مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 16 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-12-05, 17:01   رقم المشاركة : 226
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلبُ الأول: الهدايا والصِّلات من الصحابة إلى آل البيت رضي الله عنهم

1- إهداءُ أبي بكر لعلي رضي الله عنه أمَّ محمد ابن الحنفيّة:

- عن الحسن بن صالح، قال: سمعت عبدَالله بن الحسن، يذكر (أنّ أبا بكر رضي الله عنه أعطى عليًّا رضي الله عنه أمَّ محمدِ ابن الحنفية)

أخرجه:

- ابن سعد في الطبقات 5/91، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق 54/323.

- والدَّارَقطني في فضائل الصحابة ومناقبهم ص93(80) من طريق محمد بن علي الوراق.

كلاهما –ابن سعد، ومحمد بن علي الوارق- عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن حسن بن صالح، به.

وهذا الإسناد رجاله ثقات إلا أن عبدالله بن الحسن لم يُدرك أبا بكر رضي الله عنه، والله أعلم.

قال ابن أبي حاتم في ترجمة محمد ابن الحنفية: (واسم أمه خَولة من سبي بني حنيفة، وَهَبَها أبو بكر الصديق لعلي رضي الله عنهما)

الجرح والتعديل 8/26(116).

2- بداءة عمر الفاروق رضي الله عنه بأقارب النبي صلى الله عليه وسلم في العَطاء:

أ- عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، أن عمرَ رضي الله عنه أراد أن يفرض للناس، وكان رأيُه خيراً من رأيهم، فقالوا: ابدأ بنفسك، فقال: لا، فبدأ بالأقرب

فالأقرب مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرض للعباس رضي الله عنه، ثم عليّ رضي الله عنه، حتى والى بين خمس قبائل، حتى انتهى إلى بني عديِّ بن كعب

هذا الأثر حسن لغيره، أخرجه:

- ابن سعد في الطبقات 3/301، عن قَبيصة بن عُقبة، عن سفيان.

- وابن أبي شيبة في المصنف 11/323(33439) كتاب السير، باب ما قالوا فيمن يبدأ في الأَعطية، عن زيد بن الحباب، عن القاسم بن معن.

- والبلاذُري في فتوح البلدان ص440، من طريق سفيان الثوري.

كلاهما – سفيان الثوري، والقاسم بن معن- عن جعفر بن محمد، به، واللفظ المذكور لابن أبي شيبة.

وهذا الإسناد رجاله ثقات؛ إلا زيد بن الحباب، فقد قال فيه الحافظ في التقريب ص351(2136): (صدوق يخطئ في حديث الثوري). وهو منقطع أيضاً؛ لأن محمد بن علي بن الحسين لم يُدرك عمر رضي الله عنه، والله أعلم.

وأخرجه:

- الشافعي في مسنده (بترتيب سَنجر) 4/7(1684)، - ومن طريقه: البيهقي في السنن الكبرى 6/364، كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب إعطاء الفيء على الديوان- عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمد بن علي، به، بنحوه.

وأخرجه:

- ابن أبي شيبة في المصنف 11/325(33443)، كتاب السير، باب ما قالوا فيمن يبدأ في الأَعطية، عن محمد بن عبدالله الأسدي، عن حبان.

- وأبو عبيد في الأموال ص286(550)، -وعنه: ابن زنجويه في الأموال 2/500 (798)-، عن إسماعيل بن مجالد.
كلاهما – حبان، وإسماعيل بن مجالد- عن مجالد، عن الشعبي، عن عمر رضي الله عنه، بمعناه.

وأخرجه:

- أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال ص286(549)، عن أبي النضر وعبدالله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن عمر رضي الله عنه بنحوه.

ورواه عن أبي عبيد: ابن زنجويه في الأموال 2/500(797)، والبلاذُري في فتوح البلدان ص440.

وهذا الإسناد منقطع؛ محمد بن عجلان لم يُدرك عمر رضي الله عنه, فهو من الطبقة الخامسة، وتوفي سنة 148هـ، كما قال الحافظ في التقريب ص 877(6176).

فتبين مما ذكر أن الأثر روي من طرق كثيرة، يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره، والله أعلم.

ب- وعن جعفرِ بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه (أنَّ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه ألحق الحسنَ والحسين ب بأبيهما، ففرض لهما خمسةَ آلاف)(

أخرجه:

- أبو عبيد القاسم بن سلَّام في الأموال ص286(551) عن مبهم لم يسمه، قال: حُدِّثت عن عبدالوهاب بن عبدالمجيد الثقفي، عن جعفر بن محمد، به، بنحوه.

- والبلاذُري في فتوح البلدان ص440، عن عمرو الناقد، عن عبدالوهاب الثقفي، به، باللفظ المذكور.

- وابنُ عساكر في تاريخ دمشق 14/176، من طريق عبدالعزيز بن محمد، عن جعفر بن محمد، به، بنحوه.
وأخرجه:

- ابن عساكر في تاريخ دمشق 13/238، و14/176 من طريق محمد بن سعد، عن محمد بن عمر، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه، بنحوه.

3-إقطاعُ عمر بنِ الخطاب ينبعَ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ما:

- عن عبدِالله بن الحسن، قال: إنّ علياً رضي الله عنه سأل عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، فأقطعه ينبع

أخرجه:

- يحيى بن آدم في الخراج ص77(244)، -ومن طريقه: البيهقي في السنن الكبرى 6/144، كتاب إحياء الموات، باب إقطاع الموات-.

قال يحيى بن آدم: حدثنا الحسن [ بن صالح بن حيى]، قال: سمعت عبدالله بن الحسن يقول: إن علياً... الأثر.

ورجال إسناده ثقات، وعبدالله بن الحسن: هو عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني أبو محمد، لم يلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

قال عنه الحافظ في التقريب ص499 (3292): (ثقة جليل القدر من الخامسة مات في أوائل سنة 145هـ وله 75سنة).

قال ياقوت الحموي: (يَنْبعُ: هي يمين رَضوى لمن كان منحدِراً من المدينة إلى البحر على ليلة من رَضوى من المدينة على سبع مراحل، وهي لبني حسن بن علي رضي الله عنهما، وبها وقوف لعلي رضي الله عنه يتولاها ولده)

معجم البلدان 5/449.

4- إهداء عمر الفاروقِ رضي الله عنه بُرْداً لعلي رضي الله عنه كان يُكثر لبسه:

عن أبي السَّفَر، قال: (رُئِي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بُرْد، كان يكثر لُبْسه، قال:

فقيل له: إنك لتكثر لُبْس هذا البُرْد، فقال: (إنه كسانيه خليلي، وصفيي، وصديقي، وخاصتي عمر رضي الله عنه، إنّ عمرَ ناصح الله فنصحه الله(

(ناصَحَ الله): أصل النُّصح في اللغة: الخُلوص، يقال: نصحتُ له الوُدَّ: أي أخلَصْته، وناصِحُ العسل: خالصُه،

ونصحت له نصيحتي نُصوحاً: أي أَخلصْت وصدَقْتُ، والاسم: النصيحة. ومعنى النصيحة لله: صحةُ الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاصُ النية في عبادته.

(فنَصَحه): أي أثابه اللهُ على إخلاصه، وتقواه، وسمَّى الجزاءُ نُصحاً من باب المشاكلة، والله أعلم.

ينظر: مفردات ألفاظ القرآن ص808، النهاية 5/63، لسان العرب 2/615-616.

ثمَّ بكى)

الأثر حسن لغيره، أخرجه:

- ابن أبي شيبة في مصنفه 11/116(32533)، كتاب الفضائل، باب ما ذكر في فضل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، باللفظ المذكور، ومن طريقه: الدارقطني في فضائل الصحابة ص37، 40 (7، 12).

- والدارقطني في فضائل الصحابة من عدة طرق في عدة مواضع، هي:

* ص35 (5)، مختصراً، وفيه تقديم وتأخير.

* وص36 (6)، بنحوه،- ومن هذه الطريق: ابن عساكر في تاريخ دمشق 44/363-.

* وص37، 41(8، 13)، بنحوه.

* وص38، 41(9، 14)، مختصراً.

* وص42(17)، بنحوه.

- وابن عساكر في تاريخ دمشق 44/363، بنحوه.

كلهم من طريق خلف بن حوشب، عن أبي السفر، عن علي رضي الله عنه.

وأخرجه:

- ابن شَبَّة في تاريخ المدينة 2/89(1612)، من طريق عطاء بن مسلم، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي مريم، عن علي رضي الله عنه، بمعناه.

وأخرجه:

- الدارقطني في فضائل الصحابة ص38،41(10، 15)، من طريق شاذان، عن شَريك، عن أبي إسحاق، عن علي رضي الله عنه، مختصراً.

وأخرجه:

- ابن شبَّة في تاريخ المدينة 2/90(1614)، من طريق خلف بن حوشب، عن رجل من أصحاب عبدالله، عن علي رضي الله عنه، بنحوه.

وأخرجه:

- الدارقطني في فضائل الصحابة ص39، 41(11، 16)، من طريق خلف بن حوشب، عن عمر بن شرحبيل، عن علي رضي الله عنه، بنحوه.

وأخرجه:

- ابن أبي الدنيا في كتابه الإخوان، ص248(221)، من طريق أبي معاوية، عن أبي حيان التيمي، عن علي رضي الله عنه، بنحوه.

درجته: الأثر له طرق كثيرة عن علي رضي الله عنه لا يخلو كل طريق من كلام؛ لكنه يتقوى بمجموعها، ويرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.

5- إكرامُ معاوية رضي الله عنه للحسن والحسين رضي الله عنهما:

أ- عن محمدِ بن عبدالله بن أبي يعقوب، قال: (كان معاوية رضي الله عنه إذا لقيَ الحسينَ ابنَ عليّ رضي الله عنهما

قال: مَرحباً بابنِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأهلاً، ويأمرُ له بثلاثمائةِ ألف، ويلقى ابنَ الزبير رضي الله عنه فيقول: مرحباً بابن عَمَّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وابن حواريه، ويأمر له بمائة ألف)(

أخرجه الآجري في الشريعة 4/2468(1959) قال:

أخبرنا ابن ناجية [عبدالله بن محمد بن ناجية]، قال: حدثنا زيد بن أخزم الطائي أبو طالب، قال: حدثنا محمد بن الفضل السدوسي عارم،

قال: حدثني مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، قال: كان معاوية رضي الله عنه... الأثر.

ورجال الإسناد كلهم ثقات، والله أعلم.

ب- وعن جعفرِ بن محمد، عن أبيه (أنَّ الحسنَ والحسينَ ب كانا يَقْبَلانِ جوائزَ معاوية رضي الله عنه)

أخرجه:

- ابن أبي شيبة في مصنفه 7/201(20584) كتاب البيوع، باب من رخص في جوائز الأمراء والعمال، عن حاتم بن إسماعيل.

- والآجري في الشريعة 4/2470 (1963) من طريق سليمان بن بلال.

- واللالكائي في اعتقاد أهل السنة 8/1444(2682) من طريق حسين بن زيد.

- وابن عساكر في تاريخ دمشق 59/194، من طريق موسى بن جعفر بن محمد بن علي.

كلهم –حاتم بن إسماعيل، وسليمان بن بلال، وحسين بن زيد، وموسى بن جعفر-، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، باللفظ المذكور عند الجميع.

ج- وعن ثور، عن أبيه، قال: (انطلقتُ مع الحسن والحسين رضي الله عنهما وافِدَين إلى معاوية رضي الله عنه فأجازهما؛ فقبلا)

أخرجه الآجري في الشريعة 4/2469 (1960) من طريق الحسين بن علي بن الأسود العجلي، عن عبيدالله بن موسى، عن إسرائيل، عن ثور، به.

د- وعن عبدِالله بن بُريدةَ، أن الحسنَ بن علي ب دخل على معاوية رضي الله عنه فقال: (لأُجيزَنَّك بجائزةٍ لم أجز بها أحداً قبلك، ولا أجيز بها أحداً بعدك من العرب، فأجازه بأربعمائة ألف، فقَبِلها)

أخرجه:

- ابن أبي شيبة في مصنفه 10/354 (31077)، كتاب الأمراء، باب ما ذُكر من حديث الأمراء والدخول عليهم، -وعنه: ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1/374 (499)- عن زيد بن الحُباب.

- وابن عساكر في تاريخ دمشق 13/166، من طريق علي بن الحسن بن سفيان.

* وفي 14/113، من طريق إسحاق بن عيسى البَلخي.

كلهم –زيد بن الحُباب، وعلي بن الحسن، وإسحاق البلخي- عن حسين بن واقد، عن عبدالله بن بريدة، به، واللفظ المذكور لابن أبي شيبة. ووقع في المطبوع من الآحاد والمثاني

: (فأجاز بأربع مائة ألفِ ألفٍ، فقبلها)، وأورده الذهبي في السير 3/269، وساق إسناد ابن أبي شيبة، ولفظه: (فأجاز بأربع مائة ألف، أو أربع مائة ألفِ ألفٍ، فقبلها).

ولفظ ابن عساكر في الموضع الثاني: دخل الحسن والحسين... إلخ، وزاد في آخره: (فأما الحسن رضي الله عنه فكان سكيتاً، وأما الحسين رضي الله عنه فقال: والله ما أَعطى أحدٌ قبلك

ولا أحدٌ بعدك لرجلين أشرف ولا أفضل منا).

وإسناد ابن أبي شيبة حسن؛ فيه زيد بن الحباب: (صدوق يخطئ في حديث الثوري)؛ كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب ص 351 (2136).

6- وَصِيَّةُ المقدادِ بن عمرو رضي الله عنه ببعض ماله إلى الحسن والحسين وإلى أمهات المؤمنين رضي الله عنهم:

(عن كريمة بنت المقداد، أَنّ المِقدادَ أوصى للحسن والحسين ابني عليِّ بن أبي طالب ي لكل واحدٍ منهما بثمانية عشر ألف درهم، وأوصى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة آلاف درهم لكل امرأة منهن، فقبلوا وصيته)

أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط 1/567(299)، من طريق موسى بن يعقوب، عن قُرَيْبَة بنت عبدالله، عن كَريمة، به.
ومن طريقه: ابنُ عساكر في تاريخ دمشق 60/181

وذكره المزي في تهذيب الكمال 28/456، في ترجمة المقداد بن عمرو، وعزاه للبخاري في التاريخ الصغير بإسناده ومتنه، وذكره الذهبي في السير 1/389، وفي تاريخ الإسلام 3/419، دون قوله: (فقبلوا وصيته).








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-12-05, 17:03   رقم المشاركة : 227
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)



المطلبُ الثاني: الهدايا والصِّلات من آلِ البيت إلى الصحابة رضي الله عنهم


1-إكرامُ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه لأُمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها:

عن الزهري، قال: احتمل محمدُ بن أبي بكر عائشة ل؛ فضرب عليها فِسطاطاً، فوقف علي رضي الله عنه عليها فقال: اِستَفزَزْتِ الناس، وقد فزوا حتى قَتل بعضُهم بعضاً بتأليبك

. فقالت: يا ابن أبي طالب ملكتَ [فأَسْجِح

وقع في المطبوع من أنساب الأشراف: فأسحِجْ: وهو تصحيف، والصواب المثبت: أَسجِح، ومعناه: قال في النهاية 2/342: (أي: قَدَرْتَ فَسَهِّل، وأحسِن العفو، وهو مَثلٌ سائر) وينظر: فتح الباري 7/463.

فسرحها إلى المدينة في جماعة من رجال ونساء، وجهزها باثني عشر ألفاً

أخرجه:

- البلاذُري في أنساب الأشراف 2/179، قال:

حدثني خلف بن سالم، وأبو خيثمة، قالا: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، به.

ولم أقف على الأثر مسنداً عند غير البلاذُري، وأورده أصحابُ التاريخ؛ كالطبري في تاريخه 4/509-506، وابن الأثير في الكامل 3/262.

ورجال إسناد البلاذُري كلهم ثقات، إلا أن الزهري لم يدرك علياً رضي الله عنه، فإنه ولد سنة 50هـ، أي بعد وفاة علي رضي الله عنه بعشر سنين، والله أعلم.

وبهذه المعاملة الحسنة الكريمة من أميرِ المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد اتبع ما أوصاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عندما قال له: «إنه سيكون بينك وبين عائشة رضي الله عنها أَمْرٌ!»

قال: أنا يا رسول الله؟! قال: «نعم»، قال: أنا أشقاهم يا رسول الله! قال: «لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها»

حسن، أخرجه:

- الإمام أحمد في مسنده 6/393. -ومن طريقه: ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/365(1419)-.

- والطحاوي في شرح مشكل الآثار 14/267(5613).

- والطبراني في المعجم الكبير 1/332(995).

كلهم من طريق الفضيل بن سليمان، عن محمد بن أبي يحيى، عن أبي أسماء مولى بني جعفر، عن أبي رافع رضي الله عنه.

وأخرجه:

- الطحاوي في شرح مشكل الآثار 14/267(5612) من الطريق السابق؛ لكن بزيادة «أبي جعفر» بين أبي أسماء، وأبي رافع رضي الله عنه، بنحوه، واللفظ المذكور للإمام أحمد.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/234: (رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجاله ثقات). وحسَّن إسنادَه الحافظُ ابن حجر في فتح الباري 13/55.

2-إعطاءُ الحسنِ بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم المالَ للأشعث بن قيس رضي الله عنه

قال الحافظ في التقريب ص150(536): (الأَشعثُ بنُ قيس بن معدي كرب الكندي، أبو محمد، الصحابي نزل الكوفة مات سنة 40 أو 41هـ وهو ابن 63).

عن علي رضي الله عنه أنه خطب ثم قال: (إِنَّ ابنَ أخيكم الحسن بن علي ب قد جمع مالاً، وهو يريد أن يقسمه بينكم، فحضر الناس، فقام الحسن رضي الله عنه، فقال: «إنما جمعته لفقرائكم»

فقام نصفُ الناس، فكان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس رضي الله عنه)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 10/392(31209) كتاب الأمراء، عن عبيدالله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب، عن علي رضي الله عنه أنه خطب ثم قال: «إن ابن أخيكم...» الأثر.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-06, 17:11   رقم المشاركة : 228
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



استكمال اجابه السؤال السابق

قال ابن كثير رحمه الله :

" ومشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد

فأبى، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده، فرأيته مواظبا على الصلاة، متحريا للخير

يسأل عن الفقه، ملازما للسنة. قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعا لك. فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إلي الخشوع؟

أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟

فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه. فقال لهم: قد أبى الله ذلك على أهل الشهادة

فقال: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون [الزخرف: 86] . ولست من أمركم في شيء." .

انتهى ، من "البداية والنهاية" (11/653)

وانظر :المشاركات القادمه









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-06, 17:22   رقم المشاركة : 229
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اكرام يزيد لابناء عمومته من اهل البيت وشهادة ابن الحنفية في يزيد رحمه الله
شهادة ابن الحنفية في يزيد رحمه الله


فشهادة ابن الحنفية هي لاريب شهادة عدل قوية تكذّب ما افترَوهوا على يزيد من تناول للمسكر

ومباشرة للمنكرات ، وغير ذلك مما يقدح بمروءة الإنسان مما رواه أبو مخنف وأمثاله من الرواة الكذابين الغالين ممن ينطبق عليهم لفظ الفاسق

فهذا وأمثاله من الفسّاق لا ُيقبَل لهم قول خاصة إذا كان فيه طعن في أحد من المسلمين ، فما بالك إذا كان هذا المطعون فيه وفي دينه هو خليفة المسلمين وإمامهم ؟!

علاقة يزيد بآل البيت رضي الله عنهم:

أما عن علاقة يزيد بآل البيت رضي الله عنهم فإنه لم يقع بين يزيد وبين أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعكر العلاقة و القرابة بينهما سوى خروج الحسين و بعض أهله ومقتلهم

على يد أهل العراق من الشيعة الارفاض بكربلاء ، الذين خانوه وخذلوه وغدروا بابن عمه ، كما تذكر مصادر الشيعة أنفسهم .

ومع هذا فقد بقيت العلاقة الحسنة بين يزيد وآل البيت و كانوا أولاد عمومته ونراهم قد اجتنبوا الخروج عليه أيام الحرة ومكة ، بل كانت صلته بعلي بن الحسين وعبد الله بن العباس ومحمد بن الحنفية أيام الحرة جيدة .

أما عبد الله بن جعفر فقد كانت صلته بمعاوية و يزيد من بعده غاية في المودة والصداقة والولاء

و كان يزيد لا يرد لابن جعفر طلباً ، وكانت عطاياه له تتوارد فيقوم ابن جعفر بتوزيعها على أهل المدينة ، وكان عبد الله بن جعفر يقول في يزيد: " أتلومونني على حسن الرأي في هذا"

. انظر: [قيد الشريد في أخبار يزيد ؛ (ص35) ].

يروي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية -

دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت ، فقال له يزيد ، و كان له مكرماً : يا أبا القاسم ، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه

و أتيت الذي تُشير به علي ؟ فقال : والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه

وأخبرك بالحق لله فيه ، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه ، وما رأيت منك إلاّ خيراً .

أنساب الأشراف للبلاذري (5/17) .

و يروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع - كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو و أصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم ، فقال ابن مطيع :

إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب ، فقال محمد ما رأيت منه ما تذكرون ، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة

قالوا : ذلك كان منه تصنعاً لك ، قال : و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع ؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه

و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا ، قالوا : إنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه ، فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ، و لست من أمركم في شيء

. البداية و النهاية (8/233)

و تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61-80هـ – (ص274) و قد حسّن الأخ محمد الشيباني إسناده انظر مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384) .

كما أن مجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية

من أمثال عبد الله بن الزبير و عبد الله ابن عباس و ابن عمر و أبو أيوب الأنصاري ، على مصاحبة جيش يزيد في سيره نحو القسطنطينية فيها خير دليل على أن يزيد كان يتميز بالاستقامة

و تتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة ، ويتمتع بالكفاءة والمقدرة لتأدية ما يوكل إليه من مهمات ؛ وإلا لما وافق أمثال هؤلاء الأفاضل من الصحابة أن يتولى قيادتهم شخص مثل يزيد .


اكرام يزيد لابناء عمومته من اهل البيت

كتاب الاحتجاج

احتجاج علي بن الحسين زين العابدين على يزيد بن معاوية لما ادخل عليه روت ثقات الرواة.......

ثم قال له علي بن الحسين عليه السلام: يا يزيد بلغني انك تريد قتلي، فان كنت

لابد قاتلي، فوجه مع هؤلاء النسوة من يؤديهن إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال له يزيد لعنه الله: لا يؤديهن غيرك، لعن الله ابن مرجانة

فو الله ما امرته بقتل أبيك، ولو كنت متوليا لقتاله ما قتلته، ثم احسن جائزته وحمله والنساء إلى المدينة


زين العابدين يبايع يزيد رحمهم الله

الكافي - الشيخ الكليني ج 8 ص 234 :

313 - إبن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج ( 2 )

فبعث إلى رجل من قريش فأتاه فقال له يزيد : اتقر لي أنك عبد لي ، إن شئت بعتك وإن شئت استرقيتك

فقال له الرجل : والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسبا ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والاسلام وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني فكيف أقر لك بما سألت ؟

فقال له يزيد : إن لم تقر لي والله قتلتك ، فقال له الرجل : ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأمر به فقتل .

( حديث على بن الحسين ( عليهما السلام ) مع يزيد لعنه الله )

ثم أرسل إلى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) فقال له : مثل مقالته للقرشي فقال له علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالامس ؟ فقال له يزيد لعنه الله

: بلى فقال له علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : قد أقررت لك بما سألت أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك وإن شئت فبع ، فقال له يزيد لعنه الله : أولى لك ( 1 ) حقنت دمك ولم ينقصك ذلك من شرفك .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-06, 17:28   رقم المشاركة : 230
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحسين كان يريد مبايعة يزيد قبل استشهاده

و لما رأى الحسين نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى و مددهم لقتاله أنفذ إلى عمر بن سعد أني أريد أن ألقاك فاجتمعا ليلا فتناجيا طويلا

ثم رجع عمر بن سعد إلى مكانه و كتب إلى عبيد الله بن زياد. أما بعد فإن الله قد أطفأ النائرة و جمع الكلمة

و أصلح أمر الأمة هذا حسين قد أعطاني عهدا أن يرجع إلى المكان الذي أتى منه أو أن يسير إلى ثغر

من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه و بينه رأيه و في هذا لكم رضى و للأمة صلاح.

الإرشاد ج : 2 ص :-87

هذا ما نقله شيخهم المفيد عن موافقة الحسين مبايعة يزيد

ويذكر المؤرخ الشيعي اليعقوبي في تاريخه أنه لما دخل علي بن الحسين الكوفة رأى نساءها يبكين ويصرخن فقال : " هؤلاء يبكين علينا فمن قتلنا ؟ " أي من قتلنا غيرهم { تاريخ اليعقوبي 235:1 } .

ولما تنازل الحسن لمعاوية وصالحه ، نادى شيعة الحسين الذين قتلوا الحسين وغدروا به قائلاً :" ياأهل الكوفة : ذهلت نفسي عنكم لثلاث : مقتلكم لأبي ، وسلبكم ثقلي

وطعنكم في بطني و إني قد بايعت معاوية فاسمعوا و أطيعوا ، فطعنه رجل من بني أسد في فخذه فشقه حتى بلغ العظم { كشف الغمة540، الإرشاد للمفيد190، الفصول المهمة 162، مروج الذهب للمسعودي 431:1} .

رابط العلاقة المصاهرة التي تمت بين بني امية وبني هاشم تبين لو كان بينهم عداوة وظلم لما نشأة هذه المصاهرة بينهم


ابن الحنفية يرفض خلع يزيد

ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب.

فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة.

قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعاً لك.

فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا.

قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه.

فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة.

فقال: (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، ولست من أمركم في شيء.

قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا.

قال: ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً.

قالوا: فقد قاتلت مع أبيك.

قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه.

فقالوا: فمر اب************ أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا.

قال: لو أمرتهما قاتلت.

قالوا: فقم معنا مقاماً تحض الناس فيه على القتال.

قال: سبحان الله !! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذاً ما نصحت لله في عباده.

قالوا: إذاً نكرهك.

قال: إذاً آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة. المصدر كتاب البداية والنهاية ابن كثير

و يروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع - كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو وأصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم

فقال ابن مطيع : إنَّ يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب ، فقال محمد: ما رأيتُ منه ما تذكرون ، قد حضرته وأقمت عنده ، فرأيته مواظباً على الصلاة ، متحرياً للخير

يسأل عن الفقه ، ملازماً للسنة ، قالوا: ذلك كان منه تصنعاً لك

قال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يُظهر لي الخشوع ؟!

ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ؟

فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه ، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا ، قالوا : إنه عندنا لحق وإن لم نكن رأيناه! فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ، و لست من أمركم في شيء .

[البداية و النهاية ؛ (8/233) ] و [ تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61-80هـ – (ص274) ] . و قد حسّن الأخ محمد الشيباني إسناده ، انظر: [مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384)].

وقيمة شهادة ابن الحنفية هذه لا تكمن فقط في أنها شهادة عدل صدرت عن تابعي جليل ، بل تنبع كذلك من كونها صدرت ممن قاتل معاوية َ مع أبيه أي مع علي رضي الله عن الجميع

فأحرى به أن يكون عدواً له كارهاً لملكه وولده . ولا يتهمه بالتحيّز في هذا إلى يزيد ومحاباتِه إلا ّ جاهل ضالّ ، أو زنديق لئيم حاقد .

فشهادة ابن الحنفية هي لاريب شهادة عدل قوية تكذّب ما افترَوهوا على يزيد من تناول للمسكر

ومباشرة للمنكرات ، وغير ذلك مما يقدح بمروءة الإنسان مما رواه أبو مخنف وأمثاله من الرواة الكذابين الغالين ممن ينطبق عليهم لفظ الفاسق

فهذا وأمثاله من الفسّاق لا ُيقبَل لهم قول خاصة إذا كان فيه طعن في أحد من المسلمين ، فما بالك إذا كان هذا المطعون فيه وفي دينه هو خليفة المسلمين وإمامهم ؟!

وقد رأينا فيما مضى نماذج من هذا الطعن والإفتراء !

أقوال بعض العلماء في وشهادتهم على قضية يزيد بن معاوية: الأول: شهادة محمد بن الحنفية رحمه الله في اتهام يزيد بشرب الخمر: هذه شهادة محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو من أعمدة آل البيت

يقول ابن كثير عنه: "ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم،

فقال ابن مطيع‏:‏ إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب‏.‏ فقال لهم‏:‏ ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير

يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة‏.‏ قالوا‏:‏ فإن ذلك كان منه تصنعاً لك‏.‏ فقال‏:‏ وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع‏؟‏ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر‏؟‏ فلئن كان أطلعكم

على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا‏.‏ قالوا‏:‏ إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه‏.‏ فقال لهم‏:‏ أبى الله ذلك على أهل الشهادة‏.‏

فقال‏:‏( ‏إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) الزخرف‏:‏ 86‏‏، ولست من أمركم في شيء‏.‏ قالوا‏:‏ فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا‏.‏ قال‏:‏ ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً ‏(‏

قالوا‏:‏ فقد قاتلت مع أبيك‏.‏ قال‏:‏ جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه‏.‏ فقالوا‏:‏ فمر اب************ أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا‏.‏ قال‏:‏ لو أمرتهما قاتلت‏.‏ قالوا‏:‏ فقم معنا مقاماً تحض الناس فيه على القتال‏.‏

قال‏:‏ سبحان الله ‏!‏‏!‏ آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذاً ما نصحت لله في عباده‏.‏ قالوا‏:‏ إذاً نكرهك‏.‏ قال‏:‏ إذاً آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة"

راجع: ابن كثير: البداية والنهاية/ج8/ص234، وص235. وهذا أبو جعفر الباقر: ينقل عنه ابن كثير: "

وقال أبو جعفر الباقر‏:‏لم يخرج أحد من آل أبي طالب ولا من بني عبد المطلب أيام الحرة، ولما قدم مسلم بن عقبة المدينة أكرمه وأدنى مجلسه وأعطاه كتاب أمان‏"

راجع: ابن كثير: البداية والنهاية/ج8/ص235.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-06, 17:32   رقم المشاركة : 231
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ـ شهادة ابن العباس في يزيد

وهناك قول مشابه لابن عباس رضي الله عنه ، يثبت فيه أن يزيد براء مما افترى ولا يزال يفتري عليه المفترون ، وهو أنه لما قدم ابن عباس وافداً على معاوية رضي الله عنه

أمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه – أي أن يأتي ابن عباس - ، فأتاه في منزله ، فرحب به ابن عباس وحدثه ، فلما خرج ، قال ابن عباس : " إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس".

[البداية والنهاية ؛ (8/228-229) ] و [ تاريخ دمشق ؛ (65/403-404) ].


ـ شهادة الليث بن سعد في يزيد

ثم إنّ نسبة ما نُسِبَ من منكر إلى يزيد لا يحل إلا بشاهدين ، فمن شهد بذلك ؟

وقد شهد العدل بعدالته ، روى يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ( توفي 147هـ ) قال

قال الليث : " توفي أمير المؤمنين يزيد في تاريخ كذا " ، فسماه الليثُ أمير المؤمنين بعد ذهاب ملك بني أمية وانقراض دولتهم ، ولولا كونه عنده كذلك لما قال إلا : " توفي يزيد " .

[العواصم من القواصم (ص232-234) ].


ـ شاهد آخر قوي على عدالة يزيد

كما إنّ مجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ، من أمثال عبد الله بن الزبير ، وعبد الله ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو أيوب الأنصاري

على مصاحبة جيش يزيد في سيره نحو القسطنطينية ، فيها خير دليل على أنَّ يزيد كان يتميز بالاستقامة ، و تتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة

ويتمتع بالكفاءة والمقدرة لتأدية ما يوكل إليه من مهمات ؛ وإلا لما وافق أمثال هؤلاء الأفاضل من الصحابة أن يتولى قيادتهم شخص مثل يزيد .


ـ منقَبة ليزيد بن معاوية :

أخرج البخاري عن خالد بن مَعْدان أن عُمَير بن الأسود العَـنَسي حدثه أنه أتى عُبادة بن الصامت و هو نازل في ساحة حِمص وهو في بناء له ومعه أم حَرام

قال عُمير : فحدثتنا أم حَرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " أول جيش من أمتي يغزُونَ البحرَ قد أَوجَبوا " ، فقالت أمُّ حرام : قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟

قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم "أول جيش من أمتي يغزُون مدينة قَيْصرَ مغفورٌ لهم" ، فقلت : أنا فيهم قال : لا .

وَقَدْ حَدَّثَ عن أمِّ حرام أَنَس رضي الله عنهما هَذَا الْحَدِيث أَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ

وَأَخْرَجَ الْحَسَنُ بْن سُفْيَان هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ يَحْيَى بْن حَمْزَة بِسَنَدِ الْبُخَارِيّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ " قَالَ هِشَام رَأَيْت قَبْرَهَا بِالسَّاحِلِ " .

و‏قَوْله : ( يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَر ) ‏‏ يَعْنِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة .

‏وَقَوْله : ( قَدْ أَوْجَبُوا) ‏أَيْ فَعَلُوا فِعْلًا وَجَبَتْ لَهُمْ بِهِ الْجَنَّة .

قَالَ الْمُهَلَّب : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ ، وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيد لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ .[البخاري مع الفتح ] .

فتحرك الجيش نحو القسطنطينية بقيادة بسر بن أرطأ رضي الله عنه عام خمسين من الهجرة ، فاشتد الأمر على المسلمين فأرسل بسر يطلب المَدد من معاوية فجهز معاوية جيشاً بقيادة ولده يزيد

فكان في هذا الجيش كلٌ من أبو أيوب الأنصاري ، وعبد الله بن عمر ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وجمعٌ غفير من الصحابة ، رضي الله عنهم أجمعين .

وقد علّق على هذا الحديث ِ الشيخُ ابو اليسر عابدين رحمه الله ، مفتي سوريا السابق

عام 1954 في كتابه (أغاليط المؤرخين) فقال: اما يكفيه ( أي يزيد ) فخرا ما ذكره في الجامع الصغير برمز البخاري عن ام حرام بنت ملحان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال اول جيش من امتي يركبون البحر فقد اوجبوا وأول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. و كلا الوصفين ثبتا ليزبد بن معاوية رضي الله عنه.

[ أغاليط المؤرخين ؛ ص 124]

على ضوء ما سبق بيانه من حال يزيد الحقيقية نستطيع أن نرد جميع الروايات الساقطة والأقوال المريبة التي لم تثبت صحتها وإن وجدت في امهات كتب التفسير والتاريخ ، فهذه فيها الغث وفيها السمين

وكذلك نرد ما قاله الذهبي في [ سير أعلام النبلاء ؛ (4/36)] عن يزيد بأنه " كان ناصبياً فظاً غليظاً جلفاً متناول المسكر و يفعل المنكر"

. فقد أخطأ الذهبي هنا لاريب خطأ كبيرا، وعلى كلٍّ فهذا قول ، و كلٌ يؤخذ من كلامه و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

يزيد لم يامر بقتل الحسين من كتب الشيعة !









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-06, 17:36   رقم المشاركة : 232
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ثالثا:

يذكر بعض العوام والجهال من الناس من أن السيدة نفيسة حينما قدمت إلى مصر ونزلت في دار، كان بجوارها يهود، من جملتهم امرأة يهودية لها ابنة مقعدة لا تقدر على الحركة، وأنها تركتها يوما عند السيدة نفيسة

فقامت السيدة نفيسة وتوضأت ، فجرى ماء وضوئها إلى هذه الجارية اليهودية، فمسحت به على رجليها فوقفت في حينها ، وقامت تمشي على قدميها

وذهبت إلى أمها وقصت عليها خبرها ، وعلم جيرانها من اليهود بذلك ، فأسلموا أجمعون .

وهذه القصة لا نعلم لها أصلا ، ولوائح الوضع والبطلان عليها ظاهرة

وقد كان من عادة بعض أهل الجهل من العوام والصوفية والشيعة

اختلاق مثل هذه الأكاذيب وإشاعتها بين الناس ، لنشر الشرك والضلالة والبدعة ، فليحذر المسلم من هذه البواطيل، وليحتم بحمى التوحيد .

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-07, 16:27   رقم المشاركة : 233
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل ثبت أن بني أمية كانوا إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه ؟

السؤال

هل يصح ما يقال : إن بني أمية - أيام حكمهم - كانوا لا يرتضون اسم علي رضي الله عنه ، وكانوا يقتلون المولود بهذا الاسم ! وأن شخصا اسمه " رباح " غيَّر اسم ابنه " عليا " إلى ( عُلَي ) بضم العين خوفا من سلطانهم

وعليه فكيف ندافع عنهم . يقول المزي : كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه " علي " قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا فقال : هو- يعني علي بن رباح - ( عُلي ) بضم العين

وكان يغضب من " علي " ، ويُحَرِّجُ على من سمَّاه به . راجع " تهذيب الكمال " ج13 وتهذيب التهذيب ج7 وهل ذكر فضائل علي رضي الله عنه كان ممنوعا ، وأن سبه ولعنه كان جائزا

بل يمدح صاحبه ، ولماذا ، ولأية غاية . ينقل الإمام الذهبي عن عبدالله بن شداد قوله :

" وددت أني قمت على المنبر من غدوة إلى الظهر فأذكر فضائل علي بن أبي طالب ثم أنزل فيضرب عنقي ". راجع " سير أعلام النبلاء " ج3. بارك الله فيكم .


الجواب

الحمد لله

أولا :

يخطئ من يظن أننا حين نكتب عن الدولة الأموية أو الدولة العباسية أو غيرها من الدول أننا نكتب بروح المدافع والمنافح عن كل ما وقع فيها ، حاشا وكلا

ولا يجوز لمسلم أن يتحمل وزر الظلم في أي مرحلة من مراحل التاريخ ، فهو حين يدافع عنه اليوم في الأوساط العلمية والثقافية يناله نصيب من إثمه .

بل نعتقد أن الدولة الأموية كغيرها من الدول لها ما لها من فضائل ، وعليها ما عليها من المظالم ، لها المآثر الحميدة بنشر الإسلام ، وتثبيت أركان الأمن والنظام ، ونشر العلم والتشجيع عليه

وعليها بعض المساوئ التي من أقبحها التجافي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وآل بيته الكرام

وإظهار شتمهم والتنقص منهم ، وسفك دماء المسلمين في سبيل تثبيت الحكم لدولتهم ، والاستئثار بحظوظ الدنيا وأموال الأمة .

روى مسلم في " صحيحه " (2409) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ :

( اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ ، قَالَ : فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتِمَ عَلِيًّا قَالَ :

فَأَبَى سَهْلٌ فَقَالَ لَهُ : أَمَّا إِذْ أَبَيْتَ فَقُلْ : لَعَنَ اللهُ أَبَا التُّرَابِ ، فَقَالَ سَهْلٌ : مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي التُّرَابِ ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ بِهَا ) إلى آخر الحديث .

يقول ابن تيمية رحمه الله :

" التلاعن وقع من الطائفتين كما وقعت المحاربة ، وكان هؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم ، وهؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم ، وقيل : إن كل طائفة كانت تقنت على الأخرى

والقتال باليد أعظم من التلاعن باللسان ، وهذا كله - سواء كان ذنباً أو اجتهاداً مخطئاً أو مصيباً - فإن مغفرة الله ورحمته تتناول ذلك بالتوبة ، والحسنات الماحية ، والمصائب المكفرة ، وغير ذلك "

انتهى باختصار من " منهاج السنة " (4/468)

ثانيا :

يؤمن أهل السنة أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أفضل الصحابة الكرام

فهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته ، ورابع الخلفاء الراشدين ، ومن العشرة المبشرين بالجنة ، وردت فضائله في السنة الصحيحة والآثار الكثيرة

حتى قال رضي الله عنه : ( وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ : أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ ) رواه مسلم (78)

ولذلك ما زال أهل السنة يحاربون النواصب الذين يناصبون علي بن أبي طالب العداء ، ويواجهون الخوارج الذين وقعوا في علي رضي الله عنه وكفروه ، وكتب عقائد السنة مليئة بذلك لمن أراد التثبت .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فضل علي وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم ولله الحمد ، ومن طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني "

انتهى من " منهاج السنة النبوية " (8/165)

ويقول أيضا رحمه الله :

" وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله "

انتهى من " منهاج السنة " (7/218)

ويقول أيضا رحمه الله :

" كتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله مناقبه ، وبذم الذين يظلمونه من جميع الفرق

وهم ينكرون على من سبه ، وكارهون لذلك ، وما جرى من التساب والتلاعن بين العسكرين ، من جنس ما جرى من القتال ، وأهل السنة من أشد الناس بغضاً وكراهة لأن يتعرض له بقتال أو سب .

بل هم كلهم متفقون على أنه أجل قدراً ، وأحق بالإمامة ، وأفضل عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين من معاوية وأبيه وأخيه الذي كان خيراً منه

وعلي أفضل ممن هو أفضل من معاوية رضي الله عنه ، فالسابقون الأولون الذين بايعوا تحت الشجرة كلهم أفضل من معاوية ، وأهل الشجرة أفضل من هؤلاء كلهم

وعلي أفضل من جمهور الذين بايعوا تحت الشجرة ، بل هو أفضل منهم كلهم إلا الثلاثة ، فليس في أهل السنة من يقدم عليه أحداً غير الثلاثة

بل يفضلونه على جمهور أهل بدر وأهل بيعة الرضوان ، وعلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار "

انتهى من " منهاج السنة " (4/396)

فإذا وقع العداء لعلي بن أبي طالب من بعض الخلفاء الأمويين ، واشتهر النصب في زمانهم لجميع آل البيت الكرام الأطهار ، فليس ذلك بحجة على أهل السنة

لأن أهل السنة يتبرؤون من الناصبة ومن كل من يقع في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وجهودهم في الرد على الناصبة والإنكار عليهم مشهورة لا يحصرها ديوان .

ثالثا :

بعد ذلك كله نقول : إن الأثر المروي في السؤال ورد من كلام أبي عبدالرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ( المتوفى سنة 213هـ) قال :

" كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه ( علي ) قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا فقال : هو عُلَيٌّ ، وكان يغضب مِن علي ، ويحرج من سماه به " انتهى.

رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (41/480)

قال : قرأت على أبي القاسم بن عبدان ، عن أبي محمد بن علي بن أحمد بن المبارك ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، أنا محمد بن محمد

نا عبد الرحمن بن سويد بن سعيد ، نا سلمة بن شبيب قال : سمعت أبا عبد الرحمن المقرئ...فذكره .

وهذا إسناد ضعيف جدا:

العلة الأولى : عبد الرحمن بن سويد بن سعيد : لم نقف له على ترجمة ، بل لم نجد من يحمل هذا الاسم في كتب العلماء ولا في كتب الشيعة .

العلة الثانية : محمد بن محمد ، هو ابن داود بن عيسى الكرجي ، نزيل طرسوس : لم نقف على من يذكره بجرح أو تعديل .
العلة الثالثة : محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، هو محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد أبو الفتح الجحدري الطرسوسي الغازي البزاز المعروف بابن البصري

ترجمته في " تاريخ بغداد " (2/315)، لم ينقل توثيقه سوى عن الأزهري

وذلك غير كاف في قبول تفرده بمثل هذا الخبر الخطير الشأن ، وانظر ترجمته في " تاريخ دمشق " (51/233)، وفي " تاريخ الإسلام " للذهبي (9/155)

رابعا :

ثم إن في متن الأثر المذكور غرابة أو نكارة من وجوه كثيرة :

منها : أن أحدا من المؤرخين الكبار أو الرواة أو العلماء لم يذكر نحو هذا الكلام ، ولا شك أن مثل هذه الفعلة الشنيعة ، لو كانت حقا قد وقعت ، لتوفرت الهمم على نقلها.

ومنها : أن العلماء والرواة والناس الذين يحملون اسم " علي " وعاشوا في الحقبة الأموية لا يحصون كثرة

فكيف عاش هؤلاء ولم يلاحقوا ، ويكفي الباحث أن يدخل اسم ( علي ) في كتاب كـ " سير أعلام النبلاء "، وينظر عدد النتائج في تلك الحقبة ، فسيجد من ذلك عددا كثيرا.

ومنها : أن علي بن رباح هذا ولد في أول خلافة عثمان قبل دولة بني أمية ، فكيف يقال إن أباه غيَّر اسمه عند مولده خوفا من سطوة بني أمية .

يقول الإمام الذهبي رحمه الله :

" قوله : ( مولود ) لا يستقيم ؛ لأن عليا هذا ولد في أول خلافة عثمان ، أو قبل ذلك بقليل ، وكان في خلافة ابن أمية رجلا لا مولودا "

انتهى من " تاريخ الإسلام " (7/251)

ومنها : أن ابن حبان رحمه الله ذكر سببا آخر لتغير اسم ( علي ) ، وذلك في قوله : "علي بن رباح اللخمي ، أبو موسى ، من ثقات أهل مصر ، وهو الذي يقال له : عُلي بن رباح

وكان يقول : من قال لي عَلي ليس مني في حل ، وذاك أن أهل الشام كانوا يصغرون كل عَلي لِما في قلوبهم لأمير المؤمنين علي بن أبى طالب "

انتهى من " مشاهير علماء الأمصار " (ص/197)

فذكر ههنا أن سبب تصغير اسم علي بن رباح ليس الخوف من حكام بني أمية ، وإنما لانتشار النصب في بلاد الشام يومئذ ، وكان علي منهم

فأبى أن يسمَّى إلا بالتصغير مخالفة لاسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

وبهذا يتبين أن الخبر المنقول لا قيمة له من حيث الإسناد ، ولا قبول له من حيث المتن.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-07, 16:32   رقم المشاركة : 234
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قصة التحكيم .

السؤال

أنا أعلم أن قصة التحكيم التي رواها لوط بن يحيى ضعيفة لضعف لوط بن يحيى أبي مخنف ، ولكن ماهي القصة الصحيحة ؟ ومالذي حصل في التحكيم ؟

الجواب

الحمد لله

شاع بين الناس ما ذكره بعض أهل التاريخ

بشأن ما حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما من الخلاف ثم القتال بصفين

وأنه لما استحر القتل في الفريقين تراوضوا بعد مكاتبات ومراجعات ، على التحكيم ، وهو أن يحكّم كل واحد من الأميرين - علي ومعاوية - رجلا من جهته، ثم يتفق الحكمان على ما فيه المصلحة للمسلمين.

فوكل علي أبا موسى الأشعري ، ووكل معاوية عمرو بن العاص ، فاجتمعا ، فخطب أبو موسى، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أمرا أصلح لها ولا ألم لشعثها من رأي قد اتفقت أنا وعمرو عليه، وهو أنا نخلع عليا ومعاوية ونترك الأمر شورى

وتستقبل الأمة هذا الأمر فيولوا عليهم من أحبوه واختاروه، وإني قد خلعت عليا ومعاوية.

ثم تنحى ، وجاء عمرو فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذا قال ما قد سمعتم، وإنه قد خلع صاحبه، وإني قد خلعته أيضا كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية

فإنه وليُّ عثمان بن عفان، والطالب بدمه، وهو أحق الناس بمقامه.

انظر: "البداية والنهاية" (10/ 554 -575 )

وهذا لا يصح سند به ، ولا يرويه إلا من لا يوثق بروايته من الإخباريين التالفين ، أمثال أبي مخنف لوط بن يحيى ، قال الذهبي في "الميزان" (3/ 419):

" أخباري تالف، لا يوثق به، تركه أبو حاتم وغيره. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال - مرة: ليس بشئ " انتهى .

والصحيح : أن الحكمين تراضيا على أن يعهدا بأمر الخلافة إلى الموجودين من أعيان الصحابة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم، فيجعلوا على الناس من يرونه أهلا للخلافة ، حسما للخلاف ، وحقنا للدماء .

قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله :

" تحكم الناس في التحكيم فقالوا فيه ما لا يرضاه الله، وإذا لحظتموه بعين المروءة - دون الديانة - رأيتم أنها سخافة حمل على سطرها في الكتب في الأكثر عدم الدين، وفي الأقل جهل متين.

والذي يصح من ذلك: ما روى الأئمة كخليفة بن خياط والدارقطني : أنه لما خرج الطائفة العراقية مائة ألف ، والشامية في سبعين أو تسعين ألفا

ونزلوا على الفرات بصفين، اقتتلوا في أول يوم - وهو الثلاثاء - على الماء ، فغلب أهل العراق عليه.

ثم التقوا يوم الأربعاء لسبع خلون من صفر سنة سبع وثلاثين ويوم الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت ، ورفعت المصاحف من أهل الشام، ودعوا إلى الصلح .

وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق، فكان من جهة علي أبو موسى ، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص .

وكان أبو موسى رجلًا تقيًّا فقيهًا عالمًا ، وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أنه كان أبله ضعيف الرأي مخدوعًا في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاءٍ وأرب

حتى ضربت الأمثال بدهائه ، تأكيدًا لما أرادت من الفساد، اتبع في ذلك بعض الجهال بعضًا ، وصنفوا فيه حكايات ، وقالوا: إنهما لما اجتمع بأذرح من دومة الجندل وتفاوضا،

اتفقا على أن يخلعا الرجلين ، فقال عمرو لأبي موسى: اسبق بالقول. فتقدم فقال: إني نظرت فخلعت عليًّا عن الأمر، وينظر المسلمون لأنفسهم، كما خلعت سيفي هذا من عنقي

- أو من عاتقي - وأخرجه من عنقه ، فوضعه في الأرض. وقام عمرو فوضع سيفه في الأرض وقال: إني نظرت فأثبت معاوية في الأمر كما أثبت سيفي هذا في عاتقي. وتقلده.

فأنكر أبو موسى. فقال عمرو: كذلك اتفقنا. وتفرق الجمع على ذلك من الاختلاف.

قال القاضي أبو بكر: هذا كله كذب صراح ، ما جرى منه حرف قط. وإنما هو شيء أخبر عنه المبتدعة، ووضعته التاريخية للملوك، فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع ".

ثم ذكر ما رواه الدارقطني –

كما في "العواصم من القواصم" (ص: 178)-

وابن عساكر في "تاريخه" (46/175) من طريق عبد الله – ويقال عبيد الله – بن مضارب عن حضين بن المنذر

قال : لما عزل عمرو معاوية جاء -أي حضين بن المنذر- فضرب فسطاطه قريبًا من فسطاط معاوية، فبلغ نبأه معاوية، فأرسل إليه فقال: إنه بلغني عن هذا -أي عن عمرو- كذا وكذا ، فاذهب فانظر ما هذا الذي بلغني عنه .

فأتيته ، فقلت: أخبرني عن الأمر الذي وليت أنت وأبو موسى ، كيف صنعتما فيه؟

قال: قد قال الناس في ذلك ما قالوا، والله ما كان الأمر على ما قالوا ، ولكن قلت لأبي موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ.

قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: إن يستعن بكما ففيكما معونة ".

ورواته ثقات خلا ابن مضارب ، قال الذهبي في "الميزان" (2/ 506):

" عداده في صغار التابعين، لا يعرف " وذكره ابن حبان في الثقات .

ولعل هذا أمثل ما روي في الباب .

ثم قال ابن العربي رحمه الله :

" فهذا كان بدء الحديث ومنتهاه. فأعرضوا عن الغاوين، وازجروا العاوين ، وعرجوا عن سبيل الناكثين، إلى سنن المهتدين. وأمسكوا الألسنة عن السابقين إلى الدين.

وإياكم أن تكونوا يوم القيامة من الهالكين بخصومة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد هلك مَن كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خصمه، ودعوا ما مضى فقد قضى الله ما قضى. وخذوا لأنفسكم الجد فيما يلزمكم

اعتقادًا وعملًا، ولا تسترسلوا بألسنتكم فيما لا يعينكم مع كل ناعق اتخذ الدين هملًا، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا " .

انتهى من"العواصم من القواصم" (ص: 172-180)

وقال الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله في تعليقه على "العواصم من القواصم" (ص: 174):

" من الحقائق ما إذا أسيء التعبير عنه ، وشابته شوائب المغالطة ، يوهم غير الحقيقة ، فينشأ عن ذلك الاختلاف في الحكم عليه.

ومن ذلك حادثة التحكيم ، وقول المغالطين : إن أبا موسى وعمرًا اتفقا على خلع الرجلين، فخلعهما أبو موسى، واكتفى عمرو بخلع علي دون معاوية.

وأصل المغالطة من تجاهل المغالطين : أن معاوية لم يكن خليفة، ولا هو ادعى الخلافة يومئذ حتى يحتاج عمرو إلى خلعها عنه.

بل إن أبا موسى وعمرًا اتفقا على أن يعهدا بأمر الخلافة على المسلمين إلى الموجودين على قيد الحياة ، من أعيان الصحابة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم.

واتفاق الحكمين على ذلك لا يتناول معاوية ، لأنه لم يكن خليفة ، ولم يقاتل على الخلافة ، وإنما كان يطالب بإقامة الحد الشرعي على الذين اشتركوا في قتل عثمان.

فلما وقع التحكيم على إمامة المسلمين، واتفق الحكمان على ترك النظر فيها إلى كبار الصحابة وأعيانهم ، تناول التحكيم شيئًا واحدًا هو الإمامة.

أما التصرف العملي في إدارة البلاد التي كانت تحت يد كل من الرجلين المتحاربين ، فبقي كما كان: علي متصرف في البلاد التي تحت حكمه، ومعاوية متصرف في البلاد التي تحت حكمه.

فالتحكيم لم يقع فيه خداع ولا مكر، ولم تتخلله بلاهة ولا غفلة.

وكان يكون محلا للمكر أو الغفلة ، لو أن عمرًا أعلن في نتيجة التحكيم أنه ولى معاوية إمارة المؤمنين وخلافة المسلمين، وهذا ما لم يعلنه عمرو، ولا ادعاه معاوية، ولم يقل به أحد في الثلاثة عشر قرنًا الماضية.

وخلافة معاوية لم تبدأ إلا بعد الصلح مع الحسن بن علي، وقد تمت بمبايعة الحسن لمعاوية، ومن ذلك اليوم فقط سمي معاوية أمير المؤمنين.

فعمرو لم يغالط أبا موسى ولم يخدعه، لأنه لم يعط معاوية شيئًا جديدًا، ولم يقرر في التحكيم غير الذي قرره أبو موسى. ولم يخرج عما اتفقا عليه معًا، فبقيت العراق

والحجاز وما يتبعهما تحت يد من كانت تحت يده من قبل، وبقيت الشام وما يتبعها تحت يد من كانت تحت يده من قبل، وتعلقت الإمامة بما سيكون من اتفاق أعيان الصحابة عليها، وأي ذنب لعمرو في أي شيء مما وقع؟

إن البلاهة لم تكن من أبي موسى، ولكن ممن يريد أن يفهم الوقائع على غير ما وقعت عليه. فليفهمها كل من شاء كما يشاء. أما هي فظاهرة واضحة لكل من يراها كما هي " انتهى .

وينظر نقد أوسع لرواية التحكيم المذكورة

في كتاب " موقف الصحابة من الفتنة "

للدكتور محمد آمحزون (2/223-235) .

والله تعالى أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-07, 16:36   رقم المشاركة : 235
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وقعة الحرّة.

السؤال


أريد أن أعرف ما المقصود بحجارة الزيت ؟

ومن هم أهل حجارة الزيت الذين جاء ذكرهم في الحديث رقم : (3958) من سنن ابن ماجه؟


الجواب

الحمد لله


روى ابن ماجه (3958)، وأحمد (21325) ، وابن حبان (6685)، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ؟) - يَعْنِي الْقَبْرَ

- قُلْتُ: مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ: ( تَصَبَّرْ) قَالَ: (كَيْفَ أَنْتَ، وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ، حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ

وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ؟) قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ - قَالَ: (عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ) ثُمَّ قَالَ: (كَيْفَ أَنْتَ، وَقَتْلًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تُغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ بِالدَّمِ؟)

قُلْتُ: مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ، قَالَ: (الْحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ) ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا آخُذُ بِسَيْفِي، فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: (شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذًا،

وَلَكِنِ ادْخُلْ بَيْتَكَ) ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ دُخِلَ بَيْتِي؟ قَالَ: (إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ، فَيَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)

وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" ، وصححه محققو المسند على شرط مسلم.

قال السندي رحمه الله:

" (وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ) أَيْ: بِالْمَدِينَةِ .

(حَتَّى يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ) أَيْ: بِالْعَبْدِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْقَبْرُ، أَيْ: يُبَاعُ مَوْضِعُ الْقَبْرِ بِعَبْدٍ وَصِيفٍ ، أَوْ لِيَبْلُغَ أُجْرَة الْحَفَّارِ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَقِلَّةِ الْحَفَّارِينَ وَاشْتِغَالِهِمْ بِالْمَعِيشَةِ،

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْمُتَعَارَفُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبُيُوتَ تَصِيرُ رَخِيصَةً لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ، وَقِلَّةِ مَنْ يَسْكُنُهَا فَيُبَاعُ الْبَيْتُ بِعَبْدٍ ، مَعَ أَنَّ الْبَيْتَ عَادَةً يَكُونُ أَكْثَرَ قِيمَةً .

(عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ) أَيْ: لِكَفِّ النَّاسِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ.

(حَتَّى تُغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ بِالدَّمِ) حِجَارَةُ الزَّيْتِ : مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ فِي الْحَرَّةِ، سُمِّيَ بِهَا لِسَوَادِ الْحِجَارَةِ كَأَنَّهَا طُلِيَتْ بِالزَّيْتِ، أَيِ: الدَّمُ يَعْلُو حِجَارَةَ الزَّيْتِ وَيَسْتُرُهَا، لِكَثْرَةِ الْقَتْلَى

وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ الَّتِي كَانَتْ زَمَنَ يَزِيدَ .

(الْحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ) أَيْ: بِأَهْلِكَ وَعَشِيرَتِكَ الَّذِي خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ، أَيِ: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ .

(إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ، فَيَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) .

(إِنْ خَشِيتَ) فَمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِلَّا بِأَنْ غَلَبَكَ ضَوْءُ السَّيْفِ وَبَرِيقُهُ فَغَطِّ وَجْهَكَ حَتَّى يَقْتُلَكَ.

قِيلَ: الْمُرَادُ الْإِخْبَارُ بِهَذِهِ الْوَقَائِعِ ، عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ لَعَلَّهُ يُدْرِكُهَا، وَإِلَّا فَأَبُو ذَرٍّ مَاتَ قَبْلَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، فَإِنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ

وَأَمَّا وُقُوعُ الْجُوعِ وَالْمَوْتِ بِالْمَدِينَةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَدْرَكَهَا أَبُو ذَرٍّ، لِأَنَّهُ وَقَعَ قَحْطٌ وَمَوْتٌ بِهَا فِي عَامِ الرَّمَادَةِ وَغَيْرِهِ " انتهى باختصار.

"حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (2/ 468)

وفي الحديث : الحث على البعد عن الفتن وأهلها، وصيانة النفس عن دماء المسلمين ، والإمساك عن الخوض فيها .

وروى أبو داود (1168) عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى بَنِي آبِي اللَّحْمِ : " أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ، قَرِيبًا مِنَ الزَّوْرَاءِ قَائِمًا، يَدْعُو يَسْتَسْقِي رَافِعًا يَدَيْهِ قِبَلَ وَجْهِهِ، لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ ".

وصححه الألباني.

قال القاضي عياض في "المشارق" (1/ 220)

" أَحْجَارِ الزَّيْتِ: مَوضِع بِالْمَدِينَةِ قريب من الزَّوْرَاء، مَوضِع صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الاسْتِسْقَاء" انتهى .

وقال القاري في "المرقاة"(3/ 1109):

" أَحْجَارِ الزَّيْتِ : مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْحَرَّةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَوَادِ أَحْجَارِهَا بِهَا كَأَنَّهَا طُلِيَتْ بِالزَّيْتِ"

وقال الزبيدي في "تاج العروس" (4/ 532):

" مَوضعٌ بالمَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ، على ساكِنها أَفضلُ الصَّلاة وأَتمُّ التَّسْلِيم، وَهُوَ خارجُها ".

ثانيا :

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" كَانَ سَبَبُ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ : أَنَّ وَفْدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدِمُوا عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِدِمَشْقَ، فَأَكْرَمَهُمْ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُمْ، وَأَطْلَقَ لِأَمِيرِهِمْ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا رَجَعُوا

ذَكَرُوا لِأَهْلِيهِمْ عَنْ يَزِيدَ مَا كَانَ يَقَعُ مِنْهُ مِنَ الْقَبَائِحِ فِي شُرْبِهِ الْخَمْرَ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَاحِشِ الَّتِي مِنْ أَكْبَرِهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِ السُّكْرِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى خَلْعِهِ، فَخَلَعُوهُ

عِنْدَ الْمِنْبَرِ النَّبَوِيِّ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ سَرِيَّةً يَقْدُمُهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَإِنَّمَا يُسَمِّيهِ السَّلَفُ مُسْرِفَ بْنَ عُقْبَةَ، فَلَمَّا وَرَدَ الْمَدِينَةَ اسْتَبَاحَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ،

فَقَتَلَ فِي غُبُونِ هَذِهِ الْأَيَّامَ بَشَرًا كَثِيرًا حَتَّى كَادَ لَا يَفْلِتُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَزَعَمَ بَعْضُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ أَنَّهُ افْتَضَّ فِي غُبُونِ ذَلِكَ أَلْفَ بِكْرٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ: " قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ ".

حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: " وَكَانَ فِيهِمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ ".

وقال ابن الأثير رحمه الله:

" كان سبب وقعة الحرة أَنَّ عَبْد اللَّهِ بْن حنظلة وفد هو وغيره من أهل المدينة إِلَى يزيد بْن معاوية، فرأوا منه ما لا يصلح، فلم ينتفعوا بما أخذوا منه، فرجعوا إِلَى المدينة وخلعوا يزيد

وبايعوا لعبد اللَّه بْن الزبير، ووافقهم أهل المدينة، فأرسل إليهم يزيد مسلم بْن عقبة المري، وهو الذي سماه الناس بعد وقعة الحرة مجرماً، فأوقع أهل المدينة وقعة عظيمة، قتل كثيرًا منهم في المعركة

وقتل كثيرًا صبرًا، وكان عَبْد اللَّهِ بْن حنظلة ممن قتل في المعركة، ولما اشتد القتال قدم بنيه واحدًا واحدًا، حتى قُتلوا كلهم، وهم ثمانية بنين، ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتى قتل "

انتهى من "أسد الغابة" (3/ 219)

وينظر: "تاريخ الإسلام" (5/ 23)

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-07, 16:41   رقم المشاركة : 236
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

متى نبىء إبراهيم عليه السلام؟

السؤال

هل أُمر سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يناقش قومه ويدعوهم لعبادة الله ؟ أم أنه ناقشهم بفطرته وبديهته واجتهاد عقله ؟

أو بمعنى آخر متى نزل الوحي على النبي إبراهيم ؟


الجواب

الحمد لله


أولا:

لم نقف على نص يوضح متى نبئ إبراهيم عليه السلام.

وكل ما يذكر عن عمره لما نظر في الكواكب ، واستدل بها على وحدانية الله تعالى؛ كل هذا من أخبار بني اسرائيل التي لا يمكن الاعتماد عليها لإثبات شيء من هذا .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:" ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ … ).

يخبر تعالى عن خليله إبراهيم، عليه السلام، أنه آتاه رشده من قبل، أي: من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه، كما قال تعالى: ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ) .

وما يذكر من الأخبار عنه في إدخال أبيه له في السرب ، وهو رضيع ، وأنه خرج به بعد أيام، فنظر إلى الكوكب والمخلوقات، فتبصر فيها وما قصه كثير من المفسرين وغيرهم فعامتها أحاديث بني إسرائي

فما وافق منها الحق ، مما بأيدينا عن المعصوم : قبلناه لموافقته الصحيح، وما خالف شيئا من ذلك رددناه، وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة :

لا نصدقه ولا نكذبه، بل نجعله وقفا، وما كان من هذا الضرب منها فقد ترخص كثير من السلف في روايتها، وكثير من ذلك مما لا فائدة فيه، ولا حاصل له مما ينتفع به في الدين

. ولو كانت فيه فائدة تعود على المكلفين في دينهم لبينته هذه الشريعة الكاملة الشاملة.

والذي نسلكه في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية، لما فيها من تضييع الزمان

ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم، فإنهم لا تفرقة عندهم بين صحيحها وسقيمها كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون من هذه الأمة "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (17 / 347 - 348).

ثانيا:

لكن مناقشة إبراهيم عليه السلام لأهل الشرك والتي قصّها علينا القرآن الكريم ؛ منها ما هو مقطوع بأنه بعد نبوته؛ وهو الأمر المتعلق بمجادلة قومه في عبادتهم الأصنام؛ كما في قوله تعالى:

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي

أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا مريم/41 - 45.

فسياق هذه الآيات ظاهر أن هذه الدعوة لأبيه كانت بعد نبوته .

وأما الحادثة الأخرى فهي في قوله تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ *

فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ *

فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الأنعام /75 – 79.

فهذه محل خلاف بين أهل العلم في القوم الذين حاججهم؛ وفي زمن محاججته هل قبل نبوته ورسالته أم بعدها؟

لكن الذي يقتضيه سياق الآيات أن القوم الذين حاججهم في عبادة الأصنام هم أنفسهم الذين حاججهم حول عبادة الكواكب؛ لأن قبل هذه الآيات قوله تعالى:

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ الأنعام /74.

قال المعلمي رحمه الله تعالى:

" فالظاهر أنَّ نظره عليه السلام في الكواكب : كان بعد إنكاره عبادة الأصنام - كما يدلُّ عليه الترتيب القرآنيُّ -، حيث ذكر إنكاره على أبيه عبادة الأصنام، ثم عقَّبه بقصَّة النظر

في الكواكب، وكأنّ أباه كان اعتذر إليه بأنه إنما يعبد الأصنام لأجل الكواكب، فانتقل إلى النظر في الكواكب "

انتهى من "آثار الشيخ عبد الرحمن المعلمي" (3 / 679).

ويحتمل أنّ عبادتهم للأصنام كانت من جهة أنهم جعلوها تماثيل أو رموزا لتلك الكواكب التي عبدوها.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-07, 16:42   رقم المشاركة : 237
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والخليل صلوات الله عليه، أنكر شركهم بالكواكب العلوية، وشركهم بالأوثان، التي هي تماثيل وطلاسم لتلك، أو هي أمثال لمن مات من الأنبياء والصالحين وغيرهم "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2 / 304).

وعلى ذلك ؛ فيكون تمعّنه في الكواكب ومخاطبتها كما في الآية ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ) إلى آخر الآيات؛ كل هذا قاله في مقام المناظرة لهم وإلزامهم الحجة .

قال الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى:

" وأما قوله عليه السلام إذ رأى الكوكب والشمس والقمر: هذا ربي.

فقال قوم: إن إبراهيم عليه السلام قال ذلك محققا، أولَ خروجه من الغار .

وهذا خرافة، موضوعة، مكذوبة، ظاهرة الافتعال، ومن المحال الممتنع أن يبلغ أحد حد التمييز والكلام بمثل هذا، وهو لم ير قط شمسا ولا قمرا ولا كوكبا .

وقد أكذب الله عز وجل هذا الظن الكاذب بقوله الصادق: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ) ؛ فمحال أن يكون من آتاه الله رشده من قبل ، يدخل في عقله أن الكواكب ربه...

والصحيح من ذلك : أنه عليه السلام إنما قال ذلك موبخا لقومه ، كما قال لهم نحو ذلك في الكبير من الأصنام، ولا فرق ؛ لأنهم كانوا على دين الصابئين، يعبدون الكواكب ويصورون الأصنام

على صورها وأسمائها في هياكلهم، ويعيدون لها الأعياد، ويذبحون لها الذبائح، ويقربون لها القرب والقرابين

ويقولون: إنها تعقل وتدبر وتضر وتنفع ويقيمون لكل كوكب منها شريعة محدودة، فوبخهم الخليل عليه السلام على ذلك...

ومعاذ الله أن يكون الخليل عليه السلام أشرك قط بربه...

وبرهان قولنا هذا : أن الله تعالى لم يعاتبه على شيء مما ذكر، ولا عنفه على ذلك، بل صدقه تعالى بقوله: ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ) "

انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (4 / 17).

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" والحق أن إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، كان في هذا المقام مناظرا لقومه، مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والأصنام .

فبين في المقام الأول ، مع أبيه : خطأهم في عبادة الأصنام الأرضية، التي هي على صورة الملائكة السماوية، ليشفعوا لهم إلى الخالق العظيم الذين هم عند أنفسهم أحقر من أن يعبدوه

وإنما يتوسلون إليه بعبادة ملائكته، ليشفعوا لهم عنده في الرزق والنصر، وغير ذلك مما يحتاجون إليه.

وبين في هذا المقام : خطأهم وضلالهم في عبادة الهياكل، وهي الكواكب السيارة السبعة المتحيرة، وهي: القمر، وعطارد، والزهرة، والشمس، والمريخ

والمشترى، وزحل، وأشدهن إضاءة وأشرقهن عندهم الشمس، ثم القمر، ثم الزهرة.

فبين أولا أن هذه الزهرة لا تصلح للإلهية؛ لأنها مسخرة مقدرة بسير معين، لا تزيغ عنه يمينا ولا شمالا ولا تملك لنفسها تصرفا، بل هي جرم من الأجرام خلقها الله منيرة، لما له في ذلك من الحكم العظيمة

وهي تطلع من المشرق، ثم تسير فيما بينه وبين المغرب حتى تغيب عن الأبصار فيه، ثم تبدو في الليلة القابلة على هذا المنوال. ومثل هذه لا تصلح للإلهية.

ثم انتقل إلى القمر ، فبين فيه مثل ما بين في النجم. ثم انتقل إلى الشمس كذلك.

فلما انتفت الإلهية عن هذه الأجرام الثلاثة ، التي هي أنور ما تقع عليه الأبصار، وتحقق ذلك بالدليل القاطع ؛ قال يا قوم إني بريء مما تشركون أي: أنا بريء من عبادتهن وموالاتهن

فإن كانت آلهة، فكيدوني بها جميعا ثم لا تنظرون، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين

أي: إنما أعبد خالق هذه الأشياء ومخترعها ومسخرها ومقدرها ومدبرها، الذي بيده ملكوت كل شيء، وخالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه

كما قال تعالى: إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين [الأعراف: 54] .

وكيف يجوز أن يكون إبراهيم [الخليل] ناظرا في هذا المقام، وهو الذي قال الله في حقه: ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون الآيات [الأنبياء: 51، 52]

وقال تعالى: إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين * شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم * وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه

في الآخرة لمن الصالحين * ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين [النحل: 120 -123]

وقال تعالى: قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين [الأنعام: 161] ... "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/292) .

ثم ذكر رحمه الله وجوها أخرى في تصحيح أن المقام كان مقامة مناظرة من إبراهيم عليه السلام لقومه ، وبيان بطلان ما هم عليه ، ولم يكن مقام نظر منه واستدلال على حق كان غائبا عنه .

وقال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" قوله: ( هَذَا رَبِّي )، في المواضع الثلاثة محتمل لأنه كان يظن ذلك، كما روي عن ابن عباس وغيره، ومحتمل لأنه جازم بعدم ربوبية غير الله، ومراده هذا ربي في

زعمكم الباطل، أو أنه حذف أداة استفهام الإنكار، والقرآن يبين بطلان الأول، وصحة الثاني.

أما بطلان الأول: فالله تعالى نفى كون الشرك الماضي عن إبراهيم في قوله: ( وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، في عدة آيات، ونفي الكون الماضي، يستغرق جميع الزمن الماضي، فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوما ما.

وأما كونه جازما موقنا بعدم ربوبية غير الله، فقد دل عليه ترتيب قوله تعالى: ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي ) إلى آخره، " بالفاء"

على قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )؛ فدل على أنه قال ذلك موقنا مناظرا ، ومحاجا لهم، كما دل عليه

قوله تعالى: ( وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ) الآية، وقوله: ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ) الآية، والعلم عند الله تعالى "

انتهى من "أضواء البيان" (2 / 236 - 237).

فيتحصّل من هذا أن هذه المجادلة لقومه في عبادتهم الكواكب ، وقعت أيضا بعد نبوته ورسالته عليه السلام.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-08, 15:51   رقم المشاركة : 238
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



من هو أميّة بن أبي الصلت؟


السؤال

من هو أمية بن أبي الصلت؟

يَدَعيِ بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم ، والعياذ بالله ، قد نسخ شعره في القرآن ، ولقد رأيت أن بعضًا من أشعاره تتحدث عن الجنة والنار حينما لم تكن قريش مؤمنة بهما؟

كما ذكر أنّ النجوم ترجم الشياطين ، لا أفهم كيف قال ذلك بينما لم يكن يؤمن المشركون بهذا الأمر، وأيضًا، هل كان يتنافس مع النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب

الحمد لله


أولا:

أميّة بن أبي الصلت؛ هو شاعر جاهلي من أهل الطائف، وكان أبوه ، أبو الصلت ، شاعرا أيضا.

قال محمد بن سّلام الجُمَحي:

" وبالطائف شعر وليس بالكثير، وإنما كان يكثر الشعر بالحروب التى تكون بين الأحياء، نحو حرب الأوس والخزرج، أو قوم يغيرون ويغار عليهم.

والذى قلل شعر قريش : أنه لم يكن بينهم نائرة ولم يحاربوا؛ وذلك الذى قلل شعر عمان وأهل الطائف فى طرف، ومع ذلك كان فيهم:

أبو الصلت بن أبى ربيعة.

وابنه أمية بن أبى الصلت وهو أشعرهم ... " انتهى. "طبقات فحول الشعراء" (1 / 259).

وتتفق الأخبار على أن أميّة هذا كان متصلا في الجاهلية بأهل الكتاب ، يسمع أخبارهم وكتبهم، ويتصل بمن يكفر بالأصنام من العرب ، ويبحث عن التوحيد ، وقد ترك هذا أثرا في شعره.

قال ابن سّلام:

" وكان أميّة بن أبى الصلت كثير العجائب، يذكر فى شعره خلق السموات والأرض، ويذكر الملائكة، ويذكر من ذلك ما لم يذكره أحد من الشعراء، وكان قد شامَّ – أي اقترب من - أهل الكتاب "

انتهى من "طبقات فحول الشعراء" (1 / 259).

وقال ابن قتيبة:

" وقد كان قرأ الكتب المتقدمّة من كتب الله جلّ وعزّ، ورغب عن عبادة الأوثان، وكان يخبر بأنّ نبيّا يبعث قد أظلّ زمانه ، ويؤمّل أن يكون ذلك النبىّ، فلمّا بلغه خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصّته ، كفر ؛ حسدا له "

انتهى من "الشعر والشعراء" (1 / 459).

وقال ابن دريد:

" وكان بعض العلماء يقول: لولا النبي صلى الله عليه وسلم لادّعت ثقيف أنّ أمية نبي. لأنه قد دارس النصارى، وقرأ معهم، ودارس اليهود، وكلَّ الكتب قرأ. ولم يسلم "

انتهى من "الإشتقاق" (ص 303).

وقد عاش أميّة إلى أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل: توفي في السنة التاسعة للهجرة النبوية قبل إسلام أهل الطائف.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" والمعروف أنه مات في التاسعة.

ولم يختلف أصحاب الأخبار أنه مات كافرا، وصح أنه عاش حتى رثى أهل بدر، وقيل: إنه الذي نزل فيه

قوله تعالى: ( الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) [الأعراف 175] وقيل: إنه مات سنة تسع من الهجرة بالطائف ، كافرا ، قبل أن يسلم الثقفيون "

انتهى من "الإصابة" (1 / 471).

ثانيا:

القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم نسخ شيئا من شعر أميّة هذا في القرآن؛ هذه شبهة سخيفة أنكرها حتى بعض أهل الكفر المحاربين للإسلام ، لظهور مخالفتها للمنطق والعقل.

ويظهر زيف هذه الشبهة وسذاجتها بأمور:

الأمر الأول:

أنه ليس مجرد نسبة شعر لشاعر يقطع بصواب نسبته؛ فرواية الشعر قد داخلها الكذب والوضع ، كما هو الحال في عامة الروايات والأخبار؛ فلذا يشكك أهل النقد في قطعة كبيرة من الشعر المنسوب لأميّة بن أبي الصلت

بسبب مغايرة أسلوبه لأسلوب الشعر الثابت عنه؛ ورجّحوا أن المنطق يقتضي أن شعر أمية بن أبي الصلت المشابه لبعض آيات القرآن ، هو مما وضعه بعض الرواة في عصر الإسلام ونسبوه لأميّة.

قال الدكتور شوقي ضيف:

" وجمع له شولتهس ( Schulthess ) مجموعة من أبياته ترجمها إلى الألمانية ونشرها في ليبزج سنة1911، وفي سنة 1936 نشر له بشير يموت في بيروت طائفة من أشعاره باسم "ديوان أمية".

وتدور هذه الأشعار في موضوعين أساسيين:

أما الموضوع الأول: فيتحدث فيه عن خلق السموات والأرض، ونشأة الكون، مستدلا بذلك على وجود الله، ومتحدثًا عن الموت والفناء والبعث والنشور والعذاب والثواب...

وهذه المعاني تستمد من القرآن الكريم بصورة واضحة، وأسلوبها ضعيف واهن؛ ولذلك كنا نظن أنها وما ويماثلها مما نُحِل على أمية.

والموضوع الثاني: الذي يدور فيه شعره ليس أقل من الموضوع الأول اتهاما؛ بل لعل الاتهام فيه أوضح، إذ نراه يقص علينا سير الأنبياء قصصا لا يكاد يفترق في شيء

عما جاء في القرآن الكريم كقوله في رؤية إبراهيم أنه يذبح ابنه إسماعيل وما كان من افتدائه بذبح عظيم...

وواضح أن هذا شعر ركيك ساقط الأسلوب ، نظمه بعض القصاص والوعاظ في عصور متأخرة عن الجاهلية.

وقد ذهب "هيار" يزعم حين اطلع على شعر أميّة أنه اكتشف فيه مصدرًا من مصادر القرآن الكريم، ولو كان له علم بالعربية ، وأساليب الجاهليين :

لعرف أنه وقع على أشعار منتحلة بينة الانتحال، ولما تورط في هذا الخطأ البيّن، وقد رد عليه غير واحد من المستشرقين... " .

انتهى من "تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي" (ص 395 – 379).









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-08, 15:51   رقم المشاركة : 239
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



والبحث الموضوعي يلزم منه أن لا نشكك في أمر ثبتت صحة روايته وسنده بأدلة قاطعة -وهو القرآن الكريم-، برواية مشكوك فيها وهي أشعار أميّة.

قال الدكتور جواد علي:

" ولما كان القرآن محفوظا ثابتا، فلم يرتق إليه الشك. أما شعر أمية، فليس كذلك، وهو غير معروف من حيث تعيين تاريخ النظم. فهذه المقابلة إن جازت، فإنها تكون حجة على القائلين بالرأي المذكور، لا لهم.

وقد كان عليهم أن يثبتوا أولا ، إثباتا قاطعا ، صحة رأيهم في أصالة هذا الشعر، لا أن يفترضوا مقدما أنه شعر أصيل صحيح، وأن يذهبوا رأسا إلى أنه هو والقرآن الكريم من وقت واحد، بل إنه على حد قول بعضهم أقدم منه " .

انتهى من "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" (6 / 494).

فالحاصل؛ أن قطعة كبيرة من شعر أميّة لا يمكن الجزم بصحة نسبتها إليه؛ وعلى هذا فالموضوعية في البحث تقتضي أن لا تثار هذه الشبهة ، إلا بعد الجزم بصحة نسبة كل هذه الأشعار إلى أمية.

وأما القليل الثابت منها فليس فيها ما يستشكل ، إذا علمنا أن أهل التاريخ متفقون على اطلاع أميّة على علم أهل الكتاب وكان كثير السفر.

قال ابن قتيبة رحمه الله تعالى:

" وكان يحكى فى شعره قصص الأنبياء، ويأتى بألفاظ كثيرة لا تعرفها العرب، يأخذها من الكتب المتقدمة، وبأحاديث من أحاديث أهل الكتاب ...

وعلماؤنا لا يرون شعره حجّة فى اللغة "

انتهى من "الشعر والشعراء" (1 / 459 - 461).

الأمر الثاني:

أن أميّة كان كافرا بالإسلام منكرا لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته؛ وكان متصلا بسادة قريش، وقريته الطائف بمقربة من مكة؛ ولأهل مكة بساتين بالطائف، وقد تأخرت وفاته ، كما سبق

فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ من شعر أميّة ، لكان هذا حجة قوية لأميّة ، ولسادة قريش في حربهم للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن كل ذلك لم يحدث.

قال الدكتور جواد علي:

" افتراض، أخذ القرآن الكريم من أمية، وهو افتراض ليس من الممكن تصوره، فعلى إثبات أن شعر أمية في هذا الباب هو أقدم عهدا من القرآن الكريم، وتلك قضية لا يمكن إثباتها أبدا.

ثم إن قريشًا ومن لف لفها ، ممن عارض الرسول ، لو كانوا يعلمون ذلك ويعرفونه، لما سكتوا عنه، ولقالوا له إنك تأخذ من أمية، كما قالوا له: إنك تتعلم من غلام نصراني كان مقيمًا بمكة

وإليه أشير في القرآن الكريم بقوله: ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ).

ولقد أشار المفسرون إلى اسم الغلام، كما سأتحدث عن ذلك في الفصل الخاص بالنصرانية عند العرب قبل الإسلام، ولم يشيروا إلى أمية بن أبي الصلت.

ثم إن أمية نفسه لو كان يعلم ذلك ، أو يظن أن محمدًا إنما أخذ منه ؛ لما سكت عنه وهو خصم له، منافس عنيد، أراد أن تكون النبوة له، وإذا بها عند شخص آخر ينزل الوحي عليه، ثم يتبعه الناس فيؤمنون بدعوته. أما هو فلا يتبعه أحد.

هل يعقل سكوت أمية لو كان قد وجد أي ظن ، وإن كان بعيدا ، يفيد أن الرسول قد أخذ فكرة منه، أو من المورد الذي أخذ أمية نفسه منه؟

لو كان شعر بذلك، لنادى به حتما، ولأعلن للناس أنه هو ومحمد ، أخذا من منبع واحد، وأن محمدا أخذ منه، فليس له من الدعوة شيء، ولكانت قريش وثقيف أول القائلين بهذا القول والمنادين به "

انتهى من "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" (6 / 492).

ومما يؤيد أن شعر أميّة لم يسبب أي حساسية لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، طلب من أحد سكان الطائف أن يسمعه شيئا من شعر أميّة

وورد في رواية أن هذا ورد أثناء حجة الوداع، وذلك بعد وفاة أميّة وإسلام أهل الطائف.

فعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " رَدِفْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟

قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هِيهْ ، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهْ ، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهْ، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ" رواه مسلم (2255) .

وفي روايه له : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنْ كَادَ لِيُسْلِمُ .

وفوق هذا ؛ فإن أولادا لأميّة وأخته كانوا قد أسلموا ، وهم معدودون في الصحابة رضوان الله عليهم، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من شعره،

فكيف يصدقونه ويتبعونه ؛ وهم يرونه قد انتحل شعر أبيهم ، ومعارفه وعلومه ؟!

الأمر الثالث:

القرآن الكريم كتاب شامل لأبواب العقيدة والغيب والأحكام والقصص والأمثال، مترابط يشبه بعضه بعضا في بيانه وفصاحته ، وأحكامه وحكمته ، وفي معانيه ولغته ؛ كما قال سبحانه وتعالى:

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ الزمر/23.

وأما شعر أميّة ، فعلى فرض صحة نسبته إليه كله ؛ فهو إنما يتعلق ببعض القصص ، وبعض أمور الغيب ، لا يتجاوز هذا ، وهو مضطرب الأسلوب من قصيدة إلى أخرى .

فالقول بأن أميّة – أو قائل هذا الشعر المنسوب إليه !! – هو من أخذ من القرآن ، أولى من افتراض أخذ القرآن الكريم من أميّة.

والحاصل؛ أن هذه الشبهة هي شبهة غاية في السقوط ؛ لذا انتقدها نفر من المستشرقين المنصفين للبحث التاريخي ، والنقد العلمي .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-08, 15:57   رقم المشاركة : 240
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عقيدة الحافظ ابن كثير

السؤال

هل ابن كثير رحمه الله أشعري ؟

الجواب

الحمد لله


أولًا:

يقول الحافظ الذهبي - وهو من جملة شيوخ ابن كثير -: " إِسْمَاعِيل بن عمر بن كثير، الإِمَام الْفَقِيه الْمُحدث الأوحد البارع عماد الدّين البصروي الشَّافِعِي.

فَقِيه متقن ، ومتحدث متقن ، ومفسر نقال ، وَله تصانيف مفيدة يدْرِي الْفِقْه وَيفهم الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول، ويحفظ جملَة صَالِحَة من الْمُتُون وَالتَّفْسِير .. " انتهى من "المعجم المختص "(57)، بتصرف.

ويقول الحافظ ابن حجر: " إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي الشيخ عماد الدين ... لازم المزي وقرأ عليه تهذيب الكمال وصاهره على ابنته، وأخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه وامتحن لسببه .

وكان كثير الاستحضار حسن المفاكهة .

سارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته "

انتهى من " الدرر الكامنة" (1/ 445)، بتصرف.

ثانيًا:

أما عن عقيدة الحافظ ابن كثير، فقد كان سلفيًا على عقيدة أئمة السلف .

وقد أبان عن ذلك في تفسيره فقال: " وأما قوله تعالى: ثم استوى على العرش فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما يسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح: مالك

والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم، من أئمة المسلمين قديما وحديثا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل

. والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، و ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى:11] بل الأمر كما قال الأئمة -منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري -

: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر"

. وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونفى عن الله تعالى النقائص، فقد سلك سبيل الهدى " "

تفسير ابن كثير"(3/ 427).

يقول ابن كثير: " وقوله الرحمن على العرش استوى :

" تقدم الكلام على ذلك في سورة الأعراف، بما أغنى عن إعادته أيضا، وأن المسلك الأسلم في ذلك طريقة السلف، إمرار ما جاء في ذلك من الكتاب والسنة من غير تكييف ولا تحريف، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تمثيل "

"التفسير"(5/ 273).

وقال أيضا : " وَالْجَهْمِيَّةُ تَسْتَدِلُّ عَلَى الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ بِأَنَّهُ الِاسْتِيلَاءُ بِبَيْتِ الْأَخْطَلِ، فِيمَا مَدَحَ بِهِ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَهُوَ قَوْلُهُ:

قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ

وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ ; فَإِنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ". انتهى، من "البداية والنهاية" (12/241) . ط هجر .

وينظر أيضا : "البداية والنهاية" (9/290) ط إحياء التراث ، ففيه كلام مطول لا يوجد في ط هجر .

فقد نفى رحمه الله التعطيل، وبذلك أثبت المعنى، ونفى التحريف، وبذلك نفى التأويل الباطل، ونفى التكييف والتمثيل، وهذه هي العقيدة التي قررها ابن تيمية رحمه الله، يقول ابن تيمية:

" ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل

بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"، الواسطية: (57)، ت: أشرف عبدالمقصود.

وقد كان ابن كثير من المعظمين لكلام ابن تيمية، ويذكره في التفسير ويقول عنه: " الإمام، العلامة أبو العباس ابن تيمية "، التفسير: (1/ 712)، وقال: "شيخنا الإمام العلامة ابن تيمية"

التفسير: (4/ 62)، وهو في كثير من كلامه يوافق ابن تيمية رحمه الله في تقريره لعقيدة السلف.

وقال رحمه الله في بيان حقيقة "الإيمان الشرعي" ، وأنه قول وعمل ، خلافا لما عليه الأشاعرة :

" أما الإيمان في اللغة : فيطلق على التصديق المحض .

وقد يستعمل في القرآن، والمراد به ذلك، كما قال تعالى: يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين [التوبة: 61]

وكما قال إخوة يوسف لأبيهم: وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين [يوسف: 17].

وكذلك إذا استعمل مقرونا مع الأعمال؛ كقوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات [الانشقاق: 25، والتين: 6] .

فأما إذا استعمل مطلقا : فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا.

هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة، بل قد حكاه الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيد وغير واحد إجماعا: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.

وقد ورد فيه آثار كثيرة وأحاديث ، أوردنا الكلام فيها في أول شرح البخاري، ولله الحمد والمنة."

انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/165) .

وخلاصة الجواب :

أن ابن كثير رحمه الله لم يكن أشعريًا، بل كان على مذهب أئمة السنة والأثر كمالك والشافعي وأحمد، يثبت صفات الله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc