحتوي على أقوال كثيرةفقد لخصت منها ما يأتي بعد جهد كبير وفحص دقيق



يرجعاصل العرب إلى سام بن نوح عليه السلام وكان مسكنهم قبل أن يسكنوا الجزيرةجهات العراق ثم نزح فريق منهم إلى الجزيرة التي يكون موقعها بالنسبةللعراق غرب جنوبي فسمى بنو سام النازحين منهم إليها (عربا) أي الغربيينلان حرف الغين المعجمة كان مفقودا من اللغة السامية فكانوا ينطقون بالعينالمهملة عوضاً عن الغين المعجمة ويضعونها موضعها ومن ذلك الحين أطلق علىمن نزح من بني سام إلى الجزيرة العربية اسم العرب ، ثم سميت الجزيرة باسمهم .



والذينزح هم ( عاد ) ومسكنهم الأحقاف المسماة الآن بصحراء الأحقاف الواقعة فيالقسم الجنوبي من الجزيرة . ( وثمود ) ومسكنهم الحجر ووادي القرى بينالحجاز والشام المسمى الآن بمدائن صالح الواقع في القسم الشمالي منالجزيرة . و ( طسم ) و ( جديس ) ، ومسكنهما اليمامة الواقعة في قلبالجزيرة ، والبحرين المسماة الآن بالأحساء ، الواقعة في القسم الشرقي منالجزيرة على الخليج العربي .



و ( عمليق ) ومسكنهم عمان ، الواقع في القسم الشرقي بجنوب من الجزيرة .



قال الجرجاني : إن بني عمليق ملكوا مصر ، ومنهم فرعون إبراهيم ، وفرعون يوسف ، وفرعونموسى . و ( أميم ) ومسكنهم رمل عالج بين اليمامة والشحر ، والمسمى الآنبالربع الخالي . و( عبيل ) ، ومسكنهم الجحفة بقرب المدينة . و ( عبد ضخيم ) ، ومسكنهم الطائف . و ( حضروا ) ومسكنهم الرس ، وأما الكلدانيون ، قالابن خلدون في تاريخه : إنهم من الطبقة التي قبل نوح عليه السلام ، فهم منبني آدم ، ولم يكونوا من بني سام بن نوح .



ويحد الجزيرةالعربية شرقاً بحر الهند والخليج العربي المسمى بالخليج الفارسي ـ لأنالعرب استعمرته وبنت فيه ملاحتها قبل الفرس ـ وبعض العراق إلى الكوفة . وغرباً البحر الأحمر ، على أيلة وهي العقبة ، ثم إلى البلقاء المسماة ( الأردن ) ، وبعض بادية الشام وفلسطين وشمالاً من الكوفة والفرات بالعراق ،إلى عانة وبالس ، من الجزيرة الفراتية ، إلى سلمية وإلى مشارف غوطة دمشقإلى مشارف حوران ، إلي البلقاء من برية الشام وبعض فلسطين . وجنوبا بحرالهند .



وتنقسم الجزيرة إلى خمسة أقسام كبيرة :



الأول : القسم الشرق ، وهو يشتمل على عمان وقطر والأحساء والكويت وما حاذى ذلك من مدن وقرى ، من الجهة الشمالية إلى الكوفة .



الثاني : القسم الغربي ، وهو يشتمل على اليمن وتهامة وعسير والحجاز إلى أيلة وما حاذاها من جهة الشمال إلى البلقاء .



الثالث : القسم الشمالي ، وهو يشتمل على كل ما وقع ما بين الكوفة وحوران والبلقاء إلى أيلة من قرى وبادية



الرابع : القسم الجنوبي ، وهو يشتمل على حضرموت .



الخامس : قلب الجزيرة ، وهو يشتمل على عموم نجد ، بما فيه اليمامة والقصيم وشمروجبلي سلمى وأجا ، وما جاور ذلك مع الربع الخالي بصحراء الأحقاف ونجران .

المظهر الديني:

ينشأسؤال، ما هذه المعالِم؟ أو حينما ننظر إلى العرب قبل الإسلام، كيف كانوايُمارسون شعائرهم وعقائدهم، إلى أن الإسلام جاء وحوَّلهُم من عُبَّادأصنام وأوثان إلى مُوحّدين يَعْبُدون الله وحده لا شريك له وإلى مسلمين؟

وهذهمِنَّة كُبرى ونعْمَة كُبرى. نجد أن العرب قبل الإسلام مثل غيرهم من الأممأيضاً، ولا يُظَن أن العرب في العَصْر الجاهلي تفرّدوا بمثل هذه العبادات،ولكن أمّة اليونان، وأمّة الرومان، والمصريون القدماء، والبابليون،والفِينِقيون، والآشوريون، كَثير من الأمم كانوا يتوجهون إلى عبادات ماديةوإلى عبادة الكائنات الطَّبيعية.

أولا:فنجدأنّ العرب كانوا يتوجّهون أو بعْض العرب إلى عبادة النباتات والجماداتوالطير والحيوان، لأن هذا كان يدور حَولهم فيجدون في شيء منها مصدر القوةفيَعْبدونه.

ثانيا:كانوا يتوجّهون إلى عبادة النجوم والكَواكب، وجاءتهم هذه المظاهِر من الصابِئة وبقايا الكِلدانيِّين.

ثالثا:كانوايتوجّهون أيضاً، كانوا يتأثّرون بما يُسمَّى التثليث في العِبادة، مظهرالتثليث في العبادة؛ بحيث كانوا يجْمَعون بين ثلاث ظواهر من الظواهرالطبيعية، وهي: القَمر، والشَّمس، والزُّهْرة، أو القَمر يقابِل ودّعندهم، وكان صنماً، والشمس تقابل اللات، والزُّهْرة تُقابل العُزَّى. فالقمر والشمس والزُّهْرة، أو ودّ واللات والعُزَّى، وهذا التثليث كانشائِعاً عند عَرب الجُنوب، كما يروي ابن الكلبي في كتابه "الأصنام". كانوايَرجِعون بآلهتهم إلى الثالوث المقدس، هو: القمر أو ود، والشمس أو اللات،والزُّهْرة أو العُزَّى.

وأيضاًنراهم يقدسون النار، ويظهر ذلك أو أثر ذلك أو أثر تقْدِيسهم النار، يظهرفي إيقادهم للنار عند أحلافِهم، واستمطارهم السماء، وتقديم القرابينإليها. ويقال: إن المَجوسية كانت متفشّية في تَميم، وعُمان، والبحرين،وبعض القبائل العربية. نجد أيضاً إلى جِوار عبادة النباتات والجماداتوالطَّير والحَيوان، عِبادة النجوم والكواكب، مظهر التثليث في العبادة،عبادة النار.

وعبادةالأصنام، وهي العبادة الشائعة عند العرب، الأصنام والأوثان، وفَرْقٌ بينالصَّنَم والوََثَن: "الصَّنَم": هو التمثال الذي يصنع على هيئة بَشَر أونَبَات أو حَيوان أو ما إلى ذلك، هذا هو الصَّنَم.

أمّا "الوَّثَن": فهو حَجَر يأخذه العَربيّ أو البَدوي طبعاً في العَصْرالجاهلي ويتخذ منه رَمْزاً للعِبادة. وكانت عِبادة الأصنام منتشرة بينالعرب انتشاراً واسعاً، قد صوَّروها أو نَحتوها رَمزاً لآلهتِهم. وقديَرون في بعض الأحجار والأشجار والآبار ما يَرمز إليهم. فالعُزَّى كانتلغَطفان، وهي شجرة وقد قَطعها خالد بن الوليد، وكان مِن مأثوراته أنه قال:

منْهُم المشركون؟ هم الذين كانوا يعبدون الأصنام ويقولون: ما نعبدهم إلاّليقرِّبونا إلى الله زلفى، أي: كان منهم فريق يعرف الله ولكن كان يشرك معالله آلهة أخرى، ولذلك قال الحق -سبحانه وتعالى-: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَالأخرى، ثم يقول سبحانه.. وَلا تَذَرُنَّ وَدّاًوَلا سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً

إذاً،ينْشأ سُؤال: ما أشهر الأصنام التي كان يعبدها العرب؟ وهذا الذي نقولهيظهر في شِعْر الجاهليين أيضاً، ومن لا يدرس حياة العرب الدينية أوالاجتماعية أو الثقافية، دراسة موسعة ومستقْصية، لن يعرف كيف يفكّ رموزالكلمات، أو رموز بعض الإشارات في أبيات الشِعْر الجاهلي. من الأصنام التيكان يعْبدها العرب: "اللات" وكان معْبَدها في الطائف، وكانت عبادة "اللات" شائعة بين العَرب الجَنوبيِّين، وفي الحجاز، ويقال: "إنه كان صَخرة مربّعةبيضاء، بَنَت عليه ثَقيف بيتاً. وكانت قريش وجَميع العرب يعظِّمونه"؛ولذلك سَمّوْا بـ"وهب اللات" و"عبد شمس" مثلاً.

"مناة" و"العُزَّى". وكانت "مناة" صخرة منصوبة على ساحل البحر بين المدينة ومكة،ولها مكانة. وأيضاً نَجِد "وَد" وكان من الآلهة الجنوبية ويؤلّه مع "اللات" و"العُزَّى". وربما تأثروا في هذه العِبادة بما يشاع عندالمَسيحيِّين والنَّصرانيِّين. وكان هذا "وَد" صنمه بدَومة الجَنْدل. أيضاً هناك "سُواع" وهذا كان صنم هُذَيل وكِنانة. وأيضاً "يَغُوث" و"يعوق" و"نسر". وكان هناك أيضاً بعض القبائل وضعت أشكالاً وتماثيل، أشكالاً لهذهالأصنام؛ فكان "ود" على صورة "رجل"، و"سُواع على صورة "امرأة"، و"يَغُوث" على صورة "أسد"، و"يعوق" على صورة "فرس"، و"نسر" على صورة "النسر" منالطير. ومن أصنامهم أيضاً "هُبَل"، وهُبَل كان من عَقيق أحمر على صورةإنسان مكْسور اليد اليُمنى، وقريش جعلتها له من ذهب. ولكن هذه الأصنامكلها بمجيء الإسلام كُسِّرت وأزيحت ولم يَعُد منها قليل. ويقال: كان حولالكعبة في فتح مكة ثلاثمائة وستون صنماً، والمصطفى -صلى الله عليه وسلم- أزاحها وأزالها حين نشر رسالة التوحيد في مكة المكرمة، وفي الجزيرةالعربية، بل وفي العالم كلّه. ومن أصنام قريش أيضاً المشهورة: "إساف" و"نائلة"، ولهما قصة تشبه الأسطورة، يقال: إنهما كانا شخصيْن أتيا أعمالاًمُسيئة فمُسِخا حَجَرين، وبعد ذلك عبدهما الناس، ومنها "رضا" و"تيم" و"شمس"، إلى آخر هذا كله. فنجد هذه الأصنام كلها انتشرت عند الجاهليينوكان لها أثر في شِعْرهم وفي نَثْرهم.





المظهر الثقافي:

لاشكّ أن معالِم الحياة الدينية تُعَد معْلَماً ثقافِياً أيضاً، لأنّالعبادات والآلهة والعقائد، رغم أنها مَزعومة وأنها باطلة، ولكنها تدلُّعلى بحث أيضاً، وتدلُّ على نَظَر وتأثُر بالأمم الأخرى، وما إلى ذلك.

والحياة الثقافية عند العرب نجد لها أكثر من مِحور:

المحورالاول :هو ما علاقة عرب الشمال بعرب الجنوب، أو حضارة القحطانيِّين وحضارةسبإ، وما تلبَّس بها من معارف ومن حضارة ومن ازدهار بحضارة أهل الشمال. نجِد أن العرب الشماليِّين كانوا على صِلة بالحضارات المجاورة، كما يقولالدكتور شوقي ضيف، وكان تجار مَكة يدخلون في مصر والشام وبلاد فارس. وكانالحيريون يتصلون مباشرة بالفُرس، وبلاد فارس، والفُرس والروم كانت لهمثقافاتهم ولهم عاداتهم ولهم تقاليدهم، وإن كان التأثير لم يكن عميقاً كماحدث في العصر العباسي مثلاً، وكان الغساسنة يتصلون بالروم وقد تنصرواوشاعت النصرانية في قبائل الشام، والعراق، ونزل بينهم كثير مِن اليهود فيالحجاز واليمن.

إذاً هذا المَظهر التأثري، هو التأثر بالناحية العَقدية، فشاعت النصرانية، وشاعت اليهودية، في كَثير من المناطق العربية.

وكلذلك معناه اتصال العرب الشماليين بالأمم المُجاورة وحضاراتها، ولكن كماقلت: أن ذلك كان في حُدود ضَيقة، وكان في حدود تأثر بالمَظهر التجاري، أوالتبادل التجاري، أو المَعارف الضَّيقة، فالعرب كانوا يعْتَزّون بسِماتهم،ويعْتَزون بخصائصهم، ويعْتَزون بتقاليدهم، ويعْتَزون بأعرافهم. والعربالجنوب يبدو أنهم بعد أن دَالت حضارتهم "حضارة سبإ" هاجروا وانتشروا فيبلاد كثيرة، ولم يكن عندهم ثقافة ذات معالم بيِّنة، وحتى من وجْهة التنظيمالسياسي كان يعمّهم النظام الإقطاعي، ولذلك حينما ضعُفت دولتهم الأخيرةدولة سبأ، تحولوا سريعاً إلى قبائل، وحدثت هِجْرات كثيرة من الجنوب إلىالشمال، وإلى المناطق العربية.

وهناككتاب في هذا الشأن يمكن أن يُرجع إليه وهو كتاب: "الثقافة العربية أسبق منثقافة العبريِّين واليونان" للأستاذ محمود عباس العقاد، وهو يرى أنالمنطقة العربية القديمة تشمل الجزيرة العربية، وتشمل الشام، وتشملالعراق، وتشمل حتى مصر، والمغرب العربي، مع أن المنطقة العربية الآن هيالمنطقة العربية القديمة، وهذه النظرة التوسعية الشمولية، تجعلنا نعيدكثيراً من الحِسابات والأحكام، لأن كثيراً من الباحثين حينما يتكلّم عنالثقافة العربية القديمة، يحصر كلامه في شِبه الجزيرة العربية فقط، وهذهتكون أحكاماً مسوّرة أو محدودة بقيود كثيرة.

ولكنهنا شُبْهة أثيرت، وهي: شُبْهة تَفوُّق الجِنْس الآري على الجنس السامي،سواء كانوا عرباً أو غير عرب، وهذه الشبهة أثارها المستشرقون الأوربيونوغيرهم، حتى يثبتوا أن الرومان، وأن الجنس الآري، وأن الأوربيِّين بصفةعامة، هُم جِنس مُتَفوّق تفكيراً، وسلوكاً، وحضارةً، وميراثاً، وما إلىذلك. وهذه الشبهة مَرفوضة، لأنه ليس هناك جِنس مميز من أول التاريخ إلىآخره، وإنما التأثر والتأثير و الصلات بين الحضارات.

نسأل سؤالاً: ما أهم معارف العرب وعُلومهم في العصر الجاهلي؟ العرب لم يكن عندهم عِلْم مُنَظَّم ولكن عندهم معَارف كثيرة.

أولا:عِلْم الأنساب والأيام.

ثانيا:معْرفةالعرب بالنجوم ومطالعها وأنوائها، ولذلك نرى رأياً للجاحظ في هذا الكلاموآراء كثيرة. يقول الجاحظ في كتابه "البيان والتبيين": وإنَّ العرب عرفواالأنواء ونُجوم الاهتداء، لأن من كان بالصحاح الأماليس، -أي: الأرضالمستوية التي ليس بها ماء ولا شجر- مضطرّ إلى التماس ما يُنْجيه ويُؤدّيه -أي: يُعْينه- ولحاجته إلى الغَيث وفِراره مِن الجَدب، وضَنه بالحياة،اضطرته الحاجة إلى تَعرُّف شَأن الغَيث، مِن أين يأتي؟ ما هي أحواله؟ ماهي مَواعِيده؟ ولأنه في كل حال يرى السماء وما يجري فيها من كوكب، ويرىالتعاقب بينها، والنجوم الثوابت فيها، وما يسير منها مجْتمعاً، وما يسيرمنها فارِداً، وما يكون منها راجِعاً ومستقيماً؛ كل هذا تأمله في أحوالالسموات والكواكب، نشأ من أن الماء يأتيه، كما قال تعالى: {وَفِيالسَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}. فالحاجة دفَعته إلى تأمّل هذه الأشياء، وتُلَخِّص أعرابية هذه المعرفة حينقِيل لها أتعرفين النجوم؟ قالت سبحان الله! أما أعرف أشباحاً وقوفاً عليَّكلَّ ليلة. وأيضاً هناك أعرابي وصف لبعض أهل الحَاضِرة نجوم الأنواء،ونجوم الاهتداء، ونجوم ساعات الليل، والسُّعُود والنُّحُوس.

وقالقائل لشيخ عبادي: -كان حاضراً- أما ترى هذا الأعرابي يعْرف مِن النجوم مالا نعْرِف، قال: مَنْ لا يعْرف أجزاع بيته؟ يعني: مَن الذي لا يعرف ما فيسقْف بيته، نجد وسيقان النخل تُجْعل سقفاً للخيمة.

إذاً،هناك أيضاً شهادة أخرى يقولها صاعد بن أحمد، المتوفَّى (435هـ): كان للعربمعْرفة بأوقات النجوم ومطالعها ومغايبها. وأيضاً العرب عندهم معارف طبية،والعِيافَة، والتَّنَبؤ، والفِراسَة، والقِيافَة، والحِكَم والأمثال، كلذلك يدلُّ على رجاحة العقل وعلى النظر الدقيق.

أيضاً،نرى أن معارف العرب كما قلت: هناك معارف طبية ولكنها مبْنية على الملاحظةوالخِبرة ومزجت ببعض الخرافات، وأيضاً العِيافَة والتَّنبؤ بملاحظة حَركةالطيور، والفِراسة والقِيافَة. ولكن يهمنا أن نعرف كيف ظهر أثر هذا فيأشعارهم؟ نجد أن كتب الأمثال والأدب، تمتلئ بما دار على لسان لقْمان وغيرهمِن حكماء الجاهلية من حِكَم، مثل قول أكثم: "مقْتل الرجل بين فكَّيْه"،وقول عامر بن ضرب: "ربّ زارع لنفسه حاصد سواه". وفي الشعر الجاهلي كَثيرمن هذه الحِكم. وهي تذكر في ثنايا كلامهم، وتدلُّ على ثقافة ومعرفة،ولكنها ثقافة ومعرفة نابعة من التجربة. يقول طرفة في معلّقته:

أرى العيش كنزاً ناقصاً كلّ ليلةٍ

وما تنقص الأيام والدهر ينْفَد

وأيضاً زهير في معلّقته كَثير من الحِكم، وكان شاعراً حكيماً -كما قلنا قبل ذلك-، يقول:

وأعلم ما في اليوم والأمسِقبْله

ولكنني عن عِلْم ما في غدٍعمِ

ومن لا يُصانِعْ في أموركثيرة

يضرَّس بأنياب ويوطَأبمَنْسِمِ

ومَن لا يَذُدْ عن حَوضه بسلاحه

يُهدَّمومن لا يَظلِم الناس يُظْلم

ومن هاب أسباب المناياينلْنَه

ولو رام أسباب السماءبسلَّمِ

ومهما تكن عند امرئ منخَليقةٍ

وإن خَالها تَخْفى على الناستُعْلمِ

هذه الحِكم تدلُّنا أيضاً على معرفة وثقافة وإن كانت ثقافة نَظرية.

تعريف للمعلقات

كان فيما اُثر من أشعار العرب ، ونقل إلينا من تراثهم الأدبي الحافل بضعقصائد من مطوّلات الشعر العربي ، وكانت من أدقّه معنى ، وأبعده خيالاً ،وأبرعه وزناً ، وأصدقه تصويراً للحياة ، التي كان يعيشها العرب في عصرهمقبل الإسلام ، ولهذا كلّه ولغيره عدّها النقّاد والرواة قديماً قمّة الشعرالعربي وقد سمّيت بالمطوّلات ، وأمّا تسميتها المشهورة فهي المعلّقات . نتناول نبذةً عنها وعن أصحابها وبعض الأوجه الفنّية فيها :

فالمعلّقاتلغةً من العِلْق : وهو المال الذي يكرم عليك ، تضنّ به ، تقول : هذاعِلْقُ مضنَّة . وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثياب فيها خير ،والعِلْقُ هو النفيس من كلّ شيء ، وفي حديث حذيفة : «فما بال هؤلاء الّذينيسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا . والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق .

وأمّاالمعنى الاصطلاحي فالمعلّقات : قصائد جاهليّة بلغ عددها السبع أو العشر ـعلى قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح ، حتّى عدّت أفضل ما بلغناعن الجاهليّين من آثار أدبية4 .

والناظرإلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحة بينهما ، فهي قصائدنفيسة ذات قيمة كبيرة ، بلغت الذّروة في اللغة ، وفي الخيال والفكر ، وفيالموسيقى وفي نضج التجربة ، وأصالة التعبير ، ولم يصل الشعر العربي إلى ماوصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس ، وحماس المهلهل ، وفخر ابنكلثوم ، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة .

وفي سبب تسميتها بالمعلّقات هناك أقوال منها :

لأنّهماستحسنوها وكتبوها بماء الذهب وعلّقوها على الكعبة ، وهذا ما ذهب إليه ابنعبد ربّه في العقد الفريد ، وابن رشيق وابن خلدون وغيرهم ، يقول صاحبالعقد الفريد : « وقد بلغ من كلف العرب به )أي الشعر) وتفضيلها له أن عمدتإلى سبع قصائد تخيّرتها من الشعر القديم ، فكتبتها بماء الذهب في القباطيالمدرجة ، وعلّقتها بين أستار الكعبة ، فمنه يقال : مذهّبة امرئ القيس ،ومذهّبة زهير ، والمذهّبات سبع ، وقد يقال : المعلّقات ، قال بعضالمحدّثين قصيدة له ويشبّهها ببعض هذه القصائد التي ذكرت :

برزةٌ تذكَرُ في الحســنِ من الشعر المعلّقْ

كلّ حرف نـادر منــها له وجـهٌ معشّ

أولأنّ المراد منها المسمّطات والمقلّدات ، فإنّ من جاء بعدهم من الشعراءقلّدهم في طريقتهم ، وهو رأي الدكتور شوقي ضيف وبعض آخر . أو أن الملك إذاما استحسنها أمر بتعليقها في خزانته .

هل علّقت على الكعبة؟

سؤالطالما دار حوله الجدل والبحث ، فبعض يثبت التعليق لهذه القصائد على ستارالكعبة ، ويدافع عنه ، بل ويسخّف أقوال معارضيه ، وبعض آخر ينكر الإثبات ،ويفنّد أدلّته ، فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة الإثبات ولا أدلّةالنفي ، ولم يعطوا رأياً في ذلك .

المثبتون للتعليق وأدلّتهم :

لقدوقف المثبتون موقفاً قويّاً ودافعوا بشكل أو بآخر عن موقفهم في صحّةالتعليق ، فكتبُ التاريخ حفلت بنصوص عديدة تؤيّد صحّة التعليق ، ففي العقدالفريد ذهب ابن عبد ربّه ومثله ابن رشيق والسيوطيوياقوت الحموي وابنالكلبي وابن خلدون ، وغيرهم إلى أنّ المعلّقات سمّيت بذلك; لأنّها كتبت فيالقباطي بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة ، وذكر ابن الكلبي : أنّ أوّلما علّق هو شعر امرئ القيس على ركن من أركان الكعبة أيّام الموسم حتّى نظرإليه ثمّ اُحدر ، فعلّقت الشعراء ذلك بعده .

وأمّا الاُدباء المحدّثون فكان لهم دور في إثبات التعليق ، وعلى سبيل المثال نذكر منهم جرجي زيدان حيث يقول :

» وإنّما استأنف إنكار ذلكبعضالمستشرقين من الإفرنج ، ووافقهم بعض كتّابنا رغبة في الجديد من كلّ شيء ،وأيّ غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من تأثير الشعر في نفوسالعرب؟! وأمّا الحجّة التي أراد النحّاس أن يضعّف بها القول فغير وجيهة ; لأنّه قال : إنّ حمّاداً لمّا رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبعوحضّهم عليها وقال لهم : هذه هي المشهورات ، وبعد ذلك أيّد كلامه ومذهبهفي صحّة التعليق بما ذكره ابن الأنباري إذ يقول : وهو ـ أي حمّاد ـ الذيجمع السبع الطوال ، هكذا ذكره أبو جعفر النحاس ، ولم يثبت ما ذكره الناسمن أنّها كانت معلّقة على الكعبة . »

وقداستفاد جرجي زيدان من عبارة ابن الأنباري : « ما ذكره الناس » ، فهو أيابن الأنباري يتعجّب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس ، وهم الأكثرية منأنّها علقت في الكعبة .

النافون للتعليق :

ولعلّأوّلهم والذي يعدُّ المؤسّس لهذا المذهب ـ كما ذكرنا ـ هو أبو جعفرالنحّاس ، حيث ذكر أنّ حمّاداً الراوية هو الذي جمع السبع الطوال ، ولميثبت من أنّها كانت معلّقة على الكعبة ، نقل ذلك عنه ابن الأنباري . فكانتهذه الفكرة أساساً لنفي التعليق :

كارلبروكلمان حيث ذكر أنّها من جمع حمّاد ، وقد سمّاها بالسموط والمعلّقاتللدلالة على نفاسة ما اختاره ، ورفض القول : إنّها سمّيت بالمعلّقاتلتعليقها على الكعبة ، لأن هذا التعليل إنّما نشأ من التفسير الظاهرللتسمية وليس سبباً لها ، وهو ما يذهب إليه نولدكه .

وعلىهذا سار الدكتور شوقي ضيف مضيفاً إليه أنّه لا يوجد لدينا دليل مادّي علىأنّ الجاهليين اتّخذوا الكتابة وسيلة لحفظ أشعارهم ، فالعربية كانت لغةمسموعة لا مكتوبة . ألا ترى شاعرهم حيث يقول :

فلأهدينّ مع الرياح قصيدةمنّي مغـلغلة إلى القعقاعِ

ترد المياه فـما تزال غريبةًفي القوم بين تمثّل وسماعِ؟

ودليلهالآخر على نفي التعليق هو أنّ القرآن الكريم ـ على قداسته ـ لم يجمع فيمصحف واحد إلاّ بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) (طبعاً هذا علىمذهبه) ، وكذلك الحديث الشريف . لم يدوّن إلاّ بعد مرور فترة طويلة منالزمان (لأسباب لا تخفى على من سبر كتب التأريخ وأهمّها نهي الخليفةالثاني عن تدوينه) ومن باب أولى ألاّ تكتب القصائد السبع ولا تعلّق .

وممّنردّ الفكرة ـ فكرة التعليق ـ الشيخ مصطفى صادق الرافعي ، وذهب إلى أنّهامن الأخبار الموضوعة التي خفي أصلها حتّى وثق بها المتأخّرون .

ومنهم الدكتور جواد علي ، فقد رفض فكرة التعليق لاُمور منها :

1 ـ أنّه حينما أمر النبي بتحطيم الأصنام والأوثان التي في الكعبة وطمس الصور ، لم يذكر وجود معلقة أو جزء معلّقة أو بيت شعر فيها .

2 ـ عدم وجود خبر يشير إلى تعليقها على الكعبة حينما أعادوا بناءَها من جديد .

3 ـلم يشر أحد من أهل الأخبار الّذين ذكروا الحريق الذي أصاب مكّة ، والّذيأدّى إلى إعادة بنائها لم يشيروا إلى احتراق المعلّقات في هذا الحريق .

4 ـ عدم وجود من ذكر المعلّقات من حملة الشعر من الصحابة والتابعين ولا غيرهم .

ولهذا كلّه لم يستبعد الدكتور جواد علي أن تكون المعلّقات من صنع حمّاد، هذا عمدة ما ذكره المانعون للتعليق .

بعد استعراضنا لأدلة الفريقين ، اتّضح أنّ عمدة دليل النافين هو ما ذكره ابن النحاس حيث ادعى أن حماداً هو الذي جمع السبع الطوال .

وجوابذلك أن جمع حماد لها ليس دليلا على عدم وجودها سابقاً ، وإلاّ انسحبالكلام على الدواوين التي جمعها أبو عمرو بن العلاء والمفضّل وغيرهما ،ولا أحد يقول في دواوينهم ما قيل في المعلقات . ثم إنّ حماداً لم يكنالسبّاق إلى جمعها فقد عاش في العصر العباسي ، والتاريخ ينقل لنا عن عبدالملك أنَّه عُني بجمع هذه القصائد (المعلقات) وطرح شعراء أربعة منهموأثبت مكانهم أربعة .

وأيضاً قول الفرزدق يدلنا على وجود صحف مكتوبة في الجاهلية :

أوصى عشية حين فارق رهطهعند الشهادة في الصحيفة دعفلُ

أنّ ابن ضبّة كـان خيرٌ والداًوأتمّ في حسب الكرام وأفضلُ

كماعدّد الفرزدق في هذه القصيدة أسماء شعراء الجاهلية ، ويفهم من بعض الأبياتأنّه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ من دواوينهمبدليل قوله :

والجعفري وكان بشرٌ قبلهلي من قصائده الكتاب المجملُ

وبعد أبيات يقول :

دفعوا إليَّ كتابهنّ وصيّةًفورثتهنّ كأنّهنّ الجندلُ

كماروي أن النابغة وغيره من الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونها إلى بلادالمناذرة معتذرين عاتبين ، وقد دفن النعمان تلك الأشعار في قصره الأبيض ،حتّى كان من أمر المختار بن أبي عبيد و إخراجه لها بعد أن قيل له : إنّتحت القصر كنزاً .

كماأن هناك شواهد أخرى تؤيّد أن التعليق على الكعبة وغيرها ـ كالخزائنوالسقوف والجدران لأجل محدود أو غير محدود ـ كان أمراً مألوفاً عند العرب، فالتاريخ ينقل لنا أنّ كتاباً كتبه أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة في حلفخزاعة لعبد المطّلب ، وعلّق هذا الكتاب على الكعبة . كما أنّ ابن هشاميذكر أنّ قريشاً كتبت صحيفة عندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلبوعلّقوها في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم .

ويؤيّدذلك أيضاً ما رواه البغدادي في خزائنه من قول معاوية : قصيدة عمرو بنكلثوم وقصيدة الحارث بن حِلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبةدهراً .

هذامن جملة النقل ، كما أنّه ليس هناك مانع عقلي أو فنّي من أن العرب قدعلّقوا أشعاراً هي أنفس ما لديهم ، وأسمى ما وصلت إليه لغتهم; وهي لغةالفصاحة والبلاغة والشعر والأدب ، ولم تصل العربية في زمان إلى مستوى كماوصلت إليه في عصرهم . ومن جهة أخرى كان للشاعر المقام السامي عند العربالجاهليين فهو الناطق الرسمي باسم القبيلة وهو لسانها والمقدّم فيها ،وبهم وبشعرهم تفتخر القبائل ، ووجود شاعر مفلّق في قبيلة يعدُّ مدعاةلعزّها وتميّزها بين القبائل ، ولا تعجب من حمّاد حينما يضمّ قصيدة الحارثبن حلزّة إلى مجموعته ، إذ إنّ حمّاداً كان مولى لقبيلة بكر بن وائل ،وقصيدة الحارث تشيد بمجد بكر سادة حمّاد ، وذلك لأنّ حمّاداً يعرف قيمةالقصيدة وما يلازمها لرفعة من قيلت فيه بين القبائل .

فإذاكان للشعر تلك القيمة العالية ، وإذا كان للشاعر تلك المنزلة السامية فينفوس العرب ، فما المانع من أن تعلّق قصائد هي عصارة ما قيل في تلك الفترةالذهبية للشعر؟

ثمّ إنّه ذكرنا فيما تقدّم أنّ عدداً لا يستهان به من المؤرّخين والمحقّقين قد اتفقوا على التعليق .

فقبولفكرة التعليق قد يكون مقبولا ، وأنّ المعلّقات لنفاستها قد علّقت علىالكعبة بعدما قرئت على لجنة التحكيم السنوية ، التي تتّخذ من عكاظ محلاًلها ، فهناك يأتي الشعراء بما جادت به قريحتهم خلال سنة ، ويقرأونها أمامالملإ ولجنة التحكيم التي عدُّوا منها النابغة الذبياني ليعطوا رأيهم فيالقصيدة ، فإذا لاقت قبولهم واستحسانهم طارت في الآفاق ، وتناقلتها الألسن، وعلّقت على جدران الكعبة أقدس مكان عند العرب ، وإن لم يستجيدوها خملذكرها ، وخفي بريقها ، حتّى ينساها الناس وكأنّها لم تكن شيئاً مذكوراً .

المثل والحكم

للمثلأو الحكمة مكانة في الأدب العربي سواء ما نتج عن قصة فأصبح مثل متداول أوما نتج عن تجارب و عصارة خبرات عقلية أو حياتية فخرجت حكمة يتداولها الناس .



بهذا الخروج إلىمحيط الناس و كثرة التناقل أصبح المدلول للمثل أو الحكمة كأنة الفيصل فيأي حدث من حيث حيثيات الوجهة التي يراد الاستدلال بها ، ليكون المثل أوالحكمة عبارة عن جواب قاطع يجزي عن كلام كثير ، لتكرار الشيء المرادالاستدلال به ، فلا حاجة لكثرة الكلام ، يكفي أن تقول حكمة أو مثل لتكونقد قطعت شوط كبير لما تريد أن توضيحه ، هذا هو احد الأساسات التي أخرجتالمثل أو الحكمة .



لا أريد صرفالموضوع بإتجاة الدين فما خرج من الكتاب و السنة من حكمة أو مثل لا جدالفيه ، و إنما ما أخرجه البشر على مر العصور و كأن تلك الأمثال و الحكموثائق تاريخية محملة بعقول و تجارب و قصص الغير فمن حيث انتهى المثل أوالحكمة و جب علينا أن نبتدئ .



و أن نأخذ تلكالأمثال و الحكمة بشيء من الجدية الصارمه فهي توجه و تحكم و تنزل الحدثموقع الواقع في ظن الكثير و تقود السلوك إلى الخضوع و التصديق لما قيل



( فاقدالشيء لا يعطيه )



هنا حكم بالإعدام و لكن بطريقة ليست فيزيائية .



عندما نقول تلك المقولة عن شخص عدواني أو بخيل أو غبي أو متكبر أو فقير



يكون الحكم بأنالعدواني فاقد للتسامح و البخيل فاقد للكرم و الغبي فاقد للذكاء و المتكبرفاقد للتواضع و الفقير فاقد للمال ، فهذه العينات لا تعطي الشيء المطلوبسواء كان الشيء محسوس و ملموس او معنوي .



هذا الحكمبالإعدام في هذه المقولة تبرمج الدماغ بأن الأمل مفقود نحو التغيير ، إذاأصبح العدواني متسامح هل سنقول ( من أستملك الشيء يعطيه ) ؟



و من الأقوال المشهورة و التي تأتي في نفس هذا السياق ( إذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب )



هذه المقولةدائما تقال لمن هم في مقتبل العمر ، لكي لا يقعوا في المحضور أو لكي لاينطق ( بالعيب ) ، حتى أصبح السكوت ميزة للكثير من الأطفال و تربوا علىهذا الشيء و كبروا على السكوت ، لا يسأل و لا يستفسر و لا يحاور و لايتحدث ، الكلام مقنن لا يطالب بحقوقه بطريقة مدنية ، بل حتى اذا خرج منسكوته نطق الكفر في كثير من كلامه لأن الذي أخرجه من صمته بعد تلك البرمجةهو الغضب .



الأمثلة كثيره جدا و الحكم كذلك و لكم أن تروا اثر تلك الأقوال على مجريات حياة الناس .



و للفرع الأخر من المثل و الحكمة وقع اشد برمجة الا و هو المثل الشعبي



الذي يعكس حياة الناس في أي مقولة يتم تداولها .



بقي أن أضيف شي



المثل أو الحكمة ليست كتاب منزل ، المثل أو الحكمة جميلة من حيث سماعها و تطبيق بعض جوانبها حسب الحالة المرادفه لتلك المقولة



المثل أو الحكمة ليست مرآة ثابتة لأي مجتمع يتم تعليقها في لبنات المجتمع لتكون وسيلة من وسائل البرمجة.

للمزيد من الإطلاع و المعرفة
هـــــــــــــــــــنا
أو
هنــــــــــــــــا
الرد قبل التحميل و لو بكلمة شكر

في حالة عدم تشغيل الرابط يجب الإبلاغ








 


قديم 2011-12-30, 21:35   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
2011
عضو جديد
 
الصورة الرمزية 2011
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث روعة
شكرا جزيلا لك










قديم 2011-12-30, 21:42   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
2011
عضو جديد
 
الصورة الرمزية 2011
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث روعة
شكرا جزيلا لك










قديم 2011-12-31, 13:32   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
usb8015
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااااااااااااااااااااااالك










 

الكلمات الدلالية (Tags)
مظاهر, الجاهلي, الحياة, العصر, العقلية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:58

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc