الحضانة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحضانة 2

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-25, 16:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 الحضانة 2

المـقـدمـة :
الفصـل الأول :
مفـهوم الحـضانة و آثـارها

المبحث الأول : تعريف الحضانة و شروطها و أصحاب الحق فيها:
- المطلب الأول : تعريف الحضانة .
* الفرع الأول : تعريف الحضانة فقها.
* الفرع الثاني : تعريف الحضانة قانونا.
- المطلب الثاني : شروط الحضانة .
*الفرع الأول : الشروط العامة في الرجال و النساء.
*الفرع الثاني : الشروط الخاصة بالنساء .
*الفرع الثالث : الشروط الخاصة بالرجال .
- المطلب الثالث : ترتيب أصحاب الحق في الحضانة .
*الفرع الأول : الأم و من يليها من قريباتها .
*الفرع الثاني : الأب و من يليه من أقاربه.
*الفرع الثالث : الأقربون درجة.


المبحث الثاني : آثار الحضانة .
- المطلب الأول : نفقة المحضون و أجرة الحضانة.
*الفرع الأول : نفقة المحضون.
*الفرع الثاني : أجرة الحضانة .
- المطلب الثاني : سكن الحضانة.
*الفرع الأول : المكلف بتوفير مسكن الحضانة أو أجرته .
*الفرع الثاني : مكان ممارسة الحضانة و الإنتقال بالمحضون.
*الفرع الثالث : حق الحاضنة في السكن .
- المطلب الثالث : حق الزيارة.
*الفرع الأول : حق الزيارة في الفقه .
*الفرع الثاني : حق الزيارة في القانون.

الفصل الثاني :
التطبيقات القضائية للحضانة و إشكالاتها

المبحث الأول :دعاوى الحضانة
-المطلب الأول : الدعاوى المدنية .
*الفرع الأول :دعوى إسناد الحضانة.
*الفرع الثاني : دعوى تمديد الحضانة.
*الفرع الثالث : دعوى إسقاط الحضانة.

-المطلب الثاني : الجرائم المتعلقة بمخالفة أحكام الحضانة .
*الفرع الأول :جريمة الإمتناع عن تسليم طفل إلىحاضنه.
*الفرع الثاني : جريمة اختطاف المحضون من حاضنه.
*الفرع الثالث : جريمة الإمتناع عن تنفيذ حكم الزيارة .
المبحث الثاني : أبرز الإشكالات المطروحة في مجال الحضانة :
-المطلب الأول : إشكالية الزواج المختلط .
*الفرع الأول : في حالة وجود إتفاقية مع الجزائر .
*الفرع الثاني : في حالة عدم وجود إتفاقية مع الجزائر.
-المطلب الثاني : إشكالية مراعاة مصلحة المحضون .
*الفرع الأول : معنى قاعدة مراعاة مصلحة المحضون.
*الفرع الثاني : قاعدة مراعاة مصلحة المحضون في ظل ق أ ج.
*الفرع الثالث : سلطة القاضي في تقدير مصلحة المحضون.
-المطلب الثالث : إشكالية المسؤولية عن أفعال المحضون الضارة .
*الفرع الأول : فعل الخاضع للرقابة الضار ة
و شروط قيام مسؤولية المكلّف بالرقابة.
*الفرع الثاني : مدى مسؤولية الأم الحاضنة عن أفعال ابنها
المحضون الضارة.
الخــاتـمة .



المقـدمـــة

الفرد الصالح هو أساس الأسرة الفاضلة ، والأسرة الفاضلة هي نواة المجتمع الخير ، ولهذا فإن الإسلام عني بالفرد منذ نعومة أظفاره قبل أي تشريع وضعي ، بل عني به قبل ذلك عندما أمر الرجل أن يختار الزوجة الصالحة والمنبت الحسن .

ومنه يعد البيت الركيزة الأساسية للتربية والمؤثر الأول في الطفل باعتباره ينشأ وينمو في ظله في أولى مراحل عمره و أن الوقت الذي يبقى فيه الطفل في المنزل أكبر من أي زمن أو وقت آخر . هذا دون أن نهمل دور المدرسة والشارع في التربية باعتبارهما كل متكامل .
والطفل في مراحل حياته الأولى يكون محل تأثر تام بما يحيط به في أجواء الأسرة أو خارجها ، فهو يولد صفحة بيضاء والمجتمع يكتب عليها ما يشاء وقد نبه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى أهمية تنشئة الطفل تنشئة صالحة فقال " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودّانه أو ينصرّانه أو يممجّسانه ".

حيث أن ما يحدث للطفل في هذه الفترة يرسم الملامح الأساسية لشخصيته المقبلة التي يصبح من الصعب إزاحة بعضها في المستقبل سواء كانت سوية أو غير سوية .
ولأن المولود يعد رجل المستقبل الذي يحمل الرسالة في الغد، لذا فإن الطفولة تذكرنا بضخامة العبء وفداحة المسؤولية وما ينبغي أن نقوم به من توجيه ونصح وتربية و إرشاد وتعبئة روحية وخلقية حتى نقود هذه الجموع الزاحفة من هذا الجيل الصاعد ، من براعم الأمة إلى ما يبوئها سنام المجد ويوصلها بر السلام وفهم أمانة وضعها الله في أعناق الآباء .
وإن من أهداف الزواج تحقيق الأنس والراحة والطمأنينة بين الزوجين وهي الخاصية التي تلتصق بعقد الزواج لقوله تعالى (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (1)
وإن حفاظ الوالدين على تماسك الأسرة له الأثر الفعال في سلوك أبنائهم وحسن تكيفهم وتوافقهم النفسي والعقلي . غير أن التماسك والأنس والمودة والرحمة والتفاهم الذين هم دعامة الرابطة الزوجية ليست بالأمر الهين ، فقد تعصف مشاكل الحياة ببناء الأسرة وتؤدي إلى التنافر فتنتفي الغاية المرجوة من الزواج .

وحتى لا تصبح الحياة مستحيلة وحتى لا يهضم حق طرف على حساب طرف آخر أباح الإسلام الطلاق مع أنه اعتبره أبغض الحلال إلى الله وذلك لضرورة قاهرة و إلى ظروف استثنائية ملحة والتي تجعله دواءا وعلاجا للتخلص من شقاء محتم قد يمتد ليشمل أفراد الأسرة جميعها ، فإذا لم تجد جميع وسائل الإصلاح للتوفيق يذهب كل منهما لحياة جديدة .

ومن أهم وأبرز النتائج المترتبة عن الطلاق مسألة حضانة الأطفال الناتجين عن هذا الزواج والمشاكل االتي تطرحها حول مصير الأطفال ومن يكفلهم وكيف نحافظ عليهم ؟ ومن هنا تزداد أهمية الحضانة ويعظم قدرها .

فهناك أحكام شرعية تحفظ للأولاد حقوقهم وتكفل رعايتهم منذ ولادتهم حتى البلوغ حيث اتخذها العلماء أساسا لوضع نصوص تشريعية تثبت نسبهم و تدبر رضاعتهم وحضانتهم والإنفاق عليهم وإدارة شؤونهم المالية حتى يبلغوا أشدهم . وقد أراد الشرع الإسلامي من وراء هذه الأحكام حماية الصغار من الضياع .

وقد تعهدت جل التشريعات الوضعية بعديد من الأحكام تتعلق بمصير الولد وحمايته ، وتطور الأمر إلى إبرام اتفاقيات دولية من أجل هذا الغرض ، فقد حثت اتفاقية حقوق الطفل في المادة الثالثة منها جميع الدول والمؤسسات والهيئات التشريعية والقضائية على أن يعطى الإعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال ، ونحن ندرك تمام الإدراك أن الحضانة هي من أهم الأولويات التي يجب أخذها محمل الجد .

إذن لا يحق أن نحمل الأطفال تبعات النزاع الحاصل بين والديهما والذي لا ذنب لهم فيه لكن لو تم الانفصال بين الزوجين فمن سيكفل الأطفال بعد الطلاق ؟ و ماهي معايير التميز في إسناد الحضانة لطرف دون آخر .

غير أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل إنه حتى عند اللجوء إلى القضاء تثار إشكالات تمس بمصلحة الطفل ، وهو الأمر الذي يدعو القاضي إلى التصدي لها من خلال الدعاوى التي تعرض عليه.
فما هي هذه الدعاوى و ماهي أبرز الإشكالات التي تثار حول الحضانة ؟
إنّ الحضانة تعد من أعقد المسائل التي ينظرها القاضي ، وعليه أن يتعامل معها بكل دقة مراعيا في الأساس مصلحة المحضون في الأحكام التي يصدرها . لكن هل له في ذلك السلطة الكاملة في تقدير مصلحة الطفل أم أنه مقيد بالنصوص؟
للإجابة على هذه التساؤلات وغيرها إخترنا موضوع :
"الحضانة في ظل قانون الأسرة الجزائري "

فاتجهنا إلى دراسة الموضوع بالرجوع إلى الكتب الفقهية مستفيدين من أحكام المادة 222 من قانون الأسرة التي تحيلنا على قواعد الشريعة الإسلامية ، كما حاولنا تحليل النصوص مواد قانون الأسرة المتعلقة بالحضانة ، بالإضافة إلى إبراز مواقف المحكمة العليا من المسائل المتعلقة بها .
ومنه تناولنا هذا الموضوع حسب الخطة التالية :
أ – في الفصل الأول : تناولنا مفهوم الحضانة وآثارها ، فتطرقنا إلى تعريفها فقها وقانونا وتبيان شروطها ثم ترتيب أصحاب الحق فيها وأهم آثارها .
ب- وفي الفصل الثاني : دعاوى الحضانة وأبرز الإشكاليات المتعلقة بها فتناولنا الدعاوى المدنية للحضانة والدعاوى الجزائية المتعلقة بمخالفة أحكامها ، ثم تكلمنا على أهم المشاكل التي تثور بمناسبة الحضانة ومنها : الزواج المختلط ، قاعدة مصلحة المحضون والمسؤولية عن أفعال المحضون الضارة .

مفهوم الحضانة وآثارها :

من أهم الآثار القانونية لانحلال عقد الزواج أو الطلاق هو وضع الطفل عند من هو أقدر على الإهتمام به والعناية بشؤونه ، والحضانة هي ضرب من هذه الرعاية بالطفولة بحيث يكفل للطفل التربية الصحية والخلقية السليمة ومن هنا فإن أحكام الحضانة هي مظهر من مظاهر عناية التشريع الإسلامي بالطفولة و كذا التشريعات الوضعية .
وعليه سنحاول في هذا الفصل أن نعرف الحضانة ونحدد شروط ممارستها مع تحديد أصحاب الحق فيها ، وترتيبهم وأخيرا الآثار المترتبة عنها .














المبحث الأول :
تعريف الحضانة وشروطها وأصحاب الحق فيها :

إن الحضانة هي القيام على شؤون الطفل وكفالته بغرض المحافظة على بدنه ، وعقله ، ودينه ، وحمايته من عوامل الانحراف وطوارئ الإنحلال بما يمكنه من أن يكون فردا صالحا داخل مجتمعه مما يقتضي وضعه تحت أيدي مؤهلة لمثل هذه الواجبات ، وأن يكون لهم الحق في ذلك وفقا لقواعد الشريعة والقانون .
غير أن القانون ذكر بعضهم ورتبهم درجة بدرجة ثم ترك البعض الآخر دون ذكر صفاته ودون تحديد درجة قرابتهم من المحضون .

وهذا ما سنتطرق إليه في المطالب التالية :

المطلب الأول : تعـريف الحضـانة
المطلب الثاني : شروط ممارسة الحضانة
المطلب الثالث : أصحاب الحق فيها







المطلب الأول:
تعريف الحضانة:

الحضانة – بفتح الحاء – هي ضم الشيء إلى الحضن وهو جانب الشيء فنطلقها على جانب الجبل أو بطنه في قولنا « تعيش الذئاب في حضن الجبل أي عمقه ونقول " حضن الطائر بيضه " إذا جلس إليها وغطاها بجناحيه ، وعند الإنسان يطلق على عملية الحنان حين تضم الأم ابنها إلى صدرها وهي تعنقه وتلتصق به فتعطي هذه الكلمة معاني ضم الشيء وحفظه والحنان عليه (1)
الفرع الأول :
التعريف الفقهي للحضانة

عرف الفقهاء الحضانة بأنها عبارة عن القيام بحفظ الصغير (2) أو الصغيرة أو المعتوه الذي لا يميز ولا يستقل بأمره وتعهده بما يصلحه ووقايته مما يؤذيه أو يضره وتربيته جسميا ونفسيا وعقليا كي يقوى على النهوض بتبعات الحياة والاضطلاع بمسؤولياتها .(3)

والولد منذ أن يولد محتاج لمن يعتني به ويقوم على تربيته وحفظه وتدبير كل ما يلزمه في حياته لأنه يكون عاجزا في حياته الأولى عن القيام بمصالح نفسه غير مدرك لما يضره وينفعه ، والشارع الحكيم قد أناط هذا الأمر بوالدي الصغير لأنهما أقرب الناس إليه في هذه الحياة و وزع الأعباء عليهما كل فيما يصلح له أما عن تربيته ورعاية شؤونه في المرحلة الأولى فقد جعلها للأم ، وأما عن ولاية التصرف في نفس الولد وماله فقد جعلها للأب ، وقد عرفها الإمام مالك بأنها1)
(( تربية الولد وحفظه وصيانته حتى يحتلم ثم يذهب الغلام حيث شاء))
أما بعض فقهاء الشافعية يعرفونها بأنها " حفظ من لا يستقل بأمره وتربيته ، بما يصلحه ويقيه ما يضره " (2) ويرى إبن القيم أن الولاية على الطفل نوعان : نوع مقدم فيه الأب عن الأم ومن في جهتها وهي ولاية المال والنكاح ، ونوع تقدم فيه الأم و هي ولاية الحضانة و الرضاع ، و قدم كل من أبويه فيما جعل له من ذلك لتمام مصلحة الولد . (3)
أمّا الشيخ أبو زهرة (4) فيرى أنه تثبت للطفل منذ ولادته ثلاث ولايات: الأولى ولاية التربية ، الثانية ولاية النفس ،و الولاية الثالثة هي الولاية على ماله إن كان له مال :

أمّا الولاية الأولى: فهي ولاية التربية فالدور الأول يكون فيها للنساء وهي ما يسمى بالحضانة ، فالحضانة هي تربية الولد في المدة التي لا يستغني فيها عن النساء ممّن لهنّ الحق في تربيته شرعا وهي حق للأم ثم محارمه من النساء ، فبمجرد ولادة الطفل حيا تثبت له ولاية التربية، حيث يكون في حاجة ماسة إلى من يرعاه ويقوم بشؤونه في هذه المدة التي تعتبر مرحلة حرجة في حياته ، فلا يمكن الاستغناء عن وجود النساء في جانبه خاصة .
و يرى الأستاذ صالح جمعة (1) أنّ الولاية على النفس هي القيام و الإشراف على مصالح المولى عليه فيما يختص بنفسه منذ ولادته حتى بلوغه و تزويجه ، و يدخل في نطاقها ثلاث ولايات :
- أوّلها: ولاية الحفظ و الرعاية ، و تبدأ منذ ولادة المولى عليه حتّى بلوغه سنّ التّمييز ، و هي ما تسمى بالحضانة .
- ثانيها : ولاية التربية و التأديب و التهذيب ، و تبدأ بعد بلوغه سنّ التمييز و استغنائه عن النّساء حتى البلوغ الطبيعي مع العقل ، وهي ما تسمى بالكفالة أو ولاية الضم والصيانة .
- ثالثها : ولاية التزويج ، وهي تثبت للولي بناءا على القدرة الشرعية التي أناطها الشارع إليه في تزويج من في ولايته .

وحكم الحضانة أنها واجبة لأن المحضون يُهلك بتركها، فوجب حفظه من الهلاك كما يجب الإنفاق عليه و إنجاؤه من المهالك ، ودليل وجوب الحضانة للصغير قوله تعالى عن مريم عليها السلام :
(( فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا)).
(2)
وقوله صلى الله عليه وسلم : " بحسب المرء من الإثم أن يُضَيِّعَ ما يعول " .
وتتطلب الحضانة الحكمة واليقضة والانتباه والخلق الجم،ّ حتى إنّه يُكره على الإنسان أن يدعو على ولده أثناء تربيته ،كما يُكره أن يدعو ا على نفسه و خادمه و ماله لقوله صلى الله عليه و سلم :
" لا تدعوا على أنفسكم و لا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاءٌ فيستجيب له " وروى أبو موسى عن إبن عباس أن أوس بن عبادة الأنصاري دخل على النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
( يا رسول الله إنّ لي بنات وأنا أدعو عليهن بالموت ، فقال :
" يا ابن ساعدة لا تدعوا عليهنّ ، فإنّ البركة في البنات هنّ المجملات عند النعمة والمعينات عند المصيبة والممرّضات عند الشّدة ثِقْلُهُنَّ على الأرض و رِزقهن على الله " (1)

الفرع الثاني
التعريف القانوني للحضانة

نصت المادة 62 من قانون الأسرة : " الحضانة هي رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسّهر على حمايته وحفظه صحة و خلقا ، ويشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك " .
وعرّفتها المادة 97 من المدونة المغربية للأحوال الشخصية بانها حفظ الولد مما قد يضره قدر المستطاع والقيام بتربيته ومصالحه .
كما عرفتها المادة 54 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية بأنّها حفظ الولد في مبيته والقيام بتربيته . فخلافا للقانونين السابقين المشرع الجزائري في قانون الأسرة ركّز في تعريف الحضانة على أسبابها وأهدافها وهي رعاية الولد ، وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسهر على حمايته وحفظه صحة وخلقا .
ويرى الأستاذ عبد العزيز سعد (1) أن التعريف الوارد في المادة 62 يعتبر أحسن تعريف على الرغم من إحتوائه على أهداف الحضانة وأسبابها وذلك لشموليته على أفكار لم يشملها غيره من القوانين العربية ، حيث أنه تعريف جمع في عمومياته كل ما يتعلق بحاجيات الطفل الدينية والصحية والخلقية والتربوية والمادية .
ومما تقدم فإنّ أهداف الحضانة تظهر فيما يلي :
أولا : تعليم الولد
ويقصد به التعليم الرسمي أو التمدرس ، وما دام التعليم إجباريا ومجانيا فكل طفل له الحق أن ينال قدرا من التعليم حسب استطاعته وامكانياته الذهنية وقدراته العقلية واستعداده الفطري والنفسي.
ثانيا : تربية الولد على دين أبيه
يجب أن يربىّ الولد على مبادئ وقيم الدين الإسلامي ، ولما كان زواج المسلم بغير المسلمة جائزا ، فإن القاضي يمنح الحق في الحضانة للأم غير المسلمة ، ولا ينكره عليها أبدا ، فهي كالمسلمة على أن تراعي أحكام الشرع في تربية الطفل .
ثالثا : السهر على حماية المحضون
إذا كانت الحضانة رعاية وحماية فلا بد أن تتخذ هذه الحماية كل أشكالها، فيجب أن لايكون الطفل عرضة لأي اعتداء مادي كالضرب أو اعتداء معنوي كالإرهاب و التخويف و الشتم ، مما يؤدي إلى زعزعة انضباط الطفل نفسيا و عاطفيا ، و ليس معنى ذلك أن يترك للطفل الحبل على الغارب و أن لا يُؤدّب كلما استدعت الحاجة ، ثم إنّ الحماية لا تكون من الغير فقط، بل لابد من حماية الطفل حتى من نفسه .
رابعا : حماية الطفل من الناحية الخلقية
و يكون ذلك بتنشئته على حسن الخلق و تهذيبه و إعداده لأن يكون فردا صالحا سويا و أن لا يُترك عرضة للشارع و رفقاء السوء.
خامسا : حماية المحضون صحيا
يجب أن يلقى الطفل العناية الصحية الكاملة ، خاصة في السنوات الأولى من حياته ، و ذلك بأن يتلقى كل التّلقيحات اللازمة
و الدورية ، و أن يُعرض على طبيب كلّما استدعت الحاجة .(1)

المطلب الثاني
شروط ممارسة الحضانة

إن الحاضن هو من يتولى شؤون الصغير بإذن الشرع أو بأمر القاضي ذكرا كان أم أنثى ، إذ يتساوى الرجال و النساء في أهليتهم للحضانة مع اختلاف في الأولوية و تباين في الترتيب .
و عليه فالحضانة تثبت لمن كان أهلا بها بتوافر شروطها ، إذ يرى الفقهاء أن هناك شروطا عامة في الرجال و النساء و أخرى تختص بها النساء ، و البعض الآخر لابد من توافرها في الرجال .
كما أن المشرع الجزائري حصر شروط الحضانة في الأهلية بعد تعريفه لها في المادة 62 من قانون الأسرة الجزائري ، إذ نصت الفقرة الثانية منها على أنّه :
(( و يشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك )) .
إذ المقصود بالأهلية هنا هو القدرة على القيام بمهمة شاقة
و محفوفة بالمخاطر تتعلق بتربية الطفل و إعداده إعدادا سليما ليكون قادرا على الإعتماد على نفسه في المستقبل .
و لتحديد هذه الشروط الغير واردة في القانون فإن المادة 222 من قانون الأسرة الجزائري تنص على أنّه : (( كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية )) .
و على هذا الأساس سنتطرق في هذا المطلب إلى شروط ممارسة الحضانة على ضوء الفقه مع الإشارة إلى موقف المشرع الجزائري منها مع الإستشهاد ببعض قرارات المحكمة العليا باعتبارها الهيئة العليا المنوط بها توحيد الإجتهاد القضائي لإبراز مدى تكريس القضاء لهذه الشروط .
الفرع الأول :
الشروط العامة في الرجال و النساء

الأهلية للحضانة تثبت للرجال كما تثبت للنساء و إن تقدمت حضانة النساء على حضانة الرجال لأن المرأة بحكم الفطرة و التكوين هي الأقدر على رعاية الصغير و الأكثر صبرا على توفير احتياجاته المتنوعة و من بين الشروط العامة لممارسة الحضانة للرجال و النساء نجد :
1- العقل : لا يستطيع المجنون القيام بشؤون نفسه و بالتالي لا يكون له تولي شؤون غيره ، و يستوي في الجنون أن يكون مُطْبقًا أو متقطعا فكلاهما مانع من الحضانة ، و لا فرق بين جنون متقطع قليل أو كثير ، و لو كان من القلة بحيث لا يأتي إلا ليوم واحد في السنة ، ذلك لأن ترك المحضون لدى مثل هذه الحاضنة فيه ضرر عليه ، فقد يرد جنونها في أي وقت و إن كان نادرا أو قصيرا (1) . و لو مثلا مرة في كل سنة ، لأن المقصود بالحضانة هو مصلحة المحضون و توفير الحماية اللازمة له ، و عليه ينبغي الإبتعاد به عن أدنى ضرر محتمل يصيبه و ذلك رعاية لمصلحته .
و المعتوه يأخذ حكم المجنون و الصغير لأنه محتاج لرعاية الغير
و بالتالي فلا يرعى هو غيره ،و لأن ولايتهما لغيرهما كالصغير فلا ولاية لهما على محضون ، إذ الحضانة من الولاية ، كما أنّه لا يتصور أن يكون الشخص قاصرا في حق نفسه لا يمكنه القيام بشؤونه الخاصة و تكون له في الوقت نفسه ولاية على غيره لأنه في حاجة إلى إشراف الغير و الأخذ بيده في شؤون نفسه فلا يصوغ له أن يتولى هو هذا الإشراف على الغير باعتبار الحضانة ولاية على النفس ، و غير العاقل لا ولاية له على نفسه ، فمن باب أولى لا تثبت له ولاية على غيره .
و إلى جانب العقل اشترط المالكية الرشد ، فلا حضانة عندهم لسفيه مُبَذِّركي لا يتلف مال المحضون أو ينفق عليه منه ما لا يليق.
و اشترط أيضا الحنابلة مع المالكية بالإضافة إلى العقل عدم المرض المنفركالجذام و البرص فلا حضانة لمن به شيء من هذه المنفرات (1).
أما موقف المشرع الجزائري في هذه المسألة فإنه يرى أن الحضانة ولاية على النفس ، فلا تكون لغير العاقل الذي لا يقوى على شؤونه إذ هو نفسه بحاجة إلى من يرعاه و هو ما ورد في نص المادة 85 من قانون الأسرة الجزائري التي تنص ، أنّه : (( تعتبر تصرفات المجنون و المعتوه و السفيه غير نافذة إذا صدرت في حالة الجنون أو العته أو السفه )) .
كما أنه لا فرق في الجنون سواء كان مستمرا أو متقطعا ، لأن الحضانة هي رعاية المحضون و حفظ مصلحته (2) .

2- البلوغ : الحضانة مهمة شاقة لا يتحمل مسؤولياتها و تبعاتها إلاّ الكبار ، بل أن وظائفها لا يقوم بها إلاّ هؤلاء ، إذ يشترط في الحاضن البلوغ لأن الحضانة من باب الولاية و الصغير ليس من أهل الولاية .
أما استحقاق المراهقة للحضانة فلأنّها بالغة حكما ، إذا ادّعت البلوغ و هي ان ادّعت البلوغ بالعلامات كانت بالغة ما دام أن الظاهر يشهد بصدق ادّعائها ، و كون البلوغ شرط في الحاضنة ، شرطٌ سار عليه سائر الفقهاء ، لأن الطفل محتاج إلى من يخدمه و يقوم على شؤونه ، فكيف يكون له أن يتولى شؤون غيره .(3)
و البلوغ شرط أساسي لاستحقاق الحاضن للحضانة ، لأن به اكتمال الإرادة عادة (4)
و القضاء الجزائري اعتبر البلوغ من شروط استحقاق الحضانة باعتباره متفق عليه لدى فقهاء الشريعة الإسلامية .
3- الأمانة على الأخلاق : الأمانة صفة في الحاضن يكون بها أهلا لممارسة الحضانة و بيئة مصاحبة للمحضون ، تضمن حدّا أدنى من التربية السليمة للصغير إذ تسقط الحضانة إذا أُلقيَ بالصغير في بيئة سيئة مصاحبة له تؤثر عليه سلبا و تثير الشكوك حول سلامة تربيته ، و المناط في سقوط الحضانة مصلحة الصغير و حمايته من الضياع و صيانته من الإهمال ، حتى قال بعض الفقهاء : " إن الحاضنة لو كانت كثيرة الصلاة قد استولت عليها محبة الله تعالى و خوفه حتى شغلاها عن الولد و لزم ضياعه نُزعَ منها وسقطت الحضانة عنها " (1) .
وعليه فلاحضانة لغير أَمِين على تربية الولد وتقويم أخلاقه كالفاسق مثلا رجلا كان أو امراة من سِِّكير أو مشتهر بالزنا أو اللهو الحرام ، في حين أن في هذه المسألة قيَّد الشيخ ابن عابدين الفسق المانع من حضانة الأم ذلك الفسق الذى يضيع به الولد إذ يكون لها الحضانة ولو كانت معروفة عنده بالفجور ما لم يصبح الولدفي سن يعقل فيه فجورأمه. ففي هذه الحالة وإن أصبح يعقل فجورها ينتزع منها الولد صونا وحفاظا لأخلاقه من الفساد لأنّها غير أمنية عليه .أما الرجل الفاسق فلا حضانة له. (2)
كما أنه قيل أنّ الحاضنة إذا كانت تخرج كل وقت وتترك الولد ضائعا فإنها تكون غير مأمونة عليه ،فلا تكون لها حضانته إذ ليست أهلا لها (3) .
ولقد تشدّد القضاء الجزائري في اعتبار الأمانة شرطا جوهريا في الحاضن وتكرّس ذلك في العديد من أحكامه وقراراته ،إذ يرى أنّ الحاضنة التي لا تقيم وزنا للأخلاق ولا تراعي حرمة للشرف لا تكون أهلا للحضانة لأنها غير أمينة على نفس الطفل وأدبه وخلقه ،إذ ينشأ على طريقتها ومتخلقا بأخلاقها .
فأسقط القضاء الحضانة عن الأم لأنّ المحيط الذي يعيش فيه الطفل غير مأمون على أخلاقه حيث جاء في قرار المحكمه العليا : " أنّ عدم إبصار الأم مانع لها من حضانة الأولاد الأربعة لعجزها عن القيام بشؤونهم و مراقبتهم و السهر على تربيتهم و حمايتهم من الوقوع في زلات مشينة كتلك التي قام بها أخ المطلقة الذي هتك عرض أختهم من أبيهم خاصة و أنّ من المحضوضين بنتين إن تركت حضانتهما لأمهما فلا يؤمن عليهما(1).
و يتشدد القضاء في موقفه هذا و أسقط حضانة الجدة للأم لأن الأم كانت أخلاقها فاسدة ، فكما أُسقِطت الحضانة عن الأم لفساد أخلاقها و سوء تصرفها يسقط حق أمها في الحضانة ، إذ كذلك الأم التي لا تقدر على تربية ابنتها لا تستطيع تربية المحضون وكبح جماحه ، وعليه فلا الأم تستحق الحضانة ولا أمها لفقدان الثقة و الأمانة فيهما" (2) .
والقول بأنّ الحاضنة ارتكبت فعلا فاحشا ، يجب إثباته بالطرق المعروفة شرعا وهي أربعة شهود عدول من الرجال ، أو اعترافها بالفعل المنسوب إليها لأن الإعتراف سيد الأدلة .
1/ القدرة على التربية: يقصد بالقدرة الإستطاعة على صيانة الصغير في خلقه وصحته ، إذ لا حضانة لعاجز لكبر السن أو مرض أو شغل ، فالمرأة المحترفة أو العاملة إذا كان عملها يمنعها من تربية الصغير والعناية بأمره لا تكون لديها أهلية الحضانة ، أما إذا كان عملها لا يحول دون رعاية الصغير وتدبير شؤونه حينئذ لا يسقط حقها في الحضانة (1) .
إذ يرى أغلب الفقهاء أنه لا حضانة لكفيفة أو ضعيفة البصر ولا لمريضة مرضا معديا أو مرضا يعجزها ويمنعها عن القيام بشؤون الصغير ولا لمتقدمة في السن تقدما يجعلها بحاجة إلى رعاية الغير لها، ولا لمهملة لشؤون بيتها كثيرة المغادرة له ، حيث أنه يخشى من هذا الإهمال ضياع الطفل وإلحاق الضرر به أو لساكنة مع مريض مرضا معديا أومع من يبغض الطفل ولو كان قريبا له إذ لا تتوفر له الرعاية الكافية والجو الصالح الملائم لتربيته .
فالمالكية والشافعية والحنابلة يدخلون العمى في مانع العجز، وينيطون حضانة العمياء وغيرها من العاجزات بقدرتها على القيام بشؤون المحضون ولو كان ذلك بمساعدة غيرها ، أما إذا منعها شيء من ذلك عن رعاية شؤون المحضون فلا تكون لها الحضانة (2) .
وعليه فإنّ الفقهاء لم يشترطوا لأهلية الحضانة سوى قدرة الحاضنة على رعاية الصغير و الإشراف على تربيته و المحافظة عليه و لم يشترطوا الإبصار بل أوجبوا توافر صفات ترجع إلى المحافظة على الصغير وتوفر راحته .
أما عن موقف القضاء الجزائري في اعتبار القدرة شرط أساسي في ممارسة الحضانة فيظهر جليا في العديد من قرارات المحكمة العليا إذ جاء في أحدها أنّ القدرة على التربية شرط ضروري لأداء واجبات الحضانة فلا حضانة لكفيفة أو مريضة مرضا معديا أو مرض يُعجز عن القيام بشؤون التربية و على القاضي اللجوء إلى الخبرة للوصول إلى الحكم النّزيه
و تقدير مدى عجز الحاضنة " (1).
و جاء في قرار آخر : " أن الشارع اشترط في الحاضن عدة شروط من بينها الكفاية و الصحة فلا حضانة لعاجز ذكر أو أنثى لكبر السن أو مرض لا يقدر معه على القيام بشؤون المحضون و لأنه هو نفسه في حاجة إلى من يأخذ بيده " (2).
5- الإسلام : يرى الشافعية و الحنابلة أن الإسلام شرط لممارسة الحضانة ، فلا تثبت الحضانة عندهم للحاضنة الكافرة للصغير المسلم لأنها ولاية و لا ولاية لكافر على مؤمن لقوله تعالى : (( و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا )) . (3) فهي كولاية الزواج و المال و لأنه يخشى على دين المحضون من الحاضنة لحرصها على تنشئته على دينها و هذا أكبر ضرر يصيب الطفل ، فعن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:" كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
إلاّ أنّ الحنفية و المالكية لم يشترطوا إسلام الحاضنة ،فيصح كون الحاضنة كتابية أو غير كتابية سواء كانت أمًّا أو غيرها لأن الحضانة لا تتجاوز إرضاع الطفل و خدمته ، و كلاهما يجوز من الكافرة ، و دليلهم في ذلك ما روا ه أبو داود و النسائي : أن رافع بن سنان أسلم و أبت امرأته أن تسلم فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : ابنتي – و هي فطيم - أو شبهه و قال رافع : ابنتي ، فمالت إلى الأم ، فقال النبي صلى الله عليه
و سلم: " اللهم اهدها " فمالت إلى أبيها فأخذها .
و لأن مناط الحضانة عندهم هي الشفقة و هي لا تختلف باختلاف الدين ، لكن هؤلاء إختلفوا في مدة بقاء المحضون عند الحاضة غير المسلمة .
- فقال الحنفية : يبقى عندها إلى أن يعقل الأديان ببلوغه السن السابعة أو يتضح أنه في بقائه معها خطر على دينه كالذهاب به إلى معابدها أو تعوده على شرب الخمر وأكل لحم الخنزير .
- وقال المالكية : إنّ المحضون يبقى مع الحاضنة إلى إنتهاء مدة الحضانة شرعا فإن خِيف على المحضون من الحاضنة أعطي حق الرقابة إلى أحد المسلمين ليحفظ الولد من الفساد .(1)
وتجدر الإشارة إلى أن الأحناف وإن رأوا جواز حضانة الكافرة إلا أنهم إشترطوا أن لا تكون مرتدة ، لأن المرتدة تستحق الحبس حتى تتوب وتعود الى الاسلام او تموت في الحبس فلا تتاح لها الفرصة لحضانة الطفل ، فإن تابت وعادت عاد لها حق الحضانة .
أما عن موقف المشرع المشرع الجزائري في هذه المسألة فقد اكدت المادة 62 من قانون الاسرة الجزائري على ان يربى الطفل على دين ابيه , ولا فرق بين المسلمة وغير المسلمة في مسألة الحضانة .
والواضح من خلال تفحص أحكام وقرارات القضاء الجزائري أنه تمسك بوقف الإمام مالك رضي الله عنه حيث ساوى بين الأم المسلمة والغير المسلمة في استحقاق الحضانة(1).كما انه اسقطت الحضانة عن أم مسيحية لانها حاوت تربية ابنها وفق مبادئ دينها(2) .
الفرع الثاني :
الشروط الخاصة بالنساء
هناك جملة من الشروط الخاصة بالنساء يمكن سردها فيما يلي :
1- ألاّ تكون متزوجة بأجنبي عن الصغير أو بقريب غير محرم منه:
اختلف الفقهاء في حكم تزوج الحاضنة بالأجنبي عن المحضون على آراء منها:
أ - قولهم أن الحضانة تسقط بالتزوج مطلقا، سواء كان المحضون ذكرا أو أنثى ، و هو ما ذهب إليه كل من الأئمة الأربعة : مالك و الشافعي ، و أبو حنيفة و أحمد في المشهور عنه، و حجتهم في ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو : ( أ ن امرأة قالت : يا رسول الله إنّ ابني هذا كان بطني له وعاء و حجري له حواء و ثديي له سقاء و زعم أبوه أنّه ينزعه منّي فقال صلى الله عليه
و سلم : " أنت أحق به ما لم تنكحي " (3) فهذا الحديث جعل لها حق الحضانة حتى تتزوج ، و عندها لا يكون لها هذا الحق و كذلك إجماع الصحابة على أن الحضانة للأم حتى تتزوج، فتسقط عنها و يدل على ذلك خبر عمر بن الخطاب في النزاع حول ابنه عاصم فقد قال له الصديق أبو بكر : إنّها أحق به ما لم تتزوج ، و قد وافقه عمر رضي الله عنه على هذا الحكم و كان بحضور الصحابة و لم ينكر عليه أحد ذلك ، و على حكم أبي بكر سار القضاة ابتداء من شُريح لا يختلفون فيه زمانا و مكانا .(4)
ب- و قيل إن الحضانة لا تسقط بالتزوج مطلقا سواء كان المحضون ذكرا أو أنثى ، وهذا الرأي أكّد عليه الحسن البصري وهو قول ابن حزم الظاهري وحججهم في ذلك الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي ، وانطلق بي إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله إنّ أنس غلام كَيِّسٌ فليخدمك ، قال : فخدمته في السفر والحضر ... ، وإنّ أنسًا كان في حضانة أمّه ، ولها زوج وهو أبو طلحة، بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم ينكر ذلك ، وحجتهم كذلك أن أم سلمة لما تزوجت برسول الله صلى الله لم تُسْقِطْ بزواجها كفالتها لبنيها .(1) فإن تزوجت الحاضنة بقريب محرم من الصغير مثل عمه فإن حضانتها لا تسقط لأن العم صاحب حق في الحضانة و له من صلته بالطفل و قرابته منه ما تحمله على الشفقة و رعاية حقه ، فيتمّ بينهما التعاون على كفالته ، و هذا على عكس الأجنبي فإنها إذا تزوجته لا يعطف عليه و لا يمكنها من العناية به ، و عليه فالصغير لا يجد الجو الرحيم و لا الظروف المساعدة التي تنمي ملكاته
و مواهبه ، لأن الحاضنة قد أمسكته عند الأجنبي قد يبغضه و يقسو عليه و لا يؤدبه .(2)
أما عن موقف المشرع الجزائري في هذه المسألة ،تنص المادة 66 من قانون الأسرة الجزائري على أنه : " يسقط حق الحاضنة بالتزوج بغير قريب محرم و بالتنازل ما لم يضر بمصلحة المحضون " .
وعليه يستشف من هذه المادة أن حق الحاضنة يسقط بزواجها بالأجنبي
و بقريب غير محرم ، و لقد كرست المحكمة العليا هذا المبدأ في العديد من قراراتها منها ما جاء في أحدها: " من المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية أنه يشترط في المرأة الحاضنة و لو كانت أما أن تكون خالية من الزواج أما إذا كانت متزوجة فلا حضانة لها لانشغالها عن المحضون ، مما يستوجب معه نقض القرار . " (1)
و الملاحظ أن موقف المشرع الجزائري أخذ بموقف الجمهور (2) حيث أسقط الحضانة عن الحاضنة لزواجها بغير ذي رحم للمحضون ، و للقاضي السلطة التقديرية الواسعة في مراعاة مصلحة المحضون .
و عليه و خدمة لمصلحة المحضون دائما فإن سقوط الحضانة بزواج الحاضنة بغير قريب محرم تقع عليه عدة استثناءات منها :
 عدم وجود من يحضن الطفل غير الأم : فبدل من وضع المحضون في دار من ديار الحضانة فإن حاضنته تكون أولى به رغم زواجها ، و كذلك الأمر إذا كان من يليها في الحضانة غير مأمون على الطفل أو عاجزا على حضانته .
 ألاّ ينازع الأم في المحضون بعد زواجها أحد ممن لهم الحق في الحضانة : و يبدأ حساب المدة من يوم الزواج إلى انقضاء السنة كاملة و ذلك وفقا للمادة 68 من قانون الأسرة الجزائري .
 أن يترك الأب أو من يقوم مقامه المحضون لأمه عن تراض .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن أغلبية الفقهاء يرون أن العقد وحده ليس سببا في إسقاط الحضانة ، إذ لابد من الدخول بها حتى يتحقق الشرط .
و نشير أيضا أن الحاضنة إذا تزوجت و دخل بها زوجها ثم طُلقت أو مات عنها قبل أن يعلم من تنتقل إليه الحضانة فإنه في هذه الحالة تستمر في حضانة المحضون .(1)
2- أن تكون ذات رحم محرم من الصغير : أي تكون الحاضنة رحما محرما على المحضون كأم المحضون و أخته و جدته ، فلا حق لبنات العم و العمة و بنات الخال و الخالة بحضانة الذكور لعدم المحرمية ،و لهن الحق في حضانة الإناث و لا حق لبني الخال و الخالة و العم و العمة في حضانة الإناث و لكن لهم الحق في حضانة الذكور .(2)
3- عدم إقامة الحاضنة بالصغير في بيت يبغضه : يرى أغلب الفقهاء أن سكن الحاضنة مع من يبغضه الصغير يعرضه للأذى و الضياع ، فلا حضانة للجدة إذا سكنت مع بنتها إذا تزوجت ، إلاّ إذا انفردت بسكن آخر عنها
و هذا ما أورده المشرع الجزائري في المادة 70 من قانون الأسرة الجزائري :
" تسقط حضانة الجدة أو الخالة إذا سكنت بمحضونها مع أم المحضون المتزوجة بغير قريب محرم " .
و جاءت هذه المادة تكريسا لمصلحة المحضون ليتربى تربية سوية بعيدة عن كل المشاكل التي تحيط بالطفل و تؤثر عليه سلبا في المستقبل .
4- ألاّ تكون قد امتنعت عن حضانته مجانا و الأب معسرا : إن امتناع الأم عن تربية الولد مجانا عند اعسار الأب مسقط لحقها في الحضانة ، فعدم الإمتناع يعتبر شرطا من شروط الحضانة (1) .
فإذا كان الأب معسرا لا يستطيع دفع أجرة الحضانة و قبلت قريبة أخرى تربيته مجانا سقط حق الأولى في الحضانة .

الفرع الثالث
الشروط الخاصة بالرجال

يشترط في الرجل الحاضن بالإضافة إلى شرط العقل
و الأمانة و الإستقامة شروط خاصة بالرجال فقط و هي :
1-أن يكون الحاضن محرما للمحضون إذا كانت أنثى ، و لقد حدد الحنابلة و الحنفية سنّها بسبع سنين تفاديا أو حذرا من الخلوة بها لانتهاء المحرمية ، و إن لم تبلغ الطفلة حد الفتنة و الشهوة أعطيت له بالإتفاق ، لأنه في حالة بلوغها هذه المرحلة من الشهوة فلا يكون لابن العم حضانة ابنة عمه المشتهاة ، و أجازها الحنفية إذا لم يكن لبنت العم غير ابن العم، و إبقائها عنده بأمر من القاضي إذا كان مأمونا عليها و لا يخشى عليها الفتنة منه (2) .
2-اتحاد الدين بين الحاضن و المحضون لأن حق الرجال في الحضانة مبني على الميراث و لا توارث بين المسلم و غير المسلم ، و ذلك إذا كان الولد غير مسلم و كان ذو الرحم المحرم مسلما، فليس له حق الحضانة بل حضانته إلى ذوي رحمه المحارم من أهل دينه ، و إذا كان الولد مسلما و ذو رحمه غير مسلم ، فليست حضانته إليه لأنه لا توارث بينهما ، إذ قد بُنيَ حق الحضانة في الرجال على الميراث (1).

المطلب الثالث
ترتيب أصحاب الحق في الحضانة في ظل المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري
من المعلوم أن الفقهاء قدموا الحواضن بعضهن على بعض بحسب المحضون ، فجعلوا الإناث أليق بالحضانة على حساب الرجال لأنهن أشفق و أهدى إلى التربية و الرعاية و أصبر على القيام بها، و أشد ملازمة للأطفال ، ثم قدموا في الجنس الواحد من كان أشفق و أقرب ، ثم الرجال العصبات المحارم ،و اختلفوا أحيانا في ترتيب الدرجات بحسب ملاحظة المصلحة على النحو التالي ، علما بأن مستحقي الحضانة إما إناثا و إما ذكورا و إما الفريقان ، و ذلك في سن معينة ، فإذا انتهت تلك السن كان الرجل أقدر على تربية الطفل من النساء. (2)
لقد حددت المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري ثلاثة أصناف من مستحقي الحضانة يقدم فيه صنف على آخر فنصت على أن : " الأم أولى بحضانة ولدها ، ثم أمها ، ثم الخالة ، ثم الأب ثم أم الأب ، ثم الأقربون درجة مع مراعاة مصلحة المحضون في كل ذلك و على القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة " .


الفرع الأول
الأم و من يليها من قريباتها
الولاية على الطفل نوعان ، ولاية على النفس و ولاية على المال ، فالولاية على المال هي الإشراف على شؤون القاصر المالية من استثمار، و تصرفات كالبيع و الإيجار و الرهن و غيرها ، فهذا النوع يقدَّم فيه الأب على الأم و من في جهتها ، و الولاية على النفس هي الإشراف على شؤون القاصر الشخصية من رعاية الصحة و التأديب و التهذيب و النمو الجسمي ، و التعليم و التثقيف في المدارس و نحو ذلك (1) و عليه فإن ترتيب الحاضنات يكون على النحو التالي :
أولا : الأم
الأم أحق بحضانة الولد بعد الفرقة بطلاق ، أو وفاة بالإجماع لوفور شفقتها ، و دليل تقديم الأم من السنّة : ما روي أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت له : (( يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاءا ، و ثديي له سقاءا ، و حجري له حواءا ، و إن أباه طلقني و أراد أن ينتزعه مني ، فقال : " أنت أحق به ما لم تنكحي " .
وقال صلى الله عليه و سلم : " من فرق بين والدة و ولدها ، فرق الله بينه و بين أحبته يوم القيامة " .
وروي أن عمر ابن الخطاب طلق زوجته أم عاصم ، ثم أتى عليها و في حجرها عاصم ، فأراد أن يأخذه منها ، فتجاذباه بينهما حتى بكى الغلام ، فانطلقا إلى أبي بكر رضي الله عنهما ، فقال ابو بكر : " مسحها و حجرها و ريحها خير له منك ، حتى يشبَّ الصبي فيختار لنفسه " (1) .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( الأم أصلح من الأب لأنها أرفق بالصغير و أعرف بتربيته ، و حمله ، و تنويمه ، و أصبر عليه ، و أرحم ، فهي أقدر و أصبر في هذا الموضوع ، فتعيّنت في حق الطفل تمييز المخير في الشرع.
ثم قال : و مما ينبغي أن الشارع ليس له نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقا بل لا يقدم المعتدي ، أو المفرط على العادل البار مطلقا ، فكل ما قدمناه إنما نقدمه إذا حصل به مصلحة الحضانة ، و إن دفعت به مضرتها ، فأما مع وجود فساد من إحداهما فالآخر أولى بها بلا ريب )) .
و قال ابن القيم رحمه الله : (( التقديم و التأخير و القرعة لا تكون إلا إذا حصلت به مصلحة الولد ، و كون كل واحد من الوالدين نظير الآخر، فلو كانت الأم أصون من الأب ،و أغير منه قدمت عليه ، و لا التفات إلى قرعة ، و لا تخيير للصبي في هذه الحال ، فإن الصبي ضعيف يؤثر عليه اللعب ، فيكون عند من هو أنفع له ، و لا تتحمل الشريعة غير هذا )).
و قال ابن مودود الحنفي : (( و يكون الولد عندهن حتى يستغني عن الخدمة ، فيأكل وحده و يشرب وحده و يلبس وحده و يستنجى وحده ، و قدّره أبو بكر الرازي بتسع سنين ، و الخصاف بسبع سنين اعتبارا للغالب ، و إليه الإشارة بقول الصديق رضي الله عنه : هي أحق به حتى يشبّ ، و لأنه استغنى احتاج إلى التأديب بآداب الرجال ، و التخلق بأخلاقهم و تعليم القرآن و الحرف ، و الأب على ذلك أقدر فكان أولى
و أجدر)) .(2)
و لهذا فإن الأم هي المدرسة الأولى للطفل ، و بالتالي لها التأثير البالغ في الحياة النفسية و استقرارها لدى الطفل من حيث تربيته و تهذيب أخلاقه،
و استقامة سلوكه ، بالإضافة إلى ذلك فالأم هي مصدر الغذاء بالنسبة للطفل في بداية تكوينه الجسدي و العقلي ، و هي كذلك منبع العطف و الحنان ، و مجر ى الحب و الشفقة ، و لهذا فالأم أولى بحضانة الطفل ، و إذا توفرت فيها الشروط لن ينازعها أحد في ذلك .(1)
ثانيا : أم الأم ( الجدة )
في حالة سقوط الحضانة عن أم المحضون ، إما لوفاتها ، أو لزواجها بأجنبي ، أو لأي سبب من أسباب السقوط ، تليها امها مباشرة، لمشاركتها في الإرث و الولادة ، و كذلك لأن الجدة اكثر رأفة و شفقة على المحضون من غيرها ، ولهذا فضلت الأم على الأب ، فقد فضلت كذلك الجدة أم الأم على الجدة أم الأب لهذا السبب (2)
فالمشرع الجزائري في المادة64 من قانون الأسرة الجزائري قد توقف عند أم الأم فحسب ، فإن جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية ، و منه بعض القوانين العربية ، لا سيما القانون السوري في المادة 139 الفقرة الأولى منه لم يتوقف عند أم الأم بل تعداها إلى جدة الأم أي أخذ بالقاعدة (( حق الحضانة للأم ، فلأمها و إن علت )) (3).
فحضانة الأم لمحضونها تتقيد بشروط فنفس الشروط لابد أن تتوفر في أم الأم ، بالإضافة إلى عدم إقامتها مع أم المحضون المتزوجة بأجنبي (4) . وكذا انتقال حضانة الولد لأم الأم يكون دائما مؤيد بقرار من القاضي الفاصل في مادة الأحوال الشخصية .(1)
ثالثا : الخالة
خالة المحضون سواء كانت أخت شقيقة لأم ، أو أخت لأب ، أو أخت لأم ، تأتي مرتبتها في استحقاق الحضانة بعد مرتبة أم الأم مباشرة ، و هذا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء و على رأسهم المذهب المالكي و الحنفي و الشافعي و الحنبلي ، و عليه فإن المشرع الجزائري في المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري سار على مناهج جمهور الفقهاء و لهذا فإنه لا يمكن مخالفة الترتيب المنصوص عليه في المادة 64 بالنسبة للحاضنين إلا إذا ثبت بالدليل من هو أجدر بالقيام بدور الحماية و الرعاية للمحضون ، فالخالة تأتي في مرتبة أسبق من الأب و أن مركز الأب كأستاذ لا يجعله أقدر على الرعاية و الإنفاق من الخالة ، مع العلم أن الإنفاق على الأب (2) ، و كذلك إسناد الحضانة للأخت من الأب بدل الخالة رغم مطالبتها بها يُعَدُ مخالفة للقانون(3) ، إن شفقة الخالة على الصبي من شفقة أمه ، و في هذا اتفاق مع ما جاء في الأثر ، حيث روى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه و سلم قضى في ابنة حمزة لخالتها ، و قال: " الخالة أم" (4) ، و قد كان ذلك عندما اختصم علي و جعفر و زيد ابن حارثة – رضي الله عنهم - في أيّهم يحضن إبنة حمزة رضي الله عنه ، فسلمها رسول الله لخالتها و هي زوجة جعفر (5) .
و يجب أن تتوفر في الخالة الشروط نفسها التي تتوفر في الحاضنة .

الفرع الثاني :
الأب و من يليه من أقاربه
إن لم يكن للمحضون أحد من جهة الأم ، لانتفاء الشروط فيهن أو وفاتهن إنتقلت الحضانة إلى جهة الأب ، و قد حددت المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري هؤلاء الأشخاص تحديدا حصريا .(1)
أولا : الأب
يتضح لنا من قراءة المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري أنها رتبت أب المحضون بعد الخالة مباشرة ، و إن كانت أم الأب أسبق من الأب في استحقاق حضانة الطفل عند الإمامين مالك و أبو حنيفة (2) .
وطبقا لما جاء في المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري ، فإن حضانة المحضون من حق الأب بعد الأم و قريباتها فعلى الأب أن يوفر للطفل من ترعاه من النساء كالخادمة أو أي امرأة تكون أمينة عليه و تتولى رعايته ، خاصة إذا كان الولد فطيما (3) .
ثانيا : الجدة ( أم الأب )
الجدة لأب تأتي مرتبتها مباشرة بعد الأب ، حسب الترتيب المحدد في المادة 64 من قانون الأسرة ، و يبدو أن المشرع تأثر بالمذهبين الشافعي و الحنبلي اللذان يقدمان الأب على أمه ، و هذا خلافا للمذهبين المالكي و الحنفي اللذان يقدمان أم الأب على الأب نفسِه (4) .
و كما تكون الحضانة لأم الأب ، تكون لأمها وجدتها ، عملا بقاعدة
(( الأم و إن علت)) .و هذا إذا توفرت فيهن الشروط ، بالرغم من أن المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري توقفت عند الأم فقط .

الفرع الثالث :
الأقرب درجة
طبقا لنص المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري ، فإنها حددت لنا الفئة الثالثة من مستحقي الحضانة ، لكن يؤخذ عليها أنها جاءت غامضة ومبهمة " ... ثم الأقربون درجة ... " وبالرجوع إلى نصوص قانون الأسرة ، لم يتبن لنا ما المقصود بالأقربون درجة .
إن سكوت قانون الأسرة عن تحديد هؤلاء الأقربون درجة يؤدي بنا إلى الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية عملا بالمادة 2 2 2 منه ، نجد الآراء الفقهية تختلف في تحديد هؤلاء الأشخاص لكنهم إتفقوا على التصنيف الآتي بيانه .
أولا : القريبات من المحارم
بالرجوع إلى المذاهب الأربعة نجدها إختلفت في ترتيب هذه القريبات على النحو التالي :
1 - المذهب الحنفي : يرتب أصحاب هذا المذهب القريبات الحاضنات بداية بأخوات المحضون ، ثم بنات الأخوات ثم الخالات ، على خلاف المذهب المالكي ، الذي يرتب الخالة بعد الأم مباشرة ثم بنات الإخوة ، ثم عمات المحضون ، فخالات الأم ، ثم خالات الأب ، ثم عمات الأم ، فعمات الأب ، و تقدم دوما الشقيقات على التي لأم على الأخت لأب (1)
2 - المذهب الشافعي : القريبات من المحارم فهن : الأخت ، ثم الخالة ، ثم بنت الأخت ، ثم بنت الأخ ، ثم العمة ، ثم بنت العمة ، ثم بنت العم ، ثم بنت الخال ، و تقدم الشقيقات على غيرهن ، و التي لأب تقدم على التي لأم على خلاف المذهبين المالكي و الحنفي . (1)
3-المذهب الحنبلي : يرتب أصحاب هذا المذهب القريبات الحاضنات للأخوات بدءا بالأخت الشقيقة ثم أخت لأم ، ثم أخت لأب ، فالخالة ، فالعمة ، ثم خالات أمه ، ثم خالات أبيه ، ثم عمات أبيه ، ثم بنات أخواته ، ثم بنات إخوته ، ثم بنات أعمامه ، ثم بنات عماته ، ثم بنات أعمام أمه ، ثم بنات أعمام أبيه (2) .
4- المذهب المالكي : يرتب القريبات من المحارم ابتداءا من الأخت الشقيقة على التي لأم و هذه الأخيرة على التي لأب ، ثم عمته أخت أبيه ، ثم عمة أبيه أخت جده ، ثم خالة أبيه ، ثم بنت الأخ الشقيق ، ثم الذي لأم ، و بعدها الذي لأب ، ثم بنت الأخت الشقيقة ، ثم التي لأم ، و تليها لأب ، و إذا اجتمع هؤلاء يقدم الأصلح منهن للحضانة ، و بعضهم رجّح بنات الأخ على بنات الأخت .(3)
و إن تساوت الحاضنات في جميع ذلك تقدمت أكبرهن سنا ،فإن تساوين من كل وجه تُقدَّم دوما الشقيقة على التي لأم ، و تقدم هذه الأخيرة على التي لأب .(4)
ثانيا : العصبات من المحارم من الرجال
لقد حددت المادة 150 من قانون الأسرة مفهوم العاصب بنصها : " العاصب هو من يستحق التركة كلها عند انفراده أو ما بقي منها بعد أخذ اصحاب الفروض حقوقهم ، و إن استغرقت الفروض التركة فلا شيء له " (1) .
و العاصب إذا كان رجلا فلا يكون إلا عاصبا بنفسه حسب ما حددته المادة 152 من قانون الأسرة الجزائري على أنه :
" كل ذكر ينتمي إلى الهالك بواسطة ذكر " ، و قياسا على الميراث فإن حضانة الولد تعود لهؤلاء في حالة استغراق كل الأشخاص السالف ذكرهم ، و قد حددت المادة 153من قانون الأسرة الجزائري هذا الصنف حسب أربع جهات ، أولها جهة البنوة ثم جهة الأبوة فتليها جهة الأخوة ، و أخيرا جهة العمومة .
و على ما تقدم فإن ترتيب هذه الفئة يكون بناءا على ما جاءت به الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالميراث و ولاية النكاح . (2)
و عليه فالأخ هو أخ المحضون الشقيق ثم الذي يليه لأب عند فقهاء المذهب الحنفي خلافا للمذهب المالكي الذي يجعل الجد أسبق من الأخ (3)، و هو الجد لأب و إن علا ، ثم إبن أخ المحضون ، ثم عم المحضون الشقيق أولا ، ثم يليه الذي لأب ، و عم الأب يكون بمرتبة عم المحضون و بالتالي يحق له حضانة الطفل ، ثم أبناء العم ، و لا تثبت لهم إلا حضانة الذكور ، إذ أنهم من العصبات غير المحارم ، و بالتالي فلا حضانة لهم لأنثى .(4)
و العصبات تقدم كما في ميراث الأقرب فالأقرب .
ثالثا : المحارم من الرجال غير العصبة
لا تتوقف القرابة عند القريبات من المحارم ، أو العصبات من المحارم من الرجال ، حيث أنه إذا لم يوجد من هذه الفئات من يحضن الولد أو وجد و ليس أهلا للحضانة ، إنتقل حق الحضانة إلى محارم المحضون من غير العصبة و هم على الترتيب التالي : الجد لأم ثم الأخ لأم ثم إبن الأخ لأم ثم العم لأم ، ثم الخال الشقيق ، فالخال لأب ، فالخال لأم.
رابعا : من يراه القاضي أصلح للمحضون
في حالة ما إذا لم يكن أهلا لحضانة الطفل أحد ممن سبق ذكرهم سالفا أو لم يوجد من يحضنهم لفقدانهم أو لعدم قدرتهم على حضانة المحضون كان للقاضي أن يختار من يراه أصلح لرعاية المحضون ، و لو كان من الأقارب الذين ليس لهم حق الحضانة مثل ابن العم فله حضانة إبنة عمه إذا كانت صغيرة غير مشتهاة ، بحيث لا يخشى عليها الفتنة .
وعليه مما تقدم ما هو موقف القضاء الجزائري من هذا الترتيب إذا تمت إحالة حالة عليه تتعدى فيها الحضانة إلى أبعد من الدرجة الخامسة ؟ مع العلم أن المادة 2 2 2 من قانون الأسرة الجزائري تحيلنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية بالمفهوم الواسع دون تحديد المذهب الذي تأخذ به في ظل تعدد المذاهب الفقهية و تنوعها . حقيقة قد جرى العرف على أن المذهب السائد و الغالب الجاري العمل به هو المذهب المالكي ، لكنه من الأحسن على المشرع أن يضبط هذه القرابة في مادة قانونية كما فعلت بعض القوانين العربية كالقانون السوري في المادة 139 ، و القانون الكويتي في المادة139 ، و القانون المصري في المادة 20 .
و تجدر الإشارة في الأخير أن المادة 64 في المشروع التمهيدي لقانون الأسرة وقع فيها تغيير في ترتيب مستحقّي الحضانة و جاءت كما يلي :
" الأم أولى بحضانة ولدها ، ثم الأب ، ثم الجدة لأم ، ثم الخالة ، ثم الجدة لأب ، ثم الأقربون درجة ... " .
و جاء في عرض أسباب هذا التعديل عن طريق تقديم الأب على الجدة و الخالة في إسناد الحضانة على اعتبار أن الأب أولى منهم و أكثر حرصا على رعاية أبنائه . (1)

المبحث الثاني :
آثار الحضانة
إن انحلال الرابطة الزوجية ، من شأنه أن يرتب إسناد حضانة الأولاد لأحد الزوجين أو غيرهما ممنّ هو أحق بها قانونا و شرعا ، و لعلّها تكون الأم مبدئيا لكونها الأنسب و الأجدر بها ، و ينتج عن ذلك آثر تتطلبها ممارسة الحضانة ، و مراعاة مصلحة المحضون لينشأ سليما ، و يتجلى ذلك فيما تتطلبه الحضانة من نفقة على المحضون ، و إضافة إلى ذلك و كون الحاضنة تبذل مجهودات مادية و معنوية مضنية في سبيل تربية المحضون ، و السهر على مصالحه .
فهل يتطلب ذلك مقابلا لها بما يعبر عنه بـ " أجرة الحضانة " ؟
كما أن ممارسة الحضانة تقتضي أن يكون تحت سقف بيت ، ينموا في دفئه المحضون ، تحت رعاية الحاضنة له .
و زيادة على ذلك فإن حضانة الطفل بعد طلاق والديه ، يفترض ابتعاده عن أحدهما ، و لمجابهة ذلك اقتضى القانون و الشرع، من أن يحكم القاضي بحق الزيارة عند اسناد الحضانة .
تلك هي الآثار المترتبة عن الحضانة و التي سنتناولها كما يلي :
المطلب الأول
نفقة المحضون و أجرة الحاضنة
إن حضانة الطفل بما تنطوي عليه من تغذية و كسوة ،و علاج ، و تربية
و سكن ، و كل ما يتطلبه المحضون من احتياجات لمعيشته ، و تنشئته التنشئة القويمة ، كل ذلك يتطلب مجهودات مادية قوامها المال ،و تتجلى في نفقة المحضون ،لكن هل نفقة المحضون من شأنها أن تنطوي على مقابل لما تبذله الحاضنة من مجهودات مضنية ، في سبيل رعاية المحضون و حسن تنشئته ؟ أم أن هذه الجهود تتطلب لها مقابلا مستقلا عن نفقة المحضون ، بما يسمى بأجرة الحاضنة؟
ذلك ما سنحاول الإجابة عنه في الفرعين الآتيين :
الفرع الأول
نفقة المحضون
1- نصت المادة 78 من قانون الأسرة الجزائري في تعريفها للنفقة في مفهومها العام على:
(( تشمل النفقة : الغذاء و الكسوة و العلاج ، و السكن و أجرته ، و ما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة )) .
و هذا معناه أن النفقة هي كل ما يحتاج إليه الإنسان لإقامة حياته من طعام و كسوة و علاج ، و سكن و خدمة و كل ما يلزم بحسب العرف و العادة ، و هي ما يصرفه الزوج على زوجته و أولاده و أقاربه بحسب المتعارف عليه بين الناس ، و حسب وسع الزوج .
و النفقة تجب للفروع على الأصول ، كما تجب للأصول على الفروع حسب القدرة و الإحتياج ، و الأصل أن النفقة تعود إلى سببين اثنين هما : الزواج و القرابة (1)
2- و بخصوص نفقة المحضون نصت المادة 72 من قانون الأسرة الجزائري على أن :
(( نفقة المحضون و سكناه من ماله إذا كان له مال ، و إلا فعلى والده أن يهيء له سكنا وإن تعذر فعليه أجرته )) .
و قد استمد المشرع الجزائري وجوب نفقة المحضون من مال أبيه ، إن لم يكن للمحضون مال ، و هذا ما ذهب إليه جمهور أئمة المذاهب الأربعة في الشريعة الإسلامية ، ذلك أن الأب ملزم بالنفقة على الأولاد ، في إطار عمود النسب .(2)
فرغم أن الأصل هو أن نفقة الولد و سكناه تكون من ماله إن كان له مال ، فإن لم يكن له مال قام واجب أبيه في أن ينفق عليه ، و في هذا نصت المادة 75 من قانون الأسرة الجزائري على : (( تجب نفقة الولد على الأب ما لم يكن له مال ، فبالنسبة للذكور إلى سن الرشد ، و الإناث إلى الدخول ، و تستمر في حالة ما إذا كان الولد عاجزا لآفة عقلية أو بدنية ، أو مزاولا للدراسة و تسقط بالإستغناء عنها بالكسب.))
و تهدف هذه المادة إلى قيام واجب الأب بالنفقة على ابنه الذي لا مال له ، و تستمر هذه النفقة إلى بلوغ الولد الذكر سن الرشد ، أما الإناث فإلى زواجهن بالدخول بهن .
كما تستمر نفقة الأب على أولاده العاجزين عن الكسب لعاهة عقلية أو بدنية ، أو لسبب مزاولتهم الدراسة ، و يسقط واجب الأب في النفقة عند استغناء من قُدِّرت لمصلحته عنها بالكسب ، فلا تجب النفقة على الأب لفائدة ابنه المزاول للدراسة بعد أن ينهي دراسته و يستغني عن نفقة أبيه بأن يصبح له دخل من عمل أو حرفة .
كما يسقط واجب النفقة عن الأب المعسر .
فنستنتج هنا أنه لكي تكون نفقة من الأب على ابنه يجب أن يكون الأب قادرا ، و أن يكون الإبن محتاجا لها ، لكونه لا مال له أو لكونه صغير السن ، أو ذا عاهة أو مزاولا لدراسة إلى أن يستغني عنها بالكسب .
أما البنات فيبقى واجب الإنفاق عليهن قائما إلى زواجهن و الدخول بهن، فبذلك ينتقل واجب النفقة عليهن من الأب إلى الزوج .
ويبقى هذا حكم النفقة على الإبن سواء في إطار زوجية قائمة أو في إطار حضانة مسندة بعد انحلال علاقة الزواج .
3- و ينتقل واجب الأب بالإنفاق على الأبناء إلى الأم إن كان معسرا او عاجزا عن النفقة، و هذا ما نصت عليه المادة 76 من قانون الأسرة بنصها على : (( في حالة عجز الأب تجب نفقة الأولاد على الأم إذا كانت قادرة على ذلك .))
فَنَقَلَ المشرع هنا واجب النفقة من الأب العاجز عنها إلى الأم بشرط قدرتها على النفقة ، بأن يكون لها مال .
و يجدر القول هنا بأن المادة عبّرت عن اعسار الأب بكلمة
" عجز " ، ويقصد بها هنا عدم القدرة التامة على الكسب لا مجرد فقره و إعساره, و إلاّ لتقاعس الآباء عن الكسب و النفقة على أبنائهم المحضونين لدى مطلقاتهم أو غيرهم ممن يستحقها في إطار مراعاة مصلحة المحضون ، بل إن الفقهاء يذهبون إلى حد إمكانية الحكم بحبس الأب المتقاعس على كسب قوت أبنائه رغم قدرته على ذلك ، فالأصل ألا يحبس الوالد و إن علا في دَيْن لابنه و إن سَفُلَ ، إلا دَيْن النفقة (1) .
و قد ذهب فقهاء الحنفية إلى حد تكليف الجد و العم و غيرهم من الأقربين درجة بنفقة الأبناء إن عجز عنها الأب .
4- تقدير قيمة النفقة :
الأصل أن ينفق الأب على ابنه المحضون دون ما حاجة إلى حكم قضائي ، لكن عند امتناع الأب عن الإنفاق يقوم لمن كانت له حضانة الولد حق المطالبة بنفقة المحضون لارتباط هذه النفقة بالحضانة ، فلا يمكن للحاضنة أن تمارس حضانتها للطفل إلا بتحقق الإنفاق عليه و قد نصت المادة 79 من قانون الأسرة الجزائري في مسألة تقدير النفقة على ما يلي : (( يراعي القاضي في تقدير النفقة حال الطرفين و ظروف المعاش و لا يراجع تقديره قبل مضي سنة من الحكم )) . و يظهر من هذه المادة أنها تحدد معايير تقدير النفقة بين الزوجين ، لكن لا مانع من اعتماد هذه المادة لتحديد نفقة
المحضون (1) في إطار احتياجات هذا الأخير من أجل رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته و تنشئته التنشئة السليمة و تحقيق الحماية له صحة و خلقا و يكون ذلك بلتلبية حاجياته المعيشية من مأكل و مشرب و كسوة و علاج
و مسكن و دراسة ...
و ما يستمد من المادة 79 من قانون الأسرة الجزائري أن القاضي لماّ يقدر النفقة يأخذ بعين الإعتبار وسع الزوج (2) .
كما يجب أن يراعي القاضي ظروف المعيشة و المستوى الإجتماعي ، و قد بيّن محمد صديق حسن خان هذه المعطيات على النحو التالي : (( ... أقول هذا يختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة و الأحوال
و الأشخاص ، فنفقة زمن خصب المعروف فيها غير المعروف في زمن الجدب، و نفقة أهل البوادي و المعروف فيها ما هو الغالب عندهم و هو غير المعروف من نفقة أهل المدن ، و كذلك المعروف من نفقة الأغنياء على اختلاف طبقاتهم غير معروف من نفقة الفقراء ...
وكذلك الحاكم عليه مراعاة المعروف بحسب الأزمنة و الأمكنة ،
و الأحوال و الأشخاص مع ملاحظة حال الزوج في اليسر و الإعسار (3).
و حسب المادة 79 من قانون الأسرة الجزائري فإنه لا يجوز للحاضنة المطالبة بمراجعة نفقة محضونها إلا بعد مرور سنة من يوم الحكم بها.
كما يجب على القاضي حين إعادة النظر في تقدير النفقة أن يراعي المعايير السابقة .
و قد أكدت المحكمة العليا على وجوب انفاق الأب على ابنه المحضون ، شرط أن يكون الإبن من علاقة شرعية و هذا ما جاء في قرارها الصادر في : 07/02/ 1987 م بأنه : (( من المقرر قانونا و شرعا أن نفقة الأولاد تجب على الأب إذا وُلِدوا من فراش صحيح ناشئ من عقد صحيح شرعا ، و من ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لأحكام الشريعة الإسلامية )) (1)
5-و أخيرا فإن مجلس الوزراء قد اقترح في مشروع تعديل قانون الأسرة، المطروح لمناقشته أمام البرلمان ، و نظرا للمشاكل المتعلقة بدفع النفقة و ما ينعكس عنها من اكتضاض رفوف المحاكم بقضايا تتعلق بعدم دفع النفقة المستحقة قانونا للمحضونين ، و الإنعكاسات السلبية على حسن تربيتهم
و حسن تنشئتهم ، مما استدعى وجوب انشاء صندوق عمومي لدفع النفقة الغذائية و أجرة السكن ( المخصص لممارسة الحضانة و التي يبقى تحصيلها بطرق التنفيذ القانونية دون جدوى ، و من أسباب هذا الإقتراح أن المتضرر من عدم دفع النفقة هم بصفة أولية الأطفال ، فهذا الصندوق إن تم إنشاؤه يعتبر آلية جديدة لدفع النفقة و رفع الإحتياج عن المحضونين، مع العلم أن كل من فرنسا و مصر و تونس دول تعتمد على هذه الوسيلة لضمان دفع النفقة المستحقة قانونا (2)، إذ يتم إنشاء الصندوق في إطار قانون المالية ، على أن يحِّل الصندوق محل الدائن بالنفقة و تخوّل له جميع الطرق و الوسائل القانونية المجدية و الفعالة لتحصيل المبالغ التي يكون قد دفعها للدائن الأصلي بالنفقة .
الفرع الثاني
أجرة الحضانة
إن الحضانة بما تتمثل في رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته على دين أبيه و السهر على حمايته وحفظه صحة و خلقا ، يجعل منها عملا متعبا و مضنيا و شاقا بما تتطلبه الحضانة من إمكانيات و جهود مادية
و معنوية و طاقة جسدية يمتدّ بذلها خلال سنوات الحضانة في سبيل رعاية الطفل ، و إنشاء شباب ليكونوا رجال الغد ، و التساؤل المثار هنا هو هل لهذه الجهود مقابل مادي يشكل أجرة للحضانة ؟ أم أن ذلك البذل يكون في إطار سنّة الحياة بأنّنا ربّانا آباؤنا و علينا تربية أبنائنا ؟
ذلك ما سنحاول الإجابة عليه فيما يلي :
1-الحضانة لا تتطلب أجرا :
رغم أن المشرع الجزائري قد نص على نفقة المحضون في المواد 77، 78 ، 79 من قانون الأسرة إلاّ أنّه لم يتطرّق إلى أجرة الحاضنة مما يتطلب منّا حسب المادة 222 من قانون الأسرة الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية و بالإطّلاع على الفقه نجده لم يثبت على موقف واحد بخصوص أجرة الحضانة فمنهم من قال بعدم وجود مقابل أو أجر للحاضنة على حضانتها للأولاد بعد طلاق ، و منهم من قال بحقِّها في أجرة الحضانة .
- فيرى الإمام مالك أنه ليس للحاضنة أجرة على حضانتها سواء كانت أمًّا للطفل أم لا ، و بغضِّ النظر عن حالتها المادية ، فإن كانت فقيرة و لولدها المحضون مال أنفق عليها منه لفقرها و ليس لحضانتها و للمحضون على أبيه النفقة و الكسوة و الغطاء و الفراش ، و الحاضنة تقبضه منه و تنفقه على الولد (1) . و قول " اللّخمي " و هو من فقهاء المالكية " أنّ الأولاد إذا كانوا يتامى كان للأم أجرة الحضانة إن كانت فقيرة ، و الأولاد موسرين ، لأنّها تستحق النفقة في أموالهم و لو لم تحضنهم " (2)، و هذا يعني أنّ الأم في هذه الحالة لا تقبض مقابلا عن حضانتها للأولاد و إنّما تتلقى المال منهم لقيام واجب نفقة الفرع على الأصل لاحتياج الأخير له و يسر الأول .
2-حق الحاضنة في أجرة الحضانة :
يرى فقهاء الحنفية أنه تجب للحاضنة أجرة إن لم تكن الزوجيّة قائمة بينها و بين أبِ الولد ، و لم تكن معتدّة من طلاق رجعي، و كذلك لا تستحق أجرة الحضانة إذا كانت معتدة من طلاق بائن ، و تستحقّ النفقة من أب الطفل ، و هذا على أحد قولين مصحّحين في مذهب أبي حنيفة ، و عليه العمل و ذلك لأن هذه الأجرة ليست عِوَضًا خالصًا ، بل هي كأجرة الرضاع للأم مؤونة و نفقة و بما أن النفقة ثابتة لها بمقتضى الزوجيّة لقيامها ، أو وجود العدّة فإنّها لا تأخذ نفقتين من شخص واحد ، و إنّ تعدّد السبب و ما عدا هؤلاء من الحاضنات يأخذن أجرة للحضانة .(3)
و أجرة الحضانة تكون واجبة في مال الولد نفسه ، إذا كان له مال ، لأن نفقته تكون في ماله و أجرة الحضانة من النفقة ، ، و إن لم يكن له مال فإن أجرة الحضانة تكون على من تجب عليه نفقته ، و تكون على الأب إذا كان موجودا و كان قادرا ، فإن لم يكن له أب أو كان عاجزا فإنها تجب على غيره من سائر الأقارب ، و إذا أبت الأم أن تحضنه إلا بأجرة ،
و وُجدت متبرّعة فإنّ الأم أولى إذا كانت أجرة الحضانة على الأب ، و كان موسراً أو كانت المتبرّعة ليست من الحاضنات ، أما إذا كانت المتبرّعة من الحاضنات و كانت أجرة الحضانة على الأب و كان الأب غير موسر ، أو كانت أجرة الحضانة من مال الولد ، فإنّ المتبرعة أولى لأنّ الحضانة لمصلحة الولد ، و من مصلحته المحافظة على ماله ، و المتبرّعة تنظر إلى مصلحته في الجملة ، لأنّها ذات رحم محرم منه ، و أمّا عدم الوجوب على الأب و هو غير موسر فلأنّ إلزامه بأجرة الحضانة مع وجود المتبرّعة في هذه الحال مضارّة به ، و الله سبحانه و تعالى يقول :
(( لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده)) و الفرق بين التبرع بالحضانة و التبرع بالرضاعة أن المتبرعة في الرضاعة تُقدَّم في كل الأحوال قريبة كانت أو أجنبية ، سواء كانت النفقة على الأم أم كانت على الأب ، و سواء كان الأب موسرا أم معسرا ، و أما في الحضانة فلابدّ من أن تكون المتبرعة من الحاضنات ، و لابدّ من أن يكون الأب غير موسر ، أو تكون الأجرة من مال الولد .

- و يلاحظ أنّه إذا كان الأب معسرا ، و الولد لا مال له ، و لم توجد متبرعة فإن الأم تحضنه و تقدّر لها أجرة و تكون تلك الأجرة و الأداء على من يلي الأب من نفقة الولد و لكنّه يؤديها على أنّها دين على الأب يأخذه منه إذا أيسر ، أمّا إذا كان الأب عاجزا فإنه لا يجب عليه شيء ، و تكون الأجرة واجبة على من يليه في الإنفاق ، هذا ما قرره فقهاء الحنفية بالنسبة للأم إذا طالبت بالأجرة ، و وجدت متبرعة و كان الأب معسرا ، و الظاهر أن حكم غير الأم من الحاضنات كذلك إذا تبرّعت حاضنة و تمسّكت من هي أقرب منها بالأجرة ، إذ لا فرق بين الأم و غيرها بالنسبة للتبرع و الإعسار .(1)
- و نستخلص عن مذهب الإمام أبي حنيفة أنّ أجرة الحضانة هي جزء من النفقة على المحضون فما جاء عنه أنّ : " أجرة الحاضنة ليست عِوَضًا خالصا و إنما هي كأجرة الرّضاع للأم مؤونة و نفقة " ، و ذلك ما ذهب إليه اتفاق عرف الفقهاء في كون أجرة الحضانة ليست عوضا خالصا و إنّما فيها شبه بالنفقة ، فنقول أنّ ما يدفع للحاضنة مقابل ما تقوم به من عمل هو أجرة ،
و إذا نظرنا إلى أنّ نفقة الطفل واجبة عليه في ماله ثم على أبيه و من جملة ما ينفق عليه ، الإنفاق على الحاضنة التي حبست نفسها لأجله ، فنقول أنّ ما يدفع إليها هو نفقة ، فهي ليست نفقة خالصة و لا أجرة خالصة.
- و بعدما وضّحنا ما يخص نفقة المحضون و أجرة الحاضنة ، و ما نظمه المشرع الجزائري في ذلك ، و تطرقنا إلى ما لم يبيّنه قانون الأسرة بخصوص المسألتين من خلال الفقه ، رجوعا إلى ما ذهب إليه العلماء المسلمون ، فتعرّضنا إلى مسائل نفقة المحضونه و ما حولها ، و يجدر بنا في المطلب الموالي أن نتعرض إلى مسألة سكن الحضانة ، و هو المكان الذي لابدّ من وجوده لممارسة حضانة الأطفال .
المطلب الثاني
سكن الحضانة
إن مناط معيشة الإنسان أن يكون له سكن يأويه و يحتمي تحت سقفه من حرّ الصيف و برد الشتاء ، و يجد فيه الدفء و الحنان
و الألفة ، فالطفل يتلقّى ما يلزمه من احتياجات مادية و معنوية ، من مأكل و مشرب و ملبس و غذاء لجسده و روحه ، و يحضن تحت سقف بيت تمارس فيه الحضانة .

الفرع الأول
المكلف بتوفير سكن الحضانة أو أجرته
1-لقد نصت المادة 72 من قانون الأسرة على أنّ : (( نفقة المحضون
و سكناه من ماله إذا كان له مال ، و إلاّ فعلى والده أن يهيّئ له سكنا
و إن تعذر فعليه أجرته )) .
- و نستشف من هذه المادة أنّ توفير سكن لممارسة الحضانة لازم و لصيق بها ، إذ هو المجال و الإطار الذي ينشأ فيه الطفل و يُرعى و يُربّى
و هو المكان الذي يُتَطَلَّبْ لتحقيق مضمون الحضانة ممّا نصت عليه المادة 62 من قانون الأسرة .
- جعلت المادة 72 من قانون الأسرة مسكن الحضانة من مال المحضون ، إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فعلى أبيه أن يوفّر له سكنا ليُحضن فيه و إلا فإنّه ( الأب ) يُكلَّف بدفع أجرة مسكن لممارسة حضانة ابنة فيه.
- إلاّ أنّه يجدر بنا أن نذكِّر هنا بما جاءت به الفقرة الثانية و ما بعدها من المادة 52 من قانون الأسرة ، بما يُفيد أنّه : " و إذا كانت حاضنة و لم يكن لها وليٌّ يقبل إيواءها يضمن حقّها في السكن مع محضونيهاحسب وسع الزوج ، و يُستثنى من القرار بالسكن مسكن الزوجية إذا كان وحيدا .
تفقد المطلقة حقها في السكن في حالة زواجها أو ثبوت انحرافها " .
- و ما يهمنا من هذه المادة هنا هو أنّ التزام الأب المطلِّق بتوفير سكن لحضانة ابنه لا يقوم إلاّ بعد عدم وجود أب للمطلقة يقبل إيواءها مع محضونيها .
و هذا ما أكدت عليه المحكمة العليا في قرارها الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية بما يفيد أنّه : (( يجب على القضاة أن لا يرفضوا طلب الأم الحاضنة – التي يقوم احتمال عدم وجود وليّ يقبل إيواءها مع محضونيها بتخصيص مسكن يضمن حق المحضون بالإيواء فيه ، ضدّ الزوج الذي له مسكنان ، و هو معترف بذلك )) .(1)
ما لاحظناه أنّ المادة 52 من قانون الأسرة تتوافق و تكمل ما جاءت به المادة 72 من نفس القانون ، إلاّ في كلمة " محضونيها " و التي تفترض وجود تناقض بين المادتين ، إذ حسب المادة 52 فقرة 2 لا نتصور قيام واجب الأب بتوفير سكن لابنه المحضون الوحيد لدى الأم المطلقة .
أكدّت على ذلك المحكمة العليا في قراراتها الصادرة عن غرفة الأحوال الشخصية .
لكن سجّلنا تراجع المحكمة العليا عن هذا الموقف و صارت بعد ذلك تعتبر أن اشتراط أن يكون للحاضنة التي تطلب سكنا للحضانة أكثر من ولدين ، تطبيقا للمعنى الحرفي للمادة 52 فقرة 2 من قانون الأسرة - لا سيما لفظ " محضونيها " - صارت تعتبره تطبيقا سيئا للقانون .
و هذا ما أكدت عليه في القرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية بما يفيد أنّ : (( قضاة المجلس لمّا أسّسوا قرارهم على أنّ الطاعنة لا يحق لها المطالبة بسكن لممارسة الحضانة أو بأجرته ،إلا إذا كانت حاضنة لأكثر من ولدين.
فإنهم بذلك قد أساؤوا تطبيق القانون ، و كان يتوجّب عليهم إلزام المطعون ضدهم بتوفير سكن للحاضنة أو تسليم أجرته )) .(1)
كما أكّدت المبدأ الوارد في المادة 72 من قانون الأسرة بإلزام الأب بتوفير سكن للحضانة أو دفع أجرته ، و ذلك بالقرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية الذي مفاده أنّ : " عدم الإستجابة لطلب الطاعنة في تخصيص سكن لها لممارسة الحضانة أو منحها مقابل لإيجار سكن ، رغم القضاء لها بعد الطلاق بنفقة العدّة و نفقة إهمال و تعويضها عن الطلاق و الحكم لها بنفقة الأولاد المحضونين ، إلا أنّه و حسب المادة 72 من قانون الأسرة فإنّه يقع على عاتق الأب أن يوفر للمحضون سكنا أو أجرته ، ممّا كان يستوجب على القضاة أن يحكموا لها بالسكن أو بأجرته " .(2)
2- سكن الحضانة و الزوجية قائمة :
- إنّ المادّتين 72 و 78 من قانون الأسرة تفيدان بواجب توفير مسكن الحضانة أو أجرته ، فالمادة 72 تعتبره كذلك سواء في مال المحضون إن كان له مال ، أو في مال أبيه أو من ينوب عنه في هذا الواجب حسب القانون و الشرع إن كان عاجزا .
و تزكي ذلك المادة 78 باعتبارها السكن في المرتبة الرابعة بعد الغذاء و الكسوة و العلاج، ويصلح ذلك على الطفل المحضون .
فإذا كانت الزوجية قائمة بين الأب و الأم ، فإنها ( أي الأم ) تحضن الأبناء في مكان الزوجية ، و كذلك إذا كانت معتدّة من طلاق رجعي أو بائن
و ذلك لأن المرأة تعتبر ناشزة إن تركت بيت الزوجية في هذه الأحوال ،
و لذلك إذا خرجت من المسكن في هذا الحال و معها ولدها ، أو لم يكن معها ولدها فللزوج أن يعيدها إلى مسكن الزوجية ، إذ له عليها حقّ الطاعة ، إن كانت زوجة ، و له عليها حقّ الإقامة في المسكن إن كانت معتدّة .(1)

الفرع الثاني
مكان ممارسة الحضانة و مسألة الإنتقال بالمحضون
عند انقضاء عدّة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها فلا يُلزمها أحد على البقاء بالمحضون في بيت الزوجية ،فلها أن تنتقل به إلى مكان آخر من نفس البلد الذي بدأت فيه الحضانة .
نرى بأنّ المشرع الجزائري لم ينص صراحة على المكان الذي يجب أن تمارس فيه حضانة الصغير و لكننا نستنتج ذلك من خلال ما جاء في نص المادة 69 من قانون الأسرة ، إذ تنص على أنّه : " إذا أراد الشخص الموكل له حقّ الحضانة أن يستوطن في بلد أجنبي رجع الأمر للقاضي في إثبات الحضانة له أو إسقاطها عنه مع مراعاة مصلحة المحضون " .
بمفهوم المخالفة نجد أنّ المشرع يريد بالحاضن أن يمارس حقّه في الحضانة في بلد المحضون ، و الذي يعتبر محل إقامة أبيه ، حتى يتمكن هذا الأخير من مراقبة ابنه و زيارته و رعايته .
أمّا إذا أراد الحاضن أن يستوطن في بلد أجنبي رجع الأمر لسلطة القاضي التقديرية في أن يثبت الحضانة له أو إسقاطها عنه مراعيا في ذلك مصلحة المحضون .
و تؤكد المحكمة العليا في قرارها الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية ، و الذي مفاده أنّه: " من المقرر شرعا و قانونا أنّ إسناد الحضانة يجب أن تراعى فيه مصلحة المحضون و القيام بتربيته على دين أبيه، و من ثمّة فإنّ القضاء بإسناد حضانة الصغار إلى الأم التي تسكن في بلد أجنبي بعيدا عن رقابة الأب كما هو حاصل في قضية الحال ، يعدُّ قضاءا مخالفا للشرع و القانون و يستوجب نقض القرار المطعون فيه ." (1)
قد تسقط الحضانة عن الأم في حالة انعدام أهليتها لذلك ، أو في حالة توفر فيها أهلية الحضانة لكن مصلحة المحضون لا تقتضي أن يعطيها لها ، فهنا تنتقل الحضانة من الأم إلى غيرها من النساء وفقا للترتيب الذي جاء في قانون الأسرة الجزائري في المادة 64 منه .
فإذا تولّت إحدى المحارم من النساء حضانة الطفل وجب عليها أن تقيم به في مكان إقامة أبيه و لا تنتقل بالمحضون إلاّ بإذنه ، أو بإذن من يقوم مقامه من الرجال في حالة عدم وجود الأب ، و إلاّ سقط حقّها في الحضانة إلا إذا أذن له أب المحضون بالسفر .(2)
كما أنّه لا يحق للأب أن ينزع الولد من أمّه و يسافر به إلى مكان بعيد عن مكان إقامة الحاضنة ، أمّا في حالة انتقال الحاضنة إليه فالسؤال المطروح هنا هو :
هل يجوز للأب أو من يقوم مقامه أن يسافر بالمحضون ؟
إنّ المشرع الجزائري لم يفصِّل و لم يوضِّح هذه المسألة ، بينما قد اختلفت آراء الفقهاء بشأن هذه المسألة .(1)
أ‌- المالكية : لقد سوى فقهاء المالكية بين الحضانة و الوليّ في إسقاط حضانتها إذا سافر أحدهما إلى بلد آخر بمسافة تقدّر بما يزيد عن ستِّ بُرَد، و هوما يعادل تقريبا 133 كلم بقصد الإقامة ، فإذا سافر الوليّ سواء كان الأب أو من يقوم مقامه بقصد الإقامة ، مسافة تبعد عن بلد الحاضنة بستِّ بُرَد فأكثر ، له أخذ الولد من الحاضنة بشرط أمن الطريق و أمن المكان المقصود ، و يسقط حق الحاضنة في الحضانة إذا سافرت معه ، و بالتالي فلا يسقط حقّه في الحضانة بانتقاله .
ب‌- الشافعية : إلا أنّ الشافعية قد فرّقوا بين السفر لحاجة ، و بين السفر لنقله ، فإذا أراد الوليّ السّفر لحاجة كان المحضون مع المقيم حتى يعود المسافر ، و ذلك لما في السفر من خطورة على المحضون .
أما إذا كان السفر لنقله كان الأب أولى بحضانة الصغير بشرط وجود الأمن في طريقه و أمن البلد المقصود له ، فإن لم يكن هناك أمن بقي الصغير في حضانة أمّه .
ج- الحنابلة : بينما يرى الحنابلة أنّه إذا أراد أحد الوالدين نقل المحضون إلى بلد مسافته أكثر من ستّ بُرَد و كان البلد و الطريق آمنا ، من أجل السكن ، فهنا الأب أحق بحضانته سواء كان الأب المقيم أم هو المنتقل لأنّ الأب هو الذي يقوم عادة بتأديب الأبناء و حفظ نسبهم .
د- الحنفية : يرى الحنفية أنّه إذا كان المحضون في حضانة أمّه أو غيرها فلا يجوز للأب الإنتقال به إلاّ برضاه ، لأنّ فترة الحضانة هذه من حقّها ، إلاّ إذا سقطت حضانتها و لا يوجد من يليها بالترتيب و انتقلت للأب ، فإذا أراد السّفر به جاز له ذلك على أن يكون سفر الأب بالمحضون إلى بلد قريب من بلد الأم لتمكينها من رؤيته ، و إلاّ يجوز ذلك .(1)

و ما نستخلصه من اختلاف الآراء أنّ السفر لا يسقط حقّ الحضانة ، و هذا عند الحنفية ، بينما يسقطها في رأي الجمهور
( المالكية و الشافعية و الحنابلة ) .
إذ أنّه يجب أن تتوفر في السفر راحة الصغير و مصلحته و صحّته ، فإذا كان فيه مخاطر على المحضون فلا يجوز لأيّ من الأبوين أو غيرهما السّفر به.
و تجدر الإشارة أنّ المسألة ترجع للقاضي في تقدير ذلك إذا كان الإنتقال بقصد الإستيطان دائما مراعيا مصلحة المحضون .

الفرع الثالث
حق الحاضنة في السَّكن

نصت المادة 52/2 من قانون الأسرة على أنّه :" إذا كانت حاضنة و لم يكن لها وليّ يقبل إيواءها يضمن حقّها في السكن مع محضونيها حسب وسع الزوج و يستثنى من القرار بالسكن مسكن الزوجية إذا كان وحيدا " .
كما نصت المادة 467 /2 من القانون المدني على أنّه :
" و في حالة الطلاق يجوز للقاضي أن يعيِّن من الزوجين من يمكنه أن ينتفع بحق الإيجار باعتبار تكاليف هذا الزوج من أجل حضانة الأولاد خاصة " .

كما نصّت المادة 12/2 من المرسوم رقم 76-147 المتضمن تنظيم العلاقات بين المؤجِّر و المستأجر لمحلّ معدّ للسكن و تابع لمكاتب الترقية و التسيير العقاري على أنّه : " و في حالة الطلاق ، يؤول حقّ الإيجار و حقّ البقاء بالعين المؤجّرة للزوج المعيّن من قبل القاضي طبقا لأحكام المادة 467/2 من الأمر رقم 75-58 المتضمن القانون المدني " .
و ما يستفاد من هذه المواد المأخوذة من قوانين و مراسيم مختلفة ، أنّها تهدف إلى تمكين الأم المطلقة من مسكن أو أجرته لممارسة الحضانة .
فالمادة 52/2 من قانون الأسرة تقيم واجب الزوج في توفير مسكن أو أجرته للأم المطلّقة لتمارس الحضانة إن لم يكن لها وليّ يقبل إيواءها مع محضونيها ، على أن لا يكون هذا الحق منصبّا على بيت الزوجية الوحيد في ملك الزوج .
و أكّدت المحكمة العليا على ذلك في قرارها الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية و الذي مفاده أنّ : " المستفاد من القرار المطعون فيه أنّه اعتبر مسكن الزوجية المتكون من طابقين سفلي و علوي عبارة عن مسكنين ، و خصّص بالتالي الجزء السفلي للحاضنة لممارسة الحضانة
و هو قضاء لا يتماشى و المنطق ، فالشيء المجزّأ يعتبر واحدا ، فكان ينبغي على قضاة الموضوع أ ن يقضوا بأجرة السكن بدلا من تخصيص الجزء السفلي من المسكن ... " . (1)
كما ذهبت المحكمة العليا في قرارها رقم 105366 الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية إلى التأكيد على ما جاءت به المادة 52/2 - السابقة الذكر - بحق الأم المطلقة في مسكن أو أجرته لممارسة الحضانة إن لم يكن لها ولي يقبل إيواءها .(2)
أما المادة 467/2 من القانون المدني فإن المقصود من هذه الفقرة هو أنّه في حالة الطلاق ، يمكن للقاضي أن يُعَيِّْن من بين الزوجين من يستفيد من حقّ الإيجار بالنظر إلى التكاليف المسندة إليه لا سيما حضانة الأولاد . و يدخل ذلك في إطار وجوب توفير مسكن لممارسة الحضانة ، فمن خلال هذه المادة يمنح القاضي للزوجة حق الإيجار إن كانت حاضنة .
و هذا ما وافقه قرار المحكمة العليا في هذا الخصوص فأفاد أنّه : " لمّا كانت أحكام المادة 467 من القانون المدني التي تخوِّل للقاضي الذي يصرِّح بالطلاق ، إعطاء السكن الزوجي للزوج الذي أُسنِدت إليه حضانة الأولاد ، أخذت في اعتبارها أنّ السكن المذكور مؤجّرا و أن تأجيره باسم أحدهما ، أمّا إذا كان باسم غيرهما فإنّه ليس لأحدهما أن يستفيد منه تحت ظل نص هذه المادة ، و من ثمّ فإنّ القضاء بما يخالف هذا المبدأ يُعدّ خرقا للقانون .

و لمّا كان القرار المطعون فيه قد قضى بمنح السكن المؤجَّر باسم أم الزوج ، للزوجة المطلقة ، فإنّه بهذا القضاء قد خرق أحكام المبدأ المتقدّم ... ممّا يستوجب نقض القرار :" .(1)
وفي نفس الإطار قرار المحكمة العليا الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية ، بما يفيد أنّه متى كانت أحكام المادة 467 من القانون المدني صريحة في النص على اختصاص القاضي الذي يفصل في دعوى الطلاق بالفصل في موضوع سكن الحاضنة ، و تقرير الإنتفاع بحق الإيجار ، و نتيجة لذلك فإنّه ليس لأي قاضٍ أن يحكم من جديد بتقرير حق الإنتفاع بالسكن أو باستبداله أو مراجعة الحكم الذي فصل فيه القاضي الذي قضى بالطلاق خاصة و أنّ الحكم بتقرير حق السكن ، كان أثرا من آثار الطلاق ، و من ثمّ فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعدُّ انتهاكا لأحكام المادة المشار إليها أعلاه ، و خرقا لمبدأ قوة الشيء المقضي به و تجاوزا للسلطة في نفس الوقت .
و ثبت في قضية الحال أنّ المجلس القضائي صادق على حكم بالإشهاد للمدّعية بمتعتها بالسكن الزوجي الكائن بوهران ، في حين أنّ الحكم الذي قضى بعد التصريح بالطلاق بمنح المطلّقة السكن الكائن بعين تموشنت أصبح نهائيا و حائزا لقوة الشئ المقضي به ، فإنّ المجلس القضائي بقضائه هذا إنتهك أحكام المادة 467 من القانون المدني ، و خرق مبدأ حجيّة الشيء المقضي به و تجاوز سلطته في نفس الوقت ، ممّا يستوجب نقض القرار المطعون فيه .(2)
كما ذهبت المادة 12/2 من المرسوم رقم 76 / 147(1) إلى أبعد من ما ذهبت إليه المادتان المذكورتان سابقا ( 52/2 أسرة، 467/2 مدني ) من قيام حق الأم المطلقة الحاضنة في سكن أو أجرته لممارسة الحضانة و إمكانية حكم القاضي لها حين الطلاق بحق الإيجار إلى حقّها في البقاء في المسكن المؤجَّر، و ذلك إن كانت حاضنة .

المطلب الثالث
حق الزيارة

إن إسناد الحضانة إلى مُستحقِّها ، و الذي يكون في الغالب الأعمّ الأم ، باعتبارها الأولى بها رعاية لمصلحة المحضون ، ممّا يؤدي به حتما إلى الإبتعاد عن والده ، ممّا يستدعي معه إيجاد وسيلة للمحافظة على توازن الطفل من جهة ، و عدم الإضرار بالوالد من جهة أخرى، بتمكينه من زيارة و رؤية ابنه المحضون ، و عليه سنتناول في هذا المطلب ، حق الزيارة في الفقه ، ثمّ في القانون ، مع التدعيم ببعض قرارات المحكمة العليا.

الفرع الأول :
حق الزيارة في الفقه
يتصّل بالحضانة حق الرؤية ، سواء كان رؤية الأب لولده ، و هو في حضانة النساء ، أو رؤية الأم لولدها ، إذا كان مع أبيه أو العاصب غير أبيه .
فالولد إذا كان في حضانة الأم ، و أراد أبوه أن يراه ، فإنّها لا تُجبر على أن ترسله له ليراه ، لكنّها لا تمنعه من ذلك .
و إذا كان مع أبيه بأن سقطت حضانة أمّه أو انتهت ، فالأب لا يُجبر على أن يُرسله لأمه ، بل هي إذا أرادت أن تراه ، لا يمنعها من هذه الرؤية .
و الزيارة على العادة لا تكون يومية ، بل يوما في عدد من الأيام ، لكن لابأس أن تزور الأم ابنها أو ابنتها يوميا إن كان منزلها قريبا.
و إن كانت الأم مع الولد بمنزل زوج لها ، فإنه يجب لكي يتمكن الأب من الزيارة أن يأذن بذلك الزوج ، لأنّ هذا حقّه . فإن لم يأذن به فعلى الأم إخراج الولد إليه لكي يراه و يتفقد أحواله و يباشر شأنه .(1)
و يرى الإمام أبو زهرة أنّه : " ليس للحاضنة أن تمنع الأب من رؤية ولده ، و لا تُجبر على إرساله ، كما أنّه ليس له إن سقط حقُّ الأم في الحضانة أن يمنعها من رؤية ولدها و لا يُجبر على إرساله إليها .(2)









 


قديم 2011-02-25, 16:54   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة 1

الفرع الثاني :
حق الزيارة في القانون

تنص المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري على أنّه :
" ... و على القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة".
ما يستشف من هذه المادة أنّه على القاضي أن يحكم بحق الزيارة لمرّات معينة و في أوقات و أماكن محدّدة عند الحكم بإسناد الحضانة .
و حق الزيارة من الحقوق التي حماها القانون نظرا لأهميته البالغة و رعاية دائمة لمصلحة المحضون ، بل رتّب عقوبات جزائية لمن يُخلّ بهذا الحق و يعبث به ، إذ تنص المادة 328 من قانون العقوبات بأنّه: " يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة ، و بغرامة من 500 دج إلى 5000 دج الأب أو الأم أو أيّ شخص آخر لا يقوم بتسليم قاصر قُضِي في شأن حضانته بحكم مشمول بالنفاذ المعجل ، أو بحكم نهائي إلى من له الحق في المطالبة ، و كذلك كل من خطفه ممّن وُكِّلت إليه حضانته ، أو من الأماكن التي وضعه فيها أو أبعده عنه ، أوعن تلك الأماكن أو حمل الغير على خطفه أو إبعاده حتى و لو وقع ذلك بغير تحايل أو عنف ، و تزداد عقوبة الحبس إلى 3 سنوات إذا كانت قد أُسقِطت السلطة الأبوية عن الجاني " .(1)

و تكرّس حق الزيارة في عدّة قرارات للمحكمة العليا إذ جاء في القرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية أنّه : " متى أوجبت أحكام المادة 64 من قانون الأسرة على أنّ القاضي حينما يقضي بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزّيارة ، فإنّه من الواجب أن يكون ترتيب هذا الحق ترتيبا مرنا وفقا لما تقتضيه حالة الصغار ، فمن حق الأب ان يرى ابنائه علىالأقل مرّة في الأسبوع لتعهّدهم بما يحتاجون إليه و التعاطف معهم ،و من ثمّ فإنّ القرار المطعون فيه القاضي بترتيب حق زيارة الأب مرتين كل شهر ، يكون قد خرق القانون ، و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه .(2)
و في قرار آخر مفاده أنّه : " من المستقر عليه فقها أنّ حق الشخص لا يُقيَّد به القانون ، فزيارة الأم أو الأب لولدها حق لكل منهما، و على من كان عنده الولد أن يسهِّل على الآخر استعماله على النحو الذي يراه ، بدون تضييق أو تقييد أو مراقبة ،فالشرع أو القانون لا يبني الشياء على التخوّف بل على الحقّ وحده ، و من ثمّ فإنّ القضاء بما يخالف هذا المبدأ يُعدُّ خرقا للقانون .
و لما كان ثابتا في قضية الحال أنّ المجلس القضائي لمّا قضى بزيارة الأم لابنتيها شرط أن لا تكون الزيارة خارج مقرّ الزوج ، فبقضائه كما فعل تجاوز اختصاصه و قيّد حرية الأشخاص و خالف القانون و الشرع ، و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه .(1)
و ما تجدر الإشارة إليه في نهاية المطاف فيما يتعلق بحقّ الزيارة ، أنّ المشرع الجزائري لمّا أوجب على القاضي عند الحكم بالطلاق اسناد الحضانة إلى أحد الوالدين أو إلى غيرهما ، عليه أن يحكم بحقّ الزيارة من تلقاء نفسه و لو لم يطلب منه أحدهما ذلك ( المادة 64 من قانون الأسرة ) ، فالمشرع الجزائري في هذا الحكم قد أخرج القاضي من دائرة القاعدة القانونية التي مفادها أنّه لا يجوز للقاضي أن يحكم بما لم يطلُبه الخصوم ، و كان على القانون عندما ألزم القاضي أن يحكم بحق الزيارة أن يحدِّد معنى الزيارة ، و الحالات التي يمكن للقاضي أن يقضي فيها بسقوط حق الزيارة بناء على طلب الحاضن .(2)






التطبيقات القضائية للحضانة وإشكالياتها:
كثيرا ما تطرح الحضانة إشكالات عديدة في الميدان لا سيما أمام الفراغات الموجودة في قانون الأسرة الجزائري من جهة، وتعقد مسألة الحضانة من جهة أخرى مما يصعّب من مهمة القاضي .
إلا أن ما يجدر ذكره أنه في الغالب الأعم سواء في التشريع أو في أحكام و قرارات القضاء ، لا بد من مراعاة مصلحة المحضون وحمايتها بممارسة دعاوى مدنية بل أبعد من ذلك هناك متابعات جزائية يسلطها قانون العقوبات على من يخالف أحكام الحضانة ويخل بمصلحة المحضون. وعليه سنتناول في هذا الفصل التطبيقات القضائية للحضانة و إشكالاتها والذي تم تقسيمه إلى مبحثين :
المبحث الأول : دعاوى الحضانة .
المبحث الثاني : الإشكالات المتعلقة بالحضانة .










المبحث الأول
دعاوى الحضانة
صاحب دعوى الحضانة لا يخلوا أمره عن أحد الفرضيات الآتية :
فهو إما مطالب بالحضانة لنفسه أو إسقاطها عن غيره ، وفي سبيل السعي لاحترام الأحكام الخاصة بهذه الدعاوى وتطبيقها ضمانا لحماية مصلحة المحضون يمكن لمن صدر حكم لصالحه سواء بإسناد الحضانة له ، تمديدها، أو إسقاطها عن الغير لسبب من الأسباب أن يسلك الطريق الجزائي إذا تخلف الخصم عن تنفيذ الحكم الأول باتباع أحد الدعاوى المتعلقة بمخالفة أحكام الحضانة حسب الحالة .
ومنه سنتناول في هذا المبحث في المطلب الأول الدعاوى المدنية المتعلقة بالحضانة والمتمثلة في الإسناد والتمديد والإسقاط ، وفي المطلب الثاني نتناول الدعاوى الجزائية التي تهدف إلى ردع مخالفي الأحكام الخاصة بالحضانة .
المطلب الأول
الدعاوى المدنية :
نتناول في هذا المطلب الدعاوى المدنية المتعلقة بالحضانة وهي : كل من دعوى إسناد الحضانة وتمديدها ، ودعوى إسقاطها وحالاتهما والإجراءات المتبعة .





الفرع الأول :
دعوى إسناد الحضانة
يقتضي الأمر اللجوء إلى دعوى إسناد الحضانة في الحالات التالية: حالة الطلاق وما في حكمه من تطليق أو خلع ، وحالة الوفاة أو حالة الفقدان .
أ – حالة الطلاق وما في حكمه :
إذا كنا أمام دعوى طلاق بالإرادة المنفردة من الزوج ، أو حالة الطلاق بالتراضي ، أو إذا رافعت الزوجة زوجها أمام القضاء طالبة تطليقها حسب إحدى حالات المادة 53 من قانون الأسرة أو خلعها حسب المادة 54 من نفس القانون ؛ ففي جميع هذه الأحوال يكون موضوع الحضانة من بين المسائل الجدية التي ينظرها القاضي بمناسبة هذه الدعاوى. ذلك أنه متى تم فك رباط الزوجية لأحد الأسباب المذكورة سابقا لم يعد ثمة بقاء لبيت الزوجية وكان لزاما الفصل في أمر الولد أو الأولاد وتحت أي كنف سيعيشون ؟ مراعيا دائما في حكمه مصلحة المحضون .
وبتطبيق القواعد الشرعية الفقهية والقانونية حسب ما جاء في نص المادة 64 من قانون الأسرة فإن الأم دوما تكون أولى وأحق بإسناد الحضانة لها ، إلا إذا وقعت تحت طائلة إحدى هذه الحالات التي تسقط عنها هذا الإمتياز والمحددة قانونا وشرعا .
حيث أكدت هذا المبدأ غرفة الأحوال الشخصية لمجلس قضاء المدية عندما ألغت حكم درجة أولى قضى بإسناد حضانة الطفل إلى أبيه على أساس أنه يزاول دراسته بمدرسة قريبة من سكن الوالد ، وحتى لا يقع له ارتباك في الدراسة ، إلا أن الغرفة رأت أن هذا التبرير غير مقنع ومصلحة الطفل تقتضي أن يكون عند والدته إلى غاية إثبات العكس (1) .
وهذا الإتجاه أكدته نفس الغرفة في قرار لها عندما طالب والد المحضونة أمامها من جديد بإسناد الحضانة له على أساس أنه عندما توجه إلى زيارة ابنته لم يجدها ، وقدم محضر عدم وجود حيث اعتبرت الغرفة أن هذا الطلب الذي يعتمد على مثل هذا المحضر غير مؤسس (2).
وهو نفس المذهب الذي اعتمدته المحكمة العليا في قراراتها في ما يتعلق بمسألة إسناد الحضانة بالأخذ بمصلحة المحضون حيث جاء في إحدى قراراتها أن الأم أولى بحضانة ولدها ولو كانت كافرة حيث جاء فيه : " من المقرر شرعا وقانونا أن الأم أولى بحضانة ولدها ولو كانت كافرة إلا إذا خيف على دينه ، وأن حضانة الذكر للبلوغ وحضانة الأنثى حتى سن الزواج ، و من ثم فإن القضاء بخلاف هذا المبدأ يعد خرقا للأحكام الشرعية والقانونية . ولما كان قضاة الاستئناف في قضية الحال قضوا بتعديل الحكم المستأنف لديهم بخصوص حضانة الأولاد الثلاثة ومن جديد إسنادها للأب فإنهم بقضائهم كما فعلوا أصابوا بخصوص الولدين باعتبار أنهما أصبحا يافعين ، إلا أنهم أخطئوا بخصوص البنت خارقين بذلك أحكام الشريعة الإسلامية و المادة 64 من قانون الأسرة ومتى كان كذلك استوجب نقض القرار جزئيا فيما يخص حضانة البنت"(3) .
وما يلاحظ على هذا القرار هو أخذه بما ذهب إليه كل من المالكية والحنفية في عدم اشتراط الإسلام في الحاضن ، بشرط أن تقوم هذه الأخيرة بتربية الولد على دين أبيه . ولهذا أسقطت الحضانة عن حاضنة مسيحية عندما حاولت تربية الولد وفقا لديانتها كما رأينا ذلك في قرار للمحكمة العليا عندما تطرقنا لشروط الحضانة .
كما يمكن إسناد حضانة الولد لغير الأم بالنظر إلى مصلحة المحضون مثلما جاء في قرار آخر للمحكمة العليا : " من المستقر عليه قضاءا أن الحضانة تمنح حسب مصلحة المحضون ، ولما كان ثابت في قضية الحال أن الحضانة أسندت إلى الأب مراعاة لمصلحة المحضون واعتمادا على تقرير المرشدة الاجتماعية التي تؤكد ذلك فإن قضاة الموضوع إعمالا لسلطتهم التقديرية فقد طبقوا القانون مما يستوجب رفض الطعن" (1)
و دائما في إطار مراعاة مصلحة المحضون قررت المحكمة العليا أن تسليم الأم البنتين للأب مؤقتا بعد الطلاق لعدم وجود مسكن الحضانة ، ثم العودة بمطالبة الحضانة بعد خمس سنوات ، فإن القضاة بقضائهم برفض دعوى الطاعنة اعتبارا لمصلحة المحضون طبقوا صحيح القانون (2)
ب – حالة الوفاة أو الفقدان :
رأينا أن مسألة إسناد الحضانة في الحالة الأولى تكون بالتبعية لدعوى الطلاق ، بينما في مثل هذه الحالة تكون دعوى إسناد الحضانة أصلية وذلك في حالة وفاة من أسندت له الحضانة أو فقدانه ، فيكون من حق أي شخص آخر تتوفر فيه الشروط الشرعية والقانونية أن يقيم دعوى أمام المحكمة يطلب فيها إسناد الحضانة له . لأن العلة في الحالتين واحدة وهي بقاء الولد المحضون دون رعاية على فرق إجرائي بينهما يتمثل في أن الأمر يحتاج أولا في حالة الفقدان إلى إصدار حكم به .
الفرع الثاني :
دعوى تمديد الحضانة
الأصل أن الحضانة تنتهي ببلوغ الذكر عشر سنوات ، و الأنثى سن الزواج وفي هذه الحالة يكون للمحضون حق الاختيار في كنف أي شخص يعيش ، ولا يحق لأي طرف هنا رفع دعوى للمطالبة بالحضانة . وهذا ما نصت عليه المادة 65 من قانون الأسرة :" تنقضي مدة حضانة الذكر ببلوغه عشر سنوات والأنثى ببلوغها سن الزواج..." ، إلا أن هذه المادة جاءت باستثناء لهذا الأصل ، عندما أضافت : "وللقاضي أن يمدد الحضانة بالنسبة للذكر إلى ستة عشر سنة إذا كانت الحاضنة أما لم تتزوج ثانية " .
إذن يستخلص من هذا النص أن الأم التي لم تتزوج ثانية هي وحدها التي تستطيع أن تتقدم أمام المحكمة بدعوى تطلب فيها تمديد حضانتها لولدها الذكر إلى غاية ستة عشر سنة من عمره ، وهذا ما من شأنه إستبعاد حالات مشابهة لمجرد كون الحاضن شخصا آخر غير الأم مما يتنافى مع قاعدة مصلحة المحضون .
جاء في قرار المحكمة العليا :" من المقرر قانونا أنه يمكن للقاضي تمديد فترة الحضانة بالنسبة للذكر إلى ستة عشر سنة إذا كانت الحاضنة أمه ولم تتزوج ثانية مع مراعاة مصلحة المحضون ، ومتى تبين من القرار المطعون فيه أن الحاضنة للطفل ليست أمه التي تزوجت بشخص غير محرم فإن الشروط المطلوبة غير متوفرة " (1) .
وهذا ما تأكد في قرار آخر للمحكمة العليا في حكم قضى بالطلاق واسناد الحضانة للأم وتم الطعن فيه بالنقض لأن سن الأبناء المحضونين تجاوز سن العاشرة وهم تحت رعاية الأب حيث جاء في ملخصه : " أن لقضاة الموضوع الحق في تمديد الحضانة للذكر إلى سن السادسة عشر إذا كانت الحاضنة أما لم تتزوج ثانية ، مع مراعاة مصلحة المحضونين دون أن يكونوا قد خرقوا المادة 65 من قانون الأسرة" (2).
كما أنه و في إطار نظر المحكمة للدعوى المطروحة أمامها ، يجوز للقاضي حسب نص المادة 63 من قانون الأسرة قبل أن يصدر حكمه في الموضوع أن يسمح للأم بناءا على طلبها بتوقيع كل شهادة إدارية ذات طابع مدرسي أو إجتماعي تتعلق بحالة الطفل داخل التراب الوطني ، وذلك في حالة إهمال العائلة من طرف الأب أو فقدانه . لكن من هو القاضي المختص بإعطاء هذا الترخيص ؟ هل يرجع الإختصاص إلى قاضي الأحوال الشخصية الذي ينظر في موضوع الدعوى؟ أم إلى قاضي الإستعجال باعتبار أن المادة لم توضح ذلك ...؟ لكن الأرجح في هذه الحالة أن يعود الإختصاص إلى القاضي الإستعجالي وذلك بناءا على طلب تقدمه الأم إلى رئيس المحكمة ، هذا الأخير يسمح لها بالتوقيع على الوثائق التي تخص الطفل بموجب أمر على ذيل عريضة .
- وقد ورد في المشروع التمهيدي لتعديل قانون الأسرة في المادة 75 مكرر : أنه يجوز لرئيس المحكمة الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر على عريضة في جميع الإجراءات المؤقتة ولا سيما تلك المتعلقة بالنفقة وحضانة الأطفال والزيارة والمسكن (1) .
وجاء في عرض الأسباب لهذه المادة أنها تعطي لرئيس المحكمة إمكانية الفصل على وجه السرعة و بموجب أمر على ذيل عريضة في المسائل المتعلقة بالنفقة و حضانة الأطفال و الزيارة و المسكن و هي الأمور التي تقتضي السرعة للفصل فيها .
- قد يطرح إشكال يتمثل في سكوت الزوجين عن إثارة مسألة الحضانة بمناسبة دعوى طلاق ،تطليق أو خلع . حيث أن قانون الأسرة في نهاية المادة 64 نص بأن على القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة .
إذن يفهم من هذه الفقرة أن القاضي عندما ينظر في مسألة الحضانة يفصل في حق الزيارة بقوة القانون ، لكن القضية تتعقد نوعا ما إذا لم يثر أي من الطرفين المتخاصمين مسألة إسناد الحضانة …؟ ! في هذه الحالة يجد القاضي نفسه أمام حلين :
• أن يتصدى لمسألة الحضانة من تلقاء نفسه ، فيسندها لمن توافرت فيه الشروط الشرعية والقانونية كأن تكون الأم مثلا مع أنها لم تطالب بها ، ويكون بذلك قد حكم بما لم يطلبه منه الخصوم .
• أن يصدر حكمه من دون أن يتعرض لمسألة الحضانة تقيدا بمبدأ عدم جواز الحكم بما لم يطلبه الخصوم ، ويكون بالتالي قد أغفل مصلحة المحضون ... ! ؟
ليس هناك إتجاه موحد بين القضاة في لحل هذه الإشكالية ؛ فهناك من يقول بأنه ومتى سكت الزوجان بمناسبة دعوى طلاق عن إثارة مسألة الحضانة فإنه لا يجوز بأي حال من الأحوال التطرق لهذه المسألة ،لأنه و متى لم يطالب صاحب الحق بحقه لا يجوز للقاضي أن يحكم به و إلا كان مخلا بمبدأ عدم جواز القضاء بما لم يطلب منه.
و هناك فريق آخر من القضاة يرى بأن التقيد المطلق بالمبدأ الذي استند عليه الفريق الأول من شأنه المساس بمصلحة المحضون ، كما أن الحضانة و إن كانت حقا فهي أيضا واجب و المحكمة مكلفة بأن تحمِّل صاحب الواجب واجبه و هيمن النظام العام ، و على القاضي أن يثيرها من تلقاء نفسه ، و إلا فما مصير طفل رضيع لم تطالب أمه بحضانته؟

الفرع الثالث :
دعوى إسقاط الحضانة

كلما اختلت شروط الحضانة كانت مصلحة المحضون في خطر ، فيمكن أن يلجأ المعني صاحب الصفة إلى دعوى لإسقاط الحضانة. لأن سقوط الحضانة لن يكون أمرا تلقائيا بل لا بد فيه من حكم قضائي ، وتكون دعوى السقوط أصلية بخلاف دعوى اسناد الحضانة التي غالبا ما تكون تبعية لدعوى طلاق . كما أن دعوى اسقاط الحضانة لن يكون لها مفعول إذا تعارضت مع مصلحة المحضون .
فما هي أهم الحالات التي تؤدي إلى المطالبة باسقاط الحضانة ؟
- لقد نص المشرع الجزائري في قانون الأسرة على الحالات التي يسقط فيها حق الحضانة عن صاحبه وهي :
الحالة الأولى : نصت على هذه الحالة المادة 66 من قانون الأسرة حيث جاء فيها : يسقط حق الحضانة بالتزوج بغير قريب محرم ، وبالتنازل مل لم يضر بمصلحة المحضون .
أ – زواج الحاضنة بأجنبي عن المحضون : في حالة زواج الأم الحاضنة بأجنبي عن المحضون يسقط حقها في الحضانة ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل زواج الحاضنة بأجنبي غير محرم يعد تنازلا اختياريا عن الحضانة أم غير اختياري وهل يحق لها المطالبة بها بعد طلاقها منه ؟
تنص المادة 71 من قانون الأسرة على أنه يعود الحق في الحضانة إذا زال سبب سقوطه غير الاختياري .
جاء في قرار للمحكمة العليا مفاده :" أنه من المقرر قانونا أنه يعود الحق في الحضانة إذا زال سبب سقوطها غير الاختياري ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفة للقانون ، ولما كان من الثابت في قضية الحال أن الأم أسقطت حضانتها بعد زواجها بأجنبي يعد تصرفا رضائيا واختياريا فإن القضاء بالحضانة بعد زوال سبب سقوطها الاختياري يعد مخالفة للقانون " (1). ما أن الإدعاء بزواج الأم الحاضنة لا يمكن إثباته إلا بعقد زواج محرر طبقا للمادة 22 من قانون الأسرة (1) . وفي قرار آخر للمحكمة العليا جاء فيه :" ومتى كان مقرر في أحكام الشريعة الإسلامية أنه يشترط في المرأة الحاضنة ولو كانت أما ، فأحرى بغيرها أن تكون خالية من الزواج أما إذا كانت متزوجة فلا حضانة لها لانشغالها عن المحضون فإنه من المتعين تطبيق هذا الحكم الشرعي عند القضاء في مسائل الحضانة " (2).
إلا أنه وقع تطور في موقف و اتجاه المحكمة العليا واعتبرت أن زوال سبب سقوط الحضانة بعد طلاق الأم من أجنبي غير محرم لا يمنعها ذلك من المطالبة باستعادة الحضانة ، حيث جاء في أحد قراراتها :
" من المقرر قانونا أنه يعود الحق في الحضانة إذا زال سبب سقوطها غير الاختياري ، ومتى تبين أن المطعونة ضدها قد تزوجت بغير قريب محرم ثم طلقت منه ورفعت دعوى تطلب فيها استعادة حقها في الحضانة فإن قضاة المجلس بقضائهم بحقها فيها حسب نص المادة 71 من قانون الأسرة طبقوا صحيح القانون (3) .
وتأكد هذا التغير في موقف المحكمة العليا عندما اعتبرت في قرار موالي لها أن زواج الحاضنة بأجنبي غير محرم يعتبر تنازل غير اختياري عن الحضانة ، ومن ثمة فإن طلاقها من هذا الزوج يعطي لها الحق في المطالبة بالحضانة معتمدة على نص المادة 71 من نفس القانون، حيث جاء فيه : إن القضاء بسقوط الحضانة عن الطاعنة رغم زوال سبب السقوط ودون الرد على الدفع المثار من طرفها فيما يخص طلاقها من غير قريب محرم رغم أن لها حق العودة في المطالبة بالحضانة يعد مخالفة للقانون(1).
ب- التنازل عن الحضانة : يسقط حق الحضانة إذا تنازل عنه صاحبه ، مع الملاحظة أن المشرع اشترط في التنازل المذكور أن لا يكون مضرا بمصلحة المحضون كأن تتنازل الأم مثلا عن طفلها الرضيع لفائدة الأب فهنا لا يمكن للمحكمة أن تستجيب لها .
بصفة عامة كل تنازل من شأنه أن يهدد مصلحة المحضون لا يعتد به ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا بحيث قررت أن تنازل الأم عن الحضانة دون وجود حاضن آخر يقبل الحضانة وله القدرة عليها يعد مخالفة لأحكام الحضانة :" أنه من المقرر شرعا وقانونا أن التنازل يقتضي وجود حاضن آخر يقبل تنازلها وله القدرة على الحضانة فإن لم يوجد فإن تنازلها لا يكون مقبول وتعامل معاملة نقيض قصدها "(2) .
كما جاء في قرار آخر لها أنه من المقرر قانونا أنه لا يعتد بالتنازل عن الحضانة إذا أضر بمصلحة المحضون (3) .
وعادة يثبت التنازل عن الحضانة عن طريق المحكمة بموجب حكم . هل يكتسب هذا الحكم حجية الشيء المقضي به ؟ وهل تأخذ المحكمة بهذه الحجية وبسبق الفصل وتهدر بذلك مصلحة المحضون ؟ أم أنها ستأخذ هذه المصلحة بعين الاعتبار ولو كان ذلك على حساب الحجية ؟
جاء في قرار صدر عن غرفة الأحوال الشخصية لمجلس قضاء المدية أن مسألة إسناد الحضانة يمكن التراجع عنها ، لأنها تخص حالة الأشخاص ومصلحتهم وأن تنازل الأم نهائيا لا يمنع من إعادة إسناد الحضانة إذا كانت مصلحة المحضون تتطلب ذلك ، وبما أن المحضونة تعد في سن جد حساسة ومصلحتها تقتضي فعلا أن تكون مع والدتها ومنه فإن طلب المستأنفة الرامي إلى إسقاط حضانة البنت عن والدها ومنحها لها طلب مؤسس ومبرر ولا يوجد مطلقا ما يمنع من الاستجابة إليه (1) .
وجاء في قرار آخر صادر عن نفس الغرفة بأن مسألة إثبات التنازل لا يمكن أن يكون إلا بموجب حكم أمام القاضي ، وأن المحضر الذي يستند عليه المستأنف والمجسد على حد تعبيره لتنازل المستأنف عليها عن حضانة الولدين والمؤرخ في 22/ 05/1997 لا يمكن الاعتماد عليه البتة في إثبات التنازل هذا من جهة ، ومن جهة ثانية فإن الأم وإن تنازلت عن الحضانة يبقى دائما دور القاضي في استشفاف المصلحة الخاصة بالولدين لأن الحق هو حقهما كما يقول الإمام مالك في المدونة الكبرى : وما إناطتها بالأم إلا لحسن الرعاية . وهو عين ما توخته أحكام المادة 62 وما يليها من قانون الأسرة (2) .
وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا:" أنه من المستقر عليه أن مسألة إسناد الحضانة يمكن التراجع فيه لأنها تخص حالة الأشخاص ومصلحتهم وأن تنازل الأم عن الحضانة لا يحرمها نهائيا من إعادة إسنادها لها ، إذا كانت مصلحة المحضون تتطلب ذلك" (3) .
إذن لا يمكن للقاضي أن يعتمد في حكمه على تنازل الأم فقط دون النظر إلى مصلحة المحضون ، بل يمكنه أن يجبرها على الحضانة في حالة عدم وجود من يحضن الطفل ، أو يوجد لكنه يمتنع أو لا تتوفر فيه الشروط القانونية . لكن كيف يكون الحل إذا كانت الأم التي ستجبر على الحضانة هي ذاتها لا تتوفر فيها الشروط القانونية؟
يرى الأستاذ عبد العزيز سعد أن مبدأ مراعاة مصلحة المحضون الذي شدّد عليه قانون الأسرة يسمح لنا بأن نزعم أنه يجب في مثل هذه الحالة على المحكمة التي تقضي بإجبار الأم حتى ولو كانت تنقصها الشروط مثل تلك التي لا تؤثر على مصلحة المحضون (1) .
كما يرى أنه في حالة التنازل عن الحضانة فإن الحكم الذي سيصدر عن المحكمة في شأن إسقاط الحضانة في مثل هذه الحالة بناءا على من له حق الحضانة هو فقط حكم مقرر لها وليس منشأ (2) .
ومنه نستنتج أن ما ذهبت إليه غرفة الأحوال الشخصية بمجلس قضاء المدية والمحكمة العليا يكرس مبدأ حماية مصلحة المحضون بغض النظر عن مبدأ المساس بحكم حاز حجية الأمر المقضي به ، ذلك أن الأحكام الصادرة في مادة الحضانة مناطها دوما المصلحة العليا والفضلى للمحضون وأن هذه الأحكام لا تكون عنوانا على الحقيقة إلا ما دامت تحقق مصلحة المحضون ، وأنه يمكن تعديلها أو إلغائها متى تغيرت تلك المصلحة ، وبالتالي فإن الحكم الذي يقضي بإسناد الحضانة لغير الأم بناءا على تنازلها يمكن الرجوع فيه من جديد إذا ما استجدت ظروف تدعو إلى القول أن مصلحة المحضون لا تتحقق إلا بأن تتولى حضانته أمه .
الحالة الثانية : نصت المادة 68 من قانون الأسرة على أنه يسقط حق الحضانة إذا لم يطالب به صاحبه مدة تزيد عن سنة بدون عذر.
كما نصت المادة 70 من نفس القانون أن هذا الحق يسقط عن الجدة أو الخالة إذا سكنت بمحضونها مع أم المحضون المتزوجة بغير قريب محرم .
أ – سقوط الحق في الحضانة بمرور سنة بدون عذر :
تجدر الإشارة أن دعوى الحضانة مقيدة بمدة زمنية معينة يسقط الحق فيها إذا لم يطالب بها من له الحق فيها مدة تزيد عن سنة بدون عذر.
بمعنى أنه قد نكون أمام حالات يمكن أن تتجاوز المدة المحددة قانونا للمطالبة بالحضانة ومع ذلك لا يسقط الحق فيها إذا أثبت المعني بتوافر عذر مقبول عقلا ومنطقا ومنها على سبيل المثال :
• أن يكون جاهلا بأنه من الأشخاص اللذين لهم الحق في الحضانة، ويرجع تقدير توافر هذا العذر الذي نصت عليه المادة 68 إلى القاضي المختص مع أخذه دائما بعين الاعتبار مصلحة المحضون .
• إذا كان صاحب الحضانة جاهلا بحقه ولا يعلم بأن سكوته على المطالبة بها طيلة هذه المدة يسقط حقه فيها .
وفي غياب أي عذر قانوني أو شرعي يسقط الحق في الحضانة بمرور هذه المدة، وقد أكدت المحكمة العليا على هذا المبدأ في قراراتها :" من المقرر شرعا وعلى ما استقر عليه الاجتهاد القضائي أن الحضانة تسقط عن مستحقها إذا لم يمارس هذا الحق خلال سنة ومن ثم فإن القرار بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لمبادئ الشريعة الإسلامية" (1) .
وجاء في قرار آخر أنه حسب الشريعة الإسلامية من لم يطلب حقه في الحضانة لمدة تزيد عن عام بدون عذر سقط حقه فيها (1).
كما اعتبرت المحكمة العليا أن إسناد الحضانة لغير مستحقها قبل مضي سنة يعد خرقا للقانون :" من المقرر قانونا أن الحضانة إذا لم يطلبها من له الحق فيها مدة تزيد عن سنة بدون عذر سقط حقه فيها، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفة للقانون ، ولما كان ثابتا في قضية الحال أن السنة لم تمض بعد على المطالبة بالحضانة من قبل الأم و هي لا زالت متمسكة بها فإن قضاة الموضوع بحرمانهم الأم من حق الحضانة وإسنادها للجدة لأب يكون قد خالف القانون " (2).
إلا أن هناك تغير في اتجاه المحكمة العليا أيضا في قراءتها للمادة 68 السابقة الذكر عندما اعتبرت أن إسقاط الحضانة عن الأم طبقا لأحكام هذه المادة وعدم استعانة القضاة بمرشدة اجتماعية لمعرفة مصلحة الأولاد وعدم الإشارة إلى جنسهم وأعمارهم فإنهم بقضائهم كما فعلوا أخطئوا في تطبيق القانون (3).
ب – سقوط الحق في الحضانة عن الجدة أو الخالة :
ويكون ذلك إذا سكنت بمحضونها مع أم المحضون المتزوجة بغير قريب محرم ، وعلة ذلك أن الحكمة التي جعلت المشرع يسقط عن الأم حقها في الحضانة إذا تزوجت بأجنبي عن المحضون متوفرة ، متى سكنت وهي متزوجة مع ذلك الأجنبي مع الجدة أو الخالة الحاضنة . وهنا تعود الحضانة إلى الأب طبقا للترتيب الوارد في المادة 64 من قانون الأسرة .
مع الملاحظة أن المشرع الجزائري في هذه الحالة لم يبين قصده من حصر سبب سقوط الحضانة بالمساكنة مع أم المحضون في الخالة والجدة للأم دون غيرهما .. ؟ !
الحالة الثالثة : تسقط الحضانة عن الحاضن الذي فقد أحد الشروط المرعية شرعا في المادة 62 من قانون الأسرة ، كما يمكن للقاضي أن يسقط الحق فيها في حالة ما إذا أراد صاحبها أن يستوطن في بلد أجنبي كما نصت على ذلك المادة 69 من نفس القانون .
أ – سقوط الحضانة عند إختلال شروطها : إذا إختلت الشروط المنصوص عليها في المادة 62 سواء تعلقت بأهلية الحاضن ، أم إتصلت بالإلتزامات المتعلقة بالحضانة . ونصت على هذه الحالة المادة67 من قانون الأسرة أي التربية والرعاية الصحية والخلقية ، مع أخذ المحكمة في هذه الحالة مصلحة المحضون . وقد ذهبت المحكمة العليا في هذا الخصوص بأنّه متى كان من المقرر شرعا أن إسقاط الحضانة لا يكون إلا لأسباب جدية وواضحة ومضرة بالمحضون ، ومتعارضة مع مصلحته ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه في غير محله (1) .
كما أكدت أن تخلف شرط القدرة يؤدي إلى إسقاط هذا الحق حيث الحاضنة فاقدة للبصر :" من المقرر في الفقه الإسلامي وجوب توافر شروط الحضانة ومن بينها القدرة على حفظ المحضون ومن ثم فإن القضاء بتقرير ممارسة هذا الحق دون توافر هذا الشرط يعد خرقا لقواعد الفقه الإسلامي " (2).
كما أن عدم توفر شروط الحضانة في الجدة ) أم الأم ( تسقط عنها حيث يشترط فيها أن تكون غير متزوجة وأن لا تسكن مع ابنتها المتزوجة بأجنبي وأن تكون قادرة على القيام بالمحضون (1) .
وقد اتجهت المحكمة العليا اتجاها أبعد في إطار الحرص على حماية مصلحة المحضون عندما قالت : بأن سقوط حق الحضانة عن الأم لفساد أخلاقها وسوء تصرفاتها ، فإنه يسقط أيضا حق أمها في ممارسة الحضانة لفقد الثقة فيهما معا (2) .
كما اعتبرت أن جريمة الزنا من أهم مسقطات الحضانة ، وأن إسناد الحضانة للأم المحكوم عليها من أجل هذه الجريمة يعد مخالفة للقانون وأحكام المادة 62 من قانون الأسرة (3).
وجاء في قرار لغرفة الأحوال الشخصية بالمدية اعتبرت أن إستناد الطاعن في دعوى اسقاط الحضانة على عمل الحاضنة غير مؤسس لاَ به يعمل ولا عليه يعول (4) .
وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها بقولها أن ما استقر عليه القضاء ، أن عمل المرأة الحاضنة لا يعد من مسقطات الحضانة (5).
وهذا ما أكد عليه أيضا المشروع التمهيدي لتعديل قانون الأسرة ، وذلك تماشيا مع تطور المجتمع وحماية حق المرأة في الحضانة وحقها في العمل .
ب – سقوط الحضانة عند الإقامة في بلد أجنبي : المسألة هنا جوازية للقاضي ، والأمر يرجع إلى سلطته التقديرية في إثبات الحضانة له أو إسقاطها عنه . ومن هنا فإن تقدير أسباب سقوط الحضانة أمر موكول للقاضي انطلاقا من قناعته ومصلحة المحضون والظروف المتعلقة بالقضية (1)
حيث جاء في قرار للمحكمة العليا أنه من المقرر قانونا إذا رغب الشخص الموكول له حق الحضانة الإقامة في بلد أجنبي أن يرجع الأمر للقاضي لإثبات الحضانة له أو إسقاطها عنه مع مراعاة مصلحة المحضون ، كما أنه يجب مراعاة حالة الطرفين ومصلحة المحضون قبل وضع أي شرط (2)
إلا أن المحكمة العليا اعتبرت في قرار آخر أن الإقامة في الخارج يعد سببا من أسباب سقوط الحضانة عن الأم وإسنادها للأب لأنه يتعذر عليه الإشراف على أبنائه المقيمين مع الحاضنة بالخارج وكذا حق الزيارة وذلك لبعد المسافة (3) .
وهو ما يؤكد هذا الاتجاه في قرار سابق للقرار الأول حيث جاء فيه:" أنه من المستقر فقها وقضاءا أن بعد المسافة بين الحاضنة وصاحب الزيارة والرقابة على الأطفال المحضونين لا يكون أكثرمن ستة برود (4) .
كما أن المبدأ الذي استقر عليه الاجتهاد القضائي الجزائري، هو أن الحضانة لا يجوز تجزئتها بدون مبرر شرعي(5) .
و منه نستنتج في الأخير أن حق الحضانة لا يثبت للحاضن بصفة مؤبدة و إنما هو أداء أوجبه القانون ، فإن قام به الحاضن كما أمره القانون و القواعد الشرعية بذلك ، بقي له إلى أن يبلغ المحضون السن القانونية لنهاية الحضانة ، و إن أخل بالالتزامات المتعلقة بها أو فقد شرطا من شروطها وجب إسقاطها عليه .
و نود أن نشير في نهاية هذا المطلب إلى إجراءات رفع دعوى إسناد أو تمديد أو إسقاط الحضانة :
فلا بد أن تتوفر في المدعي الصفة و المصلحة و الأهلية كمبدأ عام طبقا للمادة 459 من قانون الإجراءات المدنية ، و يعد صاحب صفة كل شخص مذكور في المادة 64 من قانون الأسرة ،أما المصلحة الوحيدة التي يجب أن ترعى هي مصلحة المحضون و يكون الاختصاص لمحكمة مكان ممارسة الحضانة ،
و للقاضي أثناء سير الدعوى أن يقوم بكل التحقيقات التي تساعده في تكوين قناعته بالإضافة إلى الأسباب التي يستند عليها المدعي في دعوى الإسقاط ،مع الإشارة أنه لا يجوز لأحد أن يطلب إسقاط الحضانة على الغير من أجل طلب الحكم بإسنادها إلى الغير (1) .

المطلب الثاني
الجرائم المتعلقة بمخالفة أحكام الحضانة

تكريسا و تدعيما لمبدأ حماية مصلحة المحضون نص قانون العقوبات الجزائري على مجموعة من الجرائم تتعلق بمخالفة أحكام الحضانة و اشتملت على مؤيدات لضمان احترام هذه لأحكام ، و تعد أداة فعالة
و وسيلة لضمان المحافظة على مصداقيتها و تنفيذها ، و هي في نفس الوقت الأداة اللازمة لتأمين مصلحة المحضون ضمن إطار احترام القانون .(2)
و منه سنتناول هذا الموضوع بالكلام عن جريمة عدم تسليم المحضون إلى حاضنه و أهم صور هذه الجريمة مثل : جريمة خطف الطفل المحضون من حاضنته ، و جريمة الإمتناع عن تنفيذ حكم الزيارة .

الفرع الأول
جريمة الإمتناع عن تسليم طفل إلى حاضنه

و هي الصورة المنصوص و المعاقب عليها في المادة 328 من قانون العقوبات ، و تقوم هذه الجريمة بتوافر شروط أولية و ركن مادي
و معنوي .
أ‌- الشروط الأولية :
1-المحضون القاصر : يثار التساؤل هنا حول معنى القاصر ، الأصل أنّه من لم يبلغ سن الرشد المدني المحدد بـ :19 سنة .

لكن ما دام الأمر يتعلق بالحضانة فالمرجع يكون لقانون الأسرة لتحديد مفهوم القاصر استنادا إلى انقضاء الحضانة و تحديدا إلى نص المادة 65 من قانون الأسرة ، ومنه فإن القاصر الذي يقصده المشرع هنا هو من بلغ سن السادسة عشر للذكور و الثامنة عشر للإناث .(1)
2- حكم قضائي : لقيام هذه الجريمة يجب أن يكون هناك حكم سابق صادر عن القضاء ، و يتضمن إسناد حق الحضانة إلى من يطالب بتسليم الطفل إليه ، و قد يكون حكما مؤقتا أو نهائيا ، و لكن يجب أن يكون نافذا كما هو الشأن بالنسبة للأوامر القضائية المشمولة بالنفاذ المعجّل .
و هكذا قضت المحكمة العليا بعدم قيام الجريمة لكون الحكم القاضي بإسناد حضانة الولدين لأمهما غير مشمول بالنفاذ المعجّل و غير نهائي كونه محل استئناف. (1)
و قد يكون الحكم صدر عقب دعوى طلاق أو إثر دعوى مستقلة خاصة بمسألة الحضانة فقط ، سواء تعلق الأمر بإسناد الحضانة نهائيا أو مؤقتا .
كما يجب أن يكون هذا الحكم صادرا عن القضاء الوطني ، أمّا إذا كان صادرا عن جهة ما من جهات القضاء الأجنبي فإنه لا يجوز الإستناد إليه إلا إذا كان مصادقا عليه و ممهورا بالصيغة التنفيذية وفقا للمادة 325 من قانون الإجراءات المدنية ، أو وفقا للإتفاقيات الدولية الثنائية أو الجماعية.
ب- عناصر الجريمة :
أول ركن يشترطه القانون لقيام الجريمة هو عنصر الإمتناع ذاته ، و هو إن كان يعتبر موقفا سلبيا من الممتنع ، إلاّ أنه مع ذلك يكون أهم عناصر هذه الجريمة ، و لولاه لما أمكن قيام هذه الجريمة ، أو متابعة المتهم و لا معاقبته بشأنها ، و الإمتناع يتم إثباته بواسطة المحضر بعد اتباع إجراءات التنفيذ .
إضافة إلى ذلك يجب أن يُثْبِت أنّ الطفل المطلوب تسليمه موجود فعلا و حقيقة تحت سلطة المتهم الممتنع ، أما إذا كان المحضون يوجد في منزل الأسرة التي هو أحد ساكنيه ، و لكن المحضون يوجد تحت السلطة الفعلية لشخص غيره ممّن يسكنون بنفس المنزل فإنه لا يمكن اعتبار هذا المتهم الممتنع مسؤولا عن عدم تسليم الطفل .
و عليه إذا كان الطفل محل الحضانة موجودا عند شخص معين و تحت سلطته كأن يكون أبوه أو جده أو عمه ، و أنّه قد صدر قرار أو حكم قضائي يمنح حق حضانة هذا الطفل إلى شخص ثاني هو أمّه مثلا أو خالته أو جدته ، و عند القيام بإجراءات التنفيذ اعترض الأب أو الجد أو العم مثلا على تنفيذ هذا الحكم و امتنع عن تسليم الطفل إلى من له الحق في حضانته دون أن يبرّر امتناعه بمبرّر شرعي أو قانوني ، فإنّه يقع تحت طائلة هذه الجريمة .
و بالإضافة إلى ذلك يجب توفر الركن المعنوي في هذه الجريمة ، فهي تقتضي توافر قصدا جنائيا يتمثل في علم الجاني بالحكم القضائي و نية معارضة تنفيذ هذا الحكم ، و تطرح هذه المسألة عدّة إشكالات ، فكثيرا ما يتمسك من يمتنع عن تسليم الطفل بعدم قدرته على التغلب على عناد الطفل و إصراره على عدم مرافقة من يطلبه . و قد استقر القضاء الفرنسي على رفض هذه الحجة ، و قُضِيَ بأنّ مقاومة القاصر أو نفوره من الشخص الذي له الحق في المطالبة به لا يشكلان فعلا مبرّرا و لا عذرًا قانونيًا (1). وبالمقابل لا تقوم الجريمة إذا لم يتوفر الركن المعنوي لدى المتهم ، فمثلا إذا لم يقم الشخص الذي صدر حكم ضده بتسليم طفل تنفيذا لحكم بإسناد الحضانة مستندا على ذلك بترخيص من المحكمة لمدة معينة لا تقوم الجريمة خلال كل هذه الفترة المسموح بها ، و قد أكدت المحكمة العليا ذلك عندما قالت أنّه :
" متى كان مؤدى نص المادة 328 من قانون العقوبات هو أنّه يعاقب بالحبس و الغرامة الأب أو الأم أو أي شخص آخر لا يقوم بتسليم قاصر قُضِيَ في شأن حضانته بموجب حكم ، إلى من له الحق في المطالبة ، و من ثم فإنّ أب القاصر الذي تحصل بطلب منه على أمر رئيس المحكمة يسمح له بمقتضاه أن يحتفظ بابنه لمدة 15 يوم لا يعد مرتكبا لهذه الجريمة ، و أنّ القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون ".(1)
و تأخذ جريمة عدم تسليم طفل عدة صور أهمها : اختطاف المحضون من حاضنه و الإمتناع عن تنفيذ حكم الزيارة .

الفرع الثاني :
جريمة اختطاف المحضون من حاضنه

إنّ هذه الجريمة تعتبر ذات علاقة بالجريمة السابقة ، لما لهما من اشتراك في الموضوع و في الهدف ، و لما لهما من اشتراك في الخضوع إلى عقوبة موحدّة بالإضافة إلى أن الهدف الأساسي لكل منهما هو حماية مصلحة المحضون و الحاضن ، و لقيام هذه الجريمة يجب توافر العناصر التالية :
1-العنصر المادي للإختطاف :
إن العنصر المادي لجريمة اختطاف المحضون من حاضنه عنصر أساسي ، يتمثل في عدة صور أو عدة حالات ، و كل حالة منها تكفي وحدها لقيام العنصر المادي ، و هذه الصور أو الحالات هي صورة اختطاف المحضون ممن اسندت إليه مهمة حضانته ، و صورة اختطافه من الأماكن التي يكون الحاضن قد وضعه فيه مثل : المدرسة ، و دار الحضانة و ما شابههما ، و صورة تكليف الغير بحمل المحضون و خطفه أو إبعاده عن المكان الموجود به لسبب من الأسباب ، و لا يتم توافر هذا العنصر إلا بتحقيق النتيجة و هي إتمام اختطاف المحضون فعلا سواء مباشرة أو بواسطة الغير .(1)
و إذا كان الإختطاف قد وقع بواسطة شخص أو عدة اشخاص لصالح شخص معين هو الأب مثلا أو الأم ، أو الخالة أو الجدة ، فإنّ الشخص الذي وقع الإختطاف لفائدته و بناءا على طلبه يعتبر فاعل أصلي ، و أن الشخص الذي وقع حمله على الخطف أو الإبعاد و نفذّ ما طُلب منه يكون شريكا في الجريمة .
2-عنصر توفر الحكم القضائي :
سبق الإشارة إلى هذا العنصر كعنصر من عناصر تكوين الجريمة السابقة ، و هو عنصر مطلوب توفره في هذه الجريمة أيضا ،
و ذلك نظرا إلى أن الشخص المخطوف منه الطفل لا يستطيع أن يزعم بأنّ هذا الطفل له حق حضانته و حق المطالبة باسترداده ممن خطفه منه إذا لم يستند في طلبه إلى أساس قانوني يدعّمه حكم قضائي قابل للتنفيذ .
3-عنصر القصد أو النية الجرمية :
يعد من الأركان العامة المطلوب توفره في كل سلوك إجرامي ، و يمكن استخلاصه من الظروف المحيطة بالوقائع الجرمية ،
و لهذا فإنّ القانون يعاقب على مجرد فعل الخطف للمحضون مباشرة ممن وُكّلت إليه حضانته أو من الأماكن التي وضعه فيها أو أبعده عنه أو عن تلك الأماكن أو حمل الغير على خطفه و إبعاده ، دون أن يعير أي اهتمام للغرض أو الهدف من الإختطاف و لا للوسائل التي تتم بواسطتها عملية الإختطاف أو الإبعاد ، و تبقى النية هنا مفترضة و مستخلصة من تجاوز المتهم لحكم الحضانة و تحدّيه له ، وما عليه لكي يفلت أو ينجوا من المتابعة و العقاب إلاّ أن يثب حسن نيته و عدم توفر عنصر القصد السيء، و لا فعل الإختطاف أو الإبعاد .

الفرع الثالث
جريمة الإمتناع عن تنفيذ حكم الزيارة

أ- مصادر جريمة عدم تنفيذ حكم الزيارة :
من خلال قراءة نص المادة 64 من قانون الأسرة تنص على أنّه عندما يحكم القاضي بإسناد الحضانة إلى مستحقها أن يحكم بحق الزيارة للزوج الآخر ، و من خلال قراءة الإتفاقية الموقعة بين الجزائر و فرنسا بشأن أطفال الزواج المختلط الواقع بين الجزائريين و الفرنسيات (1)، نلاحظ أن المادة 07 من الإتفاقية جاء فيها : " أنّ الوالد الحاضن سيتعرض للمتابعات الجزائية المتعلقة بعدم تسليم الأطفال التي تنص و تعاقب عليها التشريعات الجنائية في كلتا الدولتين ، عندما يرفض ممارسة حق الزيارة فعلا داخل حدود أحد البلدين أو فيما بين حدودهما عندما يكون هذا الحق قد مُنح للوالد الآخر بمقتضى قرار قضائي ، و يتعين على وكيل الجمهورية المختص إقليميا أن يلتمس دون أي تأخير استعمال القوة العمومية للتنفيذ الجبري .و يباشر إجراءات المتابعة الجزائية ضد مرتكب الجريمة بمجرد تسلُّمه الشكوى من الطرف الآخر .
و منه إذا قام الطرف المحكوم له بحق الحضانة بعدم تمكين الطرف الآخر من ممارسة حق الزيارة في الزمان و الكيفية و المكان التي حددها الحكم التام ، فإنّه يكون قد تصرف بشكل يؤدي إلى اقتراف جريمة تمس بنظام الأسرة .

ب- عناصر جنحة رفض حق الزيارة :
يتضح لنا أنّه لكي يمكن قيام جنحة الإمتناع عن تسليم طفل قُضي في شأن حضانته إلى من له الحق في المطالبة به ، وجوب توافر العناصر التالية :
 وجود حكم قضائي مشمول بالنفاذ المعجّل أو حاز لقوة الشيء المقضي به .
 أن يكون هذا الحكم قد قضى بالطلاق و إسناد الحضانة إلى أحد الزوجين ، و بمنح حق الزيارة إلى الزوج الآخر .
 أن يكون الإمتناع عن تسليم المحضون إلى من له حق الزيارة ثابت بموجب محضر يحرره القائم بالتنفيذ ، أو ثابت بواسطة شهادة الشهود أو باعتراف الممتنع نفسه .
و منه إذا توفرت هذه العناصر أو الشروط مجتمعة ، فإنّ الطرف الممتنع يكون قد ارتكب جنحة الإمتناع عن تسليم طفل إلى من له حق زيارته و استحق المتابعة و العقاب .
هكذا نجد أنّ المشرع قد أولى اهتمام خاص بالمحضون و بالطفل بصفة عامة ، عندما نصّ على مثل هذه الجرائم التي من شأنها أن تضمن الحماية للأحكام الصادرة في شأن الحضانة .
و عند قيام جريمة الإمتناع عن تسليم الطفل يمكن للطرف المضرور و هو المدعي المدني أن يحرك الدعوى العمومية مباشرة ،
و يكلِّف خصمه بالحضور أمام المحكمة بعد أن يدفع مبلغ الكفالة الذي يحدده وكيل الجمهورية على قاعدة المادة 337 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية .
و قد نص المشرع على جريمة أخرى حماية للقاصر المحضون و إن كانت تشمل أيضا الطرف الحاضن عندما تكون أمّا ، و لكن ما يهمنا هنا بالخصوص هو المحضون . و هذه الجريمة هي عدم تسديد النفقة التي نصت عليها المادة 331 من قانون العقوبات ، و ذلك تدعيما لنص المادة 75 من قانون الأسرة ، التي تنص على أنّ نفقة الولد تجب على والده ما لم يكن له مال .
و إن كان المشرع الجزائي الجزائري حصر النفقة - و التي تعتبر دَيْن مالي على الأب – في النفقة الغذائية دون سواها ، علما أنّ النفقة كما هي معرفة في المادة 78 من قانون الأسرة الجزائري، تشمل الغذاء و الكسوة و العلاج و السكن أو أجرته ، و منه يمكن للمستفيد من هذه النفقة بموجب حكم قضائي نهائي أو مأمور فيه بالنفاذ المعجل و بعد انقضاء مهلة شهرين من التبليغ ، و عند امتناع المدين عن تسديد النفقة أن يتقدم بشكوى لوكيل الجمهورية من أجل تحريك الدعوى العمومية في هذا الشأن ، مع الإشارة أن دفع جزء من المبلغ المالي المحكوم به لا يحول دون قيام الجريمة . (1)

المبحث الثاني
أبرز الإشكاليات المطروحة في مجال الحضانة
إنّ موضوع الحضانة بدوره لا يخلو من المشاكل العملية ،
و يمكن إرجاع هذا النقص إلى قصور التشريع من جهة ، و من جهة أخرى إلى التطور السريع الذي شهدته الحياة البشرية في الآونة الأخيرة .
و هذا ما أدى بالضرورة إلى ظهور جملة من المشاكل العملية و يمكن حصر أهم الإشكاليات التي تصادف القضاة في عملهم في : إشكالية الزواج المختلط و تأثيرها على المحضون ، و كذلك إشكالية مراعاة مصلحة المحضون من قبل القاضي و كيفية تقديرها ، و ثالثها إشكالية مسؤولية الحاضن عن أفعال المحضون الضارة و هو الأمر الذي نحاول معالجته بشيء من التفصيل في المطالب التالية :

المطلب الأول
إشكالية الزواج المختلط
إنّه من مصلحة الأسرة أن يتوحد القانون الذي يحكم أحوالها الشخصية ، و إذا كان من اليسير توحيد موطن الأسرة ، فإنّه من العسير في بعض الأحيان توحيد جنسيتها (2)، خاصة إذا كان الزواج مختلطا. لذلك سعت أغلب التشريعات بما فيها التشريع الجزائري إلى محاولة وضع حلول لبعض المشاكل التي قد تعتري الزواج المختلط ، خاصة بعد الإنفصال ، لأنه يكون الأطفال هم الضحايا، لذلك حرصت بعض الدول على تحقيق أحسن حماية لأطفال الزواج المختلط بعد انفصال أبويهم ، فتمَّ إبرام اتفاقيات ثنائية بين الدول لمعالجة الإشكاليات ، و من أبرز الإتفاقيات التي أبرمتها الجزائر
" إتفاقية الزواج المختلط بين فرنسا و الجزائر " و الموقعة في مدينة الجزائر بتاريخ 21 يونيو1988 و المصادق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم : 88/144 .
غير أنه قد يكون هناك زواج بين جزائريين و أجانب لا تكون بين دولتهم و بين الجزائر معاهدة ، ففي هذه الحالة يتم الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني الجزائري . لذلك نتناول موضوع الزواج المختلط في الفرعين الآتي ذكرهما :

الفرع الأول :
إشكالية الزواج المختلط في حالة وجود إتفاقية مع الجزائر
( الإتفاقية الجزائرية الفرنسية ) :
تعتبر النسبة الغالبة من المهاجرين الجزائريين يتوجهون إلى فرنسا، و هذا يرجع إلى أسباب تاريخية ، و ما نتج عن ذلك وقوع علاقات زواج بين الجزائريين و الفرنسيين ، إلا أن هذه الزواجات المختلطة لم تثمر كلها ، و حتى تحافظ كل من الدولتين على أبناء الزواج المختلط ، أبرمتا إتفاقية في : 21 يونيو 1988 م ، تتعلق بأطفال الأزواج الجزائريين و الفرنسيين في حالة الإنفصال ، و ذلك من أجل تحقيق أحسن حماية لهم و كذلك العمل على حرية تنقلهم بين البلدين مع مراعاة مصلحة هؤلاء الأطفال بالدرجة الأولى ، و سعيا لتطبيق هذه الإتفاقية تعيِّن وزارتا العدل لكلا البلدين ، سلطتين مركزيتين مكلفتين بالوفاء بالإلتزامات المحددة في الإتفاقية .(1)
و من بين الإلتزامات ما ورد في المادة : 06 من الإتفاقية أين تنص في فقرتها الأولى : (( يتعهد الطرفان المتعاقدان بضمان ممارسة حق الزيارة فعلا للأزواج الذين هم في حالة الإنفصال ،داخل حدود البلدين
و فيما بين حدودهما )) .
كما ألزمت الإتفاقية القضاة عند إصدار حكم قضائي ينص على إسناد الحضانة ، أن يمنح في الوقت نفسه إلى الوالد الآخر حق الزيارة،
و هو الأمر الذي ذهب إليه التشريع الجزائري من خلال نص المادة 64 من قانون الأسرة (2). غير أن هذه الأحكام القضائية عند صدورها من المحاكم الجزائرية أو المحاكم الفرنسية قد تؤدي إلى حدوث مشاكل في التنفيذ، و من بين المشاكل التي قد نتصادف معها هي إسناد الحضانة إلى الأم - لكونها أولى بحضانة الطفل – من طرف قاضي فرنسي و هذا على أساس أن تتم ممارسة الحضانة في فرنسا ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :هل يمكن للأم ممارسة الحضانة على النحو المحدد في المادة 62 من قانون الأسرة الجزائري ، و هذا بتربية الولد على دين أبيه ؟ خاصة إذا كانت الأم كتابية ؟
فإنّه عند تصفح بنود الإتفاقية لا نجدها تنص على حلّ ،
و هذا ما قد يؤدي إلى تنازع في الإختصاص أو إلى عدم المصادقة على تنفيذ الحكم الأجنبي ، لتعارضه مع النظام العام الجزائري .
و عند حكم القاضي بالحضانة لأحد الوالدين يمنح الحق في الزيارة للولد الآخر ، و رغم معالجة الإتفاقية الثنائية لمشكلة الزيارة (1)إلا أنه بقيت بعض المسائل العالقة فإنه قد يحدث عند ممارسة أحد الوالدين حق الزيارة ، ، فلا يُرَدُّ الطفل المحضون إلى الوالد الحاضن ، و رغم ما نوَّهت عليه الإتفاقية في مادتها: 11 من حلول إلا أنها تبقى قاصرة ، لأنه حتى و إن قام الوالد الحاضن بعرض المسألة على وكيل الجمهورية الذي يقع في دائرة اختصاصه مكان ممارسة الحضانة ، أين يقوم هذا الأخير بدون تأخير باستعمال القوة العمومية من أجل التنفيذ الإجباري ، فإنّ كل ذلك يبقى مجرد حبر على ورق لا لشيء إلا لعدم قبول تلقي الأوامر من دول أخرى و تنفيذها ،و هو الأمر الذي يؤدي إلى عدم تنفيذ الإنابات القضائية الدولية ،
و بالنتيجة ضياع مصلحة الطفل المحضون .
كما أن الإتفاقية لم تعالج فكرة مراجعة حكم الحضانة بعد مرور فترة زمنية ، إذا ظهر ما يدفع إلى المراجعة حتى و لو أنّها أشارت في المادة 05 من الإتفاقية : (( إذا كانت هناك ظروف استثنائية تعرِّض صحة الطفل الجسمية أو المعنوية لخطر مباشر ، فعلى القاضي أن يكيف طرق ممارسة هذا الحق وفقا لمصلحة هذا الطفل )) ، و من ثمّة يتبادر إلى الذهن السؤال التالي :
هل يمكن للأب أن يطلب مراجعة حكم الحضانة الصادر من قاضي فرنسي أسند الحضانة إلى الأم ، و هذا أمام نفس القاضي حتى يكون له الحق في تربية أبنائه على دينه ؟ مستندا على أحكام قانون الأسرة الجزائري خاصة المادة 62 منه (1)، و دون أن ننسى بالإضافة إلى ما ناشدت به المواثيق الدولية و من بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .(2)
فإن كانت الإجابة بنعم على التساؤل ، فهنا يطرح السؤال من جديد : هل يحكم لصالحه ؟ ، و منه و بطبيعة الحال فإشكالية عدم إمكانية المراجعة تطرح نفسها بنفسها دون حل لها ، و عليه يمكن القول أن هذه الإشكالات ترجع إلى عدم الإهتمام الكافي بالإتفاقية .(3)
لذلك ظلت النزاعات المتعلقة بطرفي الزواج المختلط في مجال الحضانة تخضع لقانون الأسرة الجزائري في حالة عرض النزاع على الجهات القضائية الجزائرية . و العكس صحيح إن تم عرض القضية في فرنسا ، و هو الأمر الذي أشارت إليه المحكمة العليا في قراراتها .(4)
و عليه من كل ما سبق يتبين أنه في حالة عدم تطبيق المعاهدة من كلا الطرفين يؤدي بالضرورة إلى تطبيق أحكام القانون الدولي الخاص ، و هذا ما يعني أنه تم الرجوع إلى حالة عدم وجود إتفاقية ، و ذلك ما يتم التطرق إليه في الفرع الثاني .

الفرع الثاني
إشكالية الزواج المختلط في حالة عدم وجود إتفاقية مع الجزائر:
قد يحدث في حالة الزواج المختلط وقوع تنازع بين القوانين حول أيُّ القانونين يطبق الوطني أو الأجنبي ؟ و لحل تنازع القوانين من حيث المكان خص المشرع الجزائري المواد من 10 إلى 20 من القانون المدني الجزائري ، و قد تطرق في المواد من : 10 إلى 16 إلى القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية ..(1) و في النظام القانوني الجزائري لم يعرف المشرع المقصود بالأحوال الشخصية لا في القانون المدني و لا في قانون الأسرة ، و لكن يفهم من مضمون قانون الأسرة و الديباجية الواردة في المشروع التمهيدي المقترح من طرف الحكومة و المقدم إلى المجلس الشعبي الوطني في : 19/09/1981 م ، أنه يدخل ضمنها المسائل المتعلقة بالحالة و الأهلية العامة و حماية عديمي الأهلية و ناقصيها و العلاقات بين أفراد الأسرة كالزواج و المشارطات المالية التي تصحبه و انحلاله و آثاره ، و البنوّة و إثبات النسب و الولاية على النفس و النفقة بين الأصول و الفروع و بين الأقارب و الوقف و الميراث و الوصية و الكفالة .(2)
وتعتبر الحضانة مما يدخل في نطاق الأحوال الشخصية، وهذا من خلال آثار انحلال الزواج.وعند الرجوع الى قواعد الاسناد خاصة المادة 12/2التي تنص:"أنه يسري على انحلال الزواج القانون الوطني الذي ينتمي إليه الزوج وقت رفع الدعوى".أي أنه في حالة ما اذا كان هناك طلاق بين زوجين من جنسية مختلفة ،وأن الزوج الآخر لم تبرم دولته إتفاقية مع الدولة الجزائرية ،ففي هذه الحالة تطبق قواعد الإسناد،بمعنى أنه عند الحكم بإسناد حضانة الأطفال يطبق القانون الذي ينتمي إليه الزوج وقت رفع الدعوى .وبالتالي إذا كان الزوج جزائريا فإنه يطبق قانون الأسرة الجزائري لاسيما المادة 69 منه.بل أنه حتى ولو كان أحد الزوجين جزائريا فإنه يطبق القانون الجزائري،و هذا ما نصت عليه المادة 13 من القانون المدني الجزائري.
كما إستقر القضاء الجزائري في مسألة الحضانة على : أنه في حالة وجود أحد الأبوين في دولة غير مسلمة وتخاصما علىالأولاد في الجزائر فإنّ من يوجد بها أحق بهم ولو كانت الأم غير مسلمة .وأنّه من المقرر قانونا أن الأحكام و القرارات الصادرة من الجهات القضائية الأجنبية التي تصطدم وتخالف النظام العام الجزائري لا يجوز تنفيذها .(1)
وإذا رجعنا إلى نص المادة 12من القانون المدني في فقرتها الثانية نجدها قد اخضعت إنحلال الزواج إلى قانون جنسية الزوج وهذا وقت رفع الدعوى . في حين أن الأمر تعقد عند الرجوع إلى نص المادة 13 من القانون المدني، أين جعل القانون الجزائري وحده يطبق على إنحلال الزواج متى كان أحد الزوجين جزائريا عند إبرامه ، بمعنى أنه ربطها بحالة وحيدة وهو عرض النزاع أمام القاضي الجزائري . لكن لو عرض أمام جهة قضائية أجنبية فإنه لايطبق القانون الجزائري ،خاصة إذا كانت هذه القاعدة موجودة في التشريع الأجنبي . وهذا ما يجعل تطبيق القانون الجزائري مستحيل التطبيق من طرف قاضي أجنبي ، خاصة إذا كانت الأم أجنبية وأسندت لها الحضانة مما يؤدي بطبيعة الحال إلى عدم تربية الولد على دين أبيه ،كما نص على ذلك القانون الجزائري ، مع العلم أن المبدأ السائد في القضاء الجزائري هو أنه لا يجوز أن تسند حضانة أبناء الوالد المسلم إلى الأم غير المسلمة المقيمة في بلد أجنبي .(2)
ومهما تكن الإشكاليات التي تعترض سبيل القضاة ، فإنه عليهم دائما إصدار أحكام ، وإلا عدّ ذلك إنكار للعدالة . وعلى القضاة أن يراعوا في أحكامهم عند إسناد الحضانة أو إسقاطها مصلحة المحضونين، وهي النقطة التي نحاول تبيانها في المطلب الثاني .

المطلب الثاني :
إشكالية مراعاة مصلحة المحضون :
تسعى كل التشريعات الحديثة إلى ضمان حقوق الطفل والتكفل به ، لأجل ذلك قامت بوضع بعض المنافذ التي من خلالها يستطيع القاضي حماية الطفل ورعاية مصالحه ، وأهم منفذ وضعته التشريعات هي قاعدة مرعاة مصلحة الطفل المحضون ، وقد لقيت هذه القاعدة إهتمام كبير من طرف المشرعين إلى درجة أنها أصبحت هي القاعدة الوحيدة التي على ضوئها يفصل القاضي في موضوع الحضانة حسب سلطته التقديرية .
وعليه نحاول تحديد معنى هذه القاعدة وما اعتمده المشرع الجزائري في هذه القاعدة و إلى أي حد يقوم القاضي بتقدير هذه المصلحة.

الفرع الأول :
معنى قاعدة مراعاة مصلحة المحضون :
إذا كانت قاعدة مراعاة مصلحة المحضون هي قاعدة جديدة في القوانين العربية الحديثة فإنها بالنسبة للشريعة الإسلامية تعتبر قاعدة قديمة ، وكان ساري بها العمل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وتبعه الصحابة رضوان الله عنهم ، ومن المواقف الإسلامية ما حدث بين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فقد روي أن عمر بن الخطاب كان قد طلّق إمرأته من الأنصار بعد أن أعقب منها ولده عاصما، فرآه في الطريق فأخذه فذهبت جدته أم أمه ورائه وتنازعا بين يدي أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فأعطاها إياه وقال لعمر :
" ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك " .(1)
والمشرع الجزائري إستقى أحكام قانون الأسرة من الشريعة الإسلامبية لذلك نجد المادة 222 منه تحيلنا على أحكام الشريعة إذا لم نجد نصا قانونيا في مسألة ما ، وهذا دون تقييد بمذهب معين ، أي أنه أخذ بالرجوع إلى جميع المذاهب من أجل ترجيح من يصدقه الدليل الشرعي وتستقر معه المصلحة (2). وما نلاحظه من نصوص قانون الأسرة أن المشرع يأخذ بقاعدة مراعاة مصلحة المحضون دون أن يضع لها تعريف عام ، ويمكن
إرجاع صعوبة عدم وضع تعريف لقاعدة مصلحة المحضون لكونها تتعلق بمادة وثيقة الصلة بالحياة ، والحياة مشكّلة من ملامح وذاتيات لا يمكن وضعها في إطار محدد مسبقا.(3)
ورغم عدم وضع تعريف لقاعدة مراعاة مصلحة المحضون يضبطها ، إلا أنّه هناك مميزات و خصائص تنفرد بها يمكن إبرازها :
أ-أن قاعدة مراعاة مصلحة المحضون هي ذاتية و شخصية ، بمعنى تتعلق بكل طفل على حدى ، و على هذا الأساس ينظر القاضي إلى كل طفل على حدى و يحدد مصلحته، فما كان يصلح لطفل حديث العهد بالولادة لا يصلح بالضرورة إلى الطفل البالغ السادسة أو السابعة من العمر .
ب-قاعدة مراعاة مصلحة المحضون ليست قاعدة ثابتة ، بل هي قابلة للتغيير ، فما كان يصلح للمحضون في وقت معين قد لا يصلح له في زمان آخر ،
و على هذا الأساس وضع المشرع حالات من خلالها يمكن إسقاط الحضانة على الحاضن من أجل مراعاة مصلحته .في حين يحكم هذه القاعدة عنصران أساسيان :
- أولهما : تغليب المصلحة المعنوية على المصلحة المادية .
- ثانيهما : تحقيق الأمن و الإستقرار النفسي و العاطفي للطفل .(1)
و هي العناصر التي احتكم إليها القضاء الجزائري ، من ذلك القرار الصادر عن المجلس الأعلى ( المحكمة العليا ) بتاريخ03/07/1989 م ، تحت رقم : 54353 و ممّا جاء في حيثياته : " أن قضاة المجلس لما قضوا بتأييد الحكم القاضي بإسقاط حضانة البنت عن أمّها لتنازلها عنها و إسنادها لأبيها رغم أن الشهادات الطبية تثبت أن البنت مريضة مرضاً يحتاج إلى رعاية الأم أكثر من رعاية الأب ، فبقضائهم كما فعلوا خرقوا الأحكام الشرعية الخاصة بالحضانة " (2).
كما ورد في قرار آخر صادر عن المحكمة العليا بتاريخ :
18/02/1997 م تحت رقم : 153640 :" أنّه من المستقر عليه قضاءاً أن الحضانة تمنح حسب مصلحة المحضون ، و لمّا كان ثابتا في قضية الحال أن الحضانة أسندت إلى الأب مراعاةً لمصلحة المحضون إعتمادا على تقرير المرشدة الإجتماعية التي تؤكد ذلك، فإن قضاة الموضوع إعمالا لسلطتهم التقديرية فقد طبقوا القانون ".(3)

و عليه يتبين من القرارات السالفة الذكر أن القضاء الجزائري متمسك بقاعدة مراعاة مصلحة المحضون دون الخروج عن قواعد الشريعة الإسلامية و أحكامها .

الفرع الثاني
قاعدة مراعاة مصلحة المحضون في ظل قانون الأسرة
أورد المشرع الجزائري قاعدة مراعاة مصلحة المحضون في قانون الأسرة ، و هذا في المواد المعالجة للحضانة ضمن الفصل الثاني من الباب الثاني و يمكن إبراز هذه القاعدة التي اهتمّ بها المشرع الجزائري في النقاط التالية :
أ- عندما رتب المشرع مستحقي الحضانة جعل الأم هي الأولى بحضانة الولد، لكن في الأخير ربط الترتيب بشرط مراعاة مصلحة المحضون ، و هذا وفق ما نصت عليه المادة 64 من قانون الأسرة ، و يكون التقدير لهذه المصلحة من قبل القضاة ، و على سبيل المثال لا الحصر ما جاء في اجتهادات المحكمة العليا (1)، بالإضافة إلى قرارات مجلس قضاء المدية ، غرفة الأحوال الشخصية ، ففي القرار رقم : 15/2002 الصادر بتاريخ : 26/01/2002 أسس القضاة قرارهم على ما يلي : " حيث أنه في الحكم بإسناد الحضانة يجب مراعاة مصلحة المحضون و كذا النص القانوني، و حيث تنصّ المادة 64 من قانون الأسرة على أن الأم أولى بحضانة أولادها . و حيث أن بقاء الطفل عند أبيه المستأنف لا يعطيه الحق في حضانته التي تبقى من حق الأم لعدم قيام مسقطاتها ... " .
كما جاء في قرار صادر عن مجلس قضاء المدية – غرفة الأحوال الشخصية – بتاريخ : 08/06/2002 تحت رقم : 101/2002
" و حيث أنّه ردًّا على الطلب فإن الحضانة هي حق للمحضونين شرعا
و قانونا و أنّ مصلحتهم هي التي تقرر الإناطة ، و طالما أنّ الأم أولى بها من غيرها لأنها أعرف و أرأف و أصبر و أخبر بالمراعاة و التربية من غيرها ، فكان عندئذ حكم المحكمة سليم عندما أسندها إليها تماشيا و أحكام الشرع في ذلك " .
ب- تطرقت المادة 65 من قانون الأسرة إلى انقضاء مدة الحضانة ، غير أن الفقرة الثانية من المادة 65 اشترطت في الحكم القاضي بالإنتهاء مراعاة مصلحة المحضون ، و هو الأمر المؤكد باجتهادات المحكمة العليا ، و من ذلك ما جاء في القرار رقم : 257693 الصادر بتاريخ : 12/02/2001 أين أسّس القضاة قرارهم على ما يلي : " حيث أنّه في قضية الحال يوجد ارتباط بين الحضانة و النفقة بالنسبة للقاصرين و النفقة بالنسبة للبنتين إلى الدخول بهما الأمر الأولي يبقى إلزام المطعون ضده ببقاء الحضانة و نفقة محضونها بالسكن المحضون لممارسة الحضانة إلى حين سقوطها فعلا و ما دام الأمر كذلك يتعين القول بأن قاضي أولى درجة طبق صحيح القانون و كان صائبا في حكمه ممّا يترتب عليه نقض القرار المطعون فيه،و بدون إحالة و القول أن قضاة المجلس خالفوا نص المادة 75 من قانون الأسرة لما قضوا بإسقاط الحضانة على جميع الأولاد المحضونين دون مراعاة مصلحتهم كما تشترط المادة 65 من قانون الأسرة " (1).
ج- كما نجد أنّ المشرع نص على مراعاة مصلحة المحضون أيضا في نص المادة 66 من قانون الأسرة ، و هذا عند التكلم على سقوط الحضانة في حالة اختلال أحد الشروط ، و من حالات السقوط تنازل الحاضنة عن المحضون غير أنّه لا يعتد بتنازل الأم عن أولادها إذا كان هذا التنازل يضر بمصلحة المحضون ، و قد ورد في قرار المحكمة العليا رقم : 189234 المؤرخ في :
21/04/1998 : " أنه لا يعتد بالتنازل عن الحضانة إذا أضر بمصلحة المحضون ، و من ثم فإنّ القضاة لمّا قضوا بإسناد حضانة الولدين لأمهما رغم تنازلها عنهما مراعاة لمصلحة المحضونين فإنّهم طبقوا صحيح القانون".(1)
د- كما أنّ نص المادة 67 من قانون الأسرة الجزائري أوجبت عند الحكم بالسقوط لاختلال أحد الشروط المرعية شرعا ، مراعاة مصلحة المحضون ،
و معنى هذا أنّه حتى و لو اختلّت إحدى الشروط المرعية في الحضانة شرعا يجب مراعاة مصلحة المحضون ، و لا تسقط الحضانة لكون حماية الطفل أولى من اختلال الشرط ، و هو الهدف الذي يسعى إليه القاضي بتطبيق قاعدة مراعاة مصلحة المحضون ، و ورد في قرار صادر عن غرفة الأحوال الشخصية بالمحكمة العليا : " أنّه في حالة سقوط الحضانة عن الأم يجب مراعاة مصلحة المحضون ، و لمّا كان ثابتا – في قضية الحال – أنّ الطاعنة سلمت البنتين لأبيهما مؤقتا من وقت الطلاق أي سنة 1988 م لعدم وجود مسكن لها لممارسة الحضانة ، و لم تطالب بهما إلاّ في سنة 1993 أي بعد 05 سنوات ، فإنّ القضاة بقضائهم برفض دعوى الطاعنة اعتبارا لمصلحة المحضون طبقوا صحيح القانون " .(2)
هـ - بالإضافة إلى ما سبق ذكره ، قد راعى المشرع مصلحة الطفل
و أخذ بها حتى في حالة إسناد الحضانة إلى شخص يستوطن في الخارج ، حيث تركت عملية اسناد الحضانة أو اسقاطها ترجع إلى السلطة التقديرية للقاضي ، ذلك في إطار مراعاة مصلحة المحضون ، و هذا ما أشارت إليه المادة 69 من قانون الأسرة.
و عليه من كل ما سبق نستنتج أنّ المشرع الجزائري أخذ بقاعدة مراعاة مصلحة المحضون ، و جعلها هي القاعدة السائدة التطبيق عند الحكم بالحضانة أو اسقاطها ، إلاّ أنّه في نفس الوقت أخضعها إلى السلطة التقديرية للقاضي ، و هذه السلطة التقديرية لها ما يكوّنها و هو الشيء الذي نتناوله في الفرع الثالث .

الفرع الثالث :
سلطة القاضي في تقدير مصلحة المحضون

رأينا أنّ المشرع جعل قاعدة مراعاة مصلحة المحضون هي الأسمى و فوق كل اعتبار ، و مهما كانت العواقب ، غير أنّ مراعاة هذه المصلحة أعطيت للقاضي الذي له كامل الصلاحيات للوصول إلى ما هو أصلح للمحضون ، كما أنّ هذه السلطة تختلف نسبة تقديرها من قضية إلىأخرى ، حيث أنّ لكل قضية ظروفها المحيطة بها ممّا قد تؤثر على قناعة القاضي في تقدير المصلحة ، و من الأمثلة على ذلك ما ورد في الإجتهاد القضائي للمحكمة العليا أين اعتبر القضاة إسناد الحضانة إلى الجدة للأم تطبيق صحيح للقانون على الرغم من دفع الطاعن بكبر سنها ، و أن مصلحة المحضون تقتضي بقائه مع أبيه لكون الرابطة الزوجية انفكت بالوفاة .(1)
غير أنّه في قضية أخرى اعتبرت المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، أنّ اسناد الحضانة للأب بعد وفاة الأم كون مصلحة المحضون تقتضي ذلك يعد تطبيق صحيح للقانون مؤسسين على ذلك كون الحضانة أثر من آثار الطلاق ،و ليست من آثار الوفاة ، و أنّ مصلحة البنت المحضونة تكمن في البقاء ببيت والدها الذي أعاد الزواج بامرأة ثانية قبلت أن ترعاها
و تربيها مبيّنين أنّ الطاعنة مسنة و تسكن رفقة أولادها غير أهل للقيام بالحضانة حسب مقتضيات المادة 62/2 من قانون الأسرة " .(2)
و حتى يستطيع القاضي تكوين قناعته التامة و تقدير مصلحة المحضون بصفة دقيقة له في ذلك اللجوء إلى عدّة وسائل من خلالها يقدّر
و يصدر حكمه و من ذلك :
-التحقيق و المعاينة : للقاضي الإستماع إلى أطراف النزاع سواء الأب أو الأم ، و تحديد أيّهما أصلح لمراعاة مصلحة المحضون ، كما له في ذلك الإعتماد على الوثائق المقدمة له من كلا الطرفين و الموازنة بينهما في الإثبات حتى يستطيع تكوين قناعته فيما هو أصلح للمحضون، و لقاضي الأحوال الشخصية أيضا الإعتماد على نص المادة : 43 من قانون الإجراءات المدنية ، و هذا بأن يطلب حضور أحد الأطراف أو إجراء تحقيق أو تقديم وثيقة ،
و كما سبق الذكر في إحدى قرارات المحكمة العليا تبين أن القاضي اعتمد على تقرير المرشدة الإجتماعية حتى منح الحضانة إلى الأب مراعيا في ذلك مصلحة المحضون .(1)
- كما أنّ للقاضي الإنتقال للمعاينة : و هذا إلى المكان الذي تمارس فيه الحضانة و معرفة الظروف المحيطة بذلك الوسط الذي يعيش فيه المحضون ، ومن هذه الظروف : ضيق المسكن أو اتساعه ، كذلك حالة الحي الذي يعيش فيه ، كذلك مدى قرب السكن من المدرسة و بعده ، فهذه كلها يدخلها القاضي في الحسبان عند تقريره إسناد الحضانة إلى أحد مستحقّيها .
- الإستماع إلى أفراد العائلة : للقاضي أن يطلب حضور أقارب الخصوم أو أصهاره أو زوج أحد الخصوم بالإضافة إلى إخوة و أخوات
و أبناء عمومة الخصوم ، و كل هذا من أجل جمع أكبر قدر من المعلومات التي بها يستطيع ترجيح رأيه و هذا عملا بأحكام المادة 64 من قانون الإجراءات المدنية ، في حين أنّه لا يتم سماع شهادة الأبناء أو الأطفال المحضونين لأنّهم لا يستطيعون تقدير ما هو أصلح لهم ، بالإضافة إلى أنّه قد تدلى شهادتهم بنوع من الخوف أو تحت تأثير الضغط و هذا بدوره قد يؤثر على الإختيار الأصوب (2)، كما أنّه لو أخذ القاضي برأي الطفل أو اختياره، فإنّ الطفل عادة يختار من يساعده على اللعب و عدم الإكتراث ، و في هذا صدر نقض من المجلس العلى ( المحكمة العليا حاليا) ، في قرار صادر بتاريخ : 21/10/1982 عن مجلس قضاء قسنطينة، و الذي اعتمد على رفض المحضونين الإلتحاق بأمهما و على رغبتهما في البقاء عند جدّتهما لأبيهما ، فإعتبر المجلس الأعلى هذا الموقف مخالف لقواعد الشريعة الإسلامية و قواعد القانون الوضعي . (1)
و عليه يمكن القول أنّ قوام الحضانة هو تحقيق المصلحة الفضلى للطفل ، و على الرغم من السلطة الكاملة التي يتمتع بها قاضي الأحوال الشخصية في إصدار الأحكام المتعلقة بالحضانة إلاّ أنّه يصعب عليه في بعض الأحيان اختيار الحكم الصائب ، و هذا لما يصادفه من مشاكل تعترض سلطته ، و من هذه المشاكل ما لاحظناه على مستوى مجلس قضاء و محكمة المدية ،و هذا في حالة تعدد الأطفال المحضونين ، لكن عدم تجزئتهم بل إسنادهم إلى حاضن واحد ، أو إلى طالبها ، و ما نراه في هذا أن اسناد حضانة كل الأولاد لطالبها غير سديد .
و يمكن إرجاع ذلك إلى كون مصلحة الأطفال تختلف باختلاف الأعمار فما يكون أصلح للطفل الرضيع لا يكون أصلح للطفل الصغير البالغ من العمر سبع سنوات ، لأن مصلحة الرضيع هي مع أمه إلى غاية بلوغ سن الفطام على الأقل ، في حين أنّ الطفل الصغير قد تكون مصلحته مع أبيه ، و مثال ذلك إذا كان أبوه جزائري و أمّه أجنبية .
لكن لوقلنا أنّ الحضانة لا تقبل التجزئة فما هي مصلحة المحضونين هنا ، هل مع أمّهم أو مع أبيهم ؟ و قد لاحظنا على مستوى غرفة الأحوال الشخصية بمجلس قضاء المدية صدور قرار قضى بإسناد حضانة الأبناء كلهم إلى أمهم مخالفا في ذلك حكم الدرجة الأولى الذي أسند إلى الأم بنت واحدة مؤسسين قرارهم على أنّ مصلحة الأبناء تقتضي ذلك .(2)
و إنّ الإشكالات المتعلقة بالحضانة لا تثار إلاّ عند إسنادها أو إسقاطها فقط ، بل حتى في وقت ممارستها قد تثار إشكالات أخرى و من أبرزها إشكالية مسؤولية الحاضن عن أفعال المحضون الضارة ، و هي النقطة التي يتم معالجتها في المطلب التالي .

المطلب الثالث
إشكالية المسؤولية عن أفعال المحضون الضارة
إنّ مسؤولية الحاضن عن أفعال المحضون الضارة تدخل ضمن المسؤولية النّاشئة عن فعل الغير ، و هي مسؤولية من طبيعة خاصة، و هذا المبدأ في بعض الأحيان يكون شديد الوطأة عن الضّحية خاصّة إذا كان المحضون غير مميّز لأنّه لا يمكن إثبات الخطأ من جانبه ، و من ثم لا يُسأل
و لقد نص عليها المشرع بصفة عامة في المادتين 134 – 135 من القانون المدني .
لقد جاء في نص المادة 134 من القانون المدني الجزائري :
" كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب حالته العقلية أو الجسمية يكون مُلزما بتعويض الضرر الذي يُحدثه ذلك الشخص للغير بعمله الضار ،و يترتب هذا الإلتزام و لو كان من وقع منه العمل الضار غير مميّز " .
و جاء في نص المادة 135/1 بعض الحالات لمسؤولية المكلَّف بالرّقابة التي أوردتها على سبيل الحصر ، و هذا بنصها : " يكون الأب و بعد وفاته الأم مسؤولان عن الضرر الذي يسبّبه أولادهما القاصرون الساكنون معهما ، كما أنّ المعلّمين و المؤدبين و أرباب الحرف مسؤولون عن الضرر الذي يسبّبه تلامذتهم و المتمرّنون تحت مسؤولية المعلّمين و المربين " .
و لدراسة مسؤولية الحاضن على ضوء هذه المبادئ العامة التي وضعها المشرع لقيام مسؤولية المكلف بالرقابة عن الأعمال الضارة التي يقوم بها الشخص الخاضع للرقابة و على ضوء ما جاء في قانون الأسرة وجب علينا اتّباع ما يلي :

الفرع الأول
فعل الخاضع للرقابة و شروط قيام مسؤولية المكلف بالرقابة

- البند الأوّل : فعل الخاضع الرقابة :
إنّ فعل الخاضع للرقابة هو من أفعال الغير المنشئة للمسؤولية المدنية ، فهو يحمِّل مسؤوله تعويض الأضرار التي يتسبّب فيها للغير ،
و يتّضح هذا كلّه من خلال المادتين 134 ، 135 من القانون المدني السابقتي الذكر ، و في الحقيقة أنّ هذين النصين قد أُخِذَ كلّ منهما من قانون يختلف عن الآخر ، فالمادة 134 أُخذت من المادة 173 من القانون المدني المصري ،
و المادة 135 قد أُخذت هي بدورها من نص المادة 1384/3 من القانون المدني الفرنسي القديم ، و بالتالي فإنّه يظهر جليّا بأنّ المشرع قد قام بدمج بين أحكام هذين القانونين ، و في الواقع إنّه لا يمكن اعتبار المادة 135 من القانون المدني مستقلّة تماما عن المادة 134 لكونها أشارت إلى حالات معيّنة تقتضي شروطا خاصة بها كما لا يمكن إعتبارها مجرّد تفسير للمادة 134 ، لكونها ذكرت بعض صور مسؤولية المكلّف بالرقابة .(1)
و الملاحظ في المادة 135 أنّ المشرع الجزائري قد خالف المشرع الفرنسي في اعتبار الأب هو وحده الرقيب ما دام حيّا و لا مسؤولية على الأم طوال حياته ، و حسب الدكتور علي علي سليمان(2) فإنّه منعا للتعارض بين المادتين أعلاه تكون الرقابة على القاصر للأب و بعد وفاته الأم عملا بنص المادة 135 من القانون المدني ، و إذا لم يوجد للقاصر لا أب و لا أم ننتقل إلى تطبيق حكم المادة 134 من القانون المدني . و من حُضِي بحراسة الطفل يسأل عن أفعاله الضارة ، و لقيام مسؤوليته يجب توافر الشروط التالية.
البند الثاني :شروط قيام مسؤولية المكلّف بالرقابة
لا تقوم مسؤولية المكلّف بالرقابة عن الأضرار التي يحدثها الشخص الخاضع للرقابة إلاّ بتوافر شروط :
أولا : تحمل المسؤول الإلتزام بالرقابة
واجب الرقابة هو أساس المسؤولية المدنية عن فعل الغير ،
و لكن ما هو مصدر الإلتزام بالرقابة ؟
يتضح من أحكام المادة 134 من القانون المدني أنّ واجب الرقابة الملقى على عاتق المسؤول قد يرجع إلى حكم القانون مثل واجب الرقابة الذي يتحمّله الأب و بعد وفاته الأم على أولادهما القصر المنصوص عليه في المادة 135 قانون مدني ، و الذي يعنينا بالدرجة الأولى ، و هي حالة من الحالات الخاصّة المنصوص عليها في هذه المادة . أو أنّ هذا الإلتزام أي الرقابة قد يرتّبه إتفاق الأطراف .
ثانيا : حاجة الفاعل إلى الرقابة
من خلال المادة 134 من القانون المدني الحالات التي تجعل الشخص في حاجة إلى رقابة الغير هي : حالة القصر و الحالة العقلية
و الحالة الجسمية .
و بالإضافة إلى هذا المبدأ العام هناك حالات خاصة أوردها المشرع في المادة 135 من القانون المدني لا تقوم فيها مسؤولية المكلف بالرقابة عن الأضرار التي يحدثها الشخص الخاضع للرقابة خاصة الفقرة الأولى منها فيما يتعلّق برقابة الأب و الأم و التي تعنينا كما ذكرنا سابقا إلاّ بتوافر شروط و هي :
أ- قصر الولد : هنا العبرة بالقصر لا بالتمييز أو بالأحرى أن الولد لم يبلغ سنّ الرشد و هو بلوغه تسعة عشر سنة كاملة طبقا لنص المادة 40 من القانون المدني ، و من ثم يتحمل الأب أو الأم المسؤولية المترتبة عن الأفعال الضارة التي يتسبب فيها .
و عند ترشيد القاصر يتخلص الرقيب من المسؤولية إلاّ إذا استطاع المضرور أن يقيم الدليل على خطأ الأب أو الأم الشخصي بترشيد ولده القاصر قبل الأوان.
ب : شرط المساكنة : حسب نص المادة 135 من القانون المدني فإن مساكنة الولد للأب أو للأم شرط أساسي لقيام مسؤوليتهما ،فسكن الولد مع الوالد المكلّف بالرقابة هو الذي يسمح له بها ( أي الرقابة ) ، و يترجم هذا الشرط – حسب بعض الدّارسين للمسؤولية في القانون المدني – خضوع الولد لسلطة أبويه (1). و بهذا تعتبر المساكنة قرينة على وجود الولد تحت الرقابة الفعلية الأبوية ، و لكن هذا لا يعني أن تخلف هذا الشرط يفيد في كل الحالات عدم مساءلة الأب أو الأم بل يبقيان مسؤولين و لو لم يقاسمهما ولدهما السّكن بسبب غير مشروع ، و مثاله إهمالهما في مساكنته كطرده من السّكن وقيامه بعمل ضار اتجاه الغير .
ج- أن يكون الولد قد ارتكب الفعل الضار :و هنا لا يشترط توفر الخطأ، بل يكفي وقوع عمل غير مشروع لأنّه قد يكون القاصر غير مميّز (2)، و رغم ذلك يكون المكلّف بالرقابة مسؤول ، و هنا يكفي توفر العنصر المادي للخطأ و هو التعدي دون الحاجة إلى الرّكن المعنوي ، و الفعل الضار يُعتبر شرطا أساسيا لقيام المسؤولية المدنية ، و لابدّ أن يحدث هذا الفعل الضار ضرر للغير.
و مسؤولية متولي الرقابة مسؤولية مفترضة تقبل إثبات عكسها إذ يفترض أنّ متولي الرقابة قد أساء تربية الخاضع للرقابة .(3)
و المضرور غير ملزم بإثبات خطأ الرقيب بإساءة تربية الولد ، بل المسؤول هو الذي يثبت أنّه لم يسىء التربية و ذلك بـ :
1- إثبات أنّه قام بواجب الرقابة على أحسن وجه ، و لم يُقَصِّر في أدائها.
2- أن يقطع العلاقة السببية بين الرقابة و الضرر بالسّبب الأجنبي ، أي أن يثبت أنّ الضرر كان واقعا لا محال و لو قام بواجب الرّقابة .
و بعدما تعرّضنا بإيجاز لمسؤولية متولي الرقابة و لشروطها بصفة عامّة ، و بعد أن أشرنا إلى المادة 135 من القانون المدني و التي تجعل الأب هو المسؤول الوحيد عن الأضرار التي يتسبّب فيها ابنه ما دام الأب ينعمُ بالحياة ، و ما دام ابنه يقيم معه ، و لكن في حالة حصول الطلاق و آلت الحضانة إلى أحد مستحقيها من غير الأم ، و المخوّل لهم قانونا ذلك بموجب حكم قضائي فعندئذ لقيام مسؤولية الحاضن عن أفعال المحضون الضارة نطبّق عليه أحكام القواعد العامة لمسؤولية متولي الرقابة المنصوص عليها في المادة 134 من القانون المدني ، بدون إشكال كما سبق و أن رأينا .
و لكن المشكل المطروح و الذي يثير نقطة اهتمامنا هنا هو في حالة ما إذا آلت الحضانة إلى الأم ، فهنا بالنسبة للأب ينتفي شرط المساكنة لقيام مسؤوليته عن أفعال ابنه الضارة و التي تسبب ضررا للغير فمن المسؤول عنها؟ هل الأم باعتبارها حاضنة أم تبقى دائما مسؤولية الأب قائمة رغم انتفاء شرط المساكنة؟ و بالتالي وجب علينا التطرق إلى مدى مسؤولية الأم الحاضنة في هذه الحالة بناءا على ما سبق تبيانه من مبادئ عامة لمسؤولية متولي الرقابة .

الفرع الثاني
مدى مسؤولية الأم الحاضنة عن أفعال ابنها المحضون الضارة
بمقتضى أحكام المادة135 من القانون المدني فالأم لا تسأل عن أفعال ابنها الضارة إلاّ بعد وفاة الأب ، و بالتالي فهو يتحمل المسؤولية عن أفعال ابنه القاصر طالما هو على قيد الحياة ، و في المقابل تسأل الأم لوحدها كذلك بعد وفاة الأب .
و حسب الدكتور على فيلالي إنّ ما هو منصوص عليه في المادة 135 من القانون المدني يتعارض مع الواقع ، حيث يمكن للضحية أن تطالب بمسؤولية الأب و الأم في آن واحد ، فتطالب الأب بالمسؤولية المترتبة عليه بصفته أبا طبقا للمادة 135 من القانون المدني ، و تطالب في نفس الوقت بالمسؤولية الشخصية للأم طبقا للمادة 124 من القانون المدني عن الفعل الشخصي .(1)
و قد يتعذّر على الضحية مساءلة الأب استنادا إلى المادة 135 من القانون المدني ، رغم وجوده و هذا كونه مصابا عقليا أو باعتباره غائبا ، أو لتخلف شرط الإقامة لكون الإبن محضون من طرف والدته ، فهل تطالب الأم مع أنّ الأب على قيد الحياة بمسؤولية متولي الرقابة ؟ و حسب الأستاذة حنيفي لويزة (2)فإن مسؤولية الأب تستند إلى السلطة الأبوية ، و من ثم فمن المفروض أن تسأل الأم كلّما أسندت لها السلطة الأبوية ، و عليه فإن المشرع لم ينشغل بحالة سقوط السلطة من الأب ، بحيث اقتصر التشريع على الوضع العادي للعائلة ، و اهتم بانحلال الزواج لسبب الموت فقط .
و إن إشكالية مدى مسؤولية الأم الحاضنة عن أفعال ابنها المحضون الضارة ، تجرنا إلى البحث فيها من خلال منضورين ، فالأول من خلال القانون المدني و الثاني من خلال قانون الأسرة ، و قبل التطرق إليهما وجب علينا أن نعرّج على نقطة هامة سبق لنا ذكرها ، و هي موضوع السلطة الأبوية .
البند الأول :السلطة الأبوية
إنّ فكرة السلطة الأبوية جاء بها القانون الفرنسي ، و إذا كانت القوة الأبوية تمارس من طرف الأب على أبناءه ن فإنّ السلطة الأبوية هي مجموعة من الحقوق و الواجبات ممنوحة للأب و الأم معا ، و بالدرجة الأولى تُمنح للأب باعتباره رئيسا للأسرة .(1)
و قد تطور الأمر في فرنسا بعد تعديل القانون المدني الفرنسي سنة 1970 ، فلم يصبح الأب رئيسا و تحولت السلطة الأبوية إلى سلطة آباء مقسّمة بالتساوي بين الأب و الأم ، و بعد هذا التاريخ أصبحت السلطة الأبوية تمنح لمن أسندت إليه حراسة الأطفال ، و للسلطة الأبوية عدّة أشكال تظهر في شكل وظائف :
- وظائف السلطة الأبوية 2)
1- الحراسة :
و هي وجود القاصر عند من تحصّل على السلطة الأبوية من الوالدين ، فيكون محل إقامة الطفل هو نفسه محل إقامة حارسه أي تمارس من قبل الزوج الذي منحته المحكمة حراسة الطفل . و لإيجاد توازن في الحراسة أوجد الفقه الفرنسي أشكالا أخرى لممارسة الحراسة .
أ-الحراسة المتداولة : يكون لكل واحد من الوالدين حراسة دورية حسبما يُتّفق عليه من قِبَلِهما،و يكون كل واحد منهما مسؤولا عنه خلال فترة حراسته.
ب-الحراسة المزدوجة أو المشتركة : يشترك الطرفان بالرغم من طلاقهما في ممارسة السلطة الأبوية ، فهمّا يتخذان القرارات المتعلقة بالطفل معا
و يديران أملاكه معا، كما يسألان عن أفعاله الضارة معا .


2- إدارة ممتلكات الطفل و الإنتفاع بها :
بالإضافة إلى سلطة التربية الممنوحة للحارس فَلَهُ سلطة تسيير ممتلكات الطفل أيضا و له أن ينتفع بها ، و بقدر ما يمكن جمع هذه السلطات في يد واحدة ، فإنّه يمكن للقاضي أن يفصل بين الحراسة و إدارة ممتلكات المحروس إذا كان في ذلك خدمة لمصلحته ،لأن الزوج الأفضل في التربية ليس بالضرورة الأفضل في إدارة الأعمال .
3-المسؤولية عن أفعال المحروس الضارة :
إنّ هذه المسؤولية هي أصلا مسؤولية متولي الرقابة ، و لقد افترض المشرع بمقتضى أحكام المادتين 134 و 135/1 من القانون المدني المسؤولية الشخصية لمتولي الرقابة ، و من هم في حكمه من أب و أم ،
و ذلك باعتبار أنّه يفترض أيضا أنّ الإضرار بالغير من قبل الخاضع للرقابة يرجع إلى إخلال متولي الرقابة بواجب الرقابة الذي يتحمّله قانونا أو إتّفاقا ، و هذا يفيد قطعا أنّ أساس هذه المسؤولية هو الخطأ المفترض في واجب الرقابة ، و هذه القرينة المقررة قانونا هي قرينة بسيطة بحيث يستطيع متولي الرقابة إثبات عكس ذلك. (1)
و المشكل الذي يطرح عندما رأينا وظائف السلطة الأبوية ، حيث تطرح مسؤولية متولي الرقابة أيضا في حالة ارتكاب الطفل للفعل الضار أثناء ممارسة الطرف غير الحارس لحقه في الزيارة و الإيواء ، فهل يكون مسؤولا على أساس أنّ شرط المساكنة قد توفر أم أن المسؤولية تظل ملازمة للحارس .
في هذه الحالة فإن الطرف غير الحارس لا يفقد سلطته الأبوية بفقد الحراسة ، و إنّما يعلق العمل بها وبوجود الطفل بين يديه حال زيارته و إيوائه له يسترجع هذه السلطة .
- السلطة الأبوية في قانون الأسرة الجزائرية :
قانون الأسرة الجزائري لا يَعْرِف السلطة الأبوية و إنّما إكتفى المشرع بالكلام عن الولاية فقط دون ذكر السلطة الأبوية .
و الولاية هي تنفيذ القول على الغير و الإشراف على شؤونهم(1) .و هي حسب الدكتور العربي بلحاج على ثلاثة أقسام :
الولاية على النفس ، و الولاية على الأموال، و الولاية على المال و النفس معاً .
و لكن الإمام أبو زهرة(2) يصنّفها بدوره إلى ثلاثة أصناف
و لكن بشكل مخالف ، و هي ولاية النفس و ولاية المال و ولاية التربية ،
و هذه الأخيرة حسب نص المادة 62 من قانون الأسرة هي الحضانة ،
و بالتالي فإنّه حسب هذا التعريف فإنّ الحضانة هي جزء من الولاية فقط، و ليست هي الولاية ، أي يمكن أن يكون الولي شخص و الحاضن شخص آخر ، و للولي مراقبة تربية الحاضنة للمحضون ، و أكثر من ذلك فإنّ الحضانة يمكن التنازل عنها من قبل الحاضن ، لكن الولاية هي من النظام العام لا يمكن التنازل عنها ، و حسب نص المادة 87 من قانون الأسرة فإنّ الولاية تكون للأب بداية و بعد وفاته تعود للأم حيث تنص:
" يكون الأب وليا على أولاده القصر و بعد وفاته تحل الأم محله قانونا"
و لقد صدر بذلك قرار من المحكمة العليا ، حيث جاء فيه :
"و من المقرر قانونا يكون الأب وليا على أولاده القصر و بعد وفاته تحلُّ الأم محلّه قانونا. و لما كان ثابتا في قضية الحال، أن القضاة لما قبلوا الإستئناف من أمّ المطعون ضدّه و هي لم تكن طرفا في الخصومة ،كما أنّ المطعون ضدّه لازال قاصرا ، و أنّ أباه هو ولي عنه حسب القانون و لم يتوفى بعد لكي تنوب عنه الأم " .(1)
و بالتالي فإنّ الأب يبقى وليا عن أبناءه القصّر حتى و لو كانوا في حضانة أمّهم .
و من خلال ما سبق فإنّ الحضانة إذا كانت للأم فإنّ الولاية على النفس و المال تبقى من اختصاص الأب ، و الحضانة عندنا لا تنقل لصاحبها أي سلطة على الطفل و يبقى خاضعا لولاية العصبة من الذكور .
البند الثاني :مسؤولية الأم الحاضنة عن أفعال ابنها المحضون الضارة في ضوء القانون المدني
في حالة الطلاق بين الأبوين وآلت الحضانة إلى الأم فهنا كما قد رأينا أنّ شرط المساكنة لقيام مسؤولية الأب عن أفعال ابنه القاصر الضارة غير متوفر ، فهل تنتفي مع انتفاء هذا الشرط مسؤولية الأب ؟ و للإجابة عن هذا التساؤل ننطلق أولا من المادة 38 من القانون المدني و التي تنص :
" موطن القاصر و المحجور عليه و المفقود و الغائب هو موطن من ينوب عن هؤلاء قانونا. و مع ذلك يكون للقاصر الذي بلغ ثمانية عشر سنة و من هو في حكمه له موطن خاص بالنسبة للتصرفات التي يعتبره القانون أهلا لمباشرتها "
على ضوء هذه المادة يتبيّن لنا أنّ موطن القاصر هو موطن الأب رغم أنّ الأم هي الحاضنة ، حيث أنّ المساكنة ليست هي الموطن بل هي الإقامة ، لأنّ موطن القاصر هو موطن من ينوب عنه قانونا و هو الأب .(1)
و لكن السؤال المطروح بالنسبة للمادة 135 التي قالت بالمساكنة ، هل تعني بها الإقامة أم الموطن ؟ فإذا قلنا بالإقامة فهو متوفر في الأم أمّا إذا قلنا بالموطن فهو متوفر في الأب و ليست الأم .و في رأينا بأنّ المسكن هنا لا يعني الموطن بل الإقامة .
و بالرجوع إلى الشروط الخاصة بمسؤولية الأم الواردة في المادة 135 يجب أن يكون الأب متوفى ، و الوفاة هنا بالمعنى الدقيق و لا يدخل في حكمها الغائب أو المفقود أو طلاق ، فهي ليست وفاة فالوفاة يجب أن تكون حقيقية أو بصدور حكم .
و عند الرجوع إلى الإشكال المطروح في حالة الطلاق حيث الأب على قيد الحياة ، و لكن شرط المساكنة غير متوفر فيه بل هو متوفر في الأم بموجب الحضانة ، و منه فالمضرور يجد نفسه في مشكل لتحديد المسؤول .و هناك رأيين حول هذه القضية :
- الرأي الأول :رأي السيدة حنفي لويزة (2)
و ترى أنّ أساس مسؤولية الأب في المادة 135 من القانون المدني هو السلطة الأبوية ، و معنى هذا حسب رأيها أنّ الأب يبقى دائما مسؤولا طالما أن السلطة الأبوية متوفرة فيه إلى أن يتوفى ، ولم تأخذ بشرط المساكنة .كما أنّها قالت بأنّ الحضانة لاتشمل الرقابة انطلاقا من قرارات صادرة من المحكمة العليا .(1)
وإن الحضانة حسب رأيها تعني الرعاية فقط ( غسل – طبخ – إطعام...) أما التربية فهي دائما تبقى للأب ، وأن الأب يمارس الرقابة على الطفل بواسطة الزيارة .
- إنّ هذا المفهوم التقليدي مستنبط من الشريعة الإسلامية، و عند الرجوع إلى قانون الأسرة الجزائري يوجد نص يعرف الحضانة للمادة 62 من قانون الأسرة فٍلا حاجة عندئذ إلى الرجوع إلى قواعد الشريعة الإسٍلامية.
وتنص المادة62/1 من قانون الأسرة أن : " الحضانة هي رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسّهر على حمايته وحفظه صحة وخلقا" .
وانطلاقا من هذا النص فالحضانة تشمل الرقابة ، وإذا كان الأمر كذلك فإن الأم تسأل عن أفعال ابنها المحضون الضارة على أساس المادة 134 من القانون المدني ، و لو أخذنا برأي الأستاذة حنيفي و قلنا بأنّ الحضانة لا تشمل الرقابة فالأم لا تسأل في هذه الحالة و يبقى المضرور بدون تعويض .
الرأي الثاني : رأي الأستاذ علي فيلالي (2)
هو ينفي بأن تكون السلطة الأبوية هي أساس المسؤولية ، وهذا لأنّه لم نجد إشارة إلى السلطة الأبوية في المادة 135 من القانون المدني بل أشارت إلى مسؤولية الأب و بعد وفاته الأم في إطار متولي الرقابة كحالة خاصة تطبيقا للمادة 134 من القانون المدني .
و تنص المادة 135 على إمكانية الأب أن يتخلص من هذه المسؤولية إذا قام بواجب الرقابة كما يجب ، و منه نخلص من النص أنّ الأب يقع على عاتقه واجب الرقابة فأين السلطة الأبوية في هذه الحالة ؟ فلو أخذ بها المشرع لجعلها قرينة قاطعة على المسؤولية و ليست بسيطة يمكن نفيها .
و منه عند عرضنا لهذين الرأيين فإنّه حسب رأينا، عند تعذر مساءلة الأب استنادا إلى المادة 135 من القانون المدني لتخلف شرط المساكنة لكون الإبن محضون من طرف والدته المطلّقة ، فتطالب الأم بمسؤوليتها عن أفعال ابنها المحضون الضارة مع أنّ الأب على قيد الحياة ، و هذا على أساس مسؤولية متولي الرقابة طبقا للمادة 134 من القانون المدني .
البند الثالث :مسؤولية الأم الحاضنة عن أفعال ابنها المحضون الضارة في ضوء قانون الأسرة
إذا رجعنا إلى قانون الأسرة الجزائري ، فإنّنا نجده لم يتطرّق إطلاقا إلى هذه المسألة ، و بالرجوع إلى المادة 222 من قانون الأسرة عند عدم ورود نص في القانون فإنّها تُحيلنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية ،
و لقد سبق لنا و أن رأينا فيها بأنّ الشريعة الإسلامية قد عالجت هذه المسألة ضمن أحكام الولاية ، فهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام ولاية النفس ، و ولاية المال ، و ولاية التربية (1)، و ولاية التربية هي الحضانة ، و بالتالي فإنّه حسب هذه الأحكام فإنّه لا مسؤولية للأم عن أفعال ابنها المحضون الضارة في حياة والده ، لأنّ الحضانة بهذا المفهوم لا تعطي للحاضنة أيّة سلطة على الولد ، و يبقى الطفل خاضعا لولاية والده و هو تحت مسؤوليته و يمارسها عن طريق الزيارة ، و لكن عمليا و في الواقع نجد أنّه في حالة الطلاق لا تكفي الزيارة لممارسة الرقابة ، و هذا لمحدودية زمنها أي الزيارة ، و من غير المنطقي أن تتمّ الرقابة في سويعات فقط طيلة أسبوع كامل ، هذا إن قام بها الأب حيث أنّنا نجد الكثير من الآباء يهملون هذا الحق بالرغم من أنّه منصوص عليه بقوة القانون ، و يحكم به تلقائيا و من ثمّ فلا جدوى غير الرجوع إلى أحكام القانون المدني باعتباره الشريعة العامة ، و معالجة إشكالية مسؤولية الحاضنة عن أفعال ابنها المحضون الضارة وفق ما توصّلنا إليه في البند السابق .
و في الأخير بالنسبة لهذا الفصل من مسؤولية الحاضن عن أفعال المحضون الضارة ، و عند رجوعنا إلى نص المادة 125/2 من القانون المدني ،
و التي تنص : " أنّه إذا وقع الضرر من شخص غير مميز و لم يكن هناك من هو مسؤول عنه أو تعذر الحصول على تعويض من المسؤول جاز للقاضي أن يحكم على من وقع منه الضرر بتعويض عادل مراعيا في ذلك مركز الخصوم "و يظهر لنا في هذا الشأن الإشكال التالي :
ففي حالة تعذر الحصول على تعويض من الحاضن ، فمن أين يمكن للقاضي الحكم بالتعويض لجبر الضرر لمن وقع الفعل الضار عليه .
ففي حالة تعذر الحصول على تعويض من قبل الحاضن عن الضرر الذي أحدثه المحضون نلجأ إلى تطبيق المادة 125/2 ، و لكن عندما يحكم القاضي بتعويض عادل لجبر الضرر ، فعلى أي أساس ؟ فهل يكون ذلك على أساس مسؤولية عديم التمييز ؟ و هو المحضون عندنا في هذه الحالة، هناك رأيين في هذا الصدد .
الرأي الأول : يقول بأن المادة 125/2 تتعلق بمسؤولية عديم التمييز ، بحيث أنّ عديم التمييز يكون مسؤولا لكن مسؤوليته مسؤولية استثنائية جوازية احتياطية .
فإذا كان ليس بإمكان المسؤول التعويض كأن يكون الحاضن مثلا فارغ الذمة المالية ، هنا تكون مسؤولية المحضون مسؤولية استثنائية جوازية احتياطية .
و عند الردّ على هذا الرأي فبالنسبة لقوله بأن المسؤولية مشروطة فإنّ كل مسؤولية هي مسؤولية مشروطة مهما كانت ، سواء كانت مسؤولية المتولي أو المتبوع أو الحارس .
الرأي الثاني : حسب الأساتذة لحلو غنيمة
في هذه الحالة لا يمكن التكلم عن المسؤولية لكون هذه الأخيرة تتطلب حدوث الخطأ ( مادي + معنوي ) ، و إذا توافرت شروط المسؤولية فإنّ القاضي ملزم بالحكم بالتعويض لجبر الضرر الذي أصاب الشخص أي التعويض على حساب الضرر ، و المسؤولية على كل حال هي الإلتزام بجبر الضرر الذي يُسبّبه الفاعل بعمله الشخصي أو بعمل الغير ، أو بحراسة الشيء و إنّ الأخذ بما جاء في نص المادة 125/2 لم تنص على أنّ القاضي ملزم بالتعويض كون الخاضع للرقابة غير المميز و الذي وقع منه العمل الضار مسؤولا . (1)
و بالتالي فإنّ هذا التعويض يكون على أساس العدالة فقط ،
و ليس لكون الفاعل مسؤولا . فالمحضون عديم التمييز عند ارتكابه لفعل ضار أحدث ضررا للغير ، و تعذّر الحصول على تعويض من حاضنه جاز للقاضي الحكم عليه بالتعويض إعتمادا على نص المادة 125/2 و هذا على أساس العدالة و ليس لكونه مسؤولا ، و عند الحكم بالتعويض في هذه الحالة يجب أن يكون تعويضا عادلا ، و هذا يتنافى مع القواعد العامة للمسؤولية التي تستلزم أن يكون التعويض ملزم ، و يكون قصد جبر الضرر بغض النظر عن مركز الخصوم .
و في الختام تجدر بنا الإشارة إلى ما جاء في مشروع تعديل قانون الأسرة السابق الذكر. (1)
حيث أنّه جاء بتعديل يمس بجوهر إشكالية مسؤولية الحاضن عن أفعال محضونه الضارة في المادة 87 من قانون الأسرة ، و التي تنصّ على الولاية و جاءت في مشروع التعديل كما يلي :
" يمارس الأب و بصفة مشتركة الولاية مع الأم على أولادهما القصر ، و في حالة الطلاق يمنح القاضي الولاية إلى الزوج الذي تُمنح له حضانة الأولاد " .
و ممّا جاء في عرض الأسباب لهذه المادة أنّها تقترح إعادة النصّ ، على أن تمارس الولاية من قبل الأب و الأم بصفة مشتركة ،
و ذلك بهدف استحداث المسؤولية العائلية المشتركة.
و في حالة الطلاق تمنح الولاية من قبل القاضي إلى الطرف الذي أسندت له الحضانة ( الأب أو الأم ) ، و هذا من شأنه أن يضع حدّا للمشاكل العديدة التي تعترض النساء المطلقات و الحاضنات و لا سيما اشتراط إذن الزّوج في العديد من الحالات .
في هذه الحالة بالنسبة لهذا التعديل إذا صودِق عليه نستطيع أن نقول بأنّ المشرع الجزائري قد وضع حدّا لمشكل مسؤولية الأم الحاضنة عن أفعال ابنها المحضون الضارة ، في قانون الأسرة بشكل واضح و جلي و لا

ريب فيه ، و ذلك لأنّه مثلما رأينا سابقا بأنّ الولاية حسب الإمام أبو زهرة،
(1) تقسم إلى ثلاثة أقسام ولاية النفس ، ولاية المال ، ولاية التربية و في مشروع التعديل الجديد عكس ما كان عليه سابقا ، فإنّ الولاية بجميع أقسامها تنتقل إلى الأم في حالة الطلاق و إسناد الحضانة إليها ، و ذلك بقوة القانون
و بالتالي فإنّها تعطى للأم الحاضنة سلطة مباشرة ، و كاملة على الولد المحضون و تصبح الأم الحاضنة مسؤولة عن أفعال ابنها المحضون الضارة بموجب المادة 134 على أساس مسؤولية متولي الرقابة بدون أي إشكال ،
و لا شائبة قد تثار مثلما هو حاصل الآن في قانون الأسرة الحالي غير المعدّل ، و لا تطرح في هذا الشأن مسؤولية الأب إطلاقا رغم حياته .
















الــخاتــمة :

من خلال دراستنا لموضوع الحضانة ، وجدنا أنّها من المواضيع الحساسة و الدقيقة و المعقّدة أيضا ، ذلك أنّ الحضانة قائمة على معيار أساسي و هو مصلحة المحضون ، هذا المصطلح الذي ذكره المشرع في جميع المواد المتعلقة بالحضانة تقريبا ، إلاّ أنّه غير واضح و غير محدد بدقة ، إذ أنّ مصلحة المحضون فكرة مطاطة قد تقبل التوسيع و التضييق منها .
و قد ترك المشرع الجزائري البحث و تقدير مصلحة المحضون على عاتق القاضي ، و بالنظر إلى تفشي ظاهرة الطلاق و توسعها بشكل كبير الأمر الذي يطرح بشدّة ، بالتالي موضوع الحضانة باعتبارها نتيجة حتمية للطلاق و أنّه لا مجال في المقابل للحديث عن هذه المسألة إذا كانت الزوجية قائمة رغم ما يمكن أن يعانيه الطفل من سوء معاملة أو إهمال من أبويه دون أن يستطيع القضاء التدخل لحماية هذا الطفل في غياب شكوى .
أمام هذا الوضع يجد القاضي نفسه أمام وضع حرج ، فهو ملزم من جهة في البحث عن مصلحة المحضون ، و أين يجدها حتى يسند الحضانة للأجدر و الأحق بها ، و من جهة أخرى يجد القاضي نفسه معدم من كل الوسائل التي تمكنه من البحث و التحقق من توفرها ، لأن كثرة القضايا و تكاثفها من شأنها أن تجعله لا يعطي للملفات المعروضة عليه العناية اللازمة و الدراسة الكافية ، لأنّه أصبح مقيد بالفصل في القضايا في أحسن الآجال .

هذه الفكرة في رأينا و إن كانت صائبة و مطلوبة في باقي الدعاوى ، إلاّ أنّها قد تكون لها نتائج سلبية على المحضون باعتبار أنّ القاضي في أغلب الحالات – أمام نقص القضاة و كثرة القضايا – لا يجد بل لا يكون له الوقت لإجراء تحقيق و بحث حتى يستشف مصلحة المحضون.
و لأن وضعية الطفولة في العصر الحديث أصبحت من المحاور الرئيسية التي يدور حولها النقاش في المجتامعات الغربية ، حيث تعقد لأجلها الملتقيات و المؤتمرات ، و أبرمت لأجلها الإتفاقيات و المعاهدات الدولية من أجل الحرص على حماية الطفل و الإعتناء في هذه المرحلة الحساسة من عمره، و ذلك بإنشاء الجمعيات التي تلعب هذا الدور و تدعيمها و التي تدافع عن حقوق الطفل من جهة ، و تساهم في توعية المجتمع و تحسيسه بضرورة الإهتمام بالقُصر و حفظهم من شتى أنواع الإنحراف أو العنف أو الإهمال ،
و قد توصل الأمر إلى إمكانية نزع الطفل من والديه و وضعه في دور الحضانة المتخصصة إذا ما لاحظت الجمعيات أن وضعية طفل في أسرة ما من شأنها تهدد بناء شخصيته .و عليه نرى أنّه من الواجب أن يلقى القاضي باعتباره حامي مصلحة المحضون الوحيد تقريبا ، ما دام أنّه لا توجد جمعيات متخصصة في الجزائر لهذا الغرض ،و لها نفس الصلاحيات لنظيراتها في المجتمعات الغربية .
و ما دام أنّه لا توجد في الجزائر هيئات أو جمعيات لها نفس الصلاحيات لنظيراتها في المجتمعات الغربية في مراقبة وضعية الطفل ، و منه نرى أنّه من الواجب أن يلقى القاضي باعتباره حامي مصلحة المحضون كامل الدّعم المادي و المعنوي حتى يقوم بمهمته على أحسن وجه ، و يبذل لأجل ذلك عناية الرجل الحريص ، و من ذلك أن يوضع تحت تصرفه متخصصين نفسانيين ، اجتماعيين و أطباء من شأنهم أن ينوِّروا له الإتجاه الذي يسلكه بخصوص الطفل باعتماده على تقاريرهم في المسائل الفنية التي يصعب عليه معرفتها بنفسه .
و ما يمكن ملاحظته على المواد المتعلقة بالحضانة الواردة في قانون الأسرة الجزائري ، تبيّن لنا أنّ المشرع الجزائري قد ركّز في تعريف الحضانة على أهدافها من خلال المادة 62 من قانون الأسرة ،و يكون بذلك قد حدّد نطاق الحضانة و وظائفها الأساسية ، و منه يتعيّن على المحكمة عندما تفصل في الحضانة أن تراعي كل الجوانب التي تضمّنها تعريف الحضانة و هي : رعاية الولد ، تعليمه ، القيام بتربيته على دين أبيه، و السهر على حمايته و حفظه صحّة و خلقا .
و قد جعل المشرع الجزائري من أهداف الحضانة تربية المحضون على دين أبيه ، و قد ساوى الفقه و القضاء بين المسلمة و غير المسلمة في استحقاق الحضانة ، و يقع على عاتق الوالد أو من يحل محلّه عبء مراقبة
و متابعة ما إذا كانت تربية الولد تتمّ فعلا على دين أبيه ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه : كيف يتمكن الأب من مراقبة تربية الطفل على دينه عندما تمنح الحضانة لأم غير مسلمة ؟ نلاحظ أنّه من الصعوبة بما كان أن يستطيع متابعة ابنه في هذه الحالة ، و لبعده عنه و عدم التقائه يوميا به ،
و القول بأنّ الوالد يراقب الطفل عند ممارسته لحقه في الزيارة في غير محلّه كون أنّ المدة التي يبقى فيها معه عند ممارسته لهذا الحق لا تقارن بالمدة التي يعيشها الطفل مع حاضنته غير المسلمة . ثم أنّ الزيارة حق ، فماذا يترتب لو لم يمارس صاحب الحق حقه ؟ و كيف تكون تربية الطفل ؟ و من يراقب ذلك ؟
نرى أنّه على المشرع أن يتدخّل لحل هذه الإشكالية بمادة صريحة تفصل ما بين إسناد الحضانة لأم غير مسلمة ، و تربية الولد على دين أبيه .
كما أنّه يلاحظ على نفس المادة أنّها أهملت الحديث أو تحديد شروط الحضانة برغم أهميتها و اكتفت بعبارة " و أن يكون أهلا للقيام بذلك " ، و ضبط هذه الشروط من شأنه أن يكون خطوة أساسية نحو تحديد معالم مصلحة المحضون .
أمّا بخصوص المادة 64 التي تتحدث عن ترتيب أصحاب الحق في الحضانة جاء مقتضبا و مختصرا على عكس بعض التشريعات الإسلامية الأخرى، خاصة عندما نصّت : على الأقربون درجة ، فالمشرع لم يحددهم
و ترك للقاضي خوض غمار البحث في هذه الفئة ، و لم يبيّن ما هو الحل إذا تعدّد مستحقوا الحضانة من درجة واحدة ...
كما أنّ المشرع عندما ألزم القاضي أن يحكم بحق الزيارة ، لم يحدّد معناها و الحالات التي يمكن للقاضي أن يقضي فيها بسقوط حق الزيارة بناءا على طلب الحاضن .
و عندما نص المشرع على تمديد حضانة الذكر الذي أتمّ 10 سنوات إلى غاية 16 سنة ، و حصر طلب ذلك على الأم فقط ، بحيث لا يمكن لأحد غيرها طلب التمديد ، و لا يمكن للقاضي أن يحكم بتمديد الحضانة إذا كان الحاضن عند شخص غير الأم ، حتى و لو كانت مصلحة المحضون تقتضي التمديد ، و هذا في رأينا قصور من المشرع يجب تداركه.
كما أنّ المشرع الجزائري لم يبيّن سبب حصر سقوط الحضانة عن الجدة أو الخالة إذا سكنت مع أم المحضون المتزوجة بغير قريب محرم دون غيرها ، كما لا يفوتنا أن نشير أنّه على المشرع أن يفصل في أي من الأبوين ( الطرفين ) الذي تتحدد مسؤوليته في رقابة الطفل المحضون .
و عليه فإنّنا نرى أنّه من الضروري أن يتدخّل لمراجعة الأحكام المتعلقة بالحضانة و توضيحها بدقة و أكثر تفصيل ، و تدارك النقائص الموجودة و منحها الأهمية التي تستحقها باعتبارها تمس بمصلحة الطفل .
و حتى المشروع التمهيدي لتعديل قانون الأسرة لم يعالج بعض النقاط الحساسة التي كانت أمل الباحثين و النّقاد و الدّارسين في موضوع الحضانة ، و اكتفى في تعديله إلى الإشارة بتغيير ترتيب الأب فيما يخص أصحاب الحق في الحضانة ، و التطرق إلى عمل المرأة الذي اعتبره حقّا لها لا يمكن أن يكون سببا لسقوط الحضانة ، و ما جاء في المادة 57 مكرر بإعطاء صلاحيات لرئيس المحكمة للفصل على وجه السرعة في مسائل الحضانة ، المسكن ، الزيارة و النفقة ، و إنشاء صندوق للنفقة ، و إسناد الولاية على الطفل إلى حاضنه .
وهي تعديلات مهمة من شأنها على قلتها أن تساهم في حماية مصلحة المحضون ، في انتظار المزيد نحو الأحسن .









قائمة المراجع :
1- المؤلفات :
• الفقيه إبن قيم الجوزية – زاد المعاد في هدي خير العباد – المجلد الثاني الجزء الرابع – دار الكتاب العربي .
• الإمام أبو زهرة محمد– الأحوال الشخصية – دار الفكر العربي .
• الفقيه الجزيري عبد الرحمن – الفقه على المذاهب الأربعة - .
• الإمام مالك – المدونة الكبرى – دار صادر – الجزء الثاني .
• الدرديري سيد احمد – الشرح الصغير على مختصر أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك – مؤسسة العصا للمنشورات الإسلامية . وزراة الشؤون الدينية نقلا عن طبعة الإدارة المركزية للمعاهد الأزهرية – الجزء الثاني – 1992 .
• الدسوقي شمس الدين محمد عرفة – حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأبي البركات سيد احمد الدرديري – دار الفكر بيروت .
• الدكتور السنهوري عبد الرزاق – الوسيط في شرح القانون المدني ، نظرية الإلتزام ، مصادر الإلتزام - الجزء الأول – دار إحياء التراث العربي بيروت .
• الدكتور الصابوني عبد الرحمن – شرح قانون الأحوال لاشخصية السوري –الجزء الثاني – الطلاق وآثاره .الطبعة الخامسة ،
1978-1979.
• السيد سابق – فقه السنة – الجزء الثاني – المكتبة العصرية (صيدا بيروت ) .
• الدكتور بلحاج العربي – الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري – الجزء الأول – ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون الجزائر 1999
• الدكتور بدران أبو العنين بدران – الزواج و الطلاق في الشريعة الإسلامية و القانون – توزيع مؤسسة شباب الجامعة – الإسكندرية .
• الدكتور بو سقيعة احسن – الوجيز في القانون الجنائي الخاص – الجزء الأول – دار هومة – طبعة 2002 .
• الدكتور بن رقية بن يوسف – أهم النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالإيجار المدني و التجاري – إجتهادات المحكمة العليا ، الديوان الوطني للأشغال التربوية . الطبعة الثانية مزيّدة و منقّحة
2002 .
• خان محمد صديق حسن – الروضة النديّة ، شرح الدور البهية – دار ابن تيمية ، البليدة الجزائر – 1991 .
• الدكتور زروتي الطيب – القانون الدولي الخاص الجزائري – الجزء الأول : تنازع القوانين – مطبعة الكاهنة سنة 2000.
• الدكتور عامر عبد العزيز – الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية فقها و قضاءا – دار الفكر العربي .
• الإمام عثمان حسنين بري الجعلي المالكي – سراج السالك لشرح أسهل المسالك – الجزء الثاني – وزارة الشؤون الدينية – المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية 1992 .
• الدكتور فيلالي علي – الإلتزامات ، العمل المستحق للتعويض للنشر و التوزيع ، الجزائر 2002 .
• الدكتور فضيل سعد – شرح قانون الأسرة الجزائري ، الزواج
و الطلاق – المؤسسة الوطنية للكتاب .
• الأستاذ سعد عبد العزيز - الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري – الطبعة الثالثة – دار هومة .
-الجرائم الواقعة على نظام الأسرة –
الديوان الوطني للأشغال التربوية – الطبعة الثانية منقحة و مزيّدة .2002.
• الدكتور سليمان علي علي– دراسات في المسؤولية المدنية في القانون المدني الجزائري – ديوان المطبوعات اللجامعية – الطبعة الثانية 1989 .
• الدكتور وهبة الزحيلي - الفقه الإسلامي و أدلته – الجزء العاشر .

المجلات و الجرائد :
• المجلة القضائية لسنة 1982 .
• المجلة القضائية لسنة 1989 عدد أول .
• المجلة القضائية لسنة 1990 عدد أول . عدد ثاني . عدد ثالث .
• المجلة القضائية لسنة 1991 عدد أول . عدد ثاني . عدد رابع .
• المجلة القضائية لسنة 1992 عدد أول .
• المجلة القضائية لسنة 1993 عدد ثاني .
• المجلة القضائية لسنة 1994 عدد أول . عدد ثاني .
• المجلة الجزائرية لسنة 1994 عدد ثالث .
• المجلة الجزائرية لسنة 1996 عدد رابع .
• المجلة العربية للفقه و القضاء العدد 18 الصادر في سبتمبر 1997.
• جريدة اليوم عدد 1730 الصادر بتاريخ 03نوفمبر 2004 ص 20
• جريدة الشروق عدد 1148 الصادر بتاريخ 9أوت 2004 ص7 .

النشرات :
• نشرة القضاة لسنة 1986 . عدد 2 .
• نشرة القضاة لسنة 1997 . عدد 56 .
الرسائل :
• رسالة الماجستير للطالبة حسيني عزيزة – الحضانة في قانون الأسرة ، قضاء الأحوال الشخصية و الفقه الإسلامي .جامعة الجزائر بن عكنون 2001 .

الموسوعات :
• موسوعة الفكر القانوني – عدد رابع .
• الموسوعة القضائية – قرص مضغوط .

التشريعات :

• قانون رقم 84/11 المؤرخ في 09 رمضان عام 1404 هـ الموافق
لـ 09 يونيو لسنة 1984.
• الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 هـ ، الموافق لـ 08يونيو 1966 يتضمن قانون الإجراءات المدنية .
• الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 هـ ، الموافق لـ 26 ديسمبر 1975 يتضمن القانون المدني .
• الأمر رقم 66/156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 08يونيو 1966 المتضمن قانون العقوبات .
• المرسوم رقم 88/144 المؤرخ في 12 ذي الحجة عام 1408 هـ ، الموافق لـ 26 يونيو سنة 1988 يتضمن المصادقة على الإتفاقية بين الجزائر و فرنسا و المتعلقة بأطفال الأزواج المختلطين الجزائريين و الفرنسيين في حالة الإنفصال الموقعة في مدينة الجزائر يوم 21يونيو 1988 .
محاضرات :
• قانون نت kanoun . Net - الموضوع الحضانة – الكاتب نايف بن محمد .

• محاضرات الأستاذة لحلو غنيمة في مقياس القانون المدني – ألقيت على الطلبة القضاة – دفعة 13 - 2002 م .

















الفهــــرس الصـفحة

مقدمة .................................................. ..........01

الفصـل الأول
مفـهوم الحـضانة و آثـارها...................... 05

المبحث الأول : تعريف الحضانة و شروطها و أصحاب الحق فيها ....06
المطلب الأول : تعريف الحضانة ................................07
الفرع الأول : تعريف الحضانة فقها..........................07
الفرع الثاني : تعريف الحضانة قانونا.........................10
المطلب الثاني : شروط الحضانة .................................12
الفرع الأول : الشروط العامة في الرجال و النساء..............13
الفرع الثاني : الشروط الخاصة بالنساء ........................21
الفرع الثالث : الشروط الخاصة بالرجال .....................25
المطلب الثالث : ترتيب أصحاب الحق في الحضانة ...............26
الفرع الأول : الأم و من يليها من قريباتها ....................27
الفرع الثاني : الأب و من يليه من أقاربه......................31
الفرع الثالث : الأقربون درجة...............................32

المبحث الثاني : آثار الحضانة .......................................36
المطلب الأول : نفقة المحضون و أجرة الحضانة....................37
الفرع الأول : نفقة المحضون.................................37
الفرع الثاني : أجرة الحاضنة..................................43
المطلب الثاني : سكن الحضانة ..................................46
الفرع الأول : المكلف بتوفير مسكن الحاضنة أو أجرته ........47
الفرع الثاني : مكان ممارسة الحضانة و الإنتقال بالمحضون .......50
الفرع الثالث : حق الحاضنة في السكن ......................53
المطلب الثالث : حق الزيارة....................................57
الفرع الأول : حق الزيارة في الفقه ..........................57
الفرع الثاني : حق الزيارة في القانون..........................58

الفصل الثاني
التطبيقات القضائية للحضانة و إشكالاتها..................61

المبحث الأول :دعاوى الحضانة ....................................62
المطلب الأول : الدعاوى المدنية ................................62
الفرع الأول :دعوى إسناد الحضانة ..........................63
الفرع الثاني : دعوى تمديد الحضانة...........................66
الفرع الثالث : دعوى اسقاط الحضانة .......................69
المطلب الثاني : الجرائم المتعلقة بمخالفة أحكام الحضانة ........... 80
الفرع الأول : جريمة الإمتناع عن تسليم طفل إلى حاضنه ..... 81
الفرع الثاني : جريمة اختطاف المحضون من حاضنه ............84
الفرع الثالث : جريمة الإمتناع عن تنفيذ حكم الزيارة .........86
المبحث الثاني : أبرز الإشكالات المطروحة في مجال الحضانة ..........89
المطلب الأول : إشكالية الزواج المختلط ........................89
الفرع الأول : في حالة وجود إتفاقية مع الجزائر ...............90
الفرع الثاني : في حالة عدم وجود إتفاقية مع الجزائر............93
المطلب الثاني : إشكالية مراعاة مصلحة المحضون .................96
الفرع الأول : معنى قاعدة مراعاة مصلحة المحضون.............96
الفرع الثاني : قاعدة مراعاة مصلحة المحضون في ظل ق أ ج ...99
الفرع الثالث : سلطة القاضي في تقدير مصلحة المحضون......102
المطلب الثالث : إشكالية المسؤولية عن أفعال المحضون الضارة....106
الفرع الأول : فعل الخاضع للرقابة الضار ة
و شروط قيام مسؤولية المكلّف بالرقابة.........107
الفرع الثاني : مدى مسؤولية الأم الحاضنة عن أفعال ابنها
المحضون الضارة ..............................111
الخاتمة .................................................. ........124
قائمة المراجع .................................................1 29
الفهرس .................................................. .......134











قائمة المراجع :
1- المؤلفات :
• الفقيه إبن قيم الجوزية – زاد المعاد في هدي خير العباد – المجلد الثاني الجزء الرابع – دار الكتاب العربي .
• الإمام أبو زهرة محمد– الأحوال الشخصية – دار الفكر العربي .
• الفقيه الجزيري عبد الرحمن – الفقه على المذاهب الأربعة - .
• الإمام مالك – المدونة الكبرى – دار صادر – الجزء الثاني .
• الدرديري سيد احمد – الشرح الصغير على مختصر أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك – مؤسسة العصا للمنشورات الإسلامية . وزراة الشؤون الدينية نقلا عن طبعة الإدارة المركزية للمعاهد الأزهرية – الجزء الثاني – 1992 .
• الدسوقي شمس الدين محمد عرفة – حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأبي البركات سيد احمد الدرديري – دار الفكر بيروت .
• الدكتور السنهوري عبد الرزاق – الوسيط في شرح القانون المدني ، نظرية الإلتزام ، مصادر الإلتزام - الجزء الأول – دار إحياء التراث العربي بيروت .
• الدكتور الصابوني عبد الرحمن – شرح قانون الأحوال لاشخصية السوري –الجزء الثاني – الطلاق وآثاره .الطبعة الخامسة ،
1978-1979.
• السيد سابق – فقه السنة – الجزء الثاني – المكتبة العصرية (صيدا بيروت ) .
• الدكتور بلحاج العربي – الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري – الجزء الأول – ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون الجزائر 1999.
• الدكتور بدران أبو العنين بدران – الزواج و الطلاق في الشريعة الإسلامية و القانون – توزيع مؤسسة شباب الجامعة – الإسكندرية .
• الدكتور بو سقيعة احسن – الوجيز في القانون الجنائي الخاص – الجزء الأول – دار هومة – طبعة 2002 .
• الدكتور بن رقية بن يوسف – أهم النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالإيجار المدني و التجاري – إجتهادات المحكمة العليا ، الديوان الوطني للأشغال التربوية . الطبعة الثانية مزيّدة و منقّحة
2002 .
• خان محمد صديق حسن – الروضة النديّة ، شرح الدور البهية – دار ابن تيمية ، البليدة الجزائر – 1991 .
• الدكتور عامر عبد العزيز – الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية فقها و قضاءا – دار الفكر العربي .
• الإمام عثمان حسنين بري الجعلي المالكي – سراج السالك لشرح أسهل المسالك – الجزء الثاني – وزارة الشؤون الدينية – المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية 1992 .
• الدكتور فيلالي علي – الإلتزامات ، العمل المستحق للتعويض للنشر و التوزيع ، الجزائر 2002 .
• الدكتور فضيل سعد – شرح قانون الأسرة الجزائري ، الزواج
و الطلاق – المؤسسة الوطنية للكتاب .
• الأستاذ سعد عبد العزيز - الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري – الطبعة الثالثة – دار هومة .
-الجرائم الواقعة على نظام الأسرة –
الديوان الوطني للأشغال التربوية – الطبعة الثانية منقحة و مزيّدة .2002.
• الدكتور سليمان علي علي– دراسات في المسؤولية المدنية في القانون المدني الجزائري – ديوان المطبوعات اللجامعية – الطبعة الثانية 1989 .
• الدكتور وهبة الزحيلي - الفقه الإسلامي و أدلته – الجزء العاشر .

المجلات و الجرائد :
• المجلة القضائية لسنة 1982 .
• المجلة القضائية لسنة 1989 عدد أول .
• المجلة القضائية لسنة 1990 عدد أول . عدد ثاني . عدد ثالث .
• المجلة القضائية لسنة 1991 عدد أول . عدد ثاني . عدد رابع .
• المجلة القضائية لسنة 1992 عدد أول .
• المجلة القضائية لسنة 1993 عدد ثاني .
• المجلة القضائية لسنة 1994 عدد أول . عدد ثاني .
• المجلة الجزائرية لسنة 1994 عدد ثالث .
• المجلة الجزائرية لسنة 1996 عدد رابع .

• المجلة العربية للفقه و القضاء العدد 18 الصادر في سبتمبر 1997
ص 198 .
• جريدة اليوم عدد 1730 الصادر بتاريخ 03نوفمبر 2004 ص 20
• جريدة الشروق عدد 1148 الصادر بتاريخ 9أوت 2004 ص7 .

النشرات :
النشرات :
• نشرة القضاة لسنة 1986 . عدد 2 .
• نشرة القضاة لسنة 1997 . عدد 56 .
الرسائل :
• رسالة الماستير للطالبة حسيني عزيزة – الحضانة في قانون الأسرة ، قضاء الأحوال الشخصية و الفقه الإسلامي .جامعة الجزائر بن عكنون 2001 .

الموسوعات :
• موسوعة الفكر القانوني – عدد رابع .
• الموسوعة القضائية – قرص مضغوط .

التشريعات :

• قانون رقم 84/11 المؤرخ في 09 رمضان عام 1404 هـ الموافق
لـ 09 يونيو لسنة 1984.
• الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 18 صفر علم 1386 هـ ، الموافق لـ 08يونيو 1966 يتضمن قانون الإجراءات المدنية .
• الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 هـ ، الموافق لـ 26 ديسمبر 1975 يتضمن القانون المدني .
• الأمر رقم 66/156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 08يونيو 1966 المتضمن قانون العقوبات .
• المرسوم رقم 88/114 المؤرخ في 12 ذي الحجة عام 1408 هـ ، الموافق لـ 26 يونيو سنة 1988 يتضمن المصادقة على الإتفاقية بين الجزائر و فرنسا و المتعلقة بأطفال الأزواج المختلطين الجزائريين و الفرنسيين في حالة الإنفصال الموقعة في مدينة الجزائر يوم 21يونيو 1988 .
محاضرات :
• قانون نت kanoun . Net - الموضوع الحضانة – الكاتب نايف بن محمد .

• محاضرات الأستاذة لحلو غنيمة في مقياس القانون المدني – ألقيت على الطلبة القضاة – دفعة 13 - 2002 م .










قديم 2011-03-20, 15:14   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-03-20, 17:52   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخ ياسين وجعله الله في ميزان حسناتك.










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الحضانة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc