لكل من يبحث عن مرجع سأساعده - الصفحة 143 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لكل من يبحث عن مرجع سأساعده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-03-21, 14:44   رقم المشاركة : 2131
معلومات العضو
سنوسي محمد
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم أنا طالبة ماستر في علم الاجتماع التربوي عنوان مذكرتي حول غياب المهاجرخارج الوطن و أثرة على المحيط الاسري أريد منكم كتب و مذكرات خاصة بهذا الموضوع لتساعدني في التحليل أرجوكم لي طلب في وقت قصير و شكرا









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-03-23, 21:32   رقم المشاركة : 2132
معلومات العضو
9ITA
عضو جديد
 
الصورة الرمزية 9ITA
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أرجو منكم مساعدتي في أيجاد مراجع حول "استراتيجية الاستثمار"
و لكم مني جزيل الشكر و الامتنان










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-24, 19:52   رقم المشاركة : 2133
معلومات العضو
أطياف الجنان
عضو جديد
 
الصورة الرمزية أطياف الجنان
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو من الأخوة الكرام مساعدتي في تحضير مذكرة تخرج - بحث - بعنوان : ظاهرة التسرب المدرسي

جزاكم الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-24, 20:25   رقم المشاركة : 2134
معلومات العضو
saoudisms
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية saoudisms
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كتاب ادارة التفاعل بين مقدم الخدمة والعميل في المنظمة
الخدمية للكاتب فيصل سالم الكيخيا


العلاقة بين المورد والمشتري
جيهان عبد المنعم










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-25, 07:58   رقم المشاركة : 2135
معلومات العضو
MOHA32
عضو جديد
 
الصورة الرمزية MOHA32
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث جاهزعن الحضارة العاترية مع الفهرس والمراجع










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-25, 07:59   رقم المشاركة : 2136
معلومات العضو
MOHA32
عضو جديد
 
الصورة الرمزية MOHA32
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث كامل عن الحضارة المصرية الفنية والدينية مع الهوامش والمراجع










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-25, 08:02   رقم المشاركة : 2137
معلومات العضو
MOHA32
عضو جديد
 
الصورة الرمزية MOHA32
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحوث عن السياسةالاستعمارية تجاه ملكيات الاراضي










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-25, 21:07   رقم المشاركة : 2138
معلومات العضو
ضياء الاسلام
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية ضياء الاسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم إخواني في الله لديا بحث عن دراسة الرواية و فيه جزئية تتحدث عن القيمة الفنية للرواية فماهي خطوات دراسة الرواية من ناحية القيمة الفنيةو جزاكم الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2015-03-26, 17:51   رقم المشاركة : 2139
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء الاسلام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم إخواني في الله لديا بحث عن دراسة الرواية و فيه جزئية تتحدث عن القيمة الفنية للرواية فماهي خطوات دراسة الرواية من ناحية القيمة الفنيةو جزاكم الله خيرا
الرواية العربية الحديثة؛ نشأتها وتطورها
١٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠بقلم سوسن باقري
تكبير النصتصغير النصنص فقط
- مستخرج من رسالة ماجستير بإشراف الدکتور سيد إبراهيم آرمن أستاذ مساعد بجامعة آزاد
الإسلامية في کرج.

الملخص: إنّ هذا المقال یحمل عنوان «الرواية العربية الحديثة نشأتها وتطورها» يحاول أن يتعرف المراحل المتعددة التي مرت بها الرواية العربية الحديثة حتی وصلت إلی الواقعية أولی الإتجاهات الروائية المعاصرة في الأدب العربية.و يتناول ثلاثة المباحث، المبحث الأول: الرواية : نشأتها وتطورها في البلاد العربية و المبحث الثاني يتحدث فيه عن أنواع القصة في الأدب العربي و يشتمل المبحث الثالث عناصرالرواية.
الباحثة: سوسن باقري طالبة بجامعة آزاد الإسلامية في کرج في فرع اللغة العربية وآدابها الكلمات الدليلية : الرواية، نشأة الرواية، القصة، القصة الفنية،عناصر الرواية
التمهيد

الرواية تشکيل للحياة ويعتمد هذا التشکيل علی حدث الناس فی خلال شخصيات متفاعلة مع الأحداث والوسط الذی تدور فيه هذه الأحداث وتصل فی النهاية إلی نتيجة اجتماعيّة أو سياسيّة أو فلسفيّة و ...
حاجة الإنسان إلی رواية الأحداث التي تقع له ودفع الآخرين إلی مشاركتها وانتقال تجاربه وأحاسيسه بالآخرين تعد من الحاجات الفطرية للإنسان وهو ينتقل هذه الحاجة إلی عالم الخارج بطرق مختلفة، وكان أكملها رواية الأحداث عن طريق اللغة.رواية الأحداث في بداية الأمر ظهرت بألاشکال القصيصة المحددة فی الأحداث والشمول والتصوير وفي الموضوعات الخياليّة والوهميّة ثم برزت بشکل القصة الطويلة بصفة غيرالمحددة فی الشمول والأحداث وکانت موضوعاتها غيرالواقعية علی أساس أمور الغيبيّة والوهميّة لإرضاء قرائها ثم تميل إلی الحديث عن الوقايع الحياة للعلاج الواقع الإنساني والنفسي والاجتماعي.

إنّ رواية العربية المعاصرة متاثرة عن الروايات الغربية بنحو الکبير فی الحقيقة تاثر الأدباء العرب بعد إتصالهم بأوروبا عن القصص الغربي وکان رائدهم هو، «رفاعة الطهطاوي» الذی صدر روايته باسم «تلخيص الإبريز» وبعده فرح أنطون و«المويلحي» و«حافظ إبراهيم» و... الذين کانوا الأولين فی کتابة هذا الفن.
والجيل الثاني الذين ظهروا فی مجال کتابة الرواية فی البلاد العربية خاصة فی مصر، عبارة عن «طه حسين» و «جرجی زيدان» و«محمود تيمور» و«توفيق الحکيم» و«محمد حسين هيکل» و«نجيب محفوظ»... وبعدهم عبدالرّحمن الشّرقاوي وصالح مرسي و...من الجيل الثالث ومن کبار الروائيين المعاصرين فی العالم العربي الذين قد سعوا في تطور الرواية العربية حتی وصلت إلی قمتها في العصر المعاصر.

المبحث الأول:

الرواية : نشأتها وتطورها في البلاد العربية

تمهيد: الأدب
استعمل العرب لفظ الأدب للدلالة علی معان مختلفة «فقد دلّت في عهد الجاهليّة علی الدّعاء إلی المأدبة، کما دلّت في الجاهلية والإسلام علی الخلق النبل الکريم ... ثم أطلقت علی تهذيب النفس وفي القرن التاسع وما بعده استعملت للدلالة علی جملة العلوم والفنون ... ولمّا کان القرن الثاني عشر استعملت في الشعر والنثر...» [1]

الجاهلية:

«ذهب العلماء والمؤرخون مذاهب مختلفة في سبب إطلاق القران اسم «الجاهليّة» علی أحوال العرب قبل الإسلام، فقد قيل أنّها سميت کذلک لتفشّي الوثينة والجهل في العرب وقد قيل به لانتشار العداوت وسفک الدم.» [2]ولكن ارتباط العرب بالقبائل المختلفة بسبب التجارة والحروب وتعامله باليهوديّة والنصرانيّة ومعرفة تعاليم التوراة والمصطلحات الدينيّة- کما جاء في کتب التاريخ والأدب- ينفي اتهام الجهل بمعني عدم الفهم.ولم يبق من الأدب في العصر الجاهلي شيئاً کثيراً، «ضاع أکثر الشعر والنثر الجاهليين حتی قال أبوعمروبن العلاء (770م) ما انتهی إليکم مما قالته العرب إلا أقلّه ولوجاءکم وافراً لجاءکم علم وشعر کثير.» [3]

النثر وبدايته في الأدب العربي

«قد ذهب مؤرخو الأدب في تحديد تاريخ ظهور النثر الفني ... وقال بعضهم إنّه ظهر قبل القرآن بقليل وصاحب ظهور القرآن ثم نما وازدهر أن اُقرّه عبد الحميد الکاتب وابن المقفّع وقال البعض الآخر إنّ النثر الفنّي لم يعرف عند العرب إلا مع عبد الحميد وابن المقفّع ...» [4]ينقسم النثر إلی نوعين، النثر الإيجازي والنثر التفصيلي وينقسم النثر الإيجازي إلی أنواع.

أ- الخطابة

«هذا اللون من ألوان النثر، فقد کان من أهم وسائل تنمية الوعي وإنضاجه، کما کان من أهم وسائل التعبير عن الدعوات الإصلاحيّة والسياسة والاجتماع.» [5]

ب- التوقيعات

«التوقيعات عبارات موجزة کان يکتبها الخليفه أو الموالي أوعمالّها في أسفل الشکاوى والمظالم، أوالمطالب والحاجات ... وکانت هذه التوقيعات عناية في البلاغة والإيجاز.» [6]

ج- الرسائل

«أخذت الکتابة تنتشر شيئاً فشياً بعد ظهور الإسلام، لامتداد سلطان العرب وحاجة الخلفاء والولاة ورؤساء الأحزاب إلی الاتصال يهتمهم أمرهم، فإنّ أکثر مصالح الدولة واختلاف الآراء في هذه المصالح وظهور التنافس بين الأحزاب دعت إلی الاهتمام بالکتابة ... وتعدّدت الرسائل الدينيّة والسياسيّة.» [7]

النثر التفصيلي في عهد الراشدي حتّی عهد العباسي

«حينما امتزج سلطان العرب بغيرهم من الشعوب المختلفة، تحوّل وتوّسع النثر الإيجازي وتبّدل بالنثر التفصيلي وتعدّدت فنون الکتابة کالمقالات والمناظرات والقصص والحكايات...» [8]

القصة وانواعها في الأدب الجاهلي

القصة لغة واصطلاحا:

«قص أثره: يقصه قصا وقصيصاً ... کما جاء في اللسان والصحاح وفي التهذيب: القص اتباع الأثر ويقال خرج فلان في إثر فلان وقصا وذلک إذا اقتص إثره...» [9]
القصة هي «الفن الذي نعرفه اليوم بهذا الاسم بين الأجناس الأدبية قد أطلقها العرب علی عدّة الأشياء وأطلقوا أسماء هذه الأشياء عليها وهي الحديث والخبر والسمر والخرافة ...» [10] و«تضمنت قصص الجاهليّة قصصاً فنية وأسطوريّة وواقعيّة، تصور معارک العرب وحروبهم وأساطيرهم وتروي أخبارهم وسير ملوکهم وتنتقل عن الأمم المجاورة لهم وعن الشعوب التي اتصلوا بها ... وامتزج کل هذا بالقصص العربية ...» [11]

أ- أيام العرب

«هي تدور حول الوقائع الحربيّة التي وقعت في الجاهليّة بين القبائل، کيوم داحس والغبراء ويوم الفجار والکلاب وبين العرب والأمم الأخری کيوم ذي قار ... وکانت هذه القصص موضوع العرب في سمرهم في جاهليّتهم وفي إسلامهم.» [12]

ب- أحاديث الهوى

«وهناک نوع من قصص العرب أخذوه من الأمم الأخری وصاغوه في قالب يتفق ذوقهم....». [13].ثم «نما الفن القصصي العربي مع الفتح الإسلامي وتقدم مع اتصال العرب بالشعوب الأخری وتحركهم عبر البحار والمحيطات والقارات، وامتزج الثقافة العربية بالثقافات الأجنبيّة والمعارف الواقعيّة والعلميّة التي اکتسبها العرب في رحلاتهم التجارية والحربية والثقافيّة والدينيّة.» [14]
القصة الفنية في الأدب العربي قبل العصر الحديث
«لم يکن القصة قبل العصر الحديث شأن يذکر، بل کان لها مفهوم خاص، لم ينهض بها، ولم يجعلها ذات رسالة اجتماعيّة وإنسانيّة ولابد أنّه کانت للعرب حکايات يتلهون بها ويسمرون ولو عددنا مثل هذه الحکايات قصصاً، لکانت القصة أقدم صورة للأدب في العالم، لأنّ کل الشعوب الفطريّة تسمرعلی هذا النحو البدايي، ولکن مثل هذه القصص إذا کانت لها دلالة شعبيّة، فليست لها قيمة فنيّة حتّی تعد جنساً أدبياً...» [15]

و إنّ «عيون الأدب العربي التي نمت بصلة للقصة في فنها وغرضها هي قسمان : مترجم الدخيل وعربي الأصيل ونذكر من النوع الأول، "كليلة ودمنة"، ثم "ألف ليلة وليلة" ومن النوع الثاني نعرف "المقامات" و"رسالة الغفران" و"حي بن يقظان."» [16]

النوع الأول: کليلة ودمنة

«هوکتاب وضع علی ألسنة البهائم والطير حوی تعاليم أخلاقية، موجّهة أولاً إلی الحکام ... لقد اختلف المؤرخون في أصل کتاب کليلة ودمنة، فذهب بعضهم إلی أنّ ابن المقفّع وضعه ... وقيل إنّه لم يضعه، وإنمّا کان بالفارسية فنقله إلی العربية ...» [17]

ب- ألف ليلة وليلة

إنّ «قصص، "ألف ليلة وليلة" مدوّنة في عصور مختلفة، ومن المقطوع به إنّ الکتاب معروف بين المسلمين قبل منتصف القرن العاشر الميلادي، وفي الکتاب قصص شعبيّة متأثرة بآداب شتّی علی أنّه يحتمل أن يکون في بعض قصص، ألف ليلة وليلة، تأثير يوناني. [18]

النوع الثاني

أ- المقامة

«المقامة في معناها الأصلي، "المجلس" ثم أطلقت علی ما يحکي في المجلس، وهي قصة قصيرة تشتمل علی مغامرات تروى في شبه حوار درامي، يقوم بحکايتها راوعن بطل شجاع مقدام، يقتحم الأخطار وقد يکون ناقداً اجتماعيّاً أو سياسيّاً أو فقيهاً في اللغة والدين... و"بديع الزمان الهمذاني" المتوفي عام 318 هـ، أول من ابتکر هذا النوع من المقامات ... وبعد بديع الزمان جاء "الحريري" في القرن السادس الهجري.» [19]

ب- رسالة الغفران

«التي ألّفها، "أبولعلاء المعري" المتوفی عام (441 هـ، 1059 م)، فهي رحلة تخيلها أبوالعلاء في الجنة، وفي الموقف وفي النار، ليحلّ في عالم خياله مسائل ومشکلات ضاق بها في عالم واقعه، من العقاب والثواب والغفران أوعدم الغفران، مع کثير من المسائل الأدبيّة واللغويّة التي يوردها مورد الساخر تارةً والناقد اللغوي المتبحر تارةً أخری.» [20]

ج- قصة حي بن يقظان

«قصة "حي بن يقظان" لابن طفيل (110 هـ، 1886 م) وموجز القصة أنّ في جزيرة مهجورة من جزر الهند دون خط الأستواء نشأ طفل لا يعرف أباً ولا أماً، يسمی حي بن يقظان، فربّته غزالة حسبته ولدها المفقودة ... وفي قصة حي بن يقظان جوانب نضج قصصي في الشرح والتبرير والإقناع ...وعدها كثير من النقاد خير قصة في العصور الوسطی.» [21]

نشأة القصة قبل العصر الحديث

إنّ التغيير في الحالة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والأدبيّة لأي بلد ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسيّة الحاکمة علی هذا البلد، تارةً ينتهي إلی الخضوع أمام السياسة المسيطرة، وتارةً ينتهي إلی الخلاف مع السياسة الحاکمة وبالتأکيد يتأثر هذه الاتجاهات علی النظام الاجتماعي والأدبي ... ولذلک نبحث حول نشأة القصة قبل عصر الحديث ومدى تأثرها عن الأوضاع السياسة الحاکمة.

«کانت القرون الثلاثة التي سيطر الحکم الترکي علی مصر، قد عملت عملها في إغماض العيون، وتکبيل العقول وعقل الإرادات، وعقد الألسنة ... تعطلت الحرکة الأدبية بل تحجرت وانحرفت اللغة العربية، بل فسدت... وأغلب النتائج الأدبية لتلک الفترة تدور حول المدائح النبويّة والأمور الإخوانيّة ... علی أنّ روح المصريّة ... کانت تلوح في بعض نماذج الفصحی... التي کان منها الديني کسيرة "السيد البدوي" ... أوقصة، "سيدنا علي ورأس الغول"...ومنها التاريخي البطولي مثل "أبي زيد الهلالي"...» [22]

«قد تأثر فن القصة بالأدب الغربي في العصر الحديث في أطوار متعاقبة مع تأثره عن الأدب القديم وبخاصة المقامة والخرافات والقصص علی لسان الحيوان وأوضح مثل للتأثر بفن المقامة هو "حديث عيسی بن هشام"، "لمحمّد المويلحي" وفيه امتزاج تأثير فن "المقامة" بالتأثير الغربي ... وفي قصة "لادسياس" لشوقي، تظهر عنايته بالتعبير ثم اعتماده في تطور الأحداث...» [23]

و«في الطور الثاني من ميلاد الأدب القصصي في عصرنا الحديث أخذنا- في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين- تتخلّص قليلاً قليلاً علی الاعتماد علی التراث العربي القديم وبدأ الوعي الفني ينمي جنس القصة من موردها الناضج في الآداب الأخری، وقد بدأ هذا الطور بدءاً طبيعياً بتعريب موضوعات القصص الغربية وتكييفها لتطابق الميول الشعبيّة أو لتساير وعي جمهور المثقفين...» [24]
«ثم نضج الوعي الأدبي، ونهض الجمهور ثقافياً، فتطلب الترجمة الصحيحة وقد قام بها کثير ممّن أسدوا إلی الأدب واللغة خدمة عظيمةً ونذکر من هؤلاء الدکتور "طه حسين"، والدکتور"عبد الرّحمن البدوي" والأستاذ "عبد الرّحمن صدقي" ...» [25]

ميلاد القصة القصيرة

«وإذا کانت قصص المنفلوطي، التي احتواها کتاب «العبرات» تمثل الريادة الأولی غير الناضجة لفن القصة القصيرة، فانّ قصص محمّد تيمور، التي ضمتها مجموعة، "ما تراه العيون"، تمثل الريادة الناضجة والأدنی إلی الكمال في هذا الفن . فهي خطوة تالية لخطوة المنفلوطي... وأولی قصص محمّد تيمور هي قصة، "في القطار" التي نشرها سنة 1917م والتي تمثل ميلاد القصة القصيرة الفنيّة في الأدب المصري الحديث.» [26]

وبعد هذا وصلت القصص إلى استقرار و«كان من مظاهر هذا الاستقرار، نمو القصة القصيرة ونضجها وملامحها حتی صارت كائناً قوياً... وكان ذلك بفضل جيل من الرواد الذين اهتموا بالقصة القصيرة... من أمثال، "عيسی عبيد"، "محمود تيمور"، "محمود طاهر لاشين"، كما أسهم في هذا الفضل بعض الكتاب المرموقين ممن كان لهم نشاط كبير في ميادين عديدة مثل "إبراهيم المازني"، "توفيق الحكيم"، كما أسهم في هذا الفن بعض شباب الأدب في ذلك الحين، ممن سيكون لهم شأن كبير في ميادين عديدة من ميادين الأدب مثل "نجيب محفوظ"...» [27]

وأخيراً «بدأت القصة العربيّة تتأثر بالاتجاهات الفلسفيّة والواقعيّة في معالجة الحقائق الكبری أو المشكلات الاجتماعيّة نقتصر هنا علی التمثيل بقصة، «أنا الشعب»، لمحمّد فريد أبي حديد وقصة الأُستاذ توفيق الحكيم، "عودة الروح" وقصة، "الأرض" لأُستاذ "عبد الرّحمن الشّرقاوي" ... وكذا قصص الأُستاذ "نجيب محفوظ"...» [28]

الفارق الأساسي بين القصة القديمة والحديثة

والفارق الأساسي بين القصة القديمة والحديثة يرجع إلی الأفكار الحاكمة في حياة «القصة القديمة تدور في إطار عالم مثالي أو خرافي أو وهمي،‌ بعيد إلی حد كبير عن حقيقة الحياة التي يحياها أوسط الناس وأدناهم اجتماعياً، أما القصة الحديثة فقد أفسحت الجبال وفتحت الباب واسعاً - باب فنون القص- ليحتل مكان الصدارة فيها الإنسان العادي البسيط ...» [دراسة في نقد الرواية: ص 15]]

المبحث الثاني:

أنواع القصة في الأدب العربي
القصة

إنّ القصة عبارة عن «قوالب تعبير ليعتمد فيه الكاتب علی سرد أحداث معينة، تجري بين شخصية أو السامع إلی نقطة معينّة، تجري بين شخصية وأخری، أو شخصيات متعددة ، تتأزم فيها الأحداث وتسمی العقدة ويتطلع المرء معها إلی الحل حتی يأتي في النهاية.» [29]

أ- الحكاية [30]

الحكاية هي «سلسلة من الأحداث الجزئية مرتبة علی نسق خاص يجذب القارئ إليها فيتتبعها في شعف. وأبسط طريقه لعرض الأحداث وتسلسلها أن يحكيها الكاتب علی لسان بطل من أبطالها وتسمی هذه الطريقة ، «أسلوب ضمير المتكلم» [31] وأيضا جاء بأنهّا «هي التي تساق فيها واقعة من الوقائع الحقيقيّة أو الخياليّة_ الأسطوريّة أو الخرافيّة _ دون التزام بقواعد الفن القصصي وغالباً ما تتضمن «النوادر» و «الخرافات والأساطير» وتنتشر علی أفواه الناس.» [32]

ب- الأقصوصة [33]

«وهي تعالج جانباً واحداً من الحياة، لا عدة جوانب، فتقتصر علی سرد حادثة، ذات عناصر جزئية، تتدرج تحتها لتؤلف موضوعاً مستقلاً بشخصياته ومقوماته.» [34]

وهي «وسط بين الأقصوصة والرواية وتعالج جوانب أوسع مما تعالجه الأقصوصة وكاتب القصة أمامه مجال رحب وفرصة واسعة ليعدد مشاهدها، يطور أحداثها علی صورة قوية متكاملة.» [35]

الفرق الجوهري بين الأقصوصة والقصة

«إنّ طبيعة الأقصوصة هي التركيز، فهي تدور حول حادثة أوشخصية أوعاطفة مفردة أو مجموعة من العواطف...ولهذا فهي لا تزدحم بالأحداث والشخصيات والمواقف كالرواية والقصة...» [36]

د- الرواية [37]

«هي أكبر أنواع القصص من حيث طولها ولكن الطول ليس وحدها هو يميز الرواية عن القصة أو الأقصوصة، ‌فالرواية تمثل عنصراً وبيئةً، أي أنّ لها بعداً زميناً من المألوف أن يكون زمانها طويلاً ممتداً، بل ربمّا اتّسع البعد الزمني، فاستغرق عمر البطل أو أعمار أجيال متتابعة.» [38]

هـ- المسرح [39]

«المسرح من فنون القول وإن اشترك فيه مع الكلمة والحركة والتعبير بالصوت وملامح الوجه إلی جانب الإطار وهو البناء المسرحي والجدران الثلاثة بما يشمل من المناظر، ديكور، وستارة وإضاءة وما إلی ذلك.» [40]

القصة العربيّة شكلا:

- أ- المقالة القصصية وهذا ما نراه عند المنفلوطي في "النظرات".
- ب- المذاكرات اليوميّة: التي يعتمد الكاتب فيها علی تسجيل الأحداث التي تجري يوماً بعد يوم مثل "يوميات نائب في الأرياف"، لتوفيق الحكيم.
- ج- قالب المقامة: كما في "مقامات الحريري" و"الهمذاني " وحديث "عيسی بن هشام" للمويلحي.
- د- قالب الرسالة: كما في "ماجدولين" التي ترجمها المنفلوطي.
- هـ. القالب الشعري: هذا كثير في الشعر العربي ومنها قصص، "شوقي" وقصص، "خليل مطران".

القصة العربية مضمونا:

أ- القصة الاجتماعيّة: التي يعالج الكاتب فيها جانبا من جوانب المجتمع، ومثال ذلك: معظم قصص، "محمّد تيمور"، في مجموعتيه، "نبوت الخفير"، و"شباب وثمانيات".
ب- القصة التاريخيّة والبطوليّة: كقصص، "جرجي زيدان" ومنها، " أرمانوسة" و"فتاة غسان".
ج- القصة العاطفيّة: كقصة، "الأجنحة المنكسرة"، " لابن طفيل".
هـ- القصة الدينيّة: مثل، "قصص القرآن"، "لأحمد محمّد جاد المولي" و"رفاحة".
و- القصة الأسطوريّة والخرافيّة: كقصص الجن والآلهة والتي تدور علی ألسن الحيوان مثل، "كليلة و دمنة"، " لابن مقفع".
ز- القصة العلميّة: كقصة "الميكروب"، " لأحمد زكي". [41]
الرواية ونشأتها في الآداب الأوروبيّة

«الرواية تشكيل للحياة في بناء عضوي يتفق وروح الحياة ذاتها، ويعتمد هذا التشكيل علی الحدث الناس الذي يتشكل داخل إطار وجهة نظر الروائي وذلك من خلال شخصيات متفاعلة مع الأحداث والوسط الذي تدور فيه هذه الأحداث، علی نحو يجسد في النهاية صراعاً درامياً داخلية متفاعلة.» [42]

رواية الأحداث في البداية، ظهرت بالأشكال القصصية المحددة في الأحداث والشمول والتصوير والزمن وفي الموضوعات الخيالية والوهمية، ثم برزت بشكل القصص الطويلة بصفة غير محددة في الشمول والأحداث والقالب ... وكانت موضوعاتها علی أساس أمور الغيبيّة والوهميّة لإرضاء قرائها وتطابق بالشرائط المسيطرة علی المجتمع ثم تميل إلی الحديث عن وقائع الحياة العاديّة فصارت تعالج الواقع الإنساني والنفسي والاجتماعي.
كانت الرواية من الفنون الأدبية التي نشأت في الغرب مع نمو الطبقة الوسطی وقد أشار بهذا الموضوع أكثر الأدباء في كتبهم، وكان النظام الإقطاعي الذي يسيطر علی المجتمع الأوروبي قبل عصر النهضة يرسم الخطوط الأولية للفنون الأدبية آنذاك وإنّ هدف هؤلاء الإقطاعيين، ينحصر أولاً وقبل كل شيء في الاحتفاظ بأرضهم وتوريثها لأولادهم بعد وفاتهم، فقد كان لصالحهم تجميد الأوضاع الاجتماعية وتثبيتها وكان من الطبيعي أن لايهتموا بالتجربة العلميّة وانتشار التعليم [43]

وموضوع الأدب الذي يناسب بهذه الطبقة الوحيده المسيطرة علی الأوضاع الأدبيّة والمعنويّة «يرتكز علی الهروب من الواقع ويعتمد علی الإيهام والتخيل وتقوم العلاقات فيه علی المصادفة والسحر والقدر ويتضاءل فيه دور العمل الإنساني أمام الدور الذي يقوم به الجن والشياطين والسحرة ... وكانت الرومانس "Romance "أو الرواية الخياليّة هي الفن الروائي السائد والمسيطر الذي يعبر عن طبيعة المجتمع الإقطاعي ومزاجه وأقرب الفنون الرواية العربيّة التي تشبه هذا الفن في البناء الروائي هو السيرة الشعبيّة ...» [44]
وبعد ذلك و«في القرن السادس عشر والسابع عشر ظهر في الأدب "الإسباني" جنس جديد من القصص... وهذا الجنس الجديد من القصص هو ما نستطيع أن نسميه، قصص الشطار وهي قصص العادات والتقاليد للطبقات الدنيا في المجتمع Picaresca" "وفيها مخاطرات يقصها المؤلف علی لسانه كأنّها حديث له... وهو يحكم علی المجتمع من خلال نفسه حكماً تظهر فيه الإثراه والانطواء علی النفس...» [45]

«ثم تدهور المجتمع الإقطاعي بسبب تخلف الزراعة واستمرار الحروب لسنوات طويلة ساعد علی يقظة الأفراد في المجتمع الجديد وثورتهم علی الحياة المظلمة التي يعيشونها وأيضا ساعد علی ظهور عصابات من المنحطين أخذ وجودهم يلفت الأنظار ... وكانت إسبانيا بحكم اتصالها الوثيق بالعرب واطلاعها علی قصص نماذج بشرية تشبه هؤلاء المنحطين وأرباب الكودية من الأدباء، أدباء المقامات وهم يقومون بأنواع من الكودية وسبل النصب ... الخ في سبيل لقمة العيش- وهي البيئة التي احتضنت هذا الفن الجديد...» [46]
«وهذا الشكل الجديد يعد البذرة الأولی للرواية الفنية ... فانه يعد أول رد فعل مباشر ضد الرومانس وما نكاد نصل إلی القرن الثامن عشر حتّی نری الطبقة الوسطی وقد صارت صاحب النفوذ الأكبر في المجتمع ... وصاحب ظهور هذه الطبقة زيادة عدد جماهير القراء بصورة ملحوظة ... واشتد إقبال الجماهير علی الفن الروائي لاعتدال أسعاره وإن كان أغلب قراء الرواية من النساء ... فكان ظهور هذه الطبقة الجديدة ... يمثل انقلاباً في القوة التي يستمد منها الروائي التأئيد...» [47]
وأخيراً نصل إلی هذه النتيجة أن الرواية تخنلف عند الطبقة الإقطاعيّة الرومانسيّة عن الطبقة الوسطی الواقعيّة، لاختلاف تفكيرهم وحاجاتهم وأهدافهم في الحياة وفي عبر العصور ابتعدت الرواية عن حالتها الوهميّة والخرافيّة شيئاً فشيئاً حتی تصل إلی قمتها في العصر الحديث والمعاصر لتظهر بشكل الرواية الفنيّة بموضوعاتها المتنوعة.

تطور القصة في الآداب الأوروبيّة

معنی القصة في العصر الحديث عبارة عن «القصة الواقعيّة التي تعني بالتحليل النفسي للأشخاص.» [48]
وهذه القصة الحديثة، «أوسع ميادين الأدب العالمي وأخطرها وأعمقها أثراً في الوعي الإنساني والقومي ....»، [49] ولكن القصة في نشأتها الطويلة، «كانت تختلط فيها الحقائق الإنسانيّة بالأمور الغيبية، وكانت تجمع في الخيال فتبعد كثيراً عن الواقع الإنسانية وقضاياه، كما كان لا يفرق فيما بين ما هو ممكن وما هو مستحيل...» [50]
و«ظهرت بشائر القصة في الادب اليوناني في أشعار الرعاة وفي حكايات الرحالة عن الإسكندر الأكبر، ثم النثر القصصي آخر اجناس ذلك الأدب ظهوراً، ولكنّه ظل مع ذلك مختلطاً بالمعاني والمخاطرات الغيبيّة والسحر والأمور الخارقة ....» [51]
هكذا كان شأن القصص في الآداب الأوروبية منذ عصر النهضة، تعتمد علی الأساطير والجنيّات وخوارق العادات. ولكن بعد عصر النهضة ظهرت القصة الواقعيّة التي تعني بالتحليل النفسي.

الرواية ونشأتها في الأدب العربي

إنّ نشأة الرواية في الأدب العربي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة في العالم العربي خاصة مصر، وبعد العصر العباسي وبداية الحكومة العثمانيّة وبعده في القرون الثلاثة التي سيطر عليها الحكم التركي علی مصر «أغلقت المدارس بل هدمت وانتهت ...وتعطلت الحركة الأدبية، بل تحجرت وانحرفت اللغة، بل فسدت ... ومن هنا أصبح الأدب في حالة من السقم تقارب الموت فكانت تمثله نماذج نثرية وشعرية، ليس وراءه أي صدق إحساس أو فنية تعبير ... وقد كان أغلب النتائج الأدبي لتلك الفترة تدور حول المدائح النبوية والأمور الإخوانية والمراثي الباردة والمواعظ المباشره...» [52]

فترة اليقظه في العصر الحديث

بعد هذا الركود جاءت فترة اليقظه، الفترة التي تبدأ «بتلك السنوات التي شهدت خروج البلاد من ظلمات العصر التركي، لتفتحّ عيونها علی نور الحضارة الحديثة ولتأخذ طريقها في موكب المدنية المتقدمة ... ومن الممكن تحديد تلك البداية بسنوات الحملة الفرنسية ومن سنة، (1798 إلی 1801م)، أي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر ...» [53]

يلخص نتيجة هذه الحملة أولاً: «تعرّف المصريين علی الحضارة المدنية الغربية علی حد ما، وثانياً: تكوين إحساس بالشعور القومي أمام المحتلين وبعد خروج الفرنسيين عن مصر، انتخب الشعب "محمّد علي" للحكم في مصر، قد استقدم محمّد علي أول الأمر الأساتذة الأجانب للتدريس في المدارس المختلفة ونظراً لعدم معرفة هؤلاء بلغة البلاد ومعرفة التلاميذ بلغتهم، فقد استعان بالمترجمين من السوريين والمغاربة وغير هم...» [54]

ثم «أرسل محمّد علي البعثات إلی أوروبا، ليقوم أبناؤها فيما بعد بمطالب الجيش، وللتدريس في تلك المدارس ... وقد تعددت البعثات وتنوعت... وهكذا كان أول لقاء عملي بين المصريين والثقافة الغربيّة في العصر الحديث ...فقد عاد هؤلاء المبعوثون بعلم جديد وعقليّة‌ جديدة إلی بلادهم ... وترجموا أو ألّفوا وخططوا بهذا ووضعوا أساس الثقافيّة الأدبيّة الحديثّة.» [55]
لقد كان النثر في هذه الفترة «يعبرعن موضوعات ساذجة ويتقوقع في الرسائل والمقامات ونحوها من الأنواع التقليديّة ...علی أنّ بعض النثر قد خطا خطوة أبعد من تلك الأغراض الساذجة ... وأصبح يحمل زاداً فكرياً حيناً وتجارب إنسانيةً حيناً آخر ... وكان باكورة ذلك كتاب «تلخيص الإبريز في تلخيص باريز» لرفاعة الطهطاوي ...تحدث فيه رفاعة عن رحلة إلی باريس ... والباحثين يعتبره البذور الأولی للرواية التعليميّة في الأدب الحديث.» [56]

«وكان طبيعياً أن يأخذ كتاب "رفاعة الطهطاوي"، "تلخيص الإبريز" شكل رحلة كان فيها أكثر تعليمية ومباشرة من كتب الرحالة العرب القدامي ...»، [57] .و«رغم أنّ الكتاب قد جاء مزيجاً من خصائص كتب الرحلات والكتب العلميّة... مع خلو تام من كل عنصر الروائي...» [58]
ثم «بعد الاتصال بأوروبا والتأثر بآدابها اتّّجه الأدباء، إلی القصص العربية وحاولوا أن يترجموها و«كان رفاعة الطهطاوي هو الرائد لهذه الحركة، فترجم "مغامرات تليماك"،"لفنلون" [59] وسماها مواقع الأفلاك في وقائع تليماك... فانّه نقل القصة إلی أسلوب السجع والبديع، المعروف في المقامات ...» [60] يقول رفاعة الطهطاوي في مقدمة تليماك: «إنّه مشتمل علی الحكايات النفايس في ممالك أوروبا وغيرها وعليه مدار التعليم في المكاتب والمدارس فإنّه دوّن كل كتاب مسخون بأركان الأدب ومشتمل علی ما به كسب بأخلاق النفوس الملكية وتدابير السياسات الملكية.» [61]
وتعد "وقائع تليماك" أول مظهرمن مظاهر النشاط الروائي في مصر في القرن التاسع عشر والهدف التعليمي واضح من مقدمته التي كتبها رفاعة علی الرواية المترجمة، وسماها ديباجة الكتاب ... وواضح أنّ رفاعة ترجم روايته لهدفين، الهدف الأول، تقديم نصائح للملوك والحكام والهدف الثاني، تقديم مواعظ لتحسين سلوك عامة الناس ...» [62]

ثم «قدّم فرح أنطون قصة في نفس الشكل كان مجالها المشاكل الاجتماعية واختار علي مبارك مجال الرحلة أيضاً لجهوده التعليمية في كتاب، "علم الدين" وكتابه أكثر جفافاً عن كتب الرحالة العرب القدامی وإن كان يتميز هو وفرح أنطون بأنّ رحلة كل منهما التعليميّة، ‌كانت رحلة متخيّلة ... وإن كان ذلك لا يميزها عن قصة "حي بن يقطان"، التي كانت أحداثها متخيّلة أيضاً.» [63]
و«لم يكن تعليم العلوم هو القصد الوحيد لعلي مبارك من كتابه ولكنه حاول المقارنة بين بعض العادات الشرقيّة والغربيّة ولذلك كان علي مبارك ينظر في كتابه إلی طلبة في المدارس المدنيّة الأخری إلی مشايخ الأزهر، الذين رفضوا محاولاته لإدخال العلوم الحديثة في الأزهر...ولذلك اختار في روايته شيخاً أزهرياً وسماه "علم الدين" ... وعلي مبارك يقدّم لنا بهذه الصورة المقارنة بين العادات الشرقيّة والأوروبيّة وهي المحاولة التي سنلتقي بها في صورة أكثر تطوراً في حديث "عيسی بن هشام"...» [64]

التيار التعليمي الخالص في بداية القرن العشرين

«اقترب المويلحي في "حديث عيسی بن هشام"، وحافظ إبراهيم في "ليالي سطيح"، من أشكال النشاط القصصي الذي اعترف به كبار مثقفي تراثنا وهوشكل المقامة.» [65]
«ومن عنوان كتاب المويلحي ومن إهدائه لكتابه، تظهر صلته بالتراث العربي القديم وبزعماء الإصلاح الديني والاجتماعي واللغوي الذين كانوا يهدفون في إصلاحهم إلی إحياء هذا التراث وهو لا يسمی كتابه قصة أو رواية وانمّا يسميه حديث عيسی بن هشام وهو يذكرنا في عنوانه بالمقامة من ناحيتين، الناحية الأولی تتمثل في طبيعة من حيث تصويرها ... وأما من حيث الإهداء، فقد أهدی كتابه لوالده رمز الصلة التي تربطه من ناحية، ولكونه شق له طريق التأثر بالمقامة في كتابه حديث موسی بن هشام الذي اعتمد علی أسلوب المقامة اعتماداً كبيراً...» [66]

ولكن، «مما يفرّق بين حديث عيسی بن هشام وبين المقامة من ناحية والرواية التعليميّة التي سبقته من ناحية أخری،‌ أنّه حاول إيجاد رابطة داخليّة بين فصول كتابه وهذه الرابطة وإن بدت ضعيفة باهثه...فانّها ظاهرة جديدة علی الرواية التعليمية... فالمقامات تعبر عن مجموعة من المواقف المنفصلة... فانّ مجال المقارنة بين المقامة وبين القصة القصيرة أوسع من مقارنتها بالرواية.» [67]
تيار ما بين التعليم والتّرفيه أو الرواية التاريخيّة
وبعد التيار التعليمي الخالص، نصل إلی تيار ما بين التعليم والتّرفيه، ويعتقد الأدباء بأنّ هذا التيار قد بدأ بيد المهاجرين الشوام، الذين كانوا بحكم ظروفهم أكثر إقبالا علی الثقافة الأوربيّة وآدابها وفي الوقت الذي كان المثقفون المصريون والمتمصرون مشغولين فيه بمحاولة تثقيف المصريين وتعليمهم، ثم بمحاولة الإصلاح الاجتماعي وبثّ التراث العربي القديم، كان المهاجرين الشوام مشغولين بنقل الأشكال الأدبيّة العربيّة إلينا.» [68]
وفي الحقيقة، «ظهر هذا الاتجاه الروائي التاريخي علی يد "جورجي زيدان"...قدم سلسلة من الروايات التاريخيّة التي تضم في ثنايا البناء القصصي أطراف التاريخ الإسلامي في المشرق والمغرب فقدم، "فتاة غسان" لعرض الأحداث التاريخيّة التي صاحبت الغزوات الإسلاميّة الأولی... وقدم "أرمانوسة المصريّة"، لعرض الأحداث التاريخيّة التي صاحبت فتح العرب لمصر وكتب "عذراء قريش" و"غادة كربلاء" و"الحجاج بن يوسف" للتاريخ للوقائع التي حدثت خلال الصراع السياسي و...» [69]

و«تحتوي كل رواية من روايات جورجي زيدان عنصريين أساسيين،‌ الأولی عنصر تاريخي يعتمد علی الحوادث والأشخاص التاريخية، والثاني عنصر خيالي يقوم علی علاقة غرامية بين محبين...» [70]
ومن جانب آخر «قد حاول، "فرح أنطون" تقليد جرجي زيدان في رواياته التي تجمع بين تعليم التاريخ والغرام، فكتب روايته "أورشليم الجديدة"، التي يتحدث فيها عن فتح العرب لبيت المقدس في عهد الخليفة عمر، وقد ضمنها عنصراً غرامياً ولكنه أضعف بكثير من العنصر الغرامي عند جرجي زيدان...» [71]

رواية التّسلية والتّرفيه

كانت الرواية التعليميّة، تخاطب المثقفين المصريين لأهداف التعليم وإصلاح المجتمع عن طريق النقد الاجتماعي التي متأثرة بالعلوم الغربيّة، في حين أنّ الرواية ما بين التعليم والتّرفيه تأخذ جانبا خاصا في نقل الرواية وهي عبارة عن الأحداث التاريخيّة بمشخصاته وترضي عدداً خاصاً من القراء ولكن رواية التّسلية والتّرفيه تخاطب الجماهير، لإرضاء ميولهم وأذواقهم لأنّ سياسة المحتلين منذ عصر إسماعيل «تتجه إلی مقاومة التعليم عموماً والتعليم العالي بصفة خاصة، وذلك لخلق نموذج من القراء لا يتمتع باستقلال الشخصيّة ولا القدرة علی التفكير الحر المستقل ... وقد ساعدت هذه السياسة علی إيجاد طائفة كبيرة من المصريين، يستطيعون القراءة والكتابة ولكنّهم لا يتمتعون بقدر مناسب من الوعي يدفعهم إلی التنبه للمشاكل الحقيقيّة ... ووظيفة القراء عند هذه الفئة مقتصرة علی تحقيق حاجتها إلی التسلية وإلی نسيان هموم وآلامه.» [72]

«وقد ساد تيار رواية التّسلية والتّرفيه في الفترة التي تمتد من أواخر القرن التاسع عشر، إلی الثورة القومية في سنة 1919م، وظلت الرواية حتی هذه الفترة غير متعرف بها من كبار المثقفين والأدباء، لأنّ المثقفين كانت جهودهم مركزة إما في ميدان النضال السياسي أو في ميدان الإصلاح الاجتماعي... ولذلك ظل ينظر إلی الرواية علی اعتبارها وليداً غير شرعي في هذا المجتمع...» [73]
ونری بأنّ هيكل، كاتب رواية "زينب" اضطر «نتيجة لهذا الاحساس إلی عدم إطلاق لفظ رواية علی روايته زينب وسماها "مناظر وأخلاق ريفية" ،كما أنّه ‌لم يجسر علی وضع اسمها عليها ولكنّها اكتفی بوصف مؤلفها بأنّه «مصري الفلاح »... وأنّ موضوعها هو الحب، تلك العاطفة التي ينظر إليها بنفس الاستنكار الذي كان ينظر به المثقفون إلی الرواية.» [74]
و«إذا كان كبارالمثقفين من المصريين والممتصرين المسلمين، قد نظروا إلی الرواية هذه النظرة، رفضوا أن يشغلوا أنفسهم بها، فإنّ المهاجرين الشوام هم الذين حاولوا تقديم هذا الفن لهذه الفئة الجديدة من القراء ...» [75]

الصحافة وأثرها علی رواية التّسلية والتّرفيه

«كان الدافع الأكبر الذي دفع المهاجرين الشوام إلی تقديم روايات التّسلية والتّرفيه يرجع إلی اشتغالهم بالصحافة وسيطرتهم علی الصحف والمجلات منذ بداية عهد الاحتلال ... وفي أوائل عهد الاحتلال قضت سلطات الاحتلال علی الصحافة الوطنيّة ولم يبق من الجرائد ذات النفوذ إلی جرائد المهاجرين الشوام وأهمها الأهرام...» [76] و« في أوائل عهد الاحتلال خفت عن حدة الجمهور علی الصحف السياسيّة في هذه المجلات... فقد انتشرت في الفترة الأخيرة من القرن التاسع عشر... رواية سلسلة ... وتقديم هذه الروايات في صحفهم عنصراً من عناصر جذب القراء إليها...» [77]

الترجمة وأثرها علی رواية التّسلية والتّرفيه

«فترت حركة الترجمة بعد وفاة محمّد علي وظلت راكدة حتی جاء عصر إسماعيل فبدأت حركة الترجمة واسعة، شملت كل المعارف ولكن كان النصيب الأكبر فيها للروايات ومما هو جدير بالذكر أنّ المؤلفات التي ترجمت في كل علم وفن كانت قليلة إلاّ فيما كان يختص بالروايات التي أخذ عددها يتزايد نظراً لإقبال الجمهور عليها وشغفه بها.» [78]
و«أغلب ما عرّب من الروايات كان من نتاج العصر الرومانسي في الأدب الأروبي، وقد ساد التيار الرومانسي في الأدب الغربي في النصف الأول من القرن التاسع عشر وحينما عرّب المترجمون الفنون الروائية لم يهتموا بالإنتاج الأكثر جودة وإنمّا اهتموا بكتب أكثر شعبية وشهرة ... واهتموا بإعمال صغار الكتاب الذين خضعوا لما في الرومانسية من حرّية وعاطفة وجموح وخيال ...» [79]
تقسّم الدكتورة لطيفة الزيات في رسالتها، «حركة الترجمة الأدبية للروايات المترجمة من حيث الموضوع إلی قصص شرقية وقصص تاريخية وقصص غرامية وقصص اجتماعية وقصص مغامرة وقصص بوليسية وبالنسبة إلی القصص التاريخية نری بأنّ هذه القصص تمثل رغبتها في التحرف علی التاريخ ولا ينبع عن إحساس قوي متبلور، وبالنسبة إلی القصص الاجتماعية كان أغلب القصص لا يكشف عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية بل يقصد به التّسلية وأنّ الخصائص الفنية لهذا النوع من الرواية يعتمد علی فضول القارئ ويقدم سلسلة من الحوادث العجيبة والأبطال فيه إما أخيار بصورة مطلقة أو أشرار بصورة مطلقة. [80]

ميلاد الرواية الفنية في مصر

بعد التطورات التي مرّت ذکرها عندما ذكرنا نشأة الرواية العربية، وصلت الرواية إلی المرحلة التي تحاکي قصص الغرب فی حين، تسعی أن تستحفظ التراث العربي القديم، وبعض الکتاب قد سعوا إلی کتابة روايات بصيغة مقامة، ولکن نری، أنّ أغلب الکتب التي عالجت نشأة الرواية الفنية، اعتبرت الرواية، زينب، للدکتور "محمّد حسين" هيکل كأول نشاط علمي لهذا الفن فی الأدب العربي.

تختلف الرواية الفنية عن الرواية غير الفنية فی عدة مسائل ولکن الأسس التي تفرق بين الرواية الفنية عن غيرها، تنحصر في اتجاه الرواية الفنية إلی الواقع ولا تعتمد علی الوهم والإسراف فی الخيال وأيضاً أنّ الرواية الفنية تحترم التجربة الذاتيّة والحس الفردي ولکن الأشکال الأُخری تعتمد علی المطلق والمجرد والمثال.
الرواية عبارة عن خيال نثري طويل له طول معين، ولکن الرواية الفنية عبارة عن، نثر روائي واقعي کامل فی ذاته وله طول معين، والصفة الواقعيّة هنا جاء بمعنی عام، بمعنی الحياة الواقعيّة بخلاف الرومانس التي تتجه إلی الهروب من الواقع وکلاهما يختلف موقفهما من الحدث، وبناء العقدة، ورسم الشخصية.
ومن جانب آخر، نری بأنّ الرواية التّسلية والتّرفيه،- أی الرواية غير الفنية- تتجه فی اختيار أحداثها إلی إرضاء فضول القاریء، وذکر الحوادث العجيبة، والغريبة، ولا تکشف عن إحساس خاص للأديب ولا يخضع وقوع الأحداث فی هذه الرواية للسببية، ولکنّه يخضع لمجرد رغبة المؤلف فی إشباع فضول قارئه إلی المزيد من العجائب والمدهشات وأيضاً أنّ الرواية الفنية فی بناء العقدة تعکس موقفاً حضارياً وتحترم التجربة الإنسانية، ولا تعتمد علی الأساطير والتاريخ القديم. [81]

الرواية التحليلية

أدت الحوادث الناتجه عن ثورة 1919م، إلی ظهور المدرسة الحديثة فی القصة والرواية و«لقد حاول الأدباء الکبار أن يصطنعوا الفن القصصي في إطاره العربي الموروث إطار المقامات وما إليها کما فعل "المويلحي" فی "حديث عيسی بن هشام"... وكانت أول هذه البواکير قصة زينب للدکتور محمّد حسين هيکل...» [82]

إنّ أول مساهمة فی ميدان الرواية الفنية بعد رواية زينب تتجلی فی «أعمال ثلاثة من الرواد الأوائل في هذا الميدان فی فترة ما بين الحربين وهم "عيسی عبيد"، و"محمود تيمور"، و"طاهر لاشين"،... وکانت أعمالهم ردّ فعل للرواية التعليمية ورواية التّسلية والتّرفيه من ناحيه ولتحدد مدی مساهمتهم فی تقديم الرواية الفنية وتطورها من ناحية أُخری.» [83]

«فی الوقت الذي کانت البلاد فيه تحاول الاستقلال فی المجال السياسي... وفی أحضان هذه الثورة قدم "عيسی عبيد" مجموعته القصيصة الأولی "إحسان هانم"، وأهداها إلی، "سعد زُغلول"، زعيم الثورة...» [84] و«تمثل رواية طاهر لاشين، "حواء بلا آدم"، مرحلة أکثر تطوراً من الناحية الفنية إذا قيست بمحاولات تيمور وعيسی عبيد ... ويحاول فی روايته التعبير عن إحساسه بالواقع، مما جعل لروايته محورها الذي تدور حوله... يکشف طاهر لاشين فی حواء بلا آدم عن إحساسه بيأس المثقفين من أبناء الطبقة الوسطی الفقيرة، الذين يحاولون شق طريقهم فی الحياة... ولکن لا تمتعهم تعويضاً عن جهدهم إلا العذاب واليأس.» [85]
«وحاول عيسی عبيد فی روايته "ثريا" ومحمود تيمور فی روايته، "رجب أفندی"، إبراز الشخصية المصرية والتعبير عن الواقع المصري، وتيمور أکثر حماسة فی تصوير البيئة الشعبية وشخصياتها...» [86]

الرواية والترجمة الذاتية

حاول الروائيون إبراز الشخصية المصرية من خلال رواياتهم وهم يبنون العمود الأولی، فی ميدان الرواية الفنية، فی حين، جماعة أُخری تطور الترجمة الذاتية فی ميدان الرواية ويتجهون إلی تحرير الفرد المصري واستقلاله الذاتي و«أشهر أفراد هذه الجماعة ممن ساهموا فی ميدان الرواية، الدکتور "محمد حسين هيکل"، والدکتور "طه حسين"، و"الأستاذ محمود العقاد"، و"الأستاذ المازني"، و"الأستاذ توفيق الحکيم".» [87]

محمد حسين هيکل و روايته "زينب"

«إنّ حياة محمّد حسين هيکل (1888-1956) يمکن أن تلقی ضوءاً کاشفاً علی ظروف نشأة الرواية في مصر، ذلک أنّ هيکل ابن للطبقة البرجوازية الفنية، قريبة العهد فی الظهور فی البيئة المصرية، ومن هنا يقترن ميلاد الرواية بميلاد الطبقه الوسطی ...» [88]
و«في مجال الربط بين الشعور القومي وظهور الرواية العربية ... هو من أوائل من عبّروا تعبيراً واضحاً عن الشخصية المصرية، أی أنّه عبر عن الوجدان القومي لشعب يزيد أن يثبت وجوده وشخصيته وطابعه المستقل ولذلک يری بعض الباحثين أنّ رواية زينب تعد تمهيداً لثورة 1919م، وأنهّا صدرت عن وجدان قومي خالص، يهدف إلی تمجيد مصر والتغني بها...» [89]

«تعد روايه زينب، أول رواية فنية فی تاريخ الأدب العربي، الذی بدأ كتابتها وهو فی باريس، يدرس الاقتصاد السياسي سنة 1910م، وأكملها سنة 1911م، ونشرها سنة 1912 م،... ورواية زينب تصور واقع الريف المصري فی تقاليده القاسية وطبيعته السمحة...فهي تحکي قصة شاب مثقف من أبناء الطبقة المتوسطة اسمه "حامد"، يحب ابنة عم له اسمها "عزيزة"، وتحول التقاليد القاسية فی الريف دون التعبيرعن هذا الحب... ثم أختار أهلها زوجا آخر لها، ويحرم منها حامد نهائياً، ثم يجد حامد، بعض العزاء عند فتاة ريفية من الطبقة الكادحة اسمها زينب ولکن تفضل عليه " إبراهيم" رئيس العمال الذي تعمل تحت إشرافه...ويتم حرمان من زينب ...وفی خلال الرواية نری بأنّ زينب تزوج مع رجل آخر. [90]

في الحقيقة تسعی هذه الرواية أن تبين للقاریء، حالة القرية التي لا تعترف بمشروعية الحب بين الرجل والمرأة وأنّ التقاليد القاسية، ترسم خطوط العيش ولابّد للناس أن يستسلم أمام هذه التقاليد القاسية ومصيرهم القدري.
وإن کان محمّد حسين هيکل فی روايته زينب تأثر إلی حدّ كبير بالأدب الفرنسي حال کونه يشکو لبعده عن الوطن وحنينه له ولقريته... ولکن قد استطاع أن يقدّم رواية فنيّة واقعيّة يبين زاوية من الحياة الريفيّة.
وأخيراً نقول: «نجح هيکل بهذا فی روايتي التعليم والتسلية والتی کانت تدور فيها الأحداث غالباً بمعزل عن الواقع...وقد استطاعت رواية زينب أن يؤخرعن عدد من الأعمال الروائية التي أتت بعدها والتقت معها في موقعها الريادی من ناحية وفي غلبة طابع الاعترافات الذاتية عليها من ناحية أُخری.» [91]

طه حسين و"الأيام"

«نشر "طه حسين" الجزء الأول من أيامه عام 1929م، والجزء الثاني1939م، وأديب عام 1935م، ويلتقي العملان في أنهما يقتربان کثيراً من روايات الترجمة الذاتيه وفي أنهما کذلک حاولا رصد حرکة الوعي الثقافي التي بدأت فی أوائل هذا القرن من خلال تمرد العقليّة الأزهريّة علی جمودها المستسلم، وقد حاول العملان... تقديم صورة تسجيليّة للمجتمع المصري خاصة فی الريف آنذاک فی نشاطاته العامة والخاصة.» [92]
«کتب طه حسين، الأيام وهو يحس بأنّه يعيش حياة بائسة، يسيطر عليها طابع بارز، هو طابع الحرمان، وکان العامل المباشر الذي جعل من الحرمان اللون البارز الذي يلّون حياته يتمثل فی جهل بيئته وفقرها، هذه البيئة التي تعيش حياة غيبية لا تعترف بالعلم الحديث، ولا تستطيع أن تمنح الطفل الحنان الذي يرطب حياته، ولا الطبيب الذي يعالجه ولا التربية الصالحة التي تشفي جراح نفسه ...والتقی فی «باريس» بالسيدة التي منحته بعض العزاء وعوضته عن الحرمان...» [93]

و«لا يمثل کتاب الأيام المحاولة الوحيدة التي ساهم بها الدکتور طه حسين، في ميدان الرواية في فترة ما بين الحربين، فقد قدّم لنا المؤلف في نفس الفترة المحاولة الثانية في کتابه "أديب" ليکون حلقة الاتصال التي تربط بين الأيام فی جزأيها الأول والثاني، وبين الأيام في جزئها الثالث...» [94]
إبراهيم المازني و"إبراهيم الکاتب"

«صدرت هذه الرواية فی يوليو سنة 1931م، أيام حکم "صدقي" المعروف باستبدادة وتسلطه وتعد فترة حکمه من1930-1935م، من أشد الفترات في تاريخنا الحديث، حيث تعکس تکشيفاً لکل آلام العصر التي جاءت نتيجة لاستمرار الاحتلال وفشل الثورة وإلغاء الدستور والاستبداد الداخلي وتذبذب القيم الاجتماعية والأدبية...» [95]

«والرواية تصور قلق بطلها- وهو يمثل الکاتب بلا شک، ولا يخدعنا إصراره علی نفي هذا فی المقدمة _ إزاء نماذج المرأة التي يفرزها المجتمع وعجزه عن، أن يکمل مع إحداهن تجربة حب ترضييه ويرضي عنها... ليس عجز البطل هنا عجزاً عاطفياً فحسب، وإنّما هو عجز شامل عن إحراز أي نصر فی مجتمع اضطربت أوضاعه واهتزت بعض قيمه، ولم يدرک العاطفيون فيه وسيلة الخلاص من أزماته، هکذا تلتقي هذه الرواية مع رواية زينب في أکثر من محور، لعل أهمها هو تجسيد أزمات العصر في أزمة العاطفة...» [96]

محمودالعقاد وروايته "سارة"

«رواية "سارة"، "لعباس محمود عباس العقاد"، 1938م، "إبراهيم الثاني"، "لإبراهيم عبدالقادر المازني"، 1943م، "الرباط المقدس"، "لتوفيق الحکيم" 1944م وتحلل هذه الروايات الثلاثة علاقة الرجل بالمرأة من زوايا المختلفة...» [97]

و«العقاد کغيره من شباب جيله من الأدباء تعرض للقلق والألم والشک وهي السمات التي تجمع بينهم جميعاً ولکن وسيلة للخروج من أزمته الذاتيه تختلف عن الوسيلة التي لجأ إليها کل منهم، وإذا کان المازني قد حاول الخروج من أزمته بالسخرية من نفسه ومن الآخرين، فإن وسيلة العقاد للخروج من هذه الأزمة تتمثل في اعتزازه الشديد بذاته واستعلائه علی الآخرين.» [98]

توفيق الحکيم وروايته «عودة الروح»

«وفي عودة الروح لتوفيق الحکيم نلتقي بأنجح المحاولات التي استغلت الترجمة الذاتية، لتقدم لنا رواية فنية، حققت قدراً کبيراً من النجاح ... يبدو أنّ "توفيق الحکيم" کان الوحيد من بين زملائه الذي تبلورت أزمته الذاتية وقلقه وألمه حول الفن... فهو يصّر فی باريس علی أن يرتدی لباس الفنان، ويتخذ مظهره رمزاً لرغبته المتلهفة وحرصه علی الانتحار إلی هذه الفئة...» [99]
وتوفيق الحکيم أختار تجربة حياته الخاصة ميداناً لروايته،... تمثل "عودة الروح"، و"عصفور من الشرق"، و"يوميات نائب فی الأرياف"، سلسلة الحلقات يستعرض فيها مراحل حياته...» [100]

نجيب محفوظ ودوره فی تطور الرواية الفنية
«يحتل "نجيب محفوظ" مکاناً فريداً فی تاريخ الرواية العربية، وقد لعب فی تطورها دوراً لا أخاله أتيح لکثيرين غيره من کتاب الرواية فی العالم... يقف نجيب محفوظ علی رأس الجيل الثاني من کتاب الرواية فی مصر والجيل الثاني فبدأ ظهوره فی الأربعينات وهم "نجيب محفوظ"، و"إسحار"، و"عادل کامل"، و"يحيی حقّي" و"عبد الحليم عبد الله"، و"يوسف السباعي".» [101]

«حاول نجيب محفوظ في أثناء فترة الصراع الأيديولوجي من أجل تحديد الأصل الحضاري لمصر أن يفعل ما فعله "وولترسکوت"، [102] بالنسبة لتاريخ إنجلترا ومن هنا مضی يعد خطة لکتابة تاريخ مصر فی أربعين رواية ثم انتقل من المرحلة التاريخيّة إلی المرحلة الواقعيّة وهي تشتمل الروايات الواقعيّة التحليليّة والروايات الواقعيّة النقديّة تشمل الروايات، "القاهرة الجديدة 1945م"، "خان الخليلي 1946م"، "زقاق المدق 1947 م"، و"السراب 1948م"، و"بداية ونهاية"1941م .» [103]

الجيل الثالث من رواد الرواية الفنية
«حاولت الرواية عند أمثال "عبد الرّحمن الشّرقاوی"، و"صالح مرسي"، و"يوسف إدريس"، و"عبد الستار خليف"، أن تقدم الواقعيّة التحليليّة من خلال صيغة اجتماعيّة نازعة إلی التعبيرعن الرغبة فی إقامة دعائم بناء اجتماعي جديد.» [104]

«اتجه عبد الرّحمن الشّرقاوی» فی "الأرض 1954 م"، و"الشوارع الخليفة 1958م "، و"الفلاح 1968م"، إلی استخدام المفهوم الواقعي انتقادي واشتراکي فی آن واحد بتقديم بطله الروائي الجديد.» [105]
وأخيراً نصل إلی هذه النتيجة بأن الرواية الفنية حاولت أن تتجه إلی الواقع والأدباء استطاعوا فی هذه الفترة القصيرة أن يبقوا الآثار القيمة في مجال الرواية الفنية في الأدب العربي ويصرخوا بآثارهم عن قوميتهم وعن شخصيتهم المصرية.

المبحث الثالث :

عناصر الرواية

فن القصة تقوم بمعالجة المشاکل المحددة فی الحياة أو جانب من شخصية أو الشخصيات التي تصور الحياة الإنسانية وله مقومات منها:

الحدث [106]

«يرتبط الحدث بالشخصية فی الأعمال القصصية إرتباط العلة بالمعلول وعلی هذا فإنّ الرواية = فعل(حدث) + فاعل(شخصية)، فالحدث إذن شیء هلامي إلی أن تشکله الشخصية بحسب حرکتها نحو مسار محدد يهدف إليه الکاتب ومعنی ذلک أنّ الحدث هو "الفعل القصصي" أو هو الحادثة ”event" التي تشکلها حرکة الشخصيات، لتقدم فی النهاية تجربة إنسانية ذات دلالات معينة.» [107]

الشخصية [108]

«الشخصية هي الکائن الإنساني الذي يتحرک فی سياق الأحداث وقد تکون الشخصية من الحيوان، فيستخدم عندئذٍ کرمز يشف عمّا وراءه من شخصيّة إنسانيّة تهدف من وراءها العبرة والموعظة، کما في، "کليلة ودمنة"، والقصص التعليميّة الأُخری. وقد تکون الشخصية فی القصة رئيسية، وقد تکون ثانوية.» [109]

الشخصيه النامية [110]

«تنمو بنمو الأحداث وتقدم علی مراحل أثناء تطور الرواية وهي في حالة صراع مستمر مع الآخرين، أو في حالة صراع نفسي مع الذات.» [111]

الشخصية المسطحة [112]

«لا تکاد طبيعتها تتغير بداية القصة حتّی النهاية، وانمّا تثبت علی صفحة واحدة تکاد لاتفارقها.» [113]

لغة الحوار والسرد

«الحديث عن السرد والحوار- في حقيقته- حديث عن الوعاء اللغوي، الذي يحتوي کل عناصر القصة، باعتبارها نوعاً من فنون القول، غير أن کتابة القصة "باللغة" أصعب من کتابة القصيدة والمسرحية اللتين تستخدمان أيضاً نسقاً أسلوبياً واحداً...» [114]

السرد

«السرد قول أو خطاب صادر من السارد، يستحضر عالماً خيالياً مکوناً من أشخاص يتحرکون في إطار زماني ومکاني محدد ومادام السرد قولاً فهو لغة ومن ثم فانّه يخضع لما تخضع له اللغة من قوانين وأهداف والهدف الذي تسعی إليه اللغة هو، "التواصل أو التوصيل".» [115]

الحوار

«الحوار جزء من البنية العضوية للرواية له ضرورته وأهميته فهو يدل علی الشخصية ويحرک الحدث ويساعد علی حيوية المواقف ولابّد أن يکون دقيقاً بحيث يکون عاملاً من عوامل الکشف عن أبعاد الشخصية أو التطور بالموقف إلی تجلية النفس الغامضة أو الوصول بالفکرة المراد التعبير عنها والحوار الجيد يکشف عن معاناة شاقة مع الموقف والکلمة ودلالات اللفظ.» [116]

الزمن

«يمثل الزمن عنصراً من العناصر الأساسية التي يقوم عليها فن القص، فإذا کان الأدب يعتبر فناً زمنياً- إذا صنفنا الفنون إلی زمانية ومکانية- فإن القص هو أکثر الأنواع الأدبية التصاقاً بالزمن.» [117]
المکان
«المکان – في الحقيقة- هو البيئة التي يعيش فيها الناس ولا شک أنّ الإنسان «ابن البيئة» وهي التي تعطيه الملامح الجسدية والنفسية فنحن جميعاً بشر... لکن المکان الذي تولد فيه هو الذي يحدد سمائنا الخاصة المتميزه، لذلک يجب أن يهتم الکاتب القصصي بتحديد "المکان" اهتماماً کبيراً... فقصة الحب مثلاً تختلف اختلافاً واضحاً إذا وقعت فی قرية أومدنية أو بادية، کذلک ينبغي أن يعني الکاتب بتصوير مفردات المکان الذي تتحرک فيه الشخصيات...» [118]
https://www.diwanalarab.com/spip.php?article25310









رد مع اقتباس
قديم 2015-03-26, 17:52   رقم المشاركة : 2140
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء الاسلام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم إخواني في الله لديا بحث عن دراسة الرواية و فيه جزئية تتحدث عن القيمة الفنية للرواية فماهي خطوات دراسة الرواية من ناحية القيمة الفنيةو جزاكم الله خيرا
https://issuu.com/.4361/docs/________...ecc55532cedc72









رد مع اقتباس
قديم 2015-03-26, 17:55   رقم المشاركة : 2141
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء الاسلام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم إخواني في الله لديا بحث عن دراسة الرواية و فيه جزئية تتحدث عن القيمة الفنية للرواية فماهي خطوات دراسة الرواية من ناحية القيمة الفنيةو جزاكم الله خيرا
بحث – فن الرواية - مادة – فنون النثر الأدبي الحديث والمعاصر (خولة محمد سليم الوهداني, الدكتور محمد أحمد القضاة)
بسم الله الرحمن الرحيم

الجامعة الأردنية – كلية الآداب
قسم اللغة العربية – ماجستير


بحث – فن الرواية
مادة – فنون النثر الأدبي الحديث والمعاصر


خولة محمد سليم الوهداني
الدكتور محمد أحمد القضاة

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة :- الرواية - هذا العالم الجميل المشاكل والمشاكس للواقع ، هذا العالم الباحث عن فضائل في الواقع يوازيه ولايتمثله بالضرورة ، يوهم به ، ويكسر حواجز الوهم ، يقتنع المتلقي أن ما حدث ، ويحدث في الواقع ، ولكن بطرائق مختلفة وأحيانا جدّ ملتوية ، لأن الراوي لا يكشف كل اوراقه ، بل يعتمد إلى إخفاء بعضها وإبراز بعضها الآخر ، والإيماءة إلى أوراق أخرى في لعبة سردية ، بات المتلقي ينقاد إليها طواعية ليدخلها مشاركا سراد اللعبة ، وحكاية انتاج دلالات النصوص الأدبية والتمتع بآثارها الجمالية التي تصب في مصاب سحر البيان (1) .
والرواية من الفنون النثرية الحديثة والمعاصرة، التي ازدهرت في أدبنا العربي بسبب ازدهار الوسائط الجديدة كالطباعة والصحافة والترجمة والتعليم. ولقد تناولت في بحثي الرواية العربية _ مفهومها ونشأتها وأصولها وأنماطها، كما وقفت على بعض التجارب الروائية.
أجمع الكثير من النقاد على أن الرواية هي نتاج تواصل تاريخي متمازج من حركة الترجمة والمحاكاة والخلق والإبداع. وتعتبر الرواية الفن الأحدث بين انواع القصة والأكثر تطوراً وتغيراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته .
تطورت الرواية العربية خلال القرن العشرين تطوراً ملحوظا واستقطبت اهتمام القراء والنقاد على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم . كما تنوعت أساليب كتابتها واختلفت أشكالها وتعددت أنواعها وتياراتها وصيغ تقديمها .
ما كان للرواية لتحتل هذه المكانة من الاهتمام داخل حقل الإبداع والفني والثقافة العربية المعاصرة بوجه عام لولا الانجازات الهامة التي حققتها على مستويات عدة تشمل القصة والخطاب والنص معا ، وترتبط ارتباطا وثيقا بنبض الإيقاع الداخلي للحياة العربية في ابسط صورها وأعقد تجلياتها فحملت بذلك أحاسيس الانسان العربي وانفعالاته وانشغالاته بقضاياه .
اليومية والمصيرية في مجالات السياسة والاجتماع وبكل ذلك حققت الرواية ارتباطا عميقا بمعاناة الإنسان ومكابداته وتطلعاته . لقد عرفت الرواية العربية

في تاريخنا القصير مقارنة مع الشعر ذي التاريخ الطويل ومع نظيرتها الغربية التي سبقتها الى الظهور ، تطوراً كبيراً سواء على مستوى الموضوعات التي عالجتها أو التقنيات والأساليب التي وظفتها في التعبير . هيأ لها هذا التطور المتحقق في مسيرتها القصيرة موئلا مكنها من ملاحقة تحولات المجتمع العربي الحديث ومن مواكبة صيرورته ، وجعلها بذلك تقدم بما لم تضطلع به أشكال تعبيرية أخرى ، همس الشارع وفوضاه وقلقه العارم ومختلف أحاسيسه وطموحاته لذلك لم يكن من الممكن أن تنفرد الرواية العربية بهذه السمات بالمقارنة مع غيرها من الأشكال التعبيرية ولاسيما في النصف الثاني من القرن العشرين لولا جماليتها التعبيرية وأساليبها الفنية التي ظلت تتطور مع الصيرورة والتقنيات التي استخدمتها في تجديد عوالمها وهي تسعى الى مواكبة تطور المجتمع العربي وتحولاته (2) .
مفهوم الرواية .
1. الرواية- انطباع شخصي مباشر عن الحياة أو هي قصة خيالية نثرية طويلة (1) .
2. مفهوم آخر- في معجم روبار (( هي نتاج تخيل يكون نثراً ذا طول كاف يصور شخصيات معينة تصويراً حركيا ويقدمها على أنها واقعية ويعرفنا بنفسياتها ومصائرها ومغامراتها .
3. في معجم لاروس- نتاج تخيل يكون نثراً ذا طول ما ، يسعى فيه كاتبه إلى شد الاهتمام بمغامرات ذات حظ من الخوارق وبدراسة اخلاق الشخصيات وطباعها وأحاسيسها وأهوائها ، وتكون هذه الشخصيات متخيلة وكأنها من الواقع (3) .
4. الرواية أثر نثري عادي يحتوي على أحداث متخيلة تمثل مغامرات نادرة في الحياة وفيها تحليل لمشاعر إنسانية (4) .
5. الرواية- قصة خيالية لمغامرات متنوعة (5) .

سمات الرواية الحديثة .
أ‌. لها شكل أدبي سردي يحكيه راو -تختلف عن المسرحية التي تحكي قصتها من خلال أفعال وأقوال شخصياتها .
ب‌. أطول من القصة القصيرة وتغطي زمنا أطول وفيها عدد أكثر من الشخصيات .
ج. لغتها نثرية .
د. قوامها الخيال فختلف عن السيرة (6) .
عناصر الرواية:
1. الحكاية- 2. الأشخاص -3. البيئة والزمان والمكان -4. الحوار
الحكاية : أ. الموضوع (الفكرة ) – ب. الأحداث .
أ‌. الموضوع : الرواية وليدة تجربة ، تلف مجموعة من الأحداث مرتبة ترتيبا متسلسلا ينتهي إلى نتيجة طبيعية ، وهذه الأحداث المرتبة ترتيبا تدور في موضوع عام هو التجربة الإنسانية ، وهذه التجربة الإنسانية هي موضوع الرواية ، ويمكن أن نقسم موضوع الرواية إلى نوعين :-
الأول - يتناول دراسة الإنسان في الرواية بوصفه (موضوعا) نموذجيا لطبقة من الطبقات ، ففي كل مجتمع أنواع من الناس ، وفي كل نوع أناس متشابهون فيما بينهم ، يتفقون في مصالحهم ، وأذواقهم ، وعاداتهم كما يتفقون في بواطنهم .
الثاني - يتناول الكشف عمّا يتميز به كل قلب في كل فرد ، وهو واجب القاص اليوم لأن الفرد أكثر تعقيداً في دوافعه وحيويه في اتجاهاته ، حتى ليستعصى تفسير جوانبه ببساطة ويسر .
ب‌. الأحداث: يأتي اختيار الموضوع والشروع ببناء هيكل الرواية حيث يُشيَّد هذا البناء من مجموعة من الأحداث غاية في الرقة ، والترتيب والنسق والحركة والتغير ، وهي من أهم عناصره ، فهي التي توقظ التأثر والانفعال لدي القارئ والمشاهد والسامع ، وتزرع في مشاعرهم حب المتابعة لكي يفهموا نهاية الرواية ، وينبغي أن تكون الأحداث موحده بحيث (7) .

تحتوي على وحدات ثلاث هي أ. وحدة الحوادث أو الأحداث ، وتتمحور حولها جزيئات الحوادث الصغيرة لتكون حدثا أكبر فأكبر لتشكل الفصول ثم هيكل الرواية لترتبط كلها في النهاية بحدث واحد كبير تتفرع منه الأحداث الجزئية ، وهذا الحدث الكبير هو هيكل الرواية يحركه شخص ويحرك فروعه أشخاص يكونون بؤرة السرد الروائي .
ب. وحدة الحياة - وتظهر من خلال حركة الأحداث ولها خيوط تتجمع في نسيج منتظم بحيث يرتبط كل حدث فيه بما يقابله . وما بعده ويتأثر ويؤثر فيه. ج. وحدة العمل الروائي وهي وحدة التأثير في القارئ أو السامع أو المشاهد بصورة منتظمة في كل دقائق الرواية وأجزائها بحيث تثير الرواية وحدة متكاملة التأثير والقوة والبناء .
الحبكة في الرواية :هي تيار الحوادث المتسلسل المترابط برباط يشد الشخصيات التي تعمل على تقويته ، والالتزام به إلى نهاية الرواية وتنقسم الحبكة في الرواية من حيث النسيج في تدرجها نحو الشدة أو الحل لمعرفة النهاية إلى أقسام هي :- 1_ العرض _ وهو بداية الرواية وربما يسرد فيها الراوي المعلومات التي يحتاجها ، واختيار الشخصيات ورسمها ، والتناسق بينها وقد يسرد الراوي بعض الخطوط العامة لبناء روايته من زمان ومكان وظروف اجتماعية وثقافية .
2_ الحدث الصاعد : وهو الانتقال من الرواية إلى عوامل الحركة الخلاف والصراع أو حتى بلوغ الأزمة ، ويقوم الراوي بتطوير الحدث حتى العقدة بتركيز وتأن _3_ الأزمة ( العقدة ) وهي اللحظة التي تصل فيها الحبكة أي نسيج الأحداث ( أي إلى الحدث الرئيسي ) إلى أقصى درجات التكثيف والانفعال ، وهي نقطة التحول في الرواية ، وتعد بداية لتمهيد الحل حيث تصل الأمور إلى ذروة العقدة ، وهي الجزء الذي تصير فيه الأحداث في العقدة الى نقطة الانفجار حيث يظهر المقصود الذي ألفت من أجله الرواية
الشخوص في الرواية: الشخوص في الرواية مدار المعاني الإنسانية ومحور الأفكار والآراء العامة ، معظمهم يكونون من الواقع ولكنهم يختلفون عمن تألفهم ، والكاتب يخلق أشخاصه في خلقهم الواقع مستعينا بالتجارب التي عاناها هو أو أحد أقاربه أو أفراد أسرته أو لحظها .

وهو يعرف كل شيء عنهم ، ولكنه لا يفضي بكل شيء عنهم ، والشخصية هي العنصر الأساسي في الرواية ، وهي المحور التي تجري حوله الأحداث ، ولا بُدّ لهذه الشخصية أن تمتلك القوة والجاذبية والقدرة على تسخير كل ما يدور حولها من المواد والعناصر . والشخصيات في الرواية نوعان :
أ. الشخصيات ذات المستوى الواحد - ب. الشخصيات النامية .
والشخصيات ذات المستوى الواحد هي الشخصيات البسيطة في صراعها غير المعقد , وتمثل صفة أو فكرة واحدة وتظل سائدة من بدء الرواية حتى نهايتها . أما الشخصيات النامية فهي التي تتطور قليلا قليلا بصراعها مع الأحداث أو المجتمع ، وتنكشف للقارئ كلما تقدم في قراءة الرواية وتفاجئه بما تحمله من عواطف إنسانية معقدة .
البيئة والمكان والزمان: بيئة الرواية هي الوعاء أو الواقع الذي تعصر فيه أو في أعماقه أحداث الناس (الشخصيات ) وتنسبح في منواله طبيعة الأحداث وفاعليها ، وقد تكون بيئة الرواية تاريخية ، أو حديثه سواء أكانت اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية . أو من نوع خاص كالبيئة البحرية أو حياة المدن الصناعية أو الأوساط الفنية ....... .
وقد تكون بيئة عامة مثل البيئة العربية أو الاسلامية أو العالمية أو البيئة التاريخية ، وقد تكون بيئة محلية مثل عودة الروح لتوفيق الحكيم التي يصور فيها وعي الشعب العربي المصري وثورة الشعب المصري في زقاق المدق لنجيب محفوظ . صور فيها اثر الحرب العالمية على الشعب المصري (9) .
الزمان والمكان- هما حبكة للنتاج الروائي ورباط ترتبط به الحوادث والشخصيات وفي معظم الأعمال يكون الحدث مرتبطا بزمانه ارتباطا وثيقا لا يمكن فصله عنه ، فروايات نجيب محفوظ في المرحلة الأولى تصور صراعا اجتماعيا ونفسيا في مرحلة محدودة من تاريخ مصر ، فإذا جردناها من عنصري الزمان والمكان فإن حبكاته تفقد أسباب وجودها (10) .

الحوار- الحوار هو تقنية الفعل اللساني أو بمعنى آخر لسان النص الذي يعتمد على الفضاء المعرفي لدي الشخصية ، وهو وسيلة لقراءة وجهات النظر والكشف عن العمق الفكري لذهنية الشخصية ومستواها . والحوار هو وسيلة لإظهار المضمون بصورة غير مباشرة من خلال دلالات شعورية تصحبه وتفهم منه . وفي المشهد الحواري في الرواية نلاحظ انسحاب الراوي وإعطاء المشهد الفرصة في التعبير عن أدق أمور الحياة وتفاصيلها وأحداثها وصعوبتها ، ويمتد المشهد الحواري ليعطي الحلول لهذه المشكلة من الطرف الآخر ، فيأتي الحل لهذه الأزمة بالحوار (11) .
الرواية- النشأة- الأصول- التطور
لقد كان السرد منذ بداية التاريخ الشفوي والمكتوب فن الشعب الذي تختلط فيه الحقيقة بالخيال والواقع بالأسطورة ، والمعرفة بأحلام اليقظة ولقد حفظت لنا الكتب المروية عن العصر الجاهلي كنزاً لا ينضب من الحكايات والقصص والخرافات والأساطير ، مثل كتاب التيجان لوهب بن منبه ، وكتاب أخبار عبيد بن شرية الجرهمي . فأعمال الجاحظ المبثوثة في كتبه المختلفة ، ومقامات بديع الزمان الهمذاني ، والحريري ، والوهراني ، وكتاب ابن المقغع (( كليلة ودمنة )) وألف ليلة وليلة ، وقصص المعراج والسير الشعبية وقصص العذريين والفرسان والصعاليك وعشرات الحكايات والخرافات والأساطير والأخبار والنوادر والطرائف وقصة حي بن يقظان كلها تدل على وجود الرواية في أدبنا العربي . (12)
وللحكاية تاريخ في كل امة ، والعرب من هذه الأمم التي كانت لها حكاياتها

في الجزيرة وخارج الجزيرة وأعطت وأخذت وعرفت التوراة والإنجيل ثم جاء القرآن الكريم وفيه (( أحسن القصص )) وألفت حكايات جديدة في المغازي والتفسير والمواعظ .(13)
ولقد صقل الأدب العربي بقوالب متعددة للتعبير عن القص مثل قال الراوي: ويَحْكى أنَّ وكان ياماكان وما إلى ذلك من المقدمات التي كان يبدأ بها القاص حديثه القصصي بل العرب كأمة اول مَنْ قالت يحكى أن وزعموا ومن النقاد مَنْ يرى أن العرب قد عرفوا هذا الفن وإن اختلف مفهوم القصة الغربية عنه لاختلاف خصائص حياة الغرب عن خصائص العرب وتباين الطبيعة الغربية عن الحياة العربية، لأن الفن إذا مانبع في أمة ظهرت معه مكونات أدبها وتطورها الحضاري، والمقومات الحضارية والجذور الثقافية ومن أشكال القصة عند العرب. القصة والرواية والنبأ والخبر والأسطورة والمقامة .
من تاريخ القصة عند العرب القدماء
1. قصص عنترة من قصص الحرب والبطولة.
2. قصة حي بن يقظان- لابن طفيل- تأثر بها ( ديفو ) مؤلف روبنسون كروزو.
3. كتاب الإنسان والحيوان- لاخوان الصفا وخلان الوفا.
4. كتاب الصدح والباغم- وهو منظومة على أسلوب كليلة ودمنة لابن الهبارنة (504) ه- تأثر به لافونتين.
5. كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع......تأثر به كثيرون.
6. كتاب (فاكهة الخلفاء) لابن عربي ت 901 ه ونحى منحى كليلة ودمنة.
رسالة الغفران للمعري -8-المقامات التي ابتدعها: بديع الزمان الهمذاني ت 398 ه وتبعه الحريري ت 516 ه، ثم الزمخشري ت 538، 114 ارَّخ بعضهم لظهور الفن الروائي على أبعد تقدير عن العرب في الربع الثالث من القرن الماضي مع رفاعة الطهطاوي في ترجمته لرواية فينيلون مغامرات تليمال (1867) ثم تطورت الرواية العربية اذ حمل الرواد اللبنانيون مشاعل الرواية العربية وبذروا بذورها في لبنان ثم حملوها معهم إلى تربة مصر ومضوابها إلى ما وراء البحار في المهجر البعيد.

زرع البذور الأولى في تربة لبنان الكاتب الرائد سليم البستاني سنة 1870م ونُعَدُّ روايته الهيام في جنان الشام أول رواية عربية قلبا وقالبا ومضى يحملها إلى مصر تلميذه سعيد البستاني الذي جعل (ذات الخدر) محوراً لمعماره الفني المتأثر بسليم البستاني سنة 1884م، كما شكل معماره سمير الأمير سنة 1896 على الشاكلة ذاتها، ثم أقبل جرجي زيدان، يوسع في أبعاد الرواية التاريخية التي اختلط لها مجراها.. سليم البستاني والتي مضى فيها في أول الطريق على النهج ذات جميل نخلة، الذي أدار روايته التاريخية (حضارة الاسلام في دار السلام) حول التنقل في البلاد العربية أيام هارون الرشيد، وقد اتجه جرجي زيدان إلى منابع التاريخ الاسلامي حيث مضى إلى قضايا هذا التاريخ أيام الدولة الأموية والعباسية والأيوبية. ثم انطلق إلى مصر الحديثة حتى بلغ ماكتبه من روايات التاريخ القديم احدى وعشرين رواية ابتداء من سنة 1891 حتى سنة وفاته. (15)

ثم ظهر الكاتب الواعي بثقافته الواسعة ذات الأبعاد الفلسفية ثم ظهر الكاتب الواعي بثقافته الاجتماعية المتيقظة وهو فرح انطوان، حيث كان مدرسة قائمة بذاتها ولاسيما بمجلته الجامعة التي صدرت سنة 1899 واستمرت حتى سنة 1909م، وكان صاحب اتجاه ومنهج اجتماعي ترجم رواية الكوخ الهندي ورواية بول فرجيني للفرنسي برنارد بن سان بيير ولقد كان من المعجبين بفرح انطون.. زوج أخته الروائي نقولا حداد ويشكل نقولا حداد وسليم البستاني وجرجي زيدان ثالوثا طويل النفس في الانتاج الروائي لا ينافسهم فيه أحد في هذه المرحلة التي سبقت قيام الحرب العالمية الأولى من حيث غزارة الانتاج. وقد طلع على الناس في أوائل القرن العشرين برواية (اللص الشريف) وكان من أشهر كتاب المسلسلات القصصية التي كانت تعتمد عليها صحيفة مساواة الشعب. (16)

ولعلَّ جهود الدكتور يعقوب صروف في مجال الرواية أن تكون ذات ذلالة كبيرة لأنه تجاوز إطار المرحلة من حيث المستوى الفني، اعتمد في كتاباته على الروايات التاريخية والاجتماعية ومن روايته فتاة مصر سنة 1905م ووايته فتاة اليوم سنة 1908. وليس من شك في أن إنتاج جبران خليل جبران ابن بلدة بشري حين ظهر في أول مجموعة قصصية له (عرائس المروح) في نيويورك سنة (1906) ثم الأرواح المتمردة وبعدها جاءت مجموعته الثالثة العواصف سنة 1910 ثم جاءت روايته (الأجنحة المنكسرة) سنة 1916م. وبذلك تكون هذه الرواية على قمة تجارب في المجاميع القصصية لفتت لجبران كثيراً من الأعين المتطلعة.
ومن بين الروائيين الذين ساهموا في تطور الرواية العربية أمين الريحاني في روايته خارج الحريم التي صدرت في نيويورك سنة 1915. (17)
ومن الذين مضوا إلى مجتمعات غربية عن الوطن العربي، وصدرت عنهم جهود روائية، الدكتور محمد حسين هيكل حين نشر روايته الأولى سنة 1914 وهي زينب. (18)

موضوع زينب يطرح الواقع من خلال قصة حب بطلها حامد، هو ابن لأحد المزارعين الاقطاعيين، وبطلتها (زينب) العاملة في المزرعة. وتشاء الأقدار أن تحب زينب ابراهيم العامل معها في المزرعة، وأن يتردد حامد في حبه بين ابنة عمه عزيزة وبين العاملة زينب، وتشاء الأقدار أن تتزوج زينب من غير حبيبها حسن، وتتزوج عزيزة ابنة عم حامد من أحد رجال المدينة، ويبقى حامد في حيرته ، وتبقى زينب تحن إلى مَنْ تحب حتى تصاب بمرض السل وتهلك بعد الحرب العالمية الأولى سنة 1914، انتقل مشعل القصة إلى أيدي الكتاب المصريين، ورأينا اللهب يتوهج ويلفت الأنظار إليه تجمعت جمهرة من الأدباء والمفكريين كانوا يقدرون الفن القصصي فكانوا يدعون إلى التجديد في مختلف مناحي الثقافية فمنهم احمد ضيف- وحسين هيكل وطه حسين ومنصور فهمي وغيرهم.

ظهر طه حسين ككاتب قادر على استيعاب العوامل السياسية والاجتماعية في ثقافة ذات جذور عميقة بالإضافة إلى حسّٓـه الاجتماعي وادراكه للعوامل العالمية والقوميات والتيارات الإنسانية المتشابكة، ومن نتاجه الأيام- أديب- دعاء الكروان سنة 1941 وشجرة البؤس والقصر المسحور وأحلام شهرزاد، وكان من ثمار هذه المرحلة وزخمها توفيق الحكيم الذي وقف عند الخيوط الدقيقة التي تحيط به (فكتب يوميات نائب في الأرياف) و (عصفور من الشرق) و (عودة الروح) 1933 وتبقى هذه المرحلة قادرة على العطاء، فينظر فيها محمود تيمور في روايته نداء الجهول سنة 1933 وقد اهتم محمود تيمور بالتركيب الاجتماعي والنزاعات الانسانية، ومضى يرسم الشخوص ويصور العواطف ويصغي إلى اعترافات الضعف الانساني حتى كتب روايته (سلوى في مهب الريح).
وتتضح أمام كتاب هذه المرحلة مناهج التحليل النفسي فيحمل لواء هذا الاتجاه ابراهيم المازني فكتب (ابراهيم الكاتب) سنة 1931 وعالها شي سنة 1944 ثم صدرت رواية ثريا سنة 1966 لكاتبها عيسى عبيد، ثم رواية أخرى لطاهر لاشين وهي حواء بلا آدم سنة 1934.
اتبع اميل حبشي الأشقر خطوات كرم ملحم كرم فأنشأ صحيفة سنة 1969م أسماها مجلة الليالي. ثم نتج عن هذه المدرسة في لبنان (رواية النداء البعيد سنة 1939 لكاتبها أحمد المكي الذي يجعل محورها اختلاف الأديان وعلى قمة الانتاج الروائي لهذه المدرسة تقف رواية الرغيف لكاتبها توفيق يوسف عواد وقد صدرت سنة 1939م (20).
نطل على المجتمع السوري وهو لا يزال يتلمس دروبه الأولى ويخطو خطواته المتهيبه في الجهود الروائية فيبرز لنا معروف الأرناؤوط في روايته التاريخية سيد قريش 1929 ورواية عمر بن الخطاب التي صدرت سنة 1936 وفي حدود سنة 1920- 1920. كان الرائد القصصي في العراق محمود أحمد السيد 1903- 1907 في حوالي العشرين من عمره يحاول أن يكتب الرواية الحديثة فأصدر روايته الأولى (في سبيل الزواج) (مصير الضعفاء) والنكبات وجلال خالد.

ولا تذكر نشأة هذا الفن إلا اذا ذكر معها اسم كامل كيلاني الذي شرع يقدم قصصا مقتبسة أو مخرجة اخراجا جديداً بينها مصادر عربية ألف ليلة وليلة وقصص جحا. (21)
مرحلة تأصيل الفن الروائي أو مرحلة نجيب محفوظ- لقد انفتحت الآفاق أمام كُتَّاب هذي المرحلة، وتيسرت لهم الأسباب التي أعانت على التجديد ومسايرة الأفكار العصرية، واستشرفوا الانتاج الروائي، فخصص الزيات صحيفة خاصة لذلك وهي (الرواية) وقد أعدَّ نجيب محفوظ نفسه لهذه المرحلة منذ منطلقها، واتخذ الأسباب المؤاتية ليعيد صياغة الحياة في أدوارها وتطورها وتغيراتها من موقع معاصر يمكنه من وضوح الرؤية ولم يترك نجيب محفوظ حركة من حركات هذا المجتمع إلا رصدها وأدرك أبعادها. وقد استطاع نجيب محفوظ وفريقه، أن يقفوا في وجه شامخ أمام مرحلة طه حسين وتيمور والعقاد وتوفيق الحكيم وأحمد شوقي، واستطاعوا أن يقدموا صورة صادقة لحركة المجتمع المصري في العقود الأخيرة من القرن العشرين يضيفوا بعداً جديداً، وامتداداً فسيحا في مسيرة الجهود الروائية. لقد قيل بشأن نجيب محفوظ الكثير من ذلك ما جاء في العدد الخاص من الهلال الذي خُصصَّ لنجيب محفوظ سنة 1970م.
ونجيب محفوظ كاتب قومي كبير فهو مثل ديكنز الانكليز، وتولستوي للروسي وبلزاك للفرنسي، إنه يمثل هذا الكاتب القومي بالنسبة لنا نحن العرب على أن نجيب محفوظ لم يهمل فنه ولم يعتمد فيه على الموهبة فحسب بل أخذ نفسه بالشدة والجهد، وتابع كل التطورات العالمية التي حدثت في ميدان الرواية

والقصة واستفاد منها، وبذلك:- استطاع أن يكون كاتبا جديداً بالنسبة لثلاثة أجيال أدبية، ظهرت في حياتنا الثقافية منذ عام 1934. (22)
فمرحلة نجيب محفوظ ذات دلالة واضحة وواسعة وعميقة على الجهود الروائية العربية الحديثة.
فبعد أن قام المعمار الفني الروائي في الحياة الأدبية العربية مضت المسيرة في مختلف الاتجاهات، وفي مختلف البلاد العربية، وبدأنا نلتقي بنماذج ناجحة في هذه الجهود في الجزائر محمد ديب وفي السودان الطيب صالح. وفي فلسطين المحتلة أبو سلام وفي فلسطين المنفية سميرة عزام ،، وغسان كفاني، وفي سوريا جنا منيا، وقد تعددت المدارس الروائية وظهرت معالم التطور ومضى النهر الروائي يتدفق في الحياة العربية اصيلا معبراً عن هموم المجتمع العربي المتغير المتطور النامي الماضي إلى أمام، ولم تعد فنون الأدب العربي التقليدية بقادرة على أن تدحر هذا الفن او أن تضطره إلى الانحسار، وهكذا كان الفضل للرواد ومَنْ تبعهم ومَنْ تبع التابعين منهم فيما انتهت إليه الرواية العربية حيث بلغت أرقى صورها، وأصبحت ضرورة فنية من ضرورات العصر الحديث بل أصبحت دلالة على المعاصرة والتقدم. (23)
الرواية في الأردن: لمحة عن مسيرة الرواية الأردنية
لم تستطع الرواية الأردنية في أواخر العشرينات والثلاثينات والأربعينات أن تتعامل مع التشكيل الروائي بصورة فنية، ولم تتحول فيها العلاقات بين الشخوص والأمكنة والأحداث والأزمنة واللغة إلى علاقات جدية لا يمكن فصل أحدها عن الآخر، ولقد كان الزمان فيها بعداً تاريخيا ولم يكن فلسفيا أو قضية تتلاحم مع سائر الأبعاد، وكان فيها المجتمع في علاقاته ساكنة أو مطلقة في وصف غير فني، وكانت السيرة فيها فيها سرداً أدبيا. كان الكتاب يظهرون قدراتهم البلاغية في الانشاء الأدبي دون اهتمام بالتشكيل الفني الروائي كانوا يضعون هذه القدرات في اطار تقليدي.
يزعمون أنه قص الروائي، حتى اذا أشرقت المسيرة على الرواية على أواخر الأربعينات والخمسينات والستينات تقدمت الرواية قليلا في مستوى الاطار الروائي، ولكن أبعادها الزمانية والمكانية والإنسانية واللغوية ظلت قابلة الانفصال، وظلَّ زمان كتابتها أسير الزمان الاجتماعي الساكن أو الزمن التاريخي بتتابع أحداثه وانفعالاته، وظلَّ إنسان الرواية أو كائنها يدور في مدار محدود لا يتجاوز فيه حدوث الحدث الروائي وظلَّ مكانها طرفا جغرافيا لا تقيم العلاقات الجدية بين الأبعاد الثلاثة (الإنسان والزمان واللغه). ظهرت محاولات روائية مثل (فتاة من فلسطين) لعبد الحليم عباس ومارس يحرق معداته لعيسى الناعوري وفتاة النكبة لمريم مشعل والقبلة المحرمة لصبحي المصري.

وجميع هذه الروايات كانت تحاول أن تقيم تشكيلا روائيا مشوقا وبنية روائية وصفية عاطفية انفعالية دون أن تبلغ العلاقات بين أبعاد الرواية حدود العلاقات الجدية بحيث يكون الإنسان قضية الزمان والإنسان واللغة.

حتى اذا زلزلت الارض زلزالها بالعدوان الإسرائيلي شغلت الرواية نفسها بالزلزال، فكان الحدث الأكبر قد ابتلع في بطنه أبعاد الأعمال الروائية وكان التكسير في الشخوص وفي الزمان والمكان وأساليب القص، الروائي هو الطاغي، شُغِلت الرواية بالزلزال، وأصبح الروائي يكلم نفسه فظهرت الرواية (أنت منذ اليوم) لتيسير السبول، ثم (الكابوس) لأمين شنار, (24) عمد الروائيون في الأردن إلى تثقيف أنفسهم وتعلقوا بالقيمة الكبرى التي يتمتع بها كاتب الرواية المثقف، وأخذوا يتجاوزون ذاتهم في المراحل التي مضت وأصبحت لهم رؤية ممتدة، وحرصوا على أن يقيموا واقعا فنيا موازيا للواقع الحياتي. وأصبح الروائي في عقد التسعينات لا يقبل على إبداع روايته إلا بعد أن يمتلئ ثقة برؤيته الفنية التي لا تتشكل تكراراً لما سبق مثل (امرأة الفصول الخمسة) لليلى الأطرش، وجمعة القفاري والذاكرة المستباحة لمؤنس الرزاز وشجرة الفهود لسميحة خريس، ومخلفات الزوابع الأخيرة لجمال الناجي سنة 1988م. (25) ونستطيع أن نقول: ان الانتاج الأردني بدأ بمحاولة تيسير ظبيان (أين حماة الفضيلة). وكذلك دور شكري شعشاعة في روايته ذكريات والبدايات الروائية هذه لا تشكل اللينة التي بنى عليها روائيون أردنيون في فترات لاحقة، والروائيون منفتحون على النتاج الروائي العربي والعالمي معا، وتأتي المحاولات التي تتمثل في فتاة من فلسطين وقصة دير ياسين لعبد الحليم عباس، وفي روايات حسني فريز(مغامرات تايئة) وحُبَّ من الفيحاء وزهرة الزيزفون وجنة الحب كمحاولات أولى.
تعد رواية فتاة من فلسطين لعبد الحليم عباس من الأعمال المبكرة التي تحتفظ بخصائص اصطلاحية عامة تميز فن الرواية، وقد تأثرت الرواية الأردنية بالرومانسية، ويظهر في روايات عيسى الناعوري التي ذكرتها سابقا.

اتجهت الرواية في الأردن نحو الواقعية منذ بدية السبعينات وقد تعددت ملامح هذه الرؤية وتراوح تشكيلها بين التسجيلية و الصورة النقدية والاجتماعية اذ ظهرت على أيدي مجموعة من الروائيين الشباب في السبعينات مثل رشاد أبو شاور ويحى يخلف، وفؤاد القسوس وطاهر العدوان وزياد قاسم ومن أعمال رشاد أبو شاور أيام الحب والموت وهي تصور الحياة الفلسطينية من خلال قرية (ذكرين) وماجاورها من النكبة، وتمثل رواية المتميز لحمد عبد نقطة التقاء بين عدد من العناصر منها فكرة لقاء الشرق بالغرب والافادة من أسلوب السيرة الذاتية.(26)
أنماط الرواية العربية
1. الرواية التقليدية: وصفت الرواية التقليدية بأنها تصميم بعيد انتاج الوعي السائد، فمفهوم التقليدية يأتي وصفا لوقائع فنية محدودة ذات مواصفات معينة في بنائها وأسلوبها وهدفها، فالروايات التقليدية تتمثل بالتعليم والوعظ والارشاد وممثلوا الروايات التقليدية في الوطن العربي كثيرون، وأن الرواية التقليدية هيمنت، على حقل الرواية عقوداً زمنية متعددة ولم تفقد حضورها وهيمنتها إلا بعد أن استنفذت أغراضها وأدت دوراً ايجابيا لا يمكن انكاره على الصعيدين الأدبي والاجتماعي فالروايات


التقليدية مهمة بدلالاتها وان تكن فقيرة في بنائها ومحتواها، وقد أسهمت الروايات التقليدية فيما يلي:

أ‌. إلانة اللغة تخلصت اللغة من قيود السجع والبلاغة الشكلية المطلوبة لذاتها ومالت بها نحو لغة نثرية عادية، ولكنها قادرة على الوصف والتجديد والتحليل والتصوير.
ب‌. خلق قاعدة من القراء أي تأسيس جمهور من قرّاء الروايات يدرك أن الروايات تلبي له حاجه ضرورية، ويمكن اجمال الصفات النوعية للرواية التقليدية بما يلي: تبدو الرواية وسيلة لنقل الأفكار والعبر والعظات لا تصويراً لتجربة متكاملة. فالأفكار يتم استخلاصها بيسر وسهولة ويبدو الاهتمام بالوقائع أو الأحداث أكثر بكثير من الاهتمام بالشخصيات، ومع هذا تبدو الأحداث غير مصقولة فهناك تراكم للأحداث التي يربط فيما بينها بوسائل عدة مثل المصادفات أو القضاء و القدر أو تدخلات السارد المباشر وتبدو هذه الوسائل غير فاعلة بسبب كثرة الاستطرادات والانحرافات السردية والقفزات المتكررة عبر الأزمنة والأمكنة ، وتغدو الشخصيات وسيلة لا غاية فنية وكثيرا ما تتحدث بلغة الكاتب وتنقل افكاره وآراءه وهي لغة تتصف بالتقديرية وتدل على ثقافة الكاتب وسعة اطلاعه.(27)
2. الرواية الحديثة: ظهرت الرواية الحديثة نتيجة لعوامل عديدة يمكن اجمالها بالقول، إنها تظهر تلبية للحاجات الجمالية الاجتماعية المستجدة من دون اغفال لأثر التراث من ناحية والمؤثرات الأجنبية من ناحية ثانية، ويدل ظهورها على مضي المجتمع قدما نحو مزيد من العصرية. والرواية الحديثة تعبر عن وعي فني متطور وتجسيد فعلي لمفاهيم أدبية ونقدية جديدة تتصل بوظيفة الرواية وماهيتها وصلتها بالواقع وعلاقتها بالمتلقي، فهي بنيه أدبية متميزة تتخلق نتيجة

للتفاعلات الأدبية والتفاعلات الموضوعية علاقتها بالواقع والتراث المحلي والعالمي، وعلاقتها بجمهور القراء، فالرواية الحديثة تسعى إلى التعبير عن العلاقات الاجتماعية والإسهام في خلق علاقات جديدة فهي تصور عن وعي جمالي، لذلك فهي لا تتمثل في الوعظ والإرشاد والتعليم بل تتمثل في تجسيد رؤية فنية ومن خلالها تتولد المتعة أو التشويق أو الجاذبية وأهم ما يميز بناءها التصميم الهندسي، والاعتماد على البداية والذروة والنهاية والترابط بين الأحداث والتفاعل بين الحدث والشخصية الذي يؤدي إلى نمو الأحداث وفق مبدأ السببية، كما يؤدي إلى تطور الشخصية وتناميها. وكل هذا يؤدي إلى التوازن في العلاقة بين الحدث والشخصية والزمان والمكان. وهو مايصف البناء بالتماسك والترابط والتدرج الفني وكثيراً ما يستخدم السارد ضمير المتكلم بدلا من ضمير الغائب أو نلحظ تعدداً في الرواة وتنوعا في الضمائر، وبسبب اهتمام الكتاب بالجوهر والباطن فإن لغتها لغة ايحائية تصويرية بعيده تماما عن التقرير.
إنَّ ظهور الروائية العربية الحديثة يستند إلى أسس ومرتكزات أدبية وثقافية واجتماعية وسياسية وحضارية، وكذلك تراك الخيرات الفنية والأدبية، وتطور الوعي الجمالي والتواصل مع التجارب الروائية الأجنبية، كما يمكن للمرء أن يقف عند المد الفكري والنهوض القومي والثقافي والسياسي في الخمسينات والستينات إلى نضج الحركات الوطنية، ونجاح بعض حركات التحرر في العالم إلى تحقيق أهدافها، كل هذه العوامل أدت إلى الاحساس بضرورة التغيير والتغير. (28)
3. الرواية الجديدة- كانت هزيمة عام 1967م هي بمنزلة الحد الفاصل بين مرحلتين في الوطن العربي فمع الهزيمة سقطت قيم كثيرة، فجاءت الهزيمة تعبيراً حاداً وصارخا عن تفسخ الايدولوجيا السائدة، وعن هزيمة الأبنية الحزبية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية فالهزيمة أحدثت خلخلة في هذه الأبنية ومنها القيم الفنية.

كما جعلت الشخصية المحلية تهتز من جذورها. هذه العوامل وغيرها هيأت المناخ الملائم للتمرد على الجمالية الروائية المألوفة وإبداع شكل روائي جديد بعناصره وبنائه وتفاعلاته الذاتية والموضوعية، وفلسفته وقيمة الفنية التي يسعى إلى تجسيدها. أدت إلى مفهوم جديد في الرواية سميت الرواية الجديدة وهي مفارقة للرواية الحديثة مبنى ومعنى فقد أطلق عليها تسميات عدة منها رواية اللارواية والرواية التجريبية والرواية الشيئية ورواية الحساسية والرواية الجديدة الطليعية ويبدو أن تعداد المصطلحات أن الرواية الجديدة لا تندرج في أفق محدد ووحيد لأنها بطبيعتها البنائية وفلسفتها وهدفها تتمرد بحزم ضد هذا التحرير أو التصنيف وفي ظل تفتت القيم واهتزاز الثوابت وتمزق المبادئ والمقولات، وتشتت الذات الجماعية وحيرة الذات الفردية وغموض الزمن الراهن، وتشظي المنطق المألوف تصبح جماليات الرواية الحديثة وأدواتها غير ناجحة أو ناجعة في تفسير الواقع وتحليله، وتصبح الحاجة ماسة إلى فعل ابداعي يدعو إلى قراءة مشكلات العصر قراءة تحليلية. فظهرت الرواية الجديدة، وأصبح الروائي الجديد يتدخل بصورة مباشرة وغير مباشرة بل يعتمد مخاطبة القارئ أو محاورته، كما يتقصد التعليق والشرح ليحطم مبدأ الايهام بالواقعية، وتلاحظ الانحرافات السردية المتكررة المتعمدة فهناك انتقال من حدث إلى حدث، فيتكسر التسلسل الزمني وتتداخل الأزمنة وأحيانا تختفي وكذا المكان، ولا يتصف موضوع الرواية بالوحدة أو التناغم أو التجديد، ولغة الرواية ليست واحدة فهناك مستويات متعددة، والشخصيات مجرد أطياف أو أسماء أو حروف مثل (س و ص) أو ضمائر، ولكن لا يعني هذا أن الرواية الجديدة بلا شكل، بل يعني أن الشكل هنا ليس قالبا جاهزاً يلقة على التجربة فيحتويها بل شيء ينمو من التجربة ويخضع لمتطلباتها.. أن المؤلف يمارس تجربته ولا يعرف هويتها الأخيرة ولا يتطيع ان يتنبأ في النهاية، ومن ثمَّ فإن الصفة الرئيسية لهذا الشكل أنه تجريبي يخلقه كل من المؤلف والقارئ. (29)

أشكال الرواية العربية وتصنيفاتها:
اتخذت الرواية العربية اشكالا وتصنيفات متعددة، مثل الرواية العاطفية أو الغرامية أو الرواية الاجتماعية أو السياسية، أو رواية رمزية أو رواية تاريخية.
فالرواية باعتبارها سرداً، تحتمل في بعض الأحيان مثل هذه التصنيفات فنقول إن الرواية واقعية واجتماعية اذا كانت تتجنب التاريخ المدون وتتناول الواقع من زاوية الحياة اليومية الاجتماعية.
أما بالنسبة للرواية الرمزية فإن الرمزية هنا لها معنيان، فهي قد تكون رمزية من حيث أن المؤلف لا يبث أفكاره ورسائله فيها مباشرة بل عن طريق الرمز، كما يقال مثلا: أن الخزان في رواية غسان الكنفاني رجال في الشمس يرمز لحاضر الفلسطينيين بعد عام 1948 وأن السائق أبا خيزران يرمز للقيادات التقليدية المتخاذلة. والمعنى الثاني هو اعتماد الرواية على شكل رمزي يخالف مبدأ محاكاة الحياة اليومية للناس. وقد عُرف في الأدب الغربي بتعبير (Allegora) الذي عربه بعضهم بكلمة (الغورة) وهو الذي يقوم على ألسنة الطير أو الحيوان كمزرعة الحيوانات (الأوريل) التي تتأثر بها اسحق موسى الحسيني في (مذكرات دجاجة).
ويلجأ بعض كتاب الرواية إلى كتابة سيرتهم الذاتية، أو لكتابة سيرة شخص آخر هو بطل الرواية وراويها الذي يسرد الحكاية ويروي الحوادث من الكتاب الذين اشتهروا بكتابة سيرتهم على هيئة رواية حنامينا في عدد من روايته منها بقايا صور، والمستنقع، والياطر، وقد يلجأ الكاتب إلى كتابة السيرة بأسلوب روائي مثلما نرى في البئر الأولى لجبرا ابراهيم جبرا التي يقص فيها سيرته حتى بلوغه التاسعة من عمره.
وهنال نوع آخر من الرواية يعزف فيها المؤلف عن محاكاة الواقع، متجاوزا القوانين الطبيعية إلى قوانين الفن الخيالي، فقد يجمع في الرواية الواحدة بين شخصيات من بني الناس وأخرى من العوالم الخفية كالمردة أو الجان أو الأساطير أو الطير أو الحيوان. وقد يتخطى بحوادثها قواعد الزمان وإمكانيات الفضاء والمكان. فتكون الحبكة مما لا يتطلب العلائق المنطقية التي يمثلها قانون الاحتمال أو قانون الضرورة. مثل رواية ربيع جابر (كنت أميراً) وراوية سلطان النوم وزرقاء اليمامة لمؤنس الرزاز، وابرز ما في هذا النوع من الرواية

أن القارئ يقبل بما يروى له، ويسرد عليه، باعتباره ضربا من التخييل الذي يتضمن الغريب والعجيب وليس المحاكاة التي تتضمن المثيل أو الشبيه. (30)

الرواية التاريخية: إنَّ الرواية التاريخية تُبنى على التاريخ، وتتشكل فيه، وتضيف عليه، وتختزل منه وتتصرف فيه، ولكنها ليست تاريخا لانصراف كل لون، بما يسَّر له إلى مهامه المتفق عليها أصلا، كما أن الرواية التاريخية ليست اعادة كتابة للتاريخ بل إعادة تدوين الماضي على نحو جمالي لا حيادي يركن إلى نص تاريخي تحسبه غير مكتمل، فالتاريخ دال والماضي مدلول، والتاريخ هو رؤية المؤرخ، أما الماضي فهو ما استرعى انتباه المؤرخ فكتبه تاريخا، وخلب لب الروائي فكتبه رواية بعد أن ثبت وقرَّ في أذهان الناس ثم سارع هذا الأخير إلى استبضاع معاملة أو محاكمته أو تلخيصه أو تصويره أو استحضاره، إنه الاستشراف سواء أكان نحو الأمام أم للخلف ؟ إنَّ الرواية التاريخية هي استثمار للتاريخ.
أن الانصراف إلى القول إن الرواية التاريخية جسد منفصل عن التاريخ قول يجب ألا نقف عنده، فالتفريق أو المقارنة بين التاريخ والرواية التاريخية أمر بات لا يقدم كثيراً في أي قناعة منهجية فاعلة أما كيف تلهج الرواية بالتاريخ ؟ وما موقف الرواية من التاريخ ؟ فهذه تساؤلات باتت في عداد المفقودين، إن الرواية أمست سيدة الألوان والأجناس. (31)
وهذه السيادة لا تنبع من حلولها في نفوس المتلقين فحسب ولا تنبع من تفوقها على الشعر في زماننا، بل ان الرواية لون ما عاد يوقف نهمها لون آخر، ففي مواقف كثيرة سلبت الرواية الشعر أدواته وتسلحت بسلاحه وسرقت متلقيه ورواده على حد سواء، والرواية نهلت من التاريخ نتائجه، وحققت في مسلماته، وأكملت ما سكت عنه

التاريخ، وصححت مازيفه وقد استفادت الرواية من نظريات علم الاجتماع وعلم النفس والانثرويولوجيا، وحللت وقيمت كثيراً من الأحداث والشخصيات كما ان الرواية رسمت للناس مستقبلهم، وقرَّبت البعيد، وأفادت من قفزات الإعلام المتسارعة فأخبرت، واستشرفت وتنبأت وانتقدت وحللت وحاكمت فكل مافي الحياة هو من اهتمامها فالنفس والمجتمع والمشاعر والتاريخ والماضي والحاضر من الحياة، فالرواية فن كتابة الحياة دون ممنوع والتاريخ أرفد الرواية . وغذاها بمادة حكائية لا تنضب.
أن ظهور مسمى الرواية التاريخية دون بروز مسميات أخرى فله ما يبرره اذ أن تأثير الرواية في التاريخ تأثير يتجاوز المضمون إلى الشكل، فالتاريخ يرفد الرواية بالمادة الحكائية التي يملكها التاريخ بل أن خدماتها لا تتجاوز مستوى الأدوات التي يوظفها الروائي في عمله، إنَّ التاريخ يمتلك صلاحيات أعظم لأنه السرد الأكبر والرواية تابعة متمردة عليه، ومن هنا تبرر خصوصية هذه التسمية الرواية التاريخية (32) إن مصطلح الرواية التاريخية مصطلح شكلي قبل أن يعطي دلالته المضمونة البارزة فيه، يسيطر فيه الخطاب الروائي سيطرة احتوائية وينشغل فيه الخطاب التاريخي انشغالا مضمونيا نيصاع فيه إلى تشكل الخطاب الروائي أكثر من ينصاع إلى قانون التاريخ وأصوله.
تُعد الرواية التاريخية سرداً لأحداث تاريخية مثبتة بقصد اعادة

استيعابها وتجديد عرضها، والرواية التاريخية تعتمد فترة زمنية محددة تسلط الضوء عليها، فمن منطلق تاريخي ليس لمادة الرواية التاريخية بداية لا نهاية لأن التاريخ هو زمنها، وكتابة الرواية التاريخية هي تعبير عن مواقف ورؤى للعالم بشكل مختلف لا يمت بصلة إلى الكتابة بطريقة يفهمها القارئ مباشرة. والعودة إلى الماضي لا تنتج دائما رواية تاريخية إنها عودة مشروطة بمحددات ترسم ملامح هذا اللون السردي من الروايات.يصف لوكاتش الرواية التاريخية بأنها تثير الحاضر ويعيشها المعاصرون بوصفها تاريخهم السابق بالذات.
تتناول الرواية الماضي بصورة خيالية يتمتع الروائي بقدرات واسعة يستطيع معها تجاوز حدود التاريخ. لكن يشترط أن لا يستقر هناك لفترة طويلة إلا اذا كان الخيال يمثل جزءاً من البناء الذي يستقر فيه التاريخ. والشخصيات التاريخية نوعان: شخصيات صرفة عاشت حقا وأثبتها التاريخ على نحو معين، والثاني شخصيات تاريخية متخيلة يفترض الروائي أنها كانت موجودة. والنوع الأول يشكل عبئا كبيراً على الروائي. أما الثاني فهو متعة الروائي، وانقاد له من التبعية التي تفرضها شخصيات النوع الأول.
أما عن اللغة التي يوظفها الروائي في الرواية التاريخية فلا يفترض أن تبتعد عن اللغة المعاصرة حتى لو كانت تعالج فترة زمنية ضاربة في القدم. وهذا لن يؤثر على المصداقية الفنية التي يرجوها الروائي. (34)

أنت منذ اليوم- تيسير سبول
تحليل رواية تيسير سبول- أنت منذ اليوم وهي الرواية الوحيدة له ولكنها تمتاز بأنها نموذج للرواية الأردنية المتناسقة فنيا ومضمونيا. وُلِد تيسر سبول في الطفيلة في أسرة متوسطة الحال، تتكون من خمسة اولاد وأربع بنات هو أصغرهم سنا، وكان والده يعمل مزارعا

أسوة بغيره من أُسَر الطفيلة، تميز تيسير السبول بشخصية قوية وبسرعة البديهة والذكاء والاحساس المرهف مما جعله محط أنظار اساتذته واصل دراسته المتوسطة والثانوية في مدينة الزرقاء بتفوق رغم أجواء القلق والحزن جرَّاء سجن اخيه شوكت السبول بسبب آرائه السايسية حصل على منحة دراسية إلى الجامعة الامريكية في بيروت لدراسة الفلسفة لكنه لم يكمل دراسته فيها. درس الحقوق في دمشق والتي ظهر فيها تيسير كشاعر يكتب في المجلات الشهرية في دمشق وبيروت توقف السبول عن الكتابة لفترة وجيزة متأثراً بما يدور حوله من هزائم ونكسات.

وكانت هزيمة حزيران صدمة قوية هزته كثيراً فبكى الهزيمة دون انتظار للعزاء. أقدم على الانتحار بطلق ناري في 15-11-1973م في أعقاب تشرين ولقاء المصريين والاسرائيليين عند خيمة الكيلو (101) اذا كانت الرصاصة التي حطمت رأس تيسير سبول في ظهيرة يوم خميس تشريني عام 1973م، لم توقظ الموتى على حد تعبير زوجته الدكتورة مي اليتيم، فإنها أنهت حياة شاعر وروائي أردني متميز.

الرواية- أنت منذ اليوم- تيسير السبول
مشهدان لقطة عالقان في ذهن (عربي) الأول القطة التي قتلها والده اذ سمع عربي صوت تنفسها مختلط بسائل الدم، وقد انتفضت انتفاضات واسعة وسريعة، واستلقت وجنتها على الأرض، نفض أنفها مزيداً من الدم ثم سكنت، عيناها ظلتا مفتوحتين. تحدث عربي عن مصرع القطة لصديقه صابر. كان صباح اليوم التالي رأس القطة مفصولا عن جسدها ومسلوخا، سرد لصديقه قصة الخناجر الستة والحزام الجلدي العريض الذي يثنيه أبوه عندما يضرب زوجاته به ليكون أشد وقعاً. تساءل عربي ؟ من الذي سلخ جلد القطة ؟ عن رأسها ؟ كان ذنب القطة أنها التهمت قطعة من اللحم كانت الأسرة تتهيأ لتناوله. قال عربي: مّنْ يدرينا لعلها أطعمت أخواتها أو أطفالها.
عندما وقعت الهزيمة. لم يفهم قال: هذه ليست هزيمة بل شيء آخر اذ ذاك تذكر قطة، رآها مدهوسة في عرض الطريق، الدم على أذانها

وجانب من وجهها وهي تتحرك داخل دائرة لا يزيد قطرها عن متر، وعيناها في الوضع نفسه وتظل تدور لم يدرِ ماذا كانت ترى وماذا كانت تريد.

ترتبط صورة القطة المقتولة والقطة المدهوسة في ذهن عربي ارتباطا وثيقا. القطة الأولى تمثل قساوة الفرد نحو الأحياء. والقطة المدهوسة تمثل الأمة العربية بعد الهزيمة. لم تمت القطة وإنما ظلت تدور.

سمع عربي المذيعين نيد دون بصانعي المؤمرات، ذكروا أسماء كثيرة قال عربي: طبعا كلهم فاسدون وسُرَّ اذ وجد المذيع يقول يقول: إنه في مكان ما من العالم قام أناس بذبح حكامهم وأن بعض الجلود سُلِخت سُرَّ عربي بذلك، عاد المذيعون يقولون: ان الذين ذبحوا أعداء الشعب سابقا هم أنفسهم أعداء الشعب، وأن جلود رؤوسهم جديرة بالسلخ.
اعتقد عربي أن هذا أمر سخيف، وقرأبيتا من الشعر لشاعر مشهور من شعراء الحزب يقول: سنصنع من جماجمهم منافض للسجاير. قال عربي: إن التفكير بمنافض من هذا القبيل أسوأ كثيراً من سلخ رأس قطة وأكدَّ لنفسه أنه لا يريد لنفسه منفضة مصنوعة من جمجمة سواء كانت جمجمة شعوبي أو سواه، فهو لا يحب الجماجم عموما.
يتربع الجنرال داخل جمجمة. كان بوسعه أن يحل عقدة عينه، ويمد رجليه ويستريح، يستريح ليس في بيته ولا في مكتبه العسكري، المتحف المرصع برسوم النصر، بل داخل جمجمة وكان بوسع الجنرال أن يعرض على الملأ رباط عينه الأسود، وأن يسخر من العيون السليمة ويقرر بأن الأصل في العيون أن تكون عوراء، ولم يكن هناك صوت يناقشه، تتجمع صور القطة المقتولة والقطة المدهوسة، والجلود المسلوخة والمنافض المصنوعة من الجماجم لتقول شيئا واحداً واضحا: اضطهاد الأحياء، اذلال الزوجات امتهان أجساد الخصوم تؤدي كلها إلى نهاية واحدة: الهزيمة عندما آراد الجنرال المنتصر أن يحتفل بانتصاره ترك بيته ومكتبه العسكري، وقبع داخل جمجمة. الشعب العربي. لم تكن الجمجمة من صنعه بل وجدها، قدمتها له هدية أنظمة تؤمن بالقتل وفصل الرؤوس والسلخ. يستعرض عربي كل صور الظلم وتقفز في ذهنه على الفور صورة شعبية فيقول: ((طاف رجل معظم بلاد العالم ورأى كثيراً من الكوارث إلا أنه لم ير شعبا بأكمله يغرق

في الحزن مثل شعبي)). وبعد رحيل الزعيم، كفَّ خطيب مسجد الجامعة عن مهاجمة الاشتراكيين والملحدين، وكرس خطبه لمهاجمة ملابس النساء ومسائل أخرى تخصصية.

وضع عربي في خياله الإمام على كرسي رئاسة الجمهورية فتقلقلت الصورة وتشوشت.

صعدت عائشة إلى الغرفة العلوية حيث يسكن عربي، كان أبوها يضرب عليّا ويصيح خليني أذبحهَ! قال عربي لعائشة ادخلي يا حلوة أحضرت لك شيكولاته. سألها لماذا ضرب أبوها علي ؟ اتهمته بالتخابث عاد يسألها هل كنت تصعدين لهذه الغرفة ؟ زمَّت شفتيها بغضب فنسي عربي أخاها وزوبعت رائحتها في جمجته، وكان علي يصرخ احتجاجا على ضياع شرف أخته قال علي: وهو يتحدث مع عربي أنا لم أفعل شيئا ؟ لماذا يزعجك شرف اختك إلى هذا الحد ألم تفقد أنت نفسك ماهو أكثر ؟ عليهم يا صديقي أن يؤجروا الغرفة وإلا كيف ستذهب إلى المدرسة يا علي ؟ تصادف أن لأسرتك عائشة وكان لابدَّ أن تصعد إلى الغرفة العليا وهم لم يفعلوا أكثر من كسب بعض الليرات الإضافية أما هي فصاعدة للغرفة في كل الظروف. أليس من حقك الاَّ تشقى لمثل هذه الأمور ؟
فيما بعد يسكن غرفة أخرى من البيت واحد من اللاجئين السياسيين، تغير عائشة موقفها من عربي، وتتجه إلى الساكن الجديد. تبدي الصور المتعاقبة حال المرأة بوضوح فهي مضروبة ومباحة ومستباحة. موضوع مزايدة. هذا الوضع المتدني سببه الفقرفي في المحل الأول، ولكنه سببا رئيسيا فيه هو أن الشرف العام قد استلب ومن ثمَّ لم يعد للشرف الخاص معنى حالة من التحلل الخلقي تشمل الجميع.
شريط ثالث من الصور ترويه (أنت منذ اليوم) وهو خاص بمواقف الناس من الايدولوجية والكفاح. يدعى عربي لحضور حفل للحزب فيقول: أنه يكره أن يذهب لأنه سيرى الشعراء الذين يضربون الأرض بأرجلهم فالاستعمار في الحقيقة ليس تحت أرجلهم. ومع ذلك يتقدم عربي للانتساب إلى الحزب. يذهب وهو في بنطال صغير لا يتناسب مع جلال الموقف. سمع لكلمات الاطراء لشخصه، ولكلمات كبيرة تصل ببنطاله القصير وبين الأمة بأكملها. قال عربي لنفسه: أحب أن أحمل وشم دولة عظيمة

ب.أن تقبل التهاني والعمل بالكراسات الحزبية، صار يضجره، لا معنى لتوزيعها لكل اسبوع- يسقط الاستعمار نعم ولكن كيف لا تذكر الكراسات ... لم يقل لرفاقه ذلك. لم يقل لهم أنه يتعامل مع شخصيات قديمة ميتة. عرف أن هذا سوف يضحكهم واقرَّ بأن أحب الأصدقاء إلى نفسه هم من خارج الحزب. يضجر عربي من الحزب فهو زائف، حين تغلق الاجتماعات الاسبوعية وحين لا يجتمعون حتى مرة في الشهر يقول عربي لنفسه الأمر هكذا أفضل ويقول أديب: أخي الأزمة أزمة ديمقراطية اسرائيل والاستعمار قضية ثانوية- الازمة هنا في الداخل الديمقراطية ويحدث انقلاب فيعلق عربي مَنْ ذبح مَنْ ؟ مَنْ يريد أن يحكم مكان مَنْ ؟ قال الانقلابيون انهم ليسوا ضد الزعيم بل ضد الحاشية المستغلة هلل بعض الطلاب وذم بعضهم بعضا، وأخذوا يهمسون (مسخرة). خدعهم في الشوارع حمل البعض صورة الزعيم وساروا يهتفون: هكذا علمنا الزعيم وغيَّر الانقلابيون رأيهم وقال إن الزعيم ديكتاتور لا يرجى صلاحه ففرح بعض الشعب وابتأس بعضهم وصمت كثيرون. قال المذيع للناس لا تحزنوا ووعدهم بوحدة صحيحة تقوم بين العرب ... لم يصدق البعض فبكى ما استطاع.
مثل عربي أمام مسئولي الحزب هل تنكر مالقي حزبنا من اضطهاد وما بذل من تضحيات في سبيل الهدف الكبير ؟ قال عربي: انه لانيسى سألوه هل تنكر اخطاء الديكتاتور ؟ لم ينكرها فطالبوه بأن يؤيد موقف الحزب قال: لا أدري. لا أظنه سألوه ألا تثق بأهداف الحزب ؟ قال: لا أدري قال لهم: إنه لم يعد قادراً على خدمة الحزب، ولو بقى معهم لكان يخدعهم قالوا: أنت شريف، ولم تخدع طوال تاريخك الحزبي تأمل عربي نفسه أين هو تاريخه الحزبي.
لم يشارك في ضرب الشعوبيين حتى حين كان ضربهم نوعاً من التسلية. لم يقل لهم هذا وإنما تمنى لهم التوفيق وقال: لا يملك إلا أن يتركه.
يَقْبل عربي في الحزب رغم حداثة سنة الظاهر وتُضَخَّم أهميته عمداً ويتجاهل رجال الحزب انعدام ماقدم للحزب من خدمات، ويتحدثون عن تاريخه الحزبي الطويل، ويغضون الطرف عن انعدام حماس عربي للحزب. يقول: للشاب الأصلع المتهوس الذي سكن معه أحد فنادق الدرجة الثالثة

أنه قليل الاهتمام بالسياسية والزعماء جميعا لم يقل له حينما نزل العسكر بخوذاتهم الفولاذية ووجوههم المطلية بالأسود، فيرشقهم الناس بالحجارة ويرشقون هم الناس بالطلقات وتسقط اللافتات ويهرب الناس متفرقين ويتمدد منهم مَنْ سقط في المعركة. والناس كما يظهرهم شريط الصور يفرحون ويحزنون ويختلفون ويمرضون حزنا على ما يجري من أحداث ولكنهم لا يلبثون أن ينسوا هذا كله ويشفى المرضى من أمراضهم. يحاول عربي ان ينتحر، يضع الحبوب في كأس، ويهم أن يشرب فيشعر أنه معدته تتكوم متحجرة في رأس صدره وتتصلب يده تماما.
كانت مذلات التاريخ والأحداث قد مرَّت بعربي الواحدة تلو الأخرى، مرَّت معزولة تافهة، فلم يبكِ عربي، في لحظة واحدة نفضت خياله صور كل مذلات التاريخية. يبكي عربي ولكنه لا يدري ما الذي يبكيه انتحب وسمع صوته المتقطع الأكثر جراحا من أية قطة فها له الأمر. وكان يسأل نفسه شعب نحن أم حشية قش يتدرب عليها هواه الملاكمة. قال: معلم التاريخ لعربي وتلاميذه: إن فترة ما بين القرن الخامس والعشر الميلاديين تسمى عصور الظلمة ومعنى هذا أن هناك عصوراً مضيئة هي مصدر الفخر للإنسان، أي أنه كان هناك نور وانطفأ خمسة قرون ثم عاد واشتعل وهذا مصدر فخر لعربي ليس لعربي وحده، ولكن لشعب بأسره انتدب ليحارب من أجل أن يظل باقيا لذلك الزمن الغريب الذي تصوره عبارة الفترة الممتدة بين القرنين الخامس والعاشر الميلاديين هي المعروفة باسم عصور الظلمة، ينفخ الجنرال صدره رأى عربي عينه فاحتقره، رأى شعبه في الصحراء جنوداً هائمين عطاشى، وراى جنود الجنرال يلوحون بالماء ثم يخفونه ويضحكون، رأى شعبه يسقط باسط يديه على الرمل الحار فأحبه حُبَّا عذبا، لا يفوقه القوة المرة التي أبداها لنفسه ولشعبه خلال الشهور الطويلة المظلمة. إنه الشعب الذي وضعت الأقدار على عاتقها أن يبقى نور العصور المضيئة ساطع


https://arabicnather.blogspot.com/201...g-post_29.html









رد مع اقتباس
قديم 2015-03-26, 17:56   رقم المشاركة : 2142
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء الاسلام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم إخواني في الله لديا بحث عن دراسة الرواية و فيه جزئية تتحدث عن القيمة الفنية للرواية فماهي خطوات دراسة الرواية من ناحية القيمة الفنيةو جزاكم الله خيرا

في نظرية الرواية

بقلم : د. حسين المناصرة
جامعة الملك سعود


(1)
عبد الملك مرتاض وسيد إبراهيم


"أعتقد أن جميع النظريات التي يروجها نقاد الرواية العرب المعاصرون هم عالة فيها على الغرب " عبد الملك مرتاض


ما زالت السرديات بمجملها من أهم الأجناس الأدبية إشغالاً للنقاد المعاصرين، وتعد الرواية سيدة السرديات ،لكونها بنية سردية منفتحة من جهة ،ومستوعبة لأجناس إبداعية كثيرة من جهة أخرى .وإضافة إلى الرواية تشغل القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً حيزين مهمين فيفضاء كتابة النصوص السردية الحديثة . كما لم تخل الساحة النقديةوالإبداعية الجديدة من اهتمامات موجهة إلى حقلي الحكاية الشعبية ،والمقامة ، بأشكالهما القديمة ، وبتوظيفهما في الكتابات السردية الجديدة.وكذلك تعد السيرة الذاتية من أبرز السرديات احتفالاًبالشخصية الخاصة بالمبدعين في سياق السرديات الجديدة الأكثر تطوراً ، إذأصبحت هذه الكتابة السيرية مقصدية كل مبدع أو كاتب تجاوز الخمسين عاماً منعمره ، مما يؤكد أن الكتابة السردية أصبحت هماً يقصده حتى الشعراء ، وربمامن هذه الناحية نفسر رواج الكتابة السردية قياساً إلى كساد سوق الشعر.
مابين الرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً والسيرة الذاتية والنقد السردي.. ستتحرك إشكالية إبراز بعض القضايا التقنية الفنية الجمالية التي يجسدها كتاب السرديات ونقادها، مما يسهم في إثراء الحركة النقدية.
ليسالقصد من وراء عنوان " في نظرية الرواية " الحديث عن نظرية الرواية الفنالأكثر إشكالاً في الثقافة العربية الأدبية النقدية المعاصرة،وإنما هو محاورة لكتابين صدرا أواخرعام 1998 في هذا الموضوع ، وهما : " نظرية الرواية : دراسة لمناهج النقدالأدبي في معالجة فن القصة" للسيد إبراهيم(دار قباء للنشر والتوزيع ،القاهرة ، 1998 )، و" في نظرية الرواية : بحث في تقنيات السرد" لعبد الملكمرتاض (سلسلة كتاب عالم المعرفة ،240الكويت ، 1998).
والكتابان من الناحية المبدئية ، بشكل عام ، تعرّيا منالتفاعل بطريقة أو بأخرى مع المساهمات العربية الحديثة الفاعلة سردياً منذمطلع القرن إلى اليوم بمستوياتها الثلاثة، النص الروائي المنتج عربياً، والتجربة النقدية الروائية العربية، وتجربة الروائيين العرب في حواراتهم وشهاداتهم… وبسبب تغييب الكتابين لهذه المستويات عوّلا في قراءة النظرية الروائية علىالنظرية النقدية الغربية ؛وكأنها بداية نظرية الرواية ونهايتها،مع ميلواضح عند عبد الملك مرتاض إلى محاورة التراث في تأصيله لتقنيات كتابه .
فقد انغمس الكتابان في النقد الغربي على اعتبار أنه مصدر نظرية الرواية ،بل المصدرالوحيد ، بحيث راح عبد الملك مرتاض في مقدمته يسلب الثقافة العربيةالمعاصرة من أية فاعليات في هذا الجانب، ويحيل كل شيء إلى الغرب في مجالنظرية الرواية دون أن يغفل بطريقته النقدية المعروفة المستطردة مايمكن أن يقال في مجال التراث فيما يخص السرديات على سبيل الاستطراد لا أكثر ولا أقل.
فجمهور مظان تساؤلاته( مرتاض) في فضاء نظرية الرواية ، كما يقول، هو المصادر الأجنبية بلغتها الأصلية، مبدياً رفضه لجل المترجمات إلى اللغة العربية لهزاللغتها ، ولضعف صياغاتها الأسلوبية من وجهة نظره.ويعترف أنه قرأ على مضضبعص النصوص الروائية العربية،فوجدها ضعيفة اللغة بشكل عام ، مع إيجاده متعة ولذة في قراءة بعضها.لهذا برر ضرورة بحثه في مجمل نظرية الرواية فيفضاء المصادر الأجنبية، وكأنها المصادر الوحيدة المتاحة بين يديه ، يقولفي المقدمة: " وقد اضطررنا إلى التعويل في كتابة مادة هذا الكتاب علىجمهور من المؤلفين الغربيين مستقين مواد مقالاتنا من تلك الكتاباتالمطروحة في اللغة الفرنسية، تأليفاً فيها أو ترجمة إليها من الأسبانيةوالروسية والألمانية والإنجليزية والإيطالية . وما تراه من نصوص مستشهدبها من تلك المراجع باللغة العربية هو من صميم ترجمتنا الشخصية . ولا نحسبأننا عولنا إلا على ترجمة أو ترجمتين لأننا لم نعثر على النص الأصليفذكرنا ذلك في موطنه ".
كأن كلام عبد الملك مرتاض هنايريد منه أن يشعرنا بأنه المعرب الفاتح للثقافة النقدية في مجال نظريةالرواية في سياق الثقافة العربية ‎، فهو يخوض هذا الغمار ، كما يزعم،بعروبية منفردة ، ليخرج بهذا الكتاب الذي يقدمه "للقراء العرب " بعدتجربة ثقافية في مجاله زادت على عشرين عاماً، لم يستفد فيها، كما يرى ، من الكتابة الروائية العربية المعاصرة نقداً أو إبداعاً إلا منعدة كتب لا تتجاوز العشرة، جاء توظيفها في أنساق هامشية غالباً ، مما يعنيإغفال تام لما كتب في الثقافة النقدية العربية عن نظرية الرواية . وهذابحد ذاته قصور واضح لا مجال لتفنيده ، علما بأن ما كتب في فضاء النقد الروائي العربي يتجاوز المئة كتاب على أقل تقدير ، معظمها في تقنيات الرواية وإشكالياتها الجمالية … فهل هذا التغييب للمصدر العربي الحديثفعل متعمد لإبراز الذات على حساب الآخر ، أم أنه إنكار لما أنجزه الآخرلتكريس الذاتية النرجسية ؟! أم أنه تكرار لما قيل في هذا الفضاء بطريقةغير حيادية وغير علمية ؟! ربما كل ذلك ! وربما لا شيء منه !!
من ناحية أخرى يعد كتاب " نظرية الرواية " للسيد إبراهيم الخالي من الاستطرادات التيوقع فيها مرتاض، ذا فاعلية منهجية أكاديمية أكثر من كتاب مرتاض،رغم إشارةالمؤلف في المقدمة إلى أنه سعى في كتابه ، وهو ثمرة ثماني سنوات ،إلىمحاولة التخلص من النهج الأكاديمي الراطن باللامعنى بعيداًعن النصوص،لكن المتن في الكتاب ، لم يخل حقيقة من لغة التنظير المقتبسة مننصوص الآخر .يضاف إلى ذلك أن الكتاب لم يحفل إطلاقاً بأية تأسيسات للنظريةالنقدية العربية في فضاء الرواية، قديماً أو حديثاً،ويكفي أن تكون مراجعهكلها أجنبية باستثناء مرجعين لنبيلة إبراهيم، كانت وظيفتهما في الكتاب هامشية ...
منالمؤكد ، ألا ينكر أي ناقد عربي كون النقد الغربي هو الأساس في التأسيسللنظرية الروائية وللنظرية النقدية المعاصرة بمجملها في الأجناس الأدبية كافة ، ولكن لا يعني هذا الموقف أن ننكر كثيراً من المنظرين العرب أو كلهم فيهذا المجال ، فنغيّب النظرية النقدية العربية الكلاسية كما جاءت عند عبدالمحسن طه بدر، ومحمد يوسف نجم ، ومحمود حامد شوكت ، ونغيّب أيضاً النظريةالنقدية السردية المؤسسة للنقد السردي الواقعي، أو النفسي، في كتاباتمحمود أمين العالم، وفيصل دراج ، ومحمد برادة ،ونبيل سليمان، وجورج طرابيش..وأن نغيّب الاستفادة من النقد الجديد في كتابات إدواردالخراط، وحميد الحمداني،وفخري صالح ، وسعيد يقطين،وكثير من النقادغيرهم.بل إن حوارات كثير من الروائيين العرب وشهاداتهم وقراءاتهم هي مؤسسةلنظرية نقدية سردية تطبيقية عربية مهمة .
وليس المأخذ الكبير المشير إلى سوء تغييب المرجعية العربية المعاصرة في نظرية الرواية تفقد هذين الكتابين كونهما رائدين على مستوى التسمية في نظرية الرواية في النقد العربي المعاصر ، إذ إنهما كتابان مهمان في معالجة قضايا السرد : " تقنيات السرد " عند عبد الملك مرتاض ، و"مناهج النقد الأدبي في معالجة فن القصة " عند السيد إبراهيم .
وبنظرة سريعة إلى العناوين الرئيسة في الكتابين ، نجد عناوين كتاب " في نظرية الرواية" تنحصرفيتسع مقالات على النحو التالي : الرواية الماهية النشأة والتطور/ أسسالبناء السردي في الرواية الجديدة / الشخصية : الماهية، البناء، الإشكالية/ مستويات اللغة الروائية وأشكالها / الحيز الروائي وأشكاله / أشكال السردومستوياته / علاقة السرد بالزمن / شبكة العلاقات السردية / حدود التداخلبين الوصف والسرد في الرواية .
وهذه العناوين كما يتضح تعالج حركية الرواية ، وبناءها، وشخصياتها،ولغتها، وأمكنتها،وأزمنتها، وطرق عرضها ، والقارئ للثقافة السردية النقدية العربية ، لا يجد غير هذه الأفكار في أي كتاب نقدي مطروح فيفضاء السرد ، والفضل الذي أنجزه مرتاض هو أنه اشتغل بطريقة ذاتية ، وبرؤيةثقافية في هذا الفضاء ، فكانت كتابته ذات لغة نقدية إبداعية مميزة، مليئةبالاستطرادات والأفكار الحاملة لفكرة خاصة ، ووجهة نظر مدعمة ببعض الشواهد.
ومن هذه الناحية يعد كتاب " في نظرية الرواية " لمرتاض، أكثر قرباً للمتلقين من "نظرية الرواية" لسيدإبراهيم ، والأخير أكثر إغراقاً ، إلى حد الاختناق باقتباس النصوص والرؤى،وطرائق التحليل المبثوثة في الكتب النقدية الأجنبية . وقد جاء الكتاب فيثلاثة فصول ، هي: نحو الرواية /بويطيقا الرواية /النص الكلاسيكي الواقعيوالنص الحديث ، وفي كل فصل من هذه الفصول الثلاثة ، عناوين عديدة ، لاتشعر المتلقي بأنها مألوفة في وعيه النقدي ، كما هو حال ألفة عناوين مرتاض.
فنحوالرواية كما يعرفه المؤلف هو الجهد المبذول للكشف عن اللغة الباطنة أوالعميقة المخفية وراء شكل الكلام أو بنيته السطحية ، في حين تتعلقالبويطيقا ببحث التقنيات في العمل الأدبي وتصنيفاتها، وليست المفارقات بينالنصوص الكلاسية والجديدة بعنوان غير أليف ، وفي المحصلةالنهائية فإن المفارقة بين عنواني " في نظرية الرواية " و"نظرية الرواية "تكمن أولاً في حرف " في " إذ كان مرتاض موقناً أن ما يقوله في هذا المجالهو مساهمات جزئية من وجهة نظر منهجية خاصة ، وليست شاملة ، في حين نعتقدأن الكتاب الآخر كان أكثر شمولاً واستيعاباً لكثير من إشكاليات الرواية؛لتعددية المناهج التي استقرأها، هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى فقد تركزتالكتابة عند عبد الملك مرتاض على تقنيات السرد ، في حين أضاف إليها السيدإبراهيم طرق استنباط الدلالات والمعاني العميقة .

(2)
الرواية الجديدة /الشخصية

" الرواية الجديدة تثور على كل القواعد، وتتنكر لكل الأصول ، وترفض كل القيم والجماليات التي كانت سائدة في كتابة الرواية التي أصبحت توصف بالتقليدية " عبد الملك مرتاض

"بحث في تقنيات السرد" هو العنوان التفسيري لكتاب" في نظرية الرواية" لعبد الملك مرتاض ، وتقنيات السرد كما نعرف هيالإشكاليات الفنية والجمالية المتصورة التي تنشأ عليها الكتابة السرديةعموماً ، والرواية سيدة السرد تحديداً ، بما تمتلكه من عجائبية وسحرية ، جعلت عبد الملك مرتاض يبدأ كتابه في السطور الأولى من المقدمة بقوله:" الرواية ؛هذه العجائبية . هذا العالم السحري الجميل ، بلغتها وشخصياتها، وأزمانها وأحيازها ، وأحداثها ، وما يعتور كل ذلك من خصيب الخيال ،وبديع الجمال ، ما شأنها؟ وما تقنياتها ؟ وما مشكلاتها ؟ وكيف نكتبها إذاكتبناها؟ وكيف نبني عناصرها إذا بنيناها ؟ وكيف نقرؤها إذا قرأناها؟ ".حيث يظهر هنا إشكالية نظرية الرواية التي ما زالت تشغل الدارسين علىاعتبار أن عمرها الفعلي في ثقافتنا الإبداعية لا يزيد على قرن تقريباً .
ففي مقالة هذاالكتاب الأولى ( يتكون الكتاب من عشر مقالات)، وهي بعنوان "الرواية :الماهية ، والنشأة والتطور " يشير المؤلف ، كما أشار غيره من النقاد العرب منقبل،معتمدين على نقد الآخر ، وخاصة على نقد باختين ، إلى أن الرواية "تتخذ ..لنفسها ألف وجه ، وترتدي في هيئتها ألف رداء ، وتتشكل أمام القارئ، تحت ألف شكل ، مما يعسر تعريفها تعريفاً جامعاً مانعاً ".لذلك ينشغل مرتاض مثل غيره في التفريق بين الرواية وبين أجناسأدبية أخرى كالملحمة ، والشعر ، والمسرحية؛ ليتوصل من مقارناته هذه إلى أنالرواية خطاب منفرد بذاته ، وفي الوقت نفسه جنس أدبي له ارتباطات وثيقةبعامة الأجناس الأدبية الأخرى ، لتبدو الرواية كأنهاعالم شديد التعقيد ، متناهي التركيب ، متداخل الأصول ،لها علاقة قويةبالتاريخ ، والمجتمع، حاملة في بنيتها رؤية العالم.وهنا تصير الكتابةالنقدية في ماهية الرواية كأنها كتابة إبداعية يتغزل فيها شاعر ما بسطوةحبيبته التي تملك كل الجماليات .
ويتحدثعن أثر المدرسة الأمريكية في تطور الرواية،وعن نوعين مهمين في فضاءالرواية ،وهما رواية التجسس المنتشرة في الغرب، والرواية الحربية أوالوطنية التي تعد أشهر الأنواع الروائية في الأدب العربي ،معتذراً عنمتابعة الحديث عن أنواع الرواية الأخرى، وخاصة روايات الوثائق، والمسلسلة،والغرامية، والجنس، والطفل، والنفسية...
ولا نعتقد أن هذا الفصل ، أو هذه المقالة حملت شيئاً جديداً ، مفارقاً لما جاء في كتابات الموسوي تحديداً، ونبيل سليمان ، وسامي سويدان ، وسعيد يقطين ، وغيرهم، وأبحاث الروائيينالعرب في مؤتمراتهم المختلفة ، أو مفارقة لما جاء في كتاب "الخطابالروائي" لباختين ...وإشارات الكتاب كافية في توثيق كثير من الاقتباساتوالمرجعيات الغربية، وكان يجدر بالمؤلف أن يهتم بكتابات النقاد والساردين العرب المحدثين للتأسيس لنظرية الرواية ، حتى يشعرنا بضرورة أهمية فاعليتنا الثقافية المعاصرة ، لا أن يجعلنا صدى سلبياً للثقافة الغربية ، وهامشية غير مفيدة في ذاتها كما لاحظنا ذلك في مقدمة كتابه.
* * *
في المقالة الثانية" أسس البناء السردي في الرواية الجديدة " ، نعتقد أن هذه المقالة من أهممقالات الكتاب ، لأن المؤلف يقارن فيها بين نمطي الرواية التقليدية التيسادت في كتابات ما قبل الحرب العالمية الثانية ، والرواية الجديدة التيسادت بعد الحرب العالمية الثانية، هذه الحرب التي أوجدت أشكالاً جديدة فيالكتابة والفكر،حيث تغير التفكير الفلسفي بظهور الوجودية ، وتغير التفكيرالنقدي بظهور البنيوية ، وتغير الشكل الروائي بظهور الكتابة الجديدة ...هذه الكتابة " التي تثور على كل القواعد، وتتنكر لكل الأصول ، وترفض كلالقيم والجماليات التي كانت سائدة في كتابة الرواية التيأصبحت توصف بالتقليدية ؛ فإذا لا الشخصية شخصية، ولا الحدث حدث ، ولاالحيز حيز ، ولا الزمان زمان ، ولا أي شيء مما كان متعارفاً في الروايةالتقليدية متآلفا اغتدى مقبولاً في تمثيل الروائيين الجدد" كما يقولمرتاض.بحيث مال كتاب الرواية الجديدة إلى تمزيق الشخصيات واضطهادها وتمزيقالحبكة الروائية ، وتدمير التركيبة الزمكانية...
وبخصوصعوامل نشأة الرواية الجديدة يحدد مرتاض العوامل الأربعة التالية: الحربالعالمية الثانية، والحرب التحريرية الجزائرية ، واستكشاف السلاح الذري،وغزو الفضاء. كما يعرف مصطلح الرواية الجديدة ، ويشير إلى طلائعها وملامحهاعند كتاب كثيرين من غير العرب ، منتهيا إلى تأكيد أن الرواية الجديدة " تشكل مدرسة بامتياز" .
ففي الوقت الذي لا يستخدم فيه المؤلف أية وثيقة روائية عربية معاصرة ، نجده بطريقة تعسفية يجعل من حرب التحرير الجزائرية إحدى أسباب نشوء الرواية الجديدة في فرنسا ، لمجرد صدور بعض الروايات والكتب النقدية الفرنسة مصادفة مع هذه الحرب، واعتماداً بشكل مباشر على مقولة للناقد الفرنسي ريمون جان يشير فيها إلى المصادفة بين الرواية الجديدة وحرب التحرير. أليس في هذا مفارقة؟!
***
إن " الشخصية : الماهية / البناء / الإشكالية " هوعنوان المقالة الثالثة في الكتاب، وفي هذه المقالة يقارن مرتاض أولاً بينمصطلحي الشخصية والشخص ، مفضلاً استخدام مصطلح الشخصية ،ثم يوضح أهميةالشخصية في الروايات التقليدية والجديدة . ويتحدث عن علاقة الشخصيةبالضمائر الثلاثة الغائب والمتكلم والمخاطب. كما يحدد أنواع الشخصيةبمسمياتها المختلفة : المركزية ، والثانوية ، والخالية من الاعتبار ،والمدورة ، والمسطحة، والإيجابية ، والسلبية ، والثابتة والنامية . ويفرد عنواناًفرعياً للمفارقة بين شخصيتي المدورة (النامية ) والمسطحة (الثابتة)،وعنواناً آخر لتوضيح علاقة الشخصية بالمشكلات السردية الأخرى ، وينتهي منهذه إلى القول : " إن الشخصية هي التي تكون واسطة العقد بين جميع المشكلاتالأخرى ، حيث إنها هي التي تصطنع اللغة،وهي التي تبث أو تستقبل الحوار،وهيالتي تصطنع المناجاة ، وهي التي تصف معظم المناظر".
وينتهي من هذه المقالة بالإشارةإلى ثلاث مراحل مرت بها الشخصية في القرون الأخيرة ، وهي : مرحلة التوهجوالعنفوان والازدهار ، حيث أنتجت هذه الشخصية في الروايتين التاريخيةوالاجتماعية ، وكان أهم من احتفل بها في هذه المرحلةبالزاك، وزولا، وفلوبير، وسكوت ، وتولستوي ،وكافكا ، ومحفوظ .ومرحلةالتشكك والاهتزاز التي أعقبت الحرب العالمية الأولى ، حيث الشك بإمكانيةصدق تصوير الشخصية لصور الحياة الاجتماعية المختلفة ،ومثّل هذه الكتابة السردية أندري جيد ، وجيميس جويس ، وفيرجينيا وولف. ومرحلة إنكار وجود الشخصية خارجاللغة ، وتمثيلها لصور الحياة الاجتماعية ، وتميزها على بقية عناصر السردالأخرى،ومثّل هذه المرحلة ألان روب جريي، وناطالي صاروط ، وكلود سيمون ،وميشال بيطور،وصمويل بيكيت.
***
إنماهية الرواية وتطورها ما زالت تشكل دوراً حاسماً في أية كتابة نقديةسردية ، بل إن تعريف الرواية بحد ذاته هو إشكاليتها الفنية الأولى ، ومنتعريفها المنفتح المستعصي المتداخل الأجناس ، يمكن أن نثبت مبدئياً أننظرية الرواية هي نظرية مفتوحة وليست مغلقة ، وأن أية كتابة في هذا الفضاءهي تجميع لرؤى وأفكار مختلفة وتصورات مستنتجة من مجموعة النصوص السردية .
أما بخصوص المفارقة بين الروايتين التقليدية والجديدة ، فإذا كنا نقر بأن التطور في الإبداع في مختلف الأجناس الأدبية والفنية جاء مع الحداثة بعد الحرب العالمية الثانية ، فإننا لا ننكر أن هناك كثيراً من النصوص التراثية تعدجديدة ومتجددة ، وأن مسألة التقليدية والجدة ليست محصورة في الزمن بقدر ماهي مسألة موجودة داخل النصوص ، إذ كل تقليدي هو جديد في زمنه ، ومتجدد فيأزمنة لاحقة ، وهذه مسألة يدركها الجميع ، لكن الرواية الجديدة ، فيالتصور العام،استطاعت أن تكسر رتابة عناصر السرد المختلفة وتسلسلها ، وسعتإلى خلط الأوراق الفنية والجمالية المألوفة بطريقة جديدة بعضها مع بعض؛ لتصبح الكتابة أكثر إشكالية ، وأعمق تأثيراً في خلخلة ذهنية التلقي .
وليسلدينا شك في أن الشخصية السردية لعبت وما زالت تلعب الدور الحاسم فيمقاربة الخطابات السردية ، وأنه لا يمكن قراءة بقية عناصر السرد بعيداً عنحركية الشخصية ورؤاها ، دون إغفال كون كل عناصر السرد الأخرى مهمة بدرجاتمتفاوتة ، وأن الكتابة عن أي عنصر فني في السرد ، سواء في فضاءات الشخصية، أو الزمان ، أو المكان ، أو الحدث ، أو الآلية اللغوية ، أو الجمالية...يمكن أن ينتج صفحات كثيرة ، وكل هذا بسبب كون لغة الرواية لغة ممتدةومتشابكة ، ولو وزعنا لغة رواية من ثلاث مئة صفحة على سبيل المثال على ستةعناصر سردية ، لأخذ أي عنصر خمسين صفحة بطريقة التساوي ، إضافة إلى أن أي عنصر فني لا يشتغل وحده مطلقاً ، وإنما يشتغل بطريقة التشابك الحميمي مع بقية العناصر الفنية الأخرى في الرواية .

(3)
اللغة السردية

"أمرالكتابة قائم على العمل البارع باللغة والنسج بألفاظها،في دائرةنظامها،وليس هذا النسج الرفيع الكريم إلا في مقدور الفنانين المتألقين،والكتاب البارعين المتأنقين"عبد الملك مرتاض .

لمتكن مشكلة ازدواجية اللغة العربية تواجه اللغة الشعرية في تاريخها الطويلمثلما واجهت السرديات، إذ كانت اللغة الشعرية أحادية شبه متوحدة ثقافياً،لأنها مستلة من لغة الثقافة الرسمية العليا المعبرة عن تمترس الشعراء فيسياق اللغة الفصيحة العليا نسبياً،طبعاً نستثني من هذا التصور لغة الشعرالشعبي المكتوب باللهجات المحكية الدارجة،والذي لم تحفظ منه ثقافتنااللغوية التراثية إلا الشيء القليل الشائع في السير والملاحم الشعبية.
وإذاكانت اللغة الشعرية تعتز دوماً بأنها لغة ممتلئة بمفردات المعاجم والثقافةاللغوية العليا،فإن اللغة السردية لم تحتفل بهذا السياق،لا في ماضيها،ولافي حاضرها.فهي كانت وما زالت تراعي ضرورة التواصل مع جمهورالمتلقين بمختلف مستوياتهم،كما تحرص على التشبع بالتراكيب الشعبية العاديةالمألوفة في سياق الفصيح أو غير الفصيح ...
وما دمنا نعترف بأن اللغة العربية التي نتعايش معها هي عدة مستويات ، أبرزها من الناحية الآليةاللغة المعجزة، واللغة الفصيحة العليا ، واللغة الفصيحة الثقافية ، واللغةالوسطى الصحفية ، واللغة الدارجة .. ومن الناحية الاجتماعية والثقافيةمتعددة بتعدد الأشخاص ..فإن هذا التصور لتعددية المستويات يجعلالكتابة السردية ، وهي التي تتفاعل مع شخصيات اجتماعية مختلفة ، ذاتمستويات لغوية متعددة، بأصوات متداخلة ومتجاورة في السرد، ومن ثمّ لا يمكن أن تصنف اللغة السردية نفسها في سياق اللغة الشعرية الأحادية ، لأنها في نهاية الأمر لغة سردية متعددة بتعدد الأصوات ، و متنوعة بتنوع التراكيب الثقافية المنتجة في تصور الكاتب عن الشخصيات .
ولعلالإشكالية الرئيسة التي تبرز في لغة السرد هي إشكالية ازدواجية اللغةالفصيحة والعامية ، فهناك من يتشبث برفض دخول العامية إلى لغة الإبداع ،طالباً من الكتاب أن يراعوا في سردياتهم لغة الحال لا لغة اللسان ..ويقابل ذلك وجود فئة أخرى ، وخاصة من الكتاب السرديين أنفسهم الذين يرونضرورة كتابة السرد أحياناً بلغة اللسان التي تنطق بها الشخصيات، وهي غالباً لهجات دارجة.
وإجمالاً كانت هاتان الرؤيتان أهم ما أنتج في النقد السردي في جانبه اللغوي، وكان الميل العام إلى أن تكون اللغة العربية الفصيحة الوسطى الصحفية التعليمية المبسطة هي لغة الكتابة السردية ، فتكون بذلك حافظت هذه اللغة على آلية الفصيحة من جهة ، وحافظت على حميمية العلاقة مع جمهور المتلقين من جهة ثانية . ولا مانع في كل الأحوال سردياًأن تكون اللغة العربية الفصيحة متعددة المستويات إذا كانت الغاية هي الحرصعلى الكتابة بلغة فصيحة مبسطة ، في سبيل التقليل من استخدام العامية الدارجة في لغة السرد .
وإجمالاً،فإن التراكيب الفصيحة هي التي تعتمد على سلامة التركيب النحوي ، وسلامةالاشتقاق اللغوي،وسلامة نطق الحركات... في حين تتحول الفصيحة إلى دارجةعامية عندما تكسر واحدة من هذه السلامات الثلاث أو غيرها.فإذا قلنا (سافرالرجلين) أو (دعيتهم إلى الندوة )، أو (كِيْفْ حالك ) نكون في سياقالعامية ، وأن الأمر يحتاج إلى تحويرات بسيطة للغاية لنصبح في سياقالفصيحة، وهو سياق (سافر الرجلان)،و(دعوتهم إلى الندوة)، و(كَيْفَحالك)... ومن ثمّ ليس البون شاسعاً كما يظن البعض بين الفصيحة والدارجة فيازدواجية لغتنا .
ولوتوقفنا عند مجمل النصوص السردية العربية لوجدناها تستخدم اللغة العربيةالفصيحة في مستوى اللغة الوسطى الصحفية المبسطة التي لا تخلو من أخطاء فيالمفردات والتراكيب على طريقة خطأ شائع أفضل من صواب مهمل . وكأن الكتابةباللغة العربية الوسطى الفصيحة نسبياً هي الأفضل لأي قارئ عربي من أية لغةدارجة ، لأن اللغة الدارجة عندما تكتب تحديداً تختلف صورتها، فتصبح أكثر تعقيداً بدرجات من اللغة الفصيحة التي تعود عليها القارئالعربي في المدرسة وفي الكتاب، لذلك لم يفضل جل الكتاب العرب الكتابةباللهجات الدارجة ، وهذا الموقف بحد ذاته ميزة ثقافية .
* * *
يكتبعبد الملك مرتاض في كتابه " في نظرية الرواية مقالة أو فصلاً بعنوان "مستويات اللغة السردية وأشكالها " ويتحدث في سياق هذا العنوان عن خمسمفردات هي " اللغة والمعرفة والحياة "و" اللغة والفلسفة والسيمائية " و"لغة الكتابة الروائية ومستوياتها" و"اللغة الإبداعية بين الوسيلة والغائية" و" أشكال اللغة الروائية : لغة النسج السردي ، واللغة الحوارية، ولغةالمناجاة ".
والغريبأن يعد المؤلف هذا الفصل كأنه الفريد من نوعه ، والأول من جنسه،فيالثقافتين العربية،والغربية،وكأنه تناسى أن المعركة حول اللغة أصبحت منالأشياء المستهلكة في السرديات منذ منتصف القرن العشرين .ورغم ذلك فإنه لم يقدم أكثر مما قيل في هذا المجال،باستثناء سلبية الصوت الخطابي المرتفع الذي يطالب به أن تكون اللغة السردية مشابهة للغة الشعرية على نحو قوله التالي الممتلئ بالمترادفات والألفاظ المعجمية المهملة :"وإذالم تكن لغة الرواية شعرية،أنيقة،رشيقة،عبقة،مغردة،مختالة ، مترهيئة ،متزينة ، متغجرة،لا يمكن إلا أن تكون لغة شاحبة،ذابلة،عليلة،كليلة،حسيرة،خلقة،بالية،فانية،ورب ما شعثاء غبراء ".أو في قوله: "إنا نطالببتبني لغة شعرية في الرواية ، ولكن ليست كالشعر ، ولغة عالية المستوى ولكنليست بالمقدار الذي تصبح فيه تقعرا وتفيهقا ".
وكلامهعن اللغة لا يخلو من القيمة المباشرة في توصيف لغة السرديات ، إذ يمكن عدّالصفحات الثماني الأخيرة، الخاصة بأشكال اللغة الروائية ، مجدية ، وهي تشير إشارات عابرة إلى فضاءات النسيج السردي ، والحوارية ، والمناجاة، وكان من الأجدر أن يكون الفصل كله متعلقاً بهذه الفضاءات الثلاثة تنظيراً وتطبيقاً ، بدلاً من أن يكون هجوماًغير مبرر على الروائيين وعلى لغتهم دون مبرر، على نحو قوله " فقد عهدنا منكتاب الرواية ... لا يتقنون أدوات الكتابة ، فتراهم يكابدون من أجل نسجكتابات ضعيفة على مستويات النحو واللغة والأسلبة جميعاً". ومع هذا القول الخطِر لم يفرخ المؤلف في هذا الفصل كتابات كل هؤلاء الكتاب الضمنيين السلبيين من وجهة نظره، فيشرحهم في جسد لغته النقدية المصرة على أن تكون فضفاضة، باستثناء إشارته إلى إحسان عبد القدوس ، ويوسف السباعي كساردين سلبيين في اتجاههما إلى العامية المصرية.
وفي الوقت الذي يقتبس فيه المؤلف من النقد الغربي مقولةأن تكون الرواية مركبة من عدد ضخم من التراكيب والصياغات ، ويؤمن بضرورةأن تكون المستويات اللغوية متعددة في الرواية ، نجده لا يجد في الروايةالعربية المعاصر المستويات التي ينصّ عليها النقد الغربي ، أو ما يجده في"ألف ليلة وليلة" التي يصورها على أنها "عسل الشهد، مزج بالزبد الطري ..ذوقان في ذوق واحد ، أو قل: أذواق تشكل ذوقاً واحداً " ، وكأن الروايةالعربية مقفرة بلهاء.
ثم تغدو نظرية المطالبة لديه نظرية رومانسية براجماتيةونقدية طوباوية لا تعترف بواقع الكتابة العربية المغيبة، في قوله التالي:" إن المسألة اللغوية في السردانية تحتاج إلى براعة المزج ، كالعصيرالممزوج من جملة من الفواكه مزجاً مدروساً يراعى فيه رقة الذوق .. نشربعصائر في عصير ، ونتلذذ بذلك تلذذاً .. أما الطريقة التي طبقها كثير منالروائيين العرب المعاصرين في مسألة المستويات اللغوية ، فإنها تشبه خلطالخل بالعسل ، والملح بالسكر ، والزيت بالماء ، وكل شيء بما لا ينسجم معصنوه "، وفي هذا القول من التعسف شيء كثير ، لا يحتاج إلى إغراء بالهدم .
إنالكلام السابق هو طوباوية الرواية ، وربما تصلح "روايات عبير " أن تكونعصائر كوكتيل مناسبة ..لذلك تصبح اللغة النقدية هنا لغة مجانية أكثر منهالغة علمية، ولعل شتم أرضية الرواية العربية بهذا الشكل هو إساءة إلىالثقافة السردية العربية، وإساءة إلى المثقفين العرب،ونرجسية الذات المستعلية المتشبثة بتقديس التراث والآخر الغربي...!! وربمانزعم أن الفقر الثقافي المطلع على النصوص السردية العربية المهمة هو الذيينتج هذه الشعارات المعيارية المشوهة.
وهكذايغدو عبد الملك مرتاض في تنظيره للغة السردية مطالباً بأن تكون الروايةقصيدة شعر ، وبكل تأكيد يريدها أن تكون قصيدة عمودية مثل قصائد أبي فراسالحمداني، أو عمر بن أبي ربيعة !لتصبح اللغة المطلوبة لغة شعرية مئةبالمئة ، لأنه يريد " اللغة وجمالها ، واللغة وأسرها ، واللغة وسحرها ،واللغة وتجليات تشكيلها ، وفعلها وتفاعلها ، ومثولها لوحات لوحات أمامكوأنت تقرأ ، وكأنك تشم عطراً بين الحروف ، بل كأنك ترف رضاباً بين الألفاظ، بل كأنك ترشف شهداً بين الجمل". وفي رأيي أن أي كاتب يصرف وقته في إنتاجهذه "المرأة " اللغوية ، سيكون بيجماليون ينحت تمثالاً لفتاة ساحرة الجمال، وما أن تدب في التمثال الحياة حتى يصبح التمثال موبوءاً ، على الأقل من وجهة نظر توفيق الحكيم في مسرحيته المشهورة عن بيجماليون.
أليست أفكار مرتاض طوباوية مثالية ؟ ثم ألا يعد في هذا الجانب واحداً من النقاد الذين يريدون الرواية أن تكون قصيدة ، ولو طارت ..على طريقة " عنزة ولو طارت " ؟!
إنهلا مجال لجعل اللغة السردية لغة شعرية ، وإن كانت الشعرية ميزة في أية لغةإبداعية ، بل إن تعددية اللغة السردية وتنوع مستوياتها تكسب العمل السرديانفتاحاً على الأصوات الحياتية كافة ، مما يجعل من الرواية صياغة جماليةللواقع مهما حاولت أن تغرق نفسها في التخييل أو الوهم أو أي فضاء آخر غيرالواقع الذي أنتجت فيه ولأجله.









رد مع اقتباس
قديم 2015-03-26, 17:58   رقم المشاركة : 2143
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء الاسلام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم إخواني في الله لديا بحث عن دراسة الرواية و فيه جزئية تتحدث عن القيمة الفنية للرواية فماهي خطوات دراسة الرواية من ناحية القيمة الفنيةو جزاكم الله خيرا
الرواية العربية الحديثة؛ نشأتها وتطورها
١٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠بقلم سوسن باقري
تكبير النصتصغير النصنص فقط
- مستخرج من رسالة ماجستير بإشراف الدکتور سيد إبراهيم آرمن أستاذ مساعد بجامعة آزاد
الإسلامية في کرج.

الملخص: إنّ هذا المقال یحمل عنوان «الرواية العربية الحديثة نشأتها وتطورها» يحاول أن يتعرف المراحل المتعددة التي مرت بها الرواية العربية الحديثة حتی وصلت إلی الواقعية أولی الإتجاهات الروائية المعاصرة في الأدب العربية.و يتناول ثلاثة المباحث، المبحث الأول: الرواية : نشأتها وتطورها في البلاد العربية و المبحث الثاني يتحدث فيه عن أنواع القصة في الأدب العربي و يشتمل المبحث الثالث عناصرالرواية.
الباحثة: سوسن باقري طالبة بجامعة آزاد الإسلامية في کرج في فرع اللغة العربية وآدابها الكلمات الدليلية : الرواية، نشأة الرواية، القصة، القصة الفنية،عناصر الرواية
التمهيد

الرواية تشکيل للحياة ويعتمد هذا التشکيل علی حدث الناس فی خلال شخصيات متفاعلة مع الأحداث والوسط الذی تدور فيه هذه الأحداث وتصل فی النهاية إلی نتيجة اجتماعيّة أو سياسيّة أو فلسفيّة و ...
حاجة الإنسان إلی رواية الأحداث التي تقع له ودفع الآخرين إلی مشاركتها وانتقال تجاربه وأحاسيسه بالآخرين تعد من الحاجات الفطرية للإنسان وهو ينتقل هذه الحاجة إلی عالم الخارج بطرق مختلفة، وكان أكملها رواية الأحداث عن طريق اللغة.رواية الأحداث في بداية الأمر ظهرت بألاشکال القصيصة المحددة فی الأحداث والشمول والتصوير وفي الموضوعات الخياليّة والوهميّة ثم برزت بشکل القصة الطويلة بصفة غيرالمحددة فی الشمول والأحداث وکانت موضوعاتها غيرالواقعية علی أساس أمور الغيبيّة والوهميّة لإرضاء قرائها ثم تميل إلی الحديث عن الوقايع الحياة للعلاج الواقع الإنساني والنفسي والاجتماعي.

إنّ رواية العربية المعاصرة متاثرة عن الروايات الغربية بنحو الکبير فی الحقيقة تاثر الأدباء العرب بعد إتصالهم بأوروبا عن القصص الغربي وکان رائدهم هو، «رفاعة الطهطاوي» الذی صدر روايته باسم «تلخيص الإبريز» وبعده فرح أنطون و«المويلحي» و«حافظ إبراهيم» و... الذين کانوا الأولين فی کتابة هذا الفن.
والجيل الثاني الذين ظهروا فی مجال کتابة الرواية فی البلاد العربية خاصة فی مصر، عبارة عن «طه حسين» و «جرجی زيدان» و«محمود تيمور» و«توفيق الحکيم» و«محمد حسين هيکل» و«نجيب محفوظ»... وبعدهم عبدالرّحمن الشّرقاوي وصالح مرسي و...من الجيل الثالث ومن کبار الروائيين المعاصرين فی العالم العربي الذين قد سعوا في تطور الرواية العربية حتی وصلت إلی قمتها في العصر المعاصر.

المبحث الأول:

الرواية : نشأتها وتطورها في البلاد العربية

تمهيد: الأدب
استعمل العرب لفظ الأدب للدلالة علی معان مختلفة «فقد دلّت في عهد الجاهليّة علی الدّعاء إلی المأدبة، کما دلّت في الجاهلية والإسلام علی الخلق النبل الکريم ... ثم أطلقت علی تهذيب النفس وفي القرن التاسع وما بعده استعملت للدلالة علی جملة العلوم والفنون ... ولمّا کان القرن الثاني عشر استعملت في الشعر والنثر...» [1]

الجاهلية:

«ذهب العلماء والمؤرخون مذاهب مختلفة في سبب إطلاق القران اسم «الجاهليّة» علی أحوال العرب قبل الإسلام، فقد قيل أنّها سميت کذلک لتفشّي الوثينة والجهل في العرب وقد قيل به لانتشار العداوت وسفک الدم.» [2]ولكن ارتباط العرب بالقبائل المختلفة بسبب التجارة والحروب وتعامله باليهوديّة والنصرانيّة ومعرفة تعاليم التوراة والمصطلحات الدينيّة- کما جاء في کتب التاريخ والأدب- ينفي اتهام الجهل بمعني عدم الفهم.ولم يبق من الأدب في العصر الجاهلي شيئاً کثيراً، «ضاع أکثر الشعر والنثر الجاهليين حتی قال أبوعمروبن العلاء (770م) ما انتهی إليکم مما قالته العرب إلا أقلّه ولوجاءکم وافراً لجاءکم علم وشعر کثير.» [3]

النثر وبدايته في الأدب العربي

«قد ذهب مؤرخو الأدب في تحديد تاريخ ظهور النثر الفني ... وقال بعضهم إنّه ظهر قبل القرآن بقليل وصاحب ظهور القرآن ثم نما وازدهر أن اُقرّه عبد الحميد الکاتب وابن المقفّع وقال البعض الآخر إنّ النثر الفنّي لم يعرف عند العرب إلا مع عبد الحميد وابن المقفّع ...» [4]ينقسم النثر إلی نوعين، النثر الإيجازي والنثر التفصيلي وينقسم النثر الإيجازي إلی أنواع.

أ- الخطابة

«هذا اللون من ألوان النثر، فقد کان من أهم وسائل تنمية الوعي وإنضاجه، کما کان من أهم وسائل التعبير عن الدعوات الإصلاحيّة والسياسة والاجتماع.» [5]

ب- التوقيعات

«التوقيعات عبارات موجزة کان يکتبها الخليفه أو الموالي أوعمالّها في أسفل الشکاوى والمظالم، أوالمطالب والحاجات ... وکانت هذه التوقيعات عناية في البلاغة والإيجاز.» [6]

ج- الرسائل

«أخذت الکتابة تنتشر شيئاً فشياً بعد ظهور الإسلام، لامتداد سلطان العرب وحاجة الخلفاء والولاة ورؤساء الأحزاب إلی الاتصال يهتمهم أمرهم، فإنّ أکثر مصالح الدولة واختلاف الآراء في هذه المصالح وظهور التنافس بين الأحزاب دعت إلی الاهتمام بالکتابة ... وتعدّدت الرسائل الدينيّة والسياسيّة.» [7]

النثر التفصيلي في عهد الراشدي حتّی عهد العباسي

«حينما امتزج سلطان العرب بغيرهم من الشعوب المختلفة، تحوّل وتوّسع النثر الإيجازي وتبّدل بالنثر التفصيلي وتعدّدت فنون الکتابة کالمقالات والمناظرات والقصص والحكايات...» [8]

القصة وانواعها في الأدب الجاهلي

القصة لغة واصطلاحا:

«قص أثره: يقصه قصا وقصيصاً ... کما جاء في اللسان والصحاح وفي التهذيب: القص اتباع الأثر ويقال خرج فلان في إثر فلان وقصا وذلک إذا اقتص إثره...» [9]
القصة هي «الفن الذي نعرفه اليوم بهذا الاسم بين الأجناس الأدبية قد أطلقها العرب علی عدّة الأشياء وأطلقوا أسماء هذه الأشياء عليها وهي الحديث والخبر والسمر والخرافة ...» [10] و«تضمنت قصص الجاهليّة قصصاً فنية وأسطوريّة وواقعيّة، تصور معارک العرب وحروبهم وأساطيرهم وتروي أخبارهم وسير ملوکهم وتنتقل عن الأمم المجاورة لهم وعن الشعوب التي اتصلوا بها ... وامتزج کل هذا بالقصص العربية ...» [11]

أ- أيام العرب

«هي تدور حول الوقائع الحربيّة التي وقعت في الجاهليّة بين القبائل، کيوم داحس والغبراء ويوم الفجار والکلاب وبين العرب والأمم الأخری کيوم ذي قار ... وکانت هذه القصص موضوع العرب في سمرهم في جاهليّتهم وفي إسلامهم.» [12]

ب- أحاديث الهوى

«وهناک نوع من قصص العرب أخذوه من الأمم الأخری وصاغوه في قالب يتفق ذوقهم....». [13].ثم «نما الفن القصصي العربي مع الفتح الإسلامي وتقدم مع اتصال العرب بالشعوب الأخری وتحركهم عبر البحار والمحيطات والقارات، وامتزج الثقافة العربية بالثقافات الأجنبيّة والمعارف الواقعيّة والعلميّة التي اکتسبها العرب في رحلاتهم التجارية والحربية والثقافيّة والدينيّة.» [14]
القصة الفنية في الأدب العربي قبل العصر الحديث
«لم يکن القصة قبل العصر الحديث شأن يذکر، بل کان لها مفهوم خاص، لم ينهض بها، ولم يجعلها ذات رسالة اجتماعيّة وإنسانيّة ولابد أنّه کانت للعرب حکايات يتلهون بها ويسمرون ولو عددنا مثل هذه الحکايات قصصاً، لکانت القصة أقدم صورة للأدب في العالم، لأنّ کل الشعوب الفطريّة تسمرعلی هذا النحو البدايي، ولکن مثل هذه القصص إذا کانت لها دلالة شعبيّة، فليست لها قيمة فنيّة حتّی تعد جنساً أدبياً...» [15]

و إنّ «عيون الأدب العربي التي نمت بصلة للقصة في فنها وغرضها هي قسمان : مترجم الدخيل وعربي الأصيل ونذكر من النوع الأول، "كليلة ودمنة"، ثم "ألف ليلة وليلة" ومن النوع الثاني نعرف "المقامات" و"رسالة الغفران" و"حي بن يقظان."» [16]

النوع الأول: کليلة ودمنة

«هوکتاب وضع علی ألسنة البهائم والطير حوی تعاليم أخلاقية، موجّهة أولاً إلی الحکام ... لقد اختلف المؤرخون في أصل کتاب کليلة ودمنة، فذهب بعضهم إلی أنّ ابن المقفّع وضعه ... وقيل إنّه لم يضعه، وإنمّا کان بالفارسية فنقله إلی العربية ...» [17]

ب- ألف ليلة وليلة

إنّ «قصص، "ألف ليلة وليلة" مدوّنة في عصور مختلفة، ومن المقطوع به إنّ الکتاب معروف بين المسلمين قبل منتصف القرن العاشر الميلادي، وفي الکتاب قصص شعبيّة متأثرة بآداب شتّی علی أنّه يحتمل أن يکون في بعض قصص، ألف ليلة وليلة، تأثير يوناني. [18]

النوع الثاني

أ- المقامة

«المقامة في معناها الأصلي، "المجلس" ثم أطلقت علی ما يحکي في المجلس، وهي قصة قصيرة تشتمل علی مغامرات تروى في شبه حوار درامي، يقوم بحکايتها راوعن بطل شجاع مقدام، يقتحم الأخطار وقد يکون ناقداً اجتماعيّاً أو سياسيّاً أو فقيهاً في اللغة والدين... و"بديع الزمان الهمذاني" المتوفي عام 318 هـ، أول من ابتکر هذا النوع من المقامات ... وبعد بديع الزمان جاء "الحريري" في القرن السادس الهجري.» [19]

ب- رسالة الغفران

«التي ألّفها، "أبولعلاء المعري" المتوفی عام (441 هـ، 1059 م)، فهي رحلة تخيلها أبوالعلاء في الجنة، وفي الموقف وفي النار، ليحلّ في عالم خياله مسائل ومشکلات ضاق بها في عالم واقعه، من العقاب والثواب والغفران أوعدم الغفران، مع کثير من المسائل الأدبيّة واللغويّة التي يوردها مورد الساخر تارةً والناقد اللغوي المتبحر تارةً أخری.» [20]

ج- قصة حي بن يقظان

«قصة "حي بن يقظان" لابن طفيل (110 هـ، 1886 م) وموجز القصة أنّ في جزيرة مهجورة من جزر الهند دون خط الأستواء نشأ طفل لا يعرف أباً ولا أماً، يسمی حي بن يقظان، فربّته غزالة حسبته ولدها المفقودة ... وفي قصة حي بن يقظان جوانب نضج قصصي في الشرح والتبرير والإقناع ...وعدها كثير من النقاد خير قصة في العصور الوسطی.» [21]

نشأة القصة قبل العصر الحديث

إنّ التغيير في الحالة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والأدبيّة لأي بلد ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسيّة الحاکمة علی هذا البلد، تارةً ينتهي إلی الخضوع أمام السياسة المسيطرة، وتارةً ينتهي إلی الخلاف مع السياسة الحاکمة وبالتأکيد يتأثر هذه الاتجاهات علی النظام الاجتماعي والأدبي ... ولذلک نبحث حول نشأة القصة قبل عصر الحديث ومدى تأثرها عن الأوضاع السياسة الحاکمة.

«کانت القرون الثلاثة التي سيطر الحکم الترکي علی مصر، قد عملت عملها في إغماض العيون، وتکبيل العقول وعقل الإرادات، وعقد الألسنة ... تعطلت الحرکة الأدبية بل تحجرت وانحرفت اللغة العربية، بل فسدت... وأغلب النتائج الأدبية لتلک الفترة تدور حول المدائح النبويّة والأمور الإخوانيّة ... علی أنّ روح المصريّة ... کانت تلوح في بعض نماذج الفصحی... التي کان منها الديني کسيرة "السيد البدوي" ... أوقصة، "سيدنا علي ورأس الغول"...ومنها التاريخي البطولي مثل "أبي زيد الهلالي"...» [22]

«قد تأثر فن القصة بالأدب الغربي في العصر الحديث في أطوار متعاقبة مع تأثره عن الأدب القديم وبخاصة المقامة والخرافات والقصص علی لسان الحيوان وأوضح مثل للتأثر بفن المقامة هو "حديث عيسی بن هشام"، "لمحمّد المويلحي" وفيه امتزاج تأثير فن "المقامة" بالتأثير الغربي ... وفي قصة "لادسياس" لشوقي، تظهر عنايته بالتعبير ثم اعتماده في تطور الأحداث...» [23]

و«في الطور الثاني من ميلاد الأدب القصصي في عصرنا الحديث أخذنا- في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين- تتخلّص قليلاً قليلاً علی الاعتماد علی التراث العربي القديم وبدأ الوعي الفني ينمي جنس القصة من موردها الناضج في الآداب الأخری، وقد بدأ هذا الطور بدءاً طبيعياً بتعريب موضوعات القصص الغربية وتكييفها لتطابق الميول الشعبيّة أو لتساير وعي جمهور المثقفين...» [24]
«ثم نضج الوعي الأدبي، ونهض الجمهور ثقافياً، فتطلب الترجمة الصحيحة وقد قام بها کثير ممّن أسدوا إلی الأدب واللغة خدمة عظيمةً ونذکر من هؤلاء الدکتور "طه حسين"، والدکتور"عبد الرّحمن البدوي" والأستاذ "عبد الرّحمن صدقي" ...» [25]

ميلاد القصة القصيرة

«وإذا کانت قصص المنفلوطي، التي احتواها کتاب «العبرات» تمثل الريادة الأولی غير الناضجة لفن القصة القصيرة، فانّ قصص محمّد تيمور، التي ضمتها مجموعة، "ما تراه العيون"، تمثل الريادة الناضجة والأدنی إلی الكمال في هذا الفن . فهي خطوة تالية لخطوة المنفلوطي... وأولی قصص محمّد تيمور هي قصة، "في القطار" التي نشرها سنة 1917م والتي تمثل ميلاد القصة القصيرة الفنيّة في الأدب المصري الحديث.» [26]

وبعد هذا وصلت القصص إلى استقرار و«كان من مظاهر هذا الاستقرار، نمو القصة القصيرة ونضجها وملامحها حتی صارت كائناً قوياً... وكان ذلك بفضل جيل من الرواد الذين اهتموا بالقصة القصيرة... من أمثال، "عيسی عبيد"، "محمود تيمور"، "محمود طاهر لاشين"، كما أسهم في هذا الفضل بعض الكتاب المرموقين ممن كان لهم نشاط كبير في ميادين عديدة مثل "إبراهيم المازني"، "توفيق الحكيم"، كما أسهم في هذا الفن بعض شباب الأدب في ذلك الحين، ممن سيكون لهم شأن كبير في ميادين عديدة من ميادين الأدب مثل "نجيب محفوظ"...» [27]

وأخيراً «بدأت القصة العربيّة تتأثر بالاتجاهات الفلسفيّة والواقعيّة في معالجة الحقائق الكبری أو المشكلات الاجتماعيّة نقتصر هنا علی التمثيل بقصة، «أنا الشعب»، لمحمّد فريد أبي حديد وقصة الأُستاذ توفيق الحكيم، "عودة الروح" وقصة، "الأرض" لأُستاذ "عبد الرّحمن الشّرقاوي" ... وكذا قصص الأُستاذ "نجيب محفوظ"...» [28]

الفارق الأساسي بين القصة القديمة والحديثة

والفارق الأساسي بين القصة القديمة والحديثة يرجع إلی الأفكار الحاكمة في حياة «القصة القديمة تدور في إطار عالم مثالي أو خرافي أو وهمي،‌ بعيد إلی حد كبير عن حقيقة الحياة التي يحياها أوسط الناس وأدناهم اجتماعياً، أما القصة الحديثة فقد أفسحت الجبال وفتحت الباب واسعاً - باب فنون القص- ليحتل مكان الصدارة فيها الإنسان العادي البسيط ...» [دراسة في نقد الرواية: ص 15]]

المبحث الثاني:

أنواع القصة في الأدب العربي
القصة

إنّ القصة عبارة عن «قوالب تعبير ليعتمد فيه الكاتب علی سرد أحداث معينة، تجري بين شخصية أو السامع إلی نقطة معينّة، تجري بين شخصية وأخری، أو شخصيات متعددة ، تتأزم فيها الأحداث وتسمی العقدة ويتطلع المرء معها إلی الحل حتی يأتي في النهاية.» [29]

أ- الحكاية [30]

الحكاية هي «سلسلة من الأحداث الجزئية مرتبة علی نسق خاص يجذب القارئ إليها فيتتبعها في شعف. وأبسط طريقه لعرض الأحداث وتسلسلها أن يحكيها الكاتب علی لسان بطل من أبطالها وتسمی هذه الطريقة ، «أسلوب ضمير المتكلم» [31] وأيضا جاء بأنهّا «هي التي تساق فيها واقعة من الوقائع الحقيقيّة أو الخياليّة_ الأسطوريّة أو الخرافيّة _ دون التزام بقواعد الفن القصصي وغالباً ما تتضمن «النوادر» و «الخرافات والأساطير» وتنتشر علی أفواه الناس.» [32]

ب- الأقصوصة [33]

«وهي تعالج جانباً واحداً من الحياة، لا عدة جوانب، فتقتصر علی سرد حادثة، ذات عناصر جزئية، تتدرج تحتها لتؤلف موضوعاً مستقلاً بشخصياته ومقوماته.» [34]

وهي «وسط بين الأقصوصة والرواية وتعالج جوانب أوسع مما تعالجه الأقصوصة وكاتب القصة أمامه مجال رحب وفرصة واسعة ليعدد مشاهدها، يطور أحداثها علی صورة قوية متكاملة.» [35]

الفرق الجوهري بين الأقصوصة والقصة

«إنّ طبيعة الأقصوصة هي التركيز، فهي تدور حول حادثة أوشخصية أوعاطفة مفردة أو مجموعة من العواطف...ولهذا فهي لا تزدحم بالأحداث والشخصيات والمواقف كالرواية والقصة...» [36]

د- الرواية [37]

«هي أكبر أنواع القصص من حيث طولها ولكن الطول ليس وحدها هو يميز الرواية عن القصة أو الأقصوصة، ‌فالرواية تمثل عنصراً وبيئةً، أي أنّ لها بعداً زميناً من المألوف أن يكون زمانها طويلاً ممتداً، بل ربمّا اتّسع البعد الزمني، فاستغرق عمر البطل أو أعمار أجيال متتابعة.» [38]

هـ- المسرح [39]

«المسرح من فنون القول وإن اشترك فيه مع الكلمة والحركة والتعبير بالصوت وملامح الوجه إلی جانب الإطار وهو البناء المسرحي والجدران الثلاثة بما يشمل من المناظر، ديكور، وستارة وإضاءة وما إلی ذلك.» [40]

القصة العربيّة شكلا:

- أ- المقالة القصصية وهذا ما نراه عند المنفلوطي في "النظرات".
- ب- المذاكرات اليوميّة: التي يعتمد الكاتب فيها علی تسجيل الأحداث التي تجري يوماً بعد يوم مثل "يوميات نائب في الأرياف"، لتوفيق الحكيم.
- ج- قالب المقامة: كما في "مقامات الحريري" و"الهمذاني " وحديث "عيسی بن هشام" للمويلحي.
- د- قالب الرسالة: كما في "ماجدولين" التي ترجمها المنفلوطي.
- هـ. القالب الشعري: هذا كثير في الشعر العربي ومنها قصص، "شوقي" وقصص، "خليل مطران".

القصة العربية مضمونا:

أ- القصة الاجتماعيّة: التي يعالج الكاتب فيها جانبا من جوانب المجتمع، ومثال ذلك: معظم قصص، "محمّد تيمور"، في مجموعتيه، "نبوت الخفير"، و"شباب وثمانيات".
ب- القصة التاريخيّة والبطوليّة: كقصص، "جرجي زيدان" ومنها، " أرمانوسة" و"فتاة غسان".
ج- القصة العاطفيّة: كقصة، "الأجنحة المنكسرة"، " لابن طفيل".
هـ- القصة الدينيّة: مثل، "قصص القرآن"، "لأحمد محمّد جاد المولي" و"رفاحة".
و- القصة الأسطوريّة والخرافيّة: كقصص الجن والآلهة والتي تدور علی ألسن الحيوان مثل، "كليلة و دمنة"، " لابن مقفع".
ز- القصة العلميّة: كقصة "الميكروب"، " لأحمد زكي". [41]
الرواية ونشأتها في الآداب الأوروبيّة

«الرواية تشكيل للحياة في بناء عضوي يتفق وروح الحياة ذاتها، ويعتمد هذا التشكيل علی الحدث الناس الذي يتشكل داخل إطار وجهة نظر الروائي وذلك من خلال شخصيات متفاعلة مع الأحداث والوسط الذي تدور فيه هذه الأحداث، علی نحو يجسد في النهاية صراعاً درامياً داخلية متفاعلة.» [42]

رواية الأحداث في البداية، ظهرت بالأشكال القصصية المحددة في الأحداث والشمول والتصوير والزمن وفي الموضوعات الخيالية والوهمية، ثم برزت بشكل القصص الطويلة بصفة غير محددة في الشمول والأحداث والقالب ... وكانت موضوعاتها علی أساس أمور الغيبيّة والوهميّة لإرضاء قرائها وتطابق بالشرائط المسيطرة علی المجتمع ثم تميل إلی الحديث عن وقائع الحياة العاديّة فصارت تعالج الواقع الإنساني والنفسي والاجتماعي.
كانت الرواية من الفنون الأدبية التي نشأت في الغرب مع نمو الطبقة الوسطی وقد أشار بهذا الموضوع أكثر الأدباء في كتبهم، وكان النظام الإقطاعي الذي يسيطر علی المجتمع الأوروبي قبل عصر النهضة يرسم الخطوط الأولية للفنون الأدبية آنذاك وإنّ هدف هؤلاء الإقطاعيين، ينحصر أولاً وقبل كل شيء في الاحتفاظ بأرضهم وتوريثها لأولادهم بعد وفاتهم، فقد كان لصالحهم تجميد الأوضاع الاجتماعية وتثبيتها وكان من الطبيعي أن لايهتموا بالتجربة العلميّة وانتشار التعليم [43]

وموضوع الأدب الذي يناسب بهذه الطبقة الوحيده المسيطرة علی الأوضاع الأدبيّة والمعنويّة «يرتكز علی الهروب من الواقع ويعتمد علی الإيهام والتخيل وتقوم العلاقات فيه علی المصادفة والسحر والقدر ويتضاءل فيه دور العمل الإنساني أمام الدور الذي يقوم به الجن والشياطين والسحرة ... وكانت الرومانس "Romance "أو الرواية الخياليّة هي الفن الروائي السائد والمسيطر الذي يعبر عن طبيعة المجتمع الإقطاعي ومزاجه وأقرب الفنون الرواية العربيّة التي تشبه هذا الفن في البناء الروائي هو السيرة الشعبيّة ...» [44]
وبعد ذلك و«في القرن السادس عشر والسابع عشر ظهر في الأدب "الإسباني" جنس جديد من القصص... وهذا الجنس الجديد من القصص هو ما نستطيع أن نسميه، قصص الشطار وهي قصص العادات والتقاليد للطبقات الدنيا في المجتمع Picaresca" "وفيها مخاطرات يقصها المؤلف علی لسانه كأنّها حديث له... وهو يحكم علی المجتمع من خلال نفسه حكماً تظهر فيه الإثراه والانطواء علی النفس...» [45]

«ثم تدهور المجتمع الإقطاعي بسبب تخلف الزراعة واستمرار الحروب لسنوات طويلة ساعد علی يقظة الأفراد في المجتمع الجديد وثورتهم علی الحياة المظلمة التي يعيشونها وأيضا ساعد علی ظهور عصابات من المنحطين أخذ وجودهم يلفت الأنظار ... وكانت إسبانيا بحكم اتصالها الوثيق بالعرب واطلاعها علی قصص نماذج بشرية تشبه هؤلاء المنحطين وأرباب الكودية من الأدباء، أدباء المقامات وهم يقومون بأنواع من الكودية وسبل النصب ... الخ في سبيل لقمة العيش- وهي البيئة التي احتضنت هذا الفن الجديد...» [46]
«وهذا الشكل الجديد يعد البذرة الأولی للرواية الفنية ... فانه يعد أول رد فعل مباشر ضد الرومانس وما نكاد نصل إلی القرن الثامن عشر حتّی نری الطبقة الوسطی وقد صارت صاحب النفوذ الأكبر في المجتمع ... وصاحب ظهور هذه الطبقة زيادة عدد جماهير القراء بصورة ملحوظة ... واشتد إقبال الجماهير علی الفن الروائي لاعتدال أسعاره وإن كان أغلب قراء الرواية من النساء ... فكان ظهور هذه الطبقة الجديدة ... يمثل انقلاباً في القوة التي يستمد منها الروائي التأئيد...» [47]
وأخيراً نصل إلی هذه النتيجة أن الرواية تخنلف عند الطبقة الإقطاعيّة الرومانسيّة عن الطبقة الوسطی الواقعيّة، لاختلاف تفكيرهم وحاجاتهم وأهدافهم في الحياة وفي عبر العصور ابتعدت الرواية عن حالتها الوهميّة والخرافيّة شيئاً فشيئاً حتی تصل إلی قمتها في العصر الحديث والمعاصر لتظهر بشكل الرواية الفنيّة بموضوعاتها المتنوعة.

تطور القصة في الآداب الأوروبيّة

معنی القصة في العصر الحديث عبارة عن «القصة الواقعيّة التي تعني بالتحليل النفسي للأشخاص.» [48]
وهذه القصة الحديثة، «أوسع ميادين الأدب العالمي وأخطرها وأعمقها أثراً في الوعي الإنساني والقومي ....»، [49] ولكن القصة في نشأتها الطويلة، «كانت تختلط فيها الحقائق الإنسانيّة بالأمور الغيبية، وكانت تجمع في الخيال فتبعد كثيراً عن الواقع الإنسانية وقضاياه، كما كان لا يفرق فيما بين ما هو ممكن وما هو مستحيل...» [50]
و«ظهرت بشائر القصة في الادب اليوناني في أشعار الرعاة وفي حكايات الرحالة عن الإسكندر الأكبر، ثم النثر القصصي آخر اجناس ذلك الأدب ظهوراً، ولكنّه ظل مع ذلك مختلطاً بالمعاني والمخاطرات الغيبيّة والسحر والأمور الخارقة ....» [51]
هكذا كان شأن القصص في الآداب الأوروبية منذ عصر النهضة، تعتمد علی الأساطير والجنيّات وخوارق العادات. ولكن بعد عصر النهضة ظهرت القصة الواقعيّة التي تعني بالتحليل النفسي.

الرواية ونشأتها في الأدب العربي

إنّ نشأة الرواية في الأدب العربي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة في العالم العربي خاصة مصر، وبعد العصر العباسي وبداية الحكومة العثمانيّة وبعده في القرون الثلاثة التي سيطر عليها الحكم التركي علی مصر «أغلقت المدارس بل هدمت وانتهت ...وتعطلت الحركة الأدبية، بل تحجرت وانحرفت اللغة، بل فسدت ... ومن هنا أصبح الأدب في حالة من السقم تقارب الموت فكانت تمثله نماذج نثرية وشعرية، ليس وراءه أي صدق إحساس أو فنية تعبير ... وقد كان أغلب النتائج الأدبي لتلك الفترة تدور حول المدائح النبوية والأمور الإخوانية والمراثي الباردة والمواعظ المباشره...» [52]

فترة اليقظه في العصر الحديث

بعد هذا الركود جاءت فترة اليقظه، الفترة التي تبدأ «بتلك السنوات التي شهدت خروج البلاد من ظلمات العصر التركي، لتفتحّ عيونها علی نور الحضارة الحديثة ولتأخذ طريقها في موكب المدنية المتقدمة ... ومن الممكن تحديد تلك البداية بسنوات الحملة الفرنسية ومن سنة، (1798 إلی 1801م)، أي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر ...» [53]

يلخص نتيجة هذه الحملة أولاً: «تعرّف المصريين علی الحضارة المدنية الغربية علی حد ما، وثانياً: تكوين إحساس بالشعور القومي أمام المحتلين وبعد خروج الفرنسيين عن مصر، انتخب الشعب "محمّد علي" للحكم في مصر، قد استقدم محمّد علي أول الأمر الأساتذة الأجانب للتدريس في المدارس المختلفة ونظراً لعدم معرفة هؤلاء بلغة البلاد ومعرفة التلاميذ بلغتهم، فقد استعان بالمترجمين من السوريين والمغاربة وغير هم...» [54]

ثم «أرسل محمّد علي البعثات إلی أوروبا، ليقوم أبناؤها فيما بعد بمطالب الجيش، وللتدريس في تلك المدارس ... وقد تعددت البعثات وتنوعت... وهكذا كان أول لقاء عملي بين المصريين والثقافة الغربيّة في العصر الحديث ...فقد عاد هؤلاء المبعوثون بعلم جديد وعقليّة‌ جديدة إلی بلادهم ... وترجموا أو ألّفوا وخططوا بهذا ووضعوا أساس الثقافيّة الأدبيّة الحديثّة.» [55]
لقد كان النثر في هذه الفترة «يعبرعن موضوعات ساذجة ويتقوقع في الرسائل والمقامات ونحوها من الأنواع التقليديّة ...علی أنّ بعض النثر قد خطا خطوة أبعد من تلك الأغراض الساذجة ... وأصبح يحمل زاداً فكرياً حيناً وتجارب إنسانيةً حيناً آخر ... وكان باكورة ذلك كتاب «تلخيص الإبريز في تلخيص باريز» لرفاعة الطهطاوي ...تحدث فيه رفاعة عن رحلة إلی باريس ... والباحثين يعتبره البذور الأولی للرواية التعليميّة في الأدب الحديث.» [56]

«وكان طبيعياً أن يأخذ كتاب "رفاعة الطهطاوي"، "تلخيص الإبريز" شكل رحلة كان فيها أكثر تعليمية ومباشرة من كتب الرحالة العرب القدامي ...»، [57] .و«رغم أنّ الكتاب قد جاء مزيجاً من خصائص كتب الرحلات والكتب العلميّة... مع خلو تام من كل عنصر الروائي...» [58]
ثم «بعد الاتصال بأوروبا والتأثر بآدابها اتّّجه الأدباء، إلی القصص العربية وحاولوا أن يترجموها و«كان رفاعة الطهطاوي هو الرائد لهذه الحركة، فترجم "مغامرات تليماك"،"لفنلون" [59] وسماها مواقع الأفلاك في وقائع تليماك... فانّه نقل القصة إلی أسلوب السجع والبديع، المعروف في المقامات ...» [60] يقول رفاعة الطهطاوي في مقدمة تليماك: «إنّه مشتمل علی الحكايات النفايس في ممالك أوروبا وغيرها وعليه مدار التعليم في المكاتب والمدارس فإنّه دوّن كل كتاب مسخون بأركان الأدب ومشتمل علی ما به كسب بأخلاق النفوس الملكية وتدابير السياسات الملكية.» [61]
وتعد "وقائع تليماك" أول مظهرمن مظاهر النشاط الروائي في مصر في القرن التاسع عشر والهدف التعليمي واضح من مقدمته التي كتبها رفاعة علی الرواية المترجمة، وسماها ديباجة الكتاب ... وواضح أنّ رفاعة ترجم روايته لهدفين، الهدف الأول، تقديم نصائح للملوك والحكام والهدف الثاني، تقديم مواعظ لتحسين سلوك عامة الناس ...» [62]

ثم «قدّم فرح أنطون قصة في نفس الشكل كان مجالها المشاكل الاجتماعية واختار علي مبارك مجال الرحلة أيضاً لجهوده التعليمية في كتاب، "علم الدين" وكتابه أكثر جفافاً عن كتب الرحالة العرب القدامی وإن كان يتميز هو وفرح أنطون بأنّ رحلة كل منهما التعليميّة، ‌كانت رحلة متخيّلة ... وإن كان ذلك لا يميزها عن قصة "حي بن يقطان"، التي كانت أحداثها متخيّلة أيضاً.» [63]
و«لم يكن تعليم العلوم هو القصد الوحيد لعلي مبارك من كتابه ولكنه حاول المقارنة بين بعض العادات الشرقيّة والغربيّة ولذلك كان علي مبارك ينظر في كتابه إلی طلبة في المدارس المدنيّة الأخری إلی مشايخ الأزهر، الذين رفضوا محاولاته لإدخال العلوم الحديثة في الأزهر...ولذلك اختار في روايته شيخاً أزهرياً وسماه "علم الدين" ... وعلي مبارك يقدّم لنا بهذه الصورة المقارنة بين العادات الشرقيّة والأوروبيّة وهي المحاولة التي سنلتقي بها في صورة أكثر تطوراً في حديث "عيسی بن هشام"...» [64]

التيار التعليمي الخالص في بداية القرن العشرين

«اقترب المويلحي في "حديث عيسی بن هشام"، وحافظ إبراهيم في "ليالي سطيح"، من أشكال النشاط القصصي الذي اعترف به كبار مثقفي تراثنا وهوشكل المقامة.» [65]
«ومن عنوان كتاب المويلحي ومن إهدائه لكتابه، تظهر صلته بالتراث العربي القديم وبزعماء الإصلاح الديني والاجتماعي واللغوي الذين كانوا يهدفون في إصلاحهم إلی إحياء هذا التراث وهو لا يسمی كتابه قصة أو رواية وانمّا يسميه حديث عيسی بن هشام وهو يذكرنا في عنوانه بالمقامة من ناحيتين، الناحية الأولی تتمثل في طبيعة من حيث تصويرها ... وأما من حيث الإهداء، فقد أهدی كتابه لوالده رمز الصلة التي تربطه من ناحية، ولكونه شق له طريق التأثر بالمقامة في كتابه حديث موسی بن هشام الذي اعتمد علی أسلوب المقامة اعتماداً كبيراً...» [66]

ولكن، «مما يفرّق بين حديث عيسی بن هشام وبين المقامة من ناحية والرواية التعليميّة التي سبقته من ناحية أخری،‌ أنّه حاول إيجاد رابطة داخليّة بين فصول كتابه وهذه الرابطة وإن بدت ضعيفة باهثه...فانّها ظاهرة جديدة علی الرواية التعليمية... فالمقامات تعبر عن مجموعة من المواقف المنفصلة... فانّ مجال المقارنة بين المقامة وبين القصة القصيرة أوسع من مقارنتها بالرواية.» [67]
تيار ما بين التعليم والتّرفيه أو الرواية التاريخيّة
وبعد التيار التعليمي الخالص، نصل إلی تيار ما بين التعليم والتّرفيه، ويعتقد الأدباء بأنّ هذا التيار قد بدأ بيد المهاجرين الشوام، الذين كانوا بحكم ظروفهم أكثر إقبالا علی الثقافة الأوربيّة وآدابها وفي الوقت الذي كان المثقفون المصريون والمتمصرون مشغولين فيه بمحاولة تثقيف المصريين وتعليمهم، ثم بمحاولة الإصلاح الاجتماعي وبثّ التراث العربي القديم، كان المهاجرين الشوام مشغولين بنقل الأشكال الأدبيّة العربيّة إلينا.» [68]
وفي الحقيقة، «ظهر هذا الاتجاه الروائي التاريخي علی يد "جورجي زيدان"...قدم سلسلة من الروايات التاريخيّة التي تضم في ثنايا البناء القصصي أطراف التاريخ الإسلامي في المشرق والمغرب فقدم، "فتاة غسان" لعرض الأحداث التاريخيّة التي صاحبت الغزوات الإسلاميّة الأولی... وقدم "أرمانوسة المصريّة"، لعرض الأحداث التاريخيّة التي صاحبت فتح العرب لمصر وكتب "عذراء قريش" و"غادة كربلاء" و"الحجاج بن يوسف" للتاريخ للوقائع التي حدثت خلال الصراع السياسي و...» [69]

و«تحتوي كل رواية من روايات جورجي زيدان عنصريين أساسيين،‌ الأولی عنصر تاريخي يعتمد علی الحوادث والأشخاص التاريخية، والثاني عنصر خيالي يقوم علی علاقة غرامية بين محبين...» [70]
ومن جانب آخر «قد حاول، "فرح أنطون" تقليد جرجي زيدان في رواياته التي تجمع بين تعليم التاريخ والغرام، فكتب روايته "أورشليم الجديدة"، التي يتحدث فيها عن فتح العرب لبيت المقدس في عهد الخليفة عمر، وقد ضمنها عنصراً غرامياً ولكنه أضعف بكثير من العنصر الغرامي عند جرجي زيدان...» [71]

رواية التّسلية والتّرفيه

كانت الرواية التعليميّة، تخاطب المثقفين المصريين لأهداف التعليم وإصلاح المجتمع عن طريق النقد الاجتماعي التي متأثرة بالعلوم الغربيّة، في حين أنّ الرواية ما بين التعليم والتّرفيه تأخذ جانبا خاصا في نقل الرواية وهي عبارة عن الأحداث التاريخيّة بمشخصاته وترضي عدداً خاصاً من القراء ولكن رواية التّسلية والتّرفيه تخاطب الجماهير، لإرضاء ميولهم وأذواقهم لأنّ سياسة المحتلين منذ عصر إسماعيل «تتجه إلی مقاومة التعليم عموماً والتعليم العالي بصفة خاصة، وذلك لخلق نموذج من القراء لا يتمتع باستقلال الشخصيّة ولا القدرة علی التفكير الحر المستقل ... وقد ساعدت هذه السياسة علی إيجاد طائفة كبيرة من المصريين، يستطيعون القراءة والكتابة ولكنّهم لا يتمتعون بقدر مناسب من الوعي يدفعهم إلی التنبه للمشاكل الحقيقيّة ... ووظيفة القراء عند هذه الفئة مقتصرة علی تحقيق حاجتها إلی التسلية وإلی نسيان هموم وآلامه.» [72]

«وقد ساد تيار رواية التّسلية والتّرفيه في الفترة التي تمتد من أواخر القرن التاسع عشر، إلی الثورة القومية في سنة 1919م، وظلت الرواية حتی هذه الفترة غير متعرف بها من كبار المثقفين والأدباء، لأنّ المثقفين كانت جهودهم مركزة إما في ميدان النضال السياسي أو في ميدان الإصلاح الاجتماعي... ولذلك ظل ينظر إلی الرواية علی اعتبارها وليداً غير شرعي في هذا المجتمع...» [73]
ونری بأنّ هيكل، كاتب رواية "زينب" اضطر «نتيجة لهذا الاحساس إلی عدم إطلاق لفظ رواية علی روايته زينب وسماها "مناظر وأخلاق ريفية" ،كما أنّه ‌لم يجسر علی وضع اسمها عليها ولكنّها اكتفی بوصف مؤلفها بأنّه «مصري الفلاح »... وأنّ موضوعها هو الحب، تلك العاطفة التي ينظر إليها بنفس الاستنكار الذي كان ينظر به المثقفون إلی الرواية.» [74]
و«إذا كان كبارالمثقفين من المصريين والممتصرين المسلمين، قد نظروا إلی الرواية هذه النظرة، رفضوا أن يشغلوا أنفسهم بها، فإنّ المهاجرين الشوام هم الذين حاولوا تقديم هذا الفن لهذه الفئة الجديدة من القراء ...» [75]

الصحافة وأثرها علی رواية التّسلية والتّرفيه

«كان الدافع الأكبر الذي دفع المهاجرين الشوام إلی تقديم روايات التّسلية والتّرفيه يرجع إلی اشتغالهم بالصحافة وسيطرتهم علی الصحف والمجلات منذ بداية عهد الاحتلال ... وفي أوائل عهد الاحتلال قضت سلطات الاحتلال علی الصحافة الوطنيّة ولم يبق من الجرائد ذات النفوذ إلی جرائد المهاجرين الشوام وأهمها الأهرام...» [76] و« في أوائل عهد الاحتلال خفت عن حدة الجمهور علی الصحف السياسيّة في هذه المجلات... فقد انتشرت في الفترة الأخيرة من القرن التاسع عشر... رواية سلسلة ... وتقديم هذه الروايات في صحفهم عنصراً من عناصر جذب القراء إليها...» [77]

الترجمة وأثرها علی رواية التّسلية والتّرفيه

«فترت حركة الترجمة بعد وفاة محمّد علي وظلت راكدة حتی جاء عصر إسماعيل فبدأت حركة الترجمة واسعة، شملت كل المعارف ولكن كان النصيب الأكبر فيها للروايات ومما هو جدير بالذكر أنّ المؤلفات التي ترجمت في كل علم وفن كانت قليلة إلاّ فيما كان يختص بالروايات التي أخذ عددها يتزايد نظراً لإقبال الجمهور عليها وشغفه بها.» [78]
و«أغلب ما عرّب من الروايات كان من نتاج العصر الرومانسي في الأدب الأروبي، وقد ساد التيار الرومانسي في الأدب الغربي في النصف الأول من القرن التاسع عشر وحينما عرّب المترجمون الفنون الروائية لم يهتموا بالإنتاج الأكثر جودة وإنمّا اهتموا بكتب أكثر شعبية وشهرة ... واهتموا بإعمال صغار الكتاب الذين خضعوا لما في الرومانسية من حرّية وعاطفة وجموح وخيال ...» [79]
تقسّم الدكتورة لطيفة الزيات في رسالتها، «حركة الترجمة الأدبية للروايات المترجمة من حيث الموضوع إلی قصص شرقية وقصص تاريخية وقصص غرامية وقصص اجتماعية وقصص مغامرة وقصص بوليسية وبالنسبة إلی القصص التاريخية نری بأنّ هذه القصص تمثل رغبتها في التحرف علی التاريخ ولا ينبع عن إحساس قوي متبلور، وبالنسبة إلی القصص الاجتماعية كان أغلب القصص لا يكشف عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية بل يقصد به التّسلية وأنّ الخصائص الفنية لهذا النوع من الرواية يعتمد علی فضول القارئ ويقدم سلسلة من الحوادث العجيبة والأبطال فيه إما أخيار بصورة مطلقة أو أشرار بصورة مطلقة. [80]

ميلاد الرواية الفنية في مصر

بعد التطورات التي مرّت ذکرها عندما ذكرنا نشأة الرواية العربية، وصلت الرواية إلی المرحلة التي تحاکي قصص الغرب فی حين، تسعی أن تستحفظ التراث العربي القديم، وبعض الکتاب قد سعوا إلی کتابة روايات بصيغة مقامة، ولکن نری، أنّ أغلب الکتب التي عالجت نشأة الرواية الفنية، اعتبرت الرواية، زينب، للدکتور "محمّد حسين" هيکل كأول نشاط علمي لهذا الفن فی الأدب العربي.

تختلف الرواية الفنية عن الرواية غير الفنية فی عدة مسائل ولکن الأسس التي تفرق بين الرواية الفنية عن غيرها، تنحصر في اتجاه الرواية الفنية إلی الواقع ولا تعتمد علی الوهم والإسراف فی الخيال وأيضاً أنّ الرواية الفنية تحترم التجربة الذاتيّة والحس الفردي ولکن الأشکال الأُخری تعتمد علی المطلق والمجرد والمثال.
الرواية عبارة عن خيال نثري طويل له طول معين، ولکن الرواية الفنية عبارة عن، نثر روائي واقعي کامل فی ذاته وله طول معين، والصفة الواقعيّة هنا جاء بمعنی عام، بمعنی الحياة الواقعيّة بخلاف الرومانس التي تتجه إلی الهروب من الواقع وکلاهما يختلف موقفهما من الحدث، وبناء العقدة، ورسم الشخصية.
ومن جانب آخر، نری بأنّ الرواية التّسلية والتّرفيه،- أی الرواية غير الفنية- تتجه فی اختيار أحداثها إلی إرضاء فضول القاریء، وذکر الحوادث العجيبة، والغريبة، ولا تکشف عن إحساس خاص للأديب ولا يخضع وقوع الأحداث فی هذه الرواية للسببية، ولکنّه يخضع لمجرد رغبة المؤلف فی إشباع فضول قارئه إلی المزيد من العجائب والمدهشات وأيضاً أنّ الرواية الفنية فی بناء العقدة تعکس موقفاً حضارياً وتحترم التجربة الإنسانية، ولا تعتمد علی الأساطير والتاريخ القديم. [81]

الرواية التحليلية

أدت الحوادث الناتجه عن ثورة 1919م، إلی ظهور المدرسة الحديثة فی القصة والرواية و«لقد حاول الأدباء الکبار أن يصطنعوا الفن القصصي في إطاره العربي الموروث إطار المقامات وما إليها کما فعل "المويلحي" فی "حديث عيسی بن هشام"... وكانت أول هذه البواکير قصة زينب للدکتور محمّد حسين هيکل...» [82]

إنّ أول مساهمة فی ميدان الرواية الفنية بعد رواية زينب تتجلی فی «أعمال ثلاثة من الرواد الأوائل في هذا الميدان فی فترة ما بين الحربين وهم "عيسی عبيد"، و"محمود تيمور"، و"طاهر لاشين"،... وکانت أعمالهم ردّ فعل للرواية التعليمية ورواية التّسلية والتّرفيه من ناحيه ولتحدد مدی مساهمتهم فی تقديم الرواية الفنية وتطورها من ناحية أُخری.» [83]

«فی الوقت الذي کانت البلاد فيه تحاول الاستقلال فی المجال السياسي... وفی أحضان هذه الثورة قدم "عيسی عبيد" مجموعته القصيصة الأولی "إحسان هانم"، وأهداها إلی، "سعد زُغلول"، زعيم الثورة...» [84] و«تمثل رواية طاهر لاشين، "حواء بلا آدم"، مرحلة أکثر تطوراً من الناحية الفنية إذا قيست بمحاولات تيمور وعيسی عبيد ... ويحاول فی روايته التعبير عن إحساسه بالواقع، مما جعل لروايته محورها الذي تدور حوله... يکشف طاهر لاشين فی حواء بلا آدم عن إحساسه بيأس المثقفين من أبناء الطبقة الوسطی الفقيرة، الذين يحاولون شق طريقهم فی الحياة... ولکن لا تمتعهم تعويضاً عن جهدهم إلا العذاب واليأس.» [85]
«وحاول عيسی عبيد فی روايته "ثريا" ومحمود تيمور فی روايته، "رجب أفندی"، إبراز الشخصية المصرية والتعبير عن الواقع المصري، وتيمور أکثر حماسة فی تصوير البيئة الشعبية وشخصياتها...» [86]

الرواية والترجمة الذاتية

حاول الروائيون إبراز الشخصية المصرية من خلال رواياتهم وهم يبنون العمود الأولی، فی ميدان الرواية الفنية، فی حين، جماعة أُخری تطور الترجمة الذاتية فی ميدان الرواية ويتجهون إلی تحرير الفرد المصري واستقلاله الذاتي و«أشهر أفراد هذه الجماعة ممن ساهموا فی ميدان الرواية، الدکتور "محمد حسين هيکل"، والدکتور "طه حسين"، و"الأستاذ محمود العقاد"، و"الأستاذ المازني"، و"الأستاذ توفيق الحکيم".» [87]

محمد حسين هيکل و روايته "زينب"

«إنّ حياة محمّد حسين هيکل (1888-1956) يمکن أن تلقی ضوءاً کاشفاً علی ظروف نشأة الرواية في مصر، ذلک أنّ هيکل ابن للطبقة البرجوازية الفنية، قريبة العهد فی الظهور فی البيئة المصرية، ومن هنا يقترن ميلاد الرواية بميلاد الطبقه الوسطی ...» [88]
و«في مجال الربط بين الشعور القومي وظهور الرواية العربية ... هو من أوائل من عبّروا تعبيراً واضحاً عن الشخصية المصرية، أی أنّه عبر عن الوجدان القومي لشعب يزيد أن يثبت وجوده وشخصيته وطابعه المستقل ولذلک يری بعض الباحثين أنّ رواية زينب تعد تمهيداً لثورة 1919م، وأنهّا صدرت عن وجدان قومي خالص، يهدف إلی تمجيد مصر والتغني بها...» [89]

«تعد روايه زينب، أول رواية فنية فی تاريخ الأدب العربي، الذی بدأ كتابتها وهو فی باريس، يدرس الاقتصاد السياسي سنة 1910م، وأكملها سنة 1911م، ونشرها سنة 1912 م،... ورواية زينب تصور واقع الريف المصري فی تقاليده القاسية وطبيعته السمحة...فهي تحکي قصة شاب مثقف من أبناء الطبقة المتوسطة اسمه "حامد"، يحب ابنة عم له اسمها "عزيزة"، وتحول التقاليد القاسية فی الريف دون التعبيرعن هذا الحب... ثم أختار أهلها زوجا آخر لها، ويحرم منها حامد نهائياً، ثم يجد حامد، بعض العزاء عند فتاة ريفية من الطبقة الكادحة اسمها زينب ولکن تفضل عليه " إبراهيم" رئيس العمال الذي تعمل تحت إشرافه...ويتم حرمان من زينب ...وفی خلال الرواية نری بأنّ زينب تزوج مع رجل آخر. [90]

في الحقيقة تسعی هذه الرواية أن تبين للقاریء، حالة القرية التي لا تعترف بمشروعية الحب بين الرجل والمرأة وأنّ التقاليد القاسية، ترسم خطوط العيش ولابّد للناس أن يستسلم أمام هذه التقاليد القاسية ومصيرهم القدري.
وإن کان محمّد حسين هيکل فی روايته زينب تأثر إلی حدّ كبير بالأدب الفرنسي حال کونه يشکو لبعده عن الوطن وحنينه له ولقريته... ولکن قد استطاع أن يقدّم رواية فنيّة واقعيّة يبين زاوية من الحياة الريفيّة.
وأخيراً نقول: «نجح هيکل بهذا فی روايتي التعليم والتسلية والتی کانت تدور فيها الأحداث غالباً بمعزل عن الواقع...وقد استطاعت رواية زينب أن يؤخرعن عدد من الأعمال الروائية التي أتت بعدها والتقت معها في موقعها الريادی من ناحية وفي غلبة طابع الاعترافات الذاتية عليها من ناحية أُخری.» [91]

طه حسين و"الأيام"

«نشر "طه حسين" الجزء الأول من أيامه عام 1929م، والجزء الثاني1939م، وأديب عام 1935م، ويلتقي العملان في أنهما يقتربان کثيراً من روايات الترجمة الذاتيه وفي أنهما کذلک حاولا رصد حرکة الوعي الثقافي التي بدأت فی أوائل هذا القرن من خلال تمرد العقليّة الأزهريّة علی جمودها المستسلم، وقد حاول العملان... تقديم صورة تسجيليّة للمجتمع المصري خاصة فی الريف آنذاک فی نشاطاته العامة والخاصة.» [92]
«کتب طه حسين، الأيام وهو يحس بأنّه يعيش حياة بائسة، يسيطر عليها طابع بارز، هو طابع الحرمان، وکان العامل المباشر الذي جعل من الحرمان اللون البارز الذي يلّون حياته يتمثل فی جهل بيئته وفقرها، هذه البيئة التي تعيش حياة غيبية لا تعترف بالعلم الحديث، ولا تستطيع أن تمنح الطفل الحنان الذي يرطب حياته، ولا الطبيب الذي يعالجه ولا التربية الصالحة التي تشفي جراح نفسه ...والتقی فی «باريس» بالسيدة التي منحته بعض العزاء وعوضته عن الحرمان...» [93]

و«لا يمثل کتاب الأيام المحاولة الوحيدة التي ساهم بها الدکتور طه حسين، في ميدان الرواية في فترة ما بين الحربين، فقد قدّم لنا المؤلف في نفس الفترة المحاولة الثانية في کتابه "أديب" ليکون حلقة الاتصال التي تربط بين الأيام فی جزأيها الأول والثاني، وبين الأيام في جزئها الثالث...» [94]
إبراهيم المازني و"إبراهيم الکاتب"

«صدرت هذه الرواية فی يوليو سنة 1931م، أيام حکم "صدقي" المعروف باستبدادة وتسلطه وتعد فترة حکمه من1930-1935م، من أشد الفترات في تاريخنا الحديث، حيث تعکس تکشيفاً لکل آلام العصر التي جاءت نتيجة لاستمرار الاحتلال وفشل الثورة وإلغاء الدستور والاستبداد الداخلي وتذبذب القيم الاجتماعية والأدبية...» [95]

«والرواية تصور قلق بطلها- وهو يمثل الکاتب بلا شک، ولا يخدعنا إصراره علی نفي هذا فی المقدمة _ إزاء نماذج المرأة التي يفرزها المجتمع وعجزه عن، أن يکمل مع إحداهن تجربة حب ترضييه ويرضي عنها... ليس عجز البطل هنا عجزاً عاطفياً فحسب، وإنّما هو عجز شامل عن إحراز أي نصر فی مجتمع اضطربت أوضاعه واهتزت بعض قيمه، ولم يدرک العاطفيون فيه وسيلة الخلاص من أزماته، هکذا تلتقي هذه الرواية مع رواية زينب في أکثر من محور، لعل أهمها هو تجسيد أزمات العصر في أزمة العاطفة...» [96]

محمودالعقاد وروايته "سارة"

«رواية "سارة"، "لعباس محمود عباس العقاد"، 1938م، "إبراهيم الثاني"، "لإبراهيم عبدالقادر المازني"، 1943م، "الرباط المقدس"، "لتوفيق الحکيم" 1944م وتحلل هذه الروايات الثلاثة علاقة الرجل بالمرأة من زوايا المختلفة...» [97]

و«العقاد کغيره من شباب جيله من الأدباء تعرض للقلق والألم والشک وهي السمات التي تجمع بينهم جميعاً ولکن وسيلة للخروج من أزمته الذاتيه تختلف عن الوسيلة التي لجأ إليها کل منهم، وإذا کان المازني قد حاول الخروج من أزمته بالسخرية من نفسه ومن الآخرين، فإن وسيلة العقاد للخروج من هذه الأزمة تتمثل في اعتزازه الشديد بذاته واستعلائه علی الآخرين.» [98]

توفيق الحکيم وروايته «عودة الروح»

«وفي عودة الروح لتوفيق الحکيم نلتقي بأنجح المحاولات التي استغلت الترجمة الذاتية، لتقدم لنا رواية فنية، حققت قدراً کبيراً من النجاح ... يبدو أنّ "توفيق الحکيم" کان الوحيد من بين زملائه الذي تبلورت أزمته الذاتية وقلقه وألمه حول الفن... فهو يصّر فی باريس علی أن يرتدی لباس الفنان، ويتخذ مظهره رمزاً لرغبته المتلهفة وحرصه علی الانتحار إلی هذه الفئة...» [99]
وتوفيق الحکيم أختار تجربة حياته الخاصة ميداناً لروايته،... تمثل "عودة الروح"، و"عصفور من الشرق"، و"يوميات نائب فی الأرياف"، سلسلة الحلقات يستعرض فيها مراحل حياته...» [100]

نجيب محفوظ ودوره فی تطور الرواية الفنية
«يحتل "نجيب محفوظ" مکاناً فريداً فی تاريخ الرواية العربية، وقد لعب فی تطورها دوراً لا أخاله أتيح لکثيرين غيره من کتاب الرواية فی العالم... يقف نجيب محفوظ علی رأس الجيل الثاني من کتاب الرواية فی مصر والجيل الثاني فبدأ ظهوره فی الأربعينات وهم "نجيب محفوظ"، و"إسحار"، و"عادل کامل"، و"يحيی حقّي" و"عبد الحليم عبد الله"، و"يوسف السباعي".» [101]

«حاول نجيب محفوظ في أثناء فترة الصراع الأيديولوجي من أجل تحديد الأصل الحضاري لمصر أن يفعل ما فعله "وولترسکوت"، [102] بالنسبة لتاريخ إنجلترا ومن هنا مضی يعد خطة لکتابة تاريخ مصر فی أربعين رواية ثم انتقل من المرحلة التاريخيّة إلی المرحلة الواقعيّة وهي تشتمل الروايات الواقعيّة التحليليّة والروايات الواقعيّة النقديّة تشمل الروايات، "القاهرة الجديدة 1945م"، "خان الخليلي 1946م"، "زقاق المدق 1947 م"، و"السراب 1948م"، و"بداية ونهاية"1941م .» [103]

الجيل الثالث من رواد الرواية الفنية
«حاولت الرواية عند أمثال "عبد الرّحمن الشّرقاوی"، و"صالح مرسي"، و"يوسف إدريس"، و"عبد الستار خليف"، أن تقدم الواقعيّة التحليليّة من خلال صيغة اجتماعيّة نازعة إلی التعبيرعن الرغبة فی إقامة دعائم بناء اجتماعي جديد.» [104]

«اتجه عبد الرّحمن الشّرقاوی» فی "الأرض 1954 م"، و"الشوارع الخليفة 1958م "، و"الفلاح 1968م"، إلی استخدام المفهوم الواقعي انتقادي واشتراکي فی آن واحد بتقديم بطله الروائي الجديد.» [105]
وأخيراً نصل إلی هذه النتيجة بأن الرواية الفنية حاولت أن تتجه إلی الواقع والأدباء استطاعوا فی هذه الفترة القصيرة أن يبقوا الآثار القيمة في مجال الرواية الفنية في الأدب العربي ويصرخوا بآثارهم عن قوميتهم وعن شخصيتهم المصرية.

المبحث الثالث :

عناصر الرواية

فن القصة تقوم بمعالجة المشاکل المحددة فی الحياة أو جانب من شخصية أو الشخصيات التي تصور الحياة الإنسانية وله مقومات منها:

الحدث [106]

«يرتبط الحدث بالشخصية فی الأعمال القصصية إرتباط العلة بالمعلول وعلی هذا فإنّ الرواية = فعل(حدث) + فاعل(شخصية)، فالحدث إذن شیء هلامي إلی أن تشکله الشخصية بحسب حرکتها نحو مسار محدد يهدف إليه الکاتب ومعنی ذلک أنّ الحدث هو "الفعل القصصي" أو هو الحادثة ”event" التي تشکلها حرکة الشخصيات، لتقدم فی النهاية تجربة إنسانية ذات دلالات معينة.» [107]

الشخصية [108]

«الشخصية هي الکائن الإنساني الذي يتحرک فی سياق الأحداث وقد تکون الشخصية من الحيوان، فيستخدم عندئذٍ کرمز يشف عمّا وراءه من شخصيّة إنسانيّة تهدف من وراءها العبرة والموعظة، کما في، "کليلة ودمنة"، والقصص التعليميّة الأُخری. وقد تکون الشخصية فی القصة رئيسية، وقد تکون ثانوية.» [109]

الشخصيه النامية [110]

«تنمو بنمو الأحداث وتقدم علی مراحل أثناء تطور الرواية وهي في حالة صراع مستمر مع الآخرين، أو في حالة صراع نفسي مع الذات.» [111]

الشخصية المسطحة [112]

«لا تکاد طبيعتها تتغير بداية القصة حتّی النهاية، وانمّا تثبت علی صفحة واحدة تکاد لاتفارقها.» [113]

لغة الحوار والسرد

«الحديث عن السرد والحوار- في حقيقته- حديث عن الوعاء اللغوي، الذي يحتوي کل عناصر القصة، باعتبارها نوعاً من فنون القول، غير أن کتابة القصة "باللغة" أصعب من کتابة القصيدة والمسرحية اللتين تستخدمان أيضاً نسقاً أسلوبياً واحداً...» [114]

السرد

«السرد قول أو خطاب صادر من السارد، يستحضر عالماً خيالياً مکوناً من أشخاص يتحرکون في إطار زماني ومکاني محدد ومادام السرد قولاً فهو لغة ومن ثم فانّه يخضع لما تخضع له اللغة من قوانين وأهداف والهدف الذي تسعی إليه اللغة هو، "التواصل أو التوصيل".» [115]

الحوار

«الحوار جزء من البنية العضوية للرواية له ضرورته وأهميته فهو يدل علی الشخصية ويحرک الحدث ويساعد علی حيوية المواقف ولابّد أن يکون دقيقاً بحيث يکون عاملاً من عوامل الکشف عن أبعاد الشخصية أو التطور بالموقف إلی تجلية النفس الغامضة أو الوصول بالفکرة المراد التعبير عنها والحوار الجيد يکشف عن معاناة شاقة مع الموقف والکلمة ودلالات اللفظ.» [116]

الزمن

«يمثل الزمن عنصراً من العناصر الأساسية التي يقوم عليها فن القص، فإذا کان الأدب يعتبر فناً زمنياً- إذا صنفنا الفنون إلی زمانية ومکانية- فإن القص هو أکثر الأنواع الأدبية التصاقاً بالزمن.» [117]
المکان
«المکان – في الحقيقة- هو البيئة التي يعيش فيها الناس ولا شک أنّ الإنسان «ابن البيئة» وهي التي تعطيه الملامح الجسدية والنفسية فنحن جميعاً بشر... لکن المکان الذي تولد فيه هو الذي يحدد سمائنا الخاصة المتميزه، لذلک يجب أن يهتم الکاتب القصصي بتحديد "المکان" اهتماماً کبيراً... فقصة الحب مثلاً تختلف اختلافاً واضحاً إذا وقعت فی قرية أومدنية أو بادية، کذلک ينبغي أن يعني الکاتب بتصوير مفردات المکان الذي تتحرک فيه الشخصيات...» [118]

https://www.diwanalarab.com/spip.php?article25310









رد مع اقتباس
قديم 2015-03-26, 17:59   رقم المشاركة : 2144
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء الاسلام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم إخواني في الله لديا بحث عن دراسة الرواية و فيه جزئية تتحدث عن القيمة الفنية للرواية فماهي خطوات دراسة الرواية من ناحية القيمة الفنيةو جزاكم الله خيرا
الرواية العربية الحديثة الخميس أكتوبر 28, 2010 1:52 pm


الرواية العربية الحديثة

جذورها – تطوراتها – اتجاهاتها

حميد أكبرى

- القصة في الأدب العربي القديم
قبلالخوض في موضوع الرواية و دراسة التحولات و التطورات التي طرأت عليها،يحسن بنا أن نصدّر كلامنا ببحث حول القصة عند العرب، و نطرح فيها أسئلةعلي غرار كل من دخل غمار هذا الموضوع، هل عرف العرب القصة؟ و هل هي وجدتعندهم؟
وقبل الجواب عن هذين السؤالين يجدر بنا أولاَ أن نوضّح موقفنامن القصة؛ هل القصة بمعناها اليوم؟ أو القصة بمعناها الذي كان سائداً عندجميع الشعوب في شكلها الشعبي؟
إذا أردنا القصة بمعناها اليوم فإنها لمتكن موجودة قديماً، و أما إذا أردناها بالمعني الذي كان سائداً في الآدابالعالمية في شكلها الشعبي و الفطري، فإنها قد كانت معروفة عند العرب منذزمن قديم، و لها تاريخ عريق من هذه الناحية، و ذلك يتبين لنا بوضوح إذاألقينا نظرة عابرة علي الأدب العربي، فالعرب منذ العصر الجاهلي كان لهمقصص و أخبار تدور حول الوقائع الحربية، و تروي الأساطير القديمة.
وعندماظهر الإسلام و نزل القرآن جاءهم «أحسن القصص» ثم تكوّنت علي هامش القرآن وتفسيره قصص و حكايات استمدت موضوعاتها و عناصرها من تعليم الدين الجديد،فظهرت قصص الأنبياء و قصص المعراج و سير النبي و... .
وقد شهدت القصةنموّا بارزا بعد ظهور الإسلام، و ذلك لاهتمام القرآن بها في بثّ معانيالدعوة الاسلامية و نقل الأخبار و الأحداث التي وقعت في الأمم الماضيةاعتباراً وعظةً للناس في عصر النبي من المسلمين و المشركين.
وعندما نصلإلي العصر الأموي نري القصة ظفرت بعناية كبيرة حيث صارت مهنة رسمية يشتغلبها رجال يسألون عليها الأجر، و هذا ما دفع الرواة علي الخروج إلي الباديةلتأليف الروايات و جمع أخبار الأحباء والشعراء العاشقين كقصة عنترة وعبلة، ليلي و مجنون، جميل و بثينة، كثير و عزّة و غيرهما.
وقد تطورتالقصة في العصر العباسي تطوراً ملحوظاً، إذ بدأت طائفة كبيرة من الكتابينقلون القصص الأعجمية إلي العربية حيث بلغت حوالي ستين ترجمة، و منأشهرها «كليلة و دمنة» لعبدالله بن المقفّع حيث فتح باباً جديداً في الأدبالقصصي العربي، و صار نموذجاً مثالياً سار علي منواله كثير من الكتابالمتأخرين الذين صاغوا أفكارهم الفلسفية علي لسان الحيوانات؛ و من القصصالأخري الهامة «ألف ليلة و ليلة» من أصل هندي أو ايراني، و قد أثّر هذاالكتاب في الأدب القصصي الجديد تأثيراً كبيراً لِمَا فيها كثير من العناصرالقصصية الجديدة.
ومن القصص المؤلّفة التي صاغها العرب أنفسهم هي«البخلاء» للجاحظ، و قد صوّر فيها أخلاق فئات من الناس، و هم البخلاء،متعرّضاً لهم آخذاً عليهم، ثم رسالة «التوابع و الزوابع» لابن شهيدالأندلسي و هي قصة خيالية موضوعها لقاءات مع شياطين الشعراء، ثم «رسالةالغفران» لأبي العلاء المعري، و هي قصة خيالية موضوعها سفر خيالي إليالجنة و الجحيم، لقي فيه أبوالعلاء شعراء الجنة و الجحيم، وانتقد من خلالهالشعر في العصر الجاهلي و الاسلامي. و قد تميزت هذه الرسالة بخيال خصب كماقال طه حسين، حيث جعلها في عداد الآثار النادرة.
وأما المقامات فهيأقرب الأنواع القصصية في الأدب العربي إلي القصة الفنية الجديدة، واعتبرها بعض المستشرقين أول مظهر للقصة العربية، و هي قصة قصيرة تدور حولمغامرات بطل موهوم يرويها راوٍ معين، غايتها تعلمية؛ و قد أجمع المؤرخونعلي أن بديع الزمان هو مبدع المقامات، و من أعلامها بعده هو الحريري.
وإضافةإلي هذه الأعمال القصصية نري القصة واصلت سيرها في تضخم و كثرة، و دخلتفيها الرحلات (رحلة ابن جبير و ابن بطوطة) والخرافات و سير الأشخاص (سيرةعنترة و سيرة بني هلال ) و... .
والذي يمكن أن نقول بعد هذا الاستقراءالعابر في الأدب العربي القديم حيث واجهتنا مجموعة هائلة من التراث القصصيإن العرب كانوا بفطرتهم ميالين إلي القصص و الأخبار، و أن القصة بمفهومهاالسائد و العادي قد وجدت عندهم منذ زمن قديم حتي قيل إن الغربيين كانوا فيبدء نهضتهم مدينين للقصص العربية القديمة، و أنهم لم يعرفوا القصة قبلاطلاعهم علي أمثال «ألف ليلة و ليلة»، و «السند باد » و... .
ونخلص منهذا كله إلي القول بأن القصة العربية نشأت و تطورت، شأنها في ذلك شأنالآداب الأخري تحت ظروف و عوامل متشابهة حسب المعتقدات و الأساطير و...، وأن الأدب العربي القديم بما فيه تراث قصصي عظيم من القصص القرآنية، و قصصالأنبياء، و سير النبي، والمقامات، والرحلات، والقصص الخيالية، والتراجمالذاتية و... قد ترك تراثاً ضخماً في مجال الأدب القصصي، و هو الذي أثّرتأثيراً بارزاً – في رأي بعض المعاصرين – في نشأة الأدب القصصي الغربي وتطوره فيما بعد.
ومع هجمة التتار و سقوط الخلافة العباسية بدأت فترةالانحطاط الأدبي في الأدب العربي؛ الأمر الذي أدّي إلي خمود الحركةالأدبية من جهة، و التشاغل عن حفظ هذا التراث الضخم من جهة أخري، و لذلكقلما نشاهد في هذه الفترة التي امتدت ستة قرون إبداعاً بارزا في مجالالقصة.
2- القصة في الأدب العربي الحديث
هنك اختلاف رأي بين العلماءالمحدثين في نشأة القصة العربية الحديثة؛ فمن يتحمّس منهم لأصلها العربي ويري أنها وليدة التراث القديم و استمراراً له، و من ينفي أن تكون هنك أيةصلة بين القصة الجديدة و بين تلك الأنماط القصصية القديمة، و يراها أنهاوليدة الإحتكك بالغرب و التعرّف إلي نتاجه القصصي و نقله إلي العربية.
وإذافحصنا في القصة العربية المعاصرة، و هي فن جديد يختلف شأنها عن شأنهاالقديم، اتضحت لنا أنها مرّت بثلاث مراحل أساسية ظهرت في كل منها مجموعةهائلة من أنواع القصة، و هي:
أ- مرحلة التقليد و التعريب (1850-1914).
ب- مرحلة التكوين و الإبداع (1914-1939).
جـ- مرحلة التأصيل و النضج (1939- حتي الآن).
أ: القصة العربية في مرحلة التقليد و التعريب
وعليالرغم من أن غالبية الباحثين قد أنكرت الصلة بين القصة العربية الحديثة وبين التراث القصصي عند العرب، إلا أن هذا الارتباط موجود بشكل بارز فيصياغة الشكل و المضمون، إذ بدت القصة الحديثة في بدء تطورها متأثرةبالأجناس القصصية المأثورة كالتراجم و المقامة و...، ومن أوضح أمثلتهاللتأثر بفن المقامة هو «حديث عيسي بن هشام» للمويلحي (1900) حيث يبدو فيهالتأثير العربي واضحاً في العناية بالأسلوب و الأحداث التي تحدث للبطلالذي يتصل بشخصيات متعددة، كما أن الأثر الغربي أيضاً يبدو فيه جلياً منحيث تنويع المناظر، و تسلسل الحكاية، و بعض ملامح التحليل النفسي.
ومنالمؤلَّفات الأخري التي وضعت علي أسلوب المقامة قصة «علم الدين» لعليمبارك، و يدور موضوعها حول عالم منوّرالفكر، اسمه «علم الدين»، يلتقيبسياح إنجليزي، و يذهب معه إلي أروبا، فيقيسان العادات و التقاليد الشرقيةوالغربية مرجِّحَينِ تارة هذا علي ذلك، و علي العكس؛ فالتأثر بأسلوبالمقامة يبدو واضحاً في هذه القصة.
ومنها «السّاق علي السّاق» لأحمدفارس الشدياق، و هي شبيهة بالتراجم الذاتية تحدّث فيها الشدياق عن مراحلحياته و أسفاره علي أسلوب المقامات، و غايته إبراز مقدرته علي استعمالالكلمات الغربية، و ذكر محاسن النساء و مثالبهن.
والتأثر بأسلوبالمقامة ساد فطرة طويلة كثر مؤلّفات عصر النهضة، و ذلك أن الكتّاب يحاولونبناء الأسس القصصية الجديدة علي أساليب القصة القديمة لحرصهم علي عدم ضياعتراثهم، و لذلك نراهم صنعوا مؤلّفات علي غرار المقامات متأثّرين بها فيالقالب كأحمد شوقي في «عذراء الهند» (1897)، موضوعه إشارات إلي تاريخ مصرالقديم، و حافظ ابراهيم في «ليالي سطيح»، موضوعه انتقادات من أوضاع مصر، ومحمد لطفي جمعة في «ليالي الروح الحائر» (1907)، و موضوعه نقد الظروفالاجتماعية في مصر.
وفي أواخر القرن التاسع عشر ظهرت موجة جديدة فيالأدب القصصي الحديث، و ذلك إثر ترجمة القصص الغربية، و قد نمت هذه الموجةفي مصر و لبنان، و كان أصحابها توّاقين إلي الأدب الغربي مشيدين به،فراحوا يترجمون القصص الغربية التي كانت موضوعاتها في الأغلب موضوعاترومانتكية حول الحبّ و الجنس دون أن ينتبهوا إلي الآثار السلبية التيتتركها هذه القصص في العقيدة و الثقافة العامة، و في نفس الوقت أن هؤلاءالكتاب أنتجوا مؤلّفات قصصية منقطعة عن الجذور العربية، مطبوعة بطابعالتقليد للقصة الغربية تغلب عليها نزعة رومانتيكية، و الغاية منها التسلية.
وقدبدأت هذه الموجة علي يد اللبنانيين؛ منهم سليم البستاني الذي اعتبر الرائدالأول لهذا التيار، فقد ألّف في فترة قصيرة فيما بين 1848 إلي 1884 عدداًكبيراً من القصص تراوحت موضوعاتها بين التاريخ و الاجتماع، و نشرها فيمجلة «الجنان»؛ و من قصصه «الهيام في جنان الشام (1870)»، موضوعها قصة بينرجل و فتاة يلتقيان تارة و يفترقان تارة أخري»؛ «زنوبيا (1871)»، موضوعهاتذكار تاريخي لموجبات الصراع بين ملكة تدمر و بين الرومان؛ «بدور (1872)»،موضوعها حول أميرة أموية عشقت عبدالرحمن الداخل؛ «أسماء (1873)، موضوعهاقصة رجال أحبّوا فتاة، و كلّ منهم يحاول أن يجبلها إليه؛ «فاتنه (1877)»؛«سلمي (1878)»؛ و «ساميه (1882)».
وبما أن سليم البستاني كان صحفياًفقد اهتمّ بتناول مختلف الموضوعات في قصصه من تاريخ و جغرافيا و اجتماع وفلسفة و رحلات و...، شأنه فيها شأن مجلته من حيث تناول الموضوعاتالمختلفة، كما أنه بحكم عمله اتجه نحو تبسيط اللغة و الاقتراب من أسلوباللغة الدارجة مما أوقعاه في الضعف و الرككة أحيانا.
والذي يجدر ذكرهأن للصحف دوراً بارزاً في نشوء القصة العربية و اتساع دائرتها و التقدّمبها إلي الأمام، فقد ظهر في فترة غير طويلة عدد كبير من الصحف و المجلاتكصحيفة «الأخبار»، «وادي النيل»، «البشير»، «الأهرام»، «المقتطف» ،«الهلال» و... وقد خصّص كل منها قسماً للقصص الموضوعة و المترجمة، أومجلات نصف شهرية اقتصرت علي نشر القصة و الرواية، منها «سلسلة الفكاهات فيأطايب الروايات»، «حديقة الأدب»، «مسامرات الشعب»، «الروايات الجديدة»،و... .
ومن أعلام القصة و الرواية في هذه المرحلة فرح أنطوان (المدنالثلات، الوحش الوحش الوحش، أورشليم الجديدة)، نقولا حداد (النص الشريف،كله نصيب، حواء الجديدة، آدم الجديد)، يعقوب صروف (فتاة مصر، أمير لبنان،فتاة الفيوم)، لبيه هاشم (قلب الرجل)، طاهر حقي (عذراء دنشواي)، منفلوطي(العبرات و النظرات) و... .
وصفوة القول في القصة و الرواية العربية فيهذه المرحلة أن أعمال هؤلاء الكتاب كانت في أغلبها تقليد للقصة الغربية،يغلب عليها السرد التاريخي أو الاجتماعي دون ارتباط بمذهب فني واضح، و لميكن أحد من هؤلاء الكتاب قاصاً متخصصاً، بل كانت القصة فنّا و عملاَثانوياً بالنسبة إليهم، و بالنسبة إلي المهنة التي يعملونها، و هو العملالصحفي؛ فسليم البستاني و فرح أنطوان، و نقولا حداد، و يعقوب صروف، و جرحيزيدان و... كانوا يصدرون مجلات شهرية، و كانت القصة المتسلسلة تمثل جزءاًمن هذه المجلات. و لهذا فإن العمل القصصي في هذه المرحلة ينقصه التخصص وفنية العمل، و هو عند هؤلاء تقليد للاتجاهات الغربية، و ليس منبعثاًانبعاثاً حقيقاً من البيئة العربية.
ولكن هنك ظاهرة فنية يجدر الوقوفعندها، و هي الجهود الروائية للذين مضوا إلي المهجر، فأتيح لهم الإطلاععلي النماذج القصصية الغربية بكمل وجه، فتأثروا بها فنضجت أعمالهم حيثتختلف عن النماذج القصصية في البلد العربي، فلا شك أن إنتاجات جبران منالقصة و الرواية كـَ«عرائس المروج (1906) و.«الأرواح التمردة (1908)»، و«العواصف (1910)»، و «الأجنحة المتكسرة (1912)» و... كان لها طعم جديد، إذيبدو فيها روح التمرد علي عوامل الجمود و موانع التطور، أو أن ما صدر عنأمين الريحاني كرواية «خارج الحريم» تختلف كثيراً من ناحية تعقّد الأحداث،أو رواية «زنبقة الغور» فإنها تمثل تطوراً ملحوظاً عن نماذجها السابقة.
ثممن الذين هاجروا إلي خارج الوطن العربي و كتبوا فيه، و خرج نتاجهم ثمرةلتزواج المجتمعين العربي و الأروبي، الدكتور محمد حسين هيكل الذي نشررواية «زينب (1914)» حيث اعتبرت هذه القصة في رأي البعض بأنها بشّرت مرحلةجديدة في القصة العربية، ألا و هي مرحلة التكوين القصصي العربي.
ب- مرحلة تكوين القصة العربية الحديثة (1914-1939)
إنفترة ما بين الحربين العالميتن اعتبرت مرحلة تكوين الأدب القصصي و الروائيعند العرب، فالحرب العالمية الأولي و ما تبعها من أحداث و تحولات في تركيبالمجتعمات العربية، و من تغيير في القيم و الموازين، و من تطور في الثقافةو السياسة و الوعي القومي و الانتفاضات الوطنية و...، كل هذه خلقت جواجديداً و ذوقاً مختلفاً عن سابقه، و تطلّبت بناءً و أسلوبا جديداً للتعبيرعن هذه التحولات الجديدة.
وكما أشرنا سابفاً أن اللبنانيين كانوا منرواد القصة في الفترة الأولي، لكن في هذه الفترة إثر هجرة اللبنانيين إليمصر و... بسبب الحروب و الفتن الداخلية، انتقلت الريادة إلي أيديالمصريين، و بما أن الجيل الجديد منهم أقبلوا علي العلوم الجديدة وتعرّفوا إلي الثقافة الأروبية و اطلعوا علي إيدئولوجيات التحرر والاستقلال، شكلوا أحزاب سياسية و منظّمات جديدة تهتف بالوعي السياسي والاجتماعي و التحرر الوطني، كما أسسوا صحفاً تبثّ الاعتزاز بالشخصيةالمصرية و الروح الوطنية في الشعب حرصاً منهم علي إحياء التاريخ المصريالقديم لبثّ روح الأمل في الشعب و الخروج من التخلّفات التي يحسّون بهاعند قياس أنفسهم بالبلدان الأروبية، لذلك وسّعوا في نشر الصحف و المجلات،و غيروا المناهج و المنظّمات التعليمية و نسّقوها حسب المناهج و المنظّماتالغربية كما انتقدوا كثيراً من العادات و التقاليد الشعبية التي تمنعهم منالحركة السريعة نحو التقدّم و الرقي.
نعم، كل هذا كوّن مناخاً جديداً وجواً مختلفاً كان يتطلب جيلاً جديداً من الكتاب ليستوعبه و يهضمه و يخرجمنه ثمرة جديدة لمجتمع جديد رنا إلي التقدّم و الرقي.
وهكذا أخذت القصةالعربية بعد الحرب العالمية الأولي طابع المحلية و القومية، و بدأت تصوّرفئات من المجتمع المصري أو اللبناني أو السوري أو العراقي بغية تحسين فضاءالمجتمع.
وفي هذا البحر المتلاطم في مصر ظهر كتاب صوّروا مجتمعهم خيرتصوير؛ منهم طه حسين الذي له دور هام في إرساء قواعد الفن القصصي، و منأعماله: «الأيام (1929)»، «أديب (1935)» حيث انتقد فيهما القضاياالاجتماعية و التعليمية و التربوية في المجتمع المصري، و «دعا الكروان(1941)» و... .
ومنهم توفيق الحكيم الذي عني بتصوير الواقع و المشكلاتالاجتماعية. و من آثاره: «عودة الروح (1931)»، «يوميات نائب في الأرياف(1937)»، «عصفور من الشرق (1938)».
ومنهم محمود تيمور الذي اهتمّبقضايا ماوراء الطبيعة و الروحانية الشرقية في رواية «نداء المجهول(1939)»، كما عني بقضايا اجتماعية و نزعات إنسانية في رواية «سلوي في مهبالريح».
ومن أعلام آخرين عيسي عبيد «ثريا (1922)»، طاهر لاشين «حواء بلا آدم (1934)»، محمد تيمور و... .
منالظواهر اللافته للنظر في هذه المرحلة ظهور اتجاه التحليل النفسي و تبيينأثره علي الأدب، و قد حمل لواء هذا الاتجاه العقاد و المازني، و ذلكبتأثرهما بمدرسة التحليل النفسي الغربي، و أرسا أسساً و قواعد في تأليف وتحليل القصص و الروايات. فمن آثار المازني: «ابراهيم الكاتب (1931)»،«ابراهيم الثاني»، «عود علي بدء (1943)»، و...، و من آثار العقاد: رواية«سارة (1938)» التي هي صورة واضحه من منهج العقاد التحليلي.
وقد بدأالوعي القومي و الإحساس بالشخصية في البلاد العربية بتأثير مصر حيث نري فيلبنان ظهرت قصص و روايات علي غرار القصص و الروايات المصرية و عالجتالقضايا القومية والمشكل الاجتماعية كرواية «العمال الصالحون (1927)»لإلياس أبوشبكه حيث تصور فيها انتحار طفل في السابعة من عمره ليتخلص منحياة الشقاء التي تسومه إياها امرأة أبيه.
ثم كرم ملحم كرم الذي أنقذالرواية اللبنانية من هاوية السقوط و أحياها من جديد؛ ومن رواياته: «بوناأنطون (1937)»، «صرخة الألم (1939)»، «الشيخ قرير العين (1944)»، «دمعةيزيد»، «صقر قريش»، «قهقهة الجزائر» و... و قد جمع في رواياته الاتجاهالتاريخي و الاجتماعي، إلا أنه يتفوق في الاجتماعية علي نفسه في التاريخية.
ومنأعلام آخرين للقصة و الرواية اللبنانية في هذه الفترة لطفي حيدر، و لهرواية «عمر أفندي (1937)»، فقد تصور فيها كوارث اجتماعية للحرب العالميةالأولي.
ومنهم أحمد مكي، و من أعماله «النداء البعيد (1939)»، تتمحور الرواية حول اختلاف الأديان حيث يمنع من زواج متحابين.
ومنهمتوفيق عواد الذي اعتبر قمة الروائيين اللبنانيين في هذه الفترة، و من أهمآثاره: «الرغيف (1939)»، و يدور موضوعها حول صراع العرب من أجل استقلالهم.
وأماالبلدان العربية الأخري أيضاً فقد خطت خطوات هامة في مجال القصة و الروايةفي هذه الفترة، ففي سوريا ظهرت جهود لافتة للنظر، و من أهمها أعمال معروفالأرناؤوط التاريخية كرواية «سيد قريش (1929)»، «عمر بن الخطاب (1936)»،إلا أنها من الناحية الفنية أقرب إلي جهود الفترة الأولي، و إن تمتّزمنياً إلي هذه الرحلة. كما أن العراق و الأردن والسودان أيضاً لها قصص وروايات، لكنها تقلّ عن البلدان السابقة من ناحية الكمّ و الكيف.
وإذاوقفنا عند الخطوط العامة عند روايات و قصص هذه المرحلة يتبين أنها فيمجموعها صورة صادقة عن أفكار الطبقة الوسطي تتمثل فيها الأحلام و الهموم والقيم و الموازين التي تتعلق بهذه الطبقة الجديدة المتوسطة، و من سماتأبناء هذه الطبقة حب الإستكشاف، و حب البحث عن الحقيقة، و الرغبة فيالمعرفة، و خوض المخاطر و التجارب الجديدة التي لا عهد لهم بها، ثم منسماتهم الأخري التأمل في ملكوت السماوات و الكون، و حب الطبيعة و الشغفبجمالها و... .
والطبقة الاجتماعية التي تناولتها قصص و روايات هذهالفترة بالتصوير و التمثيل هي الطبقة البرجوازية المتوسطة، و لذلك لا نجدفيها تعلقاً بالطبقات الأرستقراطية أو تمثيل عاداتهم و قيمهم، كما لا نجدفيها الصراع الطبقي و التنظيم الإقطاعي و ما يتفرع عليه من تكوين الطبقةالحكمة و الطبقة المستبدة، و طمس فردية الانسان و حريته، بل استبدل كلهاإلي أهمية الفرد، و التكيد علي شخصيته و تجاربه و قدرته في التخلص منالكوارث و المصائب التي تعترض سبيله نحو التحرير و الانطلاق و البحث عنالمجهول و... .
ومن الناحية الثقافية أيضاً أن أعمال هذه المرحلة ثمرةمن ثمرات امتزاج الفكرين الشرقي العربي بالغربي الأروبي و تفاعلهما في شتيالمجادلات، كما أنها تمتاز بالتخلص من ثنائية الثقافة و ثنائية الشخصية وازدواجية المشاعر و انقسام الكاتب إلي شقين في لحظات كتابة القصة والرواية؛ و ذلك أن الثفاقة الغربية تمثلت و دبّت في فكره و سلوكه، شأنهاشأن ثقافته الأصيلة، فتفاعلت الثقافتان و أصبحتا شيئاً واحداً تنتجان ثمرةمشتركة.
والذي يجدر ذكره أن القضايا الاجتماعية التي طُرِحَت في أعمالهذه المرحلة طُرِحَت من أجل إيجاد الحلول لها و معالجتها و إصلاحها، كأنشأن الكتّاب شأن المصلحين نفسه.
والنقطة الأخيرة أن كتّاب هذه المرحلةلهم رسالة اجتماعية فنية؛ فمن الناحية الاجتماعية فإنهم أصبحوا كمصلحينيبدون مواقفهم من التقاليد و الصراعات الاجتماعية و...، و من الناحيةالفنية لم تعد الأعمال القصصية و الروائية سبيلاً من سبل التفكه أوالتسلية أو منبراً لإلقاء المواعظ و النصائح أو وسيلة لعرض المعلومات والمعارف و... بل أصبحت الغاية فنية، و أصبحت الكتابة في هذا الفن عملاًيعتز به صاحبه، و يتثقف من أجله و يبحث عن كل وسائل النجاح من أجل إخراجعمله عملاً فنياً رائعاً يجمع بين الرسالة الاجتماعية و الفنية.
جـ- مرحلة تأصيل القصة العربية
هذهالمرحلة هي المرحلة الأخيرة في تطور القصة و الرواية العربية، والتياعتبرت قمة المراحل و تسمّت بمرحلة التأصيل. و قد تداخلت هذه المرحلةبالمرحلة السابقة عقداً من الزمن حيث كانت الثلاثينيات خاتمة مرحلةالتكوين و مدخلا إلي مرحلة التأصيل حيث اختارت الرواية والقصة العربيةاتجاهاً جديداً نتيجةً لأسباب و عوامل مختلفة لم تكن ميسرة لهما فيالمرحلة السابقة.
وقد أتيحت الفرصة في هذه الفترة للكتّاب للاطلاع عليالمناهج و طرق البحث العلمي و الكاديمي كما أتيحت الفرصة للاطلاع عليأنواع الدراسات النفيسة و التحليلة و الرمزية، و الأهم من هذه كلها أتيحتفرصة الإطلاع علي اللغات الأجنبية و الدراسات الواسعة في ميادين الأدبوالقصص والفروع المختلفة للفكر الأروبي بلغاته الأصلية، و كان للجامعةالمصرية فضل أساسي في تمهيد هذه كلها، إذ هيأت جيلاً حسب الأصول العلمية والمناهج الكاديمية الحديثة مهتمةً بأنواع العلوم كعلم النفس والفلسفةوالاجتماع والتاريخ، وجَعلِها في متناول اليد؛ زد علي ذلك الدعوة إليالحرية في التفكير والإشادة بالقيم الديمقراطية التي عني بطرحها الأساتذةالجامعيون علي هذا الجيل، كل هذه أخرج جيلاً جديداً من الكتّاب اتجه فيكتاباته نحو الواقعية مستعيناً بقوي العقل و المنطق في مواجهة الأحداثوالمشكل و التعبير عنها، و ابتعد عن تلك النزعة الرومانتيكية السابقة.
وقدأطلق علي هذا الجبل من الكتاب عنوان «جيل الجامعيين» و ذلك أنهم كانوا منخريجي الجامعة؛ منهم: علي أحمد بكثير خرّيج في قسم اللغة الإنكليزية؛عبدالحميد جودة السحار خريج كلية التجارة والاقتصاد؛ يوسف السباعي خريجالكلية الحربية؛ إحسان عبدالقدوس خريج كلية الحقوق؛ يوسف إدريس خريج كليةالطب، و قمة روائي هذه المرحلة نجيب محفوظ خريج كلية الآداب، قسم الفلسفة؛عبدالرحمن منيف الدكتوراه في العلوم الاقتصادية و... .
والنقطة الهامةفي أعمال هؤلاء الروائيين أنهم تخلصوا إلي حد بعيد من العيوب التي كانت فيأعمال المراحل السابقة من الناحية الفنية، كما حاولوا التخلص من عقدةالانبهار و الإعجاب بالثقافة الغربية، و من الخطف السريع لثمار الفكرالأروبي دون أن يكون علي وعي و منهجية، و رغم كل هذه التطورات الطارئة عليالقصة و الرواية العربية من ناحية البناء الفني إلا أنها مازالت تحتاج إليالكتمال في تشكيل بنائها الفني، إذ هي لم تخرج في معظمها عن قصص و رواياتِشخصيات أو أحداث كما أنها لم تكتمل بعدُ من ناحية الأسلوب حيث ترواحأسلوبها بين التصوير، و هو طابع الأسلوب الروائي و بين التقرير، و هو طابعالمقالة.
وبعد نجيب محفوظ الذي أسّس البناء الفني للقصة و الروايةالعربيتين و بلغ بهما الذروة لحد بعيد، بدأت فترة نهضوية متميزة بفضلالأحداث الدامية التي حدثت في الخمسينات و الستينات، و من أهمها هزيمة1967؛ ففي هذه المرحلة استطاعت القصة و الرواية أن تتطور و تتقدّّم كثيراًحيث ارتفعت منها تلك النقيصة التي أشرنا إليها من ناحية الأسلوب والتشكيل،إذ ظهرت تحريرات عديدة في مضامينها و أشكالها بالمقارنة مع الشكل الروائيالسابق. فمن ناحية المضمون و المحتوي حاول الروائيون الجدد بعد نجيب محفوظاستيعاب كل التحولات التي وقعت في المجتمع العربي دون العناية بطابعالمحلية و حصر أنفسهم فيها كالجيل الماضي، فظهرت أسماء كثيرة في عالمالقصة و الرواية من الأقطار العربية المختلفة كجبرا ابراهيم جبرا، غسانكنفاني، حنّا مينة، عبدالرحمن منيف، جمال الغيطاني، الطيب صالح، غادةالسّمان، حليم بركات و...، فأعمال هؤلاء وإن تفترق علي المستوي الجغرافي،لكنها تلتقي في قضايا و موضوعات مشتركة كالحرية و التحرر، السياسة،الانتماء الوطني و القومي، القضية الفلسطينية، الصراع الطبقي و... .
وأماعلي المستوي الشكلي فظهرت تنويعات في أساليب السرد و تعدّد التقنيات فيالمزج بين الوصف و التذكر و المشاهد الحوارية و... ممّا جعلت القصة والرواية العربيتين تنفصل كثر فكثر عن التقليد الأروبي، و جعلتها تعرفانالتطور والتقدّم كمثيلتهما الأروبية.
3- الرواية العربية المعاصرة
عرفالأدب العربي الحديث أنواع قصصية متعددة، منها الأقصوصة، و قصة قصيرة، وقصة، و رواية، و سيرة ذاتية و...، والذي يهمنا هنا هي الرواية، و هي التييعالج فيها المؤلف موضوعا كاملا أو كثر، زاخراً بحياة تامة واحدة أو كثر،فلا يفرغ القاريء منها إلا و قد ألمّ بحياة البطل أو الأبطال في مراحلهمالمختلفة. و ميدان الرواية فسيح أمام القاص يستطيع فيه أن يكشف الستار عنحياة أبطاله و يجلو الحوادث مهما استغرقت من وقت.
ولقد كان نشوءالرواية في الأدب العربي موكبا لبداية عصر النهضة، و قد كثر الحديث عنهابين النقاد من المستشرقين و العرب حول بدايتها حيث وقفوا إزاءها مواقفمتبانية، أهمها رأيان متباينان: أحدهما يري أن الجنس الروائي حاضر فيالتراث العربي، و الثاني ينفي أن تكون هنك أية صلة بين الرواية و تلكالأنماط القصصية القديمة.
وعلي الرغم من أن الكثير من الباحثين أنكرواالصلة بين نشأة الرواية العربية و بين التراث القصصي عند العرب، إلا أنهذا الارتباط حاضر، و قد ألقينا الضوء عليه خلال الرصد السابق للقصةبوصفها مشتملا علي الرواية أيضاً، إذ بدت الجهود الروائية الأولي متأثرةبالتراث العربي من ناحية المادة، و هذا ما ظهر بشكل جليّ في الروايةالتاريخية التي اهتمّت بإحياء جوانب من التاريخ العربي والتركيز عليأحداثه البارزة، و في هذا الإطار تدخل أعمال الروائية التاريخية لجرجيزيدان، و علي الجارم (شاعر ملك، سيدة القصور...)، و محمد سعيد العريان(قطر الندي، بنت قسطنطين)، و محمد فريد أبو حديد (ابنة الملوك، المهلهل)و... ثم تلتها نتاجات أخري كتبت علي النمط القديم خاصة المقامة، نذكر منهامثلاً: «الساق علي الساق» لفارس شدياق، و «مجمع البحرين» لليازجي، و «حديثعيسي بن هشام» للمو يلحي، إلا أن هذه الأعمال تختلف عن الرواية الحديثة منناحيتين؛ الأولي: من ناحية الأسلوب والبناء حيث تراوحت هذه الأعمال بينالمقالة و المقامة، و اعتمدت علي السرد الحدثي دون تحليل الأحداث والشخصيات ممّا جعلت الرواية في هذه الفترة غامضة الملامح و أفضت عليهاطابع التقريرية؛ و الثانية: من ناحية الغاية و الهدف حيث الغاية من هذهالأعمال لم تكن فنياً بقدر ما كان تعليماً، و ذلك أن هؤلاء الرواد كانواإما مصلحين، و إما علي صلة مع زعماء الإصلاح، و لذلك جاءت أعمالهم تعليميةمضمونية. و هكذا تستنج الصلة بين الرواية العربية الحديثة عند ظهورها، وبين الترات القصصي و الروائي عند العرب خاصة المقامة.
وقد اتخذ فريقآخر موقفا معارضاً للفريق الأول في نشوء الرواية العربية حيث يرجعه إليتأثّر الأدب العربي بالأدب الغربي في عصر النهضة مستنداً في تعليل فقدانهاإلي ضعف الخيال العربي و اختلاف لغة الأدب و لغة الكلام عند العرب، وانتشار الأمية إلي حد كبير في البلاد العربية، و قلة الأساطير، و سجالالحروب و اعتزال المرأة عن الحضور في الاجتماع و ...، كل هذه ما أفقدالأدب العربي القديم من جنس الرواية.
والذي يمكننا أن نقول بعد اطلاعناعلي هذين الرأيين المختلفين أن الرواية العربية الحديثة ظهرت متأثّرةبالأدب الغربي، فإنها و إن كانت في بدايتها تأثرت بالتراث العربي القديممن ناحية المادة و المضمون، لكنها سرعان ما انقطعت صلتها بذلك التراث، وتأثرت إلي حد بعيد بالرواية الغربية ممّا أدّت إلي تراجع المحاولات الأوليالتي ظهرت متأثرة بالتراث القصصي والروائي العربي، فالكثير من الكتاب فيهذه الفترة شغفوا بترجمة الروايات الغربية الرومانسية، و تركوا الاهتمامبتطوير ثراثهم الشعبي ممّا أدّي إلي رفض التراث القديم و قطع الصلة بينه وبين الرواية الفنية، كما أدّي إلي تغيير الغاية التعليمية من الرواية فيالطور الأول إلي التسلية و الترفيه.
وعلي الرغم من اتصال هؤلاء الكتاببالروايات الرومانسية الغربية عن طريق ترجمة تلك الآثار أولاً ثم التأليفو الإبداع علي منوالها، إلا أن سمات الرواية التقليدية تظهر بوضوح فيأعمالهم من ناحية الأسلوب و السرد التقريري، و هكذا ظهر الاتجاه الرومانسيفي الرواية العربية، و تجلّي ذلك في أعمال مصطفي لطفي المنفلوطي، و هيكل(زينب)، و جبران، و الريحاني، و كرم ملحم كرم (لا تنتحي، فريد، حرفة الألمو...) و محمود السيد، و علي الشبيبي (رنّة الكأس)، و خليل عزمي (دلال) ورضاء الدين الحيدري (الخطيئة).
وقد استمرت هذه النزعة فترة من الزمنإلي أن ظهرت إثرها أعمال أخري اهتمت بالترجمة الذاتية، و ذلك أن الروادالأوائل اصطدموا بعقبات كثيرة في محاولتهم لخلق نوع روائي؛ و من أعلام هذاالاتجاه طه حسين (الأيام)، و المازني (ابراهيم الكاتب)، و توفيق الحكيم(عودة الروح) و ...، والغاية من هذه الروايات الذاتية إبراز الشخصية والارتباط بالواقع.
وعندما وصلت الرواية العربية إلي فترة الثلاثيناتاتجهت نحو الواقعية متأثرة بالثقافة و الفكر الأروبي، و من نماذج هذاالاتجاه أعمال طه حسين، محمود تيمور، توفيق الحكيم، عبدالرحمن الشرقاوي(الأرض)، نجيب محفوظ (خان الخليلي، زقاق المدق، بين القصرين)، محمود أحمدسيد و... والغاية عند أصحاب هذا الاتجاه الوعظ الاجتماعي أو السياسي، والتعريض بالعادات، و النقد الاجتماعي و... .
ومن الاتجاهات الأخريللرواية العربية الحديثة الاتجاه النفسي، و هو حديث التكوين بعكس النزعةالباطنية البعيدة الغور، و قد تسمّي في الرواية العربية بتيار الوعي أوقصة الحوار الفردي الصامت أو القصة التحليلة. و قد ساعدت الرومانتيكيةبنزعتها الذاتية في ظهور هذا النوع من الرواية، و هو يتميز بتركيزالاهتمام علي بطل أساسي بدلاً من توزيعه علي عدة أشخاص.
والشخصية التييرتكز عليها الكاتب ليست إلا ستارا يشرح الكاتب من خلاله أفكاره الخاصة وعواطفه، حتي البطل في هذه الرواية صورة عن المؤلف. و من أعلام هذا الاتجاهعيسي عبيد (ثريا) و محمود تيمور، و طاهر لاشين (حواء بلا آدم)، و العقاد(سارة)، و المازني و... .
وأما الاتجاه الرمزي في الرواية العربية ظهرمتأخراً عن الاتجاه الرومانتيكي، و هو ظهر في بعض نتاجات الكتّاب العرب منأمثال نجيب محفوظ (اللص و الكلاب، الشحاذ، أولاد حارتنا، السمان والخريف،الطريق)، و يحيي حقي، والنقطة الهامة أن الرمزية المحضة علي طريقةالغربيين نادرة في الروايات العربية.
والإتجاه الاجتماعي في الروايةالعربية اقترن باتجاهات أخري، و كان كتّاب المهجر من أبرز الذين ساهموا فيتكوين هذا الاتجاه، إذ صوّروا الكثير من المشكل الاجتماعية والتقاليدالشعبية، و من أبرز أصحاب هذا الاتجاه ميخائيل نعيمة، و كرم ملحم كرم.
هذهكانت أهم المحاور التي تناولتها الرواية العربية قبل السبعينات، و قد وردتالرواية العربية في فترة السبعينات و ما بعدها إلي مرحلة جديدة تنوعت إليحد كبير من ناحية الأساليب و السرد و التخلص من الأسس التقليدية للسرد،كالعرض، والعقدة، والحل، كما تقدمت كثيراً في التخييل والتصوير؛ و منناحية المضمون أيضاً حاولت استيعاب جميع التحولات التي حدثت في المجتمعالعربي مع الخروج عن طابع المحلية، و تناوُلَها بالتصوير والتمثيل أينماكانت و وقعت، لذلك اهتمت بالهمّ القومي، و الصراع الطبقي، و القضاياالسياسية، قضية فلسطين، الحرية والتحرر و... و من أعلام الرواية العربيةفي السبعينات و ما بعدها جبرا ابراهيم جبرا، غسان كنفاني، حنا مينة، غادةالسمان، عبدالرحمن منيف، الطيب صالح، سحر خليفة، سهيل إدريس و... .
اتجاهات الرواية العربية في السبعينات
لحدالآن ما ذكرنا حول نشأة الرواية و الاتجاهات التي ظهرت فيها كانت كلهامطبوعة بطابع الرواية التقليدية، لكن في أواخر الستينات و بداية السبعيناتظهرت ثوراث عنيفة علي الرواية التقليدية المستهلكة، أدت إلي ظهور اتجاهاتجديدة، و إن كانت هي متأثّرة بالغرب لحد بعيد، إلا أن التأصيل والتكوينظهرا فيها في أسرع وقت ممكن، و هذه الاتجاهات الجديدة هي:
أ: رواية تيار الوعي
كانهذا الاتجاه بمثابة ثورة عارمة علي الرواية التقليدية، و قد بدأ في الأدبالغربي في نهاية القرن التاسع عشر وامتدت إلي النصف الأول علي يد «ما رسلبروست (البحث عن الزمن الضائع)»، و « جيمس جويس (أوليس)». و بهذا التيارظهرت بلبلة في عالم الرواية، إذ قبل ذلك كان الطابع الأساسي للرواية هوتسلسل الأحداث، و تفاعل البطل مع هذه الأحداث، لكن بظهور هذا التيار تغيرالأسلوب، و أصبح كتشاف العقل والباطن الخفي مثار الاهتمام، لأنه المحركالأساسي للفكر و السلوك.
و مقومات هذا الاتجاه أو التيار تتلخص فيما يلي:
الف) المونولوج الداخلي المباشر، و فيه يغيب المؤلف، و يتم الحديث فيه بضمير المفرد و الغائب.
ب) المونولوج الداخلي غير المباشر، و فيه يحضر المؤلف عبر الوصف و التعليق، و يقوم الحكي فيه بضمير المتكلم.
ج) وصف الوعي الذهي للشخصيات.
د) مناجاة النفس.
هـ) التداعي الحر من طريق الخيال و الحواس.
و) المونتاج السينمائي عن طريق تعدد الصور و تواليها.
وفيالأدب العربي تأثّر روائيون كثيرون في فترة الستينات والسبعينات بهذاالتيار الذي أدي إلي تفاهم التعبيرات الرمزية في أعمالهم؛ منهم نجيب محفوظ(الشحاذ)، حيدر حيدر (الزمن الموحش)، هاني الراهب (ألف ليلة و ليلتان)، وغادة السمان و... .
والذي ساعد علي انتشار هذه المدرسة الروائية هيالروايات المترجمة المكتوبة بهذا الأسلوب ثم ترجمة مفاهيم علم النفس، وترجمة آراء فرويد و ... حيث أثّرت في انتشار ذلك.
ب: الرواية الطليعية
والاتجاهالثاني في الرواية العربية بعد السبعينات هو الاتجاه الطبيعي أو الروايةالطليعية، و هي تعني استخدم تقنيات فنية جديدة تتجاوز الأساليب والجماليات السائدة و المعروفة، لكن بهدوء و بطء و تمهّل.
وقد تميزتالرواية الطليعية باستخدام تقنيات السينما، و التقطيع إلي صور و لوحاتمستقلة تعطي مجتمعة انطباعاً و إحساسا واحداً، كما تميزت باستخدامالمونولوج الداخلي، و الفلاش بك في تصوير ماضي الأبطال، كما أن من ميزاتهالأخري أسلوبها الشعري، و النسبية أو النظر إلي الحادثة الواحدة من زوايامختلفة و عديدة.
ومن الروائين العرب الذين تجلّت هذه العناصر فينتاجهم، جمال الغيطاني، صنع الله ابراهيم، اميل حبيبي، جبرا ابراهيم جبرا،الطاهر وطّار، عبدالرحمن منيف، الياس خوري و... .
جـ: الرواية التجريبية
هذاالاتجاه أحدثُ اتجاه ظهر في العالم الروائي، والذي اعتمد عليه المعاصرونبوصفه تقنية جديدة من أجل تجاوز واقعهم الفني المستهلك، فقامت الروايةالتجريبية علي توظيف البناءات والأحلام اللغوية، و استقلال تقنيات الشعورو اللاشعور، و انثيال الوعي و اللاوعي والأحلام، و إلغاء عنصري الزمانوالمكان و... .
وقد ظهر هذا الاتجاه بغية بناء أدب مضادّ للابداعالمتعارف عليه مسبقا عن طريق تدمير البنيات الشكلية للرواية، والعناصرالفنية، و تفجير اللغة، والخروج علي الأنماط الروائية السائدة نحو الإبداعو الإبتكار، و الولوع إلي عالم مستقبلي مجهول منقطعاً عن الماضي و الحاضر،متفائلا إلي المستقبل. ومن أشهر الروائيين الجدد، أحمد المديني حيث يري أنالرواية هي فيض لغوي و ثراء لفظي يتجاوز العادي و المألوف خارجاً عنالبناء الروائي السابق. و من أشهر رواياته (زمن بين الولادة و الحلم).
المصادر
1- الاتجاه القومي في الرواية، مصطفي عبدالغني، عالم المعرفة، الكويت، 1994م.
2- الأدب القصصي و المسرحي، احمد هيكل، الطبعة الرابعة، دار المعارف، 1983م.
3- تطور الأدب الحديث في مصر، احمد هيكل، الطبعة السادسة، دار المعارف، مصر، 1994م.
4- تطور الرواية العربية الحديثة، عبدالمحسن طه البدر، الطبعة الثالثة، دار المعارف، 1976م.
5- تطور الرواية العربية الحديثة في بلاد الشام، ابراهيم السعافين، دار المناهل، بيروت، 1987م.
6- تطور فن القصة اللبنانية، علي نجيب العطوي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1982م.
7- تكوين الرواية العربية (اللغة و رؤية العالم)، محمد كامل الخطيب، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1990م.
8- الرواية العربية: النشأة و التحول، محسن جاسم الموسوي، دار الآداب، بيروت، دون تاريخ.
9- الرواية العربية المعاصرة: بدايات و ملامح، محمد عزام، مجلة المعرفة، العدد 388، 1996م.
10- في الجهود الروائية (من سليم البستاني إلي نجيب محفوظ)، عبدالرحمن ياغي، دار الفارابي، بيروت، 1999م
https://tassoust3.yoo7.com/t376-topic









رد مع اقتباس
قديم 2015-03-26, 18:07   رقم المشاركة : 2145
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة MOHA32 مشاهدة المشاركة
بحوث عن السياسةالاستعمارية تجاه ملكيات الاراضي

السياسة الإستعمارية في الجزائر 1830-1962
مُساهمة من طرف حميدو رايس في الأحد نوفمبر 13, 2011 1:13 pm

أ/ سياسة الادماج :
هدفت إلى إذابة الجزائر في الكيان الفرنسي ، و تجلت مظاهر ذلك فيمايلي :
- عملت فرنسا غلى الحاق الجزائر بفرنسا بعد صدور مرسوم 22 جويلية 1834.
- منح السكان من الحصول على حقوقهم .
- دعم المعمرين لبناء المستوطنات .
- مصادرة الأراضي الزراعية و توزيعها على المعمرين .
ب/ سياسة مصادرة الأراضي :
انتهجت أساليب متعددة لاستلاء على الأرض منها :
- تأسيس شركات زراعية .
- انطلاق السكة الحديدية لربط سهل متيجة بميناء الجزائر 1857.
ج/ سياسة الاستيطان :
شجعتها فرنسا بعد توجيه الزراعة الجزائرية لخدمة الاقتصاد الفرنسي ، أما الشعب الجزائري فقد أخضعته إلى قوانين قاسية مثل قانون الأهالي و تجريده من مقوماته و شخصيته و ممتلكاته فأصبح متشردوا أوربا يتنتعون بحق المواطنة الفرنسية في الجزائر و كذا اليهود وفقا لقرار كريميو 1870.
د/ سياسة التنصير : و تحويل المسلمين الى مسيحيين
من أبرز مظاهرها
- تحويل المساجد إلى كنائس .
تشجيع البعثات التبشرية و هدم المؤسسات الاسلامية .
ه/ سياسة الفرنسة :
من مظاهرها :
- محاربة اللغة العربية بتجميد استعمالها .
- تشويه التريخ الوطني و محاولة غرس التاريخ الفرنسي .
- محاولة اقلاع الجزائر من واقع الانتماء العربي الاسلاني بمنح الجنسية الفرنسية للجزائريين .
التنظيم الاداري :
أبحت الجزائر أرضا فرنسية حسب الدستور الفرنسي مقسمة إلى 03 مقاطعات : قسنطينة ، الجزائر ، وهران و قد تميز النظام بــ :
أ- طابع عسكري (1830-1870).
ب- طابع مدني (بعد 1870 ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
حليل السياسة الاستعمارية :
إداريا: : تسخير إمكانيات عسكرية و مادية ضخمة لغزو و احتلال الجزائر
– محاولة خنق المقاومة - المجازر و الإبادة في حق الجزائريين
إداريا : إصدار مجموعة من المراسيم و القوانين أهمها :
مرسوم 1834 – و قانون 1848 ( إلحاق الجزائر بفرنسا)
قانون 1845 ( تقسيم الجزائر إلى 03عمالات )
قانون سيناتوس كونسيلت 14 – 07 – 1865 ( الجزائريين رعايا فرنسيين
قانون كريميو 24 – 10 – 1870 ( منح اليهود الجنسية الفرنسية )
قانون الأهالي في مارس 1871 ( إجراءات عقابية ضد الجزائريين لأتفه الأسباب )
قانون التجنيد الإجباري 03 – 02 – 1912 ( تجنيد الجزائريين )
اقتصاديا : إصدار مجموعة من المراسيم لمصادرة ملكيات الجزائريين تشجيعا لسياسة
لاستيطان و إضعافا لروح المقاومة منها :
نزع ملكية القبائل و وفقا لأمري 1844 – 1846 – 1863
قانون وارني 1873 و قانون 1887
قانون المستثمرات الفلاحية لتشجيع الشركات الأوربية
توجبه الزراعة و الصناعة لخدمة الاقتصاد الفرنسي
مـــاليا : و تتعلق بنظام الضرائب و البنوك بهدف إرهاق الجزائريين ماليا و تسهيل المعاملات
المالية للمستوطنين منها :
فتح عدة بنوك بداية من 1851 – و فرض عدة ضرائب و اتوات على الجزائريين
مجلس لتسيير الشؤون المالية الجزائرية و إصدار قانون 1900 الذي
منح المستوطنين الاستقلالية المالية و الاقتصادية عن فرنسا
اجتماعيـــــا : أسهمت القوانين و الاجراءات الفرنسية الإدارية و المالية و الاقتصادية في تدهور
الأوضاع الاجتماعية للجزائريين ( الإخضاع للمستوطنين - خماسين – الأوبئة و الأمراض-
الهجرة و النزوح و تقسيم الاعراش - المجازر - فرنسة الأسماء - محاولة مسخ الهوية
قـــضائيا : إصدار مجموعة قرارات تهدف إلى إلغاء التشريع الإسلامي في الجزائر و تعويضه
بقوانين القضاء الفرنسي منها :
قرارات و قوانين 1834 – 1854 – 1866 – 1889
ثقــافيا و دينيا : بهدف القضاء على هوية الشعب و طمس معالم شخصيته الحضارية من خلال :
فرنسة المدارس بتطبيق المناهج الفرنسية و فرنسة المحيط
محاربة تدريس اللغة العربية و التعاليم الإسلامية و التضييق على
العلماء و الأئمة و تدمير المساجد و تحويلها إلى ......
تشجيع وتمويل الحملات التنصيرية و توظيف بعض الزوايا
إبراز الانعكاسات السلبية على المجتمع الجزائري
- زوال مظاهر السيادة الجزائرية ( الكيان الجزائري)
- تفكيك البنية الاقتصادية و الاجتماعية
- تفشي الأمية و الجهل
- زرع مجتمع غريب عن الجزائر في كل شيئ
- إحلال القضاء الفرنسي محل القضاء الجزائري الإسلامي
- نشر الخراب والدمار بسبب الحملات العسكرية و سياسة الأرض المحروقة
- فرنسة المحيط الجزائري
- هجرة الجزائريين إلى الخارج

حميدو رايس

البلد: ورقلة. الجزائر العميقة
عدد المساهمات: 181
نقاط: 297
تاريخ التسجيل: 03/09/2010
العمر: 28

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
درس في التاريخ الجزائرمنذ : إبان العهد الإستعماري
مُساهمة من طرف حميدو رايس في الأحد فبراير 19, 2012 4:59 pm


السياسة الفرنسية تجاه الحركة الوطنية 1919/1954
استخدمت فرنسي ضد الحركة الوطنية سياسة مزدوجة تتمثل في الإغراءأحيانا والقمع أحيانا أخرى :
أولا : سياسة الإغراء ومظاهرها :
I- إصلاحات 1919
ii- مشروع بلوم فيوليت 1935م
•ظهر على اثر وصول الجبهة الشعبية إلى السلطة في فرنسا (الاشتراكية)حاولت تهدئة الوضع المضطرب (الإضرابات في فرنسا والجزائر ) وترضي دعاة الإدماج لقطع الطريق على دعاة الاستقلال بعد حل حرب نجم شمال إفريقيا فأصدرت بعض الإصلاحات وكلفت الوالي العام(1925/1927) موريس فيوليت بتنفيذها .
•نص مشروع بلوم فيوليت على :
- إدماج الجزائر بفرنسا
- منح النخبة حق الانتخاب في المجالس البلدية
- منح الجنسية الفرنسية للجزائريين مع الاحتفاظ بالأحول الشخصية
- إلغاء الأحكام الخاصة
- إصلاح التعليم والزراعة
•لقي المشروع اهتماما من جماعة النخبة التي دعت إلى عقد المؤتمر الإسلامي
* لقي المشروع معارضة قوية من المعمرين والتيار الاستقلالي الى جانب قيام الحرب العالمية الثانية
iii- إعلان العفو العام 09/03/1946.
Iv- دستور الجزائر 1947م
•هو قوانين لتسيير الحياة في الجزائر وهو برنامج إصلاحي لدعم السياسة الاستيطانية صدر في 20/9/1947
•تعود دواعي صدوره إلى :
-تزايد الوعي الوطني الجزائري بعد 8/5/1945
- تزايد نشاط الحركة الوطنية
تقارب وجهات نظر الحركة الوطنية وتزايد التيار الاستقلالي
- محاولة فرنسا احتواء الحركة الوطنية
- محاولة فرنسا بث الخلاف والصراع بين تيارات الحركة الوطنية
•أهم بنود الدستور :
- الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا يتساوى سكانها......
- يحافظ المسلمون على الأحوال الشخصية الإسلامية
- الوظائف العامة مدنية وعسكرية مفتوحة أمام الجزائريين على السواء
- فصل الدين عن الدولة واعتبار اللغة العربية لغة رسمية
- إنشاء مجلس جزائري منتخب ( 60نائبا جزائريا 60 نائبا فرنسيا)
مهمته دراسة ميزانية الجزائر وقراراته مرتبطة بموافقة الحكومة الفرنسية .
- إنشاء مجلس حكومة يتكون من 06 أعضاء حول الحاكم العام المعين
•ردود الفعل تجاه الدستور :
1 – موقف الكولون:لقي ترحيبا من المعمرين لأنه
- منحهم بعض الاستقلال عن حكومة باريس
- إدراكهم عدم تطبيق ما كان في صالح الجزائريين لتمركز
السلطة في أيديهم.
2 - موقف الحركة الوطنية رفض الدستور لأنه
- جاء بمساواة مزيفة
- إهمال الكيان الجزائري
- عدم إشراك الشعب الجزائري في وضعه
* مجاله في التطبيق : لم يطبق منه ما كان في صالح الشعب الجزائري فلم يفصل الدين الإسلامي ولم ترسم العربية ولم يلغى الحكم العسكري والبلديات المزدوجة ولم تفتح الوظائف وبالمقابل مكن المعمرين من الاستقلال بتسيير الجزائر وبالتالي تحكمهم أكثر في رقاب الجزائريين إلى جانب تزوير انتخابات مجلس الجزائر .
ص3
ثانيا سياسة القمع ومظاهرها:
I- حل الأحزاب ومصادرة الممتلكات ومتابعة الزعماء بالسجن أو النفي
ii- ارتكاب مجازر في حق الشعب الجزائري((8/5/1945)
•أسبابها :
- خروج الشعب الجزائري في مظاهرات بمناسبة الاحتفال بالانتصار
على النازية بدعوة من جبهة أحباب ب ح وترخص من السلطات الاستعمارية
- تنامي الوعي لدى الشعب الجزائري.
- والاحتجاج على تنكر فرنسا لوعودها ولفت أنظار الرأي العام العالمي للقضية الجزائرية
- رسالة فرنسية توحي بتمسكها بالجزائر ورفض التناماوال عنها
- محاولة فرنسا القضاء على الحركة الوطنية
•نتائج الأحداث :
- سقوط عشرات الآلاف من أبناء الشعب الجزائري
- الآلف من المفقودين المعطوبين والمعتقلين
- حرق ونهب ممتلكات الجزائريين
- تزايد العداء بين الجزائريين والمعمرين
- حل الأحزاب وسجن الزعماء
- تزايد التيار الاستقلالي والتراجع عن فكرة الإدماج
- تزايد القناعة بان ما اخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة
- إعادة بناء الحركة الوطنية وظهور المنظمة الخاصة
- اهتزاز مكانة فرنسا الدولية
- إقدام فرنسا على بعض الإصلاحات وظهور دستور 1947
iii- تزوير الانتخابات وخير مثال انتخابات مجلس الجزائر.
أزمة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية :
اثر المؤتمر الثاني للحركة أيام 4/5/6/ابريل 1953 حدثت ازمة بين المؤتمرين بسبب :
- الأزمة البربرية ومحاولة بعض المناضلين تكوين حرب داخل الحركة
- قضية الأمين دباغين وإبعاده من الحرب بسبب خلافات شخصية مع مصالي
- دخول الحركة في اللعبة وجريها وراء الانتخابات
- ظهور جناحين متصارعين بالحركة احدهما يحبذ العمل المسلح والأخر العمل السياسي
- اكتشاف المنظمة الخاصة من طرف الشرطة الفرنسية سنة 1950 ومتابعة أعضائها والتنكيل بهم
- سلبية القيادة تجاه أعضاء المنظمة
- اعتقال مصالي الحاج 1952 ونفيه إلى الخارج
وفي ظل هذه الظروف انقسم المؤتمرين إلى
1- المتعصبين لمصالي( المصليون )ويرون أن مصالي مصدر أي قرار وقراراته واجبة التنفيذ وله تفويض تام وصلاحياته مطلقة وزعامته روحية
2- أعضاء اللجنة المركزية وعلى رأسهم يوسف بن خده فيرون ان القرارات يجب ان تكون جماعية حتى تكون واجبة التنفيذ
مما ادى الى
1- عقد المصليون مؤتمر 14/15/16/جويلية 1954 وأعلنوا حل اللجنة المركزية
2- عقد المركزيون مؤتمرهم 13/14/15/أوت 1954 وقرروا عماوال مصالي الحاج ومن معه
3- قيام الفئة المحايدة ( أعضاء المنظمة الخاصة) بإنشاء اللجنة الثورية

للوحدة والعمل 23/3/1954 بقيادة محمد بوالضياف إلى جانب بن بولعيد بن لمهيدي بيطاط .حيث تم بعد ذالك
•اجتماع 22 وإنشاء مجلس الثورة جوان 1954 من 5 أعضاء أصبحوا 6 في أوت 1954
*اجتماع 10اكتوبر1954 وتم خلاله الاتفاق على
- القيادة الجماعية واعتماد على النفس
- وتشكيل الجناح السياسي (ج ت و )والجناح العسكري ( ج ت و ) تقسيم البلاد إلى خمس مناطق وتعيين قادتها وقادة الوفد الخارجي
* اجتماع 23/10/1954 وتم خلاله
- وضع بيان نوفمبر
- تحديد تاريخ وساعة قيام الثورة ( الساعة الصفر من يوم أول نوفمبر 1954 وهو ما تم بالفعل .
ظروف قيام الثورة الجزائرية :

أولا الداخلية :
- فقدان السيادة الوطنية
- السياسة الفرنسية التعسفية
- فشل النضال السياسي
- مجازر 8/5/1945 وتزايد القناعة بضرورة الكفاح المسلح
- أزمة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية
- النشوة الاستعمارية لما آلت إليه الحركة الوطنية
- ظهور اللجنة الثورية للوحدة والعمل
ثانيا الإقليمية :
- نجاح الثورة المصرية وانطلاق الثورة في تونس والمغرب
- دعم الجامعة العربية ومساندتها لحركة التحرر بالمغرب العربي
- دعم الحكومة المصرية والليبية لحركات التحرر العربية
- تزايد الحركة القومية والإجماع العربي على دعم حركات التحرر المغاربية
ثالثا الدولية :
- انتشار حركات التحرر
- انهزام فرنسا في الهند الصينية ماي 1954
- تراجع مكانة فرنسا الدولية
- الانفراج الدولي بين الشرق والغرب
- الأمم المتحدة ومبدأ حق تقرير المصير
الجزائر بين 1919/1989
العمل المسلح وردود فعل الاستعمار
أولا إستراتجية تنفيذ الثورة :
I- على المستوى الداخلي :
1- التعبئة الشعبية :
* توعية الشعب ودفعه للالتفاف حول الثورة :من خلال
- بيان أول نوفمبر وتحديد أسباب وأهداف الثورة
- التوعية الإعلامية ((توزيع المناشير والرسائل المكتوبة
والكتابات الحائطية –صحيفة المجاهد – إذاعة صوت الجزائر .أفلام تسجيلية -1959 – وكالة الأنباء الجزائرية 1961
- مساندة الشعب ضد سياسة الإبادة الاستعمارية ((
عمليات لرد الاعتبار للشعب بعد حملات الظلم والإبادة
الاهتمام بالجانب الصحي والاجتماعي .دعم التعليم
والتكفل بالبعثات الطلابية في الخارج)
*تحميل الشعب مسؤولية تنفيذ الثورة :
هجوم 20اوت 1956م بالشمال القسنطيني
ظروفها :
- فرض الحصار على منطقة لأوراس
- إعلان الأحكام العرفية
- ظهور مشروع جاك سوستال الإصلاحي
استشهاد ديدوش موراد واعتقال مصطفى وبيطاط

أهداف الهجومات :
-الحصول على السلاح من يد العدو
- الرد على المجازر التي قام بها العدو
- تفنيد ادعاءات العدو أن الثورة مجرد قطاع طرق
- القضاء على أي تردد في الالتحاق بالثورة
- فك الحصار على لأوراس
- التضامن مع المغرب في الذكرة الثانية لنفي محمد الخامس.
نتائج الهجومات :
- فك الحصار على لأوراس
- تزايد التفاف الشعب حول الثورة والتحاق مختلف تيارات الحركة الوطنية بالثورة
- تأكيد قوة الثورة ودحض ادعاءات العدو
- انطلاق الثورة بالولاية الرابعة
- قيام فرنسا بجلب المزيد من القوات حتى بلغ الجيش الفرنسي 400الف جندي وارتكاب مجازر في حق الشعب الأعماوال
- سقوط حكومة منداس فرانس
- تدويل القضية الجزائرية ((الدورة العشرة للأمم المتحدة195
* مقاطعة الإدارة الاستعمارية
* تنظيم المظاهرات والإضرابات
-/ إضراب 8 أيام 28/1 إلى 4/2 1957
أهدافه :
- دحض ادعاءات العدو بان الثورة عبارة عن قطاع الطرق
- تحقيق القطيعة النهائية بين الشعب والاستعمار
- دفع الشعب للالتفاف أكثر حول الثورة
لفت أنظار الرأي العالم العالمي
ردود الفعل الفرنسية :
- العمل بكل الوسائل لإجهاض الإضراب
- إنشاء إذاعة سرية بهدف الدعاية المظللة
- التهديد بالعقوبات ضد المضربين
- تزايد عدد القوات بالعاصمة
- عماوال الأحياء الشعبية
- /مظاهرات 11/ديسمبر1960
أسبابها :
ظهور سياسة القوة الثالثة
فشل مفاوضات مولان بسبب تمسك فرنسا بسياسة الجزائر جزائرية من دون جبهة التحرير وفصل الصحراء
نتائجها :
- استشهاد 800 وإصابة أكثر من 1000من الجزائريين
- تزايد دعم الراي العالمي للقضية الجزائرية
- تزايد تدويل القضية الجزائرية
- انقسام الفرنسيين وبوادر الحرب الأهلية الفرنسية
- انطلاق مرحلة جديدة وجدية أكثر من المفاوضات
- إفشال فكرة القوة الثالثة
- /مظاهرات 17/10/1961
أسبابها :
- فشل المراحل الجديدة من المفاوضات بسبب استمرار
فكرة فصل الصحراء فقام المهاجرين بفرنسا بهذه
المظاهرات لدعم جبهة التحرير الوطني
نتائجها
- استشهاد 300واعتقال 1200 جزائري وفرض حالة منع التجوال في حق الجزائريين ليلا
- خروج الطلبة الفرنسيين بشعار الجزائر جزائرية
- تنديد عالمي بسياسة فرنسا تجاه المتظاهرين
- دفع فرنسا الى الدخول في مفاوضات لحل المشكلة الجزائرية
2- التنظيم المؤسساتي :
بعد سنتين من الثورة تطورت الثورة من حيث العدد
والانتشار مما أصبح يتطلب تزويدها بهياكل لضمان استمراريتا وسيرها الحسن لذالك عقد مؤتمر الصومام 20/أوت 1956
ظروف انعقاده :
- شمولية الثورة لكل التراب الوطني
- شمولية الثورة لكل فئات الشعب الجزائري
* مشاركة المدنيين في هجومات 20اوت 1955
* ظهور الاتحاد العام للعمال الجزائريين 1956
* تشكيل الاتحاد الوطني للطلبة المسلمين الجزائريين
* استقطاب الثورة لمختلف اتجاهات الحركة الوطنية
-نجاح الثورة في كسب تأييد ومساندة عدد هام من الدول
- تطوير العدو لأساليبه وإمكانياته مستهدفا القضاء على الثورة
قراراته التنظيم المؤسساتي
- تأسيس المجلس الوطني للثورة
- إنشاء لجنة التنسيق والتنفيذ لإدارة الجهاز العسكري والسياسي للثورة
- إنشاء لجان فرعية تابعة للجنة التنسيق والتنفيذ لجنة الدعاية والأخبار – اللجنة السياسية – اللجنة الاقتصادية – اللجنة الثقافية
- تقسيم الجزائر الى 06 ولايات عسكرية (تقسيم كل ولاية الى مناطق وكل منطقة الى نواحي وكل ناحية الى اقسام
البناء الهيكلي لجيش التحرير الوطني وتحديد المسؤوليات :
•تقسمه إلى مجاهدين ومسبلين وفدائيين
•توحيد الرتب وتحديد المرتبات
•تنظيم وحدات جيش التحريرالفوج الفرقة الكتيبة الفيلق
- إيجاد مصالح لجيش التحرير وفقا لما في الجيوش النظامية الكبرى
3- المخططات العسكرية :
- اعتماد حرب العصابات الكر والفر
- الاختيار الدقيق للزمان والمكان لزيادة مفعول الثورة
- تكوين جيش الحدود بهدف القيام بعمليات لفك الحصار على الداخل
- تكثيف العمل الفدائي بالمدن وتخريب المواصلات وطرقها والاتصالات
- نقل العمل العسكري إلى داخل فرنسا
ii – على المستوى الخارجي :
- التمثيل الدبلوماسي:
بهدف دحض ادعاءات العدو وكسب دعم وتأييد الرأي العام الدولي ركزت الثورة على العمل الدبلوماسي من خلال جهاز خاص لذالك وتمثل في
•المنسق العام للثورة محمد بوضياف
•الوفد الخارجي للثورة (( ايت احمد بن بله خيضر ))
•وفود جبهة التحرير نحو الدول المؤتمرات والمنظمات واللقاءات الدولية والجهوية
•قسم التنسيق بين الدخل والخارج برآسة امحمد يزيد
•قسم الشؤون الخارجية برآسة محمد الأمين دباغين
•وزارة الشؤون الخارجية للحكومة المؤقتة الجزائرية
•وزارة الاعلام
•التنظيمات الجماهرية ومشاركاتها الدولية
أهداف دبلوماسية الثورة :
•التعريف بالقضية في المحافل الدولية
•فضح السياسة والإعلام الاستعماري
•العمل على كسب تعاطف الرأي العام العالمي
•العمل على عماوال فرنسا دبلوماسيا
•إثارة الرأي العالم الفرنسي
•الحصول على الدعم الدولي المادي والسياسي
القضية الجزائرية في المحافل الدولية
•في الأمم المتحدة
•على مستوى القارة الإفريقية
•على مستوى الوطن العربي
•على مستوى المغرب العربي
ثانيا إستراتجية الاستعمار في القضاء على الثورة :
I- في الجزائر
1 – المخططات العسكرية المختلفة
* مضاعفة عدد القوات والعتاد مع مرور الأيام
* الاستعانة بالحلف الأطلسي
* إنشاء المناطق المحرمة في الأرياف لعماوال الثورة عن
* إتباع سياسة القمع والقاف الجماعي
* سياسة التجويع وتقنين الغذاء
* إنشاء مكاتب الفرق الإدارية الخاصةsas
* إقامة المحتشدات ومراكز التجميع والتعذيب
* إرغام عشرات الآلاف على الهجرة
* القيام بعمليات عسكرية مدققة بهدف القضاء على الثورة
* محاولة فصل الثورة عن الخارج عن طريق خطي موريس وشال الشائكين والمكهربين والملغمين
•مخطط شال والمتمثل في :
- منح قواته حق المتابعة خارج الحدود (( ساقية سيدي يوسف ))
- تكثيف العمليات العسكرية على الثورة الواحدة تلوى الأخرى
- المكوث في المناطق المهاجمة حتى تجتث الثورة منها (( + عملية التاج بالولاية الخامسة ابريل 1959
+عملية الحزام في الولاية الرابعة 1959 +عملية الأحجار الكريمةالولاية الثانية نوفمبر1959 + عملية المنظار الولاية الثالثة 1959
- استعمال الأسلحة المحرمة دوليا
2- المخططات الاغرائية :
* مشروع جاك سوستال الإصلاحي
* مشروع قسنطينة 13/10/1958
أ - الأهداف المعلنة للمشروع :
- إعادة توزيع الأراضي الزراعية منح الجزائريين 250الف /هـ
- توسيع الخدمة العامة وإقامة 250 ألف مسكن للجزائريين
- توفير مقاعد دراسية لثلثي أطفال الجزائريين
- العمل على تطوير اقتصاد الجزائر للقضاء على التخلف
- فتح 400الف وظيفة أمام المسلمين وتخصيص 10% من الوظائف العليا للجزائريين
- ضمان زيادة الدخل الوطني ب 7.5% للجزائريين
ب- الأهداف الخفية للمشروع
- ربط الجزائر اكثر بفرنسا
- خلق طبقة برجوازية مرتبطة بفرنسا
- الفصل بين الثورة الشعب الجزائري
- مراقبة تحركات الجزائريين
- اقناع الراي العام العالمي والداخلي بان الثورة ثورة اقتصادية واجتماعية
3- المخططات السياسية :
- العمل على إنشاء ما أطلق عليه اسم القوة الثالثة
- إرغام الشعب على تصويت على دستور الجمهورية 28/07/1958 الخامسة وتزوير نتاج الاستفتاء 96.5%
- عرض مشروع سلم الشجعان 23/10/1958
- طرح مشروع حق تقرير المصير 06/09/1959 وقف القتال فورا + السلم لمدة 04 سنوات + استفتاء تقرير المصير بعد انتهاء الأربعة سنوات
4- مشاريع التقسيم
- مشروع تقسيم الشمال إلى ثلاث مناطق 1957
أ*- جمهورية قسنطينة ذات الحكم الذاتي
ب*- الإقليم الفرنسي لمنطقتي الجزائر ووهران
ت*- منطقة تلمسان ذات الحكم الذاتي
- مخطط تجميع المستوطنين لسنة1961
فصل الصحراء عن الجزائر 10/1/1957 وتقسيمها إلى عمالة الساورة وعمالة الواحات07/08/ 1957 و07/12/1960
ii- في الخرج :
- اعتبار القضية الجزائرية شأن داخلي ومعارضة عرضها في المحافل الدولية
- محاولة محاصرة الثورة الجزائرية من خلال حل مشاكل الدول المجاورة للجز
- مهام البناء الوطني والخيارات السياسية والعقائدية
أولا المخططات الإنمائية
1- في المجال الاقتصادي :
•إتباع النهج الاشتراكي قبل 1989:
- تباع أسلوب التخطيط المخطط الثاني 1, 2 والمخطط الرباعي والمخطط الخماسي الأول والثاني
- إتباع أسلوب التأميم (( تأميم أراضي المعمرين وبنك الجزائر وإنشاء شركات وطنية 1963- تأميم البنوك الأجنبية والمناجم 1966- تأميم المحروقات وأراضي الثورة الزراعية 1971
- إتباع أسلوب التسيير الذاتي في الميدان الزراعي 1963 ثم الثورة الزراعية 1972 بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي من خلال تحديث الزراعة ثم التراجع عن الثورة الزراعية وظهور قانون المستثمرات الفلاحية
- إقامة صناعة وطنية والاهتمام بالصناعة الثقيلة ومع منتصف الثمانينات برزت إعادة هيكلة الشركات وسياسة الخوصصة 1987
- احتكار الدولة للتجارة الخارجية وإنشاء الدواوين الوطنية
والاهتمام بقطاع المواصلات وتنويع الأسواق الخارجية
•إتباع اقتصاد السوق منذ 1989 :
- خصخصة المؤسسات الاقتصادية
- العمل على جلب الاستثمار الأجنبي
تحرير التجارة الخارجية
مهام البناء الوطني والخيارات السياسية والعقائدية

أولا المخططات الإنمائية
1- في المجال الاقتصادي :
•إتباع النهج الاشتراكي قبل 1989:
- إتباع أسلوب التخطيط (( المخطط الثاني 1, 2 والمخطط الرباعي والمخطط الخماسي الأول والثاني
- إتباع أسلوب التأميم تأميم أراضي المعمرين وبنك الجزائر وإنشاء شركات وطنية 1963- تأميم البنوك الأجنبية والمناجم 1966- تأميم المحروقات وأراضي الثورة الزراعية 1971
- إتباع أسلوب التسيير الذاتي في الميدان الزراعي 1963 ثم الثورة الزراعية 1972 بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي من خلال تحديث الزراعة ثم التراجع عن الثورة الزراعية وظهور قانون المستثمرات الفلاحية
- إقامة صناعة وطنية والاهتمام بالصناعة الثقيلة ومع منتصف الثمانينات برزت إعادة هيكلة الشركات وسياسة الخوصصة 1987
- احتكار الدولة للتجارة الخارجية وإنشاء الدواوين الوطنية
والاهتمام بقطاع المواصلات وتنويع الأسواق الخارجية
•إتباع اقتصاد السوق منذ 1989 :
- خصخصة المؤسسات الاقتصادية
- العمل على جلب الاستثمار الأجنبي
تحرير التجارة الخارجية
•من الأحادية الحربية إلى التعددية:
الثر اضطرابات 5/10/1988
- ظهر دستور 23/2/1989 والتعددية السياسية
- إنشاء المجلس الدستوري 9/3/1989
1- الخارجية :
•الانضمام للأمم المتحدة 8/10/1962
•السعي لأن تكون طرف فاعل في حركة عدم الانحياز
الدخول في مفاوضات مع فرنسا للتخلص من قيود اتفاقيات أيفيان
•دعم حركات التحرر ومناهضة الاستعمار ومساندة القضية الفلسطينية والمشاركة في الحروب العربية الإسرائيلية
•تزعم جبهة الصمود والتصدي
•الدور الفعال في المنظمات الإقليمية والعالمية
•دعم القضايا العادلة في العالم المساهمة في فض الكثير من الخلافات الدولية – إدراج القضية الفلسطينية في جدول أعمال الأمم المتحدة – المطالبة بنظام اقتصادي دولي جديد وعادل – دعم قضية الشعب الصحراوي
الحركة الوطنية 1919/1954-تزايد الوعي الوطني-
أدت الحرب العالمية الأولى وإصلاحات 1919 م بالجزائر إلى ظهور حركة المقاومة السياسية بالجزائر والتي عرفت بالحركة الوطنية وأهمها
أولا الأحزاب السياسية:
1 – اتجاه المساواة (( دعاة الإصلاح))
* ظهر سنة 1919 بزعامة الأمير خالد تحت اسم حرب الإخاء الجزائري وتمثلت مطالبه في:
- المساواة بين الجزائريين والمعمرين
- الحفظ على المقومات
- حرية العبادة والصحافة والاجتماع
- التعليم إ م بالعربية والفرنسية
- إلغاء القوانين الاستثنائية
* لقي معارضة من المعمرين فحل ونفي الأمير 23
2 – اتجاه المساواة (( دعاة الإدماج ))
* ظهر في جوان 1927 بزعامة عباس/التهامي/حلول
* تعرض للانقسام بعد المؤتمر الإسلامي 7/6/36
أ- التجمع الفرنسي الإسلامي الجزائري /جلول
ب- اتحاد الشعب الجزائري/عباس وتمثلت مطالب الأخرير قي :
- المساواة التامة
- الاندماج عن طريق التجنس الجماعي
- إلغاء القوانين الاستثنائية
* أصبح فرحات عباس خلال الحرب العالمية الثانية
منشط الحركة الوطنية حيث تمكن مع جمعية العلماء وحرب الشعب الجزائري من إصدار بيان الجزائر 10فيفري 1943 :
محتوى البيان :
1- إدانة الإدماج واستنكار الاستعمار والقضاء عليه
2- تطبيق حق تطبيق المصير لكل الشعوب
3- منح الجزائر دستورا خاصا يضمن ما يلي :
- الحرية والمساواة دون تمييز عرقي أوديني
- إلغاء الإقطاع ا لفلاحي وتحقيق الإصلاح الزراعي
- جعل اللغة العربية رسمية مثل الفرنسية
- حرية الصحافة والاجتماع
- التعليم الإجباري المجاني للكل
- حرية الدين وفصل الدين الإسلامي عن الدولة
- مشاركة الجزائريين العاجلة في حكم بلادهم
- إطلاق صراح المساجين السياسيين
ردود الفعل تجاه البيان:
1 - الحلفاء : اعتبروا إن ما يجري أمر داخلي فرنسي وأنهم يدعمونها في كل ما تتخذه من إجراءات
2 - الوالي العام الفرنسي بالجزائر :
- أعلن انه سوف يؤخذ بعين الاعتبار في وضع دستور الجزائر بعد الحرب وذالك لكسب الوقت
شن حملة من الاعتقالات والمتابعات ضد /س
3 – الحكومة الفرنسية :
تقدم ديغول بمشروع إصلاحات 12/12/1943 ظهرت في أمرية 7/3/1944 وهي أحيا لمشروع
بلوم فيوليت
* قام فرحات عباس بالرد على مشروع 7/3/1944 بإنشاءجبهة أحباب البيان والحرية 14/3/1944
* عبد إعلان العفو العام سنة 1946 قام فرحات عباس بالعادة تشكيل حربه تحت اسم الاتحاد الديمقراطي
للبيان الجزائري وأصبحت مطالبه :
- إقامة جمهورية جزائرية متحدة مع فرنسا فدراليا
3- الاتجاه الاستقلالي :
* ظهر في شكل نقابة لعمال شمال إفريقيا تحت اسم نجم شمال إفريقيا ثم تحول إلى حرب سياسي
20/6/1926 بطالب باستقلال بلدان المغرب العربي ثم أصبح حرب جزائري فيفري 1927 بزعامة مصالي
الحاج وتمثلت مطالبه في :
- الاستقلال التام للجزائر
-جلاء الجيش الفرنسي
- إنشاء جيش جزائري
- مصادرة أملاك الكولون والشركات الاحتكارية
- إنشاء مجلس وطني منتخب
•تعرض للحضر سنة1929 ثم سنة 1933 وحل قضائيا 26/1/1937 ليظهر تحت اسم جديد حرب الشعب الجزائري 1/3/1937 م وكانت مطالبه تتمثل في :
- إنشاء حكومة مستقلة عن فرنسا
- إنشاء برلمان جزائري
- احترام الشعب الجزائري
- احترام اللغة العربية والدين الإسلامي
•تعرض الحرب للحل في بداية الحرب العالمية الثانية
•شارك بفعالية في بيان فيفري 1943
•ظهر بعد الحرب2/11/ 1946 تحت اسم حركة الانتصار للحريات الديمقراطية وتمثلت أهدافه في
- إلغاء النظام الاستعماري وإقامة نظام وسيادة وطنية
- إجراء انتخابات عامة دون تمييز عرقي أو ديني
- إقامة جمهورية جزائرية مستقلة ديمقراطية- اجتماعية
•انشأ الحرب جناح عسكري سري عرف بالمنظمة الخاصة فيفري 1947 هدفها الإعداد المادي والبشري للكفاح المسلح
4- الحرب الشيوعي الجزائري
* ظهر كفرع للحزب الشيوعي الفرنسي 1936 بزعامة عمار اورزقان ثم كحرب جزائري جويلية 1936.
وتمثلت مطالبة في:
- المساواة في الحقوق بين الفرنسيين والجزائريين .
- المطالبة بالجنسية المزدوجة .
- إنشاء حكومة منتخبة يكون لها ممثل في فرنسا .
* ظهر بعد الحرب العالمية الثانية 1946 تحت اسم أصحاب الحرية والديمقراطية .

ثانيا الحركة الإصلاحية:
•وظهرت سنة 1927 تحت اسم نادي الترقي ثم انبثق منها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين5/5/1931بزعامة عبد الحميد بن باديس وعضوية البشير الإبراهيمي ألعقبي والتبسي وتمثل برنامجها في
- حرية التعليم العربي وفتح المدارس
- رفع القيود عن الإسلام وفصله عن الدولة
- محاربة الإدماج والتجنس والتنصير
- إصلاح المجتمع بالعودة بالدين الإسلامي إلى أصوله الصحيحة
- حرية الصحافة
* تمثلت وسائل الجمعية في
1 الصحافة ((المنتقد-الشهاب –الشريعة المحمدية- السنة النبوية – الصراط المستقيم – البصائر))
المدارس أكثر من 150 مدرسة
2 المساجد
3 النوادي
بعد وفاة عبد الحميد أصبحت بقيادة البشير الإبراهيمي
*لعبت دورا بارزا في المؤتمر الإسلامي 1937 وبيان الجزائر فيفري 1943
=المؤتمر الإسلامي7/6/1936 :
عقد بطلب من نخبة دعاة الإدماج لمناقشة مشروع بلوم فيوليت حيث شراك فيه التيار الاندماجي وعلى رأسه فرحات عباس إلى جانب جمعية العلماء والحزب الشيوعي وامتنع حرب الشعب الجزائري وخرج المؤتمر بالمطالب التالية
- إلغاء القوانين الأهلية
الاعتراف بالعربية لغة رسمية
- محافظة المسلمين على أحوالهم الشخصية
- الانتخاب مشترك في صندوق وا حد
- القيام بتطهير عام في الإدارة الجزائرية
- تمثيل الجزائريين في البرلمان الفرنسي
قدمت مطالب المؤتمر لرئس الحكومة الفرنسية الذي وعد بدراستها غير انها لقيت معارضة من الكولون. م
استعادة السيادة الوطنية وبناء الدولة الجزائرية
المفاوضات واتفاقيات الاستقلال:
أولا الأسباب والدوافع:
•فشل الحل العسكري بالنسبة لفرنسا
•تزايد التكاليف الباهظة للحرب والتي أنهكت فرنسا
•عجز فرنسا بإقناع الرأي العام العالمي بموقفها
•تزايد معارضة الشارع الفرنسي للحرب في الجزائر الأمهات الفرنسيات + الطلبة الفرنسيين
•اقتناع فرنسا بخطر الثورة على السيادة الفرنسية
•عمل الثورة بكشف الادعاءات الفرنسية بتبنيها حق تقرير المصير
•محاولة الثورة تحقيق الأهداف بأقل التكاليف
ثانيا مبادئ المفاوضات :
•وحدة التراب والشعب
•السيادة الجزائرية الكاملة
•جبهة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري
ثالثا مراحل المفاوضات :
1- محادثات مولان : 27-29/06/1960
انتهت بالفشل بسبب تمسك فرنسا ب
•وقف القتال أولا
•يجب أن تكون المفاوضات متعددة الأطراف
•فصل الصحراء
2- لقاء لوسارن بسويسرا 20/02/1961:
- جاءت على اثر مظاهرات 11/12/1960 التي أقنعت
فرنسا والعالم بأن جبهة التحرير هي الممثل الشرعي
والوحيد للشعب الجزائري
- فشلت المفاوضات بسبب تمسك كل طرف بمواقفه


الوقف الفرنسي
الموقف الجزائري

- الحكم الذاتي
- تجزئة الجزائر عرقيا ودينيا
- فصل الصحراء عن الشمال
- الطاولة المستديرة
- الهدنة
- السيادة الكاملة
- وحدة الأمة الجزائرية
- الوحدة الترابية
- جبهة التحرير الممثل
الشرعي والوحيد للشعب
الجزائري
- وقف إطلاق النار
-

3-
مفاوضات أيفيان الأولى :20/ماي 1961
جاءت على اثر محاولة الانقلاب 22افريل 1961
وقد فشلت بسبب تمسك فرنسا بفصل الصحراء والمبالغة
في الحفاظ على امتيازات المعمرين
4- لقاء بال بسويسرا اكتوبر نوفمبر
اكتوبر نوفمبر 1961 جاءت اثر مظاهرات 17/10/1961
وتم خلالها التطرق ل :
•سير المرحلة الانتقالية والهيئة التنفيذية المؤقتة
•الواجد العسكري الفرنسي في الجزائر المستقلة
•انضمام الجزائر الى منظمة الفرانكفونية
•مبدأ ازدواجية الجنسية
5- اتفاقيات ايفيان 7/18/1962
ادت الى توقيع الطرفين على ماعرف باتفاقيات ايفيان يوم
18/03/1962 وتمثل المحتوى في
•وقف العمل العسكري في منتصف يوم 19/03/1962
•الاعتراف باستقلال الجزائر وسيادتها على كامل لترابها
•تأجير قاعدة المرسي الكبير 15 سنة وقاعدة رقان ومطار عنابه وبوفاريك لمدة 5 سنوات
•تكفل الجزائر بسلامة الحقوق الخاصة والامتيازات وحرية الشركات الفرنسية في ممارسة نشاطها
•التعاون بين الطرفين في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي
•تحديد الفترة الانتقالية بستة أشهر يتم خلالها التحضير
لإجراء استفتاء تقرير المصير
•تشرف اللجنة التنفيذية المشتركة على الحكم خلال
الفترة الانتقالية
ظروف قيام الدولة الجزائرية :
1- الاستفتاء وانتقال السلطة:
- تم إجراء الاستفتاء يوم 1/7/1962 وكانت النتيجة
96.5% بنعم للاستقلال
- تم الإعلان عن الاستقلال يوم 5/7/1962
- تم تكوين الجمعية التأسيسية سيبتمبر1962
- أعلنت الجمعية التأسيسية 26/9/1962 عن قيام
الجمهورية الجزائرية
2- ضخامة المشاكل الاقتصادية والاجتماعيةوالسياسية
* المشاكل الاجتماعية
أ*- مخلفات الثورة التحريرية : الملايين من اليتامى والأرامل والمعطوبين والمشردين واللاجئين والمسرحين من السجون والمحتشدات والمجاهدين العائدين من الجبال
ب*- مخلفات 132 سنة من الاستعمار الفقر والجهل والأمراض والأوبئة والبطالة
* المشاكل الاقتصادية :
أ- اقتصاد مدمر وخزانة خاوية
- صناعة ضعيفة ومخربة ومشلولة
1- فرار الإطارات الأوربية
2- انتشار الجهل بين الجزائريين
3- تهريب الأوربيين لرؤوس لأموال
4- رفض المؤسسات الدولية تمويل الاقتصاد الجزائري
5- تخريب المعمرين للمؤسسات الجزائرية قبل رحيلهم
- تجارة محتكرة وعاجزة
•المشاكل السياسية:
- قيود اتفاقيات ايفيان وكيفية التخلص منها
- الصراع على السلطة بين الجزائريين
- الأطماع الخارجية الخلاف مع المغرب على الحدود
الاختيارات الكبرى لإعادة بناء الدولة الجزائرية :
بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عقد مؤتمر طرابلس في أواخر ماي وأوائل جوان 1962 و تم خلاله تحديد الخيارات الكبرى للدولة الجزائرية المستقلة والمتمثلة في :
أولا الخيارات السياسية :
•محاربة الاستعمار ودعم حركات التحرر
•دعم السلم والتعاون الدولي العادل والمتوازن
•تجسيد الوحدة المغاربة والعربية والإفريقية
•تأكيد مبدأ الحرب الواحد والتوجه الاشتراكي وتحقيق الديمقراطية
•رفض النزعة الذاتية والارتجال
ثانيا الخيارات الاقتصادية :
•محاربة التسلط الاحتكاري والإقطاعي
•بناء اقتصاد وطني متكامل وتحقيق الاستقلال الاقتصادي
•تطبيق سياسة التخطيط
•مراجعة العلاقات الاقتصادية مع الخارج
•تطوير الريف وتصنيع البلاد
التأكيد على النظام الاشتراكي كوسيلة للتنمية الشاملة والمتوازنة
ثالثا : الخيارات الاجتماعية والثقافية
•رفع مستوى المعيشة القضاء على البطالة وتحسين الوضعية الصحية وتوفير السكن
•ترقية اللغة العربية كعنصر أساسي للهوية الوطنية
•وإحياء التراث الوطني في إطاره العربي الإسلامي
•وتجاوز التغريب الثقافي
•دعم الثقافة الوطنية على أسس علمية وثورية
* المصدر:https://belmamoune.ahlamontada.net/t633-topic

حميدو رايس

البلد: ورقلة. الجزائر العميقة
عدد المساهمات: 181
نقاط: 297
تاريخ التسجيل: 03/09/2010
العمر: 28

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بيبليوغرافيا
مُساهمة من طرف حميدو رايس في الجمعة سبتمبر 27, 2013 7:37 pm

السلام عليكم و رحمة الله

بيبليوغرافيا تاريخ الجزائر و الحرب التحرية : 1954 1962

https://www.wahat-ettarikh30.4t.com/bib.htm

حميدو رايس

البلد: ورقلة. الجزائر العميقة
عدد المساهمات: 181
نقاط: 297
تاريخ التسجيل: 03/09/2010
العمر: 28

الرجوع الى أعلى الصفحة

https://30dz.justgoo.com/t1494-topic









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مرجع, يبدة, ساساعده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc