المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-12, 19:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي

الجرائم التي يرتكبها الشخص المعنوي و المسؤولة الجزائية المرتكبة عنها

تعد المسؤولية الجزائية المحور الأساسي الذي تدور حوله الفلسفة و السياسة الجنائية، و من ثم كانت النهضة العلمية و الفكرية التي لحقت بالقانون الجنائي وليدة الإتجاهات الفلسفية المختلفة حول نظرية المسؤولية الجزائية.
و إذا كانت المسؤولية الجزائية للإنسان الحي المدرك عن الجرائم التي يرتكبها لا يثار حولها أي جدال فقهي أو قضائي، فإن التقدم الهائل الذي تعرفه المجتمعات اليوم في شتى المجالات سيما المجال الإقتصادي و التكنولوجي, أين ازداد حجم نشاط الأشخاص و ظهرت المشاريع الكبرى التي فاقت بكثير إمكانيات الفرد، أصبح من الضروري لتحقيق هذه الأهداف الضخمة ضم نشاطه إلى نشاط غيره و هذا عن طريق قيام تجمعات فردية أو مالية يطلق عليها اسم الأشخاص المعنوية أو الإعتبارية.
واذا كان الشخص الإعتباري قد أضحى اليوم ذا أهمية كبرى نظرا لما ينهض به من أعباء جسيمة يعجز غيره من الأشخاص الطبيعية عن القيام بها، فإنه في الوقت نفسه يمكن أن يكون مصدرا للجريمة أو الإنحراف مما يشكل خطرا و تهديدا على أمن المجتمع و سلامته و ذلك بسبب طبيعة الشخص المعنوي و طبيعة النشاط المنوط به.
فطبيعة الشخص المعنوي جعلت من نشاطه حكرا على أعضائه من الأشخاص الطبيعية، التي تعمل باسمه و لحسابه، و من الممكن أن تتخذ من طبيعته أداة لارتكاب الجرائم، و هذا يعني أن الجرائم التي تقع من الشخص المعنوي إنما تقع في الحقيقة من أعضائه.
و لا جدال في أن الأشخاص الطبيعية التي ارتكبت الجرائم باسم الشخص المعنوي و لحسابه تكون مسؤوليتها طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات، و إنما يثور التساؤل حول مدى إمكانية مساءلة الشخص المعنوي عن هذه الجرائم و توقيع العقوبات عليه. و لا شك في أن الإجابة عن هذا التساؤل ليست بالأمر الهين، فإذا كانت المسؤولية المدنية للشخص المعنوي مبدءا ثابتا و مكرسا فالحال على خلافه بالنسبة لمسؤوليته الجزائية التي لا تزال من المسائل التي تثير الكثير من الجدل في الفقه و القضاء المقارن، و لم يستقر وضعها بشكل حاسم في العديد من الشرائع العقابية المعاصرة باستثناء التشريعات الأنجلوأمريكية التي أقرت بهذا النمط من المسؤولية على نطاق واسع، في حين قصرتها تشريعات أخرى على جرائم معينة كالتشريع الفرنسي قبل 10 مارس 2004. أما التشريع الجزائري فقد أقر بمبدأ مساءلة الأشخاص المعنوية جزائيا بموجب القانون 04/15 المؤرخ في 10/11/2004 ، المعدل و المتمم لقانون العقوبات، و بعد تعديل قانون العقوبات بموجب القانون 06/23 المؤرخ في 20/12/2006 وسع المشرع من نطاق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي الى عدد مهم من الجنايات و الجنح،لذلك أصبح من الضروري علينا كقضاة الالمام بمختلف جوانب هذا الموضوع,وهو ما دفعنا الى اختياره و البحث عما إذا كان المشرع الجزائري قد حدد معالم هذه المسؤولية بشكل واضح و دقيق من شروط و إجراءات متابعة و عقوبات، أم كان مجرد طرح لمبدأ مسايرة التطورات القانونية و استجابة لضغوطات منظمة التجارة العالمية التي فرضت على الجزائر تغيير منظومتها القانونية .
و لعل الإشكال الرئيسي المطروح في ظل هذا التعديل يتمثل في :
ما هي صور السلوك الإجرامي المتصور إرتكابه من الشخص المعنوي في القانون الجزائري ؟
و بصدد إجابتنا على هذا الإشكال، نجد أنفسنا أمام تساؤل أولي يتعلق بمدى إمكانية تحميل الشخص المعنوي المسؤولية الجزائية عن هذه الجرائم, و هو ما ارتأينا معالجته في فصل تمهيدي بالتطرق إلى الأحكام العامة للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي, حيث خصصنا المبحث الأول منه للبحث في الإتجاهات المقارنة سواء كانت فقهية أو تشريعية حول موقفها إزاء إمكانية تحميل الأشخاص المعنوية المسؤولية الجزائية، أما المبحث الثاني تناولنا فيه البحث عن شروط تطبيق هذه المسؤولية. و في الفصل الأول تطرقنا إلى الجرائم المتصور ارتكابها من الشخص المعنوي في مبحثين, حيث خصصنا المبحث الأول للجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، في حين جعلنا المبحث الثاني للجرائم المنصوص عليها في القوانين الخاصة، أما في الفصل الثاني تعرضنا إلى القواعد التي يخضع لها الشخص المعنوي المسؤول جزائيا من حيث المتابعة و الجزاء، بتطرقنا في المبحث الأول إلى إجراءات متابعة الشخص المعنوي، أما في المبحث الثاني فعالجنا العقوبات الخاصة به و التي تتلائم مع طبيعته المتميزة.
و لقد اتبعنا لمعالجة هذا الموضوع منهجا وصفيا تحليليا معتمدين على المنهج المقارن بين التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة خاصة منها التشريع الفرنسي، ونرجو أن نكـون قد وفقنا في تقديم هذا العمل.
الفصل التمهيدي : الأحكام العامة للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
إن التقدم الحضاري للمجتمعات الإنسانية في العصر الحديث استلزم تكاتل الجهود وتجمع الأموال لإقامة المنشآت الضخمة في شكل مؤسسات اقتصادية كبرى، تدخل الحياة القانونية للمجتمع تارة كأطراف إيجابية لها حقوق و تارة كأطراف سلبية عليها التزامات، و التي لا يتسنى لها ممارستها إلا إذا كانت لكل منها شخصية قانونية مستقلة عن الشخصية القانونية للأفـراد المكونين لـها، و هذا ما يطلق عليه اسم : الأشخـاص الاعتبارية أو المعنوية les personnes morales » « و يقصد بهذا المصطلح أن هذه الأخيرة تكتسب الشخصية القانونية حكما أي بنص القانون، فالقانون هو مصدر وجودها و قيامها .
و لقد تحاشى القانون تعريف الشخص المعنوي و ترك ذلك للفقه الذي أعطى له عدة تعريفات نذكر منها ما قدمه الأستاذ عمار عوابدي بأنها :
" كل مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا، أو مجموعة من الأموال ترصد لفترة زمنية محددة لتحقيق غرض معين، بحيث تكون هده المجموعة من الأشخاص أو الأموال كائنا قانونيا " شخص قانوني " مستقلا عن ذوي الأشخاص والأموال المكونة له، وله أهلية قانونية مستقلة و قائمة لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات باسمه و لحسابه، كما أن هذه المجموعات لها مصلحة جماعية مشتركة و مستقلة عن المصالح الذاتية و الفردية لأفراد المجموعة " .
كما عرفها الأستاذ رمضان أبو السعود على أنها : " ما هي إلا مجموعات من الأشخاص الطبيعية أو الأموال يجمعها غرض واحد و يكون لهذه المجموعة شخصية قانونية لازمة لتحقيق هذا الغرض منفصلة عن شخصية المكونين و المنتفعين بها " .
من خلال هذين التعريفين نرى أن الشخص المعنوي يقوم على ثلاثة عناصر و هي :
• وجود مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال أو الاثنتين معا، لها إرادة مستقلة عن إرادة المكونين لها تقوم بتمثيل و العمل باسم و لحساب الشخص المعنوي.
• يتمتع بشخصية قانونية بناء على نص في القانون.
• يقوم بتحقيق غرض معين على أن يكون ممكنا و مشروعا و يتحدد في قانون إنشاءه .
و تقتضي المادة 50 من ق.م .ج أن يتمتع الشخص الإعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان و ذلك في الحدود التي يقررها القانون، فيكون لها بصفة خاصة ذمة مالية و أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون،و موطن و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها، و إن الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها في نظر القانون الداخلي في الجزائر. وتقتضي المادة المذكورة أيضا بأن يكون للشخص الاعتباري نائب يعبر عن إرادته و أن يكون له حق التقاضي .
و أمام التزايد المستمر للأشخاص المعنوية و تأثيرها الكبير في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية، أصبح من الضروري التساؤل عن مدى إمكانية مساءلتها جزائيا و عن شروط هذه المساءلة الجزائية، و هذا ما سنتناوله بالتطرق إلى تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في الفقه و التشريعات في ( المبحث الأول ) ثم إلى شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في (المبحث الثاني ).






المبحث الأول : موقف الفقه و التشريعات من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
لقد اختلف الفقه بشأن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، و سنبين بإيجاز آراء المعارضين و المؤيدين لهذه المسؤولية في ( المطلب الأول )، ثم نتعرض بعد ذلك إلى موقف التشريعات المقارنة في ( المطلب الثاني ) و أخيرا إلى موقف المشرع الجزائري في ( المطلب الثالث ).
المطلب الأول : الجدال الفقهي حول المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
بعد خروج الشخص المعنوي من دائرة المجاز إلى دائرة الحقيقة و اعتراف القانون له بالشخصية القانونية، خلق جدلا في الفقه حول مدى إمكانية مساءلته جزائيا بين معارض ( الفرع الأول ) و مؤيد ( الفرع الثاني ).
الفرع الأول : الإتجاه المنكرللمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
أورد جانب كبير من الفقهاء بعض التحفظات عن مبدأ المساءلة الجزائية للأشخاص المعنوية، و قد استندوا في ذلك إلى جملة من الحجج نلخصها في النقاط الآتية :
• إن الشخص المعنوي ما هو إلا وهم، مجرد من كل إرادة و شخصية و من كل استقلال، فهو محض إفتراض قانوني لا يمكنه ارتكاب الجريمة و لا يمكن نسبة الخطأ إليه.
• إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تناقض مبدأ التخصص، فإذا كان القانون يعترف للشخص المعنوي بالأهلية القانونية، فإن هذه الأهلية تتحدد بالأغراض التي أنشيء الشخص المعنوي من أجلها و التي تتوضح في وثيقة إنشاءه و لا يعقل أن يتسع نطاق هذه الأغراض لارتكاب الجرائم، فارتكاب الجرائم خارج عن نطاقه و وجوده .
• إن القول بمسؤولية الشخص المعنوي يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة ،ذلك أن قبول إنشاء مسؤولية شركة ينطوي على قبول معاقبة أبرياء بطريق غير مباشر، إذ يترتب على القول بمسؤولية الشخص المعنوي ان تطال العقوبة كل المساهمين في إنشاءه على الرغم من بعدهم عن الجريمة .
• إن العقوبات التي نص عليها القانون وجدت لتطبق على الشخص الطبيعي و لا يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي كما أن للعقوبات الجنائية أهدافا في الإصلاح و الردع، و العقوبة في جوهرها ألم يصيب من توقع عليه و هو ما لا يمكن توافره للشخص المعنوي .
ينتهي أنصار هذا الاتجاه و استنادا إلى الحجج السابقة إلى القول بعدم مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية عن الجرائم التي تقع من ممثليه أو تابعيه, إلا أن هذه التحفظات لم تصمد طويلا أمام حجج المؤيدين لمبدأ مساءلة الشخص المعنوي جزائيا فما هي هذه الحجج ؟
الفرع الثاني : الإتجاه المؤيد للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
رد المؤيدون لمسؤولية الشخص المعنوي الجزائية بحجج نلخصها كما يأتي :
• إن الشخص المعنوي ليس مجرد خيال، و لكنه حقيقة، وكائن له وجوده الحقيقي و ليس إفتراضيا و ذلك بسب المصالح التى يسعى إلى تحقيقها و التى من شأنها أن تجعل له شخصية قانونية مستقلة عن أصحابها، صحيح أنه ليس كائنا في عالم الآدميين و لكنه كائن في عالم القانون له وجوده و ذمته المالية، كما أن له إرادة مستقلة عن إرادة كل فرد فيه، فإرادته هي خلاصة مجموع آراء أعضاءه و المساهمين فيه، و مظهرها الأوامر و التعليمات التي ينفذها القانمون بإدارة أعماله .
• كما انه لا مجال للحجة القائلة أن الجريمة تخرج عن الغاية التي خصص لها الشخص المعنوي، فتخصيص الشخص المعنوي لأداء هدف معين لا يرسم حدود الوجود القانوني له، ومن ثم لا ينفي عنه إمكانية إسناد الجريمة إليه، فكما أن الإنسان العادي لا يوجد من أجل إقتراف الجرائم إذ ليست الغاية من حياته ارتكابها، فالجريمة خروج عما يجب أن تكون عليه حياته، كذلك فإن الشخص المعنوي ليست غاية وجوده ارتكاب الجرائم، إلا أنه من الممكن أن يرتكبها و من المعروف أن الشخص المعنوي يكافأ على أعماله الجيدة فمن العدالة إذا أن يحاسب على أعماله السيئة التي يقترفها.
• لا يستقيم القول : ان العقوبات لا تطبق على الشخص المعنوي ، فالجزاءات يمكن أن تطبق عليه و لكن بما يتلاءم مع طبيعته ،كحل الشخص المعنوي و مراقبته أو إغلاقه أو تضييق نطاق عمله، بالإضافة إلى الغرامة و المصادرة، كما أن أغراض العقوبة في الردع و الإصلاح ليست مستبعدة تماما، لأن توقيعها على الشخص المعنوي يؤثر في نشاطه. مما يدفع القائمين على إدارته إلى عدم مخالفة القانون مرة أخرى.
• أما القول إن العقوبات تصيب جميع المساهمين، و في هذا خروج على مبدأ شخصية العقوبة فمع انه قول صحيح نوعا ما إلا أن ذلك له ما يماثله في نطاق الأشخاص الطبيعيين، أليس في تطبيق العقوبة على الأب ما يجعلها تأتي بآثار سيئة على جميع أفراد العائلة ؟ ثم إن تطبيق الجزاء على الشخص المعنوي هو من الأمور الضرورية لحمله على الحيطة و الحذر في تصرفاته .
لكل هذه الأسباب و غيرها ذهب جانب كبير من التشريعات الحديثة إلى الإعتراف بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي هذا إلى جانب مسؤولية الشخص الطبيعي ممثل الشخص المعنوي أو أحد العاملين فيه إذا توافرت أركان الجريمة بالنسبة له شخصيا.
المطلب الثاني : موقف التشريعات المقارنة من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
سوف نتعرض أولا إلى موقف بعض التشريعات الغربية في ( الفرع الأول ) ثم إلى موقف التشريعات العربية في ( الفرع الثاني ).
الفرع الأول : موقف التشريعات الغربية
عرفت الحقوق الجنائية الفرنسية القديمة في العهود السابقة على الثورة الفرنسية عددا من العقوبات الجماعية التي كان يوقعها برلمان باريس بوصفه هيئة قضائية على بعض المدن الفرنسية بسبب ما كان ينسب لهامن تمرد أو عصيان.
و بصدور الأمر الجنائي الفرنسي الصادر في 1670 أقر المشرع الفرنسي بالمسؤولية الجنائية الجماعية التي تفرض على الهيئات، و حدد لها من العقوبات ما يتلاءم مع طبيعتها مثل الغرامة و المصادرة. و لم تتوقف المسؤولية الجنائية إلا بحلول الثورة الفرنسية و إعلان مبادئ حقوق الإنسان لسنة 1789. إلا أن هذا لم يمنع من وجود بعض النصوص التي تقر هذه المسؤولية على سبيل الاستثناء، و ذلك في مجالات عديدة منها القانون الخاص بالمناجم لسنة 1810 و القانون الخاص بشركات السكك الحديدية لسنة 1845 و القانون الخاص بتنظيم العمل النقابي لسنة 1884 .
و بعد الحرب العالمية الثانية و ازدياد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية و تنظيم قطاعات كبيرة من الحياة الاجتماعية و السياسية، كثرت النصوص الزجرية المقررة لقمع بعض التصرفات التي تقوم بها الهيئات المعنوية مثل أمر05 ماي 1945 المتعلق بمؤسسات الصحافة و النشر، و أمر 30 ماي 1945 المتعلق بالرقابة على الصرف ،و أمر 30 جوان 1945 المتعلق بقمع بعض الجرائم الإقتصادية .
و أمام الإرتفاع الهائل لعدد الجرائم في المجالات الإقتصادية و التجارية و المالية من طرف الشركات أو الجمعيات أو من أشخاص طبيعية تحت غطاء الاشخاص المعنوية، ظهرت عدة محاولات بغرض تقرير هذه المسؤولية في قانون العقوبات آخرها كان مشروع قانون العقوبات لسنة 1986 و الذي انتهى في الأخير إلى تكريس هذه المسؤولية بنص صريح من خلال المادة 121-02 من القانون الصادر سنة 1992 و المعمول به منذ أول مارس 1994 .
تأثر الفقهاء البلجيكيون بالتشريع الفرنسي بحكم اتصالهم المباشر به، و الذي طبق في بعض المقاطعات البلجيكية قبل الإستقلال، و بالرغم من الغموض الذي اعتمده المشرع البلجيكي فيما يخص البيانات الإبتدائية في النظرية القانونية للإثم قد نص مع ذلك على حكم في المادة 39 من قانون العقوبات لسنة 1867 استفاد منه الفقهاء للتمسك بمبدأ شخصية العقوبة و قصر المسؤولية الجنائية على الأشخاص الطبيعية إذ قرر المشرع : " ينطق بعقوبة الغرامة بصورة فردية على كل واحد من المحكوم عليهم بذات الجريمة " .
و إذا كانت القاعدة في القانون البلجيكي هي عدم مساءلة الشخص المعنوي جزائيا ،فقد ثار التساؤل في الفقه حول مدى خروج المشرع البلجيكي على هذه القاعدة، و لقد انقسم الفقه بشأن ذلك إلى مؤيد و معارض لكل منه حججه و دلائله لينتهي في الأخير المشرع البلجيكي إلى الإقرار بمبدأ المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية و هذا بموجب قانون 5 ماي 1999.
أما القانون الانجليزي فقد عرف المسؤولية الجزائية للهيئات المعنوية في وقت مبكر، و لعل أول التطبيقات القضائية للمبدأ ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر في مادة المخالفات الخاصة بإزعاج الراحة العمومية، و أقر القانون الانجليزي بالمسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية كمبدأ عام في قانون التفسير الصادر في سنة 1889 الذي سمح بإسناد الوقائع الإجرامية إلى الهيئات المعنوية .
الفرع الثاني: موقف التشريعات العربية
يمكن القول بأن معظم قوانين العقوبات العربية لا تقربالمسؤولية الجزائية للهيئات المعنوية كقاعدة عامة، و إن سمحت بعض النصوص الخاصة على مجابهة بعض الحالات الاستثنائية في الجرائم الخاصة بضبط الأسعار و مخالفة الأنظمة السارية على محلات بيع المشروبات الكحولية و غيرها.
• و شد عن هذا المنهج قانون العقوبات اللبناني لسنة 1943 في المادة 210 الفقرة الثانية التي نصت على ما يلي : " إن الهيئات المعنوية مسؤولة جزائيا عن أعمال مديريها و أعضاء إدارتها و ممثليها و عمالها عندما يأتون هذه الأعمال باسم الهيئات المذكورة أو بإحدى وسائلها...."
• و قد أخذ قانون العقوبات السوري بهذه المسؤولية في صلب الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة 209 التي جاءت بنفس الحكم الذي جاءت به المادة 210 من القانون اللبناني.
• و قد نص المشرع العراقي على هذه المسؤولية كذلك في المادة 80 من قانون العقوبات لسنة 1969، و احتاط في صلب هذه المادة بالذات لاستثناء الهيئات الاعتبارية التي تمثل مصالح الحكومة من الخضوع لهذه المسؤولية .
و قد عرف المشرع الأردني المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي متأثرا بالنظام الأنجلوساكسوني، حيث نص على هذه المسؤولية في المادة74/2 من قانون العقوبات، و التي تقابل كلا من المادة 209 من قانون العقوبات السوري، و المادة 210 من قانون العقوبات اللبناني، و تطبيقا لذلك فقد قضت محكمة التمييز الأردنية في أحد أحكامها : " بأن المادة 74/01 من قانون العقوبات قد أرست قاعدة بينت فيها أساس المسؤولية و هو أن من يقدم على الفعل عن وعي و إرادة يعاقب على فعله بالعقوبة المقررة في القانون، و فى البند الثاني منها عدت الهيئات المعنوية مسؤولة جزائيا عن أعمال مديريها و أعضاء إدارتها و ممثليها عندما يأتون هذه الأعمال المعاقبة جزائيا باسمها أو بإحدى وسائلها بصفتها شخصا معنويا. و قد قصد المشرع من ذلك وضع حد للجدل الفقهي الذي كان يدور حول ما اذا كانت للاشخاص المعنوية إرادة كالإنسان أم لا ؟ و هل يسأل جزائيا غير الإنسان ؟ فأورد نصا خاصا على معاقبتها عند توافر عنصر المسؤولية على أساس أنها تتمتع بوجود قانوني و تمارس نشاطها بهذه الصفة، و عليها أن تتحمل جميع الآثار القانونية التي تترتب على فعلها بما في ذلك إنزال العقوبة عليها وفق القواعد المقررة بالقانون، فضلا عن مسؤولية الشخص الذي اقترف الجرم......." .
المطلب الثالث : موقف المشرع الجزائري من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
رأينا في المطلب الأول أن هناك اتجاهين في الفقه حول مبدأ المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية ، أولهما الاتجاه الذي يرفض الاعتراف بهذه المسؤولية، و ثانيهما يدعو الى تقريرها و بين هذا و ذاك اختلفت المواقف التشريعية المقارنة على النحو الذي رأيناه في المطلب الثاني.
و السؤال المطروح هو : ما موقف القانون الجزائري بصدد مسؤولية الأشخاص المعنوية جزائيا؟
مر التشريع الجزائري و قبل تبنيه لهذه المسؤولية كمبدأ عام في قانون العقوبات بعدة مراحل نوجزها على النحو الآتي :
الفرع الأول : مرحلة عدم الإقرار بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
إلى غاية تعديله بموجب القانون رقم 04/15 لم يكن قانون العقوبات الجزائري يأخذ بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إلا أنه لم يستبعدها صراحة.
فقد نص المشرع الجزائري على بعض الأحكام التي لا يمكن فهمها إلا في إطار قبول ضمني لهذه المسؤولية، فقد نص على عقوبة حل الشخص المعنوي ضمن العقوبات التكميلية المنصوص عليها في الفقرة 05 من المادة 09 من ق.ع ، كما نص على عقوبة منع الشخص المعنوي من الإستمرار في ممارسة النشاط ضمن نفس السياق الذي حدد به العقوبات التكميلية في المادة 17من ق.ع و أضاف في المادة 26 منه النص على عقوبة غلق المؤسسة بصفة مؤقتة أو نهائية. و لعل النص الذي يجزم بأن المشرع قد مهد للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي هو نص المادة 647 من ق.إ.ج الذي فرض إنشاء صحيفة السوابق القضائية لقيد العقوبات التي تصدر على الشركات في الأحوال الإستثنائية .
أما القضاء الجزائري فقد استبعد صراحة و في عدة مناسبات المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية، حيث رفض بناء على مبدأ شخصية العقوبة و تفرديها الحكم على الشخص المعنوي بالجزاءات الجنائية المقررة في قانون الجمارك .
الفرع الثاني : مرحلة الإقرار الجزئي بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
على الرغم من عدم إقرار المشرع الجزائري صراحة بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في قانون العقوبات قبل تعديله في 2004 كانت هناك قوانين خاصة كرست هذه المسؤولية ( أولا ) في حين لم تستبعدها نصوص أخرى( ثانيا ).
أولا : النصوص التي أقرت صراحة بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي و هي :
• الأمر رقم 75 – 37 المؤرخ في 29 أفريل 1975 المتعلق بالأسعار و قمع المخالفات الخاصة بتنظيم الأسعار حيث أقرت المادة 61 منه صراحة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بنصها : " عندما تكون المخالفات المتعلقة بأحكام هذا الأمر مرتكبة من القائمين بإدارة الشخص المعنوي أو مسيريه ..... باسم و لحساب الشخص المعنوي، يلاحق هذا الأخير بذاته ......."
• قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة ( المواد من 04 إلى 57 ) :
أقر هذا القانون بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي حيث نصت المادة 303 منه في البند 09 على ما يلي : " عندما ترتكب المخالفة من قبل شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص، يصدر الحكم بعقوبات الحبس و بالعقوبات التكميلية ضد المتصرفين و الممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة ".
و تضيف في الفقرة الثانية : " و يصدر الحكم بالغرامات ........ و ضد الشخص المعنوي دون الإخلال فيما يخص هذا الأخير بالغرامات الجبائية ......"
• الأمر رقم 96-22 المؤرخ في 09/07/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج ، حيث نصت المادة 05 منه على معاقبة الشخص المعنوي في حالة ارتكابه المخالفات المنصوص عليها في هذا الأمر.
و ما يلاحظ على هذا النص أنه فضلا عن كونه سابقا لأوانه فقد ذهب إلى أبعد ما ذهب إليه التشريع المقارن خاصة التشريع الفرنسي من حيث نطاق المسؤولية الجزائية، فقد وسعت المادة 05 منها و لم تستبعد حتى الدولة و الجماعات المحلية. و قد تدارك المشرع ذلك أثر تعديل الأمر96-22 بموجب الأمر 03-01 المؤرخ في 19-02-2003 حيث حصرت المادة 05 نطاق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص .
ثانيا : النصوص التي أخذت ضمنيا بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
تنحصر هذه النصوص فى الأمر رقم 95-06 المؤرخ في 25-01-1995 المتضمن قانون المنافسة، حيث حددت المادتان 02 و 03 منه نطاق تطبيقه الذي يشمل نشاطات الإنتاج و التوزيع و الخدمات التي يقوم بها كل شخص طبيعي أو معنوي، و قد ألغي هذا الأمر بموجب الأمر رقم 03-03 المؤرخ في 19-07-2003 المتعلق بالمنافسة .
الفرع الثالث: مرحلة تكريس المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
أقر القانون رقم 04/15 بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي و كرسها في المادة 51 منه.
و لقد جاء هذا التكريس نتيجة لما وصلت إليه مختلف اللجان التي سبق أن عهد إليها بإعداد مشروع تعديل قانون العقوبات منذ سنة 1997 و لما أوصت، به لجنة إصلاح العدالة في تقريرها سنة 2000 .


المبحث الثاني : شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
لقد أصبح الشخص المعنوي اليوم يمثل حقيقة قانونية، و له إرادة مستقلة و يمكن أن يرتكب جريمة، و من ثم أصبح يشكل حقيقة إجرامية كذلك. و كما ذكرنا سابقا فإن الإتجاهات الحديثة في التشريعات المقارنة تعترف بمبدأ المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية، حيث أقرها المشرع صراحة في كثير من الدول إلا أن شروط قيام هذه المسؤولية تختلف من تشريع لآخر و يمكن رد هذه الشروط بصفة عامة إلى تلك المتعلقة بالشخص المعنوي المسؤول جزائيا (المطلب الأول ) و السلوك محل المساءلة الجزائية ) المطلب الثانى ) بالإضافة إلى المراحل التي تقوم فيها مسؤولية الشخص المعنوي ) المطلب الثالث(.
المطلب الأول : الأشخاص المعنوية المسؤولة جزائيا
إن تحديد الطبيعة القانونية للشخص المعنوي و بيان خصائصه الذاتية يمثل الركيزة الأساسية في نظرية المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي.
و يثور التساؤل حول ما إذا كان الإختلاف بين الأشخاص الإعتبارية و تنوعها يشكل عائقا أمام مسؤوليتها الجزائية ؟
من المقرر قانونا أن الأشخاص الإعتبارية تنقسم إلى نوعين : الأشخاص الإعتبارية العامة و الأشخاص الإعتبارية الخاصة، و إذا كانت التشريعات المقارنة التي أقرت بمبدأ المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية قد نصت على تطبيقها أصلا على الأشخاص الإعتبارية الخاصة، إلا أنها اختلفت فيما يتعلق بإخضاع الأشخاص الإعتبارية العامة للمسؤولية الجزائية، و لذلك فإن تحديد الشخص المعنوي الذي يسأل جزائيا يقتضي التعرض أولا إلى الأشخاص الإعتبارية الخاصة باعتبارها المعنية أصلا بجانب الأشخاص الطبيعية بتلك المسؤولية في ( الفرع الأول ) ثم نبين ثانيا الأشخاص الإعتبارية المستبعدة من هذه المسؤولية في ( الفرع الثاني ).


الفرع الأول : الأشخاص المعنوية الخاصة
نصت المادة 51 مكرر من ق.ع على ما يلي : " باستثناء الدولة و الجماعات المحلية و الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام، يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا ......".
من خلال هذه المادة يتضح لنا أن المشرع الجزائري قرر إخضاع جميع الأشخاص المعنوية الخاصة إلى مبدأ المسؤولية الجزائية و هذا مهما كان الشكل الذي تتخذه و بغض النظر عما إذا كانت تسعى إلى تحقيق ربح مادي أو تحقيق غرض آخر غير الربح.
فبالنسبة للأشخاص المعنوية الخاصة ذات الأهداف غير الربحية نذكر على سبيل المثال الجمعيات المعترف أو غير المعترف بفائدتها العامة، المؤسسات الخيرية، الأحزاب السياسية، النقابات و الجمعيات و الهيئات الممثلة لبعض الأفراد، مع الإشارة الى أن هذه القائمة ليست على سبيل الحصر.
أما بالنسبة للأشخاص المعنوية الخاصة ذات الأهداف الربحية فالقائمة أيضا مفتوحة إذ نجد مختلف الشركات المدنية أو التجارية، التجمعات ذات المصلحة الإقتصادية، شركات الإقتصاد المختلط .
الفرع الثاني : الأشخاص المعنوية العامة
لقد استبعد المشرع الجزائري بموجب المادة 51 مكرر المذكورة سابقا صراحة الأشخاص المعنوية العامة من نطاق المساءلة الجزائية، و قد جاء هذا الإستثناء بصفة مطلقة بقوله : " الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام " و هذا خلافا. لما هو مقرر في القانون الفرنسي حيث حدد المشرع مجال تطبيق هذه المسؤولية بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة مستثنيا بذلك الدولة، ومع ذلك فإن الجماعات الإقليمية و تجمعاتها لا تسأل جزائيا إلا عن الجرائم التي ترتكب أثناء مزاولة الأنشطة التي يمكن أن تكون محلا للتفويض في إدارة مرفق عام عن طريق الإتفاق .
فأما الدولة فيقصد بها الإدارة المركزية ( رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، الوزارات) و مصالحها الخارجية ( المديريات الولائية و مصالحها )، و لقد استثناها المشرع الجزائري من المساءلة الجزائية على أساس أنها تضمن حماية المصالح العامة الجماعية منها و الفردية و تتكفل بمتابعة المجرمين و معاقبتهم.
و أما الجماعات المحلية فيقصد بها الولاية و البلدية.
و أما الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام فيقصد بها أساسا المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري كالمدرسة العليا للقضاء و الديوان الوطني للخدمات الإجتماعية و المستشفيات و كذلك المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري، و هي أشخاص عمومية تابعة للقانون الخاص يكون موضوع نشاطها تجاريا و صناعيا مماثلا للنشاط الذي تتولاه الأشخاص الخاصة، تتخذها الدولة و الجماعات المحلية كوسيلة لإدارة مرافقها ذات الطابع الصناعي و التجاري، و هي تخضع في هذا لأحكام القانون العام و القانون الخاص معا كل في نطاق معين و من هذا القبيل : دواوين الترقية و التسيير العقاري، الجزائرية للمياه، بريد الجزائر.
المطلب التاني: السلوك محل المساءلة الجزائية
في قانون العقوبات لا يسأل أي شخص إلا عن عمله الشخصي، و انطلاقا من ذلك يمكن القول أن الشخص المعنوي لا يسأل إلا عن فعله الذي يختلف حسب طبيعة الجريمة المرتكبة التي قد تكون جريمة عمديه ( الفرع الأول ) أو جريمة غير عمديه ( الفرع الثاني ).
الفرع الأول : السلوك محل المساءلة الجزائية في الجريمة العمدية
لا تقوم مسؤولية الشخص المعنوي عن الجرائم العمدية إلا إذا كان الشخص الذي تصرف لحسابه واعيا و لديه إرادة ارتكاب الجريمة ، بصرف النظر عما إذا لم يكن الشخص الطبيعي محل متابعة فلا يمكن تفسير مسؤولية الشخص المعنوي عن الجرائم العمدية إلا باستعارة جرائم الشخص الطبيعي و يشترط قانون العقوبات أمرين لتطبيق آلية الإستعارة على الشخص المعنوي حيث نص المشرع الجزائري في المادة 51 مكرر من ق.ع على أن الأشخاص المعنوية لا تكون مسؤولة جزائيا إلا عن الجرائم المرتكبة لحسابها ( أولا ) من طرف أجهزتها أو ممثليها ( ثانيا ).
أولا: ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي
يشترط لقيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي أن تكون الجريمة قد وقعت لحسابه و يقصد بعبارة " لحساب الشخص المعنوي " أن تكون الجريمة قد ارتكبت بهدف تحقيق مصلحة له كتحقيق ربح أو تجنب إلحاق ضرر به، ويستوي في هذا أن تكون هذه المصلحة مادية أو معنوية، مباشرة أو غير مباشرة، محققة أو احتمالية، إذ يكفي أن تكون الأعمال الإجرامية قد ارتكبت بهدف تحقيق أغراض الشخص المعنوي حتى و لو لم يحصل هذا الشخص في النهاية على أية فائدة .
و من الناحية التطبيقية تثور المشكلة عند الإثبات، ففي غالبية الجرائم تتشابك المصلحة الخاصة مع مصلحة الشخص المعنوي و نتيجة لذلك يمكن القول باستبعاد مسؤولية الشخص المعنوي إذا ارتكب الفاعل الجريمة لمصلحته الخاصة.
ثانيا : ارتكاب الجريمة من طرف جهاز أو ممثل الشخص المعنوي
يقصد بجهاز الشخص المعنوي الأشخاص المؤهلون قانونا للتحدث و التصرف باسمه كمجلس الإدارة، الجمعية العامة للشركاء، المسير، الرئيس،المدير العام.
أما ممثلي الشخص المعنوي فهم الأشخاص الطبيعيون الذين يتمتعون بسلطة التصرف باسمه سواء كانت هذه السلطة قانونية أو بحكم قانون المؤسسة، فقد يكون الرئيس المدير العام، المسير، المدير العام، المصفي في حالة حل الشركة . و تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه أخذا بمفهوم المخالفة لما تقدم، فإن تصرفات التابعين و الأجراء لا تؤدي إلى مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية عن أفعالهم حتى لو استفاد منها الشخص المعنوي.كما لا يعد الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجريمة التي يرتكبها أحد مسيريه إذا تصرف بمحض إرادته و لحسابه الشخصي.
و يرى جانب من الفقه أنه لا يمكن مساءلة الشخص المعنوي جزائيا عن الأفعال التي ترتكب من قبل المسير الفعلي وذلك لعدم النص عليها صراحة.
و يثور التساؤل حول ما إذا كان الأشخاص الذين يتمتعون بسلطات خاصة أو تفويض كمدير مصنع ممثلين للشخص المعنوي، و نتيجة لذلك إذا قام شخص معنوي بتفويض اختصاصه أو سلطاته إلى شخص طبيعي آخر و لكن هذا الأخير و في إطار ممارسته لهذه الإختصاصات ارتكب جريمة لحساب الشخص المعنوي فهل يمكن قيام مسؤولية الشخص المعنوي في هذه الحالة ؟
أجاب جانب من الفقه بالنفي على أساس أن مدير المصنع هو مجرد أجير أو تابع للشخص المعنوي، غير أن محكمة النقض الفرنسية ترى خلاف ذلك، حيث قضت بأن الشخص الطبيعي الذي تلقى تفويض سلطات من هيئات الشخص المعنوي يكون ممثلا له . و هو ما نؤيده برأينا المتواضع، ذلك أن التفويض متى كان صحيحا و قانونيا فليس هناك ما يمنع قيام مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا إذا ما توافرت شروط قيام هذه المسؤولية طبقا لنص المادة 51 مكرر من ق.ع.
و تجدر الإشارة إلى أنه و عندما تقوم مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية فهذا لا يعني إعفاء الأشخاص الطبيعية مرتكبي الجريمة، إذ تنص المادة 51 مكرر من ق.ع في فقرتها الثانية على أن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال.
و يعني ذلك أن المشرع لم ينشىء مسؤولية بديلة و إنما أنشأ مسؤولية مزدوجة، و إذا كانت قاعدة إمكانية مساءلة الشخص الطبيعي إلى جانب مساءلة الشخص المعنوي تحمل كل المعنى عندما تكون الجريمة المرتكبة عمدية، فإنها تفقد كثيرا من قوتها كما سنرى عندما يتعلق الأمر بجريمة غير عمدية لأن آلية نسبة الجريمة إلى الشخص المعنوي مختلفة تماما .
الفرع الثاني : السلوك محل المساءلة الجزائية في الجريمة غير العمدية
يمكن أن تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في الجرائم غير العمدية دون التوقف عند دور كل عضو من أعضائه في ارتكاب الجريمة و إسناد المسؤولية الشخصية عن الجريمة لفرد معين.
و تظهر أهمية ذلك خاصة في مجال الإثبات، فمهمة النيابة العامة تكون أسهل بكثير مما هي عليه في حالة الجرائم العمدية أين تكون ملزمة بتحديد الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة، أما في هذه الحالة يكفي لإدانة الشخص المعنوي إثبات عدم القيام بالإلتزام القانوني .
بالإضافة إلى مسؤولية الشخص المعنوي ، من الممكن بسبب خصوصية بعض الجرائم أن تقوم مسؤولية الشخص الطبيعي كذلك، و لكن مسؤولية الشخص الطبيعي هنا لا تعد شرطا ضروريا لمساءلة الشخص المعنوي لاسيما أن الأعمال التحضيرية لقانون العقوبات الفرنسي الجديد قد أظهرت بأن المطالبة بإقرار المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كانت خصيصا لإنهاء حالات افتراض مسؤولية مدير المؤسسة أو الشركة عن الجرائم التي تقع في مؤسسته، و التي قد يجهل في بعض الأحيان وجودها ، و عليه إن مسؤولية مدير المؤسسة كشخص عادي لا تقوم إلا في حالة وجود خطأ شخصي منه أمكن إثباته، لذلك فقد نصت الفقرة 04 من المادة 121-3 من ق.ع . ف المعدلة بالقانون الصادر في سنة 2000 على أنه يشترط لمساءلة الشخص الطبيعي إذا ما تسبب في إحداث الضرر على نحو غير مباشر توافر جسامة معينة من الخطأ، في حين يكفي لمساءلة الشخص المعنوي عن الجريمة توافر الخطأ العادي، لذلك لا يشترط لانعقاد مسؤولية الشخص المعنوي تحديد شخصية ممثلة أو الجهاز الذي وقعت منه الجريمة .
المطلب الثالث : مدى مسؤولية الاشخاص المعنوية في مرحلتى الانشاء والتصفية
إن تطبيق المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية يثير تساؤل حول مدى إمكانية مساءلتها في مرحلتى التأسيس و التصفية، إلا أن هذا التساؤل لا يثار بالنسبة لجميع الأشخاص المعنوية و إنما فقط بالنسبة للشركات التجارية و التجمعات ذات الأهداف الإقتصادية لخضوعها لبعض الأحكام الخاصة خلال فترتي الإنشاء و التصفية و تبعا لذلك سنبحث في مدى مسؤولية هذه الأشخاص المعنوية خلال مرحلة الإنشاء ( الفرع الأول ) و خلال مرحلة التصفية ( الفرع الثاني )
الفرع الأول : مدى مسؤولية الأشخاص المعنوية الخاصة في مرحلة الإنشاء
تكتسب الشركة الشخصية القانونية ( الإعتبارية ) من تاريخ قيدها في السجل التجاري ، و الأصل أن يبدأ خضوعها لأحكام المسؤولية الجزائية من هذا التاريخ، فإذا ارتكبت الشركة جريمة يعاقب عليها القانون خلال فترة تأسيسها فهل يمكن مساءلتها جزائيا ؟ سبق أن أوضحنا أن المشرع الجزائري قد نص على المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية و الإستناد إلى عبارات النص يقود إلى نفي المسؤولية الجزائية عن الشركة في مرحلة تأسيسها، ما دامت لم تكتسب الشخصية المعنوية بعد، و ما يؤيد هذا الرأي أن المسؤولية الجزائية تستلزم ارتكاب واقعة تنسب إلى الشخص المعنوي، فكيف يمكن القول بنسبة هذه الواقعة إلى شخص لم يوجد بعد.
الفرع الثاني : مدى مسؤولية الأشخاص المعنوية الخاصة في مرحلة التصفية
إذا اكتسبت الشركة الشخصية المعنوية فإنها تظل محتفظة بها، و الأصل أن هذه الشخصية المعنوية تنقضي بانقضاء الشركة ذاتها و ذلك بتحقق أحد أسباب انقضاءها، غير أن المشرع الجزائري يبقي على شخصيتها المعنوية بالقدر اللازم لتصفيتها و ذلك محافظة على حقوق دائني الشركة من الضياع أو استيلاء الشركاء عليها.
و لقد تساءل البعض حول حكم الجرائم التي ترتكب باسم الشخص المعنوي و لحسابه في هذه المرحلة، فهل يجوز مساءلته جزائيا عنها ؟
ذهبت بعض الاتجاهات الفقهية إلى القول بإمكانية تطبيق هذه المسؤولية عن الجرائم التي ترتكب خلال مرحلة التصفية، ذلك أن الهدف الذي من أجله تم الإبقاء على الشخصية المعنوية للشركة هو التصفية، فلماذا القول بعدم مسؤوليتها طالما أن هذه الشخصية لا تزال قائمة . لكن هذا الرأي يصطدم بالتزام القاضي بتفسير نصوص القانون الجزائي تفسيرا ضيقا هذا من جهة،و من جهة ثانية فإن الاعتبارات التي تستوجب امتداد الشخصية المعنوية في نطاق القانون التجارى قد يصعب الاخذ بها فى نطاق القانون الجزائى .
و حسب اعتقادنا أن الرأي الأول هو الراجح، فما دام الشخص المعنوي الخاص يحتفظ بشخصيته المعنوية خلال مرحلة التصفية، فلا نرى مانعا من مساءلته جزائيا عن الجرائم المرتكبة خلال هذه المرحلة.
الفصل الأول : مجال تكريس المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
خلافا للشخص الطبيعي الذي يمكن متابعته جزائيا من أجل أية جريمة منصوص و معاقب عليها في قانون العقوبات و باقي القوانين الخاصة متى توافرت أركان الجريمة و شروط المتابعة، فإنه لا يجوز متابعة الشخص المعنوي و مساءلته جزائيا إلا إذا وجد نص يفيد بذلك صراحة، ذلك أن مسؤولية الشخص المعنوي خاصة و متميزة.
غير أن المطلع على التشريعات التي أقرت بهذا النوع من المسؤولية يكتشف أنها لم تحصرها في جرائم معينة بل عملت على توسيع نطاقها و الحفاظ على خصوصيتها، فالمشرع الفرنسي و بعد ما كان يعمد إلى تقييد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بمبدأ التخصيص أو ما يعرف بالمسؤولية المحددة و الخاصة و التي تقتضي الرجوع أولا إلى نصوص قانون العقوبات و اللوائح ذات الصلة للوقوف على الجرائم التي يمكن أن يسأل عنها الشخص المعنوي تخلى عنه بموجب القانون رقم 204/2004 حيث أصبح الشخص المعنوي يسأل عن جميع الجرائم، و هذا بعدما تم حذف عبارة: " في الحالات التي ينص عليها القانون أو التنظيم "من المادة 121-02 من ق.ع.ف. أما المشرع الجزائري و منذ تبنيه لفكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب قانون 04-15 حصر نطاق تطبيقها في الجرائم التي ينص عليها القانون، إذ تنص المادة 51 مكرر من ق.ع على ما يلي : " يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك ".
و بذلك أخذ المشرع الجزائري بمبدأ التخصيص، و إن كان بعد تعديل قانون العقوبات في 2006 قد وسع من نطاق هذه المسؤولية إلا أنه لم يقربها كمبدأ عام في جميع الجرائم، وانطلاقا من ذلك سنتناول الجرائم التي يرتكبها الشخص المعنوي في التشريع الجزائري و ذلك ببيان الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات في ( المبحث الأول ) و الجرائم المنصوص عليها في القوانين الخاصة في (المبحث الثاني ).
المبحث الأول : الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات
على خلاف المشرع الفرنسي الذي وسع من مجال المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لتشمل كل الجرائم دون استثناء، فإن المشرع الجزائري و عند إقراره بهذه المسؤولية بموجب قانون 04-15 حصر نطاق تطبيقها في ثلاثة جرائم هي : جريمة تكوين جمعية أشرار (المادة177 مكرر1 ق.ع),جريمة تبييض الأموال ( المادة389 مكرر7 ق.ع ) جريمة المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ( المادة 394 مكرر 04 ق.ع ).
إلا أنه بعد تعديل قانون العقوبات في 2006 وسع المشرع كما ذكرنا سابقا من مجال المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي حيث أصبح يسأل عن عدد مهم من الجنايات و الجنح المنصوص عليها في قانون العقوبات .
و عليه سنتناول الجرائم التي يسأل عنها الشخص المعنوي في ظل قانون 04-15 في ( المطلب الأول) ثم الجرائم التي أصبح يسأل عنها الشخص المعنوي بموجب قانون 06/23 في ( المطلب الثاني).
المطلب الأول : تضييق نطاق التجريم في ظل قانون 04/15
نص قانون 04/15 المعدل و المتمم لقانون العقوبات على مسؤولية الشخص المعنوي في ثلاث جرائم ذكرت على سبيل الحصر و هي :
• جريمة تكوين جمعية أشرار ( الفرع الأول )
• جريمة تبييض الأموال ( الفرع الثاني )
• جريمة المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ( الفرع الثالث ).
الفرع الأول : جريمة تكوين جمعية أشرار
نصت المادة 177مكرر 01 ق.ع على مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا عن جريمة تكوين جمعية أشرار بقولها : " يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر من ق.ع عن الجرائم المنصوص عليها في المادة 176 من هذا القانون " و بالرجوع إلى المادة176 من ق.ع نجد أنها حددت عناصر هذه الجريمة و المتمثلة في القيام بأفعال تحضيرية لارتكاب جناية أو جنحة ضد الأشخاص أو الأملاك.
و الأصل أن مثل هذه الأفعال غير معاقب عليها لانتفاء البدء في التنفيذ، غير أن الخطورة الإجرامية التي يشكلها الأشرار عند تجمعهم أدت بالمشرع إلى استحداث هذه الجريمة المستقلة و تضمين الشخص المعنوي كمحل للمساءلة بجانب الشخص الطبيعي و حسب مركزه في الجريمة كفاعل أصلي أو شريك. تقوم جريمة تكوين جمعية أشرار على ثلاثة أركان أساسية هي : الجمعية أو الإتفاق ( أولا)، غرض الجمعية أو الإتفاق ( ثانيا )، القصد الجنائي ( ثالثا )
أولا : الجمعية أو الإتفاق
لم يعرف قانون العقوبات المقصود بالجمعية و لا بالإتفاق، غير أن المسلم به أن الجمعية أو الإتفاق يقتضي شخصين أو أكثر، و لا يهم بعد ذلك مدة تشكيل الجمعية أو الإتفاق، و إضافة إلى ذلك يجب توافر الشرطين المنصوص عليهما في المادة 51 مكرر من ق ع أي أن تتكون هذه الجمعية أو الإتفاق تحت شكل أحد الأشخاص المعنوية محل المساءلة الجزائية للإعداد لجناية أو جنحة باسمها و لحسابها بواسطة أحد أعضاءها أو ممثليها.
ثانيا: غرض الجمعية أو الإتفاق
يتمثل في الإعداد لجناية أو جنحة معاقب عليها بخمس سنوات حبس على الأقل ضد الأشخاص أو الأملاك .
و نتساءل هنا عن أسباب عدم مساءلة المشرع للشخص المعنوي جزائيا عن الجنايات و الجنح التي تمس بأمن الدولة و النظام العمومي و المرتكبة في شكل جمعية أشرار.
و يطرح نفس التساؤل بالنسبة للمخالفات و الجنح التي تقل عقوبتها عن 5 سنوات ؟
أمام محاولتنا للإجابة عن ذلك نقف دون مبرر لمعرفة الدوافع الحقيقية التي أدت بالمشرع إلى استبعاد مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا عن الجنايات و الجنح التي تمس بأمن الدولة و النظام العمومي و المرتكبة في إطار جمعية أشرار خاصة أن المشرع و بعد تعديل قانون العقوبات في 2006 أقر صراحة بمسؤولية الشخص المعنوي عن هذه الجرائم و هذا ما سنراه في المطلب الموالي.
ثالثا : القصد الجنائي
جريمة تكوين جمعية أشرار جريمة عمدية تقتضي توافر قصد جنائي عام و قصد خاص يتمثل في الإعداد لارتكاب جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة 05 سنوات على الأقل ضد الأشخاص أو الأملاك.
الفرع الثاني : جريمة تبييض الأموال
نص المشرع الجزائري على جريمة تبييض الأموال في المادة 389 مكرر من ق.ع كما جاء القانون رقم 05-01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال و تمويل الإرهاب و مكافحتهما والقانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته بأحكام مميزة بشأن تبييض الأموال.
و يقصد بتبييض الأموال إخفاء المصدر الإجرامي للممتلكات و الأموال، لاسيما المال القذر، لذا تمر عملية التبييض من الناحية التقنية بثلاث مراحل بداية بالتوظيف فالتمويه ثم الإدماج، فأما التوظيف فيقصد به تحويل النقود من ورق مصدرها جريمة إلى أدوات نقدية أخرى كالودائع المصرفية، و أما التمويه فيهدف إلى قطع الصلة بين الأموال غير المشروعة و مصدرها، و هذا عن طريق إنشاء صفقات أو فتح حسابات مصرفية باسم أشخاص بعيدين عن أية شبهة أو باسم شركات وهمية، و أما الإدماج يتم من خلاله استعمال المنتجات المبيضة التي كسبت مظهر المشروعية في شكل استثمارات في النشاط الإقتصادي أو في شكل نفقات .
تقوم جريمة تبييض الأموال على ثلاثة أركان و هي : وجود جريمة سابقة ( أولا ) و الركن المادي (ثانيا ) بالإضافة إلى القصد الجنائي ( ثالثا ).
أولا : الركن المفترض: ضرورة وجود جريمة أولية
تشترط المادة 389 مكرر أن تكون الأموال محل التبييض عائدات إجرامية أي أن يكون مصدرها جريمة ما أيا كان وصفها، في حين حصرت المادة 389 مكرر في نسختها الفرنسية الجريمة الأصلية في الجناية بنصها على : « produit d’un crime » .
أما المشرع الفرنسي فقد نص صراحة في المادة 324-01 ق. ع.ف و ما يليها على عائدات الجناية أو الجنحة، و يبدو أنه نفس ما قصده المشرع الجزائري على اعتبار أن المادة 389 مكرر 04 نصت على مصادرة عائدات الجناية أو الجنحة مستبعدة بذلك عائدات المخالفة كما أكدت ذلك كل من المادتين20 ،21 من القانون رقم01.05المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال و تمويل الإرهاب ومكافحتهما .
ثانيا : الركن المادي
تأخذ جريمة تبييض الأموال في القانون الجزائري أربعة صور سنتناولها قبل التطرق إلى محل الجريمة.
- السلوك المجرم نصت المادة 389 مكرر على أربعة صور و هي :
• تحويل الممتلكات أو نقلها ( الصورة الأولى )
• إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها ( الصورة الثانية )
• اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها ( الصورة الثالثة )
• المساهمة في ارتكاب الأفعال السالفة الذكر( الصورة الرابعة )
الصورة الأولى
تحويل الممتلكات أو نقلها : يتحقق الركن المادي للجريمة في هذه الحالة بمجرد إتيان أي سلوك أو نشاط يتعلق بتحويل أو نقل الأموال المتحصلة من الجريمة الأصلية دون اشتراط استخدام الأموال المحولة أو المنقولة كلها أو بعضها في تمويل هذه الجرائم أو تسهيل ارتكابها.
تحويل الأموال يأخذ صورتين : التحويلات المصرفية و التحويلات غير المصرفية.
فأما التحويلات المصرفية تتمثل في قيام البنك أو المؤسسة المالية بنقل مبلغ نقدي معين من حساب أحد العملاء ( الآمر) و قيده في حساب أخر للعميل نفسه أو لعميل أخر( المستفيد)، و يكون ذلك التحويل بناء على أمر العميل ( الآمر) في شكل خطاب أو نموذج تحويل مصرفي يوقعه العميل، أو في شكل تلكس أو فاكس إلى جانب التحويلات الإلكترونية للأموال التي تتم داخل البلدان و غيرها.
و أما التحويلات الغير مصرفية فتتمثل في شراء أشياء و أصول ملموسة كالذهب و الأحجار الكريمة و اللوحات الفنية ثم القيام ببيع هذه الأشياء مقابل الحصول على شيكات مصرفية بالقيمة و بعدها يقوم المتهم بفتح حسابات له بقيمة هذه الشيكات لدى البنوك المسحوب عليها الشيكات، و أخيرا يقوم بإجراء العديد من التحويلات المصرفية بواسطة هذه البنوك و فروعها ، بحيث يصعب بعد ذلك التعرف على المصدر الحقيقي للأموال .
النقل المادي للأموال: يقصد به نقل الممتلكات من مكان إلى آخر كما يحمل معنى تهريب الممتلكات من بلد إلى أخر و قد إشترط المشرع الجزائري في هذه الصورة أن يكون الغرض من تحويل أو نقل الممتلكات العائدة من جريمة ، إما إخفاء المصدر غير المشروع لتلك الممتلكات، أو تمويه مصدرها غير المشروع أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة الأصلية على الإفلات.


الصورة الثانية : إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها
يقصد بالإخفاء كل ما من شأنه منع كشف الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو حركتها أو ملكيتها، و قد يتم الإخفاء بطرق مشروعة كاكتساب الأموال المتحصلة من جريمة عن طريق الهبة. كما يعني الإخفاء حيازة ممتلكات و التستر على مصدرها أو مكانها أو حركتها.
و يقصد بالتمويه : اصطناع مظهر المشروعية لممتلكات غير مشروعة كإدخال أموال متأتية من جريمة في نتائج شركة قانونية ضمن أرباحها فتظهر و كأنها أرباح مشروعة و تستهدف هذه الصورة خاصة الموثقين و المصرفيين و وكلاء الأعمال .
الصورة الثالثة : اكتساب أموال متحصلة من جريمة أو حيازتها أو استخدامها
يقصد بالإكتساب تلقي أو الحصول على ممتلكات من المتهم سواء عن طريق الشراء أو الهبة أو مقابل عمل أو أداء خدمة، و سواء كانت نقود سائلة أم تحويلات مصرفية أم مقابلا عينيا. و يقصد بالحيازة السيطرة الفعلية على الممتلكات سواء كانت مملوكة للحائز أم مملوكة للغير على سبيل الأمانة أو مودعة في حساب وديعة أو حساب جاري.
و أما الاستخدام فيقصد به استعمال المال في أي غرض من الأغراض سواء كان غرض مشروع أو غير مشروع .
الصورة الرابعة : المساهمة في ارتكاب الأفعال السابقة الذكر
يأخذ هذا السلوك الأشكال التالية :
• المساهمة في ارتكاب أحد السلوكات الواردة في الفقرات أ.ب.ج و هي الصور الثلاثة المذكورة سابقا،و عبارة المساهمة تشمل الاشتراك و التحريض.
• المساهمة في جمعية أو اتفاق لارتكاب أحد السلوكات الواردة في الفقرات أ.ب.ج ( في الصور الثلاثة السابقة ) و يتعلق الأمر هنا بالمساهمة في صورة من صور جمعية الأشرار المنصوص عليها في المادتين 176، 177 مكرر ق. ع.
• المساهمة في أية محاولة لارتكاب أحد السلوكات الواردة في الفقرات أ.ب.ج و يتعلق الأمر بالشروع في ارتكاب السلوكات المذكورة و هو الفعل المعاقب عليه في المادة 389 مكرر 3 ق.ع.
• المساهمة في الإشتراك في ارتكاب السلوكات المذكورة في الفقرات أ.ب.ج بالمساعدة أو المعاونة أو بإسداء المشورة و هي صورة من صور الاشتراك كما هو معروف في المادة 42 ق ع، و على خلاف المشرع الجزائري فإن المشرع الفرنسي حصر جريمة تبييض الأموال في صورتين .
2- محل الجريمة : تنصب جريمة تبييض الأموال على الممتلكات العائدة من جريمة، و لم يعرف المشرع الجزائري المقصود بالممتلكات و لا عائدات الجريمة لا في قانون العقوبات و لا في قانون 05/06 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال، و قد اكتفى هذا النص الأخير بتعريف الأموال على أنها أي نوع من الأموال مادية، غير مادية، منقولة، غير منقولة و الوثائق أو الصكوك الإلكترونية أيا كان شكلها،في حين تضمن القانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته تعريفا للمصطلحين، و هكذا عرفت المادة 2 ز العائدات الإجرامية على أنها كل الممتلكات المتأتية أو المتحصل عليها بشكل مباشر أو غير مباشر من ارتكاب جريمة.
و عرفت الفقرة و من نفس المادة الممتلكات كالآتي: « الموجودات بكل أنواعها سواء كانت مادية أو غير مادية ، منقولة أو غير منقولة، ملموسة أو غير ملموسة و المستندات أو السندات القانونية التي تثبت ملكية تلك الموجودات أو وجود حق فيها ».
و في غياب أي تعريف للمصطلحين في قانون العقوبات و قانون 05\06 يمكن اعتماد التعريفين الذين جاء بهما قانون الفساد نظرا للروابط العديدة الموجودة بين جريمة تبييض الأموال و جرائم الفساد .



ثالثا : الركن المعنوي
جريمة تبييض الأموال هي جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام و المتمثل في العلم و الإرادة، فيجب أن يعلم الشخص المعنوي بأن الممتلكات محل الجريمة هي عائدات إجرامية مع اتجاه إرادته إلى إضفاء الشرعية على هذه العائدات.
و إضافة إلى القصد العام تتطلب الجريمة في صورتها الأولى أي تحويل الممتلكات أو نقلها قصدا خاصا يتمثل في الغاية من التحويل أو النقل و هي إما إخفاء المصدر غير المشروع لتلك الممتلكات أو تمويه المصدر غير المشروع لها أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة الأصلية على الإفلات، وتجدر الإشارة إلى أنه لا يكفي لقيام مسؤولية الشخص المعنوي من أجل جريمة تبييض الأموال توافر الأركان السابقة ، وإنما لا بد أن ترتكب هذه الجريمة من قبل هيئاته و لمصلحته و حسابه طبقا للمادة 51 مكرر ق.ع، و بالتالي فهو لا يسأل سوى على الأفعال التي تتم تحقيقا لمصلحته سواء كان صاحب الأموال المبيضة أو أنه يتحصل على ربح أو فائدة مقابل اشتراكه في عملية تبييض الأموال أو مساعدته على ذلك.
و لعل أحسن صورة على ذلك ما تقوم به البنوك و المؤسسات المالية من عمليات التحويل و الإيداع للأموال غير المشروعة مقابل ما تحصل عليه كعمولة أو ما تقوم به الشركات ذات رؤوس الاموال غير المشروعة من عمليات وهمية لتطهير و تبييض رأس مالها تسهيلا لاستغلاله و استثماره.
الفرع الثالث : جريمة المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات
نص المشرع الجزائري على جريمة المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات في المواد من 394 مكرر إلى 394 مكرر 7 من ق.ع ، و قبل تطرقنا إلى أركان هذه الجريمة تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد مصطلح موحد للدلالة عليها و ذلك خشية حصرها في مجال ضيق يمكن أن يضر بها، و هناك من يطلق عليها جرائم الحاسبات أو إساءة استخدام الحاسبات أو الجرائم المرتبطة أو المتعلقة بالحاسبات، و هناك من يطلق عليها جرائم المعالجة الآلية للبيانات أو جرائم التكنولوجيا الحديثة أو الجرائم المعلوماتية .
و بالرغم من إمكانية ارتكاب الجرائم المعلوماتية أثناء أي مرحلة من المراحل الأساسية لتشغيل نظام المعالجة الآلية للبيانات ( الإدخال، المعالجة، الإخراج ) فإن لكل مرحلة منها نوعية خاصة من البرامج لا يمكن بالنظر لطبيعتها ارتكاب الجريمة المعلوماتية إلا في وقت محدد يعتبر هو الأمثل بالنسبة لمراحل التشغيل .
تأخذ الجرائم المعلوماتية في التشريع الجزائري صورتين و هما :
• الدخول في منظومة معلوماتية ( أولا )
• المساس بمنظومة معلوماتية ( ثانيا )
أولا : الدخول في منظومة معلوماتية : و يشمل كذلك فعلين :
1- الدخول : يشمل كل فنيات الدخول الاحتيالي في منظومة محمية كانت أو غير محمية، كما يشمل استعمال من لاحق له في ذلك مفتاح الدخول في منظومة.
2- البقاء : يتسع ليشمل بعد الدخول الشرعي البقاء أكثر من الوقت المحدد و ذلك بغية عدم أداء إتاوة، و تقوم الجريمة سواء حصل الدخول مباشرة على حاسوب أو حصل عن بعد، كما يجرم البقاء حتى لو حصل الدخول بصفة عرضية.
ثانيا : المساس بمنظومة معلوماتية : و يأخذ هذا الفعل كذلك صورتين :
1. إدخال معطيات في نظام المعالجة الآلية غريبة عنه.
2. تخريب المعطيات التي يتضمنها نظام المعالجة الآلية.
و يهدف المشرع الجزائري من وراء هذه الجريمة في الصورتين إلى حماية المعطيات أو المعلومات ذاتها.
أما الركن المعنوي فيتمثل في القصد الجنائي العام بالإضافة إلى القصد الخاص و هو نية الغش.
و يلزم لتوافر الركن المعنوي في صورة الدخول أو البقاء في منظومة معلوماتية أن يعلم الجاني بأنه ليس له الحق في الدخول إلى النظام و البقاء فيه مع اتجاه إرادته إلى فعل الدخول أو إلى فعل البقاء.
و عليه لا يتوافر هذا الركن المعنوي إذا كان دخول الجاني أو بقاءه داخل النظام مسموح به أي مشروع، كما لا يتوافر هذا الركن إذا وقع الجاني في خطأ سواء كان يتعلق بمبدأ الحق في الدخول أو في البقاء كأن يجهل بوجود خطر للدخول أو البقاء. و إذا توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم و الإرادة فانه لا يتأثر بالباعث، فيظل قائما حتى لو كان الباعث على الدخول او البقاء هو الفضول أو إثبات القدرة على المهارة .
و بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، يشترط في صورة الدخول و البقاء في منظومة معلوماتية توافر قصد خاص و المتمثل في نية الغش و التي تظهر بالنسبة لفعل الدخول من خلال الدخول دون وجه حق إلى النظام و بالنسبة لفعل البقاء من خلال العمليات التي تمت داخل النظام .
و لتوافر الركن المعنوي في صورة المساس بمنظومة معلوماتية، لا بد أن تتجه إرادة الجاني إلى فعل المحو أو التعديل كما يجب أن يعلم الجاني بأن نشاطه يترتب عليه التلاعب في المعطيات و أن ليس له الحق في القيام بذلك.
و بالإضافة إلى توافر القصد الجنائي العام، يشترط لقيام الركن المعنوي نية الغش لكن هذا لا يعني ضرورة توافر قصد الإضرار بالغير .
و هكذا يسأل الشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى هذه الجرائم سواء بصفته فاعلا أصليا أو شريكا بشرط أن تكون الجريمة قد ارتكبت لحسابه بواسطة أحد أعضاءه أو ممثليه.
المطلب الثاني : اتساع نطاق التجريم في ظل قانون 06-23
لقد وسع المشرع الجزائري بعد تعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم 06\23 من نطاق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، فبالإضافة إلى جرائم تكوين جمعية أشرار و تبييض الأموال و المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات أصبح الشخص المعنوي يسأل عن عدد مهم من الجنايات و الجنح، و التي سنحاول حصرها على النحو الآتي :
الجنايات و الجنح ضد الشيء العمومي في ( الفرع الأول )
الجنايات و الجنح ضد الأفراد في ( الفرع الثاني )
جرائم الغش في بيع السلع و التدليس في المواد الغذائية و الطبية في ( الفرع الثالث )
الفرع الأول : الجنايات و الجنح ضد الشيء العمومي
نص المشرع الجزائري على مساءلة الشخص المعنوي على الجرائم المرتكبة ضد الشيء العمومي والتي تقتصر على الجرائم الماسة بأمن الدولة ( أولا ) والجرائم الماسة بالنظام العمومي ( ثانيا ) و جرائم التزوير ( ثالثا )
أولا : الجنايات و الجنح ضد أمن الدولة
نصت المادة 96 مكرر المستحدثة بموجب قانون 06\23 في فقرتها الأولى على قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجنايات و الجنح ضد أمن الدولة و المنصوص عليها في المواد من 61 إلى 96 من الفصل الأول المقسم إلى ستة أقسام و هي :
• جرائم الخيانة و التجسس ( المواد من 61 إلى 64 )
• جرائم التعدي الأخرى على الدفاع الوطني أو الإقتصاد الوطني ( المواد من 65 إلى 76 )
• الاعتداءات و المؤامرات و الجرائم الأخرى ضد سلطة الدولة و سلامة أرض الوطن ( المواد 77 إلى 83 )
• جنايات التقتيل و التخريب المخلة بالدولة ( 84 إلى 87 )
• الجرائم الموصوفة بأعمال إرهابية أو تخريبية ( المواد 87 مكرر إلى 87 مكرر 10 )
• جنايات المساهمة في حركات التمرد ( المواد من 88 إلى90 )
• جرائم عدم التبليغ عن النشاطات التي يكون من طبيعتها الإضرار بالدفاع الوطني و تلقي أموال من مصدر خارجي للدعاية السياسية و الإضرار بالمصلحة الوطنية ( المواد من 91 إلى 96 )
ثانيا : الجنايات و الجنح ضد النظام العمومي
نصت المادة 175 مكرر ق.ع على قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجنايات و الجنح التي يرتكبها الأفراد ضد النظام العمومي المنصوص عليها في المواد من 144إلى 175 مكرر من الفصل الخامس و المتضمن سبعة أقسام و هي :
• جرائم الإهانة و التعدي على الموظف ( المواد من144إلى 149 )
• الجرائم المتعلقة بالمدافن و حرمة الموتى ( المواد من 150 إلى 154 )
• جرائم كسر الأختام و سرقة الأوراق من المستودعات العمومية ( المواد من 155 إلى 159).
• جرائم التدنيس و التخريب ( المواد من 160 إلى 160 مكرر 08 )
• جنايات و جنح متعهدي تموين الجيش ( المواد من 161 إلى 164 )
• الجرائم المرتكبة ضد النظم المقررة لدور القمار و اليانصيب و بيوت التفليس على الرهون(المواد من 165 إلى169 )
• الجرائم المتعلقة بالصناعة و التجارة و المزايدات العمومية ( المواد من 170 إلى 175 مكرر)
ثالثا : جرائم التزوير
نصت المادة 253 مكرر المستحدثة بموجب القانون رقم 06\23 على إمكانية مساءلة الشخص المعنوي جزائيا من أجل جرائم التزوير المنصوص عليها في المواد من 197 إلى 253 مكرر من الفصل السابع و المقسم إلى سبعة أقسام و هي:
• تزوير النقود ( المواد من 197 إلى 204 )
• تقليد أختام الدولة و الدمغات و الطوابع و العلامات ( المواد 205 إلى 213 )
• تزوير المحررات العمومية أو الرسمية ( المواد 214 إلى 218 )
• التزوير في المحررات العرفية أو التجارية أو المصرفية ( المواد 219 إلى 221 )
• التزوير في بعض الوثائق الإدارية و الشهادات ( 222 إلى 229 )
• شهادة الزور و اليمين الكاذبة (المواد 232 إلى 241 )
• انتحال الوظائف و الألقاب أو الأسماء أو إساءة استعمالها (المواد 242 إلى 253 مكرر)
الفرع الثاني : الجنايات و الجنح ضد الأفراد
نص المشرع الجزائري في تعديل 2006 على مساءلة الشخص المعنوي على الجنايات و الجنح ضد الأفراد و يتعلق الأمر أساسا بكامل الجنايات و الجنح ضد الأموال، و بعض الجنايات و الجنح ضد الأشخاص ،و بفئة واحدة فقط من الجنايات و الجنح ضد الأسرة و الآداب العامة، و التي تقتصر على الجرائم التي من شأنها الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل.
أولا : الجنايات و الجنح ضد الأموال
إضافة إلى جريمتي تبييض الأموال و المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات أصبح الشخص المعنوي و بعد تعديل قانون العقوبات بموجب القانون 06\23 يسأل عن كافة الجنايات و الجنح ضد الأموال و ذلك بنص المادتين 382 مكرر 1 و 417 مكرر 3 و الواردة في الفصل الثالث.
و بالرجوع إلى هذا الفصل فإن الجنايات و الجنح ضد الأموال التي يمكن أن يسأل عنها الشخص المعنوي تتمثل في :
• السرقات و ابتزاز الأموال ( المواد من 350 إلى 371 مكرر )
• النصب و إصدار شيك بدون رصيد ( المواد من 372 إلى 375 مكرر )
• خيانة الأمانة ( المواد من 376 إلى 382 مكرر 01 )
• الإفلاس ( المواد من 383 إلى 385 )
• التعدي على الأملاك العقارية المادة 386.
• إخفاء الأشياء المسروقة ( المواد من 387 إلى 389 )
• الهدم و التخريب و الأضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل النقل ( المواد من 395 إلى 417 ).
ثانيا : الجنايات و الجنح ضد الأشخاص
نصت المادة 303 مكرر 3 من ق.ع على ما يلي : « يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم المحددة في الأقسام 03،04،05 من هذا الفصل.......»
و يستفاد مما ذكر أعلاه أن المشرع الجزائري أخذ بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن طائفة معينة من جرائم الأشخاص و يتعلق الأمر بـ :
• القتل الخطأ و الجرح الخطأ ( المواد من 288 إلى 290 )
• الاعتداء على الحريات الفردية و حرمة المنازل و الخطف ( المواد من 291 إلى 295 )
• الاعتداءات على شرف و اعتبار الأشخاص و على حياتهم الخاصة و إفشاء الأسرار ( المواد من 296 إلى 303 مكرر01 ).
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد استحدث بموجب القانون 06-23 ضمن هذه الطائفة نوع جديد من الجرائم و المتعلقة بالمساس بحرمة الحياة الخاصة للأشخاص بأي تقنية كانت و هذا بموجب المادتين 303 مكرر و 303 مكرر 01 من ق.ع حيث تنص المادة 303 مكرر على معاقبة كل من يقوم :
• بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية بغير إذن صاحبها أو رضاه .
• بالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان خاص بغير إذن صاحبها أو رضاه.
كما تنص المادة 303 مكرر 01 على معاقبة كل من احتفظ أو وضع أو سمح بأن توضع في متناول الجمهور أو الغير أو استخدم بأية وسيلة كانت التسجيلات أو الصور أو الوثائق المتحصل بواسطة أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة، و عندما ترتكب هذه الجنحة عن طريق الصحافة تطبق الأحكام الخاصة المنصوص عليها في القوانين ذات العلاقة لتحديد الأشخاص المسؤولين.
ثالثا : الجنايات و الجنح ضد الأسرة و الآداب العامة
لقد حصر المشرع الجزائري مسؤولية الشخص المعنوي عن الجرائم ضد الأسرة و الآداب العامة في نوع واحد من الجنايات و الجنح و هي تلك التي من شأنها الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل و المنصوص عليها في القسم الثالث، وهذا بموجب المادة 321 الفقرة الخامسة من ق.ع و استنادا على هذه المادة نجد أن الشخص المعنوي أصبح يسأل عن الجرائم الآتية :
• جناية نقل طفل عمدا أو إخفاؤه أو استبداله بطفل آخر أو تقديمه على أنه ولد لامرأة لم تضع و ذلك في ظروف من شأنها أن يتعذر التحقق من شخصيته.
• و تصبح هذه الأفعال السابقة جنحا في صورتين و هما :
إذا لم يثبت أن الطفل قد ولد حيا.
إذا قدم فعلا الولد على أنه ولد لامرأة لم تضع حملا و هذا بعد تسليم اختياري أو إهمال من والديه.
• و تصبح هذه الأفعال مخالفة في الحالة التي يثبت فيها أن الولد لم يولد حيا و هي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 321.

الفرع الثالث : جرائم الغش و الخدع و جريمة خرق الإلتزامات المترتبة عن العقوبات التكميلية المحكوم بها
أولا : جرائم الغش و الخدع
نصت المادة 435 مكرر على إمكانية قيام مسؤولية الشخص المعنوي بشأن جرائم الغش و الخدع و هذا طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر .
و تتمثل هذه الجرائم في :
• جريمة خداع المتعاقد أو محاولة خداعه سواء في الطبيعة أو في الصفات الجوهرية أو في التركيب أو في نسبة المقومات اللازمة لكل هذه السلع أو سواء في نوعها أو مصدرها أو في كمية الأشياء المسلمة أو في هويتها ( المادة 429 ).
• جريمة الغش في مواد صالحة لتغذية الإنسان أو الحيوانات أو مواد طبية أو مشروبات أو منتجات فلاحيه أو طبيعية مخصصة للاستهلاك. ( المادة 432 فقرة أولى ).
• جريمة عرض أو وضع للبيع أو بيع مواد صالحة لتغذية الإنسان أو الحيوانات أو مواد طبية أو مشروبات أو منتجات فلاحيه أو طبيعية يعلم أنها مغشوشة أو فاسدة أو مسمومة ( المادة 432 فقرة ثانية )
• جريمة عرض أو وضع للبيع أو بيع مواد خاصة تستعمل لغش مواد صالحة لتغدية الإنسان أو الحيوانات أو مشروبات أو منتجات فلاحيه أو طبيعية أو الحث على استعمالها بواسطة كتيبات أو منشورات أو نشرات أو معلقات أو إعلانات أو تعليمات مهما كانت. ( المادة 432 فقرة ثالثة ).
• جريمة الحيازة دون سبب شرعي لمواد صالحة لتغدية الإنسان أو الحيوانات أو مشروبات أو منتوجات فلاحية أو طبيعية أو حيازة مواد طبية مغشوشة أو مواد خاصة تستعمل في غش مواد صالحة لتغدية الإنسان أو الحيوانات أو مشروبات أو منتوجات فلاحية أو طبية أو حيازة موازين أو مكايل خاطئة أو آلات أخرى غير مطابقة تستعمل في وزن أو كيل السلع ( المادة 433 ).
• جريمة الغش أو العمل على الغش في مواد أو أشياء أو مواد غدائية أو سوائل عهدت إلى متصرف أو محاسب قصد حراستها أو موضوعة تحت مراقبته أو توزيع أو العمل على توزيع المواد المذكورة أو الأشياء أو المواد الغدائية أو السوائل المغشوشة. ( المادة 434 فقرة أولى).
• جريمة توزيع أو العمل على توزيع لحوم حيوانات مصابة بأمراض معدية أو أشياء أو مواد غدائية أو سوائل فاسدة أو متلفة من طرف متصرف أو محاسب. ( المادة 434 فقرة ثانية )
• جريمة عرقلة مهام الضباط و أعوان الشرطة القضائية و كذلك الموظفين الذين يسند إليهم القانون سلطة معاينة المخالفات المشار إليها في المواد 427 و 428 و 429 و 430 ( المادة 435 ).
ثانيا : جريمة خرق الإلتزامات المترتبة عن العقوبات التكميلية المحكوم بها
استحدثت هذه الجريمة بموجب المادة 18 مكرر 03 الفقرة 02 من القانون رقم 06\23، و تقوم في حالة خرق الإلتزامات المترتبة عن عقوبة تكميلية أو أكثر محكوم بها على الشخص المعنوي طبقا لأحكام المادة 18 مكرر .
المبحث الثاني : الجرائم المنصوص عليها في القوانين الخاصة
رغم أن التشريع الجزائري إلى غاية 10- 11-2004 و حتى القضاء لم يأخذا صراحة بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إلا أنه كانت هناك قوانين خاصة كرست هذه المسؤولية في وقت مبكر، فمنها من اعترف بها بصفة صريحة و منها من أخذ بها بصفة ضمنية.
و بعد صدور القانون رقم 04 \15 و الذي بموجبه تبنى المشرع الجزائري مبدأ مساءلة الشخص المعنوي جزائيا كقاعدة عامة صدرت نصوص أخرى وسعت من هذه المسؤولية و أدرجت جرائم جديدة يمكن أن يسأل عنها الشخص المعنوي .
سنتناول في ما يلي الجرائم التي يرتكبها الشخص المعنوي المنصوص عليها في القوانين الخاصة، و هذا من خلال التعرض أولا إلى تلك الجرائم الواردة في القوانين التي أخذت بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي قبل صدور قانون العقوبات 04/ 15 في ( المطلب الأول ) ، ثم نتطرق إلى الجرائم الواردة في القوانين التي وسعت من هذه المسؤولية في ضوء قانون 04 / 15 في ( المطلب الثاني )
المطلب الأول : تضييق نطاق التجريم قبل صدور قانون 04\15
قبل صدور القانون رقم 04\15 كانت جرائم الشخص المعنوي المنصوص عليها في القوانين الخاصة تنحصر في ما يلي :

الفرع الأول : الجرائم الضريبية و جرائم الصرف
أولا: الجرائم الضريبية
في الجرائم الضريبية فضلا عن الشخص الطبيعي قد يكون الفاعل أو شريكه شخصا معنويا، و لهذا الغرض أقر المشرع في القوانين الضريبية بمبدأ مساءلة الشخص المعنوي جزائيا، و هكذا نصت المادة 303 – 09 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة على ما يلي : « عندما ترتكب المخالفة من قبل شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص يصدر الحكم بعقوبات الحبس.......ضد المتصرفين و الممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة »
و أضافت نفس المادة في فقرتها الثانية : « و يصدر الحكم بالغرامات الجزائية .......ضد الشخص المعنوي دون الإخلال بتطبيق الغرامات الجبائية عليه » و هو نفس الحكم الذي تكرر في نص المادة 554 من قانون الضرائب غير المباشرة ، و في المادة 138 من قانون الرسم على رقم الأعمال و في المادة 36\04 من قانون الطابع .و في المادة 121\04 من قانون التسجيل .
و من خلال هذه المواد يتبين لنا أن مسؤولية الشخص المعنوي ليست مطلقة بل حرص المشرع على حصرها في الشخص المعنوي من القانون الخاص مستبعدا بذلك الدولة و الجماعات المحلية و كذا الهيئات العمومية ذات الطابع الإداري، أما الهيئات العمومية الأخرى الخاضعة للقانون الخاص كالمؤسسات العمومية الإقتصادية فإنها تكون محل مساءلة جزائية في حالة ارتكابها جنحة الغش الضريبي .
ثانيا : جرائم الصرف
و هي الجريمة المنصوص عليها في الأمر رقم 96-22 المعدل و المتمم و المتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج حيث نصت المادة الخامسة منه على ما يلي : « تطبق على الشخص المعنوي الذي ارتكب المخالفات المنصوص عليها في هذا الأمر العقوبات الآتية ........» و الواقع أن جريمة الصرف ليست واحدة و إنما لها عدة صور و لقد حصر الأمر 96- 22 مختلف مظاهرها و كل مظهر يشكل جريمة في حد ذاته.
و تصنف جرائم الصرف حسب موضوعها إلى الجرائم التي يكون محلها النقود، و الجرائم التي يكون محلها الأحجار الكريمة و المعادن الثمينة
و لقد نصت المادة الأولى من الأمر رقم 96-22 على النوع الأول من جرائم الصرف كما يلي : " تعتبر حسب هذه المادة مخالفة أو محاولة مخالفة للتشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج بأي وسيلة كانت ما يأتي :
• التصريح الكاذب.
• عدم مراعاة التزامات التصريح .
• عدم استرداد الأموال إلى الوطن.
• عدم مراعاة الإجراءات المنصوص عليها أو الشكليات المطلوبة.
• عدم الحصول على التراخيص المشترطة أو عدم احترام الشروط المقترنة بها ".
كما نصت المادة الثانية من نفس الأمر على النوع الثاني من جرائم الصرف بقولها : " يعتبر أيضا مخالفة للتشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج كل شراء أو بيع أو استيراد أو تصدير أو حيازة السبائك الذهبية و القطع النقدية الذهبية أو الأحجار و المعادن النفيسة دون مراعاة التشريع و التنظيم المعمول بهما ".
الفرع الثاني : المخالفات المتعلقة بشروط ممارسة الأنشطة التجارية
يلزم القانون رقم 04\08 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية كل شخص معنوي يرغب في ممارسة نشاط تجاري بالقيد في السجل التجاري لدى المركز الوطني للسجل التجاري ( المادة 04).
و تبعا لذلك يتعرض الشخص المعنوي إلى الجزاءات المذكورة في هذا القانون، في حالة ارتكابه إحدى المخالفات الآتية :
• ممارسة نشاط تجاري قار دون التسجيل في السجل التجاري ( المادة 31 )
• ممارسة نشاط تجاري غير قار دون التسجيل في السجل التجاري ( المادة 32 )
• إمتناع الشخص المعنوي عن إشهار البيانات القانونية المنصوص عليها في أحكام المواد 11، 12، 14 من هذا القانون ( المادة 35 من نفس القانون )
• امتناع الشخص المعنوي عن تعديل بيانات مستخرج السجل التجاري في أجل 03 أشهر تبعا للتغييرات الطارئة على الوضع أو الحالة القانونية.
و تعتبر تغييرات طارئة على وضعية التاجر ( شخص معنوي ) أو حالته القانونية حسب المادة 37 :
- تغيير المقر الإجتماعي للشخص المعنوي.
- تغيير عنوان المؤسسة أو المؤسسات الفرعية.
- تعديل القانون الأساسي للشركة.
• ممارسة نشاط أو مهنة مقننة خاضعة للتسجيل في السجل التجاري دون الرخصة أو الإعتماد المطلوبين ( المادة 40 )
• ممارسة تجارة خارجية عن موضوع السجل التجاري ( المادة 41 )

الفرع الثالث : جرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث و إنتاج و تخزين و استعمال الأسلحة الكيماوية و تدمير تلك الأسلحة
نصت المادة 18 من القانون رقم 03\09 المتضمن قمع جرائم مخالفة أحاكم اتفاقية حظر و استحداث و إنتاج وتخزين و استعمال الأسلحة الكيماوية و تدمير تلك الأسلحة على ما يلي : « يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 09 بـ ....... و يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المواد 10، 11، 12، 13 ،14، 15، 16، 17 من هذا القانون بـ..........»
و هكذا تقوم مسؤولية الشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون و يتعلق الأمر أساسا بالجرائم الآتية :
• استعمال سلاح كيميائي، أو مادة كيميائية مدرجة في الجدول الأول من ملحق الإتفاقية، المتعلق بالمواد الكيميائية و ذلك لأغراض محظورة في الإتفاقية ( المادة 09 )
• استحداث أو إنتاج أو حيازة بأي طريقة، أو تخزين أو الإحتفاظ بالأسلحة الكيميائية ،أو نقلها بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أي مكان .
• القيام بأي استعدادات من أي نوع كان لاستعمال الأسلحة الكيميائية.
• اكتساب أو الإحتفاظ بمادة كيميائية مسجلة في الجدولين 1 و 2 من ملحق الإتفاقية ،المتعلق بالمواد الكيمياوية ما لم يكن ذلك لأغراض غير محظورة بمقتضى الإتفاقية.
• إنشاء أو تعديل أو استخدام مرفقا أو عتادا من أي نوع كان، بغرض ممارسة نشاط محظور في الإتفاقية ( المادة 10 ).
• استيراد أو تصدير أو العبور أو الإاتجار أو السمسرة بمواد كيمياوية مدرجة في الجدولين 1 و 2 من ملحق الإتفاقية ، المتعلق بالمواد الكيمياوية من أو إلى دولة ليست طرفا في الإتفاقية (المادة 11)
• عرقلة بأي طريقة كانت سير نشاطات التحقيق للهيئة الوطنية المؤهلة أو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية (المادة 12).
• استيراد أو تصدير أو العبور أو الإتجار أو السمسرة بمواد كيمياوية مدرجة في الجدول الأول من ملحق الاتفاقية ،المتعلق بالمواد الكيمياوية لأغراض غير محظورة مع دولة طرف في الاتفاقية دون ترخيص (المادة 13 ).
• ترك أو رمي مواد كيمياوية سامة ( المادة 14 ).
• الإخلال بالالتزام الخاص بالإعلان المنصوص عليه في المادة 7 .
• الإدلاء بتصريحات كاذبة إلى الهيئة الوطنية المؤهلة (المادة 15 ).
• تسريب مستند ناتج عن التحقيق المنصوص عليه في هذا القانون، أو إطلاع عليه شخصا غير مؤهل للاطلاع عليه بدون إذن الشخص المعني (المادة 16)
• استيراد أو تصدير أو العبور أو الإتجار أو السمسرة بمواد كيمياوية مدرجة في الجدول 03 من ملحق الاتفاقية المتعلق بالمواد الكيمياوية اتجاه دولة ليست طرفا في الإتفاقية وهذا دون ترخيص (المادة 17 ).
المطلب الثاني : اتساع نطاق التجريم بعد صدور قانون 04/ 15
بعد صدور القانون 04/15 والذي أقر صراحة بمبدأ مساءلة الأشخاص المعنوية جزائيا، وسع المشرع الجزائري من نطاق هذه المسؤولية في بعض القوانين الخاصة حيث أصبح الشخص المعنوي يسأل عن الجرائم الآتية :
الفرع الأول: جرائم المخدرات
لقد كرس المشرع الجزائري مسؤولية الشخص المعنوي في القانون رقم 04/18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الإستعمال و الإتجار غير المشروعين بهما، حيث نصت المادة 25 منه على ما يلي : " يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المواد من 13 إلى 17 من هذا القانون بـ ..... وفي حالة ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المواد من 15 إلى 21 من هذا القانون، يعاقب الشخص المعنوي بغرامة... "
تبعا لما ذكر أعلاه، يمكن تقسيم جرائم المخدرات التي يرتكبها الشخص المعنوي على أساس طبيعتها إلى جنح (أولا) وجنايات (ثانيا) .
أولا : الجنح : هي المنصوص عليها في المواد من 13 إلى 17 وتتمثل أساسا في :
• تسليم أو العرض غير المشروع للمخدرات أو المؤثرات العقلية للغير، بهدف الاستعمال الشخصي أو لقاصر أو معوق أو شخص يعالج بسبب إدمانه، أو في مراكز تعليمية أو تربوية أو تكوينية أو صحية أو اجتماعية أو داخل هيئات عمومية (المادة 13) .
• عرقلة مهام الأعوان المكلفين بمعاينة الجرائم (المادة14) .
• تسهيل الاستعمال غير المشروع للمواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، بمقابل أو مجانا سواء بتوفير المحل لهذا الغرض أو بأية وسيلة أخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لكل من الملاك والمسيرين والمديرين المشغلين بأي صفة كانت، لفندق أو منزل مفروش أو نزل أو حانة أو مطعم أو ناد أو مكان عرض أو أي مكان مخصص للجمهور أو مستعمل من الجمهور الذين يسمحون باستعمال المخدرات داخل هذه المؤسسات أو ملحقاتها أو في الأماكن المذكورة .
• وضع مخدرات أو مؤثرات عقلية في مواد غذائية أو في مشروبات دون علم المستهلكين (المادة 15) .
• تقديم وصفة طبية صورية أو على سبيل المحاباة، تحتوي على مؤثرات عقلية.
• تسليم مؤثرات عقلية بدون وصفة أو مع العلم بالطابع الصوري أو المحاباة للوصفات الطبية .
• محاولة الحصول على المؤثرات العقلية قصد البيع أو التحصل عليها بواسطة وصفات طبية صورية بناء على ما عرض عليه (المادة 16) .
• القيام بطريقة غير مشروعة بإنتاج أو صنع أو حيازة أو عرض أو بيع أو وضع للبيع أو حصول وشراء قصد البيع أو التخزين أو استخراج أو تحضير أو توزيع أو تسليم بأية صفة كانت أو سمسرة أو شحن أو نقل عن طريق العبور المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية .(المادة 17) .
ثانيا : الجنايات : نصت عليها المواد من 18 إلى 21 وتتمثل في :
• القيام بتسيير أو تنظيم أو تمويل النشاطات المذكورة في المادة 17 أعلاه (المادة 18) .
• القيام بطريقة غير مشروعة بتصدير أو استيراد مخدرات أو مؤثرات عقلية (المادة 19) .
• زرع بطريقة غير مشروعة خشخاش الأفيون أو شجيرة الكوكا أو نبات القنب (المادة 20) .
• القيام بصناعة أو نقل أو توزيع السلائف أو تجهيزات أو معدات، إما بهدف استعمالها في زراعة المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو في إنتاجها أو صناعتها بطريقة غير مشروعة و إما مع علمه بان هذه السلائف أو التجهيزات أو المعدات ستستعمل لهذا الغرض (المادة 21)

الفرع الثاني : جرائم التهريب
تنص المادة 24 من القانون رقم 05 – 06 المتعلق بمكافحة التهريب على ما يلي : " يعاقب الشخص المعنوي الذي قامت مسؤوليته الجزائية لارتكابه الأفعال المجرمة في هذا الأمر بـ..... "
وبالرجوع إلى مواد هذا القانون يمكن تقسيم جرائم التهريب إلى جنح (أولا) وجنايات (ثانيا) .
أولا : الجنح : تتمثل في :
• جنحة التهريب البسيط : وهي الجنحة المنصوص عليها في المادة 10 الفقرة الأولى من الأمر رقم 05 – 06 ويتعلق الأمر بالتهريب المجرد عندما لا يكون مقرونا بأي ظرف من ظروف التشديد.
• جنحة التهريب المشدد : ويكون التهريب مشددا في الظروف الآتي بيانها :
- حالة اقتران التهريب بظرف التعدد، ويقصد به التهريب المرتكب به من قبل ثلاثة أفراد فأكثر.
- حالة إخفاء البضاعة عن المراقبة، سواء داخل مخابئ أو تجويفات أو في أي أماكن أخرى مهيئة خصيصا لغرض التهريب باستثناء وسائل النقل.
- حالة استعمال إحدى وسائل النقل، سواء كانت حيوان أو آلة أو مركبة أو أية وسيلة نقل أخرى استعملت بأي صفة لنقل البضائع المهربة أو كانت تستعمل لهذا الغرض .
- حالة التهريب مع حمل سلاح ناري، و لا يشترط المشرع استعمال السلاح الناري بل يكفي حمله .
- حالة حيازة مخازن و وسائل نقل مخصصة للتهريب.
ثانيا : الجنايات : تتمثل في :
• جناية تهريب الأسلحة (المادة 14) .
• جناية التهريب الذي يشكل تهديدا خطير الأمن الوطني أو الاقتصاد الوطني أو الصحة العمومية (المادة 15) .
الفرع الثالث : جرائم الفساد وجرائم مخالفة تدابير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
أولا . جرائم الفساد :
نصت المادة 53 من القانون رقم 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد على مساءلة الشخص المعنوي جزائيا عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفقا للقواعد المقررة في ق .ع .
وبالرجوع إلى هذا القانون وبالتحديد إلى الباب الرابع منه تحت عنوان "التجريم والعقوبات وأساليب التحري " نجد أنّ جرائم الفساد في مجملها هي جنح وتتمثل فيما يلي :
• رشوة الموظفين العموميين (المادة 25) .
• الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية (المادتين 26-27) .
• رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية (المادة 28) .
• اختلاس الممتلكات من قبل الموظف العمومي واستعمالها على نحو غير شرعي (المادة 29) .
• الغدر (المادة 30) .
• الإعفاء والتخفيض الغير قانوني في الضريبة والرسم (المادة 31) .
• استغلال النفوذ (المادة 32) .
• إساءة استغلال الوظيفة (المادة 33) .
• تعارض المصالح (المادة 34) .
• أخذ فوائد بصورة غير قانونية (المادة 35) .
• عدم التصريح أو التصريح الكاذب بالممتلكات (المادة 36) .
• الإثراء الغير مشروع (المادة 37) .
• تلقي الهدايا (المادة 38) .
• التمويل الخفي للأحزاب السياسية (المادة 39) .
• الرشوة في القطاع الخاص (المادة 40) .
• اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص (المادة 41) .
• تبييض العائدات الإجرامية (المادة 42) .
• الإخفاء (المادة 43) .
• إعاقة السير الحسن للعدالة (المادة 44 ) .
• الانتقام أو التهريب أو التهديد ضد الشهود أو الخبراء أو الضحايا أو المبلغين أو أفراد عائلاتهم وسائر الأشخاص الوثيقي الصلة بهم (المادة 45) .
• البلاغ الكيدي (المادة 46).
• عدم الإبلاغ عن الجرائم (المادة 47) .
ثانيا: جرائم مخالفة تدابير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
وهي الجرائم المنصوص عليها في الفصل الخامس تحت عنوان " أحكام جزائية " من القانون رقم 05 -01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما في المواد 31 . 32. 34 منه، ويتعلق الأمر بمخالفة تدابير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ذلك أنّ هذا القانون فرض التزامات على بعض الفئات من الأشخاص ومنها الشخص المعنوي، والتي تهدف إلى ضمان مكافحة تبييض الأموال وتتمثل هذه الالتزامات أساسا في :
الرقابة : يتعين على البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر، فرض رقابة على زبائنها والعمليات التي يقومون بها وذلك من خلال :
فرض الدفع وذلك بواسطة وسائل الدفع عن طريق القنوات البنكية والمالية عندما تفوق مبلغا معينا حدّده المرسوم التنفيذي رقم 05/442 المؤرخ في 14/11/05 بمبلغ 50.000 دج .(المادة 06).
وهكذا إذا خالفت البنوك والمؤسسات المالية ذلك بأن قبلت دفعا خرقا لأحكام المادة 06 تقوم مسؤوليتها الجزائية بشأن هذه الجريمة ، وتعاقب بغرامة تحددها المادة31 من نفس القانون.
معرفة الزبائن والعمليات ، ويستلزم ذلك التأكد من هوية وعنوان الزبائن قبل فتح حساب أو دفتر أو حفظ سندات أو ربط أي علاقة أخرى (المادة 07)، كما تستلزم أيضا الاستعلام حول الحسابات والعمليات التي قد تمثل خطرا بالإضافة إلى المراقبة الصارمة للنشاطات والعمليات محل الشبهة، وتقوم المسؤولية الجزائية للمؤسسات المالية والبنوك في حالة مخالفتها لهذا الالتزام، وتعاقب بالعقوبات المقررة في المادة 34 ف 02 من نفس القانون.
حفظ الوثائق، إذ يتعين عليها الاحتفاظ خلال 05 سنوات بالوثائق المتعلقة بهوية الزبائن وعناوينهم، والوثائق المتعلقة بالعمليات التي أجراها الزبائن , وتسرى هذه المدة ابتداء من يوم غلق الحسابات أو وقف علاقة التعامل (المادة 14) وتعاقب المؤسسات المالية في حالة مخالفتها لأحكام هذه المادة بالعقوبات المقررة في المادة 34 ف02.
الإخطار بالشبهة : فرض قانون 05/06 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب واجب الأخطار بالشبهة على بعض الفئات والهيئات، وقد حدّدت المادة 19 من نص القانون الأشخاص الخاضعة لهذا الواجب وهي :
• البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر والمؤسسات المالية المشابهة الاخرى وشركات التأمين و مكاتب الصرف و التعاضديات والرهانات و الألعاب و الكازينوهات.
• كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم في إطار مهنته بالاستشارة و/أو بإجراء عمليات إيداع أو مبادلات أو توظيفات أو تحويلات أو أية حركة لرؤوس الأموال.
فإذا خالف الشخص المعنوي هذا الالتزام تقوم مسؤوليته ويعاقب حسب المادة 32 .









 


قديم 2011-02-12, 19:15   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1

الفصل الثاني : القواعد التي تحكم الشخص المعنوي من حيث المتابعة والجزاء
القاعدة العامة أنّ إجراءات المتابعة الجزائية تكون متماثلة، سواء كان الجاني شخصا طبيعيا أم شخصا معنويا ومع ذلك فان إقرار المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية، تقتضي ضرورة وضع بعض الأحكام الجزائية الخاصة وكذا تقرير العقوبات التي تتلاءم وطبيعة هذه الأشخاص
فالمشرع الجزائري وبعد أن حسم الخلاف الفقهي والتردد القضائي حول مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا بنص صريح على النحو الذي جاءت به المادة 51 مكرر من قانون العقوبات , كان من الضروري لتكريس هذا المبدأ أن يخلق نوعا من التجانس بين طبيعة الشخص المعنوي من جهة و الأحكام المتضمنة الإجراءات المتخذة والعقوبات المطبقة من جهة أخرى وهو ما جاء به القانون رقم 04 – 14 من خلال المواد من 65 مكررالى65 مكرر 04 من الفصل الثالث تحت عنوان في «المتابعة الجزائية للشخص المعنوي » من الباب الثاني الخاص بالتحقيقات وكذلك القانون 04 – 15 المعدل والمتمم لقانون العقوبات والمعدل بالقانون 06 – 23 .
وعلى هذا الأساس سنتطرق في هذا الفصل إلى إجراءات متابعة الشخص المعنوي في (المبحث الأول) ثمّ نتناول العقوبات المطبقة عليه في (المبحث الثاني) .








المبحث الأول : إجراءات متابعة الشخص المعنوي
الأصل أن يخضع الشخص المعنوي لنفس إجراءات المتابعة التي يخضع لها الشخص الطبيعي غير أنّه اعتبارا للطبيعة الخاصة للشخص المعنوي ولنظامه القانوني المميز ارتأى المشرع أن يفرده ببعض الأحكام الخاصة .
وتطبيقا لذلك جاءت المادة 65 مكرر من ق.ا.ج لإقرار ذات القواعد الخاصة بالشخص الطبيعي من حيث المتابعة والتحقيق والمحاكمة حيث تنص على ما يلي :
"تطبق على الشخص المعنوي قواعد المتابعة والتحقيق والمحاكمة المنصوص عليها في هذا القانون، مع مراعاة الأحكام الواردة في هذا الفصل "
ويفهم من هذه المادة أنّ إجراءات متابعة الشخص المعنوي هي ذاتها الخاصة بالشخص الطبيعي والتي تتم عن طريق طلب افتتاحي أو الاستدعاء المباشر أو شكوى مصحوبة بادعاء مدني أمام قاضي التحقيق.
وتضيف ذات المادة في الأخير " مع مراعاة الأحكام الواردة في هذا الفصل " ,وهي القواعد المقررة بموجب المواد من 65 مكرر 01 إلى 65 مكرر 04 والمتعلقة أساسا بالاختصاص القضائي، وتمثيل الشخص المعنوي، و التدابير التي يمكن لقاضي التحقيق تطبيقها على الشخص المعنوي. مع الإشارة إلى أنّها نفس القواعد التي كرسها المشرع الفرنسي وهذا بموجب القانون الصادر في 16 ديسمبر 1992، وذلك من خلال المواد من 706/41 إلى 706/46 من ق.ا.ج.ف ،و أمام هذا سنتعرض في هذا المبحث إلى إجراءات متابعة الشخص المعنوي من حيث :
- الإختصاص القضائي ( المطلب الأول )
- تمثيل الشخص المعنوي ( المطلب الثاني )
- التدابير التي يمكن لقاضي التحقيق تطبيقها على الشخص المعنوي ( المطلب الثالث )
المطلب الأول: الإختصاص المحلي
يقصد بالإختصاص القضائي ولاية أو سلطة الحكم بمقتضى القانون في خصومة معينة معروضة على المحاكم , و فقدان هذه السلطة يؤدي إلى عدم الإختصاص
و إذا كان الإختصاص النوعي لا يثير أية إشكالات, إذ يعود الإختصاص في كل الأحوال إلى المحاكم الجزائية، فإن الإختصاص المحلي قد يثير بعض الصعوبات في تعيين المحكمة الجزائية المختصة,و اذا كان من اليسير تحديد هذا الاختصاص باانظر إلى المحكمة التي يوجد بها المقر الاجتماعي للهيئة فان تواجد فروع عديدة للهيئة قد يثير بعض الصعوبات .
الفرع الأول: تحديد الإختصاص المحلي
بالرجوع إلى المادة 65 مكرر 01 من ق ا ج نجدها تنص على أن الإختصاص المحلي للجهات القضائية يتحدد بمكان ارتكاب الجريمة، أو مكان وجود المقر الإجتماعي للشخص المعنوي,غير أنه إذا تمت متابعة أشخاص طبيعية في الوقت ذاته مع الشخص المعنوي، تختص الجهات القضائية المرفوعة أمامها دعوى الأشخاص الطبيعية لمتابعة الشخص المعنوي. و يستفاد من دلك أن المشرع الجزائري حدد الجهة القضائية المختصة إقليميا بنظر الجريمة التي يرتكبها الشخص المعنوي و هذا سواء تعلق الأمر بوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق أو جهة الحكم مفرقا بين حالتين :
الحالة الأولى : إذا كان الشخص المعنوي متابع بمفرده :
في هذه الحالة ينعقد الاختصاص للمحكمة التي وقعت الجريمة في دائرتها أو المحكمة التي يقع في دائرتها المقر الإجتماعي للشخص المعنوي.
الحالة الثانية : إذا كان الشخص المعنوي متابع مع أشخاص طبيعيين، سواء كانوا فاعلين أصليين معه أو شركاء في نفس الجريمة :
ففي هذه الحالة يؤول الاختصاص إلى الجهات القضائية وفق القواعد العامة للاختصاص المنصوص عليها في ق ا ج في المواد 37، 40، 329 و التي بموجبها يتحدد الاختصاص المحلي بمكان ارتكاب الجريمة، أو بمحل إقامة أحد الأشخاص الطبيعية المشتبه في مساهمتهم فيها، أو بالمكان الذي تم في دائرته القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى لو حصل هذا القبض لسبب آخر.
الفرع الثاني : تمديد الاختصاص المحلي
نصت المواد 37، 40، 329 من ق ا ج على تحديد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق أو جهة الحكم إلى محكمة أخرى، عندما يتعلق الأمر بالجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم المخدرات و جرائم تبييض الأموال و جرائم الصرف، و هي الجرائم التي يمكن أن يسأل عنها الشخص المعنوي كما رأينا سابقا.
كما أنه و بعد إقرار المشرع الجزائري بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن جريمة إصدار شيك دون رصيد المنصوص عليها في المادة 374 ق ع وهذا بموجب المادة 374 مكرر المستحدثة بالقانون 06-23، أصبح الإختصاص المحلي للجهات القضائية المختصة بالمتابعة و التحقيق و الحكم يتحدد كذلك بمكان الوفاء بالشيك أو مكان إقامة المستفيد من الشيك.
المطلب الثاني : تمثيل الشخص المعنوي أمام القضاء
إذا كانت المسؤولية الجزائية هي صلاحية شخص معين لتحمل الجزاء الجنائي المنصوص عليه في القانون و الذي لا يصدر إلا بعد محاكمة تجري وفقا للقواعد و الإجراءات القانونية ،فكيف تتم محاكمة الشخص المعنوي أو بمعنى آخر من الذي يمثل الشخص المعنوي أمام القضاء ؟
الأصل العام هو أن يقوم الممثل القانوني بتمثيل الشخص المعنوي أمام جهات التحقيق و المحاكمة، لكن يجب الإشارة إلى بعض الحالات الخاصة التي يمثل فيها الشخص المعنوي بواسطة ممثل قضائي معين من جانب السلطة المختصة، و هذا في حالة عدم وجود شخص مؤهل لتمثيل الشخص المعنوي أو عندما يكون ممثله القانوني ملاحقا في الدعوى نفسها و هذا ما نظمه المشرع الجزائري من خلال المادتين 65 مكرر 02 و 65 مكرر 03 من ق .إ.ج .
الفرع الأول : الممثل القانوني
نصت المادة 65 مكرر 02 من ق.إ ج على أنه : « يتم تمثيل الشخص المعنوي في إجراءات الدعوى من طرف ممثله القانوني الذي كانت له هذه الصفة عند المتابعة، و الممثل القانوني للشخص المعنوي هو الشخص الطبيعي الذي يخوله القانون أو القانون الأساسي للشخص المعنوي تفويضا لتمثيله.
و إذا تم تغيير الممثل القانوني أثناء سير الإجراءات يقوم خلفه بإبلاغ الجهة القضائية المرفوعة إليها الدعوى بهذا التغيير» و تبعا لذلك تباشر الدعوى الجزائية ضد الشخص المعنوي في مواجهة ممثله القانوني الذي يتمتع بهذه الصفة وقت اتخاذ الإجراءات و ليس وقت ارتكاب الجريمة، و هو ذات التوجه الذي سلكه المشرع الفرنسي من خلال المادة 706\43 ق. إ. ج .
و الممثل القانوني للشخص المعنوي هو الشخص الطبيعي الذي يخوله القانون أو القانون الأساسي للشخص المعنوي تفويضا لتمثيله و هو عموما الرئيس المدير العام، أو المدير، أو المسير، و ذلك حسب الشكل الذي يكتسبه الشخص المعنوي و طبيعته القانونية .
فشركة المساهمة مثلا ممثلها القانوني حسب نظامها الأساسي هو من يملك أكبر عدد ممكن من الأسهم، كما يمكن أن يكون عضوا من أعضاءها.
و يقوم هذا الممثل القانوني بتمثيل الشخص المعنوي في جميع إجراءات الدعوى، غير أنه في حالة تغييره أثناء سير الإجراءات يجب على الممثل القانوني الجديد للشخص المعنوي إخطار الجهة القضائية المختصة عن صفته.
و إذا كان المشرع الجزائري قد أكد على ضرورة هذا الإخطار إلا أنه لم يحدد شكله ، و هذا خلافا للمشرع الفرنسي الذي نص على أن يتم ذلك بخطاب مسجل بعلم الوصول و التسلم
و تجدر الإشارة إلى أنه و عندما تتخذ إجراءات الدعوى الجزائية اتجاه ممثل الشخص المعنوي بصفته و ليس كمسؤول عن الجريمة المنسوبة إلى هذا الأخير، فلا يجوز أن يتعرض هذا الممثل لأي إجراء ينطوي على إكراه غير تلك الإجراءات التي تتخذ ضد الشاهد، و من ثم لا يجوز القبض عليه و لا حبسه مؤقتا أو إخضاعه للرقابة القضائية، و الإجراء الوحيد الذي ينطوي على القهر و الذي يمكن أن يتخذه قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة إتجاهه هو إجباره على الحضور بواسطة رجال الضبطية القضائية إذا رفض الحضور طبعا، غير أن الشخص المعنوي ذاته يمكن إخضاعه إلى الرقابة القضائية و هذا حسب المادة 706/44 ق.إ. ج. ف .
الفرع الثانى : الممثل القضائى
تنص المادة 65 مكرر 03 من ق. إ .ج على ما يلى :" إذا تمت متابعة الشخص المعنوي وممثله القانوني جزائيا في نفس الوقت أو إذا لم يوجد أي شخص مؤهل لتمثيله ، يعين رئيس المحكمة بناء على طلب النيابة العامة ممثلا من ضمن مستخدمي الشخص المعنوي " من خلال هذه المادة نلاحظ أن المشرع الجزائري نص على حالتين يقوم فيهما رئيس المحكمة بطلب من النيابة بتعيين ممثل قضائي للشخص المعنوي و هما :
الحالة الأولى : عندما تتم ملاحقة الشخص المعنوي و ممثله القانوني معا عن الوقائع ذاتها أو وقائع أخرى مرتبطة بها فهنا تتخذ إجراءات الدعوى ضد هذا الممثل باعتباره مسؤول جزائيا عن الجريمة، خاصة و أنه ومن المقرر أن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تستبعد مساءلة الشخص الطبيعي عن ذات الجريمة، و بالتالي يمكن إخضاع هذا الأخير إلى الحبس المؤقت أو نظام الرقابة القضائية، ففي هذه الحالة من الممكن جدا أن يكون هناك تناقض بين مصالح الشخص المعنوي و الشخص الطبيعي و هذا ما يتعارض من سير العدالة الجنائية، لهذا يجب اللجوء إلى حل أو طريق آخر لدفع هذا التناقض و هو استبعاد هذا الشخص الطبيعي ( الممثل القانوني ) و تعيين وكيل قضائي عوضا عنه و هو نفس الحل الذي أخذ به المشرع الفرنسي من خلال المادة المذكورة أعلاه حيث أعطى لرئيس المحكمة سلطة تعيين ممثل قضائي للشخص المعنوي ما لم يختار هذا الأخير شخصا آخر يستفيد طبقا للقانون أو النظام الأساسي للشخص المعنوي من تفويض السلطات لهذا الغرض .
الحلة الثانية : عدم وجود شخص طبيعي مؤهل لتمثيل الشخص المعنوي، كأن يكون في حالة فرار،فهنا يقوم رئيس المحكمة بتعيين وكيل قضائي للشخص المعنوي بناء على طلب النيابة العامة لكفالة حق الدفاع و هذا على غرار ما ذهب إليه المشرع الفرنسي من خلال المادة 706\43 ق.إ.ج.ف إلا أنه نص على أن ذلك يكون بطلب إما من النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو الطرف المدني.
المطلب الثالث : التدابير التي يمكن لقاضي التحقيق تطبيقها على الشخص المعنوي
يبدو من غير المعقول تطبيق إجراءات الحبس المؤقت على الشخص المعنوي مثلما هو الحال بالنسبة للشخص الطبيعي، غير أنه لقاضي التحقيق كامل الصلاحيات بعد توجيه الإتهام من طرف النيابة بوضع الشخص المعنوي تحت نظام الرقابة القضائية وفق ما جاءت به المادة 65 مكرر 04 من ق.إ.ج و المقابلة لنص المادة 706\45 ق. إ. ج. ف، غير أن هذه الرقابة ليست نفسها المطبقة على الشخص المعنوي كمنعه من التغيب عن المنزل أو الذهاب إلى بعض الأماكن، فالأمر يتعلق برقابة قضائية فيها التزامات تتلاءم مع وضعية الشخص المعنوي . و الذي بمقتضاها يمكن لقاضي التحقيق أن يفرض عليه التزاما أو أكثر من الالتزامات الآتية :
1- إيداع كفالة.
2- تقديم تأمينات عينية لضمان حقوق الضحية.
3- المنع من إصدار شيكات أو استعمال بطاقات الدفع مع مراعاة حقوق الغير.
4- المنع من ممارسة بعض النشاطات المهنية أو الاجتماعية .
و يترتب على مخالفة الإلتزامات المفروضة على الشخص المعنوي توقيع غرامة من 100.000 دج إلى 500.000 دج و هذا بأمر من قاضي التحقيق بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية.
و يثور التساؤل في ظل المادة 172 من ق.إ.ج في صياغتها الجديدة التي أجازت للمتهم و محاميه استئناف الأوامر المنصوص عليها في المادة 65 مكرر 04 من نفس القانون، حول ما إذا كان الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق و القاضي بفرض غرامة على الشخص المعنوي من الأوامر التي يجوز استئنافها أمام غرفة الإتهام بالمجلس القضائي ، أم أن هذا الأمر مثله مثل أمر قاضي التحقيق القاضي بمعاقبة الشاهد الذي لم يلتزم بواجب الحضور إلى مكتبه بغرامة من 200 إلى 2000 دج و هو الأمر المنصوص عليه في المادة 97 من ق.إ .ج و الذي لا يجوز الطعن فيه بصريح النص ؟
المبحث الثاني : العقوبات الخاصة بالشخص المعنوي
إن المشرع الجزائري و بعد تبنيه لمبدأ خضوع الشخص المعنوي للمساءلة الجزائية و ذلك بنص المادة 51 مكرر من ق.ع، و نظرا للطبيعة الخاصة للشخص المعنوي، قرر إخضاعه إلى مجموعة من الجزاءات المتميزة التي تضمنتها المواد 18 مكرر ، 18 مكرر 01 و 18 مكرر 02 من ق.ع.
و يستفاد من هذه المواد أن المشرع الجزائري بعد تعديل قانون العقوبات في 2006، قسم عقوبات الشخص المعنوي إلى الغرامة التي جعلها عقوبة أصلية و إلى غيرها من العقوبات التي أضفى عليها صفة العقوبات التكميلية.
و سنتناول العقوبة الأصلية الغرامة في ( المطلب الأول ) ثم العقوبات التكميلية في ( المطلب الثاني ) و أخيرا سنتحدث عن القواعد التي تحكم تطبيق هذه العقوبات في ( المطلب الثالث ).
المطلب الأول : العقوبة الأصلية : الغرامة
تعرف العقوبة الأصلية على أنها تلك العقوبة التي يجوز الحكم بها دون أن تقترن بها أي عقوبة أخرى و العقوبة الأصلية التي تتلاءم و طبيعة الشخص المعنوي هي عقوبة الغرامة.
و تعرف الغرامة على أنها إكراه مالي يتضمن إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ مالي لصالح الخزينة، و نصت المادتين 18 مكرر، 18 مكرر01 من ق.ع على مقدار الغرامة التي يلزم الشخص المعنوي بأدائها في حال إدانته عن الجنايات و الجنح و المخالفات التي يقترفها ( الفرع الأول )، في حين حددت المادة 18 مكرر 02 من ق.ع مقدار هذه الغرامة في حال الجرائم التي لا يعاقب فيها الشخص الطبيعي بغرامة و تقوم عنها المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ( الفرع الثاني ).
الفرع الأول : مبلغ الغرامة
تنص المادة 18 مكرر في بندها الأول على أن العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي في مواد الجنايات و الجنح هي :
«الغرامة المالية التي تساوي من مرة إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة»
و تنص المادة 18 مكرر01 في بندها الأول على أن« العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي في مواد المخالفات هي الغرامة التي تساوي من مرة إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة».
و تبعا لذلك يكون المشرع الجزائري قد ساوى في مقدار الغرامة المطبقة على الشخص المعنوي و هذا في حالة الجنايات و الجنح و حتى المخالفات، مما يثير التساؤل حول كيفية تحديد وصف الجرائم التي يرتكبها الشخص المعنوي.

و في الحقيقة و حسب رأي أحسن بوسقيعة لا يوجد حل لهذه المشكلة إلا من خلال الرجوع إلى العقوبة السالبة للحرية المقررة للشخص الطبيعي و اعتمادها لتحديد وصف الجريمة .
و في القانون رقم 04\15 نص المشرع الجزائري على عقوبة الغرامة و هذا في النصوص القليلة التي أفردها لتحديد الجرائم التي يسأل عنها الشخص المعنوي سواء ما تعلق منها بجريمة تكوين جمعية أشرار ( المادة 177 مكرر 01 ) أو جريمة تبييض الأموال ( المادة 389 مكرر 07 ) و جريمة المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ( المادة 394 مكرر 04 ) إلا أنه لم يساوي في مقدارها، و جعلها تعادل خمس مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في كل من جريمتي تكوين جمعية أشرار و المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، و لا تقل عن أربع مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في جريمة تبييض الأموال.
و هكذا إذا أدين شخص معنوي بجريمة تبييض الأموال فإن الحد الأدنى لعقوبة الغرامة يكون إما 12.000.000 دينار جزائري أو 32.000.000 دينار جزائري حسب الحالة و هذا طبقا للمواد 389 مكرر 01 و 389 مكرر 02
و بعد تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06\23 و الذي بموجبه تم توسيع نطاق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إلى عدد مهم من الجنايات و الجنح، و التي تتعلق أساسا بالجنايات و الجنح ضد أمن الدولة و الجنايات و الجنح ضد الأموال و بعض الجنايات و الجنح ضد الأشخاص و جرائم التزوير و الجنايات و الجنح التي من شأنها الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل و جريمة خرق الإلتزامات المترتبة عن العقوبات التكميلية المحكوم بها، نص المشرع الجزائري على عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى هذه الجرائم السابقة و أحال في مقدارها إلى المادتين 18 مكرر و 18 مكرر 02 عند الاقتضاء.
و الملاحظ من خلال النصوص السابقة أن المشرع الجزائري حدد الغرامة التي يمكن فرضها على الشخص المعنوي على أساس تلك المطبقة على الشخص الطبيعي معتمدا في ذلك على المعيار ذاته الذي اعتمده المشرع الفرنسي و جعلها تساوي 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي.
و يبدو أن المشرع قد وضع في اعتباره أن عقوبة الغرامة تطبق عادة على الشخص الطبيعي مع عقوبة أخرى سالبة للحرية، و لما كانت هذه الأخيرة لا يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي بالإضافة إلى عقوبة الغرامة المحكوم بها فقد رأى أن المساواة تقتضي مضاعفة مبالغ الغرامة المحكوم بها بالنسبة للشخص المعنوي . و إذا كانت القاعدة العامة تقتضي أن يحدد المشرع الجزائري مجال الغرامة بين حد أدنى و حد أقصى تاركا في ذلك تحديد قيمتها إلى تقدير قاضي الموضوع، إلا أنه وضع حدا لإعمال هذه السلطة التقديرية و ذلك في جريمتي تكوين جمعية أشرار و المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، إذ جاءتا بمعنى اللزوم بالحكم في حدود 05 مرات الحد الأقصى المقرر للغرامة المطبقة على الشخص الطبيعي في ذات الجريمة، على خلاف جريمة تبييض الأموال أين وضع المشرع الحد الأدنى للغرامة و الذي لا يمكن أن يقل عن 04 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، تاركا المجال مفتوحا لسلطة القاضي التقديرية فيما يخص الحد الأقصى و الذي لا يمكن أن يتجاوز في كل الأحوال ما جاء في المادة 18 مكرر من ق.ع أي 05 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي.
كما فرض المشرع الجزائري في نص المادة 65 مكرر 04 من ق.إ.ج غرامة مالية توقع على الشخص المعنوي الذي يخالف التدابير المنصوص عليها في ذات المادة يتراوح مقدارها من 100.000.00 دج إلى 500.000.00 دج و هذا بأمر من قاضي التحقيق بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية.
و في القوانين الخاصة نص المشرع الجزائري على عقوبة الغرامة كجزاء للجرائم التي تقوم فيها مسؤولية الشخص المعنوي إلا أنه لم يساوي في مقدارها.
ففي الجرائم الضريبية و أساسا في جريمة الغش الضريبي تتفق كل النصوص الضريبية على خضوع الشخص المعنوي من حيث الجزاء لغرامات جزائية بالإضافة إلى الغرامات الجبائية، حيث نصت المادة 303 فقرة 09 من قانون الضرائب المباشرة على ما يلي : « عندما ترتكب المخالفة من قبل شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص يصدر الحكم ....... و يصدر الحكم بالغرامات الجزائية المستحقة ضد المتصرفين أو ......... و ضد الشخص المعنوي دون الإخلال فيما يخص هذا الأخير من الغرامات الجبائية المنصوص على تطبيقها » . كما نصت المادة 554 من قانون الضرائب غير المباشرة على ما يلي : « عندما ترتكب المخالفة من قبل شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص ....... و تقرر الغرامات الجزائية المستوجبة في آن واحد على أعضاء مجالس الإدارة أو ....... و على الشخص المعنوي، و الأمر كذلك بالنسبة للعقوبات المالية المطبقة، و هو نفس الحكم المقرر في المادة 138 من قانون الرسم على رقم الأعمال و المادة 36\04 من قانون الطابع و في المادة 121 \04 من قانون التسجيل.
و هكذا إذا ارتكب الشخص المعنوي هذه الجريمة تطبق عليه الغرامات الجزائية المقررة جزاء للشخص الطبيعي الذي يرتكب نفس الجريمة فضلا عن الجزاءات الجبائية.
و تختلف النصوص الضريبية حول مقدار الغرامة الجزائية المطبقة على الشخص الطبيعي، ففي قانون الضرائب المباشرة نصت المادة 303 المعدلة بموجب القانون 02-11 المؤرخ في 24-12-2004 و المتضمن قانون المالية لسنة 2003 على مقدار الغرامة الجزائية و التي تتدرج حسب قيمة الحقوق المتملص منها و نذكر منها على سبيل المثال :
يكون مقدار الغرامة الجزائية من 50.000 إلى 100.000 دج عندما لا تتجاوز قيمة الحقوق المتملص منها مبلغ 300.000 دج.
يكون مقدار الغرامة الجزائية من 100.000 دج إلى 300.000 دج عندما تفوق قيمة الحقوق المتملص منها مبلغ 300.000 دج و لا تتجاوز مبلغ 1.000.000 دج.
و تتحول الجريمة من جنحة إلى جناية عندما تفوق قيمة الحقوق المتملص منها مبلغ 1.000.000 دج و في هذه الحالة تختلف قيمة الغرامة الجزائية على هذا النحو :
عندما تفوق قيمة الحقوق المتملص منها مبلغ 1.000.000 دج و لا تتجاوز مبلغ 3.000.000 دج تكون قيمة الغرامة الجزائية من 300.000 إلى 1.000.000 دج و عندما تفوق قيمة الحقوق المتملص منها مبلغ 3.000.000 دج تكون قيمة الغرامة الجزائية من 1.000.000 دج إلى 3.000.000 دج .
و في جرائم الصرف يعاقب الشخص المعنوي بغرامة لا يمكن أن تقل على 4 مرات عن قيمة محل المخالفة أو محاولة المخالفة .
أما في ما يخص المخالفات المتعلقة بشروط ممارسة الأنشطة التجارية فيتعرض الشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى هذه المخالفات و التي سبق و أن تطرقنا إليها في الفصل الأول إلى عقوبات الغرامة المنصوص عليها في المواد 31، 32، 35، 37، 40، 41 من قانون 04-08 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية.
تنص المادة 31 على معاقبة كل شخص اعتباري يمارس نشاط تجاري قار دون التسجيل في السجل التجاري بغرامة من 10.000 دج إلى 100.000 دج.
كما تنص المادة 32 على معاقبة التجار الذين يمارسون أنشطة تجارية غير قارة دون التسجيل في السجل التجاري بغرامة من 500 دج إلى 50.000 دج و التاجر قد يكون شخصا طبيعيا كما قد يكون شخصا معنويا.
أما المادة 35 فتعاقب كل شخص معنوي خاضع للتسجيل في السجل التجاري و الذي يمتنع عن إشهار البيانات القانونية المنصوص عليها في أحكام المواد 11، 12، 14 من هذا القانون بغرامة من 30.000 دج إلى 300.000 دج.
كما تعاقب المادة 37 كل شخص معنوي يمتنع عن تعديل بيانات مستخرج السجل التجاري في أجل 03 أشهر تبعا للتغييرات الطارئة على الوضع أو الحالة القانونية له بغرامة من 10.000 دج إلى 100.000 دج.
و تعاقب المادة 40 كل شخص معنوي يمارس نشاط أو مهنة مقننة خاضعة للتسجيل في السجل التجاري دون الرخصة أوالاعتماد المطلوبين بغرامة من 50.000 دج إلى 500.000 دج.
أما المادة 41 فتعاقب كل شخص معنوي يمارس تجارة خارجة عن موضوع السجل التجاري بغرامة من 20.000 دج إلى 200.000 دج.
و في جرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث و إنتاج و تخزين و استعمال الأسلحة الكيماوية و تدميرها يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب جريمة استعمال سلاح كيميائي أو مادة كيميائية مدرجة في الجدول الأول من ملحق الاتفاقية و هذا لأغراض محظورة بغرامة من 5.000.000 دج إلى 15.000.000 دج.
كما يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المواد 10، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 17 من هذا القانون بغرامة تعادل خمس مرات الغرامة المقررة للشخص الطبيعي. ( المادة 18 من القانون رقم 03\09 ) المتضمن قمع جرائم مختلفة أحكام اتفاقية حظر استحداث و إنتاج و تخزين و استعمال الأسلحة الكيماوية و تدميرها.
و في جرائم المخدرات يعاقب الشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد من 13 إلى 17 من القانون رقم 04\18 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الاستعمال والاتجار غير المشروع بهما بغرامة تعادل خمس مرات الغرامة المقررة للشخص الطبيعي،في حالة ارتكابه الجرائم المنصوص عليها في المواد من 18 إلى 21 من نفس القانون يعاقب بغرامة تتراوح من 50.000.000 دج إلى 250.000.000 دج .
و هي الجرائم التي سبق و أن تناولناها في الفصل الأول .
و في جرائم التهريب نصت المادة 24 من الأمر رقم 05\06 المتعلق بمكافحة التهريب على معاقبة الشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا الأمر بغرامة قيمتها ثلاثة أضعاف الحد الأقصى للغرامة التي يتعرض لها الشخص الطبيعي الذي يرتكب نفس الأفعال، و في حالة ما إذا كانت العقوبة المقررة للشخص الطبيعي هي السجن المؤبد يعاقب الشخص المعنوي الذي ارتكب نفس الأفعال بغرامة تتراوح بين 50.000.000 دج و 250.000.000 دج.
و أما في جرائم الفساد، أحالت المادة 53 من القانون رقم 06\01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته إلى القواعد العامة المقررة في قانون العقوبات فيما يخص المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن هذه الجرائم، و هكذا يعاقب الشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى هذه الجرائم بغرامة قدرها من مرة إلى 05 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة جزاء للشخص الطبيعي الذي يرتكب نفس الجريمة .
و أما بالنسبة لجرائم مخالفة تدابير قانون مكافحة تبييض الأموال و تمويل الإرهاب،نصت المواد 31، 32، 34 من القانون رقم 05-01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال و تمويل الإرهاب و مكافحتها على عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى هذه الجرائم،حيث نصت المادة 31 على معاقبة كل شخص معنوي ( البنوك و المؤسسات المالية ) يقبل دفعا خرقا لأحكام المادة 06 بغرامة من 50.000 إلى 500.000 دج،كما نصت المادة 32 على معاقبة كل خاضع ( قد يكون شخصا معنويا ) يمتنع عمدا وبسابق معرفة عن تحرير و /أو إرسال الإخطار بالشبهة المنصوص عليه في هذا القانون بغرامة من 100.000 دج إلى 1.000.000 دج.
أما المادة 34 فقد نصت على معاقبة المؤسسات المالية المذكورة في هذه المادة ( البنوك، المؤسسات المالية و المؤسسات المالية المشابهة ) و التي تخالف عمدا و بصفة متكررة تدابير الوقاية من تبييض الأموال و تمويل الإرهاب المنصوص عليها في المواد 7، 8، 9، 10، 14 من هذا القانون بغرامة من 1.000.000 دج إلى 5.000.000 دج دون الإخلال بعقوبات أشد.
و تجدر الإشارة في الأخير إلى أنه إذا كان المشرع الجزائري قد قرر عقوبة الغرامة كجزاء للمخالفات التي يرتكبها الشخص المعنوي و التي يتراوح مقدارها كما رأينا من مرة إلى 05 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، الا انه قبل التعديل الأخير لقانون العقوبات، لم تكن هناك أية جريمة يسأل عنها الشخص المعنوي و تأخذ وصف مخالفة، فكل الجرائم التي تقوم فيها مسؤولية الشخص المعنوي اما جنايات و إما جنح.
و بعد تعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم 06\23 أصبح الشخص المعنوي يسأل عن عدد كبير من الجرائم من بينها تلك الجرائم التي من شأنها الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل، و هذا بموجب المادة 321 فقرة 05, حيث يعاقب المشرع الجزائري كل من يقوم بنقل طفل أو إخفاءه أو استبداله بطفل آخر أو تقديمه على أنه ولد لامرأة لم تضع و ذلك في ظروف من شأنها الحيلولة دون التحقق من شخصيته.
و تتحول هذه الجريمة إلى مخالفة إذا ثبت أن الطفل لم يولد حيا و هي الحالة الوحيدة التي أصبح الشخص المعنوي يسأل فيها عن جريمة تأخذ وصف مخالفة.
الفرع الثاني : حالة الجريمة التي لا يعاقب فيها الشخص الطبيعي بالغرامة
إذا كان المشرع الجزائري قد اعتمد في تحديده لمقدار الغرامة المقررة للشخص المعنوي على تلك المقررة للشخص الطبيعي، فإن هذا الأمر لم يكن يثير أي إشكال في ظل قانون العقوبات رقم 04\15، ذلك أن كل الجرائم التي تقوم فيها مسؤولية الشخص المعنوي يعاقب عنها الشخص الطبيعي بعقوبة الحبس و الغرامة إلا أنه و بعد تعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم 06-23 أصبح المشرع الجزائري يسأل الشخص المعنوي عن مجموعة كبيرة من الجرائم و التي نجد من بينها تلك التي يعاقب فيها الشخص الطبيعي بعقوبة الإعدام أو السجن أو الحبس فقط دون الغرامة و هذا ما أدى بالمشرع الجزائري إلى استحداث مادة جديدة هي المادة 18 مكرر 02 و التي تحدد مقدار الغرامة في هذه الجرائم بقولها :
« عندما لا ينص القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للأشخاص الطبيعية سواء في الجنايات أو الجنح و قامت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي طبقا لأحكام المادة 51 مكرر فإن الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي يكون كالآتي :
2.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد .
1.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالسجن المؤقت.
500.000 دج بالنسبة للجنحة » .
و هكذا على سبيل المثال عندما تكون الجناية معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد كما هو الحال بالنسبة لبعض الجنايات ضد أمن الدولة المنصوص و المعاقب عليها في المواد من61 إلى 96 كجنايات الخيانة و التجسس و التقتيل و التخريب المخلة بالدولة و بعض الجنايات الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية ( المادة 96 مكرر من ق.ع ) و قامت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من أجل هذه الجرائم طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر من ق.ع فإن الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقرر لعقوبته هو 2.000.000 دج و على هذا الأساس فإنه يعاقب بغرامة من 2.000.000 دج إلى 10.000.000 دج.
و إذا قامت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من أجل جنحة ،لا يعاقب فيها الشخص الطبيعي بعقوبة الغرامة كما هو الحال في جنح كسر الأختام الموضوعة بأمر من السلطة العمومية ( المادتان 155 و 157 من ق.ع ) فإن الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة لعقوبة الشخص المعنوي هو 500.000 دج و على هذا الأساس يعاقب بغرامة من 500.000 دج إلى 2.500.000 دج.
و نشير إلى حالة خاصة تتعلق بجريمة إصدار أو قبول شيك دون رصيد المنصوص عليها في المادة 374 ق.ع التي لم يحدد فيها المشرع الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، و من هنا يثور الإشكال حول تطبيق الغرامة على الشخص المعنوي في حالة قيام مسؤوليته الجزائية من أجل هذه الجريمة إذ يرى أحسن بوسقيعة أنه ليس هناك حل في هذه الحالة إلا اعتبار قيمة الشيك حدا أقصى للغرامة و من ثم تطبق على الشخص المعنوي غرامة تساوي من مرة إلى 5 مرات قيمة الشيك .
و في القوانين الخاصة نص المشرع في بعض الجرائم التي لا يعاقب فيها الشخص الطبيعي بالغرامة المقررة جزاء للشخص المعنوي في حالة قيام مسؤوليته الجزائية بشأنها، و هكذا تنص المادة 24 من الأمر رقم 05\06 المتعلق بمكافحة التهريب على معاقبة الشخص المعنوي بغرامة تتراوح بين 50.000.000 دج و 250.000.000 دج إذا كانت العقوبة المقررة للشخص الطبيعي هي السجن المؤبد . كما تنص المادة 25 من قانون رقم 04\18 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الإستعمال و الإتجار غير المشروعين بهما على معاقبة الشخص المعنوي الذي يرتكب الجرائم المنصوص عليها في المواد من 18 إلى 21 من هذا القانون بغرامة تتراوح من 50.000.000 دج إلى 250.000.000 دج وهي الجرائم التي يعاقب فيها الشخص الطبيعي بالسجن المؤبد.
كما نصت المادة 18 من قانون رقم 03-09 المتعلق بقمع جرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث و إنتاج و تخزين و استعمال الأسلحة الكيمياوية و تدمير تلك الأسلحة على معاقبة الشخص المعنوي الذي يرتكب الجرائم المحددة في نص المادة 09 بغرامة من 5.000.000 دج إلى 15.000.000 دج و هي الجرائم التي يعاقب فيها الشخص الطبيعي بالسجن المؤبد.


المطلب الثاني : العقوبات التكميلية
هي تلك التي لا يجوز الحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية فيما عدا الحالات التي ينص عليها القانون صراحة وهي إما إجبارية أو اختيارية .
ويميز المشرع الجزائري فيما يخص العقوبات التكميلية بين الجنايات والجنح من جهة والمخالفات من جهة أخرى .
الفرع الأول : في مواد الجنايات والجنح
تتمثل العقوبات التكميلية المقررة في مواد الجنح والجنايات فيما يلي :
• حل الشخص المعنوي .
• غلق المؤسسة أو إحدى فروعها لمدة لا تتجاوز 05 سنوات .
• الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 05 سنوات.
• المنع من مزاولة نشاط مهني أو اجتماعي بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز 05 سنوات .
• مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها .
• تعليق ونشر حكم الإدانة.
• الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة لا تتجاوز 05 سنوات .
وتجدر الإشارة إلى أنّ العقوبات التكميلية المذكورة كانت توصف في ظل قانون العقوبات قبل تعديله في 2006 " بوصف العقوبات الأخرى " دون أن يحدد المشرع طبيعتها، ومن ثمّ كان يثور التساؤل حول ما إذا كانت هذه العقوبات عقوبات أصلية أم عقوبات تكميلية ، فإذا كانت عقوبات أصلية فيجوز الحكم بها دون أن تقترن بها عقوبة الغرامة المنصوص عليها في البند رقم 01 من المادة 18 مكرر ويختلف الأمر إذا كانت عقوبات تكميلية فلا يجوز عندئد الحكم بها مستقلة عن العقوبة الأصلية المتمثلة في الغرامة .
خلافا للعقوبات المطبقة على الشخص الطبيعي التي قسمها المشرع إلى عقوبات أصلية و عقوبات تكميلية، لم يكن المشرع قبل تعديل قانون العقوبات في 2006 يقّسم العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي، وجاء بها في نص واحد لا يفصل فيه بين الغرامة والعقوبات الأخرى إلا رقم البند , مما كان يبعث على الاعتقاد بأنّ هذه الأخيرة عقوبات أصلية وليست عقوبات تكميلية وهو الرأي الراجح في القانون الفرنسي .
وتجدر الإشارة كذلك إلى أنه ومن خلال الصياغة التي وردت عليها المادة 18 مكرر يتبين أنّ العقوبات التكميلية المطبقة على الشخص المعنوي في الجنايات والجنح هي عقوبات إلزامية، ففي حالة إدانة الشخص المعنوي بجناية أو جنحة يكون القاضي ملزم بالحكم بالإضافة إلى الغرامة بإحدى هذه العقوبات التكميلية على الأقل وهذا في حالة ورود هذه العقوبات في النص المعاقب على الجريمة .
وسنتناول في هذا الفرع كل عقوبة على حدى وهذا وفقا للترتيب الذي جاءت عليه هذه العقوبات في المادة 18 مكرر .
أولا : حل الشخص المعنوي
يقصد بحل الشخص المعنوي منعه من الاستمرار في ممارسة نشاطه وهذا يقتضي أن لا يستمر هذا النشاط حتى لو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو أعضاء مجلس إدارة أو مسيرين آخرين ويترتب على ذلك تصفية أمواله مع المحافظة على حقوق الغير حسن النية .
وتعتبر عقوبة الحل أهم وأخطر عقوبة بالنسبة للشخص المعنوي إذ يترتب عليها إنهاؤه من الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهي تقابل عقوبة الإعدام بالنسبة للشخص الطبيعي ولقد نصّ المشرع الجزائري على عقوبة الحل في المادتين 177 مكرر01 و 389 مكرر 07 من ق.ع والمتعلقتين بجريمتي تكوين جمعية أشرار وتبييض الأموال على التوالي وجعلها جوازية للقاضي بالحكم بها في حالة الإدانة، في حين استبعدها في جريمة المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات المنصوص عليها في المادة 394 مكرر 04 وهذا رغم خطورتها .
وفي جرائم الفساد نصت المادة 53 من قانون رقم 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته على تطبيق القواعد المقررة في قانون العقوبات وهذا في حالة قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن هذه الجرائم ،وهكذا إذا ارتكب الشخص المعنوي إحدى جرائم الفساد تطبق عليه بالإضافة إلى عقوبة الغرامة واحد أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 18 مكرر من بينها عقوبة الحل .
كما نصّ المشرع الجزائري كذلك على عقوبة الحل كجزاء يطبق على الشخص المعنوي في حالة ارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بهما ، وألزم القاضي إما بالحكم بها أو بالحكم بعقوبة الغلق لمدة لا تفوق 05 سنوات وهو نفس ما ذهب إليه المشرع في جرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث و إنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية . وخلافا للمشرع الجزائري فانّ المشرع الفرنسي ونظرا لخطورة هذه العقوبة أحاط أعمالها بعدد من الضوابط التي ضيقت من نطاق تطبيقها وهذا من خلال المادة 131/39 ق.ع.ف التي حدّدت حالتين يجوز للقاضي فيها الحكم بعقوبة الحل .
فأمّا الحالة الأولى فتقتضي أن يكون الهدف الأساسي من إنشاء الشخص المعنوي هدفا غير مشروع ،وأما الحالة الثانية فتقتضي أن يكون الشخص المعنوي قد أنشئ بداية بغرض تحقيق هدف مشروع إلا أنّه تحول عن هذا الهدف فيما بعد إلى ممارسات غير مشروعة، وفي هذه الحالة لابدّ أن تكون الجريمة المرتكبة إما جناية أو جنحة عقوبتها الحبس لمدة تتجاوز 05 سنوات مما يعني بمفهوم المخالفة استبعاد عقوبة الحل إذا كانت الجريمة المرتكبة عقوبتها لا تتجاوز 05 سنوات أو أقل.
ولقد استبعد المشرع الفرنسي صراحة تطبيق عقوبة الحل على الأشخاص المعنوية التابعة للقانون العام و الأحزاب والتجمعات السياسية والنقابات المهنية ومؤسسات تمثيل الأشخاص .
كما تناول المشرع الفرنسي كذلك إجراءات حل الشخص المعنوي وهذا من خلال المادة 131/45 من ق.ع.ف والتي تنص على أن الحكم الذي يقضي بحل الشخص المعنوي يقرر في نفس الوقت إحالته إلى المحكمة المختصة لاتخاذ إجراءات التصفية القضائية .

ثانيا : غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز 5 سنوات
يقصد بغلق المؤسسة منعها من ممارسة النشاط الذي كانت تمارسه قبل الحكم بالغلق وهذه المدة لا تتجاوز 5 سنوات .
وإذا كان المشرع الجزائري قد أورد عقوبة الغلق ضمن العقوبات التكميلية المقررة كجزاء للشخص المعنوي في حالة ارتكابه جناية أو جنحة وهذا من خلال المادة 18 مكرر إلا انه لم ينص عليها إلا في المادة 177 مكرر 01 المتعلقة بجريمة تكوين جمعية أشرار والتي يكون القاضي ملزم عند الإدانة إما الحكم بها أو الحكم بإحدى العقوبات التكميلية الأخرى المنصوص عليها في ذات المادة.
أما في القوانين الخاصة فقد نص المشرع الجزائري على عقوبة الغلق في المادة 25 من قانون 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والإتجار غير المشروعين بهما، و في المادة 18 من قانون 03/09 المتعلق بجرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيمياوية و تدمير تلك الأسلحة بالإضافة إلى المادة 53 من قانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الدمار ومكافحته والتي أحالت إلى تطبيق القواعد العامة بخصوص مسؤولية الشخص المعنوي، وهكذا إذا قامت المسؤولية الجزائية إلى الشخص المعنوي من أجل ارتكابه إحدى جرائم الفساد، يكون القاضي ملزم في حالة الإدانة إما الحكم بعقوبة الغلق المؤقت لمدة لا تتجاوز 5 سنوات أو الحكم بإحدى العقوبات التكميلية الأخرى المنصوص عليها من المادة 18 مكرر.
ثالثا : الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 5 سنوات
يقصد بها منع الشخص المعنوي من التعامل في أي عملية يكون طرفها احد الأشخاص القائد العام ويسوي أن تكون الصفقة منصبة على أعمال عقارية أو منقولة وسواء تعلقت بالقيام بعمل أو تقديم خدمة أو مواد معينة وهدا سواء تم ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
وقد أورد المشرع الجزائري عقوبة الإقصاء من الصفقات العمومية ضمن العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 18 مكرر من ق.ع، والتي تطبق على الشخص المعنوي في حالة ارتكابه جناية أو جنحة وترك توقيعها إلى السلطة التقديرية القاضي الذي يكون ملزم الإدانة بتوقيع هذه العقوبة أو أي عقوبة تكميلية أخرى إلا انه قيد سلطته فيما يخص مدة الإقصاء والتي لا يمكن أن تتجاوز 5 سنوات.
والجريمة الوحيدة التي نص فيها المشرع الجزائري على عقوبة الإقصاء من الصفقات العمومية في قانون العقوبات هي جريمة تكوين جمعية أشرار (المادة 177 مكرر01) .
أما في القوانين الخاصة أشار المشرع الجزائري إلى هذه العقوبة تارة بصفة صريحة وهذا من خلال المادة 5 من الأمر 96/22 المعدل و المتمم المتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وتارة بصفه ضمنية من خلال المادة 53 من القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والتي أحالت إلى القواعد العامة المقررة في قانون العقوبات فيما يخص المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وهكذا وبالرجوع إلى المادة 18 مكرر ق.ع يمكن الحكم عليه بعقوبة الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 5 سنوات كعقوبة تكميلية .
رابعا : المنع مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز 5 سنوات
تضمنت المادة 18 مكرر من ق.ع والمقابلة للمادة 131/39 فقرة ثانية ق.ع.ف عقوبة المنع من ممارسة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز 5 سنوات كجزاء للجنايات والجنح التي يرتكبها الشخص المعنوي،إلا أن المشرع الجزائري لم ينص عليها إلا في جريمتي تكوين جمعية أشرار وتبييض الأموال : )المادتين 177 مكرر01 و 389 مكرر07 ) على التوالي و قد اشترط في الجريمة الأولى أن يكون النشاط هو الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة أو أن الجريمة قد ارتكبت بمناسبته ، في حين لم يحدد طبيعة هذا النشاط في الجريمة الثانية.
خامسا : مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها
المصادرة هي نزع ملكية المال جبرا دون مقابل و إضافته إلى ملك الدولة. وعرفت المادة 15 من ق.ع المصادرة بأنها الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة أو ما يعادل قيمتها عند الإقتضاء .
في قانون العقوبات نص المشرع الجزائري على المصادرة في المادتين 177 مكرر 01 و 389 مكرر 07 المتعلقتين بجريمتي تكوين جمعية أشرار و تبييض الأموال على التوالي، إلا أنه في المادة الأولى جعلها عقوبة جوازية بعد الحكم بالغرامة على خلاف المادة الثانية التي قيد سلطة القاضي في الحكم بها إلى جانب عقوبة الغرامة.
أما في القوانين الخاصة فنجد المادة 53 من قانون رقم 06\01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته تحيل إلى القواعد العامة فيما يخص المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي و تبعا لذلك و بالرجوع للمادة 18 مكرر ق.ع فيمكن الحكم بعقوبة المصادرة كجزاء لجرائم الفساد التي يرتكبها الشخص المعنوي.
كما نص المشرع في المادة 05 من الأمر 96/22 المعدل و المتمم على مصادرة محل الجنحة و وسائل النقل المستعملة في الغش في جرائم الصرف و جعلها عقوبة تكميلية وجوبية تطبق إلى جانب عقوبة الغرامة.
و تنصب المصادرة على الشيء ذاته أو قيمته :
تقتضي الحالة الأولى توافر شرط سبق ضبط الشيء محل المصادرة و تشمل المصادرة في هذه الحالة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو الناتج عنها و من ذلك وسائل النقل و المعدات المستعملة، كما يمكن أن تشمل المصادرة كذلك الممتلكات و العائدات المتحصل عليها و هذا إذا تعلق الأمر بجريمة تبييض الأموال.
أما الحالة الثانية المتعلقة بمصادرة قيمة الشيء فتتحقق إذا كانت الأشياء السابق ذكرها لم يتم ضبطها أو تقديمها للسلطات العامة .
و في هذا السياق نجد المادة 389 مكرر 07 ألزمت القاضي في جريمة تبييض الأموال و في حالة تعذر تقديم أو حجز الممتلكات محل المصادرة أن يحكم بقيمة هذه الممتلكات. كما قيدت المادة 05 من الأمر 96\22 المعدل بالأمر 03-01 المتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج سلطة القاضي في الحكم بعقوبة مالية تقوم مقام المصادرة و تساوي قيمة الأشياء التي لم تحجز أو لم يقدمها الشخص المعنوي لأي سبب كان.

سادسا: نشر و تعليق حكم الإدانة
نشر الحكم يعني إعلانه و إذاعه بحيث يصل إلى علم عدد كاف من الأفراد. و هو ما يمثل تهديدا فعليا للشخص المعنوي و يمس بمكانته و ثقة الجمهور فيه الأمر الذي يؤثر سلبا على نشاطه في المستقبل.
و نصت المادة 18 من ق.ع على أنه للمحكمة و عند الحكم بالإدانة أن تأمر في جميع الحالات التي يحددها القانون بنشر الحكم بأكمله أو مستخرج منه في جريدة أو أكثر يعينها أو بتعليقه في الأماكن التي يبينها الحكم و يكون ذلك على نفقة المحكوم عليه في حدود ما تحدده المحكمة لهذا الغرض من مصاريف بشرط أن لا تتجاوز مدة التعليق شهر واحد.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري و إلى غاية سنة 2006 لم يتبنى هذه العقوبة في أي جريمة من جرائم الشخص المعنوي المنصوص عليها في قانون العقوبات.
أما في القوانين الخاصة نجد المادة 53 من قانون 06\01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافتحه تحيل إلى تطبيق القواعد العامة في حالة ارتكاب الشخص المعنوي لأي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون و هكذا و بالرجوع إلى المادة 18 مكرر ق.ع يمكن الحكم على هذا الشخص بعقوبة النشر.
سابعا : الوضع تحت الحراسة لمدة لا تتجاوز 5 سنوات
يتمثل هذا الإجراء في وضع الشخص المعنوي تحت حراسة القضاء و هو يقترب كثيرا من نظام الرقابة القضائية. و تطبق هذه العقوبة على الشخص المعنوي في حالة ارتكابه جناية أو جنحة لمدة لا تتجاوز 05 سنوات. و تنصب الحراسة على النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته .
و ما يعاب على المشرع الجزائري هو عدم تطرقه لإجراءات الحراسة القضائية المنصبة على أنشطة الشخص المعنوي و هذا خلافا للمشرع الفرنسي الذي نص في المادة 131\46 ق.ع.ف على أن الحكم الصادر بهذا الإجراء يعين وكيلا قضائيا مع تحديد مهامه في الإشراف على الأنشطة التي بموجب ممارستها أو بمناسبتها ارتكبت الجريمة، و بعد تقديم هذا الأخير لتقريره يكون للقاضي المصدر للحكم بوضع الشخص المعنوي تحت الرقابة أن يأمر باستبدال العقوبة أو أن يرفعها عنه نهائيا.
و تجدر الإشارة إلى أنه و في تعديل قانون العقوبات في 2006 تم التوسيع من نطاق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إلى عدد مهم من الجرائم المتعلقة بالجنايات و الجنح ضد أمن الدولة ( المادة 96 مكرر ) ، الجنايات و الجنح ضد النظام العمومي ( المادة 175 مكرر ) ، جرائم التزوير ( المادة 253 مكرر ) ..... ألزم المشرع الجزائري القضاة في حالة إدانة الشخص المعنوي بإحدى هذه الجرائم الحكم عليه إضافة إلى عقوية الغرامة بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 18 مكرر، و بذلك يكون المشرع قد وسع من مجال تطبيق هذه العقوبات ليشمل معظم الجرائم التي يسأل عنها الشخص المعنوي.
الفرع الثاني : في مواد المخالفات
لم ينص المشرع الجزائري على العقوبات التكميلية المقررة للشخص المعنوي في مواد المخالفات. و يثور التساؤل بشأن طبيعة المصادرة التي نصت عليها المادة 18 مكرر 01 كعقوبة جوازية في مواد المخالفات . و يرى أحسن بوسقيعة أنها عقوبة تكميلية لكون المصادرة مدرجة ضمن قائمة العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 18 مكرر في مواد الجنايات و الجنح و مع ذلك كان على المشرع أن يوضح طبيعتها في نص المادة 18 مكرر 01 أسوة بما فعله في المادة 18 مكرر .
المطلب الثالث : القواعد التي تحكم تطبيق عقوبات الشخص المعنوي
على خلاف المشرع الفرنسي الذي منح للقاضي الجزائي سلطات واسعة في تقدير العقوبة المطبقة على الشخص المعنوي سواء من حيث إمكانية وقف تنفيذها أو الإعفاء منها أو تأجيلها أو من حيث تخفيفها أو التشديد منها في حالة العود، فإن المشرع الجزائري و رغم إقراره بمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب قانون 04/15 لم ينص على إمكانية إفادة القاضي الجزائي بمثل هذه السلطات.
و السؤال المطروح : ما هي السلطات التي منحها المشرع للقاضي الجزائي عند تحديده للعقوبة المطبقة على الشخص المعنوي في ظل تعديل قانون العقوبات في 2006 ؟
سنحاول الإجابة عن هذا التساؤل بتحديد سلطة القاضي في تخفيف العقوبة ( الفرع الأول ) ثم في التشديد منها في حالة العود ( الفرع الثاني ).
الفرع الأول : تخفيف العقوبة
أجازت المادة 53 مكرر 07 المستحدثة إثر تعديل قانون العقوبات في 2006 تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي و حصرت مجالها في الغرامة و هي تميز بين فرضيتين :
أولا : إذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا
يجوز في هذه الحالة تخفيض الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
و هكذا و على سبيل المثال إذا أدين الشخص المعنوي من أجل جنحة إخفاء أشياء مسروقة المنصوص عليها في المادة 387 ق.ع و المعاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة من 20.000 دج إلى 100.000 دج و تقرر إفادة الشخص المعنوي بالظروف المخففة فإنه يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى حد 20.000 دج و هذا هو الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
ثانيا : إذا كان الشخص المعنوي مسبوق قضائيا
يجوز في هذه الحالة تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
و هكذا في المثال السابق إذا ما أدين شخص معنوي مسبوق قضائيا من أجل جنحة إخفاء أشياء مسروقة و تقرر إفادته بالظروف المخففة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى 100.000 دج و هو الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
و لقد عرفت المادة 53 مكرر 08 المقصود بالمسبوق قضائيا بالنسبة للشخص المعنوي و هو كل شخص معنوي محكوم عليه نهائيا بغرامة مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جريمة من القانون العام .
و هذا التعريف يحمل على الإعتقاد بإمكانية إفادة الشخص المعنوي بوقف التنفيذ فيما يخص عقوبة الغرامة إلا أن المشرع الجزائري لم يتناول ذلك بعد.
و يطرح التساؤل حول ما إذا كان ممكن تطبيق نظام وقف التنفيذ الخاص بالشخص الطبيعي و المنصوص عليه في المواد من 592 إلى 595 من ق.إ.ج على الشخص المعنوي خاصة في غياب نص يمنع ذلك ؟
برجوعنا إلى تلك المواد نرى عدم إمكانية تطبيقها على الشخص المعنوي و ذلك لاقترانها من جهة بعدم صدور أحكام بالحبس و هي الأحكام التي يستحيل تصور صدورها على الشخص المعنوي و من جهة أخرى بوجود صحيفة السوابق القضائية التي تقيد فيها العقوبات النهائية المحكوم بها على الشخص المعنوي و التي لم ينظمها المشرع الجزائري.
ثالثا : الحالة الخاصة التي لا ينص فيها القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي
نصت المادة 18 مكرر 02 ق.ع على هذه الحالة الخاصة و بينت الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي على النحو الآتي :
2.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
1.000.000 دج عندما تكون الجناية معاقب عليها بالسجن المؤقت.
500.000 دج بالنسبة للجنح.
و إذا كانت المادة 18 مكرر 02 تسمح بتحديد عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي إستنادا إلى الحد الأقصى المعين في النص فإن ما جاءت به المادة 18 مكرر 02 لا يمكن اعتماده بالنسبة لتطبيق الظروف المخففة إلا في حالة ما إذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا باعتبار أن المشرع يجيز في هذه الحالة تخفيض الغرامة إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي و هو الحد الذي يتطابق مع الحدود التي وضعها المشرع في المادة 18 مكرر 2 . أما في حالة ما إذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا فإن ما جاءت به المادة 18 مكرر 02 لا يمكن الإستناد عليه لتحديد الحد الأدنى الذي يجوز تخفيض الغرامة إلى مستواه الأمر الذي يستدعي تدخل المشرع لمعالجة هذا الفراغ .
الفرع الثاني : العود
إثر تعديل قانون العقوبات في 2006 نص المشرع الجزائري على مقدار الغرامة المطبقة على الشخص المعنوي في حالة العود، و ميز بين العود في مواد الجنايات و الجنح ( أولا ) و العود في مواد المخالفات ( ثانيا ).
أولا : العود في مواد الجنايات و الجنح
ينص المشرع الجزائري على العود في الجنايات و الجنح بالنسبة للشخص المعنوي في المواد من 54 مكرر إلى 54 مكرر 08، و التي من خلالها يمكن تقسيم حالات العود إلى أربع و هي :
1- العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها الغرامة التي يفوق حدها الأقصى 500.000 دج إلى جناية
و هنا نميز بين فرضيتين :
أ- إذا كانت الجناية الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة:
تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي.
ب- إذا كانت الجناية الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي :
تكون الغرامة المطبقة على الشخص المعنوي بحسب العقوبة المقررة للشخص الطبيعي، فإذا كانت الجناية الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بالإعدام أو السجن المؤبد، تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى هو 20.000.000 دج ، أما إذا كانت الجناية الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بالسجن المؤقت تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى 10.000.000 دج.
و العود في هذه الحالة عود عام و مؤبد، فهو عام لأن القانون لا يشترط فيه تماثلا بين الجناية أو الجنحة التي سبق الحكم فيها و الجناية الجديدة، و هو مؤبد لأن القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي السابق و الجريمة الجديدة .
2- العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها الغرامة التي يفوق حدها الأقصى 500.000 دج إلى جنحة مشددة
(المادة 54 مكرر06 ) وهنا نميز بين فرضيتين :
أ- إذا الجنحة الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة :
تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
و هكذا و على سبيل المثال تطبق في حالة العود على الشخص المعنوي الذي يرتكب جنحة بيع مواد مغشوشة أو فاسدة إذا ألحقت مرضا أو عجزا عن العمل غرامة من 500.000 دج إلى 10.000.000 دج باعتبار أن المادة 432 ق.ع تعاقب الشخص الطبيعي الذي يرتكب هذه الجنحة بغرامة من 500.000 دج إلى 1.000.000 دج.
ب- إذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي :
تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 10.000.000 دج .
و يبدو أن المشرع قد جانب الصواب عندما نص على هذا الإحتمال على أساس أنه يشترط لتحقيق العود أن تكون الجريمة الجديدة جنحة معاقب عليها بنفس العقوبة المقررة للجنحة الأولى أي أن تكون الجنحة الجديدة يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500.000 دج .
كما يشترط المشرع في هذه الحالة أن تقع الجريمة الجديدة خلال 10 سنوات التالية لانقضاء العقوبة السابقة، أي أن العود هنا مؤقتا .
3 - العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها الغرامة التي يفوق حدها الأقصى 500.000 دج إلى جنحة بسيطة
( المادة 54 مكرر 07 ق.ع )
و نميز هنا بين فرضيتين :
أ- إذا كانت الجنحة الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة : تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب- إذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي :
تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5.000.000 دج.
و مرة أخرى يتبين أن المشرع قد جانب الصواب عندما نص على هذا الإحتمال الثاني باعتباره يشترط لتحقق العود في هذه الحالة أن تكون الجريمة الجديدة جنحة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 500.000 دج .
و بالإضافة إلى ذلك يشترط المشرع في هذه الحالة أن تقع الجريمة الجديدة خلال 05 سنوات التالية لانقضاء العقوبة السابقة و العود هنا مؤقت.
4- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو جنحة مماثلة : ( المادة 54 مكرر 08 ق.ع )
نميز بين فرضيتين :
أ‌- إذا كانت الجنحة الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة : تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب - إذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي :
تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5.000.000 دج و يشترط المشرع الجزائري في هذه الحالة توافر ثلاثة شروط :
• أن تكون الجريمة الأولى جنحة بسيطة.
• أن تقع الجريمة الجديدة خلال 05 سنوات التالية لانقضاء العقوبة السابقة، و العود هنا مؤقت.
ثانيا : العود في مواد المخالفات
يمتاز العود في مواد المخالفات بأنه عود مؤقت إذ يشترط القانون لتحققه أن تكون المدة الفاصلة بين الحكم الأول النهائي و المخالفة الجديدة سنة على أقصى تقدير،و هو عود خاص، بحيث اشترط المشرع ارتكاب نفس المخالفة، و تطبق على الشخص المعنوي في هذه الحالة غرامة نسبتها القصوى تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه المخالفة بالنسبة للشخص الطبيعي. تضمنت بعض القوانين الخاصة أحكام تنص على مضاعفة العقوبات المنصوص عليها في هذه القوانين في حالة العود، و مثال ذلك ما نصت عليه المادة 24 من القانون 04/18 المتعلق بالمخدرات و المؤثرات العقلية و ما نصت عليه المادة 29 من أمر 05/06 المتعلق بالتهريب، و ما نصت عليه المادتان يصلح تطبيقه على الشخص الطبيعي و الشخص المعنوي على حد سوى .
و قد أجازت المادة 54 مكرر 10 للقاضي أن يثير تلقائيا حالة العود إذا لم يكن منوها عنها في سند المتابعة.
و يتعين هنا على الجهة القضائية إخبار المتهم بأنه في حالة العود و أن المحكمة بصدد تطبيق العقوبات المشددة المترتبة عن حالة العود، فإذا لم يبدي معارضة تواصلت محاكمته، و إذا رفض المتهم محاكمته على هذا الظرف المشدد تطبق عليه أحكام الفقرة 03 من المادة 338 من ق.إ.ج ، حيث يقوم الرئيس بتنبيهه بحقه في طلب مهلة لتحضير دفاعه و ينوه في الحكم عن هذا التنبيه و عن إجابة المتهم بشأنه و إذا استعمل المتهم حقه منحته المحكمة مهلة 03 أيام على الأقل.
و إذا كان المشرع الجزائري و بموجب التعديل الأخير لقانون العقوبات قد نص صراحة على جواز إفادة الشخص المعنوي بالظروف المخففة بالإضافة إلى إمكانية خضوعه إلى أحكام العود، إلا أن تطبيق ذلك يطرح إشكال بخصوص صحيفة السوابق القضائية.
فإذا كان المشرع الجزائري قد احتاط في المادة 647 من ق.إ.ج بإنشاء سجل خاص لصحيفة السوابق القضائية لقيد العقوبات التي يحكم بها على الشركات و مديري الشركات في الجرائم المتعلقة بقانون الشركات أو رقابة النقد أو التشريع الضريبي أو الجمركي و الجنايات و الجنح الخاصة بالسرقة و النصب و خيانة الأمانة و إصدار شيك بدون رصيد و التزوير أو الإستعمال المزور أو التعدي على ائتمان الدولة أو إبتزاز الأموال أو الغش فإنه لم يحدد سجلا خاصا لقيد العقوبات التي يمكن أن يحكم بها على الهيئات الإعتبارية الأخرى .
الخاتمة

لقد تبين من خلال دراستنا أن المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية قد تجاوزت كل مراحل الجدال الفقهي حول مدى ملائمة الأخذ بها من عدمها و أصبحت تمثل حقيقة تشريعية حيث أقرتها العديد من التشريعات الجزائية المقارنة و على رأسها القانون الفرنسي، كما كرسها المشرع الجزائري بموجب القانون رقم 04/15 المعدل و المتمم لقانون العقوبات من خلال المادة 51 مكرر . و قد أفرزت هذه الدراسة عن التطور الملحوظ لموقف المشرع الجزائري إزاء المسؤولية للشخص المعنوي، و ذلك من خلال مواكبته للإتجاه التشريعي الحديث الذي يميل إلى إقرار مسؤولية هذه الأشخاص.
و تجدر الإشارة إلى أن تشريعنا و قبل 2004 لم يكن يفتقد إلى وجود مثل هذه المسؤولية بشكل مطلق – كما سبق تفصيله من خلال هذه المذكرة – إلا أنها تبقى محدودة و غير كافية، و هو ما سهل حسب رأينا مهمة المشرع في وضع قاعدة عامة في قانون العقوبات تقضي بمساءلة هذه الأشخاص المعنوية.
و نظرا للطبيعة الخاصة لهذه الأشخاص ارتأى المشرع أن يفرده بقواعد متميزة من حيث المتابعة و الجزاء، خاصة فيما يتعلق بقواعد الإختصاص و تحديد ممثل الشخص المعنوي أمام القضاء و العقوبات المطبقة عليه. و إذا كان المشرع الجزائري في التعديل الأخير لقانون العقوبات في 2006 قد وسع من مجال هذه المسؤولية الجزائية إلى عدد مهم من الجرائم إلا أنه غفل عن الإلمام بأهم الإشكالات التي تطرحها هذه المسؤولية و التي تصادف القاضي في حياته العملية، و إن كنا خلال تربصنا الميداني لم نصادف أي قضية كان الشخص المعنوي فيها محلا للمساءلة الجزائية، و هو ما يجعل تطبيق هذه المسؤولية أمرا إفتراضيا.
و بناء على ذلك حاولنا إبداء بعض الإقتراحات التي كان على المشرع أن يتناولها في هذا التعديل الأخير :
1- بالنسبة لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي :
حصر المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في الجرائم التي يرتكبها أحد ممثليه أو أعضاءه لحسابه، في حين قد يشكل تصرف عامل بسيط جريمة يسأل عنها وحده، فكان من العدالة أن يمد المشرع هذه المسؤولية إلى تلك الأفعال التي تصدر عن العاملين في الشخص المعنوي.
كان على المشرع أن يحدد مسؤولية الأشخاص المعنوية الخاصة في مرحلتي الإنشاء و التصفية، ذلك أنه من الصعب الإعتماد على الحلول المقدمة من الفقه، فما يصلح تطبيقه في نطاق القانون التجاري قد لا يصلح في نطاق قانون العقوبات الذي يحكمه مبدأ التفسير الضيق.
2- بالنسبة للجرائم المرتكبة من الشخص المعنوي :
إن المشرع الجزائري و إن وسع من المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية إلى عدد مهم من الجنايات و الجنح، إلا أنه حصرها بالنسبة للمخالفات التي أفرد لها نصا عقابيا في مخالفة واحدة كما رأينا، و المتمثلة في مخالفة إخفاء جثة طفل ( المادة 321 ف 03 ق.ع )، و هذا ما يجعل تطبيقها تقريبا منعدما.
كما نرى أنه من العدالة أيضا إقرار مسؤولية الشخص المعنوي عن الجرائم ضد الإنسانية، كما فعل المشرع الفرنسي في المادة 213-03 من ق.ع.
3- بالنسبة لإجراءات المتابعة و الجزاءات الخاصة بالشخص المعنوي :
على المشرع أن يعالج وضعية الشخص المعنوي أثناء المتابعة بأن يمنح لوكيل الجمهورية سلطة توقيع تدبير أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة 65 ق.إ.ج ، ذلك أن اتخاد مثل هذه التدابير ضد الشخص المعنوي سواء أثناء المتابعة أو أثناء التحقيق يكون تجسيدا حقيقيا لمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوية و معاملته على أنه متهم.
على المشرع أن يعالج إشكالية عدم إمتثال ممثل الشخص المعنوي سواء أثناء المتابعة أو التحقيق بأن يصدر في حقه عقوبات مالية، و هذا نظرا للطبيعة الخاصة للشخص المعنوي التي تحول دون متابعته و إجراء التحقيق معه شخصيا.
على المشرع أن ينظم أحكام وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المطبقة على الشخص المعنوي، خاصة أنه نص في المادة 53 مكرر 08 المستحدثة في ق.ع في 2006 أن الشخص المعنوي يعتبر مسبوقا قضائيا إذا سبق الحكم عليه نهائيا بغرامة مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ.
4- بالنسبة لتدوين العقوبات :
على المشرع إصدار تنظيما خاصا لصحيفة السوابق العدلية للشخص المعنوي يبين فيه عدد البطاقات، و العقوبات المدونة في كل منها ، و مكان تواجدها ، خاصة أنه في المادة 53 مكرر 07 المستحدثة في قانون العقوبات في 2006 نص على جواز إفادة الشخص المعنوي بالظروف المخففة، و علق ذلك على أن يكون غير مسبوق قضائيا . و هو الأمر الذي يستحيل التأكد منه في غياب صحيفة السوابق العدلية الخاصة بالشخص المعنوي.
الملـــحق
مسؤولية الشخص الإعتباري الجزائية

Crime, 2 décembre 1997, Société anonyme RS
(Bull, Crim, n°408 ; JCP E1998-148, note Salvage,D1999,
Somm. Commentés 153, ROUJOU de JCP
G1998.II.10023,rapp. Desportes et JSP 1999.i.112,obs.
Veron ; Bull. Joly198,p.512, note Barbieri,Dr et
Patrimoine, 1998-2011,note Renucci,RJDA,mars
1998, notée Rontchesky ;Rev.sc.crim.,1998-536,Obs,
Bouloc, Rev.societes,1998-148,obs.Bouloc)

Chambre criminelle, 2 decembre1997
Société anonyme R.S

Attendu qu’il résulte de l’article121-2 du code pénal que le personne
Morales ne peuvent être déclare pénalement responsable que s’il établi
Qu’une infraction a été commise, pour leur compte,par leurs organe ou
Représentés ;
Attendu que, pour déclarer la société anonyme Y ……….coupable d’usage
Des fausses attestations établies contre A……….,la cour d’appel réticent
Que celles-ci ont été produites en justice par C……………..qui,en qualité de Directeur l, représentait la société dans l’instance prud’homale
Introduite par le salarie ; que les juges ajoutant que losqu’elle a produit
Les attestations, <la SA Y….> ne pouvait ignorer qu’elles comportaient certaines affirmations inexactes ; mais attendu qu’en prononcent


Ainsi, qu’il lui appartenait de rechercher si le directeur général de la société,organe de la personne morale,avait eu personnellement
Connaissance de l’inexactitude des faits relates dans les attestations et
Si l’élément intentionnel du délit était ainsi caractirise, la cour d’appel
N’a pas justifie sa décision au regard de l’article precite ;
D’où il suit que la cassation est encourue de chef ;
Par ces motif,
Casse et annule
Ref :Bull.Crim.n°408 ;JCP E 1998-148.note Salvage. D 1999
Somm
Commentés 153,Roujou de Boubee.JCPG 1998.ii.10023,rapp
Desportes
Et JCP 1999.i.112.obs.Veron ;Bull.Joly.198.p.512.note Barbieri.
DR ET Patrimoine.1998-2011.note Renucci.RJDA.mars 1998,
notée.
Rontchesky ;Rev.sc.crim.1998-536,Bouloc,Rev .sociétés,1998-148,obs.Bouloc
Ga no :38
قائمة المراجع المعتمدة

أ- الكتب باللغة العربية
د/أحسن بوسقيعة :
- الوجيز في القانون الجزائي العام, الطبعة الرابعة,دار هومة الجزائر,2007.
- الوجيز في القانون الجزائي الخاص,(الجرائم ضد الأشخاص والجرائم ضد الأموال , الجزء الأول، الطبعة السابعة, دار هومة, الجزائر2007.
- الوجيز في القانون الجزائي الخاص,(جرائم الفساد,جرائم المال و الأعمال, جرائم التزوير),الجزء الثاني,الطبعة الثالثة, دار هومة, الجزائر,2006 .
- التحقيق القضائي,الطبعة الخامسة,دار هومة, الجزائر,2006
د/أحمد خليفة الملط, الجرائم المعلوماتية, الطبعة التانية, دار الفكر الجامعي, الإسكندرية, 2006
د/أحمد مجحودة, أزمة الوضوح في الإثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن,الجزء الأول, دار هومة,الجزائر, 2005
القاضية/آمال قارة,الحماية الجزائية للمعلوماتية في التشريع الجزائري,الطبعةالثانية, دار هومة,2007
د/إبراهيم علي صالح,المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية,دار المعارف,القاهرة.
د/إسحاق إبراهيم منصور,نظريتا القانون والحق و تطبيقاتهما في القوانين الجزائرية,الطبعة الثانية,ديوان المطبوعات الجامعية,1990
د/علي عبد القادر القهوجي,شرح قانون العقوبات,القسم العام,منشورات الحلبي الحقوقية,2002
د/عمار عوابدي, القانون الإداري ا,النظام الإداري,الجزء الأول, ديوان المطبوعات الجامعية, 2000
د/عمر سالم,المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية وفقا لقانون العقوبات الفرنسي الجديد,الطبعة الأولى, دار النهضة العربية والقاهرة,1995
د/فتوح الشاذلي,شرح قانون العقوبات,القسم العام,الكتاب الثاني, المسؤولية و الجزاء,المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1997.
د/محمد حسنين ، الوجيز في نطرية الحق بوجه عام ، ( الأشخاص و الأموال، الإثبات ) في القانون المدني الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1985.
ب- المقالات :
د/ رنا إبراهيم سليمان العطور، المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الإقتصادية و القانونية، المجلد 22، العدد الثاني، 2006، منشورة على الموقع الإلكتروني: www.damasuniv.shern.net/arabic
د/محمد عبد الرحمان بوزبر، المسؤولية الجنائية للأشخاص الإعتباريين عن جرائم غسل الأموال، دراسة تأصيلية مقارنة للقانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال، منشور على الموقع : www.arablaw.info.com

ج- القوانين :
الأمر 66-155 المؤرخ في 08/06/1966، المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، مستوفى التعديل إلى غاية ديسمبر 2006 ، بموجب قانون رقم 06-22 بتاريخ 20/12/2006 ج.ر 84.
الأمر 66-156 مؤرخ في 08/06/1966، المتضمن قانون العقوبات، مستوفى التعديل إلى غاية ديسمبر 2006، بموجب القانون رقم 06-23 بتاريخ 20/12/2006 ج.ر 84.
الأمر 75-37 مؤرخ في 29/04/1975 المتعلق بالأسعار و بالمخالفات الخاصة بتنظيم الأسعار.
الأمر 75-58 المؤرخ في 26/09/1975 يتضمن القانون المدني المعدل و المتمم.
الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن القانون التجاري المعدل و المتمم.
الأمر رقم 76-103 المؤرخ في 09/12/1976 المعدل و المتمم المتضمن قانون الطابع
الأمر رقم 76-104 المؤرخ في 09/12/1976 المعدل و المتمم المتضمن قانون الضرائب غير المباشرة.
الأمر رقم 76-105 المؤرخ في 09/12/1976 المعدل و المتمم المتضمن قانون التسجيل.
الأمر رقم 03-01 المؤرخ في 19/02/2003 المعدل و المتمم للأمر رقم 96-22 المؤرخ في 09/07/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج ج.ر رقم 12.
الأمر رقم 03-03 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بالمنافسة.
قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة الصادر بموجب القانون رقم 90-36 المتضمن قانون المالية لسنة1991 المعدل بالقانون 91/25 المؤرخ في 18/12/1991 المتضمن قانون المالية لسنة 1992
قانون الرسم على الاعمال الصادر بمو حب االقانون91/25 المؤرخ في 09/12/1991 المتضمن قانون المالية لسنة 1992
قانون رقم 03/09 المؤرخ في 19/07/2003 المتضمن قمع جرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر و استحداث و إنتاج و تخزين و استعمال الأسلحة الكيماوية وتدميرها ج.ر43
قانون رقم 04/08 المؤرخ في 14/08/2004 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية ج.ر52
قانون رقم 04/18 المؤرخ في 25/12/2004 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الاستعمال و الإتجار غير المشروعين بهما.
قانون رقم05/01 المؤرخ في 06/02/2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال الإرهاب ومكافحتهما.
قانون رقم 05/10 المؤرخ في 20/06/2005 المعدل للقانون المدني.
قانون رقم 05/06 الؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب.
قانون رقم 06/01 المؤرخ في 20/02/2006 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته.

د - المراجع باللغة الأجنبية
Jean-claude soyer droit pénal et procédure pénale 18 édition L G D J paris 2004
Code pénal français










قديم 2011-02-13, 19:28   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-02-16, 14:36   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك جزيل الشكر و العرفان على هذا الموضوع










قديم 2012-05-04, 16:29   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
houwirou
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2012-10-22, 21:38   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
pretty meri
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك جزيل الشكر و العرفان على هذا الموضوع










قديم 2012-12-08, 16:52   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
choayb1987
عضو فريق رفع إعلانات التوظيف
 
إحصائية العضو










افتراضي


بارك الله فيك










 

الكلمات الدلالية (Tags)
للشخص, المسؤولية, المعنوي, الجزائية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:32

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc