شروح الأحاديث - الصفحة 17 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-12, 15:42   رقم المشاركة : 241
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :

وقوله ( وهو أشده عليَّ ) إنما كان أشد عليه لسماعه صوت الملك الذي هو غير معتاد ، وربما كان شاهَدَ الملَك على صورته التي خُلق عليها

كما أخبر بذلك عن نفسه في غير هذا الموضع ، وكان يشتد عليه أيضاً ؛ لأنه كان يريد أن يحفظه ويفهمه مع كونه صوتا متتابعا مزعجاً ، ولذلك كان يتغير لونه

ويتفصد عرقه ، ويعتريه مثل حال المحموم ، ولولا أن الله تعالى قواه على ذلك ، ومكَّنه منه بقدرته : لما استطاع شيئا من ذلك ، ولهلك عند مشافهة الملك ؛ إذ ليس في قوى البشر المعتادة تحمل ذلك بوجه .

" المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم " ( 6 / 172 ) .

وقال المباركفوري – رحمه الله - :

( وهو أشده علي ) أي : هذا القسم من الوحي أشد أقسامه على فهم المقصود ؛ لأن الفهم من كلام مثل الصلصلة ، أشكلُ من الفهم من كلام الرجل بالتخاطب المعهود

وفائدة هذه الشدة : ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى ورفع الدرجات .

" تحفة الأحوذي " ( 10 / 79 ) .

ج. أن يتمثل له رجلاً ، قد يُرى من الصحابة ، كما في حديث جبريل المشهور ، وقد تمثل للنبي صلى الله عليه وسلم بصورة الرجل الغريب ، فسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان .

وقد لا يُرى منهم ، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ... وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ ) .

رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 ) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من التنزيل عليه بالوحي ، ويظهر ذلك بالعرق الذي كان يسيل من جبهته وجبينه في اليوم الشديد البرد

إلا أن بعض صور الوحي كانت عليه يسيرة كتشكل جبريل بصورة رجل ، إلا أن أشدَّها عليه صلى الله عليه وسلم كانت مجيئ الوحي على مثل صلصلة الجرس – كما سيأتي - .

وكانت تحصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه أحوال ، يراها ويسمعها ويشعر بها من حوله من أصحابه رضي الله عنهم ، وفي بعضها معاناة شديدة ، ومن ذلك :

1. أنهم كانوا يسمعون عند وجهه دويّاً كدويّ النحل .

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل " .

رواه الترمذى ( 3173 ) .

ويمكن أن يكون صوت دوي النحل باعتبار ما يسمعه من حول النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما هو صلى الله عليه وسلم فيسمعه كصلصلة الجرس .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

فدوي النحل لا يعارض صلصلة الجرس ؛ لأن سماع الدوي بالنسبة إلى الحاضرين - كما في حديث عمر " يُسمع عنده كدوي النحل " - والصلصلة بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

فشبهه عمر بدوي النحل بالنسبة إلى السامعين ، وشبهه هو صلى الله عليه وسلم بصلصلة الجرس بالنسبة إلى مقامه .
"

فتح الباري " ( 1 / 19 ) .

2. أن جبينه وجبهته تفيضان بالعَرَق حتى في اليوم الشديد البرد .

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا " .
رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 ) ولفظه : " ثُمَّ تَفِيضُ جَبْهَتُهُ عَرَقًا " .

( يفصم ) : ينقطع .

( يتفصد ) : يسيل .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وفي قولها في اليوم الشديد البرد دلالة على كثرة معاناة التعب والكرب عند نزول الوحي لما فيه من مخالفة العادة وهو كثرة العرق في شدة البرد ، فإنه يشعر بوجود أمر طارئ زائد على الطباع البشرية .

" فتح الباري " ( 1 / 21 ) .

وعن عائشة – في حديث البراءة من الإفك – قالت :

حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِى الْيَوْمِ الشَّاتِ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الذي أُنْزِلَ عَلَيْهِ .

رواه مسلم ( 2770 ) .

( الجمان ) هو حب من فضة يعمل على شكل اللؤلؤ ، وقد يسمى به اللؤلؤ .

3. أنه يثقل وزنه صلى الله عليه وسلم جدّاً حتى إن البعير الذي يكون عليه يكاد يبرك ، وحتى خشي زيد بن ثابت على فخذه أن ترضَّ وقد كانت فخذه رضي الله عنه تحت فخذ النبي صلى الله عليه وسلم .

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : " إِنْ كَانَ لَيُوحَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَتَضْرِبُ بِجِرَانِهَا " .
رواه أحمد ( 41 / 362 ) وصححه المحققون .

زاد البيهقي في " دلائل النبوة " ( 7 / 53 ) قولها " مِن ثقل ما يوحي إلى رسول الله " .

الجِران : باطن عنق الناقة .

قال السندي – رحمه الله - :

قوله ( فَتَضْرِبُ بِجِرَانِهَا ) - بكسر الجيم - : باطن العنق ، والبعير إذا استراح مدَّ عنقه على الأرض .

حاشية " مسند أحمد " ( 41 / 362 ) .

وعن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قال

: " ... فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي " .

رواه البخاري ( 2677 ).








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 15:43   رقم المشاركة : 242
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


4. وكان تصيبه الشدة .

وعن عائشة – في حديث البراءة من الإفك –

قالت : فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ .

رواه مسلم ( 2770 ) .

قال بدر الدين العيني – رحمه الله - :

( البُرَحاء ) بضم الباء الموحدة وفتح الراء وبالحاء المهملة الممدودة ، وهو شدة الكرب ، وشدة الحمَّى أيضاً .

" عمدة القاري " ( 1 / 43 ) .

5. وكان يتغير وجهه صلى الله عليه وسلم فيتربَّد ثم يحمرُّ .

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : " كَانَ نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوحي كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ " .

رواه مسلم ( 2334 ) .

قال النووي – رحمه الله - :

( وتربَّد وجهُه ) أي : علته غبرة ، والربد تغير البياض إلى السواد ، وإنما حصل له ذلك لعظم موقع الوحي ، قال الله تعالى ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلاً ) .

" شرح مسلم " ( 11 / 190 ) .

وفي ( 15 / 89 ) قال :

ومعنى تربد أي تغير وصار كلون الرماد .
انتهى

وقد وصف الصحابي الجليل يعلى بن أمية وجه النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه بقوله " فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ

فَقَالَ ( أَيْنَ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْ الْعُمْرَةِ آنِفًا ) ، كما رواه رواه البخاري ( 1463 ) ومسلم ( 1180 ) .

وقد جمع بينهما النووي رحمه الله فقال :

وجوابه : أنها حمرة كدرة ، وهذا معنى " التربد " ، أو : أنه في أوله يتربد ثم يحمر ، أو بالعكس .

" شرح مسلم " ( 15 / 89 ) .

6. وكان صلى الله عليه وسلم ينكس رأسه ، ويغطيه بثوب .

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : " كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ نَكَسَ رَأْسَهُ وَنَكَسَ أَصْحَابُهُ رُءُوسَهُمْ فَلَمَّا أُتْلِىَ عَنْهُ رَفَعَ رَأْسَهُ ) .

رواه مسلم ( 2335 ) .

أتلى : ارتفع عنه الوحى

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : " ... وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَرَفْنَا ذَلِكَ فِيهِ فَتَنَحَّى مُنْتَبِذًا خَلْفَنَا

قَالَ فَجَعَلَ يُغَطِّي رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ وَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَأَتَانَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) .

رواه أحمد ( 7 / 426 ، 427 ) وحسنه المحققون .

7. كان صلى الله عليه وسلم يحرِّك لسانه بسرعة وشدة ليحفظ عن جبريل حتى نهاه الله عن ذلك وطمأنه أنه سيجمع القرآن له في صدره .

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) قَالَ : جَمْعُهُ لَه فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ )

قَالَ : فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ .

رواه البخاري ( 5 ) ومسلم ( 448 ) .

ورواه مسلم ( 447 ) بلفظ : " يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ يُعْرَفُ مِنْهُ " .

قال ابن الجوزي – رحمه الله - :

تفسير هذا أنه كان يحرك شفتيه بما قد سمعه من جبريل قبل إتمام جبريل الوحي مخافة أن يذهب عنه جبريل وما حفظ فقيل له ( لا تحرك به ) أي القرآن ( لسانك لتعجل به )

أي بأخذه ( إن علينا جمعه وقرآنه ) أي علينا جمعه وضمه في صدرك ( فإذا قرأناه ) أي إذا فرغ جبريل من قراءته ( فاتبع قرآنه ) قال ابن عباس فاستمع وأنصت .

" كشف المشكل من حديث الصحيحين " ( 1 / 528 ) .

8. وكان يُسمع له غطيط كغطيط البَكر ، وهو الفتي من الإبل .

عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال : " وددت أنى قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي فقال عمر : تعال

أيسرك أن تنظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقد أنزل الله عليه الوحي ؟ قلت : نعم ، فرفع طرف الثوب ، فنظرت إليه له غطيط ، وأحسبه قال : كغطيط البَكر .

رواه البخارى ( 1789 ) ومسلم ( 1180 ) .

ثالثاً:

وكل ما أصاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم من كربٍ وشدَّة لا شك أنه بسبب ثقل الوحي الذي أخبره الله تعالى به قبل إنزاله عليه ، وقد هيَّأه تعالى لذلك التلقي .

قال أبو شامة المقدسي – رحمه الله - :

وهذا العرق الذي كان يغشاه صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث ، واحمرار الوجه ، والغطيط ، المذكوران في حديث يعلى بن أمية ، وثقله على الراحلة ، وعلى فخذ زيد بن ثابت كما ورد في حديثين آخرين

: إنما كانت لثقل الوحي عليه كما أخبره سبحانه في ابتداء أمره بقوله ( إنِّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) ، وذلك لضعف القوة البشرية عن تحمل مثل ذلك الوارد العظيم من ذلك الجناب الجليل

وللوجل من توقع تقصير فيما يخاطب به من قول أو فعل .

قال ابن إسحاق : " وللنبوة أثقال ومؤنة لا يحملهما ولا يستطيع لها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله عز وجل " .
" شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى " ( ص 73 ، 74 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 15:44   رقم المشاركة : 243
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعاً:

لم يثبت فيما وقفنا عليه من أحاديث أنه كان صلى الله عليه وسلم : يحنق عند فمه ، ولا أنه يتمدد على الأرض عندما يأتيه الوحي ، ولا أنه كان يعض على شفتيه ، ولا أنه يغلق عينيه .

ويمكن لمن شاء أن يقول ما يشاء ، لكن ليس يستطيع أن يثبت ما يقول إلا القليل ، وها نحن أوردنا جميع ما وقفنا عليه من حالٍ للنبي صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي عليه .

وبخصوص قول الصحابي إنه كان يُسمع للنبي صلى الله عليه وسلم غطيط كغطيط البَكر : فلنا معه وقفات :

1. أن الواصف لهذا الصوت هو محب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس بمبغض له ، ولو كان فيه إساءة له صلى الله عليه وسلم فما يحمله على إخبار الأرض به ؟!

ولو كان في ذلك أدنى منقصة أو مذمة لتكلمت بها العرب ، ولذموا صاحبهم بذلك ، وهيهات !!

2. أن التشبيه بالإبل في أصواتها وهيئاتها وبروكها وتحملها وحقدها وغير ذلك : أمرٌ معروف عند العرب قديماً وحديثاً ، وليس فيه ما يعيب ؛ لأن المقصود ضرب المثل ، وتقريب الصورة

وأكثر ما يرونه ويعرفونه هو الإبل ، فكان التشبيه بها لمناسبة حال المتكلم والسامع .

خامساً:

وأما اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان يصيبه الصرع ، وأنه ليس ثمة وحي من الله إنما هي أعراض مرض الصرع : فكلام ساقط ، يغني نقله عن نقده

لكن لا مانع أن نبين للناس فساده لأجل أن يعلموا أن أولئك القوم إنما يسوِّقون الأكاذيب لنشر دينهم ، وليس عندهم في دينهم ما يدعو الناس للدخول فيه ، إنما هي الوثنية

والأكاذيب ، واستغلال حاجة الناس وفقرهم ، وقد ساءهم أن الدين الإسلامي برغم كل المؤامرات عليه من أهله ومن أعدائه لا يزال هو الدين الأسرع والأكثر انتشاراً في الأرض .

ومما يبين فساد ادعائهم أن النبي صلى الله عليه وسلم مصاب بداء الصرع وأن ما كان يعانيه من الشدة والأحوال التي ذكرناه سابقاً ليست بسبب الوحي من الله ، أمور كثيرة ، منها :

1. أن الصرع كان معروفاً عند العرب ، وكانوا يميزون المصروعين من غيرهم ، فلو رأوا آثار الصرع عليه صلى الله عليه وسلم لما وفَّروا تلك التهمة .

2. بل إن الذين كانوا يبتلون بداء الصرع – بل بعموم الأمراض حتى لو كان مرض العمى – كانوا يأتون للنبي صلى الله عليه وسلم ليدعوَ الله لهم أن يشفيهم من مرضهم ذاك

فكيف لا يدعو لنفسه ويدعو للآخرين وهو يعلم من نفسه منزلته عند ربِّه وأن دعاءه مظنة الاستجابة ؟.

ومما يدل على كلا المسألتين السابقتين :

عن عَطَاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ :

إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) قَالَتْ : أَصْبِرُ ، قَالَتْ : فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا .

رواه البخاري ( 5328 ) ومسلم ( 2576 ) .

3. ومن علامات كذب أولئك القوم من المستشرقين وأتباعهم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنهم ربطوا كذبهم عليه بإصابته بمرض الصرع بوقت النبوة ! فأين كان هذا المرض قبل ذلك لو كانوا صادقين ؟! .

4. ثم إننا تعمدنا ذِكر أنواع الوحي وطرقه لنبين للناس كذبهم ودجلهم ؛ فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من شدة الوحي في بعض الصور فالأمر ليس كذلك في بعضها الآخر

فماذا هم قائلون عن تلك الصور الأخرى كالنفث في الروع والرؤيا ومجيء جبريل بصور رجل من البشر ؟! .

5. وقد تعمدنا ذِكر الأحوال التي يكون عليها النبي صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي عليه في صوره المشهورة لنبين للناس – أيضاً – نفي تلك التهمة الساذجة الممجوجة عنه









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-12, 15:45   رقم المشاركة : 244
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

فثمة علامات للمصاب بمرض الصرع وجدنا عكسها في حال النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك :

أ. أن المريض بالصرع يبرد جسمه أثناء الصرع ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم عكس ذلك فقد كان يصاب بالبُرَحاء ، وكان يعرق شديداً حتى في اليوم الشديد البرد ! .

ب. أن المصروع يتخبط ويتمايل ويُلقى على الأرض ويتمدد ولا يملك نفسه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فهو ثابت القلب ، قوي البدن

وهو إما يكون قائماً على منبره ، أو جالساً على دابته ، أو بين أصحابه ، ويبقى هكذا حين نزول الوحي عليه لا يميل يميناً ولا شمالاً

ولا يُلقى على الأرض ولا يتمدد ، وليس يظهر عليه أي أثر من أولئك المصابين بالصرع ، والأدلة السابقة خير شاهد على هذا .

وها هو دليل آخر أخَّرناه لمناسبة وضعه هنا :

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ ؟!

قَالَتْ : فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا ؟!

قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ ، فَقَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ ) .

رواه البخاري ( 4517 ) ومسلم ( 2170 ) .

( عَرْق ) هو العظم الذي أخذ عنه أكثر اللحم .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

فدلَّ هذا على أنه لم يكن الوحي يغيِّب عنه إحساسه بالكلية ، بدليل أنه جالس ولم يسقط العَرْق أيضا من يده صلوات الله وسلامه دائماً عليه .

" السيرة النبوية " ( 1 / 423 ) .

ولعلَّ هذا الحديث وحده كافٍ لأن يكون سبباً في إصابة أولئك المفترين بالصرع ! .

ج. المصروع لا يذكر ما حصل معه أثناء صرعه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فهو يأتي بما يسمعه على أتم وجه

ويسأل عن الذي كان الوحي السبب في نزوله ، كما سأل عن صاحب الجبَّة في العمرة ، كما في حديث يعلى بن أمية ، وغيره من المواضع .

د. المصروع يأتي بالهذيان والكلام الذي لا معنى له أثناء صرعه ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بالحكَم الجليلة والمواعظ الحسنة والأحكام العظيمة ، فأين هذا من ذاك ؟! .

هـ. والمصروع يحتاج بعد نوبة صرعه إلى فترة راحة ؛ لشدة ما عاناه من تعب وألم ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فبعد انتهاء مهمة الوحي يسرَّى عنه

ويكون على حاله الذي كان عليه من قبل في قوة بدنه وعظمة فكره .

و. والمصروع يسقط ما يكون قابضاً عليه في يده ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك ، وسيأتي بعد قليل الدليل على ذلك .

ز. والمصروع يحزن على حاله ويتأسف عليها ، بل وكثيرون انتحروا أو حاولوا الانتحار بسبب إصابتهم بذلك المرض ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من هذا

فإنه لما انقطع عنه الوحي لفترة " حزن حزناً شديداً " ! فأين هذا من ذاك ؟! .

ح. والمصاب بالصرع يصفر وجهه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتغير بالحمرة ، والمصاب بالصرع يصيح صيحات عالية ، وليس هذا واقع النبي صلى الله عليه وسلم

وكثيراً ما يُغمى على المصروع ، وليس هذا واقعه صلى الله عليه وسلم ، ويؤذي المصروع نفسه بجرحها أو تقريب بدنه من نار ، ولم يكن شيء من هذا في واقع النبي صلى الله عليه وسلم

والمصروع يعض لسانه ويمتزج لعابه بالدم ، وليس هذا واقع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ما يُذكر في آثار الصرع على المصابين به لا تجده عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا شيئاً يسيراً منه .

فتبين بذلك كذبهم وافتراؤهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والويل لهم مما يصفون .

ينظر : " الرسل والرسالات "، لفضيلة الشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر( ص 65 ، 66 ) .

6. كان المشركون في جاهليتهم يأتمنون النبي صلى الله عليه وسلم على أغراضهم ، وبقي الأمر على ذلك حتى بعد أن دعاهم إلى الإسلام

وقد أوصى بإرجاعها قبل أن يهاجر إلى المدينة ، أفيمكن أن يكون مصاباً بذلك المرض ثم يأتمنه أهله وأقرباؤه وجيرانه ؟! إنهم أعلم به من هؤلاء المستشرقين الكذبة

ولو كان ما افتروه عليه صحيحاً لكان للكفار شأن آخر معه فيما يختص بأغراضهم التي ائتمنوه عليها .

7. وكيف يقود هذا المصاب بالصرع – حاشاه – أمة كاملة ، ويقود الجيوش ، ويحارب الكفار ، ويراسل الملوك ، ويصلح بين الناس ؟!

8. ونختم بذكر شهادات مضادة لأولئك الكذبة من المستشرقين ، ليست شهادات من أئمة الإسلام وعلماء ، بل هي شهادات لكتاب ومؤرخين غربيين ، من بلدان مختلفة :

أ. قال الكاتب والمؤرخ الإنجليزي السير "توماس كارليل" :

" لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متمدين من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى ما يظن من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمدا خَدَّاع مُزَوِّر ؛ وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة

فإن الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرنا [ توفي كارليل (1881م) ] ، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا

خلقهم الله الذي خلقنا ؛ أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين من الفائتة الحصر والإحصار أكذوبة وخدعة ؟! أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبدا

ولو كان الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج ، ويصادفان منهم مثل ذلك التصديق والقبول : فما الناس إلا بُلْهٌ ومجانين ، وما الحياة إلا سخف وعبث وأضلولة ، كان الأولى بها ألا تخلق !!

فوا أسفاه ؛ ما أسوأ مثل هذا الزعم ، وما أضعف أهله ، وأحقهم بالرثاء والمرحمة !!

وبعد ؛ فعلى من أراد أن يبلغ منزلةً ما في علوم الكائنات أن يصدق شيئا ألبتة من أقوال أولئك السفهاء ؛ فإنها نتائج جيل كفر

وعصر جحود وإلحاد ؛ وهي دليل على خبث القلوب ، وفساد الضمائر ، وموت الأرواح في حياة الأبدان ، ولعل العالم لم ير قط رأيا أكفر من هذا ولا ألأم!!" . انتهى .

"الأبطال" (45-55) ترجمة محمد السباعي .

ب. ويقول الكاتب والمؤرخ الأمريكي " ول ديورانت " :

ولم يكن المحيطون بالنبي في هذه الأوقات يرون جبريل أو يسمعونه ، وقد يكون ارتجافه ناشئاً من نوبات صرع فقد كان يصحبه في بعض الأحيان صوت وصفه بأنه يشبه صلصلة الجرس

وتلك حال كثيراً ما تحدث مع هذه النوبات ، ولكننا لا نسمع أنه عض في خلالها لسانه ، أو حدث ارتخاء في عضلاته كما يحدث عادة في نوبات الصرع ,

وليس في تاريخ محمَّد ما يدل على انحطاط قوة العقل التي يؤدي إليها الصرع عادة ، بل نراه على العكس يزداد ذهنه صفاء ، ويزداد قدرة على التفكير

وثقة بالنفس ، وقوة بالجسم والروح والزعامة ، كلما تقدمت به السن ، حتى بلغ الستين من العمر .

وقصارى القول : أنا لا نجد دليلاً قاطعاً على أن ما كان يحدث للنبي كان من قبيل الصرع ، ومهما يكن ذلك الدليل : فإنه لا يقنع أي مسلم مستمسك بدينه .

" قصة الحضارة " ( 13/26 ) ط الهيئة المصرية العامة للكتاب .

ج. ويقول المستشرق الألماني " ماكس مايرهوف " :

لقد أراد بعضهم أن يَرى في محمَّد رجلاً مصاباً بمرض عصبي ، ولكن تاريخ حياته من أوله إلى آخره ليس فيه شيء يدل على هذا ، كما أن ما جاء به فيما بعدُ من أمور التشريع والإدارة يناقض هذا القول " .

بواسطة " آراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره " ( 1 / 403 ) للدكتور عمر بن إبراهيم رضوان ، وفيه نقض لتلك الشبهة .

هذا ما تيسر ذِكره لنقض تلك المفتريات على نبي الأمَّة صلى الله عليه وسلم ، وإننا لنزداد قناعة كل مرة نشهد كذب المفترين عليه أنهم أهل أهواء وضلالة

ونزداد حبّاً وتعظيماً لذلك النبي الكريم ، وكل كذب وافتراء عليه يكشف لنا جوانب خفية عنه تُعلم بالبحث والدراسة

وهذا من العجائب أن تزيدنا تلك الشبهات والافتراءات قناعة بصحة ديننا وعظمة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وتزيدنا قناعة بإفلاس أولئك الخصوم ، فلا دين عندهم ولا دنيا ! بل خرافات وضلالات مع جهل وكذب وافتراء .

ونسأل الله تعالى أن يهدي ضالَّ المسلمين ، وأن يعلي قدر نبيه في الدارين ، وأن يتوفنا على الإيمان .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:08   رقم المشاركة : 245
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




ما معنى حديث : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ) ؟


السؤال :

أرجو شرح الحديث : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .


الجواب :

الحمد لله

هذا الحديث أخرجه الترمذي (2442) ، وأحمد (1630) ، وابن حبان (722) عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ

فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ )

وقد صححه الشيخ الألباني رحمه الله .

، ورواه النسائي (5615) من غير زيادة ( فإن الصدق طمأنينة .... ) .

قال المناوي رحمه الله :

" ( دع ما يريبك ) أي : اترك ما تشك في كونه حسنا أو قبيحا ، أو حلالا أو حراما ، ( إلى ما لا يريبك )

أي : واعدل إلى ما لا شك فيه ، يعني ما تيقنت حسنه وحِلَّه ، ( فإن الصدق طمأنينة )

أي : يطمئن إليه القلب ويسكن ، ( وإن الكذب ريبة ) أي : يقلق القلب ويضطرب

وقال الطِّيبي : جاء هذا القول ممهدا لما تقدمه من الكلام ، ومعناه : إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء ، فاتركه ، فإن نفس المؤمن تطمئن إلى الصدق ، وترتاب من الكذب

فارتيابك من الشيء منبيء عن كونه مظنة للباطل ، فاحذره ، وطمأنينتك للشيء مشعر بحقيقته ، فتمسك به "

انتهى من " فيض القدير " (3/529) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " وهذا الحديث من جوامع الكلم ، وما أجوده وأنفعه للعبد إذا سار عليه ، فالعبد يرد عليه شكوك في أشياء كثيرة ، فنقول : دع الشك إلى ما لاشكّ فيه

حتى تستريح وتسلم ، فكل شيء يلحقك به شكّ وقلق وريب : اتركه إلى أمر لا يلحقك به ريب ، وهذا ما لم يصل إلى حد الوسواس ، فإن وصل إلى حد الوسواس فلا تلتفت له .

وهذا يكون في العبادات ، ويكون في المعاملات ، ويكون في النكاح ، ويكون في كل أبواب العلم .

ومثال ذلك في العبادات : رجل انتقض وضوؤه ، ثم صلى ، وشكّ هل توضّأ بعد نقض الوضوء أم لم يتوضّأ ؟ فوقع في الشكّ ، فإن توضّأ فالصلاة صحيحة ، وإن لم يتوضّأ فالصلاة باطلة

وبقي في قلق ؛ فنقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فالريب هنا صحة الصلاة ، وعدم الريب أن تتوضّأ وتصلي .
وعكس المثال السابق : رجل توضّأ ثم صلى وشك هل انتقض وضوؤه أم لا ؟

فنقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، عندك شيء متيقّن وهو الوضوء ، ثم شككت هل طرأ على هذا الوضوء حدث أم لا ؟ فالذي يُترك هو الشك : هل حصل حدث أو لا ؟ وأرح نفسك ، واترك الشك .. "

انتهى من " شرح الأربعين النووية " (ص/155) .

وهذا الحديث أصل في باب الورع ، والحث على ترك المشتبهات ، كما أنه أصل في باب الأخذ باليقين وترك المشكوك فيه .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

" وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ يَرْجِعُ إِلَى الْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وَاتِّقَائِهَا ، فَإِنَّ الْحَلَالَ الْمَحْضَ لَا يَحْصُلُ لِمُؤْمِنٍ فِي قَلْبِهِ مِنْهُ رَيْبٌ – وَالرَّيْبُ : بِمَعْنَى الْقَلَقِ وَالِاضْطِرَابِ - بَلْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ النَّفْسُ

وَيَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ ، وَأَمَّا الْمُشْتَبِهَاتُ فَيَحْصُلُ بِهَا لِلْقُلُوبِ الْقَلَقُ وَالِاضْطِرَابُ الْمُوجِبُ لِلشَّكِّ "

.انتهى من " جامع العلوم والحكم " (1/280) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:10   رقم المشاركة : 246
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الفضل الوارد في أن حافظ القرآن يلبس والداه تاج الوقار ، يمكن أن يشمل جده أيضاً ؟

السؤال:

هل حافظ القرآن يتوج جديه مع والديه ؟

الجواب :

الحمد لله


روى أحمد (15645ـ الرسالة) ، وأبو داود (1241) – اللفظ له -

عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن رسول الله عليه وسلم قال : ( مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ ، أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا ) .

والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله ، لكن حسنه محققو المسند ـ ط الرسالة ـ لغيره .

وروى أحمد (22950) عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال – عن صاحب القرآن - : ( وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ

وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا ، فَيَقُولَانِ : بِمَ كُسِينَا هَذِهِ ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا ، فَهُوَ فِي صُعُودٍ ، مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا ) .

قال محققو المسند ـ ط الرسالة ـ

: "إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل بشير بن المهاجر الغَنَوي، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، وحسنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 1/62، ولبعضه شواهد يصح بها" انتهى .

وظاهر الأحاديث السابقة ، أن الفضل خاص بأبوي الشخص المباشرين ( الأب والأم ) ؛ لأن ذلك هو المتبادر من إطلاق لفظ الوالدين

ولهذا عبر عنهما بصيغة المثنى ، ولو كان غيرهما داخلا في ذلك ، لأوشك أن يجيء التعبير بلفظ الجمع فيهما .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:14   رقم المشاركة : 247
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا صعّد النبي صلى الله عليه وسلم النظر إلى الواهبة نفسها له ؟

السؤال :

رُوي عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال : " جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت يا رسول الله : أريد أن أهب نفسي لك لتتزوجني ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليها من الأعلى إلى الأسفل

ثم خفض رأسه وصمت..الحديث . فما السبب الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليها من الأعلى إلى الأسفل ، ثم يخفض رأسه ؟

ولماذا لم يتزوجها ؟


الجواب
:

الحمد لله


أولا :

روى البخاري (5030) ، ومسلم (1425) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ : " أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي

فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: ( هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ )

فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا ؟ ) ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا ، قَالَ: ( انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ )

فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَالَ سَهْلٌ : مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ، إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ

وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ ؟ ) ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ ، ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: ( مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ )

قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا - عَدَّهَا – قَالَ : ( أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ ؟ ) ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ( اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ) .

وقد رواه أهل السنن الأربعة أيضا .

وإنما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام الخاطب الذي يشرع له النظر إلى المخطوبة ، فنظر إليها : فإن أعجبته تزوجها ، وإن لم تعجبه غض طرفه عنها ، وهذا ما حصل في هذه القصة .

قال النووي رحمه الله :

" أَمَّا صَعَّدَ: فَبِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ رَفَعَ ، وَأَمَّا صَوَّبَ: فَبِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيْ خَفَضَ " انتهى .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَوْله : " فَصَعَّدَ النَّظَر إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ " دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُرِيد التَّزْوِيج لَوْ أَعْجَبَتْهُ " انتهى .

وقد استدل أهل العلم بهذا الحديث على جواز النظر إلى المخطوبة .

قال النووي رحمه الله :

" فِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ النَّظَرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَأَمُّلِهِ إِيَّاهَا " .

انتهى من " شرح مسلم " (9/212) .

وقال بدر الدين العيني رحمه الله :

" فِيهِ: دَلِيل على جَوَاز النّظر للمتزوج وتكراره ، والتأمل فِي محاسنها ، فهم ذَلِك من

قَوْله: فَصَعدَ النّظر إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ "

انتهى من "عمدة القاري" (12/ 144) .

ثانيا :

أما لماذا لم يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، فلأنه لم يرغب فيها ، ولم يُرِدْها زوجة له ، وهل يلزم كل خاطب نظر إلى مخطوبته وتأملها : أن يتزوجها ؟!

إنما جُعل هذا النظر ليقرر بعده : هل يتزوجها أم لا ؟

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" ( فصعد النظر فيها وصوبه ) أي نظر إلى وجهها وحط النظر إلى ما دونه. وهذا يدل على جواز النظر إلى المرأة التي يراد نكاحها، وإنما فعل ذلك لجواز أن يريدها، فلما لم يُرِدها ، طأطأ رأسه "

انتهى من "كشف المشكل" (2/ 270) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:17   رقم المشاركة : 248
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله صلى الله عليه وسلم - إن صح عنه - : ( خلق الله النور يوم الأربعاء )

السؤال :

في كتاب رياض الصالحين حديث رقم 1854 بصحيح مسلم : ماذا كان يقصد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إن الله خلق النور في يوم الأربعاء ) ؟

الجواب :

الحمد لله


روى مسلم ( 2789 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ

وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ

وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ) .

وعلى تقدير صحته : فيكون معنى النور : النور المخلوق الذي يضيء الله به لخلقه.

قال الإمام الطبري رحمه الله :

" (خلق الله النور يوم الأربعاء) يعني بالنور الشمس ، إن شاء الله " .

انتهى من "تاريخ الطبري" (1/ 24) .

وفي "المرقاة" (9/ 3666):

" قَالَ الْأَكْمَلُ: وَالنُّورُ هُوَ الظَّاهِرُ بِنَفْسِهِ ، الْمُظْهَرُ لِغَيْرِهِ " انتهى .

فيكون معنى قوله : ( خلق النور يوم الأربعاء ) أي : خلق الشمس والقمر والأجرام السماوية وما ينبعث منها من نور وضياء إلى الأرض وإلى أجواء السماء يوم الأربعاء .

وينظر : "الأنوار الكاشفة" ، للشيخ المعلمي رحمه الله (ص: 188-191)

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:22   رقم المشاركة : 249
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجمع بين حديثين ظاهرهما التعارض في مسألة الصدقة عن الميت

السؤال :

كيف يمكن الجمع بين الحديثين التاليين ؟

حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن أمي ماتت ، وإني أريد أن أتصدق عنها ، قال : ( أَمَرَتْكَ ؟ )

قال : لا ، قال : ( فَلَا تَفْعَلْ ) ".

وحديث عائشة رضي الله عنها : " أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمي افتلتت نفسها ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، فهل لها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال : ( نَعَمْ ) "

. وهل يصح القول بجواز الصدقة عن الميت إن ترك مالاً ، أو كان كثير الصدقة قبل موته ، وما عداه فلا جمعا بين الحديثين ؟


الجواب :


الحمد لله


أولاً :

سبق في أكثر من جواب في الموقع : أن الصدقة عن الميت جائزة ، وأن الميت ينتفع بذلك

وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم رحمهم الله .

ومما يستدل به على جواز الصدقة عن الميت حديث عائشة رضي الله عنها : " أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها ، وأظنها لو تكلمت تصدقت

فهل لها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال : ( نَعَمْ ) " رواه البخاري (1388) ، ومسلم (1004) .

قال النووي رحمه الله : " وفي هذا الحديث : أن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها , وهو كذلك بإجماع العلماء , وكذا أجمعوا على وصول الدعاء وقضاء الدين بالنصوص الواردة في الجميع "

انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

وقال ابن قدامه رحمه الله

: " وأي قربة فعلها , وجعل ثوابها للميت المسلم , نفعه ذلك , إن شاء الله , أما الدعاء , والاستغفار , والصدقة , وأداء الواجبات , فلا أعلم فيه خلافا , إذا كانت الواجبات ، مما يدخله النيابة "

انتهى من " المغني " (2/226) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الصدقة عن الموتى ونحوها تصل إليهم باتفاق المسلمين "

انتهى من "جامع المسائل" (4/270) .

ثانياً :

أما حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ، فقد رواه أحمد (16904) ، وفيه : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن أمي ماتت ، وإني أريد أن أتصدق عنها ، قال : ( أَمَرَتْكَ ؟ ) ، قال : لا ، قال : ( فَلَا تَفْعَلْ ) .

وفي لفظ آخر من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه – أيضاً - : " أن غلاما أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله : إن أمي ماتت ، وتركت حُلياً

أفأتصدق به عنها ؟ قال : ( أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِذَلِكَ ؟ ) ، قال : لا ، قال : ( فَأَمْسِكْ عَلَيْكَ حُلِيَّ أُمِّكَ ) " رواه أحمد (16984) .

وجاء عند الطبراني في " المعجم الكبير " بلفظ : " إن أمي توفيت و تركت حليا ولم توص ، فهل ينفعها إن تصدقت عنها ؟ فقال : ( احبس عليك مالك ) " .

ورواية أحمد ضعفها بعض أهل العلم ؛ لوجود ابن لهيعة في سند الحديث .

قال محققو مسند الإمام أحمد :

" إسناده ضعيف ، فيه ابن لهيعة ، وهو سيئ الحفظ.

وسيأتي من طريق ابن لهيعة برقم (17437) ، ومن طريق رشدين بن سعد برقم (17438) ، ورشدين ضعيف سيئ الحفظ وكان يخلط في الحديث ، وله مناكير.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (772) من طريقين عن ابن لهيعة ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضاً 17/ (773) من طريق جرير بن حازم ، عن يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

ويحيى بن أيوب هذا : هو الغافقي المصري، وهو مختلف فيه ، وتكلم بعضُ أهل العلم في حفظه ، وقال ابن يونس صاحب "تاريخ المصريين": أحاديث جرير بن حازم

عن يحيى بن أيوب : ليس عند المصريين منها حديث ، وهي تشبه عندي أن تكون من حديث ابن لهيعة.

قلنا: وهذا الحديث منكر، فقد خالفه الحديث الصحيح الذي خرَّجه الشيخان: البخاري (1388) و (2760) ، ومسلم (1004) ، من حديث عائشة أم المؤمنين: " أن رجلاً قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أمِّي افتُلِتَت نفسها (أي: ماتت فجأة)

وأظنُّها لو تكلَّمت تصدَّقت ، أفأتصدَّق عنها؟ قال: "نعم، تصدَّق عنها". وفي رواية: فهل لها أجر إن تصدَّقتُ عنها؟ وسيأتي الحديث في "المسند" 6/51.

ويخالفه أيضاً حديث ابن عباس عند البخاري (2756) و (2762) : " أن سعد بن عبادة توفِّيت أمُه وهو غائب عنها، فقال: يا رسول الله ، إن أمي توفِّيت وأنا غائبٌ عنها، أينفعُها شيءٌ إن تصدَّقتُ به عنها ؟

قال: ( نعم )، قال: فإني أُشهِدك أن حائطي المِخراف صدقةٌ عليها " .

وقد سلف في مسنده برقم (3080) . "

انتهى من تحقيق "المسند" (28/587)

وينظر أيضا: (4/150) ، (4/157) .

وذهب بعض أهل العلم إلى تحسين الحديث .

قال الهيثمي رحمه الله : " ورجال الطبراني رجال الصحيح ، وفي إسناد أحمد ابن لهيعة " .

انتهى من " مجمع الزوائد " (3/334) .

وقال – أيضاً - رحمه الله

: " رواه أحمد ، وفيه ابن لهيعة ، وحديثه حسن ، وبقية رجاله رجال الصحيح "

انتهى من " مجمع الزوائد " (4/411) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" أخرجه الطبراني ( 17 / 281 / 773 ) من طريقين عن وهب بن جرير : حدثني أبي قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة بن عامر

قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي توفيت ، وتركت حليا ولم توص ، فهل ينفعها إن تصدقت عنها ؟ فقال : فذكره .

قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، ويحيى بن أيوب هو الغافقي ، قال الحافظ : " صدوق ربما أخطأ " ، وقد تابعه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه

ولفظه : " .. أفأتصدق به عنها ؟ قال : أمك أمرتك بذلك ؟ قال : لا . قال : فأمسك عليك حلي أمك " أخرجه أحمد ( 4 / 157 ) .

ثم أخرجه من طريق رشدين : حدثني عمرو بن الحارث والحسن بن ثوبان عن يزيد بن أبي حبيب به مختصرا .

قلت : وهذا الحديث ، من صحيح حديث ابن لهيعة أيضا للمتابعات المذكورة " .

انتهى من " السلسلة الصحيحة " (6/278) .

وعلى هذا ، فإذا قيل بصحة الحديث ، فإنه محمول على حال معينة ، فيقال : لعل السائل كان فقيراً ، ولهذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسك ماله لحاجته لذلك المال

وقد يقال : لعل الحامل على أمره بأن يمسك ماله ، ما تبادر إلى ذهن السائل ، من أن الميت إذا ترك شيئا ، فإن وارثه يتصدق به عنه

كما قد يفهم من رواية : ( إن أمي ماتت ، وتركت حُلياً ، أفأتصدق به عنها ) ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين له أن ذلك ليس بلازم ، والله أعلم .

قال الشيخ الألباني رحمه الله – معلقاً على حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه -

: " واعلم أن ظاهر الحديث يدل أنه ليس للولد أن يتصدق عن أمه إذا لم توص . وقد جاءت أحاديث صريحة بخلافه ، منها حديث ابن عباس : أن سعد بن عبادة قال : يا رسول الله ! إن أمي توفيت -

وأنا غائب عنها - فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها ؟ قال : نعم . وهو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 172 ) ، و" صحيح أبي داود " (2566) ، وفي معناه أحاديث أخرى مذكورة هناك .

أقول : فلعل الجمع بينه وبينها ، أن يحمل على أن الرجل السائل كان فقيرا محتاجا ، ولذلك أمره بأن يمسك ماله . ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم لم يجبه على سؤاله : فهل ينفعها إن تصدقت عنها ؟

بقوله مثلا : " لا " ، و إنما قال له : " احبس عليك مالك " ، أي : لحاجته إليه .

هذا ما بدا لي ، والله أعلم "

انتهى من " السلسلة الصحيحة " (6/278) .

والقول بتضعيف الحديث ظاهر قوي ، بل هو أقوم بالصنعة الحديثية في مثل ذلك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:27   رقم المشاركة : 250
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

استشفاء الصحابة بجبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال:

أنا مسلم أؤمن بأن الله هو وحده من يعلم الغيب ، وهو وحده من بيده شفاء المرضى ، وهذه هي المفاهيم التي أدعوا الناس إليها، أي أني أدعوهم الى التوحيد المستند على الدليل من الكتاب والسنة بما آتني الله من علم .

غير أن أحد الأشخاص قام فأرسل لي حديثا ينفي به اختصاص الله بشفاء المرضى : عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏مولى ‏ ‏أسماء بنت أبي بكر ‏‏وكان خال ولد ‏ ‏عطاء ‏ ‏قال

: ‏ " ‏أرسلتني ‏ ‏أسماء ‏ ‏إلى ‏ ‏عبد الله بن عمر ‏ ‏فقالت : بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة ‏ ‏العلم ‏ ‏في الثوب ‏ ‏، وميثرة ‏ ‏الأرجوان ‏ ‏وصوم رجب كله ، فقال لي ‏ ‏عبد الله ‏ : ‏أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد ، وأما ما ذكرت من ‏

‏العلم ‏ ‏في الثوب ، ‏فإني سمعت ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏يقول : سمعت رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول :‏ ‏إنما يلبس الحرير من ‏ ‏لا خلاق له ‏ ‏فخفت أن يكون ‏ ‏العلم ‏ ‏منه

وأما ‏ ‏ميثرة ‏ ‏الأرجوان ‏ ‏فهذه ‏ ‏ميثرة ‏ ‏عبد الله ‏ ‏فإذا هي ‏ ‏أرجوان ‏ ‏، فرجعت إلى ‏ ‏أسماء ‏ ‏فخبرتها ، فقالت :

هذه ‏ ‏جبة ‏ ‏رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ فأخرجت إلي ‏ ‏جبة ‏ ‏طيالسة ‏ ‏كسروانية ‏ ‏لها ‏ ‏لبنة ‏ ‏ديباج ‏ ‏وفرجيها

مكفوفين ‏ ‏بالديباج ‏ ‏فقالت : هذه كانت عند ‏ ‏عائشة ‏ ‏حتى قبضت فلما قبضت قبضتها وكأن النبي صلى الله عليه وسلم ‏‏يلبسها فنحن نغسلها للمرضى ‏يستشفى بها ". رواه مسلم ، الكتاب 24، حديث رقم 5149.

فأرجو توضيح هذه المسألة ؟


الجواب :

الحمد لله


روى مسلم (2069) عن أسماء رضي الله عنها قالت :

" هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ ، وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ

فَقَالَتْ: هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا ، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا " .

وليس في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشفي المرضى ؛ فإن ذلك كان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، ولكن فيه أن الله تعالى جعل

في آثاره صلى الله عليه وسلم كثوبه وطعامه وشرابه وشعر وماء وضوئه وبصاقه : الشفاء والبركة ، وهذا القدر حق ثابت ، لا ريب فيه ، وهذا مما خصه الله به دون غيره ، ولا غرابة في ذلك

فكما أن الله جعل الشفاء في الدواء يتناوله المريض فيشفى بإذن الله ، فكذلك جعل آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكورة : أسبابا للشفاء

بإذن الله ؛ فكأنها تفعل ما يفعل الدواء الحسي ، وتقوم مقامه ؛ فهي سبب حسي ، ظاهر ، جعله الله سببا لذلك ، كرامة لرسوله صلى الله عليه وسلم .

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى هو الشافي وحده ، وأن الشفاء إنما يكون بتقديره سبحانه ، وما الطبيب والعلاج والدواء إلا أسباب نصبها الله لحصول الشفاء بإذنه .

فروى البخاري (5675) ، ومسلم (2191) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ ، قَالَ : ( أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ

شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا) " .

وروى البخاري (5742) عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بن صهيب قَالَ : " دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ ، اشْتَكَيْتُ ، فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟

قَالَ: بَلَى ، قَالَ : (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ، مُذْهِبَ البَاسِ ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا) .

فقوله ( أنت الشافي ) ، وقوله ( لا شافي إلا أنت ) يدل على أن أحدا لا يشفي أحدا إنما الشفاء بيد الله وحده

قال القاري رحمه الله :

" قَالَ الطِّيبِيُّ : قَوْلُهُ : (لَا شِفَاءَ) خَرَجَ مَخْرَجَ الْحَصْرِ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ : (أَنْتَ الشَّافِي) ; لِأَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ إِذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ أَفَادَ الْحَصْرَ ; لِأَنَّ تَدْبِيرَ الطَّبِيبِ ، وَدَفْعِ الدَّوَاءِ : لَا يَنْجَعُ فِي الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ الشِّفَاءَ "

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (3/ 1124) .

وهذا كما جاء عند مسلم (3005) في قصة أصحاب الأخدود في قول : ( جَلِيس الْمَلِكِ ، وكَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَى الغلامَ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ :

" مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي ؟

فَقَالَ الغلام : إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا ؛ إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللهِ : دَعَوْتُ اللهَ فَشَفَاكَ ؟

فَآمَنَ بِاللهِ ، فَشَفَاهُ اللهُ ...) الحديث .

فتأمل كيف نفى الغلام الذي كان يشفي الله على يديه من جميع الأدواء ، كيف نفى نسبة الشفاء إلى نفسه ، ونسبه إلى ربه ، وكذلك فعل جليس الملك لما آمن وفقه .

فالله تعالى وحده هو الشافي ، وقد جعل الشفاء في آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جعلها في العلاجات والأدوية الحسية .

ومثل هذا لا تصح به نسبة الشفاء إلى غير الله تعالى ، بل هذا من الشرك بالله في ربوبيته ؛ وكما لا يقال : إن الطبيب شفى المريض ، بما أجرى الله على يديه من أسباب

فكذا لا يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم شفى المريض بما تفضل الله به عليه من المعجزات والخصائص ، وخاصة بعد موته ؛ بل هذا ـ كما قدمنا ـ من الشرك بالله في ربوبيته .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:31   رقم المشاركة : 251
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تسأل : لماذا ذكر النساء بصفات مذمومة في بعض الأحاديث ؟

السؤال:

قرأت حديث ( إن الفساق هم أهل النار . قيل : يا رسول الله ومن الفساق ؟

قال : النساء . قال رجل : يا رسول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا ؟

قال : بلى ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا ابتلين لم يصبرن) و لم أفهم : لماذا خص الفسق بالنساء ، وخص بهن صفات عدم الشكر وعدم البر مع وجودها في الرجال أيضا.

السؤال الثاني :

في حديث آخر إن النساء أكثر أهل النار ، لأنهن يكفرن العشير ، مع العلم أن هذا ليس خاصا بالنساء فقط ، وهل هو ذنب أكبر مما يفعله الرجال من حروب وقتل وظلم ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى الإمام أحمد (15531) والحاكم (2773) والبيهقي في "الشعب" (9346) عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن شِبْلٍ رضي الله عنه قال : قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْفُسَّاقَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ )

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الْفُسَّاقُ؟ قَالَ: ( النِّسَاءُ ) قَالَ: رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَسْنَ أُمَّهَاتِنَا، وَأَخَوَاتِنَا، وَأَزْوَاجَنَا؟ قَالَ: ( بَلَى، وَلَكِنَّهُنّ إِذَا أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ، وَإِذَا ابْتُلِينَ لَمْ يَصْبِرْنَ )

وصححه الألباني في "الصحيحة" (3058)

وليس المراد من الحديث : ذم عموم النساء بذلك ؛ كيف

وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الأحزاب/35

ونحو ذلك من الآيات الكثيرة ، والأصول الشرعية العظيمة المقررة .

وإنما المراد بذلك ونحوه من أحاديث الوعيد : التحذير من الفعل ، وبيان جزاء صاحبه عند الله يوم القيامة ، ليحذر العاقل من الوقوع في مثله .

وأما تخصيص النساء بذلك : فلأنه مثل هذا الخلق غالب عليهن ، كثير فيهن ، باعتبار الجنس ، وإن كان من شاركهن في مثل هذه الأخلاق

وأتى بتلك الأعمال من الرجال : فهو من أهل هذا الوعيد أيضا ؛ لكن مثل ذلك الخلق : أقل في جنس الرجال ، منه في النساء .

ومثل هذا : يشبه قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ ) قَالَ: رَجُلٌ يَا نَبِيَّ اللهِ أَلَمْ يُحِلَّ اللهُ الْبَيْعَ؟ قَالَ: ( إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فَيَكْذِبُونَ، وَيَحْلِفُونَ وَيَأْثَمُونَ )

وقد رواه أحمد (15530) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (366)

فهذا - أيضا - ليس ذما لعموم التجار ؛ كيف وقد كان في خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : التجار ؛ وإنما هو تحذير من ذلك العمل ، ووعيد لأهله ، وبيان أن مثل ذلك : الفجور والكذب : كثير في جنس التجار

فحقيق بكل تاجر عاقل : أن يحذر مثل ذلك ، ويحرص على البر في تجارته ، وبيعه وشرائه .

وأما من لم تكن من النساء بتلك المثابة ، وكانت شاكرة لله تعالى ولزوجها ، صابرة على أمر الله : فلا يلحقها هذا الذم قطعا ، وإنما تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم :

( إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) . رواه أحمد (1664) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (660) .

ثانيا :

وأما الحديث الآخر : فقد رواه البخاري (304) من حديث أبي سعيد ، ومسلم (79) من حديث ابن عمر عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ )

فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: ( تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) . واللفظ لمسلم .

قال بدر الدين العيني رحمه الله :

قَالَ الْمُهلب: " إِنَّمَا تسْتَحقّ النِّسَاء النَّار : لكفرهن العشير. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِنَّمَا كَانَ النِّسَاء أقل سَاكِني الْجنَّة : لما يغلب عَلَيْهِنَّ الْهوى والميل إِلَى عَاجل زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا، ولنقصان عقولهن

فيضعفن عَن عمل الْآخِرَة وَالتَّأَهُّب لَهَا ، لميلهن إِلَى الدُّنْيَا والتزين بهَا، وأكثرهن معرضات عَن الْآخِرَة ، سريعات الانخداع لراغبيهن من المعرضين عَن الدّين، عسيرات الاستجابة لمن يدعوهن إِلَى الْآخِرَة وأعمالها "

انتهى من "عمدة القاري" (15/ 152) .

ثالثا:

ما ذكرته السائلة من الإشارة إلى أن الرجال يفعلون أكثر من ذلك : بإشعال نار الحرب والقتل والظلم ؟

يقال فيه :

لا شك أن من يفعل ذلك من الرجال مستحق للعذاب ، وقد جاءت النصوص الشرعية الكثيرة بتحريم الظلم والقتل والتوعد الشديد على ذلك .

لكن : ما علاقة هذا بما ذكر في شأن النساء ؟

ومن قال : إن ما تقع فيه النساء ، مما سبق الإشارة إليه ، أشد من هذه الجرائم : من القتل ، والظلم ، ونحو ذلك ؟
ومن قال : إن مثل هؤلاء الرجال: جزاؤهم عند الله أخف وأقل من جزاء النساء ؟

ومن قال : إن هذا الحديث فيه كل الدين ، وفيه بيان التحذير من جميع المنهيات الشرعية ؟

لكن الذي يظهر ، والله أعلم : أن من يقع في هذه الأعمال من الرجال ، أقل ممن يقع في عمل النساء المذكورات ، فلهذا - والله أعلم - يكون من يدخل النار من النساء ، بهذه الجرائم

أكثر ممن يدخلها من الرجال ، بالجرائم المذكورة ، وإن كانت هذه الجرائم الأخيرة : القتل ، الظلم .. أعظم شناعة ، وأشد عذابا من الأولى ، لكن الكلام هنا عن : "الأكثرية" ، وليس عن : "الأشدية" .

وعلى أية حال : فأحاديث الوعيد : هي من أمور الغيب ، التي لا مجال للعقل فيها ، وإنما يرجع فيها إلى التسليم إلى ما ورد به الشرع .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:35   رقم المشاركة : 252
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا النساء في النار أكثر من الرجال

السؤال

لماذا عدد النساء أكبر من عدد الرجال في جهنم ؟ .

الجواب

الحمد لله

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النساء هن أكثر أهل النار فعن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاء)َ

. رواه البخاري 3241 ومسلم 2737 .

أما سبب ذلك فقد سُئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم وبَيَّن الجواب :

فعَنْ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( َأُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ) قَالُوا : بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ : ( بِكُفْرِهِنَّ ) قِيلَ : يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ، قَالَ : ( يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ) رواه البخاري 1052 .

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ )

فَقُلْنَ : وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: ( تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ) قُلْنَ : وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ : ( أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ) قُلْنَ : بَلَى ، قَالَ : ( فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ) قُلْن َ: بَلَى ، قَالَ : ( فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا ) رواه البخاري 304 .

وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ يَوْمَ الْعِيدِ فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ وَوَعَظَ النَّاسَ

وَذَكَّرَهُمْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ فَقَالَ : ( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ ) فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ : ( لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ . رواه مسلم 885 .

وينبغي على الأخوات المؤمنات اللاتي يعلمن بهذا الحديث أن يكون تصرفهن كتصرف هؤلاء الصحابيات اللاتي لما علمن بهذا عملن من الخير ما يكون بإذن الله سبباً في إبعادهن من أن يدخلن ضمن هؤلاء الأكثر .

فنصيحتنا للأخوات الحرص على التمسك بشعائر الإسلام وفرائضه لاسيما الصلاة والبعد عما حرمه الله سبحانه وتعالى وبخاصة الشرك بصوره المتعددة التي تنتشر في أوساط النساء

مثل طلب الحاجات من غير الله وإتيان السحرة والعرافين ونحو ذلك .

نسأل الله أن يبعدنا وجميع إخواننا وأخواتنا عن النار وما قرّب إليها من قول أو عمل .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:38   رقم المشاركة : 253
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى نقص العقل والدين عند النساء

السؤال

دائماً نسمع الحديث الشريف (النساء ناقصات عقل ودين) ويأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة . نرجو توضيح معنى الحديث ؟


الجواب

الحمد لله

"معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ، قُلْنَ : وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ؟

قُلْنَ : بَلَى ، قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا ، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ؟ قُلْنَ : بَلَى ، قَالَ : فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا) بَيَّن صلى الله عليه وسلم أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها

وأن شهادتها تُجْبَر بشهادة امرأة أخرى ، وذلك لضبط الشهادة ، بسبب أنها قد تنسى ، فتزيد في الشهادة أو تنقصها

كما قال سبحانه : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) البقرة/282 .

وأما نقصان دينها فلأنها في حالة الحيض والنفاس تدع الصلاة ، تدع الصوم ، ولا تقضي الصلاة ، فهذا من نقصان الدين ، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه ، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله عز وجل

هو الذي شرعه عز وجل رفقاً بها ، وتيسيراً عليها ؛ لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك ، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس ، والقضاء بعد ذلك .

وأما الصلاة فإنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة ، فمن رحمة الله جل وعلا أن شرع لها ترك الصلاة ، وهكذا في النفاس ، ثم شرع لها أنها لا تقضي

لأن في القضاء مشقة كبيرة ، لأن الصلاة تتكرر في اليوم خمس مرات ، والحيض قد تكثر أيامه ، فتبلغ سبعة أيام أو ثمانية أيام أو أكثر

والنفاس قد يبلغ أربعين يوماً ، فكان من رحمة الله لها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداء وقضاء ، ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء ، ونقص دينها في كل شيء

وإنما بَيَّن الرسولُ صلى الله عليه وسلم أن نقص عقلها من جهة ما قد يحصل من عدم الضبط للشهادة ، ونقص دينها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس

ولا يلزم من هذا أن تكون أيضاً دون الرجل في كل شيء ، وأن الرجل أفضل منها في كل شيء .

نعم ، جنس الرجال أفضل من جنس النساء في الجملة ، لأسباب كثيرة ، كما قال الله سبحانه وتعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34

لكن قد تفوقه في بعض الأحيان في أشياء كثيرة ، فكم لله من امرأة فوق كثير من الرجال في عقلها ودينها وضبطها ، وإنما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جنس النساء دون جنس الرجال

في العقل وفي الدين من هاتين الحيثيتين اللتين بينهما النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد تكثر منها الأعمال الصالحات فتربو على كثير من الرجال في عملها الصالح ، وفي تقواها لله عز وجل ، وفي منزلتها في الآخرة

وقد تكون لها عناية في بعض الأمور فتضبط ضبطاً كثيراً أكثر من ضبط بعض الرجال في كثير من المسائل التي تعنى بها

وتجتهد في حفظها وضبطها فتكون مرجعاً في التاريخ الإسلامي وفي أمور كثيرة ، وهذا واضح لمن تأمل أحوال النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد ذلك .

وبهذا يعلم أن هذا النقص لا يمنع من الاعتماد عليها في الرواية ، وهكذا في الشهادة إذا انجبرت بامرأة أخرى ، ولا يمنع أيضاً تقواها لله ، وكونها من خيرة عباد الله

ومن خيرة إماء الله إذا استقامت في دينها ، وإن سقط عنها الصوم في الحيض والنفاس أداء لا قضاء ، وإن سقطت عنها الصلاة أداء وقضاء ، فإن هذا لا يلزم منه نقصها في كل شيء من جهة تقواها لله

ومن جهة قيامها بأمره ، ومن جهة ضبطها لما تعتني به من الأمور ، فهو نقص خاص في العقل والدين ، كما بَيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا ينبغي للمؤمن أن يرميها بالنقص في كل شيء

وضعف الدين في كل شيء ، وإنما ضعف خاص بدينها ، وضعف في عقلها فيما يتعلق بضبط الشهادة ونحو ذلك ، فينبغي إنصافها ، وحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم

على خير المحامل وأحسنها . والله تعالى أعلم" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .

مجلة البحوث الإسلامية (29/100- 102) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 17:43   رقم المشاركة : 254
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم : لمن كان وراء ظهره

السؤال :

أنا مسلم أؤمن بأن الله هو وحده من يعلم الغيب، وهو وحده من بيده شفاء المرضى. وهذه هي المفاهيم التي أدعوا الناس إليها، أي أني أدعوهم الى التوحيد المستند على الدليل من الكتاب والسنة

بما آتني الله من علم. غير أن أحد الأشخاص قام فأرسل لي حديثا ينفي به اختصاص الله بعلم الغيب : الحديث من رواية الإمام البخاري في الكتاب الأول، صفحة 59.

قال صلى الله عليه وسلم "فوالله ما يخفى عليَّ خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري" . هل يدل هذا الحديث على أن الرسول صلى الله عليه وسلم : كان يعلم الغيب ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا : من عقائد المسلمين الإيمان بأن الله وحده علام الغيوب ، لا يعلم الغيب إلا هو .

قال سبحانه : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" يقول تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول معلمًا لجميع الخلق : أنه لا يعلم أحد الغيب إلا الله عز وجل ، فإنه المنفرد بذلك وحده ، لا شريك له " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6 /207)

لكن الله تعالى يُطلع من شاء من رسله على ما يشاء من غيبه ، قال تعالى :

( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) الجن/26-27

قال علماء اللجنة :

" الأصل في الأمور الغيبية: اختصاص الله بعلمها، لكن الله تعالى يطلع من ارتضى من رسله على شيء من الغيب

قال الله تعالى: ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) الجن/26،27 "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /122-123)

فهذا الذي يطّلع عليه الرسول من أمر الغيب إنما هو من وحي الله تعالى ؛ ولذلك قال الله عز وجل : ( قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ) الأنعام/ 50

قال علماء اللجنة الدائمة :

" علم المغيبات من اختصاص الله تعالى فلا يعلمها أحد من خلقه لا جني ولا غيره إلا ما أوحى الله به إلى من شاء من ملائكته أو رسله "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /346)

فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب

كما هو ظاهر قوله تعالى : ( قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) ولكن الله عالم الغيب يطلعه منه على ما يشاء ، كما قال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) .

قال القرطبي رحمة الله عليه :

" قَالَ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: لَمَّا تَمَدَّحَ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ ، وَاسْتَأْثَرَ بِهِ دُونَ خَلْقِهِ، كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ أَحَدٌ سِوَاهُ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مَنِ ارْتَضَاهُ مِنَ الرُّسُلِ، فَأَوْدَعَهُمْ مَا شَاءَ مِنْ غَيْبِهِ

بِطَرِيقِ الْوَحْيِ إِلَيْهِمْ، وَجَعَلَهُ مُعْجِزَةً لَهُمْ ، وَدِلَالَةً صَادِقَةً عَلَى نُبُوَّتِهِمْ "

انتهى من "تفسير القرطبي" (19/ 28)

ثانيا :

روى البخاري (418) ومسلم (424) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا ، فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَىَّ خُشُوعُكُمْ وَلاَ رُكُوعُكُمْ ، إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي ) .

قال النووي رحمه الله :

" قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدْرَاكًا فِي قَفَاهُ يُبْصِر بِهِ مِنْ وَرَائِهِ , وَقَدْ اِنْخَرَقَتْ الْعَادَة لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْثَر مِنْ هَذَا

, وَلَيْسَ يَمْنَع مِنْ هَذَا عَقْل وَلَا شَرْع , بَلْ وَرَدَ الشَّرْع بِظَاهِرِهِ فَوَجَبَ الْقَوْل بِهِ "
انتهى .

وهذه من المعجزات والآيات التي أيّد الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، وخصه بها ، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" ليس المراد منه : أنه كان يلتفت ببصره في صلاته إلى من خلفه

حتى يرى صلاتهم ، كما ظنه بعضهم ، وقد رد الإمام أحمد على من زعم ذلك ، وأثبت ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وآياته ومعجزاته "

انتهى من "فتح الباري" - لابن رجب (4 /341)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" الصَّوَابُ الْمُخْتَارُ : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّ هَذَا الْإِبْصَارَ إِدْرَاكٌ حَقِيقِيٌّ خَاصٌّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، انْخَرَقَتْ لَهُ فِيهِ الْعَادَةُ

وَعَلَى هَذَا عَمَلُ الْمُصَنِّفِ ، فَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ " انتهى.

والحاصل :

أن هذا الأمر : هو من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعجزاته ؛ لكن هذا لا ينفي ما قدمناه من اختصاص الله بعلم الغيب

فإنا قد قررنا أن الله قد يطلع من شاء من رسله ، على ما شاء من أمور الغيب ؛ وحينئذ : يعلم الرسولُ من أنباء الغيب ، ما أعلمه به ربه ، سبحانه .

على أن المذكور في هذا الحديث : ليس من علم الغيب في شيء ، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : إني أعلم ما غاب عن بصري ، أو أعلم كذا وكذا

بل هذا الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمر موجود ، مشهود ؛ كل ما في الأمر : أن العادة قد جرت ألا يرى الإنسان إلا ما يقابله ؛ والرسول صلى الله عليه وسلم

في هذا المقام : رأى ما وراء ظهره ، فانخرقت العادة ، وصحت له الرؤية ، مع تخلف بعض شروطها .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-18, 15:37   رقم المشاركة : 255
معلومات العضو
سي يوسف مشرقي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc