اشكالات توريث ذوي الارحام - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

اشكالات توريث ذوي الارحام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-12, 18:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اشكالات توريث ذوي الارحام

اشكالات توريث ذوي الارحام

المقدمة:
الحمد لله المتصرف في الملك والملكوت، الباقي الذي لا يفنى ولا يموت، والصلاة والسلام على السراج المنير، معلم الإنسانية، وهادي البشرية، سيدنا محمد صلى الله علي وسلم، الذي محا الله به الظلام، وأحيى الأنام، وأخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
إن الإرث نظام فطري نابع من الغريزة البشرية، وهو يعد أحد أسباب انتقال الملكية من المورث إلى ورثته بطريق الخلافة بحكم الشرع، بعد إلغاء الحقوق المتعلقة بتركة الميت، وقد عرفته الأمم قديمها وحديثها، وكان يتم عند عرب الجاهلية عن طريق النسب والحسب، و كان مؤسسا بصورة بعيدة عن الإنصاف ومجافية للحق والعدل، حيث حصر في أهل القوة والشجاعة من الرجال دون النساء، بل وقد تصبح هذه الأخيرة تركة تورث عن الميت كما تورث عنه بقية أمواله، قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرها ولا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ"، كما وجد عندهم التوارث بالنسب المبني على التبني والحلف والمعاقدة .
و لما جاء الإسلام أزاح من هذه المجتمعات كل أنواع الحيف و الظلم وتولى القرآن الكريم تقسيم المواريث في محكم آياته وشرحتها السنة النبوية بمتضافر الأخبار، ومشهور الآثار، ثم خرج أحكامها و قايس بين أشباهها أعلام الصحابة وأئمة الفقهاء، و إن الباحث إذا تتبع أحكام هذه الشريعة الخالدة، لم يجد من بينها ما فصله القرآن الكريم تفصيل الفرائض، ونُظِّم بكيفية لم تصل إليه أمة من قبل، فألحق الحقوق بأهلها وقطع كل أسباب الخلاف والنزاع فيما يستحقه كل وارث، فجعل للنساء نصيب والرجال نصيب قال تعالى: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا".

ثم نزلت الآيتان 11 و 12 من سورة النساء اللتان بيّنتا مقدار الأنصبة لكل وارث و اكتملت أصول علم المواريث بنزول الآية 176 من نفس السورة. ثم اجتهد الصحابة في علم الميراث كل الاجتهاد وأجمعوا على بعض أحكام الميراث التي لم يسبق فيها نص كميراث الجد مع الأخت الشقيقة في الأكدرية، و ميراث الإخوة الأشقاء مع الإخوة لأم في المشتركة.
ثم تتابعت العديد من المؤلفات في هذا الموضوع، وفصلت أصحاب الفروض وأنصبتهم و العصبات وأنواعها و الحجب و التأصيل والانكسار والتصحيح و التنزيل و المناسخات، و لكي يكون فيما نكتب فائدة تبتغى و هدف يقصد فإني ارتأيت التركيز على مسألة توريث ذوي الأرحام التي اختلف فيها الفقهاء بسبب عدم ورود نص صريح و قطعي يثبت إرثهم أو ينفيه، كما ورد في أصحاب الفروض و العصبات.
والأرحام جمع رحم، وهو مكان تكوين الجنين في بطن أمه، قال تعالى:"إن الله عنده علم الساعة، و ينزّل الغيث، ويعلم ما في الأرحام".
ثم أطلق على القرابات مطلقا، و قد شاع إطلاق لفظ "الأرحام" على الأقارب في لسان اللغة و الشرع، قال تعالى:" واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، و قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحبّ أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أجله, فليصل رحمه".
واصطلاحا، فإن ذوي الأرحام هم الذين ليس لهم فرض مقدر في الكتاب و السنة و ليسوا بعصبات و بتعبير أوجز، ليسوا أصحاب فروض و لا عصبة.
و في الغالب ذوو الأرحام من الأقارب هم الذين يتوسط بينهم و بين الميت أنثى، و قد لا يكون كذلك كالعمة مثلا.
وهذا البحث بعنوان: "إشكالات توريث ذوي الأرحام"، يظهر الآراء الفقهية المختلفة بخصوص هذه المسألة، مع ترجيح أقوى الآراء في نظري وموقف قانون الأسرة منها مع إبراز النقائص.
و نظرا لافتقارنا لاجتهادات المحكمة العليا وعدم تعرض قانون الأسرة لموضوع توريث ذوي الأرحام إلا في مادة واحدة منفردة و معزولة تحت الفصل السادس من الكتاب الثالث تحت عنوان: "العول، الرد، والدفع" التي نصت على توريث الصنف الأول منهم فقط وأسقطت الأصناف الثلاثة الأخرى حارمة بذلك العديد من ذوي الأرحام من حقهم في الميراث كالعمة،الخالة، والجد لأم، وهذا خلافا لطريقة أهل القرابة نفسها التي أخذ بها المشرع الجزائري، وعكس القوانين العربية التي اعتمد عليها المشرع في وضع هذا النص، كما أن المشرع لم يبين طوائف الصنف الرابع و كيفية توريث ذي القرابتين من ذوي الأرحام، وكذا توريثهم مع أحد الزوجين.
كما أنه لا يمكن الرجوع لأحكام الشريعة الإسلامية لتوريث ذوي الأرحام الذين أسقطتهم المادة 168 من قانون الأسرة عملا بالمادة 222 من نفس القانون لوجود النص.
ولتعلق هذا الموضوع بعملي وحثّ النبي صلى الله عليه و سلم على تعلمه حتى عُدَّ عند البعض بثلث العلم، لقوله صلى الله عليه و سلم: "العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل، آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة"، وعدّ عند البعض الآخر بنصف العلم لقوله صلى الله عليه و سلم: "تعلموا الفرائض و علّموها الناس فإنه نصف العلم وهو أوّل شيء يُنسى وأول شيء يُنتَزع من أمتي".
لذلك ارتأيت أن البحث في موضوع توريث ذوي الأرحام يعتبر عملا منتجا، له أثره في توضيح الجانب القانوني له، وإبراز العيوب التي تشوبه، و من ثَمّة، إعادة النظر في المادة الوحيدة المتعلقة به، مقترحا إضافة نصوص جديدة أُسوَةً بمختلف القوانين العربية، وذلك وفقا للخطة التالية:

الفصل الأول: أحكام توريث ذوي الأرحام في الشريعة الإسلامية.

المبحث الأول: رأي المذاهب الفقهية في توريث ذوي الأرحام.

المطلب الأول: القائلون بتوريث ذوي الأرحام وأدلتهم.
المطلب الثاني: المانعون من توريث ذوي الأرحام وأدلتهم.
المطلب الثالث: مناقشة الأدلة و مرتبة ذوي الأرحام في الإرث.

المبحث الثاني: الطرق الاجتهادية في توريث ذوي الأرحام.

المطلب الأول: كيفية توريث ذوي الأرحام في نظام أهل الرحم.
المطلب الثاني: كيفية توريث ذوي الأرحام في نظام أهل التنزيل.
المطلب الثالث: كيفية توريث ذوي الأرحام في نظام أهل القرابة.

الفصل الثاني: الإطار القانوني لتوريث ذوي الأرحام في التشريع الجزائري.

المبحث الأول: موقف قانون الأسرة من توريث ذوي الأرحام.

المطلب الأول: حكم توريث ذوي الأرحام.
المطلب الثاني:المرتبة القانونية لذوي الأرحام في الإرث.

المبحث الثاني:موقف المشرع الجزائري من الطرق الاجتهادية في توريث ذوي الأرحام.

المطلب الأول: تأثر المشرع الجزائري بطريقة أهل القرابة.
المطلب الثاني: طريقة توريث ذوي الأرحام حسب التشريع المعمول به.

الخاتمة:

الفصل الأول: أحكام توريث ذوي الأرحام في الشريعة الإسلامية.
"نتعرض في هذا الفصل إلى انقسام الفقهاء بخصوص مسألة توريث ذوي الأرحام على مذهبين (مبحث 1)، والطرق الاجتهادية لتوريثهم (مبحث 2). "
المبحث الأول: رأي المذاهب الفقهية في توريث ذوي الأرحام:
لقد اجمع الفقهاء على أن أصحاب الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى مقدمون على غيرهم في الميراث وأن الباقي من التركة يرجع للعصبات( )، و اختلفوا في توريث ذوي الأرحام على مذهبين:
مذهب الإمامين أبي حنيفة وأحمد: القائلان بتوريث ذوي الأرحام (مطلب 1)
مذهب الإمامين مالك والشافعي: القائلان بعدم توريثهم ( مطلب 2)
و نستخلص في الأخير الرأي الراجح ومرتبة ذوي الأرحام في الميراث.
المطلب الأول: القائلون بتوريث ذوي الأرحام وأدلتهم
يذهب أصحاب هذا الرأي إلى توريث ذوي الأرحام ما لم يوجد أحد من أصحاب الفروض، أو من العصبات، ما عدا الزوجين حيث يرثون الفاضل مع وجود أحدهم، لأن الباقي من فرضها أحدهما لا يرد عليها.
وإلى هذا القول ذهب جمهور الصحابة كعمر وعلي وأبي عباس رضي الله عنهم، وهو قول الإمام أبي حنيفة، وأحمد واعتمده المتأخرون من المالكية والشافعية إذا لم ينتظم بيت المال بإمام عادل.
واستند أصحاب هذا الرأي من الكتاب الكريم(فرع1) والسنة النبوية (فرع2) من جهة، كما استدلوا بالمعقول من جهة أخرى (فرع3).
فرع 1: الأدلة من القرآن الكريم:
يمكن القول أن دليل القائلين بتوريث ذوي الأرحام من القرآن الكريم ينحصر في دلالة واحدة من الآيتين الكريمتين الأولى في سورة الأنفال، والثانية في سورة الأحزاب:
1- قوله تعالى: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله’إن الله بكل شيء عليم"( ).
2- قوله تعالى:" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين و المهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا"( ).
ووجه الاستدلال في الآيتين الكريمتين أن بعضهم أولى ببعض فيما حكم الله به وأن الآية نسخت التوارث بالموالاة عند قدوم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة، وقد قررت هذه الآيات الميراث للأقارب مطلقا بدون تمييز ولا فرق بين ذوي الفروض و العصبات و بين ذوي الأرحام، إلا أن آية المواريث في سورة النساء قد أوضحت ما يستحقه أصحاب الفروض.
و يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: " وأولوا الأرحام...."، إن معنى الآية عام يشمل كل القرابات سواء الفروض أو العصبات أو غيرها( ).
وعليه، فإن الآيتين بيّنتا بمعناهما العام أن من تحقق فيه وصف القرابة كان أحق بإرث قريبه بمقتضى الوصف العام، ولا يوجد تعارض بين الاستحقاق بالوصف العام و الاستحقاق بالوصف الخاص، فحيث ينعدم فيه الوصف الخاص يثبت عند ذلك الوصف العام و لا يكون زيادة في كتاب الله.


فرع 2: من السنة النبوية المطهرة:
يوجد في السنة النبوية الشريفة عدد من الأحاديث الدالة على توريث ذوي الأرحام، ويمكن لنا أن نجملها في أحاديث:
الفقرة 1: توريث الخال
و المقصود بالخال أخو الأم سواء كان لأبوين أو لأب أو لأم.
" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من ترك كلاًّ فإليّ (وربما قال إلى الله وإلى رسوله)، ومن ترك مالا فلورثته وأنا وارث من لا وارث له ، أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له يعقل ( )عنه و يرثه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الخال وارث من لا وارث له"( ).
الفقرة 2: توريث الخالة:
عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لما خرجنا من مكة تبعتنا ابنة حمزة تنادي: يا عم، يا عم، فتناولها عليّ فأخذها بيدها و قال( لفاطمة) دونك ابنة عمك، فحملتها فقضى الخبر، قال: و قال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي. فقضى النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها و قال: "الخالة بمنزلة الأم"( ).
الفقرة 3: توريث العمة و الخالة معا:
أخرج البهيقي بإسناده عن الشعبي قال: أتى زياد في رجل توفي وترك عمته وخالته فقال: هل تدرون كيف قضى عمر رضي الله عنه فيها؟ قالوا : لا. فقال: "والله إني لأعلم الناس بقضاء عمر فيها، فجعل العمة بمنزلة الأخ والخالة بمنزلة الأخت، فأعطى العمة الثلثين و الخالة الثلث"( ).

الفقرة 4: توريث ابن الأخت:
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم"( ).
ويوضح هذا الحديث ما أخرجه البهيقي بسنده: أن ثابت بن الدحداح كان رجلا آتيا في بني أنيف أو بني العجلان، مات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل له وارث؟ فلم يجدوا له وارثا، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه إلى ابن أخته وهو أبو لبابة بن المشر.
فكل هذه الأحاديث تكون حجة لمن ذهب إلى توريث ذوي الأرحام، فكل من الخال والخالة، والعمة وابن الأخت ذو رحم مع الميت، فالمال إذًا لا يخرج عن ذوي الأرحام.
فرع 3: من المعقول
ووجه استدلالهم بالمعقول يكمن في أنه إذا كان ذوو الأرحام لا يرثون قريبهم عند انعدام أصحاب الفروض والعصبات، لصارت أموال مورثهم إلى بيت مال المسلمين، لأن سائر المسلمين يدلون للميت بالإسلام، ولما كان ذوو الأرحام يشاركون المسلمين في وصف الإسلام ويزيد ون عليهم بوصف القرابة، كانوا أولى من بيت المال لقوة القرابة، لأن المدلي بجهتين أقوى قرابة من الذي يدلي بجهة واحدة كالأخوات الشقيقات مع الأخوات لأب.
المطلب الثاني: المانعون من توريث ذوي الأرحام وأدلتهم
يرى أصحاب هذا المذهب أن ذوي الأرحام لا يرثون شيئا من التركة، وتوضع في بيت مال المسلمين عند عدم وجود أصحاب الفروض سواء انتظم بيت مال أو لم ينتظم، وهذا الرأي مروي عن زيد بن ثابت و من تبعه من الصحابة، وبه قال الإمام مالك و الشافعي.
و سنتناول الدليل النقلي من أدلة مذهب المانعين من توريث ذوي الأرحام (فرع1)، ثم نتبعه بالدليل العقلي في (الفرع 2).
فرع 1: الدليل النقلي
و نتعرض فيه إلى وجه الاستدلال بالنصوص الشرعية من الكتاب (فقرة 1) ثم من السنة (فقرة 2).
الفقرة 1: من القرآن الكريم:
استدل المانعون من توريث ذوي الأرحام بآية المواريث المبينة لمقدار الأنصبة في سورة النساء بقوله تعالى:" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ..." إلى قوله تعالى:" والله عليم حليم"( ).
و من قوله تعالى:" يستفتونك قل الله يفتيكم في ..."، إلى قوله تعالى: "والله بكل شيء عليم"( ).
ووجه الاستدلال بالآية أن الفرائض لا تثبت إلا بنص أو إجماع والنصوص الآمرة بالتوريث في كتاب الله قد بينت نصيب كل وارث و لم يرد فيها ذكر لذوي الأرحام، فلو كان لهم حق في التركة ما تركه الله تعالى: "و ما كان ربك نسيا"( ).
الفقرة 2: وجه الاستدلال من السنة المطهرة:
أخرج الترمذي وغيره عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة عام الوداع: " إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"( ).
و يدل هذا الحديث على عدم ثبوت الإرث لذوي الأرحام، ومن قال بإرثهم فقد خالف ظاهر النص القرآني والحديث الشريف لعدم وجود نص بشأن توريثهم.
وعن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار: أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رجل هلك وترك عمته وخالته، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف، ثم رفع يديه وقال : اللهم رجل هلك و ترك عمته وخالته فيسأله الرجل ويفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات ثم قال: " لا شيء لهما"( ).
وعن مالك عن محمد بن أبي بكر بن حزم أنه سمع أباه كثيرا يقول: كان عمر بن الخطاب يقول: " عجبا للعمة تُوَرِّثْ و لا تَرِثْ".
ووجه الدلالة مما تقدم، أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أن يكون شيء للعمة والخالة، كما امتنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل العمة وارثة بقوله: " لو رضيك الله أقرَّك"، أي أثبتك في كتابه، كما أقر النساء الوارثات فيه ولقوله أيضا:"عجبا العمة تورَث - أي يرثها أبناء أخيها - ولا ترث".
و لما لم يجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم للعمة والخالة ميراثا وهما من ذوي الأرحام، فلا ميراث لغيرهما.
فرع 2: الدليل العقلي
استدل المانعون لتوريث ذوي الأرحام من المعقول بأن المعروف تقوية الأخ لبنات الابن والأخوات من الأب، فإنهن يأخذن إذا كان معهن، ولا يأخذن منفردات، إلا أن كل من العمة و بنت الأخ لا ترث بانضمامها لأخيها رغم أن الأخ يقويها، فإذا كانت لا ترث معه فبانفرادها عنه أولى.
ومثال ذلك إذا ما توفي رجل عن زوجة وبنتين وبنت ابن وابن ابن، فيعتبر (ابن الابن) أخ مبارك لـ ( بنت البنت )، إذ لولاه لسقطت أخته ولم ترث شيئا، ذلك أن البنتين يأخذن الثلثين ويستنفذ حظ البنات، وتحجب بنت الابن حجب حرمان إلا إذا وجد معها ذكر من ولد الابن أخا كان أم ابن عم، فإنه يعصبها إذا كان في درجتها أو أنزل منها، ولا يعصب من تحته من بنات الابن، بل تحجبهن لقربه للميت.
فأصل المسألة من أربعة وعشرون، للزوجة الثمن (1/8)، وهو ثلاثة وللبنتين الثلثان 2/3 وهما ستة عشر، و لبنت الابن و ابن الابن تعصيبا و هو خمسة.
وقياسا على ذلك لما كانت العمة وبنت الأخ لا ترث مع أخيها، فمن باب أولى لا تستحق إرثا بانفرادها عنه( ).
المطلب الثالث: مناقشة الأدلة ومرتبة ذوي الأرحام في الإرث
بعد الاطلاع على أدلة المذهبين المختلفة في توريث ذوي الأرحام، نأتي فيما يلي إلى ترجيح أقواها (فقرة1) ثم إلى مرتبة ذوي الأرحام في الميراث (فقرة 2).
فقرة 1: الرد على أدلة المانعين من توريث ذوي الأرحام:
يمكن الرد على أصحاب المذهب الثاني القائل بعدم توريث ذوي الأرحام بما يلي:
1. إن قول المانعين أن الميراث ثبت بالنص ولا نص في ذوي الأرحام قول مردود، لأنه ثابت في قوله تعالى:" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"، و في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فصلت عموم هذه الآية، فورث عليه الصلاة والسلام ابن أخت الميت وخاله، فلا زيادة إذًا على كتاب الله وسنة رسوله، كما يدعي أصحاب هذا الرأي.
2. أما الحديث الذي رواه عطاء بن يسار، فهو مرسل لا يحتج به( )، و على فرض صحته ووصله فإنه يحتمل أن يكون معنى الحديث : أن لا ميراث لهما (العمة و الخالة )، مع ذوي الفروض والعصبات، لذلك سمي الخال وارث من لا وارث له، كما أنه يحتمل أن يكون معناه أن لا ميراث لهما، لأن ميراث ذوي الأرحام لا تقدير فيه، كما أنه يحتمل أن يكون الحديث قبل نزول آية "...وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ...."، وعلى كلٍّ، فإنّ الحديث المذكور لا يقوى على معارضة ما جاء من أحاديث موصولة( )، دالة على ميراثهم.
3. أما استدلالهم بالمعقول، فيردّ عليهم: بأن عدم ميراث العمة وابن الأخ مع أخويهما لأنّهما أقوى منهما، فيستقلاّن بالميراث لأنّ كل من العمة وابنة الأخ ليست بذات فرض حتى تصير عصبة بأخيها، فترث معه، ولكن عند عدم الفرض والعصبة، ترث بالوصف العام وهو الرحم، حيث لا يوجد من هو أقوى منها( )،ضف إلى ذلك أن وجود الذكر العاصب ليس دائما يقوي الأنثى التي يعصب معها، فيمكن أن لا ترث بسبب هذه العصوبة مثلما هو عليه الحال في الأخ المشئوم( ).
وبناء على ما سبق، يتبين لنا رجحان المذهب الأوّل القائل بتوريث ذوي الأرحام، لأن فيه صلة للرحم القربى التي أمر بها الإسلام، وموافقة لروح العدالة، وبهذا أفتى علماء الشافعية والمالكية المتأخرون، وقد أخذ قانون الأسرة الجزائري على غرار القانون المصري و السوري والأردني بالمذهب القائل بتوريثهم، كما سنوضحه لاحقا .
الفقرة 2: مرتبة ذوي الأرحام في الميراث:
لقد رتب الفقه الإسلامي ورثة المتوفى المستحقين لتركته على مراتب ودرجات منها متفق عليه، ومنها مختلف فيه.
أما الدرجات المتفق عليها فهي:
الدرجة الأولى: أصحاب الفروض: وهم الورثة الذين لهم نصيب مقدر في الكتاب والسنة، ولا يختلف أحد في إثبات هذا الصنف من الوارثين ولا في تقدمه على غيره.
الدرجة الثانية: العصبة النسبية: وهم من يستحقون باقي الترك بعد أصحاب الفروض، ويستحقون التركة كلها إذا لم يوجد فرض، ولا خلاف بين العلماء أيضا في اثبات هذا الصنف من الوارثين، ولا في كون مرتبتهم تلي مرتبة ذوي الفروض.
الدرجة الثالثة: ولاء العتاقة: وهي قرابة حكمية بين المعتق والمعتَق، وهذه الصلة تجعل للمعتق حق الإرث، ممن أعتقه إذا مات ولا وارث له من قرابته، ولا خلاف في اثبات هذا الصنف من الوارثين، ولكن الخلاف يوجد في ترتيبهم، وتجدر الاشارة أن المعتق سواء كان ذكرا أو أنثى، يكون عاصبا، حيث يقول صاحب الرحبية﴿ ﴾ في باب التعصيب:
والأخ وابن الأخ والأعمـــام والسيد المعتق ذي الأنعام
ثم يضيف:
وليس في النساء طرّا عصبة إلا التي منّت بعتق الرقبة
أما الدرجات المختلف فيها، فهي كالتالي:
الدرجة الرابعة: الرد على ذوي الفروض: المقدر بنسبة فروضهم إلا الزوجين، وهذا الرأي منسوب إلى عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وبه أخذ الأحناف والحنابلة، والمتأخرون من المالكية والشافعية.
أما المتقدمون منهم فقد ذهبوا إلى عدم الرد مطلقا، لكن الباقي يؤول إلى بيت المال.
أما مذهب عثمان بن عفان فإنه يرى جواز الرد على أحد الزوجين.
الدرجة الخامسة: ذوو الأرحام: وقد تم التعرض في المبحث الأول إلى حكم توريثهم، والخلاف بين المثبتين والمانعين، وذوو الأرحام، إنما يرثون إذا لم يكن للميت وارث من العصبات، ولا من ذوي الفروض الذين يرد عليهم.
الدرجة السادسة: بيت المال: وإن كان هناك خلاف في كيفية وضع التركة فيه، هل على أنه وارث نيابة عن جماعة المسلمين؟ أم أنه مال ضائع، فيكون فيئا؟
ونكتفي بهذه الدرجات المتقدمة، وإن كان العلماء في ذكر درجات المستحقين للتركة وأصنافهم أكثر توسعا﴿ ﴾، وغرضنا من هذا الترتيب معرفة مرتبة ذوي الأرحام من بين مراتب الورثة المستحقين للتركة، إذ الورثة أصناف ودرجات مرتبة شرعا، فلا يجوز الانتقال إلى درجة إلا بعد استيفاء المستحقين من الدرجة التي قبلها.

المبحث الثاني: الطرق الاجتهادية في توريث ذوي الأرحام:
تقدم الكلام في أن ذوي الأرحام لا يرثون إلا في إحدى الحالتين وهما:
1. عدم وجود الورث المطلق سواء من أصحاب الفروض، لأنهم يأخذون فروضهم ويرد عليهم الفاضل، أو من العصبات، لأن العاصب يأخذ كل التركة إذا انفرد، ويأخذ الباقي إذا اجتمع مع أصحاب الفروض.
2. وجود أحد الزوجين فيأخذ فرضه الأعلى وما بقي فلذوي الأرحام واحدا كان أو متعددا، ولم يختلف العلماء في أن ذا الرحم إذا انفرد أخذ وحده التركة، لكن اختلفت آراء العلماء واجتهاداتهم في طريقة توريث ذوي الأرحام إذا كانوا أكثر من واحد ويرجع سبب اختلافهم إلى عدم وجود نصوص مفصلة في توريثهم، الأمر الذي أدى بكل طائفة من أهل العلم إلى اتخاذ فكرة معينة أساسا تبني عليه توريثهم وسنستعرض الطرق الاجتهادية في توريث ذوي الأرحام في المطالب الثلاثة التالية:
المطلب الأول: طريقة توريث ذوي الأرحام في نظام أهل الرحم
و تنسب هذه الطريقة لحسن بن ميسر ونوح بن رداح و حبيش بن مبشر، وذهب هؤلاء إلى القول بأن أساس توريث ذوي الأرحام راجع إلى فكرة "الرحم" المتحققة في جميع أفرادهم فهم يسوون بين ذوي الأرحام في الاستحقاق، فلا تفضيل لصنف على آخر ومن دون النظر إلى قوة الدرجة ولا قوة القرابة ولا إلى من يدلون به للميت وحجة أصحاب هذه الطريقة أن للإرث وصفين : أحدهما خاص و الآخر عام.
و الوصف الخاص يندرج تحته كل ذوي الفروض و العصبات، وقد بينت آيات المواريث من يستحق الإرث بالوصف الخاص.
أما الوصف العام، فيندرج تحته الأقارب بصفة عامة، فمن لم يتحقق فيه أحد الأوصاف الخاصة بذوي الفروض، والعصبات ولكن تحقق فيه وصف القرابة يكون مستحقا للإرث بناءا على الوصف العام المستنبط من قول البارئ عز وجل:" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"( ).
وعليه، فما دام الشرع لم يبين طريقة إرثهم ولم يقدرلهم أنصبة معينة، و لم يرتب بينهم كما هو الحال في الفروض والعصبات، وجب أن يسري عليهم الإرث بالتساوي على اعتبار تساويهم في صفة الرحم.
و يعاب على هذه الطريقة رغم كونها من الناحية العملية أسهل الطرق الثلاثة لأنها بعيدة عن روح التشريع ومخالفة لنظام التوريث في أصحاب الفروض والعصبات، لذلك فهذا الرأي غير مشهور، بل هو ضعيف ومهجور، لأن القائلين به لم يبنوه على قواعد علمية سليمة، لذلك لا يعتد به ولم يأخذ به أحد من الفقهاء والأئمة المجتهدين و هجرت و اندثرت بموت أصحابها و ترك العمل بها.
مثال:
مات رجل وترك: (بنت بنت) و (ابن بنت بنت) و (بنت بنت ابن).
تقسم التركة عليهم جميعا بالتساوي دون النظر
3 الورثة
1 التركة بنت بنت
1 بينهم ابن بنت بنت
1 بالتساوي بنت بنت بنت
إلى قوة الدرجة و لا إلى قوة القرابة و لا إلى
من يدلو به للميت.
فيكون أصل المسألة من 3 وهو عدد الرؤوس
لكل ذي رحم منهم سهم واحد.


المطلب الثاني: طريقة توريث ذوي الأرحام في نظام أهل التنزيل
الفرع 1: الأدلة:
واستدل أصحاب هذا الرأي بما أخرجه البخاري في صحيحه عن البراء رضي الله عنه قال: "اعتمر النبي - صلى الله عليه و سلم- في ذي القعدة،….، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بما للخالة و قال" الخالة بمنزلة الأم…"( ).
وبما أخرجه البهيقي عن طريق الشعبي قال: أتى زياد رجل وترك عمته و خالته، فقال هل تدرون كيف قضى عمر رضي الله عنه فيها؟ قالوا : لا ، فقال: " والله إني أعلم الناس بقضاء عمر فيها، فجعل العمة بمنزلة الأخ والخالة منزلة الأخت ، فأعطى العمة الثلثين و الخالة الثلث"( ).
وتدل هذه الأحاديث دلالة واضحة على الطريقة الشرعية واجبة الاتباع في توريث ذي الأرحام ، وهي طريقة أهل التنزيل، وهي الطريقة التي انتهجها الصحابة بعد فهمهم لقاعدة التنزيل، فكانوا ينزلون كل ذي رحم منزلة التي تليه إذا لم يكن الوارث ذا قرابة( ).
فرع 2: كيفية توريث ذوي الأرحام على طريقة أهل التنزيل:
يمكن تلخيص الخطوات الواجب اتباعها في توريث ذوي الأرحام على طريقة أهل التنزيل في أربع خطوات ، نوردها كما يلي مع إعطاء أمثلة تطبيقية:
الخطوة الأولى: وهي أن ننزل كل واحد من ذوي الأرحام منزلة من أولى به حتى نصل إلى أقرب وارث، إلا أن العم لأم و العمات مطلقا ينزل كل واحد منهم منزلة الأب والأخوال والخالات مطلقا منزلة الأم ، وبهذا يتم التنزيل حتى نصل إلى الوارث، فينزل ذا الرحم منزلته.
أمثلة:
- بنت ابن الأخ الشقيق تنزل منزلة ابن الأخ الشقيق وهو وارث.
- ابن بنت ابن الابن تنزل منزلة بنت ابن الابن و هي ورثة.
- أم أبي الأم تنزل منزلة أبي الأم (الجد الفاسد) وهو غير وارث، ثم ينزل أبو الأم منزلة الأم و هي وارثة.
- بنت ابن الأخ لأم تنزل منزلة ابن الأخ لأم وهو غير وارث، ثم ينزل ابن الأخ لأم منزلة الأخ لأم وهو وارث و هكذا…
ويستثنى من قاعدة التنزيل، مسألة العمومة والخئولة، إذ تنزل العمومة منزلة أقرب وارث وهو الأب، و الخئولة منزلة الأم و معنى ذلك أن:
- الأعمام لأم وهم من ذوي الأرحام ينزلون منزلة الأب أي أب الميت (وهو أخو العم)
- العمات الشقيقات أو لأب أو لأم ينزلون منزلة الأب، أي أبي الميت ( وهو أخ العمة)
- الأخوال الأشقاء أو لأب أو لأم ينزلون منزلة الأم، أي أم الميت ( و هي أخت الخال)
- الخالات الشقيقات أو لأب أو لأم ينزلن منزلة الأم أي أم الميت ( و هي أخت الخالة)( ).
الخطوة الثانية: وهي أن نقارن بين مرات التنزيل لكل منهم - فمن سبق إلى الوارث فهو وارث، والمتأخر في السبق محجوب، فالسابق( ) إذا يحجب المسبوق( )، وبالتالي لا يرث جماعة من ذوي الأرحام في مسألة واحدة إلا إذا كانوا مستوين في مرات التنزيل وإذا كان السابق واحدا استأثر بالتركة كلها.
الخطوة الثالثة: نقدر موت الميت عن الوارث أو الورثة الذين وصلنا إليهم من ذوي الأرحام، لنعرف من يحجب منهم ومن يرث نصيب فرضا أو تعصيبا، ثم نقدر موت الوارث وانتقال نصيبه إن ورث إلى رحمه، سواء كان بواسطته أو بصفة مباشرة، ومن لا يرث من هؤلاء لا شيء لذي رحمه كالأخ الشقيق مع الأخ لأب، فبنت الأخ لأب لا شيء لها مع بنت الأخ الشقيق، وذلك تبعا لما هو مقرر في القواعد الأصلية للميراث.
الخطوة الرابعة: ونسلك هذه الخطوة في حالة اجتماع اثنتين فأكثر في تنزيل منزلة الوارث، فإما أن يكون تنزيلهم من غير واسطة وإما أن يكون تنزيلهم بواسطة:
أ- فرضية موت الوارث المتوفى عن الجمع المدلين به الذين نزلوا منزلة بلا واسطة:
ونطبق فيما بعد القواعد الأصلية للميراث بعد أن ننسبهم إليه و ذلك لمعرفة من يرث و من لايرث.
مثال: توفي وترك: خال شقيق- خال لأم- و خال لأب.
فننزل الأخوال كلهم منزلة الأم، وبالتالي فيه اجتماع في التنزيل منزلة الوارث (الأم) ثم نفرض موتها عنهم فيصبحون:
أخ شقيق- أخ لأم - أخ لأب، و تحل المسألة وفقا لقواعد الميراث، فلاشيء للأخ لأب لأنه محجوب بالأخ الشقيق، أما الأخ لأم، فله سدس التركة فرضا ويأخذ الأخ الشقيق ما تبقى من السدس تعصيبا( ).
ب- فرضية موت الوارث عن الجمع المشترك بواسطة:
والقاعدة في هذه الحالة أن نقدر موت المتوفى عن الجمع المدلين به الذين نزلوا منزلة بواسطة فأكثر، ونقدر فيما بعد موت الميت عن الواسطة ثم موت كل واسطة عمن بعدها إلى أن نصل إلى ذوي الأرحام، وبالتالي يتضح لنا معرفة المحجوب منهم والوارث ونصيبه.
مثال: توفي شخص عن: ابن خال شقيق، بنت خال لأب وأبو أبي أم، فكل واحد من هؤلاء نزل مرتين ليصل إلى منزلة الأم، وهي واسطة واحدة ومشتركة لهم، فيصبحون خال شقيق، خال لأب، أب لأم، ثم نفرض موت الأم عنهم ثم ننسبهم إليها، حيث يصبحون: أخ شقيق، أخ لأب، أب، وبالتالي يأخذ الأب التركة تعصيبا لانعدام الفرع الوارث مطلقا ويحجب الأخ الشقيق والأخ لأب ( وهما الخالان) وفقا لما هو معمول به في القواعد العامة للميراث.
الفرع 3: توريث ذوي القرابتين :
من المتفق عليه أنه من يستحق الإرث إما يستحقه من جهة قرابة واحدة، وإما يستحقه من جهتين مختلفتين.
فمن استحق الإرث بجهة واحدة ورث بها ميراثا واحدا، ومن استحق الإرث بجهتين عصوبة ورثة بأقواها، وحجب من العصوبة الضعيفة كابن، وهو في نفس الوقت ابن ابن عم( ).
أما إذا كانت الجهة الأولى عصوبة و الأخرى بالفرض، فنكون أمام حالتين:
1. إذا كان التعدد لا يقتضي تعدد الصفة، فيكون الإرث بجهة واحدة، كالجدة ذات القرابتين، فهي في الحكم كالجدة ذات القرابة الواحدة، مثل أم أم الأم التي هي أم أب أب، فتعدد الجهة لا يتعدد معه صفتها في الإرث، فهي دائما جدة.
2. إذا كان التعدد يقتضي تعدد الصفة( )، كزوج هو ابن عم،فوصف الزوجية موجب للاستحقاق بالفرض، ويأخذ به النصف إذا انعدم الفرع الوارث المطلق، ووصف العمومة موجب لاستحقاق التعصيب، فيأخذ الباقي.
و كذلك ابن عم هو أخ لأم( )، فإنه يرث بالجهتين معا، فله السدس لأنه أخ لأم منفرد( ) من جهة ويرث الباقي تعصيبا لأنه ابن عم من جهة أخرى.
وهذا الحكم في توريث ذوي القرابتين ينطبق في توريث ذوي الأرحام، فإذا أدلى ذو الرحم بجهتي توريث فأكثر، تكون كل منهما موجبة لاستحقاق الإرث وبخلاف ذوي الفروض والعصبات، فإن اتصال ذي الرحم بالميت من جهتين كثير في ذوي الأرحام( ).
و مثال ذلك:
- زوجة هي بنت عم: فللزوجة الربع و الباقي لبنت العم بعد تنزيلها منزلة العم، أي تعامل كشخصين لأنها ذات قرابة من جهتين وتعددت صفة إرثها.
- ابن خال هو ابن عمة( ): فينزل بن الخال مرتين إلى الأم ويرث الثلث، كما ينزل ابن العمة مرتين إلى الأب ويرث الباقي تعصيبا( ).
فرع 4: كيفية توريث ذوي الأرحام مع الزوجين:
يرث ذوو الأرحام مع أحد الزوجين دون سائر ذوي الفروض النسبية لأنه لا يرد على أحد الزوجين( ).
غير أن الزوج لا يحجب من النصف إلى الربع والزوجة لا يحجب من الربع إلى الثمن، بل يأخذ كل منهما نصيبه الأعلى، وهو النصف بالنسبة للزوج والربع بالنسبة للزوجة، ونكون بصدد حالتين:
الحالة1): وجود صنف واحد من ذوي الأرحام مع أحد الزوجين: وفيها يأخذ الموجود من الزوجين فرضه الأعلى والباقي للصنف الموجود من ذوي الأرحام، علما أن أصل المسألة يكون الفرض الأعلى لأحد الزوجين، فإن وجد الزوج كان أصل المسألة2، وإن وجدت الزوجة كان أصل المسألة4 .
مثال: مات وترك:
زوج، بنت بنت، يكون أصل المسألة هو مقام نصيب الزوج الأعلى وهو 2 والباقي لبنت البنت بعد تنزيلها.
الحالة 2): وجود عدة أصناف من ذوي الأرحام مع أحد الزوجين:
نورث في هذه الحالة ذو الأرحام ونأصل مسألتهم، ثم إن وجد معهم زوج أخذ فرضه الأعلى وهو النصف، وهو ما يعادل سهام جميع ذوي الأرحام، بمعنى أن يأخذ نصيبا يساوي أصل مسألتهم ، ثم نجمع نصيبهم مع نصيب الزوج والناتج هو أصل المسألة برمتها.
مثال: مات عن زوج، بنت بنت، ابن بنت ابن، خال شقيق، ابن أخت لأب.
نحل أولا: المسألة المتعلقة بذوي الأرحام على النحو التالي:
تنزل بنت البنت منزلة البنت وتأخذ النصف (1/2 ) لانفرادها، وينزل ابن بنت الابن منزلة بنت الابن، وتأخذ السدس (1/6) تكملة للثلثين حظ البنات وينزل الخال الشقيق منزلة الأم ويأخذ السدس (1/6) وينزل ابن الأخت لأب منزلة الأخت لأب وهي عصبة مع الغير( ).
ثم يأخذ الزوج نصيبه الأعلى وهو النصف، وفرضه يعادل ما لذوي الأرحام جميعا، وهو يماثل مسألتهم الذي هو ستة 06 وبمجموع النصيبين، يكون أصل المسألة (زوج + ذوي الأرحام)، هو اثني عشر.



6 بعد التنزيل الورثة
3
1
1
1 1/2
1/6
1/6
ع بنت
بنت ابن
أم
أخت لأب بنت بنت
ابن بنت ابن
خال شقيق
ابن اخت لاب
بما أن نصيب كل الورثة من ذوي الأرحام هو 6 وهو الباقي بعدما أخذ الزوج نصيبه المتمثل في النصف أي 6 فإن أصل المسألة يكون 6+6= 12.
12 أصل المسألة الورثة
6
3
1
1
1 زوج
بنت بنت
ابن بنت ابن
خال شقيق
ابن أخت لأب
وبخلاف، لوكانت معهم زوجة فإنها تأخذ نصيبها الأعلى، وهو الربع، وهو يعادل ثلث أنصبة جميع ذوي الأرحام بمعنى ثلث أصل مسألتهم، فإن كانت مسألة ذوي الأرحام قابلة للقسمة على ثلاثة -3- فللزوجة مقدار السهام يماثل ثلثها.
وإن لم تقسم على ثلاثة أخذت الزوجة نصيبا معادلا لأصل مسألة ذوي الأرحام ثم يضرب سهم كل واحد من ذوي الأرحام في 3 ثم نضم نصيب ذوي الأرحام مع نصيب الزوجة في مسألة واحدة على أن يكون مجموع النصيبين هو أصل المسألة برمتها( ).

مثال:إذا وجدت زوجة في المثال السابق فانها تاخذ الربع وهو فرضها الاعلى وهو يعادل ثلث أنصبة جميع الورثة وما دامت هذه المسألة تقبل القسمة على ثلاثة فتاخذ مقدار يماثل ثلثها أي ثلث ستة 6 وهو مجموع انصبة جميع الورثة من ذوي الأرحام و بالتالي تقسم 6 على 3 و النتيجة هي 2 و عليه فان ربع الزوجة يساوي 2 و نضيفه إلى مجموع نصيب ذوي الأرحام (6+2=8) و الناتج هو أصل المسألة برمتها( ).

الورثة بعد التنزيل 6
بنت بنت
ابن بنت ابن
خال شقيق
ابن أخت لأب بنت
بنت ابن
أم
أخت لأب 3
1
1
1

بما أن نصيب كل ذوي الأرحام هو 6 و فرض الزوجة الأعلى هو الربع وهو يعادل ثلث أنصباء ذوي الأرحام فتأخذ الزوجة مقدار يماثل ثلثها 6 ÷ 3 =2 (ربع الزوجة يساوي 2) و نضيفه إلى أصل المسألة السابقة.
الورثة بعد التنزيل 8
زوجة
بنت بنت
ابن بنت ابن
خال شقيق
ابن أخت لأب زوجة
بنت
بنت ابن
أم
أخت لأب 2
3
1
1
1

مثال2: مات وترك:
بنت أخت شقيقة، ابن أخت شقيقة، بنت أخ لأم وابن أخت لأم، أب أم أم ، بنت خالة لأب، أب أم.
فبنت الأخت الشقيقة وابن أخت شقيقة ينزلان منزلة الأخت الشقيقة ولهما الثلثان، وبنت أخ لأم، وابن أخت لأم ينزلان منزلة الأخت لأم و الأخ لأم ولهما الثلث( )، و ينزل أب الأم منزلة الأم ويأخذ السدس وأما أب أم الأم و بنت الخالة لأب، فمحجوبان لتأخرهما في السبق.(لأنهما ينزلان مرتين حتى نصل إلى منزل الوارث) وبالتالي يكون أصل المسألة من 6 ويعول إلى 7.
فإذا وجد معهم زوج أخذ فرضه الأعلى، وهو النصف وهو يعادل أصل مسألة ذوي الأرحام -7- ومجموع النصيبين يكون هو أصل المسألة كلها 7+7=14 للزوج النصف وهو 7 سهام و الباقي يقسم على النحو الذي بيناه أعلاه.


الورثة بعد التنزيل 6 7 7 + 7 14
بنت أخت شقيقة
ابن أخت شقيقة
بنت أخت لأم
ابن أخت لأم
أب أم
أب أم أم
بنت خالة لأب أخت شقيقة
أخت شقيقة
أخ لأم
أخت لأم
أم
أم أم
خالة لأب
2/3

1/3

1/6
محجوب
محجوب 4

2

1 4

2

1 4

2

1
محجوب
زوج زوج وتعول إلى 7 نصيب الزوج 7 وهو يساوي أصل المسألة العائلة 7 7


أما إذا وجدت معهم زوجة فلها فرضها الأعلى وهوالربع وهو يعادل ثلث أصل مسألتهم، لكن الإشكال يكمن في أن أصل مسألة ذوي الأرحام - 7- لا يقبل القسمة على 3، لذا نضرب سهم كل وارث من ذوي الأرحام في 3 ويكون نصيب الزوجة هو أصل المسألة 7 وهو يعادل ثلث أصل مسألة ذوي الأرحام 21. ثم نجمع نصيب الزوجة مع نصيب ذوي الأرحام فنحصل على أصل المسألة كلها 21+7 = 28.


الورثة بعد التنزيل 6 7
7 × 3 21 + 7 28
بنت أخت شقيقة
ابن أخت شقيقة
بنت أخ لأم
ابن أخت لأم
أب أم
أب أم أم
بنت خالة لأب أخت شقيقة
أخت شقيقة
أخ لأم
أخت لأم
أم
أم أم
خالة لأب 2/3


1/3

1/6
محجوب
محجوب 4

2

1 4 × 3

2 × 3

1 × 3 12

6

3 12

6

3
زوجة زوجة وتعول إلى 7 الربع هو ثلث أصل المسألة وهو
21 ÷ 3 = 7 7

الفرع 5: إشكال مسألة الجمع:
ويقصد بمسألة الجمع هو الجمع بين مسألتي الأب والأم الذين وصل إليهما ذو الأرحام بعد تنزيل بعضهم منزلة الأب كالعمات أو منزلة الأم كالأخوال والخالات، ونكون بذلك أمام 3 حالات:
الحالة 1): وجود إحدى الطائفتين دون غيرهما من ذوي الأرحام:
في هذه الحالة ترث طائفة الأب التركة مع افتراض أنه المتوفى أو ترث طائفة الأم مع افتراض أنها هي المتوفاة و نحل المسألة وفق قواعد الميراث الأصلية.
مثال: توفي عن: عمة شقيقة، عمة لأب، عم لأم، عمة لأم ،ينزل العمات والعم لأم منزلة الأب، ثم نفرض وفاته عنهم فتصبح المسألة: أخت شقيقة، أخت لأب وأخت لأم، وأخ لأم، ونحل المسأله وفق قواعد الميراث الأصلية، فيكون أصل المسألة من :6 للأخت الشقيقة النصف-3- وللأخت لأب السدس ـ1ـ و الإخوة لأم الثلث بالتساوي وهو -2-
الحالة 2) وجود إحدى الطائفتين مع غيرهما من ذوي الأرحام:
في هذه الحالة يجب أن نتبع الخطوات التالية:
1) نضرب أصل المسألة الموجودة في أصل المسألة الأولى.
2) ثم نصب أصل المسألة الموجودة في سهم كل وارث منها
3) وأخيرا نقسم نصيب الأب أو الأم على أصل مسألة ورثته للحصول على قيمة السهم ونضربه في سهم كل وارث له.
مثال:
بنت أخت شقيقة، بنت أخت لأب، بنت أخت لأم، خالة شقيقة، خالة لأب، خالة لأم.
بعد التنزيل يصبح لدينا: أخت شقيقة، أخت لأب، أخت لأم، أم (لأن الخالة الشقيقة تنزل منزلة الأم و كذلك الأمر بالنسبة للخالة لأب و الخالة لأم).
فللأخت الشقيقة النصف وهو-3- و للأخت لأب السدس وهو-1- وللخالات الثلاثة ( شقيقة لأب، لأم) السدس لأنهن نزلن منزلة الأم وهو -1- فيكون أصل المسألة من -6-.


الورثة بعد التنزيل 6
بنت أخت شقيقة
بنت أخت لأب
بنت أخت لأم
خالة شقيقة
خالة لأب
خالة لأم أخت شقيقة
أخت لأب
أخت لأم

أم
1/2
1/6
1/6

1/6 3
1
1

1


ثم نورث طائفة الأم مع افتراض أنها هي المتوفاة، فيصبح لدينا أخت شقيقة، أخت لأب، أخت لأم فتأخذ الأولى النصف وهو-3- و تأخذ الثانية والثالثة سدس لكل واحدة منهما وهو -1- فيكون نصيب الأم -5- وهو أصل المسألة الموجودة.
أي، ماتت الأم و تركت :
الورثة 6 5
أخت شقيقة
أخت لأب
أخت لأم 1/2
1/6
1/6 3
1
1
بعد الرد

ثم نضرب أصل المسألة الموجودة في أصل المسألة الأولى، فنحصل على أصل المسألة كلها و نضرب سهم كل وارث من المسألة الأولى في 5.

الورثة بعد التنزيل 6 6×5 30
بنت اخت شقيقة
بنت أخت لأب
بنت أخت لأم
خالة شقيقة
خالة لأب
خالة لأم أخت شقيقة
أخت لأب
أخت لأم

الأم
½
1/6
1/6

1/6 3×5
1×5
1×5

1 × 5 15
5
5

5

الحالة3): وجود طائفتين مجتمعتين في مسألة واحدة:
ويظهر الإشكال في حالة وجود طائفتين مجتمعتين في مسألة واحدة( )، ويستوي في ذلك وجود ذوي الأرحام من عدمهم.
و نحل كل مسألة على حدى ثم ننظر في أصلها بالنظائر الأربعة فإما أننا نجد: تماثل أو تداخل أو توافق أو تباين.
 في التماثل:
في هذه الحالة نأخذ أحد أصول مسألة الطائفتين و نضربه في المسألة الأولى،
و في سهام كل ورثتها بنفس الطريقة التي رأيناها في المثال السابق.
 في التداخل:
نأخذ في هذه الحالة أكبر أصل ونضربه في أصل المسألة الأولى وفي سهم
كل وارث.
 في التوافق:
إذا وجدنا توافق بين أصل مسألة الطائفتين فإننا نضرب نصف الأول في كل
الثاني، أو كامل الأول في نصف الثاني، و الحاصل يضرب في أصل المسألة
الأولى و في سهم كل وارث منها.
 في التباين:
إذا كان لدينا تباين بين أصل مسألة الطائفتين فإننا نضرب الأول في الثاني و
الحاصل يضرب في أصل المسألة الأولى وفي سهم كل وارث.
مثال: توفي شخص عن:
بنت بنت، بنت بنت ابن، خالة شقيقة، خالة لأم، عمة شقيقة، عمة لأب، وعمة لأم.
بعد التنزيل يصبح لدينا: بنت ولها النصف-3- و بنت الابن سدس -1- و الخالة الشقيقة والخالة لأم تنزلان منزلة الأم ولها السدس -1- و العمة الشقيقة والعمة لأب، والعمة لأم ينزلن منزلة الأب وله السدس وأصل المسألة الأولى يساوي -6-.


الورثة الورثة بعد التنزيل 6
بنت بنت
بنت بنت ابن
خالة شقيقة
خالة لأم
عمة شقيقة
عمة لأب
عمة لأم بنت
بنت ابن
أم


أب
1/2
1/6
1/6


1/6 + ع 3
1
1


1
بعد الرد

ثم نحل مسألة الأم باعتبارها هي المتوفاة عمّن نزلن منزلتها و تصبح المسألة:
الورثة 6 4
أخت شقيقة
أخت لأب ½
1/6 3
1

بعد الرد



ثم نحل مسألة الأب بعتباره هو المتوفى عمّن نزل منزلته و تصبح المسألة:

الورثة 6 5
أخت شقيقة
أخت لأب
أخت لأم ½
1/6
1/6
3
1
1
بــــــــــــــــــعد الــــــرد

ثم نلاحظ أن هناك تباين بين أصل مسألة طائفة الأم -4- و بين أصل مسألة طائفة الأب-5- والقاعدة أن نضرب كل منهما في الآخر، والناتج يضرب في أصل المسألة الأولى، وسهام ورثتها بعد التنزيل.
الورثة بعد التنزيل 6× 20 12
بنت البنت
بنت بنت الابن
خالة شقيقة
خالة لأم
عمة شقيقة
عمة لأب
عمة لأم بنت
بنت ابن
أم


أب 3×20
1×20

1 × 20

1 × 20 60
20

20

20


ملاحظة:
• من المسألة الإجمالية، نجد أن نصيب الأم هو 20 سهما، وبالرجوع إلى مسألة طائفة الأم نجد أن الخالة الشقيقة تأخذ 15 سهما و الخالة لأب تأخذ 5 أسهم.
• من المسألة الإجمالية، نجد أن نصيب الأب هو 20 سهما، وبالرجوع إلى مسألة طائفة الأب، نجد أن العمة الشقيقة تأخذ 12 سهما، و العمة لأب 4 أسهم و العمة لأم 4 أسهم.
وهكذا يحل إشكال مسألة الجمع في الحالة الثالثة ويتم العمل بنفس الطريقة بالنسبة للنظائر الأخرى.
المطلب الثالث: كيفية توريث ذوي الأرحام في نظام أهل القرابة:
صاحب هذه الطريقة : علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبه أخذ الحنفية، وقد سمي بأهل القرابة، لأنهم يعتمدون في توريثهم تقديم الأقرب فالأقرب كتقديم الأقرب فالأقرب في العصبات( )، وذلك إما بقوة الجهة كالبنوة والأبوة والأخوة أو بقوة الدرجة كالإدلاء بواسطة أو بواسطتين أو بقوة القرابة كمن كان لأبوين أو لأب( )، واستدلوا بما رواه الشعبي عن علي بن أبي طالب " أن ابنة الابنة أولى من ابنة الأخت"، ومن ثم، قسموا ذوي الأرحام إلى أربعة أصناف ( ) كما قسمت العصوبة إلى أربع جهات ورتبوا هذه الأصناف من حيث الأولوية في الإرث كترتيب جهات التعصيب على النحو التالي:
• الصنف الأول: وهم من ينتسبون إلى الميت من فروعه ممن لم يكن صاحب فرض و لا عصبة فهو أصل لهم وهما:
1. أولاد ( ) البنات وإن نزلوا.
2. أولاد بنات الابن وإن نزلوا.
• الصنف الثاني: وهم من ينتسب إليهم الميت من أصوله غير الوارثين فهو فرع لهم سواءً كانوا رجالا أو نساء:
1. الجد غير الصحيح (الفاسد أو الرحمي) وإن علا وهو الذي يتوسط بينه وبين الميت أنثى مثل: أب الأم، أب أب أم.
2. الجدة غير الصحيحة وإن علت، مثل: أم أب أم.
• الصنف الثالث: وهم من ينتسب إلى أبوي الميت من روعهما غير الوارثين وهم:
1. أولاد الأخوات من كل الجهات وإن نزلوا، مثل: ابن أخت شقيقة أو لأب أو لأم.
2. بنات الإخوة من كل الجهات مثل: بنت أخ شقيق أو لأب أو لأم.
3. بنات أبناء الإخوة من كل الجهات مثل: بنت ابن الأخ الشقيق أو لأب أو لأم.
• الصنف الرابع: من ينتسب إلى جدي الميت (أبي أبيه وأبي أمه)، أو جدتيه(أم أبيه وأم أبيه) سواء قربت درجتهم أو بعدت( )، ويمكن حصرهم في ثلاث مراتب باعتبار أن هذا الصنف يمثل بأفراده وهم:
• المرتبة الأولى: وهم فروع الجد الأول أو الجدة الأولى للميت كأعمام الميت لأم، إخوة أبي الميت من الأم، عماته وأخواله وخالاته سواء لأبوين أو لأحدهما وأولادهم، ويمكن تقسيم المرتبة الأولى إلى أربع طوائف:
- طائفة 1: وهم عمة الميت وعمه لأمه وخاله وخالته.
- طائفة 2: وهم أولادهم المباشرون كابن عم الميت لأمه، بنت عم الميت الشقيق أو لأب، ابن بنت عمته.......الخ
- طائفة 3: وهم أولاد الذين ينتمون إلى الطائفة 2، كابن ابن عم الميت لأمه، بنت ابن العمة، بنت ابن خاله .........الخ
- طائفة 4: و هم أولاد الذين ينتمون إلى الطائفة الثالثة.
• المرتبة الثانية: وهم فروع الجد الثاني، أو الجدة الثانية وفروعهم، ويمكن تقسيمهم إلى ثلاث طوائف:
- طائفة 1: تتمثل في عم أبيه لأمه، عمة أبيه، خال أبيه، وخالة أبيه.
- طائفة 2: فروع الطائفة 1 كابن أو بنت عم أبيه لأمه، بنت عمة أبيه.
- طائفة 3: فروع الطائفة 2 كابن أو بنت ابن عم أبيه لأمه، بنت ابن عمة أبيه..........الخ
• المرتبة الثالثة: وهي المتمثلة في فروع الجد أو الجدة الثالثة وفروعهم ويمكن ترتيبهم في الطوائف التالية:
- طائفة 1: و هي عم أب أب الميت لأمه، عمة أب أب الميت، خال أب أب الميت، وخالة أب أب الميت.
- طائفة 2: وهم فروع الطائفة الأولى، وهم ابن عم أب أب الميت لأمه، ابن أو بنت عمة أب أب الميت، ابن أو بنت خال أب أب الميت، و ابن أو بنت خالة أب أب الميت.
- طائفة3: وهم فروع الطائفة 2 كبنت عم أب أب الميت لأمه، وابن ابن عمة أب أب الميت.
- طائفة 4: و هم فروع الطائفة الثالثة، هكذا يتم التفريع في النزول.
والجدير بالذكر أن التقسيم السابق ليس على سبيل الحصر، وإنما هو من باب تسهيل الإلمام بكل أفراد هذا الصنف( )، كما أن هذه الطريقة لم تسلم من الخلاف في الخطوات واجبة الاتباع لتوريث ذوي الأرحام، ويتمثل ذلك في الخلاف المشهور بين محمد بن الحسن وأبي يوسف.
فرع 1: اختلاف أهل القرابة:
نتطرق فيما يلي إلى أساس كل طريقة:
الفقرة 1: أساس طريقة محمد بن الحسن في توريث ذوي الأرحام:
يقوم أصل هذه الطريقة بالنظر إلى أصول الوارثين التي يدلون بها إلى الميت معتبرا بصفاتهم وعدد الفروع دون صفاتهم، فإن اتحد الأصول في طبقة واحدة بالذكورة والأنوثة قسمت التركة "للذكر مثل حظ الأنثيين"( )، فان اختلفت كل طبقة من طبقات الأصول بالذكورة والأنوثة قسمت التركة على أول طبقة حصل فيها الاختلاف، ويكون التقسيم للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم يجعل للذكور نصيب ويقسم على ورثته و للإناث نصيب، ويقسم على ورثته وحجته في ذلك اتفاق الصحابة أن للعمة الثلثين وللخالة الثلث، فلو كانت العبرة بالأبدان لقسم المال بينهم مناصفة، وما دام المال مقسم أثلاثا، فهذا يدل على أن الأصل المدلى به محل اعتبار، إذ العمة تدلي بالأب والخالة تدلي بالأم، وقسم المال بينهما وفق قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين".

الفقرة 2: أساس طريقة أبي يوسف رحمه الله:
والأصل في هذه الطريقة هو النظر إلى أبدان الفروع الوارثين دون النظر إلى أصولهم إلا لمعرفة قوة القرابة مع مراعاة قاعدة " للذكر مثل حظ الأنثيين"، إن كانوا ذكورا وإناثا، وحجته في ذلك أن استحقاق الفرع للإرث إنما هو بسبب القرابة التي هي مترجمة في أبدان الفروع لا بمعنى أصولهم، فضلا عن اتحاد الجهة وهي الولادة، فيتساوى الاستحقاق حينئذ دون اعتبار اختلاف صفة أصولهم، وسنوضح أساس هذه الطريقة بأمثلة عندما نتعرض لكيفية توريث ذوي الأرحام على طريقة أهل القرابة.
الفرع 2: كيفية توريث ذوي الأرحام على طريقة أهل القرابة.
بناءا على الترتيب السابق، فإنه إذا مات شخص وليس له وارث من أصحاب الفروض والعصبات، وله قرابة من ذوي الأرحام، كانت التركة لهم ميراثا، وإذا كان معهم أحد الزوجين، أخذوا الباقي بعد فرضه، فإذا كان ذوي الأرحام من أصناف مختلفة قدم الصنف الأول على سائر الأصناف ومن كان من الصنف الثاني قدم على الصنف الثالث، وكذلك الشأن بالنسبة لمراتب الصنف الرابع، أما إذا كانوا من صنف واحد فقد أفرد العلماء طريقة لكل صنف على النحو التالي:
الفقرة 1: توريث الصنف الأول:
إذا انفرد واحد من هذا الصنف ورث التركة كلها، أو الباقي بعد فرض أحد الزوجين، فإن كانوا جمعا، كان أولاهم بالميراث أقربهم درجة إلى الميت دون النظر إلى من ينتسب به.
مثال: بنت البنت مع ابن بنت الابن، فالأولى تحجب الثاني لقربها في الدرجة للميت، أما إذا تساووا في الدرجة فنكون أمام الحالات التالية:
1) إذا كان بعضهم ولد الوارث دون البعض الآخر: فيكون ولد الوارث أولى من ولد غير الوارث. مثال: بنت بنت ابن، بنت ابن بنت، فالأولى تحجب الثانية لأنها تدل بوارث وهي بنت الابن عكس الثانية التي أدلت بغير وارث وهو ابن البنت.
2) إذا كان كلهم ولد وارث: قسم المال بينهم بالتساوي إذا كانوا من جنس واحد، وإذا كانوا مختلطين فللذكر مثل حظ الأنثيين.
3) إذا كانوا كلهم أولاد غير الوارث فيكونون على وصفين:
3-1) أن تكون صفة أصولهم متفقة: فتكون القسمة على الفروع الموجودة بالتساوي إن كانوا من جنس واحد، وإن كانوا مختلطين ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.
3-2) أن تكون صفة أصولهم مختلفة، فلنا في ذلك ثلاث حالات:
الحالة 1: اتحاد الفروع: أي أن يكون لكل أصل فرع واحد، مثل: بنت ابن بنت، ابن بنت بنت، وفي هذه الحالة اختلف أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله.
فعند أبي يوسف يقسم المال على عدد رؤوس الأبدان دون النظر إلى أصولهم إلا لمعرفة قوة القرابة، وما دامت اتفقت الأصول بالأنوثة، قسم المال على ابن بنت البنت وبنت ابن البنت للذكر مثل حظ الأنثيين، فيأخذ الأول الثلثين والثانية الثلث على اعتبار أن أصل المسألة هو3 عدد الرؤوس.
أما عند محمد بن الحسن، فإنه يقسم المال على أول درجة حصل فيها الاختلاف بالذكورة والأنوثة، ثم يجعل نصيب كل أصل لفروعه، وفي هذا المثال نجد الاختلاف وقع في البطن الثاني باعتبار أن البطن الأول متحد، الذي هو البنت، فيعطي الثلثين لبنت ابن البنت وهو نصيب أبيها (ابن البنت) والثلث لابن بنت البنت وهو نصيب أمه ( بنت البنت)، ويكون أصل المسألة من 3 عدد رؤوس البطن الثاني الذي وقع فيه الاختلاف.
و بهذا المثال يتضح الفرق جليا بين الطريقتين، حيث رأينا أن النتائج المتوصل إليها معكوسة.
الحالة 2: تعدد الفروع: أي أن يكون لكل أصل فروع مختلفة، ففيه اختلاف أيضا بين أبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله.
فالأصل عند أبي يوسف، النظر إلى أعلى أصل لمعرفة قوة القرابة فيقسم المال بين الفروع على أساس رؤوس الأبدان وفق قاعدة " للذكر مثل حظ الأنثيين"، كما سبق بيانه.
أما محمد بن الحسن، فيقسم المال على أول بطن اختلف فيه من الأصول معتبرا بصفتهم وعدد فروعه دون صفة هؤلاء الفروع.
الحالة 3: تعدد جهات الفروع: وفي هذه الحالة يأخذ الفرع من كل جهة كأنه فرع تلك الجهة فقط، وفيه خلاف أيضا بين أبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله.
مثال: مات رجل عـن:
بنتي بنت هما في نفس الوقت بنتا ابن بنت وعن ابن بنت بنت.
فعند أبي يوسف، يقسم المال باعتبار رؤوس الأبدان وكأن الميت ترك أربع بنات من الجهتين
(أي 2 من جهة الأم و 2 من جهة الأب ) وابن.
أما عند محمد بن الحسن، فيعتبر الجهات في الفروع مع أخذ العدد للأصول من الفروع ويقسم على أعلى خلاف 1 ، وسنترك تفصيل هذه الحالة عند تناولنا كيفية توريث ذي القرابتين من ذوي الأرحام.
الفقرة 2: توريث الصنف الثاني:
إذا وجد أحد من هذا الصنف دون الصنف الأول ولم يوجد معه صاحب فرض ولا عصبة، أخذ كل التركة أو الباقي بعد فرض أحد الزوجين، فإن تعددوا فأولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجة، فإن تساووا فيها فالمدلى بذي فرض أو عاصب مقدم على من يدلى بذي رحم.
مثال: إذا توفيت إمرأة عن: أبي أم أم، وأبي أب أم، فالأول أولى بالميراث لأنه يدلى بصاحبة فرض وهي أم الأم، أما الثاني فهو يدلى بذي رحم وهو أب للأم .
أما إذا تساووا في الدرجة وجهة القرابة (الإدلاء) واتفقت صفة من يدلون به، اشتركوا في الإرث للذكر مثل حظ الأنثيين.

وإذا تساووا في الدرجة وجهة القرابة ( الإدلاء) واختلفت صفة من يدلون به، قسم المال على أول بطن وقع فيه الاختلاف ثم تقسم على فروعه.
الفقرة 3: توريث الصنف الثالث:
إذا انفرد أحد من هذا الصنف ولم يوجد أحد من الصنفين الأول والثاني، حاز جميع التركة أو حاز باقيها بعد فرض أحد الزوجين، وإذا وجد أكثر من واحد وتفاوتوا في الدرجة، كان أولاهم بالميراث أقربهم درجة إلى الميت دون النظر إلى قوة قرابة أصولهم، فبنت الأخ لأم تحوز كل التركة أمام بنت ابن الأخ الشقيق وإن كان أصل الثانية (أخ شقيق) أقوى قرابة من الأولى ( أخ لأم).
فإذا تساووا في الدرجة، كان الذي يدلى بصاحب فرض أو عصبة أولى بالذي يدلى بغير وارث.
مثال: توفي عن: بنت ابن أخ لأب وبنت بنت الأخ الشقيق، فالتركة كلها للأولى دون الثانية لأنها تدلى إلى الميت بوارث وهو ابن الأخ لأب، والثانية تدلى بذي رحم وهي بنت الأخ الشقيق.
فإن تساووا في الدرجة والإدلاء، فإن التفضيل عند أبي يوسف يكون بقوة القرابة، ففرع أولاد الأعيان( ) أولى بالميراث من أولاد العلات( ) وهؤلاء أحق من فروع أولاد الأخياف( ).
أما عند محمد بن الحسن، فيقسم المال على الإخوة و الأخوات على اعتبار عدد الفروع والجهات في الأصول ونصيب كل فريق يقسم على ورثته مثلما بينّا في الصنف الأول.
مثال: مات شخص وترك: ابن وبنت أخت شقيقة، ابن وبنت أخت لأب، ابن و بنت أخت لأم.
فعند أبي يوسف، العبرة بقوة القرابة فيقسم المال بين ابن وبنت الأخت الشقيقة للذكر مثل حظ الأنثيين، فيأخذ الابن الثلثان والبنت الثلث لأن الأخت الشقيقة أقوى قرابة من الاخت لأب والأخت لأم.
أما عند محمد بن الحسن، فإن العبرة بالأصل في الفرع فيقسم المال على الأخت الشقيقة والأخت لأم، فتأخذ الأولى الثلثان لتعدد فروعها (حيث تأخذ حكم التعدد) وتأخذ الأخت لأم الثلث لتعدد فروعها (حيث تأخذ حكم التعدد)، ثم نقسم نصيب كل منهما على ورثتهما و لاشيء للأخت لأب لأنها محجوبة بالأخت الشقيقة التي أخذت حكم التعدد واستنفذ نصيب الأخوات.
وإن استوى أصحاب هذا الصنف في الدرجة والإدلاء وقوة القرابة، قسم الإرث بينهم بالتساوي إن كانوا من جنس واحد، وإن كان بعضهم ذكورا وبعضهم نساءً، فللذكر مثل حظ الأنثيين( ).
الفقرة 4: توريث الصنف الرابع:
يحتوي هذا الصنف على مراتب متعددة ولايستحق هذا الصنف الإرث إلا عند وجود أصحاب الفروض والعصبات والأصناف الثلاثة السابقة ، إذا انفرد واحد منهم أيا كانت مرتبته حاز كل التركة أو الباقي بعد فرض الزوجين.
أما إذا وجد أكثر من واحد وكانوا من طائفة واحدة أي متحدين في الجهة، فيكون التقديم بقرب الدرجة، فالعمومة والخئولة أولى بالميراث من أولادهما وأولادهما أولى من أولاد أولادهما وهكذا.
وإن كانوا من طوائف متعددة، فالتقديم يكون بالجهة، فعمومة وخئولة الميت مقدمون على أعمام وأخوال أبويه، وهؤلاء مقدمون على عمومة جديه وجدتيه وهكذا.
وسنبين فيما يلي كيفية توريث طوائف الصنف الرابع في الفقرات الثلاثة الآتية:
الفقرة 1: عمومة و خئولة الميت و فروعهما:
و نميز فيهم بين طائفتين:

الطائفة الأولى:
و هم الذين يدلون بالميت عن طريق الأب فقط كالعم لأم وعمة الميت لأبوين، أي أن قرابتهم أبوية، أو كانوا يدلون بالأم فقط كالخال، أي أن قرابتهم أموية.
وطريقة توريثهم أنهم إذا اتحدوا في الحيز كأن يكون كلهم من جهة الأب، أو كلهم من جهة الأم، فيستوون في الجهة والدرجة. وعليه، يكون التفضيل بينهم بقوة القرابة، فالعمة لأبوين تحجب العمة لأب، وهذه الأخيرة تحجب العمة لأم، فإن استووا في القوة، قسم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما إذا اختلفوا في الحيز كأن يكون بعضهم يدلى بالأب والآخر يدلى بالأم، فيكون عندئذ لقرابة الأب الثلثان ولقرابة الأم الثلث من غير اعتبار قوة القرابة، فلا يحجب الأقوى من جهة الاب الضعيف من جهة الأم، ثم يقسم المال على ورثة كل واحد.
مثال: ماتت و تركت: عم لأم، عمة شقيقة، عمة لأب، خال لأم، خالة شقيقة، خال لأب، فالخال يكون بإعطاء الثلثين لمن يدلون للميت وهم عم لأم، عمة شقيقة، عمة لأب، والثلث لأقرباء الأم، وهم: الخال لأم، الخالة الشقيقة،( الخالة لأب ) ثم يأخذ أقوى واحد من جهة الأبوة الثلثان لوحده ( وهي الأخت الشقيقة) ويأخذ أقوى واحد من جهة الأمومة الثلث لوحده (وهي الخالة الشقيقة)، فالأقارب لأب يحجبون بعضهم البعض، وكذلك أقارب الأم، لكن الأقوى من جهة الأب لا يحجبون الأضعف من جهة الأم.
الطائفة الثانية:
وتشمل هذه الطائفة فروع العمومة والخئولة، كأولاد العم لأم، وأولاد العمات وبنات عم الميت الشقيق وإن نزلوا، فإذا وجد منهم جمع فإن التفضيل يكون بقوة الدرجة، فابن خالة لأم أقرب في الدرجة من ابن ابن خالة شقيقة.

أما إذا تساووا في الدرجة، واتحد الحيز، كأن يكون جميعا من جهة الأب أو جميعا من جهة الأم، أو كان بعضهم يدلى بعاصب وبعضهم يدلى بذي رحم، فيكون من يدلى بعاصب أولى ممن يدلى بذي رحم.
مثال: بنت عم لأب، ابن عمة شقيقة، فيكون المال كله لبنت العم لأنها تدلى بعاصب خلاف الثاني الذي يدلي بذات رحم.
فإن تساووا في الإدلاء فضلوا بقوة القرابة، فإن استووا قسم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما إذا اختلف الحيز، فيكون لقرابة الأب الثلثان ولقرابة الأم الثلث وفق القواعد السابقة.
الفقرة 2: عمومة وخئولة أبو الميت و فروعهما:
وتشمل هذه الفقرة على الطوائف التالية:
أولا: الطائفة الثالثة و الخامسة ( ) و توريثهما:
والملاحظ في هاتين الطائفتين أن للأب قرابتين، إحداهما من جهة الأب وهي عمته لأم، وعمته الشقيقة والأخرى لأم وهي خالته وللأم كذلك قرابتان، فالحل يكون بإعطاء الثلثان لقرابتي الأب والثلث لقرابتي الأم، ونقيس على ذلك عمومة وخئولة جدي الميت وجدتيه ويتبع في توريث الطائفة الثالثة والخامسة نفس الخطوات المتبعة في توريث الطائفة الأولى.
ثانيا: الطائفة الرابعة والسادسة و توريثهما:
وتشمل الطائفة الرابعة على فروع الطائفة الثالثة، كما تشمل الطائفة السادسة على فروع الطائفة الخامسة، وعليه، فإنه يراعى في توريث هاتين الطائفتين نفس القواعد المتبعة في توريث الطائفة الثانية.
وبعد استعراض كيفية توريث الأصناف الأربعة من ذوي الرحام، وبيان توريث الطوائف الستة للصنف الرابع، نتطرق فيما يلي إلى كيفية توريث ذوي الأرحام مع احد الزوجين، وتوريث ذي القرابتين على طريقة أهل القرابة.
الفرع 3: كيفية توريث الزوجين مع ذوي الأرحام:
نفس الخطوات التي سلكناها في توريث أحد الزوجين مع ذوي الأرحام على طريقة أهل التنزيل، نتبعها في طريقة أهل القرابة مع اختلاف طفيف.
فالزوج يأخذ مقدارا مساويا لأصل مسألة ذوي الأرحام، يعني نصف التركة ثم نجمع نصيبه مع نصيب ذوي الأرحام لنتحصل على أصل المسألة الإجمالية.
وإذا وجدت زوجة فتأخذ نصيبها الأعلى، وهو ثلث ما لذوي الأرحام وهو ربع التركة، ثم نجمع نصيبها مع نصيب ذوي الأرحام لنحصل على أصل المسألة الإجمالية. هذا إذا كان أصل مسألة ذوي الأرحام تقبل القسمة على ثلاثة.
أما إذا لم يقبل أصل مسألة ذوي الأرحام القسمة على ثلاثة، فتأخذ الزوجة نصيب يساوي أصل مسألة ذوي الأرحام على أن يضرب هذا الأخير في ثلاثة ثم يضرب نصيب كل وارث في ثلاثة أيضا، ويكون أصل المسألة الجديد هو مجموع النصيبين (نصيب الزوجة + نصيب ذوي الأرحام)،ولزيادة التوضيح،نضرب المثال التالي:
مات شخص وترك: زوجة أو زوج، بنت البنت، خالة، بنت عم.
فعند أهل التنزيل:
يأخذ الزوج نصيبه الأعلى وهو النصف، ولبنت البنت النصف لأنها بمنزلة البنت، الخالة السدس لأنها بمنزلة الأم، بنت العم تكون عصبة لأنها بمنزلة العم، فيكون أصل مسألة ذوي الأرحام 6.
فيأخذ الزوج نصف التركة وهو يساوي نصيب ذوي الأرحام، أي 6، فيكون أصل المسألة الإجمالي 6 +6 = 12.
الورثة 6
6+6 12
زوج
بنت بنت
الخالة
بنت العم
1/2 3
1/6 1
ع 2 6
6
3
1
2

أما إذا كانت معهم زوجة ترث ثلث أصل مسألة ذوي الأرحام 6÷3=2 فنضم نصيبها إلى نصيب جميع ذوي الأرحام أي 6+2= 8 وهو أصل المسألة الاجمالية فتأخذ الزوجة سهمين، وبنت البنت 3 سهام و الخالة سهم واحد ولبنت العم سهمين، وهذا عند أهل التنزيل. أما عند أهل القرابة، فللزوج النصف و الباقي كله لبنت البنت لأنها من الصنف الأول ويكون للزوجة الربع و الباقي لبنت البنت.
الفرع 4: توريث ذي القرابتين من ذوي الأرحام :
هناك خلاف بين أبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله، وسنوضح فيما يلي طريقة كل واحد منهما مع إعطاء مثال لتوضيحه:
عند أبي يوسف: الأصل الذي ذهب إليه أنه إذا تعدد الاسم بتعدد الجهة يتعدد سبب الإرث فيرث بالجهتين معا، أما إذا اتحد الحيز بجهة قرابة واحدة ولم يتعدد سبب الإرث فلا يرث بالجهتين، وعليه اختلاف الحيز وتعدد القرابة في وارث واحد لا يمكن أن يكون إلا في الصنفين الثاني والرابع لأن الصنفين الأول والثالث لا يأتي فيهما اختلاف الحيز عند تعدد القرابة لأن الصنف الأول هو فروع البنات وبنات الأبناء والثالث هو فروع الأخوات وبنات الإخوة لأم، فالصنف الأول تجمعهم البنوة والصنف الثالث تجمعهم الأخوة، أما الصنف الثاني فهم أجداد وجدات ينتمون إلى الميت بالأب وآخرون ينتمون إليه بالأم، أما الصنف الرابع فهم فروع الأجداد و الجدات.
أما عند محمد بن الحسن: فهو يعتبر الجهات في الأصول لأنه يقسم المال على أول بطن حصل فيه الاختلاف بين الأصول ويأخذ بعين الاعتبار عدد الأصول في الفروع مثلما بيناه سالفا:
مثال: مات وترك بنت بنت هما بنتا ابن بنت، وابن بنت بنت أخرى
فعند أبي يوسف: يقسم المال بين الفروع باعتبار الأبدان،
كأن الميت ترك 4 بنات: اثنتين من جهة الأم و اثنتين
من جهة الأب وابن، فيكون أصل المسألة من 3
تأخذ البنتان المتفرعتان من جهة الأم و الأب الثلثان
و يأخذ الابن الثلث لأنه عاصب.
أما عند محمد بن الحسن: فيقسم المال على أعلى بطن وقع فيه الاختلاف هو البطن الثاني وفيه ابن ابن كابنين (لأن عدد فروعه 2) و فيه بنتان الأولى تحسب كبنتين (لأن عدد فروعها2) أما الأخرى فتحسب واحدة لأن عدد فروعها 1 فيكون أصل المسألة هو مجموع رؤوس الابنين، و3 بنات أي 7 ثم نجعل الذكور طائفة و البنات طائفة، وندفع لسهام كل وارث على النحو الذي سبق بيانه.
أما إذا أردنا حل المثال السابق بطريقة أهل التنزيل، فإننا نلاحظ اتفاق الأصول بالأنوثة، وبعد التنزيل مرتين نحصل على 3 بنات فتحصل الأولى على الثلث وتدفعه إلى البنت التي تدفعه إلى بنتها (على أساس أننا نزلنا مرتين) والثلث للبنت الثانية ويدفع إلى بنت ابنها، وبالتالي تحصل البنتين على الثلثين و الثالث يأخذ الثلث الباقي لابن بنت البنت.
الفصل الثاني: أحكام توريث ذوي الأرحام في التشريع الجزائري.
" نتعرض في هذا الفصل إلى حكم توريث ذوي الأرحام في التشريع الجزائري، ومرتبتهم القانونية، ثم موقفه من طرق توريث ذوي الأرحام".
المبحث الأول: موقف قانون الأسرة من توريث ذوي الأرحام
نتناول في هذا المبحث حكم توريث ذوي الأرحام ومرتبتهم القانونية.
المطلب الأول: حكم توريث ذوي الأرحام:
لقد رُتِّب ذوي الأرحام ضمن الأصناف الوارثة، وذلك في الفصل الثاني المتعلق بأصناف الورثة بالمادة 139 من قانون الأسرة التي تنص على ما يلي: " ينقسم الورثة إلى":
1. أصحاب الفروض.
2. عصبة.
3. ذوي الأرحام.
كما نصت المادة 168 المذكورة في الفصل السادس تحت عنوان: "العول والرد والدفع"، وهي الوحيدة المتعلقة بذوي الأرحام على كيفية توريثهم بنصها:
" يرث ذو الأرحام عند الاستحقاق على الترتيب الآتي:
أولاد البنات وإن نزلوا، وأولاد بنات الابن وإن نزلوا".
فأولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجة، فإن استووا في الدرجة، فولد صاحب الفرض أولى من ولد ذي الرحم، فإن استووا في الدرجة، ولم يكن فيهم ولد صاحب فرض أو كانوا كلهم يدلون بصاحب فرض، اشتركوا في الإرث".


وتنص الفقرة الثانية من المادة 167 المتعلقة بالرد على ذوي الفروض على ما يلي:
" ويرد باقي التركة إلى أحد الزوجين إذا لم يوجد عصبة من النسب أو أحد من أصحاب الفروض النسبية أو أحد ذوي الأرحام".
وفي الفصل العاشر المتعلق بقسمة التركات، نصت المادة 180 في فقرتها الأخيرة على ما يلي:
" فإذا لم يوجد ذوو الفروض أو عصبة، آلت التركة إلى ذوي الأرحام، فإن لم يوجدوا، آلت إلى الخزينة العامة".
فكل هذه المواد سالفة الذكر (139، 167، 168، 180) تدل دلالة واضحة على موقف قانون الأسرة الجزائري من مسألة توريث ذوي الأرحام، حيث يتجلى منها أنه أخذ بمذهب القائلين بتوريث ذوي الأرحام، وهو مذهب الصحابة والتابعين وبه أخذ المتأخرون من الشافعية والمالكية، وأسوة لما ذهبت إليه مختلف التشريعات العربية، مثل قانون الأحوال الشخصية المصري والسوري ومدونة الأحوال الشخصية المغربية ومجلة الأحوال الشخصية التونسية.
حيث نص المشرع المصري على ميراث ذوي الأرحام، وجعل قرابة الرحم سببا للإرث بالمادة السابعة التي تنص: " من أسباب الإرث القرابة بالرحم"، وتناول في الباب الخامس إرث ذوي الأرحام ابتداءًا من المادة 31 التي تنص على ما يلي:
" إذا لم يوجد أحد من العصبة بالنسب، ولا أحد من ذوي القروض النسبية، كانت التركة أو الباقي منها لذوي الأرحام، وذوو الأرحام أربعة أصناف مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي:
- الصنف الأول: أولاد البنات وإن نزلوا، وأولاد بنات الابن وإن نزلوا.
- الصنف الثاني: الجد غير الصحيح وإن علا، والجدة غير الصحيحة وإن علت.
- الصنف الثالث: أبناء الإخوة لأم وأولادهم وإن نزلوا، وأولاد الأخوات لأبوين أو لأحدهما وإن نزلوا وبنات الإخوة لأبوين أو لأحدهما وأولادهن وإن نزلوا، وبنات أبناء الإخوة لأبوين أو لأب وإن نزلوا وأولادهن وإن نزلوا.
- الصنف الرابع: يشمل ست طوائف مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي:
 الأولى: أعمام الميت لأم وعماته وأخواله وخالاته لأبوين أو لأحدهما.
 الثاني,: أولاد من ذكروا في الفترة السابقة وإن نزلوا وبنات أعمام الميت لأبوين أو لأب وبنات أبنائهم وإن نزلوا وأولاد من ذكرنا وإن نزلوا.
 الثالثة: أعمام أبي الميت لأم، وعماته وأخواله وخالاته لأبوين أو لأحدهما وأعمام الميت وعماته وأخواله وخالاته لأبوين أو لأحدهما.
 الرابعة: أولاد من ذٌكروا في الفقرة السابقة وإن نزلوا وبنات أعمام أبي الميت لأبوين أو لأب وبنات أبنائهم وإن نزلوا وأولاد من ذكروا وإن نزلوا.
 الخامسة: أعمام أبي أبي الميت وأعمام أبي أم الميت وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما لأبوين أو لأحدهما وأعمام أم أم الميت وأم أبيه وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما لأبوين أو لأحدهما.
 السادسة: أولاد من ذكروا في الفقرة السابقة وإن نزلوا، وبنات أعمام أبي أبي الميت لأبوين أو لأب وبنات أبنائهم وإن نزلوا، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا وهكذا.
وحسنا فعل المشرع عندما أخذ برأي القائلين بتوريث ذوي الأرحام، إذ الظاهر أن عموميات القرآن الكريم تذهب إلى ما ذهبوا إليه، ومن ذلك قوله تعالى: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"، بحيث تشمل هذه الآية كل أصحاب الفروض والعصبات وذو الرحم، وفي قوله تعالى أيضا:" للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون..."،

فكل قريب للميت سواء من الرجال أو النساء، تشملهم هذه الآية، وكل ما في الأمر أن آية المواريث قدّمت بعضهم على بعض.
ضف إلى ذلك، أن الأحاديث الصحيحة والثابتة في ميراث الخال والخالة وابن الأخت تأكد أحقية ذوي الأرحام في الميراث( ).
ثم إن الصحابة رضي الله عنهم كعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أنزلوا الخالة منزلة الأم، والعمة منزلة الأب عند فقدان أحد من ذوي الفروض والعصبات.
كما أن هذا المذهب أقرب للحق والعدل لما فيه من مراعاة صلة الرحم التي أمر الله تعالى أن توصل بين الأقارب.
لكن الإشكال يكمن في عدم تعريف المشرع الجزائري لذوي الأرحام خلافا لما فعله مع بقية الأصناف الوارثة، حيث عرّف أصحاب الفروض بالمادة 140 من قانون الأسرة وعرّف العصبات بالمادة 150 من نفس القانون.
وبالرجوع إلى المادة 168 نجد أنها نصت على صنف واحد من ذوي الأرحام وهم أولاد البنات وإن نزلوا، وأولاد بنت الابن وإن نزلوا، وكأن المشرع حصر ذوي الأرحام في هذه الطائفة فقط، في حين أن ذوي الأرحام في الشريعة الإسلامية أوسع نطاقا، وكذلك في التشريعات العربية المختلفة( )، حيث نقول أن المشرع لم يعتبر طوائف متعددة على أنهم من ذوي الأرحام، رغم أنهم شرعا كذلك، ومثال ذلك: العمة، الخالة، الخال، ابن الأخت لأبوين أو لأحدهما، والجد لأم، وهو الذي لم يقل به أحد. (لذلك كان الأولى على المشرع الجزائري وضع تعريف لذوي الأرحام).

المطلب الثاني:المرتبة القانونية لذوي الأرحام في الإرث:
قد تقدم أن المشرع رتب الورثة المستحقين للتركة على مراتب ودرجات، ولا جرم أن أصحاب الفروض الذين لهم نصيب مقدّر في الكتاب والسنة( )، هم أصحاب الدرجة الأولى، ولا يوجد خلاف في إثبات هذا الصنف من الوارثين، ولا في تقدّمه على غيره،ويليهم في الدرجة أصحاب العصبة، وهم الذين يستحقون باقي التركة بعد أصحاب الفروض، ويستحقون التركة كلها إذا لم يوجد أحد من أصحاب الفروض، لكن ما هي مرتبة ذوي الأرحام من الإرث بالرد (فرع 1)؟ وما هي مرتبتهم من بيت المال (فرع 2)؟
الفرع الأول: مرتبة ذوي الأرحام من الإرث بالرد:
لقد نصت المادة 167 من قانون الأسرة الجزائري في الفصل السادس المتعلق بالعول والرد والدفع على ما يلي: " إذا لم تستغرق التركة ولم يوجد عصبة من النسب، رد الباقي على غير الزوجين من أصحاب الفروض بنسبة فروضهم، ويرد باقي التركة إلى أحد الزوجين إذا لم يوجد عصبة من النسب أو أحد أصحاب الفروض النسبية أو أحد ذوي الأرحام".
ويستخلص من ظاهر النص أن المشرع الجزائري أخذ بمذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، وهو مذهب إليه الأحناف والحنابلة ومتأخري المالكية والشافعية في القول بالإرث بالرد.
كما يلاحظ أن المشرع أخذ مذهبا وسطا، فأخذ بمذهب القائلين بالرد على ذوي الفروض بنسبة فروضهم باستثناء الزوجين، وأخذ من جهة أخرى برأي عثمان بن عفان رضي الله عنه في القول بالرد على جميع أصحاب الفروض مطلقا من غير استثناء، أي الرد على الزوجين أيضا، وذلك في حالة عدم وجود قرابة نسبية وعدم وجود أحد من ذوي الأرحام مراعيا في ذلك رابطة الزوجين في الحياة، إذ هي أقوى من بعض المستحقين كالخزينة العامة مثلا.
ومن ثمة، يكون المشرع قد جعل مرتبة ذوي الأرحام متأخرة عن مرتبة الرد على ذوي الفروض النسبية، ومقدّمة على الرد على أحد الزوجين، أي أنه جعل مرتبة ذوي الأرحام تتوسط الرد على أصحاب الفروض والرد على أحد الزوجين، وهي مرتبة مستحدثة من المشرع الجزائري.
وقد بيّنّا فيما سبق أن الرد على جميع أصحاب الفروض بنسبة فروضهم باستثناء الزوجين هو أقوى الأقوال، خلافات لما ذهب إليه عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فرع 2: مرتبة ذوي الأرحام من بيت المال (الخزينة العامة):
تنص المادة 180 الفقرة الأخيرة من الفصل العاشر المتعلق بقسمة التركات على ما يلي: " فإذا لم يوجد ذوو فروض أو عصبة، آلت التركة إلى ذوي الأرحام، فإن لم يوجدوا، آلت إلى الخزينة العامة".
يتضح من هذا النص أنه إذا لم يوجد أحد من أصحاب الفروض أو العصبات أو ذوي الأرحام، فإن التركة تؤول إلى بيت مال المسلمين﴿ ﴾، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو الأساس الذي توضع بموجبه التركة في الخزينة العامة؟، فهل توضع على أساس أن الخزينة العامة وارثة نيابة عن المسلمين؟ أم أنه توضع فيه على أساس أنه مال ضائع؟
والذي يظهر لي أن المشرع اعتبر التركة مالا ضائعا لعدم وجود مستحق له، فحتى لا يبقى كذلك، توضع في الخزينة العامة على سبيل المصلحة وليس على سبيل الإرث.
لذا، نصت المادة 773 من القانون المدني في الفصل الثاني المتضمن لطرق اكتساب الملكية أنها تنص على ما يلي:
" تعتبر ملكا من أملاك الدولة جميع الأموال الشاغرة التي لها مالك، وكذلك أموال الأشخاص الذين يموتون من غير وارث أو الذين تهمل تركتهم".
كما تنص المادة 48 من القانون رقم 90/30 المتعلق بالأملاك الوطنية﴿ ﴾:
"الأملاك الشاغرة والأملاك التي لا صاحب لها ملك للدولة طبقا للمادة 773 من القانون المدني"، وكذلك نصت المادة 51 من نفس القانون على ما يلي:" إذا لم يكن للعقار مالك معروف أو توفي مالكه دون أن يترك وارث، يحق للدولة المطالبة، بواسطة الأجهزة المعترف بها قانونا، أمام الهيئات القضائية المختصة بحكم يصرح بانعدام الوارث يصدر حسب الشروط والأشغال السارية على الدعاوى العقارية، ويتم ذلك بعد القيام بإجراء تحقيق من أجل التحري والبحث عن الملاك المحتملين أو الورثة، ويترتب على الحكم بعد أن يصبح نهائيا، تطبيق الحراسة القضائية مع مراعاة أحكام المواد 827 إلى 829 من القانون المدني.
وبعد انقضاء الآجال المقررة قانونا حسب الحكم الذي يصرح انعدام الوارث، يمكن للقاضي أن يعلن الشغور حسب الشروط والأشغال المقررة في القانون، والتصريح بتسليم أموال التركة كلها".
حيث يستفاد من المواد سالفة الذكر أن الخزينة العامة للدولة تملك أموال الأشخاص الذين يموتون من غير وارث ليس بسبب الإرث بل من جهة المصلحة، لأن الخزينة العامة لو كانت وارثة لما احتاجت إلى مثل هذه الإجراءات القضائية والأشكال والشروط المقررة في القانون المدني المتعلقة بالحيازة والتقادم المكسب.
كما أن المادة 139 من قانون الأسرة في الفصل الثاني المتعلق بأصناف الورثة قسمتهم إلى ثلاثة أقسام: أصحاب الفروض و عصبة و ذو الأرحام، ولم تذكر الخزينة العامة الأمر الذي يرجح أن مآل التركة إليها، إنما هو على سبيل المصلحة لا على سبيل الإرث، والظاهر أن تقسيم الورثة في المادة السالفة جاء حصرا لا تمثيلا.
ولا يخفى أن صيرورة تركة الميت إلى بيت المال على أنه مال ضائع هو مذهب الحنفية والحنابلة، وإذا كان قانون الأسرة ذهب إلى هذا الرأي، فإن الأرجح قولا أن بيت المال وارث من ولا وارث له لجملة الأحاديث الدالة على ذلك، فهو وارث للميت نيابة عن المسلمين عند انعدام الوارث.
وسواء وضعت التركة في الخزينة العامة على أساس أنها مال ضائع أو على أساس أنها وارث نيابة عن المسلمين، فإن المتفق عليه قانونا أن مرتبة ذوي الأرحام مقدّمة في الإرث على الخزينة العامة.
وعليه، فإن مرتبة ذوي الأرحام في التشريع الجزائري تأتي بعد أصحاب الفروض والعصبات والرد على ذوي الفروض ما عدا الزوجين وتسبق الرد على الزوجين والخزينة العامة، فلا يجوز الانتقال من درجة إلى أخرى إلا بعد توريث الطبقة الموالية، فلا يجوز توريث ذوي الأرحام بوجود أصحاب الفروض والعصبات مثلا، وهذا ما أكّده قضاء المحكمة العليا في الملف رقم 446 256 الصادر بتاريخ 18/04/2001 في قضية ﴿ب.ب﴾ ضد ﴿ف.ب﴾، حيث تتلخص وقائع القضية في وفاة شخص وترك أخت لأبد، 7 بنات، 3 أبناء البنت، حيث قضى مجلس قضاء الجزائر بتأييد الحكم المستأنف الصادر عن محكمة سيدي أمحمد بتاريخ 05/12/1998 الذي قضى برفض دعوى المدعية شكلا لانعدام الصفة، ذلك لأنهم نزلوا أبناء البنت الذين هم من ذوي الأرحام منزلة أمهم معتبرين كلمة الأحفاد الواردة في المادة 169 تشمل أبناء الابن وأبناء البنت، فحجبت بذلك الأخت لأب فانعدمت صفتها.
غير أن المحكمة العليا نقضت القرار محل الطعن بالنقض على أساس أن تفسير قضاة الموضوع الرامي إلى أن الشرع سوّى بين ابن الابن وابن البنت هو تفسير خاطئ للقانون، فأبناء الأبناء الصلبيون أي الذين ينحدرون من جهة الذكورة وأبناء البنت من ذوي الأرحام، وهو غير حاجبين لأصحاب الفروض طبقا للمادة 168 من قانون الأسرة، ومعنى أن الشرع خص أبناء الابن في المادة 164/2 بحجب الأخت لأب، ولا يعني أبناء البنت لأنهم من ذوي الأرحام.



المبحث الثاني:موقف المشرع الجزائري من الطرق الاجتهادية في توريث ذوي الأرحام:
نتعرض في هذا المبحث إلى الطريقة التي اختارها المشرع الجزائري في توريث ذوي الأرحام في المطلب الأول ثم توضيح كيفية توريثهم على ضوء المادة 168 من قانون الأسرة في المطلب الثاني.
المطلب الأول: تأثر المشرع بطريقة أهل القرابة:
يلاحظ جليا من نص المادة 168 من قانون الأسرة، وهي الوحيدة المتعلقة بذوي الأرحام أن المشرع أخذ بمذهب أهل القرابة كطريقة لتوريث ذوي الأرحام﴿ ﴾ وتقسيم التركة عليهم متبعا في ذلك العديد من قوانين الأحوال الشخصية العربية﴿ ﴾.
والذي يظهر لنا بعد تطرقنا إلى الطرق الاجتهادية في توريث ذوي الأرحام ﴿الرحم، التنزيل، القرابة﴾ أن طريقة أهل التنزيل أرجح الطرق في توريثهم، ذلك أنها تقوم على الأسس العامة للميراث بعد تنزيل ذي الرحم منزلة من يدلي به حتى نصل إلى الوارث، كما أن هذه الطريقة منقولة على الصحابة والتابعين، وبها أخذ علماء المالكية والشافعية المتأخرون والقائلون بتوريث ذوي الأرحام، وهذا خلاف ما استقر عليه المشرع الجزائري بالمادة 168 من قانون الأسرة.
كما أن المشرع الجزائري عند أخذه بمذهب أهل القرابة كطريقة لتوريث ذوي الأرحام، كان لزاما عليه ذكر الأصناف الأربعة كاملة مع ذكر طوائف الصنف الرابع مع ترتيب الأولويات في الإرث بين كل طائفة وأخرى من جهة، وبين ذوي الأرحام الذين ينتمون إلى طائفة واحدة من جهة أخرى،

خلافا لما أخذ به القانون الجزائري، حيث تناول الصنف الأول فقط من الأصناف الأربعة، وهم أولاد البنات وإن نزلوا، وأولاد بنات الابن وإن نزلوا، ومن ثم، فإن عبارة "على الترتيب الآتي" لم تعد تحمل أي معنى إذ لا ترتيب مع أصناف غير مذكورة أصلا.
وبناءً على ما تقدم، يجب تفادي النقص الذي يعتري هذه المادة، وذلك بذكر بقية الأصناف مع بيان كيفية توريثهم في مواد مستقلة أسوة بمذهب أهل القرابة وبقوانين الأحوال الشخصية العربية.
ويلاحــظ من جهة أخرى قصور قانون الأسرة الجزائري فيما يتعلق بتوريث ذوي الأرحام، حيث لم يتناول كيفية توريث ذي القرابتين أو ذي الجــهتين وعدم تعرّضه أيضا لكيفية تـــوريث الزوجين مع ذوي الأرحام، عكس مذهب أهل القرابة نفسه الـــذي أخذ به المشرع الجزائري.
المطلب الثاني:كيفية توريث ذوي الأرحام في التشريع المعمول به:
رأينا فيما سبق أن المشرع الجزائري حصر ذوي الأرحام فيما يلي:
1. أولاد البنات مهما نزلت درجتهم ذكورا أو إناثا، مثل: ابن البنت وبنت البنت...
2. أولاد بنات الأبناء وإن نزلوا، مثل: بنت بنت البنت، ابن بنت الابن.
فإذا انفرد واحد من هذا الصنف كبنت البنت أو ابن البنت، ورث التركة كلها، أو الباقي بعد فرض أحد الزوجين، فإن كانوا جمعا اثنين فأكثر، فيتم توريثهم على النحو التالي:
أولا: إذا تفاوتوا في الدرجة:
وذلك بأن يكون بعضهم أقرب إلى الميت في الإدلاء، أي بقلة الوسائط، فأولاهم بالميراث في هذه الحالة أقربهم إلى الميت درجة، وذلك من غير النظر إلى من ينتسب به.
مثال: مات وترك: بنت البنت، ابن بنت الابن.

فتأخذ بنت البنت كل التركة ويحجب ابن بنت الأب بقوة الدرجة لأن الأولى يدلي إلى الميت بواسطة واحدة وهي البنت، بينما الثاني، يدلي بواسطتين هما بنت الابن والابن.
ثانيا: إذا تساووا في الدرجة:
وذلك بأن كان كل منهم يدلي إلى الميت بدرجتين أو ثلاث، فنكون أمام ثلاث احتمالات:
احتمال 1: أن يكون بعضهم ولد الوارث دون الآخر.
احتمال 2: أن يكونوا جميعا ولد وارث.
احتمال 3: أن يكونوا جميعا أولاد غير الوارث.
أما الاحتمال الأول: فيكون فيه ولد الوارث أولى من ولد ذي الرحم اتفاقا لأن ولد الوارث أقرب حكما من ولد ذي الرحم، والترجيح يكون بالقرب الحقيقي إن وجد، وإلاّ فبالقرب الحكمي.
كما لو توفي عند: بنت بنت ابن، بنت ابن بنت، وابن ابن بنت.
في هذا المثال، اتحدت درجة الوارثين لأن كلا منهم ينتسب إلى الميت بدرجتين، غير أن الأولى، وهي بنت بنت ابن تحجب باقي الورثة من ذوي الأرحام، لأنها بذات فرض أي أنها تنتسب إلى الميت بوارث، وهي بنت الابن، أما الثانية، فتدلي بذي رحم وهو ﴿ابن بنت﴾، وهو غير وارث، والثالثة تدلي بذي رحم أيضا، وهو ﴿ابن البنت﴾.
الاحتمال الثاني: بأن كان الكل ولد وارث، فيقسم المال بينهم بالتساوي للذكر مثل حظ الأنثى، وهذا بدليل العبارة الواردة في آخر المادة " اشتركوا في الإرث"، والشركة عند إطلاقها تعني التساوي عكس طريقة القرابة الذي يقسم أصحابها المال في هذه الحالة للذكر مثل حظ الأنثيين، وعكس المشرع المصري الذي نص في المدة 38: " في إرث ذوي الأرحام يكون للذكر مثل حظ الأنثيين".

مثال: مات وترك: بنت بنت ابن، ابن بنت ابن.
فالمال بينهم بالتساوي، فيكون أصل المسألة من 2، لبنت بنت الابن 1 ولابن بنت الابن 1، لأن كليهما يدلون بصاحب فرض، وهي: بنت الابن.
وأما الاحتمال الثالث: بأن يكونوا جميعا غير وارثين، فهم على وصفين:
1. الوصف الأول: أن تكون صفة أصولهم متفقة ذكورة وأنوثة، فتكون القسمة على الفروع اتفاقا، فإن كانوا ذكورا فقط أو إناثا فقط، أخذ كل واحد منهما بالسوية لعدم وجود مرجح لأحدهما على الآخر.
وإن كانوا مختلطين ذكورا وإناثا، فيعطي الذكر ضعف الأنثى.
مثال: توفي وترك: ابن بنت بنت، وبنت بنت بنت، فكل منهما يدلي بذي رحم، وهو بنت البنت، وهي غير وارثة، كما أن صفة أصولهم اتحدت بالأنوثة، فعند طريقة أهل القرابة يقسم المال أثلاثا للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما في التشريع الجزائري، فيقسم المال بالتساوي بينهم.
2. الوصف الثاني: أن تكون صفة أصولهم مختلفة ذكورة وأنوثة، فسواء اتحد الفروع أو تعدد فروع الأصول، فإن المشرع يسوي بينهم عكس أهل القرابة الذين اختلفوا في هذه الحالة بين مذهب أبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله كما سبق بيانه.
وتجدر الإشارة في الأخير أن المشرع لم ينص على ذي الرحم الذي يدلي بالعاصب ولم يرتبهم ضمن أولويات توريث ذوي الأرحام، لأنه لم يعتبرهم كذلك كبنت العم، بنت الأخ الشقيق، أو لأب، حيث نص على الطائفة الأولى دون سواهم.

وهـــــــذه جملة النقائص التي أردنا إدراجــــها مــع المقــترحات التي بدت لنا في خاتمة هذه المذكرة، وذلك لإعادة النظر فيها حتى يجد المكلف بالتــــوريث عند الرجوع إلى القانــــون سهولة ويسر في تطبيق طريقة أهل القرابة، وإن كنا نرى أن طريقة أهل التنزيل هي الأولى بالتطبيق ليسرها وقربها من القواعد العامة للميراث.

الخاتمة:
بعد التطرق إلى هذا الجانب الهام من جوانب علم الميراث والمتمثل في توريث ذوي الأرحام بالكشف عن حكم ونظام توريثهم مع اختلاف الطرق الاجتهادية في ذلك وأساس كل طريقة، يتبين لنا المرونة التي تتميز بها الشريعة الغراء وعمقها وتعدد مصادرها.
فقد اقتضت حكمة الشارع زيادة التوسعة على الأمة، وذلك بفتح باب لاستخراج الأحكام من النصوص الشرعية في المسائل المتجددة، إذ من المقرر شرعا أن ما ثبت من حكم بنص صحيح فهو حكم ثابت وشرع محكم لا يدخله التبديل، ولا يقبل التغيير، ولا يسوغ لأحد مخالفته مهما تباعدت الأزمان وتبدلت الأحوال كأحكام المواريث الثابتة بهذا الشكل، لأن لهذه النصوص أصالة وحصانة، فلا يجوز لأحد الاجتهاد مع وجود النص.
وأما المسائل التي لم يرد فيها حكم شرعي، ككيفية توريث ذوي الأرحام وتوريث الزوجين معهم، أو ذي القرابتين منهم، أو ثبت فيها نص ولم يكن صحيحا كتوريث ذوي الأرحام، فتحتاج هذه المسائل إلى حكم شرعي، لذا وضع الله تبارك وتعالى قواعد وضوابط مستوحاة من الكتاب والسنة، كي تفهم على أساسها النصوص، وتستنبط الأحكام، غير أن هذه الأحكام ليست كلها محل اتفاق العلماء، لذلك يتفرع من اختلافهم أحكام شرعية متباينة، كما رأينا في موضوع بحثنا هذا سواء في حكم توريث ذوي الأرحام أو في كيفية توريثهم.




هذا وقد أشرنا إلى الثغرات القانونية التي تعتري المادة 168 من قانون الأسرة، لذلك نرى وضع الاقتراحات التالية أمام المشرع الجزائري للأخذ بها:
أولا: لقد أورد المشرع أصناف الورثة في الفصل الثاني منه، حيث قسمتهم المادة 139 من قانون الأسرة إلى ثلاثة أقسام، بحسب الأولوية، فبدأ بأصحاب الفروض، ثم أعقبهم بالعصبات، ثم أخيرا ذوي الأرحام.
والملاحظ أنه عرف أصحاب الفروض في المادة 140 من قانون الأسرة بقولها: " ذوو الفروض هم الذين حددت أسهمهم في التركة شرعا". تم التعرض في الفصل الثالث لتعريف العاصب، حيث نص على ذلك بالمادة 150بقولها: "العاصب هو من يستحق التركة كلها عند انفراده، أو ما بقي منها بعد أخذ أصحاب الفروض حقوقهم، وإن استغرقت الفروض التركة فلا شيء له".
وترك الصنف الثالث من الورثة من غير تعريف، لذا اقترح وضع مادة تتناول تعريف ذو الأرحام تعريفا اصطلاحيا لئلا يلتبس بالمعنى اللغوي الذي يشمل الأصناف الثلاثة ﴿ذوو الفروض والعصبات وذوو الأرحام﴾، ويكون التعريف بالصيغة التالية:
" ذو الرحم هو كل قريب ليس بصاحب فرض مقدّر شرعا ولا عصبة"﴿ ﴾.

ثانيا: اقتراح الأخذ بطريقة أهل التنزيل في توريث ذوي الأرحام بدلا من طريقة أهل القرابة التي أخذ بها المشرع الجزائري، لأنها طريقة تتفق وأصول التوريث بين الورثة الأصليين ولكونها سهلة من حيث



التطبيق، كما أنه ليس معهودا في قسمة التركات _ كما ذهب إليه أهل القرابة_ أن يحجب فرد واحد من الفروع كل الأصول ومن يليهم من الإخوة والأخوات والأعمام وأبنائهم.
وفضلا عن ذلك، فإن أهل التنزيل هم الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون من المالكية والشافعية والحنابلة.
ثالثا: وفي حالة التمسك بطريقة أهل القرابة المعمول بها حاليا في توريث ذوي الأرحام، ونظرا لخلوه من بيان الطبقات الثلاثة المتبقية وطوائف الصنف الرابع وكيفية توريثهم، فإننا نقترح تفاديا للنقص الذي يعتري القانون، وجوب ذكر الأصناف الأربعة كاملة وطوائف الصنف الرابع مع النص على كيفية توريث كل صنف في مواد مستقلة، كما فعل المشرع المصري في المادة 31 وتضمنه مشروع القانون المتعلق بالأحوال الشخصية﴿ ﴾ في المواد من 157 إلى 168.
رابعا: كما لوحظ قصور القانون من حيث عدم تناوله لميراث ذوي القرابتين، مما قد يكون سببا لإصدار أحكام مختلفة إذا لم ينتظم بنص قانوني، لذا فإنه يستحسن وضع مادة خاصة تتعلق بتوريث ذي القرابتين من ذوي الأرحام، وذلك تبعا لقوانين الأحوال الشخصية العربية على غرار المشرع المصري في المادة 37 وتضمنه المشروع سالف الذكر بالمادة 167.

خامسا: نقترح وضع مادة أخرى مستقلة ضمن الفصل الخاص بالدفع إلى ذوي الأرحام، توضع قاعدة عامة تبيّن بموجبها كيفية توريث ذوي الأرحام مع أحد الزوجين بحيث تحصلان على فرضهما الأعلى من غير نقص ولا زيادة كما سبق بيانه.


سادسا: نلاحظ عدم استقامة ترتيب الورثة من الناحية الشكلية، حيث نجد الفصل الثاني من الكتاب الثالث يتناول ذوي الفروض والفصل الثالث يتناول العصبة، فكان أولى للمشرع أن يضع ذوي الأرحام في الفصل الرابع، وذلك مراعاة لترتيب أصناف الورثة المذكورين بالمادة 139 من نفس القانون عكس ما فعل المشرع، حيث نجد الدفع إلى ذوي الأرحام موضوعا في الفصل السادس مع العول والرد.

وعلى غرار أصحاب الفروض والعصبات، نقترح وضع ذوي الأرحام في الفصل الرابع بدلا من الفصل السادس بصورة مستقلة ومنفصلة عن العول والرد بإدراج كل طبقات ذوي الأرحام والنص على كيفية توريثهم وتوريث ذي القرابتين منهم وثيقة توريث الزوجين معهم، وذلك في فصل واحد هو الفصل الرابع.

قائمة المراجع:
 تفسير القرآن العظيم لابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن كثير القريشي الدمسقي ـ دار المعرفةـ 1388 هـ ـ 1969 م.
 السنن الكبرى للبيهقي: أبو بكر أحمد بن الحسن بن علي ـ دار الفكر ـ بيروت.
 مسند الإمام أحمد بن حنبل ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة، 1463، 1983 م.
 فتح الباري شرح صحيح البخاري للعسقلاني: شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر ـ دار المعرفة ـ بيروت.
 صحيح الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة، ومع شرح ابن العربي المالكي ـ دار الكتاب العربية ـ بيروت.
 سنن ابن ماجة: أبو زيد عبد الله محمد بن يزيد القرويني ـ دار التراث الإسلامي ، 1395 ـ 1975.
 أحكام التركات والمواريث لمحمد أبو زهرة ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة.
 ذوو الأرحام في أحكام المواريث، محمد علي فركوس ـ دار تحصيل العلوم.
 مختصر تفسير ابن كثير: محمد الصابوني ـ دار القرآن الكريم، بيروت.
 صحيح مسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ـ مطبعة مصطفى البابي الحلبي ـ القاهرة.
 المواريث في الشريعة الإسلامية: الشيخ محمد علي الصابوني، مكتبة الرحاب ـ الجزائر.
 دروس في الفرائض: شحاتة عبد الغني الصباغ ـ منشورات وزارة الشؤون الدينية الأولى 1413 هـ \ 1993 م.
 أحكام المواريث في الشريعة الإسلامية لعيسوي أحمد عيسوري ـ مطبعة دار
التأليف ـ الطبعة السادسة.
 أحكام الميراث في قانون الأسرة الجزائري، فشار عبد الله ـ دار الخلدونية ـ الجزائر.
 أحكام التركات والمواريث لبدران أبو العينين بدران ـ دار المعارف ـ 1966 م.
 الأمر رقم 75 ـ 58 المؤرخ في 20 رمضان 1395 هـ الموافق لـ 26 سبتمبر سنة 1975 المتضمن القانون المدني.
 قانون 84 ـ 11 المؤرخ في 9 رمضان 1404 هـ الموافق لـ 9 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة.
 قانون رقم 90\30 المؤرخ في 14 جمادى الأولى عام 1411 الموافق للفاتح ديسمبر سنة 1990 يتضمن قانون الأملاك الوطنية.
 مشروع القانون المتعلق بقانون الأحوال الشخصية مودع لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني من قبل الحكومة بتاريخ 29 سبتمبر 1981.









 


قديم 2011-02-13, 19:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-02-16, 14:29   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك جزيل الشكر و العرفان على هذا الموضوع










قديم 2011-02-17, 07:22   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك .................................










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الارجاء, اشكالات, توريث


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc