موضوع أخر من مذكرات تخرج الطلبة القضاة الدفعة 2005 / 2008
تقدير الجزاء الجنائي في قانون العقوبات الجزائري
المقدمة
مقدمة
يعتبر تقدير الجزاء الجنائي أهم نقطة في العمل المنوط بالقاضي ويتمثل في العقوبة التي توقع على مرتكب الجريمة لمصلحة الهيئة الاجتماعية جزاءا له على مخالفة القانون و أوامره ,وأهم مبدأ تخضع له العقوبات بوجه عام هو شرعية وشخصية العقوبة فلا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون , و فكرة الألم لا تنفصل عن العقاب التي تميز العقوبة عن غيرها كتدابير الأمن ،الحبس الاحتياطي،التعويضات المدنية ،المصاريف القضائية ،و ارتباط الألم بالعقاب يكون بغير إفراط و لا تفريط في الانتقاص من بعض حقوقه الشخصية كالحق في الحياة و الحق في الحرية ...
و على هذا الأساس ليس الألم هو الغرض المقصود منها و إنما هو وسيلة إدراك الوظيفة الأساسية للعقوبة التي قررها المشرع،و المتمثلة أساسا في الردع سواء كان خاصا يمنع الجاني من العودة إلى ارتكاب الجريمة ،أو عاما إذ يمنع الغير من الاقتداء به ،و إرضاء شعور العدالة بما يجعلها مناسبة لحالة الجاني الفردية و لظروف الجريمة ،فهي قواعد مجردة تطبق أحكامها على الجميع دون استثناء ،كما أن العقوبة تكون محددة على النحو الذي يرضي شعور العدالة الاجتماعية ويكون المحكوم عليه في مأمن من تعسف المصالح المكلفة بتنفيذ العقوبة ’كما أن الحكم الجزائي القاضي بالإدانة والذي يكتسب قوة الشيء المقضي به لا يقبل أي تعديل و يتم قيد العقوبة الواردة به في صحيفة السوابق القضائية الخاصة بالفرد.
واعتمد المشرع الجزائري تقسيم العقوبات إلى أصلية و تكميلية وحدد سلم العقوبات الأصلية بالمادة خمسة منه, على حسب تدرج الخطورة الإجرامية للجرائم سواء كانت جنايات, جنح أو مخالفات.كما أنه يفرق بينما إذا كان الجاني شخصا طبيعيا أو معنويا, فبالنسبة للأول تتمثل فيما يلي:
بالنسبة للجنايات هي: الإعدام, السجن المؤبد, السجن المؤقت.
أما الجنح فهي: الحبس مدة تتجاوز شهرين إلى خمس سنوات ما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى, الغرامة التي تتجاوز 20.000 دج.
أما المخالفات فهي الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهرين على الأكثر,و الغرامة من 2000 إلى 20000 دج .
وفيما يتعلق بالعقوبات التكميلية نص عليها بالمادة 9 من قانون العقوبات كما نص بالمادة 9 مكرر على أنه في حالة الحكم بعقوبة جنائية تأمر المحكمة وجوبا بالحجر القانوني و المتمثل في حرمان المتهم المدان من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية .
أما بالنسبة للشخص المعنوي لم يميز قانون العقوبات بين العقوبات الأصلية المطبقة عليه في مواد الجنايات و الجنح وتلك المقررة في مواد المخالفات إذ حصرها في غرامة تساوي من مرة إلى خمس مرات الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا عندما يرتكبها الشخص الطبيعي . وقرر بالمادة 18 مكرر 2 انه إذا لم ينص على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي في الجنايات و الجنح فان الحد الأقصى للغرامة المحتسب يكون كالتالي: - 2000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو السجن المؤبد,
-1000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت,
-500000 دج بالنسبة للجنحة.
أما بالنسبة للعقوبات التكميلية فقد ميز بين الجنايات و الجنح من جهة بالمادة 18 مكرر و المخالفات من جهة أخرى هاته الأخيرة والتي لم يقرر لها عقوبات تكميلية.
وتجدر الإشارة أن تحديد المشرع للعقوبات المقررة قانونا كجزاء للجرائم المرتكبة لم يقيد من السلطة التقديرية للقاضي في اختيار العقوبة المثلى سواء كانت الجريمة المرتكبة واحدة أو إذا ارتكب الجاني عدة جرائم أو ما إذا كان عائدا أو مبتدئا و أعطى له الحرية في الإعفاء من العقوبة التخفيف منها أو تشديدها و أن يأخذ بعين الاعتبار سن الجاني وقت ارتكاب الجريمة هاته النقاط وغيرها سنعالجها في الفصلين الآتيين,الأول تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة , والثاني تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام من قبل الجاني ,
في قانون العقوبات الجزائري وبعض التشريعات المقارنة , إضافة لبعض القوانين الخاصة, كقانوني المخدرات وقانون الفساد ,وتم اعتماد المنهج التحليلي للمواد المتعلقة بالموضوع و تدعيمه بإجتهادات المحكمة العليا التي جاءت في هذا الشأن .
الخطة :
مقدمة :
الفصل الأول : تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة
المبحث الأول : تخفيف العقوبة والإعفاء منها.
المطلب الأول : الأعذار القانونية .
المطلب الثاني : الظروف القضائية المخففة .
المبحث الثاني: الظروف الخاصة المشددة .
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة .
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للظروف الخاصة المشددة
بقانون العقوبات الجزائري
الفصل الثاني : تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام
المبحث الأول : حالة العود من قبل الجاني
المطلب الأول :مفهوم العود.
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري .
المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة
المطلب الأول : مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص
المطلب الثاني :التعدد وأثره في تقدير الجزاء
الخاتمة
الفصل الأول:
تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة
الفصل الأول: تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة
إن القاضي يتمتع بحرية مطلقة في اختيار العقوبة المناسبة, و هو ما يعرف بنظام العقوبات القانونية إذ تعين العقوبة الخاصة بكل نوع من الجرائم وفي الوقت نفسه يعطى للقاضي الوسائل اللازمة لتنويع العقوبة وجعلها مناسبة لحالة المتهم المطروحة أمامه, ومظاهر هذه السلطة تتحدد بثلاثة أوجه إلا وهي الإعفاء من العقوبة ,التخفيف من العقوبة وتشديدها
المبحث الأول: تخفيف العقوبة والإعفاء منها:
وتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين :
المطلب الأول : الأعذار القانونية :
إن الأعذار التي تمس العقوبة حين تطبيقها من القاضي تكون إما معفية من العقوبة أو مخففة لمقدارها وفي كلتا الحالتين يتوجب عليه الأخذ بها ,ولقد نص عليها المشرع الجزائري بالمادة 52 من قانون عقوبات "على أنها حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة و المسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذار معفية و إما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة " فما هو مفهومها وما هي طبيعتها القانونية ؟
الفرع الأول : مفهوم الأعذار المعفية وطبيعتها القانونية :
هي أعذار تعفي من العقوبة شخص ثبت قضائيا أنه ارتكب جريمة وعليه يعفى الجاني من العقاب ليس بسبب انعدام الخطأ إنما لاعتبارات وثيقة الصلة بالسياسة الجنائية و بالمنفعة الاجتماعية .
والأعذار المعفية من العقاب جاءت على سبيل الحصر إلا أنه قبل التطرق لشرحها تجدر الإشارة إلى التمييز بين الأعذار المعفية من العقوبة و أسباب الإباحة و موانع المسؤولية , فإذا كانت أسباب الإباحة تمحو الجريمة و موانع المسؤولية تمحو المسؤولية مع بقاء الجريمة فإن الأعذار المعفية لا تمحو الجريمة ولا المسؤولية و إنما تعفي فقط من العقاب ويترتب عليها الحكم ببراءة المتهم, وتترتب على هذه التفرقة النتائج التالية :
1- ليس للقاضي أن يقرر وجود أعذار معفية دون نص قانوني صريح يجيز له ذلك و على العكس من ذلك عليه أن يقرر وجود أسباب تبيح الفعل أوتعدم المسؤولية و لو لم ينص عليها القانون صراحة ,فالقانون خول القاضي حق بحث المسؤولية و بالمقابل مراعاة الوقائع و الظروف التي تنفيها.
2- لسلطات التحقيق البحث عن وجود قرائن كافية لإدانة المتهم ولها حق وقف الإجراءات وقفل التحقيق إذا تبين لها وجود أسباب الإباحة أو أسباب عدم المسؤولية أما الأعذار فلا تدخل في تقدير هذه السلطات و لو كانت معفية لأنه ليس من وظيفتها تطبيق العقوبة .
3- في حالة وجود سبب من أسباب الإباحة تقدم المسؤولية وتبقى في حالة وجود عذر معفي من العقاب أو سبب من أسباب عدم المسؤولية الشخصية .
4- أسباب عدم المسؤولية الشخصية و الأعذار المعفية هي من الأحوال الخاصة بشخص الفاعل فلا يستفيد منها شركاءه في الجريمة بخلاف أسباب الإباحة التي تمحو الجريمة ويستفيد منها جميع من اشتركوا في ارتكابها.
5- يجوز الحكم بالمصاريف على من ثبت ارتكابه الجريمة التي اعفي من عقوبتها .
وللأعذار المعفية من العقوبة طابع إلزامي للعقوبة بالنسبة للقاضي إذ يتوجب على القاضي الأخذ به متى ثبت قيامها .
و استثناء هذه القاعدة أورد المشرع الجزائري في المادة 91 من قانون العقوبات بخصوص الجرائم الماسة بالدفاع الوطني إذ أجازت للقاضي أن يعفي أقارب أو أصهار الفاعل لغاية الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة.
يترتب عن ثبوت العذر المعفي من العقاب الحكم بالإعفاء من العقوبة عكس موانع المسؤولية التي تقتضي الحكم بالبراءة,ومن ثم لا يمكن إن يصدر الإعفاء إلا من جهة حكم, و هذا ما يجعل الأمر به غير جائز على مستوى التحقيق القضائي .
وهناك رأي مخالف لهذا الرأي إذ يرى انه إذا توافرت شروط الإعفاء يعفي الجاني من العقاب و بتوافره تحفظ النيابة الدعوى قطعيا أو ترفع الدعوى عليه لتفصل المحكمة في هذا المانع ,و في هذه الحالة تحكم المحكمة ببراءته إن رأت أن شروط الإعفاء متوافرة .
وإذا ثبت إذناب المتهم المعفى من العقاب فإنه يحكم عليه بمصاريف الدعوى القضائية كما أنه للطرف المدني أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه ولا يستفيد شركاءه من العذر الخاص به .
ومثال الأعذار المعفية التي يستفيد فيها الجاني و يفلت من العقاب ما نصت عليه المادة 179 من قانون العقوبات بأن من يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم أو عن وجود الجمعية و ذلك قبل أي مشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق وقبل البدء في التحقيق .
وما نصت عليه المادة 199 من قانون العقوبات بالنسبة للذي يكشف للسلطات عن شخصية الجناة قبل إتمام الجنايات المنصوص عليها بالمادتين 197 و 198 من قانون العقوبات.وقبل البدء في أي إجراء من إجراءات التحقيق فيها أو سهل القبض على الجناة الآخرين حتى بعد بدء التحقيق فانه يستفيد من العذر المعفي بالشروط الواردة بالمادة 52 من قانون العقوبات ؛ وتجدر الإشارة إلى أن الإعفاء المقرر بالمادة 52 من قانون العقوبات لا يمنع من أن توقع على الجاني العقوبات التكميلية كالحرمان من الحقوق المدنية و المنع من الإقامة المادة 92 من قانون العقوبات أو المنع من الإقامة فقط المادة 199 الفقرة الثانية من قانون العقوبات ؛ والإعفاء من العقوبة لا يحول دون تطبيق تدابير الأمن وفي الحالتين المنصوص عليها بالمادة 92 و 199 الفقرة الثانية من قانون العقوبات, العقوبة جوازيه.
وأخير فان الإعفاء من العقوبة يجوز قيده بصحيفة السوابق العدلية.
الفرع الثاني : حالات الإعفاء من العقوبة في التشريع الجزائري :
نص المشرع الجزائري بقانون العقوبات على ثلاث حالات وتتمثل في :
الفقرة الأولى :عذر المبلغ :و يتعلق الأمر بمن ساهم في مشروع الجريمة ثم يقدم خدمة للمجتمع بان يبلغ العدالة عن الجريمة المزمع ارتكابها أو عن هوية المتورطين فيها و خصوصا الجرائم التي يصعب الكشف عنها .
ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة 92 الفقرة الأولى بالنسبة لمن يبلغ السلطات الإدارية أو القضائية عن الجنايات و الجنح ضد امن الدولة قبل البدء في تنفيذها أو الشروع فيها.
و ما نصت عليه المادة 177 من قانون العقوبات بالسجن من 5 إلى 10 سنوات كل شخص يشترك في جمعية أشرار و يعفى من العقاب الذي يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم أو عن وجود هذه الجمعية و ذلك قبل الشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق و قبل البدء في التحقيق المادة 179 من قانون العقوبات , و ما جاءت به المادة 205 قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن جناية تقليد أختام الدولة أو استعمال الختم المقلد و المادة 199 من قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن جناية تزوير النقود ,وأضافت كذلك إذا سهل القبض على الجناة الآخرين حتى بعد انتهاء التحقيق .
الفقرة الثانية : عذر القرابة العائلية: ما نصت عليه المادة 91 من قانون العقوبات في فقرتها الأخيرة التي أعفت الأقارب و الأصهار إلى الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة لجريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة و التجسس و غيرها من النشاطات التي يكون من طبيعتها الإضرار بالدفاع الوطني و جرائم إخفاء أو إتلاف أو اختلاس الأشياء و الأدوات و الوثائق التي استعملت أو ستستعمل في ارتكاب هذه الجرائم و أو من شانها تسهيل البحث عن هذه الجرائم أو اكتشافها .
الفقرة الثالثة :عند التوبة: و هو مقرر لمن أنبه ضميره فصحا بعد الجريمة و انصرف إلى محو أثارها بان أبلغ السلطات العمومية المختصة أو استجاب لطلبها قبل نفاذ الجريمة.
ومثال ذلك المادة 182 من قانون العقوبات الفقرة الثالثة التي أعفت من العقوبة من يعلم الدليل على براءة شخص محبوس و تقدم من تلقاء نفسه بشهادته أمام سلطات القضاء أو الشرطة, وإن تأخر في الإدلاء بها .
وكذلك ما نصت عليه المادة 217 من قانون العقوبات الفقرة الثانية عندما أعفت من العقوبة من أدلى بصفته شاهد أمام موظف بإقرار غير مطابق للحقيقة ثم عدل عنه قبل أن يترتب على استعمال المحرر أي ضرر للغير و قبل أن يكون هو نفسه موضوعا للتحقيق.
و كذلك ما جاء بنص المادة 92 من قانون العقوبات عندما أعفت من العقوبة من كان عضوا في عصابة مسلحة و لم يتولى فيها القيادة أو يقم بأي عمل أو مهمة و انسحب منها بمجرد صدور أول إنذار لهم من السلطات العسكرية أو المدنية أو سلموا أنفسهم إليها.
و نشير إلى بعض القوانين الخاصة التي أشارت إلى مثل هذا العذر مثل المادة 27 الأمر المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب, " يعفى من المتابعة كل من أعلم السلطات العمومية عن جرائم التهريب قبل ارتكابها أو محاولة ارتكابها "
و القانون المؤرخ في 20/02/2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته في المادة 49 منه "يستفيد من الأعذار المعفية من العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات , كل من ارتكب أو شارك في جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في قانون الفساد وقام قبل مباشرة إجراءات المتابعة بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية أو الجهات المعنية , عن الجريمة وساعد على معرفة مرتكبيها ".
ونشير هنا إلى أن المشرع الجزائري بالقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته اشترط أن يتم الإبلاغ قبل البدء في إجراءات المتابعة و أن يساعد المبلغ على معرفة مرتكبي هذه الجرائم .
والقانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية المؤرخ في 25/12/ 2004 يجيز بالمادة 8 منه للجهة القضائية المختصة الحكم بالإعفاء من العقوبة لصالح المستهلك و الحائز من اجل الاستعمال الشخصي و ذلك إذا ثبت بواسطة خبرة طبية متخصصة أن حالته تستوجب علاجا طبيا , وإذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو قاضي الأحداث يقضي بإخضاعه لعلاج مزيل للتسمم, و صدور حكم من الجهة القضائية المختصة بإلزامه بالخضوع لعلاج مزيل للتسمم.
الفرع الثالث: الأعذار القانونية المخففة:
الأعذار القانونية المخففة تخفف من العقوبة , ولا يحكم على المستفيد منها بتدابير الأمن إلا في أحوال خاصة وهي مثل الأعذار المعفية حصرها المشرع وبينها في القانون . كما انه قصرها على جرائم معينة .
ويمكن استخلاص ثلاثة حالات نص عليها قانون العقوبات الجزائري.
الفقرة الأولى : أعذار الاستفزاز :
أشارت إليها المادة 52 قانون عقوبات. ونصت عليها المواد من 277 إلى 283 قانون عقوبات . وهي خمسة حالات :
1 ـ وقوع ضرب شديد على احد الأشخاص, إذ يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها اعتداء وقع عليه فلا يعتبر السب والتهديد والإهانة عذرا و أن يقع الضرب على الأشخاص فلا يصلح تحطيم ملك الغير عذرا . كما يجب أن يكون القتل أو الضرب من فعل المعتدى عليه فلا يمكن التذرع بالاستفزاز إذا وقع الضرب على الغير . كما انه لا يجوز في مطلق الأحوال التذرع بالاستفزاز لتبرير جناية قتل الأصول . المادة 282 قانون عقوبات . وقد أقرت المحكمة العليا أنه لا يجوز للمتهم أن يطالب أمام المجلس الأعلى بالاستفادة بعذر الإستفزاز الذي يرجع تقديره إلى السلطة المطلقة لقضاة الموضوع "
ونشير في هذا الإطار إلى القانون الفرنسي الذي يعتبر الإستفزاز عذرا في طائفتين من الجرائم وهما جرائم السب العلني و غير العلني و جرائم القتل والضرب والجرح العمد . ولم يبين القانون الفرنسي وصف الفعل الذي ينتج عنه الإستفزاز في جرائم السب غير انه من المقرر أن يكون نتيجة إهانة لا مبرر لها ولا يشترط أن يكون الفعل المهين قذفا أو سبا مستكمل الأركان , بل عن اتخاذ موقف جارح أو صدور لفظ شديد قد يعد استفزازا لا يقل أثره عن السب أو القذف . ولا يعتبر القانون الفرنسي الإستفزاز عذرا في جرائم القتل والضرب إلا إذا كان سببه الضرب أو الإيذاء الشديد .
2 ـ نصت المادة 279 قانون عقوبات , على انه يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل و الضرب والجرح الواقع من الزوج على زوجه أو على شريكه لحظة مفاجأته في حالة التلبس بالزنا , على أن تكون من فعل الزوج المضرور ذاته فلا تقبل من أخيه أو والده أو أي واحد من أقاربه...كما لا يقبل عذرا ما صدر عنه من أعمال عنف إذا ما علم بالزنا بواسطة الغير , وان ترتكب في اللحظة ذاتها التي يتم فيها مفاجأة الزوج الآخر وهو متلبس بالزنا وعليه يسقط العذر إذا مضى وقت بين مفاجأة الزوج بالزنا وبين رد فعل الزوج المضرور ؛وهو نفس الحكم الذي اخذ به المشرع المصري, كما أنه لا يشمل أقارب الزوج ولا أصدقائه الذين ينتقمون للإهانة التي لحقت به في غيابه و لا من اشتركوا كفاعلين أو شركاء مع الزوج في فعلته .
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أنه يعذر القتل إذا ارتكبه أحد الزوجين على الزوج الآخر في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا و يؤدي العذر الشرعي إلى تخفيض العقوبة .
3 ـ يستفيد من العذر المعفي مرتكب جناية الخصاء, المنصوص عليها بالمادة 247 ق ع إذا دفعه إلى ارتكابها وقوع إخلال عليه بالعنف المادة 280 ق ع , على أن تكون من فعل المعتدى عليه نفسه إذ لا تقبل عذرا إذا ارتكبت من الغير , و أن تكون لحظة وقوع الإعتداء, كما يجب أن يكون الدافع إلى ارتكابها وقوع إخلال عليه بالعنف فلا يقوم العذر إذا انعدم العنف .
كما لا ينفرد المجني عليه في عملية الخصاء دون غيره بهذا العذر , بل يستفيد منه أيضا الأب أو المستخدم إن هما قاما بعملية الخصاء لرد هتك عرض عن ابنتهما أو خادمتهما .
4 ـ إن كل من ارتكب جرائم الضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها مفاجأة بالغ في حالة تلبس بالإخلال بالحياء على قاصر لم يتجاوز سنه ستة عشرة سنة سواء بالعنف أو بغير عنف المادة 281 ق ع.
وعليه يجب أن يكون الإخلال بالحياء من بالغ على قاصر لم يتجاوز ستة عشرة سنة من العمر فلا يقبل عذرا وقوع إخلال بالحياء على بالغ , كم لا يقبل إذا وقع الإخلال من قاصر ولا يقبل القتل عذرا إذ يشترط أن يكون ضربا أو جرحا سواء شكل جناية أو جنحة وحتى يقوم العذر يجب أن يرتكب الفعل لحظة وقوع الإعتداء كذلك لا يشترط وقوع الضرب من المجني عليه نفسه بل يجوز لغيره أن يدفع الإخلال بالحياء الواقع من بالغ على قاصر إذا كان في حالة تلبس.
5 ـ يستفيد من عذر الإستفزاز مرتكب جرائم القتل و الضرب والجرح الواقع من صاحب المكان على المعتدي إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب الأسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل الأماكن المسكونة أو ملحقاتها وذلك أثناء النهار ,فلا تقبل عذرا الجرائم التي يرتكبها الغير كالجار أو القريب ...حتى ولو فاجئوا الجاني في حالة تلبس . وتجدر الإشارة انه إذا وقع الإعتداء أثناء الليل فنكون أمام حالة دفاع شرعي.
ويترتب على قيام عذر الإستفزاز الآثار التالية:
نصت عليها المادة 283 قانون العقوبات " إذا ثبت قيام العذر تخفض العقوبة على الوجه الآتي :
1 ـ الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد.
2 ـ الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأية جناية أخرى .
3 ـ الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلق الأمر بجنحة .
وفي الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 من هذه المادة يجوز أن يحكم أيضا على الجاني بالمنع من الإقامة من خمس سنوات على الأقل إلى عشر سنوات على الأكثر .
وفي كل الأحوال يرجع للقاضي وحده الفصل في قيام عذر الإستفزاز , سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من الدفاع , و إذا ما قدم الدفاع دفعا بالعذر تعين عليه البت في الطلب .
الفقرة الثانية : عذر صغر السن:
يعد صغر السن الصورة الثانية للأعذار القانونية المخففة,وتختلف التشريعات الوضعية على تحديد سن معين يعد المرء عند بلوغه مسؤولا عن أعماله الإجرامية , تبعا للسياسة الجنائية التي تنتهجها في هذا الميدان . فاغلب التشريعات تعتبر أن الطفل الذي لم يبلغ سنه السابعة معدوم التمييز و لا يحاسب على أي فعل يرتكبه , وفي المرحلة اللاحقة يعد الطفل مميزا ولكنه لم يصل إلى سن الرشد الجنائي بعد , وتكون مساءلته ناقصة أو مخففة وببلوغ المرء سن الرشد الجنائي يفترض القانون إكتمال مداركه ويضمه إلى فئة البالغين فيسأل عن أعماله مسؤولية تامة ,وحدد المشرع الجزائري سن الرشد الجزائي بثمانية عشر سنة المادة 442 من قانون الإجراءات الجزائية ,وأن العبرة بتحديد سن الرشد الجنائي تكون بسن المجرم يوم ارتكاب الجريمة المادة 443 من قانون الإجراءات الجزائية . كما جاء في اجتهاد المحكمة العليا أن بلوغ سن الرشد الجزائي يكون بتمام الثامن عشر و أن العبرة في تحديد سن الرشد الجزائي يكون بسن المجرم يوم ارتكاب الجريمة , ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون , فما دام سن المتهم يوم ارتكاب الجريمة 17 سنة وخمسة أشهر , فإن المجلس الذي فصل في الدعوى , دون التصريح بعدم اختصاصه لإحالة الحدث أمام الجهات الخاصة بالأحداث وفقا لأحكام المادة 447 من ق ا ج , قد خالف القانون .
نصت المدة 49 من قانون العقوبات الجزائري على ما يلي:"لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية ؛
ومع ذلك فانه في مواد المخالفات لا يكون محلا الا للتوبيخ.
و يخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13-18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة."
يتضح من نص المادة 49 من قانون العقوبات أن الصبي دون الثالثة عشر لا يعتبر مسؤولا بحكم القانون ,فلا يجوز إقامة الدليل على انه أهل للمسؤولية و لو كان من أعقل الناس, فعدم بلوغ السن هي قرينة غير قابلة لإثبات العكس و عليه فلا تطبق على هذا الصغير فهو غير مسؤول .
و تحسب مدة 13 سنة للقول بعدم مسؤولية الصغير مسؤولية عقابية على أساس وقت ارتكاب الجريمة و ليس وقت إقامة الدعوى ضده أو محاكمته , كما أن المشرع جنب القاصر في هذا السن مغبة توقيع العقوبة عليه مع إمكانية خضوعه لتدابير الحماية أو التربية وتوقيع مثل هذه التدابير مرهون بوجود خطر محدق بالصغير نفسه أين يؤدي تركه دون أي مساعدة إلى خطر أن يعود الطفل للإجرام أو أن يشب معتادا على الإجرام .
والقاصر الذي سنه مابين 13 و 18 سنة فإنه يصبح مسؤولا عن أعماله مسؤولية مخففة, حيث أخضعه المشرع إضافة لتدابير الحماية أو التربية إلى عقوبات مخففة في حدود بينتها المادة 50 من قانون العقوبات:" إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
و إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا ".
أما في مواد المخالفات فإنه يقضى على القاصر إما بالتوبيخ وإما بعقوبة الغرامة المادة 51 من قانون العقوبات الجزائري.
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا انه يتعرض للنقض الحكم الذي قضى على حدث ب 20 سنة سجنا .
كما يقضى بنصف العقوبة على القاصر الذي يرتكب جنحة معاقب عليها بالحبس , غير أنه لا يجوز الحكم بالحبس على القصر المتهمين بجنحتي التسول والتشرد المنصوص والمعاقب عليهما بالمادتين 195 و 196 وإنما تطبق عليهما تدابير الحماية و التهذيب . المادة 196 مكرر .
الفقرة الثالثة : عذر المبلغ و عذر التوبة :
بالنسبة لعذر المبلغ , فإنه يستفيد المبلغ عن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بتخفيض العقوبة درجة واحدة ,إذا كان الإبلاغ قد حصل بعد انتهاء التنفيذ أو الشروع فيه ولكن قبل بدء المتابعات . كما تخفض كذلك درجة واحدة بالنسبة للفاعل إذا مكن من القبض على الفاعلين أو الشركاء في نفس الجرائم أو في جرائم أخرى من نفس النوع ونفس الخطورة وذلك بعد بدء المتابعات . المادة 92 فقرة 2 و 3 .
أما عذر التوبة فإنه يستفيد من تخفيض العقوبة مرتكب جناية الخطف أو الحبس أو الحجز التعسفي الذي يفرج طواعية عن الضحية . ونصت على هذه الحالة المادة 294 من قانون العقوبات التي وضعت جدولا للتخفيف كالتالي :
الحالة العقوبة الأصلية تخفض إلى:
إذا انتهى الحبس أو الحجز بعد أقل من عشرة أيام كاملة من يوم الإختطاف أو القبض أو الحبس أو الحجز وقبل اتخاذ أية إجراءات. إذا وقع تعذيب بدني على الشخص المختطف أو المقبوض عليه أو المحبوس أو المحجوز يعاقب الجناة بالسجن المؤبد المادة 293. سنتين إلى خمس سنوات.
يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات من قام بالجناية دون أمر من السلطات المختصة و خارج الحالات التي يجيز أو يأمر فيها القانون بالقبض على الأفراد , وذات العقوبة تطبق على من أعار مكانا لحبس أو لحجز هذا الشخص.
إذا استمر أكثر من شهر تكون العقوبة السجن المؤقت من عشرة إلى عشرين سنة . حالة المادة 291 ق ع
إذا وقع القبض أو الإختطاف مع ارتداء بزة رسمية أو شارة نظامية أو يبدو عليه ذلك أو بانتحال إسم كاذب أو بموجب أمر مزور فتكون العقوبة السجن المؤبد , وتطبق نفس العقوبة إذا استعملت إحدى وسائل النقل أو بتهديد المجني عليه بالقتل . ستة أشهر إلى سنتين.
إذا انتهى الحبس أو الحجز بعد أكثر من عشرة أيام كاملة من يوم الإختطاف أو القبض أو الحجز وقبل الشروع في عملية المتابعة
الحالة الواردة بالمادة 293 من قانون العقوبات
سنة إلى خمس سنوات
جميع الحالات الأخرى . سنتين إلى خمس سنوات
المادة 293 مكرر فقرة 1 ق ع يعاقب بالسجن المؤبد إذا وقع على المجني عليه تعذيب بدني . السجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات
الفقرتين 2 و 3 من المادة 293 ق ع يعاقب الجاني بالسجن المؤبد إذا تعرض الشخص المخطوف إلى تعذيب جسدي .ونفس العقوبة إذا كان الدافع إلى الخطف هو تسديد فدية . السجن المؤقت من عشر إلى عشرين سنة
ونشير في هذا الإطار إلى الأعذار المخففة الواردة في بعض القوانين الخاصة, كقانون المخدرات السالف الذكر بالمادة 31 منه تخفض عقوبة الفاعل أو الشريك إلى النصف بالنسبة للعقوبات المقررة للجنح و إلى السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة بالنسبة للعقوبات المقررة لجنايات إذا مكن , بعد تحريك الدعوى العمومية . من إيقاف الفاعل الأصلي أو الشركاء في نفس الجريمة أو جريمة أخرى مماثلة لها.
والمادة 49 من قانون الفساد التي تنص على تخفيض عقوبة مرتكب الجريمة أو الشريك إلى النصف إذا ساعد السلطات , بعد تحريك الدعوى العمومية في القبض على المساهمين في الجريمة.
ملا حظة :نص المشرع الجزائري في المواد 368و373و377 ق ع على عدم العقاب على جريمة السرقة والنصب وخيانة الأمانة المرتكبة بين الأصول والفروع والأزواج و ولم ينص على إعفاء مرتكبها من العقوبة .ولذلك فالحكم يكون بالبراءة لإباحة الفعل وليس بالإعفاء من العقوبة .
المطلب الثاني: الظروف القضائية المخففة:
الفرع الأول: مفهوم الظروف القضائية المخففة:
إن الظروف القضائية المخففة أسباب متروكة لتقدير القاضي تخول له الحق في تخفيض العقوبة إلى الحدود التي عينها القانون .
ولقد اعتمد المشرع الجزائري الظروف المخففة منذ صدور قانون العقوبات وتركها لتقدير القاضي فلم يحصرها واقتصرت المادة 53 من قانون العقوبات على بيان الحدود التي يصح للقاضي أن ينزل عندها عند قيام الظروف المخففة.
والظروف المخففة تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الإجرامي في ذاته و بشخص المجرم الذي ارتكب هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكل ما أحاط ذلك العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكل ما أحاط ذلك العمل ومرتكبه والمجني عليه من الملابسات و الظروف وهو ما يسمى بالظروف المادية والظروف الشخصية .
والظروف المخففة تتمثل في أن تنص بعض القوانين على منح القضاء سلطة النزول بالعقوبة إلى أقل من الحد الأدنى المقرر لعقوبة الجاني
وقد أنشئ نظام الظروف المخففة حتى يتسنى للقاضي مراعاة درجة إجرام الفعل و إجرام مرتكبه وجعل العقاب متناسبا مع حالة المتهم الخاصة و نظرية الظروف المخففة كما تنص بعض التشريعات ليس لها محل في القوانين العقابية التي تقتصر على وضع حد أقصى دون حد أدنى , غير انه في التشريع الجزائري لا يشترط تعيين حدين أقصى وحد أدنى حتى يتم تطبيق الظروف المخففة وليس للقاضي أن يبين في حكمه نوع الظروف التي اخذ بها بل إنه غير ملزم بالإشارة إلى تلك الظروف المخففة في حكمه إذ يكفي أن ينزل إلى مادون العقوبة المقررة قانونا جزاءا للجريمة المرتكبة ليفهم منه ضمنيا انه اخذ بالظروف المخففة.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد اوجب فيما يتعلق بالجنايات في حالة إدانة المتهم طرح السؤال المتعلق بالظروف المخففة وضرورة إفادة المتهم بها.
إذ انه في حالة ما إذا تقرر إدانة المتهم في مرحلة المداولة تعين على رئيس المحكمة أن يطرح سؤالا حول ما إذا كان يستفيد المتهم من ظروف التخفيف وهو إجراء جوهري؛ فإذا أفادته المحكمة بظروف التخفيف تعين النزول بالعقوبة إلى اقل من الحد الأدنى للعقوبة المقررة وإلا تعرض الحكم للبطلان بسبب الخطأ في تطبيق القانون .
و بتعديل قانون العقوبات الجزائري في 2006 تشدد المشرع في منح الظروف المخففة و التقييد من حرية القاضي في تقدير العقوبة, و أشار إلى تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي.
و بما أن الظروف المخففة ليست مبينة في القانون بل هي متروكة لتقدير القاضي يستخلصها من كل الأسباب التي تضعف جسامة العمل الإجرامي ماديا أو مسؤولية مرتكبه شخصيا و مثال ذلك حسن ماضي المتهم ,حداثة سنه,ندمه , والبواعث التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة ,و فشل الجاني في عمله ,انعدام سبق الإصرار لديه... الخ.
و للقاضي مطلق الحرية في القانون الجزائري في قبول الظروف المخففة أو استبعادها عند تقديره للعقوبة المناسبة لحالة كل متهم حسبما يتراءى له من ظروف الدعوى و لا يخضع لرقابة المحكمة العليا في ذلك .
إن المشرع الجزائري لم يغير ما يتعلق بالمبادئ العامة التي تحكم الظروف المخففة بتعديل قانون العقوبات الجزائري سنة 2006 إذ أنها تطبق على كافة الجرائم سواء كانت جنايات أو جنح أو مخالفات كما يجوز تطبيقها على كافة الجناة سواء كانوا مواطنين جزائريين أو أجانب ,بالغين أو قصر ,مبتدئين أو عائدين وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أن القضاء بإفادة المتهم بتخفيض العقوبة من سنتين حبسا إلى سنة واحدة لأنه غير متعود الإجرام يعد تطبيقا صحيحا للقانون كما يجوز لكافة الجهات القضائية العادية و الاستثنائية أن تمنح الظروف المخففة؛ و هذا كقاعدة عامة.,و استثناءا من ذلك فقد استبعد القضاء تطبيق الظروف المخففة في جرائم الشيك بالنسبة للغرامة المقررة جزاءا لهاته الجريمة .
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا كذلك أن عدم الإشارة إلى أحكام المادة 53 من ق ع في السؤال الخاص بالظروف المخففة لا يترتب عليه بطلان الحكم .( ملف رقم 37293 قراربتاريخ 07/02/1984).
الفرع الثاني:آثار منح الظروف القضائية المخففة:
الفقرة الأولى :بالنسبة للشخص الطبيعي :
ميز المشرع الجزائري في منح الظروف المخففة للشخص الطبيعي بين الجنايات و الجنح و المخالفات على النحو الآتي بيانه:
أولا: في الجنايات:نصت على حالة الظروف المخففة بمواد الجنايات المواد 53 و 53 مكرر,53مكرر1,و 53 مكرر 2,و 53 مكرر 3؛
و قبل عرض أحكامها تجب الإشارة إلى مفهوم الشخص المسبوق قضائيا حسب المادة 53 مكرر5 "يعد مسبوقا قضائيا كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود"؛و تكون عند إدانة الشخص الطبيعي إذا تقرر إفادته بظروف التخفيف العقوبات المقررة حسب الجدول الآتي:
العقوبة المقررة قانونا للجناية العقوبة المقررة في حالة تطبيق الظروف المخففة
الإعدام 10 سنوات سجنا
السجن المؤبد 5 سنوات سجنا
السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة ثلاث سنوات حبسا
السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 10 سنوات سنة واحدة حبس
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أن المستفاد من المادة 53ق ع أنه لايمكن تخفيض العقوبة المحكوم بها تحت الحد الأدنى الذي هو خمس سنوات إذا كانت الجناية يعاقب عليها بالسجن المؤبد, ولما سلطت المحكمة العسكرية عقوبة دون الحد الأدنى المقرر قانونا فإنها أخطأت في تطبيق القانون مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.
ملاحظة:المادة 53 من قانون العقوبات الجزائري قبل تعديلها سنة 2006 كانت تخص الحالة التي تكون فيها العقوبة السجن المؤقت من 5 إلى 20 سنة بحكم واحد , وتطبق عليها نفس القاعدة وهي النزول بالعقوبة إلى حد 3 سنوات حبس .
أما إذا كان المتهم مسبوق قضائيا فتنص على الأحكام الآتية:
و هي الحالة التي يجمع فيها بين العقوبات المشددة بفعل العود و تطبيق الظروف المخففة الناتج عن منح الظروف المخففة و هنا ينصب التطبيق على الحدود القصوى الجديدة المقررة قانونا بفعل حالة العود (أي أن لا يقل عن الحد الأدنى و لا يتجاوز الحد الأقصى).
و قد ألزم المشرع القاضي انه إذا كانت العقوبة الجديدة السالبة للحرية المقررة بفعل العود هي السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 20 سنة فان الحد الأدنى للعقوبة المحددة لا يجوز أن يقل عن 3 سنوات حبسا حسب المادة 53 مكرر الفقرة الأخيرة من قانون العقوبات .
فإذا كان المتهم مسبوق.
1- العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام أو السجن المؤبد.
2- ثم نقوم بتطبيق العقوبة السالبة للحرية المخففة.
و المشرع الجزائري يميز بين فرضين :
- الفرضية الأولى:الغرامة غير مقررة أصلا في النص المعاقب على الجريمة فانه يجوز الحكم على المستفيد من العقوبة السالبة للحرية المخففة بغرامة تختلف مقدارها باختلاف العقوبة المقررة للجريمة المرتكبة.
العقوبة الحد الأدنى للغرامة الحد الأقصى للغرامة
الإعدام 1000000 2000000
السجن المؤبد 500000 1000000
السجن المؤقت 1000000 1000000
- الفرضية الثانية:اذا كانت الغرامة منصوصا عليها مع عقوبة السجن فانه يجب النطق بها كذلك . وتجدر الإشارة انه في كل الأحوال سواء كانت الغرامة مقررة أصلا أم لا فانه لا يجوز النطق بالغرامة وحدها في مواد الجنايات المادة 53 مكرر2 ويكون الحكم بها دائما في إطار الحدين المنصوص عليها قانونا.
و في كل الأحوال لا يجوز أن تقل قيمة الغرامة عن الحد الأدنى المنصوص عنه قانونا .
كما نصت المادة 53 مكرر 3 على أن الحكم بالحبس كعقوبة مخففة من اجل جناية لا يحول دون الحكم بحرمان الشخص المدان من مباشرة حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها بالمادة 9 مكرر 1 من قانون العقوبات و يجوز للقاضي كذالك المنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها بالمادتين 12 و 13 من هذا القانون.
ثانيا: في الجنح: نصت على حالة الظروف المخففة بمواد الجنح المادة 53 مكرر 4؛ وعليه اذا لم يكن المتهم مسبوق قضائيا وتقرر إفادته بالظروف المخففة نميز بين الفرضيات الآتية:
1- اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة:
أ- إما الحكم بالغرامة و الحبس معا وفي هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين والغرامة إلى 20000 دج.
ب- و إما الحكم بالحبس فقط وهنا لا يجوز أن تقل العقوبة المحكوم بها عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة .
ت- و إما الحكم بالغرامة فقط على أن لا تقل العقوبة المحكوم بها في هذه الحالة عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة .
و الجدول التالي يوضح تطبيق القواعد السالفة الذكر على جريمة السرقة المنصوص عليها بالمادة 350 من قانون العقوبات والتي عقوبتها الحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة من 100000 دج إلى 500000 دج.
الحالة الأولى الحالة الثانية الحالة الثالثة
الحكم على الجاني بالعقوبتين معا يجوز تخفيضها إلى شهرين و غرامة 20000 دج. الحكم على الجاني بالحبس فقط لا يجوزأن يقل عن الحد الأدنى أي سنة الحكم على الجاني بالغرامة فقط لا يجوز أن يقل عن الحد الأدنى أي 20000 دج.
2- اذا كانت عقوبة الحبس هي وحدها المقررة فانه يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين و يجوز استبدال عقوبة الحبس بغرامة على أن لا تقل عن 20000 دج و لا تتجاوز 50000 دج (جنحة التجمهر المادة 98 فقرة 1 من قانون العقوبات).
3- اذا كانت عقوبة الغرامة هي وحدها المقررة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى حد 20000 دج.
ومن هذا القبيل جنحة نكران العدالة المنصوص عليها في المادة 136 من قانون العقوبات و عقوبتها غرامة من 20000 دج إلى 100000 دج وجنحة انتحال شخصية الغير المنصوص عليها بالمادة 247 من قانون العقوبات .
و نتطرق الآن إلى الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه مسبوقا قضائيا في مواد الجنح التي نص عليها المشرع الجزائري بالمادة 53 مكرر 4 الفقرة 2.
وهنا ميز المشرع بين ارتكاب الجاني للجنحة عمدا ؛أو بصفة غير عمديه ففي الحالة الأولى (العمد)نميز بين هاته الفرضيات :
- الفرضية الأولى :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة أو إحداهما فلا يكون تخفيض عقوبة الحبس ولا عقوبة الغرامة اقل من الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
- الفرضية الثانية :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة يجب الحكم بالعقوبتين معا مع جواز تخفيضهما إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة .
- الفرضية الثالثة :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة ولا يجوز استبدال الحبس بالغرامة ,و نفس الحكم اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الغرامة فيجوز تخفيضها إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة المرتكبة .
أما الحالة التي تكون فيها الجنحة غير عمديه فلم ينص عليها المشرع الجزائري صراحة و إنما نستخلص من الصورة الأولى التي اشترط فيها المشرع أن تكون الجنحة المرتكبة عمدا المادة 53 مكرر 4 أي تخضع من حيث تطبيق الظروف المخففة لنفس القواعد التي تحكم الشخص المدان الذي ليست له سوابق قضائية .
ملاحظة: قبل إلغاء المادة 53 في تعديل سنة 2006 كانت تحكم مواد الجنح الظروف الآتية:
1- عند إفادة المحكوم عليه بظروف مخففة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى يوم واحد و الغرامة إلى 5 دج.
2- يجوز الحكم بإحداهما كما يجوز استبدال الحبس بغرامة لا تقل عن 20 دج.
3- ليس هناك تمييز بين المسبوق و غير المسبوق قضائيا.
ثالثا:في المخالفات: تختلف آثار منح الظروف المخففة في مواد المخالفات حسب العقوبة المقررة قانونا و السوابق القضائية للمحكوم عليه.
فالحالة التي يكون فيها الجاني في حالة عود المادة 53 مكرر 6 فقرة 1 فلا يجوز تخفيضها اقل من الحد الأدنى المقرر قانونا للمخالفات المرتكبة سواء كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس أو الغرامة كما يمكن الحكم بإحدى هاتين العقوبتين على النحو السابق في مواد الجنح .
أما الحالة التي لا يكون فيها الجاني في حالة عود المادة 53 مكرر 6 فقرة 2 اشترط المشرع فيها أن لا يكون الجاني في حالة عود وليس غير مسبوق قضائيا فقط
و هنا اذا كانت عقوبتا الحبس و الغرامة مقررتين معا فانه يجوز الحكم بإحداهما فقط وتخفيض العقوبة إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
ملاحظة:قبل إلغاء المادة 53 بموجب تعديل سنة 2006 لم يكن المشرع الجزائري يميز بين الجنح و المخالفات بحيث كانت تطبق عليها نفس القواعد المقررة للجنح.
الفقرة الثانية:بالنسبة للشخص المعنوي.
نصت على أحكام تطبيق الظروف المخففة بالنسبة للشخص المعنوي المادة 53 مكرر 7 والتي استخدمها المشرع الجزائري في تعديل قانون العقوبات سنة 2006 بعدما كان قد اقر المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب القانون المؤرخ في 10/11/2004.
وقد حصرت المادة 53 مكرر 7 مجال تطبيق الظروف المخففة فيما يتعلق بالشخص المعنوي في الغرامة و ميزت بين ما ان يكون الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا و الحالة التي لا يكون فيها الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا وبينت متى يعتبر مسبوق قضائيا بالمادة 53 مكرر 8 بقولها:"يعتبر مسبوقا قضائيا كل شخص معنوي محكوم نهائيا بغرامة مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من اجل جريمة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود .
و عليه فإذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا فانه يجوز تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
أما اذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا فانه لا يجوز تخفيض الغرامة عن الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
ملاحظة: المشرع الجزائري استبعد تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي في بعض الجرائم المادة 389 مكرر قانون العقوبات بالنسبة لجريمة تبييض الأموال التي نصت على أن الغرامة لا يمكنها أن تقل عن أربعة أضعاف الحد الأقصى المقرر للشخص الطبيعي أي لا يجوز أن تقل عن 12000000 دج في الجريمة المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 389 مكرر من قانون العقوبات بغرامة من 1000000 دج إلى 3000000 دج بالنسبة للشخص الطبيعي .
نشير إلى الحالة الخاصة التي لا ينص فيها قانون العقوبات على عقوبة بالنسبة للشخص الطبيعي نصت عليها المادة 18 مكرر 2 و بينت الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي على النحو التالي:
1- 2000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
2- 1000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت.
3- 500000 دج بالنسبة للجنحة.
إن هذه الحالة تسمح بتحديد عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي استثناءا إلى الحد الأقصى المعين في النص فان ما جاءت به المادة 18 مكرر 2 لا يمكن اعتماده بالنسبة لتطبيق الظروف المخففة إلا في حالة ما اذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا لان المشرع يجيز تخفيض الغرامة إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للشخص الطبيعي و هو ما يتطابق مع الحدود التي وضعها المشرع بالمادة 18 مكرر 2 أما في حالة ما اذا كان المتهم غير مسبوق قضائيا فلا بمكن الاستناد إلى حكم المادة 18 مكرر 2 لتحديد الحد الأدنى الذي يجوز تخفيض الغرامة إلى مستواه .
ملاحظة : نشير هنا إلى الحكم الذي جاءت به المادة 53 مكرر بأنه في الحالة التي يتم فيها إفادة المتهم العائد بالظروف المخففة .والذي طبقنا عليه العقوبة المشددة فإن التخفيف الذي يكون هنا لا يمس سوى الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة ما يعني أن القاضي يقرر العقوبة الجديدة بفعل حالة العود ثم يخضعها لظروف التخفيف.
ووضع حالة خاصة بالفقرة الثانية من ذات المادة وهي أنه إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة بفعل حالة العود هي السجن المؤقت من خمس إلى عشرين سنة , فإن الحد الأدنى للعقوبة المخففة لا يجوز أن يقل عن ثلاث سنوات حبسا.
وعليه فإن المشرع الجزائري ينص على الحكم الذي يطبق في حالة اجتماع ظرف مخفف مع حالة العود وهو ظرف مشدد عام كما سيتم التطرق إليه في الفصل الثاني.
المبحث الثاني :الظروف الخاصة المشددة:
إن المشرع الجزائري لم ينص على الظروف المشددة على سبيل الحصر وإنما جعلها تخضع لطبيعة كل جريمة على حدى . فما هو مفهوم الظروف الخاصة المشددة وماهي أهم تطبيقاتها القانونية التي من خلالها يتبين لنا تأثيرها على الجزاء الذي يقرره القاضي.
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة :
الظروف المشددة هي حالات يجب فيها على القاضي أو يجوز له أن يحكم بعقوبة من نوع أشد مما يقرره القانون للجريمة, أو يجاوز الحد الأقصى الذي وضعه القانون لعقوبة هذه الجريمة وعليه فإن الظروف المشددة تعرف بتأثيرها على حدود السلطة التقديرية للقاضي فهي تستبدل حدودها العادية بحدود جديدة حينما تكون وجوبيه فتلزم القاضي أن يحكم بعقوبة أشد مما يقرره القانون للجريمة أو أن يحكم بعقوبة الجريمة متجاوزا في مقدارها الحد الأقصى .
كما أنه إذا حكم القاضي في نطاق الحد الأقصى المقرر قانونا فيعتبر ذلك استعمالا لسلطته التقديرية ؛ كما أن كل ما يخرج من سلطة القاضي يدخل في واجب المشرع إذ يمكنه أن يحدد مقدما بعض الظروف التي تشدد العقوبة المطلوب تطبيقها إما على طائفة من الجرائم و إما على جرائم خاصة.
اتجهت التشريعات إلى تنظيم الظروف المشددة في نصوصها التشريعية وسلكت في ذلك أحد اتجاهين: ـ
الإتجاه الأول : نص عليها في القسم العام من قانون العقوبات تسري على كل جريمة تلحق بها أو على طائفة معينة من الجرائم, وتسمى بالظروف المشددة العامة.
و الإتجاه الثاني :نص على ظروف مشددة خاصة في مواضع متفرقة من القسم الخاص من قانون العقوبات تلحق كل منها بجريمة بحالة عامة معينة و تسمى بالظروف المشددة الخاصة .
وتنقسم كل من الظروف العامة والخاصة من حيث طبيعتها إلى ظروف موضوعية وظروف شخصية
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم ينص على نظرية عامة للظروف المشددة في القسم العام من قانون العقوبات, و إن كان أتى بحالة عامة أجاز بموجبها للقاضي تشديد العقوبة وهي حالة العود والتي سيتم التطرق إليها في الفصل الثاني المتعلق بتقدير الجزاء الجنائي في حالة تعدد الجرائم.ويمكن تعريف الظروف المشددة الخاصة على أنها تلك الظروف المنصوص عليها في مواضع متفرقة من القسم الخاص من قانون العقوبات بحيث تلحق كلا منها بجريمة واحدة بذاتها حددها القانون أو عدد محدود من الجرائم, فلا يتعدى حكمها هذه الجريمة أو تلك الجرائم وتنقسم إلى قسمين :ـ
القسم الأول يتعلق بالظروف المادية وهي تخص الجانب المادي للجريمة , وتعني ازدياد خطورته وقد تتصل بالفعل وتفترض ارتكابه على نحو يجعله اشد خطورة والتي قد ترجع إلى استخدام وسيلة معينة كاستخدام السلاح , والتعدد في جريمة السرقة .وقد تتصل بالنتيجة التي تترتب على الفعل وتفترض جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل كالعاهة المستديمة . أو العجز عن العمل مدة تتجاوز خمسة عشرة يوما .
والقسم الثاني يتمثل في الظروف الشخصية فتتصل بالجانب المعنوي للجريمة وتعني ازدياد خطورة الإرادة الآثمة وازدياد الخطورة الكامنة في شخص الجاني كسبق الإصرار والترصد الذي يعد ظرفا مشددا في جريمة القتل ومثالها كذلك صفات معينة يرى القانون أنها إذا توفرت للجاني دلت على إساءة استغلاله الثقة التي وضعت فيه أو السلطة التي منحت له كصفة الخادم التي تعد ظرفا مشددا في جرائم السرقة وحالة ما إذا كان المجني عليه من أصول الجاني .
و تتميز الظروف المشددة عن أركان الجريمة بأن هذه هي التي تكون الجريمة التي نص عليها القانون و بدونها لا توجد الجريمة أو توجد جريمة من نوع آخر ...
والتشريع الجزائري يأخذ بهذا النظام في تنظيمه للظروف المشددة بقانون العقوبات, إذ ينص على ظروف عديدة ومتنوعة في مواضع متفرقة من القسم الخاص منه عند معالجته لمختلف الجرائم فهناك ظروف مشددة بجرائم القتل العمد و الضرب والجرح والسرقة..إلخ. تنقسم الظروف المشددة الخاصة إلى ظروف مادية خارجة عن شخص الجاني ومتعلقة بالجانب المادي للجريمة فيجعله أشد خطرا مما هو لو تجرد من هذا الظرف إذ يفترض في ازدياد خطورته وأساس ذلك هو الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما .
وعليه فإن الظرف المادي قد يتصل بالفعل ويفترض تغييرا في مقدار خطورته على نحو يجعله أكثر خطورة .وقد يرجع ذلك إلى استعمال وسيلة معينة تزيد من جسامته, وقد يرد إلى ارتكابه في مكان معين أو إلى وقوعه في زمان معين وظروف شخصية مشددة تتعلق بمرتكب الجريمة شخصيا ولا شأن لها بالفعل المادي المكون للجريمة .و تجدر الإشارة أن للتفرقة بين نوعي الظروف المشددة الخاصة سواء كانت شخصية أو مادية أهمية عملية في حالة اشتراك عدة أشخاص في الجريمة.
فان الظروف المادية إذا كانت لاصقة بنفس الفعل فلا يمكن إلا أن يعم أثرها كل من ساهموا في الجريمة المقترنة بها. و ليس من اشترك في هذه الجريمة أن يتنصل من مسؤوليته عن النتائج المترتبة عليها.
أما الظروف الشخصية فالقاعدة أنها تشدد عقوبة الفاعل أو الشريك التي توجد في شخصه هذه الظروف, و لكنها لا تعتبر سببا لتشديد العقاب على غيره من الفاعلين أو الشركاء . وهو مانص عليه المشرع الجزائري بالمادة 44 ق ع بأنه لا تؤثر الظروف ف الشخصية التي ينتج عنها التشديد من العقوبة أو الإعفاء منها إلا بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف,أما الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة التي توقع على من ساهم فيها فإن ذلك يتوقف حسب علمه أو عدم علمه بها . وأن الأصل في العقاب على الاشتراك يكون بالنسبة للشريك بنفس العقوبات المقررة لتلك الجناية أو الجنحة .المطلب الثاني:التطبيقات القانونية للظروف المشددة الخاصة بقانون العقوبات الجزائري:
لما كانت الظروف المشددة الخاصة وقائع تبعية تتصل بالعناصر المادية أو الأدبية التي تتكون منها الجريمة فتزيد من تجريم الفعل أو تجريم مرتكبيه و يمكن فصلها عن الجريمة التي تصاحبها دون أن تغير من طبيعتها و لتوضيح تأثير الظروف المشددة على الجرائم بقانون العقوبات سيتم عرضها من خلال فقرتين تتعلق الأولى بالظروف المادية المشددة, والثانية بالظروف الشخصية المشددة .مع الإشارة إلى أن الظروف المشددة لم ترد بقانون العقوبات الجزائري على سبيل االحصر وإنما على سبيل المثال.
الفرع الأول: الظروف المادية المتعلقة بالفعل الإجرامي :
هذه الظروف قد تكون وسيلة معينة , أو مكان معين , أو زمان معين .
أولا : الوسيلة : هي كل ما يمكن أن يلجأ إليه الجاني ويستعمله لتحقيق إرادته الجنائية وقد أورد المشرع الجزائري في نصوص عديدة وسيلة ارتكاب الجريمة ظرفا مشددا خاصا يلحق أو يقترن ببعض الجرائم .
1 ـ القتل بالسم : عرفته المادة 260 ق ع على أنه الإعتداء على حياة إنسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كان استعمال أو إعطاء هاته المواد ومهما كانت النتائج التي تؤدي إليها وعقوبتها الإعدام . وجعل المشرع من هاته الوسيلة ظرفا مشددا للجريمة وحكمة ذلك أن القتل بالتسميم يتم عن غدر وخيانة فلا يترك للمجني عليه مجالا للدفاع عن نفسه خاصة إذا كان التسميم حاصلا بيد من لا يحمل له المجني عليه ضغنا كما أنها تمتاز بسهولة التنفيذ و صعوبة الإثبات .
وتتميز جريمة التسميم عن باقي الجرائم بالوسيلة المستعملة فيجب أن يكون قد حصل بمواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كانت كيفية استعمال تلك المواد و هاته المواد لم يحددها المشرع فقد تكون حيوانية , نباتية أو معدنية . وعلى القاضي أن يبين في الحكم إذا كانت المادة سامة أو غير سامة وله أن يستعين في ذلك بالخبراء لتحديد سبب الوفاة فالقانون لم يعط وصفا للمواد السامة فقد يكون التسميم مستحيلا إما بسبب طبيعة المادة السامة أو بسبب الكمية المستعملة فإذا كانت المادة غير سامة و يعتقد الجاني أنا قاتلة فلا جريمة لأن المشرع يشترط أن تؤدي إلى القتل أما في الحالة الثانية فقد جرى القضاء على اعتبار الجريمة خائبة لا مستحيلة فيعاقب الجاني على شروع في قتل بالتسميم .
وتقوم جريمة التسميم أيا كانت طريقة استعمال المواد السامة فيستوي أن يضعها الجاني في طعام أو شراب أو يناولها للمجني عليه بطريق الحقن أو الاستنشاق أو تسليم الجاني أدوية للمجني عليه وهو يعلم أن استعمالها مجتمعة من شأنه أن يؤدي إلى الوفاة .وتعتبر جريمة التسميم تامة بتناول السم ولو لم يقضي على حياة المجني عليه ولابد أن تتوافر علاقة السببية بين إعطاء المادة السامة والنتيجة التي حصلت ويجب أن يكون التسميم بإعطاء مادة تؤدي حتما إلى الوفاة وأن تتوافر نية القتل .
وتجدر الإشارة إلى أن مسألة المادة السامة التي تسلم للغير مع تكليفه بإعطائها للمجني عليه فإذا كان الغير حسن النية فلا يسأل وإنما يسأل كفاعل من سلمه المادة السامة أما إذا كان الغير على علم بأن المادة سامة فهو الذي يسأل كفاعل أصلي .
وقرر المشرع الجزائري عقوبة الإعدام لجريمة التسميم المادة 261 ق ع.
ولا بد أن نميز في هذا الإطار بين حالة المادة 260 ق ع التي تشترط لتأسيسها استعمال مواد من شأنها إحداث الموت وحالة المادة 275 ق ع التي تكتفي باستعمال مواد من شأنها الإضرار بالصحة, وتقرر عقوبة الحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 500 إلى 2000 دج كل من سبب للغير مرضا أو عجز عن العمل الشخصي . وذلك بأن أعطاه عمدا وبأي طريقة كانت ودون قصد إحداث الوفاة مواد ضارة بالصحة .
2 ـ السرقة بالكسر أو باستعمال مفاتيح مصطنعة أو بالتسلق :
عرف المشرع الجزائري السرقة بالمادة 350 ق ع كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 100000 إلى 50000 دج وتطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه والكهرباء والغاز كما يعاقب على الشروع بذات العقوبات المقررة للجريمة المرتكبة , ومن الوسائل التي إذا ارتكبت الجريمة بواسطتها تعتبر ظرفا مشددا تتمثل فيما يلي :
2ـ 1. السرقة بالكسر: عرفه المشرع الجزائري بالمادة 356 ق ع على أنه استخدام العنف المادي في إيجاد منفذ للدخول إلى المكان ككسر الباب أو النافذة أو إحداث فجوة بالجدار أو انتزاع المسامير المثبت بها القفل أو الكسر أو زجاج النافذة . وعد القانون الكسر ظرفا مشددا وهذه الوسيلة لا تحصل إلا في منزل مسكون أو مكان مسور ويجب أن تكون قد استخدمت كوسيلة لدخول ذلك المنزل أو المكان ولا يستحق الكسر إلا باجتماع أمرين , وهما أن يكون الجاني قد استعمل العنف في فتح سبيل يدخل منه إلى منزل كباب أو شباك , وذلك إما بالكسر أو القطع أو الخلع أو الهدم و ما أشبه ذلك أو أن يكون على الأقل قد استعمل وسيلة غير عادية في فتح ذلك السبيل مما يستعمله اللصوص لفتح الأبواب أما إذا استعمل المفتاح العادي فلا يعد ذلك كسرا , و أن يكون الكسر من الخارج إذ يتعين أن يكون بواسطة للدخول وهو مالا يتصور إلا في الكسر الخارجي . أما الكسر الداخلي وهو الذي يحصل بعد دخول السارق في المنزل ككسر دواليب أو خزائن فلا عبرة به هنا ولا يعد ظرفا مشددا للسرقة كذلك فإن الكسر الذي يحصل عند الخروج من ليتمكن السارق من الفرار بما سرق لا يعد ظرفا مشددا . كما أنه لا يعد كسرا إذا دخل الجاني إلى المكان باستعمال الحيلة دون استخدام العنف كما يتطلب الكسر أن يكون المكان مقفلا .
ملاحظة : كسر الأختام يعتبر ظرفا مشددا إذا وقع من أجل السرقة المادة 354 فقرة 4 أما إذا وقع لذاته فهو جنحة معاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات المادة 155 فقرة 1 قانون عقوبات .
2 ـ 2 . السرقة بالتسلق : عرفته المادة 357 قانون عقوبات : "يوصف بالتسلق الدخول إلى المنازل أو المباني أو الأحواش أو حظائر الدواجن أو أية أبنية و بساتين أو حدائق أو أماكن مسورة وذلك بطريق تسور الحيطان أو الأبواب أو السقوف أو أية أسوار أخرى والدخول عن طريق مداخل تحت الأرض غير تلك التي أعدت لاستعمالها للدخول يعد ظرفا مشددا كالتسلق , بشرط أن يكون قد استعمل من الخارج بقصد الوصول إلى الداخل أما التسور من الداخل إلى الخارج فلا يعد ظرفا مشددا .
2 ـ 3. استعمال مفاتيح مصطنعة : عرفته المادة 358 ق ع " على أنه توصف مفاتيح مصطنعة كافة الكلاليب والمفاتيح الصالحة لفتح جميع الأقفال والمفاتيح المقلدة أو المزورة أو المزيفة أو التي لم يعدها المالك أو المستأجر أو صاحب الفندق أو صاحب المسكن لفتح الأقفال الثابتة أو الأقفال غير الثابتة أو أية أجهزة للإغلاق والتي استعملها الجاني لفتحها بها. ويعتبر مفتاحا مصطنعا المفتاح الحقيقي الذي احتجزه الجاني دون حق وعليه فإن المفتاح المصطنع هو المفتاح المقلد أو المغير و لابد لاعتبار استعمال المفاتيح المصطنعة ظرفا مشددا أن تستعمل بقصد الدخول إلى المنزل أو المكان المسور أما استعمال مفاتيح مصطنعة للوصول من غرفة إلى أخرى فلا يعد ظرفا مشددا كما لا يشترط أن يكون المفتاح مقلدا بل يكفي ألا يكون معدا لفتح القفل الذي استعمل فيه فيطبق ظرف استعمال المفاتيح المصطنعة على من يستعمل مفتاحا ضاع أو سرق من صاحبه الشرعي .
3 ـ حمل السلاح : وهو الظرف المنصوص عليه بالمادة 351 ق ع لم يعرف المشرع الجزائري المقصود بالسلاح و إنما ذكره بالمادة 93 فقرة 2 بأنه كافة الآلات والأدوات والأجهزة القاطعة أو النافذة أو الراضة و أن السكاكين و مقصات الجيب والعصي العادية لا تعتبر من قبل الأسلحة إلا إذا استعملت للقتل والجرح أو الضرب .
واعتبار حمل السلاح ظرفا مشددا يفيد أن حامله ينوي استعماله عند الحاجة وفي هذا الحظر مالا يخفى على أن التشديد محتم ولو لم يستعمل السلاح فعلا فعلة التشديد هنا مجرد الحمل لا الاستعمال . فإذ استعمل السلاح فعلا أصبحت الجريمة مقترنة بإكراه .
وتنقسم الأسلحة حسب الفقه إلى قسمين :
أ ـ أسلحة بطبيعتها معدة أصلا للفتك بالأنفس وهي الأسلحة الحربية التي يعاقب القانون على حيازتها وحملها دون رخصة , كما هي معرفة بالأمر 97\06 المؤرخة في 21 \ 01 \1997 وتشمل هذه الفئة كل سلاح يمكنه قذف ذخيرة مثل أسلحة الصيد و أسلحة الرماية والمعارض فضلا عن الأسلحة الحربية مثل المسدسات والرشاشات . إلخ .....
ب ـ أسلحة بالإستعمال وهي التي وإن كانت بدورها من شأنها الفتك فإنها غير معدة له بل لأغراض بريئة كالسكاكين العادية والفؤوس و المقصات ونحوها التي تستخدم في الشؤون المنزلية أو الزراعية وغيرها ... وكذا العصي التي تستخدم في القرى .
وهذا التقسيم ينطبق على حالة حمل السلاح أثناء السرقة , فإذا ارتكب الشخص السرقة وهو يحمل سلاحا من النوع الأول اعتبرت السرقة مقترنة بظرف مشدد ولو لم يستعمل السلاح قط لأن مجرد حمله قرينة على نية استعماله , أما إذا كان يحمل أثناء السرقة سلاحا من النوع الثاني فلا تعد السرقة مقترنة بظرف مشدد إلا إذا هدد باستعماله أو استعمله فعلا ففي الأولى تكون سرقة بالتهديد باستعمال سلاح وفي الثانية سرقة بإكراه ويستوي في نظر القانون أن يكون الشخص حاملا سلاحا ظاهرا أو خفيا لأن نية الجاني واحدة في الحالتين وهي الإستعانة به عند الحاجة كذلك يعتبر الظرف المشدد موجودا سواء أكان السلاح المهدد باستعماله من نوع الأسلحة التي تعد كذلك بطبيعتها أو من الآلات التي لا تعد سلاحا إلا باستعمالها بهذا الوصف.
4-العنف: نص عليه المشرع الجزائري في المادة 353 من ق ع كظرف مشدد للسرقة بالعنف ويقصد به العنف المادي الموجه مباشرة لجسم الإنسان بقصد إضعاف مقاومته و لتسهيل ارتكاب الجريمة و يشترط فيه أن يكون ماديا لا معنويا و يراد به وسائل العنف المادية كالسرقة التي تقع بالقوة و باستعمال وسيلة موجهة مباشرة إلى جسم المجني عليه و تخفف من مقاومته أو تعدمها و تمكن الجاني من تنفيذ جريمته .
و يلزم في العنف أن يكون الجاني قد حققه بسلوك يتميز عن الاختلاس فمجرد خطف المسروق لا يعد عنفا ولا الاستيلاء على المسروق من شخص نائم أو فاقد الوعي نتيجة مرض أو من عاجز عن أو المقاومة و يلزم للعنف أن يقع بقصد ارتاب الجريمة و هذا يقتضي وقوعه لتسهيلها أو لتنفيذها أي قبل وقوع السرقة مثلا أو على الأقل معاصرا لها في حين لا يعتد بالعنف الذي يقع بعد تمام الجريمة بقصد التخلص منها أو الإفلات من عقوبتها و يجب أن يقع العنف قصد الوصول للجريمة و أن تكون هناك رابطة بينهما فيكون العنف وسيلة للبدء في الجريمة أو لإتمامها علة تشديد عقوبة السرقة بالعنف هي أن الجريمة تقع لإتيان فعلين و هما الاختلاس و العنف إذ تصبح السرقة اعتداء على الشخص و المال معا .
ومن الجرائم التي يعتبر العنف ظرفا مشددا بها الفعل المخل بالحياء المنصوص عليه بالمادة 335 فقرة 1 بأنه يعاقب بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات كل من ارتكب فعلا مخلا بالحياء ضد إنسان ذكرا كان أو أنثى بعنف أو شرع في ذلك. وقد استقر القضاء على الأخذ بالعنف المعنوي ؛كما أن المشرع قد ساوى في العقوبة بين الجريمة التامة و الشروع .
ثانيا: المكان: لا يهتم ا لقانون في الواقع بمكان ارتكاب الجريمة بحيث لا يعتبره من عناصر السلوك الإجرامي التي تخضع للعقاب بحسب الأصل.
غير أن المشرع قد يدخل في اعتباره مكان ارتكاب السلوك الإجرامي فيجعل منه عنصرا في الجريمة أو يجعله ظرفا مشددا مثل ما ورد في المادة 352 ق ع "التي تعتبر ارتكاب السرقة في الطرق العمومية أو في المركبات المستعملة لنقل المسافرين أو المراسلات أو الأمتعة أو داخل نطاق السكك الحديدية و الأمتعة والمطارات و أرصفة الشحن أو التفريغ",و المثال الذي يعتبر بارزا في القانون المكان المسكون الذي يتعرض للسرقة فزيادة على ضياع ملكية مال المعتدى عليه ينطوي فعل الجاني على انتهاك حرمة المسكن ومسكن الإنسان هو مأواه الذي يطمئن فيه,لذلك يتشدد المشرع في حمايته.
و المشرع الجزائري لم يعرف السكن و إنما ذكره في المادة 355 ق ع "يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك ولو مستقل متى كان معدا للسكن و إن لم يكن مسكونا وقتذاك فالتشديد يتعلق بإعداد المنزل للسكن و ليس بلزوم شغله فعلا و تلحق بالمنزل المسكون مهما كان استعمالها حتى ولو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور العمومي .
و التعريف الوارد بالفقه:
1-الأماكن المخصصة بطبيعتها للسكن أي للإقامة فيها ليلا و نهارا لمدة طويلة أو قصيرة كالمنازل, الفنادق المستشفيات, و السجون.
2-الأماكن التي ولو أنها غير مخصصة للسكن إلا أنها مسكونة فعلا أي يقيم فيها شخص أو أكثر فالمحال التجارية و المصانع و المدارس و المسارح و دور المحاكم ليست معدة بطبيعتها للسكن و إنما كان يقيم فيها شخص أو أكثر كحارس ينام بها ليلا فإنها تعتبر مسكونة ومظهر السكن أن الإنسان يحي في المكان كما لو كان في منزله فيعمل و يأكل و يستريح فيه؛ ولا يشترط في المنزل المسكون أن يكون من نوع معين فقد يكون منزلا أو عوامة أو مكبا أو كوخا أو عربة.
3-المكان المعد للسكن: وهو المسكون فعلا و لكن لا يقيم فيه ساكنه مؤقتا كمنزل في المصيف لا يقيم فيه صاحبه وقت الصيف أو كمنزله الأصلي إذ كان قد أغلقه و غادره إلى المصيف
ثالثا: الزمان: يعتبر المشرع زمن ارتكاب الجريمة ظرفا مشددا لما له من دلالة كاشفة على خطورة الفاعل وميله للإجرام و ق ع الجزائري نص على الليل ظرفا مشددا دون أن يحدد بدايته أو نهايته.
و قضت محكمة النقض المصرية أن ظرف الليل من المسائل المتعلقة بالموضوع التي تفصل فيها نهائيا محكمة الموضوع خاصة و انه لا يوجد تعريف قانوني لليل ؛ و أفضل مثال على ذلك جريمة السرقة التي ترتكب ليلا فهذا الظرف كاف وحده لتطبيق العقوبة المنصوص عليها بالمادة 353 من ق ع,إذ لا يمكن تطبيق العقوبة المنصوص عليها بالمادة 353 من ق ع.
و بالرجوع إلى القانون الجزائري يمتد من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة 5 صباحا المادة 47 من ق اج و يستخلص القاضي ظرف الليل من المعاينات التي تقوم بها الضبطية القضائية حسب تقديره الشخصي و بالنسبة لكل حالة على حدى .
ومن ظروف الزمان كذلك كون السرقة ترتكب أثناء حريق أو زلزال أو فيضان أو غرق أو ثورة أو فتنة أو أي اضطراب آخر.هذا الظرف بقدر ما هو سهل الفهم و التطبيق بقدر ما هو معقول و مقبول إذ لا أحد يشفق على سارق يستغل ظروف مأساوية بدلا من تقديم يد المساعدة لهم و يعاقب على السرقة المرتكبة في أحد ظرفي الزمان المبينين أعلاه بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات و يعتبر هذان الظرفان من الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة .
الفرع الثاني : الظروف المادية المتصلة بالنتيجة الإجرامية المترتبة على الجريمة :
إذا تعلق الظرف المادي المشدد بالنتيجة الإجرامية فإنه يفترض ازدياد جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل , كما قد يكون لموضوع النتيجة الإجرامية قيمة في ذاته أفضل مثال على ذلك جريمة الضرب والجرح العمدي المفضي إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة , نص المشرع الجزائري على أعمال العنف العمد بالمواد 264 إلى 276 ق ع و بالمادتين 442 و 442 مكرر قانون عقوبات .
وتشترك أعمال العنف العمد بكل صورها في الضرب والجرح العمد و إما في عمل من أعمال العنف أو الاعتداء وأن تمس أي شخص مهما كان سنه أو جنسه ,فيراد بالضرب كل تأثير على جسم الإنسان ولا يشترط أن يحدث جرحا أو يتخلف عنه أثر أو يستوجب علاجا ,ويراد بالجرح كل قطع أو تمزيق في الجسم أو في أنسجته, و يتميز عن الضرب في أنه يترك أثرا بجسم الضحية , أما أعمال العنف فيقصد بها ما يمس جسم الضحية دون أن يؤثر عليه أو يترك أثرا فيه ,أما التعدي فهي أعمال مادية وإن كانت لا تصيب جسم الضحية مباشرة فإنها تسبب لها انزعاجا أو رعبا شديدا من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب في قواها الجسدية أو العقلية , ولا يتأثر قيام الجريمة بما ينتج عن أعمال العنف من مرض أو عجز عن العمل وإنما وصف الجريمة والعقوبة المقررة لها هما اللذان يتأثران بخطورة النتائج المترتبة عن أعمال العنف .
وتجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم يعرف العاهة المستديمة , وإنما نص بأن المقصود منها فقد منفعة عضو من أعضاء الجسم فقدا كليا أو جزئيا , سواء بفصل العضو أو تعطيل وظيفته أو مقاومته على أن يكون ذلك بصفة مستديمة أي لا يرجى شفاء منها . وهي مسألة تقديرية يختص بها قاضي الموضوع . و تنص المادة 264 ق ع على أمثلة لما يعتبر عاهة مستديمة وهي بتر أحد الأعضاء و الحرمان من استعمال أحد الأعضاء , فقد البصر أو فقد إبصار أحد العينين.
فالعقوبات التي تقرر لجرائم العنف العمد تختلف حسب خطورة النتائج التي أسفرت عن أعمال العنف , فالأصل أن تكون مخالفة إذا لم ينتج عن أعمال العنف أي مرض أو عجز عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما , وتكون جنحة إذا نتج عنها مرض أو عجز عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما . وتكون جناية إذا نتج عنها عاهة مستديمة أو وفاة دون قصد إحداثها .
الفرع الثالث : الظروف الشخصية المشددة:
الظروف الشخصية المشددة هي تلك الظروف التي تتعلق بمرتكب الجريمة شخصيا ولا شأن لها بالفعل المادي المكون للجريمة. ولها عدة صور أوردها القانون على سبيل المثال لا الحصر تتمثل في :1 ـ الإرادة الجنائية للجاني ,2 ــ صفة الجاني , 3ـ الدافع إلى ارتكاب الجريمة , 4ـصفة المجني عليه . 5ـ تعدد الفاعلين.
الفقرة الأولى : الإرادة الجنائية للجاني:
وهي النشاط النفسي الذي يصدر عن وعي و إدراك يتجه إلى تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة, كسبق الإصرار الذي عرفه المشرع الجزائري بالمادة 256 ق ع بأنه عقد العزم قبل ارتكاب الفعل على الإعتداء على شخص معين أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته وحتى لو كانت هذه النية متوقفة على أي ظرف أو شرط كان . وعليه يتطلب سبق الإصرار فترة من الزمن تمضي بين العزم على ارتكاب الجريمة وبين تنفيذها و أن يكون الجاني قد فكر فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبر في عواقبه ثم أقدم عليه فالعبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير.
فلا وجود له إذا كان الجاني لا يزال في حالة غضب تعمي بصيرته وتمنعه من التفكير السليم . ولا يشترط أن تكون النية المبيتة على الإعتداء محدودة كما أنه لا عبرة بالغلط في الشخص فالقتل يعتبر مقترنا بسبق الإصرار مثال ذلك من ينوي سرقة منزل مسكونا ويحتاط لحالة التعرض في طريقه فيأخذ معه سلاحا لاستعماله عند الاقتضاء ضد من يحاول القبض عليه . فلا يشترط أن يكون في نية القاتل قتل شخص معين أو غير معين ترمي به الصدف في طريقه كما لا يهم أن يصيب القاتل شخصا غير الذي كان يقصده .
وكالترصد ,عرفته المادة 257 ق ع " بأنه انتظار شخص لفترة طالت أو قصرت في مكان أو أكثر وذلك لإزهاق روحه أو للاعتداء عليه " .
إن الحكمة من تشديد العقاب في حالة الترصد وفقا لرأي غالبية المشرعين هي أن توفر هذا الظرف ينبئ عن خطورة في الجاني , فهو يعد وسيلته لارتكاب الجريمة ثم يفاجئ المجني عليه بعدوانه الذي لا يستطيع دفعه فهو وسيلة تدل على نذالة الجاني و إمعانه في ضمان انجاح فعلته , وتثير الاضطراب في النفس يأتيها الهلاك من حيث لا تشعر .وحتى يتوافر ظرف الترصد يتعين على الجاني أن يعد عدته على النحو الذي يضمن به المعتدي تنفيذ جريمته غيلة وغدرا من المجني عليه وعلى غير استعداد منه للدفاع عن نفسه والمهم في الترصد هو عنصر المفاجأة ويستوي أن يكون المكان الذي يتم فيه الإعتداء قد اعتاد المجني عليه المرور به أو يتوقع الجاني مروره به بل ويجوز أن يكون ذلك المكان خاصا بالجاني نفسه وينتظره به لاغتياله أو إيذائه ولا أهمية كذلك لفترة الزمن التي تمضي في التربص فقد تطول توقعا لوصول المجني عليه كما قد تقصر لدرجة كبيرة إذا أمكن تحديد وقت وجوده في مكان معين بشكل دقيق فينتظره الجاني به لحظة وصوله ويباشر عدوانه عليه ولا يمنع من قيام الترصد عدم تحديد المجني عليه سلفا بأن يعتدي على كل من يمر به ولا ينفي قيام الترصد كذلك خطأ الجاني في شخص المعتدى عليه لان ذلك لا يغير من الحالة المادية التي كان عليها الجاني وقت اقتراف جريمته وظرف الترصد ظرف موضوعي يسري على جميع المساهمين في الجريمة من علم به ومن لم يعلم به . وعلى القاضي أن يبين ذلك في حكمه .ويعتبر كل من سبق الإصرار والترصد ظرفين مستقلين فوجود أحدهما يكفي لتطبيق العقوبة المشددة حتى ولو لم يوجد الآخر ولا مانع من اجتماعهما معا . ومن الصعب أن نتصور ترصد دون سبق إصرار على أساس أن الثاني يحوي الأول .
وجاء في الإجتهاد القضائي للمحكمة العليا أنه من الثابت أن طرفي سبق الإصرار والترصد, شخصيان يتعلقان بالفاعل الأصلي للجريمة , وبالتالي فإن معاقبة الشريك بهما يعد خطا في تطبيق القانون . (ملف رقم 306921 قرار بتاريخ. 29 /04/2003)
الفقرة الثانية : صفة الجاني :
اعتبر المشرع صفة الجاني مجرد ظرف مشدد خاص يلحق ببعض الجرائم . مثال ذلك كون السارق مستخدما أو خادما بأجر يشكل ظرفا مشددا حتى ولو وقعت السرقة ضد من لا يستخدمونه لكنها وقعت سواء في منزل مخدومة أو في المنزل الذي كان يصحبه فيه.
وكذلك إذا كان السارق عاملا أو عاملا تحت التدريب في منزل مخدومة أو مصنعه أو مخزنه أو إذا كان يعمل عادة في المسكن الذي ارتكبت فيه السرقة .المادة 353 ق ع الفقرة 6 و 7, وهاتان الفقرتان تتكلمان عن طائفتين لكل منهما حكم خاص بها :
الطائفة الأولى تشمل الخدم بالأجرة وهم اللذين يعملون في خدمة شخص ويقومون بلوازمه ولوازم عائلته الخاصة لقاء أجر معين . سواء كان الأجر مقدرا سنويا أو شهريا وسواء كان مبلغا معينا من المال أو عينيا كالأكل والملبس . كالطاهي والبستاني وسائق السيارة والبستاني ومربية الأطفال . . . الخ ..فالمهم أن تكون هناك علاقة خدمة وان يكون العمل مقابل اجر .
ولتشديد العقوبة في هذه الحالة يجب أن تقع السرقة على مال مملوك للمجني عليه وأن يعلم الجاني أن المال مملوك لسيده, والطائفة الثانية تخص المستخدمون والصناع والصبيان وهم اللذين يعملون لدى شخص آخر ولكنهم بحكم عملهم لا يعتبرون خدما ز ومن هؤلاء الكاتب والسكرتير والعامل في المصنع والمحال التجارية سواء كانوا يعملون لدى شخص آخر أو لدى شخص معنوي ويجب أن تقع السرقة بمكان العمل ولا يهم في هذه الحالة لمن تعود ملكية المال المسروق .
الفقرة الثالثة : الدافع إلى ارتكاب الجريمة :
وهو العامل النفسي الذي يحمل الشخص على توجيه إرادته إلى تحقيق النتيجة الإجرامية ولا علاقة له بتكوين القصد الجنائي الذي يقوم على إرادة تحقق الواقعة بغض النظر عن البواعث المحركة للسلوك ولا اثر له على تكوين الجريمة قانونا وإنما ينظر إليه عند تقدير العقاب فقط بموجب السلطة التقديرية للقاضي , ومثال ذلك ما نص عليه المشرع في جريمة القتل العمد التي تقترن بجناية وارتباط القتل بجنحة , ففي الحالة الأولى يشدد القتل ويعاقب بالإعدام إذا سبقته أو زامنته أو تبعته جناية المادة 263 فقرة 1 ق ع ,فلا يتوافر الشرط إذا فصل بين الجنايتين زمن ما و أن يتمثل الفعل الثاني المزامن للقتل في جناية دون تحديد نوعها , ولابد من وقوع جنايتين إذ لو تصورنا أن فعلا واحدا يؤدي على قتل شخصين فلا محل لتطبيق المادة 263 ف 1 ق ع كما يقتضي أن يكون مرتكب الجنايتين هو نفس الشخص . كما يشدد في الحالة الثانية إذا ارتبط القتل بجنحة الفقرة 2 المادة 263 ق ع .
لتحقق هذا الظرف يجب أن يرتكب الجاني قتلا عمدا و أن يرتكب جنحة تكون مستقلة ومتميزة عن القتل ولا يشترط أن تكون تامة فالشروع معاقبا عليه ولا بد أن تكون الجنحة معاقبا عليها قانونا, ويجب أن يكون بين القتل والجنحة رابطة سببية على الصورة التي بينها القانون, مثال ذلك أن يقوم مهرب بضاعة بقتل عون من أعوان الجمارك للتمكن من تهريب بضاعة . وأن تكون هاته الجنحة هي الهدف الأصلي والقتل يرتكب من أجلها .
الفقرة الرابعة : صفة المجني عليه:
ويمكننا حصر ثلاث حالات :
أولا : قتل موظف : المادة 148 ق ع وعقوبتها الأصلية الحبس من سنتين إلى خمس سنوات , غير أنه إذا كان الإعتداء بالعنف و القوة أثناء تأديته وظيفته وكان قصد الفاعل هو إحداث الموت وأدى على حدوثه فتكون عقوبته الإعدام والتشديد هنا مستمد من صفة الموظف سواء كان قاضيا ,ضابطا عموميا أثناء تأدية وظيفتهم أو بمناسبة مباشرتها .
ثانيا : قتل الأصول : نصت عليه المادة 258 ق ع وهو إزهاق روح الأب أو الأم احد الأصول الشرعيين والعبرة بالرابطة الشرعية بين القاتل والضحية فيستبعد التبني والكفالة والولد الطبيعي وتكون عقوبة قتل الأصول دائما الإعدام ولا يستفيد فيها الجاني من الأعذار المخففة . مع مصادرة جميع الأسلحة و الأدوات المستعملة يعاقب بنفس العقوبة وان اعتبار قتل الأصول ظرفا مشددا يتطلب طرح سؤالين أمام محكمة الجنايات الأول : هل قتل فلان فلان؟ و الثاني : هل القاتل ابن شرعي للمقتول؟ .
ثالثا: قتل الطفل حديث العهد بالولادة: عقوبتها السجن المؤبد غير أن الأم سواء كانت فاعلة أصلية أو شريكة تطبق عليها عقوبة مخففة وهو ظرف شخصي لا ينصرف لغيرها, وهي السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة المادة 261 من ق ع الفقرة 2 و من شارك الأم في ارتكاب جريمتها تطبق عليه الظروف المشددة والأعذار المخففة المقررة للقتل العمد.
الفقرة الخامسة:تعدد الفاعلين.
يعتبر التعدد ظرفا مشددا في جريمة السرقة وفقا للمادتين 353 و 354 من قانون العقوبات ويتوفر هذا الظرف في حضور شخصين أو أكثر يعتبر كل واحد منهم فاعلا أصليا كما يوجد التعدد متى كان مع الفاعل الأصلي شريك واحد على الأقل اشترك معه وساعده عند تنفيذ الجريمة,كما لو وقف متربصا عند مكان الجريمة ليدرأ عنه خطر القبض, أو ليحمل معه المتاع المسروق .
أما اذا كان فعل الشريك قاصرا على التحريض أو الاتفاق أو إمداد الفاعل الأصلي بالأسلحة أو الأدوات الأزمة أو مساعدته بأية طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكاب الجريمة فلا يعتبر ظرف التعدد موجودا عندئذ ولا محل لتشديد العقاب لأن التنفيذ تم على يد شخص واحد
الفصل الثاني:
تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام
الفصل الثاني:تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام
الفرد حين ارتكابه الجريمة قد يكون مبتدئا و قد يكون في حالة عود ومن جهة ثانية قد يرتكب عدة جرائم في زمن واحد ولكن لم يتم الحكم عليه نهائيا في واحدة منها فما هي آثار ذلك على الجزاء.
المبحث الأول: حالة العود من قبل الجاني :
سنوضح في هذا المبحث ماهية العود بوجه عام من حيث تعريفه وآثاره.
المطلب الأول: مفهوم العود.:
إن العود هو حالة الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد الحكم عليه نهائيا من اجل جريمة سابقة, فهذه الحالة تتكون من تكرار وقوع الجرائم متماثلة أو مختلفة يرتكبها شخص واحد.
و من هذا التعريف نميز العود عن تعدد الجرائم ,إذ في الحالتين ترتكب أكثر من جريمة غير انه في حالة التعدد لا يكون قد صدر حكم قبل ارتكاب الجريمة الأخيرة أما في حالة العود فترتكب الجريمة الأخيرة بعد صدور حكم أو أكثر.
وتثير أحكام العود في التشريع مسألتين إحداهما خاصة بالمسؤولية و الثانية بالعقوبة؛ فيما يخص المسؤولية فان العود يتم عن إصرار من جانب الجاني على مخالفة أحكام القانون الجنائي و يدل فوق ذلك على عدم كفاية العقاب الأول لزجره أو إصلاحه.
و قد جرى البحث فيما اذا كان نظام العود يجب أن يكون عاما أو خاصا, فالعود الخاص لا يوجد إلا في حالة ارتكاب فعل جنائي بعد حكم صادر عن فعل آخر من النوع الأول أو على الأقل مماثل له أما العود العام أو المطلق لا يراعى فيه هذا الظرف بل يوجد كلما ارتكبت جريمة من الجرائم بعد حكم صادر في جريمة أخرى أيا كان نوع كل من الجريمتين,و أن اتحاد نوع الجريمتين لا يكون ضروريا اذا بلغت هاتان الجريمتان درجة معينة من الجسامة وان الأخذ بنظام العود العام فيما يتعلق بالجنايات و الجنح أفضل من النظام الذي يقوم إما على تكرار الجريمة نفسها كالسرقة بعد السرقة القتل بعد القتل ,و إما على ارتكاب جرائم من نوع واحد ناشئة عن دوافع واحدة كالسرقة و النصب و خيانة الأمانة و الضرب و الجرح ,و ذلك لان عادة الأجرام لا تتوقف على التماثل بين الجرائم و إنما تتوقف على دأب الجاني و إصراره على مخالفة أحكام القانون الجنائي.
و فيما يتعلق بالشرط الأساسي الذي يقوم عليه تشديد العقاب في حالة العود هناك نظريتان تتقاسمهما التشريعات الحديثة:.
فبمقتضى النظرية الأولى يقوم مبدأ العقاب على سبق صدور حكم نهائي بالإدانة فيكفي لتكوين العود ارتكاب جريمة بعد حكم أصبح نهائيا و لو لم تنفذ العقوبة أو تسقط بالتقادم و أساس العود هو استهانة المحكوم عليه بالإنذار الذي أعطي له من السلطة القضائية.
و بمقتضى النظرية الثانية لا يكفي الحكم وحده أساسا للعود بل يجب أن تكون العقوبة قد نفذت و ظهر عدم تأثيرها, و هذه النظرية أكثر منطقية لان الذي يبرر تشديد العقاب هو بنوع خاص عدم كفاية العقوبة العادية غير أن معظم التشريعات أخذت النظرية الأولى التي تكتفي في العود بصدور حكم نهائي و لو لم ينفذ هذا الحكم نظرا لبساطة هذه النظرية و سهولة تطبيقها .
ويعتبر العود ظرفا مشددا للجريمة الثانية و بعبارة أصح لعقوبة الجريمة الثانية إذ يخضع لتقدير القاضي, فالعود في ذاته قرينة على سوء السلوك و يجب تمكين القاضي من بحث قيمة هذه القرينة في كل قضية تطرح عليه و معاملة المتهم بما تقتضيه من إطالة مدة العقوبة أو الحكم بعقوبة من نوع آخر ,... و في فرنسا قضى القانون الصادر في 27 ماي 1885 بعقاب العائدين غير القابلين للإصلاح بعقوبة النفي إلى إحدى المستعمرات Relégation .
ولإثبات العود يستعين القاضي بصحيفة السوابق القضائية رقم 2 التي توضح فيها جميع العقوبات الصادرة ضد المتهم سواء الغرامات أو العقوبات السالبة للحرية المعاقب عليها بقانون العقوبات الجزائري, أو الجرائم التي يرتكبها الجزائريين بالخارج ويكون معاقبا عليها في قانون العقوبات الجزائري كذلك , مع الإشارة إلى أن هاته سواء كانت غرامة أو سالبة للحرية . لا تظهر سوى في صحيفة السوابق القضائية رقم 2 ويتم إرسالها من قبل وزارة العدل للدولة المعنية إلى الجزائر وتحفظ في مصلحة السوابق بالجزائر أي بالمجلس الذي يتبع مقر ميلاد المعني . لا تظهرها ته العقوبة في صحيفة السوابق القضائية رقم 3 . ومثال ذلك اتفاقية التعاون القضائي المبرمة بين الجزائر وفرنسا بتاريخ 28/08/ 1962 المادة 33 منها .
ملاحظة : إن العقوبة التي ينطق بها القاضي قد تكون موقوفة النفاذ وهو استثناء على نظام الحكم بالعقوبة المنفذة . وحين الحكم بوقف التنفيذ يلزم على القاضي تسبيب حكمه . وبهذه الصفة تدون العقوبة مع وقف التنفيذ بصحيفة السوابق رقم 1, وفي القسيمة رقم 2 التي تسلم لبعض الإدارات والقضاة ,في حين لاتسجل في القسيمة رقم التي تسلم للمعني بالأمر وتحتسب هذه العقوبة في تحديد العود.2
المطلب الثاني: التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري:
أدخل المشرع اثر تعديل قانون العقوبات بموجب القانون المؤرخ في 20/12/2006 تعديلات جوهرية على أحكام العود مما حذا به إلى إلغاء المواد 54 ,55 ,56, و 58 ذات واستبدالها بنصوص جديدة في المواد 54 مكرر إلى 54 مكرر 10 مستوحاة في مجملها من قانون العقوبات الفرنسي, إضافة إلى إدراج أحكام خاصة بالشخص المعنوي.
الفرع الأول: الشروط العامة للعود.
يميز المشرع الجزائري من حيث تطبيق العود بين الجرائم حسب وصفها و أحيانا حسب العقوبة المحكوم بها لاسيما في مواد الجنح. ففي الجنايات يشترط قانون العقوبات لتطبيق العود توافر شرطين و هما:
1 -حكم سابق نهائي: أن تكون الجريمة الجديدة قد ارتكبت بعد حكم جزائي سابق نهائي و المقصود هو الحكم البات, ولا يكون ذلك إلا بانقضاء مواعيد الطعن أو بالفصل في الطعن بالنقض و هكذا قضى بأن أحكام العود لا تطبق ما دام المدعى عليه في الطعن لم يسبق الحكم عليه بالحبس)أو بالسجن( قبل ارتكاب الجنحة )أو الجناية( التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه.
2-جريمة لاحقة: تشترط حالة العود ارتكاب جريمة ثانية بعد الحكم الأول النهائي على أن تكون الجريمة الثانية مستقلة عن الجريمة الأولى المحكوم فيها و في الجنح يضاف شرط ثالث إلى الشرطين المذكورين أعلاه وهو ارتكاب الجنحة الجديدة خلال فترة معينة حددها المشرع تارة ب 10 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة و تارة ب 5 سنوات .
و قد يضاف إليها شرط رابع و هو التماثل بين الجنحة الأولى التي صدر فيها الحكم النهائي و الجنحة اللاحقة لها.
و القانون لا يلزم القضاة بتطبيق العود حال توافر شروطه فهو أمر جوازي متروك لتقديرهم .
الفرع الثاني: العود في مواد الجنايات و الجنح
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي
ينص ق ع على العود في الجنايات و الجنح بالنسبة للشخص الطبيعي في المواد من 54 مكرر إلى 54 مكرر 3.
أولا: في الجنايات و الجنح: و تنقسم حالات العود في الجنايات و الجنح إلى أربع حالات و هي:
1-العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات(إلى جناية:
و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر, و لتحقيق العود يشترط فيها أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات كما هو الحال بالنسبة لجنح السرقة المنصوص عليها في المواد 350 مكرر و 352 مكرر و 354 المعاقب عليها على التوالي بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات و بالحبس من 5 سنوات إلى 10 سنوات .
و الشرط الثاني لتحقيق العود هو أن تكون الجريمة الثانية جناية أيا كانت طبيعتها و العود في هذه الحالة عود عام و مؤبد, فهو عام لأن القانون لا يشترط فيه تماثلا بين الجناية أو الجنحة التي سبق الحكم فيها و الجناية الجديدة و هو مؤبد لأن القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي البات و الجريمة الجديدة.
و هكذا فإذا ما سبق الحكم على شخص بخمس سنوات سجنا من أجل السرقة الموصوفة ثم بعد عشرين سنة ارتكب جناية القتل ففي هذه الحالة يجوز تطبيق أحكام العود عليه.
2- العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات(إلى جنحة مشددة:
هاته الحالة منصوص عليها بالمادة 54 مكرر 1 و يشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات و أن تكون الجريمة الثانية جنحة معاقبا عليها بنفس العقوبة أي بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات.
2. 1- شروط العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 1: يعد العود هنا من صور العود الكبير الذي كانت تنص عليه المادة 55 قبل إلغائها و يشترط لتحقيقه توافر 3 شروط:
أ- أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات و لا يهم مقدار العقوبة المقضي بها. و هنا يكمن الاختلاف الأول مع ما كانت تنص عليه المادة 55 الملغاة التي كانت تشترط أن تكون العقوبة المقضي بها عقوبة جنحية بسبب وجود عذر قانوني أو ظرف مخفف على أن لا تقل مدة الحبس المقضي بها عن سنة.
ب- أن تكون الجريمة الجديدة جنحة مشددة الحد الأقصى لعقوبتها يزيد عن 5 سنوات و لا تهم بذلك طبيعة نوعية هذه الجنحة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديد خلال 10 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة هنا يكمن الاختلاف الثاني مع ما كانت تنص عليه المادة 55 ق ع الملغاة التي كانت تشترط مضي 5 سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة الأولى أو سقوطها بالتقادم و العود في هذه الحال عود مؤقت.
3- العود من جناية أو من جنحة)عقوبتها تفوق 5 سنوات حبسا(إلى جنحة بسيطة)عقوبتها لا تفوق 5 سنوات ( و هي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 2؛ و يشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بعقوبة الحبس حدها الأقصى لا يتجاوز 5 سنوات حبسا.
3. 1- شروط العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 2 هو صورة أخرى للعود الكبير الذي تنص عليه المادة 55 قبل إلغاءها و يشترط فيه لتحقيقه توافر ما يلي:
أ- أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات و لا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
ب- أن تكون الجريمة الجديدة جنحة من الجنح التي يعاقب عليها القانون بعقوبة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 5 سنوات, فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال 5 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة, فالعود هنا عود مؤقت و ليس دائم.
4- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو إلى جنحة مماثلة: حالة المادة 54 مكرر 3 يشترط لتحقيقه توافر 3 شروط و هي:
أ- أن تكون الجريمة الأولى جنحة بسيطة عقوبتها لا تتجاوز 5 سنوات ولا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
ب- أن تكون الجريمة الثانية نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها وهنا عود خاص يشترط فيه التماثل بين الجنحة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها المادة 57 نصت على نفس النوع لتحديد العود.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
و العود هنا عود مؤقت وليس دائما, على غرار الحالة الثالثة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 3 ق ع .
ثانيا: في المخالفات:
نص قانون العقوبات على العود في مواد المخالفات بالنسبة للشخص الطبيعي في المادة 54 مكرر 4 ق ع بعدما كان ينص عليه بالمادة 58 ق ع قبل تعديل 2006.
و يمتاز هذا العود بخاصيتين:
أ- هو عود مؤقت, يشترط القانون لتحقيقه أن تكون المدة الفاصلة بين الحكم الأول النهائي و المخالفة الجديدة سنة على أقصى تقدير.
ب- هو عود خاص إذ اشترط المشرع ارتكاب نفس المخالفة .
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي.:
نقل المشرع حالات العود الخاصة بالشخص الطبيعي, وهي أربع حالات بالنسبة للجنايات و الجنح و حالة خاصة بالمخالفات,إلى الشخص المعنوي مع تطبيق هاتين القاعدتين فيما يتعلق بالعود في مواد الجنايات و الجنح وهي:
1-استبدال عقوبة 5 سنوات كمعيار مميز لحالات العود الأولى و الثانية والثالثة المنصوص عليها في المواد 54 مكرر 54 مكرر 1 و 54 مكرر 2 عندما يتعلق الأمر بالشخص الطبيعي ,بغرامة 500000 دج عندما يتعلق الأمر بالشخص المعنوي .
2- مضاعفة العقوبة المقررة للشخص المعنوي في حالة العود بعشرة مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على الجريمة التي هي في الواقع ضعف العقوبة المقررة للشخص المعنوي كما هي محددة بالمادة 18 مكرر من ق ع و هي غرامة من 1 إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي.
أولا: بالنسبة للجنايات والجنح : نص عليها ق ع الجزائري في المواد من 54 مكرر 5 إلى 54 مكرر 8 ويمكن تقسيمها إلى أربع حالات:
1-العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق حدها الأقصى 500000 دج ( إلى جناية: و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 5 و يشترط في هذه الحالة لتحقيق العود أن كون الجريمة الأولى جناية أيا كانت عقوبتها أو جنحة يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج و أن تكون الجريمة الثانية جناية أيا كانت طبيعتها و عقوبتها.
العود هنا عام ومؤبد, فالقانون لا يشترط تماثلا بين الجناية و أو الجنحة التي سبق الحكم فيها و الجناية الجديدة, و هو مؤبد لان القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي السابق و الجريمة الجديدة.
2- العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق حدها الأقصى 500000 دج إلى جنحة مشددة: و هي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 6 و يشترط بها 3 شروط:
أ-أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة معاقبا عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج.
ب-أن تكون الجريمة الجديدة جنحة مشددة هي الأخرى يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج و لا تهم بعد ذلك طبيعة ونوعية الجنحة, فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال العشر سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة و العود هنا عود مؤقت و ليس دائما كما هو الحال بالنسبة للعود من جناية أو جنحة مشددة إلى جناية التي يعتبر فيها الشخص عائدا مهما كان الزمن الفاصل بين الحكم السابق و الجريمة الجديدة.
3- العود من جناية أو من جنحة مشددة )الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق 500000 دج(إلى جنحة بسيطة: وهي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 7 و لتوافرها يجب تحقيق 3 شروط:
أ-أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة معاقبا عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج.
ب-أن تكون الجريمة الجديدة جنحة بسيطة يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 500000 دج و لا تهم بعد ذلك طبيعة و نوعية هذه الجنحة. فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة خلال خمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة, و العود في هذه الحالة عود مؤقت وليس دائما.
4- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو جنحة مماثلة: وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 8 و لتحقيقها هناك 3 شروط:
أ-أن تكون الجريمة الأولى جنحة بسيطة.
ب-أن تكون الجريمة الثانية نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها فالعود في هذه الحالة خاص يشترط فيه القانون تماثلا بين الجنحة التي سبق فيها الحكم نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة العود هنا مؤقت وليس دائما.
ثانيا بالنسبة للمخالفات: نصت عليها المادة 54 مكرر 9 و يأخذ نفس ميزات العود المنصوص عليها بالنسبة للشخص الطبيعي.
1-عود مؤقت: يشترط القانون لتحقيقه أن تكون المدة الفاصلة بين الحكم الأول النهائي و المخالفة الجديدة سنة على أقصى تقدير.
2- عود خاص: إذ اشترط المشرع ارتكاب نفس المخالفة.
الفرع الثالث: آثار العود:
ونميز بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي.
أولا: بالنسبة للجنايات و الجنح.
1-في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها تفوق خمس سنوات حبسا إلى جناية المادة 54 مكرر.
ميزت المادة 54 مكرر في هذه الحالة بين فرضيتين:
أولا: اذا كانت الجناية الجديدة قد أدت إلى إزهاق روح إنسان تكون العقوبة المقررة هي الإعدام.
و المشرع لم يشترط أن تكون العقوبة المقررة للجناية الجديدة هي السجن المؤبد كما كان الأمر فبل تعديل ق ع في 2006 و عليه تطبق عقوبة الإعدام حتى وان كانت هذه الجناية معاقبا غليها بالسجن المؤقت كما هو الحال بالنسبة للضرب و الجرح العمدي المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها المنصوص و المعاقب عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 264 ق ع.
و هكذا اذا سبق الحكم على شخص ب 5 سنوات سجنا من أجل هتك عرض وارتكب بعد 20 سنة جناية القتل العمد أو جناية الضرب و الجرح العمد المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها فتكون العقوبة المقررة له في هذه الحالة هي الإعدام.
ثانيا: اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجناية الجديدة 20 سنة سجنا يصبح حدها الأقصى السجن المؤبد.
و هكذا اذا سبق الحكم على شخص بشهرين حبسا من أجل جنحة السرقة المنصوص عليها بالمادة 350 مكررق ع و ذلك بفعل تطبيق الظروف المخففة و ارتكب بعد 20 سنة من صدور هذه العقوبة جناية هتك العرض المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 336 فقرة 1ق ع بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات, ففي هذه الحالة يرفع الحد الأقصى لعقوبة الجناية المرتكبة إلى الضعف ليصبح 20 سنة سجنا.
و في كل الأحوال: يرفع الحد الأقصى للغرامة المقررة إلى الضعف إذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالسجن و الغرامة كما هو الحال في جناية السرقة الموصوفة المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 353 و بعض الجنايات ضد امن الدولة )المادة 114( بعض صور تزوير النقود)المادة 197 الفقرة 2 و المادة 198 الفقرة 2(.
ملاحظة: المادة 54 مكرر لم تشر إلى الفرضية التي تكون فيها الجناية الثانية معقبا عليها بالسجن المؤبد ولم تؤد إلى إزهاق روح إنسان كالشروع في القتل العمد مثلا أو تزوير النقود المواد 197 – 198 و تقليد ختم الدولة المادة 205 ومن ثم لا يبق أمام جهات الحكم إلا تطبيق العقوبة المقررة لهذه الجنايات أي السجن المؤبد.
وفي كل الفرضيات: تبقى تشديد العقوبة أمرا جوازيا وكان الأمر كذلك أيضا في ظل التشريع السابق.
2- في حالة المادة 54 مكرر 1: يؤدي العود في هذه الحالة وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس و الغرامة إلى الضعف وكان الأمر جوازيا بالمادة 55 الملغاة.
وتبعا لذلك تضاعف الحد الأقصى لعقوبة الحبس المقررة للجريمة الجديدة اذا كانت المقررة لها من 5 إلى 10 سنوات فيصبح 20 سنة حبسا و يضاعف الحد الأقصى لعقوبة الحبس اذا كانت العقوبة المقررة لها من 10 إلى 20 سنة فيصبح 40 سنة حبسا, غير انه يتبين من استقراء الفقرة 2 من المادة 54 مكرر 1 أن الأمر يكون هكذا في فرضية واحدة و هي عندما يكون الحد الأقصى لعقوبة الحبس المقرر قانونا لا تزيد على عشر سنوات. وبوجه عام يميز المشرع بين 3 فرضيات:
أ-اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يساوي أو يقل عن 10 سوات و يزيد عن 5 سنوات : يرفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس و الغرامة وجوبا إلى الضعف.
ب- اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يزيد عن 10 سنوات و يقل عن 20 سنة : يرفع الحد الأقصى إلى 20 سنة.
ج- اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يساوي 20 سنة يرفع الحد الأدنى و جوبا إلى الضعف.
زيادة على تشديد العقوبة في حالة العود حيث نص المشرع على الحالة المنصوص عليه في المادة 54 مكرر 1 على جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9ق ع.
3- آثار العود بالحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 2: يؤدي العود في هذه الحالة وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس و الغرامة إلى ضعف, وكان الأمر جوازيا في ظل التشريع السابق؛ و علاوة على مضاعفة الحد الأقصى للعقوبة نصت المادة 54-3 على جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9. ق ع .
4- آثار العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 3:يؤدي العود إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس و الغرامة وجوبا وخلافا للحالتين الواردتين بالمواد 54 مكرر 1 و 54 مكرر 2 ق ع لا يوجد بالمادة 54 مكرر 3ق ع ما يفيد جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9ق ع في حالة العود.
ملاحظة: لا يؤخذ بالعقوبة المحكوم بها من طرف المحاكم العسكرية لجناية أو جنحة كسابقة لتطبيق العود إلا اذا كانت هذه العقوبة قد صدرت من أجل جناية أو جنحة معاقب عليها في القانون العام و من هذا القبيل الجنايات أو الجنح ضد امن الدولة و ضد الأفراد و الأموال, أما المحاكم العسكرية البحتة مثل التهرب من أداء الخدمة الوطنية و عدم إطاعة الرئيس فلا يؤخذ بها لتطبيق العود )المادة 59 من ق ع(.
كما لا يؤخذ بالعقوبات الصادرة عن المحاكم الأجنبية و ذلك ما جرى عليه الفقه الدولي فهو لا يحتسبها سابقة للعود.
لم ينص المشرع على الحالة التي تكون فيها الجريمة السابقة جناية أو جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات حبس( اذا ارتكب المحكوم عليه بعد 5 سنوات من قضاء العقوبة السابقة جنحة عقوبتها تفوق 5 سنوات فهي لا تنطبق على المادة 54 مكرر 1 كون الحد الأقصى لعقوبة الجريمة الثانية لا يزيد على 5 سنوات كما لا تنطبق عليها المادة 54 مكرر 2 ولا المادة 54 مكرر 3 لكون الجريمة الثانية ارتكبت بعد خمس سنوات التالية لقضاء العقوبة.
ثانيا: بالنسبة للمخالفات.
مثلما كان عليه الحال بالمادة 58 الملغاة تميز هذه المادة 54 مكرر 4 ق ع من حيث آثار العود في مواد المخالفات بين المخالفات التي تنتمي إلى الفئة الأولى و تلك التي تنتمي إلى الفئة الثانية.
الفئة الأولى: المخالفات المنصوص والمعاقب عليها بالمواد من 440 إلى 445 من ق ع يترتب على العود تطبيق العقوبات المغلظة المقررة بالمادة 445 ق ع وهو النص الذي يعاقب العائد بموجبه بالحبس لمدة تصل إلى 4 أشهر و بغرامة 40000 دج.
الفئة الثانية : يترتب على العود هنا تطبيق العقوبات المغلظة المقررة بالمادة 465 من ق ع:
- رفع عقوبة الحبس إلى شهر و الغرامة إلى 24000 دج لمخالفات الدرجة الأولى من الفئة الثانية)449-450(.
- رفع عقوبة الحبس إلى 10 أيام و الغرامة إلى 16000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثانية من الفئة الثانية)451-458(.
- رفع عقوبة الحبس إلى 5 أيام و الغرامة إلى 12000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثانية .
الفقرة الثانية:آثار العود بالنسبة للشخص المعنوي.
أولا: بالنسبة للجنايات والجنح.
1- في حالة المادة 54 مكرر 5 ميزت بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة فان النسبة القصو للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجناية.
ب- اذا كانت الجناية الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي إحدى العقوبات الآتية بحسب العقوبة المقررة للشخص الطبيعي:
- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بالاعدام أو السجن المؤبد تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى هو 20000000 دج.
- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص لطبيعي بالسجن المؤقت كما هو الحال بالنسبة لجنايات المشاركة في تنظيم إرهابي )المادة 287 مكرر 3 فقرة 2( و تزوير طابع وطني المادة 206 و الاحتجاز غير الشرعي المادة 291 تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى هو 10000000 دج.
2- آثار العود في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق خدها الأقصى 500000 دج(إلى جنحة مشددة: يميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في لقانون الذي يعاقب على هذه الجنحة. مثلا تطبق حالة العود على الشخص المعنوي الذي يرتكب جنحة بيع مواد مغشوشة أو فاسدة اذا ألحقت مرضا أو عجزا عن العمل غرامة من 500000 دج إلى 10000000 دج.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 10000000 دج.
3- آثار العود في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة)عندما يكون الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق 500000 دج( إلى جنحة بسيطة المادة 54 مكرر 7 : يميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5000000 دج.
4- آ ثار العود في حالة العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة إلى جنحة مماثلة المادة 54 مكرر 8: ويميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5000000 دج.
ثانيا: بالنسبة للمخالفات.
يترتب على العود بالنسبة لمواد المخالفات ان تطبق غرامة نسبتها القصوى تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه المخالفة بالنسبة للشخص الطبيعي.
المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة :
يعرف الفقهاء تعدد الجرائم بأنها, الحالة التي يرتكب فيها الشخص لعدد من الجرائمدون أن يفصل بينها حكم بات ,وقرر المشرع الفرنسي على انه يكون هناك تعدد في الجرائم حينما يرتكب الشخص جريمة جديدة قبل إدانته نهائيا من اجل جريمة أخرى ,ويعتبر القانون المجرم في حالة تعدد الجرائم اقل خطرا من المجرم العائد للجريمة وذلك لانه يفترض ان هذا الشخص لم يخضع كالعائد لإنذار قضائي أي حكم سابق وقد نص المشرع الجزائري على حالة تعدد الجرائم بالمواد 32 إلى 38 ق ع "فما مفهوم التعدد وما أثره في تقدير الجزاء بالنسبة للقاضي .
المطلب الأول: مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص :
لم يعرف القانون الجريمة , وذلك راجع لتطور المجتمع ومفاهيمه على نحو الذي تظهر فيه عدة سلوكيات جديدة قد تصبح مجرمة , وتقوم الجريمة عموما على ثلاثة أركان وهي الركن الشرعي . فلا جريمة ولا عقوبة بغير نص , والركن المادي وهو العمل الخارجي الذي أتاه الجاني وتقع الجريمة نتيجة له وهذا النشاط قد يكون فعلا أو امتناعا عن فعل , وركن معنوي يتمثل في اتجاه إرادة الجاني لما قام به من عمل خارجي, أو نشاط جنائي على أن يكون الجاني متمتعا بملكتي الإرادة والتمييز .
إن تعدد الجرائم يتطلب تعدد الأعمال الخارجية , فمثلا إذا أطلق شخص رصاصة في مكان مأهول بالناس تهورا فأصابت اثنين و أودت بحياتهما ,فهنا لم يأت الفاعل سوى عملا ماديا واحدا وهو إطلاق رصاصة واحدة ولد نتيجتين هما قتل عمد وشروع في قتل عمد, فوحدة الفعل لا يمكن أن تؤدي إلا إلى جريمة واحدة مهما تعددت النتائج كرصاصة أطلقت فأصابت رجلين فلا أثر لتعدد النتائج أو تعدد الأوصاف في حالة تعدد الجرائم إذا ما كان الفعل المادي الذي اقترفه الجاني واحدا.
وبالمقابل هناك من الجرائم ما يتكون من أفعال مادية متعددة إذ لا يكتمل ركنها المادي إلا إذا وقعت هاته الأعمال المادية جميعها كجريمة النصب مثلا المعاقب عليها بنص المادة 372 ق ع إذ يتكون ركنها المادي من الطرق الاحتيالية ومن الاستيلاء على مال الغير وعليه فهي جريمة مركبة من عملين ماديين.
و هناك الحالة التي يكون فيها الركن المادي يتكون من حالة تحتمل بطبيعتها الاستمرار سواء أكانت هاته الحالة ايجابية أم سلبية ومعنى ذلك أن الجريمة المستمرة توجد بمجرد قيام هاته الحالة وتستمر باستمرارها فالجريمة المستمرة تتطلب أن يستغرق ارتكابها مدة من الزمن ,وهي حسب الفقه تكون إما ذات استمرار ثابت فحالة الاستمرار انطلقت بذاتها وبقيت دون حاجة لتدخل من الفاعل كالبناء دون رخصة , والجريمة ذات الاستمرار المتجدد والتي تتطلب تدخل الفاعل فيها بصورة متجددة كحمل السلاح دون رخصة ,فتجدد الإرادة يؤدي إلى تعدد الفعل المادي المكون له,إضافة إلى تعدد الأركان المادية يتطلب الأمر تعدد الأركان المعنوية المكونة لها وإذا لم تكن هاته الأفعال إلا تنفيذا لجريمة واحدة صمم الجاني على ارتكابها لا نكون أمام حالة تعدد أو مشروع إجرامي صمم الجاني على تنفيذه دفعة واحدة كمن يطعن شخص عدة طعنات فيرديه قتيلا .
و التعدد نوعان: تعدد صوري و هو أن يرتكب شخص فعلا واحدا يقبل عدة أوصاف و يخضع من حيث الجزاء لأكثر من نص ,و تعدد حقيقي أن يرتكب شخص عددا من الأفعال المكونة لعدة جرائم قبل أن يحكم عليه نهائيا في واحدة منها.
المطلب الثاني:التعدد و أثره في تقدير الجزاء:
الفرع الأول : التعدد الصوري :
الأصل في القانون الجزائي أنه لا محل لتعدد العقوبات اذا كانت الجريمة واحدة ولو تعددت أوصافها وعلى هذا تنص المادة 32 من ق ع على أنه يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف الأشد من بينها و قد جاء في اجتهاد المحكمة العليا على أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة تكييفات بالوصف الأشد, و الاحتفاظ بوصفين متعارضين لواقعة واحدة يشكل تصريحا مزدوجا للاتهام وتناقضا في الأسباب كما تخالف القانون محكمة الجنايات التي وصفت جريمة واحدة بوصفين مختلفين .
و قد قرر المشرع الفرنسي انه حين متابعة شخص معين و تتم إدانته لذلك بعدة جرائم متعددة فانه يمكن النطق بكل عقوبة على حدة وبما أن عدة عقوبات قد تكون ذات طبيعة واحدة فانه يتم النطق بعقوبة واحدة من هاته الطبيعة في إطار الحد الأقصى المطبق قانونا بينها .فالمشرع الفرنسي لم ينص على التعدد الصوري وإنما نص على تعدد العقوبات المحكوم بها.
و قد قررت محكمة النقض السورية أن حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد هو اعتبار المتهم إنما قصد ارتكاب الجريمة أشد عقوبة فقط دون الجريمة أو الجرائم الأخف فلا تصح مؤاخذة المتهم إلا عن جريمة واحدة هي الأشد عقوبة .
وتطبق كذلك قاعدة الوصف الأشد في حالة التعدد الصوري بين جرائم القانون العام والجرائم الخاصة.
فمن ارتكب جريمة هتك عرض امرأة في الطريق العام وهي جريمة تكون في نفس الوقت فعل علني فاضح لا يؤاخذ إلا عن جناية هتك العرض لأنها هي الوصف الأشد هذا في حالة ما إذا كانت الأوصاف الجنائية من طبيعة مختلفة .
أما إذا كانت من طبيعة واحدة , كأن يطلق شخص رصاصة فيقتل اثنين فإن الجاني لا يسأل إلا عن جريمة قتل واحدة فلا ترفع على المتهم إلا دعوى واحدة , تكون عن الجريمة ذات الوصف الأشد , فإذا كان الفعل يوصف في آن واحد بأنه هتك عرض وفعل علني مخل بالحياء , فإن الدعوى ترفع باعتبارها جريمة هتك عرض لأنها الجريمة ذات الوصف الأشد .
وإذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وصدر فيها حكم نهائي بالبراءة , فلا يجوز رفع الدعوى ثانية عن الواقعة ذاتها بوصف آخر .
الفرع الثاني : التعدد الحقيقي:
ينقسم إلى صورتين :
أولا :المتابعات في آن واحد والمحاكمة واحدة المادة 34 ق ع : في هذه الحالة يرتكب الجاني جريمتين أو أكثر لا يفصل بينها حكم نهائي , تحال معا أمام نفس الجهة القضائية للفصل فيها في جلسة واحدة .
وفي هاته الصورة بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية فالقاعدة أن تبت جهة الحكم في إذناب الجاني عن كل جريمة ثم تقضي بعقوبة واحدة سالبة للحرية على أن لا تتجاوز مدتها الحد الأقصى المقرر للعقوبة المقررة قانونا للجريمة الأشد , أما فيما يتعلق بالعقوبات المالية فالقاعدة هي جمع العقوبات المادة 36 ق ع .
غير أنه يجوز للقاضي أن يقرر عدم جمع الغرامات بحكم صريح وهنا لا بد أن نميز بين الغرامات الجزائية والغرامات الجبائية التي يختلط فيها الجزاء بالتعويض كما هو حال الغرامات المقررة جزاء للجرائم الجمركية أو الضريبية . والغرامات الجبائية لا يجوز دمجها وإنما تصدر غرامة عن كل جريمة يثبت ارتكابها قانونا .
مع ملاحظة أن المشرع الجزائري ألغى العقوبات التبعية . و أبقى على المادة 37 ق ع التي تنص على جواز جمعها .
أما فيما يتعلق بالعقوبات المقررة في مواد المخالفات فإنه يجب جمعها المادة 38 ق ع وهاته القاعدة تنطبق على الحبس والغرامة على حد سواء .
وهاته القاعدة تبقى صحيحة حتى في حالة تعدد مخالفات مع جنح فتجمع العقوبة المقررة للجنحة سواء كانت حبسا أو غرامة أو عقوبة تكميلية مع عقوبات الحبس أو الغرامات المقضي بها في المخالفات .
ثانيا : أن تكون المتابعات متتالية والمحاكمات منفصلة :
إن الفقرة الثانية من المادة 35 ق ع وضعت استثناءا لمبدأ جب العقوبات إذا كانت العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحدة لتجيز للقاضي أن يأمر بضمها أي جمعها جزئيا أو كليا . وذلك في إطار الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد ويصدر القاضي قرارا مسببا أي متضمنا جميع البيانات التي تسمح للمحكمة العليا من بسط رقابتها .
ويأمر بضم كل العقوبات المحكوم بها أو البعض منها و تحديد العقوبة التي يجب تنفيذها والتي لا يجوز أن تكون مدتها أكثر من الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد .وبالتالي لا يجوز رفض طلب جب العقوبات الذي يعد حقا للمحكوم عليه في حالة توفر شروط الفقرة الأولى من المادة 35 ق ع . في حين تمنح الفقرة الثانية من نفس المادة السلطة التقديرية للقاضي ولكن تقيدها بضرورة تسبيب قراره وعدم تجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد .
كما أن مسألة الخلط بين الدمج والضم لا تخضع لرقابة المحكمة العليا وهذا بناءا على اجتهاد المحكمة العليا إذ اعتبرت أن اعتماد قضاة المجلس لرفض طلب ضم العقوبات واعتبارها حالة عود مشددة لا يؤدي إلى نقض القرار المطعون فيه ما دامت النتيجة قانونية حتى ولو أسست على تعليل غير كاف (ملف رقم 277123 قرار بتاريخ 01/07/2003)
ملاحظة :
إذا تعددت الملاحقات القضائية وصدرت عدة أحكام أو قرارات بالإدانة وكانت الوقائع لا يفصل بينها حكم نهائي جاز دمج تلك العقوبات فتطبق الأشد منها فقط ,ويصبح هذا الدمج وجوبيا إذا كانت العقوبات المقضي بها ليست من طبيعة واحدة أي أن بعضها جنحية واخرى جنائية فإذا كانت من طبيعة واحدة أي جنحة مع جنحة أو جناية مع جناية يجوز ضمها كلها أو بعضها بحكم أو بقرار مسبب في حدود الحد الأقصى المقرر قانونا للعقوبة الاشد.
وتفصل في طلب الضم أو الدمج آخر جهة قضائية أصدرت العقوبة لكن إذا كانت هناك عقوبة جنائية فإن غرفة الإتهام هي التي تفصل في الطلب .
والضم هو جمع مدة العقوبة الأولى مع الثانية فإذا كانت الأولى 6 سنوات و الثانية 4 سنوات أصبحت العقوبة المطبقة 10 سنوات .أما في حالة الدمج فإن الأشد تمتص الأخف لتصبح في المثال المذكور6 سنوات .
الخاتمة
الخاتمة :
إن ارتباط القاضي الجزائي بالعقوبة قديم الأزل والقرار الذي يتخذه القاضي حين نهاية دراسته للملف يعتبر عنوانا للحقيقة وملزم للطرفين وحجة بالإضافة لهما في مواجهة المجتمع.
والمتهم بريء أمام القانون حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته مع كل الضمانات التي تتطلبها القانون.
ونلاحظ بعد دراستنا هذا الموضوع أن سلطة القاضي في تقدير العقوبة في قانون العقوبات الجزائري في حق المتهم المدان ليست مقيدة وليست مطلقة في نفس الوقت و إنما هي مرنة , وخاصة بالرجوع للطبيعة الخاصة لقانون العقوبات إذ لا يمكن القياس فيه إذ أن العقوبة محددة مسبقا في القانون سواء كانت بين حدين أدنى وأقصى أو حد أدنى فقط أو مع تحديد الحد الأقصى فقط سواء قررت لها الغرامة أو وضع حد للمتابعة الجزائية في بعض الجرائم التي يقرر القانون فيها أن صفح المضرور يضع حدا للمتابعة الجزائية كجرائم السب .
كما يمكن للقاضي تخفيف العقوبة وتشديدها والإعفاء منها كلما توافرت الشروط اللازمة لذلك وحتى لما تكون الأعذار القانونية إلزامية فإن ذلك لا يعتبر تقييدا لحرية القاضي في تبرير العقاب وإنما هو تجسيد لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص .
ونلاحظ أن المشرع الجزائري قد قرر ظروف التخفيف في كل الجنايات والجنح والمخالفات , وبالنسبة للأعذار القانونية المعفية أو المخففة أغلبها كانت في مسائل الجنايات .
وهناك ملاحظة فيما يتعلق بالظروف المشددة , فإن المشرع الجزائري لم يحدد سوى قواعد الظروف المشددة العامة . والمتمثلة في العود و فصل في أحكامها .
أما الظروف المشددة الخاصة فإن المشرع الجزائري رغم إقراره وجودها إلا انه لم يحددها وإنما جعل كل جريمة على حدى وعلى حسب الطريقة التي يتم بها ارتكابها.
كما أن الظروف المشددة تؤثر على الوصف القانوني للجريمة المرتكبة و تأخذ بها سلطة النيابة في تكييف الجريمة وما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة . عكس الظروف المخففة والأعذار القانونية التي لا تدخل إلا في اختصاص قاضي الحكم . كما أنه كان على المشرع الجزائري حين إلغائه للعقوبات التبعية في التعديل الأخير 2006 أن يلغيها من مسالة ضم العقوبات المتعلقة بالعقوبات التبعيةالواردة بالمادة37 قانون عقوبات .
كما أن تقرير المشرع الجزائري للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تعتبر خطوة بناءة بالنسبة لقانون العقوبات الجزائري لمواكبة التطورات الحاصلة بالعالم المعاصر .
وفي الأخير وبعد دراسة الملف وتأسيس الحكم وإسناد الفعل للمتهم بناءا على أدلة وبراهين في محكمة الجنح والمخالفات , أو بناءا على اقتناع شخصي في الجنايات ينطق القاضي بحكمه :
بإدانة المتهم فلان فلان بالجرم المنسوب إليه طبقا للمادة من قانون العقوبات وعقابا له الحكم عليه بمقدار العقوبة المناسب من حبس و غرامة مع تحديد مدة الإكراه البدني وفقا للمواد 600 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية والمصاريف القضائية على عاتق المتهم المحكوم عليه .
في هذا الإطار بقي سؤال واحد وهو عن الإكراه البدني ؟فنقول أنه وسيلة لتنفيذ العقوبة وليس عقوبة .
وأخيرا فإن تقدير الجزاء الجنائي هو دليل استيعاب القاضي للملف وتجسيد شرعية الجرائم والعقوبات .
قائمة المراجع
قائمة المراجع :
أولا : الكتب باللغة العربية :
1ـ د احسان بوسقيعة .قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية.منشورات بيرتي طبعة 2007 ـ 2008.الجزائر.
2ـ د احسان بوسقيعة . قانون الإجراءات الجزائية في ضوء الممارسة القضائية .منشورات بيرتي . طبعة 2007 ـ 2008. الجزائر.
3 ـ الدكتور احسان بو سقيعة . الوجيز في القانون الجزائي العام . الطبعة الرابعة . دارهومة للطباعة والنشر والتوزيع.سنة 2006 الجزائر .
4 ـ الدكتور احسان بوسقيعة . الوجيز في القانون الجزائي الخاص . الجزء الأول . الطبعة الخامسة . دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع . سنة 2006 . الجزائر .
5 ـ . الاستاذ.أديب استانبولي. شر ح قانون العقوبات . الجزء الأول . المكتبة القانونية . سنة 1989. دمشق.
6 ـ المستشار.جندي عبد الملك . الموسوعة الجنائية .رشوة ـ ظروف الجريمة .الجزء الرابع.مكتبة العلم للجميع . سنة 2004ـ 2005.بيروت .
7 ـ المستشار.جندي عبد الملك بك . الموسوعة الجنائية .عقوبة ـ ضرب و جرح. الجزء الخامس . مكتبة العلم للجميع. سنة 2005. بيروت .
8 ـ الدكتور . دردوس مكي .القانون الجنائي الخاص . في التشريع الجزائري. الجزء الأول.ديوان المطبوعات الجامعية.سنة.2005. الجزائر.
9ـ الدكتور. عبد الحميد الشواربي . الظروف المشددة والمخففة للعقاب .دار المطبوعات الجامعية .سنة 1986. مصر.
10 ـ الدكتور عبد الله سليمان . شرح قانون العقوبات الجزائري . القسم العام . الجزء الأول . الجريمة .دار المطبوعات الجامعية .1989. الجزائر .
11 ـ الدكتور عبد الله سليمان . شرح قانون العقوبات الجزائري . القسم العام . الجزء الثاني الجزاء الجنائي .دار المطبوعات الجامعية . 1989. الجزائر .
12ـ المستشار . عز الدين الديناصوري .الدكتور عبد الحميد الشواربي. المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات والإجراءات الجنائية .دار المطبوعات الجامعية .1993 مصر
13 ـ المستشار معوض عبد التواب . قانون العقوبا معلقا عليه بأحكام محكمة النقض منذ إنشائها وحتى يونيو.الجزء الأول . دار الوفاء المنصورة .1987 . سورية .
14 ـ المستشار منصور رحماني . الوجيز في القانون الجزائي العام . دار العلوم للنشروالتوزيع.
2006 . الجزائر .
الكتب باللغة الفرنسية :
Code dalloz expert/code penal/edition dalloz /france2005 /1
المجلات القضائية :
1ـ المحكمة العليا .قسم الوثائق .الإجتهاد القضائي للغرفة الجنائية . عدد خاص .طبع دار القصبة للنشر .2005.الجزائر.
2ـ المجلة القضائية . العدد الأول .ديوان المطبوعات الجامعية.2003.الجزائر.
3ـ المجلة القضائية . العددالثالث . قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا . 1989الجزائر .
4ـ مجلة المحكمة العليا . العددالثاني . دار القصبة للنشر . 2005 . الجزائر .
القوانين :
1ـ قانون رقم 06/01 المؤرخ في 21محرم عام 1427 الموافق ل20 فبرايرسنة 2006يتعلق بالوقاية م الفساد ومكافحته .
2ـ أمر رقم 05ـ 06مؤرخ في 18 رجب عام 1426 الموافق ل23 اوت 2005يتعلق بمكافحة التهريب .
3ـ قانون رقم 18/04 المؤرخ في 25 /12 / 2004 المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
الفهرس
مقدمة 02
الفصل الأول : تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة 04
المبحث الأول : تخفيف العقوبة والإعفاء منها. 05
المطلب الأول : الأعذار القانونية 05
الفرع الأول: مفهوم الأعذار المعفية و طبيعتها القانونية 05
الفرع الثاني: حالات الإعفاء من العقوبة في التشريع الجزائري 07
الفقرة الأولى: عذر المبلغ 07
الفقرة الثانية: عذر القرابة العائلية 08
الفقرة الثالثة: عذر التوبة 08
الفرع الثالث: الأعذار القانونية المخففة 09
الفقرة الأولى: أعذار الاإستفزاز 09
الفقرة الثانية: عذر صغر السن 11
الفقرة الثالثة: عذر المبلغ وعذر التوبة 13
المطلب الثاني : الظروف القضائية المخففة . 15
الفرع الأول: مفهوم الظروف القضائية المخففة 15
الفرع الثاني: آثار منح الظروف المخففة 16
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي 16
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 20
المبحث الثاني: الظروف الخاصة المشددة . 22
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة . 22
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للظروف الخاصة المشددة بقانون العقوبات الجزائري 24
الفرع الأول: الظروف المادية المتعلقة بالفعل الإجرامي 24
الفرع الثاني: الظروف المادية المتعلقة بالنتيجة الإجرامية 29
الفرع الثالث: الظروف الشخصية المشددة 30
الفقرة الأولى: الإدارة الجنائية 30
الفقرة الثانية: صفة الجاني 31
الفقرة الثالثة: الدافع إلى ارتكاب الجريمة 32
الفقرة الرابعة: صفة المجني عليه 33
الفقرة الخامسة: تعدد الفاعلين 33
الفصل الثاني : تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام 35
المبحث الأول : حالة العود من قبل الجاني 35
المطلب الأول :مفهوم العود. 35
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري . 37
الفرع الأول: الشروط العامة للعقود 37
الفرع الثاني: العود في مواد الجنايات والجنح 37
الفقرة الأولى: بالنسبة إلى الشخص الطبيعي 37
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 40
الفرع الثالث: آثار العود 42
الفقرة الأولى: بالنسبة إلى الشخص الطبيعي 42
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 45
المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة 47
المطلب الأول : مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص 47
المطلب الثاني :التعدد وأثره في تقدير الجزاء 48
الفرع الأول: التعدد الصوري 48
الفرع الثاني: التعدد الحقيقي 49
الخاتمة 51
قائمة المراجع 52