الرد على شبهة: الغناء والموسيقى مسألة خلافية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرد على شبهة: الغناء والموسيقى مسألة خلافية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-01-20, 21:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










Thumbs down الرد على شبهة: الغناء والموسيقى مسألة خلافية

الشبهة
الغناء والموسيقى من المسائل المختلف فيها بين العلماء والأمر فيها واسع وهي ليست من مسائل الإجماع

الجواب

من كتاب الرد على القرضاوي والجديع للشيخ عبدالله رمضان بن موسى


الفصل الثاني

إجماع علماء الأُمّة على تحريم آلات الموسيقى

الإجماعان الأول والثاني:

سيأتي ذكرهما في الآخر؛ لأن الكلام عليهما سيطول.

الإجماع الثالث: نَقَلَهُ الإمام ابن جرير الطبري (وُلد 224هـ):

قال الإمام ابن جرير الطبري في كتابه «تهذيب الآثار»: (النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا بكسر الصنم .. فإذا كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا بكسره وتغييره عن هيئته المكروهة التي يُعصى الله به من أجلها .. فمعلوم أن ما ذكرت من الطنابير والعيدان والمزامير، وما أشبه ذلك من الأشياء التي يعصى الله باللهو بها، أولى وألزم للمرء المسلم تغييرها عن هيئتها المكروهة التي يعصى الله بها..، وبنحو الذي قلنا في ذلك وردت الآثار عن السلف الماضيين من علماء الأمة، وعمل به التابعون لهم بإحسان .. حدثنا ابن بشار .. عن إبراهيم، قال:- كان أصحاب عبد الله يستقبلون الجواري معهن الدفوف في الطرق فيخرقونها-) .. انتهى
وخبر خرق الدفوف ذكره الشيخ الألباني، وقال: (رواها ابن أبي شيبة أيضاً بسند صحيح) ([1]) .. انتهى.

الإجماع الرابع: نقله الإمام أبو بكر الآجري (ولد نحو 280هـ):

قال الإمام أبو بكر الآجري في مقدمة كتابه (تحريم النرد والشطرنج): (أما بعد: فإن سائلاً سأل عن هذه الملاهي التي يلهو بها كثير من الناس ويُلعب بها، مثل: النرد والشطرنج والزمارة والصفارة والصنج والطبل والعود والطنبور .. الجواب وبالله التوفيق: جميعُ ما سأل عنه السائل والعمل به واللعب به باطل وحرام العمل به، وحرام استماعه بدليل من كتاب الله عز وجل، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول الصحابة رضي الله عنهم).. انتهى
وقال الحافظ ابن رجب: (سماع آلات الملاهي كلها، وكلٌ منها مُحَرَّمٌ بانفراده. وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك) ([2]). انتهى

الإجماع الخامس: نقله الإمام أبو الطَّيب الطَّبري (ولد 348هـ):

قال الحافظ ابن رجب: (وقد صنف القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي رحمه الله مصنفاً في ذم السماع وافتتحه بأقوال العلماء في ذمه .. ثم ذكر بعد ذلك قول فقهاء الأمصار، ثم قال: فقد أجمع علماء الأمصار على كراهته والمنع منه .. فأما سماع آلات اللهو فلم يَحْكِ في تحريمه خِلافاً، وقال: إن استباحتها فسق) ([3]). انتهى
وقال الإمام ابن القيم: (قال القاضي أبو الطيب: .. وأمّا العود والطنبور وسائر الملاهي فحرام ومستمعه فاسق واتِّباع الجماعة أولى) ([4]). انتهى

الإجماع السادس: نقله الإمام أبو الفتح سليم الرازي (ولد قريباً من 360هـ):

قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (وممن نقل الإجماع على ذلك أيضاً –أي على تحريم المعازف- إمام أصحابنا المتأخرين: أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي، فإنه قال في تقريبه بعد أن أورد حديثاً في تحريم الكوبة: «وفيه حديث آخر: «إن الله يغفر لكل مذنب إلا صاحب عرطبة أو كوبة». والعرطبة: العود، ومع هذا فإنه إجماع) ([5]). انتهى
قلت: ولا نحتاج إلى الكلام على سند الحديث الذي ذكره، إنما يهمنا هنا أن الإمام أبا الفتح سليم الرازي قد صرَّح بالإجماع على تحريم آلة موسيقية.

الإجماع السابع: نقله الإمام البغوي، الحسين بن مسعود (ولد 436هـ):

قال الإمام البغوي في كتابه (شرح السنة): (واتفقوا على تحريم المزامير والملاهي والمعازف) ([6]). انتهى

الإجماع الثامن: نقله الإمام جمال الإسلام ابن البرزي (ولد 471هـ):

قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (وقال الإمام جمال الإسلام ابن البزري – بكسر الباء، نسبة لبزر الكتان-: الشبابة زمر لا محالة حرام بالنص، ويجب إنكارها ويحرم استماعها، ولم يقل العلماء المتقدمون، ولا أحد منهم بحلها وجواز استعمالها) ([7]). انتهى

الإجماع التاسع: نقله الإمام ابن أبي عصرون، عبد الله التميمي (ولد 492هـ):

قال ابن أبي عصرون في الشبابة: (الصواب تحريمها، بل هي أجدر بالتحريم من سائر المزامير المتفق على تحريمها؛ لشدة طربها). انتهى

الإجماع العاشر: نقله الإمام ابن قدامة، عبد الله المقدسي (ولد 541هـ):
قال الإمام ابن قدامة: (آلة اللهو كالطنبور، والمزمار .. آلة للمعصية بالإجماع) ([1]).انتهى

الإجماع الحادي عشر: نقله الإمام الرافعي، عبد الكريم بن محمد (ولد 555هـ):

قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (قال الرافعي في «العزيز»، والنووي في «الروضة»: المزمار العراقي وما يضرب به مع الأوتار حرام بلا خلاف) ([9]). انتهى

الإجماع الثاني عشر: نقله الإمام ابن الصلاح، أبو عمرو (ولد 577هـ):

قال الحافظ أبو عمرو ابن الصلاح: (فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ولم يثبت عن أحد ممن يُعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع) ([10]). انتهى

الإجماع الثالث عشر: نقله الإمام أبو العباس القرطبي (ولد 578هـ):

قال الإمام أبو العباس القرطبي: (أما المزامير والأوتار والكوبة – وهو طبل طويل ضيق الوسط .. فلا يختلف في تحريم سماعه، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك) ([11]). انتهى.

الإجماع الرابع عشر: نقله الإمام محيي الدين النووي (ولد 631هـ):

قال الإمام النووي في كتابه (روضة الطالبين وعمدة المفتين): (المزمار العراقي وما يضرب به الأوتارحرام بلا خلاف) ([12]). انتهى

الإجماع الخامس عشر: نقله الإمام ابن تيمية (ولد 631هـ):

قال الإمام ابن تيمية: (وكل ما كان من العين أو التأليف –أي التركيب- المحرم فإزالته وتغييره متفق عليها بين المسلمين، مثل إراقة خمر المسلم، وتفكيك آلات الملاهي) ([13]). انتهى.
وقال الإمام ابن تيمية أيضاً: (فدلَّ هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها، ولهذا قال الفقهاء: إن من أتلفها فلا ضمان عليه إذا أزال التالف المحرَّم) ([14]). انتهى.
وقال الإمام ابن تيمية أيضا: (إتلاف الآلة التي يقوم بها صورة التأليف المحرم وهي آلات اللهو؛ فإن هذه العقوبات المالية ثابتة بالسنة وسيرة الخلفاء) ([15]).

الإجماع السادس عشر: نقله الإمام ابن القيم (ولد 691هـ):

قال الإمام ابن القيم: (أصوات المعازف التي صح عن النبي تحريمها، وأن في أمته من سيستحلها بأصح إسناد، وأجمع أهل العلم على تحريم بعضها، وقال جمهورهم: بتحريم جملتها) ([16]). انتهى.

قلت: فهذه النقول تبين لك أخي القارئ أنه قد أجمع أهل العلم على تحريم المعازف من حيث الجملة، لكن اختلفوا فيما يُستثنى من ذلك، حيث استثنى البعض ضرب الدف عند قدوم الغائب أو للقادم من الجهاد، بينما جزم الباقون بتحريمه، كذلك استثنى البعض ضرب الدف في العيد والنكاح للرجال، بينما جزم الباقون بتحريمه لأن استثناء الدف في العيد والنكاح خاص بالنساء فقط.

الإجماع السابع عشر: نقله الإمام شهاب الدين الأذرعي (ولد 708هـ):

قال الإمام شهاب الدين الأذرعي – فيمن يصفر بالشبابة على القانون المعروف -: (فهي حرام مطلقاً، بل هي أجدر بالتحريم من سائر المزامير المتفق على تحريمها) ([17]). انتهى.

الإجماع الثامن عشر: نقله الحافظ ابن رجب (ولد 736هـ):

قال الحافظ ابن رجب: (سماع آلات الملاهي ..لا يُعرف عن أحد ممن سف الرخصة فيها، إنما يُعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يعتد به) ([18]). انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري): (وأما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم، فمحرَّمٌ مجمعٌ على تحريمه، ولا يُعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذلك، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يُعتد به فقد كذب وافترى). انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب أيضاً: (سماع آلات الملاهي كلها، وكل منها محرم بانفراده. وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك) ([19]). انتهى

الإجماع التاسع عشر: نقله حافظ الدين محمد البزازي الكردي (ولد 827هـ):

قال الإمام ابن نجيم –من كبار فقهاء الحنفية-: (ونقل البزازي في المناقبالإجماع على حرمة الغناء إذا كان على آلة كالعود) ([20]). انتهى.

الإجماع العشرون: نقله شهاب الدين ابن حجر الهيتمي (ولد 909هـ):

قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (الأوتار والمعازف كالطنبور والعود والصنج، أي ذي الأوتار، والرباب والجنك والكمنجة والسنطير والدريج وغير ذلك .. هذه كلها محرمة بلا خلاف ، ومن حكى فيها خلافاً فقد غلط عليه هواه حتى أصمَّه وأعماه، ومنعه هداه، وزل به عن سنن تقواه .. وممن حكى الإجماع على تحريم ذلك كله الإمام أبو العباس القرطبي، وهو الثقة العدل) ([21]). انتهى
وفيما يلي ننقل لكم الإجماعين الأول والثاني:










 


رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 21:59   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإجماع الأول: نقله وأقره أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين: عمر بن عبد العزيز:
روى الإمام النسائي في سننه (رقم: 4135)، قال: (أخبرنا عمرو بن يحيى، قال حدَّثنا محبوب –يعني ابن موسى-، قال أنبأنا أبو إسحق –وهو الفزاري- عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتاباً فيه: .. «وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمَّتك جمّة السوء»).
وهذا إسناد صحيح، لأن رواته ثقات، والإسناد متصل، وبيانه كما يلي:
1/ عمرو بن يحيى: ثقة.
2/ محبوب بن موسى: ثقة.
3/ أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد: ثقة حافظ.
4/ الإمام الأوزاعي، هو عبد الرحمن بن عمرو: إمام ثقة حافظ.
5/ عمر بن عبد العزيز، هو خامس الخلفاء الراشدين:
قال الإمام الذهبي: (عمر بن عبد العزيز .. الإمام، الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، العابد، السيد، أمير المؤمنين حقاً، .. الخليفة،الزاهد، الراشد..
حدَّث عن: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (الصحابي)، والسّائب بن يزيد (الصحابي)، وسهل بن سعد (الصحابي)، واستوهب منه قدحاً شرب منه النبي –صلى الله عليه وسلم- وأم بأنس بن مالك، فقال: ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله –صلى الله عليه وسلم- من هذا الفتى .. وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين .. وكان إمام عدل –رحمه الله، ورضي عنه) ([22]). انتهى.
والخلاصة: أن الإسناد صحيح، بفضل الله تعالى.
وقال الشيخ الألباني: (أخرجه النسائي .. بسند صحيح) ([23]). انتهى.
وهذا فيه إجماعان قطعيان على تحريم الموسيقى:

الإجماع الأول: هو ما أخبر به أمير المؤمنين، وخامس الخلفاء الراشدين: عمر بن عبد العزيز، وهذا هو صريح قوله: (وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام).
فهذا إخبار صريح بأن المعازف لم يُظهرها أحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين الأربعة، وهكذا إلى زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز.
فهذا هو صريح قوله: (وإظهارك المعازف بدعة في الإسلام).
وعمر بن عبد العزيز قد أدرك عدداً من الصحابة –ذكرهم الإمام الذهبي-، وقد صلَّى خلفه الصحابي أنس بن مالك –رضي الله عنه-، أي أن الإمام في الصلاة كان هو عمر بن عبد العزيز.

وهنا نسأل سؤالين غاية في الأهمية:

السؤال الأول: ما هو حكم المعازف الذي عَلِمَه أمير المؤمنين من الصحابة رضي الله عنهم؟

الجواب: يتضح من قوله: (وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام).

السؤال الثاني: وما حكم هذه البدعة التي لم تكن موجودة قبل عهده؟

الجواب: يتضح من قوله: (ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمَّتك جُمّة السّوءِ).

وإليكم تصريحات أئمة اللغة بتعريف البدعة:

1/ جاء في كتاب (العين) ، (باب العين والدال والباء): (البِدْعةُ: ما استحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من أهواء وأعمال). انتهى.
2/ وجاء في (تهذيب اللغة): (كلٌ من أنشأ مالم يُسْبَقْ إليه قيل له: أبدعت. ولهذا قيل لمن خالف السنة: مُبتدع. لأنه أحدث في الإسلام مالم يسبقه إليه السَّلف. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح أنه قال: إياكم ومُحدثات الأمور، فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) ([24]). انتهى.
3/ وجاء أيضاً في (تهذيب اللغة) للأزهري: (ومحدثات الأمور: ما ابتدعه أهل الأهواء من الأشياء التي كان السلف الصالح على غيرها وقال صلى الله عليه وسلم: «كل محدثٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة»)([25]). انتهى.
4/ وجاء في (المخصص في اللغة): (قيل «بدعة» للأمر المختلق الذي لم تجر به عادةٌ ولا سنة) ([26]). انتهى.
5/ وجاء أيضاً في مرجع (المخصص في اللغة): (البِدْع: الشيء الذي يكون أولاً. و «لستُ ببِدْعٍ في كذا» أي: لَسْتُ بأول من أصاب هذا .. والبِدْعة: ما ابتُدع من الأديان والآراء والأهواء). انتهى.
6/ وجاء في (جمهرة اللغة) لابن دريد: (بدعت الشيء، إذا أنشأته .. وكُلٌّ من أحدث شيئاً فقد ابتدعه، والاسم: البِدعة). انتهى من مادة (ب – د – ع).
وفيه أيضاً: (ويقال: جاء الرجل ببدعة، إذا جاء بأمر مُنكَر). انتهى من باب (الباب والدال).
7/ وجاء في (لسان العرب): (بدع الشيء يبدعه بدعاً وابتدعه: أنشأه وبدأه ..، والبِدع: الشيء الذي يكون أولاً .. ، وكل محدثة بدعة: إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة) ([27]). انتهى.
8/ وجاء في (الفروق اللغوية)، لأبي هلال العسكري: (الابتداع إيجاد ما لم يسبق إلى مثله) ([28]). انتهى

والخلاصة:

أنه يتضح بذلك أن أمير المؤمنين أنكر إظهار المعازف لِما في ذلك من مخالفة إجماع السابقين على كون المعازف من المنكرات التي حرَّمها الشرع.
قال إمام الحرمين الجويني: (قد علمنا قطعاً انتشار احتجاج السلف في الحث على موافقة الأمة واتباعها والزجر على مخالفتها .. وما أبدع مبدع في العصر الخالية بدعة إلا وبخه علماء عصره على ترك الاتباع وإيثار الابتداع .. وهذا ما لا سبيل إلى جحده، وقد تحقق ذلك في زمن الصحابة والتابعين ومن بعدهم) ([29]). انتهى
وقال الإمام ابن برهان –من كبار علماء أصول الفقه – في كتابه (الوصول إلى علم الأصول): (رأينا السابقين من السلف الصالحين يعظمون النكير ويشددون النفير على من خالف إجماع الأمة قبله .. ومثل هذا لا يتفق الناس عليه إلا من توقيف رسول الله صلى الله علسه وسلم، فكانت الحجة لازمة) ([30]). انتهى.









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 22:02   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الإجماع الثاني

الإجماع الثاني:

وقع في عهدي عمر بن عبد العزيز والأوزاعي، وهو أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز قد صرَّح بأن إظهار المعازف بدعة منكرة يستحق فاعلها العقاب الشديد، حيث قال: (ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمتك جُمة السوء).
والجُمة: مجتمع شعر الرأس. «الصحاح في اللغة»، مادة (جمم).
والجز: معناه: القطع. انظر: القاموس المحيط، فصل الجيم، لسان العرب، (جزز)
وقوله (يجز جُمتك): معناه يقطع مجتمع شعر رأسك.
وقد أقرَّه على ذلك إمام أهل عصره، وفقيه الشام: الإمام الأوزاعي.
إذ كان الأوزاعي أعلم أهل عصره بالسنة، فلو كان قول عمر غير صحيح –لكان أنكره وما حدَّث به.
فالإمام الأوزاعي حدَّث بخبر عمر بن عبد العزيز ولم ينكره، وقد كان الأوزاعي شديداً في الحق، لا يخشى في الله لومة لائم.
قال الإمام الذهبي: (قد كان عبد الله بن علي ملكاً جباراً، سفاكاً للدماء، صعب المراس، ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمر الحق ما ترى، لا كخلق من علماء السوء الذي يحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف، ويقلبون لهم الباطل حقاً –قاتلهم الله- أو يسكنون مع القدرة على بيان الحق) ([31]). انتهى
وقال الإمام الذهبي أيضاً: (الأوزاعي .. شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام .. كان مولده: في حياة الصحابة .. قال إسماعيل بن عياش: سمعت الناس في سنة أربعين ومائة يقولون: الأوزاعي اليوم عالم الأمة .. ، عن مالك، قال: الأوزاعي إمام يقتدى به ..، وكان له مذهب مستقل مشهور، عمل به فقهاء الشام مدة، وفقهاء الأندلس) ([32]). انتهى.
وقال الحافظ المزي: (أبو عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه في الحديث والفقه .. وقال أبو عبيد عن عبد الرحمن بن مهدي: ما كان بالشام أحدٌ أعلم بالسنة من الأوزاعي .. وقال أبو حاتم: إمام مُتَّبع لما سمع)([33]).
فالإمام الأوزاعي مُتَّبع لما سمعه عن عمر.
وأقرَّهما على ذلك الإمام مالك؛ وسيأتي تصريح الإمام مالك بعدم جواز المعازف.
قال الإمام أبو يعلى الخليلي في (الإرشاد في معرفة علماء الحديث): (أبو عمرو الأوزاعي إمام بلا مدافعة، ورعا، وعلما، رُئي بمكة يركب ومالك بن أنس آخذ بركابه، وسفيان الثوري يقوده، أجاب عن ثمانين ألف مسألة من الفقه من حفظه). انتهى.
وقال الإمام الذهبي: (ولقد كان مذهب الأوزاعي ظاهراً بالأندلس إلى حدود العشرين ومائتين، .. وكان مذهب الأوزاعي أيضاً مشهوراً بدمشق إلى حدود الأربعين وثلاثمائة. وكان القاضي أبو الحسن بن حذلم له حلقة بجامع دمشق ينتصر فيها لمذهب الأوزاعي) ([34]). انتهى.
قلت: فلو كان الإمام الأوزاعي أنكر قول عمر بن عبد العزيز: لاشتهر ذلك عنه بلا شك.
قلت: وأقرهم على ذلك أيضاً الإمام أبو إسحاق الفزاري، فهو الذي روى هذا الأثر عن الإمام الأوزاعي، ولم يُنكره. فقد كان أبو إسحاق لا يخشى في الله لومة لائم.
قال الإمام الذهبي: (أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد الإمام الكبير، الحافظ، المجاهد .. وكان من أئمة الحديث ..، حدث عنه: الأوزاعي والثوري –وهما من شيوخه- وابن المبارك ..، ذكره أبو حاتم فقال: الثقة المأمون الإمام. وقال النسائي: ثقة مأمون أحد الأئمة.
قال الخليلي: قال الحميدي: قال لي الشافعي: لم يُصنِّف أحدٌ في السير مثل كتاب أبي إسحاق.
وقال أبو حاتم: اتفق العلماء على أنَّ أبا إسحاق الفزاري إمام يقتدى به، بلا مدافعة.. وقال أحمد العجلي: كان ثقة، صاحب سُنة، صالحاً، هو الذي أدب أهل الثغر، وعلَّمهم السنة، وكان يأمر وينهى، وإذا دخلالثغر رجل مبتدع، أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه. أمر سلطانا ونهاه، فضربه مائتي سوط، فغضب له الأوزاعي .. ويروى: أن هارون الرشيد أخذ زنديقاً ليقتله، فقال الرجل: أين أنت من ألف حديث وضعتها؟ قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري، وابن المبارك يتخلَّلانِها، فيخرجانها حرفاً حرفاً..
قال علي بن بكار الزاهد: رأيتُ ابن عون فمن بعده، ما رأيت فيهم أفقه من أبي إسحاق الفزاري ..، قال ابن مهديِّ: كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة) ([35]). انتهى.
قلتُ: هذا هو الإمام أبو إسحاق الفزاري الذي حدَّث بقول عمر بن عبد العزيز، فلو كان يُنكره: لكان صرحَّ بذلك، ولكنه كان إماماً في السُّنّةِ، وإماماً في الحديث، وإماما فيالفقه.
فدلَّ ذلك على اتفاقهم على صحة قول عمر بن عبد العزيز.
ونعلمُ قطعاً أن مسألة المعازف هي من المسائل التي يكثر الخوض والكلام فيها على مر الزمان، فكان اتفاقهم هذا إجماعاً قطعياً تحرم مخالفته، كما صرَّح به كبار الأئمة.
وقد تقدم تفصيل ذلك في كتابنا هذا. فمن شاء فليراجع تصريحاتهم هذه في هذا الكتاب: (الباب الأول/ القواعد الأصولية/ القاعدة الثامنة/ المطلب الخامس).

منقول من موقع شبهات وبيان.
------------------------------------------------
( [1] ) تحريم آلات الطرب ص 103.

( [2] ) نزهة الأسماع في مسألة السماع (ص 25)
( [3] ) نزهة الأسماع (ص 62-64).
( [4] ) إغاثة اللهفان (1/230).
( [5] ) كف الرعاع (ص 124).
( [6] )شرح السنة (12/ 383).
( [7] ) كف الرعاع (ص 114).
( [8] ) المغني (9/115).
( [9] ) كف الرعاع (ص 122).
( [10] ) فتاوى ابن الصلاح (ص 300).
( [11] ) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع (ص 72).
( [12] ) روضة الطالبين وعمدة المفتين (8/205- 206).
( [13] ) مجموع الفتاوى (28/118).
( [14] ) مجموع الفتاوى (11/535).
( [15] ) مجموع الفتاوى (29/ 224).
( [16] ) مدارج السالكين (1/491).
( [17] ) كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع (ص 120).
( [18] ) نزهة الأسماع في مسألة السماع ، (ص60).
( [19] ) نزهة الأسماع في مسألة السماع (ص 25).
( [20] ) البحر الرائق: (7/89).
( [21] )كف الرعاع ص 124
( [22] ) سير أعلام النبلاء (5/115).
( [23] )تحريم آلات الطرب (ص 120).
( [24] ) تهذيب اللغة، مادة (ب د ع).
( [25] ) تهذيب اللغة، مادة (حدث).
( [26] ) المخصص، اشتقاق أسماء الله عز وجل.
( [27] ) لسان العرب، مادة (ب د ع).
( [28] ) الفروق اللغوية، الفرق بين الاختراع والابتداع.
( [29] ) التلخيص في أصول الفقه (ص 375).
( [30] ) الوصول إلى علم الأصول (2/75).
( [31] ) سير أعلام النبلاء (7/126).
( [32] ) سير أعلام النبلاء (7/108-126).
( [33] ) تهذيب الكمال (17/307).
( [34] ) تاريخ الإسلام (أحداث سنة ستين ومائة).
( [35] ) .









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 22:35   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
آلاء الرحـــــــمن
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية آلاء الرحـــــــمن
 

 

 
الأوسمة
الوسام الثاني 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم

بارك الله فيك اخي جمال على هذا الرد الرائع على من يقولون حلاله حلال و حرامه حرام و يوجد موضوع بهذا العنوان و قد تدخلت فيه و طلبت من صاحبه اعطاءنا اغنية حلال نسمعها و للآن لم يرد علي اظن انه لم يقرأ المداخلة او انه تجاهلها لأنه لم يجد اغنية حلال و لن يجد.
مرة اخرى بارك الله فيك و نفع بك و شكرا لك على مجهوداتك الرائعة.










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 23:10   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أخ كريم
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية أخ كريم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
سؤال يتردد علي ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيانًا شتي.
سؤال اختلف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه، واختلف سلوكهم تبعًالاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل نوع من أنواع الغناء، ولكل لونمن ألوان الموسيقي مدعيًا أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة التي أباح اللهلعباده.

ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع أية أغنية قائلا: إن الغناءمزمار الشيطان، ولهو الحديث ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبخاصة إذا كانالمغني امرأة، فالمرأة -عندهم- صوتها عورة بغير الغناء، فكيف بالغناء؟ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال.
ومن هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقي، حتي المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار.

ووقف فريق ثالث مترددًا بين الفريقين؛ ينحاز إلي هؤلاء تارة، وإلي أولئكطورًا، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوعالخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصًا بعد أن دخلتالإذاعة –المسموعة والمرئية- علي الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليهاأسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعًا وكرهًا.
والغناء بآلة -أي مع الموسيقي- وبغير آلة: مسألة ثار فيها الجدل والكلام بينعلماء الإسلام منذ العصور الأولي، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخري.

اتفقوا علي تحريم كل غناء يشتمل علي فحش أو فسق أو تحريض علي معصية، إذالغناء ليس إلا كلامًا، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل علي حرامفهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟
واتفقوا علي إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلاتوالإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب، وأيامالأعياد، ونحوها بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها.
وقد وردت في ذلك نصوص صريحة – سنذكرها فيما بعد.

واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينا: فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغيرآلة، بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم منمنعه منعًا باتًا بآلة وبغير آلة وعده حرامًا، بل ربما ارتقي به إلي درجةالكبيرة.

ولأهمية الموضوع نري لزامًا علينا أن نفصل فيه بعض التفصيل، ونلقي عليهأضواء كاشفة لجوانبه المختلفة، حتي يتبين المسلم الحلال فيه من الحرام،متبعًا للدليل الناصع، لا مقلدًا قول قائل، وبذلك يكون علي بينة من أمره،وبصيرة من دينه.

الأصل في الأشياء الإباحة: ـ
قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالي: (هو الذي خلقلكم ما في الأرض جميعًا) (البقرة: 29)، ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح منكتاب الله تعالي، أو سنة رسوله –صلي الله عليه وسلم- أو إجماع ثابت متيقن،فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح،بتحريم شيء من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقي في دائرة العفو الواسعة،قال تعالي: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه). (الأنعام: 119).

وقال رسول الله –صلي الله عليه وسلم-: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وماحرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لميكن لينسي شيئا"، وتلا: (وما كان ربك نسيا) (مريم: 64). رواه الحاكم عن أبيالدرداء وصححه، وأخرجه البزار.
وقال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عنأشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" أخرجه الداراقطني عن أبي ثعلبةالخشني. وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووي في الأربعين.
وإذا كانت هذه هي القاعدة فما هي النصوص والأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء، وما موقف المجيزين منها.

أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرمواالغناء محتجين بقول الله تعالي: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عنسبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) وفسروالهو الحديث بالغناء.
قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس منيشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا) وهذه صفة منفعلها كان كافرًا بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوًا.

ولو أن امرأ اشتري مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرًا ! فهذا هو الذي ذم الله تعالي، وما ذم قط عز وجل من اشتري لهو الحديث ليتلهيبه ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالي. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرناوكذلك من اشتغل عامدًا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديثيتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالي،ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن. (المحلي لابنحزم (9/60) ط المنيرية). أ هـ.

واستدلوا بقوله تعالي في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (القصص: 55). والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك،وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالي: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوالنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (القصص: 55)، فهيشبيهة بقوله تعالي في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالواسلامًا). (الفرقان: 63).
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب.

روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتي به يوم القيامة فيجملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيهباللغو، قال تعالي: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). (البقرة: 225،والمائدة: 89).
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالي علي الشيء علي طريق القسممن غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذبه، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص ؟!). (إحياء علوم الدين. كتاب السماع ص 1147ط دار الشعب بمصر).
علي أننا نقول: ليس كل غناء لغوا؛ إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنيةالصالحة تحيل اللهو قربة، والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذيظاهره العبادة وباطنه الرياء: "إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم ولكنينظر إلي قلوبكم وأعمالكم". (رواه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب البروالصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم).

وننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في "المحلي" ردًا علي الذين يمنعونالغناء قال: (احتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ ولا سبيل إليقسم ثالث، وقد قال الله تعالي: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (يونس: 32). فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- قال: "إنماالأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي" (متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب،وهو أول حديث في صحيح البخاري). فمن نوي باستماع الغناء عونًا علي معصيةالله فهو فاسق وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوي به ترويح نفسه ليقوي بذلكعلي طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك علي البر فهو مطيع محسن، وفعله هذامن الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إليبستانه، وقعوده علي باب داره متفرجًا، وصبغه ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غيرذلك ومد ساقه وقبضها، وسائر أفعاله). (المحلي. 9/60).

جـ- واستدلوا بحديث: "كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبةالرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" رواه أصحاب السنن الأربعة، وفيهاضطراب، والغناء خارج عن هذه الثلاثة.
وأجاب المجوزون بضعف الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة، فإن قوله: "فهو باطل" لا يدل علي التحريم بل يدل علي عدم الفائدة. فقد ورد عن أبي الدرداء قوله: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوي لها علي الحق. علي أن الحصرفي الثلاثة غير مراد، فإن التلهي بالنظر إلي الحبشة وهم يرقصون في المسجدالنبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة، وقد ثبت في الصحيح. ولا شك أن التفرجفي البساتين وسماع أصوات الطيور، وأنواع المداعبات مما يلهو به الرجل، ولايحرم عليه شيء منها، وإن جاز وصفه بأنه باطل.

واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري -معلقا- عن أبي مالك أو أبي عامرالأشعري -شك من الراوي- عن النبي -عليه السلام- قال: "ليكونن قوم من أمتييستحلون الحر (الحر: أي الفرج والمعني يستحلون الزني). والحرير والخمروالمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.
والحديث وإن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسنداتالمتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سندهومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور علي (هشام بن عمار) (انظر: الميزانوتهذيب التهذيب). وقد ضعفه الكثيرون.
ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادةحرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" –كما ذكر ابن العربي- لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازًا عن الاسترسال في استعمالتلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعني الحقيقي، لكان كفرًا.

ولو سلمنا بدلالتها علي الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع،لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناسانغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهووغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازفوالمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواهابن حبان في صحيحه.

هـ- واستدلوا بحديث: "إن الله تعالي حرم القينة (أي الجارية) وبيعها وثمنها وتعليمها".
والجواب عن ذلك:
أولا: أن الحديث ضعيف.
ثانيا: قال الغزالي: المراد بالقينة الجارية التي تغني للرجال في مجلسالشرب، وغناء الأجنبية للفساق ومن يخاف عليهم الفتنة حرام، وهم لا يقصدونبالفتنة إلا ما هو محظور. فأما غناء الجارية لمالكها، فلا يفهم تحريمه منهذا الحديث. بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة، بدليل ما روي فيالصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالي عنها. (الإحياء ص 1148) وسيأتي.

ثالثا: كان هؤلاء القيان المغنيات يكون عنصرًا هامًا من نظام الرقيق، الذيجاء الإسلام بتصفيته تدريجيًا، فلم يكن يتفق وهذه الحكمة إقرار بقاء هذهالطبقة في المجتمع الإسلامي، فإذا جاء حديث بالنعي علي امتلاك "القينة" وبيعها، والمنع منه، فذلك لهدم ركن من بناء "نظام الرق" العتيد.
واستدلوا بما روي نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه،وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع ؟ فأقول: نعم، فيمضي،حتي قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلي الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمعزمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.

ولو صح لكان حجة علي المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حرامًا ما أباحالنبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حرامًاما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرارالنبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر دليل علي أنه حلال.
وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئًا وأن يبيت عنده دينار أو درهم .... إلخ.

واستدلوا أيضًا لما روي: "إن الغناء ينبت النفاق في القلب" ولم يثبت هذاحديثًا عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وإنما ثبت قولاً لبعض الصحابة، فهورأي لغير معصوم خالفه فيه غيره، فمن الناس من قال -وبخاصة الصوفية- إنالغناء يرقق القلب، ويبعث الحزن والندم علي المعصية، ويهيج الشوق إلي اللهتعالي، ولهذا اتخذوه وسيلة لتجديد نفوسهم، وتنشيط عزائمهم، وإثارة أشواقهم،قالوا: وهذا أمر لا يعرف إلا بالذوق والتجربة والممارسة، ومن ذاق عرف،وليس الخبر كالعيان.

علي أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغني لا للسامع، إذكان غرض المغني أن يعرض نفسه علي غيره ويروج صوته عليه، ولا يزال ينافقويتودد إلي الناس ليرغبوا في غنائه. ومع هذا قال الغزالي: وذلك لا يوجبتحريمًا، فإن لبس الثياب الجميلة، وركوب الخيل المهلجة، وسائر أنواعالزينة، والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع وغير ذلك، ينبت النفاق في القلب،ولا يطلق القول بتحريم ذلك كله، فليس السبب في ظهور النفاق في القلبالمعاصي فقط، بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثيرًا (الإحياء ص 1151) .

واستدلوا علي تحريم غناء المرأة خاصة، بما شاع عند بعض الناس من أن صوتالمرأة عورة. وليس هناك دليل ولا شبه دليل من دين الله علي أن صوت المرأةعورة، وقد كان النساء يسألن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في ملأ منأصحابه وكان الصحابة يذهبون إلي أمهات المؤمنين ويستفتونهن ويفتينهمويحدثنهم، ولم يقل أحد: إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة يجب أن تستر.
فإن قالوا: هذا في الحديث العادي لا في الغناء، قلنا: روي الصحيحان أنالنبي سمع غناء الجاريتين ولم ينكر عليهما، وقال لأبي بكر: دعهما. وقد سمعابن جعفر وغيره من الصحابة والتابعين الجواري يغنين.

والخلاصة: أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريمإما صحيح غير صريح، أو صريح غير صحيح. ولم يسلم حديث واحد مرفوع إلي رسولالله يصلح دليلاً للتحريم، وكل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكيةوالحنابلة والشافعية.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة.
وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد.
وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع.

أدلة المجيزين للغناء:
تلك هي أدلة المحرمين، وقد سقطت واحدًا بعد الآخر، ولم يقف دليل منها عليقدميه، وإذا انتفت أدلة التحريم بقي حكم الغناء علي أصل الإباحة بلا شك،ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد علي ذلك غير سقوط أدلة التحريم. فكيفومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة،ومبادئه الكلية ؟
وهاك بيانها: أولا: من حيث النصوص:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمورالشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-، وهذا يدل علي أنهما لم تكوناصغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.

والمعول عليه هنا هو رد النبي -صلي الله عليه وسلم- علي أبي بكر -رضي اللهعنه- وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفيةسمحة. وهو يدل علي وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدي الآخرين، وإظهارجانب اليسر والسماحة فيه.
وقد روي البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقالالنبي -صلي الله عليه وسلم-: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصاريعجبهم اللهو".
وروي ابن ماجة عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاءرسول الله فقال: "أهديتم الفتاة ؟" قالوا: نعم قال: "أرسلتم معها من يغني؟" قالت: لا. فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الأنصار قوم فيهمغزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم ؟!

وروي النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت علي قرظة بن كعب وأبيمسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحبي رسول الله أهلبدر يفعل هذا عندكم ؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب،فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.
وروي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلاً قدم المدينة بجوار فأتي عبدالله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراهاابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلي ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن،غبنت بسبعمائة درهم ! فأتي ابن عمر إلي عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبنبسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بلنعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعي في بيعالمغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة.

واستدلوا بقوله تعالي: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائمًاقل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين). (الجمعة: 11).
فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما -بمناسبةقدوم القافلة وضرب الدفوف فرحًا بها- عن خطبة النبي -صلي الله عليه وسلم-،وتركه قائمًا.
واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.
واستدلوا لما نقله غير واحد من الإجماع علي إباحة السماع، كما سنذكره بعد.

وثانيا: من حيث روح الإسلام وقواعده:
لا شيء في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، وتستطيبهاالعقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الأذن، كما أن الطعامالهنيء لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الذكية لذة الشم ... إلخ، فهل الطيبات أي المستلذات حرام في الإسلام أم حلال ؟
من المعروف أن الله تعالي كان قد حرم علي بني إسرائيل بعض طيبات الدنياعقوبة لهم علي سوء ما صنعوا، كما قال تعالي: (فبظلم من الذين هادوا حرمناعليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرًا. وأخذهم الربا وقد نهوعنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (النساء: 160، 161). فلما بعث الله محمدًاصلي الله عليه وسلم- جعل عنوان رسالته في كتب الأولين (الذي يجدونهمكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحللهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانتعليهم). (الأعراف: 157).

فلم يبق في الإسلام شيء طيب أي تستطيبه الأنفس والعقول السليمة إلا أحلهالله، رحمة بهذه الأمة لعموم رسالتها وخلودها. قال تعالي: (يسألونك ماذاأحل لهم قل أحل لكم الطيبات). (المائدة: 4).
ولم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم علي نفسه أو علي غيره شيئًا منالطيبات مما رزق الله مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء وجه الله فيه، فإنالتحليل والتحريم من حق الله وحده، وليس من شأن عباده، قال تعالي: (قلأرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكمأم علي الله تفترون) (يونس: 59). وجعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيباتكإحلال ما حرم من المنكرات، كلاهما يجلب سخط الله وعذابه، ويردي صاحبه فيهاوية الخسران المبين، والضلال البعيد، قال جل شأنه ينعي علي من فعل ذلك منأهل الجاهلية: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم وحرموا مارزقهم الله افتراء علي الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين). (الأنعام: 140).

ولو تأملنا لوجدنا حب الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانيةوفطرة بشرية، حتي إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عنبكائه، وتنصرف نفسه عما يبكيه إلي الإصغاء إليه ولذا تعودت الأمهاتوالمرضعات والمربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم، بل نقول: إن الطيوروالبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة حتي قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائدفي غلظ الطبع وكثافته علي الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادةطبعه يتأثر بالحداء تأثرًا يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر -لقوةنشاطه في سماعه- المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فتري الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرعفي سيرها، حتي تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها) .

وإذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطروالتنكيل بها ؟ كلا، إنما جاء لتهذيبها والسمو بها، وتوجيهها التوجيهالقويم، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الأنبياء قد بعثوا بتكميلالفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها.
ومصداق ذلك أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قدم المدينة ولهم يومانيلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما فيالجاهلية: فقال عليه السلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يومالأضحي ويوم الفطر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

وقالت عائشة: "لقد رأيت النبي يسترني بردائه، وأنا أنظر إلي الحبشة يلعبونفي المسجد، حتي أكون أنا التي أسأمه -أي اللعب- فاقدروا قدر الجاريةالحديثة السن الحريصة علي اللهو".
وإذا كان الغناء لهوا ولعبًا فليس اللهو واللعب حرامًا، فالإنسان لا صبر له علي الجد المطلق والصرامة الدائمة.

قال النبي -صلي الله عليه وسلم- لحنظلة -حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجهوولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "ياحنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.
وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا أكرهت عميت.
وقال كرم الله وجهه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوي لها علي الحق.

وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله: (هو كذلك،ولكن الدنيا كلها لهو ولعب ... وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثةالتي هي سبب وجود الولد، وكذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل ذلك عنرسول الله -صلي الله عليه وسلم- وعن الصحابة.
وأي لهو يزيد علي لهو الحبشة والزنوج في لعبهم، فقد ثبت بالنص إباحته. عليأني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر، والقلوب إذا أكرهتعميت، وترويحها إعانة لها علي الجد، فالمواظب علي التفكر مثلاً ينبغي أنيتعطل يوم الجمعة؛ لأن عطلة يوم تساعد علي النشاط في سائر الأيام، والمواظبعلي نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات، ولأجلهكرهت الصلاة في بعض الأوقات، فالعطلة معونة علي العمل، اللهو معين عليالجد ولا يصبر علي الجد المحض، والحق المر، إلا نفوس الأنبياء عليهمالسلام، فاللهو دواء القلب من داء الإعياء، فينبغي أن يكون مباحًا، ولكن لاينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء. فإذًا اللهو علي هذه النيةيصير قربة، هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها،بل ليس له إلا اللذة والاستراحة المحضة، فينبغي أن يستحب له ذلك، ليتوصلبه إلي المقصود الذي ذكرناه. نعم هذا يدل علي نقصان عن ذروة الكمال، فإنالكامل هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق، ولكن حسنات الأبرار سيئاتالمقربين، ومن أحاط بعلم علاج القلوب، ووجوه التلطف بها، وسياقتها إليالحق، علم قطعًا أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غني عنه) انتهيكلام الغزالي (الإحياء: كتاب السماع ص 1152، 1153)، وهو كلام نفيس يعبر عنروح الإسلام الحقة.
القائلون بإجازة الغناء:
تلك هي الأدلة المبيحة للغناء من نصوص الإسلام وقواعده، فيها الكفاية كلالكفاية ولو لم يقل بموجبها قائل، ولم يذهب إلي ذلك فقيه، فكيف وقد قالبموجبها الكثيرون من صحابة وتابعين وأتباع وفقهاء ؟
وحسبنا أن أهل المدينة -علي ورعهم- والظاهرية- عليحرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص -والصوفية- علي تشددهم وأخذهم بالعزائم دونالرخص- روي عنهم إباحة الغناء. قال الإمام لشوكاني في "نيلالأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية،إلي الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكي الأستاذ أبو منصورالبغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يريبالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلكفي زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
وحكي الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي) .

وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإليجنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله ؟! فناوله إياه، فتأمله ابن عمرفقال: هذا ميزان شامي ؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول !) .
وروي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلي ابن سيرين قال: (إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل علي ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجلفساومه، فلم يهو فيهن شيئًا. قال: انطلق إلي رجل هو أمثل لك بيعًا من هذا. قال: من هو ؟ قال: عبد الله بن جعفر .. فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن،فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء ابن عمر ... إلخ. القصة) .

وروي صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمردخل علي ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل تريبذلك بأسًا ؟ قال: لا بأس بهذا، وحكي الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعًا العود عند ابن جعفر، وروي أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بنثابت سمع من عزة الميلاء الغناء المزهر بشعر من شعره.
وذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك. والمزهر عند أهل اللغة: العود.
وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة. ونقل ابنالسمعاني الترخيص عن طاووس، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضي المدينةسعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعليالخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة.

وحكي الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وحكيالأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود، وذكر أبو طالب المكي فيقوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورًا في بيت المنهال بن عمروا المحدثالمشهور.
وحكي أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود.
قال ابن النحوي في العمدة: (وقال ابن طاهر: هو إجماع أهل المدينة. قال ابنطاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبةالضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم.

وحكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عنأبي إسحاق الشيرازي، وحكاه الإسنوي في "المهمات" عن الروياني والماوردي،ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور وحكاه ابن الملقن في العمدة عن ابنطاهر، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحكاه صاحب الإمتاععن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي.

هؤلاء جميعًا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة -أي آلاتالموسيقي- وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوي في الإمتاع: إنالغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق علي حله، ونقل ابن طاهر إجماعالصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الحرمينعليه، ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضًا إجماع أهل المدينة عليه، وقالالماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيهابالعبادة والذكر. قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عنجماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر -كما رواه ابن عبد البروغيره- وعثمان- كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي -وعبد الرحمن بنعوف- كما رواه ابن أبي شيبة- وأبو عبيدة بن الجراح- كما أخرجه البيهقي- وسعد بن أبي وقاص- كما أخرجه بن قتيبة- وأبو مسعود الأنصاري- كما أخرجهالبيهقي- وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد- كما أخرجه البيهقيأيضا- وحمزة كما في الصحيح- وابن عمر- كما أخرجه ابن طاهر- والبراء بنمالك- كما أخرجه أبو نعيم- وعبد الله بن جعفر- كما رواه ابن عبد البر- وعبدالله بن الزبير- كما نقل أبو طالب المكي- وحسان- كما رواه أبو الفرجالأصبهاني- وعبد الله بن عمرو- كما رواه الزبير بن بكار- وقرظة بن كعب- كمارواه ابن قتيبة- وخوات بن جبير ورباح المعترف- كما أخرجه صاحب الأغاني- والمغيرة بن شعبة- كما حكاه أبو طالب المكي- وعمرو بن العاص- كما حكاهالماوردي- وعائشة والربيع- كما في صحيح البخاري وغيره.

وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجةبن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيقوعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بنإبراهيم الزهري.
وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهورالشافعية) . انتهي كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (جـ 8/264-266) .

قيود وشروط لابد من مراعاتها:
ولا ننسي أن نضيف إلي هذه الفتوي قيودًا لابد من مراعاتها في سماع الغناء.
فقد أشرنا في أول البحث إلي أنه ليس كل غناء مباحًا، فلابد أن يكون موضوعه متفقًا مع أدب الإسلام وتعاليمه.
فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذييجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس" عاصرها وبائعهاوحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والتدخين أيضًا آفة ليس وراءها إلا ضررالجسم والنفس والمال.

والأغاني التي تمدح الظلمة والطغاة والفسقة من الحكام الذين ابتليت بهمأمتنا، مخالفة لتعاليم الإسلام، الذي يلعن الظالمين، وكل من يعينهم، بل منيسكت عليهم، فكيف بمن يمجدهم ؟!
والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أو صاحب العيون جريئة أغنية تخالفأدب الإسلام الذي ينادي كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم … وقلللمؤمنات يغضضن من أبصارهن) (النور: 30، 31). ويقول –صلي الله عليه وسلم- يا علي : "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولي وليست لك الآخرة".

ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبارعليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول، وتعمدالإثارة، والقصد إلي إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة- ينقلالأغنية من دائرة الإباحة إلي دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل مايذاع علي الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تلح علي جانبواحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام، وإشعالهابكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصًا لدي الشباب والشابات.

إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبهمرض) . فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير ؟!
ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم، كشرب الخمر أو التبرج أوالاختلاط الماجن بين الرجال والنساء، بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوففي مجالس الغناء والطرب من قديم. وهي الصورة المائلة في الأذهان عند مايذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.

وهذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره: "ليشربن ناس من أمتيالخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف اللهبهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".
وأود أن أنبه هنا علي قضية مهمة، وهي أن الاستماع إلي الغناء في الأزمنةالماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء، ومخالطة المغنين والمغنيات وحواشيهم،وقلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع، ويكرهها الدين.
أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلي الأغاني وهو بعيد عن أهلها ومجالسها،وهذا لا ريب عنصر مخفف في القضية، ويميل بها إلي جانب الإذن والتيسير.

هذا إلي أن الإنسان ليس عاطفة فحسب، والعاطفة ليست حبًا فقط، والحب لا يختصبالمرأة وحدها، والمرأة ليست جسدًا وشهوة لا غير، لهذا يجب أن نقلل من هذاالسيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية وأن يكون لدينا من أغانيناوبرامجنا وحياتنا كلها توزيع عادل، وموازنة مقسطة بين الدين والدنيا وفيالدنيا بين حق الفرد وحقوق المجتمع، وفي الفرد بين عقله وعاطفته، وفي مجالالعاطفة بين عواطف الإنسانية كلها من حب وكره وغيره وحماسة وأبوة وأمومةوبنوة وأخوة وصداقة ... إلخ فلكل عاطفة حقها.

أما الغلو والإسراف والمبالغة في إبراز عاطفة خاصة فذلك علي حساب العواطفالأخري، وعلي حساب عقل الفرد وروحه وإرادته، وعلي حساب المجتمع وخصائصهومقوماته، وعلي حساب الدين ومثله وتوجيهاته.

إن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتي في العبادة فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا ؟!
إن هذا دليل علي فراغ العقل والقلب من الواجبات الكبيرة، والأهداف العظيمة،ودليل علي إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحمودوعمره القصير، وما أصدق وأعمق ما قال ابن المقفع: (ما رأيت إسرافًا إلاوبجانبه حق مضيع) وفي الحديث: "لا يكون العاقل ظاعنًا إلا لثلاث: مرمةلمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم"، فلنقسم أوقاتنا بين هذهالثلاثة بالقسط ولنعلم أن الله سائل كل إنسان عن عمره فيم أفناه، وعن شبابهفيم أبلاه ؟
وبعد هذا الإيضاح تبقي هناك أشياء يكون كل مستمع فيها فقيه نفسه ومفتيها،فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزته، ويغريه بالفتنة، ويسبح بهفي شطحات الخيال، ويطغي فيه الجانب الحيواني علي الجانب الروحاني، فعليه أنيتجنبه حينئذ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة علي قلبه ودينه وخلقهفيستريح ويريح.

تحذير من التساهل في إطلاق التحريم:
ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلي السادة العلماء الذين يستخفونبكلمة "حرام" ويطلقون لها العنان في فتواهم إذا أفتوا، وفي بحوثهم إذاكتبوا، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ويعلموا أن هذه الكلمة "حرام" كلمةخطيرة: إنها تعني عقوبة الله علي الفعل وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولابموافقة المزاج، ولا بالأحاديث الضعيفة، ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم،إنما يعرف من نص ثابت صريح، أو إجماع معتبر صحيح، وإلا فدائرة العفووالإباحة واسعة، ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة.

قال الإمام مالك رضي الله عنه: ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة منالحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلموالفقه ببلدنا، وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهلزماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا علي ما يصيرون إليه غدًالقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليًا وعامة خيار الصحابة كانت تردعليهم المسائل -وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي -صلي الله عليه وسلم- فكانوا يجمعون أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم- ويسألون، ثم حينئذ يفتونفيها، وأهل زماننا قد هذا صار فخرهم، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم قال: ولميكن من أمر الناس ولا من مضي من سلفنا الذين يقتدي بهم، ومعول الإسلامعليهم، أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره كذا وأري كذا،وأما "حلال" و "حرام" فهذا الافتراء علي الله. أما سمعت قول الله تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذنلكم أم علي الله تفترون) يونس: 59؛ لأن الحلال ما حلله الله ورسولهوالحرام ما حرماه.
ونقل الإمام الشافعي في "الأم" عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال:
(
أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير.

وحدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم -وكان أفضل التابعين- أنه قال: إياكم أنيقول الرجل: إن الله أحل هذا أو رضيه، فيقول الله له: لم أحل هذا ولمأرضه، ويقول: إن الله حرم هذا فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه ! وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذاأفتوا بشيء أو نهوا عنه، قالوا: هذا مكروه، وهذا لا بأس به، فأما أنيقولوا: هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا) .
هذا ما ذكره القاضي أبو يوسف، ونقله الشافعي، ولم ينكر عليه هذا النقل ولا مضمونه بل أقره، وما كان ليقر مثله إلا إذا اعتقد صحته.
وقال الله تعالي: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حراملتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون). (النحل: 116).


يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :

الأصل الذي أرجو أن يُتنبَّه إليه في هذا الشأن وأمثاله، مما يختلفون فيحِلِّهِ وحُرمته، هو أن الله خلَق الإنسان بغريزة يَميل بها إلى المستلذاتوالطيبات التي يَجِدُ لها أثرًا طيبًا في نفسه، به يهدأ، وبه يرتاح، وبهينشط، وبه تسكن جوارحه؛ فتراه ينشرح بالمناظر الجميلة، كالخُضرةالمُنَسَّقَة والماء الصافي الذي تلعب أمواجه، والوجه الحسَن الذي تنْبسطأساريرُه، ينشرح صدرُه بالروائح الزكيَّة التي تُحدث خِفَّةً في الجسموالروح، وينشرح صدره بلَمْسِ النُّعومة التي لا خُشونة فيها، وينشرح صدرهبلذَّة المَعرفة في الكشف عن مجهول مَخْبُوءٍ، وتراه بعد هذا مَطبوعًا علىغريزة الحب لمُشتهيات الحياة وزينتها من النساء والبنين، والقناطيرالمقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرْث.





الشرائع لا تَقضي على الغرائز بل تنظمها :

ولعلَّ قيام الإنسان بمُهمته في هذه الحياة ما كانت لِتَتِمَّ على الوجهالذي لأجله خلَقه الله إلا إذا كان ذا عاطفة غريزية، تُوجهه نحو المشتهيات،وتلك المُتَع التي خلقها الله معه في الحياة، فيأخذ منها القدْر الذييحتاجه وينفعه، ومن هنا قضت الحِكمة الإلهية أن يُخلق الإنسان بتلكالعاطفة، وصار من غير المعقول أن يَطلب الله منه ـ بعد أن خلَقه هذاالخلْق، وأودع فيه لحِكمته السامية هذه العاطفة ـ نزْعها أو إِمَاتتها أومُكافحتها في أصلها، وبذلك لا يُمكن أن يكون من أهداف الشرائع السماوية ـفي أيِّ مرحلة من مراحل الإنسانية ـ طلبُ القضاء على هذه الغريزة الطبيعية،التي لابد منها في هذه الحياة .



نعم، للشرائع السماوية بإِزاءِ هذه العاطفة مَطلب آخر، يتلخص في كبْحالجماح ومعناه: مكافحة الغريزة عن الحدِّ الذي يَنسى به الإنسان واجباتِه،أو يُفسد عليه أخلاقه، أو يَحول بينه وبين أعمال هي له في الحياة ألْزمُ،وعليه أوجب .





التوسُّط أصلٌ عظيم في الإسلام :

ذلك هو موقفُ الشرائع السماوية مِن الغريزة، وهو موقف الاعتدال والقَصْد،لا موقف الإفْراط، ولا مَوقف التفريط، هو موقف التنظيم، لا موقف الإماتةوالانتزاع. هذا أصلٌ يجب أن يُفهم، ويجب أن تُوزَن به أهداف الشريعةالسماوية، وقد أشار إليه القرآن في كثير من الجُزئيات (ولا تَجْعَلْ يَدَكَمَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ ولا تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ). (يا بَنِيآدمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا واشْرَبُوا ولاتُسْرِفُوا). (واقْصِدْ فِي مَشْيِكَ واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) .



وإذنْ فالشريعة تُوجِّه الإنسان في مُقتضيات الغريزة إلى الحدِّ الوسَط،فهي لم تنزل لانتزاع غريزة حُبِّ المال، إنما نزلت بتَعديلها على الوجهالذي لا جشَع فيه ولا إسراف، وهي لم تنزل لانتزاع الغريزة في حُبِّ المناظرالطيبة، ولا المسموعات المستلذة، وإنما نزلت بتهذيبها وتعديلها على ما لاضرر فيه ولا شر. وهي لم تنزل لانتزاع غريزة الحُزن، وإنما نزلت بتعديلهاعلى الوجه الذي لا هلَع فيه ولا جزَع. وهكذا وقفت الشريعة السماوية بالنسبةلسائر الغرائز .



وقد كلَّف الله العقل ـ الذي هو حُجته على عباده ـ بتنظيمها على الوجه الذيجاء به شرْعه ودينه، فإذا مال الإنسان إلى سماع الصوت الحسن، أو النغمالمستلذ من حيوان أو إنسان، أو آلة كيفما كانت، أو مالَ إلى تعلُّم شيء منذلك، فقد أدَّى للعاطفة حقَّها، وإذا ما وقف بها مع هذا عند الحدِّ الذي لايصرفه عن الواجبات الدينية، أو الأخلاق الكريمة، أو المكانة التي تتَّفِقومركزه، كان بذلك مُنظمًا لغريزته، سائرًا بها في الطريق السوي، وكانمَرْضِيًّا عند الله وعند الناس.



بهذا البيان يتَّضِح أن موقف الشاب في تعلُّم الموسيقى ـ مع حرصه الشديدعلى أداء الصلوات الخمس في أوقاتها وعلى أعماله المكلف بها ـ موقف ـ كماقلنا ـ نابعٌ من الغريزة التي حكَمها العقل بشرع الله وحكمه، فنزلت علىإرادته، وهذا هو أسمى ما تطلبه الشرائع السماوية من الناس في هذه الحياة.





رأْي الفقهاء في السماع:

ولقد كنتُ أرى أن هذا القدْر كافٍ في معرفة حكم الشرع في الموسيقى، وفيسائر ما يُحب الإنسان ويهوَى بمقتضى غريزته، لولا أن كثيرًا من الناس لايكتفون، بل ربما لا يؤمنون بهذا النوع من التوجيه في معرفة الحلال والحرام،وإنما يقنعهم عرض ما قيل في الكتب وأُثِر عن الفقهاء.

وإذا كان ولابد فليعلموا أن الفقهاء اتفقوا على إباحة السماع في إثارةالشوق إلى الحج، وفي تحريض الغُزاة على القتال، وفي مناسبات السرورالمألوفة كالعيد، والعُرس، وقُدوم الغائب وما إليها. ورأيناهم فيما وراءذلك على رأيينِ:

يُقرر أحدهما الحُرْمة، ويستند إلى أحاديث وآثار، ويُقرر الآخر الحِلِّ،ويستند ـ كذلك ـ إلى أحاديث وآثار، وكان من قول القائلين بالحِلِّ: "إنهليس في كتاب الله، ولا سُنة رسوله، ولا في مَعقولهما مِن القياسوالاستدلال، ما يقتضي تحريم مُجرد سماع الأصوات الطيبة المَوزونة مع آلة منالآلات"، وقد تعقَّبوا جميع أدلة القائلين بالحُرمة وقالوا: إنه لم يصحَّمنها شيء.





رأْي الشيخ النابلسي:

وقد قرأت في هذا الموضوع لأحد فقهاء القرن الحادي عشر المَعروفين بالورَعوالتقوى رسالة هي: "إيضاح الدلالات في سماع الآلات". للشيخ عبد الغنيالنابلسي الحنفي، قرر فيها أن الأحاديث التي استدل بها القائلون بالتحريم ـعلى فرض صحتها ـ مُقيدة بذكر الملاهي، وبذكر الخمر والقيْنات، والفسوقوالفجور، ولا يكاد حديث يخلو من ذلك. وعليه كان الحُكم عنده في سماعالأصوات والآلات المُطرِبة أنه إذا اقترن بشيء من المُحرَّمات، أو اتُّخذوسيلةً للمُحرَّمات، أو أَوقعَ في المحرمات كان حرامًا، وأنه إذا سلِم منكل ذلك كان مباحًا في حضوره وسماعه وتعلُّمه. وقد نُقل عن النبي ـ صلى اللهعليه وسلم ـ ثم عن كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء أنهم كانوايسمعون، ويحضرون مجالس السماع البريئة من المجون والمُحرَّم. وذهب إلى مثلهذا كثير من الفقهاء، وهو يُوافق تمامًا في المغزى والنتيجة الأصل الذيقرَّرناهُ في موقف الشريعة بالنسبة للغرائز الطبيعية.



الأصل في السماع الحِلُّ والحُرْمة عارضة :

وإذن فسماع الآلات، ذات النغمات أو الأصوات الجميلة، لا يُمكن أن يحرمباعتباره صوت آلة، أو صوت إنسان، أو صوت حيوان، وإنما يُحرم إذا استُعين بهعلى محرم، أو اتُّخِذ وسيلةً إلى محرم، أو ألْهَى عن واجب.



وهكذا يجب أن يعلم الناس حُكم الله في مثل هذه الشئون. ونرجو بعد ذلك ألانسمع القول يُلقى جُزافًا في التحليل والتحريم؛ فإن تحريم ما لم يُحرمهالله أو تحليل ما حرَّمه الله كلاهما افتراء وقوْل على الله بغير علم: (قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَوالإثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وأنْ تُشْرِكُوا باللهِ مَا لمْيُنَزِّلْ بِهِ سُلطَانًا وأنْ تَقُولُوا علَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (الآية: 33 من سورة الأعراف).

والله أعلم .










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 23:13   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة pearla* مشاهدة المشاركة
السلام عليكم

بارك الله فيك اخي جمال على هذا الر الرائع على من يقولونو يوجد موضوع بهذا العنوان و قد تدخلت فيه و طلبت من صاحبه اعطاءنا اغنية حلال نسمعها و للآن لم يرد علي اظن انه لم يقرأ المداخلة او انه تجاهلها لأنه لم اغنية حلال و لن يجد.
مرة اخرى بارك الله فيك و نغع بك و شكرا لك على مجهوداتك الرائعة.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
وفيكم بارك الله أختاه
كنت سأشارك إخواني في ذاك الموضوع لولا ضيق الوقت عندي هذه الأيام وقد حاولت اليوم فوجدت الموضوع مغلقا.
ما يتعلق بما ذكره بعض الإخوة بقولهم(( حلاله حلال و حرامه حرام )) فالمشكلة أنه لم يفرقوا بين الغناء وبين الموسيقى عند بعض العلماء المتقدمين!.
الموسيقى=المعازف هي الآلات الموسيقية كالعود والبيانو والقانون والمزمار وغيرها ، ولقد ورد التحريم فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقل عدد كثير من أهل العلم الاجماع على تحريمها .(كما سبق)

الغناء= هو الشعر الملقى الملحن كالاناشيد الاسلامية التي تذاع في قناة المجد ,وهذا هو الذي فيه الخلاف ويقول عنه البعض( حلاله حلال و حرامه حرام ) و (ليس الأول) لكن بعض إخواننا أخلطوا بين الأمرين.

لكن اليوم في عصرنا أصبح مصطلح(الغناء) يُطْلق على الموسيقى والمعازف فعندما نتكلم اليوم عن "الغناء" فإننا نقصد به "الموسيقى والمعازف" فهذا حرام بالإجماع ولا عبرة لمن شد فالشاذ لا يقاس عليه والمثبت مقدم على النافي.

ملاحظة أخرى:
وجدت أن بعض الإخوة-وفقهم الله- لم يفرقوا بين خلاف التنوع وبين خلاف التضاد فمثلا في تفسير قوله تعالى{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [سورة لقمان: 6]. فقد فسر ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنها (لهو الحديث) بالغناء ولم يثبت خلافا عن الصحابة في هذا لكن بعض التابعين فسر لهو الحديث بتفسير الآخر فهنا كلا التفسيرين صحيحين لأنه خلاف تنوع وليس تضاد.
مثال ذلك اختلاف المفسرين في تفسير قوله تعالى ((اهدنا الصراط المستقيم )) فمنهم من فسر "الصراط المستقيم"بالإسلام ومنهم من فسره بالقرآن ومنهم من فسره بالسنة والجماعة.
فهل هذا إختلاف تضاد؟ كلا بل كل هذه التفسيرات صحيحة فالصراط هو القرآن وهو الإسلام وهو السنة والجماعة.
نفس شيء في تفسير (لهو الحديث)) فهو الغناء وهو المزمار وهو الزور وهو الكذب وهو........


للفائدة:


فصل



في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع للعلامة ابن عثيمين رحمه الله


https://www.ibnothaimeen.com/all/book...er_17965.shtml











رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 23:15   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أخ كريم
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية أخ كريم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة pearla* مشاهدة المشاركة
السلام عليكم

بارك الله فيك اخي جمال على هذا الرد الرائع على من يقولون حلاله حلال و حرامه حرام و يوجد موضوع بهذا العنوان و قد تدخلت فيه و طلبت من صاحبه اعطاءنا اغنية حلال نسمعها و للآن لم يرد علي اظن انه لم يقرأ المداخلة او انه تجاهلها لأنه لم يجد اغنية حلال و لن يجد.
مرة اخرى بارك الله فيك و نفع بك و شكرا لك على مجهوداتك الرائعة.
للأسف الموضوع مغلق، وعذر صاحب الموضوع معه.
ومع ذلك فقد رددت على مشاركتك بالذات في نفس الموضوع، ولعلك لم تشاهديها أو أنك تعمدت تجاهلها.
الغناء حلال

...///...









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 23:20   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
عبد الله-1
مشرف منتديات انشغالات الأسرة التربوية
 
الصورة الرمزية عبد الله-1
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أكرمك الله أخانا جمال وزادك من فضله فلقد كفيت ووفيت










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 23:22   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أخ كريم مشاهدة المشاركة
للأسف الموضوع مغلق، وعذر صاحب الموضوع معه.
ومع ذلك فقد رددت على مشاركتك بالذات في نفس الموضوع، ولعلك لم تشاهديها أو أنك تعمدت تجاهلها.
الغناء حلال

...///...
نعم وقد قرأت مشاركتك فوجدت -مع احترامي - تخلط بين الغناء وبين الموسيقى.
الموسيقى=المعازف هي الآلات الموسيقية كالعود والبيانو والقانون والمزمار وغيرها ، ولقد ورد التحريم فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقل عدد كثير من أهل العلم الاجماع على تحريمها .(كما سبق)

الغناء= هو الشعر الملقى الملحن كالاناشيد الاسلامية التي تذاع في قناة المجد ,وهذا هو الذي فيه الخلاف ويقول عنه البعض( حلاله حلال و حرامه حرام ) و (ليس الأول) لكن بعض إخواننا أخلطوا بين الأمرين.

لكن اليوم في عصرنا أصبح مصطلح(الغناء) يُطْلق على الموسيقى والمعازف فعندما نتكلم اليوم عن "الغناء" فإننا نقصد به "الموسيقى والمعازف" فهذا حرام بالإجماع ولا عبرة لمن شد فالشاذ لا يقاس عليه والمثبت مقدم على النافي.

أما ما نقلته أنت -بارك الله فيك- في المشاركة السابقة فلا علاقة له بموضوعي هذا لأنك لم تستطع إنكار الإجماع ولا أن تأتي بخلاف تضاد بين السلف إنما هو خلاف تنوع وهو حجة عليك لا لك ومع هذا كله سأرد على ما جئت به إن شاء الله في أقرب وقت فأعطني مهلة بارك الله فيك ولا تقاطعني حتى أكمل.









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 23:46   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
آلاء الرحـــــــمن
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية آلاء الرحـــــــمن
 

 

 
الأوسمة
الوسام الثاني 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال البليدي مشاهدة المشاركة


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
وفيكم بارك الله أختاه

الغناء= هو الشعر الملقى الملحن كالاناشيد الاسلامية التي تذاع في قناة المجد ,وهذا هو الذي فيه الخلاف ويقول عنه البعض( حلاله حلال و حرامه حرام ) و (ليس الأول) لكن بعض إخواننا أخلطوا بين الأمرين.




فهمت من كلامك ان في الاناشيد من هي حلال ........
انا استمع الى بعض القصائد كنونية القحطانية وقصيدة ليس الغريب و غيرها و لكن الاناشيد لا اسمعها .
فهل تبين لي يا اخي ما يصلح من الاناشيد. اي الاناشيد التي نستطيع سماعها ؟؟؟؟









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-20, 23:54   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
آلاء الرحـــــــمن
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية آلاء الرحـــــــمن
 

 

 
الأوسمة
الوسام الثاني 
إحصائية العضو










B18

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أخ كريم مشاهدة المشاركة
للأسف الموضوع مغلق، وعذر صاحب الموضوع معه.
ومع ذلك فقد رددت على مشاركتك بالذات في نفس الموضوع، ولعلك لم تشاهديها أو أنك تعمدت تجاهلها.
الغناء حلال

...///...
حاشى ان اتجاهلك اخي اعذرني ان لم ارد عليك في ذلك الموضوع لضيق الوقت و لانه اغلق عفوا مرة اخرى.
لقد سبقني اخي جمال مشكورا ورد عليك، فالمعازف و الغناء المنفرد بالصوت البشري فقط، شيئان مختلفان
فالمعازف محرمة قطعا بنص الحديث الصريح و قد تم ذكره
اما الغناء بالصوت البشري المنفرد فاظن ان هذا هو الذي فيه الاشكال و نحن في انتظار توضيح ما هو الحلال فيه و ما هو الحرام منه .
اظن هذا والله اعلم و انا في انتظار رد اخي جمال لمزيد من التوضيح









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-21, 00:11   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
أخ كريم
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية أخ كريم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أخي جمال، لا أكذب عليك إن قلت لك بأنني لا أفهم كثيرا من فلسفات المصطلحات عندكم. ولذلك أحب النقاش المبسط الواضح بدون حشو من غير فائدة.
وأنا لست من هواة النسخ واللصق، ومشاركتي السابقة أدرجتها عمدا لمجاراتك في أن هناك قائلون بأن الغناء حلال.
للتوضيح أكثر:
1/ ماذا تقصد بخلاف تضاد وخلاف تنوع؟ فأنا أقول لك هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وآخرون قالوا بأن الغناء حرام، فما هو نوع الخلاف هنا؟
2/ الغناء بدون آلات موسيقية مفروغ منه بما انك تعترف بأن هناك علماء قالوا بأنه حلال.
3/ الغناء بألفاظ قبيحة أو هابطة او ما شابه سواء كان بآلات موسيقية أو بدونها فهي مسألة مفروغ منها أيضا.
4/ الغناء الذي يعنينا هنا هو الغناء الهادف، الذي يحمل رسالة وهو مصاحب بآلات موسيقية... وقد يسميه البعض أناشيد إسلامية، وممكن غناء هادف ولو كان غير إسلامي.
5/ ماذا تقصد بالإجماع؟ إذا قصدت إجماع علماء السلفية فربما قد تكون محقا في دعواك، أما إجماع العلماء عامة فهذا محال... وكمثال بسيط فإن القرضاوي والغزالي يرون بأن المسألة حلال، وقس على ذلك أغلب علماء الإخوان المسلمين -وسطر تحت المسلمين-.

6/ انا لا تعنيني بدرجة كبيرة في موضوعك هذا من من العلماء على صواب، ولكن ما يعنيني أن هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وأنت حر بعد تعرضك لأدلة الطائفتين في اتباع أي نهج تريد، ولن تلزمني ولن ألزمك بنهج معين.... فالإقتناع واتباع عالم دون آخر مسألة شخصية.

...///...










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-21, 00:38   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة pearla* مشاهدة المشاركة
فهمت من كلامك ان في الاناشيد من هي حلال ........
انا استمع الى بعض القصائد كنونية القحطانية وقصيدة ليس الغريب و غيرها و لكن الاناشيد لا اسمعها .
فهل تبين لي يا اخي ما يصلح من الاناشيد. اي الاناشيد التي نستطيع سماعها ؟؟؟؟
أنا شخصيا-رغم قلة علمي- لا أنصح إخواني بسماع الأناشيد التي لا يوجد فيها موسيقى ولا معازف لكنها مسألة خلافية (هذا ما أردت قوله)) فالإخوة الذين قالوا بالخلاف في مسألة المعازف أخلطوا بين الخلاف الموجود في الأناشيد وأسقطوه على المعازف! لأنهم لم يفهموا المصطلحات.
أما عن سؤالك فأنصحك كأخ لأخته بسماع تلك القصائد المفيدة التي ذكرتها أما الأناشيد اليوم خاصة التي فيها تكلف في التلحين والتغني والمؤثرات الصوتية فهذه لا أنصح بها فعندنا القرآن الكريم ومن لم يتعظ بالقرآن فلن يتعظ أبدا!.









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-21, 00:45   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أخ كريم مشاهدة المشاركة
أخي جمال، لا أكذب عليك إن قلت لك بأنني لا أفهم كثيرا من فلسفات المصطلحات عندكم. ولذلك أحب النقاش المبسط الواضح بدون حشو من غير فائدة.
وأنا لست من هواة النسخ واللصق، ومشاركتي السابقة أدرجتها عمدا لمجاراتك في أن هناك قائلون بأن الغناء حلال.
للتوضيح أكثر:
1/ ماذا تقصد بخلاف تضاد وخلاف تنوع؟ فأنا أقول لك هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وآخرون قالوا بأن الغناء حرام، فما هو نوع الخلاف هنا؟
2/ الغناء بدون آلات موسيقية مفروغ منه بما انك تعترف بأن هناك علماء قالوا بأنه حلال.
3/ الغناء بألفاظ قبيحة أو هابطة او ما شابه سواء كان بآلات موسيقية أو بدونها فهي مسألة مفروغ منها أيضا.
4/ الغناء الذي يعنينا هنا هو الغناء الهادف، الذي يحمل رسالة وهو مصاحب بآلات موسيقية... وقد يسميه البعض أناشيد إسلامية، وممكن غناء هادف ولو كان غير إسلامي.
5/ ماذا تقصد بالإجماع؟ إذا قصدت إجماع علماء السلفية فربما قد تكون محقا في دعواك، أما إجماع العلماء عامة فهذا محال... وكمثال بسيط فإن القرضاوي والغزالي يرون بأن المسألة حلال، وقس على ذلك أغلب علماء الإخوان المسلمين -وسطر تحت المسلمين-.

6/ انا لا تعنيني بدرجة كبيرة في موضوعك هذا من من العلماء على صواب، ولكن ما يعنيني أن هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وأنت حر بعد تعرضك لأدلة الطائفتين في اتباع أي نهج تريد، ولن تلزمني ولن ألزمك بنهج معين.... فالإقتناع واتباع عالم دون آخر مسألة شخصية.

...///...


أخي الحبيب...أنا متعب الآن لعلي أجيب على سؤالك وأعقب على مشاركتك(المنقولة)) في الغد أو في يوم آخر إذا تيسر لي الوقت والقوة الذهنية والبدنية...وفقك الله لكل خير.









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-21, 00:54   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
آلاء الرحـــــــمن
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية آلاء الرحـــــــمن
 

 

 
الأوسمة
الوسام الثاني 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال البليدي مشاهدة المشاركة
أنا شخصيا-رغم قلة علمي- لا أنصح إخواني بسماع الأناشيد التي لا يوجد فيها موسيقى ولا معازف لكنها مسألة خلافية (هذا ما أردت قوله)) فالإخوة الذين قالوا بالخلاف في مسألة المعازف أخلطوا بين الخلاف الموجود في الأناشيد وأسقطوه على المعازف! لأنهم لم يفهموا المصطلحات.
أما عن سؤالك فأنصحك كأخ لأخته بسماع تلك القصائد المفيدة التي ذكرتها أما الأناشيد اليوم خاصة التي فيها تكلف في التلحين والتغني والمؤثرات الصوتية فهذه لا أنصح بها فعندنا القرآن الكريم ومن لم يتعظ بالقرآن فلن يتعظ أبدا!.
شكرا لك على النصيحة انا فقط سألت لأن اخوتي مرات يسمعون الاناشيد و عندما اناقشهم يقولون هي كلام جميل مؤدب بدون موسيقى او اقاع نسمعها كما تسمعين القصائد و لقلت علمي لم اجد ما ارد به فطلبت منك التوضيح .
و على العموم كما قلت القرآن الكريم خير واعظ ولعل كثرة سماع الاناشيد و القصائد قد تلهينا عن سماع او قراءة القرآن فندخل لا محالة في آية لهو الحديث
.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أسلمت, الغناء, خلافية, شبهة:


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc