السلطات الادارية المستقلة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

السلطات الادارية المستقلة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-23, 11:20   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 السلطات الادارية المستقلة

مقدمة









تجسدت ظاهرة العولمة التي تبنتها الجزائر من خلال إزالة الحدود الاقتصادية بين الدول لضمان حرية تداول السلع و انسحاب الدولة من الحقل الاقتصادي و انتقالها من دولة متدخلة إلى دولة ضابطة الأمر الذي صاحبه ظهور أشكال جديدة للضبط و التي تسمح بالحفاظ على نزاهة المنافسة و المتمثلة في السلطات الإدارية المستقلة.
بدأ هذا النوع من الهيئات في الظهور في البلدان الغربية حيث أن المعروف في الولايات المتحدة الأمريكية تسميتها بالوكالات المستقلة
Independent agencies أو لجان الضبط المستقلة independent regulatory commissions و يرجع المؤلفين ظهورها إلى محاولة تجميد سياسيا إدارة متدخلة ، تطوير الاختصاص المهني، ضمان استقرار المؤسسات الموضوعة تحت حماية الكونغرس، تفضيل ملائمة و تناسب نشاط الإدارة .
و يرجع البعض ظهورها في فرنسا إلى ضرورة وضع باسم المنفعة العامة مايعوّض انسحاب الدولة و منحها مهام جديدة لا يمكن تخويلها إلى الإدارة التقليدية.
و عليه فان ظهور السلطات الإدارية المستقلة أساسه منع السلطة السياسية من التدخل في التسيير المباشر لبعض النشاطات و الوصول إلى إشراك المتعاملين الاقتصاديين و الاجتماعيين في وضع القواعد المنظمة لتلك المجالات.
أما البعض الآخر فيرجع ظهورها إلى تدهور التدرج القانوني تحت تأثير القوات الاقتصادية الخاصة التي تهدف إلى التملص من الخضوع للقانون وذلك بوضع أشكال جديدة لضبط النشاطات الاقتصادية .
إن تبني الجزائر لاقتصاد السوق أدى إلى انسحابها من الميدان الاقتصادي وألزمها تبني الأساليب المعروفة في تلك الأنظمة منها مبدأ حرية التجارة و الصناعة الوضع الذي صاحبه إنشاء السلطات الإدارية المستقلة.
تمّ إنشاء أول هيئة في الجزائر في سنة 1990 في مجال الإعلام ، حيث كيّفها المشرع بأنها هيئة إدارية مستقلة ، وتلتها إنشاء عدة سلطات أخرى منها من يكيفها صراحة و منها من يتغاضى عن ذلك. ففي القطاع المالي تمّ إنشاء مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية بموجب القانون رقم 90/10 المؤرخ في 14/04/1990، المتعلق بالنقد و القرض الملغى بالأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003، المتعلق بالنقد و القرض . و تمّ تأسيس في مجال البورصة لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة بموجب المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل و المتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
فقد نص المشرع الجزائري على أن مجلس النقد و القرض سلطة نقدية وأضاف أن لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة سلطة ضبط مستقلة دون أن يكيف اللجنة المصرفية صراحة ، و نظرا لخصوصية المركز القانوني للسلطات الإدارية المستقلة سنحاول التطرق إلى طبيعتها القانونية في الفصل الأول من حيث أنها سلطات  المبحث الأول، و بوصفها إدارية المبحث الثاني، مع كونها مستقلة  المبحث الثالث مع حصر مجال دراستنا في القطاع المالي، ومحاولة التأكد هل هي حقّا سلطات؟ وإذا ما اعتبرناها إدارية فما هي الانعكاسات المترتبة عن ذلك؟ وأخيرا هل تعتبر استقلاليتها مطلقة أو نسبية؟
تهدف الدولة إلى تحقيق الضبط الاقتصادي من خلال إقامة التوازن في السوق والسهر على احترام القواعد المنظمة له من طرف الأعوان الاقتصاديين إلا أن ذلك لا يتأتى إلا بتجميع عدة وسائل متفرقة أصلا بين عدة هيئات في يد هيئة واحدة.
و على خلاف الرقابة القضائية أو الإدارية التقليدية اللتان تخضعان إلى مبدأ الفصل بين السلطات و الفصل بين مهام المتابعة و التحقيق و الحكم ، و تحت غطاء الفعالية تمّ منح مختلف الاختصاصات  التنظيمية، الرقابية، التحكيمية والقمعية للسلطات الإدارية المستقلة حيث يسمح لها ذلك التجميع في الوسائل والصلاحيات بحسن تنظيم و مراقبة القطاع المكلفة بتنظيمه وهو موضوع الفصل الثاني.
إن المعروف أصلا أن السلطة التنظيمية مخولة دستوريا لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورغم ذلك فان المشرع قد منح اختصاص التنظيم في القطاع المالي المبحث الأول لكل من مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و عليه يتوجب علينا التطرق إلى ممارسة هذا الاختصاص: فما هي مجالاته؟ ماهي القيود الواردة على هذا الاختصاص؟ وما مدى دستوريته؟ وما هي أشكال الرقابة الممارسة عليه؟
كما خوّل المشرع لكل من مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة اختصاصات رقابية هامة المطلب الأول من المبحث الثاني ، فما هو نطاق تلك الرقابة ؟ماهي وسائلها والنتائج المترتبة عنها؟
كما تمارس لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة اختصاص تحكيمي المطلب الثاني من المبحث الثاني، على خلاف مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية اللذان لايتمتعان بهذا النوع من الاختصاصات، فماهي كيفيات ممارسته؟
إن السلطة لقمعية الممنوحة للسلطات الإدارية المستقلة المبحث الثالث هي الأهلية التي يمنحها القانون لها للمعاقبة على خرق القوانين و الأنظمة كل منها في المجال الذي تنظمه ، وهي السلطة التي تتجاوز المبدأ التقليدي و الذي يقضي بالاختصاص الاستئثاري للقضاء في مجال التوقيع الجزاء. و عليه سنحاول التطرق إلى تجسيد السلطة القمعية التي خصّ بها المشرع اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة دون مجلس النقد و القرض و ما مدى دستوريتها؟ وكيف تتم ممارستها؟ هل هي مطلقة أم أنها مقيدة بشروط و ماهي الإجراءات المتبعة؟
يتضح لنا من خلال السلطة القمعية الممنوحة للسلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر، تبني ما يعرف بظاهرة إزالة التجريم
ونقل اختصاص الردع من القضاء إلى تلك السلطات وأمام ذلك فان التساؤل المطروح : هل تكفل المشرع بتأطير تلك السلطة القمعية الممنوحة لها؟ وهل أن نقل الاختصاص القمعي رافقه نقل في الضمانات المكرسة أصلا أمام القضاء؟
ومن أجل الإجابة على كل هذه التساؤلات و الإشكالات المطروحة سنتبع الخطة الآتية:
مقدمة
الفصل الأول: الطبيعة القانونية للسلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر
المبحث الأول:الطابع السلطوي
المطلب الأول: مظاهر الطابع السلطوي في الهيئات الإدارية المستقلة
الفرع الأول: إصدار القرارات التنفيذية
الفرع الثاني: دعوى تجاوز السلطة
المطلب الثاني:تقدير الطابع السلطوي في الهيئات الإدارية المستقلة
الفرع الأول: حالة تمتع الهيئة الإدارية المستقلة بالشخصية المعنوية
الفرع الثاني: حالة افتقار الهيئة الإدارية المستقلة للشخصية المعنوية
المبحث الثاني: الطابع الإداري.
المطلب الأول: تجسيد الطابع الإداري في السلطات الإدارية المستقلة
الفرع الأول: من حيث الجانب العضوي
الفرع الثاني: من حيث الجانب المادي (الموضوعي)
المطلب الثاني: انعكاسات الطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة
الفرع الأول: المصلحة العامة و نشاط السلطات الإدارية المستقلة
الفرع الثاني : امتيازات السلطة العامة و السلطات الإدارية المستقلة
المبحث الثالث:الطابع الاستقلالي
المطلب الأول: تجسيد استقلالية السلطات الإدارية
الفرع الأول: من الجانب العضوي
الفرع الثاني: من الجانب الوظيفي
الفرع الثالث: دستورية طابع الاستقلالية
المطلب الثاني: حدود الاستقلالية
الفرع الأول: من حيث الجانب العضوي
الفرع الثاني: من الجانب الوظيفي
الفصل الثاني: اختصاصات السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر
المبحث الأول: الاختصاصات التنظيمية
المطلب الأول: ممارسة الاختصاص التنظيمي.
الفرع الأول: مجالات التنظيم
الفرع الثاني: تقييد السلطة التنظيمية
الفرع الثالث: دستورية السلطة التنظيمية
المطلب الثاني: الرقابة على الاختصاص التنظيمي
الفرع الأول: علاقتها بالسلطة التنفيذية
الفرع الثاني: الرقابة القضائية
المبحث الثاني: الاختصاصات الرقابية و التحكيمية
المطلب الأول: الاختصاصات الرقابية
الفرع الأول: نطاق الرقابة
الفرع الثاني: وسائل ممارسة الرقابة
الفرع الثالث: نتائج الرقابة
المطلب الثاني :الاختصاصات التحكيمية
الفرع الأول : شروط الاختصاص التحكيمي.
الفرع الثاني : إجراءات الاختصاص التحكيمي .
المبحث الثالث:الاختصاصات القمعية.
لمطلب الأول:تجسيد السلطة القمعية.
الفرع الأول:الجزاء الإداري و التعدي على اختصاص القاضي الجزائي
الفرع الثاني:ممارسة السلطة القمعية.
المطلب الثاني:نطاق تأطير السلطة القمعية
الفرع الأول:خضوع السلطة القمعية للضمانات القانونية
الفرع الثاني:خضوع السلطة القمعية للرقابة القضائية
الخاتمة




















الفصل الأول:



الطبيعة القانونية للسلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر


























في سبيل مسايرة النمط الاقتصادي الجديد، عمدت الجزائر إلى الإسراع نحو تكييف منظومتها التشريعية، وذلك لتبدأ بالانسحاب التدريجي من الحقل الاقتصادي و تتحول من دولة متدخلة إلى دولة ضامنة و ضابطة. ويصاحب ذلك التغيير ظهور أشكال جديدة من الهيئات للضبط الاقتصادي تتمثل في السلطات الإدارية المستقلة.
وباستقراء أحكام النصوص القانونية المنشئة لتلك الهيئات لاسيما في القطاع المالي الذي تتمحور حوله دراستنا فان المشرع قد لايكيف الهيئة صراحة أو انه ينص على تكييف غير شامل لذلك ارتأينا التطرق في هذا الفصل إلى الطبيعة القانونية للسلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر مع الإشارة إلى انه لايوجد نموذج لتلك السلطات ولا أحكام عامة  شروط ، خصائص، أنواع محددة.....، فسنتطرق إلى الطابع المميز لها مع إسقاطه على الهيئات المنشئة في القطاع المالي.
المبحث الأول :الطابع السلطوي
من أولى الخصائص المميزة لتلك الهيئات المعروفة بالسلطات الإدارية المستقلة هو الطابع السلطوي حيث يعطي لها مكانة مميزة و يثير إشكالات سوف نحاول التطرق لها ،و تجدر الملاحظة إلى أن فكرة القرار الإداري و السلطة الإدارية و الطعن لتجاوز السلطة أفكار مرتبطة حتى و لو أن النصوص قد لاتشير إليها.
المطلب الأول: مظاهر الطابع السلطوي في الهيئات الإدارية المستقلة
يعتبر الفقه أن من أهم العناصر المميزة للهيئة المعروف على أنها سلطة هي قدرتها على إصدار القرارات التنفيذية و جواز الطعن قضائيا في القرارات التي تصدرها على أساس تجاوز السلطة.
من المعروف أن السلطة تعتبر احد الأركان الواجب توافرها لتكوين دولة ما و التي تمارسها كل من الحكومة (السلطة التنفيذية) و البرلمان( السلطة التشريعية) و القضاء( السلطة القضائية) ، فهل تعتبر تلك الهيئات المعروفة بالسلطات الإدارية المستقلة سلطة رابعة؟
إن تكييف هيئة ما على أنها سلطة دون أن تتمتع بسلطة قرار حقيقية يؤدي بنا إلى تبني مفهوم جديد لفكرة السلطة و التي لا نعتبرها دون نفع و لكن تتناقض مع المفاهيم القانونية المعروفة ، فهل ذلك هو الحال بالنسبة لما يعرف بالسلطات الإدارية المستقلة و بالتحديد تلك التي تنشط في القطاع المالي في الجزائر؟
و حسب الأستاذ P.Sabourin فانه إذا كانت الهيئات التي تتم دراستها لاتتمتع لابسلطة إصدار الأنظمة و لابسلطة اتخاذ القرارات الفردية التي تلحق بحدها الآذى لايمكن وصفها بالسلطات الإدارية و تعتبر القرارات التنفيذية و السلطات الإدارية و الطعن لتجاوز السلطة ذات ارتباط وثيق حتى ولو لم تشر إليه النصوص.
فتعتبر تلك السلطات هيئات تتمتع بسلطة حقيقية لاتخاذ قرارات على شكل أنظمة أو قرارات فردية الأمر الذي يجعلها محلا لدعوى تجاوز السلطة.و إذا كان من الممكن أن ينص المشرع صراحة على أن هيئة ما سلطة إلا انه قد يصمت بالنسبة للبعض الآخر دون أن ينفي ذلك عليها طابعها السلطوي.
الفرع الأول: إصدار القرارات التنفيذية
تتميز السلطة، حسب، G.Dupuis ، بعون وتمارس اختصاصات ولاتكتفي بانجاز مجرد مهام ممنوحة، يمكنها تعديل المركز القانوني عن طريق أعمال ضبط فردية أو جماعية، سواء عن طريق قرارات أو اتفاقيات ...
نقصد بوصف الهيئات الإدارية المستقلة على أنها سلطات و أن لا تكون مجرد هيئات استشارية تنصب مهمتها على تقديم الآراء وإنما تتمتع بسلطة إصدار قرارات، يعود اختصاصها التقليدي إلى السلطة التنفيذية. و يترتب عن إصدارها جميع الآثار الخاصة بالقرارات الإدارية التنفيذية من افتراض المشروعية و بالتبعية امتياز الأسبقية.
أـ سلطة إصدار الأنظمة
فحسب الأستاذ عمار عوابدي يعرف القرار الإداري التنظيمي بكونه الطائفة من القرارات الإدارية التي تتضمن قواعد عامة و مجردة تنطبق على عدد من الحالات غير محددة بذاتها، وموجهة لعدد غير محدد من الأشخاص.
وحسب الأستاذ J. Rivero الذي يميز بين القانون و النظام ويعرف هذا الأخير على انه العمل ذات البعد العام والذي يصدر عن سلطة تنفيذية ، من كل هذا يتضح لنا أن القرار التنظيمي يصدر عن سلطة إدارية.
أما حسب الأستاذ G.Vedel فإن النظام يعرف من الجانب العضوي و المادي. عضويا فالنظام هو العمل الإداري، قرار تنفيذي متخذ من طرف رئيس السلطة التنفيذية أو من طرف السلطات الإدارية التابعة بالنسبة للأنظمة الثانوية. و من الجانب المادي ، يمتاز من بين مجموع الأعمال الإدارية بكونه يتضمن أحكام عامة و مجردة و يحتج به على باقي الأعمال الإدارية و التي لاتعتبر أنظمة.
على خلاف الهيئات التي يمكن وصفها بالهيئات الاستشارية فان السلطات الإدارية المستقلة تعتبر حقا سلطات باعتبار أن القانون قد أعطى لها صلاحية إصدار الأنظمة كما هو الحال بالنسبة لمجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة دون اللجنة المصرفية التي لم يمكنها المشرع من السلطة التنظيمية .
تشهد التطورات الاقتصادية تطور دور الدولة من الدولة المتدخلة إلى الدولة المنظمة حيث رافق ذلك الانتقال ظهور ما يعرف بظاهرة تفتيت سلطة الدولة حيث يتم إعفاء السلطة التنفيذية من بعض المهام سيما في مجال الضبط و التنظيم المحكم للسوق و تحويلها إلى أشكال جديدة من الهيئات هي السلطات الإدارية المستقلة و تبعا لذلك أصبح المشرع يمنح اختصاصات تنظيمية للبعض منها.
فقد جاء النص على أن مجلس النقد سلطة نقدية في المادة 62 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض مخول له مجموعة من المهام و التي يجسدها عن طريق إصدار الأنظمة، حيث تضيف نفس المادة على أن المجلس يمارس سلطاته ،في إطار نفس الأمر، عن طريق الأنظمة.
إضافة إلى الدور الاستشاري الذي يتمتع به المجلس حيث تتم استشارته من طرف الحكومة في كل مسألة تتعلق بالنقد و القرض أو كل مسالة يمكن أن تنعكس على الوضع النقدي، فان المجلس يتمتع بسلطة قرار مستقلة حيث يصدر قرارات تنفيذية وتنشر في الجريدة الرسمية.
و لا تعتبر لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة مجرد هيئة استشارية بل هيكل له سلطة إصدار القرارات سيما التنظيمية لكونها مكلفة من طرف التشريع بمهمة تنظيم سوق القيم المنقولة ومراقبتها طبقا لنص المادة30 من المرسوم التشريعي 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
و تتولى اللجنة، السالف ذكرها في مجال البورصة، تنظم عمليات البورصة و مراقبتها بتنظيم سوق القيم المنقولة و بسن تقنينات متعلقة بمجموعة من المجالات المنصوص عليها في المادة 31 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
و تجدر الملاحظة أن المشرع لم يمكن اللجنة المصرفية من سلطة إصدار الأنظمة حيث انه مكن مجلس النقد و القرض من ذلك باعتباره السلطة النقدية التي تتولى السلطة التنظيمية و باعتبار الهيئتين تمارسان في نفس المجال نرى أن المشرع أراد تفادي إصدار أنظمة متناقضة تنظم نفس المجال.
ب ـ إصدار القرارات الفردية
تعتبر القرارات الفردية النوع الثاني من الأعمال الإدارية بعد الأنظمة و التي يمكن تعريفها على أنها الطائفة من القرارات الإدارية الموجهة لشخص محدد أو لعدد معين من الأشخاص .
و قد قام الأستاذ J. Rivero بتمييزها عن القرارات التنظيمية التي تخص فردا بذاته أو حالة معينة ، و قام الأستاذ G.Vedel بتعريفها على أنها تلك التي لاتكون تنظيمية و قد تخص شخص واحد أو عدة أشخاص و تجدر الإشارة إلى أن التمييز نوعي و ليس كمي.
إضافة إلى سلطة إصدار التنظيمات التي تتمتع بها البعض من السلطات الإدارية المستقلة، فان المشرع منح لها سلطة إصدار القرارات الفردية ضمن الاختصاصات التي تتمتع بها. إن مجلس النقد و القرض يمثل سلطة باعتباره يتخذ قرارات تنفيذية منها القرارات الفردية التي تمس أشخاص محددة ذاتيا. و في هذا الصدد تنص المادة62 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض على أن المجلس يصدر القرارات الفردية المتعلقة بالترخيص بفتح البنوك والمؤسسات المالية، وتعديل قوانينها الاساسية، وسحب الاعتماد. ويمنح التراخيص بفتح مكاتب تمثيل للبنوك الأجنبية ، وتفويض الصلاحيات في مجال تطبيق التنظيم الخاص بالصرف و القرارات المتعلقة بتطبيق الأنظمة التي يسنها المجلس.
كما تصدر اللجنة المصرفية قرارات فردية بحكم الاختصاصات الممنوحة لها طبقا للمادة105من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق ببورصة القيم المنقولة ، وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 107 من نفس الأمر ونذكر منها مثلا قرار تعيين قائم بالإدارة مؤقت أو مصفي ...
و في هذا الصدد سبق لمجلس الدولة الجزائري أن تطرق للطبيعة القانونية للجنة المصرفية في القرار رقم 2129 المؤرخ في 08/05/2000 بين يونين بنك و بنك الجزائر الذي يقضي في إحدى حيثياته « عن طبيعة اللجنة المصرفية: حيث انه من الثابت إن القرار المطعون فيه يذكر أن رئيسها صرح قبل مناقشة الموضوع أنها تشكل جهة قضائية مختصة. لكن حيث أن الجهات القضائية تفصل بين الأطراف في حين أن اللجنة المصرفية تشكل هيئة رقابية وهيئة عقابية مهنية. حيث انه من جهة أخرى فان الإجراءات المطبقة أمام الجهات القضائية تحدد عن طريق القانون في حين أن أغلبية الإجراءات المطبقة أمام اللجنة المصرفية قد تم تحديدها عن طريق نظام داخلي. حيث انه في الأخير الطعن ضد قراراتها يشكل طعن بالبطلان يجعل تصنيف قرارها ضمن القرارات الإدارية و من ثم يتعين القول كما استقر عليه الفقه أن اللجنة المصرفية تشكل سلطة إدارية مستقلة.»
و تصدر لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة قرارات فردية اثر ممارستها الاختصاص الرقابي و التأديبي والتحكيمي طبقا للمواد 30، 35، 52و56 من المرسوم التشريعي93/10المؤرخ في 23/05/1993، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
يتضح لنا إن من خلال ما سبق أن السلطات الإدارية المستقلة الثلاثة في القطاع المالي في الجزائر تتمتع بسلطة إصدار القرارات الفردية على خلاف الأنظمة التي لا تصدرها إلا تلك التي تتمتع بالاختصاص التنظيمي الحال الثابت لمجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة.
وفي إطار سلطة إصدار القرارات الإدارية التنفيذية و حسب J.Chevalier يتجلى المركز الحقيقي للسلطات بوجود سلطة القرار، و يؤكد أن السلطات الإدارية المستقلة هي حقيقة سلطات من الجانبين. أولا باعتبار وظيفتها لاتتمثل في التسيير و إنما هي الضبط ...و ثانيا و من اجل انجاز مهامها تتمتع بسلطة القرار و التي تسمح لها بتعديل النظام القانوني و الوضعيات الفردية...
الفرع الثاني: دعوى تجاوز السلطة
وفقا لمبدأ المشروعية أو مبدأ سيادة القانون، مبدئيا جميع القرارات الإدارية تخضع لرقابة القضاء سواء بإلغاء هذه القرارات أو التعويض عنها.
فمن أهم الميزات التي يتمتع بها القرار الإداري التنفيذي القابلية للطعن لتجاوز السلطة و ذلك مهما كان الأساس الذي يبنى عليه سواء عدم الاختصاص، عيب في الشكل، الانحراف في السلطة ومخالفة القانون و التي لاتشكل سوى أشكال لعدم المشروعية بالمفهوم الواسع أي لخرق القانون من طرف الإدارة.
و قد جاء النص عليها في المادة 07 ، 231 و 274 من قانون الإجراءات المدنية و المادة 9 من القانون العضوي 98/01 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله، ويقتصر دور القاضي على إلغاء العمل الإداري الانفرادي دون تعديله أو التعويض كأصل واستثناءا وطبقا لنص المادة 276 من قانون الإجراءات المدنية التي تسمح له بالفصل في طلب التعويض المرتبط بدعوى الإلغاء.
و تتضح قيمة الطعن لتجاوز السلطة باعتباره وسيلة لمعاقبة عدم مشروعية الأعمال الإدارية من خلال مقارنته بباقي الوسائل الإجرائية الأخرى منها التظلم الادخاري الذي لايسعى بالضرورة إلى ضمان احترام مشروعية من طرف الإدارة بل يمكن أن يؤسس على اعتبارات الملائمة والعدالة. و باعتبار الهيئات الإدارية المستقلة سلطات فهل تكون القرارات التي تصدرها قابلة للطعن فيها على أساس تجاز السلطة؟
فقد نص المشرع الجزائري في المادة65 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض على انه يكون النظام الصادر و المنشور وفقا للمادة 64 من نفس الأمر موضوع طعن بالإبطال يقدمه الوزير المكلف بالمالية أمام مجلس الدولة ، يتضح لنا أن المشرع أعطى صلاحية الطعن في الأنظمة التي يصدرها المجلس إلا أنه حصرها في يد الوزير المكلف بالمالية.
إلا انه فتح المجال للطعن بالبطلان في القرارات الفردية المتخذة وفقا للفقرات أ،ب و ج من المادة 62 من الآمر المذكور أعلاه لكل شخص مستهدف بالقرار مباشرة.
وبصدد القرارات التي تتخذها اللجنة المصرفية فان المادة 107من الأمر 03/11 و المتعلق بالنقد و القرض على أن القرارات المتعلقة بتعيين قائم بالدارة مؤقتا أو المصفي و العقوبات التأديبية وحدها التي تكون قابلة للطعن القضائي ، نلاحظ أن المصطلح جاء عاما دون تدقيق لنوع الطعن .
و الطعن لتجاوز السلطة هو طعن قضائي كما هوا لطعن بالنقض أمام المحكمة العليا إلا أن الطعن في قرارات اللجنة المصرفية يكون أمام
مجلس الدولة ، مما يؤكد أن الطعن يكون من اجل التاكد من مشروعية تلك القرارات وعدم تجاوز هذه الأخيرة لسلطاتها.
ونفس الملاحظة تبقى صحيحة بالنسبة للطعون التي تقدم ضد اللوائح التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة حيث أن المشرع أشار إليها في المادة 33 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة حين تطرق المشرع إلى إمكانية تأجيل تنفيذ أحكام اللائحة المطعون فيها بتوفر الشروط المطلوبة قانونا دون تحديد نوع الطعن مكتفيا بالنص على انه قضائي.
و فيما يخص القرارات التي تصدرها في طار ممارسة اختصاصاتها التأديبية و التحكيمية ، تنص المادة 57 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المذكور آنفا على أن القرارات التأديبية قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة دون أن يخص بذلك القرارات التحكيمية مما يجعلها بمنآي عن تلك الطعون .
و عليه ومن اجل منع كل التباس فعلى المشرع التدخل و النص صراحة على طبيعة الطعن سيما أن السلطات الإدارية المستقلة لاتدخل ضمن أي نوع من الهيئات الواردة في المادة 09 من القانون العضوي رقم 98/10 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة.
المطلب الثاني:تقدير الطابع السلطوي في الهيئات الإدارية المستقلة
إن الطابع السلطوي الذي يصبغ مجموعة هيئات إدارية مستقلة والمعروفة بتسمية تبعا لذلك بالسلطات الإدارية المستقلة يعتبر ذات أهمية قصوى حيث يترتب عن ذلك قدرتها على اتخاذ القرارات التنفيذية وإصدارها و ما يترتب عن ذلك من امتياز الأسبقية لافتراض مشروعيتها و إمكانية استعمال الإكراه ، إضافة إلى أنها تكون قراراتها قابلة للطعن لتجاوز السلطة أي أن يصبح لها حق اللجوء إلى القضاء سواء كمدعية أو مدعى عليها.
إلا أن التأكيد على هذا الطابع و مع غياب نموذج موحد لهذا النوع من السلطات و أمام انعدام قواعد شاملة لكل السلطات الإدارية المستقلة فانه يتبادر إلى الذهن و من اجل التمعن أكثر هل ينطبق عليها حقا وصف بالسلطات؟ فهل هي سلطات باتّم معنى الكلمة؟
الفرع الأول: حالة تمتع الهيئة الإدارية المستقلة بالشخصية المعنوية
إن وجود الشخصية المعنوية ليس محصور في القانون الإداري ولكنها تتمتع بأهمية خاصة فيه، فإذا كان الشخص في القانون العادي يمكن أن يكون إما طبيعيا أو معنويا ففي القانون الإداري يكون دائما معنوي يتولى تمثيل الإدارة.
إن الشخصية المعنوية هي كل مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا، أو مجموعة من الأموال، ترصد لمدة زمانية محددة لتحقيق غرض معين بحيث تكون هذه المجموعة من الأشخاص مستقلة عن العناصر المالية للشخصية المعنوية. أي أن تكون لها أهلية قانونية لاكتساب الحقوق و التحمل للالتزامات، بحيث تكون لهذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال مصلحة جماعية مشتركة مستقلة عن المصالح الذاتية و الفردية لأفراد المجموعة.
تكرس الشخصية المعنوية وجود أشخاص قانونية غير الإنسان ويعرفها Waline على أنها مجموعة مراكز مصالح محمية قانونا ، وعلى خلاف الشخص الطبيعي فان حياة الشخص المعنوي غير محددة بالوفاة التي تخص الأشخاص الطبيعية . وإذا كان يجوز للشخص الطبيعي العمل على تحقيق كل مصلحة شرعية إلا أن الشخص المعنوي لايمكنه إلا العمل للوصول الى المصالح التي انشيء من اجلها .
وإذا كان الشخص الطبيعي يكتسب الشخصية القانونية بمجرد ميلاده فان الشخص غير الطبيعي لايكتسبها إلا إذا منحها له المشرع صراحة بنص القانون أو بتحديد مجموعة شروط لابد من توافرها من اجل اكتساب الشخصية المعنوية.
يترتب على منح القانون الشخصية المعنوية لمجموعة عدة نتائج ورد النص عليها في المادة 50 من القانون المدني لاسيما الذمة المالية و الأهلية القانونية في الحدود التي يقررها القانون وحق التقاضي.
و عليه و باعتبار أن لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة وصفها المشرع بكونها سلطة ضبط مستقلة إلا إن التساؤل يبقى قائما هل أنها حقا سلطة باتّم معنى الكلمة؟
طبقا لنص المادة 20 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 و المتعلق ببورصة القيم المنقولة فانه تؤسس سلطة ضبط مستقلة لتنظيم عمليات البورصة و مراقبتها ،تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي، الأمر الذي يترتب عنه جميع الحقوق المترتبة عن التمتع بالشخصية القانونية من أهلية تقاضي، استقلال مالي ،...
وباستقراء النصوص القانونية فان اللجنة تتمتع باستقلال مالي سيما أنها تحصل الآتاوى عن الأعمال والخدمات التي تؤديها من المستفيدين الأمر الذي يؤكد تمكنها من ممارسة صلاحياتها كسلطة، ولو أنه هناك من ينقد كون أن تحديد قواعد أساس هذه الآتاوى وحسابها وتحصيلها يتم عن طريق التنظيم.
كما أنها تتمتع بأهلية التقاضي نظرا لكونها تتمتع بالشخصية المعنوية مما يسمح لها بان تكون مدعية أو مدعى عليها، فيمكن الطعن فيما يصدر عنها من قرارات و يمكن لها مقاضاة كل من يصيبها بضرر.
تحتوي اللجنة على أمانة مزودة بمصالح إدارية وتقنية يتم تحديد تنظيم هذه الأخيرة و سيرها ووضعية مستخدميها القانونية في لائحة تصدرها اللجنة حسب ما تقضي به المادة 29 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 . إن تمكين اللجنة من ذلك عامل مساهم في ممارسة اختصاصها كسلطة تتمتع بامتيازات السلطة العامة بحيث تحدد قواعد السير بطريقة تسمح لها من الانتفاع من تلك المزايا من أجل إنجاز مهامها.
الفرع الثاني: حالة افتقار الهيئة الإدارية المستقلة للشخصية المعنوية
إن تمتع هيئة ما أو مجموعة بالشخصية المعنوية لا يكون إلا بنص القانون أو بتوافر الشروط المحددة قانونا و هو ما لا يتوفر لا في مجلس النقد و القرض و لا في اللجنة المصرفية. و تعتبر الشخصية المعنوية ذات تأثير هام في ممارسة سلطة ما جميع الصلاحيات المترتبة عن وصفها بالطابع السلطوي.
كما سبقت الإشارة إليه فان المشرع الجزائري نص صراحة على أن مجلس النقد و القرض سلطة نقدية، فهل فعلا هو كذلك؟
بالرجوع إلى نص المادة 50 من القانون المدني الجزائري، السالفة الذكر، فانه من أهم النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية، الاستقلال المالي والإداري وحق التقاضي ،و الأهلية القانونية.
وبالرجوع إلى أحكام الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد والقرض، فان تبليغ مشاريع أنظمة المجلس إلى
الوزير المكلف بالمالية و استدعاء المجلس للاجتماع يتم من طرف المحافظ مدير بنك الجزائر.
وطبقا لنص المادة 64 من الأمر رقم 03/11 و المتعلق بالنقد و القرض فان المحافظ يتولى إصدار الأنظمة التي تصبح نافذة و كذلك القرارات التي تصدر في المجالات المصرفية ، و هو الأمر الذي يعتبر انتقاص للأهلية القانونية للمجلس كسلطة معترف بها حيث أن المنطق يتطلب أن ينص القانون على اختصاص المجلس في إصدار قراراته سواء التنظيمية أو الفردية.
و نفس الملاحظة تكون صحيحة بالنسبة للجنة المصرفية حيث أنها تفتقر للشخصية المعنوية مما يجعل ممارسة صلاحياتها كسلطة أمر مردود عليه. فنجد أن الأهلية القانونية للجنة تتجسد من عدة نواحي منها الجانب الإداري إلا انه و طبقا لنص المادة106 الفقرة الأخيرة من الأمر رقم 03/11 و المتعلق بالنقد و القرض فان اللجنة تزود بأمانة عامة يحدد مجلس إدارة البنك صلاحياتها وكيفيات تنظيمها وعملها بناء على اقتراح من اللجنة.
و يعتبر الجانب المالي عنصر هام يمكّن السلطات الإدارية المستقلة من ممارسة صلاحياتها كسلطة و عليه فان افتقار كل من مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية للشخصية المعنوية وعدم تمتعهما بالاستقلال المالي أدى إلى الانتقاص من الطابع السلطوي لها و عليه فلا تعتبر سلطات باتّم معنى الكلمة.

المبحث الثاني: الطابع الإداري
إن الأمر الذي يفرض نفسه هو وصف سلطات الضبط بالطابع الإداري و ذلك ما تتفق عليه أعمال المجالس الشعبية و النصوص التشريعية لبعض تلك السلطات واجتهادات مجلس الدولة و المجلس الدستوري بتوجهها نحو ربطها بالجهاز الإداري.
و من جهة أخرى فان التصريح القانوني باختصاص القاضي الإداري بشان المنازعات الخاصة بتلك السلطات و تمسك هذا الأخير بالفصل فيها حتى دون نص القانون يؤكدان تمتعها بهذا الطابع إلا أن ذلك لا يمنع من الشك في طابعها الإداري سيما بالنسبة لتلك التي تتمتع بالاختصاص القمعي كما هو حال كل من اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة و هو الأمر الذي يقربها من الطابع القضائي.
المطلب الأول: تجسيد الطابع الإداري في السلطات الإدارية المستقلة
إن الطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة أمر مفروغ منه عندما يكيفها القانون صراحة بذلك إلا انه و في الحالة المخالفة يتعين علينا البحث في العناصر المميزة للإدارة للقول ما إذا كانت حقّا إدارية.
إن المشرع الجزائري قد سبق له أن كيّف صراحة بعض السلطات المستقلة بالإدارية منها مجلس المنافسة و ذلك بموجب المادة 23 من الأمر رقم 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 و المتعلق بالمنافسة ، إلا انه هناك من الهيئات التي يكيفها بسلطات ضبط مستقلة مثلما هو حال لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة أو بكونها هيئات مستقلة وعليه يتعيّن علينا أن نستشف طابعها الإداري من المعايير المميزة لهذا الطابع.
إن المعروف فقها أن كلمة الإدارة تتضمن معنيين: الأول يخص نشاط التسيير و الثاني يخص الجهاز أو الأجهزة التي تتولى ذلك النشاط، فكلا المعنيين الأول مادي و الثاني عضوي فان الكلمة تستعمل في الأعمال الخاصة و الأعمال العمومية. إلا انه وبالمفهوم الضيق فان استعمالها يخص عموما الإدارة العمومية والتي يعنى بها مجموعة الأجهزة و التي من خلالها يتم تسيير و انجاز مهام عمومية .
تهدف الإدارة في نشاطها إلى تحقيق الصالح العام أو مايسمى المنفعة العمومية و من اجل ذلك لها اللجوء إلى استعمال القوة العمومية كلما اقتضتها الضرورة.
و عليه كلمة الإدارة تتضمن مفهومين: مفهوم عضوي و مفهوم موضوعي أو مادي و من اجل التدقيق في هذه الفكرة نتطرق إليها من الجانبين .
الفرع الأول: من حيث الجانب العضوي
حاول العديد من الشراح تعريف الإدارة معتمدين على الجانب العضوي حيث يرى البعض أنها مجموعة الأجهزة التي بتأثير من السلطة السياسية تضمن تدخل الدولة كشخص عمومي و الأشخاص العمومية الأخرى (في الجزائر الولاية و البلدية و المؤسسات العمومية) أي مجموع المرافق العمومية في الحياة اليومية بمختلف أوجهها الاجتماعية الاقتصادية...أي الشؤون العمومية.
وتعرف الإدارة من الجانب العضوي على أنها مجموع الهيئات التي تتكفل بالنشاط الإداري منها الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات العمومية الإدارية ،...
إن مشاركة الأجهزة العمومية في النشاط الإداري يختلف باختلاف الأنظمة السياسية في كل بلاد ويقصد بالإدارة عموما الأجهزة التي لها مهمة العمل على توفير مختلف متطلبات الجماعة.
و تتمثل هذه الأجهزة على سبيل المثال في السلطات التالية: السلطات المركزية (رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، الوزراء،...) السلطات المحلية لنظام عدم التركيز( الوالي، رئيس الدائرة،...)السلطات اللامركزية الإقليمية(رئيس المجلس الشعبي البلدي،...) السلطات اللامركزية المرفقية (مدير مؤسسة عمومية).
وكما سبقت الإشارة إليه فان السلطات الإدارية المستقلة قد لا يكيفها القانون صراحة بذلك سيما كما هو الحال في القطاع المالي في الجزائر حيث نجد خاصة اللجنة المصرفية التي أثارت إشكال فيما يخص كونها سلطة أدارية أو هيئة قضائية، و كذا لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و اللتان تتضمنان في تشكيلتهما عنصر القضاة وعليه نتساءل هل تعتبر تلك السلطات ذات طابع إداري من الجانب العضوي؟
للإجابة على هذا التساؤل فانه يتوجب علينا تفحص تلك السلطات من حيث تشكيلتها و البحث في تنوع التشكيلة و انتماء أعضائها، سيما أن تلك السلطات توصف بالمستقلة و بمعنى آخر فهي ليست تابعة للسلطة التنفيذية و عليه ألا تعتبر تشريعية أو قضائية؟ و باستبعاد الطابع التشريعي لتلك السلطات لكونها لا تعتبر تمثيليات شعبية منتخبة ،فهل تمتاز بالطابع القضائي؟
فطبقا للمادة 58 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد والقرض فان مجلس النقد و القرض يتشكل من أعضاء مجلس إدارة بنك الجزائر و شخصيتين تختاران بحكم كفاءتهما في المسائل الاقتصادية و النقدية ، و حسب المادة 18 من نفس الآمر فان مجلس إدارة بنك الجزائر يتكون من المحافظ رئيسا و نواب المحافظ الثلاثة و ثلاثة موظفين ذوي أعلى درجة معينين في المجال بموجب كفاءتهم في المجال الاقتصادي و المالي. من خلال هذه التشكيلة يتبين لنا انتفاء عنصر القضاة و كون معظمهم ذات تكوين إداري اقتصادي الأمر الذي يعزز الطابع الإداري للمجلس .
أما فيما يخص تشكيلة اللجنة المصرفية و طبقا لنص المادة 106 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض السالف الذكر فإنها تتكون من المحافظ رئيسا، ثلاثة أعضاء يختارون بحكم كفاءتهم في المجال المصرفي و المالي و المحاسبي و قاضيين ينتدبان من المحكمة العليا.
يتضح لنا من خلال تشكيلة اللجنة أنه على مجموع ستة أعضاء فان اثنان منهم قضاة و هو أمر يساهم في إبعاد الوصف الإداري عنها سيما انه ثار نقاش حولها : هل تعتبر هيئة إدارية أو جهة قضائية؟
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد قام بتقليد المشرع الفرنسي دون محاولة معالجة الإشكالات التي طرحت حتى على مستواهم و التي تكفل المشرع الفرنسي بها حيث اعتبر اللجنة البنكية ذات طبيعة مزدوجة : إدارية و قضائية حينما تمارس اختصاصها التأديبي.
آلا أن المشرع الجزائري لم يتكفل بحل الإشكال على خلاف نظيره الفرنسي، كما أن توافر عنصر القضاة ليس حاسما في استبعاد الطابع الإداري عن اللجنة حيث أننا نجد سلطات أخرى تتضمن عنصر القضاة و رغم ذلك وصفها المشرع بالإدارية مثلما هو حال مجلس المنافسة ، و سنتطرق في النقاط اللاحقة إلى باقي الإشكالات فيما يخص طبيعة اللجنة المصرفية.
أما بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فان المشرع وصفها بكونها سلطة ضبط مستقلة دون أي إشارة للطابع الإداري،
علما أن فكرة سلطة ضبط لا تعتبر تكييف بأتم معنى الكلمة سيما أن المقصود بها هي وظيفة الضبط الاقتصادي و الضرورة تقتضي البحث عن التكييف الحقيقي للجهاز ، وعليه سنحاول تكييفها من الجانب العضوي من خلال تفحص تنوع أعضائها و الجهة التي ينتمون إليها.
تعتبر تشكيلة اللجنة معيارا من بين المعايير الشكلية التي يمكن الاستناد إليها الطابع الإداري أو القضائي للجنة و ذلك بالنظر خاصة في صفة الأعضاء المكونين لها و أسلوب تعيينهم.
و تتكون لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة من قاض يقترحه وزير العدل، عضو يقترحه الوزير المكلف بالمالية، أستاذ جامعي يقترحه الوزير المكلف بالتعليم العالي، عضو يقترحه محافظ بنك الجزائر، عضو مختار من المسيرين للأشخاص المعنويين المصدرة للقيم المنقولة، عضو يقترحه المصف الوطني للخبراء المحاسبين و محافظي الحسابات و المحاسبين المعتمدين مع الإشارة إلى أنهم جميعا يعينون حسب قدراتهم في المجالين المالي والبورصي طبقا لنص المادة 22 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة، و عليه تتبين بوضوح أغلبية الأعضاء من الإداريين مما يلح بالطابع الإداري للجنة.
و تجدر الملاحظة إلى التمثيل الضئيل لعنصر القضاة حيث انه من بين ستة أعضاء نجد قاض واحد، الآمر الذي يجعل من اللجنة تبتعد بطبعها عن الجهة القضائية
الفرع الثاني: من حيث الجانب المادي (الموضوعي)
و حسب المفهوم المادي فان الإدارة تعرف على أنها نشاط الأجهزة المشار إليها من خلال المفهوم العضوي و الذي تهدف من خلاله إلى تحقيق المصلحة العمومية. فهي من جهة الوظائف التي تقوم بها الإدارة و المتمثلة في الضبط الإداري و المرفق العمومي و من جهة أخرى ما تملك من وسائل قانونية لتحقيق هذه الوظائف و هي الأعمال الإدارية.
و عليه فان الإدارة حسب المفهوم المادي هو مجموع النشاطات التي تقوم بها الإدارة و التي تهدف من خلالها إلى تحقيق المصلحة العامة فانه لابد من تمييز الإدارة عن التشريع، القضاء و الحكومة. Jean Rivero وحسب هذا المفهوم دائما و حسب الأستاذ
و يمكن التمييز بين العمل الإداري و العمل التشريعي من وجهتين: وجهة نظر عضوية تأخذ بعين الاعتبار الجهة المصدرة للعمل حيث يصدر النشاط التشريعي عن السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان و النشاط الإداري عن السلطة التنفيذية. و من وجهة نظر مادية فإننا نعتد بمحتوى و موضوع العمل حيث نقول أن عمل ما تشريعي أو إداري لما يتضمن محتواه موضوع يدخل ضمن مواضيع أو ضمن نطاق اختصاص السلطة التشريعية أو التنظيمية على الترتيب.
و قد جرت العادة على ربط الإدارة مع السلطة التنفيذية، هذه الأخيرة المكلفة أساسا بتنفيذ القوانين و ذلك من خلال العمل على نشرها و التذكير بالقواعد الخاصة بها، مع استعمال الإكراه إن اقتضى الأمر ذلك. كما أنها مكلفة بالحفاظ على النظام العام بمختلف معانيه عن طريق استعمال وسائل الضبط الإداري.
وتتسع فكرة تنفيذ القوانين أكثر مما تبدو عليه من الوهلة الأولى و تضع على عاتق السلطة التنفيذية عدة مهام منها:
1. مهمة نشر القوانين و التذكير بالقواعد الخاصة بها، فان كانت المصادقة على القوانين تجعلها تنفيذية إلا أن النشر هو الذي يجعل الاحتجاج بها على الغير ممكنا.
2. إمكانية استعمال القوة من اجل ضمان تنفذ القوانين و هو الأمر المقصور للسلطة التنفيذية.
3. تنفيذ القوانين قد يتم عن طريق المهام الموكلة مباشرة للسلطة التنفيذية و ذلك من خلال إصدار تنظيمات تطبيقية للقوانين التي تصدرها السلطة التشريعية .
4. كما أن تنفيذ القوانين بالمفهوم الواسع للكلمة يتضمن الحفاظ على النظام العام و ضمان سير المرافق العمومية. و يعرف النظام العام حسب الأستاذ Georges Vedel على انه حد أدنى من الشروط الأساسية من اجل حياة اجتماعية أساسها امن الممتلكات و الأشخاص، السكينة و الصحة العموميين . كما تتضمن الفكرة أبعاد اقتصادية ...و هو ما يتم عن طريق ما يدعى الضبط الإداري.
و عليه و تبعا لكل ما سبق فان اعتبار هيئة ما ذات طابع إداري فالأصل أنها تتولى بالمهام السالف بيانها و أن كان من الممكن حصرها في مجال دون الآخر أو بالنسبة لأشخاص دون الآخرين.
إلا أن الإدارة بالمفهوم المادي يقصد بها نشاط و المعروف تقليديا أن الإدارة ليست النشاط الوحيد للسلطة التنفيذية إلا أن الإدارة لا تتولاها إلا السلطة التنفيذية .
كما أن الإدارة تتم عن طريق استعمال امتيازات السلطة العامة و التي قد تتخلى عنها إن اقتضت الضرورة ذلك مثلا حالة السرعة وبالتبعية تتصرف كأشخاص القانون العادي.
خلاصة لما سبق ، يمكن القول أن المفهوم التقليدي للإدارة أنها نشاط السلطة التنفيذية تحت نظام امتيازات السلطة العمومية .
و من اجل القول بالطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر ، يطرح التساؤل هل أنها تتولى المهام المعروفة للإدارة سيما تنفيذ القوانين ؟
فمن الجانب المادي فان مهام هذه الهيئات هو السهر على تنفيذ القوانين كل في المجال الذي تختص به . وبالرجوع إلى الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض نجد أن مجلس النقد و القرض مكلف بإعداد الأنظمة في المجالات المخصصة له قانونا و من اجل تطبيقها له إصدار القرارات الفردية التي يراها ضرورية لذلك.
و تتكفل اللجنة المصرفية بمراقبة مدى احترام البنوك و المؤسسات المالية الأحكام التشريعية و التنظيمية المطبقة عليها و تفحص شروط استغلالها و تسهر على نوعية وضعياتها المالية و تسهر على احترام قواعد حسن سير المهنة طبقا لنص المادة 105 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه . يتضح لنا أن اللجنة المصرفية أعطى لها المشرع صراحة اختصاص السهر على تنفيذ القوانين و هو الاختصاص الممنوح للإدارة والتي عادة ما يتم ربطها بالسلطة التنفيذية.
أما فيما يخص لجنة تنظيم لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و التي تمّ إنشاؤها من اجل تنظيم سوق القيم المنقولة و مراقبتها و ذلك بالسهر خاصة على حماية الادخار المستثمر في القيم المنقولة أو المنتوجات المالية الأخرى التي تتم في إطار اللجوء العلني للادخار و السير الحسن لسوق القيم المنقولة و شفافيتها ومن اجل ذلك منح لها المشرع سلطات تنظيمية ، رقابية و عقابية و التي تمارسها عموما عن طريق إصدار أنظمة و قرارات فردية و تسهر على تنفيذ تلك القرارات و هي المهام التي تتولاها السلطات الإدارية لا القضائية.
تنص المادة 35 من الأمر رقم 93/10 المؤرخ في23/05/1993 ، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه:« تتأكد اللجنة من أن الشركات المقبول تداول قيمها المنقولة في بورصة القيم المنقولة، تتقيد بالأحكام التشريعية و التنظيمية السارية عليها و لاسيما في مجال القيم المنقولة و عقد الجمعيات العامة، و تشكيلة أجهزة الإدارة و الرقابة وعمليات النشر القانونية.
وتأمر هذه الشركات، عند الاقتضاء، بنشر استدراكات فيما إذا لوحظت حالات سهو في الوثائق المنشورة أو المقدمة.»
و كما سبقت الإشارة إليه فيما يخص الشك الذي قد يثور باعتبارها سلطة عقابية و بالتبعية تكييفها على أنها جهة قضائية إلا أن ذلك مستبعد بعدما اخضع المشرع القرارات التأديبية التي تصدرها لرقابة القاضي عن طريق دعوى الإلغاء و عليه فلا يمكن وصف تلك القرارات بالقضائية ، الأمر الذي يتطلب أن تكون محلا للطعن بالنقض .
من خلال ماسبق يتضح لنا أن كل من مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية ولحنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة سلطات ذات طابع إداري من خلال المهام الموكلة لها سيما تنفيذ القوانين و الذي يعتبر من الاختصاص الأصيل للسلطة التنفيذية و الإدارات التابعة لها .
وتجدر الملاحظة، ومع دخول الجزائر اقتصاد السوق، إلى انسحاب الدولة من السوق حيث انه بعدما أن كانت متدخلة أصبحت منظمة و حتى في مجال التنظيم أصبحت تمنحه لهيئات متخصصة في المجالات المراد تنظيمها مما أدى إلى ظهور طائفة جديدة إلا وهي السلطات الإدارية المستقلة والتي منحت لها مجموعة من السلطات التي كانت سابقا ملك للسلطة التنفيذية وهي الظاهرة التي سماها الفقه بتفتيت سلطة الدولة ».Difraction du pouvoir étatique «
المطلب الثاني: انعكاسات الطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة
من خصائص الإدارة أنها تمارس اختصاصاتها و ذلك بهدف تحقيق المنفعة العامة و التي تتغير من وقت لآخر، وحسب الأشكال الاجتماعية، والمعطيات السيكولوجية، والتقنيات إلا انه وان كان المضمون يتغير إلا أن الهدف يبقى نفسه.
وإذا كانت العلاقات بين الأشخاص العاديين مبنية على المساواة و قائمة على أساس مبدأ التراضي و سيادة الإرادة و التي تتجسد في شكل اتفاقات عموما و عقود خصوصا إلا أن الإدارة و باعتبارها تسعى إلى تحقيق الصالح العام و الذي لئيمكن تجسيده باستعمال الوسائل المعروفة بين الخواص وعليه زودت الإدارة بما يعرف بامتيازات السلطة العمومية و اللجوء إلى استعمالها لا يكون دائما إلزاميا.
تتجسد إرادة الإدارة سيما عند تعاملها مع الأشخاص العاديين في شكل عقد إلا أن القرار الانفرادي يبقى التقنية المميزة للنشاط الإداري و الأكثر استعمالا ولا سيما مع الخصائص التي يتميز بها القرار الإداري لكونه تنفيذي و ما يترتب عن ذلك من امتياز الأولوية و إمكانية استعمال الإكراه من اجل تنفيذه نظرا لافتراض الشرعية فيه ، ويختص القضاء الإداري في الطعون المرفوعة ضد تلك القرارات.
و بعدما توصلنا إلى تكييف السلطات محل الدراسة بالطابع الإداري و ذلك سواء من الجانب العضوي أو الجانب المادي فان التساؤل الذي يطرح نفسه : هل كرّس المشرع الجزائري الانعكاسات المترتبة عن اعتبار تلك السلطات إدارية؟ هل تهدف تلك السلطات إلى تحقيق منفعة عمومية؟ هل لها استعمال امتيازات السلطة العمومية؟ هل لها إصدار قرارات تنفيذية تتصف بامتياز الأسبقية وإمكانية استعمال الإكراه لتنفيذها؟ أمام أية جهة يتم الطعن ضد قرارات تلك السلطات؟
الفرع الأول: المصلحة العامة و نشاط السلطات الإدارية المستقلة
لقد جاءت السلطات الإدارية المستقلة في القطاع الاقتصادي عموما و في القطاع المالي خصوصا من اجل ضمان مهمة الضبط الاقتصادي و التي كانت سابقا من اختصاص السلطة التنفيذية التي تسعى من خلالها إلى تحقيق المصلحة العامة ، فهل تسعى السلطات الإدارية إلى تحقيق المنفعة العامة؟
كانت الجزائر تتدخل في مختلف النشاطات الاقتصادية إلا انه و بعد اعتمادها اقتصاد السوق أدى بها إلى الانسحاب من السوق، الظاهرة التي تتجسد من خلال خصخصة المؤسسات العمومية و التخلي عن الاحتكارات التي كانت تقصرها على نفسها منها التجارة الخارجية ، البنوك والمؤسسات المالية، التأمينات، النقل الجوي ...و التي أصبحت تخضع لمبدأ حرية المنافسة. ولم يقتصر ذلك المبدأ على تلك المجالات بل أصبح يشمل نشاطات المرافق العمومية التقليدية و التي كانت على عاتق السلطة العمومية منها تسيير واستغلال للموارد المائية، التعليم العالي،...
فبعدما كانت الدولة تتدخل في النشاط الاقتصادي من حيث الأطر القانونية، التوجيه، الرقابة و ذلك من خلال تنظيمات دقيقة وشاملة دون مساهمة أية جهة أخرى في ذلك ، و أصبحت تكتفي بوضع حد أدنى من القواعد الواجب احترامها و ذلك باسم النظام العام الاقتصادي الجديد.
فكانت الدولة متدخلة وأصبحت منظمة عن طريق انسحابها من السوق إلا أن ذلك صاحبه ظهور أشكال جديدة تتمثل في السلطات الإدارية المستقلة منها المختصة في القطاع المالي و التي أصبح يقع على عاتقها مهمة الضبط الاقتصادي عموما التي كانت الدولة تتولاها.
فأصبحت هذه الأخيرة تتكفل بوضع القواعد القانونية المنظمة لمجال النشاط الذي تختص به سيما عن طريق إصدار التنظيمات كما هو حال مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة و التي من خلالها تهدف إلى الحفاظ على النظام العام الاقتصادي و لذي من خلاله تحقق منفعة عامة.
و حسب بعض الفقه فان ميلاد السلطات الإدارية المستقلة مرتبط بضرورة وضع تصحيح لانسحاب الدولة وعدم اخذ على عاتقها أي تعهد أو التزام و ذلك باسم الصالح العام، و يترتب عن ذلك الانسحاب مهام جديدة و التي لايمكن تخويلها للإدارة الكلاسيكية.
و باستقراء أحكام الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض يتبين لنا أن كل من مجلس النقد و القرض واللجنة المصرفية يهدفان من خلال نشاطهما إلى تحقيق الصالح العام حيث يتولى المجلس بإعداد الأنظمة التي من خلالها يحافظ على النظام العام الاقتصادي و تتكفل اللجنة بالسهر على تنفيذ الأحكام التشريعية و التنظيمية في مجال النقد و القرض و الاستغلال الأمثل للبنوك و المؤسسات المالية ، الأمر الذي يؤدي إلى خدمة المجتمع بأسره من خلال حسن سير الدورة الاقتصادية.
و كذلك الحال بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و التي تتكفل بتنظيم سوق القيم المنقولة مما يسمح بتحقيق الصالح العام من خلال تحقيق مصلحة الأشخاص المصدرة للقيم و الجمهور و هو ما يتحقق من خلال تحقيق حركية الاقتصاد و عدم ركوده و تفادي الأزمات التي قد يتلاقاها المتعامل الاقتصادي.



الفرع الثاني : امتيازات السلطة العامة و السلطات الإدارية المستقلة
من أهم الآثار المترتبة على اعتبار هيئة ما إدارية هو تمتعها بامتيازات السلطة العمومية التي يمنحها لها القانون و ذلك من اجل تحقيق الأهداف المرجوة منها و الصالح العام يعتبر أهمها ، فهل تتمتع السلطات الإدارية المستقلة بتلك الامتيازات سيما أنها ذات طابع إداري؟
تعرف امتيازات السلطة العامة بكونها نظام قانوني متميز بالشروط و الإجراءات غير المألوفة في القانون العادي والمعترف بها للأشخاص التي تمارس نشاطها في إطار السيادة الوطنية.
إن الاعتراف بالسيادة الوطنية يتطلب منح أجهزة الدولة بعض الإمكانيات غير المألوفة في القانون لعادي من اجل التوصل إلى انجاز المهام الموكولة لها سيما تنفيذ القوانين المهمة التي تتولاها الإدارة والتي يعطيها القانون بعض الامتيازات غير المألوفة منها: نزع الملكية للمنفعة العامة، حق الحجز، إعداد أنظمة الضبط الإداري، إمكانية استعمال القوة العمومية لتنفيذ بعض القرارات.
و باعتبار أن السلطات الإدارية المستقلة هيئات إدارية فهل منح لها القانون بعض من تلك الشروط والإجراءات غير المألوفة في القانون العادي من اجل تحقيق الضبط الاقتصادي؟
من أهم الخصوصيات التي تتمتع بها السلطات الإدارية المستقلة التي تعتبر الشكل الجديد للضبط هو الجمع بين عدة مهام متفرقة في إطار سير و تنظيم الإدارة الكلاسيكية، هذا الجمع يعطي لها الوسائل الضرورية لممارسة شاملة وحقيقية و هذه الخصوصية هي العلامة المميزة لها.
وتختلف مهام تلك السلطات في القطاع المالي في الجزائر من واحدة لأخرى حيث يمارس مجلس النقد و القرض اختصاصات تنظيمية
رقابية بينما تتمتع اللجنة المصرفية باختصاصات رقابية و قمعية و تجمع بينها جميعا لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة إضافة إلى الاختصاص التحكيمي الممنوح لها بصريح النص.
إذن يخول القانون صراحة لمجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة صلاحية التنظيم و يخول لهذه الأخيرة و اللجنة المصرفية صلاحية تنفيذ تلك الأنظمة، مما يجعل الأعمال التي تصدر عن تلك السلطات إعمال إدارية ، قرارات تنفيذية و التي تعتبر تجسيد لممارسة امتيازات السلطة العامة الممنوحة تقليديا للإدارة.
ويعتبر القرار التنفيذي الإجراء النموذجي لنشاط الإدارة، المستعمل عمليا، و الأكثر تمييزا من وجهة نظر الفقه : أن السلطة العامة تتجسد بوضوح من خلالها ففي القانون الإداري يمكن للإدارة تعديل الوضعيات القانونية بإرادتها المنفردة دون رضا المعني بالأمر و هو امتياز مميز للسلطة العمومية و القرار الإداري هو الذي من خلاله تجسد تلك الإمكانية.
و المعروف فقها أن كل قرار تنفيذي يترتب عنه مجموعة آثار حيث انه و بمجرد صدوره وقبل فحصه من طرف القاضي يتمتع بامتياز الأسبقية نظرا لافتراض مشروعيته مما يجعله الطعن بشأنه غير موقف للتنفيذ.
و بالرجوع إلى نص المادة 63 من الأمر رقم 03/11 و المتعلق بالنقد و القرض فان القرارات التي يصدرها المجلس تكون نافذة مهما يكن مضمونها و ذلك بعد عرضها على الوزير المكلف بالمالية الذي يمكنه اقتراح ما يراه ضروريا من تعديلات و التي كون المجلس ملزما بالاجتماع
بشأنها و غير ملزم بالأخذ بها و هو الأمر الذي يؤكد كون قرارات المجلس تنفيذية دون أن يكون للطعن الذي قد يرفع ضدها اثر موقف طبقا لنص المادة 65 من نفس الأمر.
و نفس الملاحظة تبقى صحيحة بالنسبة للجنة المصرفية حيث تكون قراراتها جميعا قابلة للتنفيذ حتى بالنسبة لتلك المسموح بالطعن القضائي ضدها طبقا لما تقضي به المادة 107 من الأمر 03/11 المذكور آنفا.
كما أن القرارات التي تصدرها لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة تكون نافذة رغم الطعن فيها إلا أن ذلك ليس مطلق حيث انه يمكن الأمر بتأجيل تنفيذها حالة الطعن القضائي إذا كان تنفيذها سيؤدي إلى نتائج واضحة الشدة و الإفراط أو طرأت وقائع جديدة
بالغة الخطورة منذ نشرها.
يتضح لنا عدم إطلاق خاصية التنفيذ بالنسبة للوائح التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و التي يمكن الأمر بإيقاف تنفيذها حسب ما يقدره القاضي المختص بالنظر بالطعون الخاصة بها.
كما تجدر الإشارة إلى أن الطعون المتعلقة بالقرارات التي تصدرها تلك الهيئات تكون من اختصاص القاضي الإداري باعتبارها هيئات إدارية حيث انه جاء النص صراحة على انه تكون الأنظمة التي يصدرها مجلس النقد و القرض موضوع طعن بالإبطال يقدمه الوزر المكلف بالمالية أمام مجلس الدولة طبقا لنص المادة 65 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض.
و كذلك الحال بالنسبة للقرارات الفردية طبقا لنص المادتين82 ، 83و 85 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه والتي يتخذها المجلس حيث يتم الطعن فيها أمام مجلس الدولة وذلك بعد قرارين بالرفض و لايجوز تقديم الطلب الثاني إلا بعد مضي 10 أشهر من تبليغ رفض الطلب الثاني.
نلاحظ أن المشرع نص صراحة على أن تلك الطعون تقدم أمام مجلس الدولة مع بعض القيود كما سيتم التطرق له لاحقا إلا انه بالنسبة لقرارات اللجنة المصرفية المتعلقة بتعيين قائم بالإدارة مؤقتا و المصفي و العقوبات التأديبية تكون قابلة للطعن القضائي أمام مجلس الدولة وذلك ما تقضي به المادة107 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 والمتعلق بالنقد و القرض.
أما في مجال البورصة ، فقد جاء النص في المادة 35 من المرسوم التشريعي رقم93/10 المؤرخ في 23/05/1993 و المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه في حالة الطعن القضائي يمكن الأمر بتأجيل تنفيذ تطبيق أحكام اللائحة المطعون فيها إذا كان ممكنا أن ينجر عن تنفيذها نتائج واضحة الشدة و الإفراط أو طرأت وقائع جديدة بالغة الخطورة منذ نشرها.
نلاحظ استعمال المشرع مصطلح الطعن القضائي دون تحديد الجهة التي يقدم أمامها إلا انه لاتكون إلا أمام مجلس الدولة باعتبار أن القرارات الفردية التي تصدرها اللجنة تكون أمام مجلس الدولة. و انه في غياب النص الصريح على اختصاص الجهات القضائية العادية
يتعين الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في قانون الإجراءات المدنية و القانون العضوي رقم 98/01 المؤرخ في 30/05/1998 والمتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله الذي ينص في المادة 09 منه على اختصاص المجلس في الطعون بالإلغاء ضد القرارات التي تصدرها السلطات الإدارية المركزية و الهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية .
و تنص المادة 57 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة على أن:« تعد قرارات الغرفة الفاصلة في المجال التأديبي قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة ،...».
المبحث الثالث:الطابع الاستقلالي
تعتبر استقلالية السلطات الإدارية المستقلة من أهم العناصر المميزة و الخصوصية التي تمنح طابعا استثنائيا للسلطات الإدارية المستقلة إلا انه و نظرا لعدم وجود نموذج موحد لهذه الأخيرة يتوجب علينا دراسة مدى تمتعها بهذه الاستقلالية سيما بالنسبة للسلطات الموجودة في القطاع المالي. و نظرا لان المشرع الجزائري استمد معظم الأحكام الخاصة بهذه السلطات من القانون الفرنسي فإننا عادة ما نستعين بالنقاشات الفقهية و الدراسات التي تعرضت لها في فرنسا.
المطلب الأول: تجسيد استقلالية السلطات الإدارية
إن فكرة الاستقلالية تعني من الجانب القانوني عدم خضوع هذه الهيئات لا لرقابة إدارية و لا لرقابة وصائبة و ذلك مهما تكن الهيئة سواء تتمتع من عدمه بالشخصية القانونية لكون هذه الأخيرة لا تعتبر معيارا لقياس درجة هذه الاستقلالية .
إن المشرع قد ينص صراحة على استقلالية هذه السلطات في النصوص المنشئة لها إلا انه قد يتغاضى عن ذلك دون أن يكون ذلك مانعا لاستقلاليتها.
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 20 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل و المتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه :"تؤسس سلطة ضبط مستقلة لتنظيم عمليات البورصة و مراقبتها، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي..." .
يتضح لنا أن المشرع لم يكتف بإصباغ اللجنة بالطابع الاستقلالي بل منحها أيضا الشخصية المعنوية إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لكل من مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية حيث اكتفى المشرع بالنص على إنشائهما و تشكيلتهما و الاختصاصات الممنوحة لكل منها و هي العناصر التي من خلالها نتبين طابع الاستقلالية.
فيمكن تقصي مظاهر هذه الاستقلالية من جانبين :
الفرع الأول: من الجانب العضوي
يمكن تقصي هذه الاستقلالية من الجانب العضوي من خلال التطرق إلى تشكيلة تلك السلطات ، الجهة التي تتولى الاقتراح و الخيار ، العهدة و نظام التنافي .
تمتاز تشكيلة السلطات الإدارية المستقلة المعروفة في مجال الضبط الاقتصادي و المجال المالي خصوصا بالتشكيلة الجماعية التي تساهم في تدعيم استقلالية تلك السلطات و تفادي حصر السلطات الممنوحة لتلك الهيئات في يد شخص واحد .
و لكن هذه التشكيلة الجماعية لا تمتاز بالثبات في عدد أعضائها و المصدر المهني الذي ينتمي إليه هؤلاء و يضاف إلى ذلك تنوع طرق التعيين.
و قد تبنى المشرع الجزائري ،كما هو حال تلك السلطات في فرنسا، التشكيلة الجماعية دون أن يعتمد عددا مستقر عليه حيث يتراوح بين 6 أعضاء للجنة المصرفية ، 7 أعضاء للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و 9 أعضاء بالنسبة لمجلس النقد و القرض، و يهدف هذا النوع من التشكيلة إلى تحقيق تقابل الآراء المختلفة و البحث عن الحلول المتوازنة.
ويعتبر اختلاف صفة و مراكز أعضاء تلك السلطات الإدارية عامل من عوامل الاستقلالية المميزة لها حيث تتشكل لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة من قاض،أستاذ جامعي،عضو من المحترفين، أعضاء مقترحة من وزير المالية و محافظ بنك الجزائر و عضو مقترح من المصف الوطني للخبراء المحاسبين و محافظي الحسابات و المحاسبين المعتمدين .
وإذا كان مجلس النقد و القرض يمتاز بتقنية تشكيلته حيث أن معظم أعضائه من ذوي الكفاءات في المجال المالي و الاقتصادي فان اللجنة المصرفية تمتاز بالتنوع من ذوي الكفاءات في المجال المصرفي و المالي و المحاسبي إضافة إلى عنصر القضاة طبقا لنص المادتين 58 و 106 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري لا يتبع معيار محدد في صدد اختياره للتشكيلة الجماعية للسلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي . فنجد أن معظم الأعضاء يتم تعيينهم من ذوي الكفاءات في المجال الاقتصادي و المالي و النقدي بالنسبة لجميع السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي، إضافة إلى عنصر القضاة حيث نجد قاضيين في اللجنة المصرفية وقاض في لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة.
و تعتبر لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة السلطة الوحيدة التي تضم في تشكيلتها العنصر المحترف إذ تتضمن عضو مختار من بين المسيرين للأشخاص المعنويين المصدرة للقيم المنقولة و عضو يقترحه المصف الوطني للخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات و المحاسبين المعتمدين.
و لم يتم تحديد الجهة القضائية التي ينتمي إليها القضاة المعينون في كل من اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها دون تمييز بين القضاء العادي و القضاء الإداري.
كما أن تعدد الجهات المساهمة في الاقتراح و التعيين يساهم في تحقيق استقلالية السلطات الإدارية المستقلة و لابد من التمييز بين سلطة الاقتراح و الاختيار و سلطة التعيين اللتان تحملان مفهومين مختلفين و كأن التعيين يضفي نوع من الشكلية على الاقتراح و حتى أنها تجعل الخيار الذي يسبقها رسميا.
و إذا كانت جميع السلطات الإدارية المستقلة تتفق في طابع التشكيلة الجماعية إلا أنها تختلف من حيث طريقة تعيينهم فقد يتم حصر هذه السلطة في يد جهة واحدة و قد تتعدد الجهات المتدخلة في الاقتراح و التعيين.
بينما ينفرد رئيس الجمهورية بتعيين أعضاء مجلس النقد و القرض دون أي تدخل من أية جهة أخرى فانه في اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة تتقاسم هذا الاختصاص عدة جهات.
إضافة إلى رئيس الجمهورية الذي يتولى باختيار و تعيين أربعة من أعضاء اللجنة المصرفية يقوم الرئيس الأول للمحكمة العليا بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء باختيار القاضيان اللذان يتم انتدابهما من المحكمة العليا إلا أن تعيينهما يتم أيضا من طرف رئيس الجمهورية كما هو حال باقي أعضائها .
أما بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة ،يتم تعيين أعضائها بموجب مرسوم تنفيذي يتخذ في مجلس الحكومة بالنسبة لرئيسها و من الوزير المكلف بالمالية بالنسبة لباقي الأعضاء رغم أن الاختيار يتم من طرف عدة جهات : وزير العدل، الوزير المكلف بالمالية، الوزير المكلف بالتعليم العالي، محافظ بنك الجزائر، المصف الوطني للخبراء المحاسبين و محافظي الحسابات و المحاسبين المعتمدين .
إضافة إلى التمتع بالشخصية المعنوية، فان نظام العهدة و نظام التنافي يعتبران من العناصر المعبرة عن مدى الاستقلالية السلطات الإدارية المستقلة حيث تكون الأعضاء المسيرة لهذه السلطات غير قابلة للإقالة إلا في حالات استثنائية خلال مدة عهدتها.
فبعدما كان القانون رقم 90/10 المؤرخ في 14/04/1990 المتعلق بالنقد و القرض في مادته 22 ينص على عهدة لكل من المحافظ و نوابه و عدم إمكان إقالتهم إلا في حالة العجز الصحي المثبت قانونا أو حالة الخطأ الفادح و انه يتم تعيينهم بموجب مرسوم
رئاسي فان الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 والمتعلق بالنقد و القرض الذي ألغى القانون السابق الذكر فانه لم يقم بإعادة تبني تلك الأحكام بعدما تمّ إلغاؤها في تعديل سنة 2001 للقانون 90/10 الذي ألغى المادة 22 منه.
إلا أن ذلك لا يمنع تمتع مجلس النقد و القرض بالاستقلالية حيث انه يستشف من نص المادة 59 من الأمر رقم 03/11 المذكورة أعلاه حيث يقضي بتعيين الشخصيتين العضوين في المجلس و غير العضوين في مجلس الإدارة اللتان تتداولان و تشاركان في التصويت بكل حرية مما يبين لنا ضمنيا الاستقلالية التي يتمتع بها أعضاء المجلس.
أما بالنسبة للجنة المصرفية التي كرس القانون السابق رقم 90/10 نظام العهدة لكل من المحافظ و باقي الأعضاء و ذلك لمدة 6 و 5 سنوات على التوالي طبقا لنص المادة 143 منه و التي نصت على تطبيق نص المواد 23 إلى 26 دون نص المادة 22 التي تقضي بعدم إمكانية إقالة المحافظ إلا في حالة العجز الصحي المثبت قانونا أو حالة الخطأ الفادح و عليه هل تطبق ضمنيا بحكم مركزه كمحافظ .
و في إطار الأمر 03/11 الذي ألغى القانون السالف الذكر فانه تم الاستغناء عن نص المادة 22 و لم يتم إعادة إدراجها سيما بعدما تمّ إلغاؤها في إطار تعديل القانون 90/10 بموجب الأمر 01/01 المؤرخ في 27/02/2001 كما سبقت الإشارة إليه .
إلا أن نفس المادة 106 من الامر03/11 تنص على أن تعيين أعضاء اللجنة دون تمييز بينهم يعينون لمدة 5 سنوات و عليه نتساءل عن الحل للوضع الذي ينجر عن إقالة المحافظ باعتباره يتولى إدارة بنك الجزائر مع نوابه دون أن ننسى كونه رئيس اللجنة المصرفية المركز الذي يمنح له عهدة 5 سنوات ؟أم هل أن المشرع قصد بها أعضاء اللجنة دون رئيسها ؟و هل أن المنطق يسمح بمنح حماية لأعضاء اللجنة دون المحافظ الذي يعتبر رئيسا لها ؟
إن الرد على هذه التساؤلات يسمح لنا تأكيد من عدمه استقلالية اللجنة المصرفية.
أما في مجال البورصة و إضافة إلى النص الصريح من طرف المشرع على استقلالية لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فان أعضاؤها يتمتعون بعهدة لمدة 4 سنوات و لا يمكن إقالة رئيسها خلال عهدته إلا في حالة الخطأ المهني الجسيم أو حالة ظروف استثنائية تعرض رسميا في مجلس الحكومة و ذلك طبقا لما تنص عليه المادتين 21 و 22 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة و المادة 3 من المرسوم التنفيذي 94/175 المؤرخ في 13/06/1994 المتضمن تطبيق المواد 21،22و 29 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 السالف الذكر.
و يعتبر تحديد مدة انتداب رئيس اللجنة و أعضائها من بين إحدى الركائز الهامة و المعتمد عليها قصد إبراز طابع الاستقلالية،
منه فان رئيس اللجنة يتمتع و إن أمكن القول بنوع من الحصانة تسمح له بممارسة مهامه بكل استقلالية خلال عهدته سيما انه لايمكن إقالته إلا حالة خطئه الجسيم أو حالة ظروف استثنائية يتم عرضها على مجلس الحكومة الذي له أصلا سلطة تعيينه بعد اقتراح من الوزير المكلف بالمالية .
إضافة إلى العهدة التي تكرس استقلالية هذه السلطات فان الأخذ بنظام التنافي يساهم في تعزيزها و ذلك من خلال إبعاد الأعضاء المسيرة من ممارسة أي وظيفة قد تؤثر على استقلالية الرأي الذي يدلي به العضو خلال تصويته من اجل إصدار القرار من طرف السلطة التي ينتمي إليها.
و يعتبر نظام التنافي عنصر مميز و يتجلى أن المشرع أراد تعزيز الاستقلالية التي تتمتع بها السلطات المنشئة بالنسبة للنشاطات التي تتولى رقابتها و ذلك بمنعها من أن تكون في آن واحد قاضي وخصم و إلزامهم بالتفرغ كليا لمهامهم ، فهي حماية من جهة و استقلالية من جهة أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع لم ينص صراحة على الأخذ بهذا النظام في المواد التي المكرسة لتشكيلة مجلس النقد و القرض إلا انه بالرجوع إلى نص المادة 14 من الأمر رقم 03/11 التي تخص المحافظ و نوابه فإنها تنص على تنافي مهامهم تلك مع كل عهدة انتخابية و كل وظيفة حكومية و كل وظيفة عمومية و لا يمكنهم ممارسة أي نشاط أو مهنة أو وظيفة أثناء عهدتهم ماعدا تمثيل الدولة لدى المؤسسات العمومية الدولية ذات الطابع النقدي أو المالي أو الاقتصادي، و عليه و باعتبارهم أعضاء في المجلس فان نظام التنافي مكرس بشأنهم إلا انه لم ينص بصدد الأعضاء الآخرين على الأخذ به .
و كذلك الحال بالنسبة للجنة المصرفية التي يرأسها المحافظ و عليه يخضع لنفس القيود السالفة الذكر و تجدر الإشارة إلى أن القاضيان المنتدبان من المحكمة العليا و اللذان ينتميان إلى اللجنة و بحكم القانون الأساسي للقضاء يخضعان لنظام التنافي مما يسمح بتكريس استقلالية أكثر لممارسة مهامهم.
و تتنافى مهمة رئيس لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة مع أية عهدة انتخابية أو وظيفة حكومية أو ممارسة وظيفة عمومية أو أي نشاط آخر باستثناء أنشطة التعليم أو الإبداع الفني أو الفكري و لا يجوز له و لا لجميع المستخدمين الدائمين في اللجنة أن يقوموا بأية معاملات تجارية حول أسهم مقبولة في البورصة .
كما أن القاضي العضو في اللجنة و بحكم صفته يبقى خاضعا لنظام التنافي الذي جاء النص عليه في القانون الأساسي للقضاء.
الفرع الثاني: من الجانب الوظيفي
من عناصر استقلالية هذه السلطات قدرتها على وضع نظامها الداخلي بكل حرية على خلاف تلك التي يتم إعداد لها نظام داخلي بموجب مرسوم تنفيذي. و الاستقلالية الوظيفية حسب هذا المظهر تتجلى في حرية السلطات الإدارية المستقلة في اختيار مجموع القواعد التي من خلالها تقرر كيفية تنظيمها و سيرها دون مشاركة جهات أخرى.
فطبقا لنص المادة 60 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض فانه يحدد المجلس نظامه الداخلي إلا أن اللجنة المصرفية لم يمنح لها القانون هذه الإمكانية و لم يمنعها ذلك من وضع نظام داخلي خاص بها بموجب القرار 93/01 المؤرخ في 06/12/1993 المتعلق بالنظام الداخلي للجنة و هو غير منشور.
و في هذا الإطار سبق لمجلس الدولة أن تعرض للطبيعة القانونية للجنة المصرفية في إحدى قراراته التي جاء فيها:" ....أغلبية الإجراءات المطبقة أمام اللجنة المصرفية قد تم تحديدها عن طريق نظام داخلي..." ، و يمكن لنا أن نستشف إعداد اللجنة المصرفية لنظامها الداخلي ضمنيا رغم أن القانون لم يمنح لها صراحة تلك الإمكانية مما يؤكد نوع من المبادرة التي تخدم كثيرا استقلاليتها.
أما بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فان القانون خول لها سلطة إعداد نظامها الداخلي و ذلك حسب ماتقضي به المادة 26 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ،المعدل و المتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه :"تصادق اللجنة على نظامها الداخلي خلال اجتماعها الأول "، يتجلى لنا من خلال ما سبق السلطة التي تتمتع بها في إعداد نظام يخدم استقلاليتها و يسمح لها بممارسة مهامها بكل حرية و بعيدا عن كل الضغوط.
كما أن استقلالية هذه السلطات من الجانب الوظيفي تتجسد من عدم إمكانية إلغاء أو تعديل أو تعويضها من طرف سلطة عليا، ففي مجال النقد و القرض نجد أن مايصدر من طرف مجلس النقد و القرض و إن جاء النص قانونا على تبليغ الأنظمة التي يتخذها في
إطار سلطته التنظيمية للوزير المكلف بالمالية الذي يمكنه عرض التعديلات التي يراها ضرورية و يكون المجلس ملزم بالاجتماع مّرة أخرى إلا انه غير ملزم بالأخذ باقتراحات الوزير.
كما تعتبر الوسائل المالية عنصر حساس في تحديد استقلالية السلطات الإدارية المستقلة و باعتبار بعضها لايتمتع بالشخصية المعنوية الخاصة بها و عليه فإنها لا تتمتع بالاستقلالية المالية و لا تملك ميزانية خاصة ذاتية.
تتمتع لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة طبقا لنص المادة 20 من المرسوم التشريعي 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل و المتمم، والمتعلق ببورصة القيم المنقولة بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي مما يسمح لها بتدعيم استقلاليتها.
و تنص المادة 27/1 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 السالف الذكر على انه:" تؤخذ أتاوى عن الإعمال و الخدمات التي تؤديها اللجنة" مما يدعم فرضية أن اللجنة بإمكانها تمويل نشاطاتها ذاتيا من مجموع الآتاوى التي تحصلها مقابل الخدمات التي تؤديها.
و تعتبر لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة السلطة الإدارية المستقلة الوحيدة الأكثر استقلالية في جانبها المالي مقارنة بباقي السلطات الإدارية المستقلة الضابطة في المجال الاقتصادي عموما و المالي خصوصا و لا سيما مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية و اللتان تعتمدان على الموارد التي تخصصها الدولة لها قصد سيرها و ممارسة وظائفها، و لم يأت النص بصددهما على تمتعهما بالشخصية المعنوية و لا بالاستقلال المالي.
الفرع الثالث: دستورية طابع الاستقلالية
أثارت عبارة الاستقلالية في فرنسا عدة نقاشات باعتبارها غير مستعملة في مجال التنظيم الإداري المعروف تقليديا حيث يرى البعض أن هناك حتى تناقض في العبارة المستعملة "سلطات إدارية مستقلة" على أساس أن المعروف مبدئيا الإدارة غير مستقلة و تكون تابعة للحكومة و عن طريقها للبرلمان و أن الاستقلالية اقتصرها الدستور للسلطة القضائية دون أن ننسى النسبية التي تعرفها .
و تجدر الإشارة إلى التناقض الذي قد تثيره هذه الاستقلالية مع المباديء الدستورية سيما فيما يخص مع السلطات الثلاث المجسدة التشريعية،القضائية و التنفيذية ، ويتم التساؤل حول مدى دستوريتها .
و لقد تطرق المؤسس الدستوري إلى تنظيم السلطات الثلاث في الباب الثاني من الدستور الجزائري لسنة 1996 حيث بيّن حدود كل منها دون أن نجد أثرا للسلطات الإدارية المستقلة و عليه إلا تتعارض هذه الاستقلالية مع المباديء الدستورية ؟و في أي طائفة يتم تصنيفها؟
فهناك جانب من الفقه الذي يرى أن الهيئات الإدارية لا تعدو أن تكون إما في وضعية عدم تركيز أو لامركزية هذا مبدئيا إلا أن السلطات الإدارية المستقلة في وضعية تخرج عن المألوف.
و عليه و طبقا لنص الدستور الجزائري في مادته 85 فان رئيس الحكومة يسهر على حسن سير الإدارة العمومية و عليه و باعتبار السلطات الإدارية المستقلة هي ذات طابع إداري و عليه فالمنطق أن تكون خاضعة لرئيس الحكومة إلا انه و باعتبارها مستقلة فإنها تخرج عن ذلك النطاق مما يخلق إشكالات .
إلا انه هناك من الشراح من يحاول تبرير دستورية هذه الاستقلالية بالنظر إلى نص المادة 23 من الدستور التي تنص على أن:"عدم تحيز الإدارة يضمنه القانون.»، حيث أن الحياد لا يعتبر استقلالية إلا انه لا تعتبر هذه الأخيرة في حد ذاتها الغاية و إنما الوسيلة التي من خلالها يتم تحقيق الحياد. و كما انه و في إطار محاولة إيجاد التبرير الملائم لهذه السلطات فانه قد يتم الارتكاز على نص المادة 122/29 من دستور سنة 1996 حيث انه أعطت اختصاص التشريع للبرلمان في إطار إنشاء المؤسسات و عليه فانه يمكن الاستناد على هذه الأخيرة في حالة كون السلطة الإدارية قد تمّ إنشاؤها بموجب قانون و لكن يبقى الإشكال مطروحا في الحالات الأخرى.
و في هذا الإطار و إن كانت لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها قد تمّ إنشاؤها بموجب مرسوم تشريعي إلا أن مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية قد تمّ تبنيهما بموجب أمر مع الإشارة إلى أن أول إنشاء لهما جاء بموجب القانون القديم رقم 90/10،
و يبقى انه من المستحسن أن يتدخل المشرع و يتولى حل جميع الإشكالات المطروحة قانونا.


المطلب الثاني: حدود الاستقلالية
يعتبر عنصر الاستقلالية من أهم ميزات السلطات الإدارية المستقلة و التي تعطي لها طابعا خصوصيا و الذي يتجلى من خلال عدة جوانب "عضوي و موضوعي" و نجد أن تكييفها على أنها مستقلة يرد سواء بالنص الصريح أو بتقصيها من خلال العناصر المميزة لطابع الاستقلالية إلا أن ذلك لا يعني إطلاق هذه الصفة بل كثيرا ما تختفي و عليه هناك الكثير ممن يصفها بالاستقلالية النسبية و عليه يثورا لتساؤل، سيما أن هذه الأخيرة عبارة عن هيئات إدارية ، حول مدى الاستقلالية التي تتمتع بها تلك السلطات؟
و سنتولى بالدراسة هذه النقطة سواء فيما يتعلق بالجانب العضوي أو الجانب الموضوعي:
الفرع الأول: من حيث الجانب العضوي
بعدما تطرقنا إلى استقلالية السلطات الإدارية المستقلة عضويا يطرح التساؤل عن مداها:مطلقة أم نسبية ؟
إضافة إلى التشكيلة الجماعية التي تمتاز بها جميع السلطات الإدارية المستقلة فان معظم أعضاء السلطات الإدارية المستقلة و إن لم نقل جميعهم كما هو حال لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة هم من ذوي الكفاءات في المجال المالي و النقدي و البورصي و الاقتصادي عموما.
و تجدر الإشارة إلى إن سلطة التعيين لأعضاء السلطات الإدارية المستقلة عادة ما تكون محصورة في يد جهة واحدة. ففي القطاع المالي، يعودالاختصاص إلى السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية بالنسبة لمجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية والى مجلس الوزراء لتعيين رئيس لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و الوزير المكلف بالمالية من اجل تعيين أعضائها الآخرين.
و تجدر الإشارة إلى انه لاتوجد أية رقابة على مدى تمتع الأعضاء المعينين بالشروط المطلوبة قانونا و عليه فان السلطة التقديرية التي تتمتع بها الجهة المختصة بالتعيين و التي يمكنها الاعتماد على معايير شخصية الأمر الذي لا يخدم استقلاليتها.
كما أن ضعف التمثيل للجهات المهنية في هذه السلطات عامل لا يخدم استقلاليتها حيث أننا نجدها تتشكل أساسا من أشخاص ينتمون إلى أجهزة الدولة. فالتمثيل للمحترفين منعدم على مستوى مجلس النقدو القرض و اللجنة المصرفية على خلاف لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة التي تعتبر السلطة الوحيدة التي تتضمن العنصر المحترف.
كما ا اقتراح أعضاء السلطات الإدارية المستقلة من طرف جهات تابعة رئاسيا إلى الجهات المختصة بالتعيين و التي تتمثل في رئيس الجمهورية بالنسبة لمعظم السلطات الإدارية المستقلة بما فيها مجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية باستثناء لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة.
و نلاحظ انعدام التعددية في الجهات المختصة بالتعيين و عدم مساهمة المجالس الشعبية في ذلك منها المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة، على خلاف الدول الغربية التي تعرف هذا النوع من السلطات، مما يجعل من استقلالية هذه السلطات أمر مردود عليه.
كما أن عدم اعتماد المشرع على نظام العهدة كما سبق التطرق إليه بعد التعديل سنة 2001 و واصل على نفس المنوال في الأمر رقم 03/11 الذي ألغى القانون رقم 90/10 يسمح بإقالة أعضاء مجلس النقد و القرض و ا للجنة المصرفية كلما ارتأت الجهة المختصة بالتعيين ضروريا ذلك دون أي شرط أو قيد.
وأكثر من ذلك فانه و خلال القانون رقم 90 /10 المؤرخ في14/04/1990 و المتعلق بالنقد و القرض فانه سبق أن تمّت إقالة محافظ بنك الجزائر رغم وجود نص المادة 22 منه التي تحدد عهدة للمحافظ بست سنوات ، مما يبين لنا نسبية الاستقلالية التي تتمتع بها تلك السلطات الإدارية المستقلة .
كما أن الخصائص المميزة لنظام العهدة ذات أهمية في تحديد مدى الاستقلالية التي تتمتع بها تلك السلطات سواء من حيث عدم القابلية
للتجديد و عدم القابلية للإنهاء إلا أن النصوص القانونية المتعلقة بتلك السلطات لا تشير دائما إلى كل تلك العناصر.
و ما نلاحظه هو صمت المشرع فيما يخص إمكانية تجديد عهدة أعضاء السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر و هو نقص يؤثر في تجسيد استقلالية تلك السلطات إلا انه ونظرا لعدم منع التجديد فاه يبقى مباح كأصل عام.
كما نلاحظ ورود النص في المرسوم التنفيذي رقم 94/175 المؤرخ في 13/01/1994 المتضمن تطبيق المواد 21، 22و 29 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة على عدم إمكان إنهاء مهام رئيس لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة إلا حالة ارتكابه خطأ مهني الجسيم أو لظروف استثنائية تعرض رسميا أمام مجلس الحكومة دون أن يقضي بذلك بالنسبة لباقي الأعضاء و اكتفى بالنص على تعيينهم بقرار من الوزير المكلف بالمالية و تنهى مهامهم بنفس الطريقة بالرغم أن استقلالية اللجنة تقتضي أن يتمتعوا بنفس الحماية .
كما أن إمكانية إنهاء مهام رئيس اللجنة خلال عهدته لارتكابه خطا مهني جسيم أحكام تمس باستقلالية رئيس اللجنة ،حيث انه لم يتم حصر الأخطاء المهنية الجسيمة من جهة ، خاصة أمام صعوبة إثباتها ، مما يوسع المجال أمام سلطة التعيين و المختصة بالإنهاء بإنهاء نيابته. و من جهة أخرى ، إنهاء نيابة الرئيس نتيجة ظروف استثنائية عبارة غامضة تحتمل عدة تأويلات الشيء الذي يمكن السلطة التنفيذية من إنهاء مهامه كلما تبين لها ذلك ضروريا و بالتبعية الأمر الذي يؤثر سلبا على استقلالية رئيس اللجنة و اللجنة ذاتها .
أما بالنسبة لمجلس النقد و القرض و مع الأمر 03/11 الذي لم يتبنى أحكام المادة 22 من القانون 90/10 الملغى فان جميع أعضائه لايتمتعون بالحماية سيما من ناحية إمكان إنهاء مهامهم في أي وقت مما يجعل مضمون فكرة الاستقلالية بشأنه هشّا.
إن عدم تعميم المشرع لنظام التنافي بالنسبة لجميع أعضاء السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي من النقائص التي تؤثر سلبا على استقلالية تلك السلطات .
كما أن نظام التنافي قد يكون مطلق أو نسبي بحيث يكون كليا عندما تكون وظيفة أعضاء اجزه إدارة السلطات الإدارية المستقلة تتنافى مع ممارسة أي وظيفة أخرى سواء كانت عمومية أو خاصة ، و كذا مع أي نشاط مهني و أية إنابة انتخابية ، بالإضافة إلى امتناع امتلاك الأعضاء للمصالح بصفة مباشرة أو غير مباشرة .
و إذا كان المشرع الجزائري قد تبنى هذا النوع بالنسبة للجنة ضبط الكهرباء و الغاز إلا انه و بالنسبة لمجلس النقد و القرض و اللجنة المصرفية اكتفى بتكريس نظام التنافي النسبي ولم يقم بتعميمه على جميع الأعضاء و اكتفى في الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالقد و القرض باعتماده بالنسبة للمحافظ و الذي يعتبر رئيس كل من مجلس النقد و القرض و نواب المحافظ الثلاثة و الذين يعتبرون أعضاء في المجلس دون اللجنة .
و رغم عدم النص على إخضاع القاضيان المنتدبان من المحكمة العليا لنظام التنافي إلى أنهما يخضعان له بحكم القانون الأساسي للقضاء، ولا يوجد أي نص يخص تنافي مهام الأعضاء الآخرين سواء في المجلس أو اللجنة مع أي ممارسة أخرى و عليه نتساءل حول شفافية و حياد تلك السلطات سيما أن هؤلاء الأعضاء يمكنهم تملك مصالح على مستوى البنوك و المؤسسات المالية و عليه تتداخل وظائف هؤلاء الأعضاء من حيث كونهم حكم و خصم .
و نفس النقائص نجدها على مستوى لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة حيث يعتبر رئيسها الوحيد الذي يخضع لنظام التنافي دون باقي أعضائها، إضافة أن القانون لم يمنع حتى رئيسها من امتلاك مصالح لدى أشخاص قد تكون خاضعة لرقابة اللجنة و لسلطتها القمعية.
و نفس الملاحظة التي تمّ إبداؤها بصدد اللجنة المصرفية تبقى صحيحة مع القاضي المقترح من وزير العدل و العضو في لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة.
و عليه نرى انه كان على المشرع تعميم نظام التنافي و جعله مطلق و يخص جميع أعضاء السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر من اجل ضمان استقلاليتها و حيادها بالتبعية.
الفرع الثاني: من الجانب الوظيفي
بعدما سبق لنا التطرق للاستقلالية الوظيفية للسلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي والتي تصطدم بعدة عراقيل تحد من نطاقها الأمر الذي نتولاه بالدراسة من حيث تسيير تلك الهيئات من جهة أولى، و من حيث علاقتها بالسلطة التنفيذية من جهة أخرى.
و يعتبر إعداد النظام الداخلي و الوسائل المالية العنصران المميزان لطريقة التسيير و التنظيم للسلطات الإدارية المستقلة عموما و لكن هل ذلك مسموح لجميع تلك الهيئات سيما لتلك المختصة في القطاع المالي؟
فإذا كان مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة منح لهما القانون صراحة اختصاص إعداد أنظمتها الداخلية فان اللجنة المصرفية لم ينص بخصوصها على ذلك و لم يمنعها ذلك من إعداده كما سلفت الإشارة إليه إلا أن ذلك و رغم مبادرتها لا يخفي النقص في استقلالية اللجنة في هذا المجال.
و لا يمكننا التغاضي عن الأهمية التي تلعبها الوسائل المالية في استقلالية السلطات الإدارية المستقلة فهل تمّ تكريسها بصفة مطلقة على مستوى السلطات المختصة في المجال المالي ؟
رغم النص الصريح على الاستقلال المالي بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة و تلقيها للآتاوى عن الخدمات و الأعمال التي تؤديها إلا أن قواعد تحديد تلك اللآتاوى و كيفية حسابها و تحصيلها يتم عن طريق التنظيم طبقا لنص المادة 27 من المرسوم التشريعي 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل و المتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة .
إضافة إلى ذلك، تتلقى اللجنة إعانة تسيير من ميزانية الدولة ،حسب ما هو منصوص عليه في المادة 28من المرسوم التشريعي رقم 93/10 السالف الذكر ، مما يؤكد تبعية اللجنة للسلطة التنفيذية.
أما في المجال المصرفي، تبقى السلطتان الإداريتان المستقلتان في هذا المجال تابعتان للدولة كونهما لا تتمتعان الاستقلال المالي، و هي تقع على عاتق بنك الجزائر.
إذا كانت استقلالية السلطات الإدارية المستقلة تقتضي عدم خضوعها لا للسلطة الرئاسية و لا للوصاية الإدارية إلا أننا من خلال التطرق لعلاقتها مع السلطة التنفيذية نتلمس النسبية التي تكتسيها تلك الاستقلالية.
تتمتع السلطة التنفيذية بنوع من السلطة الرقابية إن صح القول على السلطة التنظيمية التي تتمتع بها السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي ممثلة في مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة.
حيث انه تبلغ الأنظمة التي يصدرها مجلس النقد و القرض إلى الوزير المكلف بالمالية الذي يقدم الاقتراحات التي يراها ملائمة و يكون المجلس ملزم بالاجتماع ثانية و النظر فيها رغم انه غير ملزم بالأخذ بها.
و بصفة غير مباشرة و كأن المشرع يمنح للوزير المكلف بالمالية سلطة طلب مداولة أخرى حول الأنظمة الموافق عليها على مستوى المجلس و هوما يشبه إجراء القراءة الثانية و كان نفاذ تلك الأنظمة مرتبط بموقف السلطة التنفيذية.
و أكثر من ذلك فان الأنظمة التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة تخضع لموافقة الوزير المكلف بالمالية و إلا فلا تكون نافذة طبقا لنص المادة 32 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 و المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
و يتم التساؤل عن طبيعة قرار الوزير و الذي بموجبه يوافق على النظام الذي تصدره اللجنة ؟ نلاحظ أن المشرع نص صراحة على الاختصاص التنظيمي للجنة و سلطتها في إصدار الأنظمة و عليه فان قرار الوزير بالموافقة ليس هو من يرفعها إلى درجة الأنظمة و
يمكن القول أن الموافقة تعتبر شرط لدخولها حيز التنفيذ باعتبارها واجبة النشر مع النظام بحد ذاته.
من خلال الرجوع إلى أحكام المرسوم التشريعي رقم 93/10 السالف الذكر نلاحظ أن المشرع الجزائري خوّل للسلطة التنفيذية إمكانية الحلول محل اللجنة في ممارسة الصلاحيات الممنوحة لها قانونا و ذلك حالة عجزها أو قصورها و ذلك بناءا على اقتراح الوزير المكلف بالمالية عقب الاستماع إلى رئيس اللجنة و كذا حالة ضرورة تعليق أكثر من 05 أيام عمليات البورصة .
و التساؤل المطروح متى يمكن اعتبار اللجنة عاجزة عن آداء مهامها؟ و متى يمكن اعتبارها مقصرة؟ إن عموم العبارات المستعملة يسمح للسلطة التنفيذية بالتوسع في تقديرها الأمر الذي يقلل من استقلالية اللجنة.
بالإضافة إلى منح المشرع صلاحية اقتراح وجود عجز أو قصور اللجنة إلى الوزير المكلف بالمالية و بمعنى آخر يتمتع بالسلطة التقديرية
في مدى عجز اللجنة أو قصورها و كذا سلطة الاقتراح من عدمه و ذلك حسب ما تراىء له ذلك .
إضافة لكل ما سبق تجدر الإشارة إلى كون اللجنة ملزمة بإعداد تقرير سنوي و ترسله إلى الحكومة حيث تنص المادة 30 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 على انه:"...و بهذه الصفة، تقدم لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها تقريرا سنويا عن نشاط سوق القيم المنقولة، إلى الحكومة."
و أخيرا و حسب ما تعرضنا إليه ، فان السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر و إن كان المعروف عليها تميزها بالاستقلالية إلا أن ذلك يبقى نسبي غير مطلق سواء من حيث عدم تكريس بعض العناصر التي تجسد ذلك الطابع أو من حيث تدخلات السلطة التنفيذية سواء من الجانب العضوي أو الجانب الوظيفي و من حيث الرقابة القضائية عليها.


















الفصل الثاني:



اختصاصات السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر




















من خصوصية السلطات الإدارية المستقلة الجمع بين عدة اختصاصات تسمح لها من تحقيق مهمة الضبط التي أنشئت من اجلها حيث أنها لا تكتفي بحل النزاعات في المجالات التي تضبطها بل تتولى قبل ذلك تحديد القواعد التنظيمية التي تحقق التوازن الاقتصادي وبعدها تنظيم الرقابة الفعالة التي من خلالها تضمن احترام الأعوان الاقتصاديين لما تسنه من أحكام.
و قد لا تتمتع جميع السلطات الإدارية المستقلة بخاصية الجمع بين جميع الاختصاصات حيث تختص بالبعض دون الآخر ، إضافة إلى الإشكالات التي تنتج عن تلك الاختصاصات سيما منها دستورية الاختصاص التنظيمي و ما ينجر عن ممارسة الاختصاص القمعي وضرورة توفير الضمانات الكفيلة بتوقيع جزاء عادل.
وعليه سنحاول من خلال دراستنا التطرق إلى الاختصاص الذي تتمتع به كل سلطة من السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر مع محاولة الإجابة عن الإشكالات السالف ذكرها.
المبحث الأول: الاختصاصات التنظيمية
اعترف المشرع لبعض الهيئات الإدارية المستقلة باختصاص تنظيمي حقيقي و خصوصا في المجال المالي كما هو حال مجلس النقد والقرض و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة دون أن يكون ذلك للجنة المصرفية ، وعليه سنتعرض بالدارسة لممارسة هذا الاختصاص ومحدوديته و مدى دستوريته .
المطلب الأول: ممارسة الاختصاص التنظيمي.
يعتبر دور السلطات الإدارية المستقلة في ممارسة السلطة التنظيمية مهم نوعيا وباعتبارها هيئات متخصصة مكلفة بالسهر على حسن سير القطاع الاقتصادي و ضمان توازن المصالح، فهي ذات معرفة دقيقة بالمتطلبات الواجب تحقيقها و بالمشاكل اللازم حلها ، فهي تأتي بالعناصر الضرورية للتفكير في وضع أنظمة جديدة أو لتعديل تنظيم غير كامل أو معيب.
الفرع الأول: مجالات التنظيم
إن مساهمة السلطات الإدارية المستقلة في ممارسة السلطة التنظيمية يتم بطريقتين حيث أنها إما تتمتع بسلطة التنظيم بحد ذاته وإما تتدخل عن طريق اختصاص استشاري .
وتجدر الإشارة إلى أن كل من مجلس النقد والقرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة يمارس اختصاص تنظيمي عام كل في المجال الذي ينظمه.
حيث تعرف السلطة التنظيمية بكونها تلك التي تمارسها بعض السلطات الإدارية (رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة،...) و التي تتجسد عن طريق إصدار قواعد قانونية عامة أو مجردة في شكل قرارات إدارية (مراسيم وقرارات ) تطبق على جميع الأفراد أو على فئة معينة منهم دون تحديد ذواتهم.
تجدر الإشارة إلى أنه يمكن التمييز بين درجتين لممارسة السلطة التنظيمية : الحالة التي يخصص فيها المشرع اختصاص ذات طابع تقني للسلطة الإدارية المستقلة ، حيث يقتصر دور التنظيم في تعريف التزام أو شروط تطبيق حق تمّ إقراره مسبقا بموجب القانون، والحالة التي يقتصر فيها التشريع بتحديد مجال التنظيم أو الهدف منه حيث تتمتع السلطة آنذاك بسلطة واسعة في تحديد الشروط المطبقة في المجال المنظم.
وفي هذا الإطار فإنه يمارس صلاحيات هامة ذات تأثير مباشر على النظام المصرفي باعتباره يصدر أنظمة ويرعى تنفيذها،

و تتعلق تلك الأنظمة المصرفية و المالية أساسا بـ :
- إصدار النقد كما هو مقرر في المادتين 04 و 05 من الأمر 03/11 و المتعلقتين بالقوة الابرائية للأوراق النقدية و القطع النقدية المعدنية و كذا تغطيته علما أن امتياز اصدرا العملة النقدية عبر التراب الوطني يعود للدولة التي تفوض ممارسة هذا الامتياز للبنك المركزي دون سواه.
- مقاييس وشروط عمليات البنك المركزي لا سيما فيما يخص الخصم (l'escompte ) السندات تحت نظام الأمان (La pension) ، رهن السندات العامة والخاصة (le gage des effets publics et prives)، العمليات على المعادن الثمينة والعملة الصعبة les opérations sur les métaux précieux te devises) (.
- و كذا تعريف و سير و متابعة و تقدير السياسة النقدية ، و في هذا الإطار يحدد المجلس الأهداف النقدية لا سيما في مجال تطوير المجاميع (agrégats) النقدية و الفرضية و يحدد استخدامات النقد و يقوم أيضا بتحديد قواعد الوقاية في السوق النقدية و يتأكد من .(Visant à éviter les risques de la défaillance) نشر معلومات تهدف إلى تفادي مخاطر الاختلال
- شروط اعتماد وإنشاء البنوك و المؤسسات المالية و كذا إقامة شبكاتها و كذلك تحديد الحد الأدنى لرأسمال البنوك و المؤسسات المالية و كذا كيفيات إبرائه ، و اصدر مجلس النقد و القرض هذا الإطار النظام رقم 97/02 المؤرخ في : 06/04/1997 و المتعلق بشروط إقامة شبكة البنوك و المؤسسات المالية المعدل و المتمم بالنظام رقم02/05 المؤرخ في 31/12/2002 .
-شروط فتح مكاتب تمثيل البنوك و المؤسسات المالية الأجنبية في الجزائر ،
-حماية زبائن البنوك و المؤسسات المالية لاسيما في مجال العمليات مع هؤلاء ،
-المقاييس و النسب التي تطبق على البنوك و المؤسسات المالية لاسيما فيما يخص تغطية المخاطر و توزيعها ، السيولة و القدرة على الوفاء و المخاطر بوجه عام و اتخذت كيفيات تطبيق هذه الإحكام بموجب نظام رقم 91/09 المؤرخ في 04/08/1991 يحدد قواعد الحذر في تسيير المصارف و المؤسسات المالية المعدل و المتمم بالنظام رقم 95/04 المؤرخ في 20/04/1995 .
-الشروط التقنية لممارسة المهنة المصرفية و مهنتي الاستشارة و الوساطة في المجالين المصرفي والمالي.
-كما يتكفل المجلس بتحديد أهداف سياسة سعر الصرف و كيفية ضبطه والتنظيم القانوني له و السوق الخاصة به و تسيير الاحتياطات من الصرف.
و تجدر الإشارة إلى أن نطاق اختصاص مجلس النقد والقرض بأخذ مكانة السلطة التنفيذية في مجال النشاط البنكي والمالي و أكثر ما يجعله غير مألوف أن الأنظمة التي يصدرها المجلس لا تكون قابلة للطعن بالإلغاء إلا حالة تقديمه من طرف الوزير المكلف بالمالية رغم أنه يمس بحقوق ومصالح عدة متعاملين في المجال المالي .
و قد يقع اختلاط بين اختصاص المجلس في هذا المجال مع اختصاصات السلطة التنفيذية سيما في مجال الصرف والقرض حيث نجد أن المجلس قد تدخل لتحديد كيفيات تطبيق الأمر 96/09 المؤرخ في 10/01/ 1996المتعلق بالاعتماد الايجارى سيما في إنشاء شركات الليزينغ بينما تم تحديد كيفيات تطبيق المرسوم التشريعي 93/08 المعدل والمتمم للقانون التجاري فيما يخص أحكام عقد تحويل الفاتورة من حيث إنشاء الشركات التي تقوم بممارسة عقود تحويل الفاتورة بموجب المرسوم التنفيذي رقم 95/331 المؤرخ في 25/01/1995 المتعلق بشروط تأهيل الشركات لممارسة عقود تحويل الفاتورة و عليه و كما هو حال الاعتماد الايجارى فان عقود تحويل الفاتورة تعتبر عمليات قرض حيث يكون اختصاص إصدار التنظيم تطبيقا للنصوص التشريعية من اختصاص مجلس النقد و القرض و كأن السلطة التنفيذية تحاول استرجاع اختصاصها الذي تم إقصاؤها منه .
أما فيما يخص اللجنة المصرفية و باعتبارها تنشط في نفس مجال مجلس النقد و القرض فان المشرع الجزائري لا يمنح لها اختصاصات تنظيمية كما سبقت الإشارة إليه تفاديا لآي إشكال و تناقضات .
أما بالنسبة للوظيفة التنظيمية للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فقد تم تكريسها بموجب المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة, المعدل و المتمم بالأمر رقم 96/10 المؤرخ في 14/01/1996 و بالقانون رقم 03/04 المؤرخ في 17/02/2003 حيث أن اللجنة تنظم سير سوق القيم المنقولة و ذلك عن طريق تنظيمات تتعلق لاسيما ب :
-رؤوس الأموال التي يمكن استثمارها في عمليات البورصة ،
-اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة و كذا القواعد المهنية المطبقة عليهم،
-نطاق ومحتوى مسؤولية الوسطاء و الضمانات الملزومون بها اتجاه زبائنهم ،
-الشروط والقواعد المنظمة للعلاقات بين المؤتمن المركزي على السندات والمستفيدين المنصوص عليهم في المادة 19 مكرر 2 من نفس المرسوم،
-القواعد المتعلقة بحفظ السندات و تسيير وإدارة الحسابات الجارية للسندات ،
-القواعد المتعلقة بتسيير نظام التسوية وتسليم السندات،
-شروط التأهيل و ممارسة حفظ و إدارة السندات ،
-الشروط الخاصة بأهلية الأعوان المرخص لهم بإجراء مفاوضات في مجال البورصة ،
-الإصدار في أوساط الجمهور ،
-قبول القيم المنقولة للتفاوض بشأنها و شطبها و تعليق تحديد أسعارها ،
-تنظيم عمليات المقاصة...الخ
وفى هذا الشأن أصدرت اللجنة عدة أنظمة في مجال تنظيم مجمل العمليات المالية الخاصة بالبورصة : الدخول في البورصة ، رؤوس الأموال التي يمكن استثمارها في عمليات البورصة ، القبول في مفاوضات القيم المنقولة .
لاتتوقف صلاحيات لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة في إعداد الأنظمة فحسب لضبط نشاطها و تسيير سوق القيم المنقولة ، وإنما يتعدى ذلك ، إذ أن لها صلاحيات تقديم مقترحات نصوص تشريعية وتنظيمية للحكومة ، تخص إعلام حاملي القيم المنقولة و الجمهور ، تنظيم وسير بورصة القيم المنقولة و مركز وسطاء عمليات البورصة ، وذلك طبقا لنص المادة 34 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم .

الفرع الثاني: تقييد السلطة التنظيمية
من خلال القوانين المنظمة لكل من مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة نجد أن المشرع الجزائري أحاط السلطة التنظيمية الممنوحة لتلك الهيئات بقيود و حصره في مجال محدد.
فمن استقراء نص المادتين 85و125 من الدستور الجزائري لسنة 1996 فإن رئيس الجمهورية له اختصاص ممارسة السلطة التنظيمية في المسائل غير مخصصة للقانون، ويختص رئيس الحكومة بتطبيق القوانين في المجال التنظيمي و يوقع المراسيم التنفيذية.
و باعتبار أن رئيس الحكومة يسهر على تنفيذ القوانين و الأنظمة في كل القطاعات دون تحديد و عليه نستنتج أن اختصاصه التنظيمي عام وشامل.
و بالنظر إلى القوانين المنظمة للسلطة التنظيمية لمجلس النقد والقرض و كذا لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة نجدها تتعلق بمجالات محددة ومحصورة ،حيث تنص المادة 62 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض على أن :" يخول المجلس صلاحيات بصفته سلطة نقدية في الميادين المتعلقة بما يأتي ... " .
مما يؤكد أن المشرع قد تكفل بتحديد المجال الذي يمارس في إطاره المجلس السلطة التنظيمية المخولة له قانونا .
و كذا الحال بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة حيث تسن التنظيمات في إطار تنظيم سوق القيم المنقولة و مراقبتها و بالتالي فهو مجال محدد.
أي بمعنى أنه لا تتمتع اللجنة بسلطة تنظيمية عامة مثل رئيس الحكومة الذي يسهر على تنفيذ القوانين والأنظمة في كل الأخذ بعين الاعتبار الإطار الضيق الذي وضعه لها المشرع القطاعات والمجالات ، و إنما يمكن لنا وصفها بسلطة تنظيمية خاصة ، أي تتعلق بمجال ينحصر في مجال تنظيم سوق القيم المنقولة مع ،كما أن السلطة التنظيمية الممنوحة لهذه الهيئات تخص مجالات تقنية و فنية منصوص عليها قانونا .
بالإضافة إلى أن الأنظمة التي يصدرها المجلس النقد والقرض لا تحوز القوة التنفيذية بمجرد الموافقة عليها بل لا بد من تبليغها إلى الوزير المكلف بالمالية على شكل مشاريع الذي يمكنه أن يطلب إجراء تعديلات و يكون المجلس ملزما بإجراء قراءة ثانية لمشروع النظام والنظر في اقتراحات الوزير رغم انه غير ملزم بالأخذ بها .
و كأن المشرع أعطى للوزير المكلف بالمالية صلاحية طلب اجتماع ثاني حول النظام المقترح من طرف المجلس و الذي يشبه إلى حد كبير إجراء القراءة الثانية.
و أكثر من ذلك في حالة لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة فإن الأنظمة التي تصدرها اللجنة تخضع لإجراء الموافقة من طرف الوزير المكلف بالمالية ، و ذلك طبقا لنص المادة 32 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم و المرسوم التنفيذي رقم 96/102المؤرخ في11 مارس 1996 المتعلق بتطبيق هذه المادة.
الفرع الثالث: دستورية السلطة التنظيمية
لقد خول المشرع الجزائري لكل من مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة سلطة تنظيمية كل في مجال اختصاصها إلا أنه و طبقا لأحكام الدستور فان السلطة التنظيمية يمارسها كل من رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة مما يدفعنا إلى التساؤل عن مدى توافق السلطة التنظيمية الممنوحة لهاتين السلطتين مع أحكام الدستور؟
فطبقا لأحكام المادتين 85 و 125 من دستور سنة 1996 فان السلطة التنظيمية يمارسها رئيس الجمهورية في المسائل غير المخصصة للقانون و يندرج تطبيق القوانين في المجال التنظيمي الذي يعود لرئيس الحكومة، و يوقع هذا الأخير المراسيم التنفيذية .
و إذا كانت الأنظمة التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة تخضع لموافقة الوزير المكلف بالمالية فان تلك التي يسنها مجلس النقد و القرض رغم تبليغها لنفس الوزير حيث يمكنه اقتراح تعديلات ويكون المجلس ملزما بالتداول مرة أخرى إلا أنه غير ملزم بالأخذ بها وعليه يبقى التساؤل مطروحا.
إذا كانت السلطة التنظيمية المعترف بها لتلك السلطات ذات طابع تقني فان إشكال مدى دستوريتها لايكون بنفس الحدة و المقاييس كما حالة كونها شاملة كما هوحال مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها و لا تعتبر هذا الاختصاص من صميم ما يعرف بتفويض الاختصاص و التي تجعل السلطتين في مكانة المفوّض .
و قد تعرض الفقه لهذه المسألة لكونها تؤدي إلى تفتيت الدولة و لانجد أي اجتهاد في هذا الشأن من طرف المجلس الدستوري الجزائري على خلاف نظيره الفرنسي الذي أكد عدم وجود مانع من إعطاء سلطة أخرى غير الوزير الأول إمكانية وضع أنظمة شريطة أن تخص تدابير محدودة المدى سواء من حيث مجال تطبيقها أو من حيث مضمونها .
و عليه و باعتبار هذه القيود التي وضعها المجلس الدستوري الفرنسي فان السلطة التنظيمية الممنوحة للسلطات الإدارية المستقلة تبقى
محدودة.

المطلب الثاني: الرقابة على الاختصاص التنظيمي
يعتبر مجلس النقد و القرض و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة سلطات إدارية تنتمي في حد ذاتها إلى الدولة ، و عليه فإن هذه الأخيرة تمارس الرقابة عليها من اجل ضمان حسن سير عملها و الوصول إلى الأهداف التي أنشأت من اجلها .
و تظهر لنا أوجه تلك الرقابة سواء عن طريق علاقتها بالسلطة التنفيذية أو عن طريق رقابة السلطة القضائية المنصوص عليها صراحة في القانون.

الفرع الأول: علاقتها بالسلطة التنفيذية
إذا كان المبدأ بالنسبة للهيئات الإدارية المستقلة هو عدم الخضوع لا لسلطة الرئاسية و للوصاية، إلا أننا نلاحظ بالنسبة للقانون الجزائري و جود آليات من خلالها تتدخل السلطة التنفيذية في عمل تلك الهيئات سواء بالنسبة لمجلس النقد والقرض أو لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة.
إذا كان المبدأ بالنسبة للهيئات الإدارية المستقلة هو عدم الخضوع لا لسلطة الرئاسية و للوصاية، إلا أننا نلاحظ بالنسبة للقانون الجزائري و جود آليات من خلالها تتدخل السلطة التنفيذية في عمل تلك الهيئات سواء بالنسبة لمجلس النقد والقرض أو لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة.
فنجد أن مجلس النقد والقرض أثناء إصداره للأنظمة يتبع مجموعة إجراءات حيث أن الأنظمة التي يصدرها لا تكون قابلة للتنفيذ من يوم الموافقة عليها من طرف المجلس ، بل لابد أن تبلغ خلال يومين إلى الوزير المكلف بالمالية و الذي يكون له مهلة 10 أيام لطلب تعديلها ، ويكون المجلس ملزم بالاجتماع مرة ثانية للنظر في اقتراح الوزير و ذلك بدعوة من طرف المحافظ من اجل 05 أيام.
و يكون القرار الجديد الذي يتخذه المجلس نافذا مهما كان مضمونه سواء اخذ باقتراحات الوزير أم لا و لا يكون لهذا الأخير سوى الطعن قضائيا كما سيلي شرحه.
وعليه، و بصفة غير مباشرة ، فإن المشرع منح للوزير المكلف بالمالية سلطة طلب مداولة ثانية حول النظام الموافق عليه من طرف المجلس و هو ما يماثل كثيرا إجراءات القراءة الثانية.
أما بالنسبة للأنظمة التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فإنها تخضع قانونا لإجراء الموافقة ، حيث تنص المادة 32من المرسوم التشريعي 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 و المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه يوافق على اللوائح التي تسنها اللجنة عن طريق التنظيم و تنشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية مشفوعة بنص الموافقة .
و تطبيقا لهذه المادة صدر المرسوم التنفيذي رقم 96/102 حيث جاء ينص في مادته الأولى على انه يوافق الوزير المكلف بالمالية بقرار على اللوائح التي تسنها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها.
و لا تعتبر موافقة الوزير المكلف بالمالية الإجراء الذي يضفي صفة النظام لما تقرره لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة طبقا لنص المادة 31 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة بل هي شرط من اجل دخولها حيز النفاذ.
و تجدر الإشارة إلى انه وفي حالة عدم موافقة الوزير المكلف بالمالية على النظام فإنه يبقى مجرد مشروع وعليه تتجلى لنا أهمية
إجراء الموافقة الذي يرتكز عليه وجود الأنظمة التي تصدرها اللجنة.
و أكثر من ذلك فإن للسلطة التنفيذية أن تحل محل لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة في حالة عجز هذه الأخيرة عن أداء مهامها ،حيث تنص المادة 50 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه إذا ثبت عجز أو قصور اللجنة، لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة ، تتخذ التدابير التي تتطلبها الظروف عن طريق التنظيم ، بناءا على اقتراح الوزير المكلف بالمالية عقب الاستماع إلى رئيس اللجنة.

و كذلك حالة حدوث حادث ينجر عنه اختلال في سير البورصة أو حركات غير منتظمة لأسعار البورصة، وكان الحادث مما يتطلب تعليق لمدة تتجاوز 05 أيام على خلاف حالة التعليق التي لا تتجاوز 05 أيام فهي من اختصاص اللجنة.
و عليه يتضح لنا أن السلطة التنظيمية للهيئات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر المتمثلة في كل مجلس النقد والقرض و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة تخضع لرقابة السلطة التنفيذية ، ولو أن ذلك لا يتم التصريح به مباشرة و إنما يتم استنتاجه من خلال الإجراءات التي قد تخضع لها الأنظمة التي تصدرها تلك السلطات .



الفرع الثاني: الرقابة القضائية
لقد اعترف المشرع لكل من مجلس النقد والقرض و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة بالسلطة التنظيمية و بالموازاة كذلك أقر بإمكانية رقابة القاضي لتلك الأنظمة التي تصدر في إطار ممارسة هذا الاختصاص.
و بالرجوع إلى أحكام المادة 09 من القانون العضوي رقم 98/01 المؤرخ في 30/05/1998 المتعلق باختصاصات
مجلس الدولة و تنظيمه وعمله فإنه يختص مجلس الدولة بالفصل في الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية و الهيئات العمومية و المنظمات المهنية الوطنية.
و يمكن التأكيد على انه و بالاعتراف للسلطات الإدارية الجديدة بالسلطة التنظيمية يترتب عنه اختصاص القضاء الإداري.
و في هذا الصدد نجد أن المشرع الجزائري قد نص صراحة على أن الطعن ضد أنظمة مجلس النقد و القرض و الذي يكون الهدف منه إبطالها يتم أمام مجلس الدولة حيث يقدمه الوزير المكلف بالمالية.
و ما يجعل ذلك الطعن استثنائيا و غير مألوفا أكثر هو انه لا يقبل الطعن بالإبطال ضده إلا إذا تم تقديمه من طرف الوزير المكلف بالمالية رغم أن مثل تلك الأنظمة قد تمس مصالح المتعاملين في مجال النقد والقرض.
و طبقا لنص المادة 65 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد و القرض فإنه يجب أن يقدم الطعن خلال اجل ستين يوما ابتداء من تاريخ نشره تحت طائلة رفضه شكلا .
يتبن لنا من خلال ما سبق أن الأشخاص الأخرى لا يمكنها الاحتجاج لتلك الأنظمة ، وعليه لا يبقى لها سوى إثارة استثناء اللامشروعية لنظام ما أمام القاضي أثناء نظره نزاع طبق فيه النظام ز ذلك ما لجأ إليه يونين بنك حيث انه أثار استثناء لامشروعية النظام رقم 95/07 المؤرخ في23/12/1995 المعدل و المتمم للنظام رقم 92/04 المؤرخ في 22/03/1992 المتعلق برقابة الصرف في إطار الدعوى القائمة بينه وبين اللجنة المصرفية و الذي صدر على أثره قرار مجلس الدولة رقم 2138 بتاريخ : 08/05/ 2000. .
فلقد اعتبر مجلس الدولة أن الدفع المثار من طرف يونين بنك حول لامشروعية نظام مجلس النقد و القرض مقبول شكلا ، وذلك لكون انه بحق لأي مدع أن يثير عن طريق الدفع بعدم قانونية قرار إداري فردي أو تنظيمي بالتبعية للدعوى الرئيسية بالإبطال اذا ثارت عدم قانونية هذا القرار مباشرة على الدعوى الأصلية و عليه يتعين الفصل في قانونية المقتضيات المتمسك فيها وهي نص المادة 15 من النظام رقم 95/07 المؤرخ في23/12/1995 و التي تخول لبنك الجزائرـ دون تحديد أخر ـ سحب صفة الوسيط المعتمد لعمليات الصرف فانه قد تجاهل القانون و لا سيما مقتضيات المادة 156 التي تخول هذا الاختصاص للجنة المصرفية فقط ، و عليه اعتبر مجلس الدولة مقتضيات المادة 15 من النظام المذكور باطلة و عديمة الأثر فيما يخص الدعوى الحالية .
أما فيما يخص الأنظمة التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فإن المشرع أخضعها لرقابة القاضي و ذلك من خلال نص المادة 33 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
حيث تنص هذه المادة على انه يمكن في حالة حصول طعن قضائي أن يؤمر بتأجيل تنفيذ أحكام اللائحة المطعون فيها ، إذا كانت هذه الأحكام مما يمكن أن تنجز عليه نتائج واضحة الشدة و الإفراط أو طرأت وقائع جديدة بالغة الخطورة منذ نشرها.
و تجدر الإشارة إلى الاختلاف الموجود بين الطعون بالإبطال المقدمة ضد أنظمة لجنة التنظيم و مراقبة عمليات البورصة و بين تلك المقدمة ضد أنظمة مجلس النقد والقرض من جانبين : حيث تقدم الأولى من طرف الوزير المكلف بالمالية و كل شخص له مصلحة في ذلك على خلاف الطعون المقدمة ضد أنظمة مجلس النقد والقرض ، حيث لا يقدم الطعن بالإبطال إلا من طرف الوزير المكلف بالمالية بصريح نص المادة 65 من المادة 03/11 المؤرخ في23/08/2003 المتعلق بالنقد والقرض دون غيره من جهة ، ومن جهة أخرى فإن الطعون ضد أنظمة مجلس النقد والقرض لا يكون لها اثر موقف على خلاف الطعون المقدمة ضد أنظمة اللجنة حيث يمكن الأمر بتأجيل تنفيذ أحكام اللائحة التي قد ينجز عنها نتائج واضحة الشدة و الإفراط أو طرأت وقائع بالغة الخطورة منذ نشرها .
و هناك تساؤل حول الطعن بالإلغاء المرفوع ضد أنظمة لجنة التنظيم و مراقبة عمليات البورصة ، هل انه يرفع ضد النظام بحد ذاته أو ضد القرار الوزاري الذي يقضي بالموافقة، باعتبار أن النظام في هذه الحالة لا يكون نافذا إلا من يوم نشره مع الموافقة عليه ؟
و لا نجد جوابا على ذلك في التشريع الجزائري و لا اجتهاد قضائي في هذا الصدد إلا أننا نجد انه في فرنسا قد تم قبول أن الطعن يقدم ضد إجراء الموافقة، و تم تكريسه في قرارات مجلس الدولة الفرنسي منها القرار رقم 213415 المؤرخ في 20/12/2000 .
و عليه فان مجلس الدولة الفرنسي قد اعتبر أن دعوى الإبطال تقدم ضد قرار الموافقة الذي يصدره الوزير المكلف بالاقتصاد و الذي من خلاله تصبح الأنظمة التي تعدها لجنة عمليات البورصة نافذة .
المبحث الثاني: الاختصاصات الرقابية و التحكيمية
بالإضافة إلى الاختصاص التنظيمي تمارس السلطات الإدارية المستقلة ،في القطاع المالي في الجزائر، اختصاصات رقابية وتحكيمية و التي من خلالها تتأكد خصوصيتها ومدى السلطات الممنوحة لها في مجال الضبط .
المطلب الأول: الاختصاصات الرقابية:
لقد عرف التنظيم المالي تطور مستمر محاولا تحقيق الأهداف المسطرة له و التي تتمحور عموما حول الحاجة إلى الاستقرار المالي و كذا متطلبات حماية المستثمرين في هذا المجال.
ويعتبر إنشاء السلطات الإدارية المستقلة من أهم صور ذلك التنظيم و التي من خلالها يسعى المشرع إلى تحقيق الضبط الاقتصادي الذي لا يتأتى إلا من خلال منحها سلطات هامة من ضمنها نجد سلطة الرقابة و التي لابد أن تكون حريصة ، معمقة و متواصلة. إن الحديث عن الاختصاص الرقابي لتلك الهيئات يجرنا إلى الحديث عن مضمون الرقابة وكذا وسائلها.
الفرع الأول: نطاق الرقابة
طبقا لنص المادة 37 من الدستور الجزائري لسنة 1996 فإن حرية التجارة و الصناعة مضمونة و تمارس في إطار القانون ، و عليه تكفل المشرع بتأطير تلك الممارسة سيما في المجال المالي الذي يعد أهم قطاعات الاقتصاد الوطني حيث منح للسلطات الإدارية المستقلة سلطات رقابية هامة تنصب أساسا على الالتحاق بالسوق النقدية أو البورصة وكذا بالمهنة، تنظيم و سير البنوك و المؤسسات المالية و المتعاملين الاقتصاديين، الشفافية المحاسبية و المالية ، قواعد و ضوابط التسيير الحذر للبنوك.
1-رقابة الالتحاق بالسوق أو المهنة
نظرا لكون الرقابة التي تمارسها تلك الهيئات رقابة متواصلة و قائمة فإنها قد تتعلق أساسا بالالتحاق بالسوق سواء للمتعاملين
الاقتصاديين أو المهنيين كما قد تنصب على الالتحاق بالمهنة.
ففي مجال النقد و القرض فإن المجلس هو الذي يتكفل بممارسة هذه الرقابة السابقة لشروط ممارسة المهنة المصرفية.
و في هذا الصدد تنص المادة 65 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد و القرض على أن:"... المجلس يتخذ القرارات الفردية الآتية :
-الترخيص بفتح البنوك والمؤسسات المالية و تعديل قوانينها الأساسية و سحب الاعتماد .
-الترخيص بفتح مكاتب تمثيل للبنوك الأجنبية ..."
إضافة إلى الترخيص يجب الحصول على اعتماد محافظ بنك الجزائر الذي يتأكد إذا كانت جميع الشروط القانونية المطلوبة في طالب الاعتماد و التي تحصل على ترخيص المجلس و لاسيما الشروط الخاصة التي يكون الترخيص قد تضمنها.
كما انه يجب الترخيص بكل تعديل تقوم به البنوك و المؤسسات المالية الأجنبية التي لها فرع بالجزائر و الذي قد يمس بغرض الشركة من طرف المجلس طبقا لنص المادة 94/3 من الأمر رقم 03/11 المتعلق بالنقد و القرض مع التأكيد على وجود اختلاف بين صياغة المادة باللغة العربية عن صياغتها باللغة الفرنسية , حيث تعتبر هذه الأخيرة هي النص الأصلي و يتم ترجمته إلى اللغة العربية و عليه يعود اختصاص الترخيص بالتعديل في تلك الحالة إلى مجلس النقد والقرض ولكن و بالنظر إلى النص الرسمي فانه يكون باللغة العربية و عليه يعود بالاختصاص إلى مجلس الإدارة إلا انه هناك من يرى انه يجب الرجوع إلى الأصل و عليه يعود الاختصاص لمجلس النقد و القرض و الذي يدعى في صلب هذا الأمر بالمجلس .
أما باقي التعديلات سيما المتعلقة بالقوانين الأساسية للبنوك و المؤسسات المالية و التي لا تمس بغرض المؤسسة أو رأسمالها أو المساهمين فيها و كذا المتعلقة بتنازل عن أسهم فإنها تخضع لترخيص من المحافظ طبقا لنص المادة 94 فقرتيها 1 و 2 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض .
كما تتولى لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة مراقبة الدخول إلى سوق القيم المنقولة و الالتحاق بمهنة الوسيط في عمليات البورصة .
عند رقابتها الالتحاق بسوق القيم المنقولة ، تتأكد اللجنة من صحة و دقة المعلومات المقدمة للجمهور و التي تلعب دور مهم جدا في سبيل حماية المستثمرين في الأوراق المالية و ضمان الشفافية و السير الحسن لسوق رؤوس الأموال حيث تدرس اللجنة مشروع المذكرة الخاضعة للتأشيرة المسبقة و تشير عند الاقتضاء إلى البيانات الواجب تعديلها أو المعلومات الواجب إدراجها فيها.
فتعد التأشيرة وسيلة تستخدمها اللجنة لفرض رقابتها على الالتحاق بسوق القيم المنقولة و يتجلى ذالك من خلال فحصها و تحققها من صحة و صدق كافة البيانات و المعلومات التي تتضمنها المذكرة الإعلامية.
حيث يمكنها رفض التأشيرة إذا ما توصلت إلى عدم توفر الشروط المطلوبة قانونا تبعا لما تتمتع به من سلطة تقديرية.
كما تختص اللجنة بمنح إعتمادات للوسطاء في عمليات البورصة التي قد تكون شاملة لكافة نشاطات البورصة أو جزئية تخص نشاط دون الآخر حيث تتمتع بسلطة تقديرية واسعة .كما أن الوسطاء يجب أن تتوفر فيهم مجموعة معايير اختيار و التي تتميز بقسوتها سواء على المستوى المهني أو من حيث الضمانات المالية دون إهمال الأخلاقيات و الآداب.
2 -رقابة السوق بحد ذاته
إن تنظيم قطاع معين يتطلب في نظر المشرع أن تكون السلطة التنظيمية بذالك المجال تتمتع بسلطات واسعة من اجل الحفاظ و حتى بناء التوازنات الضرورية و هي المهمة التي تتطلب منحها عدة سلطات من بينها الرقابة و بصفه دائمة.......
لا تتوقف الهيئات الإدارية المستقلة في هذا المجال عن الرقابة بمجرد الترخيص أو التأشير حسب الهيئات بالالتحاق إلى السوق بحد ذاته بل تتمتع بسلطة رقابة حسن سير و تنظيم السوق ومدى احترام المتعاملين الاقتصاديين للقوانين و الأنظمة الخاصة به.
فطبقا للأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد و القرض فإن اللجنة المصرفية مكلفة برقابة مدى احترام البنوك و المؤسسات المالية للنصوص التشريعية و التنظيمية.
و طبقا لنفس المادة فإن اللجنة مختصة بفحص شروط استغلال البنوك و المؤسسات المالية و السهر على نوعية وضعياتها المالية ، ومدى احترام قواعد حسن سير المهنة .
و يعتبر الجانب المحاسبي لوحده ذات أهمية قصوى في الرقابة التي تقوم بها اللجنة المصرفية حول شروط استغلال و نوعية الوضعيات المالية للبنوك والمؤسسات المالية.
كما انه من مهام اللجنة رقابة أخلاقيات المهنة المصرفية و آدابها ومدى احترام حسن سير المهنة المصرفية .
تجدر الإشارة إلى انه لايوجد بعد تقنين بها إلا أن العادات و الأعراف المهنية متداول العمل بها من طرف البنوك و المؤسسات المالية المنضمة إلى الجمعية الخاصة بهم ، التي تشكل من خلال تواتر العمل بها مصدر ثاني بالنسبة لزبائنهم و عدم احترامها قد ينجر عنه احتمال المتابعة من طرف اللجنة المصرفية.
يمكن للجنة المصرفية توسيع تحرياتها لتشمل المساهمات و العلاقات المالية بين الأشخاص المعنويين الذين يسيطرون بصفة مباشرة أو غير مباشرة على بنك أو مؤسسة مالية أو الفروع التابعة لها و نفس الشيء بالنسبة لفروع الشركات الجزائرية المقيمة بالخارج مع احترام الاتفاقيات الدولية في هذا الإطار طبقا لنص المادة 110/1 و 2 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد و القرض
أما في مجال البورصة فتتكفل لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة بمراقبة سوق القيم المنقولة من اجل ضمان شفافيتها وحسن سيرها
و تتأكد اللجنة من أن الشركات المقبولة قيمها للتفاوض في بورصة القيم المنقولة تستوفي الشروط المطلوبة قانونا
سواء فيما يخص الجمعيات العامة ، تشكيلة أجهزة الإدارة ،الرقابة و كذا النشرات القانونية.
و في هذا الصدد يجب على المؤسسات التي تكون قيمها مسعرة في السوق إعلام الجمهور على الفور بكل تغيير أو واقعة مهمة و يجب أن تكون المعلومة صحيحة ، دقيقة و صادقة ، و يمكن للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة مطالبتها بنشر بعض المعلومات حسب الشكل و الأجل الذي تحددهما إن اقتضت حماية المستثمرين أو حسن سير السوق ذالك.









 


قديم 2011-02-23, 11:21   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة

و تكون طبقا لنفس النظام ملزمة بتقديم للجنة مجموعة وثائق التي تسمح لهذه الأخيرة إتمام الرقابة منها تقرير سنوي يتضمن الجداول المالية السنوية ، تقرير مندوب أو مندوبي الحسابات و المعلومات الأخرى التي تتضمنها تعليمة اللجنة و ذالك 30 يوما قبل اجتماع الجمعية العامة العادية للمساهمين . كما تمارس اللجنة رقابة دائمة حول هيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة دون التوقف عند رقابتها وقت دخولها للسوق باعتمادها بل تواصل ذالك و تتأكد من مدى احترامها لقواعد الحذر المطبقة عليها طبقا للمادة 38 من نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها رقم 97/04 المؤرخ في 25/11/1997 المتعلق بهيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة تحت رقابة لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها .
وكل إصدار للأسهم و الحصص يخضع إلى مصادقة مسبقة من طرف لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها،للنشرة الإعلامية التي تبين خصائص هيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة المعينة و تقدم حسب النموذج المقرر في تعليمه اللجنة طبقا لنص المادة 36 من نظام اللجنة رقم 97/04 المذكور أعلاه.
كما يلزم كل شخص يمتلك أسهم أو حقوق تصويت بإعلام اللجنة بكل تغيير في رأسمال الشركة أو حقوق التصويب و التي تكون أسهمها متداولة في البورصة و يصرح بالعدد الإجمالي الذي يمتلكه للشركة و للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة ولشركة تسيير بورصة القيم المنقولة طبقا لنص المادة 65 مكرر من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المـنقولة المعدل و المتمم والتي اتخذ بشأنها تنظيم.
الفرع الثاني: وسائل ممارسة الرقابة
من اجل التأكد من احترام المتعاملين الاقتصاديين المعتمدين في السوق النقدية و البورصية للقواعد التشريعية والتنظيمية المطبقة في القطاع المالي وفحص شروط الاستغلال و السهر على الوضعية المالية لتلك المؤسسات ، وضمان احترام قواعد حسن المعاملة للمهنة ، فإن الهيئات الإدارية المستقلة في هذا المجال و في إطار ممارسة اختصاصها الرقابي وضعت تحت يدها مجموعة وسائل قانونية بهدف تحقيق النجاعة المطلوبة .
يرتكز الاختصاص الرقابي للجنة المصرفية في مجال النقد و القرض على أسس هامة حيث تعتبر رقابة دائمة، أي بناء على الوثائق حيث تتولى الرقابة الفردية للمؤسسات المالية والبنوك و تكون على اتصال دائم بمسيريها.
كما أنها تعتبر رقابة في عين المكان تمارس من طرف مفتش البنك والنقد تكون شاملة لجميع نشاطات المؤسسة أو تخص مهام أو أجزاء معينة فيها.
و في هذا الصدد نجد أن المادة 108/1 الأمر 03/11 المؤرخ في 26 /08/2003 والمتعلق بالنقد والقرض تنص على انه تخول اللجنة بمراقبة البنوك و المؤسسات المالية بناءا على الوثائق و في عين المكان.
و من اجل التمكن من ممارسة تلك الرقابة فإن اللجنة تزود بأمانة عامة بالإضافة إلى ارتكازها على بنك الجزائر المكلف بتنظيم المراقبة لحساب اللجنة بواسطة أعوانه الذين يكونون على دراية و اطلاع على المحيط الذي يمارس فيه اختصاصهم.
ويمكن للجنة أن تكلف بمهمة أي شخص يقع عليه اختيارها طبقا لنص المادة 108 /03 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه.
فاللجنة مؤهلة للتحري حول مدى احترام التشريع و التنظيم المعمول به ، فكل النصوص المنشئة لهذه السلطات تنص على الإمكانية الممنوحة لها لجمع المعلومات اللازمة لممارسة مهامها ، و في بعض الحالات فإن الأشخاص المعنية بالرقابة ملزمة بإعلام تلك الهيئات بالوثائق التي تسمح برقابة مدى احترام التشريع والتنظيم ....
فاللجنة البنكية تعتمد نوعين من التحريات والتحقيقات : رقابة على الوثائق المعروفة بالدائمة و الرقابة في الأماكن المعروفة بالدورية . فالأولى ترتكز على النتائج المحققة من طرف و تحت المسؤولية الكاملة للمفتشية العامة لبنك الجزائر ، و ذلك بعد تحليل جميع المعطيات الواردة في الوضعيات و الجداول الدورية المقدمة من طرف المعنيين بالرقابة البنكية.
و عليه طبقا لنص المادة 109 الفقرات 3 ، 4 و 5 من الأمر 03/11 المؤرخ في : 26/08/2003 المتعلق بالنقد والقرض فإن اللجنة المصرفية يمكنها أن تطلب من البنوك و المؤسسات المالية جميع المعلومات و الإيضاحات و الإثباتات اللازمة لممارسة مهمتها و يمكنها أن تطلب من كل شخص معني تبليغها بأي مستند أو أية معلومة تراها ضرورية دون إمكانية الاحتجاج اتجاهها بالسر المهني .و عليه فإن اللجنة تحدد قائمة و شكل و مواعيد تقديم الوثائق و المعلومة من الأشخاص المعنية.
أما فيما يخص الرقابة في عين المكان فإنه يتم انجازه على أساس برنامج يتم تحديده دوريا بعد مداولة اللجنة و يتجسد بالذهاب إلى المقرات الاجتماعية للأشخاص المعنية بالرقابة و الوكالات الخاصة بها .
و دائما في إطار ديمومة الرقابة فإن اللجنة تعتمد كذلك على الوثائق المنصوص عليها في القانون التجاري سيما التقرير الخاص بتسيير مجلس إدارة البنك أو المؤسسة المالية ، حساب الاستغلال العام ، حسب النتائج والميزانية ... ، وذلك طبقا لما تنص عليه أحكام القانون التجاري.
كما تشكل التقارير التي يعدها محافظي الحسابات الذي من خلاله تمارس اللجنة المصرفية رقابتها حيث تنص المادة 101 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه على أن يعلم محافظي الحسابات محافظ بنك الجزائر بكل المخالفات المرتكبة من المؤسسات الخاضعة لرقابتهم ويقدمون تقرير خاص حول المراقبات التي أجروها و التي من خلالها تكون اللجنة المصرفية على اطلاع باعتبار المحافظ هو رئيس اللجنة المصرفية .
و كذلك الحال بالنسبة لمجال البورصة حيث تجرى لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة عن طريق مداولة خاصة ، وقصد ضمان تنفيذ مهمتها الرقابية، تحقيقات لدى الشركات التي تلتجئ إلى التوفير علنا و البنوك والمؤسسات المالي و الوسطاء في عمليات البورصة ، وكل من لهم مساهمة في العمليات الخاصة بالقيم المنقولة أو في المنتوجات المالية المسعرة أو يتولون إدارة مستندات سندات مالية ، و عليه يمكن للأعوان المؤهلون أي يطلبوا أية وثيقة ، وان يحصلوا على نسخ منها و يمكنهم الوصول إلى جميع المحال ذات الاستعمال المهني ، ويمكن للجنة استدعاء كل من ترى ملائما سماعه أو تأمر أعوانها باستدعائه و يكون له حق الاستعانة بمستشار.
و طبقا لنص المادة 39 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 32/05/1993، المعدل والمتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة فإن أعضاء و أعوان اللجنة ملزمون بالسر المهني.
تكون الشركات المصدرة ملزمة بتقديم للجنة مجموعة وثائق تسمح لها بممارسة رقابة على الوثائق منها : التقرير السنوي الذي يحتوي على الجداول المالية السنوية، تقرير محافظي الحسابات و كل وثيقة تكون موجهة للمساهمين و ذلك حسب ما هو مقرر في نظام اللجنة رقم 2000/20 المؤرخ في : 20/01/2000 المتعلق بالمعلومات الواجب نشرها من طرف المؤسسات التي تكون قيمها مسعرة في البورصة.

و تجدر الإشارة إلى أن هذه التحريات و التحقيقات نوعان :
- تحقيقات ذات طبيعة إدارية غير ردعية و هي التي تسمح بطلب تقديم كل وثيقة ضرورية خاصة تسمح بالدخول إلى المحلات ذات الاستعمال المهني وجمع المعلومات في الأماكن أو باستدعاء الأشخاص جميع المعلومات والتبريرات الضرورية.
و هي الصلاحيات التي تمارسها كل من مجلس النقد والقرض، اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة كما سلف شرحه.
- تحقيقات ردعية، يتم انجازها في إطار البحث عن المخالفات و التي تتميز بإمكانية إجراء التفتيشات و الحجوز ، التحقيقات التي تمس بحريات الأفراد المضمونة دستوريا في المادة 40 منه.
الفرع الثالث: نتائج الرقابة
بعد إتمام الهيئات الإدارية المستقلة الرقابة على الأشخاص المعنية فإنها تكون أمام احتمالين : الأول هو أن يكون هناك احترام للتشريع و التنظيم المعمول بهما من كل الجوانب ، الثاني هو أن يتوصل الأعوان المؤهلين قانونا إلى التثبت من وجود مخالفة، وعليه يترتب عن ذلك اتخاذ تلك الهيئات للإجراءات الواجبة قانونا من اجل إعادة الحالة إلى الوضع القانوني.
ففي مجال النقد والقرض فإن المجلس يتلقى طلبات الترخيص و يقوم بدراستها ومراقبة مدى توفر الشروط الضرورية و يتصدى للطلب أما بالقبول حالة توافره على كل المقاييس القانونية أو يرفض الطلب.
و لا يمكن تقديم طلب ترخيص ثان إلا بعد 10 أشهر من تاريخ تبليغ رفض الطلب الأول، طبقا لنص المادة 87 منن الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 والمتعلق بالنقد والقرض.
و باعتبار أن مجلس النقد والقرض هيئة إدارية فإن الطعون بالإلغاء في قراراته تكون أمام مجلس الدولة مع احترام نص المادة 87من الأمر المذكور أعلاه حيث لا يقبل هذا الطعن إلا بعد قرارين برفض الترخيص من مجلس النقد والقرض.
كما يقرر المجلس سحب الاعتماد سواء بناءا على طلب من البنك أو المؤسسة المالية أو تلقائيا ، وذلك في ثلاث حالات : إن لم تصبح الشروط التي يخضع لها الاعتماد متوفرة ، إن لم يتم استغلال الاعتماد لمدة اثنتي عشر شهرا و إذا توقف النشاط موضوع الاعتماد لمدة ستة أشهر وذلك دون الإخلال بالعقوبات التي قد تقررها اللجنة المصرفية. .
كما انه يمكن للجنة المصرفية في حالة إخلال إحدى المؤسسات الخاضعة لرقابتها بقواعد حسن سير المهنة أن توجه لها تحذيرا ، بعد إتاحة الفرصة لمسير هذه المؤسسة من اجل تقديم تفسيرا ، طبقا لنص المادة 111 من الأمر
03/ 11 المؤرخ في : 26/08/2003 المتعلق بالنقد والقرض .
كما يمكن لها أن تدعو الخاضع لرقابتها لاتخاذ تدبير معين من شأنه أن يعيد أو يدعم التوازن المالي له أو يصحح أساليب تسييره و ذلك في اجل معين، طبقا لنص المادة 112 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه.
و أكثر من ذلك يمكن لها تعين قائم بلإدارة مؤقتا تنقل له كل السلطات اللازمة لإدارة أعمال المؤسسة المعنية أو فروعها وتسييرها طبقا لنص المادة 113 من نفس الأمر، وفي هذا الصدد قد سبق للجنة تعيين قائم بالإدارة مؤقت للبنك الدولي الجزائري.
حيث اعتبر مجلس الدولة أن تعيين قائم بالإدارة مؤقت هو مجرد تدبير تحفظي و ليس بإجراء تأديبي ، حيث أن القرار في إحدى حيثياته ينص على :" حيث ومن جهة أخرى فإن هذا القرار المتخذ بمبادرة من اللجنة المصرفية عملا بالمادة 155 فقرة 2 من القانون المذكور أعلاه ،قانون 90/10 ، لا يشكل تدبير ذات طابع تأديبي و إنما تدبير إداري لا يخضع للإجراءات المنصوص عليها في المادة 156 و ما يليها من القانون ..... " و عليه فإن مجلس الدولة رفض الطعن بالإلغاء لعدم تأسيسه.
كما انه يمكن للقائم بالإدارة المؤقت أن يعلن توقف المؤسسة التي يديرها عن الدفع و عليه توضع قيد التصفية طبقا لنص المادة 113 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه .
يمكن للجنة إعطاء توجيهات لمحافظي الحسابات و إصدار في مجال الحذر و الاحتياط قرارات.
و في حالة عدم الخضوع لتحذيرات اللجنة أو لتوجيهاتها فإنها يمكن اتخاذ إجراءات تأديبية ضد المخالفين و هو ما سنتطرق له لاحقا.
أما فيما يخص لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة فإنها من نتائج ممارسة اختصاصها الرقابي هو منح التأشيرة في حالة توفر الشروط القانونية في المذكرة الإعلامية عند إصدار القيم المنقولة أو الرفض في الحالة العكسية و كذلك الحال بالنسبة للتأشيرة الخاصة بالمذكرة الإعلامية عند قبول تداول القيم المنقولة ، وقد تأمر بنشر التعديلات الضرورية .
كما أن من أثار رقابة اللجنة للالتحاق بالمهنة سواء بالنسبة للوسطاء أو لهيئات التوظيف الجماعي هو منح الاعتماد الذي يصدر في شكل قرار يتم نشره في النشرة الرسمية لقائمة البورصة و في حالة رفضه أو تحديد مجاله يجب أن يكون قرار اللجنة معللا.
و كذلك الشأن بالنسبة لهيئات التوظيف الجماعي طبقا لنص المادتين 06 و 18 من الأمر رقم 96/08 المؤرخ في 10/01/1996 المتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة و يحتفظ طالب الاعتماد بحقه في الطعن المنصوص عليه في التشريع الساري المفعول في حالة رفض اعتماده.
و يمكن للجنة أن تأمر أي شركة بنشر التعديلات في حالة وجود سهو في الوثائق المنشورة أو المقدمة، و تنشر الملاحظات التي قد تتوصل إليها اللجنة و التي قد تهم الجمهور.
و في حالة وجود مخالفة لأحكام تشريعية أو تنظيمية من شأنها المساس بحقوق المستثمرين فان رئيس اللجنة يلجأ إلى الجهة القضائية من اجل أمر المسؤولين الامتثال للقانون و التوقف عن حالة اللاشرعية و إلغاء جميع أثارها و يوجه نسخة من طلبه إلى النيابة ، وعليه تفصل الجهة المختصة بصفة إستعجالية ، حيث يتخذ كل تدبير تحفظي دائم ، و يمكن القضاء بتنفيذ ذلك الأمر تحت غرامة تهديدية حسب ما تقضي به المادة 40 من المرسوم التشريعي رقم93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل والمتمم ، والمتعلق ببورصة القيم المنقولة.
تقرر اللجنة قبول القيم المنقولة في التفاوض أو شطبها و يمكنها توقيف لمدة لا تتجاوز 05 أيام عمليات البورصة في حالة قوة قاهرة تؤدي إلى عدم انتظام البورصة و حركتها و إذا كان التوقيف لمدة أكثر فيعود الاختصاص للوزير المكلف بالمالية .
و في حالة قصور اللجنة، فإن كل إجراء ضروري يتخذ عن طريق التنظيم بمبادرة من الوزير المكلف بالمالية طبقا لنص المادة 50 من نفس المرسوم المذكور أعلاه
المطلب الثاني :الاختصاصات التحكيمية
من خصوصيات السلطات الإدارية المستقلة جميعها لعدة اختصاصات : تنظيمية ، رقابية، تحكيمية و قمعية إلا أنها قد تتمتع بالبعض دون الأخرى .
و عليه بالنسبة للاختصاص التحكيمي عديدة هي السلطات الإدارية التي لا يمكنها القيام به، منها مجلس النقد والقرض و اللجنة المصرفية ، و بالمقابل فان لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة ، قد مكنّها المشرع صراحة من ذلك ، الأمر الذي نتولاه بالدراسة .

الفرع الأول : شروط الاختصاص التحكيمي
باعتبار أن لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة هي الهيئة الوحيدة التي تتمتع بإمكانية إجراء التحكيم في المجال المالي، وعليه سنقتصر بالدراسة على الأحكام الواردة بشأنها.
تتدخل اللجنة للممارسة هذا الاختصاص عن طريق غرفة التأديب والتحكيم التي جاء النص عليها في المادة 51 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل والمتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
فطبقا لنفس المادة فإن هذه الغرفة تتشكل من رئيس اللجنة رئيسا لها، عضوين منتخبين من بين أعضاء اللجنة لمدة عهدتهم، قاضيين معينين من طرف وزير العدل يتم اختيارهما نظرا لكفاءتهما في المجالين الاقتصادي والمالي.
و قد قيد المشرع ممارسة اللجنة لهذا الاختصاص بمجموعة شروط منها ما يتعلق بموضوع النزاع و يرتبط البعض الأخر بالأطراف.
أ – الشروط المتعلقة بموضوع النزاع :
لا تتدخل غرفة التأديب و التحكيم كحكم في تسوية جميع النزاعات التي قد تنشب في بورصة القيم المنقولة، بل هي مقيدة بمجال النزاعات ذات الطابع التقني الناتجة عن تفسير القوانين و اللوائح السارية على سير البورصة. أما باقي الخلافات و التي لا تخص تفسير القوانين و اللوائح السارية على سير البورصة و التي لا يكون لها طابعا تقني فلا يمكن للجنة التدخل كحكم و يمنع عليها ذلك قانونا نظرا لحصر مجالات التحكيم التي تختص بها.
حيث تنص المادة 52 من المرسوم التشريعي 93/10 المذكور أعلاه في فقرتها الأولى على أن:" تكون الغرفة المذكورة أعلاه مختصة في المجال التحكيمي لدراسة أي نزاع تقني ناتج عن تفسير القوانين و اللوائح السارية على سير البورصة. ".
ب – الشروط المتعلقة بأطراف النزاع :
لم يتوقف المشرع الجزائري عند تحديد الشروط المتعلقة بموضوع النزاع لتحديد الاختصاص التحكيمي للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة بل حدد صفة الأشخاص الذين تتدخل بينهم في حالة وقوع نزاع من النوع سالف الذكر.
و قد حصر المشرع دائرة الأشخاص الذين تتدخل ضمنها غرفة التأديب و التحكيم و عليه تكون غير مختصة خارج نطاق تلك الدائرة.
و قد تم التحديد كالتالي :
- بين الوسطاء في عمليات البورصة ،
- بين الوسطاء في عمليات البورصة و شركة تسيير بورصة القيم ،
- بين الوسطاء في عمليات البورصة و الشركات المصدرة للأسهم ،
- بين الوسطاء في عمليات البورصة و الآمرين بالسحب في البورصة،
على ضوء هذه الأحكام يتبين لنا ضرورة أن يكون الوسيط في عمليات البورصة هو احد أطراف النزاع كي ينعقد اختصاص الغرفة في المجال التحكيمي ، وعليه فإن سلطة التحكيم جد محدودة ومقيدة.
الفرع الثاني : إجراءات الاختصاص التحكيمي .
لم يتكفل المشرع الجزائري ببيان كيفية ممارسة الاختصاص التحكيمي الممنوح للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة في غرفتها التأديبية و التحكيمية .
وتجدر الإشارة إلى الطابع الجزئي و القيد الكامل لأحكام المتعلقة بالتحكيم نظرا لعدم تباينها لإجراءات التحكيم ، لا لطرق الطعن في حكم التحكيم الذي تصدره غرفة التأديب والتحكيم.
و عليه سواء في إطار المرسوم التشريعي رقم 93/10 أو التعديلات التي لحقته فإن المشرع لم يبين لنا من خلال الأحكام القانونية كيفية اتخاذ الحكم التحكيمي و مدى إلزاميته و لا كيفية تنفيذه .... الخ. خلافا للقرارات الصادرة من نفس الغرفة الفاصلة في المجال التأديبي، كما سنتطرق إليه لاحقا في الاختصاص القمعي .
و ربما يعود سبب نقص الاهتمام إلى نوع النزاع التقني الذي ينصب محله على مجرد اختلاف في تفسير القوانين و اللوائح على عكس السلطة العقابية الناتجة عن عدم تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية و الإخلال بقواعد المهنة ، ولو أن الاختلاف بشأن تفسير القوانين و اللوائح لا يقل أهمية عن عدم تطبيقها ، لأن الخطأ في تفسير لائحة أو نص قانوني يؤدي حتما إلى عدم تطبيقه أو سوء تطبيقه .
و للتأكيد فإن المراجع القانونية الوحيدة تتمثل في مرسوم تنفيذي و الذي يبين الآتاوى المحصلة لفائدة اللجنة خلال التحقيق في نزاع تقني ناتج عن تفسير النصوص التشريعية والتنظيمية المنظمة لسير البورصة ، وقد تم تحديد تلك الآتاوى بموجب قرار على أن تكون بقيمة 1000 دج لكل ملف معالج يسدده الطالب.
حيث تنص المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 98/170 المؤرخ في20/05/1998 المتعلق الآتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها على أنه :" تحدد الآتاوى التي تحصلها اللجنة على الأعمال والخدمات التي تؤديها كما يأتي : -......- اتاوة عند دراسة النزاعات التقنية الناتجة عن تفسير النصوص التشريعية و التنظيمية التي تحدد سير البورصة ....."
و تطبيقا لهذه المادة فإن المادة 02 من القرار المؤرخ في 02/08/1998 تقضي بأنه:" تحدد نسبة الأتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها كما يأتي: .... دراسة نزاع ذي صبغة تقنية عن تأويل النصوص القانونية و التي تحدد
سير البورصة: تحدد إتاوة بمبلغ: 10000 دينار لكل ملف معالج يسدده الطالب، .... "
و بالنظر لنص المادة 57 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم و التي تقضي بأنه:" تعد قرارات الغرفة الفاصلة في المجال التأديبي قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة .... " .
و بمفهوم المخالفة فإن نفس الغرفة و التي تبين في المجال التحكيمي تصدر قرارات لا تكون قابلة للطعن فيها ، وذلك اعتبارا لنية المشرع الذي ينص على ذلك .كما هو الشأن للقرارات التأديبية أم انه يتم الرجوع إلى القواعد العامة في التحكيم.
كما تجدر الإشارة و على سبيل المقارنة في مجال السلطات الإدارية المستقلة فإن سلطة ضبط لكهرباء والغاز التي أنشئت بموجب القانون رقم 02/01 المؤرخ في 05/02/2002 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات و التي تتضمن غرفة التحكيم و التي تفصل في القضايا التي ترفع إليها بقرار مبرر بعد الاستماع إلى الأطراف المعنية ، ويمكنها القيام بكل التحريات سواء بنفسها أو بواسطة غيرها ، كما يمكنها تعيين خبراء عند الحاجة ،ويمكنها سماع الشهود ، ولها أن تأمر باتخاذ تدابير تحفظية في حالة الاستعجال و تكون قراراتها غير قابلة للطعن و عليه تكون واجبة التنفيذ.
و عليه كان على المشرع الحذو بنفس المسار مع لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة في مجال اختصاصها التحكيمي .

المبحث الثالث:الاختصاصات القمعية.
يعرف الاختصاص القمعي للهيئات المستقلة على انه الأهلية و الولاية التي يمنحها القانون لهذه الهيئات للمعاقبة على خرق القوانين والأنظمة أي لارتكاب المخالفات في المجال الذي تتولى ضبطه.
و باعتبار أن سلطة توقيع الجزاءات هي أصلا سلطة مخولة لقضاء باعتبار، فالاختصاص القمعي الممنوح لتلك السلطات يعتبر مظهر من مظاهر إزالة التجريم ، فهل هذا النقل في الاختصاص صاحبه نقل في الضمانات المكرسة أصلا أمام القضاء ؟
المطلب الأول:تجسيد السلطة القمعية
يعتبر الاختصاص القمعي للسلطات الإدارية المستقلة الخصوصية الأكثر أهمية التي تميز تلك الهيئات عن غيرها.و نظرا لوجود من يعتبر الاعتراف بالسلطة القمعية تعديا على اختصاص القاضي الجزائي و جب التطرق لذلك بالدراسة ,و كذا للدعوى التأديبية بصفة عامة التي يتم الفصل فيها من طرف هذه الهيئات.
و عليه سنتعرض أولا لتكريس السلطة القمعية لهذه الهيئات في المجال المالي و هي التي من خلالها نتطرق للجزاء الإداري و التعدي على اختصاص القاضي الجزائي ثم نتعرض لمدى دستورية هذا الاختصاص ،و ثانيا نتطرق لسريات الإجراءات القمعية و التعرض لمختلف العقوبات التي قد توقعها الهيئات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر.
الفرع الأول:الجزاء الإداري و التعدي على اختصاص القاضي الجزائي
أ-الاعتراف بالجزاء الإداري: إن ضبط القطاعات الاقتصادية و المالية لا يتلاءم معه نظام القمع الجنائي و هذا نظرا لخصوصية هذه القطاعات و طبيعة المخالفات المرتكبة لذا ظهرت السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة .
إن تخويل السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة يتجلى بصورة واضحة من خلال النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بهاو ذلك من خلال الاعتراف لها بصلاحيات التأديب،حيث تتمتع كل من اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة بسلطات جد هامة في مجال الضبط للقطاع المالي .
تندرج السلطة القمعية المعترف بها للسلطات الإدارية المستقلة ضمن مجال الجزاء الإداري و الذي يعتبر مظهر من مظاهر إزالة التجريم ، الظاهرة التي تعرف على أنها إزاحة للسلطة القمعية للقاضي الجنائي لصالح هيئات أخرى، و التي تتمثل في الهيئات الإدارية المستقلة في دراستنا هذه و استبدال العقوبات الجنائية بالعقوبات الإدارية.
و عليه فان الفقه و القضاء يتجهان إلى التسليم بان الجزاء الجنائي ليس حكرا على القاضي الجزائي وحده إنما يمكن للإدارة أيضا أن تقدم جزاءات جنائية، و هو الاتجاه الذي تزامن مع بروز ظاهرة الردة عن التجريم التي ترجع إلى أسباب مختلفة بحسب الاتجاهات منها من يرجعها للتضخم التشريعي في مجال التجريم أو عدم ملائمة التجريمات الجزائية أو عدم استجابتها لمتطلبات قمع ما أو كون بضرورة منح الإدارة وسائل السياسة التي تريد إتباعها.
و إذا استثنينا ايطاليا و البرتغال اللتان تأثرتا بالنظام الألماني ، ظلت معظم التشريعات تتجاهل نظام الجزاء الإداري رغم العمل به في الواقع و هذا ما جعل الفقه يهتم بالموضوع قبل أن ينتقل النقاش إلى القضاء و المجس الدستوري كما هو الحال في فرنسا التي تشبه منظوماتنا القانونية إلى حد كبير تلك الخاصة بها .
تعتبر فرنسا من البلدان الأكثر ترددا في الاعتراف بالجزاء الإداري كنظام قائم بذاته و ذلك بسبب تمسكها بالقيم الليبرالية المستمدة من إعلان حقوق الإنسان و المواطن سنة 1789 و الذي يضع الحقوق والحريات تحت الحماية المزدوجة للمشرع و القاضي حيث تعهد للقاضي مهمة العقاب عن الجرائم و فضّل القمع الجزائي عن القمع الإداري إلا أن ذلك لا ينفي وجود هذا الأخير في الواقع خاصة مع ظهور ما يسمى السلطات الإدارية المستقلة.
واستمرت ظاهرة الردع الإداري في الاتساع شيئا فشيئا حتى مطلع السبعينات من القرن الماضي وذلك بظهور الهيئات الإدارية المستقلة في فرنسا التي تكرس تحول الدولة من المتدخلة إلى الضابطة من أجل تنظيم بعض القطاعات الحساسة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية كالاتصالات، المجال المصرفي،... نظرا لعدم قدرة الأساليب التقليدية لضبط هذه القطاعات،وعليه فإن القمع الذي يمارسه القاضي الجنائي أظهر محدوديته وعدم تلاؤمه مع طبيعة القطاع اقتصادي.
و في الجزائر ،كانت ظاهرة القمع الإداري معروفة غداة الاستقلال حيث تمّ توارث النصوص الفرنسية إذ ساهم العامل التاريخي في إرساء هذه الفكرة من جهة، ومن جهة أخرى فان النهج الاقتصادي الذي تبنته الدولة بعد الاستقلال والمتمثل في الاقتصاد الموجه أدى إلى تبنيه وإحلاله محل القمع الجنائي وذلك في عدة مجالات :الضرائب، الجمارك، مجال الأسعار...
وتم إنشاء السلطات الإدارية المستقلة وتخويلها مهام تتلاءم مع دور الدولة الجديد ، ضبط القطاع الاقتصادي بمراقبة السوق وتنظيمه والتحكم في مختلف المصالح الاقتصادية، مما أدى إلى تخويل هذه الهيئات سلطة قمعية كانت من اختصاص القاضي الجنائي.
و يعود اختصاص قمع المخالفات في مجال البورصة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، وفيما يخص قطاع البنوك فأن اللجنة المصرفية تتولى توقيعا العقوبات على البنوك والمؤسسات المالية عند مخالفتها الأحكام التشريعية والتنظيمية وأخلاقيات المهنة.
كما تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة إزالة التجريم قد تكون كاملة شاملة وقد تكون جزئية حتى يبقى القاضي الجنائي يحتفظ بجزء منها كما هو الجنة المصرفية أو لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة فان إزالة التجريم جزئية حيث يحتفظ القاضي الجنائي باختصاصه في النظر في المخالفات للأحكام التشريعية والتنظيمية.
يمكن للجنة المصرفية أن تمارس السلطة القمعية المخولة لها قانونا في الحالات الآتية:
-حالة مخالفة البنك أو المؤسسة المالية للنصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بمجال نشاطها،
-حالة أن المعني بالرقابة البنكية لا يأخذ بعين الاعتبار التحذير الموجه له من اللجنة ،
-حالة المعني بالرقابة لا يمتثل لأمر اللجنة .
بالإضافة إلى حالة عدم احترم البنوك و المؤسسات المالية لمقاييس التسيير الموجهة لضمان سيولتها و قدرها على الوفاء اتجاه المودعين والغير وكذا توازن بنيتها المالية طبقا لنص المادة 97 من الأمر 03/11 المذكور آنفا
و يتم فتح إجراءات تأديبية في حالة خطأ الجسيم في التسيير من طرف المسيرين طبقا لنص المادة 10 من النظام رقم 92/05 المؤرخ في 22/03/1992 المتعلق بالشروط التي يجب أن تتوفر في مؤسسي البنوك و المؤسسات المالية و مسيريها و ممثليها.
إن ظاهرة إزالة التجريم هي تقنية تخدم الضبط الاقتصادي وتسمح بتأقلم السلطة القمعية إلا أن القاضي الجنائي مازال يتدخل لقمع المخالفات الاقتصادية، ويمكنه حتى أن يتدخل في ممارسات يتدخل فيها القمع الإداري معا.
ب- دستورية الجزاء الإداري : لقد ثار نقاش حول دستورية الجزاء الإداري سيما أن اختصاص القمع تمارسه السلطة القضائية حسب
المادة 146 من دستور 1996 التي تقضي باختصاص القضاة بإصدار الأحكام ، وأن السلطة القضائية تهدف إلى حماية المجتمع والحريات وتضمن للجميع ولكل واحد المحافظة على حقوقه الأساسية طبقا لنص المادة 139 من نفس الدستور وعليه بأي حق تمارس الهيئات الإدارية المستقلة هذه السلطة القمعية؟
إن العائق الدستوري المثار بمناسبة تخويل هذه الهيئات سلطة توقيع العقوبات يتمثل في مبدأ الفصل بين السلطات المعترف به دستوريا.
تخرق هذه السلطات هذا المبدأ على مستويين باختلاف السلطات الممنوحة لها حيث أنه بالنسبة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة التي تتمتع باختصاص تنظيمي واختصاص قمعي وهو الأمر الذي يخالف مبدأ عدم الجمع بين السلطات الذي يستبعد أن تكون سلطة إدارية حائزة لسلطة تنظيمية ويمتلك في ذات الوقت سلطة قمعية تمكنها من معاقبة مخالفة الأنظمة التي تضعها بنفسها هذا من جهة , و من جهة أخرى فان هذه الهيئات تتدخل في اختصاص هيئات أخرى و هو ما يعتبر خرق لمبدأ تخصص السلطات الذي بموجبه يحتكر القاضي الجنائي وحده سلطة القمع و هذا المبدأ ينظر إليه كضمان أساسي للمواطنين لما يتمتع به القاضي الجنائي من استقلالية في ممارسة مهامه.
لا تثار العراقيل السابقة في الدول التي تبنت فكرة القمع الإداري دستوريا كاسبانيا و البرتغال ،حيث أعطى الدستور الاسباني لسنة 1978 مكانة للعقوبات الإدارية الذي تنص المادة 25 الفقرة الأولى منه على انه لا يمكن أن يدان أو يعاقب أي شخص بمناسبة ارتكاب أفعال لا تمثل جريمة أو مخالفة إدارية في الوقت الذي ارتكبت فيه و ذلك بالنظر إلى النص القانوني الساري المفعول وقت ارتكابها ، وتمنع الفقرة الثالثة من نفس المادة توقيع العقوبات السالبة للحرية من طرف الإدارة ، بينما يتميز الدستور البرتغالي سنة 1976 بين المخالفات الجزائية و الإدارية.
و هناك من الدول التي تكفل المؤسس الدستوري بإقرار الجزء الإداري و النطق بشرعيتها و ذلك عندما تكون ضمن مجالات اختصاص هذه الأشكال الجديدة للضبط و هي السلطات الإدارية المستقلة.
و لقد ميزت المحكمة الدستورية في ألمانيا بين المخالفات الجزائية التي تدخل ضمن اختصاص القاضي و المخالفات التنظيمية الخاصة بالمجال الاقتصادي أين تم القبول بالقمع الإداري ،و صرح القاضي الدستوري مطابقا للدستور القانون الذي يحول العقوبات الجزائية إلى عقوبات إدارية و ذلك في إطار وضع سياسة إزالة التجريم.
و لقد تعرض المجلس الدستوري الفرنسي لمسالة شرعية الجزاء الإداري حيث اعتبر في مرحلة أولى الجزاء الإداري غير دستوري لتعارضه مع مبدأ الفصل بين السلطات إلا انه هناك من يرى انه اكتفى بالإشارة إلى أن هذه الجزاءات لا يجوز أن توكل لسلطة إدارية و ذلك من خلال قرار رقم84-181 بتاريخ 10-11 اكتوبر1984.
و عرف مرحلة ثانية تميزت بالإقرار النسبي بدستورية الجزاءات الإدارية و ذلك في حالة وجود علاقة بين الإدارة وصاحب الشأن و ذلك بموجب قراره الصادر بتاريخ 17/01/ 1989 في قضية المجلس الأعلى السمعي البصري (CSA) و اعتبر عدم تعارض الجزاءات التي تفرضها مع مبدأ الفصل بين السلطات إذا كانت هذه الجزاءات ضد أشخاص تربطهم بالإدارة علاقة كالموردين و المستفيدين من رخص لممارسة نشاطهم المهني.
و عرف مرحلة الإقرار التّام بدستورية الجزاءات الإدارية بموجب قراره الصادر بتاريخ 28/07/1989 خلال بته في صلاحيات لجنة عمليات البورصة.
و منحت له عند إنشائه اختصاص قمعي و خوّله القانون سلطة فرض جزاءات مالية تصل إلى 60 مليون فرنك فرنسي وأكثر لقمع مخالفة واجبات مهنة سمسار الأوراق المالية .
و أحيل القانون على المجلس الدستوري للبت في دستورية هذه الجزاءات و أكد عدم معارضة هذه الأخيرة للدستور الفرنسي و ذالك ما يتجلى من خلال قراره الصادر في 28/07/1989 و التي تنص على انه لا يوجد أي مبدأ دستوري بما في ذلك مبدأ الفصل بين السلطات ولا أي قاعدة دستورية أخرى تمنع السلطة الإدارية من خلال ممارستها لامتيازاتها كسلطة عامة أن تفرض جزاءات ...
و عليه فان القمع الإداري لا يتنافى مع أحكام الدستور سيما مع مبدأ الفصل بين السلطات ، و يمكن لمختلف السلطات الإدارية المستقلة أن تعطى لها اختصاصات قمعية و ما ذلك إلا تعبير عن امتيازات السلطة العامة .
و ليس لنظام القمع الإداري مجال تطبيق محدد حالة وجود علاقة سابقة بين الهيئة و الشخص المعاقب و هذه نقطة هامة لأنها تجعل من القمع الإداري يقارب الجزاء الجنائي باعتبار الطابع القمعي لتصرف مخالف للقوانين و الأنظمة التي يمكن أن تمس جميع الأطراف.
و اعتبر البعض أن المجلس الدستوري قد فتح المجال واسعا أمام تطبيق القمع الإداري مساهما بذلك في تعميمه، و قد استبعد أن تنحصر
سلطة الإدارة في فرض الجزاءات على الأشخاص الذين تربطهم علاقة معينة بها.
أما في الجزائر فانه لا المجلس و لا القضاء و لا الفقه تطرقوا إلى مسالة شرعية الجزاءات الإدارية الممنوحة قانونا سيما بالنسبة للسلطات الإدارية المستقلة و عليه نرى انه و نظرا للتشابه بين المنظومتين القانونيتين الفرنسية و الجزائرية فان نفس الأسباب ونفس الأسس تكون صالحة لما هو جاري في القانون الجزائري .
و عليه و بعد تكريس السلطة القمعية للسلطات الإدارية المستقلة من خلال إقرار الجزاء الإداري و ظاهرة إزالة التجريم فإننا نتساءل حول كيفية ممارسة السلطة القمعية.
الفرع الثاني:ممارسة السلطة القمعية.
تعتبر العقوبة الإدارية وسيلة لإعادة التوازن بين الفعل المرتكب و الإساءة الناتجة عنه،و نظرا لطبيعة الجزاء الإداري لا سيما الذي
تختص به السلطات الإدارية المستقلة في المجال الاقتصادي بوجه عام و المالي بوجه خاص فان ممارسة السلطة القمعية تقام وفق شروط و بإتباع إجراءات معينة .
أ-شروط ممارسة السلطة القمعية
دائما و بالاستئناس إلى ما توصل إليه المجلس الدستوري الفرنسي الذي أوضح في قراره المؤرخ في 28/07/1989 أن للإدارة أن تمارس سلطة الجزاء "...ما دام الجزاء الذي تسلطه لا يتضمن الحرمان من الحرية و أن ممارسة الإدارة لهذه السلطة تحوطها بتدابير ترمي إلى حماية الحقوق و الحريات التي يحميها الدستور."
فحسب قضاء المجلس الدستوري الفرنسي فان السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة لا تمثل مساسا لمبدأ الفصل بين السلطات.
إلا انه قام برسم الخطوط الأساسية لتقنين القمع الإداري الذي في نفس الوقت قريب ومتميز عن القمع الجنائي، متميز في نقطة هامة حيث انه إذا كانت الجزاءات الإدارية يمكن أن تأخذ عدة أشكال إلا أنها لا يمكنها لأي سبب كان أن تكون سالبة للحرية .
و عليه فانه بذلك يضع المجلس الدستوري حدود فاصلة بين سلطة القاضي و سلطة الإدارة في مجال العقاب، فالقاضي وحده من يستأثر بسلطة توقيع عقوبات سالبة للحرية دون السلطات الإدارية المستقلة بصفة خاصة و الإدارة عموما.
و عليه و بمقتضى الشرط الأول لا يجوز لامتيازات الإدارة أن تصل إلى درجة المساس بالحرية الفردية و عليه لا يجوز أن يكون الحبس أو تقييد الحرية الفردية ضمن الجزاءات الإدارية.
و عليه و طبقا لأحكام الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/ 2003 و المتعلق بالنقد و القرض فان اللجنة المصرفية المخول لها قانونا ممارسة السلطة العقابية لا يمكنها إصدار عقوبات سالبة للحرية حيث أن المشرع تكفل ببيان أنواع العقوبات التي يمكنها القضاء بها في المادة 114 من نفس الأمر.
كذلك الشأن بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عملية البورصة التي تتمتع باختصاص قمعي محدد قانونا طبقا لنص المادة 53 من المرسوم التشريعي رقم93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل و المتمم و جاء النص على العقوبات التي تصدرها اللجنة في المادة55 من نفس المرسوم المذكور دون الحبس.
و تجدر الإشارة إلى أن العقوبات الوحيدة السالبة للحرية الواردة في المادتين 59و60 من نفس المرسوم قد جاء النص بشأنها، في المادة 55 فقرة أخيرة على اختصاص الجهات القضائية العادية بتوقيعها و عليه يمنع على لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة توقيع عقوبة الحبس ولو إعمالا لنص المادتين من المرسوم المذكور أعلاه.
أما فيما يخص الشرط الثاني الذي يقتضي احترام ضمانات الدعوى العادلة التي يكفلها الدستور و الإجراءات الجنائية منها توفير الحق في الدفاع و الحق في الطعون و قد سبق للمجلس الدستوري في قراره رقم88ـ284 في قضية المجلس الأعلى السمعي البصري حيث نص على انه:"...يتعين على المشرع ضمان ممارسة هذه السلطات ضمن إجراءات محددة للحفاظ على الحقوق و الحريات المضمونة دستوريا..." ،و من خلال مناقشة مسألة حقوق الدفاع يقتضي التطرق إلى مبدأ الحياد، الحق في الاطلاع على الملف و الحق في الاستعانة بمحام.
و يقتضي مبدأ الحياد تبني نظامي التنافي و المنع من التداول في حالة المصلحة أو الترابط.و بالرجوع إلى أحكام الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 والمتعلق بالنقد و القرض فانه يمنع كل من محافظ بنك الجزائر الذي يعتبر رئيس اللجنة المصرفية و القاضيين العضوين في اللجنة من ممارسة أية وظيفة أخرى و لم يأتي النص على ذلك بالنسبة للأعضاء الثلاثة الآخرين في اللجنة.
أما فيما يخص لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فان المادة 24 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، المعدل و المتمم ، تنص على أن مهمة رئيس اللجنة تتنافى مع أية إنابة انتخابية أو وظيفة حكومية أو ممارسة وظيفة عمومية أو أي نشاط آخر باستثناء أنشطة التعليم أو الإبداع الفني أو الفكري.
و لا يجوز له و لا لجميع المستخدمين الدائمين في اللجنة أن يقوموا بأية معاملات تجارية حول أسهم مقبولة في البورصة طبقا للمادة 25 من نفس المرسوم ،وأما القاضيان المعينان في الغرفة التأديبية و التحكمية فهما يخضعان لنظام التنافي بحكم مركزهم كقضاة. و عليه فان أعضاء اللجنة دون الرئيس لم يأتي منعهم من ممارسة وظائف أخرى و لم يأت النص بالنسبة للجنة المصرفية و للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة عن المنع عند تداول حالة وجود مصلحة في القضية محل النظر أو قرابة مع أحد الأطراف
ب-سريان الإجراءات التأديبية
مقارنة مع الدعوى العمومية فان التطبيق الفعلي للسلطة القمعية للسلطات الإدارية المستقلة يتضمن مرحلة تمهيدية للتحري و التحقق و التي يتبعها النطق بالعقوبة و التي تأخذ أشكال مختلفة.
و عليه فان هذه السلطات مؤهلة من اجل إجراء تحقيقات و التي لا تهدف فقط لمراقبة الأشخاص التي تمارس نشاط يدخل ضمن اختصاصاتها و بهدف البحث عن مخالفات التشريع و التنظيم الساريين المفعول كل في مجالها القطاعي.
وكما سبق التطرق إليه في الاختصاص الرقابي فان اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة مؤهلتان لممارسة الرقابة بناءا على الوثائق و في الأماكن و التي تعتبر ضمن التحقيقات الغير ردعية و التي عموما لا يتم إخضاعها لقواعد الإجراءات و التي تجرى بالنسبة للتحقيقات الردعية.
ما فيما يخص التحقيقات الردعية فهي تشبه إلى حد كبير عمليات الشرطة القضائية ، تتم في إطار البحث عن المخالفات وتتميز بإمكانية إجراء تفتيش وحجز هذا النوع من التحقيقات غائب على مستوى السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر ونجدها على مستوى مجلس المنافسة.
و على خلاف الجزائر فان لجنة عمليات البورصة في فرنسا تمارس هذه التحقيقات في حالات محددة قانونا كجنح استغلال معلومات امتيازية، و نشر معلومات خاطئة و كل مناورة تهدف إلى عرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة و ذلك تحت رقابة القاضي.
حيث أن عمليات التفتيش والحجز أحاطها القانون لفرنسي بضمانات، بالإضافة إلى كونها صارمة، فإنها تتم تحت الرقابة الضيقة للقاضي حامي الحريات
ففي مجال النقد والقرض تقوم اللجنة المصرفية بإعلام البنك أو المؤسسة المالية بالأفعال المنسوبة إليها بموجب رسالة موصى عليها مع الإشعار بالوصول ترسل إلى ممثلها القانوني، وتكون مرفوقة بقرار التأنيب والذي يعتبر نوعا ما إجراء اتهام تأديبي. ويتم التنبيه فيه على إمكانية الشخص محل المساءلة توجيه ملاحظات كتابية إلى رئيس اللجنة المصرفية 15 يوما على الأقل قبل الجلسة ويمكنه الاستعانة بمحام مقبول لدى مجلس الدولة أو بممثل لجمعية البنوك والمؤسسات المالية ويمكنه الاطلاع على ملف المساءلة التأديبية.
و طبقا لنص المادة 107 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد والقرض فان اللجنة تتخذ قراراتها بالأغلبية وفي حالة تساوى عدد الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا، وتجدر الإشارة إلى أن المناقشة والمداولة تكون في جلسة سرية مغلقة دون الحضور.
تكون القرارات القضائية مسببة سواءا بألا وجه للمساءلة التأديبية أو بانتفاء وجه المتابعة أو عقوبات يمكن أن تكون: الإنذار، التوبيخ، المنع من ممارسة بعض العمليات وغيرها من أنواع الحد من ممارسة النشاط، التوقيف المؤقت لمسير أو أكثر مع تعيين قائم بالدارة مؤقتا دون ذلك وأخيرا سحب الاعتماد حسب نص المادة 114من الأمر 03/11 المذكور أعلاه.
وتجدر الإشارة إلى أن أغلبية الإجراءات المطبقة أمام اللجنة المصرفية قد تم تحديدها عن طريق نظام داخلي ،وذلك حسب ماورد في قرار مجلس الدولة رقم 2129المؤرخ في 08/05/2000 بين يونين بنك وبنك الجزائر .
ويمكن طبقا لنص المادة 114من الأمر 03/11 المذكورة أعلاه أن تقضي بدلا عن العقوبات السالف ذكرها، أو إضافة إليها، بعقوبة مالية تكون مساوية على الأكثر للرأسمال الأدنى الذي يلزم البنك أو المؤسسة المالية بتوفيره.
ويمكن للجنة القضاء بسحب اعتماد بنك أو مؤسسة مالية وحينها تحدد كيفيات تصفيتها طبقا لنص المادة 116 من الأمر المتعلق بالنقد والقرض ذلك يعود إلى تحديد الفاعل الرئيسي ألا وهو المصفي الذي يعد تقريرا للجنة من اجل تمكينها من ممارسة الرقابة المرجوة من خلال نص المادة115/4 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 .
وتجدر التفرقة بين القائم بالإدارة المعين مؤقتا في حالة تطبيق المادة 113 من الأمر 03/11 والذي يعين في حالة العقوبات المطبقة بموجب المادة 114 من نفس الأمر والمتعلق بالنقد والغرض.
حيث انه و طبقا لنص المادة113 من الأمر لرقم 03/11 فانه يمكن تعيين قائم بالإدارة مؤقت و لو بمبادرة من اللجنة إذا كان تسيير المؤسسة لا يمكن ضمانه بإتباع الشروط العادية فانه لا يعتبر عقوبة في حد ذاته بل جاء بهدف الصعود بالمؤسسة و إنقاذها . بينما في المادة 114 من نفس الأمر فان تعيين القائم بالإدارة مؤقتا طبقا للفقرات 4 و 5 من نفس المادة هي جوازية وليست إلزامية ولا تعد عقوبة بحد ذاتها بل تكملة فقط لأنه رغم التوقيف المؤقت أو إنهاء مهام المسير فان المؤسسة لابد من استمرارها .
ولقد سبق لمجلس الدولة التطرق لهذه التفرقة في قراره رقم 12101 المؤرخ في 01/04/2003 بين البنك الجزائري الدولي و بنك الجزائر حيث يقضي في حيثياته أن القرار المطعون فيه و المتمثل في تعيين قائم بالإدارة مؤقت تطبيقا للمادة 155/2 من القانون 90/10 التي تقابلها المادة 113 من الأمر 03/11 إجراء إداري تدبير تحفظي و لا يعد تدبيرا ذات طابع تأديبي، وعليه لا يخضع للإجراءات المنصوص عليها بالمادة 156 من نفس قانون المتعلق بالإجراءات المتبعة في هذا الصدد.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يتطرق إلى مسالة مدة الإدارة المؤقتة و لم يتولى تحديد على الأقل حد لها يمكن الاسترشاد به.
و في هذا الإطار فان هذه لمدة ترجع إلى الوقت اللازم للقيام بالمؤسسة في كل الحالات المنصوص بها في القانون في المادتين 113 و114 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض من جهة و من جهة أخرى هل يعقل انه يمكن تحديد مدة يتم فيها انجاز المهمة المرجوة بكل سهولة.
و لا تتوقف صلاحيات اللجنة عند البنوك و المؤسسات المالية حيث يمكنها أن تضع قيد التصفية و تعين مصفى لكل مؤسسة تمارس بطريقة غير قانونية العمليات المخولة للبنوك و المؤسسات المالية أو التي تخل بإحدى الممنوعات المنصوص عليها في المادة81 من هذا الأمر طبقا لنص المادة 115/3 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد و القرض.
و يمكن الطعن في قرارات اللجنة المتعلقة بتعيين قائم بالإدارة مؤقتا أو المصفي و العقوبات التأديبية طبقا لنص المادة 107/2 من الأمر 03/11المذكور أنفا .
و في مجال البورصة، تتكفل لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة بدراسة الاخلالات بالتشريع و التنظيم المعمول بهما في هذا المجال .
يتم البدء في سريات الإجراءات التأديبية سواء من تلقاء نفسها أو يطلب من المراقب المنصوص عليه في المادة 46 من المرسوم التشريعي رقم93/10، بطلب من الوسطاء في عمليات البورصة، شركة تسيير بورصة القيم، الشركات المصدرة للأسهم، الأمرين بالسحب في البورصة وبناء على تظلم أي طرف له مصلحة وذلك طبقا للمادة 51 من المرسوم التشريعي 93/10 الأنف الذكر . ويتم الاستماع للممثل المؤهل للمتهم أو بعد استدعائه قانونا للاستماع إليه، تتولى اللجنة إصدار العقوبة التي تراها مناسبة والتي جاء النص عليها في المادة 55 من المرسوم التشريعي 93/10 و هي إما الإنذار، التوبيخ , حظر النشاط كليا أو جزئيا مؤقتا أو نهائيا أو سحب الاعتماد، و يمكنها أن تفرض أيضا غرامات يحدد مبلغها بعشرة ملايين دينار أو بمبلغ يساوي المغنم المحتمل تحقيقه بفعل الخطأ المرتكب .
و يعتبر سحب الاعتماد اخطر عقوبة يمكن أن تصيب بنكا أو مؤسسة مالية في مجال النقد و القرض من جهة، و الوسيط في مجال بورصة القيم المنقولة من جهة أخرى.
ويعتبر الاعتماد قرار ضروري لإنشاء مؤسسة القرض و لوجودها القانوني و كذا لمزاولة نشاط الوسيط و سحبه يعني وضع حد لحياة البنك أو المؤسسة المالية ، الأمر الذي سيتبعه تصفية المؤسسة و إنهاء نشاط الوسيط نهائيا في المجال البورصي.
و نلاحظ أن سلطة لجنة تنظيم عملية البورصة و مراقبتها محدودة في مجال العقوبات المالية ، حيث حدد المشرع النسبة التي تطبقها اللجنة ويقتصر دور غرفة التأديب و التحكيم في مجرد إصدار العقوبة النطق بها على خلاف اللجنة المصرفية التي حدد المشرع لها حدا أقصى يتمثل في الرأسمال المال الأدنى الذي يلزم به بنك أو مؤسسة مالية توفيره وعليه فهي ذات سلطة تقديرية واسعة على خلاف ما هو جاري في مجال البورصة.
و عليه فان العقوبات التي تفرضها السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي ممثلة في اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة تكون إما معنوية، مقيدة للحقوق أو مالية.
و على ضوء ما سبق فانه قد سبق للجنة المصرفية أن أصدرت عدة عقوبات و تم الطعن فيها أمام مجلس الدولة، حيث أصدرت قرارا بتاريخ
21/08/2003 قامت من خلاله بسحب الاعتماد الممنوح للبنك التجاري الصناعي الجزائري بصفته بنك بمقتضى المقرر رقم 98/08 الصادر عن محافظ بنك الجزائر بتاريخ 09/1998 و قامت بوضعه قيد التصفية و تعيين مصفي للقيام بالعمليات التقنية مع إعلام الجمهور بمنطوق هذا القرار و عليه التمس المعني إلغاء قرار السحب من مجلس الدولة و بصفة مستعجلة الأمر يوقف تنفيذ هذا القرار و هوا لطلب الذي رفض نظرا لعدم تأسيسه .و كذلك الشأن بالنسبة لبنك الخليفة بنك حيث سحبت اللجنة منه الاعتماد بموجب قرار مؤرخ في 29/05/2003 تحت رقم 03/2003 و عليه طعن المعني بالسحب فيه أمام مجلس الدولة الذي قضى بعدم قبول الطعن شكلا نظرا لعدم إرفاق الطاعن عريضة الطعن بالبطلان بالقرار محل الطعن وهدا ما يخالف نص المادة 169 من قانون الإجراءات المدنية. المطلب الثاني:نطاق تأطير السلطة القمعية
باعتبار أن و عليه نتساءل عن مدى المشرع الجزائري أقر الجزاء الإداري و أخذ بظاهرة إزالة التجريم و اعتبر الجزاءات الإدارية جزاءات بأتم معنى الكلمة التأطير القانوني للسلطة القمعية لهذه السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي و ذلك سواء من حيث الضمانات الممنوحة للخاضعين للجزاء الذي توقعه أو من حيث خضوعها للرقابة القضائية

الفرع الأول:خضوع السلطة القمعية للضمانات القانونية
إن نقل الاختصاص من القاضي الجنائي إلى السلطات الإدارية المستقلة يجب أن يرافقه نقل لتلك الضمانات التي يوفرها القاضي الجنائي، وهذا من أجل تفادي انتهاك حقوق الأفراد ، إذ لا يمكن الاحتجاج بالسرعة و الفعالية لتبرير تدخل هذه الهيئات للتقليل من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة .
فخضوع السلطة القمعية للسلطات الإدارية المستقلة للضمانات القانونية يعني تكريس الضمانات القانونية الموضوعية و الإجرائية بنوعيها.
أ ـ الضمانات القانونية الموضوعية
أمام غياب نموذج موحد للسلطات الإدارية المستقلة و عدم وجود تقنين موحد يعرف النظام القانوني للمخالفات و العقوبات التي توقعها تلك السلطات يجعل مهمة تحديد الضمانات القانونية الموضوعية الموفرة من طرف تلك السلطات أمر صعب و عليه سنحاول التطرق إلى مداها على مستوى السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي و ذلك بالمقاربة مع القانون الجنائي.
يعد مبدأ الشرعية من أهم المبادئ المجسدة في المادة 01 من قانون العقوبات الجزائري والمادة142الدستور الجزائري لسنة 1996 وباعتبار عناصر الجريمة في المخالفات الإدارية مرنة جدا فان السلطات الإدارية المستقلة لها حرية كبيرة في التحرك لقمع كل المخالفات المحتملة .
و على خلاف السلطة القمعية لمجلس المنافسة حيث تكفل المشرع بتبيان الأفعال التي تعد مخالفات في المجال الذي يضبطه من خلال الأمر 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بالمنافسة فانه بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة التي تشير النصوص القانونية بصدد اختصاصها القمعي إلى مجرد انتهاك النصوص التشريعية و التنظيمية أو الإخلال بالواجبات المهنية ، كما هو شأن النصوص المعلقة باللجنة المصرفية .
و لقد تعرض المجلس الدستوري الفرنسي لهذه النقطة في قرار رقم 88/248 المتعلق بالمجلس الأعلى للسمعي البصري حيث قضى بأنه:"حيث أنه، بتطبيقها خارج إطار القانون الجزائي ، متطلبات تعريف المخالفات المعاقب عليها تكون مستوفاة،في المادة الإدارية، وذلك بالإشارة إلى الالتزامات التي يكون صاحب الترخيص الإداري ملزما بها بموجب القوانين و التنظيمات."
و لا يتوقف الإشكال عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى شرعية العقوبات و يطرح بحدة لكون أنه يتم تحديد مجموعة المخالفات و مجموعة العقوبات ولا يبين المشرع أية عقوبة تطبق على كل مخالفة ، كما هو الشأن للجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة حيث تتراوح العقوبات بين الإنذار وسحب الاعتماد فيما يخص العقوبات غير المالية .
لكن المشرع لم يبين متى توقع الهيئة الإنذار أو التوبيخ أو سحب الاعتماد أو العقوبات المالية بصفة منفردة أو العقوبة المالية بمعية العقوبات غير المالية.
و عليه فان المشرع أعطى سلطة تقديرية واسعة لكل من اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة في اختيار العقوبات التي توقعها عكس القانون الجزائي الذي يطبق مبدأ الشرعية بمفهومه الضيق.
كما تخضع العقوبات الجزائية إلى مبدأ الشخصية المكرس قانونا و دستوريا و عليه نتساءل حول موقع هذا المبدأ أمام السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر؟
يقتضي هذا المبدأ إنزال الجزاء على شخص مرتكب الجريمة أي المخالفة بل أكثر من ذلك ضرورة أن يحدد النص المجرم الشخص الذي يوقع عليه الجزاء .
تعاقب لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة الوسطاء في عمليات البورصة الذين يعتبرون أشخاص معنوية طبقا لنص المادتين 6 و 53 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل و المتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
أما بالنسبة للجنة المصرفية فإنها تختص بتوقع العقاب على البنوك و المؤسسات المالية التي تأخذ شكل شركة مساهمة طبقا للمادة 111 من الامر03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض .
و لم تعد مسؤولية الشخص المعنوي تطرح بعد إقرارها من طرف المشرع الجزائري في القانون الجزائي .
إلا أنه يجب التفرقة بين الخطأ الذي يرتكبه الشخص بمناسبة إدارته للشخص المعنوي عن مسؤولية هذا الأخير ، فإذا تعدى الشخص الطبيعي حدود اختصاصه فلا يسأ ل الشخص المعنوي ، أما إذا كانت الممارسة بموافقة مجلس الإدارة فان مسؤولية الشخص المعنوي ثابتة في هذه الحالة.
إضافة إلى مبدأ التناسب الذي يقتضي عدم إسراف الهيئة المعنية بتوقيع الجزاء و عدم الغلو في تقديره و ضرورة اختيار الجزاء المناسب و الضروري لمواجهة التقصير المرتكب و هو ما تطرق إليه المجلس الدستوري الفرنسي الحامل لرقم 89/260 و المتعلق ببورصة القيم المنقولة .
و عليه يقتضي هذا المبدأ عندما تقوم السلطة الإدارية باختيار الجزاء للمخالفة المرتكبة أن تقوم بالموازنة بين خطورة المخالفة على المصالح الفردية و الإدارية و مدى ما حققه المخالف من منفعة، و مقدار ما يناله من جزاء.
و لم يكن المشرع الجزائري صريحا بشأن هذا المبدأ أمام الهيئات الإدارية المستقلة عكس نظيره الفرنسي إلا أنه و باستقراء النصوص يمكن أن نستنتج أخذه بهذا المبدأ من خلال وضع حد أقصى للعقوبة كما هوحال اللجنة المصرفية ، أو بتحديدها مباشرة كما هو حال لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة .
و رغم أن هذه الهيئات الإدارية المستقلة تتبنى في العقاب الاعتماد على الفعل المادي إلا أنه في بعض الأحوال تولي اهتماما بالركن المعنوي إما بتشديد العقوبة أو بتخفيضها و ذلك حسب ظروف المؤسسات .
و لم يأت النص فيما يخص العود في القوانين الخاصة بالمجال المالي على خلاف القانون 02.01 المتعلق بالكهرباء و نقل الغاز عن طريق القنوات في مادته 148 على أنه:"يحدد مبلغ الغرامة ...و في حالة العود دون أن يفوق عشرة ملايين دينار."
و يطرح أيضا احترام مبدأ التناسب من خلال عدم الجمع بين العقوبات التي توقعها الهيئات الإدارية المستقلة فيما بينها مع العلم أن اختصاص مجلس المنافسة غير محدد بقطاع اقتصادي معين ، فهو يمارس رقابة أفقية على جميع الأعوان الاقتصاديين عكس الهيئات الضبطية الأخرى التي تمارس رقابة عمودية على أعوان القطاع فقط .
و لم يتم الفصل في هذه المسألة من طرف المشرع الجزائري رغم انه في الأمر 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 و المتعلق بالمنافسة تنبه إلى إمكانية حدوث هذه الإشكالات حسب ماورد في المادة 39 منه .
أما فيما يخص مبدأ عدم الجمع بين العقوبات الإدارية و الجزائية فقد سبق للمجلس الدستوري الفرنسي التطرق لهذه المسألة في القرار رقم 82ـ143 المؤرخ في 30/07/1982 حيث اقر انه مبدأ مكرس في قانون المجال الجزائي إلا أنه يمكن للمشرع أن يضع استثناءات عليه .
و عليه و بصفة غير مباشرة و كأنه إقرار بإمكانية الجمع و هوحال العقوبات المقررة سواء في مجال بورصة القيم المنقولة حيث يعاقب العون الذي ينشر معلومات خاطئة أو يغالط الجمهور أو يمارس مناورة ما بهدف عرقلة حسن سير سوق القيم المنقولة يعاقب من طرف اللجنة و القضاء . كما أنه و باعتبار السر المهني من أخلاقيات المهنة المصرفية فان إفشاءه تعاقب عليه اللجنة المصرفية بحكم المادة 114 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض إلا أن نفس الأمر في مادته 117 يحيل إلى قانون العقوبات ليعاقب على الفعل نفسه بموجب المادة 301 منه.
و طبقا لأحكام المادة 139 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه التي تنص على أنه:" يعاقب على كل مخالفة للأحكام الواردة في الكتاب السادس أعلاه و الأنظمة المتخذة لتطبيقه، بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و بغرامة يمكن أن تصل إلى 20  من قيمة الاستثمار." فانه إلى جانب الجزاء الإداري يمكن توقيع الجزاء القضائي في آن واحد على نفس الفعل و يبقى الإشكال مطروحا أمام سكوت المشرع الجزائري.
و أخيرا وباعتبار مهمة الضبط الإداري محددة من حيث الزمان حيث يمكن للهيئات ذاتها و يمكن تعديل القوانين و التنظيمات التي تصدرها بحد ذاتها ، فهل نطبق مبدأ عدم رجعية القوانين المنصوص عليه في الجزائي مع استثناءاته في هذا المجال؟
يعتبر مبدأ عدم رجعية القوانين مبدأ مكرس دستوريا و قانونا إلا أنه فيما يخص السلطات الإدارية المستقلة لم يتم النص عليه في النصوص الخاصة بها باستثناء الأمر 03/03 المتعلق بالمنافسة الذي يفهم ضمنيا من نص المادة 72 منه على أن الأمر الجديد لا يسري على المخالفات التي ارتكبت في ظل الأمر القديم رقم 95/06 إعمالا بمبدأ عدم رجعية .
ب ـ الضمانات القانونية الإجرائية
رغم أن العقوبات التي توقعها السلطات الإدارية المستقلة لا يمكنها أن تكون سالبة للحرية إلا أن الضمانات الإجرائية الجزائية يجب تطبيقها على القمع الإداري و عليه سنتطرق بالدراسة إلى مدى توافر هذه الضمانات بالنسبة للسلطات الإدارية في القطاع المالي.
استنادا إلى نفس الأساس مع القمع الجزائي ، يكرس المشرع و بصفة غير معادلة حسب المجالات حقوق الدفاع في مجال القمع الإداري و المكرسة دستوريا في المادة 151 منه و التي تتجسد أساسا في حق الاطلاع على الملف و حق الاستعانة بمدافع .
من مقتضيات حقوق الدفاع تكريس قرينة البراءة ، تبليغ الشخص المتهم بالوقائع المنسوبة إليه و الاطلاع على الملف وتقديم ملاحظاته و إمكانية اصطحاب الشهود و الاستعانة بمحامي.
تهدف قرينة البراءة إلى استبعاد إصدار حكم مسبق و هو ما تمّ تكريسه في المادة 45 من الدستور الجزائري لسنة 1996 و لكن هل ينطبق هذا الاعتراف على العقوبات الإدارية القمعية التي توقعها السلطات الإدارية المستقلة؟
لم تشر النصوص التي تؤطر السلطات الإدارية المستقلة في القانون الجزائري إلى هذا المبدأ و لكن حتى القوانين الجزائية لم تتضمنه إلا أنها تحترمه إعمالا لمبدأ تدرج القوانين و سمو التشريع الأساسي .
و يقتضي احترام حقوق الدفاع تبليغ المتهم بالوقائع المنسوبة إليه وكذا تبليغه بقرار التأنيب، و في هذا وطبقا لنظامها الداخلي فان اللجنة المصرفية تقوم بتبليغ البنك أو المؤسسة المالية بالوقائع المنسوبة إليها بموجب رسالة موصى عليها مع إشعار بالوصول مرفقة بقرار التأنيب .
أما على مستوى لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فلا نجد في النصوص الخاصة بها اثر لهذا الشرط إلا انه بالمقابل تنص المادة 56 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه لا تصدر أية عقوبة ما لم يتم الاستماع قبل ذلك إلى الممثل المؤهل للمتهم أو ما لم يدع قانونا للاستماع إليه و عليه وضمنيا يمكن استنتاج انه يبلغ بالوقائع المنسوبة إليه قبل إصدار الجزاء في حقه .
أما فيما يخص حق الاطلاع على الملف الذي يعتبر من متطلبات مبدأ الوجاهية و عليه و بمجرد اتهام الشخص و كونه محل إجراءات قمعية فانه يجب تبليغه بالوقائع المنسوبة إليه و بقرار التأنيب و بعبارة أخرى يجب تمكينه من الاطلاع على الملف من اجل تحضير دفاعه.
و يتم تبليغ المتهم بقرار التأنيب مرفقا بالقرار ذاته و تنبيهه أنه له حق إبداء ملاحظات كتابية إلى رئيس اللجنة البنكية خلال الأجل الذي يحدد في التبليغ و كما يتم تبليغ ممثله القانوني بنفس الطريقة 15 يوما على الأقل قبل الجلسة و يحق له الاطلاع على الملف التأديبي .
و لم نجد أثر لإمكانية الاطلاع على الملف فيما يخص القوانين المتعلقة بلجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة إلا أن المادة 56 من المرسوم التشريعي 93/10المتعلق ببورصة القيم المنقولة السالفة الذكر حيث تقضي بعدم إمكانية توقيع الجزاء ما لم يتم الاستماع إلى المتهم أو بعد استدعائه قانونا و هو تكريس لحق الاطلاع على الملف و كذا إمكانية تقديم ملاحظات كتابية و لو أن ذلك يفهم ضمنيا.
أما بصدد إحضار الشهود ، فان النصوص القانونية لم تشر إلى هذه الإمكانية عكس ما هوالحال عليه في المواد الجزائية.
و بخصوص الاستعانة بمدافع فقد جاء النص على هذا الحق لكل شخص تستدعيه لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة إلا انه وبالرجوع إلى الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض لا نجد أثر لهذا الحق لكن بالرجوع إلى مداخلة معاشو بن عمر رئيس اللجنة المصرفية فان الممثل القانوني المستدعى يمكنه الاستعانة بمحامي مقبول لدى مجلس الدولة أو بممثل من جمعية البنوك و المؤسسات المالي.
و يعاب على كيفية ممارسة الإجراء العقابي افتقاره للطابع الشفهي و العلنية حيث أن المبدأ في القانون الإداري هو الطابع الكتابي للإجراءات على خلاف القانون الجزائي و عليه يتم الدفاع أمام السلطات الإدارية المستقلة غالبا عن طريق المذكرات الكتابية إلا أنه و حسب ما سبقت الإشارة إليه فان لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة لا تصدر جزاءا إلا بعد الاستماع إلى المعنى بالمساءلة أو بعد استدعائه قانونا و لم يحضر و هو ما يبين لنا إمكانية تجسيد الشفاهة أمام هذه السلطة الإدارية المستقلة .
الفرع الثاني:خضوع السلطة القمعية للرقابة القضائية
أـ دعوى الإلغاء
تكون قرارات السلطات الإدارية المستقلة حين فصلها في المادة القمعية قابلة للنظر فيها من طرف القاضي الإداري كما هو حال القرارات الإدارية.
خلافا لمجلس المنافسة الذي تكون الطعون ضد قراراته أمام الغرفة التجارية لمجلس قضاء الجزائر باستثناء حالة الطعن ضد قرار رفض التجميع الذي يعود اختصاص الفصل فيه إلى القاضي الإداري طبقا للمادة 19 من الأمر 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بالمنافسة ، فان كل الطعون ضد قرارات السلطات الإدارية المستقلة الأخرى تكون من اختصاص هذا الأخير.
حيث تنص المادة 107 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض على أنه:"تكون الطعون من اختصاص مجلس الدولة و هي موقفة التنفيذ." وعليه فان الطعن بالإلغاء ضد قرارات اللجنة المصرفية يكون أمام مجلس الدولة كما هو الحال بالنسبة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة و مراقبتها طبقا لنص المادة 57 من المرسوم التشريعي رقم 93/110 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
و طبقا لنص المادة 09 من القانون العضوي رقم 98/01 فان مجلس الدولة يختص ابتدائيا و نهائيا بالطعون ضد بالبطلان ضد القرارات التنظيمية و الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية و الهيئات العمومية الوطنية و المنظمات المهنية الوطنية.
فهناك من يصنف تلك السلطات ضمن الهيئات العمومية الوطنية نظرا لعدم إمكانية إدراجها ضمن طائفة السلطات الإدارية المركزية لكونها مستقلة و لا ضمن المنظمات المهنية الوطنية. الا اننا نرى انها تشكل نوع خاص من الهيئات مستقل بحد ذاته.
و فيما يخص سلطة القاضي في هذا النوع من الدعاوى فان دوره يتوقف عند إلغاء الجزاء الباطل دون النظر في إصلاحه أو تعديله.
و يجب التأكيد على الطابع الاستثنائي للمنازعة الخاصة بهذه السلطات الإدارية المستقلة و التي تتجلى من ثلاث نواحي:
ـ فمن ناحية الطعن الإداري المسبق ،حيث يستبعد الطعن الرئاسي لكون تلك السلطات مستقلة بطبيعتها لا تخضع مبدئيا لا للسلطة الرئاسية و لا للوصاية الإدارية ، فانه طبقا للقواعد العامة التي أحالت إليها المادة 40 من القانون العضوي رقم 98/01 المتعلق بمجلس الدولة بالنسبة للإجراءات المطبقة أمام هذه الهيئة و عليه وبموجب نص المادة 275 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على ما يلي :"لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة ما لم يسبقها الطعن الإداري التدرجي الذي يرفع أمام السلطة الإدارية التي تعلو مباشرة الجهة مصدرة القرار فان لم توجد فأمام من أصدر القرار نفسه."
إلا أن مجلس الدولة الجزائري قد سبق له التطرق للموضوع و اعتبر انه بوجود نص خاص بالنقد و القرض استثنائي قانون الإجراءات المدنية حيث نص على الطعن بالإلغاء الذي يتم خلال 60 يوما دون ذكر الطعن الإداري المسبق و بمفهوم المخالفة فهو لا يشترطه وأعفى الطاعن منه.
نفس الملاحظة تصلح على القرارات التي يتخذها مجلس النقد و القرض مع الإشارة إلى ما نصت عليه المادة 87 من الآمر 03/11 المؤرخ في 26 /08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض التي تقضي بعدم قبول دعوى الإلغاء ضد القرارات التي يتخذها المجلس بموجب المادتين 82 و 84 و 85 أعلاه إلا بعد قرارين بالرفض و لا يجوز تقديم الطلب الثاني إلا بعد مضي 10 أشهر من تبليغ رفض الطلب الأول.
و عليه بالنسبة للأشخاص التي تخصها قرارات الرفض فان الطلب الثاني الملزمين بتقديمه يمكن تشبيهه بالطعن الإداري و باعتبار أن هذه المادة تحدد آجال أخرى مخالفة للقواعد الخاصة بمواعيد التظلم فانه يتوجب إقصاء واجب التظلم الإداري المسبق.
وعليه و استنادا إلى قضاء مجلس الدولة فان الطعن ضد قرارات لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة تكون معفية من التظلم الإداري.
ـ أما من ناحية مواعيد الطعن فان نص المادة 280 من قانون الإجراءات المدنية يحدده بشهرين تسري ابتداءا من تاريخ تبليغ قرار الرفض الكلي أو الجزئي للطعن الإداري أو من تاريخ انتهاء الميعاد المنصوص عليه في المادة 279 في حالة سكوت السلطة الإدارية عن الرد.
و عليه و طبقا لنص المادة 107 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض فان الطعن يجب أن يقدم في اجل 60 يوما ابتداءا من تاريخ التبليغ تحت طائلة رفضه شكلا .
من الوهلة الأولى يبدو لنا أن الميعاد نفسه و لكن الأمر خلاف ذلك فقانون الإجراءات المدنية يعتد بالأشهر بينما الأمر المتعلق بالنقد و القرض يأخذ بالأيام .
بينما تنص المادة 57 من المرسوم التشريعي 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ن المعدل و المتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة على ميعاد شهر من تاريخ تبليغ القرار موضوع الاحتجاج.
ـ و من ناحية وقف التنفيذ وباعتبار قرينة المشروعية و امتياز الأولوية اللذان يبرران التنفيذ المباشر للقرارات الفردية رغم الطعن فيها مع الإشارة إلى إمكانية الأمر القضائي بوقف تنفيذها طبقا لنص المادة 283 من قانون الإجراءات المدنية.
إلا انه وبالنسبة للأمر المتعلق بالنقد و القرض و رغم خطورة ذلك الامتياز إلا انه ينص على أن الطعون أمام مجلس الدولة غير موقفة للتنفيذ طبقا للمادة 107 من نفس الأمر.
أما في مجال تنظيم البورصة فان الطعون ضد قرارات اللجنة تخضع لنفس القاعدة مع الإشارة إلى الاستثناء الوارد فيما يخص تنفيذ لائحة مطعون فيها و التي يكون من شان تنفيذها ترتيب آثار واضحة الشدة و الإفراط أو طرأت وقائع جديدة بالغة الخطورة منذ نشرها.
ب ـ دعوى التعويض
أما بالنسبة لهذه الدعوى التي تهدف إلى التعويض عن الضرر الذي قد يلحق الشخص من جراء القرار التأديبي غير المشروع و بالأحرى دعوى مسؤولية السلطات الإدارية المستقلة ، فقد تطرق المجلس الدستوري الفرنسي لهذه المسالة في إحدى قراراته حيث يقضي في إحدى حيثياته انه قضاء كامل وذلك من اجل ضمان حقوق و حريات الأفراد.
و لم تشر النصوص الخاصة بالسلطات الإدارية المستقلة لدعوى التعويض و عليه يتوجب الرجوع إلى القواعد العامة في الإجراءات المدنية و يثور التساؤل عن القاضي المختص سيما أن هذا الأخير لم يتم تعديله و بالتبعية لم يتم الأخذ فيه بالقواعد الخاصة بالسلطات الإدارية المستقلة .
إلا انه و بالرجوع إلى المادة 276/2 من قانون الإجراءات المدنية فانه يمكن للشخص المعني بالقرار أن يرفق الطعن بالإلغاء الذي يقدمه بطلب تعويض حيث تقضي هذه المادة على انه :"يجو للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا بالرغم من أية أحكام مخالفة أن تفصل في الطلبات المرتبطة التي تضمنتها نفس العريضة أو عريضة أخرى مرتبطة بالأولى و الخاصة بالتعويض عن الضرر المنسوب وقوعه إلى القرار المطعون فيه و ذلك مع مراعاة أحكام الفقرة السابقة ." .
و قد يثور الإشكال في حالة عدم إرفاق طلب التعويض بعريضة الإلغاء و تقديمها منفصلة على شكل دعوى مستقلة حول القاضي المختص ؟
ففي حالة كون السلطة الإدارية المستقلة لا تتمتع بالشخصية القانونية، كما هو حال مجلس النقد و القرض و الجنة المصرفية ، فان دعوى التعويض توجه ضد الدولة ، و عليه و طبقا لنص المادة 07من قانون الإجراءات المدنية فان الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر هي المختصة.
أما إذا كانت السلطة الإدارية المستقلة تتمتع بالشخصية القانونية فان الإشكال يطرح بشدة حيث انه لا تندرج هذه الهيئات ضمن أي صنف من الهيئات المذكورة في المادة أعلاه و عليه نجد أنفسنا أمام إشكال أو إن أمكن القول فراغ تشريعي يجب سده.
أما فيما يخص القانون الواجب التطبيق على موضوع الدعوى، فهل يكون القانون المدني أم قوانين خاصة؟ هل نطبق قواعد القانون العادي أو تلك الخاصة بالقانون الإداري؟
فنجد أن المحكمة العليا في غرفتها الإدارية قد تبنت بعد الاستقلال المذهب الذي سار عليه مجلس الدولة الفرنسي حيث اعتبرت مسؤولية الإدارة و لو بدون خطأ في قرار أصدرته بتاريخ 03/06/1965 و تؤكد الموقف في قرارات أخرى حيث أكدت في قرارها المؤرخ في 17/04/1982 أن مسؤولية الإدارة مسؤولية خاصة لها قواعد خاصة و إن قواعد القانون المدني غريبة عنها و لا تطبق عليها و من خلال كل هذا فان المحكمة العليا تبنت وجهة مجلس الدولة الفرنسي المعروف في قراره الشهير بلانكو في 08/02/1873 ، إلا أنها تراجعت عن موقفها في فقرة لاحقة حيث اعتدت بقواعد القانون المدني في عدة قرارات منها المؤرخ في 12/01/1985 حيث اعتدت بمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه.
و بعد إنشاء مجلس الدولة و انتقال الاختصاص إليه فانه تبنى نفس موقف المحكمة العليا حيث اعتمد على القواعد الخاصة المعروفة في القانون الإداري إلا انه غير اتجاهه و صار ينتهج في قراراته و يعتد بقواعد القانون المدني .
و للإشارة فان نفس هذه النقاشات و الإشكالات التي تم التطرق إليها بصدد الاختصاص القمعي للسلطات الإدارية المستقلة تثار فيما يخص الاختصاص التنظيمي سيما من حيث دعوى الإلغاء و الاستثناءات الواردة في قواعدها و كذا دعوى التعويض سواء من حيث الاختصاص أو القانون الواجب التطبيق .
و أكثر من ذلك فان دعوى التعويض قد ترفع دون وجود لقرار سواء فردي أو تنظيمي و نفس المسلك يتم اتخاذه يصددها سواء من حيث الاختصاص و القواعد المطبقة على موضوع النزاع.

























الخاتمة

لقد جاء إنشاء السلطات الإدارية المستقلة في القطاع الاقتصادي عموما و في القطاع المالي خصوصا كنتيجة لضرورة إيجاد نمط جديد لتدخل الدولة من اجل ضبط تلك المجالات وذلك بعد تخليها عن دورها كدولة متدخلة حيث تكتفي بدور الضبط وكل ذلك حسب ما تقتضيه مبادئ الاقتصاد الحر الذي تبنته الجزائر بعد جملة الإصلاحات التي اتخذتها ابتداء من صدور دستور سنة 1989.
لقد أثار هذا النوع الجديد من الهيئات عدة إشكالات من حيث العناصر المميزة لها سواء من حيث طابعها السلطوي، الإداري و خصوصا الاستقلالية التي تصبغها، حيث توصلنا من خلال هذه الدراسة إلى أنها ليست مطلقة سواء من حيث كونها سلطات و أن استقلاليتها نسبية....
و التساؤل الذي يطرح يتمثل في مدى نجاعة تلك السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر ؟
من خلال ما تعرضنا إليه في هذه الدراسة لابد علينا التأكيد على الأهمية التي تتمتع بها هذا النوع من السلطات و المنفعة التي تحققها من خلال توليها ضبط القطاع الاقتصادي الذي تعتبر أكثر تمكنا فيه من السلطة التنفيذية و ذلك من خلال مختلف الصلاحيات التي تتمتع بها و خاصية تجميع عدة سلطات في يد هيئة واحدة و هي إحدى المميزات التي زادت من أهمية وفعالية دورها ، الأمر الذي تفتقر إليه الإدارة التقليدية.
تمتاز السلطات الإدارية المستقلة باختصاصات متشعبة منها التنظيمية، الرقابية و التحكيمية و القمعية و التي أثارت عدة نقاشات سيما من حيث مدى دستورية الاختصاص التنظيمي والقمعي الممنوح لها و مدى أتطير المشرع لها خصوصا من حيث توفير الضمانات القانونية التي تضمن حقوق الأطراف عند ممارسة سلطتها التأديبية.
إن تحقيق النجاعة المرجوة لايتأتى الا من خلال تمكين تلك السلطات الإدارية المستقلة بكل الوسائل القانونية سيما الشخصية القانونية ومايترتب عنها من استقلال مالي و إداري،... حيث إن نسبية الاستقلالية التي تتمتع بها تلك الهيئات ذات تأثير هام على كيفية ممارستها للسلطات الممنوحة لها ، فتبقى تحت تأثير السلطة التنفيذية و إن صح التعبير مرتبطة بالسلطة التنفيذية من خلال مختلف الإجراءات كقرار الموافقة الذي يصدره الوزير المكلف بالمالية بالنسبة للأنظمة التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقة عمليات البورصة.
عليه و من أجل تحقيق الفعالية المطلوبة من طرف السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي خصوصا و الاقتصادي عموما لابد على المشرع التدخل و ملء النقائص و الثغرات القانونية التي تنقص من حرية تلك الهيئات في ممارسة اختصاصاتها و خاصة تكريس الاستقلال المالي و الإداري للسلطات الإدارية المستقلة من جهة.
كما أن المؤسس الدستوري عليه التدخل من اجل إصباغ الشرعية القانونية على السلطة التنظيمية التي أثارت عدة تساؤلات نظرا لمنحها لكل من رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة في الأحكام الدستورية و ذلك من اجل تفادي الاصطدام بعدم دستورية القوانين المنشئة لها.
كما أن ضرورة توفير مرافقة الاختصاص القمعي بالضمانات التي تحمي حقوق و المكرسة دستوريا ذات أهمية قصوى و نحن نرى أن ترك اختصاص تحديد القواعد المنظمة للإجراءات المتبعة أثناء المساءلة التأديبية للسلطة بحد ذاتها من خلال التنظيم أمر ينقص من مصداقيتها .وعليه الأحسن أن يتم تحديدها قانونا و لو أننا نرى أن أحكام الدستور كافية بحد ذاتها لان مخالفة الأنظمة الخاصة بتلك الإجراءات لأحكامه يؤدي إلى التصريح بعدم دستوريتها.
كما أن خضوع أعمال السلطات الإدارية المستقلة للرقابة القضائية من خلال الطعون بالإلغاء المرفوعة لها وان كان هناك من يعتبره انتقاص من الاستقلالية التي تتمتع بها تلك السلطات الا أننا نرى أنها ضمانة للخاضع للرقابة و المساءلة من طرف تلك الهيئات و إيقاف أي تجاوز للسلطة
من طرفها . كما أننا نرى أن الفصل من طرفها وفقا للقانون و التنظيمات القانونية يعتبر بحد ذاته ضمان لها من اجل تفادي إلغاء القرارات التي تتصدرها.
أمام كل هذه الإشكالات و إن أمكن القول حالة اللاإستقرار التي تخلقها كثرة التنظيمات التي تصدرها تلك السلطات منحها المشرع اختصاص تنظيمي هناك الكثير ممن يقترح إعداد تقنين شامل لكل القواعد الخاصة بها الا اننا نرى أن ذلك سيؤدي إلى حصرها من حيث عناصرها أو مميزاتها ... و هو ما لا يتماشى مع الأهداف المرجوة منها و التي تعتبر المرونة و السرعة الغطاء الذي تكتسيه، حيث تسعى إلى حسن سير القطاع المالي بطرق وقائية و أخرى تصحيحية فعالة.

































قائمة المراجع
باللغة العربية
أولا : الكتب
1. د/أحسن بوسقيعة: المصالحة في المواد الجزائية يوجه عام و في المادة الجمركية بوجه خاص،الطبعة الأولى ،الديوان الوطني للأشغال التربوية،الجزائر،2001.
2. د/ عبد الله حنفي: السلطات الإدارية المستقلة، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، مصر، 2000.
3. ناصر لباد: القانون الإداري، التنظيم الإداري، الجزء الأول،الطبعة الثالثة، لباد للنشر، الجزائر، 2005.
4. ناصر لباد: القانون الإداري، النشاط الإداري، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، لباد للنشر، الجزائر، 2004.
5. د/ مبروك حسين : المدونة البنكية الجزائرية، دار هومة، الجزائر،2006 .
6. د/مبروك حسين :المدونة البنكية الجزائرية ,الطبعة الأولى , دار هومة , الجزائر 2006.
7. تقنين البنوك وتقنين التأمينات ، نصوص تشريعية تنظيمية وتطبيقية ، تعديلات واجتهادات قضائية ، بيرتي للطباعة بمساهمة الأستاذ أحسن بوسقيعة .
ثانيا: المذكرات
1. رمضاني عائشة : الطبيعة القانونية لمجلس النقد والقرض ،التكوين التخصصي للقضاة ، قانون الأعمال ، المدرسة العليا للمصرفة، الدفعة الخامسة، 2006.
2. تواتي نصيرة: المركز القانوني للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها،مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون، فرع قانون الاعمال، جامعة مولود معمري، تيزي وزو.
3. عيساوي عزالدين:السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة في المجال الاقتصادي و المالي،مذكرة لنيل درجة الماجستير في القا نون، فرع قانون الأعمال ، كلية الحقوق،جامعة مولود معمري ، تيزي وزو،2005/2006.
ثالثا: المقالات
1. بن لطرش منى : السلطات الادارية المستقلة في المجال المصرفي : وجه جديد لدور الدولة، مجلة الادارة، المجلد 12، العدد2، 2002، العدد24.
2. لباد ناصر : السلطات الادارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر، مجلة الادارة، المجلد 01، 2001، العدد 21.
رابعا: المحاضرات
محاضرات في مادة القانون الإداري من إعداد الأستاذ دربوشي نور الدين، ألقيت على طلبة السنة الأولى، المدرسة العليا للقضاء، سنة 2005/2006.
خامسا: النصوص القانونية
1. دستور 28 نوفمبر 1996 المنشور بموجب المرسوم الرئاسي 96/438 المؤرخ في 07/12/1996 ، جريدة رسمية عدد 76.
2. النصوص التشريعية
• الأمر رقم 66/154المؤرخ في 08/06/1966، المعدل والمتمم ، والمتضمن قانون الإجراءات المدنية الجزائري، جريدة رسمية عدد47.
• الأمر 75/58 المؤرخ في 26/09/1975، المعدل والمتمم والمتضمن القانون المدني، جريدة رسمية عدد 78.
• الأمر رقم 75/59 المؤرخ في 26/09/1975، المعدل والمتمم، والمتضمن القانون التجاري، جريدة رسمية عدد 101.
• الأمر رقم 03/03 المؤرخ في 19/07/2003، المتعلق بالمنافسة، جريدة رسمية عدد43.
• قانون 90/07المؤرخ في 03/04/،1990المتعلق بالإعلام.
• القانون رقم 90/10 المؤرخ في 14/04/1990 المتعلق بالنقد والقرض، الملغى بالأمر رقم 03/11المؤرخ في 26/08/ 2003 والمتعلق بالنقد والقرض،جريدة رسمية عدد 52.
• المرسوم التشريعي رقم 93/10المؤرخ في 23/05/1993، المعدل والمتمم، والمتعلق ببورصة القيم المنقولة، جريدة رسمية عدد 34.
• القانون العضوي رقم 04/11 المؤرخ في 06/09/2004، والمتضمن القانون الأساسي للقضاء، جريدة رسمية رقم 57 مؤرخة في 08/09/2004.
• القانون رقم 02/01 المؤرخ في 05/02/2002،والمتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز عبر القنوات، جريدة رسمية عدد 08 المؤرخة في 06/02/2002.
• القانون رقم 02/01 المؤرخ في 05/02/2002 ، والمتعلق بالكهرباء و توزيع الغاز بواسطة القنوات، جريدة رسمية رقم 08.
• القانون العضوي رقم 98/01 المؤرخ في 30/05/1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله، جريدة رسمية عدد 37 .
3. النصوص التنظيمية
• المرسوم التنفيذي رقم 94/175 المؤرخ في 13/06/1994، والمتضمن تطبيق المواد 21،22و 29 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 والمتعلق ببورصة القيم المنقولة، جريدة رسمية عدد 41المؤرخ في 26/06/1994.
• المرسوم الرئاسي المؤرخ 15/04/1990المتضمن تعيين السيد عبد الرحمان الرستمي حاج ناصر محافظ البنك المركزي الجزائري .
• المرسوم التنفيذي 98/170 المؤرخ في 20/05/1998 المتعلق بالآتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها، جريدة رسمية عدد 34المؤرخة في 24/05/1998.
• المرسوم التنفيذي 96/102 المؤرخ في 11/03/1996 المتضمن تطبيق المادة 32من الرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993والمتعلق ببورصة القيم المنقولة، جريدة رسمية عدد18 المؤرخة في 20/03/1996.
• النظام رقم 90/05 المؤرخ في 30/12/1990 المتضمن إقامة قابلية التحويل الجزئي للدينار عن طريق توظيفات سندية،ج ر 39 المؤرخ في 1991.
• النظام رقم 90/06 المؤرخ في 30/12/1990 يتضمن إنشاء صندوق لتثبيت الصرف ج ر عدد 23 المؤرخ في 25/03/1992.
• نظام رقم 04/02 مؤرخ في 04/03/2002 يحدد شروط تكوين الحد الأدنى للإحتياط الإلزامي-ج ر عدد27 المؤرخ في 27/03/2004.
• النظام رقم 91/01 المؤرخ في 20/02/ 1991يحدد حق الصرف بعنوان المكافاءات المعوضة للمصاريف المترتبة عن المهمات المؤقتة في الخارج – ج ر العدد 40 المؤرخ في 28/08م1990 المعدل والمتمم بالنظام رقم 95/02 المؤرخ في 28/02/1995 –ج ر العدد22المؤرخ في 23/04/1995.
• نظام رقم 91/02 المؤرخ في 20/02/1991 يحدد شروط فتح حسابات بالعملة الصعبة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين ذوي الجنسية الأجنبية المقيمين أو غير المقيمين وتشغيل هذه الحسابات –ج ر عدد40 مؤرخ في 28/08/1991.
• نظام رقم 91/06 المؤرخ في 16/05/1991 يحدد شروط تقديم المنح بالعملة الصعبة بمناسبة استشفاء المواطنين أووفاتهم في الخارج-ج ر عدد 24 المؤرخ في 29/03/1992 المعدل والمتمم بالنظام رقم 92/10 المؤرخ في 17/11/1992-ج ر عدد 15 المؤرخ في 07/03/1993.
• نظام لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة رقم 97/03 المؤرخ في 18/11/1997 المتعلق بالنظام العام للقيم المنقولة،ج ر عدد 87 المؤرخة في 29/11/1997المعدل والمتمم بالنظام رقم 03/01 المؤرخ في 18/03/2003 المتعلق بالنظام العام للمؤتمن المركزي للسندات جر عدد 73 المؤرخ في 30/11/2003 .
• نظام لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة رقم 96/02 للمؤرخ في 22/06/1996 المتعلق بالإعلام الواجب نشرها من طرف الشركات والهيئات التي تلجأ علانية إلى الإدخار عند إصدار قيما منقولة معدل ومتمم بالنظام رقم 04/01 المؤرخ في 08/07/2004.
• نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها رقم 2000/02 المؤرخ في 20/01/2000 المتعلق بالمعلومات الواجب نشرها من طرف المؤسسات التي تكون مسعرة في البورصة، جريدة رسمية عدد 50 المؤرخ في 16/08/2000.
• نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها رقم 03/03 المؤرخ في 18/03/2003و المتعلق بالتصريح بتجاوز حدود المساهمة في رأسمال الشركات المتداول أسهمها في البورصة، جريدة رسمية عدد 73 المؤرخ في 30/11/2003.
• المرسوم التنفيذي رقم 98/170 المؤرخ في 20/05/1998 المتعلق بالآاتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها ، جريدة رسمية عدد 34 المؤرخ في 24/05/1998 ،
• قرار مؤرخ في 02/08/1998 يتضمن تطبيق المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 98/170 المؤرخ في 20/05/1998 و المتعلق بالآتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها ،جريدة رسمية عدد 70 المؤرخ في 20/09/1998.
• نظام رقم 92/05 المؤرخ في 22/03/1992 المتعلق بالشروط التي يجب إن تتوفر في مؤسسي البنوك و المؤسسات المالية ومسيريها و ممثليها، جريدة رسمية عدد8 المؤرخ في 07/02/1993.
4. الملاحق
• الملحق رقم 1 المتعلق بقرار مجلس الدولة تحت رقم 2129 المؤرخ في 08/05/2000بين يونين بنك وبنك الجزائر.
• الملحق رقم 02 المتعلق بقرار مجلس الدولة الجزائري رقم 2138 الصادر بتاريخ 08/05/2000 في النزاع القائم بين يونين بنك و اللجنة المصرفية.
• الملحق رقم 3 المتعلق بقرار مجلس الدولة رقم 12101 بتاريخ 01/04/2003 بين اللجنة البنكية و البنك الدولي الجزائري.
• الملحق رقم 4 المتمثل في قرار المجلس الدستوري الفرنسي ر قم 84ـ181 المؤرخ في 10 و 11/10/1984.
• الملحق رقم 5 المتمثل في قرار المجلس الدستوري الفرنسي رقم 89ـ260 المؤرخ في 28/07/1989 حول دستورية القانون المتعلق بحماية و شفافية سوق المالية.
باللغة الفرنسية
Les ouvrages
1. Rachid Zouaimia : Les Autorités Administratives Indépendantes et la Régulation Economique en Algérie, Editions Houma, Algérie, 2005.
2. Paul Sabourin : les autorités administratives indépendantes, une catégorie nouvelle, Doctrine, France, 20 mai 1983.
3. Marie-José Guédon, les autorités administratives indépendantes, librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris, 1991.
4. Jean Rivero : droit administratif, 8eme édition, Précis Dalloz, Paris.
5. Georges Vedel , Droit Administratif ,1ere édition , Thémis, France, 1958.
6. Rachid Zouaimia : Les Autorités de Régulation Indépendantes dans le Secteur Financier en Alََgérie, éditions Houma, Algérie, 2005 .
7. Commission d’Organisation et de Surveillance des Opérations de Bourse: guide des valeurs mobilières, novembre 1997.

Les articles
.
1. Machou Benaoumer : présentation succinte de la commission bancaire dans sa dimension institutionnelle et quelques aspects de ses procédures, Revue du conseil d’Etat, Numero 6, 2005.
2. Rachid Zouaimia : Déréglementation et ineffectivité des normes en droit économique algérien, Revue Idara, Volume 11, numéro 1, 2001, N° 21.
3. Jean- Louis Fort : l’organisation du contrôle bancaire, revue Conseil d’Etat, n°6, 2005.
4. Rachid Zouaimia :les autorités administratives indépendantes et la régulation économique , Revue Idara , volume 13, n° 2, Algerie 2003, n°26, p 46.
5. Rachid Zouaimia : le régime *******ieux des autorités administratives indépendantes en droit algérien , Revue Idara ,volume 15, n°1 , Algerie , 2005, n° 25.
6. L . Boy :Normes, www.credeco.unice.Fr/
Les sites internet
www.legifrance.gouv.fr










قديم 2011-02-23, 21:23   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي ياسين على هذا الموضوع وجعله الله في ميزان حسناتك










قديم 2011-02-24, 08:27   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المجهـول
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية المجهـول
 

 

 
الأوسمة
وسام التميّز بخيمة الجلفة 
إحصائية العضو










افتراضي

الســـــــــلام عليكم

جـــــزااااااااااااااك الله خير على الموضوع










قديم 2011-02-25, 08:16   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك .....................










قديم 2011-02-26, 21:23   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
dingo
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

merceeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeee eeeeee










قديم 2011-03-20, 15:03   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-11-26, 17:17   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
رمزي21
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










قديم 2011-11-30, 19:42   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
توتو الاوراس
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية توتو الاوراس
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك ودمت وفيا للعلم والمعرفة










قديم 2011-12-19, 18:46   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
رمزي21
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكوووووووووووووووووور










قديم 2012-12-07, 20:07   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
mourad2005
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي mahrradwan@yahoo.fr

بارك الله فيكم على المجهودات الجبارة المبذولة

جزاكم الله كل خير










قديم 2012-12-13, 13:46   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
mouhamad2009
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yacine414 مشاهدة المشاركة
و تكون طبقا لنفس النظام ملزمة بتقديم للجنة مجموعة وثائق التي تسمح لهذه الأخيرة إتمام الرقابة منها تقرير سنوي يتضمن الجداول المالية السنوية ، تقرير مندوب أو مندوبي الحسابات و المعلومات الأخرى التي تتضمنها تعليمة اللجنة و ذالك 30 يوما قبل اجتماع الجمعية العامة العادية للمساهمين . كما تمارس اللجنة رقابة دائمة حول هيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة دون التوقف عند رقابتها وقت دخولها للسوق باعتمادها بل تواصل ذالك و تتأكد من مدى احترامها لقواعد الحذر المطبقة عليها طبقا للمادة 38 من نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها رقم 97/04 المؤرخ في 25/11/1997 المتعلق بهيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة تحت رقابة لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها .
وكل إصدار للأسهم و الحصص يخضع إلى مصادقة مسبقة من طرف لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها،للنشرة الإعلامية التي تبين خصائص هيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة المعينة و تقدم حسب النموذج المقرر في تعليمه اللجنة طبقا لنص المادة 36 من نظام اللجنة رقم 97/04 المذكور أعلاه.
كما يلزم كل شخص يمتلك أسهم أو حقوق تصويت بإعلام اللجنة بكل تغيير في رأسمال الشركة أو حقوق التصويب و التي تكون أسهمها متداولة في البورصة و يصرح بالعدد الإجمالي الذي يمتلكه للشركة و للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة ولشركة تسيير بورصة القيم المنقولة طبقا لنص المادة 65 مكرر من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المـنقولة المعدل و المتمم والتي اتخذ بشأنها تنظيم.
الفرع الثاني: وسائل ممارسة الرقابة
من اجل التأكد من احترام المتعاملين الاقتصاديين المعتمدين في السوق النقدية و البورصية للقواعد التشريعية والتنظيمية المطبقة في القطاع المالي وفحص شروط الاستغلال و السهر على الوضعية المالية لتلك المؤسسات ، وضمان احترام قواعد حسن المعاملة للمهنة ، فإن الهيئات الإدارية المستقلة في هذا المجال و في إطار ممارسة اختصاصها الرقابي وضعت تحت يدها مجموعة وسائل قانونية بهدف تحقيق النجاعة المطلوبة .
يرتكز الاختصاص الرقابي للجنة المصرفية في مجال النقد و القرض على أسس هامة حيث تعتبر رقابة دائمة، أي بناء على الوثائق حيث تتولى الرقابة الفردية للمؤسسات المالية والبنوك و تكون على اتصال دائم بمسيريها.
كما أنها تعتبر رقابة في عين المكان تمارس من طرف مفتش البنك والنقد تكون شاملة لجميع نشاطات المؤسسة أو تخص مهام أو أجزاء معينة فيها.
و في هذا الصدد نجد أن المادة 108/1 الأمر 03/11 المؤرخ في 26 /08/2003 والمتعلق بالنقد والقرض تنص على انه تخول اللجنة بمراقبة البنوك و المؤسسات المالية بناءا على الوثائق و في عين المكان.
و من اجل التمكن من ممارسة تلك الرقابة فإن اللجنة تزود بأمانة عامة بالإضافة إلى ارتكازها على بنك الجزائر المكلف بتنظيم المراقبة لحساب اللجنة بواسطة أعوانه الذين يكونون على دراية و اطلاع على المحيط الذي يمارس فيه اختصاصهم.
ويمكن للجنة أن تكلف بمهمة أي شخص يقع عليه اختيارها طبقا لنص المادة 108 /03 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه.
فاللجنة مؤهلة للتحري حول مدى احترام التشريع و التنظيم المعمول به ، فكل النصوص المنشئة لهذه السلطات تنص على الإمكانية الممنوحة لها لجمع المعلومات اللازمة لممارسة مهامها ، و في بعض الحالات فإن الأشخاص المعنية بالرقابة ملزمة بإعلام تلك الهيئات بالوثائق التي تسمح برقابة مدى احترام التشريع والتنظيم ....
فاللجنة البنكية تعتمد نوعين من التحريات والتحقيقات : رقابة على الوثائق المعروفة بالدائمة و الرقابة في الأماكن المعروفة بالدورية . فالأولى ترتكز على النتائج المحققة من طرف و تحت المسؤولية الكاملة للمفتشية العامة لبنك الجزائر ، و ذلك بعد تحليل جميع المعطيات الواردة في الوضعيات و الجداول الدورية المقدمة من طرف المعنيين بالرقابة البنكية.
و عليه طبقا لنص المادة 109 الفقرات 3 ، 4 و 5 من الأمر 03/11 المؤرخ في : 26/08/2003 المتعلق بالنقد والقرض فإن اللجنة المصرفية يمكنها أن تطلب من البنوك و المؤسسات المالية جميع المعلومات و الإيضاحات و الإثباتات اللازمة لممارسة مهمتها و يمكنها أن تطلب من كل شخص معني تبليغها بأي مستند أو أية معلومة تراها ضرورية دون إمكانية الاحتجاج اتجاهها بالسر المهني .و عليه فإن اللجنة تحدد قائمة و شكل و مواعيد تقديم الوثائق و المعلومة من الأشخاص المعنية.
أما فيما يخص الرقابة في عين المكان فإنه يتم انجازه على أساس برنامج يتم تحديده دوريا بعد مداولة اللجنة و يتجسد بالذهاب إلى المقرات الاجتماعية للأشخاص المعنية بالرقابة و الوكالات الخاصة بها .
و دائما في إطار ديمومة الرقابة فإن اللجنة تعتمد كذلك على الوثائق المنصوص عليها في القانون التجاري سيما التقرير الخاص بتسيير مجلس إدارة البنك أو المؤسسة المالية ، حساب الاستغلال العام ، حسب النتائج والميزانية ... ، وذلك طبقا لما تنص عليه أحكام القانون التجاري.
كما تشكل التقارير التي يعدها محافظي الحسابات الذي من خلاله تمارس اللجنة المصرفية رقابتها حيث تنص المادة 101 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه على أن يعلم محافظي الحسابات محافظ بنك الجزائر بكل المخالفات المرتكبة من المؤسسات الخاضعة لرقابتهم ويقدمون تقرير خاص حول المراقبات التي أجروها و التي من خلالها تكون اللجنة المصرفية على اطلاع باعتبار المحافظ هو رئيس اللجنة المصرفية .
و كذلك الحال بالنسبة لمجال البورصة حيث تجرى لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة عن طريق مداولة خاصة ، وقصد ضمان تنفيذ مهمتها الرقابية، تحقيقات لدى الشركات التي تلتجئ إلى التوفير علنا و البنوك والمؤسسات المالي و الوسطاء في عمليات البورصة ، وكل من لهم مساهمة في العمليات الخاصة بالقيم المنقولة أو في المنتوجات المالية المسعرة أو يتولون إدارة مستندات سندات مالية ، و عليه يمكن للأعوان المؤهلون أي يطلبوا أية وثيقة ، وان يحصلوا على نسخ منها و يمكنهم الوصول إلى جميع المحال ذات الاستعمال المهني ، ويمكن للجنة استدعاء كل من ترى ملائما سماعه أو تأمر أعوانها باستدعائه و يكون له حق الاستعانة بمستشار.
و طبقا لنص المادة 39 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 32/05/1993، المعدل والمتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة فإن أعضاء و أعوان اللجنة ملزمون بالسر المهني.
تكون الشركات المصدرة ملزمة بتقديم للجنة مجموعة وثائق تسمح لها بممارسة رقابة على الوثائق منها : التقرير السنوي الذي يحتوي على الجداول المالية السنوية، تقرير محافظي الحسابات و كل وثيقة تكون موجهة للمساهمين و ذلك حسب ما هو مقرر في نظام اللجنة رقم 2000/20 المؤرخ في : 20/01/2000 المتعلق بالمعلومات الواجب نشرها من طرف المؤسسات التي تكون قيمها مسعرة في البورصة.

و تجدر الإشارة إلى أن هذه التحريات و التحقيقات نوعان :
- تحقيقات ذات طبيعة إدارية غير ردعية و هي التي تسمح بطلب تقديم كل وثيقة ضرورية خاصة تسمح بالدخول إلى المحلات ذات الاستعمال المهني وجمع المعلومات في الأماكن أو باستدعاء الأشخاص جميع المعلومات والتبريرات الضرورية.
و هي الصلاحيات التي تمارسها كل من مجلس النقد والقرض، اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة كما سلف شرحه.
- تحقيقات ردعية، يتم انجازها في إطار البحث عن المخالفات و التي تتميز بإمكانية إجراء التفتيشات و الحجوز ، التحقيقات التي تمس بحريات الأفراد المضمونة دستوريا في المادة 40 منه.
الفرع الثالث: نتائج الرقابة
بعد إتمام الهيئات الإدارية المستقلة الرقابة على الأشخاص المعنية فإنها تكون أمام احتمالين : الأول هو أن يكون هناك احترام للتشريع و التنظيم المعمول بهما من كل الجوانب ، الثاني هو أن يتوصل الأعوان المؤهلين قانونا إلى التثبت من وجود مخالفة، وعليه يترتب عن ذلك اتخاذ تلك الهيئات للإجراءات الواجبة قانونا من اجل إعادة الحالة إلى الوضع القانوني.
ففي مجال النقد والقرض فإن المجلس يتلقى طلبات الترخيص و يقوم بدراستها ومراقبة مدى توفر الشروط الضرورية و يتصدى للطلب أما بالقبول حالة توافره على كل المقاييس القانونية أو يرفض الطلب.
و لا يمكن تقديم طلب ترخيص ثان إلا بعد 10 أشهر من تاريخ تبليغ رفض الطلب الأول، طبقا لنص المادة 87 منن الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 والمتعلق بالنقد والقرض.
و باعتبار أن مجلس النقد والقرض هيئة إدارية فإن الطعون بالإلغاء في قراراته تكون أمام مجلس الدولة مع احترام نص المادة 87من الأمر المذكور أعلاه حيث لا يقبل هذا الطعن إلا بعد قرارين برفض الترخيص من مجلس النقد والقرض.
كما يقرر المجلس سحب الاعتماد سواء بناءا على طلب من البنك أو المؤسسة المالية أو تلقائيا ، وذلك في ثلاث حالات : إن لم تصبح الشروط التي يخضع لها الاعتماد متوفرة ، إن لم يتم استغلال الاعتماد لمدة اثنتي عشر شهرا و إذا توقف النشاط موضوع الاعتماد لمدة ستة أشهر وذلك دون الإخلال بالعقوبات التي قد تقررها اللجنة المصرفية. .
كما انه يمكن للجنة المصرفية في حالة إخلال إحدى المؤسسات الخاضعة لرقابتها بقواعد حسن سير المهنة أن توجه لها تحذيرا ، بعد إتاحة الفرصة لمسير هذه المؤسسة من اجل تقديم تفسيرا ، طبقا لنص المادة 111 من الأمر
03/ 11 المؤرخ في : 26/08/2003 المتعلق بالنقد والقرض .
كما يمكن لها أن تدعو الخاضع لرقابتها لاتخاذ تدبير معين من شأنه أن يعيد أو يدعم التوازن المالي له أو يصحح أساليب تسييره و ذلك في اجل معين، طبقا لنص المادة 112 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه.
و أكثر من ذلك يمكن لها تعين قائم بلإدارة مؤقتا تنقل له كل السلطات اللازمة لإدارة أعمال المؤسسة المعنية أو فروعها وتسييرها طبقا لنص المادة 113 من نفس الأمر، وفي هذا الصدد قد سبق للجنة تعيين قائم بالإدارة مؤقت للبنك الدولي الجزائري.
حيث اعتبر مجلس الدولة أن تعيين قائم بالإدارة مؤقت هو مجرد تدبير تحفظي و ليس بإجراء تأديبي ، حيث أن القرار في إحدى حيثياته ينص على :" حيث ومن جهة أخرى فإن هذا القرار المتخذ بمبادرة من اللجنة المصرفية عملا بالمادة 155 فقرة 2 من القانون المذكور أعلاه ،قانون 90/10 ، لا يشكل تدبير ذات طابع تأديبي و إنما تدبير إداري لا يخضع للإجراءات المنصوص عليها في المادة 156 و ما يليها من القانون ..... " و عليه فإن مجلس الدولة رفض الطعن بالإلغاء لعدم تأسيسه.
كما انه يمكن للقائم بالإدارة المؤقت أن يعلن توقف المؤسسة التي يديرها عن الدفع و عليه توضع قيد التصفية طبقا لنص المادة 113 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه .
يمكن للجنة إعطاء توجيهات لمحافظي الحسابات و إصدار في مجال الحذر و الاحتياط قرارات.
و في حالة عدم الخضوع لتحذيرات اللجنة أو لتوجيهاتها فإنها يمكن اتخاذ إجراءات تأديبية ضد المخالفين و هو ما سنتطرق له لاحقا.
أما فيما يخص لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة فإنها من نتائج ممارسة اختصاصها الرقابي هو منح التأشيرة في حالة توفر الشروط القانونية في المذكرة الإعلامية عند إصدار القيم المنقولة أو الرفض في الحالة العكسية و كذلك الحال بالنسبة للتأشيرة الخاصة بالمذكرة الإعلامية عند قبول تداول القيم المنقولة ، وقد تأمر بنشر التعديلات الضرورية .
كما أن من أثار رقابة اللجنة للالتحاق بالمهنة سواء بالنسبة للوسطاء أو لهيئات التوظيف الجماعي هو منح الاعتماد الذي يصدر في شكل قرار يتم نشره في النشرة الرسمية لقائمة البورصة و في حالة رفضه أو تحديد مجاله يجب أن يكون قرار اللجنة معللا.
و كذلك الشأن بالنسبة لهيئات التوظيف الجماعي طبقا لنص المادتين 06 و 18 من الأمر رقم 96/08 المؤرخ في 10/01/1996 المتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة و يحتفظ طالب الاعتماد بحقه في الطعن المنصوص عليه في التشريع الساري المفعول في حالة رفض اعتماده.
و يمكن للجنة أن تأمر أي شركة بنشر التعديلات في حالة وجود سهو في الوثائق المنشورة أو المقدمة، و تنشر الملاحظات التي قد تتوصل إليها اللجنة و التي قد تهم الجمهور.
و في حالة وجود مخالفة لأحكام تشريعية أو تنظيمية من شأنها المساس بحقوق المستثمرين فان رئيس اللجنة يلجأ إلى الجهة القضائية من اجل أمر المسؤولين الامتثال للقانون و التوقف عن حالة اللاشرعية و إلغاء جميع أثارها و يوجه نسخة من طلبه إلى النيابة ، وعليه تفصل الجهة المختصة بصفة إستعجالية ، حيث يتخذ كل تدبير تحفظي دائم ، و يمكن القضاء بتنفيذ ذلك الأمر تحت غرامة تهديدية حسب ما تقضي به المادة 40 من المرسوم التشريعي رقم93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ، المعدل والمتمم ، والمتعلق ببورصة القيم المنقولة.
تقرر اللجنة قبول القيم المنقولة في التفاوض أو شطبها و يمكنها توقيف لمدة لا تتجاوز 05 أيام عمليات البورصة في حالة قوة قاهرة تؤدي إلى عدم انتظام البورصة و حركتها و إذا كان التوقيف لمدة أكثر فيعود الاختصاص للوزير المكلف بالمالية .
و في حالة قصور اللجنة، فإن كل إجراء ضروري يتخذ عن طريق التنظيم بمبادرة من الوزير المكلف بالمالية طبقا لنص المادة 50 من نفس المرسوم المذكور أعلاه
المطلب الثاني :الاختصاصات التحكيمية
من خصوصيات السلطات الإدارية المستقلة جميعها لعدة اختصاصات : تنظيمية ، رقابية، تحكيمية و قمعية إلا أنها قد تتمتع بالبعض دون الأخرى .
و عليه بالنسبة للاختصاص التحكيمي عديدة هي السلطات الإدارية التي لا يمكنها القيام به، منها مجلس النقد والقرض و اللجنة المصرفية ، و بالمقابل فان لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة ، قد مكنّها المشرع صراحة من ذلك ، الأمر الذي نتولاه بالدراسة .

الفرع الأول : شروط الاختصاص التحكيمي
باعتبار أن لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة هي الهيئة الوحيدة التي تتمتع بإمكانية إجراء التحكيم في المجال المالي، وعليه سنقتصر بالدراسة على الأحكام الواردة بشأنها.
تتدخل اللجنة للممارسة هذا الاختصاص عن طريق غرفة التأديب والتحكيم التي جاء النص عليها في المادة 51 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل والمتمم، و المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
فطبقا لنفس المادة فإن هذه الغرفة تتشكل من رئيس اللجنة رئيسا لها، عضوين منتخبين من بين أعضاء اللجنة لمدة عهدتهم، قاضيين معينين من طرف وزير العدل يتم اختيارهما نظرا لكفاءتهما في المجالين الاقتصادي والمالي.
و قد قيد المشرع ممارسة اللجنة لهذا الاختصاص بمجموعة شروط منها ما يتعلق بموضوع النزاع و يرتبط البعض الأخر بالأطراف.
أ – الشروط المتعلقة بموضوع النزاع :
لا تتدخل غرفة التأديب و التحكيم كحكم في تسوية جميع النزاعات التي قد تنشب في بورصة القيم المنقولة، بل هي مقيدة بمجال النزاعات ذات الطابع التقني الناتجة عن تفسير القوانين و اللوائح السارية على سير البورصة. أما باقي الخلافات و التي لا تخص تفسير القوانين و اللوائح السارية على سير البورصة و التي لا يكون لها طابعا تقني فلا يمكن للجنة التدخل كحكم و يمنع عليها ذلك قانونا نظرا لحصر مجالات التحكيم التي تختص بها.
حيث تنص المادة 52 من المرسوم التشريعي 93/10 المذكور أعلاه في فقرتها الأولى على أن:" تكون الغرفة المذكورة أعلاه مختصة في المجال التحكيمي لدراسة أي نزاع تقني ناتج عن تفسير القوانين و اللوائح السارية على سير البورصة. ".
ب – الشروط المتعلقة بأطراف النزاع :
لم يتوقف المشرع الجزائري عند تحديد الشروط المتعلقة بموضوع النزاع لتحديد الاختصاص التحكيمي للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة بل حدد صفة الأشخاص الذين تتدخل بينهم في حالة وقوع نزاع من النوع سالف الذكر.
و قد حصر المشرع دائرة الأشخاص الذين تتدخل ضمنها غرفة التأديب و التحكيم و عليه تكون غير مختصة خارج نطاق تلك الدائرة.
و قد تم التحديد كالتالي :
- بين الوسطاء في عمليات البورصة ،
- بين الوسطاء في عمليات البورصة و شركة تسيير بورصة القيم ،
- بين الوسطاء في عمليات البورصة و الشركات المصدرة للأسهم ،
- بين الوسطاء في عمليات البورصة و الآمرين بالسحب في البورصة،
على ضوء هذه الأحكام يتبين لنا ضرورة أن يكون الوسيط في عمليات البورصة هو احد أطراف النزاع كي ينعقد اختصاص الغرفة في المجال التحكيمي ، وعليه فإن سلطة التحكيم جد محدودة ومقيدة.
الفرع الثاني : إجراءات الاختصاص التحكيمي .
لم يتكفل المشرع الجزائري ببيان كيفية ممارسة الاختصاص التحكيمي الممنوح للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة في غرفتها التأديبية و التحكيمية .
وتجدر الإشارة إلى الطابع الجزئي و القيد الكامل لأحكام المتعلقة بالتحكيم نظرا لعدم تباينها لإجراءات التحكيم ، لا لطرق الطعن في حكم التحكيم الذي تصدره غرفة التأديب والتحكيم.
و عليه سواء في إطار المرسوم التشريعي رقم 93/10 أو التعديلات التي لحقته فإن المشرع لم يبين لنا من خلال الأحكام القانونية كيفية اتخاذ الحكم التحكيمي و مدى إلزاميته و لا كيفية تنفيذه .... الخ. خلافا للقرارات الصادرة من نفس الغرفة الفاصلة في المجال التأديبي، كما سنتطرق إليه لاحقا في الاختصاص القمعي .
و ربما يعود سبب نقص الاهتمام إلى نوع النزاع التقني الذي ينصب محله على مجرد اختلاف في تفسير القوانين و اللوائح على عكس السلطة العقابية الناتجة عن عدم تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية و الإخلال بقواعد المهنة ، ولو أن الاختلاف بشأن تفسير القوانين و اللوائح لا يقل أهمية عن عدم تطبيقها ، لأن الخطأ في تفسير لائحة أو نص قانوني يؤدي حتما إلى عدم تطبيقه أو سوء تطبيقه .
و للتأكيد فإن المراجع القانونية الوحيدة تتمثل في مرسوم تنفيذي و الذي يبين الآتاوى المحصلة لفائدة اللجنة خلال التحقيق في نزاع تقني ناتج عن تفسير النصوص التشريعية والتنظيمية المنظمة لسير البورصة ، وقد تم تحديد تلك الآتاوى بموجب قرار على أن تكون بقيمة 1000 دج لكل ملف معالج يسدده الطالب.
حيث تنص المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 98/170 المؤرخ في20/05/1998 المتعلق الآتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها على أنه :" تحدد الآتاوى التي تحصلها اللجنة على الأعمال والخدمات التي تؤديها كما يأتي : -......- اتاوة عند دراسة النزاعات التقنية الناتجة عن تفسير النصوص التشريعية و التنظيمية التي تحدد سير البورصة ....."
و تطبيقا لهذه المادة فإن المادة 02 من القرار المؤرخ في 02/08/1998 تقضي بأنه:" تحدد نسبة الأتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها كما يأتي: .... دراسة نزاع ذي صبغة تقنية عن تأويل النصوص القانونية و التي تحدد
سير البورصة: تحدد إتاوة بمبلغ: 10000 دينار لكل ملف معالج يسدده الطالب، .... "
و بالنظر لنص المادة 57 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم و التي تقضي بأنه:" تعد قرارات الغرفة الفاصلة في المجال التأديبي قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة .... " .
و بمفهوم المخالفة فإن نفس الغرفة و التي تبين في المجال التحكيمي تصدر قرارات لا تكون قابلة للطعن فيها ، وذلك اعتبارا لنية المشرع الذي ينص على ذلك .كما هو الشأن للقرارات التأديبية أم انه يتم الرجوع إلى القواعد العامة في التحكيم.
كما تجدر الإشارة و على سبيل المقارنة في مجال السلطات الإدارية المستقلة فإن سلطة ضبط لكهرباء والغاز التي أنشئت بموجب القانون رقم 02/01 المؤرخ في 05/02/2002 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات و التي تتضمن غرفة التحكيم و التي تفصل في القضايا التي ترفع إليها بقرار مبرر بعد الاستماع إلى الأطراف المعنية ، ويمكنها القيام بكل التحريات سواء بنفسها أو بواسطة غيرها ، كما يمكنها تعيين خبراء عند الحاجة ،ويمكنها سماع الشهود ، ولها أن تأمر باتخاذ تدابير تحفظية في حالة الاستعجال و تكون قراراتها غير قابلة للطعن و عليه تكون واجبة التنفيذ.
و عليه كان على المشرع الحذو بنفس المسار مع لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة في مجال اختصاصها التحكيمي .

المبحث الثالث:الاختصاصات القمعية.
يعرف الاختصاص القمعي للهيئات المستقلة على انه الأهلية و الولاية التي يمنحها القانون لهذه الهيئات للمعاقبة على خرق القوانين والأنظمة أي لارتكاب المخالفات في المجال الذي تتولى ضبطه.
و باعتبار أن سلطة توقيع الجزاءات هي أصلا سلطة مخولة لقضاء باعتبار، فالاختصاص القمعي الممنوح لتلك السلطات يعتبر مظهر من مظاهر إزالة التجريم ، فهل هذا النقل في الاختصاص صاحبه نقل في الضمانات المكرسة أصلا أمام القضاء ؟
المطلب الأول:تجسيد السلطة القمعية
يعتبر الاختصاص القمعي للسلطات الإدارية المستقلة الخصوصية الأكثر أهمية التي تميز تلك الهيئات عن غيرها.و نظرا لوجود من يعتبر الاعتراف بالسلطة القمعية تعديا على اختصاص القاضي الجزائي و جب التطرق لذلك بالدراسة ,و كذا للدعوى التأديبية بصفة عامة التي يتم الفصل فيها من طرف هذه الهيئات.
و عليه سنتعرض أولا لتكريس السلطة القمعية لهذه الهيئات في المجال المالي و هي التي من خلالها نتطرق للجزاء الإداري و التعدي على اختصاص القاضي الجزائي ثم نتعرض لمدى دستورية هذا الاختصاص ،و ثانيا نتطرق لسريات الإجراءات القمعية و التعرض لمختلف العقوبات التي قد توقعها الهيئات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر.
الفرع الأول:الجزاء الإداري و التعدي على اختصاص القاضي الجزائي
أ-الاعتراف بالجزاء الإداري: إن ضبط القطاعات الاقتصادية و المالية لا يتلاءم معه نظام القمع الجنائي و هذا نظرا لخصوصية هذه القطاعات و طبيعة المخالفات المرتكبة لذا ظهرت السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة .
إن تخويل السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة يتجلى بصورة واضحة من خلال النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بهاو ذلك من خلال الاعتراف لها بصلاحيات التأديب،حيث تتمتع كل من اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة بسلطات جد هامة في مجال الضبط للقطاع المالي .
تندرج السلطة القمعية المعترف بها للسلطات الإدارية المستقلة ضمن مجال الجزاء الإداري و الذي يعتبر مظهر من مظاهر إزالة التجريم ، الظاهرة التي تعرف على أنها إزاحة للسلطة القمعية للقاضي الجنائي لصالح هيئات أخرى، و التي تتمثل في الهيئات الإدارية المستقلة في دراستنا هذه و استبدال العقوبات الجنائية بالعقوبات الإدارية.
و عليه فان الفقه و القضاء يتجهان إلى التسليم بان الجزاء الجنائي ليس حكرا على القاضي الجزائي وحده إنما يمكن للإدارة أيضا أن تقدم جزاءات جنائية، و هو الاتجاه الذي تزامن مع بروز ظاهرة الردة عن التجريم التي ترجع إلى أسباب مختلفة بحسب الاتجاهات منها من يرجعها للتضخم التشريعي في مجال التجريم أو عدم ملائمة التجريمات الجزائية أو عدم استجابتها لمتطلبات قمع ما أو كون بضرورة منح الإدارة وسائل السياسة التي تريد إتباعها.
و إذا استثنينا ايطاليا و البرتغال اللتان تأثرتا بالنظام الألماني ، ظلت معظم التشريعات تتجاهل نظام الجزاء الإداري رغم العمل به في الواقع و هذا ما جعل الفقه يهتم بالموضوع قبل أن ينتقل النقاش إلى القضاء و المجس الدستوري كما هو الحال في فرنسا التي تشبه منظوماتنا القانونية إلى حد كبير تلك الخاصة بها .
تعتبر فرنسا من البلدان الأكثر ترددا في الاعتراف بالجزاء الإداري كنظام قائم بذاته و ذلك بسبب تمسكها بالقيم الليبرالية المستمدة من إعلان حقوق الإنسان و المواطن سنة 1789 و الذي يضع الحقوق والحريات تحت الحماية المزدوجة للمشرع و القاضي حيث تعهد للقاضي مهمة العقاب عن الجرائم و فضّل القمع الجزائي عن القمع الإداري إلا أن ذلك لا ينفي وجود هذا الأخير في الواقع خاصة مع ظهور ما يسمى السلطات الإدارية المستقلة.
واستمرت ظاهرة الردع الإداري في الاتساع شيئا فشيئا حتى مطلع السبعينات من القرن الماضي وذلك بظهور الهيئات الإدارية المستقلة في فرنسا التي تكرس تحول الدولة من المتدخلة إلى الضابطة من أجل تنظيم بعض القطاعات الحساسة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية كالاتصالات، المجال المصرفي،... نظرا لعدم قدرة الأساليب التقليدية لضبط هذه القطاعات،وعليه فإن القمع الذي يمارسه القاضي الجنائي أظهر محدوديته وعدم تلاؤمه مع طبيعة القطاع اقتصادي.
و في الجزائر ،كانت ظاهرة القمع الإداري معروفة غداة الاستقلال حيث تمّ توارث النصوص الفرنسية إذ ساهم العامل التاريخي في إرساء هذه الفكرة من جهة، ومن جهة أخرى فان النهج الاقتصادي الذي تبنته الدولة بعد الاستقلال والمتمثل في الاقتصاد الموجه أدى إلى تبنيه وإحلاله محل القمع الجنائي وذلك في عدة مجالات :الضرائب، الجمارك، مجال الأسعار...
وتم إنشاء السلطات الإدارية المستقلة وتخويلها مهام تتلاءم مع دور الدولة الجديد ، ضبط القطاع الاقتصادي بمراقبة السوق وتنظيمه والتحكم في مختلف المصالح الاقتصادية، مما أدى إلى تخويل هذه الهيئات سلطة قمعية كانت من اختصاص القاضي الجنائي.
و يعود اختصاص قمع المخالفات في مجال البورصة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، وفيما يخص قطاع البنوك فأن اللجنة المصرفية تتولى توقيعا العقوبات على البنوك والمؤسسات المالية عند مخالفتها الأحكام التشريعية والتنظيمية وأخلاقيات المهنة.
كما تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة إزالة التجريم قد تكون كاملة شاملة وقد تكون جزئية حتى يبقى القاضي الجنائي يحتفظ بجزء منها كما هو الجنة المصرفية أو لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة فان إزالة التجريم جزئية حيث يحتفظ القاضي الجنائي باختصاصه في النظر في المخالفات للأحكام التشريعية والتنظيمية.
يمكن للجنة المصرفية أن تمارس السلطة القمعية المخولة لها قانونا في الحالات الآتية:
-حالة مخالفة البنك أو المؤسسة المالية للنصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بمجال نشاطها،
-حالة أن المعني بالرقابة البنكية لا يأخذ بعين الاعتبار التحذير الموجه له من اللجنة ،
-حالة المعني بالرقابة لا يمتثل لأمر اللجنة .
بالإضافة إلى حالة عدم احترم البنوك و المؤسسات المالية لمقاييس التسيير الموجهة لضمان سيولتها و قدرها على الوفاء اتجاه المودعين والغير وكذا توازن بنيتها المالية طبقا لنص المادة 97 من الأمر 03/11 المذكور آنفا
و يتم فتح إجراءات تأديبية في حالة خطأ الجسيم في التسيير من طرف المسيرين طبقا لنص المادة 10 من النظام رقم 92/05 المؤرخ في 22/03/1992 المتعلق بالشروط التي يجب أن تتوفر في مؤسسي البنوك و المؤسسات المالية و مسيريها و ممثليها.
إن ظاهرة إزالة التجريم هي تقنية تخدم الضبط الاقتصادي وتسمح بتأقلم السلطة القمعية إلا أن القاضي الجنائي مازال يتدخل لقمع المخالفات الاقتصادية، ويمكنه حتى أن يتدخل في ممارسات يتدخل فيها القمع الإداري معا.
ب- دستورية الجزاء الإداري : لقد ثار نقاش حول دستورية الجزاء الإداري سيما أن اختصاص القمع تمارسه السلطة القضائية حسب
المادة 146 من دستور 1996 التي تقضي باختصاص القضاة بإصدار الأحكام ، وأن السلطة القضائية تهدف إلى حماية المجتمع والحريات وتضمن للجميع ولكل واحد المحافظة على حقوقه الأساسية طبقا لنص المادة 139 من نفس الدستور وعليه بأي حق تمارس الهيئات الإدارية المستقلة هذه السلطة القمعية؟
إن العائق الدستوري المثار بمناسبة تخويل هذه الهيئات سلطة توقيع العقوبات يتمثل في مبدأ الفصل بين السلطات المعترف به دستوريا.
تخرق هذه السلطات هذا المبدأ على مستويين باختلاف السلطات الممنوحة لها حيث أنه بالنسبة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة التي تتمتع باختصاص تنظيمي واختصاص قمعي وهو الأمر الذي يخالف مبدأ عدم الجمع بين السلطات الذي يستبعد أن تكون سلطة إدارية حائزة لسلطة تنظيمية ويمتلك في ذات الوقت سلطة قمعية تمكنها من معاقبة مخالفة الأنظمة التي تضعها بنفسها هذا من جهة , و من جهة أخرى فان هذه الهيئات تتدخل في اختصاص هيئات أخرى و هو ما يعتبر خرق لمبدأ تخصص السلطات الذي بموجبه يحتكر القاضي الجنائي وحده سلطة القمع و هذا المبدأ ينظر إليه كضمان أساسي للمواطنين لما يتمتع به القاضي الجنائي من استقلالية في ممارسة مهامه.
لا تثار العراقيل السابقة في الدول التي تبنت فكرة القمع الإداري دستوريا كاسبانيا و البرتغال ،حيث أعطى الدستور الاسباني لسنة 1978 مكانة للعقوبات الإدارية الذي تنص المادة 25 الفقرة الأولى منه على انه لا يمكن أن يدان أو يعاقب أي شخص بمناسبة ارتكاب أفعال لا تمثل جريمة أو مخالفة إدارية في الوقت الذي ارتكبت فيه و ذلك بالنظر إلى النص القانوني الساري المفعول وقت ارتكابها ، وتمنع الفقرة الثالثة من نفس المادة توقيع العقوبات السالبة للحرية من طرف الإدارة ، بينما يتميز الدستور البرتغالي سنة 1976 بين المخالفات الجزائية و الإدارية.
و هناك من الدول التي تكفل المؤسس الدستوري بإقرار الجزء الإداري و النطق بشرعيتها و ذلك عندما تكون ضمن مجالات اختصاص هذه الأشكال الجديدة للضبط و هي السلطات الإدارية المستقلة.
و لقد ميزت المحكمة الدستورية في ألمانيا بين المخالفات الجزائية التي تدخل ضمن اختصاص القاضي و المخالفات التنظيمية الخاصة بالمجال الاقتصادي أين تم القبول بالقمع الإداري ،و صرح القاضي الدستوري مطابقا للدستور القانون الذي يحول العقوبات الجزائية إلى عقوبات إدارية و ذلك في إطار وضع سياسة إزالة التجريم.
و لقد تعرض المجلس الدستوري الفرنسي لمسالة شرعية الجزاء الإداري حيث اعتبر في مرحلة أولى الجزاء الإداري غير دستوري لتعارضه مع مبدأ الفصل بين السلطات إلا انه هناك من يرى انه اكتفى بالإشارة إلى أن هذه الجزاءات لا يجوز أن توكل لسلطة إدارية و ذلك من خلال قرار رقم84-181 بتاريخ 10-11 اكتوبر1984.
و عرف مرحلة ثانية تميزت بالإقرار النسبي بدستورية الجزاءات الإدارية و ذلك في حالة وجود علاقة بين الإدارة وصاحب الشأن و ذلك بموجب قراره الصادر بتاريخ 17/01/ 1989 في قضية المجلس الأعلى السمعي البصري (csa) و اعتبر عدم تعارض الجزاءات التي تفرضها مع مبدأ الفصل بين السلطات إذا كانت هذه الجزاءات ضد أشخاص تربطهم بالإدارة علاقة كالموردين و المستفيدين من رخص لممارسة نشاطهم المهني.
و عرف مرحلة الإقرار التّام بدستورية الجزاءات الإدارية بموجب قراره الصادر بتاريخ 28/07/1989 خلال بته في صلاحيات لجنة عمليات البورصة.
و منحت له عند إنشائه اختصاص قمعي و خوّله القانون سلطة فرض جزاءات مالية تصل إلى 60 مليون فرنك فرنسي وأكثر لقمع مخالفة واجبات مهنة سمسار الأوراق المالية .
و أحيل القانون على المجلس الدستوري للبت في دستورية هذه الجزاءات و أكد عدم معارضة هذه الأخيرة للدستور الفرنسي و ذالك ما يتجلى من خلال قراره الصادر في 28/07/1989 و التي تنص على انه لا يوجد أي مبدأ دستوري بما في ذلك مبدأ الفصل بين السلطات ولا أي قاعدة دستورية أخرى تمنع السلطة الإدارية من خلال ممارستها لامتيازاتها كسلطة عامة أن تفرض جزاءات ...
و عليه فان القمع الإداري لا يتنافى مع أحكام الدستور سيما مع مبدأ الفصل بين السلطات ، و يمكن لمختلف السلطات الإدارية المستقلة أن تعطى لها اختصاصات قمعية و ما ذلك إلا تعبير عن امتيازات السلطة العامة .
و ليس لنظام القمع الإداري مجال تطبيق محدد حالة وجود علاقة سابقة بين الهيئة و الشخص المعاقب و هذه نقطة هامة لأنها تجعل من القمع الإداري يقارب الجزاء الجنائي باعتبار الطابع القمعي لتصرف مخالف للقوانين و الأنظمة التي يمكن أن تمس جميع الأطراف.
و اعتبر البعض أن المجلس الدستوري قد فتح المجال واسعا أمام تطبيق القمع الإداري مساهما بذلك في تعميمه، و قد استبعد أن تنحصر
سلطة الإدارة في فرض الجزاءات على الأشخاص الذين تربطهم علاقة معينة بها.
أما في الجزائر فانه لا المجلس و لا القضاء و لا الفقه تطرقوا إلى مسالة شرعية الجزاءات الإدارية الممنوحة قانونا سيما بالنسبة للسلطات الإدارية المستقلة و عليه نرى انه و نظرا للتشابه بين المنظومتين القانونيتين الفرنسية و الجزائرية فان نفس الأسباب ونفس الأسس تكون صالحة لما هو جاري في القانون الجزائري .
و عليه و بعد تكريس السلطة القمعية للسلطات الإدارية المستقلة من خلال إقرار الجزاء الإداري و ظاهرة إزالة التجريم فإننا نتساءل حول كيفية ممارسة السلطة القمعية.
الفرع الثاني:ممارسة السلطة القمعية.
تعتبر العقوبة الإدارية وسيلة لإعادة التوازن بين الفعل المرتكب و الإساءة الناتجة عنه،و نظرا لطبيعة الجزاء الإداري لا سيما الذي
تختص به السلطات الإدارية المستقلة في المجال الاقتصادي بوجه عام و المالي بوجه خاص فان ممارسة السلطة القمعية تقام وفق شروط و بإتباع إجراءات معينة .
أ-شروط ممارسة السلطة القمعية
دائما و بالاستئناس إلى ما توصل إليه المجلس الدستوري الفرنسي الذي أوضح في قراره المؤرخ في 28/07/1989 أن للإدارة أن تمارس سلطة الجزاء "...ما دام الجزاء الذي تسلطه لا يتضمن الحرمان من الحرية و أن ممارسة الإدارة لهذه السلطة تحوطها بتدابير ترمي إلى حماية الحقوق و الحريات التي يحميها الدستور."
فحسب قضاء المجلس الدستوري الفرنسي فان السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة لا تمثل مساسا لمبدأ الفصل بين السلطات.
إلا انه قام برسم الخطوط الأساسية لتقنين القمع الإداري الذي في نفس الوقت قريب ومتميز عن القمع الجنائي، متميز في نقطة هامة حيث انه إذا كانت الجزاءات الإدارية يمكن أن تأخذ عدة أشكال إلا أنها لا يمكنها لأي سبب كان أن تكون سالبة للحرية .
و عليه فانه بذلك يضع المجلس الدستوري حدود فاصلة بين سلطة القاضي و سلطة الإدارة في مجال العقاب، فالقاضي وحده من يستأثر بسلطة توقيع عقوبات سالبة للحرية دون السلطات الإدارية المستقلة بصفة خاصة و الإدارة عموما.
و عليه و بمقتضى الشرط الأول لا يجوز لامتيازات الإدارة أن تصل إلى درجة المساس بالحرية الفردية و عليه لا يجوز أن يكون الحبس أو تقييد الحرية الفردية ضمن الجزاءات الإدارية.
و عليه و طبقا لأحكام الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/ 2003 و المتعلق بالنقد و القرض فان اللجنة المصرفية المخول لها قانونا ممارسة السلطة العقابية لا يمكنها إصدار عقوبات سالبة للحرية حيث أن المشرع تكفل ببيان أنواع العقوبات التي يمكنها القضاء بها في المادة 114 من نفس الأمر.
كذلك الشأن بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عملية البورصة التي تتمتع باختصاص قمعي محدد قانونا طبقا لنص المادة 53 من المرسوم التشريعي رقم93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل و المتمم و جاء النص على العقوبات التي تصدرها اللجنة في المادة55 من نفس المرسوم المذكور دون الحبس.
و تجدر الإشارة إلى أن العقوبات الوحيدة السالبة للحرية الواردة في المادتين 59و60 من نفس المرسوم قد جاء النص بشأنها، في المادة 55 فقرة أخيرة على اختصاص الجهات القضائية العادية بتوقيعها و عليه يمنع على لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة توقيع عقوبة الحبس ولو إعمالا لنص المادتين من المرسوم المذكور أعلاه.
أما فيما يخص الشرط الثاني الذي يقتضي احترام ضمانات الدعوى العادلة التي يكفلها الدستور و الإجراءات الجنائية منها توفير الحق في الدفاع و الحق في الطعون و قد سبق للمجلس الدستوري في قراره رقم88ـ284 في قضية المجلس الأعلى السمعي البصري حيث نص على انه:"...يتعين على المشرع ضمان ممارسة هذه السلطات ضمن إجراءات محددة للحفاظ على الحقوق و الحريات المضمونة دستوريا..." ،و من خلال مناقشة مسألة حقوق الدفاع يقتضي التطرق إلى مبدأ الحياد، الحق في الاطلاع على الملف و الحق في الاستعانة بمحام.
و يقتضي مبدأ الحياد تبني نظامي التنافي و المنع من التداول في حالة المصلحة أو الترابط.و بالرجوع إلى أحكام الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 والمتعلق بالنقد و القرض فانه يمنع كل من محافظ بنك الجزائر الذي يعتبر رئيس اللجنة المصرفية و القاضيين العضوين في اللجنة من ممارسة أية وظيفة أخرى و لم يأتي النص على ذلك بالنسبة للأعضاء الثلاثة الآخرين في اللجنة.
أما فيما يخص لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فان المادة 24 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، المعدل و المتمم ، تنص على أن مهمة رئيس اللجنة تتنافى مع أية إنابة انتخابية أو وظيفة حكومية أو ممارسة وظيفة عمومية أو أي نشاط آخر باستثناء أنشطة التعليم أو الإبداع الفني أو الفكري.
و لا يجوز له و لا لجميع المستخدمين الدائمين في اللجنة أن يقوموا بأية معاملات تجارية حول أسهم مقبولة في البورصة طبقا للمادة 25 من نفس المرسوم ،وأما القاضيان المعينان في الغرفة التأديبية و التحكمية فهما يخضعان لنظام التنافي بحكم مركزهم كقضاة. و عليه فان أعضاء اللجنة دون الرئيس لم يأتي منعهم من ممارسة وظائف أخرى و لم يأت النص بالنسبة للجنة المصرفية و للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة عن المنع عند تداول حالة وجود مصلحة في القضية محل النظر أو قرابة مع أحد الأطراف
ب-سريان الإجراءات التأديبية
مقارنة مع الدعوى العمومية فان التطبيق الفعلي للسلطة القمعية للسلطات الإدارية المستقلة يتضمن مرحلة تمهيدية للتحري و التحقق و التي يتبعها النطق بالعقوبة و التي تأخذ أشكال مختلفة.
و عليه فان هذه السلطات مؤهلة من اجل إجراء تحقيقات و التي لا تهدف فقط لمراقبة الأشخاص التي تمارس نشاط يدخل ضمن اختصاصاتها و بهدف البحث عن مخالفات التشريع و التنظيم الساريين المفعول كل في مجالها القطاعي.
وكما سبق التطرق إليه في الاختصاص الرقابي فان اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة مؤهلتان لممارسة الرقابة بناءا على الوثائق و في الأماكن و التي تعتبر ضمن التحقيقات الغير ردعية و التي عموما لا يتم إخضاعها لقواعد الإجراءات و التي تجرى بالنسبة للتحقيقات الردعية.
ما فيما يخص التحقيقات الردعية فهي تشبه إلى حد كبير عمليات الشرطة القضائية ، تتم في إطار البحث عن المخالفات وتتميز بإمكانية إجراء تفتيش وحجز هذا النوع من التحقيقات غائب على مستوى السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر ونجدها على مستوى مجلس المنافسة.
و على خلاف الجزائر فان لجنة عمليات البورصة في فرنسا تمارس هذه التحقيقات في حالات محددة قانونا كجنح استغلال معلومات امتيازية، و نشر معلومات خاطئة و كل مناورة تهدف إلى عرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة و ذلك تحت رقابة القاضي.
حيث أن عمليات التفتيش والحجز أحاطها القانون لفرنسي بضمانات، بالإضافة إلى كونها صارمة، فإنها تتم تحت الرقابة الضيقة للقاضي حامي الحريات
ففي مجال النقد والقرض تقوم اللجنة المصرفية بإعلام البنك أو المؤسسة المالية بالأفعال المنسوبة إليها بموجب رسالة موصى عليها مع الإشعار بالوصول ترسل إلى ممثلها القانوني، وتكون مرفوقة بقرار التأنيب والذي يعتبر نوعا ما إجراء اتهام تأديبي. ويتم التنبيه فيه على إمكانية الشخص محل المساءلة توجيه ملاحظات كتابية إلى رئيس اللجنة المصرفية 15 يوما على الأقل قبل الجلسة ويمكنه الاستعانة بمحام مقبول لدى مجلس الدولة أو بممثل لجمعية البنوك والمؤسسات المالية ويمكنه الاطلاع على ملف المساءلة التأديبية.
و طبقا لنص المادة 107 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد والقرض فان اللجنة تتخذ قراراتها بالأغلبية وفي حالة تساوى عدد الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا، وتجدر الإشارة إلى أن المناقشة والمداولة تكون في جلسة سرية مغلقة دون الحضور.
تكون القرارات القضائية مسببة سواءا بألا وجه للمساءلة التأديبية أو بانتفاء وجه المتابعة أو عقوبات يمكن أن تكون: الإنذار، التوبيخ، المنع من ممارسة بعض العمليات وغيرها من أنواع الحد من ممارسة النشاط، التوقيف المؤقت لمسير أو أكثر مع تعيين قائم بالدارة مؤقتا دون ذلك وأخيرا سحب الاعتماد حسب نص المادة 114من الأمر 03/11 المذكور أعلاه.
وتجدر الإشارة إلى أن أغلبية الإجراءات المطبقة أمام اللجنة المصرفية قد تم تحديدها عن طريق نظام داخلي ،وذلك حسب ماورد في قرار مجلس الدولة رقم 2129المؤرخ في 08/05/2000 بين يونين بنك وبنك الجزائر .
ويمكن طبقا لنص المادة 114من الأمر 03/11 المذكورة أعلاه أن تقضي بدلا عن العقوبات السالف ذكرها، أو إضافة إليها، بعقوبة مالية تكون مساوية على الأكثر للرأسمال الأدنى الذي يلزم البنك أو المؤسسة المالية بتوفيره.
ويمكن للجنة القضاء بسحب اعتماد بنك أو مؤسسة مالية وحينها تحدد كيفيات تصفيتها طبقا لنص المادة 116 من الأمر المتعلق بالنقد والقرض ذلك يعود إلى تحديد الفاعل الرئيسي ألا وهو المصفي الذي يعد تقريرا للجنة من اجل تمكينها من ممارسة الرقابة المرجوة من خلال نص المادة115/4 من الأمر رقم 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 .
وتجدر التفرقة بين القائم بالإدارة المعين مؤقتا في حالة تطبيق المادة 113 من الأمر 03/11 والذي يعين في حالة العقوبات المطبقة بموجب المادة 114 من نفس الأمر والمتعلق بالنقد والغرض.
حيث انه و طبقا لنص المادة113 من الأمر لرقم 03/11 فانه يمكن تعيين قائم بالإدارة مؤقت و لو بمبادرة من اللجنة إذا كان تسيير المؤسسة لا يمكن ضمانه بإتباع الشروط العادية فانه لا يعتبر عقوبة في حد ذاته بل جاء بهدف الصعود بالمؤسسة و إنقاذها . بينما في المادة 114 من نفس الأمر فان تعيين القائم بالإدارة مؤقتا طبقا للفقرات 4 و 5 من نفس المادة هي جوازية وليست إلزامية ولا تعد عقوبة بحد ذاتها بل تكملة فقط لأنه رغم التوقيف المؤقت أو إنهاء مهام المسير فان المؤسسة لابد من استمرارها .
ولقد سبق لمجلس الدولة التطرق لهذه التفرقة في قراره رقم 12101 المؤرخ في 01/04/2003 بين البنك الجزائري الدولي و بنك الجزائر حيث يقضي في حيثياته أن القرار المطعون فيه و المتمثل في تعيين قائم بالإدارة مؤقت تطبيقا للمادة 155/2 من القانون 90/10 التي تقابلها المادة 113 من الأمر 03/11 إجراء إداري تدبير تحفظي و لا يعد تدبيرا ذات طابع تأديبي، وعليه لا يخضع للإجراءات المنصوص عليها بالمادة 156 من نفس قانون المتعلق بالإجراءات المتبعة في هذا الصدد.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يتطرق إلى مسالة مدة الإدارة المؤقتة و لم يتولى تحديد على الأقل حد لها يمكن الاسترشاد به.
و في هذا الإطار فان هذه لمدة ترجع إلى الوقت اللازم للقيام بالمؤسسة في كل الحالات المنصوص بها في القانون في المادتين 113 و114 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض من جهة و من جهة أخرى هل يعقل انه يمكن تحديد مدة يتم فيها انجاز المهمة المرجوة بكل سهولة.
و لا تتوقف صلاحيات اللجنة عند البنوك و المؤسسات المالية حيث يمكنها أن تضع قيد التصفية و تعين مصفى لكل مؤسسة تمارس بطريقة غير قانونية العمليات المخولة للبنوك و المؤسسات المالية أو التي تخل بإحدى الممنوعات المنصوص عليها في المادة81 من هذا الأمر طبقا لنص المادة 115/3 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 المتعلق بالنقد و القرض.
و يمكن الطعن في قرارات اللجنة المتعلقة بتعيين قائم بالإدارة مؤقتا أو المصفي و العقوبات التأديبية طبقا لنص المادة 107/2 من الأمر 03/11المذكور أنفا .
و في مجال البورصة، تتكفل لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة بدراسة الاخلالات بالتشريع و التنظيم المعمول بهما في هذا المجال .
يتم البدء في سريات الإجراءات التأديبية سواء من تلقاء نفسها أو يطلب من المراقب المنصوص عليه في المادة 46 من المرسوم التشريعي رقم93/10، بطلب من الوسطاء في عمليات البورصة، شركة تسيير بورصة القيم، الشركات المصدرة للأسهم، الأمرين بالسحب في البورصة وبناء على تظلم أي طرف له مصلحة وذلك طبقا للمادة 51 من المرسوم التشريعي 93/10 الأنف الذكر . ويتم الاستماع للممثل المؤهل للمتهم أو بعد استدعائه قانونا للاستماع إليه، تتولى اللجنة إصدار العقوبة التي تراها مناسبة والتي جاء النص عليها في المادة 55 من المرسوم التشريعي 93/10 و هي إما الإنذار، التوبيخ , حظر النشاط كليا أو جزئيا مؤقتا أو نهائيا أو سحب الاعتماد، و يمكنها أن تفرض أيضا غرامات يحدد مبلغها بعشرة ملايين دينار أو بمبلغ يساوي المغنم المحتمل تحقيقه بفعل الخطأ المرتكب .
و يعتبر سحب الاعتماد اخطر عقوبة يمكن أن تصيب بنكا أو مؤسسة مالية في مجال النقد و القرض من جهة، و الوسيط في مجال بورصة القيم المنقولة من جهة أخرى.
ويعتبر الاعتماد قرار ضروري لإنشاء مؤسسة القرض و لوجودها القانوني و كذا لمزاولة نشاط الوسيط و سحبه يعني وضع حد لحياة البنك أو المؤسسة المالية ، الأمر الذي سيتبعه تصفية المؤسسة و إنهاء نشاط الوسيط نهائيا في المجال البورصي.
و نلاحظ أن سلطة لجنة تنظيم عملية البورصة و مراقبتها محدودة في مجال العقوبات المالية ، حيث حدد المشرع النسبة التي تطبقها اللجنة ويقتصر دور غرفة التأديب و التحكيم في مجرد إصدار العقوبة النطق بها على خلاف اللجنة المصرفية التي حدد المشرع لها حدا أقصى يتمثل في الرأسمال المال الأدنى الذي يلزم به بنك أو مؤسسة مالية توفيره وعليه فهي ذات سلطة تقديرية واسعة على خلاف ما هو جاري في مجال البورصة.
و عليه فان العقوبات التي تفرضها السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي ممثلة في اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة تكون إما معنوية، مقيدة للحقوق أو مالية.
و على ضوء ما سبق فانه قد سبق للجنة المصرفية أن أصدرت عدة عقوبات و تم الطعن فيها أمام مجلس الدولة، حيث أصدرت قرارا بتاريخ
21/08/2003 قامت من خلاله بسحب الاعتماد الممنوح للبنك التجاري الصناعي الجزائري بصفته بنك بمقتضى المقرر رقم 98/08 الصادر عن محافظ بنك الجزائر بتاريخ 09/1998 و قامت بوضعه قيد التصفية و تعيين مصفي للقيام بالعمليات التقنية مع إعلام الجمهور بمنطوق هذا القرار و عليه التمس المعني إلغاء قرار السحب من مجلس الدولة و بصفة مستعجلة الأمر يوقف تنفيذ هذا القرار و هوا لطلب الذي رفض نظرا لعدم تأسيسه .و كذلك الشأن بالنسبة لبنك الخليفة بنك حيث سحبت اللجنة منه الاعتماد بموجب قرار مؤرخ في 29/05/2003 تحت رقم 03/2003 و عليه طعن المعني بالسحب فيه أمام مجلس الدولة الذي قضى بعدم قبول الطعن شكلا نظرا لعدم إرفاق الطاعن عريضة الطعن بالبطلان بالقرار محل الطعن وهدا ما يخالف نص المادة 169 من قانون الإجراءات المدنية. المطلب الثاني:نطاق تأطير السلطة القمعية
باعتبار أن و عليه نتساءل عن مدى المشرع الجزائري أقر الجزاء الإداري و أخذ بظاهرة إزالة التجريم و اعتبر الجزاءات الإدارية جزاءات بأتم معنى الكلمة التأطير القانوني للسلطة القمعية لهذه السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي و ذلك سواء من حيث الضمانات الممنوحة للخاضعين للجزاء الذي توقعه أو من حيث خضوعها للرقابة القضائية

الفرع الأول:خضوع السلطة القمعية للضمانات القانونية
إن نقل الاختصاص من القاضي الجنائي إلى السلطات الإدارية المستقلة يجب أن يرافقه نقل لتلك الضمانات التي يوفرها القاضي الجنائي، وهذا من أجل تفادي انتهاك حقوق الأفراد ، إذ لا يمكن الاحتجاج بالسرعة و الفعالية لتبرير تدخل هذه الهيئات للتقليل من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة .
فخضوع السلطة القمعية للسلطات الإدارية المستقلة للضمانات القانونية يعني تكريس الضمانات القانونية الموضوعية و الإجرائية بنوعيها.
أ ـ الضمانات القانونية الموضوعية
أمام غياب نموذج موحد للسلطات الإدارية المستقلة و عدم وجود تقنين موحد يعرف النظام القانوني للمخالفات و العقوبات التي توقعها تلك السلطات يجعل مهمة تحديد الضمانات القانونية الموضوعية الموفرة من طرف تلك السلطات أمر صعب و عليه سنحاول التطرق إلى مداها على مستوى السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي و ذلك بالمقاربة مع القانون الجنائي.
يعد مبدأ الشرعية من أهم المبادئ المجسدة في المادة 01 من قانون العقوبات الجزائري والمادة142الدستور الجزائري لسنة 1996 وباعتبار عناصر الجريمة في المخالفات الإدارية مرنة جدا فان السلطات الإدارية المستقلة لها حرية كبيرة في التحرك لقمع كل المخالفات المحتملة .
و على خلاف السلطة القمعية لمجلس المنافسة حيث تكفل المشرع بتبيان الأفعال التي تعد مخالفات في المجال الذي يضبطه من خلال الأمر 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بالمنافسة فانه بالنسبة للجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة التي تشير النصوص القانونية بصدد اختصاصها القمعي إلى مجرد انتهاك النصوص التشريعية و التنظيمية أو الإخلال بالواجبات المهنية ، كما هو شأن النصوص المعلقة باللجنة المصرفية .
و لقد تعرض المجلس الدستوري الفرنسي لهذه النقطة في قرار رقم 88/248 المتعلق بالمجلس الأعلى للسمعي البصري حيث قضى بأنه:"حيث أنه، بتطبيقها خارج إطار القانون الجزائي ، متطلبات تعريف المخالفات المعاقب عليها تكون مستوفاة،في المادة الإدارية، وذلك بالإشارة إلى الالتزامات التي يكون صاحب الترخيص الإداري ملزما بها بموجب القوانين و التنظيمات."
و لا يتوقف الإشكال عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى شرعية العقوبات و يطرح بحدة لكون أنه يتم تحديد مجموعة المخالفات و مجموعة العقوبات ولا يبين المشرع أية عقوبة تطبق على كل مخالفة ، كما هو الشأن للجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة حيث تتراوح العقوبات بين الإنذار وسحب الاعتماد فيما يخص العقوبات غير المالية .
لكن المشرع لم يبين متى توقع الهيئة الإنذار أو التوبيخ أو سحب الاعتماد أو العقوبات المالية بصفة منفردة أو العقوبة المالية بمعية العقوبات غير المالية.
و عليه فان المشرع أعطى سلطة تقديرية واسعة لكل من اللجنة المصرفية و لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة في اختيار العقوبات التي توقعها عكس القانون الجزائي الذي يطبق مبدأ الشرعية بمفهومه الضيق.
كما تخضع العقوبات الجزائية إلى مبدأ الشخصية المكرس قانونا و دستوريا و عليه نتساءل حول موقع هذا المبدأ أمام السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر؟
يقتضي هذا المبدأ إنزال الجزاء على شخص مرتكب الجريمة أي المخالفة بل أكثر من ذلك ضرورة أن يحدد النص المجرم الشخص الذي يوقع عليه الجزاء .
تعاقب لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة الوسطاء في عمليات البورصة الذين يعتبرون أشخاص معنوية طبقا لنص المادتين 6 و 53 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993، المعدل و المتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
أما بالنسبة للجنة المصرفية فإنها تختص بتوقع العقاب على البنوك و المؤسسات المالية التي تأخذ شكل شركة مساهمة طبقا للمادة 111 من الامر03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض .
و لم تعد مسؤولية الشخص المعنوي تطرح بعد إقرارها من طرف المشرع الجزائري في القانون الجزائي .
إلا أنه يجب التفرقة بين الخطأ الذي يرتكبه الشخص بمناسبة إدارته للشخص المعنوي عن مسؤولية هذا الأخير ، فإذا تعدى الشخص الطبيعي حدود اختصاصه فلا يسأ ل الشخص المعنوي ، أما إذا كانت الممارسة بموافقة مجلس الإدارة فان مسؤولية الشخص المعنوي ثابتة في هذه الحالة.
إضافة إلى مبدأ التناسب الذي يقتضي عدم إسراف الهيئة المعنية بتوقيع الجزاء و عدم الغلو في تقديره و ضرورة اختيار الجزاء المناسب و الضروري لمواجهة التقصير المرتكب و هو ما تطرق إليه المجلس الدستوري الفرنسي الحامل لرقم 89/260 و المتعلق ببورصة القيم المنقولة .
و عليه يقتضي هذا المبدأ عندما تقوم السلطة الإدارية باختيار الجزاء للمخالفة المرتكبة أن تقوم بالموازنة بين خطورة المخالفة على المصالح الفردية و الإدارية و مدى ما حققه المخالف من منفعة، و مقدار ما يناله من جزاء.
و لم يكن المشرع الجزائري صريحا بشأن هذا المبدأ أمام الهيئات الإدارية المستقلة عكس نظيره الفرنسي إلا أنه و باستقراء النصوص يمكن أن نستنتج أخذه بهذا المبدأ من خلال وضع حد أقصى للعقوبة كما هوحال اللجنة المصرفية ، أو بتحديدها مباشرة كما هو حال لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة .
و رغم أن هذه الهيئات الإدارية المستقلة تتبنى في العقاب الاعتماد على الفعل المادي إلا أنه في بعض الأحوال تولي اهتماما بالركن المعنوي إما بتشديد العقوبة أو بتخفيضها و ذلك حسب ظروف المؤسسات .
و لم يأت النص فيما يخص العود في القوانين الخاصة بالمجال المالي على خلاف القانون 02.01 المتعلق بالكهرباء و نقل الغاز عن طريق القنوات في مادته 148 على أنه:"يحدد مبلغ الغرامة ...و في حالة العود دون أن يفوق عشرة ملايين دينار."
و يطرح أيضا احترام مبدأ التناسب من خلال عدم الجمع بين العقوبات التي توقعها الهيئات الإدارية المستقلة فيما بينها مع العلم أن اختصاص مجلس المنافسة غير محدد بقطاع اقتصادي معين ، فهو يمارس رقابة أفقية على جميع الأعوان الاقتصاديين عكس الهيئات الضبطية الأخرى التي تمارس رقابة عمودية على أعوان القطاع فقط .
و لم يتم الفصل في هذه المسألة من طرف المشرع الجزائري رغم انه في الأمر 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 و المتعلق بالمنافسة تنبه إلى إمكانية حدوث هذه الإشكالات حسب ماورد في المادة 39 منه .
أما فيما يخص مبدأ عدم الجمع بين العقوبات الإدارية و الجزائية فقد سبق للمجلس الدستوري الفرنسي التطرق لهذه المسألة في القرار رقم 82ـ143 المؤرخ في 30/07/1982 حيث اقر انه مبدأ مكرس في قانون المجال الجزائي إلا أنه يمكن للمشرع أن يضع استثناءات عليه .
و عليه و بصفة غير مباشرة و كأنه إقرار بإمكانية الجمع و هوحال العقوبات المقررة سواء في مجال بورصة القيم المنقولة حيث يعاقب العون الذي ينشر معلومات خاطئة أو يغالط الجمهور أو يمارس مناورة ما بهدف عرقلة حسن سير سوق القيم المنقولة يعاقب من طرف اللجنة و القضاء . كما أنه و باعتبار السر المهني من أخلاقيات المهنة المصرفية فان إفشاءه تعاقب عليه اللجنة المصرفية بحكم المادة 114 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض إلا أن نفس الأمر في مادته 117 يحيل إلى قانون العقوبات ليعاقب على الفعل نفسه بموجب المادة 301 منه.
و طبقا لأحكام المادة 139 من الأمر 03/11 المذكور أعلاه التي تنص على أنه:" يعاقب على كل مخالفة للأحكام الواردة في الكتاب السادس أعلاه و الأنظمة المتخذة لتطبيقه، بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و بغرامة يمكن أن تصل إلى 20  من قيمة الاستثمار." فانه إلى جانب الجزاء الإداري يمكن توقيع الجزاء القضائي في آن واحد على نفس الفعل و يبقى الإشكال مطروحا أمام سكوت المشرع الجزائري.
و أخيرا وباعتبار مهمة الضبط الإداري محددة من حيث الزمان حيث يمكن للهيئات ذاتها و يمكن تعديل القوانين و التنظيمات التي تصدرها بحد ذاتها ، فهل نطبق مبدأ عدم رجعية القوانين المنصوص عليه في الجزائي مع استثناءاته في هذا المجال؟
يعتبر مبدأ عدم رجعية القوانين مبدأ مكرس دستوريا و قانونا إلا أنه فيما يخص السلطات الإدارية المستقلة لم يتم النص عليه في النصوص الخاصة بها باستثناء الأمر 03/03 المتعلق بالمنافسة الذي يفهم ضمنيا من نص المادة 72 منه على أن الأمر الجديد لا يسري على المخالفات التي ارتكبت في ظل الأمر القديم رقم 95/06 إعمالا بمبدأ عدم رجعية .
ب ـ الضمانات القانونية الإجرائية
رغم أن العقوبات التي توقعها السلطات الإدارية المستقلة لا يمكنها أن تكون سالبة للحرية إلا أن الضمانات الإجرائية الجزائية يجب تطبيقها على القمع الإداري و عليه سنتطرق بالدراسة إلى مدى توافر هذه الضمانات بالنسبة للسلطات الإدارية في القطاع المالي.
استنادا إلى نفس الأساس مع القمع الجزائي ، يكرس المشرع و بصفة غير معادلة حسب المجالات حقوق الدفاع في مجال القمع الإداري و المكرسة دستوريا في المادة 151 منه و التي تتجسد أساسا في حق الاطلاع على الملف و حق الاستعانة بمدافع .
من مقتضيات حقوق الدفاع تكريس قرينة البراءة ، تبليغ الشخص المتهم بالوقائع المنسوبة إليه و الاطلاع على الملف وتقديم ملاحظاته و إمكانية اصطحاب الشهود و الاستعانة بمحامي.
تهدف قرينة البراءة إلى استبعاد إصدار حكم مسبق و هو ما تمّ تكريسه في المادة 45 من الدستور الجزائري لسنة 1996 و لكن هل ينطبق هذا الاعتراف على العقوبات الإدارية القمعية التي توقعها السلطات الإدارية المستقلة؟
لم تشر النصوص التي تؤطر السلطات الإدارية المستقلة في القانون الجزائري إلى هذا المبدأ و لكن حتى القوانين الجزائية لم تتضمنه إلا أنها تحترمه إعمالا لمبدأ تدرج القوانين و سمو التشريع الأساسي .
و يقتضي احترام حقوق الدفاع تبليغ المتهم بالوقائع المنسوبة إليه وكذا تبليغه بقرار التأنيب، و في هذا وطبقا لنظامها الداخلي فان اللجنة المصرفية تقوم بتبليغ البنك أو المؤسسة المالية بالوقائع المنسوبة إليها بموجب رسالة موصى عليها مع إشعار بالوصول مرفقة بقرار التأنيب .
أما على مستوى لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة فلا نجد في النصوص الخاصة بها اثر لهذا الشرط إلا انه بالمقابل تنص المادة 56 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة على انه لا تصدر أية عقوبة ما لم يتم الاستماع قبل ذلك إلى الممثل المؤهل للمتهم أو ما لم يدع قانونا للاستماع إليه و عليه وضمنيا يمكن استنتاج انه يبلغ بالوقائع المنسوبة إليه قبل إصدار الجزاء في حقه .
أما فيما يخص حق الاطلاع على الملف الذي يعتبر من متطلبات مبدأ الوجاهية و عليه و بمجرد اتهام الشخص و كونه محل إجراءات قمعية فانه يجب تبليغه بالوقائع المنسوبة إليه و بقرار التأنيب و بعبارة أخرى يجب تمكينه من الاطلاع على الملف من اجل تحضير دفاعه.
و يتم تبليغ المتهم بقرار التأنيب مرفقا بالقرار ذاته و تنبيهه أنه له حق إبداء ملاحظات كتابية إلى رئيس اللجنة البنكية خلال الأجل الذي يحدد في التبليغ و كما يتم تبليغ ممثله القانوني بنفس الطريقة 15 يوما على الأقل قبل الجلسة و يحق له الاطلاع على الملف التأديبي .
و لم نجد أثر لإمكانية الاطلاع على الملف فيما يخص القوانين المتعلقة بلجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة إلا أن المادة 56 من المرسوم التشريعي 93/10المتعلق ببورصة القيم المنقولة السالفة الذكر حيث تقضي بعدم إمكانية توقيع الجزاء ما لم يتم الاستماع إلى المتهم أو بعد استدعائه قانونا و هو تكريس لحق الاطلاع على الملف و كذا إمكانية تقديم ملاحظات كتابية و لو أن ذلك يفهم ضمنيا.
أما بصدد إحضار الشهود ، فان النصوص القانونية لم تشر إلى هذه الإمكانية عكس ما هوالحال عليه في المواد الجزائية.
و بخصوص الاستعانة بمدافع فقد جاء النص على هذا الحق لكل شخص تستدعيه لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة إلا انه وبالرجوع إلى الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض لا نجد أثر لهذا الحق لكن بالرجوع إلى مداخلة معاشو بن عمر رئيس اللجنة المصرفية فان الممثل القانوني المستدعى يمكنه الاستعانة بمحامي مقبول لدى مجلس الدولة أو بممثل من جمعية البنوك و المؤسسات المالي.
و يعاب على كيفية ممارسة الإجراء العقابي افتقاره للطابع الشفهي و العلنية حيث أن المبدأ في القانون الإداري هو الطابع الكتابي للإجراءات على خلاف القانون الجزائي و عليه يتم الدفاع أمام السلطات الإدارية المستقلة غالبا عن طريق المذكرات الكتابية إلا أنه و حسب ما سبقت الإشارة إليه فان لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة لا تصدر جزاءا إلا بعد الاستماع إلى المعنى بالمساءلة أو بعد استدعائه قانونا و لم يحضر و هو ما يبين لنا إمكانية تجسيد الشفاهة أمام هذه السلطة الإدارية المستقلة .
الفرع الثاني:خضوع السلطة القمعية للرقابة القضائية
أـ دعوى الإلغاء
تكون قرارات السلطات الإدارية المستقلة حين فصلها في المادة القمعية قابلة للنظر فيها من طرف القاضي الإداري كما هو حال القرارات الإدارية.
خلافا لمجلس المنافسة الذي تكون الطعون ضد قراراته أمام الغرفة التجارية لمجلس قضاء الجزائر باستثناء حالة الطعن ضد قرار رفض التجميع الذي يعود اختصاص الفصل فيه إلى القاضي الإداري طبقا للمادة 19 من الأمر 03/03 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بالمنافسة ، فان كل الطعون ضد قرارات السلطات الإدارية المستقلة الأخرى تكون من اختصاص هذا الأخير.
حيث تنص المادة 107 من الأمر 03/11 المؤرخ في 26/08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض على أنه:"تكون الطعون من اختصاص مجلس الدولة و هي موقفة التنفيذ." وعليه فان الطعن بالإلغاء ضد قرارات اللجنة المصرفية يكون أمام مجلس الدولة كما هو الحال بالنسبة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة و مراقبتها طبقا لنص المادة 57 من المرسوم التشريعي رقم 93/110 المؤرخ في 23/05/1993 المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
و طبقا لنص المادة 09 من القانون العضوي رقم 98/01 فان مجلس الدولة يختص ابتدائيا و نهائيا بالطعون ضد بالبطلان ضد القرارات التنظيمية و الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية و الهيئات العمومية الوطنية و المنظمات المهنية الوطنية.
فهناك من يصنف تلك السلطات ضمن الهيئات العمومية الوطنية نظرا لعدم إمكانية إدراجها ضمن طائفة السلطات الإدارية المركزية لكونها مستقلة و لا ضمن المنظمات المهنية الوطنية. الا اننا نرى انها تشكل نوع خاص من الهيئات مستقل بحد ذاته.
و فيما يخص سلطة القاضي في هذا النوع من الدعاوى فان دوره يتوقف عند إلغاء الجزاء الباطل دون النظر في إصلاحه أو تعديله.
و يجب التأكيد على الطابع الاستثنائي للمنازعة الخاصة بهذه السلطات الإدارية المستقلة و التي تتجلى من ثلاث نواحي:
ـ فمن ناحية الطعن الإداري المسبق ،حيث يستبعد الطعن الرئاسي لكون تلك السلطات مستقلة بطبيعتها لا تخضع مبدئيا لا للسلطة الرئاسية و لا للوصاية الإدارية ، فانه طبقا للقواعد العامة التي أحالت إليها المادة 40 من القانون العضوي رقم 98/01 المتعلق بمجلس الدولة بالنسبة للإجراءات المطبقة أمام هذه الهيئة و عليه وبموجب نص المادة 275 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على ما يلي :"لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة ما لم يسبقها الطعن الإداري التدرجي الذي يرفع أمام السلطة الإدارية التي تعلو مباشرة الجهة مصدرة القرار فان لم توجد فأمام من أصدر القرار نفسه."
إلا أن مجلس الدولة الجزائري قد سبق له التطرق للموضوع و اعتبر انه بوجود نص خاص بالنقد و القرض استثنائي قانون الإجراءات المدنية حيث نص على الطعن بالإلغاء الذي يتم خلال 60 يوما دون ذكر الطعن الإداري المسبق و بمفهوم المخالفة فهو لا يشترطه وأعفى الطاعن منه.
نفس الملاحظة تصلح على القرارات التي يتخذها مجلس النقد و القرض مع الإشارة إلى ما نصت عليه المادة 87 من الآمر 03/11 المؤرخ في 26 /08/2003 و المتعلق بالنقد و القرض التي تقضي بعدم قبول دعوى الإلغاء ضد القرارات التي يتخذها المجلس بموجب المادتين 82 و 84 و 85 أعلاه إلا بعد قرارين بالرفض و لا يجوز تقديم الطلب الثاني إلا بعد مضي 10 أشهر من تبليغ رفض الطلب الأول.
و عليه بالنسبة للأشخاص التي تخصها قرارات الرفض فان الطلب الثاني الملزمين بتقديمه يمكن تشبيهه بالطعن الإداري و باعتبار أن هذه المادة تحدد آجال أخرى مخالفة للقواعد الخاصة بمواعيد التظلم فانه يتوجب إقصاء واجب التظلم الإداري المسبق.
وعليه و استنادا إلى قضاء مجلس الدولة فان الطعن ضد قرارات لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة تكون معفية من التظلم الإداري.
ـ أما من ناحية مواعيد الطعن فان نص المادة 280 من قانون الإجراءات المدنية يحدده بشهرين تسري ابتداءا من تاريخ تبليغ قرار الرفض الكلي أو الجزئي للطعن الإداري أو من تاريخ انتهاء الميعاد المنصوص عليه في المادة 279 في حالة سكوت السلطة الإدارية عن الرد.
و عليه و طبقا لنص المادة 107 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد و القرض فان الطعن يجب أن يقدم في اجل 60 يوما ابتداءا من تاريخ التبليغ تحت طائلة رفضه شكلا .
من الوهلة الأولى يبدو لنا أن الميعاد نفسه و لكن الأمر خلاف ذلك فقانون الإجراءات المدنية يعتد بالأشهر بينما الأمر المتعلق بالنقد و القرض يأخذ بالأيام .
بينما تنص المادة 57 من المرسوم التشريعي 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 ن المعدل و المتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة على ميعاد شهر من تاريخ تبليغ القرار موضوع الاحتجاج.
ـ و من ناحية وقف التنفيذ وباعتبار قرينة المشروعية و امتياز الأولوية اللذان يبرران التنفيذ المباشر للقرارات الفردية رغم الطعن فيها مع الإشارة إلى إمكانية الأمر القضائي بوقف تنفيذها طبقا لنص المادة 283 من قانون الإجراءات المدنية.
إلا انه وبالنسبة للأمر المتعلق بالنقد و القرض و رغم خطورة ذلك الامتياز إلا انه ينص على أن الطعون أمام مجلس الدولة غير موقفة للتنفيذ طبقا للمادة 107 من نفس الأمر.
أما في مجال تنظيم البورصة فان الطعون ضد قرارات اللجنة تخضع لنفس القاعدة مع الإشارة إلى الاستثناء الوارد فيما يخص تنفيذ لائحة مطعون فيها و التي يكون من شان تنفيذها ترتيب آثار واضحة الشدة و الإفراط أو طرأت وقائع جديدة بالغة الخطورة منذ نشرها.
ب ـ دعوى التعويض
أما بالنسبة لهذه الدعوى التي تهدف إلى التعويض عن الضرر الذي قد يلحق الشخص من جراء القرار التأديبي غير المشروع و بالأحرى دعوى مسؤولية السلطات الإدارية المستقلة ، فقد تطرق المجلس الدستوري الفرنسي لهذه المسالة في إحدى قراراته حيث يقضي في إحدى حيثياته انه قضاء كامل وذلك من اجل ضمان حقوق و حريات الأفراد.
و لم تشر النصوص الخاصة بالسلطات الإدارية المستقلة لدعوى التعويض و عليه يتوجب الرجوع إلى القواعد العامة في الإجراءات المدنية و يثور التساؤل عن القاضي المختص سيما أن هذا الأخير لم يتم تعديله و بالتبعية لم يتم الأخذ فيه بالقواعد الخاصة بالسلطات الإدارية المستقلة .
إلا انه و بالرجوع إلى المادة 276/2 من قانون الإجراءات المدنية فانه يمكن للشخص المعني بالقرار أن يرفق الطعن بالإلغاء الذي يقدمه بطلب تعويض حيث تقضي هذه المادة على انه :"يجو للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا بالرغم من أية أحكام مخالفة أن تفصل في الطلبات المرتبطة التي تضمنتها نفس العريضة أو عريضة أخرى مرتبطة بالأولى و الخاصة بالتعويض عن الضرر المنسوب وقوعه إلى القرار المطعون فيه و ذلك مع مراعاة أحكام الفقرة السابقة ." .
و قد يثور الإشكال في حالة عدم إرفاق طلب التعويض بعريضة الإلغاء و تقديمها منفصلة على شكل دعوى مستقلة حول القاضي المختص ؟
ففي حالة كون السلطة الإدارية المستقلة لا تتمتع بالشخصية القانونية، كما هو حال مجلس النقد و القرض و الجنة المصرفية ، فان دعوى التعويض توجه ضد الدولة ، و عليه و طبقا لنص المادة 07من قانون الإجراءات المدنية فان الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر هي المختصة.
أما إذا كانت السلطة الإدارية المستقلة تتمتع بالشخصية القانونية فان الإشكال يطرح بشدة حيث انه لا تندرج هذه الهيئات ضمن أي صنف من الهيئات المذكورة في المادة أعلاه و عليه نجد أنفسنا أمام إشكال أو إن أمكن القول فراغ تشريعي يجب سده.
أما فيما يخص القانون الواجب التطبيق على موضوع الدعوى، فهل يكون القانون المدني أم قوانين خاصة؟ هل نطبق قواعد القانون العادي أو تلك الخاصة بالقانون الإداري؟
فنجد أن المحكمة العليا في غرفتها الإدارية قد تبنت بعد الاستقلال المذهب الذي سار عليه مجلس الدولة الفرنسي حيث اعتبرت مسؤولية الإدارة و لو بدون خطأ في قرار أصدرته بتاريخ 03/06/1965 و تؤكد الموقف في قرارات أخرى حيث أكدت في قرارها المؤرخ في 17/04/1982 أن مسؤولية الإدارة مسؤولية خاصة لها قواعد خاصة و إن قواعد القانون المدني غريبة عنها و لا تطبق عليها و من خلال كل هذا فان المحكمة العليا تبنت وجهة مجلس الدولة الفرنسي المعروف في قراره الشهير بلانكو في 08/02/1873 ، إلا أنها تراجعت عن موقفها في فقرة لاحقة حيث اعتدت بقواعد القانون المدني في عدة قرارات منها المؤرخ في 12/01/1985 حيث اعتدت بمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه.
و بعد إنشاء مجلس الدولة و انتقال الاختصاص إليه فانه تبنى نفس موقف المحكمة العليا حيث اعتمد على القواعد الخاصة المعروفة في القانون الإداري إلا انه غير اتجاهه و صار ينتهج في قراراته و يعتد بقواعد القانون المدني .
و للإشارة فان نفس هذه النقاشات و الإشكالات التي تم التطرق إليها بصدد الاختصاص القمعي للسلطات الإدارية المستقلة تثار فيما يخص الاختصاص التنظيمي سيما من حيث دعوى الإلغاء و الاستثناءات الواردة في قواعدها و كذا دعوى التعويض سواء من حيث الاختصاص أو القانون الواجب التطبيق .
و أكثر من ذلك فان دعوى التعويض قد ترفع دون وجود لقرار سواء فردي أو تنظيمي و نفس المسلك يتم اتخاذه يصددها سواء من حيث الاختصاص و القواعد المطبقة على موضوع النزاع.

























الخاتمة

لقد جاء إنشاء السلطات الإدارية المستقلة في القطاع الاقتصادي عموما و في القطاع المالي خصوصا كنتيجة لضرورة إيجاد نمط جديد لتدخل الدولة من اجل ضبط تلك المجالات وذلك بعد تخليها عن دورها كدولة متدخلة حيث تكتفي بدور الضبط وكل ذلك حسب ما تقتضيه مبادئ الاقتصاد الحر الذي تبنته الجزائر بعد جملة الإصلاحات التي اتخذتها ابتداء من صدور دستور سنة 1989.
لقد أثار هذا النوع الجديد من الهيئات عدة إشكالات من حيث العناصر المميزة لها سواء من حيث طابعها السلطوي، الإداري و خصوصا الاستقلالية التي تصبغها، حيث توصلنا من خلال هذه الدراسة إلى أنها ليست مطلقة سواء من حيث كونها سلطات و أن استقلاليتها نسبية....
و التساؤل الذي يطرح يتمثل في مدى نجاعة تلك السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر ؟
من خلال ما تعرضنا إليه في هذه الدراسة لابد علينا التأكيد على الأهمية التي تتمتع بها هذا النوع من السلطات و المنفعة التي تحققها من خلال توليها ضبط القطاع الاقتصادي الذي تعتبر أكثر تمكنا فيه من السلطة التنفيذية و ذلك من خلال مختلف الصلاحيات التي تتمتع بها و خاصية تجميع عدة سلطات في يد هيئة واحدة و هي إحدى المميزات التي زادت من أهمية وفعالية دورها ، الأمر الذي تفتقر إليه الإدارة التقليدية.
تمتاز السلطات الإدارية المستقلة باختصاصات متشعبة منها التنظيمية، الرقابية و التحكيمية و القمعية و التي أثارت عدة نقاشات سيما من حيث مدى دستورية الاختصاص التنظيمي والقمعي الممنوح لها و مدى أتطير المشرع لها خصوصا من حيث توفير الضمانات القانونية التي تضمن حقوق الأطراف عند ممارسة سلطتها التأديبية.
إن تحقيق النجاعة المرجوة لايتأتى الا من خلال تمكين تلك السلطات الإدارية المستقلة بكل الوسائل القانونية سيما الشخصية القانونية ومايترتب عنها من استقلال مالي و إداري،... حيث إن نسبية الاستقلالية التي تتمتع بها تلك الهيئات ذات تأثير هام على كيفية ممارستها للسلطات الممنوحة لها ، فتبقى تحت تأثير السلطة التنفيذية و إن صح التعبير مرتبطة بالسلطة التنفيذية من خلال مختلف الإجراءات كقرار الموافقة الذي يصدره الوزير المكلف بالمالية بالنسبة للأنظمة التي تصدرها لجنة تنظيم و مراقة عمليات البورصة.
عليه و من أجل تحقيق الفعالية المطلوبة من طرف السلطات الإدارية المستقلة في القطاع المالي خصوصا و الاقتصادي عموما لابد على المشرع التدخل و ملء النقائص و الثغرات القانونية التي تنقص من حرية تلك الهيئات في ممارسة اختصاصاتها و خاصة تكريس الاستقلال المالي و الإداري للسلطات الإدارية المستقلة من جهة.
كما أن المؤسس الدستوري عليه التدخل من اجل إصباغ الشرعية القانونية على السلطة التنظيمية التي أثارت عدة تساؤلات نظرا لمنحها لكل من رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة في الأحكام الدستورية و ذلك من اجل تفادي الاصطدام بعدم دستورية القوانين المنشئة لها.
كما أن ضرورة توفير مرافقة الاختصاص القمعي بالضمانات التي تحمي حقوق و المكرسة دستوريا ذات أهمية قصوى و نحن نرى أن ترك اختصاص تحديد القواعد المنظمة للإجراءات المتبعة أثناء المساءلة التأديبية للسلطة بحد ذاتها من خلال التنظيم أمر ينقص من مصداقيتها .وعليه الأحسن أن يتم تحديدها قانونا و لو أننا نرى أن أحكام الدستور كافية بحد ذاتها لان مخالفة الأنظمة الخاصة بتلك الإجراءات لأحكامه يؤدي إلى التصريح بعدم دستوريتها.
كما أن خضوع أعمال السلطات الإدارية المستقلة للرقابة القضائية من خلال الطعون بالإلغاء المرفوعة لها وان كان هناك من يعتبره انتقاص من الاستقلالية التي تتمتع بها تلك السلطات الا أننا نرى أنها ضمانة للخاضع للرقابة و المساءلة من طرف تلك الهيئات و إيقاف أي تجاوز للسلطة
من طرفها . كما أننا نرى أن الفصل من طرفها وفقا للقانون و التنظيمات القانونية يعتبر بحد ذاته ضمان لها من اجل تفادي إلغاء القرارات التي تتصدرها.
أمام كل هذه الإشكالات و إن أمكن القول حالة اللاإستقرار التي تخلقها كثرة التنظيمات التي تصدرها تلك السلطات منحها المشرع اختصاص تنظيمي هناك الكثير ممن يقترح إعداد تقنين شامل لكل القواعد الخاصة بها الا اننا نرى أن ذلك سيؤدي إلى حصرها من حيث عناصرها أو مميزاتها ... و هو ما لا يتماشى مع الأهداف المرجوة منها و التي تعتبر المرونة و السرعة الغطاء الذي تكتسيه، حيث تسعى إلى حسن سير القطاع المالي بطرق وقائية و أخرى تصحيحية فعالة.

































قائمة المراجع
باللغة العربية
أولا : الكتب
1. د/أحسن بوسقيعة: المصالحة في المواد الجزائية يوجه عام و في المادة الجمركية بوجه خاص،الطبعة الأولى ،الديوان الوطني للأشغال التربوية،الجزائر،2001.
2. د/ عبد الله حنفي: السلطات الإدارية المستقلة، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، مصر، 2000.
3. ناصر لباد: القانون الإداري، التنظيم الإداري، الجزء الأول،الطبعة الثالثة، لباد للنشر، الجزائر، 2005.
4. ناصر لباد: القانون الإداري، النشاط الإداري، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، لباد للنشر، الجزائر، 2004.
5. د/ مبروك حسين : المدونة البنكية الجزائرية، دار هومة، الجزائر،2006 .
6. د/مبروك حسين :المدونة البنكية الجزائرية ,الطبعة الأولى , دار هومة , الجزائر 2006.
7. تقنين البنوك وتقنين التأمينات ، نصوص تشريعية تنظيمية وتطبيقية ، تعديلات واجتهادات قضائية ، بيرتي للطباعة بمساهمة الأستاذ أحسن بوسقيعة .
ثانيا: المذكرات
1. رمضاني عائشة : الطبيعة القانونية لمجلس النقد والقرض ،التكوين التخصصي للقضاة ، قانون الأعمال ، المدرسة العليا للمصرفة، الدفعة الخامسة، 2006.
2. تواتي نصيرة: المركز القانوني للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها،مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون، فرع قانون الاعمال، جامعة مولود معمري، تيزي وزو.
3. عيساوي عزالدين:السلطة القمعية للهيئات الإدارية المستقلة في المجال الاقتصادي و المالي،مذكرة لنيل درجة الماجستير في القا نون، فرع قانون الأعمال ، كلية الحقوق،جامعة مولود معمري ، تيزي وزو،2005/2006.
ثالثا: المقالات
1. بن لطرش منى : السلطات الادارية المستقلة في المجال المصرفي : وجه جديد لدور الدولة، مجلة الادارة، المجلد 12، العدد2، 2002، العدد24.
2. لباد ناصر : السلطات الادارية المستقلة في القطاع المالي في الجزائر، مجلة الادارة، المجلد 01، 2001، العدد 21.
رابعا: المحاضرات
محاضرات في مادة القانون الإداري من إعداد الأستاذ دربوشي نور الدين، ألقيت على طلبة السنة الأولى، المدرسة العليا للقضاء، سنة 2005/2006.
خامسا: النصوص القانونية
1. دستور 28 نوفمبر 1996 المنشور بموجب المرسوم الرئاسي 96/438 المؤرخ في 07/12/1996 ، جريدة رسمية عدد 76.
2. النصوص التشريعية
• الأمر رقم 66/154المؤرخ في 08/06/1966، المعدل والمتمم ، والمتضمن قانون الإجراءات المدنية الجزائري، جريدة رسمية عدد47.
• الأمر 75/58 المؤرخ في 26/09/1975، المعدل والمتمم والمتضمن القانون المدني، جريدة رسمية عدد 78.
• الأمر رقم 75/59 المؤرخ في 26/09/1975، المعدل والمتمم، والمتضمن القانون التجاري، جريدة رسمية عدد 101.
• الأمر رقم 03/03 المؤرخ في 19/07/2003، المتعلق بالمنافسة، جريدة رسمية عدد43.
• قانون 90/07المؤرخ في 03/04/،1990المتعلق بالإعلام.
• القانون رقم 90/10 المؤرخ في 14/04/1990 المتعلق بالنقد والقرض، الملغى بالأمر رقم 03/11المؤرخ في 26/08/ 2003 والمتعلق بالنقد والقرض،جريدة رسمية عدد 52.
• المرسوم التشريعي رقم 93/10المؤرخ في 23/05/1993، المعدل والمتمم، والمتعلق ببورصة القيم المنقولة، جريدة رسمية عدد 34.
• القانون العضوي رقم 04/11 المؤرخ في 06/09/2004، والمتضمن القانون الأساسي للقضاء، جريدة رسمية رقم 57 مؤرخة في 08/09/2004.
• القانون رقم 02/01 المؤرخ في 05/02/2002،والمتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز عبر القنوات، جريدة رسمية عدد 08 المؤرخة في 06/02/2002.
• القانون رقم 02/01 المؤرخ في 05/02/2002 ، والمتعلق بالكهرباء و توزيع الغاز بواسطة القنوات، جريدة رسمية رقم 08.
• القانون العضوي رقم 98/01 المؤرخ في 30/05/1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله، جريدة رسمية عدد 37 .
3. النصوص التنظيمية
• المرسوم التنفيذي رقم 94/175 المؤرخ في 13/06/1994، والمتضمن تطبيق المواد 21،22و 29 من المرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993 والمتعلق ببورصة القيم المنقولة، جريدة رسمية عدد 41المؤرخ في 26/06/1994.
• المرسوم الرئاسي المؤرخ 15/04/1990المتضمن تعيين السيد عبد الرحمان الرستمي حاج ناصر محافظ البنك المركزي الجزائري .
• المرسوم التنفيذي 98/170 المؤرخ في 20/05/1998 المتعلق بالآتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها، جريدة رسمية عدد 34المؤرخة في 24/05/1998.
• المرسوم التنفيذي 96/102 المؤرخ في 11/03/1996 المتضمن تطبيق المادة 32من الرسوم التشريعي رقم 93/10 المؤرخ في 23/05/1993والمتعلق ببورصة القيم المنقولة، جريدة رسمية عدد18 المؤرخة في 20/03/1996.
• النظام رقم 90/05 المؤرخ في 30/12/1990 المتضمن إقامة قابلية التحويل الجزئي للدينار عن طريق توظيفات سندية،ج ر 39 المؤرخ في 1991.
• النظام رقم 90/06 المؤرخ في 30/12/1990 يتضمن إنشاء صندوق لتثبيت الصرف ج ر عدد 23 المؤرخ في 25/03/1992.
• نظام رقم 04/02 مؤرخ في 04/03/2002 يحدد شروط تكوين الحد الأدنى للإحتياط الإلزامي-ج ر عدد27 المؤرخ في 27/03/2004.
• النظام رقم 91/01 المؤرخ في 20/02/ 1991يحدد حق الصرف بعنوان المكافاءات المعوضة للمصاريف المترتبة عن المهمات المؤقتة في الخارج – ج ر العدد 40 المؤرخ في 28/08م1990 المعدل والمتمم بالنظام رقم 95/02 المؤرخ في 28/02/1995 –ج ر العدد22المؤرخ في 23/04/1995.
• نظام رقم 91/02 المؤرخ في 20/02/1991 يحدد شروط فتح حسابات بالعملة الصعبة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين ذوي الجنسية الأجنبية المقيمين أو غير المقيمين وتشغيل هذه الحسابات –ج ر عدد40 مؤرخ في 28/08/1991.
• نظام رقم 91/06 المؤرخ في 16/05/1991 يحدد شروط تقديم المنح بالعملة الصعبة بمناسبة استشفاء المواطنين أووفاتهم في الخارج-ج ر عدد 24 المؤرخ في 29/03/1992 المعدل والمتمم بالنظام رقم 92/10 المؤرخ في 17/11/1992-ج ر عدد 15 المؤرخ في 07/03/1993.
• نظام لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة رقم 97/03 المؤرخ في 18/11/1997 المتعلق بالنظام العام للقيم المنقولة،ج ر عدد 87 المؤرخة في 29/11/1997المعدل والمتمم بالنظام رقم 03/01 المؤرخ في 18/03/2003 المتعلق بالنظام العام للمؤتمن المركزي للسندات جر عدد 73 المؤرخ في 30/11/2003 .
• نظام لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة رقم 96/02 للمؤرخ في 22/06/1996 المتعلق بالإعلام الواجب نشرها من طرف الشركات والهيئات التي تلجأ علانية إلى الإدخار عند إصدار قيما منقولة معدل ومتمم بالنظام رقم 04/01 المؤرخ في 08/07/2004.
• نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها رقم 2000/02 المؤرخ في 20/01/2000 المتعلق بالمعلومات الواجب نشرها من طرف المؤسسات التي تكون مسعرة في البورصة، جريدة رسمية عدد 50 المؤرخ في 16/08/2000.
• نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها رقم 03/03 المؤرخ في 18/03/2003و المتعلق بالتصريح بتجاوز حدود المساهمة في رأسمال الشركات المتداول أسهمها في البورصة، جريدة رسمية عدد 73 المؤرخ في 30/11/2003.
• المرسوم التنفيذي رقم 98/170 المؤرخ في 20/05/1998 المتعلق بالآاتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها ، جريدة رسمية عدد 34 المؤرخ في 24/05/1998 ،
• قرار مؤرخ في 02/08/1998 يتضمن تطبيق المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 98/170 المؤرخ في 20/05/1998 و المتعلق بالآتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها ،جريدة رسمية عدد 70 المؤرخ في 20/09/1998.
• نظام رقم 92/05 المؤرخ في 22/03/1992 المتعلق بالشروط التي يجب إن تتوفر في مؤسسي البنوك و المؤسسات المالية ومسيريها و ممثليها، جريدة رسمية عدد8 المؤرخ في 07/02/1993.
4. الملاحق
• الملحق رقم 1 المتعلق بقرار مجلس الدولة تحت رقم 2129 المؤرخ في 08/05/2000بين يونين بنك وبنك الجزائر.
• الملحق رقم 02 المتعلق بقرار مجلس الدولة الجزائري رقم 2138 الصادر بتاريخ 08/05/2000 في النزاع القائم بين يونين بنك و اللجنة المصرفية.
• الملحق رقم 3 المتعلق بقرار مجلس الدولة رقم 12101 بتاريخ 01/04/2003 بين اللجنة البنكية و البنك الدولي الجزائري.
• الملحق رقم 4 المتمثل في قرار المجلس الدستوري الفرنسي ر قم 84ـ181 المؤرخ في 10 و 11/10/1984.
• الملحق رقم 5 المتمثل في قرار المجلس الدستوري الفرنسي رقم 89ـ260 المؤرخ في 28/07/1989 حول دستورية القانون المتعلق بحماية و شفافية سوق المالية.
باللغة الفرنسية
les ouvrages
1. Rachid zouaimia : Les autorités administratives indépendantes et la régulation economique en algérie, editions houma, algérie, 2005.
2. Paul sabourin : Les autorités administratives indépendantes, une catégorie nouvelle, doctrine, france, 20 mai 1983.
3. Marie-josé guédon, les autorités administratives indépendantes, librairie générale de droit et de jurisprudence, paris, 1991.
4. Jean rivero : Droit administratif, 8eme édition, précis dalloz, paris.
5. Georges vedel , droit administratif ,1ere édition , thémis, france, 1958.
6. Rachid zouaimia : Les autorités de régulation indépendantes dans le secteur financier en alََgérie, éditions houma, algérie, 2005 .
7. Commission d’organisation et de surveillance des opérations de bourse: Guide des valeurs mobilières, novembre 1997.

Les articles
.
1. Machou benaoumer : Présentation succinte de la commission bancaire dans sa dimension institutionnelle et quelques aspects de ses procédures, revue du conseil d’etat, numero 6, 2005.
2. Rachid zouaimia : Déréglementation et ineffectivité des normes en droit économique algérien, revue idara, volume 11, numéro 1, 2001, n° 21.
3. Jean- louis fort : L’organisation du contrôle bancaire, revue conseil d’etat, n°6, 2005.
4. Rachid zouaimia :les autorités administratives indépendantes et la régulation économique , revue idara , volume 13, n° 2, algerie 2003, n°26, p 46.
5. Rachid zouaimia : Le régime *******ieux des autorités administratives indépendantes en droit algérien , revue idara ,volume 15, n°1 , algerie , 2005, n° 25.
6. L . Boy :normes, www.credeco.unice.fr/
les sites internet
www.legifrance.gouv.fr
اريد بحث حول سلطات الضبط في المجال البنكي
(مجلس نقد والقرض للجنة المصرفية)









 

الكلمات الدلالية (Tags)
المستقلة, الادارية, السلطات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc