نظرية النحو التوليدي التحويلي عند تشومسكي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > منتدى اللّغة العربيّة

منتدى اللّغة العربيّة يتناول النّقاش في قضايا اللّغة العربيّة وعلومها؛ من نحو وصرف وبلاغة، للنُّهوضِ بمكانتها، وتطوير مهارات تعلّمها وتصحيح الأخطاء الشائعة.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

نظرية النحو التوليدي التحويلي عند تشومسكي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-01-17, 09:06   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فتحي خشايمية
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










Hot News1 نظرية النحو التوليدي التحويلي عند تشومسكي

هذا البحث موجه لطلبة اللغة والأدب العربي


خطــــة البحث

تمهيـــد:
الفصل الأول

المبحث الأول : حياة تشومسكي ومؤلفاته
أ‌-حياة تشومسكي العلمية

ب- أهم مؤلفاتـــــه

المبحث الثاني: نظرية النحو التوليدي التحويلي

المبحث الثالث: المراحل التي مرت بها نظرية النحو التوليدي التحويلي


الفصل الثاني

المبحث الأول :مفهوم اللغة عند التوليديين

المبحث الثاني: دراسة القواعد النحوية عند التوليديين وخطوات منهجهم

المبحث الثالث : اللسانيات التوليدية والتوزيعية
خــــــاتــمـة

بسم الله الرحمان الرحيم









تمهيـــد:

الحمد لله على إتمام هذا العرض الذي قد يوجه الطالب إلى أهم العناصر التي تطرق إليها تشومسكي في نظريته التوليدية التحويلية في جزئها الأول( البنى التركيبية الأولى ) حيث مهدنا له بمقدمة وعقبنا عليها بعرض احتوى على مبحثين عرفنا من خلالهما على اللغوي تشومسكي والقواعد التي بنيت عليها البنى الأولى ثم عقبنا على هذين المبحثين بخاتمة هادفة معتمدين على الأمانة العلمية على مراجع المدارس اللسانية المعاصرة وهذا راجع لغموض الموضوع نوعا ما في باقي لمصادر أو المراجع وتشابه المعلومات فيها، وبذلنا جهدا معتبرا استفدنا من خلال تطلعنا على هذا المبحث الهام في الدراسة اللغوية اللسانية.


















الفصل الأول:
المبحث الأول: حياة تشومسكي ومؤلفاته
أ‌-حياة تشومسكي العلمية:

ولد أفرام نعوم تشومسكى فى السابع من ديسمبر عام 1928 م فى مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية لوالد كان يدعى ويليام تشومسكى «1897 - 1976م»، هذا الأخير الذى كان قد هاجر من روسيا عام 1913م بغية التهرب من تجنيده فى صفوف الجيش القيصرى، ليصبح فيما بعد العالم البارز فى مجال اللغويات، تلقى تشومسكى تعليمه فى إحدى مدارس ديوايت التى كانت تشتهر بتقدمها فى أساليب التعليم، كان تشومسكى لا يزال صبيا غضا فى فترة الكساد الاقتصادى الكبير الذى اجتاح الولايات المتحدة الأمريكية بين عامى «1929 - 1939م»، حيث تأثر عظيم التأثير بما شاهدة من عمليات القمع التى مارستها السلطات الحكومية لإفساد الإضرابات التى قام بها العمال، فضلا عن الامتهان واليأس والقنوط الذى كان العمال يتجرعونه وطالما أفضى بهم إلى التهور.
تتلمذ تشومسكى فى جامعة بنسلفانيا على يد زيليج س هاريس أستاذ اللغويات، والذى كان من شأن آرائه التحررية التى كانت تصطبغ بصبغة شبه فوضوية أن تركت آثارها الواضحة على انتماءات تشومسكى السياسية، حيث نبتت أعمال تشومسكى الأولى فى حديقة هاريس.
تزوج من اللغوية كارول سكاتز عام 1949م، وكتب رسالة تخرجه التى كانت تحمل عنوان «دراسة التركيب الصوتى للوحدات الصرفية فى اللغة العبرية الحديثة» والتى كانت بمثابة محاولة أولى لبناء قواعد النحو التوليدى، وحصل على درجة دكتوراه الفلسفة فى اللغويات عام 1955م ، وتم تعيينه أستاذا جامعيا بقسم اللغويات واللغات الحديثة الذى أصبح اسمه الآن قسم اللغويات والفلسفة، بمعهد ماستشوس للتكنولوجيا عام 1961م فى عام 1965م نظم لجنة من المواطنيين الأمريكيين العاديين وأعلنوا رفضهم دفع الضرائب احتجاجا على الحرب فى فيتنام. ثم نشر أول كتاب سياسى له يحمل عنوان «القوة الأمريكية والمانداريون الجدد» طبقت شهرة تشومسكى الآفاق كناقد راسخ العزم للظلم الاجتماعى فى كافة مظاهره وأشكاله، ولكى نوجز القول فإن فلسفته الاجتماعية تسلط الضوء على الآتى :
1 - الكيفية التى تفرضها مؤسسات القوى تحكمها وسيطرتها على جماهير العامة
2 - الكيفية التى باع بها المثقفون ضمائرهم وخانوا مجتمعاتهم المحلية وآثروا أن يكونوا أذنابا تخدم سلطة الدولة.
وقد أحاطت الانتقادات الحادة التى وجهها تشومسكى ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية على وجه الخصوص اللثام عن :-
1 - العنف الضارب أطنابة فى كافة أنحاء العالم نتيجة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية الموصومة بالإمبريالية.
2 - مفهوم الذات الملفق والمختلق الذى روجت له الولايات المتحدة الأمريكية وأشاعته فى كل مكان وعلى كل لسان، باعتبارها دولة حسنة النية و «خيرة بالأساس».
3 - تزييف الواقع والتلاعب بمجرياته نتيجة لذلك المفهوم المعيب الذى تدعى الولايات المتحدة الأمريكية بموجبه الصلاح لنفسها، وبأنها دائما أقوم أخلاقا من أية دولة أخرى

ب- أهم مؤلفاتـــــه:
جسّد تشومسكي أفكاره وأبحاثه اللغوية في مقالات وكتب نشرها في أزمنة متقاربة ولقد أثرت وأفادت اللسانيين في مجالات عدة، نذكر منها:
·البنى التركيبية أو التراكيب النحوية 1957.
·البنية المنطقية للنظرية اللسانية1975 la structure logique de la théorie linguistique.
·ملامح النظرية التركيبية 1965 l'aspect de la structure
syntaxique

·اللساتيات الديكارتية 1966 La linguistique Cartésienne
·الأنماط الصوتية في اللغة الانجليزية les types phonologiques de la langue Anglaise 1968
·اللغة والفكر la langue et la pensée 1968
·مسائل المعرفة والحرية1971 problème de la connaissance et de la liberté
·دراسات الدلالة في القواعد 1972 Etude sémantique de la grammaire générative
· المعرفة اللغوية:طبيعتها، أصولها واستخدامها la connaissance linguistique: les origines,et les fonctions.

المبحث الثاني : المراحل التي مرت بها نظرية النحو التوليدي التحويلي:

لقد احدث تشومسكي ثورة عالمية في اللسانيات المعاصرة بحديثه عن " النظرية اللسانية التي يجب ان تحلل مقدرة المتكلم على ان ينتج الجمل التي لم يسمعها من قبل وعلى ان يتفهمها. وذلك انطلاقا من قواعد ضمنية تمكنه من توليد الجمل وتحويلها توليدا وتحويلا لا متناهيين .
- وقد مرت هذه اللسانيات الجديدة ( التوليدية التحويلية) ( Génératives et Transformationnelles)بعدة مراحل يمكن تلخيصها فيما يلي :
أ-مرحلة المباني التركيبية سنة 1957
ب-مرحلة وجوه النظرية النحوية سنة 1965
ج-مرحلة الاعمال التي أنجزها باحثون ذهنيون امثال كاتز Katz و فودور Fodor، والتي تندرج ضمن " علم الدلالة التوليدي" وإذا كان سوسور الأب الروحي للبنيوية، فإن تشومسكي يعد الأب الروحي للتوليدية.
د – مرحلة الاعمال والنماذج الحالية لتشومسكي والتي تميزت بمراجعة هذه الذات العارفة واعادة النظر في نماذجه الاولى ؛ وقد لمينا شخصيا نزوعه الى التصالح مع البنيوية والاتجاهات التكوينية والتجريبية من خلال المناقشات التي جمعت لسانيين ذوي شهرة عالمية ، وعلى راسهم جان بياجيه .كما ان امكانية الحديث عن الاثر المنهجي لغاليلي على نظرية تشومسكي امكانية واردة .

الفصل الثاني:

المبحث الأول:مفهوم اللغة عند التوليديين :

ترى المدرسة التوليدية ان اللغة هي مجموعة من الجمل . وهذه الجمل تصنف الى. فئة الجمل المنفية وفئة الجمل المبنية للمجهول وفئة الجمل المثبتة. ويرتبط بعض هذه الجمل بالبعض الآخر. يقول تشومسكي .
<< من الآن فصاعدا نعتبر ان اللغة كناية عن مجموعة ( متناهية وغير متناهية) من الجمل، كل جملة منها طولها محدود ومكونة من مجموعة متناهية من العناصر >> . فاللغة في رأيه " ظاهرة بالغة التعقيد، ودراستها تقتضي بناء نظرية بامكانها أن تفسر القضايا اللغوية. ان نقطة الاختلاف بين تشومسكي وسوسور هي ان الأول يحلل اللغة انطلاقا من مسلمة انها وسيلة للتواصل او التعبير بينما يحللها ويفسرها الثاني انطلاقا من مسلمة أنها مجموعة جمل كل جملة منها تحتوي على شكل صوتي وعلى تفسير دلالي ذاتي محايث لها. فالأول يتحدث عن اللغة باعتبارها شكلا قبل كل شيء بينما يعطي الثاني الأسبقية للجوهر والبنية العميقة دون ان يهمل البنية السطحية ، أي المعنى الظاهر للغة.فالمهم في اللغة حسب المنهج العقلي ليس هو جانبها المادي البنيوي ولكنه قدرتها على التوليد والانتاج الجملي. فقد تأثر التوليديون كثيرا بديكارت وغيره من العقلانيين وتبنوا مقولات الابداع اللغوي والسلوك الداخلي وما يعتمل من قدرة وطاقات داخل الدماغ او العقل البشري29. لقد الف تشومسكي كتاب : اللسانيات الديكارتية عام 1966 ، و فيه تاثر كثيرا بديكارت وفون همبولت Von Homboldt اللذين يظهر مفهوم الكفاية عندهما بوضوح .
ان اللغة عملية توليدية فعالة في الذهن البشري قادرة على الخلق والابداع من خلال قانون نحوي عام يشمل كافة اللغات البشرية.هذه العملية اللغوية تتكون من 3 عناصر بنيوية هي :
أ) العنصر النحوي : ودوره مزدوج : تنظيمي حيث ينتج معان نحوية منظمة ؛وتوليدي لانه يولد عددا من الجمل النحوية.
مثال : << يشرح الاستاذ الدرس، اليوم، بطريقة جيدة .>>
التنظيم : حيث لا نقول ك<< شرح الدرس اليوم الأستاذ بطريقة جيدة >>
التوليد :<< اليوم، يشرح الاستاذ الدرس بطريقة جيدة >> << يشرح الاستاذ اليوم الدرس بطريقة جيدة >> << الدرس يشرح من قبل الاستاذ بطريقة جيدة >> << ان شرح الاستاذ للدرس شرح جيد اليوم.>>
<< الدرس شرحه الاستاذ >>
ب)العنصر التحويلي : أي قدرتنا على تحويل الجملة الواحدة الى جملة شرطية او تعجبية او استفهامية او منطقية. مثلا : << شرح الاستاذ الدرس>> . << هل شرح الاستاذ الدرس ؟>> << اذا شرح الاستاذ الدرس فان التلاميذ يفهمون>> ...ونجد عند تشومسكي ما يسميه بالارتباط البنياني الذي يرتبط به اجراء التحويل مثلا : أ) << قرأ الرجل الكتاب>> نحولها الى ب) << الكتاب قرأه الرجل >>.فالجملة الثانية حولت من الجملة الاولى بواسطة اجراء تحويل نقل الركن الاسمي الى موقع الابتداء .وهذا التحويل يتناول الركن الاسمي الذي يقع على يسار الفعل فينقله الى موضع الابتداء تاركا ضميرا عائدا اليه في الموضع الذي كان يشغله الركن الاسمي .
ج) العنصر التركيبي : وظيفته هي انتاج جمل سليمة سواء أكانت منطوقة أم مكتوبة.
ويقدم مازن الوعر مثالا لصياغة رياضية وعملية توليدية للجملة التالية.
يمكن ان يكون الكتاب قد كتب من قبل تشومسكي


المبحث الثاني: دراسة القواعد النحوية عند التوليديين وخطوات منهجهم

قلنا بان البنيويين اهتموا بالجانب التواصلي في دراسة اللغة. الا أن التوليديين يركزون على البنية العميقة والجانب الضمني، والملاحظ أن تشومسكي مثلا يتحدث عن العمل والعامل والمعمول والرتبة أي عن الفاعل والمفعول والنظام ، ويقول بأن الجملة يمكن ان تكون سليمة من حيث النحوية او القواعدية grammaticalité التي تصف ، بطريقة ملائمة ،وضع ما هو مقبول في نحو ما وما هو غير مقبول . وهي غير صحيحة من الناحية المنطقية المقبوليةacceptabilité . ونلاحظ ان تشومسكي ، في نموذجه الاول 1957، يعطى الأسبقية للنحوية و يقرنها بالكفاية اللسانية على حساب المقبولية التي يقرنها بالانجاز ، لكنه عاد في نموذج 1965 ونماذج تالية فاهتم أيضا بالمقبولية.
يرى تشومسكي انه لا بد من نظرية لممارسة التحليل اللساني. وهذه النظرية تتكون من النحو التوليدي التحويلي الكلي اذ يعتبر النظرية النحوية نظرية علمية يمكن تطبيقها على جميع اللغات الطبيعية. فالنحو اذن " نظام من القواعد والمبادئ " والمبادئ المحددة لخصائص الجمل الشكلية والدلالية حيث يستعمل في تفاعله مع مجموعة من الميكانيزمات الذهنية من اجل فهم لغة ما والتحدث بها (...) فالنحو العالمي نظام من المبادئ والقواعد والشروط، أي انه عبارة عن عناصر وخصائص مشتركة بالنسبة لسائر لغات العالم.
و نظرا لتأثر تشومسكي بالنظريات الفيزيائية ( غاليلي) خاصة والعلمية عامة ،فإنه يقيم تشابها بين خطوات النظرية الفيزيائية وخطوات النظرية النحوية . ففي الفيزياء تبنى النظرية على ما يلي :
- عدد من الملاحظات سواء أكانت طبيعية ام موضوعية أم تتبعية أم تلقائية
- الربط والتركيب بين هذه الظاهرة الملحوظة.
- التنبؤ بظاهرة جديدة.
ويرى انه بإمكان الباحث اللساني ان يطبق في حقله هذه الخطوات كما يلي :
- ملاحظة عدد محدد من النطق الصوتي
- تمييز ما هو نحوي وما هو غير نحوي
- شرح الظاهرة اللغوية بطريقة مبسطة
ولتوضيح هذه الخطوات نقول بأن الباحث يميز بين ما هو نحوي وما هو غي نحوي انطلاقا من القانون العام الذي يحدد الطرائق السليمة لبنية الوحدات اللغوية وصياغتها. وهذا لا يعني ان تشومسكي يتجاهل الدور الذي تلعبه الدلالة والتداول.
خطوات المنهج التوليدي:
تنطلق اللسانيات التوليدية من مسلمة وهي ان تفسير الظاهرة اللغوية تفسيرا لسانيا يقتضي الانطلاق من نظرية مبنية بطريقة علمية ثم الانتقال الى الواقع الذي نقوم بشرحه وتفسيره وفق مبادئ هذه النظرية، خلافا للمنهج البنيوي المادي السلوكي الذي ينطلق من الواقع نحو النظرية كما أسلفنا . فلكي يحلل الباحث اللساني الظاهرة اللغوية فإنه ملزم – كما يرى تشومسكي – بالاقتراب من المتكلم واستكناه قدرته الكلامية التي تشتغل داخل الذهن البشري.


* وضع فرضية لغوية :
انطلاقا من البحث العلمي في مجال اللسانيات ، وانطلاقا من نظرية علمية واضحة المعالم والمحددات والعناصر حيث يقوم الباحث بوضع فرضية البحث والتحليل .
* تمحيص الفرضية :
في خطوة ثانية يقوم الباحث بتطبيق الفرضية اللغوية على بعض المواد اللغوية. لأنه ينطلق دائما من العام الى الخاص ومن الكل إلى الجزء خلافا لمن يعتمد المنهج الاستقرائي.
*إعادة صياغة الفرضية اللغوية :
عندما تدعو الحاجة إلى إعادة النظر في الفرضيات من اجل جعلها اكثر مطابقة وملاءمة للأهداف المتوخاة.
* تثبيت الفرضية اللغوية :
عندما نتأكد من ملاءمة الفرضية للمواد اللغوية نطرحها للتخصيص ونسحبها على جميع الحالات والظواهر اللغوية .

وفي هذا الإطار فإن تشومسكي يطرح النحو الكلي (grammaire universelle) ويرى ان الرتبة فاعل – فعل – ( مفعول) التي نجدها في اللغة الانجليزية صالحة للتطبيق على جميع لغات العالم الطبيعية.وينطلق في كلامه هذا من فرضية اننا ننحدر من نوع واحد،وبالتالي يوجد بيننا جميعا اتحاد وليس تغيرات.وهذا ما يشبه الحالة البدائية السابقة عن التجربة. ونفس الاتجاه والمنهج يطبقه الفاسي الفهري على اللغة العربية اذ يقول بأنها تملك رتبتين هما : أ ) فعل-فاعل-(مفعول) مثال:<< يشرح الاستاذ الدرس >>؛ ب) << الاستاذ يشرح الدرس>> او << الدرس شرحه الاستاذ>> او << الاستاذ طلبت منه شرح الدرس>> او<< المجتهد نوه به الاستاذ>> . وهناك من يرى ان اللغة العربية لا تملك الا رتبة واحدة هي : فعل – فاعل – ( مفعول) انها رتبة اصلية سائدة تحكم كل عربية تليدة .و في حالة رتبة ثانية مثل : فاعل – فعل – ( مفعول) ،او مفعول – فعل – ضمير عائد على المفعول – فاعل : الدرس شرحه الاستاذ فان هذا الفاعل " لا يتقدم ولا يصعد من داخل المركب الفعلي الى مكان متقدم على الفعل في مخصص التطابق "، واذا وجدنا اسما متقدما في الجملة الثانية : الدرس يشرحه الاستاذ ؛ كما نجد في القرآن الكريم رهبانية ابتدعوها – في حالة رتبة ثانية - ، يحتل الاسم المتقدم في المركب الفعلي موقع الموضع) ( Tوليس موقع الفاعل، مثله في ذلك مثل الاسم المتقدم . وهذا ما قال به الفاسي الفهري (1981 و 1985). ايضا نجد نفس الاختلاف بين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة من حيث اعتبار الاسم المتقدم مبتدءا او فاعل . ولكن اذا كانت الجملة خالية من مفعول به وتقدم المركب الاسمي ،فان المتقدم يعد فاعلا لا موضعا في راي الفاسي 1993 ،وراي مدرسة الكوفة الذين يجيزون تقديم الفاعل خلافا لمدرسة البصرة .


المبحث الثالث: اللسانيات التوليديةوالتوزيعية
إذا كان هاريس قد سار باللسانيات التوزيعية إلى أقصى مداها فإن تلميذه ناعوم شومسكي بعد أن اهتم بصورنة (بالمعنى المنطقي الرياضي) المفاهيم الأساسية في النظرية التوزيعية قد طرح بعد ذلك مفهوما جديدا عرف بالتوليدية في اللسانيات. وهو مفهوم يتعارض مع أسس التوزيعية وسيطر على ميدان الدراسات اللسانية الأمريكية وغيرها ما بين 1960 و1985.
ولم يحتفظ ناعوم شومسكي من التوزيعية إلا بخاصتها التوضيحية المُفصِحة. فالتوزيعية هي مفصحة أي أنها لا تستعمل نتائج وصفها للغات ولا تستعمل أي مفهوم أساسي غير معرف وأن أية فكرة يتوجب أن تكون معرفة مسبقا في اللغة المدروسة والموصوفة أو في اللسان عموما؛ وفكرة المحيط هي محورية عنده (أية وحدة في ملفوظ محاطة بوحدات ما) و هي مفهومة لمن لا تجربة كلامية شخصية (وهذا كافتراض عبث.
وهنا يكمن حسب شومسكي تفوق التوزيعية على باقي النحويات التقليدية وأيضا على اللسانيات الوظيفية والتي اهتمت بمقولات الترابط (سلسلة مرتبطة بأخرى) أو التعارض بين مسند وخبر(سلسلة كلم ما تمثل قصد الحديث وأخرى ما نريد إبلاغه) وفهمها جزء من ملكة اللغة وبالتالي وخوفا من تحصيل الحاصل لا يمكن أن تتخذ منطلقا لتفسير هذه الملكة.
و شومسكي يرى أن التوزيعية جريا وراء الإفصاح تقدم تنازلات يستحيل تقبلها.
فأولا تحصر التوزيعية بشكل ضيق مجال موضوعها لأن اللغة أوسع وتختلف عن المتن.
وحيث أن المتن تعريفا هو مجموعة محصورة من الملفوظات، إن أن كل لغة تمكن من عدد غير محصور من الملفوظات: لأنه لا حد لعدد "التعابير" الممكن تضمينها في جملة عربية مثلا، إذ يمكن انطلاقا من أي ملفوظ عربي إنشاء ملفوظ آخر تام النحوية والتكوين بزيادة موصولة مثلا.
وبحكم منهجيتها فإن التوزيعية تتجاهل هذه القدرة الغير محصورة الموجودة في كل لغة ( وهو ما يسميه شومسكي بالابتكار الذي تمنحه اللغة للناطقين بها ويمكنهم من بناء وإنشاء ملفوظات جديدة عوض الاكتفاء بالاختيار من بين رصيد جملي سابق الوجود.
وأزيد من ذلك فاللغة ليست مجموعة ملفوظات محدودة أم لا ولكنها علم بهذه الملفوظات ذاتها. فلا يمكن الحديث عن معرفة شخص بلغة ما إذا لم يكن قادرا على التفريق بين الملفوظات الغامضة الملتبسة والملفوظات أحادية التفسير وإذا كان لا يرى بأن ملفوظات لها نفس البناء التركيبي وبأن الأخرى مختلفة التركيب أي أنه لا يفطن للفرق والتشابه بين التراكيب. ولكن التوزيعيين يجردون اغتباطا الناطقين من هذا العلم بلغتهم الخاصة، ويكتفون بوصف طريقة تآلف الوحدات فيما بينها داخل الملفوظات.
وحتى لو تقبلنا اختزال المجال الموصوف المدروس (إذ وصف الكلمحال فهناك تنازل وتجاهل آخر للتوزيعيين ينتقده شومسكي وهو الاكتفاء بالوصف دون التفسير.
وسيرا على هذه المنهجية يكون تلامذة بلومفيلد أوفياء لمنهج تجريبي يرى أن العلم يجب أن يكتفي بوصف الظواهر وترتيبها وبذلك تختزل مهمة الباحث إلى جور التصنيف، وهذا بالذات هو هم التوزيعية الأساسي. حيث يغدو النحو ترتيبا لا غير لأقسام الكلم، صواتم وصياغم وكلمات...) وحيث أن القصد هو جمع المتشابه من الأقسام والأجناس المتوزعة فإنه يمكن، كما قال هاريس، من أن تصبح التوزيعية نوعا من الوصفية الكتلية لمتن ومن خلال هذا الترتيب يصبح ممكنا إعادة صياغة كل ملفوظات المتن. وعلى العكس فبالنسبة لشومسكي فإن هدف أي علم متطور ومنها اللسانيات يتجاوز حدود الوصف والترتيب إلى تقديم أطروحات مفسرة.
ويجب أن لا تكتفي اللسانيات بتجديد ما هي الحالات والكتل الممكنة والمحالة والمستحيلة والملتبسة أو المتقاربة بل يجب ربط هذه الجزئيات بما هو أعم أي لغات البشرية وطبيعة قدرة البشر اللغوية. ولذلك طرح شومسكي تعريفا جديدا للنحو وللسانيات يجمع بين الشمولية والتفسيرية.
وبالنسبة لشومسكي فإن وصف التركيب:النحو التوليدي) للغة ما هو إلا مجموعة القواعد والتعليمات والتي بتطبيقها الآلي ينتج ملفوظ مقبول، أي نحوي، في هذه اللغة. وآلية هذه القواعد النحوية وتواترها تضمن وضوحها وفصاحتها وشموليتها وأي نحو ما هو إلا نظام شكلي رياضي ويكفي معرفة كيفية التعامل معه وبعناصره بكيفية تحددها القواعد(كالتعويض والحذف والزيادة.
وحيث أن هذه العمليات لا تتطلب سابق معرفة باللسانيات فإنه يمكن اعتبار النحو كوصف شامل للغة ما. ولكي يكون النحو بهذه الشمولية يجب أن يساير شرطين: قدرة هذا النحو على توليد كل ملفوظات لغة لا غيرها بلا استثناء. هذا الشرط هو شرط المعاينة وهي بالنسبة لشومسكي ضعيفة التأثير لأن أية لغة يمكن أن تتحمل أزيد من نحو وحيد، زد لذلك أن كثيرا من الملفوظات والتراكيب يصعب تحديد مقبوليتها أو استحالتها بوضوح، وعلينا في هذه الحالة القبول في ذات الوقت بالنحو الذي يقبلها والنحو الذي يرفضها. والشرط الآخر هو "الملائمة القوية" وهي ترتبط بعلم الناطق الحسي على تمييز ملفوظات اللغة. ويجب أن تكون هذه المعرفة معممة وآلية. فبالنسبة للملفوظات الملتبسة يجب الرجوع إلى أسباب تولد هذا اللبس وبالضرورة فإن هناك علة ونفس الشيء صحيح للملفوظات المتقاربة.
و بتبني شرط الملائمة المطلقة يبتعد شومسكي عن التوزيعية ومحاولتها وضع طرق آلية لاكتشاف النحو انطلاقا من المتن فإحساس الناطق لا يمكن تأليله مباشرة واستكشاف ذلك هو من عمل النحوي وقد يؤلل إنتاج الجمل بعد هذا الاكتشاف الأولي.
ورغم أن النحو التوليدي الشومسكي آلية مجردة فإن شومسكي لم يقل بأن الناطق يحاكي هذه الآلية حين يتلفظ في حياته العادية إذ أن نمط شومسكي ليس "نمط إنتاج" وهو ليس بنمط نفسي فهو لا يتعدى كونه وسيلة رياضية لمقاربة قدرات الناطق.
وفي الحقيقة فبعمومية توليدية شومسكي وخصوصيتها الطبيعية لا يمكن التهرب من ربط الوسائل التوليدية بالآليات الذهنية وبالتالي إقحام التفسير النفسي.
إن الملائمة المطلقة تترك جانبا حل مسألة تعدد النحو وتترك خيار النحو مفتوحا إذ أن هذه المسألة هي من شأن اللسانيات. ويمكننا ترتيب أصناف النحو حسب نوعية الآليات المستعملة لتوليد الجمل أي حسب شكل القواعد. ويسمى شومسكي النظرية اللسانية كل نمط نحوي ممكن أي ذلك القالب الذي يشكل النحو. ولو تمكنا من تحديد واختيار نظرية معينة سنحصر بالتالي عدد أصناف النحو الممكنة.




















خــــــاتــمـة :

لقد حاولنا في هذه الدراسة ان نقارن بين مدرستين من حيث المنهج المعتمد في الدراسة اللغوية؛ وحصرنا المحاولة في اللسانيات المعاصرة . وفي نفس السياق نسجل الملاحظات التالية :
-إن الدراسات اللسانيات جد متشبعة ، وبالتالي يكون تصنيفنا لها الى بنيوية وتوزيعية ووظيفية وتوليدية تصنيفا إجرائيا نسعى من ورائه الى جعل المتلقي العادي يكتسب بعض المعارف في تخصص يتميز بقدرته الاختراقية ، فالنظريات اللسانية تفرض نفسها حاليا على جميع الباحثين وفي كل التخصصات والعلوم.
-إن الثنائية الحدية : استقراء / استنباط ، مادي/ عقلي، ذاتي/ موضوعي وخاص/ عام تعتبر في رأينا ثنائية زائفة. وذلك لأنه لا وجود لمعايير ثابتة ومحددة تمكن من رسم حدود انطولوجية وابستمولوجية بين الذات والموضوع فيما يخص انتاج المعرفة وبحث الظواهر والمواد اللغوية . وهذا ما نستشفه من كلام تشومسكي عندما اجاب عن سؤال حول المنهج قائلا : " إنه ليس لي مناهج اطلاقا، ومنهج البحث الوحيد الذي اتبعه هو أن أبذل طاقتي في النظر في مشكلة صعبة معينة ، وان احاول أن أجد بعض الأفكار عما يمكن ان يكون تفسيرا لها "
-إن ممارسة النقد على العديد من نظريات العلم المعاصرة. تكشف زيف الثنائية استقراء/ استنباط،وذلك لعدم امكانية فك التداخل الحاصل بين الذات العارفة الباحثة والمادة اللغوية موضوع المعرفة. ولذلك نجد تشومسكي يقول بالقدح الذي تمارسه التجربة على المعرفة الفطرية.كما أنه يوظف مناهج الفيزياء الغاليلية.وعموما ، هذه مجرد محاولة بيداغوجية لكنها مؤسسة على مرجعية.
























قائمة المراجع:
1- د . نعمان بوقرة،المدارس اللسانية المعاصرة، مكتبة الآداب، القاهرة ،2003. الصفحة 129 وما يليها.
2- فخري، ماجد، ارسطو، المعلم الأول، ص 145-155 ، الأهلية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1977 ، عدد الصفحات 182.
3- العربي اسليماني، مناهج البحث في الجغرافيا ، مقاربة ابستمولوجية ، مركز تكوين المفتشين ، الرباط ، 1997.
4- الانترنيت ، محرك البحث google)).



المصدر : الأستاذ فتحي خشايمية - بتصرف-






















 


رد مع اقتباس
قديم 2009-01-17, 14:35   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
دموع الحيــاة
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية دموع الحيــاة
 

 

 
الأوسمة
عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على المقالة المفيدة
Bonne Continuation










رد مع اقتباس
قديم 2009-01-24, 10:28   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
فتحي خشايمية
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

لاشكر على واجب الأخت دموع الحياة ، الشكر متواصل لاينقطع لكل من مر من هنا










رد مع اقتباس
قديم 2009-01-24, 12:18   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
طالب المعالي
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية طالب المعالي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2009-01-24, 14:23   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
فتحي خشايمية
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشكر متواصل لاينقطع الأخ عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادل سعدت بوجودك في مواضيعي










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-04, 10:42   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ladygaga
عضو جديد
 
إحصائية العضو










A16 شكر

شكر اخي على هذا الجهد
إذا أمكن أريد بحث -علم النحو -في مقياس اللسانيات العامة










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-22, 20:30   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
حسام الدين محمد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حسام الدين محمد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تشومسكي د. حمزة بن قبلان المزيني

عرضت في الحلقة الماضية نماذج من آراء الباحثين العرب المعاصرين في قضية العلاقة بين النحو العربي والنظرية التوليدية التي اقترحها نعوم تشومسكي. أما في هذه الحلقة فإنني سأورد نماذج من آراء الباحثين الغربيين في هذه القضية. وسأورد ما قاله تشومسكي نفسه عن معرفته بالنحو العربي.
وأود أن أبين أنه سبق لي إيراد بعض هذه الآراء في مقالات وأماكن نشر أخرى، لكنني سأوردها هنا استكمالا للموضوع ولملاءمتها لسياق هذه الحلقات.
فمن أوائل الباحثين الذين اهتموا في أبحاثهم بطبيعة الدراسات النحوية العربية اللساني الأمريكي المعاصر المعروف مايكل بريم في رسالته للدكتوراة. وهي رسالة حلل فيها النظام الصواتي للغة العربية الفصحى، وأنجزها في جامعة ماساتشوستس للتقنية بإشراف عالم الصواتة المشهور موريس هالي في سنة 1970م. وينظر الباحثون إلى هذه الرسالة على أنها عمل بارز استخدم فيه مايكل بريم دراسة التراكيب الصواتية للغة العربية مثالا يحتج به لتطبيق النظرية الصواتية التي جاء بها تشومسكي وموريس هاله في كتابهما الشهير "نمط الأصوات في اللغة الإنجليزية"The Sound Pattern of English, 1968 . وقد انتشرت هذه الرسالة انتشارًا واسعًا في أقسام اللسانيات في أمريكا وغيرها، واعتُمدت مرجعًا رئيسا في الدراسة الصواتية، وظهرت الإشارة إليها في عدد لا يحصى من الكتب والمقالات في تلك الفترة. ولا يزال يشار إليها بوصفها عملاً كلاسيكيًّا في النظرية الصواتية وفي الدراسات العربية على السواء.
ومما قاله بريم في مقدمة الرسالة(وهي ترجمتي):
"أعتقد أن النحو العربي بخاصة قد بلغ أدنى درجات الانحطاط على أيدي العلماء الغربيين. فلقد تجاهلت اللسانيات الغربية تجاهلاً يكاد يكون تامًّا كثيرًا من مظاهر العمق والأصالة اللذين أورثنا إياهما النحويون العرب. وسوف أعالج هذا الموضوع [أي النظام الصواتي للغة العربية في تلك الرسالة] بالروح التي عالجه بها أولئك النحويون العرب. وهذا صحيح في الأقل فيما يخص المسألة التي استرعت اهتمامهم، وهي مسألة تحديد الأصل أو التمثيل العميق للغة. . . .".
فهو يشير هنا إلى مسألتين مهمتين من أوجه التشابه بين النحو العربي والنظرية التوليدية: أنهما يفترضان أن الكلام الذي ننجزه مشتق من أصل ربما لا يكون متوافقا مع الشكل المنجز له، وأن جمل اللغة المنجزة لها مستوى مجرد.
ومن الأبحاث التفصيلية الأولى التي تنحو هذا المنحى بحث كتبه ديفيد بترسون بعنوان "بعض الوسائل التفسيرية عند النحويين العرب"، ألقاه في الندوة السنوية لجمعية اللسانيات في جامعة شيكاغو في سنة 1972، ونشر في مجموعة الأبحاث التي صدرت عنها. ويناقش بيترسون في هذا البحث لجوء النحويين العرب إلى التأويل والتجريد في تفسير الظواهر اللغوية، ويختمه بقوله: ". . . يجب أن يكون واضحًا من النقاش الذي تقدَّم أن النحويين العرب لم يكونوا وصفيين لا يهتمون إلا بالظاهر بأي حال. بل إنهم بنيويون بالمعنى نفسه الذي يُصنَّف به أكثر الدرس اللساني في القرن العشرين، ومن ضمنه النحو التوليدي التحويلي. لقد كان النحويون العرب يهتمون بالتحليل البنيوي الذي يصل الأشكال بعضها ببعض وهو ما يؤدي إلى تفسيرها. ومن اللافت للنظر أن تكون بعض تحليلاتهم مجرَّدة ومصوغة بمصطلحات تشبه ما يستعمله اللسانيون اليوم . . . إن دليل نجاحهم يتبين من أن عملهم لم يُتجاوز إلا في حالات قليلة".
ومن أشهر الباحثين الغربيين البارزين الذين اهتموا بدراسة تاريخ النحو العربي وطبيعة الدراسة النحوية عند العرب ثلاثة، وهم مايكل كارتر وكيس فرستيغ وجوناثان أوين. إذ كتبوا في هذين الموضوعين عددا كبيرا من المقالات والكتب.
وقد حرر كيس فرستيغ ومايكل كارتر كتابا بالإنجليزية عنوانه: "دراسات في تاريخ النحو العربي ـ 2"، ونشر في 1990. ويقول المحرران في مقدمة هذا الكتاب:
"يمكن أن يشار هنا إلى نقطتين مهمتين يُعنى بهما مؤرخ اللسانيات: فالنقطة الأولى هي أن الاهتمام العميق الظاهر الآن باللسانيات العربية هو من غير شك نتيجة لتطور النظرية اللسانيات العامة ونُضْجها، إذ وضع هذا التطورُ العلماء الغربيين في مستوى يمكن لهم فيه أن يقدِّروا عمق التفكير اللساني العربي ودِقّته؛ وبغض النظر عن النواحي التي يمكن أن تكون اللسانيات النظرية قد فشلت في إنجازها في الدوائر العلمية الغربية، إلا أنها أسهمت من غير شك إسهامًا موجِبًا في فهمنا للسانيات غير الغربية. والنقطة الثانية أن من الواضح أنه على المستوى النظري الكُلِّي أو على المستوى التطبيقي أو كليهما فإن هناك بعض الدروس التي يمكن للسانيات الحديثة أن تتعلَّمها من النحويين العرب القدماء. إن مفهوم الكُلّيّات اللسانية في الأقل ربما لا يمكن نقاشه الآن دون النظر في التنظيرات المشابهة في اللغة العربية، حيث يجب ألا يؤكَّد تطبيق كثير من معطيات اللسانيات المعاصرة دون الإشارة إلى التقاليد اللسانية التي تُعد اللغة العربية أشهرها من حيث النضج الذي لا يقل عن نضج التقاليد اللسانية المعروفة الأخرى مثل الهندية أو الصينية. وربما وجد المهتم باللسانيات العامة الذي يعرف العربية، أو الذي يكون على استعداد لأن يتعلم من العربية ما يُمَكِّنه من فهم محتوى الأبحاث في هذه المجموعة، بعضَ المعلومات التي يمكن أن تقوده إلى تعديل بعض آرائه التي تأسست كلها على التقاليد الغربية".
أما جوناثان أوين فقد كتب عددًا كبيرًا من الأبحاث التي تناقش قضايا معينة في النظرية النحوية العربية. وسوف أقتصر هنا على عَرْض ما قاله عن هذا الموضوع في كتابه "مقدمة للنظرية النحوية العربية في القرون الوسطى"، 1988م. فهو يشير في المدخل الذي صدَّر به الكتاب إلى أن الفكرة التي مؤداها أن الممارسة اللسانية العربية يمكن أن تُفهم حق الفهم من خلال المبادئ اللسانية العامة لم تبدأ إلا في أوائل السبعينيات من القرن العشرين. كما يشير في المقدمة إلى أن عبارة "القرون الوسطى" التي تظهر في عنوان كتابه يجب ألا يفهم منها الفهم المألوف في الدراسات الغربية التي يمكن فيها أن تشير هذه العبارة إلى غموض المنهج وتعقيده. ذلك أن النظرية النحوية العربية في تلك الفترة تتشابه مع النظرية اللسانية المعاصرة في عدد من الأمور الأساسية، وهو ما يجعل مناقشتها أسهل للقارئ الغربي المعاصر. ويشير كذلك إلى أنه يمكن البرهنة على أن أحد الأسباب التي أدت إلى عدم تقدير النظرية العربية حين اكتشفها الغربيون في القرن التاسع عشر، وهو الزمن الذي شهد تكوُّن التقاليد الإستشراقية، أنه لم يكن في الدراسات الأوروبية في تلك الفترة مثيل لها. ولم توضع هذه النظرية في منظور أفضل إلا مع التقاليد البنيوية التي أسسها دي سيسور وبلومفيلد وتشومسكي.
وعلى الرغم من هذا التشابه بين النحو العربي واللسانيات الحديثة، وبخاصة النحو التوليدي، إلا أنه يبيِّن أن هناك أربعة فروق بين النحو العربي والنحو التوليدي في مسألة الحذف. وهي المسألة التي جعلت كثيرا من الناس ينتبهون إلى وجوه التشابه بينهما. وأول هذه الفروق أن الحذف في النحو التوليدي لا يقع إلا إذا كان للمحذوف مثيل في النص. أما في النحو العربي فإن للحذف سببين: فالأول تركيبي، والثاني "مقاميّ" pragmatic ، ذلك أن المحذوف يمكن أن يفهم من السياق. والفارق الثاني بين النحويْن هو فرق في الاهتمام؛ ففي الوقت الذي ينظر فيه النحو العربي إلى الحذف على أنه محاولة للوصول إلى معرفة المحذوف، فإن النحو التوليدي يبدأ من الجمل الكاملة ويطبق عليها قواعد الحذف ليصل إلى الشكل الظاهري لها. والفرق الثالث أن في النحو التوليدي قواعد محدَّدة للحذف، أما في النحو العربي فلم تحدد تلك القواعد، بل لقد أُسندت تلك القواعد إلى المتكلم نفسه. والفرق الرابع هو أن النحو العربي كان ينظر إلى المعنى حين يقع الحذف، وهذا ما لا نجده في النحو التوليدي.
ويقارن أيضًا بين النحو العربي والنحو التحويلي من حيث أوجه التشابه والاختلاف في مسألة التحويل. ويرى عدم التشابه بين النحوين لأن النحو التحويلي يسعى لتحويل جمل إلى جمل أخرى، وذلك ما لا يفعله النحو العربي. وينتهي إلى أن من المضلِّل أن نساوي بين النحوين على الرغم من وجود بعض التشابه.
ويدرس في الفصل التاسع الذي عنوانه "التركيب، والدلالة، والمقاميَّة" ما عمله النحويون والبلاغيون العرب من ربط المعنى بالشكل والعلاقة بينهما. ومن الذين اهتموا بهذه المسألة، سيبويه وأبو على الفارسي من النحويين والجرجاني من البلاغيين. ويعود مرة أخرى في هذا الفصل للمقارنة بين النحو التحويلي والنحو العربي في مسألة دراسة المعنى. ويرى أنه لا يوجد تشابه بين النحوين، وذلك لاختلاف الاهتمام ولاختلاف التحليل.
وهكذا نجد من هذه النماذج للآراء التي يظهر فيها التقدير الكبير لما عمله النحويون العرب القدماء أن هناك تشابها في كثير من المنطلقات والتقنيات بين النحو العربي والنحو التوليدي بخاصة. لكنه لم يقل أحد من هؤلاء المؤرخين الدارسين بأخذ تشومسكي عن النحو العربي. بل إن من الواضح من دراسة جوناثان أوين أن هناك اختلافات عميقة بين النحو العربي والنحو التوليدي تكاد تسد باب افتراض أخذ النحو التوليدي عن النحو العربي.
وما دام أن تشومسكي نفسه طرف في القضية فإنه يحسن بنا أن نطلع على ما قاله عنها تحديدا. فقد كنت بعثت إليه برسالة أسأله فيها عما سمعته من الدكتور عبده الراجحي الذي أكد في محاضرة عامة في النادي الأدبي في الرياض أخْذ تشومسكي عن النحو العربي، وذلك أنه، في رأي الدكتور الراجحي، درس كتاب سيبويه، واطلع على دراسات عالم اللغة الألماني فون همبولت الذي كان يعرف النحو العربي، يزاد على ذلك تأكيد الدكتور الراجحي أن هناك باحثا عربيا، هو الدكتور يوسف عون، يدرِّس تشومسكي كتاب سيبويه.
وقد أجاب تشومسكي عن تساؤلاتي في رسالة مؤرخة في 28 مايو 1989م. وكنت ترجمت هذه الرسالة ونشرتْها جريدة الرياض في حينه، لكنها نشرت في وسط الأسبوع مما جعل كثيرا من القراء لا يطلع عليها. ولهذا فإنني أترجمها مرة أخرى وأوردها هنا لملاءمتها للسياق أيضا.
يقول تشومسكي في جزء الرسالة الذي يتعلق بهذا الموضوع:
"وتسأل عن تأثير النحو العربي التقليدي على منهجي في دراسة اللغة. إن أكثر الأقوال التي سمعتَها صحيحة جزئيا، إلا تلك التي تتعلق بفون همبولت الذي لم أطلع على دراساته إلا في الستينيات. فقد كان والدي عالما من علماء النحو العبري في القرون الوسطى، وقد حقق الطبعة المعتمدة لكتاب النحو الذي ألفه[النحوي اليهودي الأندلسي] ديفيد قمحي. وكنت مطلعا اطلاعا جيدا في أيام صباي المبكرة على أعمال أبي، كما أنني درست حينها شيئا قليلا من الدراسات التاريخية عن نحو اللغات السامية. وكان أثر النحو العربي[على النحو العبري] عظيما، وهذا أمر مشهور. وكان هذا السياق ذا أثر مباشر كبير على دراساتي المبكرة. بل إن رسالة التخرج من الجامعة [البكالوريوس] ورسالة الماجستير اللتين أنجزتهما في جامعة بنسلفانيا عن الأنظمة الصواتية الصرفية للغة العبرية الحديثة كانتا متأثرتين بتلك الدراسات إلى درجة كبيرة، كما صممتا جزئيا من حيث النموذج على مفاهيم مأخوذة من اللسانيات السامية التاريخية والنحو التقليدي. وكانت هاتان الرسالتان أقدم النماذج للنحو التوليدي المعاصر، وإن لم تنشرا إلا بعد سنين من تاريخ إنجازهما.
ولما التحقت بجامعة بنسلفانيا في سنة 1945م بدأت مباشرة بدراسة اللغة العربية مع جورجيو ليفي ديللا فيدا الذي كان مستعربا متميزا جدا، ثم درست، بعد أن تقاعد ديللا فيدا، مع فرانز روزينتال. ومع روزينتال درست مادة اللغة العربية لفصل واحد، وكنت الطالب الوحيد في تلك المادة، ودرست معه فيها كتاب سيبويه، وربما كان هذا هو أساس الشائعة التي سمعتَها [أي أن هناك شخصا يدرس تشومسكي كتاب سيبويه]. وكان زيلك هاريس، الذي درست [اللسانيات] على يديه، أنجز أعماله الأساسية في اللسانيات التاريخية السامية، وكنت درست ما كتبه في هذا الموضوع أيضا. إن من الصعب دائما أن نتتبع بدقة مثل هذه الأمور، لكن هناك من غير شك احتمالات كبيرة لمثل هذا التأثير".
كما كتب لي رسالة مؤرخة في 17 ديسمبر 1990، بعد أن بعثت إليه نسخة من ترجمتي لكتابه "اللغة ومشكلات المعرفة" ضمنها النص التالي:
"على الرغم من أنني كنت في فترة مبكرة من حياتي أعرف ما يكفي من اللغة العربية أستطيع به فهم ما ينشر في جريدة أو رواية(أما دراستي الفعلية فقد كانت مقصورة على الشعر الجاهلي، والمؤلفات النحوية التي ألفت في القرن الثامن الميلادي ["القرن الثاني الهجري"؛ ربما يشير هنا إلى كتاب سيبويه])، إلا أن ذلك كان قبل أربعين سنة خلت، أما الآن فإنني لا أثق بمعرفتي [للعربية]. لكنني سوف أعير الكتاب [الترجمة] إلى أحد زملائي أو أصدقائي [لقراءته]".
ويتبين بوضوح من كلام تشومسكي أن تأثره بالنحو العربي لا يتجاوز كونه احتمالا. ولو كان يعرف العربية معرفة تمكنه من فهم دقائق كتاب سيبويه لما كان من الممكن لهذه المعرفة العميقة أن تضمحل إلى الدرجة التي يذكرها. بل إن من يعرف تشومسكي وأمانته ودقته في ذكر مصادره سيستغرب من عدم إشارته إلى كتاب سيبويه تحديدا، لو كان نقل عن سيبويه شيئا محددا في بناء نظريته.
كما أن كلام الباحثين العرب والغربيين على السواء لم يستطع على تفصيله في بعض الأحيان تأكيد هذه الصلة المباشرة بين تشومسكي والنحو العربي.
وفي ختام هذه الحلقات الخمس أرجو ألا أكون قد أطلت أو أمللت القارئ الكريم؛ وقد عرضت فيها لشيء من حياة تشومسكي ولمناقشة الموضوع الذي يثار دائما عن العلاقة بين النحو العربي والنحو التوليدي الذي ارتبط باسم تشومسكي.
ومع ذلك فإنه ما تزال هناك بعض المواضيع المهمة التي لم أتناولها بعد، وتتعلق بالأسباب التي تجعل بعض الباحثين يفترضون وجود هذه الصلة بين النحوين. ولهذا فإنني أرجو القارئ الكريم أن يتحمل معي الاستمرار، لأنني أجد أن استكمال هذا الموضوع يستوجب كتابة حلقة أو حلقتين عن هذه المسألة المهمة.
منقول للفائدة










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-26, 18:16   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ريمة14
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ريمة14
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك
والله موضوع رائع










رد مع اقتباس
قديم 2009-05-08, 02:28   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
امير الجود
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية امير الجود
 

 

 
الأوسمة
الفائز في مسابقة أفضل تنسيق للملف الشخصي عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك بارك الله فيك مع تمنياتنا لك بالتوفيق ان شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2009-05-12, 15:32   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
سلوى عربي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 نحو تحويلي

اخي العزيز فتحي تحية طيبة وبعد
فادعو الله ان يوفقك ويجزيك عنا خير الجزاء
ارجو منك مساعدتي في الحصول على مصادر اورسائل جامعية عن النحو التحويلي التوليدي وذلك لحاجتي الشديدة اليها فانا طالبة دراسات وابحث في هذا الموضوع واثبات ان له جذور في النحو العربي وان امكن كيف احصل على كتاب المدارس اللسانية المعاصرة للدكتور نعمان بوقرة وساكون شاكرة وممتنة منك
سلوى










رد مع اقتباس
قديم 2009-09-04, 18:12   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
فتحي خشايمية
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










B18

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلوى عربي مشاهدة المشاركة
اخي العزيز فتحي تحية طيبة وبعد
فادعو الله ان يوفقك ويجزيك عنا خير الجزاء
ارجو منك مساعدتي في الحصول على مصادر اورسائل جامعية عن النحو التحويلي التوليدي وذلك لحاجتي الشديدة اليها فانا طالبة دراسات وابحث في هذا الموضوع واثبات ان له جذور في النحو العربي وان امكن كيف احصل على كتاب المدارس اللسانية المعاصرة للدكتور نعمان بوقرة وساكون شاكرة وممتنة منك
سلوى
تحية لك الأخت الفاضلة ، معذرة لأني لم أستطع مساعدتك نظرا لكثرة ارتباطاتي في تلك الفترة ، لك مني أجمل تحية









رد مع اقتباس
قديم 2009-05-13, 16:23   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
kadirod
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

merciشكرا لك بارك الله فيك مع تمنياتنا لك بالتوفيق ان شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2009-08-05, 22:12   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أبوموفق
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

أولا-شكرا لكم على قبولي في منتداكم.ثانيا-شكرا للاستاذفتحي على بحثه القيم.
ثالثا-وردت في(التوقيع)جملة:فنصبح اثنان في واحد.والصحيح:فنصبح اثنين في واحد.لأن أصبح من أخوات كان،وهنا يكون اسمها ضمير مستتر تقديره نحن واثنين خبرها منصوب علامة نصبه الياء..احترامي الكبيرلكم.
أبوموفق










رد مع اقتباس
قديم 2009-09-04, 18:10   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
فتحي خشايمية
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشكر متواصل لاينقطع لكل من مر من هنا










رد مع اقتباس
قديم 2009-11-29, 22:21   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
طارق عبدو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية طارق عبدو
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله كل خير









رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:48

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc