ذكرى استقلال الجزائر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > خيمة الجلفة > الجلفة للمواضيع العامّة

الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ذكرى استقلال الجزائر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-07-05, 12:42   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
akhmis85
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية akhmis85
 

 

 
إحصائية العضو










B9 ذكرى استقلال الجزائر

تمر اليوم 47 سبعة واربعون سنة على استقلال الجزائر من المستعمر الغاشم الفرنسي و هذا الاستقلال جاء نتيجة ثورة وطنية موحدة انطلقت في 01 نوفمبر 1954 و ثمن هذه الحرية مليون ونصف المليون شهيد و بهذه المناسبة نهنئ الشعب الجزائري و الامة العربية و نتمنى الحرية للشعب الفلسطيني و العراقي و الصلاح و الهناء و الوحدة لباقي الشعب العربي



تعرف الثورة الجزائرية باسم"ثورة المليون ونصف المليون شهيد"، وهي حرب تحرير وطنية ثورية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي قام بها الشعب الجزائري بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية وكانت نتيجتها انتـزاع الجزائر لاستقلالها بعد استعمار شرس وطويل استمرّ أكثر من 130 عاماً.

انطلقت الرصاصة الأولى للثورة الجزائرية في الاول من نوفمبر - تشرين الثاني 1954 الذي يصادف عند الأوروبيين يوم "عيد جميع القديسين" معلنةً قيام الثورة بعد حوالي 130 سنة من الاستعمار الفرنسي للبلاد.

وقد بدأت هذه الثورة بقيام مجموعات صغيرة من الثوار المزوّدين بأسلحة قديمة وبنادق صيد وبعض الألغام بعمليات عسكرية استهدفت مراكز الجيش الفرنسي ومواقعه في أنحاء مختلفة من البلاد وفي وقت واحد.

ومع انطلاق الرصاصة الأولى للثورة، تمّ توزيع بيان على الشعب الجزائري يحمل توقيع "الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني" وجاء فيه: "أن الهدف من الثورة هو تحقيق الاستقلال الوطني في إطار الشمال الأفريقي وإقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادىء الإسلامية".

ودعا البيان جميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية إلى الانضمام إلى الكفاح التحريري ودون أدنى اعتبار آخر.

وتمّ تشكيل الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني من تسعة أعضاء..

وقبل الدخول في تفاصيل هذه الثورة يمكن القول إنها لم تكن وليدة أول نوفمبر 1954.. بل كانت تتويجاً لثورات أخرى سبقتها، ولكن هذه الثورة كانت أقوى تلك الثورات، وأشملها، وتمخضت عن إعلان استقلال الجزائر بعد ثمانية أعوام من القتال الشرس، ويمكن تقسيم عمر الثورة إلى أربع مراحل:

المرحلة الأولى (54-56): وتركز العمل فيها على تثبيت الوضع العسكري وتقويته، ومد الثورة بالمتطوعين والسلاح والعمل على توسيع إطار الثورة لتشمل كافة أنحاء البلاد.

أما ردة فعل المستعمر الفرنسي فكانت القيام بحملات قمع واسعة للمدنيين وملاحقة الثوار..

المرحلة الثانية (56 - 58): شهدت هذه المرحلة ارتفاع حدة الهجوم الفرنسي المضاد للثورة من أجل القضاء عليها.. إلا أن الثورة ازدادت اشتعالاً وعنفاً بسبب تجاوب الشعب معها، وأقام جيش التحرير مراكز جديدة ونشطت حركة الفدائيين في المدن.

كما تمكّن جيش التحرير من إقامة بعض السلطات المدنية في بعض مناطق الجنوب الجزائري وأخذت تمارس صلاحياتها على جميع الأصعدة.

المرحلة الثالثة (58 - 60): كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرّت فيها الثورة الجزائرية، إذ قام المستعمر الفرنسي بعمليات عسكرية ضخمة ضد جيش التحرير الوطني. وفي هذه الفترة، بلغ القمع البوليس حده الأقصى في المدن والأرياف.. وفرضت على الأهالي معسكرات الاعتقال الجماعي في مختلف المناطق.

أما رد جيش التحرير، فقد كان خوض معارض عنيفة ضد الجيش الفرنسي واعتمد خطة توزيع القوات على جميع المناطق من أجل إضعاف قوات العدو المهاجمة، وتخفيف الضغط على بعض الجبهات، بالإضافة إلى فتح معارك مع العدو من أجل إنهاكه واستنـزاف قواته وتحطيمه.

وفي 19 أيلول - سبتمبر عام 1958 تمّ إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة السيد فرحات عباس، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه الحكومة هي الممثل الشرعي والناطقة باسم الشعب الجزائري والمسؤولة عن قيادة الثورة سياسياً وعسكرياً ومادياً، وأعلنت في أول بيان لها عن موافقتها على إجراء مفاوضات مع الحكومة الفرنسية شرط الاعتراف المسبق بالشخصية الوطنية الجزائرية.

وفي تشرين الثاني - نوفمبر من عام 1958 شنّ جيش التحرير الوطني هجوماً على الخط المكهرب على الحدود التونسية، كما خاض مع الجيش الفرنسي معارك عنيفة وبطولية في مختلف أنحاء الجزائر.. وعلى الصعيد السياسي، طرحت قضية الجزائر في الأمم المتحدة وفي مؤتمر الشعوب الأفريقية بـ"أكرا" ولاقت التضامن والدعم الكاملين والتأييد المطلق لها...

وفي كانون الأول - ديسمبر من 1958، ألقى الجنرال ديغول خطاباً في الجزائر العاصمة أشار فيها إلى الشخصية الجزائرية، وانتخب في 22 من هذا الشهر رئيساً للجمهورية الفرنسية.

وفي 16 أيلول - سبتمبر 1959، أعلن الجنرال ديغول اعتراف فرنسا بحق الجزائر في تقرير مصيرها. وكان جواب الحكومة الجزائرية المؤقتة قبولها لمبدأ تقرير المصير واستعدادها للتفاوض المباشر في الشروط السياسية والعسكرية لوقف القتال وتوفير الضمانات الضرورية لممارسة تقرير المصير.

المرحلة الرابعة (1960 - 1962): المرحلة الحاسمة، خلال هذه الفترة الهامة والحاسمة من حرب التحرير.. حاول الفرنسيون حسم القضية الجزائرية عسكرياً.. ولكنهم لم يفلحوا في ذلك.. لأن جذور الثورة كانت قد تعمقت وأصبحت موجودة في كل مكان. وأضحى من الصعب، بل من المستحيل القضاء عليها، ورغم هذا الواقع.. فقد جرّد الفرنسيون عدة حملات عسكرية ضخمة على مختلف المناطق الجزائرية، ولكنها جميعاً باءت بالفشل وتكبّد الجيش الفرنسي خلالها خسائر فادحة، وقد تمّ في شهر كانون الثاني - يناير 1960 تشكيل أول هيئة أركان للجيش الجزائري الذي كان متمركزاً على الحدود الجزائرية - التونسية والجزائرية - المغربية وتمّ تعيين العقيد هواري بومدين أول رئيس للأركان لهذا الجيش.

وفي هذه الفترة بالذات، تصاعد النضال الجماهيري تحت قيادة الجبهة، وقد تجسّد ذلك في مظاهرات 11 كانون الأول - ديسمبر 1960، وتمّ خلال هذه الفترة عقد المؤتمر الثاني لجبهة التحرير الوطني في مدينة طرابلس بليبيا عام 1961.

أما على الصعيد السياسي، فقد عقدت الدورة 16 للأمم المتحدة (أيلول - سبتمبر 1961 وشباط - فبراير 1962)، وأمام أهمية الاتصالات المباشرة بين جبهة التحرير والحكومة الفرنسية، فإن الأمم المتحدة "دعت الطرفين لاستئناف المفاوضات بغية الشروع بتطبيق حق الشعب الجزائري في حرية تقرير المصير والاستقلال، وفي إطار احترام وحدة التراب الجزائري".

وهكذا انتصرت وجهة نظر جبهة التحرير الوطني.. وأُجبرت فرنسا على التفاوض بعد أن تأكدت فرنسا نفسها أن الوسائل العسكرية لم تنفع، خاصة بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به حملاتها الضخمة وعدم فعالية القمع البوليسي في المدن، ورفض الشعب الجزائري المشاركة في الانتخابات المزوّرة واستحالة إيجاد "قوة ثالثة" تكون تابعة للمستعمر بأي حال.

وقام الفرنسيون بمناورات عدة وتهديدات كثيرة لتحاشي التفاوض، وعملوا كل ما بوسعهم لتصفية جيش التحرير الوطني كقوة عسكرية وكقوة سياسية.. فتهربت فرنسا من كل محاولات التفاوض النـزيه عاملة على إفراغ حق تقرير المصير من محتواه الحقيقي، متوهمة بذلك أنها ستنتصر عسكرياً على الثورة.

وكان يقابل سياسة المفاوضات هذه.. حرب متصاعدة في الجزائر بهدف تحقيق النصر؛ فقد كان الفرنسيون يعتقدون أن رغبة جبهة التحرير في السلم وقبولها للاستفتاء يعتبر دليلاً على الانهيار العسكري لجيش التحرير الوطني.. إلا أن الجبهة عادت وأكدت من جديد أن الاستقلال ينتـزع من سالبه ولا يوهب منه، فاتخذت جميع التدابير لتعزيز الكفاح المسلح..

وعادت فرنسا بعد ذلك لتقدم لمندوبي جبهة التحرير صورة كاريكاتورية للاستقلال: جزائر مقطوعة عن أربعة أخماسها (الصحراء) وقانون امتيازي للفرنسيين... فرفضت الجبهة المقترحات جملة وتفصيلاً.. ولما عجزت فرنسا عن حلّ القضية بانتصار عسكري.. أجرت اتصالات ومفاوضات جديدة لبحث القضايا الجوهرية، وقد دخلت هذه المرة مرحلة أكثر إيجابية، وتحددت الخطوط العريضة للاتفاق، أثناء مقابلة تمت بين الوفد الجزائري والوفد الفرنسي في قرية فرنسية بالقرب من الحدود السويسرية.

وبعد ذلك.. عقدت ندوة حول إيقاف القتال في إيفيان من 7 إلى 18 آذار - مارس 1962 تدارست الوفود خلالها تفاصيل الاتفاق.. وكان الانتصار حليف وجهة نظر جبهة التحرير، وتوقف القتال في 19 آذار - مارس بين الطرفين وتحدد يوم الأول من تموز لإجراء استفتاء شعبي.. فصوّت الجزائريون جماعياً لصالح الاستقلال.. وبذلك تحقق الهدف السياسي والأساسي الأول لحرب التحرير، بعد أن دفع الشعب الجزائري ضريبة الدم غالية في سبيل الحرية والاستقلال.. وبعد أن استمرت الحرب قرابة ثماني سنوات سقط خلالها ما يقرب من مليون ونصف مليون شهيد.

وقد صادف بدء انسحاب القوات الفرنسية في 5 تموز - يوليو 1962 في يوم دخولها 5 تموز - يوليو 1830 أي بعد 132 عاماً من الاستعمار، كما انسحبت هذه القوات من نفس المكان الذي دخلت منه إلى الجزائر في منطقة "سيدي فرج" القريبة من الجزائر العاصمة وتمّ في هذا اليوم تعيين السيد أحمد بن بيللا كأول رئيس لجمهورية الجزائر المستقلة بعد خروجه من السجون الفرنسية مع عدد من قادة الثورة وكوادرها.

يرجع الفضل في انتصار الثورة الجزائرية إلى وضوح أهداف القائمين بها والتضحيات الشعبية الهائلة التي قدمها الشعب الجزائري الذي عبأ كل طاقاته لتحقيق الانتصار، يضاف إلى ذلك الأساليب المبتكرة التي لجأ إليها المجاهدون والمجاهدات لتوجيه الضربات الأليمة لجيش متفوق في العدد والعدة. وأخيراً التأييد العربي (قواعد الثوار في تونس والمغرب والدعم الشعبي والمادي الواسع من مصر عبد الناصر وسورية والعراق)، والعالمي (دول العالم الثالث والدول الاشتراكية).









 


رد مع اقتباس
قديم 2009-07-05, 12:59   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
يوسُف سُلطان
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية يوسُف سُلطان
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

احب الجزائر رغما عني
ابارك جهودك اخي الغالي ...واصارحك اني على عجل لم اقرا كل الموضوع ....واتمنى ان اعاود التصفح ....واتمنى اكثر ان تكون صفحة يتعلم منها الجزائريون قبل غير الجزائريين .......جزيل الشكر لك .....وتحيا الجزائر
تحياتي لك ....










آخر تعديل يوسُف سُلطان 2010-06-27 في 11:06.
رد مع اقتباس
قديم 2009-07-05, 13:26   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
fethi08111971
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية fethi08111971
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا أخي على الموضوع وعيد سعيد للجميع










رد مع اقتباس
قديم 2009-07-05, 13:31   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
chahd alger
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية chahd alger
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على المجهود
و نحن مفتخرون ببلادنا الحبيبة
دمتي لنا
و كل عام وانتي بألف خير
w vive l'algerie










رد مع اقتباس
قديم 2010-06-27, 09:55   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










Hot News1 اريد خطبة حول استقلال الجزائر

اريد خطبة حول استقلال الجزائر










رد مع اقتباس
قديم 2010-06-27, 10:06   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

أول خطبة جمعة بمسجد "كتشاوى" بعد الاستقلال

العلامة البشير الإبراهيمي

الحمد لله ثم الحمد لله، تعالت أسماؤه وتمت كلماته صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته، جعل النصر يتنـزل من عنده على من يشاء من عباده حيث يبتليهم فيعلم المصلح من المفسد ويعلم صدق يقينهم وإخلاص نياتهم وصفاء سرائهم وطهارة ضمائرهم. سبحانه تعالى جعل السيف فرقانا بين الحق والباطل، وأنتج من المتضادات أضدادها، فأخرج القوة من الضعف وولد الحرية من العبودية وجعل الموت طريقا إلى الحياة، وما أعذب إذا كان للحياة طريقا، وبايعه عباده المؤمنون الصادقون على الموت، فباءوا بالصفقة الرابحة، واشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا

.

سجانه تعالى جده، تجلى على بعض عباده بالغضب والسخط فأحال مساجد التوحيد بين أيديهم إلى كنائس للتثليث، وتجلى برحمته ورضاه على آخرين فأحال فيهم كنائس التثليث إلى مساجد للتوحيد، وما ظلم الأولين ولا حابى الآخرين، ولكنها سنته في الكون وآياته في الآفاق يتبعها قوم فيفلحون، ويعرض عنها قوم فيخسرون.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعدهونصر عبده وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شرع الجهاد فيسبيل الله، وقاتل لإعلاء كلمة الله حتى استقام دين الحقفي نصابه وأدبر الباطل على كثرة أنصاره وأحزابه وجعل نصر الفئة القليلة على الفئةالكثيرة منوطا بالإيمان والصبر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وكل متبع لهداه داعبدعوته إلى يوم الدين.

ونستنزل من رحمات الله الصيبة، وصلواته الزاكية الطيبة لشهدائنا الأبرار ما يكون كفاء لبطولتهم في الدفاع عن شرف الحياة وحرمان الدين وعزة الإسلام وكرامة الإنسان وحقوق الوطن.

واستمد من الله اللطف والإعانة لبقايا الموت وآثار الفناء ممن ابتلوا في هذه الثورة المباركة بالتعذيب فيأبدانهم والتخريب لديارهم والتحيف لأموالهم.

وأسأله تعالى للقائمين بشؤون هذه الأمة ألفة تجمع الشمل، ووحدة تبعث القوة ورحمة تضمد الجراح، وتعاونا يثمر المنفعة، وإخلاصا يهون العسير، وتوفيقا ينير السبيل، وتسديدا يقوم الرأي ويثبت لأقدام وحكمة مستمدة من تعاليم الإسلام وروحانية الشرق وأمجاد العرب، وعزيمة تقطع دابرالاستعمار من النفوس، بعد أن قطعت دابره من الأرض.

ونعوذ بالله ونبرأ إليه من كل داع يدعو إلىالفرقة والخلاف، وكل ساع يسعى إلى التفريق والتمزيق وكلناعق ينعق بالفتنة والفساد.

ونحيي بالعمار والثمار والغيث المدرار هذه القطعةالغالية من أرض الإسلام التي نسميها الجزائر، والتي فيها نبتنا، وعلى حبها ثبتنا،ومن نباتها غذينا وفي سبيلها أوذينا.

أحييك يا مغنى الكمال بواجب وأنفق في أوصافك الغر أوقاتي

يا اتباع محمد عليه السلام هذا هو اليوم الأزهر الأنور وهذا هو اليوم الأغر المحجل، وهذا هو اليوم المشهود في تاريخكم الإسلام بهذا الشمال، وهذا اليوم هو الغرة اللائحة في وجه ثورتكم المباركة، وهذا هوالتاج المتألق في مفرقها، والصحيفة المذهبة الحواشي والطرز من كتابها.

وهذا المسجد هو حصة الإسلام من مغانم جهادكم، بل هو وديعة التاريخ في ذممكم،أضعتموها بالأمس مقهورين غير معذورين واسترجعتموها اليوم مشكورين غير مكفورين، وهذهبضاعتكم ردت إليكم، أخذها الاستعمار منكم استلابا، وأخذتموها منه غلابا، بل هذا بيت التوحيد عاد إلى التوحيد وعاد التوحيد إليه فالتقيتم جميعا على قدر.

إن هذه المواكب الحاشدة بكم من رجال ونساء يغمرها الفرح ويطفح على وجوهها البِشرلتجسيمٌ لذلك المعنى الجليل، وتعبيرٌ فصيح عنه، وهو أنّ المسجد عاد للساجدين الرُكعمن أمة محمد، وأن كلمة لا إله إلا الله عادت لمستقرها منه كأن معناها دام مستقرا في نفوسالمؤمنين، فالإيمان الذي تترجم عنه كلمة لا إله إلا الله، هو الذي أعاد المسجدإلى أهله، وهو الذي أتى بالعجائب وخوارق العادات في هذه الثورة.

وأما والله لو أن الاستعمار الغاشم أعادهإليكم عفوا من غير تعب، وفيئة منه إلى الحق من دوننصب، لما كان لهذا اليوم ما تشهدونه من الروعة والجلال.

يا معشر الجزائريين: إذا عدت الأيام ذوات السمات، والغرر والشيمات في تاريخ الجزائر فسيكون هذا اليوم أوضحها سمة وأطولها غرة وأثبتها تمجيدا، فاعجبوا لتصاريف الأقدار، فلقد كنا نمر على هذه الساحة مطرقين، ونشهد هذا المشهد المحزن منطوين على مضض يصهر الجوانح ويسيل العبرات، كأنّ الأرض تلعننا بما فرطنا في جنب ديننا، وبما أضعنا بما كسبت أيدينا من ميراث أسلافنا، فلا نملك إلا الحوقلة والاسترجاع، ثم نرجع إلى مطالبات قولية هي كل مانملك في ذلك الوقت، ولكنها نبهت الأذهان، وسجلت الاغتصاب وبذرت بذور الثورة في النفوس حتى تكلمت البنادق.

أيها المؤمنون: قد يبغي الوحش على الوحش فلا يكونغريبا، لأن البغي مما ركب في غرائزه، وقد يبغي الإنسان علىالإنسان فلا يكون ذلك عجيبا لأن في الإنسان عرقا نزاعا إلى الحيوانية وشيطانانزاغا بالظلم وطبعا من الجبلة الأولى ميالا إلى الشر، ولكن العجيب الغريب معا،والمؤلم المحزن معا، أن يبغي دين عيسى روح الله وكلمته على دين محمد الذي بشر به عيسىروح الله وكلمته.

يا معشر المؤمنين: إنكم لم تسترجعوا من هذا المسجد سقوفه وأبوابه وحيطانه، ولا فرحتم باسترجاعه فرحة الصبيان ساعة ثم تنقضي، ولكنكم استرجعتم معانيه التي كان يدل عليها المسجد في الإسلام ووظائفه التي كان يؤديهامن إقامة شعائر الصلوات والجمع والتلاوة ودروس العلم والنافعة على اختلاف أنواعها،من دينية ودنيوية فإنّ المسجد كان يؤدي وظيفة المعهد والمدرسة والجامعة.

أيها المسلمون:" إنّ الله ذمّ قوما وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَفِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَاإِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌعَظِيمٌ " البقرة: 114 ، ومدح قوما (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) التوبة: 18

يا معشر الجزائريين: إن الاستعمار كالشيطان الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما دون ذلك))، فهو قد خرج من أرضكم، ولكنه لم يخرج من مصالح أرضكم، ولم يخرج من ألسنتكم، ولم يخرج منقلوب بعضكم، فلا تعاملوه إلا فيما اضطررتم إليه، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.

يا معشر الجزائريين: إنّ الثورة قد تركت في جسم أمتكم ندوبا لا تندمل إلا بعدعشرات السنين وتركت عشرات الآلاف من اليتامى والأيامى والمشوهين الذين فقدوا العائل والكافلوآلة العمل فاشملوهم بالرعاية حتى ينسى اليتيم مرارة اليتم، وتنسى الأيم حرارة الثكل، وينسى المشوه أنّه عالة عليكم، وامسحوا على أحزانهم بيد العطف والحنان فإنّهم أبناؤكم وإخوانكم وعشيرتكم.

يا إخواني: إنكم خارجون من ثورة التهمت الأخضر و اليابس، وإنكم اشتريتم حريتكم بالثمن الغالي، وقدمتم في سبيلها من الضحايا ما لم يقدمه شعب من شعوب الأرض قديما ولا حديثا، وحزتم من إعجاب العالم بكم ما لم يحزه شعب ثائر، فاحذروا أن يركبكم الغرور ويستزلكم الشيطان، فتشوهوا بسوء تدبيركم محاسن هذه الثورة أو تقضوا على هذه السمعة العاطرة.

إنّ حكومتكم الفتية منكم، تلقت تركة مثقلة بالتكاليف والتبعات في وقت ضيق لم يجاوز أسابيع، فأعينوها بقوّة،وانصحوها في ما يجب النصح فيه بالتي هي أحسن، ولا تقطعوا أوقاتكم في السفاسف والصغائر، وانصرفوا بجميع قواكم إلى الإصلاح والتجديد، والبناء والتشييد، ولا تجعلوا للشيطانبينكم وبينها منفذا يدخل منه، ولا لحظوظ النفس بينكم مدخلا.

وفقكم الله جميعا، وأجرى الخير على أيديكمجميعا، وجمع أيديكم على خدمة الوطن، وقلوبكم على المحبة لأبناء الوطن، وجعلكم متعاونين على البر والتقوى غير متعاونين على الإثم والعدوان.

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ النور: 55

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم وهو الغفور الرحيم.










رد مع اقتباس
قديم 2010-06-27, 10:32   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

ذكرى استقلال الجزائر
_________
ملخص الخطبة
_________
1- عيد وذكرى. 2- نعمة الاستقلال. 3- الجزائر من مغارس الإسلام. 4- شيء من تاريخ الجزائر ومخازي الاستعمار. 5- من مكائد الاستعمار. 6- الواجب بعد التمكين في الأرض.
_________
الخطبة الأولى
_________
أما بعد: يومكم هذا هو اليوم الأنور الأزهر، واليوم المحجَّل الأغر، اجتمع لكم فيه عيد وذكرى، أمَّا العيد فهو يوم الجمعة، وأمَّا الذكرى فكان حقُّها أن تعدَّ بالتقويم الإسلامي الهجري الهلالي، لكنَّها عدَّت بالتقويم الميلادي المسيحي، فتوافقت مع هذا العيد، إنَّها ذكرى استقلال الجزائر. والجزائر قطعة من أرض الإسلام، فيها نبتنا، وعلى حبِّها ثبتنا.
والاستقلال نعمة تستوجب شكر الله تعالى، ولا يشكر الله عليها حقَّ شكره، إلاَّ من عرف مخازي الاستعمار، وذاق مرارة الذلِّ والاستعباد، وعانى حياة البؤس والشقاء في ظلِّ الاستعمار، أو تواترت إليه بذلك الأخبار.
فإلى الله نتوجَّه بالشكر على ما أنعم به علينا من تخليصنا من أنياب شيطان الاستعمار، وأعاد أرض الإسلام إلى أمَّة الإسلام، وأحال كنائس التثليث إلى مساجد للتوحيد.
ومسجدكم هذا مسجد التقوى قد نال حصَّته من مغانم الاستقلال، إذ تحوَّل مسجد توحيد بعدما كان كنيسة تثليث، فنحمد الله على ذلك.
ونستنزل من رحمات الله الصيِّبة، وصلواته الزكيَّة الطيبَّة، لشهدائنا الأبرار ـ والله أعلم بمن مات شهيدًا في سبيله ـ ما يكون كفاء لبطولتهم في الدفاع عن شرف الحياة وحرمات الدين وعزَّة الإسلام وحقوق هذا الوطن الغالي، وطن الجزائر.
والجزائر ـ أيُّها السامعون ـ من أزكى المغارس التي غرست فيها شجرة الإسلام، فنمت وترعرت ثمَّ آتت أكلها طيِّبًا مباركًا فيه، من القرن الأوَّل للهجرة: فقد حمل الفاتحون وفيهم أولو بقيَّة من أصحاب رسول الله تعاليمَ الإسلام إلى شمال إفريقيا، وقلب هذا الشمال هو الجزائر، نشروا عقائد الإسلام حتَّى استقرَّت في النفوس، واجتثُّوا وثنية البربر وبقايا العتوِّ الروماني. ومن قرأ تاريخ المدن الجزائريَّة التي كانت لها في الحضارة الإسلامية أوفر نصيب؛ تلمسان وبجاية وتيهرت وقلعة بني حمَّاد وزواوة والمسيلة وطبنة وبسكرة وقسنطينة وغيرها، من قرأ التواريخ علم أيَّة سمات خالدة وَسم بها الإسلام هذا القطر.
فلم يزل حصنًا منيعًا في وجه أطماع المستعمر الصليبي، لأنَّ من دخله سهل عليه دخول بقيَّة أوطان المسلمين، ولهذا لم يزل فيه طامعًا، متربِّصًا به مبيِّتًا الفرصة المواتية، فكانت الفرصة في عام 1246 هـ، الموافق لعام 1830م، حين تدهورت أمور البلاد، واختلَّ الدين واعتلَّ الاعتقاد، وفشا في الحاكم والمحكوم الفساد، فتداعت علينا عساكر الاستعمار، وانقضَّت علينا جيوش الاستدمار.
احتلَّت فرنسا الجزائر المسلمة احتلالاً مدبَّرًا مبيَّتًا على برنامج يدور كلُّه على محور واحد، ويرمي إلى غاية واحدة، وهي إذلال المسلمين ومحو الإسلام في الشمال الإفريقي كلِّه، وكان الإسلام في الجزائر يوم الاحتلال قويًّا بمعنويَّاته ومادِّيَّاته، مكينًا في النفوس، متمكِّنًا في الأرض بمقوِّماته من مساجد لإقامته، ومدارس لعلومه، وأوقاف دارَّة الريع للقيام به وحمايته، وكان هو المرجع في التشريع والتنفيذ.
فماذا صنع الاحتلال الفرنسي من أوَّل يوم؟ بدأ بخطَّة كانت مرسومة من قبل، وكشف عن مقاصده المبيَّتة للإسلام بعد أسابيع من احتلال الجزائر العاصمة، بدأ بمصادرة الأوقاف الإسلاميَّة بجميع أنواعها في العاصمة وإلحاقها بأملاك الدولة المحتلَّة، وأصدر قانونًا بتعميم المصادرة في كلِّ شبر يحتلُّه، ثم عمد إلى المساجد فأحال بعضها كنائس وبعضها مرافق عامَّة، وهدم بعضها لتوسيع الشوارع وإنشاء الميادين، ثمَّ عمد إلى المساجد الباقية فاحتكر التصرُّف فيها لنفسه، واستأثر بتعيين الأئمَّة والخطباء والمؤذِّنين والمفتين، وأجرى عليهم الأرزاق من خزينته العامَّة ليبقوا دائمًا تحت رحمته، يدورون في فلكه، يتوخَّون رضاه، ويخدمون مصالحه.
وله أعمال من دون ذلك هو لها عاملٌ، وكلُّها تتلاقى عند غاية واحدة وهي محو الإسلام من الجزائر حتَّى تصفو له، وتصبح فرنسيَّة الهوى واللسان والعاطفة والفكر والاتجاه.
ومن مكائده الخفيَّة لمحو الإسلام تشجيعه للخرافات والبدع والضلالات الشائعة بين مسلمي الجزائر لعلمه أنَّها تفسد عقائد الإسلام الصحيحة، وتحبط عباداته، وتبطل آثارها، وتخلط الموازين، فتلتبس السنَّة بالبدعة، والحق بالباطل، خبَّ الاستعمار وأولع في هذا المضمار وجمع على حرب الإسلام كلَّ ضالٍّ من أبنائه، وكلَّ دجَّال وكلَّ مبتدع وكلَّ متَّجر بالدين، يشجِّعهم ويرعاهم، وظاهرهم بجيش آخر من المبشِّرين يحميهم ويمهِّد لهم الطريق، ثمَّ بجيش آخر من الملاحدة الذين أنشأتهم مدارسه على درجات تبدأ بالزهد في الإسلام، ثمَّ بالتنكر له، ثمَّ بالخروج منه والازدراء بأهله والسخرية بهم، وسمَّوهم: المفكِّرين والمثقَّفين والمتنوِّرين ونخبةَ المجتمع، والحقيقة أنَّهم دوابٌّ مسيَّرة بخطَّة مدبَّرة، أعدَّهم المستعمر إعدادًا، ليكونوا له امتدادًا، وللهدم والتدمير إمدادًا، ولنشر الإلحاد والفساد أعوانًا ومددا.
فإنَّ نشره للإلحاد بين المسلمين وسيلة لمحو الإسلام، وحمايته للفواحش كالخمر والبغاء والقمار، وسيلة أخرى لنفس الغرض والمرام.
ففي الجزائر يبيح الاستعمار الفرنسي فتح المقامر لتبديد أموال المسلمين، وفتح المخامر لإفساد عقولهم وأبدانهم، وفتح مواخر البغاء والزنا لإفساد نسلهم ومجتمعهم، لكنَّه في المقابل لا يسمح بفتح مدرسة عربيَّة تحيي لغتهم، ولا بفتح مدرسة دينيَّة تحفَظ عليهم دينهم.
هذا بعض ما فعله المستعمر الفرنسي من موبقات نحو الإسلام، وما جنَّده من جنود لحرب الإسلام في الجزائر، لعلمه أنَّه لا بقاء لسلطانه وجبروته ما دام القرآن محفوظًا، والعقائد الصحيحة ثابتة، والشعائر المرفوعة قائمة، والسنن المأثورة مشهودة، ولغة القرآن مالكة للأسنة، ومظاهر الإسلام ظاهرة.
فنحمد الله ونشكره على ما منَّ به علينا من نعمة الاستقلال.
_________
الخطبة الثانية
_________
عباد الله، يقول الله عز وجل: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ [الحج:41].
هذا شرط شرطه الله عز وجل على الذين مكّن لهم في الأرض وأصبح أمرهم بيدهم أن يقوموا بهذه الأربعة.
لقد تحقَّق الاستقلال ومكَّن الله العباد في البلاد، وأصبح أمرنا بأيدينا لا بأيدي المستعمر، فهل أقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر؟!
كلاَّ، فالصلاة لا آمر بها ولا زاجر عنها، وكأنَّها من شأن المسلم ونفسه، إن شاء أقامها وإن شاء تركها. والمسلمون قد أجمع علماؤهم أنَّ المصرَّ على ترك صلاة واحدة يجب على الحاكم أن يقيم عليه حدَّ القتل، وحدِّث عن مانعي الزكاة التي حين تركها حيٌّ من العرب جهَّز لهم أبو بكر جيشًا لقتالهم، وأجمع الصحابة على ذلك، ولم يمنعهم من ذلك الخطر المداهم من قبل الروم الذين كانوا يجمعون لهم في اليرموك، وما ذاك إلاَّ لعظمة هذه الفريضة وخطورة الامتناع عن أدائها، وحدِّث عن تاركي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الرعيَّة عمومًا ومن الرعاة خصوصًا، كلّ حسب ما هو فيه من مسؤوليَّة ورعاية.
هل حققنا لأنفسنا في مدة أربعين سنة ـ وهي ثلث المدَّة التي قضاها المستعمر في بلادنا ـ ما كنا نطالب به الاستعمار؟! هل قضينا على الموبقات والمحرمات التي نشرها الاستعمار في بلادنا؟! هل قضينا على الخمر والقمار والدعارة المنظَّمة؟! قد كان من أوَّل ما ألغاه الاستعمار المحاكم الشرعيَّة، فهل أعدنا بناءها بعد أزيد من ثلث قرن؟!
إنَّ كلَّ محاولة اليوم لمحو مظاهر الإسلام وسمة التديُّن والعبث بلغة القرآن ومقوِّمات الأمَّة وتاريخها إنَّما تصبُّ في مصبٍّ واحد، وهو ما كان يرمي إليه المستعمر من قبل، وقد خرج المستعمر، لكنَّه خلَّف من ورائه أفراخًا ليكونوا امتدادًا له، وأيديَ موصولة بخيوطه، من دجاجلة الخرافة والبدع، ومن المنصِّرين، ومن المسمِّين أنفسهم بالمثقَّفين والنَّخبَوِيِّين المتنوِّرين الذين لسانهم لسان المستعمر، وفكرهم فكره، وعواطفهم عواطفه، وحنينهم إليه، وهو بالأشواق إلى وطنهم يستنزف خيراته.
يا معشر الجزائريِّين، إنَّ الاستعمار كالشيطان الذي قال فيه نبيُّنا : ((إنَّ الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنَّه رضي بالتحريش بينكم)).
فهو قد خرج من أرضكم، ولكنَّه لم يخرج من مصالح أرضكم، ولم يخرج من ألسنتكم، ولم يخرج من قلوب بعضكم، فلا تعاملوه إلاَّ فيما اضطررتم إليه، فإنَّ الاستعمار العسكري ذنبٌ، والاستعمار الثقافي والفكري هو الرأس، والحيَّة لا تموت بقطع ذنبها، بل كما قال الشاعر:
لا تقطعنَّ ذنب الأفعى وترسلها إن كنت شهمًا فأتبع رأسها الذنبا
وعلى الجزائر أن تحرِّر ثقافتها من التبعيَّة كما حرَّرت أرضها من الاستعمار، والخطوات البطيئة في هذا المضمار لا ترضي شهداءها الأبرار، بل البدار البدار، ليتأكَّد الانتصار، ويكتمل الاستقلال والانتصار.
نسأل الله تعالى لأهل هذه البلدة وللقائمين عليها عودةً إلى الله تعالى وإلى دينه، تعود بها العزَّة والكرامة، وحكمةً مستمدَّةً من تعاليم الإسلام، تسدِّد الرأي وتثبِّت الأقدام، وألفة تجمع الشمل، ووحدةً تبعث القوَّة، وعزيمةً تقطع دابر الاستعمار من النفوس، بعد أن قطعت دابره من الأرض.
ونعوذ بالله من كلِّ داع يدعو إلى الفرقة والخلاف، وكل ساع إلى التفريق والتمزيق، وكل ناعق ينعق بالفتنة والفساد.










رد مع اقتباس
قديم 2010-06-27, 13:39   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
فريدرامي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية فريدرامي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-06-27, 21:22   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

في ذكرى عيد استقلال الجزائر
احتلال الجزائر كشف عدم صدق شعارات الثورة الفرنسية
يصادف الخامس من الشهر السابع من عام 1962 عيد استقلال الجزائر وهو مناسبة هامة وتاريخية لا تعني أبناء الجزائر وحدها بل تهم العرب والمسلمين وكل الأحرار في العالم، وبهذه المناسبة الغالية يتوجب توجيه التحية للشعب الجزائري واستمطار شآبيب الرحمة علي مئات الآلاف من الشهداء الذين دفعوا أرواحهم ثمنا لهذا اليوم الغالي والمجيد، وما أحري الشباب العربي اليوم إن يستعيدوا تاريخ كفاح الشعب الجزائري لأنه درس وملحمة تاريخية خاصة في مثل ظروفنا اليوم وفلسطين المحتلة منذ عام 1948 تكاد تضيع من الاستسلام وعدم القدرة علي حشد الطاقات وتوحيد الإرادة والأخطر من ذلك إن العراق أيضا تم احتلالها من اكبر قوة في العالم حليفة الكيان الصهيوني منذ العام 2003 .
وقصة احتلال الجزائر لمدة 132 من عام 1830 إلى عام 1962 تشكل ملحمة تاريخية ودرسا لابد من الوعي به عبر الأجيال .
فإذا عرفنا إن فرنسا قامت بهذه الثورة نهاية القرن الثامن عشر ورفعت شعارات لا يزال الناس في زماننا هذا يتغنون بها ( الإخاء ، الحرية ، المساواة ) ولكن ديدن الثقافة الغربية يومها وحتى اليوم لم يتغير ، فهذه الأهداف وما حققته هو شأن داخلي لتقدم شعب فرنسا ومن بعدها شعوب أوروبا عندما انتشرت هذه المبادئ في بريطانيا وألمانيا وعمت العالم بعد ذلك إما الأمم والشعوب الأخرى فذلك شأن أخر لأنها ليست من طينة شعوب الغرب انه لأمر جليل وسابقة خطيرة في التاريخ الإنساني حيث إن أوربا استطاعت إن تتدارك تخلفها وان تستفيد من انجازات الحضارة العربية الإسلامية ومن خلالها وراثة حضارة اليونان والرومان وهكذا أصبحت أوربا طريق التقدم الحضاري خاصة من الجانب المادي والتكنولوجي وخاضت صراعات مريرة داخل كل بلد وفي العلاقات بين بلدانها حتى كرست وعلى الأخص بعد الثورة الفرنسية معالم حضارة جديدة ، لكنها بقدر تقدمها العلمي وحرصها علي قواعد وقيم إنسانية ، ولكنه ويا للمفارقة فان الدول الأوروبية حرصت علي خرق تلك القيم وعدم تطبيقها علي الشعوب خارج أوروبا ، بل راحت تضرب بالجيوش والأساطيل لاحتلال البلدان الاخري في العالم الثالث ، وذلك دليل علي إن الثقافة الغربية قامت علي العنصرية وعلي القوة وإنها لا تساوي بين شعوبها وشعوب العالم الأخر ، وهكذا نجد فرنسا التي فجرت ثورتها عام 1778 وأعلنت تلك الأهداف الكبيرة نجدها بعد حوالي نصف قرن تحتل الجزائر البلد العربي المسلم الواقع في إفريقيا والذي لم تكن له أي عداوة مع فرنسا ، بل كانت بين البلدين علاقات سياسية واقتصادية وان فرنسا مدينة للدولة الجزائرية ، حتى إن هناك من المؤرخين من يعطي للجانب الاقتصادي دورا هاما حيث إن الحرب الاستعمارية تعطي فرنسا مكاسب كبيرة ، تخلصها من الديون وتمكنها من حيازة رصيد الجزائر من الذهب الذي يقال انه تم نقله علي عشرات من الإبل من قصر الأمير ، ومصادرة اقتصاد الجزائر لمصلحة فرنسا الاستعمارية في وجه من الوجوه يشبه خلفيات احتلال أمريكا للعراق الذي يقع النفط والمقدرات الاقتصادية في مقدمات أسباب احتلال العراق ما أحرى الجزائريون والعرب وكل الشعوب اليوم بمناسبة استقلال الجزائر التوقف أمام هذا الحدث التاريخي الكبير الذي ما أحرى الجميع للاستفادة منه العبر والدروس التي ينطق بها لان التاريخ يعيد نفسه والاستعمار ظاهرة يمكن إن تتكرر.
لذلك سأتوقف عند بعض النقاط بمناسبة الاحتفال بيوم استقلال الجزائر ومشاركتنا في إحياء هذا اليوم وتهنئة الشعب الجزائري الشقيق :-
• دروس وعبر الثورة الجزائرية
• خطورة أوضاع التجزئة علي انجازات الشعوب


• دروس وعبر الثورة الجزائرية
بعد إن استمر الاحتلال الفرنسي للجزائر قرنا وربع علي الرغم من الثورات المتواصلة منذ ثورة الأمير المجاهد عبد القادر الجزائري وقد دفع الشعب الجزائري مئات الآلاف من الشهداء وتم مصادرة أملاكه وإقصاء الشعب في أرضه فان الشعب الجزائري المسالم الذي تجسدت هويته التاريخية من خلال اعتناق الإسلام منذ أربعة عشر قرنا ، وتعرف من خلال العذاب والمعاناة و الاهانة إن العدو الجاثم علي أرضه بقوة السلاح ويحاول طمس هويته من خلال طمس دينه الإسلام والقضاء علي اللغة العربية والاستقواء بالعملاء الذين استخدمهم الاستعمار سوطا يلهب به ضمير وظهور شعبهم ، عندما استوعب الشعب الجزائري الدرس حاول الاستفادة من المناخ الذي تدعي الشعارات أنها توفره من حرية وتعددية وحقوق إنسان تحاول تأسيس الجمعيات والنقابات مثل نجم شمال إفريقيا وحزب الشعب وغير ذلك لكن المحتل الفرنسي كانت له خططه وبرامجه التي لا تخدم الشعب الجزائري , لأنه مستعمر ولابد إن يكون محتقرا وبحال سيئة وبين حريته واستقلاله والمفارقة التاريخية إن فرنسا التي هزمت في الحرب العالمية الثانية لم تجد سوي الجزائر وشمال إفريقيا لاحتضان المقاومة بقيادة ديجول الذي حارب معه عشرات الآلاف من الجزائريين والمغاربة وأسهموا في تحرير فرنسا وعندما تحرك الشعب الجزائري غداة الحرب العالمية الثانية مستندا إلى ما أعقب إعلان مبادئ ويلسون والتوجه لإنشاء الأمم المتحدة وبمناسبة الاحتفال العالمي بهزيمة النازية والفاشية عام 1945 خرج الشعب الجزائري في مظاهرات عارمة معبرا عن أرادته ومطالبة بالحرية والاستقلال فكان رد فرنسا ضرب تلك المظاهرات السلمية بقوة الجيش من مدافع ودبابات وطائرات في اخطر مجزرة قدرت ضحاياها بخمسة وأربعين ألف مواطن جزائري
ولان مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية شهدت متغيرات منها تأسيس الأمم المتحدة وقيام الجامعة العربية وهبوب رياح التحرير للشعوب المستعمرة علي يد المثقفين وزعماء كفاح الشعوب وقد كان حس القوي الشعبية الجزائرية عاليا فقد أدرك بوعي تاريخي عميق إن اللحظة قد حانت لامتشاق السلاح ودفع ثمن التحرير والاستقلال وبين عامي 1945 و1954 أنضجت القوي الثورية الجزائرية برنامجها لتفجير ثورة مسلحة من اجل انتزاع الاستقلال بقوة السلاح وقد استطاعت ثورة نوفمبر /1954 إن تتجاوز الخلافات السياسية والحزبية وان تتوجه مباشرة للشعب وان يكون الاستقلال هدفها من غير مساومة وكان من حسن حظ الثورة الجزائرية تأسيس الجامعة العربية 1945 وقيام ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الزعيم القومي جمال عبد الناصر حيث أمكن من تبني ثورة فاتح نوفمبر وإعطائها دعما إعلاميا وسياسيا بالإضافة الي المتغيرات التي شهدها العالم من قيام ثورة الصين الشعبية عام 1949 وتفجر الحرب الباردة التي قسمت القوي الكبرى إلى معسكرين وقد استطاع الثوار الجزائريين توظيف كل هذه ذلك لمصلحة كفاح شعبهم ، وسطروا ملحمة أسهمت في إثارة الوعي الإنساني وفرضت علي شعوب الغرب إن تعيد النظر في مسلماتها .
وكانت ثورة نوفمبر ملحمة تاريخية فاصلة قادت الي استقلال الجزائر وسجلت دروسا حري بنا إن نقف عندها ,خاصة في هذه المرحلة من تاريخ امتنا .
وهنا باختصار يمكن إن نسجل بالإضافة الي ما تقدم ذكره نقاطا محددة
- الهوية الحضارية عامل حاسم في الصراع خاصة دور الدين والعامل الثقافي فرغم سيطرة فرنسا علي الجزائر لمدة قرن وربع و كل ما فعلته قتلا وتدميرا ومحاولة مسخ الشخصية الجزائرية ، إلا إن الهوية الحضارية المقاومة والممثلة تحديدا في اللغة العربية والدين الإسلامي شكلت السد الذي منع محاولات المسخ و الإذابة وبقي صمود شعب الجزائر المسلم كما قال الشيخ ابن بأديس رحمه الله ( شعب الجزائر مسلم والي العروبة ينتسب ) وبالفعل أشعلت تلك الجوانح المتأججة في عمق الهوية الحضارية والإسلامية لهيئة الثورة التي تفجرت في صباح الفاتح من نوفمبر 1954 وبعد سبع سنوات أجبرت فرنسا ومعها حلف الأطلسي علي الاعتراف بالاستقلال يوم 5/7/1962 وقيام الجمهورية الجزائرية الديمقراطية
- ومن دروس الثورة الجزائرية إن الوحدة الوطنية سلاح النصر ، حيث استطاع ثوار نوفمبر القضاء علي التشرذم والخلافات بالحوار وبمنطق الثورة وبالتالي تخطي الجزائر أحوال الضعف التي سادت تجارب أخري في أسيا وإفريقيا ولا تزال فلسطين تعاني هذا المرض ، لكن الثورة الجزائرية أنجزت هذا الشرط وفعلته علي ارض الواقع فحققت النصر لمؤازرة الوعي
- والإرادة سلاح التوحيد والتحرير والتقدم .
لقد أنضجت حقب الاستعمار الرأي العام الجزائري ومن قاع المعاناة وبعد قرن وربع من حالة السيطرة والاستعمار الذي حاول طمس الشخصية الجزائرية لكن كما سلف الذكر تمسك الشعب الجزائري بهويته الحضارية المتجسدة في الدين الإسلامي واللغة العربية أسهم في تعميق الوعي وخلق الإرادة الحضارية المقاومة
- رفض التغريب والاستلاب ومن خلال الخبرة العملية التي زادت عن القرن عرف الشعب الجزائري حقيقة التغريب ومضمون الاستلاب ورفضوا كل محاولات تزييف الهوية الحضارية للشعب الجزائري وكشفوا أكذوبة الثقافة الغربية وكشف وعيهم مدي زيف ما حاولت فرنسا والقوي الغربية تضليل الرأي العام من شعارات وأهداف سياسية ومضت قوافل الشهداء على طريق الحرية حتى أذعنت فرنسا.
• خطورة أوضاع التجزئة علي انجازات الشعوب
إن ملحمة استقلال الجزائر لم تكن تستأثر فقط بالشعب الجزائري بل بكل منطقة المغرب العربي وكل العرب والمسلمين ولاعتبارات تاريخية وثقافية فان سكان المغرب العربي يحنون لوحدتهم التي عاشوها قرونا قبل وصول الحكم العثماني كرد فعل للتوسع الاسباني بعد طرد العرب المسلمين من الأندلس وتقدمها لاحتلال منطقة شمال إفريقيا وصولا الي طرابلس عام 1510 .
وهكذا عندما غزت فرنسا الجزائر عام 1830 اعتبر احتلالها نكبة لجميع المسلمين وظل التواصل والجهود الثقافية المشتركة من اجل عودة وحدة المنطقة ، وغداة الحرب العالمية الثانية كان الوعي يحرك عقول نخب الشمال الإفريقي خاصة بعد تأسيس ( نجم شمال إفريقيا ) وبعد ذلك جاء تفجير الثورة الجزائرية ليحي الأمل في نفوس طلائع العمل السياسي من اجل المشاركة في هذه الثورة وصولا لتوحيد المغرب العربي لكن الاستعمار الفرنسي سارع الي تمزيق جبهة الكفاح فأعطى لكل من تونس والمغرب استقلالها عام 1956 ، وردت الحركة الوطنية بعقد مؤتمر طنجة عام 1958 من اجل توحيد الأحزاب والقوي الشعبية في المغرب العربي لكن للأسف أوضاع التجزئة نسجت مصالح بين الاستعمار والنخب الحاكمة للقبول بالأمر الواقع لذلك لم يكن أمام الثورة الجزائرية إلا إن تشق طريقها بالقوة ومن حولها قوي حركة التحرر بقيادة الخالد جمال عبد الناصر وملايين الجماهير العربية حتى انتصرت الثورة الجزائرية التي أذهلت العالم بصلابتها وبالتضحيات التي قدمها الشعب الجزائري البطل حتى فرضت إرادته الحرة وأذعنت فرنسا احدي الدول الكبرى المدعومة من حلف الأطلسي التسليم باستقلال الجزائر .
لقد جاء استقلال الجزائر في عقد الستينيات الذي شهد الانفصال الذي دمر الوحدة المصرية السورية ثم للأسف الشديد الاقتتال الذي شب بين المغرب والثورة الوليدة عام 1963 والتطورات التي قادت الي انقلاب 19/6/1965 وحرب 5/6/1967 والهزيمة التي حاقت بالتيار القومي ومن هنا نري كيف تم محاصرة الثورة الجزائرية ، التي كانت مرشحة لان تلعب دورا وحدويا ليس في المغرب العربي ولكن علي مستوي الوطن العربي وإفريقيا
لقد قامت الثورة الجزائرية بخطوات هامة لاستعادة هوية الشعب الجزائري علي مختلف المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية ولكن كما أسلفت فإنها ووجهت بحصار ووضع التجزئة ولم يفسح لها المجال للتقدم علي طريق الوحدة الذي بدونه سيحكم علي أي قوة بمعايشته حالة الحصار وزادت ظروف الصراع في منطقة المغرب العربي للحد من تفعيل توجه الثورة نحو توحيد الإقليم, ويمكن مراجعة مرحلة 1973/1988 عندما كان الأمل معقود على توحيد الجزائر وليبيا.
واليوم وبعد مرور زهاء الستة عقود علي استقلال الجزائر وإذا نشاطر الشعب الجزائري إحياء هذه المناسبة التاريخية التي هي فخر للشعب الجزائري والعرب والمسلمين وشعوب العالم الثالث بل والأحرار في العالم ، وبعد إن عانت امتنا الكوارث الخطيرة خلال العقود الماضية من حرب الخليج الأولي والثانية ، وبعد إن أصبحت القضية الفلسطينية موضع مساومة في أسواق النخاسة الدولية وبعد احتلال العراق ، فقد طوقت القوي الامبريالية الصهيونية وأعوانها كل القوي الثورية والتحررية فأضعفتها وحاصرتها ولما كانت الأمة العربية والشعب الجزائري في مقدمتها يرفضون هذا الواقع الذليل وتواجههم تحديات الواقع ويرون بأعينهم مخاطر التدخلات الأجنبية التي تتنافس علي عودة الاستعمار وهذه المرة هل يكون أوروبيا أم أمريكيا أم ثنائيا في هذه الأجواء فان أنظار أحرار العرب تتجه في ذكري استقلال الجزائر للاستنجاد بتلك الإرادة الحضارية المقاومة للرد علي هذه التحديات وفي وعي الجميع ما نراه علي الشاطئ المقابل كيف تصنع أوربا وحدتها وان فرنسا وألمانيا التي أشعل العداء بينهما الحرب العالميتين الأولى والثانية ، أصبحتا القاعدة الصلبة لوحدة أوروبا .. هل يحق لنا إن نتجاهل ذلك ونستسلم لبعض مشاكلنا التي تحول دون وحدتنا وتقدمنا التي بدون شك لها أكثر من حل لو صدقت النوايا وتوحدت الإرادة وصممنا علي استعادة روح المقاومة وتغليب التناقض الرئيسي علي التناقضات الفرعية
مرة أخرى كل التحية للشعب الجزائري البطل ونستمطر شآبيب الرحمة علي المجاهدين الشهداء .. والثقة تملأ نفوسنا بان دماءهم لن تذهب هدرا .










رد مع اقتباس
قديم 2010-07-01, 21:39   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

ٍاللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك المجاهدين في كل مكان يارب العالمين
اللهم ارحم شهدائنا الأبرار وتغمدهم برحمتك واسكنهم فسيح جنانك والحقنا رفقتهم بالشهداء الابرار والصحابة الكرام والرسل والانبياء كافة يارب العالمين
يارب العالمين










رد مع اقتباس
قديم 2010-07-01, 21:52   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
فريدرامي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية فريدرامي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2010-07-02, 14:36   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الاستقلال في مفهومه الشّموليّ



الحمد لله ثم الحمد لله، تعالت أسماؤه وتمت كلماته صدقا وعدلا، لا مبدّل لكلماته، جعل النصر يتنـزّل من عنده على من يشاء من عباده حيث يبتليهم فيعلم المصلح من المفسد ويعلم صدق يقينهم وإخلاص نياتهم وصفاء سرائرهم وطهارة ضمائرهم.أشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير ،قدّر ودبّر وحكم وأمر وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون وأصلّى وأسلّم على المبعوث رحمة للعالمين صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدّين وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطّاهرين فصلّوا عليه وسلّموا تسليما واتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون .

أمّا بعد إخوة الإيمان ما يجب أن نكون على يقين منه أنّ مجمل الأحداث التي يسجّلها التّاريخ البشري هي من تقدير العزيز الحكيم العليم ، فكلّ تغيير بشري ليس إلاّ بتدبير إلهيّ يتجاوز كل تخمين وتخطيط. لأن القرآن الكريم يصرح بوضوح أن قوانين الله لا يمكن تغييرها،فهي ليست من صنع ظروف المناخ في الدولة التي تعيش فيها الأمة. ولا هي ناتجة عن البيئة الاقتصادية ووسائل الإنتاج. وهي لا تختلف من زمن إلى زمن، ولا من مكان إلى مكان. وكل أمّة توجه مسارها وفقا لهذه القوانين تحصل من الفائدة على ما تحصل عليه أية أمة أخرى سلكت هذه السبيل نفسها. فقد أعلن القرآن جازما :"فلن تجد لسنّة الله تبديلا ولن تجد لسنّة الله تحويلا" ومعنى ذلك أن النظريات التي حاولت أن توقف التغيرات الطارئة في الاجتماع البشري على أحوال اقتصادية أو بيئية أو غيرها من الأسباب البشرية والطبيعية، غير صحيحة حينما تهمل سنة الله -عز و جل- في كل ذلك. لأن هذه الأسباب وإن كانت فاعلة، إلا أنها هي عين الأسباب الفاعلة في سنن الله -عز و جل- يجريها في أوقاتها المقدرة لها وبالتّالي فإنّ حديثنا عن استقلال بلدنا العزيز يتنزّل ضمن هذه الصّيرورة الكونيّة ولكن دون الغاء الفعل الإنساني ونقصد أولئك الذين ضحّوا بكلّ غال ونفيس: بالمال والأهل والجهد والنّفس من أجل ضمان حياة مستقرّة يسودها الأمن والأمان كسائر الشّعوب التي ناضلت من أجل نيل استقلالها ،هذا المصطلح(أي الإستقلال) الذي أولاه لسان العرب معناه ودلالاته ليحتمل معاني أثّر فيها الفكر السّياسي والإجتماعي فدلّ على أنّه الإرتفاع والإرتحال فنقول : استقل القوم:بمعنى مضوا وارتحلوا.واستقل فلان: انفرد بتدبير أمره، واستقلت الدولة: استكملت سيادتها وانفردت بإدارة شؤونها الداخلية والخارجية، لا تخضع في ذلك لرقابة دولة أخرى مهيمنة ـ». إلاّ أن هذا المفهوم يدور في نفس الدّائرة التي عايشتها الشّعوب منذ القدم وسجّلها القرآن الكريم من خلال الأمم التي أفسدت وعاثت فسادا ظلما وبغيا وعدوانا قال تعالى :" وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرا " وقال تعالى :" وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا " الكهف109 وهذا ما وقع لقوم عاد وثمود وقوم صالح وقوم لوط وفرعون الذي استخفّ قومه فأطاعوه فكان العقاب من الله بالإغراق والإحراق والإبادة والرّيح الصّرصر العاتية ولكن الملفت للإنتباه أنّ إبادة الأقوام وهزيمتهم أصبحت تتحقّق على أيدي البشر أنفسهم دون أن يخرجوا على سنّة الأوّلين والدّليل قوله تعالى:" قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم "التّوبة14 فالفعل الحقيقيّ من الله والأداة هي الإنسان المؤمن ،وبالتّالي نقرّ جازمين : بأنّ النّصر بيد الله تعالى فهو القائل :"إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم " و" كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصّابرين" البقرة249 فالمحقّق الفعليّ للنّصر هو الله تعالى في كلّ الأحوال ولكن الإنسان أصبح له وجود فعليّ في مسرح التّاريخ البشريّ فلم يعد مجال للمعجزات والخوارق لأنّ الخطاب أصبح موجّها للإنسان الفاعل العاقل المغيّر للواقع، خطاب الله ـ خالق الكون ـ لهذا الإنسان القابع في زاوية من هذا الكون الممتدّ ليرفع من شأنه إلى أعلى الدّرجات فأصبح النّصر يتم على يديه ولكنّه نصر الله "إذا جاء نصر الله والفتح" فأصبح قادرا على دحر المستعمر الظّالم بفضل الله سبحانه وتعالى الذي جعل السيف ـ هذه المرّة لا العقاب الخارق ـ فرقانا بين الحق والباطل، وأنتج من المتضادات أضدادها، فأخرج القوّة من الضعف، وولد الحرية من العبودية، وجعل الموت طريقا إلى الحياة، وهي قاعدة أخرى في اليقينيات التي يجب على المفكر إيقانها ليدرك أن التداول بين القوة والضعف، والخير والشر، والحياة والموت، والحرب والسلم، عامل حضاري يحرك الحياة ويدفع بها إلى الأمام، مصداقا لقوله تعالى: " الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"الحج 40) فالسنة المودعة في هذه الآية تشير بوضوح وتبين بجلاء: «أن الله لا يعطي أية أمة السيطرة والغلبة الدائمتين. فكلّ جماعة من الناس تتسلط مدة من الزمن، وبعدما تمر هذه المدة تزول من الوجود، وتقوم فوق رفاتها أمّة أخرى. وإن الله لايظلم النّاس شيئا ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون فسوء عملهم الذي يجلب عليهم الدمار فتولد على أنقاضهم طبقة أخرى. والسؤال الذي يبرز بصورة طبيعية هو: ما السبب الأساسي لهذا التغيير؟

يجيب القرآن بأنّ التغيير قد سببه شيء في الداخل لا في الخارج: "لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ"الرعد 11) »فإذا أحسن القوم أحسنوا لأنفسهم واستداموا بقاءهم، واستتبّ لهم أمر الدنيا، فإذا دبّ فيهم الخلاف، وبطروا المعيشة، وأنكروا فضل الله عليهم، وتجاوزوا حدوده، وبغوا في الأرض واستعلوا، دب فيهم التغير والتحول، وسرى فيهم الزوال كما يسري السم في الجسد الملدوغ.

هذه الحال التي تبطن في ثناياها أسباب الزوال، ترفع آيات غضب الله -عز و جل- وتجعلها على رأس كل سلوك إنذارا صارخا يؤرق المفكر والمصلح. ويكتب في صفحات التاريخ أن الأيام دول، وأنّه سبحانه تعالى جده، تجلى على بعض عباده بالغضب والسخط فأحال مساجد التوحيد بين أيديهم إلى كنائس للتثليث، وتجلى برحمته ورضاه على آخرين فأحال فيهم كنائس التثليث إلى مساجد للتوحيد، وما ظلم الأولين ولا حابى الآخرين، ولكنها سنته في الكون وآياته في الآفاق يتبعها قوم فيفلحون، ويعرض عنها قوم فيخسرون. » وفي نفس هذا الإطار بقدر فرحتنا ونحن نسترجع تاريخ استقلالنا واستقلال الدّول العربيّة بقدر حزننا وإخواننا في فلسطين تحت نير الإستعمار الصّهيونيّ الغاشم الذي سمحت له نفسه الخسيسة المريضة زعزعة أركان المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى نبيّنا الأكرم عليه الصّلاة والسّلام وأحد المساجد الثّلاثة التي لاتشدّ الرّحال إلاّ إليها ويبادر الصّهاينة على مرأى ومسمع من الرّأي العام العالمي إلى وضع حجر الأساس "لكنيس الخراب" ولا أحد يحرّك ساكنا ولكنّ الله على الغاصبين الماكرين يمهل ولا يهمل يمكر وهم يمكرون ولكن الله خير الماكرين إخوة الإيمان لقد جعل الله نصر الفئة القليلة على الفئة الكثيرة منوطا بالإيمان والصبر ـ على الرغم من غلبة الظلم وكثرة أنصاره ـ. وهو يقين آخر ينضاف إلى اليقينيات الأولى التي تجعل النصر مشيئة ربانية، ليس لها صلة بالكثرة والعدة والاقتدار، وإنما هذه كلها من الأسباب التي تجريها السنة لإحداث التغيير .. فقد يهزم الجمع القوي الغفير، وتنصر الفئة القليلة الضعيفة. مادام شرطا النصر إيمان وصبر. بل إن النصر الحق ليس نصر معركة وجولة، فقد تكون الحرب سجالا، وإنما النصر نصر التأسيس والبناء والاستدامة. ليتحوّل الحديث من هزيمة العدوّ الإنسان الغاصب إلى هزيمة أعداء الإنسانيّة: الجهل والمرض والتخلّف،هذا والله أعظم وأعلم والحمد لله ربّ العالمين .



الخطبة الثّانية

بسم الله الرّحمن الرّحيم ناصر المستضعفين وقاسم الجبّارين والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين وإمام الغرّ المحجّلين وأشهد ألاّ إله إلاّ الله وليّ الصّالحين وأشهد أنّ سيّدنا وقائدنا محمّدا عبد الله ورسوله .

إخوتي في الله ، إنّ مثل هذه المناسبات الوطنيّة تذكّي فينا حبّ الوطن والحرص على الذّود على حرمته كما ذاد الأوّلون الشّهداء الصّادقون ليتجلّى مفهوم الإستقلال في أعلى معانيه الذي لا يرتبط فقط بإخراج العدوّ المستعمر من أرض الوطن ولكن يستمرّ هذا المعنى في دلالاته الحضاريّة بمعنى الرّفعة والعزّة والاستغناء عن الغير إذ لا خير في أمّة تأكل من وراء البحار ،إستقلال على مستوى الأفراد بالإستغناء عمّا في أيدي الآخرين لقوله صلّى الله عليه وسلّم :"ازهد في الدّنيا يحبّك الله وازهد فيما عند النّاس يحبّك النّاس " واستقلال على مستوى الجماعات بالقناعة العامّة والرّضا بالقليل والزّهد في الدّنيا ممّا يحقّق السموّ والتّعالي عن السّفاسف فتتحوّل الدّنيا من غاية إلى وسيلة ومطيّة إلى الآخرة ويتحوّل مفهوم الجهاد من مجاهدة العدوّ الإنسان إلى مجاهدة أعداء الإنسانيّة في مختلف أشكالهم بما في ذلك جهاد النّفس وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ قال إثر عودته من أحد الغزوات :" عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" ودقّقوا في كلمة "عدنا" بالجمع التي تقتضي الوحدة والتكتّل والإستمراريّة عبر الزّمان والمكان لذلك جاءت الدّعوة صريحة في القرآن :"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا" وقال تعالى :"إنّ هذه أمّتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون " الأنبياء 93 هذا ما يدعونا إليه الله ورسوله ولكن الواقع الذي سعى أعداء هذه الامّة إلى تكريسه هو مع الأسف الشّديد دويلات وملل ونحل وشعب ومذاهب متناحرة وتكتّلات متقاتلة بل حلّت الفرقة حتّى بين أبناء الشّعب الواحد جهويّات وألقاب وطبقات بل والأخطر من هذا كلّه بعد ان كانت العائلة وحدة في مفهومها الواسع تفتّت وتشتّت إلى حدّ الفرديّة بعد النّزاعات الدّاخليّة من أجل عرض زائل شأن المجتمعات الغربيّة ......وهذا ما عبّر عنه الحبيب المصطفى بــــ"غثاء كغثاء السّيل " فإلى أين تسيربنا الأمور وديننا يدعونا ونبيّنا ينادينا تأكيدا على الوحدة :"عليكم بالجماعة فإنّما يأكل الذّئب من الغنم القاصية " وأعداء هذه الأمّة ينادون "فرّق تسد" فلمن نستجيب ؟ قال الله تعالى :" يا أيّها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون "الأنفال 24

اللهمّ بك آمنّا وعليك توكّلنا فاغفر لنا ما قدّمنا وما أخّرنا وما أسررنا وما أعلنّا وما أنت أعلم به منّا ..اللهمّ لك الحمد كلّه ولك الملك كلّه بيدك الخير كلّه إليك يرجع الامر كلّه أهل أنت أن تحمد أهل أنت أن تعبد اللهمّ لك الحمد حتّى ترضى ولك الملك كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد في الأوّلين صلّ وسلّم وبارك عليه في الآخرين صلّ وسلّم عليه عدد خلقك ورضا نفسك وزينة عرشك ومداد كلماتك .

اللهمّ أنت الواحد لا شريك لك فألّف بين قلوبنا . اللهمّ أنت القويّ لا ندّ لك فقوّنا فيك حتّى لا نرى قويّا غيرك ، اللهمّ أنت الغنيّ ونحن الفقراء فأغننا بحلالك عن حرامك،وبفضلك،عمّن،سواك اللهم أنت ربنا ، و إلهنا ، و خالقنا ، قصدناك ، ورجوناك ، فلا تخيب رجاءنا ، ودعوناك،فاستجب،دعاءنا .
اللهم انصرنا نصراً عزيزاً من عندك ، على من يحاربونك ، و يحاربون سنة نبييك ، ودينك ، اجعل أمرهم شتاً شتاً ، واجعل بيننا وبينهم سداً سداً ، و صب عليهم العذاب صباً صباً ، و أطفئ نارهم و شلّ إرادتهم واجعل بأسهم بينهم .
اللهم من كادنا فكده ، و من عادانا فعاده ، ومن حاربنا فاهزمه ، ومن قاتلنا فاقتله ، و من شردنا فشرده ، ومن مكر بنا فامكر به ، ومن خدعنا فاخدعه ، و من أشغلنا فأشغله ، و من بغى علينا فأهلكه ، و من آذانا فدمره ، و من حقد علينا فزلزله ، و من خطط للنيل منا فأفشله ومن أذلنا فاجعل الذلة ، والمسكنة عليه يا الله.
اللهم ،لا إله إلا أنت إليك المشتكى ، و أنت المستعان ، و لاحول ولا قوة إلا بك ، يامن لا فَرَج إلا من عنده ولا نجاة إلا بيده ، و لا نصرة إلا من عنده اللهم صغّر كل متكبر ، واكسر كل متجبر ، واقهر كل ظالم ،. اللهم رد كيد كل كائد ، و احم كل عائذ بك ، و أجر كل لائذ بك ، و انصر كل مستنصر بك ، و أعن كل مجاهد ، وآوِ كل شارد،وأطعم كل جائع .
اللهم انصر المجاهدين في كلّ مكان ،حفاة فاحملهم ، عراة فاكسهم ، جياع فأطعمهم اللهمّ لا تدع لنا في هذا اليوم ذنبا إلاّ غفرته ولا همّا إلاّ فرّجته ولا دينا إلاّ قضيته ولا مريظا إلاّ عافيته وشفيته اللهمّ ارحم موتانا واجعل الجنّة مأواهم ومأوانا اللهمّ واجعل بلدنا آمنا مستقرّا وسائر بلاد المسلمين وكن لرئيسنا خير مرشد ومعين للحقّ واليقين واحفضنا من كلّ بلاء ومن الغلاء والوباء .
اللهم رب السموات و الأرض ، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، نستغفرك ، ونتوب إليك ، ونبرأ من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك، ونضرع ونلجأ إليك
لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك وصلّ اللهمّ وسلّم وبارك على نبيّك المصطفى وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين [/b]










رد مع اقتباس
قديم 2010-07-02, 14:37   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
الأمل الحقيقي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الأمل الحقيقي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أين هي تضحيات الشهداء ذهبت هباءا منثورا وأنتم مازلتم تتغنون بالإستقلال بينما نقود الشعب سرقت كلها










رد مع اقتباس
قديم 2010-07-03, 21:33   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

يااخي الخير الذي انت فيه بفضل الله تعالى وبفضل السرسول صلى الله عليه وسلم وبفضل الشهداء الابرار اللمليون ونصف المليون ثم أن

مفهوم الوطنية
في ضوء الكتاب المبين والسنة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته، أمّا بعد؛
فإنّ كثيرًا من المفاهيم المنتشرة والمشتهرة في المجتمع الإسلامي تحتاج إلى تأصيل وتدقيق، ومعرفة أصلها، والمواضع الصحيحة لاستعمالاتها.
ومن هذا المنطلق مددتُ ذراعي لأتناول قلم المعرفة فأسطِّر به ما أُراه واجبًا على أهل العلم والإيمان من بيان مفهوم الوطنية في ضوء الكتاب المبين والسنة النبوية، وإيضاح أصله هنالك، ومن ثَمّ تدبيج هذا وتزيينه بأصول وقواعد شرعية يُرجعُ إليها في مثل هذا الموضوع، ووضعتُ على رأس هذا البحث تاج لسان العرب في توضيح معنى الوطنية واستعمالاتها، وقد استخرتُ الله تعالى في تسمية هذا البحث، فمنّ عليّ الكريم سبحانه بهذا العنوان: (مفهوم الوطنية في ضوء الكتاب المبين والسنة النبوية).
- خطة البحث:
وقد احتوت خطة البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، وتفصيلها على النحو التالي:
- مقدمة: (وهي التي بين أيدينا)
- المبحث الأول: معنى الوطنية في لسان العرب.
- المبحث الثاني: مفهوم الوطنية في ضوء الكتاب المبين والسنة النبوية.
- المبحث الثالث: أصول وقواعد يُرجع إليها في هذا الموضوع.
- خاتمة.
هذا والله تعالى أسأل أن يجعله مباركًا نافعًا خالصًا متقبلاً، وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وآله وصحبه وأزواجه وذريته. والله تعالى أعلم.
المبحث الأول
معنى الوطنية في لسان العرب
لقد كثُر في لسان العرب استعمال مادة (وطن) في معاني عدة أستعرضها من خلال هذا العرض اللغوي الذي هو أساس بناء المعنى الاصطلاحي.
فالوطن: هو المنزل الذي تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحلّه، والجمع: أَوْطان.
وَطَنَ فلانٌ بالمكان وأَوْطَن: أقام به، واتخذه محلاً ومسكنًا يقيم فيه.
وأَوْطَنَه: اتّخذه وَطَنًا.
ومواطِنُ مكة: مواقفها، وأَوْطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها.
والمِيطانُ: الموضع الذي يُوَطَّنُ لترسل منه الخيل في السباق؛ وهو أول الغاية.
والمياطين: الميادين.
والمَوْطِن: المشهد من مشاهد الحرب، والوطن، وكل مكان أقام به الإنسان لأمر، والمجلس.
وأَوْطنتُ الأرض ووطَّنتُها واستوطنتُها: أي اتخذتُها وَطَنًا، وكذلك الاتطان؛ وهو افتعال منه.
والْمَواطِن: كل مقام قام به الإنسان لأمر.
وواطَنه على الأمر: أضمر فعله معه.
ويقول: واطنتُ فلانًا على هذا الأمر إذا جعلتما في أنفسكما أن تفعلاه.
وتوطين النفس على الشيء كالتمهيد(1).
فالوطنية: النسبة إلى الوطن.
والوطن إذًا: هو منزل الإقامة، والوطن الأصلي: مولد الإنسان أو البلدة التي تأهل فيها.
ووطن الإقامة: هو البلدة أو القرية التي ليس للمسافر فيها أهلٌ، ونوى أن يقيم فيه خمسة عشر يومًا فصاعدًا، من غير أن يتخذه مسكنًا.
ووطن السكنى: هو المكان الذي ينوي المسافر أن يقيم فيه أقل من خمسة عشر يومًا(2).
المبحث الثاني
مفهوم الوطنية في ضوء الكتاب المبين والسنة النبوية
إنّ الأمّة المسلمة هي التي تحقق في المفاهيم والمصطلحات وفق ما جاء في الكتاب المبين؛ وورد في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، وتعتمد ذلك أساسًا تبنى عليه مواقفها ومبادءها.
ومن هذا المنطلق العظيم نحاول أن نتناول مفهوم الوطنية من الوحي المبارك من خلال النقاط التالية:
أ- لقد وردت مادة (وطن) في كتاب الله تبارك وتعالى مرة واحدة فقط، وذلك في سورة التوبة آية (25) قول الله العليم الحكيم سبحانه: ?لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ?.
والمتصرف من هذه المادة (مواطن) جمع مَوْطِن، وهو المكان والموضع.
ب- لم يرد في كتاب الله تعالى ولا في سنة النبيّ الأمين عليه الصلاة والتسليم الحديث عن (الوطنية) بلفظها هذا إطلاقًا، إنّما جاء الحديثُ عن معناه بألفاظ أخرى متعددة.
جـ - ورد على ألسنة كثير من الناس، وفي بعض الكتب نسبة حديث إلى النبيّ الكريم عليه الصلاة والتسليم: (حب الوطن من الإيمان).
وهو حديثٌ موضوعٌ مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(3).
ولا يستقيم معنى هذا الحديث لأن حب الوطن كحب النفس والمال وغير ذلك، وكله حبّ غريزي مفطورٌ عليه الإنسان، لا يُمدح المرءُ بحبّه، وليس هو من لوازم الإيمان أو شُعَبِه، والناسُ جميعًا مشتركون في هذا النوع من الحبّ لا فرق بين مؤمنهم وكافرهم(4).
د- وورد أيضًا على ألسنة البعض حديثٌ لا يصح، وهو (حب الوطن قتال) بل ليس بحديث(5).
هـ- قصّ الله تبارك وتعلى علينا في كتاب المبين قصص كثير من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم يهاجرون من أوطانهم ويهجرونها بأوامر الله تعالى لهم.
فهذا نبيُّ الله آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام يأمره الله تعالى هو وزوجه أن يهبطا من الجنّة إلى الأرض بعد ما كان منهما من الأكل من الشجرة المحرّم عليهم الأكل منها، قال الله العليم الحكيم سبحانه: ?قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى? (طه: 123).
وقال الله العظيم الحليم: ?وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ? (البقرة: 36).
وقال الله العليم الخبير سبحانه: ?قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ? (الأعراف: 24، 25).
وأخرجت قريحة الإمام العلاّمة ابن القيّم - رحمه الله - أبياتًا في هذا الشأن، فقال:
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها……ولم يكُ فيها منزل لك يُعلم
فحيَ على جنّاتِ عدنٍ فإنّها…منازلك الأولى وفيها المخيمُ
ولكننا سبيُ العدوِ فهل ترى……نعودُ إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى……وشطّتْ به أوطانُه فهو مُغرمُ
وأي اغترابٍ فوق غربتنا التي…لها أضحت الأعداء فينا تحكم(6)
وقال رحمه الله تعالى أيضًا عن إخراج آدم عليه الصلاة والسلام من الجنّة: (فلمّا كسره سبحانه بإهباطه من الجنّة جبره وذريته بهذا العهد الذي عهده إليهم) (7).
وهذا النبيّ الأمين نوح عليه الصلاة والتسليم ابتلاه الله تعالى أيضًا بالخروج من وطنه بالفلك ومن تبعه عند مجيء أمر الله تعالى وفوران التنّور، يقول الحقّ المبين سبحانه: ?حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ. وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ? إلى قول الله سبحانه وتعالى: ?قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ? (هود عليه الصلاة والسلام: 40-42، 48).
وقال الله الرحيم سبحانه وعن نوح عليه الصلاة والسلام: ?قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ. فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ. فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيات وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ? (المؤمنون: 26-30).
وأتى خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والتسليم بالدعوة الصادقة لأبيه وقومه فأنكروه وردّوه واضطروه إلى الاعتزال والهجرة عن وطنه حتى قال له أبوه آزر: ?قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا? (مريم: 46).
وقال الله الحسيب سبحانه عن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام أيضًا: ?فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ? (العنكبوت: 26، 27).
وذكر الله سبحانه وتعالى عنه عليه الصلاة والسلام بعدما كسَّر الأصنام وأرادوا به كيدًا وقتلاً أنّه قال: ?وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ. فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ? (الصافات: 99-101).
وقد هدّد قوم نبيّ الله لوطٍ عليه الصلاة والسلام بإخراجه وآله من الوطن، قال الله الخبيرُ البصيرُ سبحانه: ?قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ.قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ.رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ? (الشعراء: 167-169).
ويقول الله العليم سبحانه عنهم: ?وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ. فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ? (الأعراف: 82، 83).
وفي القصة أن الله تعالى ذكره أمره عليه الصلاة والسلام أن يسري بأهله ليلاً مغادرًا وطنه، يقول الله السميع العليم سبحانه: ?فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ? (الحجر: 65).
وتغرّب نبيّ الله يوسف عليه الصلاة والسلام عن وطنه بادية فلسطين الذي به والداه وأهله إلى مصر بعدما حملته القافلة السيّارة من الجبّ ثم باعوه، قال الله تبارك وتعالى: ?وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ.وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ? (يوسف عليه الصلاة والسلام: 19-20).
وبقي عليه الصلاة والسلام هكذا في مصر حتى أصبح فيما بعد عزيزها، فأرسل في طلب أبيه يعقوب عليه الصلاة والسلام ومعه إخوته وأهلوهم أجمعون، قال الله تبارك وتعالى: ?اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ? (يوسف عليه الصلاة والسلام: 93)، فكان الاستقرار الأخير لهم جميعًا بمصر ?فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ. وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ? (يوسف عليه الصلاة والسلام: 99، 100).
وذكر الله سبحانه وتعالى لنا خروج نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام من وطنه مصر مرتين، المرّة الأولى عندما فرّ خائفًا من القتل؛ لأنّه وكز القبطي من آل فرعون فمات، فتسامع القوم بالخبر فائتمروا به، قال الله الرحمن سبحانه: ?وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ. فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ? (القصص: 20-22).
وتحدّث نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام عن هذا الخروج أمام فرعون، فقال: ?فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ? (الشعراء: 21).
ثم عاد عليه الصلاة والسلام إلى وطنه مصر رسولاً نبيًّا.
والمرّة الثانية حين أمره الله تعالى أن يسري ببني إسرائيل ليلاً من مصر، قال الله العظيم سبحانه: ?وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ? (الشعراء: 52).
فخرج منها عليه الصلاة والسلام للمرة الثانية والأخيرة ولم يعد إليها.
وهذا نبيّ الله يونس عليه الصلاة والسلام ذكر الله تعالى عنه أنّه خرج من وطنه مغاضبًا قومه لأنّهم لم يطيعوه، قال الله العليم الخبير سبحانه: ?وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ? (الصافات: 139-142).
ثم عاد عليه الصلاة والسلام إليهم في وطنه بعدما نجّاه الله من بطن الحوت وقد أخبره الله سبحانه بإسلام قومه عن بكرة أبيهم.
هذا غيض من فيض ممّا ذكره الله تعالى وقصّه علينا سبحانه في كتابه المجيد من قصص هؤلاء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهم يغادرون أوطانهم في سبيل الله تعالى.
و- كما قصّ الله الحكيم سبحانه علينا قصص بعض خلقه من غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم يهجرون ويغادرون أوطانهم في سبيل الله سبحانه وتعالى، فمن ذلك قصة الفتية أصحاب الكهف والرقيم رضي الله عنهم غادروا قومهم ووطنهم الذي كانت تعبد فيه الأوثان من دون الله تعالى، قال الله العليم الحكيم سبحانه ?أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا. إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا? (الكهف: 9، 10).
كما أن الله علاّم الغيوب سبحانه قصّ علينا قصّة ذي القرنين رضي الله عنه الذي غادر وطنه الأصلي لإقامة دين الله تعالى ونشر العدل في الآفاق غربًا وشرقًا، يقول الله السميع العليم سبحانه عن رحلته: ? فَأَتْبَعَ سَبَبًا. حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا? إلى أن قال الله سبحانه: ?ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا. حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا. كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا. ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا. حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً? (الكهف: 85، 86، 89-93).
وهاتان القصّتان من قصص أتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام ما هي إلاّ غرفة من حوض ممّا امتلأ به القرآن الحكيم.
ز- وكثُر تناول القرآن العظيم لقضية خروج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من مكة، بل وإخراجهم منها كما هو تعبير الكتاب المبين في كثير من المواطن، يقول الله الواحد الأحد سبحانه: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (الأنفال: 30)، وقال الله النصير سبحانه: ?إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ? (التوبة: 40)، ويقول الله العظيم الحليم سبحانه: ?وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ? (محمد صلى الله عليه وآله وسلم: 13)، وقال الله السميع المجيب سبحانه: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي? (الممتحنة: 1)، إلى غير ذلك من الآيات المستفيضة في هذا الموضوع.
ح- ولقد تحدث القرآن المبين عمّا يقوم به أعداء الدين والملّة من تهديد أولياء الله تعالى بالإخراج عن أوطانهم ونفيّهم منها، يقول الله الخبير البصير سبحانه: ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ? (إبراهيم عليه الصلاة والسلام: 13، 14)، ومن هؤلاء قوم شعيب عليه الصلاة والسلام الذين هدّدوه بذلك، يقول الله تبارك وتعالى: ?قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ. قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا? (الأعراف: 88، 89)، وقريبٌ من هذا ما أراده قومٌ نبيّ الله لوط عليه الصلاة والسلام به ?قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ.قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ.رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ? (الشعراء: 167-169)، وجُمِع هذا البلاء للنبيّ محمّد عليه الصلاة والسلام من طرفيه حيثُ هُدِّد بهذا في مكة على يد وألسنة قريش، وفي المدينة على ألسنة المنافقين.
يقول الله تبارك وتعالى ?وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ? (الأنفال: 30)، وقال الله العليم سبحانه عن المنافقين: ?يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ? (المنافقون: 8).
ط- عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة، قال: "أما والله لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إليّ وأكرمه على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت" (8).
لقد قال هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو واقف بالحَزْوَرة موقع قرب مكة أو سوق بها - قبل مهاجره صلى الله عليه وآله وسلم منها(9).
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أظهر حزنه الشديد على فراق خير الأوطان وأحبّها إلى الله تعالى وإلى نفسه صلى الله عليه وآله وسلم بيد أن الله تعالى ذكره عوَّضه البلد المبارك بالبلد الأمين. فيا لله تعالى ما أوسع رحمته وأكبر عطاءه سبحانه وتعالى.
المبحث الثالث
أصول وقواعد يُرجع إليها في هذا الموضوع
إن من نعمة الله تعالى علينا - نحن المسلمين - أن الله سبحانه جعل لنا أصولاً وقواعد وضوابط نرجع ونتحاكم إليها، هي من صميم ديننا، وأصول ملّتنا، وعليها تقوم شريعتنا السمحاء الغرّاء.
ومن أحببتُ أن أدبّج بحثي هذا بشيء من هذه الأصول والقواعد التي يُرجع إليها في مفهوم الوطنية في ضوء الكتاب الله المبين والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم فكانت هذه الأصول والقواعد المدرجة في هذا المبحث لعل الله تعالى أن ينفع بها.
أولاً: أن الله يبتلى عباده بأنواع كثيرة من الابتلاءات، ومنها الابتلاء بالأوطان، إمّا تحصيلها أو فقدًا، وجودًا أو عدمًا، فهناك المُهَجَّرون في الأرض واللاجئون بأنواعهم والمنفيّون عن أوطانهم، وهنالك المتنعمون بأوطانهم المواطنوان المستوطنون المقيمون.
يقول الله تبارك وتعالى ?وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ? (الأنبياء عليه الصلاة والسلام: 35).
ويقول الله العظيم سبحانه: ?وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ? (الأعراف: 168).
فنعمة الوطن من النعم التي تستحق الشكر من المتنعمين، ومن الآخرين تستوجب الصبر.
ثانيًا: اختصّ الله تبارك وتعالى هذه الأمّة بالوسطية، قال الله العليم الحكيم سبحانه: ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا? (البقرة: 143).
وممّا ينبغي تحقيقه في صفة الوسطية التعامل مع لفظة الوطنية وعبارتها؛ فمن الناس من يعتبرها لفظة جاهلية مطلقًا، وعبارة لا يمكن قبولها بأيّ حال من الأحوال، ومنهم من يعتبرها شعارًا يميّز به بين الخلائق وينزلها منزلة الموازين الشرعية، وربّما رفعها فأصبحت صفة لازمة لمن أريد منه تحقيق أمر من الدين أو الدنيا.
والحقيقة أن (كلا طرفي قصد الأمور ذميم) والوسطية والاعتدال المبني على العل والإنصاف وإعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه أن يقال: إن عبارة الوطنية لا يمكن أن ننظر إليها بعين الاتّهام وصفة الجاهلية مطلقًا، كما أننا لا يمكن لنا أن نعتبرها فيصلاً ولا شعارًا يُوالي ويُعادى عليه بإطلاق.
بل الوسط فيها أن ننظر إليها بعين الاعتدال ومراعاة ماذا يريد بها مستخدمها، وإلى ماذا تؤول الأمور عند ذكرها واستعمالها.
إذًا الوسطية أن نعتمد قضيتين فيها:
1- مقصد قائلها ومستخدمها، وما هو مراده منها.
2- مآلات هذا الاستخدام وآثاره.
ولا يجيز لنا الدين الإسلامي أن تكون الوطنية على حساب الدين ولا تُقدَّم عليه بحال من الأحوال البشرية.
ثالثًا: يقول الله تبارك وتعالى: ?إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ? (الأعراف: 128).
لقد ذكر الله سبحانه وتعالى لفظ (الأرض) في كتابه المبين إحدى وستين وأربع مئة مرة، ذكر لنا الله سبحانه أنه خلقها وفطرها وأحياها ومدّها ودحاها وشقّها وفرشها، وجعلها مستقرًا وبساطًا وقرارًا وكفاتًا ومهادًا وذلولاً، وأنّه سبحانه وتعالى يملكها ويورثها من يشاء من خلقه ومن عباده الصالحين.
وفي خمس آيات منها فقط نُسبت إلى الله تعالى بالإضافة، يقول الله العليم الخبير سبحانه: ?قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا? (النساء: 97)، ويقول الله العليم الحكيم سبحانه: ?وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ? (الزمر: 10)، وقال الله سبحانه وتعالى عن ناقة صالح عليه الصلاة والسلام: ?فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ? (الأعراف: 73)، ويقول الله علام الغيوب سبحانه: ?يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ? (العنكبوت: 56)، ويُلاحظ أن ثلاثًا من هذه الآيات الحكيمات وصفت الأرض فيها بأنها واسعة، وفي الآيتين الأخريين ما يفيد معنى السعة للأرض، وعدم التضييق فيا على أحد دون التنصيص على لفظ السعة، ويضاف إلى هذه الآيات الكريمات الخمس في السعة آية سادسة؛ وهي قول الله السميع العليم سبحانه: ?وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً? (النساء: 100).
فالأرض أرض الله تعالى، والوطن هو هذه الأرض التي هي لله تعالى ومن ملكه، ويورثها سبحانه من يشاء من عباده متى ما شاء سبحانه، فلا ينبغي لمؤمن أن يغالي في الافتخار بالأرض والوطن، فهما لله تعالى أصلاً، وأن يُمكِّن عباد الله سبحانه من وراثتها والاشتراك فيها معه، وأن يُراعي حقّهم في ذلك.
رابعًا: عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً أعرابيًا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يقاتل للمغْنَم، والرجل يقاتل ليُذكر، و الرجل يقاتل ليُرى مكانه فمن في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" (10).
ورفي رواية: جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله، فإن أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حمية، فرفع إليه رأسه، قال: وما رفع إليه رأسه إلاّ أنه كان قائمًا، فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عزّ وجلّ" (11).
إن هذا الحديث برواياته يُعدّ أصلاً من الأصول الشرعية التي ينبغي علينا الرجوع إليها عند الدفاع عن الأراضي والأوطان، فمن ذلك ما يكون مجرد دفاع عن الوطن فقط، ومنه ما يكون حميّة أو غضبًا، أو لتحصيل غنيمة عاجلة أو آجلة.
والأصل الشرعي هنا الذي يقوم عليه الدين الإسلامي هو الدفاع عن الأوطان حماية لدين الله تعالى لإعلاء كلمة الله تعالى وحده، وهذا ما يحق وصفه بأنه في سبيل الله تعالى كما هو منطوق الحديث ومفهومه والله تعالى أعلم.
خامسًا: وجاء الأصل الخامس تبعًا لما سبقه من الحكم على من قاتل أو دافع عمّا يملكه فهو شهيد عند الله تعالى.
عن عبد الله بن عمرو بن العاصِ رضي الله تعالى عنهما، قال: سمعتُ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من قُتل دون ماله فهو شهيد" (12).
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تُعطِهْ مالك". قال: أرأيتَ إن قاتلني؟ قال: "قاتلْه". قال: أرأيتَ إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد". قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار" (13).
وعن سعيد بن زيد ري الله تعال عنهما قال: أراد مروان أن يأخذ أرضه، فأبى عليه، وقال: إن أتوني قاتلتهم، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد" (14).
ولقد بوّب الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه على صحيح مسلم رحمه الله فقال: (باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حقّ كان القاصد مهدر الدم في حقّه، وإن قتل كان في النار، وأن من قتل دون ماله فهو شهيد) (15).
وإن من الأموال التي يُدافع عنها المرء المسلم بشدة أرضه ووطنه، كما يدل على هذا الحديث الأخير، وإن قتل دفاعًا عنها فهو شهيد عند الله تعالى، فكيف لو كان مع هذا احتسابه الأجر في هذا الدفاع والمقاتلة عن بلاد المسلمين وعوراتهم وحماية بيضتهم وصيانة مقدساتهم.
هذه بعض القواعد والأصول الدينية التي يُرجع إليها في مثل هذا الموضوع، وما تركته منها كثير مستفيض، والقليل يدل على الكثير. الله تعالى أعلم.
خاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، وبعد؛
فقد منّ الله تعال عليّ بقطع هذا الشوط تطوافًا مع مفهوم الوطنية في ضوء الكتاب المبين والسنة النبوية عبر تلك المباحث الثلاثة.
وأختم بحثي هذا بذكر لطائف في الحنين إلى الأوطان.
قال الأصمعي رحمه الله تعالى: (قالت الهند: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوان: الإبل تحن إلى أوطانها، وإن عهدها بعيدًا، والطير إلى وَكْرِه، وإن كان موضعه مجدبًا، والإنسان إلى وطنه، وإن كان غيره أكثر له نفعًا).
وقال رحمه الله تعالى أيضًا: (سمعتُ أعرابيًا يقول: إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكاؤه إلى ما مضى من زمانه) (16).
وقد قيل شعرًا:
نقل فؤادك حيثُ شئتَ من الهوى…ما الحبّ إلاّ للحبيب الأول
كم منزلٍ يألفه الفتى……وحنينه أبدًا لأول منزلٍ(17)
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وآله وأزواجه وذريته. والله تعالى أعلم.
الهوامش
(1)انظر: الجوهري: الصحاح (وطن)، والأزهري: تهذيب اللغة (وطن)، والراغب الأصفهاني: مفردات القرآن (وطن)، وابن منظور: لسان العرب (وطن)، والفيروز أبادي: القاموس المحيط (وطن)، والمعجم الوسيط (وطن).
(2)انظر: الجرجاني: التعريفات ص 327، والكفوي: الكليات 5/42، 43.
(3)انظر: الصغاني: الموضوعات ص 7، والألباني: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/55.
(4)…انظر: الألباني: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/55، وانظر: العجلوني: كشف الخفاء 1/345، 346، فإنه أطال النفس في مناقشة هذا الحديث.
(5)انظر: العجلوني: كشف الخفاء 1/347.
(6)…انظر: ابن قيّم الجوزية: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص 28، ومفتاح دار السعادة له 1/11، ومدارج السالكين له أيضًا 3/214.
(7)انظر: مفتاح دار السعادة ص 34، وقريب منه في المعنى ص 48.
(8)…رواه الترمذي في سننه (تحفة الأحوذي 10/426، وقال: حسنٌ غريب صحيح. وأحمد في مسنده 4/305، وأبو يعلى في مسنده 5/69 واللفظ له، وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد 3/283: ورجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/250.
(9)انظر: ابن كثير: البداية والنهاية 3/225، 226.
(10)انظر: صحيح مسلم 3/1512، وبنحوه في صحيح البخاري 3/1034.
(11)انظر: صحيح البخاري 1/58.
(12)رواه البخاري في صحيحه 2/877.
(13)رواه مسلم في صحيحه 1/124.
(14)رواه الطيالسي رحمه الله تعالى في مسنده 1/32.
(15)انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 1/142.
(16)انظر: العجلوني: كشف الخفاء 1/347 نقلاً عن المجالسة للدينوري.
(17)انظر: ابن قيّم الجوزية: مفتاح دار السعادة 1/11.
المراجع
-
القرآن الكريم.
أ
- الأزهري: أبو منصور محمد بن أحمد. تهذيب اللغة. ت: د. رياض قاسم. دار المعرفة بلبنان. الطبعة الأولى سنة 1422هـ.
- الألباني: محمد ناصر الدين: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة. المكتب الإسلامي. بيروت. الطبعة الخامسة. 1405هـ.
صحيح سنن الترمذي. مكتب التربية العربي لدول الخليج بالرياض. الطبعة الأولى 1408هـ
ب
- البخاري: الجامع الصحيح.
ت
- الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى. (مع تحفة الأحوذي)
ج
- الجرجاني: علي بن محمد بن علي. التعريفات. ت: إبراهيم الأبياري. دار الكتاب العربي. بيروت. الطبعة الثانية. 1413هـ.
- الجوهري: إسماعيل بن حماد. الصحاح. ت: أحمد عبد الغفور عطار. دار العلم للملايين. بيروت. الطبعة الأولى. 1404هـ.
ح
- ابن حنبل: أحمد بن محمد: المسند. المكتب الإسلامي. بيروت. الطبعة الثانية 1398هـ.
ر
- الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن.
ص
- الصغاني: الموضوعات.
- الطيالسي: المسند.
ع
- عبد الباقي: محمد فؤاد: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. دار الحديث. القاهرة. الطبعة الثانية. 1408هـ.
- العجلوني: إسماعيل بن محمد. كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس. دار إحياء التراث العربي. بيروت. الطبعة الثالثة 1315هـ.
ف
- الفيروز أبادي: القاموس المحيط. مؤسسة الرسالة. بيروت. الطبعة الثانية. 1407هـ.
ق
- ابن قيّم الجوزية: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح. ت: د. السيد الجميلي. دار الكتاب العربي. بيروت. الطبعة السادسة. 1413هـ.
مدارج السالكين شرح مدارج السائرين.
ك
- الكفوي: أبو البقاء أيوب بن موسى. الكليات. ت: د. عدنان درويش، ومحمد المصري. دار الكتاب الإسلامي. القاهرة. الطبعة الثانية. 1413هـ.
- ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر. البداية والنهاية. ت: محمد بن عبد العزيز النجّار. مطبعة الفجالة الجديدة. القاهرة.
م
- المعجم الوسيط: د. إبراهيم أنيس، د. عبد الحليم منتصر، عطية الصوالحي، محمد خلف الله أحمد. طبعة مجمع اللغة العربية.
- ابن منظور: لسان العرب. دار صادر. بيروت. الطبعة الأولى 1412هـ.
ن
- النيسابوري: محمد بن الحجاج: الجامع الصحيح.
- النووي: شرح صحيح مسلم.
هـ
- الهيثمي: أبو بكر نور الدين علي بن أبي بكر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. دار الكتاب. بيروت. الطبعة الثانية 1387هـ.










رد مع اقتباس
قديم 2010-07-03, 21:37   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*ألخيال*
عضو برونزي
 
الأوسمة
وسام التميّز بخيمة الجلفة 
إحصائية العضو










افتراضي

.بارك الله فيك اخي على الموضوع










رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc