ظل من الماضي......... - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الإبداع > قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية

قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ظل من الماضي.........

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-06-12, 11:05   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
mouffekbachir
عضو جديد
 
الصورة الرمزية mouffekbachir
 

 

 
إحصائية العضو










New1 ظل من الماضي.........

ظل من الماضي



أقصوصة صغيرة

تأليف : أ. م. بشير

راح يرمقها خلسة ، يبادلها نظرات خاطفة...شيء ما فيها يشده إليها شدا ويجبره على الانجذاب نحوها ، يأسره ويحبسه في دائرة ابتسامتها الرقيقة...حتى وإن افترقا ظل طيفها يجول حوله أو ظل هو يتحرك في ضوء طيفها.. يشغل فكره ويشعل قلبه نارا وتذكارا... ومع مرور عربة الزمن ، انتبهت هي إلى تلك النظرات التي كان يختلسها نحوها.. تعجبت من سلوكه ، وارتابت لأمره ... أيعقل ؟

أيعقل أن يفعل ، ذهبت بها الظنون كل مذهب ، لم تهتد لتفسير واحد مقنع ،خفق قلبها ،لكن سرعان ما حالت بينه وبين ما تفكر فيه .. لا، لا.. ليس هذا ما يفكر فيه. أيتنازل عن كبريائه ، هل جن المسكين حتى يقع صريع حبها؟ ؟ لا ، لا يعقل ذلك، إنه لا يفتأ يحدثهم عن القيم العليا والمثل السامية ، لا يتوانى لحظة عن مناداتهم ،ب "ابنائي أو بناتي.."

إذن ما سر هذه النظرات؟

مرت الاشهر متلاحقة يمسك الشهر منها بيد الآخر، سبتمبر.. أكتوبر.. نوفمبر....وهكذا حتى حل شهر ماي ... انغمس التلاميذ في جو المراجعة وراحوا يقتفون أثر ما مضى من الدروس التي تلقوها استعدادا لمرحلة الحسم ،وزمن المحن ،وقد سميت الامتحانات نسبة للمحن واشتقت لفظها منها ..

-* ها هو اليوم المرتقب قد نزل ضيفا مع من نزل ،....

كعادته في مثل هذه المواعد ، دلف صاحبنا مساء الاختبار إلى بيته يحمل رزم أوراق إجابات التلاميذ ، وهو يمني نفسه أن يجد من القوة ما يسهل عليه عملية تصويب الإجابات وتقييم أعمال التلاميذ ، وما كاد ينتهي حتى انهمك في صب النقاط على دفتر التنقيط ...

بقيت خانة فيه فارغة ، ترى من صاحبها ......؟ وما سر اختفاء ورقته..؟

كانت المفاجأة كبيرة ، إلى درجة كادت تحبس معها أنفاسه ، راح يضرب أخماسا بأسداس ، يسائل نفسه واثاث البيت والكراسي المحيطة به. .ومكتبه ، وحتى دفتر تنقيطه...

لم فعلتها؟ لمَ........لمَ..؟؟

ترك الخانة فارغة تشكو غياب صاحبتها ، تصرخ ألما وتئن وحشة... وما إن أسدل الظلام خيوطه حتى راح ينزوي في فراشه ، يحاول الاختباء من إحساس ينغس عليه ليلته... ويبعد الكرى عن جفنيه ، فكأني به آبق من جريمة لم يقربها ولم تقترفها يداه ...

.......

......

......

- ما إن أصبح الصباح ،حتى تمالك نفسه ،أو هكذا هيئ له، راح يسحب رجليه إلى مؤسسة العمل... لم يستغرقه الوقت طويلا.... كعادته حيَّ الجميع وسلم عليهم...لاطف هذا بكلمة ،واطمان على حال فلان ،وراجع فلتان في أمور خاصة...

بعد سويعة ، استدعاه المدير إلى مكتبه ...

- ألم تلاحظ شيئا ؟ بهذا ابتدره...

- (راح يتغابى) شيئا ... ؟ مثل ماذا؟ أوضح ، فانا أقصُر على فهمك.



تلاعبت يدا المدير ببعض الأوراق فوق مكتبه ، استلّ من بينها واحدة مزدوجة ، فهِم أنها الورقة الناقصة من عداد أوراق الإجابات... تلك التي افتقدها بالأمس...!

وما إن أدناها من وجهه حتى لاحظ كتابة بالأحمر تعلو ظهرها:

"تُعْطَى صفرا جزاء إقدامها على الغش"



لا تسل عن جرحه ، كيف مضى؟ أخذته قشعريرة ، أحس باهتزاز عنيف داخله... غير أنه استجمع قواه، وسال المدير رأيه...

- رد عليه هذا الاخير (نافضا يديه من كل تبعية) : الرأي رأيك، يا استاذ!، هي تلميذتك وأنت أدرى بقدراتها ودرجة استيعابها...

زج الورقة في محفظته...

أحقا يعطيها الصفر؟ أهو قادر، ماذا يحبسه عن فعل ذلك ؟



في اليوم السادس من إجراء الاختبارات ، سمحت المؤسسة للتلاميذ أن يجتمعوا بأساتذتهم والوقوف على علاماتهم وإبداء تحفظاتهم في النقاط المعطاة لهم... فكانت الفرصة سانحة ليلتقيها مجددا ،...أنشأ كدأبه في مثل هذه المناسبات يناقشهم النص ثم الاسئلة ، سؤالا سؤالا، ويختار من بين إجاباتهم أمثلها وأوفقها وأسلمها وأصحّها ... وظلت هي هادئة محافظة على سكينتها، كأن الامر عاد جدا ، أو كاني بها لم ترتكب ما تخشى عواقبه ... كلف أحدهم بتوزيع الأوراق على اصحابها...وجلس مكانه يرقب الجميع على كثب ،يلحظ حركاتهم ويستقرئ انفعالاتهم، يتواصل معهم بالإشارة والإيماءة والنظرة الصامتة...حتى ليكاد يسمع دقات قلوبهم ...ليس غريبا أن يوقروه ويحترموه ويبادلوه مشاعر الحب الطاهر...وليس أصعب عليه من أن يرى دمعة تنهمر على خد أحدهم ، أو شعورا بالخوف يعتري ساحة أي منهم...أو منهن...مرت اللحظات سريعة ، ولم ينتبه إلا وهي تقف بجانب مكتبه، حيته مبتسمة ، رفع نظره نحوها، راح يحدجها من فوق إلى تحت ،من أعلى راسها إلى أخمص قدميها...في حركة منه تشبه اللوم والتانيب التربوي ،وهي تعرف جيدا أن نظرته تلك لا تخلو من تعنيف وسخط ...تسمرت مكانها..حاولت ان تفتح فاها...لكن الحياء غلبها...أخذ منها زمام المبادرة ، وسالها تفسيرا لفعلتها...

عقد الخوف لسانها وألجمها عن أن تنبس ببنت شفة ...ثم رآها تتمتم بكلمات لم يفهمها، فاستوضحها ما تقول:

قالت وهي تنظر إلى الأرض:"استحق الصفر يا استاذ نكال فعلتي... لاحت منه نظرة لعينيها المغرورقتين بالدموع... حزّ ذلك في نفسه ، وخفف من ثورة غضبه ، وهدا من روعه...يا الله، ماذا عساه يفعل؟؟؟

طاطأ راسه مفكرا، مستعرضا جملة من الاحتمالات، إلى أن استقرّ رايه على الأخذ بيدها وانتشالها من الحفرة التي ألقت بمصيرها إليها...

حدجها ثانية من غير ان يبتسم: " أترضيك علامة عشرة من عشرين ، نصف العلامة ؟ "

ابتسمت بخبث فيه كبرياء ،وقالت بصوت متهدج ، متقطع :أيسمح استاذي لي بسؤال؟

قال مباركا:نعم ،هاته...

مادفعك إلى هذا التساهل معي؟

قال خوفي من أن ترسبي.

قالت : أتخاف الرسوب لكل التلاميذ ؟ قال: نعم ،وأخافه على المجدين أكثر.

قالت :ولكنك عاملتني بطريقة خاصة.

قال: لا أمور عندي خاصة...

قالت :رأيتك منذ بداية السنة الدراسية ترمقني بنظرات الإعجاب ،وَ.....

قال :تريدين الحقيقة؟

قالت : كل الحقيقة...



ارسل تنهيدة طويلة ، وهو يتفرس ملامح وجها،متجشما الحديث:" كانت لي ابنة أخ في سنك ، وعمرك...تشبهينها كثيرا...ملامح وجهك ...تقاسيمه.. ... طريقة مشيك... نبرات صوتك ...واستطرد يصفها بكلمات تنم عن شوق وحزن دفينين... بينما ظلت هي واجمة كالعصفور المكسور الجناحين ، تعطيه سمعها وتوليه انتباهها...

قالت: واين هي الآن؟

قال: وهو يمسح دمعة انسكبت عنوة على خده : رحلت ، فارقتنا في حادث مرور...كان ذلك مذ خمس سنوات خلت...

قالت: تعازي استاذي .. رحمها الله...

قال: رحمها الله، ورحم كل أموات المسلمين...

" هرولت عائدة إلى مكانها ، وهي تذرف دمعة حارة...واعتقد التلاميذ أنها تبكي سوء علامتها، ولم تشأ ان تصرح لأي منهم عن سبب دموعها...

- بعد لأي ، دق الجرس، ووقف التلاميذ يودعون الأستاذ، متمنين له عطلة سعيدة...انحنى مودعا ، وانسل، خارجا.....


بوقاعة في 06/06/2011









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-06-14, 02:24   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أُسَامَةُ
عضو متألق
 
الصورة الرمزية أُسَامَةُ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قصة رائعة اخي الكريم

بالتوفيق










رد مع اقتباس
قديم 2011-10-24, 20:20   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
mouffekbachir
عضو جديد
 
الصورة الرمزية mouffekbachir
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا أخي على كلمات التشجيع...










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-29, 15:59   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
petrova
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

انا لله و انا اليه راجعون
نعم كلنا نمر بهاته المواقف
و ننفجر بكاءا
و نتسعر حزنا
.
.
في اية مادة كان الاستاذ
و في اية سنة ماتت
ابنة اخ البشير رحمة الله عليهاا
.
.
.
راقني ما قرات
دمت بود
تقبل مروري
.
.
.
فلة شفافة









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-22, 13:44   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
mouffekbachir
عضو جديد
 
الصورة الرمزية mouffekbachir
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اثني على موقفك من ماساتنا أختي petrova وأجمْل بها من كلمات تجفف الدمع وتسكت الفاجعة وتقوي إيمان الفرد بربه..










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الماضي.........

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc