ضرب روسيا وإيران يخدم واشنطن فقط
السعودية تلعب بالنار في سوق النفط وتدق طبول الحرب
لم يكن مفاجئًا للعديد من المحللين والخبراء… إقدام السعودية- أكبر مصدر للنفط في العالم- على زيادة إنتاجها خلال شهر سبتمبر الماضي، بينما كان المنتجون في العالم يتوسلون ويناشدون من أجل خفض الإنتاج لوقف تدهور الأسعار .
ولم يكن أيضًا هناك مفاجأة في تحدّي السعودية لرغبة جميع أعضاء منظمة أوبك (البلدان المصدرة للبترول) في خفض الإنتاج خلال اجتماع المنظمة فى السابع والعشرين من نوفمبر الماضي، وإصرارها على بقاء سقف الإنتاج كما هو دون تغيير عند مستوى 30 مليون برميل يوميًا
وإذا كان البعض ذهب فى بادئ الأمر إلى أن هدف السعودية اقتصادي في الاساس، وهو الحفاظ على الحصة السوقية وخاصة عملاءها في شرق آسيا، فى ظل المنافسة الجديدة المحتدمة من النفط الصخرى الأمريكى ، إلا أنه مع استمرار رحلة الهبوط القياسى لأسعار النفط حتى وصلت إلى 62 دولارا للبرميل ، وهو السعر ، الأدنى منذ خمس سنوات ، تزايدت الشكوك حول الأهداف.
فقد تيقن العديد من خبراء السوق والمحللين أن هناك هدفا سياسيا وراء ذلك ، خصوصا بعد أن هوت العملة الروسية الروبل إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار فى 13 عاما ، وفشل الاقتصاد الروسى فى استيعاب الصدمة الأولى كون روسيا تعتمد اعتمادًا أساسيًا على تصدير النفط الخام .
ويبدو أن السعودية تشترك مع حليفتها أمريكا فى خطة ممنهجة لرد الضربة إلى روسيا وحليفتها إيران، بعد أن تحدت موسكو الإرادة الأمريكية المدعومة من السعودية فى الملف السورى ، وكذلك موقف موسكو من الأزمة الأوكرانية وتحديها للغرب ومحاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصوير نفسه على أنه الزعيم الجديد للعالم، وانه سيعيد أمجاد الامبراطورية الروسية من جديد لتقف كقطب عالمي أمام القطب الآخر (امريكا ).
ولا يمكن التنبؤ بما ستسفر عنه الأحداث فى تلك الحرب الباردة التى عادت من جديد، وكأن العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة سلاحها النفط والاقتصاد .
ولم يكن استخدام سلاح النفط بين أمريكا وروسيا جديدًا؛ حيث سبق للولايات المتحدة استخدامه بمباركة السعودية أيضًا فى ثمانينات القرن الماضى، عندما هوت أسعار النفط إلى 12 دولارًا للبرميل، وكان ذلك أحد العوامل التى عجلت بانهيار الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينات القرن الماضى.
وتختلف الظروف تماما فى الوقت الراهن فى روسيا عما كانت عليه قبل انهيار الاتحاد السوفيتى ، حيث نجح بوتين فى إحياء النزعة القومية والوطنية عند الروس ، وجعلهم يحلمون بعودة الأمجاد ، ووحد الشعب وأصبح زعيما قويا وانتصر فى العديد مع المواجهات مع الغرب ، آخرها أوكرانيا وسوريا، بالإضافة إلى أن روسيا لديها احتياطي نقدى يتجاوز 600 مليار دولار .
ومع ذلك ربما لا يتحمل الاقتصاد الروسى كثيرًا خصوصًا فى ظل توقعات بمزيد من التراجع فى أسعار النفط خلال عام 2015.
وإذا كانت دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات والكويت وقطر التى تعتمد بنسبة 90% على النفط فى إيراداتها ، لديها من الاحتياطيات النقدية والفوائض ما يجعلها تقاوم كل الهزات فى الأسواق لعام وعامين وربما أكثر، فإنها ستضرر عاجلاً ام آجلا وبالتالي فهيى تلعب بالنار، خصوصا مع زيادة المعروض فى السوق بمقدار مليونى برميل يوميا، رغم أن دول منتجة كبرى مثل العراق وليبيا لا تعمل بطاقتها الكاملة نظرًا للنزاعات والحروب القائمة ، حيث تنتج ليبيا حاليا 700 ألف برميل يوميا ، بينما تبلغ حصتها الأصلية 1,6 مليون برميل يوميا .
ومما لا شك فيه أن ميزانيات السعودية وجيرانها فى الخليج ستتأثر كثيرا بالتراجع الحالى فى أسعار النفط وسيكون لذلك مردود على المدى البعيد ، وإذا كانت مصلحة السعودية قد ألتقت مع مصلحة الولايات المتحدة فى تقليم أظافر إيران وروسيا بسلاح النفط ، فإن ذلك لن يدوم كثيرا ، خصوصا أن أمريكا لديها خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط بحلول عام 2020 .
وقد بدأت بالفعل هذا العام فى الاعتماد على الإنتاج من النفط الصخري، وأوقفت وارداتها من العديد من دول العالم، وستكون السعودية اكثر المتضررين كونها تستحوذ على نسبة كبيرة من واردات النفط الأمريكية .
ويكفى الإشارة إلى أن أمريكا توقفت عن استيراد 700 ألف برميل كانت تستوردها من نيجيريا، وذهبت هذه الكمية إلى أسواق آسيا لتنافس السعودية هناك .
كما أن التباطؤ الاقتصادي في أوروبا والصين، يزيد من التوقعات باستمرار زيادة المعروض من النفط وضعف الطلب خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن الارتفاع المتواصل في سعر الدولار فى سوق العملات العالمية، والمعروف أن هناك علاقة عكسية بين سعر الدولار وأسعار النفط.
https://www.akhbarak.net/