بحث الميزة التنافسية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحث الميزة التنافسية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-03-30, 20:59   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
s.hocine
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية s.hocine
 

 

 
الأوسمة
وسام تشجيع في مسابقة رمضان وسام المسابقة اليومية وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي بحث الميزة التنافسية

- الميزة التنافسية:
سوف نتطرق في هذا الجزء الأول من البحث إلى التعاريف المختلفة التي أسندت للميزة التنافسية، لننطلق بعدها إلى تحديد أنواعها ومعايير الحكم على جودتها، ونصل أخيراً إلى المصادر المختلفة لهذه الميزة.

I.1- تعريف الميزة التنافسية:
I.1.1- تعريف M.Porter:
تنشأ الميزة التنافسية بمجرد توصل المؤسسة إلى اكتشاف طرق جديدة أكثر فعالية من تلك المستعملة من قبل المنافسين، حيث يكون بمقدورها تجسيد هذا الاكتشاف ميدانياً، وبمعنى آخر بمجرد إحداث عملية إبداع بمفهومه الواسع.

I.2.1- تعريف علي السلمي:
القدرة التنافسية هي المهارة أو التقنية أو المورد المتميز الذي يتيح للمنظمة إنتاج قيم ومنافع للعملاء تزيد عما يقدمه لهم المنافسون، ويؤكد تميزها واختلافها عن هؤلاء المنافسين من وجهة نظر العملاء الذين يتقبلون هذا الاختلاف والتميز، حيث يحقق لهم المزيد من المنافع والقيم التي تتفوق على ما يقدمه لهم المنافسون الآخرون.

I.3.1- تعريف نبيل مرسي خليل:
تعرف الميزة التنافسية على أنها ميزة أو عنصر تفوق للمؤسسة يتم تحقيقه في حالة اتباعها لاستراتيجية معينة للتنافس.

إنّ التعريف الأول أكثر دلالة وإقناعاً لأنه يركز على جوهر الميزة التنافسية ألا وهو الإبداع، أما التعريف الثاني فيركز على خلق القيمة للعميل، في حين التعريف الثالث يركز على أحد مصادر الميزة التنافسية والمتمثل في استراتيجية التنافس.
وتعرف استراتيجية التنافس على أنها مجموعة متكاملة من التصرفات التي تؤدي إلى تحقيق ميزة متواصلة ومستمرة عن المنافسين، وهذه الاستراتيجية تتحدد من خلال ثلاث مكونات رئيسية، وهي: طريقة التنافس، حلبة التنافس وأساس التنافس.

شكل رقم 1: مكونات استراتيجية التنافس













المصدر: نبيل مرسي خليل، الميزة التنافسية في مجال الأعمال، ص82.

وحتى تكون الميزة التنافسية فعالة، يتم الاستناد إلى الشروط التالية:
1- حاسمة: تعطي الأسبقية والتفوق على المنافس.
2- الاستمرارية: يمكن أن تستمر خلال الزمن.
3- إمكانية الدفاع عنها: يصعب على المنافس محاكاتها أو إلغائها.


I.2- أنواع الميزة التنافسية:
نميز بين نوعين من الميزة التنافسية:
I.1.2- ميزة التكلفة الأقل:
يمكن لمؤسسة ما أن تحوز ميزة التكلفة الأقل إذا كانت تكاليفها المتراكمة بالأنشطة المنتجة للقيمة أقل من نظيرتها لدى المنافسين ، وللحيازة عليها يتم الاستناد إلى مراقبة عوامل تطور التكاليف، حيث أن التحكم الجيد في هذه العوامل مقارنة بالمنافسين يكسب المؤسسة ميزة التكلفة الأقل، ومن بين هذه العوامل مراقبة التعلم: بحيث أن التعلم هو نتيجة للجهود المتواصلة والمبذولة من قبل الإطارات والمستخدمين على حد السواء، لذلك يجب ألا يتم التركيز على تكاليف اليد العاملة فحسب، بل يجب أن يتعداه إلى تكاليف النفايات والأنشطة الأخرى المنتجة للقيمة، فالمسيرون مطالبون بتحسين التعلم وتحديد أهدافه، وليتم ذلك يستند إلى مقارنة درجة التعلم بين التجهيزات والمناطق ثم مقابلتها بالمعايير المعمول بها في القطاع.

I.2.2- ميزة التميز:
تتميز المؤسسة عن منافسيها عندما يكون بمقدورها الحيازة على خصائص فريدة تجعل الزبون يتعلق بها ، وحتى يتم الحيازة على هذه الميزة يستند إلى عوامل تدعى بعوامل التفرد، والتي نميز من بينها التعلم وآثار بثه: بحيث قد تنجم خاصية التفرد لنشاط معين، عندما يمارس التعلم بصفة جيدة، فالجودة الثابتة في العملية الإنتاجية يمكن تعلمها، ومن ثم فإن التعلم الذي يتم امتلاكه بشكل شامل كفيل بأن يؤدي إلى تميز متواصل.

I.3- معايير الحكم على جودة الميزة التنافسية:
تتحدد بثلاث ظروف، هي:
I.1.3- مصدر الميزة:
نميز بين نوعين من المزايا وفقاً لهذا المعيار:
1- مزايا تنافسية منخفضة: تعتمد على التكلفة الأقل لقوة العمل والمواد الخام، وهي سهلة التقليد نسبياً من قبل المنافسين.
2- مزايا تنافسية مرتفعة: تستند إلى تميز المنتج أو الخدمة، السمعة الطيبة أو العلامة التجارية، العلاقات الوطيدة بالعملاء، وتتطلب هذه المزايا توافر مهارات وقدرات عالية المستوى مثل تدريب العمال.

I.2.3- عدد مصادر الميزة التي تمتلكها المؤسسة:
إنّ اعتماد المؤسسة على ميزة تنافسية واحدة يعرضها إلى خطر سهولة تقليدها من قبل المنافسين، لذا يستحسن تعدد مصادر الميزة التنافسية لكي تصعب على المنافسين تقليدها.

I.3.3- درجة التحسين، التطوير والتجديد المستمر في الميزة:
تقوم المؤسسات بخلق مزايا جديدة وبشكل أسرع لتفادي قيام المؤسسات المنافسة بتقليد أو محاكاة ميزتها التنافسية الحالية، لذا تتجه لخلق مزايا تنافسية من المرتبة المرتفعة ، كما يجب على المؤسسة أن تقوم بتقييم مستمر لأداء ميزتها التنافسية ومدى سدادها بالاستناد على المعايير السائدة في القطاع، كما يمكنها إثراء هذه المعايير بهدف التقييم الصائب لها ومعرفة مدى نجاعتها، وبالتالي اتخاذ القرار في الاحتفاظ بها أو التخلي عنها في حالة أنها لا تحقق هدفي التفوق على المنافس والوفورات الإقتصادية.

I.4- مصادر الميزة التنافسية:
يمكن التمييز بين ثلاث مصادر للميزة التنافسية: التفكير الاستراتيجي، الإطار الوطني ومدخل الموارد.

I.1.4- التفكير الاستراتيجي:
تستند المؤسسات على استراتيجية معينة للتنافس بهدف تحقيق أسبقية على منافسيها من خلال الحيازة على ميزة أو مزايا تنافسية، وتعرف الاستراتيجية على أنها تلك القرارات الهيكلية التي تتخذها المؤسسة لتحقيق أهداف دقيقة، والتي يتوقف على درجة تحقيقها نجاح أو فشل المؤسسة. وصنف "M.Porter" استراتيجيات التنافس إلى ثلاث أصناف:
1- إستراتيجية قيادة التكلفة: تهدف هذه الاستراتيجية إلى تحقيق تكلفة أقل بالمقارنة مع المنافسين، ومن بين الدوافع التي تشجع المؤسسة على تطبيقها هي: توافر اقتصاديات الحجم – آثار منحنى التعلم والخبرة – وجود فرص مشجعة على تخفيض التكلفة وتحسين الكفاءة وكذا سوق مكون من مشترين واعين تماماً بالسعر.
2- إستراتيجية التميز والاختلاف: يمكن للمؤسسة أن تميز منتجاتها عن المؤسسات المنافسة من خلال تقديم تشكيلات مختلفة للمنتج، سمات خاصة بالمنتج، تقديم خدمة ممتازة، توفير قطع الغيار، الجودة المتميزة، الريادة التكنولوجية، مدى واسع من الخدمات المقدمة، السمعة الجيدة، وتتزايد درجات نجاح هذه الاستراتيجية بزيادة تمتع المؤسسات بالمهارات والكفاءات التي يصعب على المنافسين محاكاتها.
3- إستراتيجية التركيز أو التخصص: تهدف هذه الاستراتيجية إلى بناء ميزة تنافسية والوصول إلى مواقع أفضل في السوق، من خلال إشباع حاجات خاصة لمجموعة معينة من المستهلكين، أو بالتركيز على سوق جغرافي محدود أو التركيز على استخدامات معينة للمنتج (شريحة محددة من العملاء).

I.2.4- الإطار الوطني:
إنّ الإطار الوطني الجيد للمؤسسات يتيح لها القدرة على الحيازة على ميزة أو مزايا تنافسية، لذلك نجد المؤسسات بعض الدول متفوقة ورائدة في قطاع نشاطها عن بعض المؤسسات في الدول الأخرى. بحيث تملك الدولة عوامل الإنتاج الضرورية للصناعة والممثلة في الموارد البشرية، الفيزيائية، المعرفية، المالية والبنية التحتية، فالحيازة على هذه العوامل يلعب دوراً مهماً في الحيازة على ميزة تنافسية قوية, وتشكل هذه العناصر نظاماً قائماً بذاته، ومن نتائجه إطار وطني محفز ومدعم لبروز مزايا تنافسية للصناعات الوطنية، وبالتالي يصبح الإطار الوطني منشأ لمزايا تنافسية يمكن تدويلها.


I.3.4- مدخل الموارد:
يتطلب تجسيد الاستراتيجية الموارد والكفاءات الضرورية لذلك، بحيث أن حيازة هذه الأخيرة بالجودة المطلوبة وحسن استغلالها يضمن لنا وبشكل كبير نجاح الاستراتيجية، ويمكن التمييز بين الموارد التالية:
1- الموارد الملموسة: تصنف إلى ثلاث أنواع:
* المواد الأولية: لها تأثير بالغ على جودة المنتجات، لذا يجب على المؤسسة أن تحسن اختيار مورديها والتفاوض على أسعارها وجودتها.
* معدات الإنتاج: تعتبر من أهم أصول المؤسسة والتي تحقق القيمة المضافة الناتجة عن تحويل المواد الأولية إلى منتجات، لذا يجب على المؤسسة ضمان سلامتها، تشغيها وصيانتها، بهدف تحقيق فعاليتها لأطول وقت ممكن.
* الموارد المالية: تسمح بخلق منتجات جديدة وطرحها في السوق أو توسيعها في نطاق أكبر كفتح قنوات جديدة للتوزيع، لذا يجب على المؤسسة أن تحقق صحتها المالية باستمرار وتحافظ عليها بهدف تعزيز موقفها التنافسي وتطويره على المدى البعيد.

2- الموارد غير الملموسة: نميز فيها ما يلي:
* الجودة: تسعى المؤسسات إلى تحقيق حصص سوقية عالية بالإعتماد على الجودة، والتي تشير إلى قدرة المنتج أو الخدمة على الوفاء بتوقعات المستهلك أو تزيد عنها وتستند المؤسسة إلى مفهوم الجودة الشاملة كسلاح استراتيجي للحيازة على مزايا تنافسية ودخول السوق الدولية، وكذا كسب ثقة المتعاملين.
* التكنولوجيا: إن العامل التكنولوجي من أهم الموارد الداخلية القادرة على إنشاء الميزة التنافسية بحيث يستمد أهميته من مدى تأثيره على الميزة التنافسية، وعلى المؤسسة اختيار التكنولوجيا المناسبة لها والتي تجعلها في موضع أسبقية على منافسيها.
* المعلومات: في ظل بيئة تنافسية، يجب على المؤسسة أن تكون في استماع ويقظة دائمين لهذه البيئة بحيث تلعب المعلومات دوراً مهماً لأنها تشكل مصدراً لاكتشاف خطط المنافسين وتحركاتهم وكذا متغيرات الأسواق مما يسمح للمؤسسة باتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب.
* المعرفة: تتضمن المعلومات التقنية والعلمية والمعارف الجديدة الخاصة بنشاط المؤسسة بحيث تستمدها هذه الأخيرة من مراكز البحث مثلاً، كما يمكن أن تنتجها من خلال حل مشاكلها التنظيمية والإنتاجية، وتساهم المعرفة في إثراء القدرات الإبداعية بشكل مستمر مما يسمح بخلق مزايا تنافسية حاسمة.
* معرفة كيفية العمل: أي الدرجة الراقية من الإتقان مقارنة مع المنافسين في مجالات الإنتاج، التنظيم والتسويق، وبالتالي اكتساب ميزة أو مزايا تنافسية فريدة. وتستمد هذه المعرفة من التجربة المكتسبة والجهود المركزة والموجهة إلى المهن الرئيسية للمؤسسة، وعليه يجب على المؤسسة المحافظة عليه وأن تحول دون تسريب أو تسويق معلومات عنه للمؤسسات المنافسة.

3- الكفاءات: تعتبر الكفاءات أصل من أصول المؤسسة، لأنها ذات طبيعة تراكمية، وهي صعبة التقليد من قبل المنافسين، ولقد اتخذت عدة تعاريف، من بينها:

شكل رقم 2: يبين بعض التعاريف المسندة لمصطلح الكفاءات












المصدر: La compétence au cœur du succès de votre entreprise, édition d'organisation, Paris 2000, P22.

وتصنف الكفاءات إلى صنفين:
* الكفاءات الفردية: تمثل حلقة فصل بين الخصائص الفردية والمهارات المتحصل عليها من أجل الأداء الحسن لمهام مهنية محددة "Leboyer" ، ومن بين الخصائص المرجعية للكفاءات الفردية:
أن يكون الفرد حيوياً، يقوم بما يجب القيام به، سريع التعلم، يملك فكرة اتخاذ القرار، قيادة الأتباع، ينشئ الجو المناسب للتطور، الوقوف في وجه مثيري المشاكل، متجه نحو العمل الجماعي، يوظف مساعدين مهرة، يبني علاقات جيدة مع الآخرين، إنساني وحساس، حازم وواقعي، يوفق بين عمله وحياته الشخصية، يعرف نقاط ضعفه وقوته، يجعل الأشخاص في وضعية مربحة، يتصرف بمرونة.
ويمكن للمؤسسة الحيازة على الكفاءات الفردية بالاستناد إلى معايير موضوعية ودقيقة في عملية التوظيف وكذا تكوين الأفراد بشكل يتماشى مع المناصب التي يشغلونها حيث ينتظر منهم مردودية أكبر.
* الكفاءات الجماعية أو المحورية: تدعى أيضاً بالكفاءات المتميزة أو القدرات، وتعرف على أنها تلك المهارات الناجمة عن تظافر وتداخل بين مجموعة من أنشطة المؤسسة حيث تسمح هذه الكفاءات بإنشاء موارد جديدة للمؤسسة فهي لا تحل محل الموارد، بل تسمح بتطورها وتراكمها. "J.Larregle"
كما تعرف أيضا على أنها تركيبة أو مجموعة من المهارات الفائقة، الأصول الملموسة أو غير الملموسة ذات الطابع الخاص، التكنولوجيات فائقة المستوى، الروتينيات (التصرفات المنتظمة) والتي تشكل في مجملها أساساً جيداً وقاعدة لطاقات المنظمة على التنافس ومن ثم تحقيق ميزة تنافسية متواصلة في مجال الأعمال (أو نشاط) معين، والهدف منها تحقيق مركز قيادة أو ريادة للمؤسسة. "نبيل مرسي خليل"
تدعى محورية لأنه يتوقف عليها بقاء المؤسسة، تطورها أو انسحابها، ويجب أن تتوفر فيها الخصائص التالية:
- تتيح الوصول إلى عدة أنواع من الأسواق.
- تساهم بشكل معتبر في قيمة المنتج النهائي الملحوظ من قبل الزبون.
- يصعب تقليدها من قبل المنافسين.
فالمؤسسة مطالبة بتجديد وتطوير كفاءاتها المحورية من خلال القدرات الديناميكية التي تتمتع بها، وتطوير هذه الأخيرة (القدرات الديناميكية) على المدى البعيد، والتي تصنف إلى أربع أصناف:
- تنمية، توصيل وتبادل المعلومات أو المعرفة بين أعضاء المنظمة (رأس المال البشري للمنظمة)، والتعلم القائم على تجارب المؤسسة.
- الإبداع الذي يستعمل الكفاءات المحورية الحالية من أجل إنشاء كفاءات جديدة.
- اكتشاف العلاقات الموجودة بين الكفاءات وكيفية تطورها عبر الزمن.
- الحفاظ على الكفاءات المحورية التي يجب أن تبقى ملك للمؤسسة، والحيلولة دون تدهورها.

إن تهاون المؤسسة في الاستثمار في الموارد والكفاءات يؤدي بها إلى تقادم هذه الأخيرة وبالتالي تراجع موقعها التنافسي، ونميز فرقاً بين تقادم أو تآكل الموارد والكفاءات، بحيث تتقادم الموارد عند استعمالها في حين تتقادم الكفاءات عند عدم استعمالها لأن مصدرها الأفراد، فإذا لم يسمح لهم بإظهار كفاءاتهم ومهاراتهم، فإن هذه الكفاءات والمهارات ستضمحل.
تهدف المؤسسة للحيازة على ميزة تنافسية أكثر قوة، لذا تضفي نوعاً من الضبابية على الكفاءات والموارد التي أدت إلى هذه الميزة والتي تدعى "بالسبب المبهم"، مما يصعب على المنافسين تقليد ومحاكاة هذه الكفاءات والموارد، ومن ثم صعوبة تقليد هذه الميزة.
ويكمُن الفرق بين الكفاءات المحورية وغير المحورية في كون الكفاءات المحورية تتميز بـ:
- خلق القيمة أو المنفعة الأساسية المباشرة للعميل.
- تميزها عن المنافسين أي أنها فريدة وأفضل من التي يملكها المنافسون.

4- ظاهرة المنظمات الساعية نحو التعلم: في ظل تزايد الاهتمام بالمنافسة المعتمدة على الكفاءات أو القدرات، برزت إلى حيز الوجود نظرية جديدة تفترض أن المعرفة هي المصدر الأساسي للثروات سواءاً بالنسبة لمنظمة بمفردها أو لدولة من الدول (Ducker).
بحيث تعد هذه النظرية من الموضوعات الحديثة في مجال الإدارة حيث يهدف إلى بناء منظمات ساعية نحو التعلم. كما ظهر في مجال التصنيع مفهوم الكفاءات المعتمدة على المعرفة، أي ضرورة اكتساب المؤسسات للقدرات والسعي نحو المعرفة لتحقيق عمليات التصنيع على المستوى العالمي، والقدرة على تنفيذ معرفتها الفنية بشكل أفضل من الشركات المنافسة، والعمل على تنمية معارفها من خلال اختيار أفضل للعناصر البشرية والمحافظة على مستوى مرتفع من التعليم والتدريب الفني المستمر، وبالتالي ظهر مصطلح "مصنع المعرفة"، أي إظهار مدى أهمية الحصول على الكفاءات المرتبطة بالمعرفة لرفع الأداء وتحقيق الوفورات في منظمات الأعمال (Roth)، إذن مصنع المعرفة هو منظمة ساعية نحو التعلم وتعد المعرفة من أحد نواتجها الأساسية.
ومن أهم التوجهات الجديدة لهذه النظرية هو دفع الفرد أو العامل لاكتساب المعرفة واستيعابها وتنميتها بنفسه، ثم وضعها حيز التطبيق، لهذا الغرض يعتمد الفرد على التشخيص الذاتي لكفاءته ومهاراته لتحديد الوسائل المناسبة التي تساعده على كسب المعرفة.

ولكي يتحقق هذا يجب توفر الشروط التالية:
تقبل التغيير، القدرة على تحمل الأخطاء، الثقة في النفس، مستوى معين من الطاقة.













II- الميزة التنافسية للموارد البشرية:
سوف نتعرض في هذا الفصل إلى إبراز أهمية الموارد البشرية في تنمية القدرات التنافسية للمنظمة، ثم نتطرق إلى الأسباب والدواعي التي أدت إلى تغيير نظرة المنظمة المعاصرة للعنصر البشري، ثم نستعرض الفلسفة الجديدة لإدارة الموارد البشرية، وأخيراً نحدد أهم الأسس اللازمة لتنمية القدرات التنافسية للموارد البشرية.

II.1- أهمية الموارد البشرية في تنمية القدرات التنافسية للمنظمة:
لقد "وهب" الله سبحانه وتعالى للإنسان ميزة العقل والتفكير، ومن ثم تبين للإدارة المعاصرة أن المصدر الحقيقي لتكوين القدرات التنافسية واستمرارها هو "المورد البشري" الفعال، وأن ما يتاح لديها من موارد مادية ومالية وتقنية ومعلوماتية، وما قد تتميز به تلك الموارد من خصائص و"إن كانت شرطاً ضرورياً لإمكان الوصول إلى تلك القدرة التنافسية، إلا أنها ليست شرطاً كافياً لتكوين تلك القدرة لذلك لا بد من توفر العمل البشري "المتمثل في عمليات التصميم والإبداع الفكري، التخطيط والبرمجة، التنسيق والتنظيم، الإعداد والتهيئة، التطوير والتحديث، التنفيذ والإنجاز، وغيرها من العمليات التي هي من إنتاج العمل الإنساني و بدونها لا يتحقق أي نجاح مهما كانت الموارد المتاحة للمنظمة، لكن توافر هذا العنصر البشري أو تواجده ليس كافياً لضمان تحقيق الأهداف المتوخاة للمنظمة أو تحقيقها لقدرة تنافسية، بل وجب تنمية قدراته الفكرية وإطلاق الفرصة أمامه للإبداع والتطوير وتمكينه من مباشرة مسؤولياته حتى تثيره التحديات والمشكلات وتدفعه إلى الابتكار والتطوير، إذاً، ما تتمتع به تلك الموارد البشرية من مميزات وقدرات هي التي تصنع النجاح المستمر، ووضع تلك المبتكرات والاختراعات في حيز التنفيذ. والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هو: ما هي الدواعي "الأسباب" التي أدت إلى تغيير توجهات أو نظرة الإدارة العليا إلى العنصر البشري.

II.2- دواعي تغيير نظرة المنظمة المعاصرة للعنصر البشري:
قبل سنوات قليلة كان الاهتمام بشؤون الموارد البشرية ينحصر في عدد قليل من المتخصصين الذين يعملون في قسم يطلق عليه "قسم أو إدارة الأفراد والموارد البشرية" يختصون بكافة المسائل الإجرائية المتصلة باستقطاب الأفراد وتنفيذ سياسات المؤسسة في أمور المفاضلة والاختيار بين المقدمين لشغل الوظائف، ثم إنهاء إجراءات التعيين وإسناد العمل لمن يقع عليه الاختيار، وكانت مهام إدارة الموارد البشرية تشمل متابعة الشؤون الوظيفية للعاملين من حيث احتساب الرواتب، ضبط الوقت، تطبيق اللوائح في شأن المخالفات التي قد تصدر منهم، وتنفيذ إجراءات الإجازات على اختلاف أنواعها، مباشرة الرعاية الطبية والاجتماعية وتنفيذ نظم تقييم الأداء وأعمال التدريب والتنمية التي يشير بها المديرون المختصون، ثم متابعة إجراءات إنهاء الخدمة في نهاية التقاعد وغيرها من الإجراءات الروتينية.
فالإدارة العليا في معظم المؤسسات لم تولي المورد البشري الاهتمام المناسب ولم تهتم بتنمية قدراته الإبداعية وجعله الركيزة الأساسية لتحقيق التفوق التنافسي. ومن الأسباب التي أدت إلى هذا القصور:
 حالات الاستقرار الاقتصادي النسبية والنمو المتواصل في الكثير من المؤسسات دون مشكلات كبيرة.
 المستويات المعتادة من المنافسة، وتعادل المراكز والقدرات التنافسية لكثير من المؤسسات.
 حالات الاستقرار التقني النسبية وتواضع المهارات والقدرات البشرية المطلوبة للتعامل مع التقنيات السائدة.

ففي تلك الظروف المتصفة أساساً بالاستقرار لم يمثل الحصول على الموارد البشرية المطلوبة مشكلة، كما أن مستويات المهارة المطلوبة لم يكن يتطلب عناية خاصة في محاولات البحث عن الموارد البشرية أو التعامل معها.
ولقد سادت هذه الظروف في كثير من دول العالم لفترات طويلة خلال فترة النهضة "الثورة" الصناعية التي تمتع بها العالم الغربي وانتقلت نسبيا إلى بعض دول العالم العربي، ففي تلك الظروف كانت أهم المشكلات التي تُعني بها الإدارة العليا في المؤسسة الاقتصادية هي تدبير الموارد المالية اللازمة، وتنميط أساليب الإنتاج وتحقيق مستويات أعلى من الميكنة "آلات" تحقيقاً لمستويات أعلى من الانتاجية. ومع تنامي السوق لم تكن حتى عمليات التسويق تثير اهتمام الإدارة العليا التي كان همها الأول "كما قلنا" هو الانتاج (يلاحظ أن الكثير من المؤسسات العربية لا تزال تسير وفق هذه الفلسفة التي ترى الإنتاج مشكلتها الأولى، وترى في العنصر البشري عامل من عوامل الإنتاج يخضع لنظم ولوائح وإجراءات لأداء المهام المنوطة "المسندة إليه" لا تترك له فرصة للتفكير أو الإبداع أو حرية اتخاذ القرار).
لكن تلك الظروف لم تدم على هذا النحو، فقد أصاب العالم كله حالات من التغير المستمر والمتواصل والعنيف ذو التأثير على هيكلة الموارد البشرية وقدراتها ولعل أبرز تلك التغيرات:
‌أ- التطورات العلمية والتقنية وانتشار تطبيقاتها خاصة تقنيات المعلومات والاتصالات والتي يتطلب استيعابها وتطبيقها كفاءة تتوفر في نوعيات خاصة من الموارد البشرية.
‌ب- تسارع عمليات الابتكار والتحديث للمنتجات والخدمات والاهتمام المتزايد بتنمية المهارات الابتكارية والإبداعية للعاملين وإتاحة الفرصة أمامهم للمساهمة بأفكارهم وابتكاراتهم لتنمية القدرات التنافسية للمؤسسة.
‌ج- اشتداد المنافسة واتساع الأسواق وتنامي الطلب "الأمر الذي استوجب وجود مختصين" في مجالات البيع والتسويق والترويج لمواجهة تلك الهجمات التنافسية.
‌د- ظاهرة العولمة وانفتاح الأسواق العالمية أمام المنظمات مع تطبيق اتفاقية الجات وظهور منظمة التجارة العالمية ودورها في تحرير التجارة الدولية من خلال إزالة العوائق الجمركية في تحرير التجارة الدولية، هذا الأمر أوجد هو الآخر احتياجاً متزايداً لنوعية جديدة من الموارد البشرية تتفهم الثقافات المختلفة وتستوعب المتغيرات المحلية في الأسواق الخارجية.
‌ه- ارتفاع مستوى التعليم وتطور مهارات البشر ذوي المعرفة المتخصصة في فروع العلم والتقنية الجديدة والمتجددة والذين أصبحت المنظمات تسعى إليهم لأهميتهم في تشغيل تلك التقنيات وصيانتها. ومن ثم اكتساب القدرة التنافسية.

تلك التغيرات كانت السبب الرئيسي في تغيير نظرة المؤسسة المعاصرة إلى الموارد البشرية وبداية التحول نحو اعتبارهم المصدر الأساسي للقدرات التنافسية وأكثر الأصول أهمية وخطورة في المؤسسة وبذلك بدأت الإدارة المعاصرة تبحث عن مفاهيم وأساليب جديدة لإدارة الموارد البشرية تتناسب مع أهميتها وحيوية الدور الذي تقوم به.
ومن ثم بدأ الاهتمام بإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: "ما هي أوجه الاختلاف بين إدارة الموارد البشرية التقليدية وإدارة الموارد البشرية الحديثة فيما يتعلق بنظرتهم أو تعاملهم مع المورد البشري؟"
II.3- الفلسفة الجديدة لإدارة الموارد البشرية:

إدارة الموارد البشرية التقليدية إدارة الموارد البشرية الحديثة
اعتبار إدارة الموارد البشرية على أنها مجموعة أعمال إجرائية تتعلق بتنفيذ سياسات ونظم العاملين. اعتبار وظيفة استراتيجية تتعامل مع أهم موارد المنظمة وتتشابك مع الأهداف والاستراتيجيات العامة لها.
مع تبني مفاهيم وتقنيات إدارة الجودة الشاملة في عمليات إدارة الموارد البشرية إلى جانب إدماج تقنيات المعلومات والاتصال في عمليات إدارة الموارد البشرية والتحول نحو نظم وتقنيات إدارة الموارد البشرية الالكترونية.
اعتبار "نفقات" تكلفة المهام التي تتولى إدارة الموارد البشرية مثل "نفقات التدريب" على أنها نفقات بدون مردود. اعتبارها نفقات استثمارية تدر عائدا على الاستثمار.
اهتمت بالبناء المادي للانسان وقواه العضلية وقدراته الجسمانية، ومن ثمة ركزت على الأداء الآلي للمهام التي يكلف بها دون أن يكون له دور في التفكير واتخاذ القرارات. تهتم بعقل الانسان وقدراته الذهنية في التفكير والابتكار والمشاركة في حل المشاكل وتحمل المسؤوليات.
ركزت على الجوانب المادية في العمل، واهتمت بقضايا الأجور والحوافز المادية وتحسين البيئة المادية للعمل. تهتم بمحتوى العمل والبحث عما يسمى القدرات الذهنية للفرد، ولذا تهتم بالحوافز المعنوية وتمكين الانسان ومنحه الصلاحيات للمشاركة في تحمل المسؤوليات لكي يشعر بأهمية الوظيفة.
اتخذت التنمية البشرية في الأساس شكل التدريب المهني الذي يركز على اكتساب الفرد مهارات ميكانيكية يستخدمها في أداء العمل دون السعي لتنمية المهارات الفكرية أو استثمارها. التنمية البشرية أساساً هي تنمية إبداعية وإطلاق لطاقات التفكير والابتكار عند الانسان وتنمية العمل الجماعي والتأكيد على روح الفريق.
الاهتمام بعمليات الاستقطاب والتوظيف للعاملين حسب احتياجات الإدارة التنفيذية المختلفة. الانشغال أو الاهتمام بقضية أكثر حيوية وهي إدارة الأداء وتحقيق الانتاجية الأعلى وتحسين الكفاءة والفعالية.
الانحصار في عمليات بحث واستقطاب العنصر البشري في السوق المحلية فقط. الانتشار في عمليات البحث والاستقطاب في سوق العمل العالمي لانتقاء أفضل العناصر وأكثرها قدرة على تحقيق أهداف المؤسسة.


II.4- أسس تنمية القدرات التنافسية للموارد البشرية:
باعتبار المورد البشري هو الذي يعمل على تفعيل واستثمار باقي الموارد المادية والتقنية الأخرى في المنظمة وأن نجاح المنظمة يعتمد بالدرجة الأولى على نوعية هذه الأخيرة "مواردها البشرية" فإنه من الضروري أن توجه جميع جهود المؤسسة في سبيل تطوير وتنمية هذا المورد من أجل الوصول به إلى حد الامتياز.
لكن قبل التعرض إلى المداخل التي تساهم في تطوير الموارد البشرية نستعرض مفهوم الموارد البشرية أو لِمَا وجب أن يتوفر في الموارد البشرية لكي تساهم في تحقيق التفوق التنافسي. أو لكي نقول عنها أنها متميزة.
بشكل عام لكي تساهم الموارد البشرية في نجاح وتفوق المؤسسة وجب أن تتوفر فيها الصفات التالية:
- أن تكون نادرة أي غير متاحة للمنافسين، بمعنى أن يتوفر للمؤسسة موارد بشرية نادرة المهارات والقدرات ولا يمكن للمنافسين الحصول على مثلها، كأن تتوفر لدى هذه الموارد البشرية القدرة على الابتكار والإبداع وقبول التحديات والمهام الصعبة والقدرة على التعامل مع تقنيات مختلفة.
- أن تكون الموارد البشرية قادرة على إنتاج القيم "Valeur" من خلال تنظيم غير المسبوق "sans précédent" وتكامل المهارات والخبرات ومن خلال القدرات العالية على العمل في فريق.
- أن يصعب على المنافسين تقليدها، سواء بالتدريب والتأهيل، ولعل ما يذكر عن الموارد البشرية اليابانية هو نوع من الموارد التي يصعب تقليدها إذا تعرف على أنها مرتبطة بالمؤسسات التي تعمل فيها ارتباطاً وثيقاً يعبر عنه بفكرة التوظف الدائم، فتعتبر هذه الحالة فريدة من نوعها، لا تكرر بسهولة في غير المؤسسات اليابانية.

لكن لكي تمتلك المؤسسة هذه الموارد البشرية المتميزة يجب أن توفر مجموعة من المتطلبات "الأسس" التي يمكن حصرها في هذه النقاط:
1- التدقيق في اختيار العناصر المرشحة لشغل وظائف تسهم في قضية بناء وتنمية وتوظيف القدرات التنافسية بوضع الأسس السليمة لتقدير احتياجات المنظمة من الموارد البشرية وتحديد مواصفات وخصائص الأفراد المطلوبين بعناية. إلى جانب التأكد من توافق التكوين الفكري والنفسي والاجتماعي والمعرفي للأشخاص المرشحين مع مطالب هذه الوظائف وتمتعهم بالسمات والخصائص التي بيناها سابقا، من خلال تنمية وسائل ومعايير فحص المتقدمين للعمل في المفاضلة بينهم لاختيار أكثر العناصر توافقا مع احتياجات المؤسسة.
وفي هذا الصدد نذكر أن أمام المؤسسة خيارين فيما يخص استقطاب الموارد البشرية فإما أن تجري عمليات البحث والاستقطاب ذاتياً بإمكانيات المؤسسة وأساليبها الخاصة، أو إسنادها إلى مكاتب البحث والاستقطاب ومراكز التقييم المتخصصة.
2- الاهتمام بتدريب الموارد البشرية بمعنى أشمل وأعمق مما كانت تتعامل به إدارة الموارد البشرية التقليدية، أي عدم انحصارها على الأفراد الذين يبدون قصور في مستويات أدائهم، بل يجب أن يشمل جميع أفراد المنظمة مهما كان سنهم، ومهما كان مستواهم المعرفي والوظيفي؛ أي جميع أفراد المنظمة لا على التعيين.
وقد تبين منهجية إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية أن تفعيل التدريب وجرعات تنمية الموارد البشرية لا تتحقق بمجرد توجيهها وتركيزها على الأفراد القائمين بالعمل، وإنما لا بد من أن تتناول جهود التنمية المنظمة ذاتها وذلك من خلال تحويلها إلى منظمة تتعلم حتى تهيئ الفرص للعاملين فيها بالتعلم وتتميز معارفهم في تطوير الأداء.
ولكي تضمن المؤسسة ذلك يجب أن تكون في ارتباط مستمر مع الجامعات ومراكز البحث وحتى المؤسسات الرائدة لكي يتسنى لها الحصول على المعارف الجديدة.
3- ترسيخ روح التعلم لدى الأفراد وإتاحتهم الفرص للمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية والمهنية المختلفة وتطبيق نظام يقضي بتحمل المنظمة عنهم رسوم الاشتراك في تلك المؤتمرات والندوات ورسوم العضوية في الجمعيات والهيئات العلمية والمهنية. فضلاً عن تيسير فرص استكمال الدراسات العليا والمتخصصة مع تحمل نفقات عنهم، كلها أو جزء منها وعلى حساب وقت المؤسسة.
4- تنمية واستثمار الطاقات الفكرية والقدرات الإبداعية للأفراد وتوفير الفرص للنابهين "الممتازين" منهم لتجريب أفكارهم ومشروعاتهم الخلاقة، والعمل بمبدأ الإبتكار أو الفناء.
نذكر هنا أن المؤسسات الأكثر نجاحاً في العالم المتقدم تحاول أن تجعل من كل فرد رجل أعمال في ذاته وليس مجرد موظف يؤدي أعمال روتينية بل هو يفكر ويبتكر ويشارك في المسؤولية ويتحمل المخاطر.
5- تنمية أساليب العمل الجماعي وتكريس روح الفريق للموارد البشرية في المؤسسة وضرورة توفير المناخ المساند لتنمية الاتصالات الإيجابية والتواصل بين شرائح العاملين المختلفة وتحقيق أسس الانتماء والولاء للمنظمة.
6- مراجعة هيكل الرواتب والتعويضات المالية وإجراء المقارنات مع المستويات السائدة في سوق العمل ، وفي هذا المضمار يمكن الإتاحة للعناصر البشرية الفرصة في المشاركة في عوائد إنتاجهم الفكري بتطبيق نظم المشاركة في الأرباح وتوزيع أسهم مجانية، لتحفيزها وتنمية اهتمامها بالعمل.
7- فتح قنوات الاتصال وتسيير تدفقات المعلومات والمعرفة بين قطاعات وجماعات العمل المختلفة لتحقيق الفائدة الأعلى الناشئة من هذا النمو المتصاعد للمعرفة نتيجة التداول والتعامل فيها، باعتبار أن ما يفرق المعرفة على الموارد الأخرى التي تتاح لدى المؤسسة هو أنها لا تنقص ولا تهتلك بالتداول، بالعكس فهي تنمو وتتطور كلما زاد انتشارها وتداولها بين الأفراد.
إلى جانب هذا نذكر أهمية تهيئة الفرص للعاملين للمشاركة في اقتراح الاستراتيجيات وتطوير النظم وتأمين مناخ من الانفتاح الفكري الذي يحفز العاملين على التفكير والإبداع والمساهمة بالأفكار في إثراء القاعدة المعرفية للمنظمة.
8- تطبيق نظام إدارة الأداء ومن ثم الاهتمام بجميع عناصره البشرية والمادية والتقنية والتصميمية في إطار متناسق ومتكامل والاهتمام بقضية مهمة جداً ألا وهي مراعاة الأبعاد الثقافية والاجتماعية للموارد البشرية واختلاف مستوياتهم الفكرية، وأخذ هذه الفروق في الاعتبار عند تصميم الأعمال وإعداد خطط الأداء وتحديد معايير التقييم.
إلى جانب تزويد العاملين بالمعلومات المتجددة، عن طريق التدريب أو الاجتماعات الدورية بين العاملين والرؤساء والكشف عن أفكار جدية لتحسين فرص الأداء حسب الخطط المعتمدة.
9- ومن أجل تنسيق جهود تلك الموارد البشرية متنوعة الخبرات والكفاءات والاهتمامات، وضمان توجيهها جميعا صوب الأهداف المحددة وفق الأساليب والأولويات المعتمدة وجب التركيز على عنصر مهم في عناصر الموارد البشرية ألا وهو القائد الإداري، الذي يختص في ممارسة وظائف التوجيه، المساندة والتنسيق ولتقييم وغيرها من الوظائف، والذي يلعب دور الرائد في تهيئة الدخول إلى عصر المتغيرات واستكمال مقومات التميز.
فالقائد ليس الفرد الذي يفرض سلطته على العمال لأداء عملهم بل هو الذي يوجه ويطور وينمي قدرات الموارد البشرية. إذاً هو مدير أعمال بحد ذاته، يسير الأفكار والقيم ، إذا وجب تغيير النظرة إليه أو إلى القيادة الإدارية ككل، واعتبارهم مدربين ومساندين ورعاة للعاملين وليسوا رؤساء ومسيطرين.










الخاتمة:

كان التصور في الماضي أن من يقدمون المساهمات المالية لتكوين الشركات ومنظمات الأعمال هم أصحاب رأس المال، ولكن الواقع الجديد يطرح حقيقة أخرى أهم، وهي أن من يملك المعرفة يملك المنظمة. إن رأس المال الفكري يقدمه أصحاب المعرفة، فهم أصحاب رأس المال الحقيقي والأهم.
وبذلك حين تتعامل إدارة الموارد البشرية مع أفراد المنظمة يجب أن ينطلق هذا التعامل من تلك الحقيقة، أن العاملين ليسوا أجراء يعملون لقاء أجر ولا يمثلون عامل من عوامل الإنتاج، وإنما على أنهم مصدر للأفكار والأداة الرئيسية للتغيير ولتحويل التحديات لقدرات تنافسية بفضل المعرفة والقدرة الإبتكارية أو الإبداعية التي يمتلكونها، لذا يفترض بالمنظمة تنمية قدرات الأفراد وتحفيزهم على التطوير والإثراء في أدائهم، وذلك بهدف تفعيل مساهمات العنصر البشري في تحقيق الأهداف المتوخاة للمنظمة، فعلى هذه الأخيرة أن تدرك بأن اللعبة التنافسية ليست اختياراً، بل هي ضرورة حتمية تمليها عليها الظروف الجديدة، وعليها التعامل مع قواعد هذه اللعبة والتي تقوم أو تستند في الأساس على أهمية العنصر البشري.











بحث الميزة التنافسية 02
المقدمـة :

إن سرعة التغيرات الحاصلة في المحيط البيئي الدولي، في جميع المجالات الحياتية، أثر على معظم إقتصاديات الدول المتقدمة والمتخلفة في آن واحد، وبدرجات متفاوتة. إن ديناميكية المتغيرات البيئية، راجع للتحولات الحاصلة في الميدان الإقتصادي، والإجتماعي، والسياسي، والطبيعي، والتكنولوجي.بما أن الجزائر هي من تلك الدول، فنجد أن إقتصادها طرأ عليه عدة تحولات، منها إنفتاح السوق الوطنية للمنافسة الوطنية والخارجية.ونتيجة ذلك، قد إتخذت عدة إجراءات في جميع الميادين لمسايرة تلك التحولات، سواء على المستوي الكلي أو الجزئي، منها تبني برنامج لتصليح مسار الإقتصاد الوطني.إن تعدد وتنوع التحديات التي تواجه المؤسسات الوطنية، إثر سياسة الإصلاح الإقتصادي، قد تؤثر على سلوكياتها إيجابيا، أو سلبيا.إن تبنى إستراتيجيات فعالة، في محيط يتميز بالمنافسة القوية، وتغير أذواق المستهلكين، وسرعة التطور التكنولوجي، يمكنها من البقاء والنمو.إن الإستراتيجية الفعالة والناجعة، تكمن في التشخيص الخارجي، والداخلي لمحيط المؤسسة، الذي يمكنا من تحديد الفرص والتحديدات من جهة، ونقاط القوة والضعف من جهة أخرى.إن إستغلال تلك الفرص وتجنب التهديدات، يتم من خلال إمتلاكها لقدرات تنافسية أكبر من منافسيها، في جميع المجالات.إن تنافسية المؤسسة تكمن في قدرتها على إنتاج منتجات ذات نوعية جيدة، وبسعر مقبول من طرف المستهلك، وفي الوقت المطلوب.
إنطلاقا مما تقدم، إن موضوع مداخلي يتمثل في القدرات التنافسية للمؤسسات الوطنية في ضل التحولات الحاصلة في الإقتصاد الوطني.

إشكالية البحث :
تتمثل مشكلة البحث في عدم إهتمام جل مؤسساتنا الوطنية للتنافسية كمصدر لتحقيق النمو والبقاء في محيط يتميز بالمنافسة الشديدة. وتبعا لذلك نطرح الإشكال التالي:
• هل تملك المؤسسات الوطنية قدرات تنافسية تمكنها من تحقيق البقاء والنمو في ضم التحولات التي يشهدها الإقتصاد الوطني ؟

الفرضيات :
هناك جملة من الفرضيات نقتصر على الأهم منها.
• التشخيص المحكم لمتغيرات المحيط البيئي للمؤسسات الوطنية، يعتبر أحد العوامل الأساسية لإعداد الإستراتيجيات الفعالة.
• التنافسية أداة لتلبية حاجات المستهلكين الحاليين والمرتقبين.

• تحقيق الريادة في محيط تنافسي، لا يتم إلا من خلال إمتلاكها لقدرات تنافسية أكبر.
منهجية البحث :
سيتم إستخدام الأسلوب الوصفي في هذا البحث وذلك للتعرف على مفهوم التنافسية و مكوناتها وكيفية قياسها إلى جانب التطرق إلى أهم الإستراتيجيات التي بإمكان المؤسسة إنتهاجها.وفضلا عن ذلك، نتبع الأسلوب التحليلي للتعرف على واقع تنافسية المؤسسات الوطنية من خلال إستبيان قد تم إعدادها على مستوى بعض ولايات الغرب الجزائري.
يشمل البحث جزئين أساسيين : الجزء الأول يتمثل في تعريف التنافسية على المستوى المؤسسة، ومقاييس تحديدها، والعوامل المؤدية إلى تقوتها وتدعيمها.أما الجزء الثاني نتطرق من خلاله إلى دراسة ميدانية لجملة من المؤسسات الوطنية لمعرفة التأثيرات التي أحدثتها نتائج تلك الإصلاحات الإقتصادية، ومنها بالخصوص إنفتاح السوق الوطنية للمنافسة الداخلية والخارجية.

هدف البحث:
يهدف البحث إلى دراسة مفهوم التنافسية والتعرف على مصادرها وأنواعها.إن ضرورة الإهتمام بالتنافسية من قبل المؤسسات الرائدة في السوق، دفع المسيرين داخل المؤسسات إلى التركيز عليها كمصدر لتحقيق النمو الإستمرارية.إن هذا البحث يرمي في شقه الثاني إلى تسليط الضوء على مدى إمتلاك مؤسساتنا الوطنية إلى قدرات تنافسية تؤهلها إلى تحقيق أهداف في ظل التغيرات الحاصلة في الميدان الإقتصادي والإجتماعي التي نشهده الجزائر.
















1- مفهوم الميزة التنافسية :
إن الهدف من تحليل تنافسية المؤسسة يتمثل في تحديد طبيعة الميزة التنافسية التي تتميز بها عن منافسيها المباشرين بالدرجة الأولى وبقية المنافسين فيما بعد.إن نتيجة ذلك توضح لنا وضعيتها التنافسية في السوق وما قدرتها على الحفاظ عليها لمدة أطول.إن المقام يجبرنا أن نعطي بعض المفاهيم للميزة التنافسية ومنها ما يالي:
هي الخصائص أو الصفات التي يتصف بها المنتوج أو العلامة وتعطي للمؤسسة بعض التفوق والسمو عن منافسيها المباشرين.(1)
وقد عرفها Oughton بأنها: القدرة على إنتاج السلع الصحيحة والخدمات بالنوعية الجيدة وبالسعر المناسب وفي الوقت المناسب. وهذا يعني تلبية المستهلكين، بشكل أكثر كفاءة من المنشآت الأخرى.(2)
إن معرفة القدرة التنافسية للمؤسسة يتحدد في وضع تنافسي ولهذا هي :" القدرة على البيع لمدة أطول مع تحقيق الربح ". (3)
يتضح من هذه التعاريف و تعاريف أخرى، أن الميزة التنافسية تتمثل في ذلك الإختلاف والتميز الذي تملكه المؤسسة عن منافسيها، والذي سيؤهلها إلى تحقيق مزايا عدة منها الحصول على هوامش مرتفعة، وتطبيق أسعار جد منخفضة، وحصول على حصة سوقية أكبر، والنمو والبقاء أطول ما يمكن.

1-1 مصادر الميزة التنافسية :
إن الخصائص والصفات التي تتميز بهما المؤسسة عن منافسيها ذات طبيعة متغيرة ونسبية، وتمس الأنشطة التي تقوم بها، كالمنتوج، والخدمات بأنواعها (الأساسية والمكملة)، وكيفية الإنتاج، والتنظيم، والأنشطة التسويقية، …إلخ.وإن هذا التفوق النسبي الناتج عن عدة عوامل أو مصادر مختلفة.وقد نجد عدة مؤلفين قاموا بتحديد مصادرها، فنهم Jean Jacques Lambin الذي أعتبرها إما أن تكون داخلية أو خارجية.
إن الميزة التنافسية الخارجية هي التي تعتمد على الصفات المميزة للمنتوج وتمثل قيمة لدى المشتري، سواء بتخفيض تكاليف الإستعمال، أو برفع كفاءة الإستعمال.أما الميزة التنافسية الداخلية تعتمد على تفوق المؤسسة في التحكم في تكاليف التصنيع، والإدارة، أو تسيير المنتوج الذي يعطي للمنتج قيمة وذلك من خلال سعر التكلفة المنخفض عن المنافسين.(4)
يتضح من خلال ذلك، على المؤسسة الجزائرية أن تحقق ميزة تنافسية تمكنها من السيطرة على السوق الوطنية ولماذا السوق الدولية، وذلك من خلال إنتاج منتوجات ذات جودة ونوعية عالية تؤهلها بأن تكون مقبولة من طرف


المستهلكين.ومما لاشك فيه، إن الميزة التنافسية لأي منتوج جديد في وضع تنافسي، يتحدد على أساس تميزه وتكلفته مقارنة مع المنتجات المنافسة له.
إن M.E..Porter يعتبر من المؤلفين الأكثر شيوعا الذين قاموا بتحديد مصادر الميزة التنافسية، وحصرها في التكلفة والتمييز، إلى جانب المعايير الكلاسيكية مثل: الوفورات الإقتصادية، زيادة من إنتاجية عوامل الإنتاج، تخفيض التكاليف. إن معيار التمييز نجده في بعض المراجع مرادف لجودة المنتوج، والتي على أساسه يتم التفضيل بين المنتجات المطروحة في السوق.إن الشكل رقم (1) أدناه، يوضح مصادر الميزات التنافسية.

الشكل(1) : مصادر الميزات التنافسية أو القيمة











المصدر:Tugrul Atamer et Roland Calori, « Diagnostic et Décisions Stratégiques », Dunod, Paris, 1998, P.13

يتضح من الشكل (1)، إن تحقيق ميزة تنافسية أكبر من المنافسين، يتطلب من المؤسسة المبدعة أو المنتجة لأي منتوج جديد (سلعة أو خدمة)، أن تراعي حاجيات المستهلك أو المستعمل في عملية الإنتاج، وهذا بأخذ بآرائه في جميع مراحله أو البعض منها.وإن نتيجة ذلك، يساهم بدرجة أكبر في قبوله للمنتوج الجديد، مع إعطاء ولائه إليه.وزيادة على ذلك، فإن أسعار مكونات المنتوج، هي الأخرى لها تأثير على جودته وتنويعه.أما تدنية التكاليف، هي الأخرى تتأثر بأسعار المواد الأولية، والتحكم في التكنولوجية المستخدمة، والكفاءات والمهارات.





2- طرق البحث عن مصادر الميزة التنافسية :
توجد عدة طرق في البحث عن مصادر الميزة التنافسية، ومنها ثلاثة طرق عملية وبسيطة، تكون بمثابة أسلوب للبحث عنها، وهي: (5)
• تحليل مصادر الميزة التنافسية.
• تحليل السلسلة العمودية (للتصور – الإنتاج – التوزيع).
• تحليل مكونات التمييز ومكونات التكاليف.

2-1 تحليل مصادر الميزة التنافسية :
إن تحليل مصادر الميزة التنافسية، يتوقف على تحديد العناصر الأساسية المشكلة لعرض المؤسسة، حيث أنها هي المحددة لقيمة المنتوج لدى المشتري.إن هذه الأخيرة تأخذ عدة أشكال منها، الجودة، السعر، الخدمات بعد عملية البيع، السرعة في معالجة الطلابيات، الملاءمة…إلخ.إن معرفة تصورات المشترين إتجاه قيمة المنتوج، يتم عن طريق القيام بدراسات ( إقتصادية، نفسية، إجتماعية ) لمعرفة سلوكات المشترين.قد يمكن للمؤسسة أن تقوم بمعرفة ذلك السلوك دون اللجوء إليهم، وذلك عن طريق مجموعة من الخبراء داخل المؤسسة يحلون محلهم، ويطلب منهم إعطائها تصورهم للقيمة المنتظرة من قبل المشتريين المحتملين للمنتوج الجديد.إنه في كلا الحلتين، يطلب منهم الإجابة على السؤال المتعلق بخصائص القيمة المنتظرة من إستعمال المنتوج الجديد، مع ترتيبها حسب الأولية.ونتيجة ذلك، سنحصل على سلم للخصائص حسب أهميتها، ومنه نستطيع إستشراف سلوكات المستعملين المنتظرين، والتي على ضوئها يتم إعداد المنتوج الجديد.
إن الملاحظة الأساسية التي يجب أن نشير إليها، أن قيمة الشيء تختلف من شخص إلى أخر، نظرا لتباين الحاجات من جهة، وحاجته إليها من جهة أخرى.ونظرا لذلك، فنجد قيمتها تأخذ عدة أشكال حسب مستعمليها.

2-2 تحليل سلسلة الأفقية للقيمة:
" إن الميزة التنافسية تنجم عن مجموعة من الأنشطة تقوم بها المؤسسة، كالتخزين، والإنتاج، والتسويق، والتوزيع، وتدعيم منتجاتها، حيث كل نشاط تقوم به، سيسهم في تحسين وضعيتها من حيث التكاليف وخلق قاعدة تمييزية." (6)
يتضح من ذلك، أن قيمة المنتوج الجديد مثلا، هي المبلغ الذي يستطيع الزبون دفعه للحصول عليه لتلبية حاجاته.وإنها تتحدد من خلال مجموعة من الأنشطة، تتفاعل فيما بينها، تسمى بسلسلة القيمة.إن هذه الأخيرة، عرفها M.E..Porter على النحو التالي: "إن فكرة سلسلة القيمة، هي أشمل من نظام القيمة، حيث أنها ترمي إلى توضيح الجيد للميكانزمات الأساسية الخاصة بتحضير الإستراتيجية، إلا أن تطرح بعض المشاكل في حالة تطبيقها." (7)

إن سلسلة القيمة تعتبر أداة للتحليل الإستراتيجي، حيث تستطيع المؤسسات من خلالها تحقيق ما يالي: (8)
• التجزئة الإستراتيجية لأنشطة المؤسسة.
• تحديد وتوضيح مكونات التكاليف.
• تحديد المصادر الممكنة للتميز.
من خلال ما تقدم، حول مفهوم القيمة، وسلسلة القيمة، إن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو : ما هي الأنشطة المولدة للقيمة ؟.
إن كل نشاط تقوم به المؤسسة، يساهم بخلق القيمة ولكن بدرجات متفاوتة.إنطلاقا من التصنيف الخاص بالخدمات والفرق بينها وبين السلع المادية، يمكن أن نقول هناك أنشطة أساسية والأخرى ثانوية."أما M.E..Porter، فيعتبر الأنشطة الخالقة للقيمة، تتمثل في أنشطة رئيسية، وأنشطة مدعمة." (9)
1. الأنشطة الرئيسية :
تتمثل في الأنشطة التي تكون لها علاقة مباشرة بخلق المنتوج الجديد، إنطلاقا من المراحل الأولى لسيرورة عملية الإبداع حتى المراحل النهائية.قد قام M.E..Porter بتصنيفها إلى خمسة أنشطة هي :
• الإمداد الداخلي: تتمثل في أنشطة الإستقبال، والمناولة، والتخزين ومراقبته،…إلخ.
• الإنتاج: تتعلق بالأنشطة المرتبطة بعملية تحويل المدخلات إلى مخرجات، وما يرافقها من أنشطة مثل صيانة الأجهزة، ومراقبة النوعية،…إلخ.
• الإمداد الخارجي: يخص الأنشطة التي تتكلف بالتجميع المخرجات، التخزين، المناولة، النقل،…إلخ.
• التسويق والبيع: يتمثل في الأنشطة التسويقية المادية والغير مادية (إختيار القنوات التوزيعية، والإشهار، والقوة البيعية، والعلاقات العامة، وترقية المبيعات، وتحديد السعر.
• الخدمات الضرورية التي يتطلبها المنتوج الجديد من تركيب، وصيانة، وتكوين، وإرشادات، وغيرها كثير التي تدعم وتقوى قيمته لدى مستعمليه الحاليين والمرقبين.
2. الأنشطة المدعمة :
إن أهميتها تكمن في مساندة الأنشطة الرئيسية، حيث بدونها لا تستطيع الأنشطة الرئيسية من القيام بمهامها كما ينبغي.إن هذه الأنشطة حسب M.E.Porter تتمثل في التموين، التطور التكنولوجي، وتسيير الموارد البشرية، والبنية القاعدية للمؤسسة.
إن الملاحظة التي بإمكاننا أن نشير إليها في هذا المقام، قد تكون بعض الأنشطة الثانوية أساسية لدى بعض المؤسسات دون الأخرى.وعلى العموم، إن كل من
الأنشطة الرئيسية والمدعمة هي مصدر للقيمة.إن تحديد طبيعة الأنشطة ونوعيتها بدقة ضمن سيرورة السلسلة، هي التي توضع لنا درجة التفاعل فيما بينها، وتأثيرها على مكونات الميزة التنافسية.إن هذه الأخيرة، تتحقق من خلال تفاعل الأنشطة الرئيسية فيما بينها من جهة، ومع الأنشطة الثانوية من جهة أخرى." إن تسيير الروابط تعتبر عملية جد معقدة على مستوى التنظيم أكثر من تسيير الأنشطة الخالقة للقيمة، حيث التمكن من التنبؤ وتسيير الروابط بإمكانه من توليد أو الحصول على ميزة تنافسية دائمة." (10)
وزيادة على تلك الروابط الداخلية لسلسلة القيمة، توجد روابط خارجية تربطها بمكونات محيطها الخارجي، مما تدعم وتولد ميزة تنافسية.

2-3 تحليل مكونات التمييز والتكاليف:
قد قام Tugrul Atamer et Roland Calori(1998) بتحديد مصدرين لكل من التكلفة والتمييز، حيث الشكل رقم (2) أدناه يوضح ذلك.

الشكل (2): مصادر خلق القيمة












المصدر: Tugrul Atamer et Roland Calori, « Diagnostic et Décisions Stratégiques », Dunod, Paris, 1998, P.19

يتضح من خلال الشكل أعلاه، أن الميزة التنافسية تتولد من خلال تفاعل عدة محددات، حيث كل واحد منها يساهم في إعطاء للمؤسسة قيمة تجعلها تتميز عن منافسيها المباشرين.
إن التطور التكنولوجي يعتبر أحد القوى الأساسية في تشكيل المحيط التنافسي، حيث يمكن أن يؤدي إلى11)

• يمكن أن يكون معجل أو معطل لنمو الطلب وذلك بإحداث ظواهر إحلالية، أو يسمح بتجديد المنتوجات
• بإمكانه أن يخلق أو يدمج عدة قطاعات وذلك بعرض عدة بدائل من خلال إحداث وظائف جديدة، أو يجمع عدة وظائف في نفس المنتوج
• بإستطاعته تغيير هيكل وديناميكية التكاليف بخلق مصادر جديدة للميزة التنافسية
• يمكن أن يغير حواجز الدخول.
إن إكتساب المعرفة التكنولوجية والتحكم فيها عن منافسيها، قد يمكنها من تحقيق ميزة تنافسية أكبر.ويتضح من خلال ذلك، أن هناك علاقة معقدة بين التطور التكنولوجي وتنافسية المؤسسة." إن Morone يؤكد أن التكنولوجية هي مصدر من مصادر الميزة التنافسية للمؤسسة حتى وإن كان القطاع الصناعي في مرحلة الإشباع، الأمر الذي يتطلب منها بذل جهود مضاعفة لإكتساب التكنولوجية التي تجعلها في وضعية التحكم من جهة وإعادة تشبيب القطاع من جهة أخرى.أما Igor Ansoff تختلف وجهة نظره عن سابقتها، حيث يرى أن القطاعات الصناعية التي تتميز بالتكنولوجية العالية، تعتمد على توالد المنتوجات الجديدة التي تكون قريبة فيما بينها في الإطلاق، الأمر الذي لا يسمح من الإستغلال الأمثل للتدفقات المالية الناتجة عن كل منتوج.وتبعا لذلك على المؤسسات أن تتوقف أن تكون منقادة عن طريق التكنولوجية والبحث والتطوير." (12)
هناك عدة دراسات أظهرت أن التطور التكنولوجي ليس هو له قيمة في حد ذاته، بل يعتبر وسيلة لتحقيق تلك الميزات المشار إليها سابقا، إذا أحسنت المؤسسات كيفية الإستغلال.
إن المعرفة التسويقية هي الأخرى لا تقل أهمية عن المعرفة التكنولوجية، حيث تتمثل في إمتلاك المؤسسة المؤهلات الضرورية لإعداد إستراتيجية تسويقية فعالة مثل: تطوير المنتوجات الجديدة، وتنويع في الخدمات، وقيام بحملات ترويحية، ومعرفة حاجات ورغبات المستهلكين، وقيام بالدراسة السوقية،…إلخ.
أن تدنية التكاليف ورفع من الإنتاجية يتم من خلال تظافر عدة عوامل منها مثلا: كفاءة العمال، التحكم في التقنية، المواد الأولية، التجربة، الوفورات الإقتصادية، الأجور والتحفيزات، المناخ الملائم،…إلخ.
وتبعا لذلك، فهذا يتحدد على أساس القدرات التي تمتلكها.إن هذه الأخيرة تأخذ عدة أشكال، كما يبرزها Michel Marchesnay P97 في الشكل رقم (3) التالي:







الشكل(3) تقييم إمكانات المؤسسة




المادية، البشرية،المالية الإنتاجية، المالية
المعلومات، التكنولوجية التكنولوجية،
إلخ. التنظيمية، التجارية
إلخ…







Source : Michel Marchesnay, «la stratégie du diagnostic à la décision industrielle », OPU, Alger, 1987, P.97.

إن معرفة قدرات المؤسسة يتم من خلال القيام بالتشخيص التنظيمي الذي يحدد لنا فعالية الأنشطة التي تقوم بها، في حين التشخيص الإستراتيجي يبين لنا النجاعة المحققة.كما أنه لاشك أن لكل مؤسسة تقوم بجملة من الأنشطة المتنوعة من خلال الإستعمال العقلاني للإمكانات المختلفة التي تمتلكها بغية تحقيق الأهداف المرجوة ضمن محيط بيئي يتميز بالديناميكية وعدم التأكد.إن القدرات التي تمتلكها المؤسسة، هي في حد ذاتها تعتبر مصادر الميزة التنافسية.إذا عملية التشخيص لقدرات المؤسسة المتنوعة منها، الإنتاجية والتكنولوجية والإبداعية، والتنظيمية، والمالية،…إلخ
إن قدرة المؤسسة لا تكمن في إنتاج منتوجات بكيفية فعالة وفق المقاييس الدولية فحسب، وإنما في تحقيق ميزة تنافسية أكبر تمس جميع الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة، وهذا لا يتأتى إلا بالمعرفة التكنولوجية والتسويقية والتسييرية.






3- دعائم التنافسية:
إن المؤسسات التي تريد البقاء والريادة في محيط يتميز بالتحولات وشدة المنافسة، يطلب منها أن تمتلك قدرات معينة تؤهلها لتحقيق ذلك.إن هذه الأخيرة تتمثل في مجموع الكفاءات (التنظيمية، التسييرية، والتكنولوجية،…إلخ) الضرورية التي تمكنها من تحقيق أهدافها، ومنها تلبية حاجيات المستهلكين والصهر على إرضائهم.إن القيام بذلك بفعالية ونجاعة، يعكس تنافسية المؤسسة، ومدى قدرتها على مقاومة المنافسة الشديدة.في الواقع العملي للمؤسسات، نجد أغلبها لا تتساوى في التنافسية سواء من حيث العدد أو القوة. إن هذا التباين يدفع كل واحدة منها، إلى أن تستغل ميزتها التنافسية في الحصول على قطاعات سوقية وأن تتموضع فيها.كما أن الحكم على تنافسية المؤسسة العامة، يتم من خلال تحليل مكوناتها وتقييمها من خلال مؤشرات متعددة، ومقارنتها بمنافسيها المباشرين.

3-1 التنافسية المالية :
إن معرفة ذلك يتم بواسطة القيام بالتحليل المالي لأنشطة المؤسسة من خلال النسب المالية المحققة ومقارنتها بنسب منافسيها في نفس القطاع.ومما لاشك فيه توجد ترسانة من النسب المالية التي تتوقف على طبيعة النشاط، وخصوصية المؤسسة، ودورة حياتها، إلا أن هناك بعض النسب الشائعة الإستعمال مثل:
• نسبة رأس المال الدائم ( الأموال الدائمة/الأصول المتداولة)
• نسبة الإستقلالية المالية (الأموال الخاصة/الديون)
• نسبة قدرة التسديد (الهامش الإجمالي للتمويل الذاتي/ المصاريف المالية)
• نسبة المردودية (الأرباح/الأموال الخاصة)
من خلال هذه النسب وأخرى كثيرة، نستطيع معرفة قدرتها المالية على مزاولة نشطها إضافة إلى القدرات الأخرى.

3-2 التنافسية التجارية :
إن قدرتها التنافسية في المجال التجاري تمكنها من تحديد وضعيتها في القطاعات السوقية إتجاه منافسيها المباشرين.لمعرفة ذلك، يتم من خلال عدة مؤشرات منها على سبيل المثال:
• وضعية منتجاتها في السوق، من خلال التركيز على الجودة والنوعية.
• شهرتها التجارية التي تتمثل في درجة وفاء مستهلكيها، وتعاملها مع زبائنها، وسعة حفيظة منتجاتها وتنوعها، وفعالية سياستها الإتصالية الإشهارية،…إلخ.
• التوسع الجغرافي الذي يتم من خلال فعالية قنواتها التوزيعية، وقوتها البيعية، الخدمات المقدمة بعد عملية البيع،…إلخ.


3-3 التنافسية التقنية :
تتمثل في قدرة المؤسسة في التحكم في الأساليب التقنية المرتبطة في إنتاج منتوجات ذات جودة عالية وبأقل تكلفة ممكنة.وإن ذلك يتحتم عليها أن تساير التطور التقني، مع وجود تنسيق محكم بين مختلف مراحل سيرورة الإنتاج.كما أن درجة تأهيل العمال، وتوفر جو يشجع على القيام بمختلف الأنشطة، وأخذ مختلف القوى الداخلية والخارجية بعين الإعتبار، مما يدعم قدرتها التنافسية التقنية.

3-4 التنافسية التنظيمية والتسييرية :
يتعلق الأمر في تنظيمها لوظائفها بدرجة تسمح لها بتحقيق أهدافها بصورة فعالة.إن ذلك يتوقف على نوعية الأنشطة، وطبيعة التنظيم والقرارات، ودرجة الإندماج.أما قدرتها التسييرية تتضح من خلال كفاءة مسيرها، وعلاقتهم بالمرؤوسين.إن مصدر التنافسية التسييرية تتعلق بالقيم التي يتميز بها مسئولي المؤسسات، حيث تمس الصفات التي يتحلوا بها، التي تتولد من خلال التجارب السابقة، والمعرف المتحصل عيها من طبيعة التكوين والتمهين.
إن تحديد القدرة التنافسية الكلية للمؤسسة يتمثل في تحليل مختلف أنواع القدرات التنافسية المشار إليها أعلاه، ومقارنتها بأهم منافسيها المباشرين.إن تنافسية المؤسسة تكمن بصفة عامة في التحكم في التكاليف التي تشمل مجموع ما تتحمله من تكاليف إبتداء من عملية التموين مرورا بعملية الإنتاج وإنتهاء بوضع المنتوج في متناول المستهلك النهائي أو المستعمل الصناعي.أما التميز يتم من خلال التركيز على خمسة دعائم، كما هو موضح من خلال الجدول رقم (1)

الجدول (1) دعائم التمييز

المنتوج الخدمة المستخدمين عائد المبيعات الصورة
الوظيفية الفترات الكفاءة التغطية الرموز
الكفاءة التركيب اللباقة الخبرة وسائل إتصال
المطابقة التكوين المصداقية الكفاءة الأجواء
الإستمارية النصائح الخدومية الحوادث
قابلية التصليح التصليح قابلية العمل
قابلية الإشتغال خدمات أخرى الإتصال
الرسم والنمط

Source : P.Kotler et Bernard Du Bois, «marketing Management » 8 Edition, Paris, p.298


يتضح من خلال الجدول أعلاه، بإمكان المؤسسة أن تتميز عن منافسيها بالتركيز على أحد تلك الدعائم الخمسة أو جلها، وذلك من خلال خصائص كل دعامة، بحيث يتوقف ذلك على إمكاناتها وقدرتها المتنوعة.

4- الإستراتيجية والميزة التنافسية :
توجد علاقة وطيدة بين طبيعة الميزة التنافسية التي تتميز بها المؤسسة والإستراتيجية التي تتخذها في الحصول على قطاعات سوقية.فإن الإستراتيجية التي تعتمد على الميزة التنافسية الخارجية حسب Jean Jacques Lambin أو عن طريق التمييز حسب M.Porter ، فتسمى بإستراتيجية التمييز.أما الإستراتيجية التي تعتمد
على الميزة التنافسية الداخلية أو التكاليف فتسمى بإستراتيجية التحكم في التكلفة.إن الملاحظة التي نستنتجها إن كل منها يعتمد على المهارات التكنولوجية والتسويقية والتنظيمية في آن واحد.
على كل مؤسسة، أن تتميز في مدخلاتها ومخرجاتها عن منافسيها حتى وإن كان المنتوج من السلع ذات الإستهلاك الواسع.وللتذكير، ليس كل تمييز يكون معبر، بل عليه أن يخلق قيمة إضافية للمؤسسة والسوق في نفس الوقت.كما أن خصائص هذه القيمة تأخذ عدة أشكال منها على سبيل المثال :
• تكون لها أهمية ضرورية لكل من المؤسسة والمستهلك
• أن تكون متميزة عما هو موجود في السوق
• سمو وعلو المنتوج الجديد عن المنتوجات المنافسة
• لها القدرة على التبليغ وإحداث أثر إيجابي في السوق
• صعوبة التقليد من قبل المنافسين، وسهولة الإقنتاء من قبل المستهلكين
• تحقيق مردودية أكبر للمؤسسة.
إن P.Porter قام بإعداد مصفوفة تعتمد على بعدين يتمثلان في مصادر الميزة التنافسية من جهة والمجال التنافسي من جهة أخرى، مما يعطي الإختيارات الإستراتيجية الممكنة، كما موضح في الشكل رقم (2).

الشكل (2) الإستراتيجيات النوعية
الميزة التنافسية
الحقل التنافسي التكلفة المنخفضة التميز
حقل واسع إ. السيطرة بالتكاليف إ.التمييز
حقل ضيق إ.التمركز

Source :C.Marmuse, «Politique Générale, langage, Intelligence, Modèles et Choix Stratégiques », 2Edition, Economica, 1996, p382


إن إستراتيجية السيطرة بالتكاليف ترمي إلى إنتاج منتوجات ذات جودة عالية عن ما يقدمه المنافسين، وإيصاله إلى القطاع المستهدف بأقل تكلفة ممكنة.إن متطلبات تلك الإستراتيجية يتمثل في بعض المحددات كما هو موضح في الجدول رقم(3).

الجدول (3) متطلبات إستراتيجية السيطرة بالتكاليف

الكفاءات والموارد الأساسية كيفية التنظيم
• تدعيم الإستثمار وحصول على موارد مالية. • مراقبة صارمة للتكاليف
• كفاءات تقنية على مستوى السيرورة • القيام بإعداد تقارير بإستمرار ومفصلة
• مراقبة كثيفة لليد العاملة • تحديد المسؤوليات بكيفية منظمة
• تصور منتجات موجهة إلى جعل الإنتاج أكثر سهولة • إعتماد على سياسة التحفيز لتحقيق الأهداف الكمية أساسا

Source :C.Marmuse, Op.Cit. p 383

إن إستراتيجية التميز كما أشرنا في ما سبق، ترتكز على الإبداع في المنتوج وفي الخدمات المرفقة به، والتوزيع والترويج، والتنظيم والتسيير، وأساليب الإنتاج، مما يميزها عن منافسيها (تنوع المنتوجات وجودتها، التقدم التقني، صورة مقبولة عند العملاء، تنوع في الخدمات،…إلخ).
أما إستراتيجية التمركز (التخصص) تعتمد على عامل واحد، متمثل في تحكمها في تدنية التكاليف أو تميزها ببعض الميزات ولكن في نطاق ضيق.
أن إستراتيجية التحكم بالتكاليف تتطلب من المؤسسة أن تكون لها حصة سوقية كبيرة وحجم مبيعات مرتفع، الأمر الذي يتطلب منها ا، لا تهمل النوعية.وللتذكير أن تجربة المؤسسة، وتحقيق وفورات إقتصادية ومردودية أكبر يسمح للمؤسسة أن تكون أكثر تنافسية.
إن هذين النوعين لمصادر الميزة التنافسية هما مختلفين من حيث الأصل والطبيعة، حيث يتطلبان إمكانات متنوعة ومختلفة.وتبعا لذلك يمكننا أن الأسئلة التالية لتحديد وضعية المؤسسة في السوق على أساس هذين المصدرين.
كيف يتواجد سعر البيع الأعلى والمقبول من طرف السوق والمطبق من طرفنا بالنسبة لمنافسينا المباشر؟
كيف يتواجد سعر التكلفة المحدد من طرفنا بالنسبة لمنافسينا المباشر؟
إن الشكل البياني رقم (4) يوضع الوضعيات الممكنة التي على أساسهما تستطيع المؤسسة تبني الإستراتيجية المناسبة:



سعر التكلفة
(%بالنسبة للمنافس)

منطقة المزرية


سعر البيع
(%بالنسبة للمنافس)

المنطقة المثلى




Source : Jean Jacques Lambin, Op Cit., P210-211

يتضح من خلال هذا الشكل أعلاه، أن أمام المؤسسة عدة وضعيات عليها أن تختار الوضعية التي تحقق لها السيطرة على السوق من جهة ورفع إنتاجيتها من جهة أخرى والتي تسمى بالمثالية والمتمثلة في الإطار الأسفل على اليمين.حيث أن الوضعية الوسطى هي الموجودة في الإطار الأعلى على اليمين والأسفل على اليسار.بينما الوضعية المزرية متمثلة في الإطار الأعلى على اليسار.
ونتيجة ذلك، يتبين لنا أن الوضعية الموجودة في الإطار الأسفل على اليسار تتطلب تبني إستراتيجية التحكم بالتكاليف، في حين الوضعية الموجودة في الإطار الأعلى على اليمين ستطلب سلوك إستراتيجية التميز.

5- تحليل القوى التنافسية:
إن تحليل القوى التنافسية في قطاع صناعي كما يشير إليه M.Porter في معظم مراجعه، تهدف إلى تحديد ومعرفة جاذبية القطاع.إن هذه تتوقف على التأثير الذي تحدثه القوى التنافسية، حيث أشملها M.Porter في خمسة قوى كما موضح من خلال الشكل رقم (5).






الشكل(5) القوى التي تتحطم في المنافسة داخل القطاع








Source :M.Porter, «choix stratégiques et concurrence,technique », Economica, 1982,P04

إن الضغط الذي تحدثه هذه القوى، هو الذي يحدد جاذبية القطاع نظرا للعلاقات التي تنتج عن ذلك.ومن أجل أن تتكيف المؤسسة مع القواعد الجديدة، عليها أن تأخذ بعين الإعتبار عدة إجراءات منها ما يالي:
• تحديد ومعرفة أصل تلك التهديدات والضغوطات بدقة
• ترتيبها حسب تأثيرها
• توقع الإستراتيجيات الممكن إتباعها لواجهة هذه القوى.

 تهديدات الداخلين الجدد:
إن ضغط هؤلاء على القطاع الصناعي بصفة عامة والقطاع السوقي بصفة خاصة قد يخلق قواعد جديدة ويغير من الوضعية التي كانت تحتلها المؤسسات.إن هذا التأثير قد يتمثل في إنخفاض هوامش الربح، مما سيشجع على حرب الأسعار أو إرتفاع في التكاليف.إن تقييم درجة ضغط هؤلاء يتوقف على حواجز الدخول الموجودة في هذا القطاع.
هناك عدة متغيرات يمكن مراقبتها لتقييم تهديد الدخول منها:
الوفورات الإقتصادية، أثر التجربة، مستوى الإستثمارات، إمتلاك التكنولوجية،التميز في المنتوجات، الحصول الصعب على القنوات التوزيعية، تكاليف التحويل إلخ…

 تهديدات المنتوجات الإحلالية :
إن المنتوجات الإحلالية لها تأثير على سياسة المنتوج للمؤسسة، وهذا من ناحية النوعية، والسعر، والتكلفة، وهامش الربح.إن تحليل درجة تأثير ذلك ومعرفته يتم من خلال القيام بما يالي:
• معرفة المنتوجات التي تقوم بإشباع نفس الحاجات ولكن تتطلب إستعمال تكنولوجيات مغايرة

• تحليل العلاقات من خلال النسب الملائمة بين السعر والتكاليف بالنسبة لمنتوجات القطاع السوقي
• القيام بتقدير تطور نسب الملائمة على تحسن المنتوجات الإحلالية.
إن معرفة المنتوجات الإحلالية يدفع المؤسسات إلى البحث عن المنتوجات التي تلبي نفس الحاجات بأقل تكلفة ممكنة مع إستعمال الكفاءات الضرورية لضمان لنفسها حصة معتبرة في القطاع السوقي.

 قدرة التفاوض مع الزبائن :
إن تأثير الزبائن على المؤسسة يتمثل في قدرتهم على التفاوض في تدنية الأسعار، ورفع النوعية، وتنويع في الخدمات، الأمر الذي يكون له تأثير على مردودية المؤسسة.يكون لها التأثير أثر سلبي على المؤسسة في الحالات التالية:
• تجمع المشترين في عملية الشراء (توحيد مشترياتهم)
• أهمية المنتوج بالنسبة للمشترين
• توفر الزبائن على المعلومات الكافية
• سهولة الحصول على المنتوجات المطلوبة وخاصة التي تتسم بالنمطية
• إرتباطهم بالمستهلكين مباشرة يجعلهم في مركز قوة

 قدرة تفاوض الموردين:
التأثير الذي يحدثه هؤلاء الموردين على المؤسسات يمكن أن يؤثر على مردوديتهم، وذلك بتحكمهم في أسعار المواد الأولية أو النصف المصنعة.وزيادة على ذلك، فرضهم لشروط بيع معينة، أوإمتلاكهم الحق في بعض الأنشطة التسويقية كالتوزيع مثلا.إن المودين تكون قدرة على التأثير في بعض الحالات التالية:
• عندما يكون العرض مركز
• عدم وجود منتوجات إحلالية تنافس المنتوجات التي يتعامل بها الموردين
• المنتوجات التي في حوزة الموردين ضرورية للمؤسسة للقيام بمهامها.
إن المؤسسة تكون في وضعية قوية في التفاوض في حالة وجود فائض في المنتوجات والعكس صحيح. ونتيجة ذلك، بإمكان المؤسسة أن تتبنى عدة إستراتيجيات لمواجهة الوضعيات المختلفة ومنها على سبيل المثال:
• قوة التفاوض مع الموردين
• إستراتيجية التنويع وذلك بتنويع مصادر التموين مما يقلل درجة التبعية إتجاه الموردين
• إستراتيجية الإندماج العمودي حيث تأخذ وضعية من الأعلى إلى الأسفل.إنها تحقق للمؤسسة ميزات مالية، وتقنية، وإستراتيجية متنوعة منها: التقليل من

الضغوطات للمتبادلات الوسطية، وإسترجاع لهوامج الموردين، والتحكم في النوعية، وتقليص من عدد العمليات التقنية، والسيطرة على الحصص السوقية، إلخ…

 درجة حدة المنافسة بين المنافسين :
تسعى المؤسسات الموجودة في نفس القطاع أن تتحصل على وضعية جيدة تمكنها من تحقيق أهدافها، ولا يتحقق ذلك إلا بالمزاحمة في بينها.

6-الوضعية العامة للمؤسسات الجزائرية:
إن عملية تبني الجزائر سياسة إعادة التصحيح الهيكلي، أدت إلى ظهور عدة نصوص قانونية وتشريعية للإسراع بالإصلاحات الإقتصادية والهدف من ورائها تحرير التجارة الخارجية وبالتالي الإنتقال إلى إقتصاد السوق تدريجيا.إن هذا الإندفاع صوب تحرير التجارة يؤدي إلى ظهور منافسة في جميع المجالات الإقتصادية.
وتبعا لذلك، قمنا بإعداد إستبيان على مستوى بعض المؤسسات الوطنية على مستوى الغرب الجزائري.إن هذا الإستقصاء مس أكثر من خمسة وأربعون مؤسسة تابعة للقطاع العام والخاص، وحسب القطاعات الإقتصادية الأربعة(التغذية، والنسيج، والميكانيك والإلكترونيك، والمتنوعة).إن عملية إنفتاح السوق إلى المنافسة الخارجية أثرت عليها على جميع مكوناتها السياسة التسويقية(المنتوج، والتوزيع، والسعر، والإتصال).
وأهم ما أستنتج ما يالي:
1- أن أغلب مؤسسات القطاعين يطبع عليها التصور الإنتاجي والبيعي، وإنعدام كلي للتصور التسويقي بمفهومه الحديث.إن السبب الأساسي حسبها يكمن في أن الطلب لا يمكن تلبيته، وبالتالي توجيه جهودها نحو العرض دون الأخذ بعين الإعتبار رغبات وحاجات المتنوعة للمستهلك النهائي أو المستعمل الصناعي.
2- إن التحولات الإقتصادية التي شهدتها الجزائر والتي مازالت تشهدها، أشعل روح المنافسة(المحلية والخارجية) رغم أن عملية الإصلاحات يؤخذ عليها بعض النقائص التنظيمية، والقانونية،والمؤسساتية.وتبعا لذلك نجد 47%من مؤسسات القطاعين أعتبرتها محفزة ونفس النسبة لا تعتبرها كذلك، حيث عن كل من القطاعين منتجاتهم تضايقها المنافسة ويمثلا 74%.
3- رغم الميل نحو ثقافة العرض إلا أننا نجد طلب المؤسسات الجزائرية أنخفض إثر تحرير التجارة الخارجية في جميع القطاعات الصناعية، أو حسب القطاع الخاص والعام وعلى العموم نجدها تمثل 37% و40%على التوالي.إن

هذا الإنخفاض في الطلب أثر على حجم المبيعات فيمثل 70% كمن المؤسسات التي تعرضت إلى عملية الإنخفاض.إن العوامل المؤدية إلى ذلك تكمن في إشتداد المنافسة ونقص تنافسية المؤسسات الوطنية بالنسبة للمؤسسات الأجنبية.إن ذلك يتمثل في جودة المنتجات رديئة مقارنة بإرتفاع أسعارها.وللإشارة ليس كل المؤسسات إنخفضت حجم مبيعاتها، وإنما 30% إرتفع حجمها نظرا لتبنيها إستراتيجية التكيف من حيث التحسين المستمر لمنتوجاتها حسب المتغيرات المحيطة بها، كذا إدخال أساليب إنتاجية مكنتها من تدنية التكاليف، وإعطاء أهمية لأنشطة التسويقية أخرى مثل التوزيع والإشهار.
4- إن تحرير السوق إلى المنافسة، دفع بالمؤسسات الوطنية أن تقيم إمكانيتها في جميع المجالات وهذا لتحديد قدرتها التنافسية ومقارتنها بمنافسيها.إن تبني سياسة التكيف مع محيطها الخارجي والداخلي مكنها إلى حد ما من تبني إستراتيجية التكيف إستجابة للتطورات الحاصلة حولها بغية تحقيق أهدافها المتمثلة في البقاء و النمو.وتبعا لذلك تعتبر المؤسسات القطاع الخاص أكثر إتباعا لذلك.
5- إنطلاقا من الملاحظة السابقة، ان هذا الوضعية الجديدة أثرت على الفلسفة التسويقية للمؤسسات الجزائرية في جميع الأنشطة المكونة لها، مما دفها إلى تغييرها.ونتيجة ذلك، نجدها قد قامت ببعض الإبداعات في بعض الأنشطة(التسويق، التنظيم، التكنولوجية…) لتحقيق النمو البقاء.إن القطاع الخاص هو اكثر مبادرة في ذلك المجال من القطاع العام.
6- إن هذا التحول في جميع الميادين يبعث الأمل لدى مسيري مؤسساتنا في الوقت الذي اصبح فيه الإقتصاد عالميا وتطور وسائل التكنولوجية للإتصال والمعلومات.إن هذا الشعور بالتحول الجاري على مستوى العالمي، دفع البعض منها إلى تقوية قدرتها التنافسية في جميع المجالات بغية تحقيق وضعية تنافسية مريحة لها مقارنة بالمنافسة.
7- إن عملية الإستقصاء التي قمنا بها والتي مست القطاعات الصناعية التابعة للقطاعين أوحت لنا أن هناك إبداعات مختلفة في المجالات الثلاثة: التنظيمية، والتكنولوجية،والتسويقية، حيث إعتبرت ذلك أحد الدعائم الأساسية لتقوية قدرتها التنافسية.
8- إن من أهم النتائج المتحصل عليها من تلك العملية، إن أغلب المؤسسات وخاصة التابعة للقطاع الخاص، أدخلت أساليب جديدة في الإنتاج والتسويق والتنظيم من أجل تقديم منتوجات متنوعة وذات جودة علية نسبيا لإرضاء مستهلكيها.إن هذا يبشر أن تلك المؤسسات قد أدرت الأهمية لعملية التكيف من جهة والإبداع من جهة أخرى في ضل المنافسة القوية حيث البقاء للأقوى.




الخلاصـة :

تبين لنا مما تقدم أن التنافسية أصبحت ضرورية للمؤسسات الوطنية في ظل إنفتاح السوق الوطنية للمنافسة الخارجية وخاصة في حالة إنظمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، حيث تزول الحواجز بكل أنواعها، والبقاء للذي يقدم منتوجات متنوعة وذات جودة عالية.وقد تبين أن التنافسية تتوقف على عدة مصادر منها التحكم في الأساليب الإنتاجية، والتنظيمية، والتسويقية، التسييرية.وتبعا لذلك مازالت مؤسساتنا الوطنية دون المستوى.إن هذا لا يعني أنها لا تملك قدرات تنافسية، بل المحيط البيئي التي توجد فيه غير مشجع إلى حد ما.وإدراكا لأهمية تحرير التجارة الخارجية قامت الجزائر بإدخال بعض التعديلات على قوانينها تماشيا مع التطورات الحاصلة على المستوى العالمي.إن النتيجة التي تصبوا إليها الجزائر هو إعطاء فرص لمؤسساتنا لتقوية قدرتها التنافسية لمواجهة التحدي القادم.إن الإستنتاج الذي توصلنا إليه من ذلك الإستقصاء على بعض المؤسسات، إن هذه الأخيرة قد أدركت طبيعة الخطر التي تعترضها في القيام بمهامها.























BIBLIOGRAPHIE

1&4- Jean Jacques Lambin, «le marketing stratégique », 2 édition, Paris, 1993, p.209,210
2- File://A :concurrence3.htm
3- Revue de la stratégie
5 - Julien Lévy, «impact et enjeux de la révolution numérique sur la politique d’offre des entreprises », RFM,N°177/178 , 2000/2-3.
6&9- M.E.Porter, «avantage concurrentiel », Inter-Edition, Paris, 1986, P 8
7- C.Marmuse, «politique général, langage, intelligence, modèles et choix stratégiques », 2° Edition,Economica, Paris, 1996, P 333
8&10 Alain Marion, «le diagnostic de l’entreprise », Edition, Economica, Paris, 1996
11- Tugrul Atmer et Roland Calori, «diagnostic et décisions stratégiques », Dunod, Paris, 1998, P 122
12- T.loilier et A.tellier, «gestion de l’innovation », Editions, Management et Société, 1999, P 44-45









 


 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:13

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc