الجنسية في القانون الجزائري - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الجنسية في القانون الجزائري

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-11, 21:36   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 الجنسية في القانون الجزائري

الخطـــة المتبعـــة

مـقـدمـة.
الفصل الأول: القواعد الموضوعية في الجنسية الجزائرية.
المبحث الأول: ثبوت الجنسية الجزائرية.
المطلب الأول: ثبوت الجنسية الجزائرية بصفة أصلية.
الفرع الأول: ثبوت الجنسية الجزائرية عن طريق رابطة الدم.
الفرع الثاني: ثبوت الجنسية الجزائرية عن طريق رابطة الإقليم.
الفرع الثالث: ثبوت الجنسية الجزائرية عن طريق الجمع بين رابطة الدم و رابطة الإقليم.
المطلب الثاني: ثبوت الجنسية الجزائرية بصفة لاحقة ( الجنسية المكتسبة).
الفرع الأول: اكتساب الجنسية الجزائرية بفضل القانون.
الفرع الثاني: اكتساب الجنسية الجزائرية بالتجنس.
الفرع الثالث: اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الاسترداد.
الفرع الرابع: آثار الجنسية المكتسبة.
المبحث الثاني: فقدان الجنسية الجزائرية.
المطلب الاول: الفقد الإرادي للجنسية الجزائرية.
الفرع الاول: الجزائري الذي اكتسب عن طواعية في الخارج جنسية أجنبية.
الفرع الثاني: حالة الجزائري- و لو كان قاصرا- الذي له جنسية أجنبية أصلية و أذن له بموجب مرسوم بالتخلي عن الجنسية الجزائرية.
- 06 -
الفرع الثالث: حالة المرأة الجزائرية التي اكتسبت فعلا جنسية زوجها الأجنبي بسبب زواجها و أذن لها بموجب مرسوم بالتخلي عن الجنسية الجزائرية.
الفرع الرابع: حالة الجزائري الذي يعلن عن تنازله عن الجنسية الجزائرية طبقا للفقرة 3 من المادة 17 من قانون الجنسية.
الفرع الخامس: آثار فقد الجنسية في الحالات السابقة.
المطلب الثاني: الفقد اللاإرادي للجنسية الجزائرية.
الفرع الاول: إسقاط الجنسية الجزائرية.
الفرع الثاني: التجريد من الجنسية الجزائرية.
الفرع الثالث: سحب الجنسية الجزائرية.
- 07 -
الفصل الثاني: القواعد الشكلية في الجنسية الجزائرية.
المبحث الأول: مسألة الإثبات في مواد الجنسية.
المطلب الاول: عبء الإثبات في الجنسية الجزائرية.
المطلب الثاني: وسائل الإثبات في الجنسية الجزائرية.
الفرع الاول: وسائل إثبات الجنسية الوطنية ( الجزائرية ).
الفرع الثاني: وسائل إثبات الصفة الأجنبية.
المبحث الثاني: المنازعات المتعلقة بالجنسية الجزائرية.
المطلب الاول: الإختصاص القضائي في مسائل الجنسية.
الفرع الأول: الإختصاص الوطني ( الداخلي ).
الفرع الثاني: الإختصاص الدولي للجهات القضائية الجزائرية في مسائل الجنسية.
المطلب الثاني: حجية الأحكام الفاصلة في مسائل الجنسية.
الفرع الاول: أسباب منح أحكام الجنسية الحجية المطلقة.
الفرع الثاني: الحجية في أحكام المحاكم غير المختصة بصفة أصلية.

خـاتـمــة.


















مــقــدمــة

بســــم الله الرحمـــن الرحيــم
و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، تتويجا لنهاية التكوين فـي المدرسة العليا للقضاء، تم تكليفنا بإعداد مذكرة للتخرج، يتعلق موضوعهـا بأحكام الجنسية في القانون الجزائري.
فنحن جميعا نعلم بان الفرد يرتبط في حياته بعدة روابط تجمعـه مع عائلته، مجتمعه، أمته...، و لعل أهم رابطة من بينها تلك التي تجمعه مع دولته و ذلك لما ينجم عن هذه الرابطة من التزامات يتحملها و حقوق يتمتع بها، و تتجسد هذه الرابطــة فـي الجنسية كنظام قانوني يحكم هذه العلاقة. و الدولة كشخـص من أشخـاص القانون الدولي العام المعترف بها من قبل الدول الأخرى، و التي تمـارس سلطـة فعلية على ارضي وسكان معينين مع تمتعها بأهلية تمثيل مصالحها الوطنية، و هي بهذا المفهوم تمثل أهم عنصر في رابطة الجنسية و ذلك لكونها صاحبة السيادة في تحديد مواطنيها بمعنى عنصر الشعب فيها، فلا تقوم الدولة دون هذه العنصر أو الركن الأساسي، كما أن الشعب يتميز عن غيره من الشعوب بانتمائه الى هذه الدولة.
غير أنه قد يجتمع في شعب دولة واحدة عدة أمم، كما قد تتوزع أمـة واحدة على شعوب عدة دول، فالجنسية بالتالي تعبر عن الرابطة القانونيـة بين الدولة و مواطنيها، بينما تتميز الأمة باعتبارها رابطة اجتماعية تعبر عن انتماء روحي أكثر منه قانوني.



مقـدمـة

و من الجهة الثانية للعلاقة نجد الفرد، الذي يرتبط بالدولة مـن خـلال حمل جنسيتها، فالشخص الطبيعي بتمتعه بجنسية دولة ما يصبح جزء منهـا أينما حل في غيرها من الدول، بمعنى أنه يستفيد مـن حمايـة تلك الدولـة دبلوماسيا إذا ما تعرض الى أي إشكال في الخارج، كما أن له أن يشارك في الحياة القانونية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية ... لدولته .
أما الشخص المعنوي، فقد اصطلح علـى استعـارة مفهـوم الجنسيـة لتحديد النظام القانوني الذي يرتبط به، فهو بهذا المفهوم يختلف عن الشخـص الطبيعي الذي تعبر جنسيته عن وضعية اجتماعية أكثر منها قانونية، بينمـا الشخص المعنوي فجنسيته تعبر عن وضعه القانوني و الاقتصادي من خلال الخضوع لقانون دولة جنسيته.
كما لا يفوتنا في هذا المقام أن نشير الى أن اصطلاح الجنسية يطلـق على بعض الأشياء للدلالة على ارتباطها بقانون الدولة الذي يحكمها، فنجـد أغلب التشريعات تتعرض لجنسية البواخر و الطائرات و السفن للتعبير عـن انتمائها لتلك الدولة، فمثلا قانون الجنسية الجزائري في مادته الخامسة ينص على أن << يفهم من عبارة بالجزائر مجموع التراب الجزائـري و الميـاه الإقليمية الجزائرية و السفن و الطائرات الجزائرية>>.
و تبعا لما سبق ذكره فإنه يعود للدولـة صلاحيـة تحديـد مواطنيهـا و ذلك مـن خلال تنظيم قواعد الجنسية في تشريعها الداخلي، و هـذا مـا استقـر عليـه المجتمع الدولي، بعد استبعاد نظرية العقد للتعبير عن الطبيعة

مقـدمـة

القانونية لرابطة الجنسية و التي كانت سائدة خـلال القـرن التاسـع عشـر ميلادي. ذلك أن إرادة الفرد أو الدولة لا تتدخل في ولادة شخص على إقليـم دولــة ما أو مـن دم شخص ينتمي لدولة أخرى، فبمجرد حصـول هـذه الحالات الواقعية تثبـت الجنسية للفرد.
و مسألة الإرادة ربما لا زال من الممكن طرحها عند الحديـث عــن اكتسـاب الجنسية.
و لقد كرس مبدأ سيادة الدولة في وضع تشريع لتنظيم جنسيتهـا فـي اتفاقيــة " لاهاي" المؤرخة في 12/04/1930 و في عـدة آراء لمحكمـة العدل الدوليـة و لقد نتج عن هذا المبدأ وجود حـالات عديـدة لأشخـاص يحملون عدة جنسيات و أشخاص آخرين لا يحملون أية جنسية، و هـذا مـا يعرف بتعدد الجنسيات في الحالة الأولى و في الحالة الثانية بانعدام الجنسية.
و الدولة الجزائرية كسائر الدول بعد أن استعادت سيادتها الوطنية بدفع ثمن باهضا من دماء شعبها، يصير لها مطلق السيادة في وضع قانون تحدد من خلاله أحكام التمتع بجنسيتها، و الأمر 70/86 المؤرخ في 17 شـوال 1390 هجرية الموافق لـ 15/12/1970 هو التشريع المنظم لمادة الجنسية الجزائرية، و الذي جاء معدلا لقانون الجنسية الصادر تحت رقم 63/96 بتاريخ 27/03/1963.
فالجزائريون إبان فترة الاستعمار لم يكونوا متمتعين بحقوق المواطنـة الفرنسية كما هو الشأن بالنسبة لليهود أو المعمرين الفرنسيين، فقد كـان أول



مقـدمـة

ظهور لكلمة << الجزائر >> في أمر 31/10/1838، كمـا أن دستــور
1848 اعتبر اقليم الجزائر اقليما فرنسيا، هذا الإقليم الـذي تحـدد بموجـب
اتفاقيتي طنجـة (10/09/1848) و لالة مغنية ( 18/09/1845) غيـر أن تناول الجزائريين كأفراد ظهر في المرسوم التشريعي المـؤرخ فـي: 14/08/1865 في عهد نابليون الثالث، و الذي فتح المجال للاستفـادة مـن حقوق المواطنة الفرنسية من خلال طلب التجنس الذي يمنح بمرسوم.
و لم يفد قانون << جونار >> المؤرخ في 04/02/1919 فـي إزالـة التمييـز بين طالبي التجنس من اليهود و المسلمين الجزائريين إذ انه تعلـق فقط بالذين خدموا فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى. و في الواقع أن شرط التخلـي عن تطبيق الشريعة الإسلامية في حالة التجنس فرنسيـا هو الـذي يفسـر قلـة طلبات التجنس من طرف المسلمين و كثرتها من اليهود.
و خلاصة هذه المرحلة أنه رغم وجود عـرف دولـي يقضـي بـأن للمواطنين في الأقاليم المستعمرة او الملحقة جنسية البلد المستعمر، فإنه على الصعيد الداخلي كان هناك دوما تمييز بين السكان الأصليين ( الجزائريين ) من جهة و المستعمرين و اليهود كفرنسييـن من جهـة أخـرى إذ يعتبـر الجزائريون رعايا و الآخرون مواطنون. و ظل الأمر كذلك إلى غاية صدور أمر 07/03/1944 ( الجنرال دوقول) الذي نص في مادته الأولى على تمتع فرنسيي الجزائر المسلمين بكافة الحقوق و خضوعهم لكافة واجبات الفرنسيين غير المسلمين.





مقـدمـة

و صدر بعدها قانون " لامين" المؤرخ في 07/05/1946 الذي ساوى بين المواطنين الفرنسيين و رعايا أقاليم ما وراء البحار، و الجزائر من بينها.
و بالتالي أصبح هنالك في الجزائر نوعين من المواطنين الخاضعين للتشريع
الإسلامي، و الخاضعين للقانون المدني.
إلا انه و إثر سبع سنوات من الكفاح المرير و المستميت رضخت فرنسا للتفاوض مع الجزائريين حول حريتهم، فأبرمت مع الحكومة المؤقتة اتفاقيات " إيفيان " سنة 1962 لينال الشعب الجزائري استقلاله في الخامس من جويلية سنة 1962 بعد أن كتب اسمه في التاريخ بأحرف من دم.
فقانون الجنسية الجزائرية لسنة 1963 كان لا بد من تعديلــه لمــا احتـواه من أحكام اقتضتهـا ظـروف اتفاقيـات " إيفيان " خاصـة فيمـا يتعلـق بالفرنسـي بالجزائر من غير أصل جزائري.
و سنحاول من خلال هذا العمل أن نناقش مختلـف أحكــام قانـون الجنسيـة الجزائري الحالي بناءا على الخطة الموضحـة أدنـاه و التــي اعتمدنـا فيهـا التفريق بين القواعد التي تنظم موضوع مادة الجنسية و هـو محتوى الفصـل الأول، و القواعد التي تنظم المسائل الشكلية و هو محتـوى الفصل الثاني.







بعد أن حاولنا التعرض لبعض الجوانب الفقهية و التاريخية في مقدمة هذا العمل نبدأ بهذا الفصل الذي اخترنا له العنوان المذكور أعلاه، ألا و هو القواعد الموضوعية و الذي سنحاول من خلاله تفصيل مسألتين أساسيتين متعلقتين بالشروط و الحالات و تفصيلها و آثارها، المتعلقة بثبوت الجنسية الجزائرية و هو مضمون المبحث الأول أما في المبحث الثاني فسنفصل في فقدان الجنسية الجزائرية و سيكون ذلك كما يلــي:

















- 10-
الـفـصـل الأول

المبحـث الأول: ثبـوت الجنسيـة الجزائريـة:

يبدو أن الفقه استقر أغلبه على فكرة أن الجنسية رابطة بين الفـــرد والدولة، و من المعلوم أن لكل شيء سببا، فتمتع فرد بصفته الجزائرية التـي تنجم عنها آثار مهمة على مستواه و مستوى الدولة الجزائرية له أسبابه فـلا يمكن تصور أن الفرد يعد جزائريا بصورة فجائية حتى و لو كانت مسألــة منحة تتكـرم بهـا عليه السلطات الجزائرية فلكي تثبت للفرد جنسية الدولـة لا بد أن تتوافر فيـه شروط وأسباب و التي قد تخرج عن إرادته كولادته من دم جزائري أو على إقليم جزائري أو قد تتعلق بإرادته كأن يتجنس بالجنسية الجزائرية، فيكـون ثبوت الجنسية في المثالين الأولين بصفة أصلية و منـذ بداية الحياة القانونيـة للشخص و هذا مضمون المطلب الأول، أو قد يكـون ثبوت الجنسية الجزائرية بصفة لاحقة و هو ما يعبر عنه المثال الثاني و هو أيضا مضمون المطلـب الثانـي.










- 11 –

الـفـصـل الأول

المطلـب الأول: ثبـوت الجنسيـة الجزائريـة بصفـة أصليـة:

إن أي ملاحـظ اليوم إلى النسيج البشـري و فـي دولـة مهما كانت نوعيـة علاقاتها الدولية أو علاقات رعاياها ببقية رعايا الدول الأخرى، فإنـه يجد أن هنالك من سيكون انتماؤه لتلك الدولة أقوى من غيره فبذلك نجد أن هنالك من له جنسيـة أصليـة و هنالك من تكون له الجنسية إلا أنها ليست أصلية، و قد تعددت نظرات الفقه لهذه المسألة، و أردنا طرحها في بداية دراسة هذا المطلب حتى لا نعود إليها مرة أخرى، فنحن نجد أن من يكتسب هذه الجنسية أو تلك ليس كمن كانت له منذ ميلاده، لذلك فإن وصف الجنسية بأنها أصلية هو تمييز لها عمن تثبت له بعد ميلاده دون أن ترتب آثارها من لحظته بل من لحظة ثبوتها لذلك يرى د.عز الدين عبد الله بوصفه ما سنتطرق له في هذا المطلب بجنسية الميلاد أو جنسية الأصل (1)، فهي تثبت للفرد بميلاده، و نجد معيارين أو أساسيين أو سببين لهذا الثبوت الأول يتعلق بالدم أو بثبوت النسب من أصل معين و الثاني يتعلق بأن يتم الميلاد على الإقليم فتمنح الجنسية لصاحبه بناء على ذلك، إلا أنه من المتبع دوليا هو أخذ كلا المعيارين و إضافة معيار آخر ثالث لهما إن صح التعبير هو خليط
(1)- الدكتور عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص الجزء الأول الطبعة 11 مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 155


- 12 -


الـفـصـل الأول


بينهما فيكون ثبوت نسب أو ارتباط عرقي معين مع وقوع الميلاد على الإقليم سببا لثبوت الجنسيـة للفـرد. فأهمية اتخاذ أحد هذه المعايير أو كلها تكمن في تحديد أكبر قسم مـن عنصر الشعب أو السكان في الدولة، فالملاحظ أن أغلب حاملي الجنسية فـي أي دولة مهمـا كانت طبيعة أنظمتها السياسية أو الاجتماعية يكونون من فئة أصحاب الجنسية الأصلية أو جنسية الميلاد و هذا سبب كافي لبيان أهميتهـا. و قبـل تفصيـل المعايير التي اتخذها المشرع الجزائـري بتحديــد الجنسية الجزائريـة الأصلية و بيان ثبوت الجنسية الأصلية بناء علـى كـل منها لابد من التذكيـر أن مفهـوم الجنسية كرابطة بين الفـرد والدولة لـم تعد كمـا فـي السابـق قائمـة علـى الانحدار من جنــس معيـن أو الانتمـاء إلـى أمة أو قوميـة محـددة بـل أصبحت المسألــة أكثـر دقــة مــن الانتماء القبلي أو غيرها من الأسس العنصريــة لتحديـد الجماعـات، فقــد أصبحـت الجنسية اليوم كرابطة مهمة في الدولة تقوم على اعتبارات أخرى أولهـا الاعتبـارات السياسيـة لتليهـا الاعتبـارات الاقتصاديـة، و لكـن الاعتبـارات الاجتماعيـة تراجعـت ورغم ذلك سنلاحظ فيما يأتــي أن الجزائـر ككتلـة اجتماعيـة لازالـت تعتمـد هـذا المعيار أي الانتمـاء إلى الجماعــة أو الانحـدار مـن السلالـة الأصليـة لتحديد مواطنيها رغــم الإستثناءات المسجلة بفعل الواقــع أو نبص القانون.




- 13 -
الـفـصـل الأول


و نجد بالتالي أن أمامنا ثلاثة فروع لابد من تفصيلها الأول يتعلــق بثبـوت الجنسية الجزائرية عن طريق رابطة الدم و الثانـي عبـر رابطـة الإقليـم و الأخير عبر الجمع بين الرابطتين.


















- 14 –

الـفـصـل الأول

الـفـرع (1): ثبوت الجنسية الجزائرية عن طريق رابطة الدم:

تنص المادة السادسة من قانون الجنسية الجزائرية على ما يلي:
<< يعتبر من الجنسية الجزائرية بالنسب:
1- الولد المولود من أب جزائري
2- الولد من أم جزائرية وأب مجهول
3- الولد المولود من أم جزائرية و أب عديم الجنسية.>>
فنجد أن بمقتضى هذه المادة أن من ينتمي بنسبه لأب جزائري يعد جزائريـا بالنسب و هذه الصياغة تعبر أن الأساس هنا هو الانتماء لأصل جزائــري و النسب هو تعبير عن رابطة الدم، وإيراد المشرع الجزائري لهذا الأسـاس لثبوت الجنسية الجزائرية و جعله أول أسباب ثبوت الجنسية الجزائريـــة الأصلية أو بالميلاد لم يكن سوى وفاء لأول أسباب الانتماء و هو النسب أو الأسرة، و الذي يعد منذ القدم أول أشكال التجمع و الذي كان يظهر في شكل العائلة أو الأسرة، فكان توثيق هذا السبب لثبوت الجنسية بصفــة أصليـة و اعتماده قبل غيره ليس إلا تجذيرا للأصل الجزائـري و تكريســا لأول مظاهر التجمع و هو الانتماء الأسري و الدمي و الذي يعد أسـاس قيــام الدولة بمفهومها المعاصر و أول مظهر لها، حتى قبل تطـور البشريـة. لكن المسألة لم تكن بهذه البساطة بدايـة الأمر، و مع أن ذلك لا يمكن طرحه إلا بشكل انفرادي بالنسبة لبعض العينات من الأشخاص إلا أن الأمر قبل أكثر من ثلاثة أجيال كان صعبا جدا، و توضيح ذلك يكمن في الإطلاع على نص المادة 32 من قانون الجنسية التي جاء فيها: << عندما يدعــي
- 15 -

الـفـصـل الأول

شخص الجنسية الجزائرية كجنسية أصلية، يمكن إثباتها عن طريق النسـب بوجــود أصلين ذكرين من جهة الأب مولودين في الجزائـر و متمتعيـن بالشريعــة الإسلامية... >> و رغم أن مسألة الإثبات سيأتي تفصيلها على حدى في الفصل الثاني المتعلق بالقواعد الشكلية التي تحكم مسائل الجنسيـة، إلا أنه لابـد مـن الإشارة أن مسألة تحديد من يكون جزائريـا بداية قبـل الحديث عن ثبـوت الجنسية الأصلية لفروعه طرحت مع فجر الاستقــلال، فالمعلوم أن الدولة الجزائرية هي دولة فتيـة و أن سنوات الاحتلال خلفـت إرثـا سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا معقدا فكان من الصعب الحديث عــن << الجزائري >> و تمييزه عن غيره خاصة مع عوامل و ظـروف تلك الفترة – ما بعد الاستقلال مباشرة - فأهمية تحديد الجزائري عن غيره تصبح مسألة سيادة خاصة إن تعلـق الأمر بسيادة استعيدت منذ شهور إن لم نقـل أيام لا غير، فكانت المادة 34 من قانون الجنسية الجزائري لسنة 1963 لـم تختلف كثيرا عن مضمون المادة 32 المذكورة أعلاه و المطبقة حاليا، فكانت تلك الفترة هي من الصعوبة بمكان لتحديد الجزائري نسبا فيكـون جزائريـا أصليا كفئة أولى يتحدد بها النسيج البشري للمجتمع و الكيان الجزائـري. و التعليق بعدما ذكرنا على اعتماد وجود أصلين ذكرين فـي عمـود النسب الجزائري و أن يكون مولدهما بالجزائر مـن جهـة، ثـم الخضـوع للنظـام الإسلامي أو التمتع بالشريعة الإسلامية من جهة أخـرى، فالتعليـق على كل هذا يقودنا إلى تحديد الجيل الأول من الجزائريين في ظـل الدولـة الحديثـة التـي سيكون فيما بعد تحديد من يعد جزائريا للانتماء إليهم ليصبح

- 16 –

الـفـصـل الأول

أمـرا أيسر و أسهل بتطبيق المعيار على الحالة المعروضة مباشــرة دون عنـاء كالـذي يذكر عند هذا ا لجيل الأول إن صح التعبير (1). و خلاصة ما تم التطرق إليه هو أن هذا المعيار أي رابطــة الــدم كأسـاس لتحديد الجزائري الجنسية بصفة أصلية كان يعتمد عناصر أخـرى عند بدايـة تطبيقه مع قانون 1963 للجنسية خاصة مع تلك الظروف. فالمادة السادسة بالتالي تضع لثبوت الجنسية الجزائريـة الأصلية عـن طريق رابطة الدم شرطين أساسييـن، أولهمـا تمتــع الأب بالجنسيــة الجزائرية وقت ولادة الطفـل و الثانـي هو ثبوت نسـب الطفل مـن أبيـه الجزائري.

الشــرط 1: تمتع الأب بالجنسية الجزائريـة عند ولادة الطفـل:

و مقتضى هذا الشرط هو أن يكون هذا الأب جزائريـا عنــد ولادة طفلـه، و إثبـات ذلك يكون بإبراز شهادة الجنسية إن وجدت مـع أن الأمر يكون بصورة آلية عندما تكون مسألة ثبوت الجنسية للأب غير متنازع فيها،
و إلا تصبـح المسألـة محتاجة للإثبات، و معناه الرجوع للمادة 32 مـن قانـون الجنسيـة و لقواعـد الإثبات التي سيلي تفصيلها لاحقا، فيصبـح ثبوت جنسية الأب عند لحظة الميلاد منهيا للمسألة، و لقد قدمنا الحديث و لو بشكل مختصر عن بداية تطبيق هذه الحالة.

(1)- بهذا الصدد لا بد من تحديد التطور التاريخي لوضعية الجزائريين قبل و أثناء فترة الإستعمار و عند نهايته و للتفصيل راجع الدكتور محند إسعاد القانون الدولي الخاص الجزء الثاني ص 140 و ما بعدها.
- 17 -
الـفـصـل الأول

و مسألة ثبوت الجنسية الجزائرية للأب لا يهـم معهـا أن تكـون أصليـة أو مكتسبة كما أن جنسية الأب عند حمـل الأم بولدها لا تهـم مـع حصول الميلاد في حال تكون معها جنسيته جزائريـة، و تكون جنسية الابن هنا جنسية أصلية. كذلك لا يغير في الشرط شيء عنـد حصول وفـاة الأب قبل لحظة ميلاد ابنه طالما أنه كان جزائريا لحظة وفاته، و هذا رغم ما أثاره الفقه من جدل حول ثبوت الجنسية للابن مع حالة الوفاة.
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن قيام الزوجية غير مشروط لثبوت الجنسية للابن، إذ أن قيامها عند الحمل كاف ووقوع الطلاق قبل الولادة لا يمس من انتماء الابن لأبيه نسبا و بالتالي لا يختل الشرط كمـا أن مكـان الميلاد سواء في الجزائر أو الخارج لا يؤثر على ثبوت الجنسية لعدم نص المادة عليه فالنص جاء عاما.

الـشـرط 2: - ثبوت نسب الطفل من أبيه الجزائري:

و للحديث عن هذا الشرط لا بد من العودة إلى الحالات التي يثبت فيها نسب الابن لأبيه في ظل القانون الجزائري، و رجوعا لنص المادة 40 مـن قانـون الأسرة نجد معها أن النسب يثبت بالزواج الصحيـح و بالإقــرار و البينـة، و بنكاح الشبهة، و بكل نكـاح تم فسخه بعد الدخول، و تضيـف المادة 41 أن النسب يكون للولد من أبيه متى كـان الـزواج شرعيـا و لـم ينفه بالطـرق الشرعية، فإن ثبوت النسب طبقا لأحكام قانـون الأســـرة الجزائري، و عدم نفيه من الأب هو أساس رابطة الدم التـي تجعـل الولـد

- 18 -
الـفـصـل الأول

يحمـل من أبيـه جنسيـته الجزائريــة و بصفـة أصليـة و عمومـا لا
يمكـن أن يثبـت في ظل القانون الجزائري نسب لطفل من أبيه بغير علاقة شرعية ناجمة عن زواج صحيـح أو نكاح ثبت معه نسـب الولـد بصفـة شرعية إذ أن النسب لدينا لا يثبـت مـن علاقة غير شرعية حتـى مــع الإقرار بهذا النسب من الأب فهو لا يفيد بهـذه الحال و لا يضفي الشرعيـة على نتاج تلك العلاقة بأي حال من الأحـوال.
و جدير بالإشارة هنا إلى أن توقيت ثبوت السب للابن من أبيه الجزائري لا يهم، فقد يكون بعد الولادة إلا أنه بمجرد حصوله يرتب أثره رجوعا إلـى تاريخ الميلاد، كما أن هذا الثبوت لا يمكنه بأي حال أن يمس بحقوق الغيـر حسن النية الذي تعامل مع الابن على أنه أجنبي.
و أخيرا و بتوافر شرطي هذه الحالة و هما تمتــع الأب بالجنسيــة الجزائرية و ثبوت نسب ابنه منه يكون للابن و فروعه من بعـده الجنسيـة الجزائرية بصفة أصلية ثابتة عن طريق رابطة الدم أي بالإنتساب لأبيهــم الجزائري، إلى أن يحصل عنها تخلي. دون ان يؤثر عليها اكتساب جنسيـة أجنبية و ثبوتها لهم لإختلاف إقليم الميلاد مثلا.
و كان فيما سبق الحديث عن الحالة الأولى التي خصصنا لها هذا الفرع و هي الحالة الأصلية الأساسية و القاعدة العامة التي يعتمـد فيهـا المشـرع الجزائـري على رابطة الدم أساسا لثبوت الجنسية الجزائرية و فيمـا يلـي اعتماد رابطة الدم عن طريق جهة الأم أو ما يعبر عنه بثبوت الجنسية عـن طريق رابطة الدم الأمومية، و هي حالات خاصة كانت لها ظروفها فلا تكون لكل من كانت أمه جزائريـة الجنسيـة، الجنسية الجزائريـة الأصليـة.

- 19 -
الـفـصـل الأول

الـفـرع الثانـي: ثبوت الجنسيـة الجزائريـة عن طريق رابطة
الإقليم:

لقد ذهبت معظم التشريعات العالمية و من بينها التشريع الجزائري إلى الأخذ برابطة الإقليم كأساس للجنسية الأصلية.
و يقصد برابطة أو حق الإقليم أن الدول تمنح جنسيتها الأصلية لكل مولود يولد على إقليمها دون الاعتداد باعتبارات أخرى مثلا الجذور العائلية له. و إذا كانت الدول حرة في اتخاذ الإقليم كأساس لمنح جنسيتها، فإن هناك قيدا على هذه الحرية من القانون الدولي الوضعي مفاده عدم تطبيـق حــق الإقليم كأساس للجنسية الأصليـة على أولاد الأشخاص الذين يتمتعــون
بالحصانـة الدبلوماسية (1). و لقد سبق أن ذكرنا أن الجزائر أخذت برابطة الإقليم كأساس لمنـح الجنسيـة الأصلية الجزائرية، و لكن هذا الأمر كان بصفة استثنائية إذ أن الأصل في قانون الجنسية الجزائري هو منح الجنسية الأصلية على أساس رابطة الدم. و نشير إلى أن المشرع الجزائري اعتبر المقصود من عبارة الجزائــر مجموع التراب الجزائري و المياه الإقليمية الجزائرية و السفن و الطائرات الجزائرية و هذا حسب المادة 5 من قانون الجنسية.

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب القانون الدولي الخاص الجزء الثاني تنازع الإختصاص القضائي - الجنسية - 2003 ص 110 – دار هومة

- 20 –

الـفـصـل الأول

و لقد أورد الأمر 70-86 المتضمن قانون الجنسية الجزائري في مادتـه 07 الحالة الوحيدة التي أخذ فيها المشرع الجزائري برابطة الإقليـم لمنـح الجنسية الجزائرية الأصلية و التي تنص كما يلي: << يعتبر من الجنسيـة الجزائرية بالولادة في الجزائر. 1- الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين. غير أن الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين يعد كأنـه لـم يكـن جزائريا قط إذا أثبت خلال قصوره انتسابه إلى أجنبي و كان ينتمـي إلـى جنسية هذا الأجنبـي وفقا لقانون جنسية هذا الأخير.
إن الولد الحديث الولادة الذي عثر عليه في الجزائـر يعد مولودا فيها ما لـم يثبت خلاف ذلك.......... >>.
فطبقا لهذه المادة فإن الحالة التي أخذ فيها المشرع الجزائـري برابطـة الإقليم، هي حالة الولد المولود من أبوين مجهولين و ألحـق بها كذلك حالـة الولـد الحديث العهد بالولادة الذي يعثر عليه في الجزائر.
و بالتالي كل مولود ولد بالجزائر من أبوين مجهولين أو عثـر عليه و هـو حديـث عهد بالولادة، تمنح له الجنسية الجزائرية و ذلك تفاديا من وقوعه في حالة انعدام الجنسية.
و جاء المشرع في المادة 07 بشرطين أساسيين من أجل منح الجنسيـة الجزائرية الأصلية بناءا على حق الإقليم و هما:



- 21 –

الـفـصـل الأول

1- شـرط الـولادة بالجزائـر:

فلكي تثبت الجنسية الأصلية حسب هذه المادة يجب أن يكون الولد مولـودا بالجزائر أي بأحد المستشفيات الوطنية مثلا أو عثر عليه في الجزائر و هـو حديث العهـد بالولادة أمام أحد المساجد أو الملاجئ أو المستشفيات...ألـخ و يشترط النص أن يكـون الطفل حديث عهد بالولادة حتى تقوم القرينة علـى انه ولـد بالجزائـر، و هـذه المسألة مسألة واقع تخضع لتقدير القضاء فإذا ثبت أنه غير حديث عهد الولادة فيما يكون قد ولد بإقليم آخر أخذ جنسيته (1).
و لكن حسب رأي الأستاذ بلقاسم أعراب فإن هناك فرقا بين الولــد المجهول الأبوين و اللقيط، و هذا عكس ما ذهب إلي البعض بالقول أن اللقيط هو مجهول الأبوين مثل الدكتور علي علي سليمان. و يتجلى الفرق في كون أن مجهول الأبوين واقعة ميلاده ثابتة في الجزائر منذ البداية كأن تضع المرأة في المستشفى مولودا ثم تغادره قبل الكشف عن هويتها و هوية والد الطفـل، بينما في حالة اللقيط فواقعة الميلاد غير ثابتة فبالإمكان أن يكون مولودا فـي الخارج و أتي به إلى الجزائر (2).

(1)- الدكتور علي علي سليمان - القانون الدولي الخاص- طبعة 2000 ديوان المطبوعات الجامعية ص 245.
(2)- الدكتور بلقاسم أعراب نفس المرجع السابق ص 189.



- 22 -
الـفـصـل الأول

2- شرط كون الولد مجهول الأبوين:

و مفاد هذا الشرط أن يكون كلا الوالدين مجهولين غير معروفيـن و يعتبـر الولـد مجهـول الأبويـن حتـى و إن كانـت الأم معـروفـة الهويــة ( أي معروفة الاسم ) لكنها مجهولة الجنسية، فهو من جهة ليس بلقيط كون أمه غير مجهولة فهي معروفة للناس، و من جهة أخرى فهـو لـيس بولـد معروف الجنسية لأن أمه غير معروفة الجنسية.
و بعد معرفتنا لهذان الشرطان نصل إلى القول أنه و حسـب دائمـا المـادة 07 السالفة الذكر فإنه إذا ما ثبت نسب الولد إلى أجنبي ذكرا كان أم أنثى و قانون جنسيتهما يسمح بإلحاق جنسيتهما به تسقط الجنسية الجزائرية
عنه، و لكن بشرط أن يثبت نسبه خلال قصره و بالضبط قبـل بلـوغ سـن
الواحد و العشرين.
و قد اختلف الفقه في مسألة نسبه فهل يجب أن يثبت نسبه طبقا لقانون جنسية من يثبت نسبه منه أو طبقا لقانون البلد الذي وجد به. و يرى أغلبيـة الفقه أن ثبـوت النسب يجب أن يتم طبقا لقانون جنسية من يريد إثبات نسبه منه من الأبوين، بينما كان القضاء الفرنسي يرى و تسايره الهيئات الرسمية في فرنسا أن ثبوت النسـب يجب أن يتم طبقا للقانون الذي وجد اللقيط بإقليم دولته، و كانوا يستدلون على ذلك بأن النص الفرنسي لسنة 1945 ينص: << إذا كان قانون جنسيـة هـذا الأجنبـي يعطيه جنسيته >>، مما يفهم منه بمفهوم المخالفة أن الرجوع إلى قانون جنسيـة الأجنبـي إنما يكـون فقـط


- 23 -
الـفـصـل الأول

لمعرفة ما إذا كان يعطيه جنسيتـه و ليس لثبوت النسب (1).
و تجدر الإشارة في آخر المقام انه في حالة حصول الولد مجهــول الأبوين على جنسيته سواء من جهة الأم أو من جهة الأب، فإن ذلك يتم بأثر رجعي طبقا للمادة 07 من قانون الجنسية التي تنص <<...........يعد كأن لم يكن جزائريا قط >>.























(1)- الدكتور علي علي سليمان نفس المرجع السابق ص 246.





- 24 -
الـفـصـل الأول

الـفـرع الثالـث : ثبوت الجنسية الجزائرية عن طريق الجمع بين رابطة الدم و الإقليم:
لقد سبق و إن رأينا الحالات التي أخذ فيها المشرع الجزائري رابطة الدم كأساس لثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية، و الحالات التي اخذ فيهـا برابطـة الإقليـم. أمـا في هذا المقام سنرى الحالة التي جمع فيهـا المشـرع بين رابطـة الإقليـم و رابطة الدم، و هي حالة وحيدة جاءت في المادة 07/2 من قانون الجنسية التي تنص: <<الولد المولود في الجزائر من أم جزائرية و من أب أجنبي هو نفسه مولـود فـي الجزائر إلا إذا رفض الجنسية الجزائرية في أجل مدته عـام قبل بلوغـه سـن الرشد>>. فما نلاحظه من خلال هذه المادة أن المشرع أخذ برابطـة الـدم مـن جهـة الأم باشتراطه أن تكون الأم جزائرية، و برابطة الإقليم من جهة الولد و والده باشتراطه أن يكون الولد مولودا بالجزائر، كذلك الأمر بالنسبة للأب. و تجد هذه المادة تبريرها في أن الطفل المولود في الجزائر من أب نفسه مولود في الجزائر، و أم جزائرية، يعد مندمجا اندماجا كاملا في الشعب الجزائري، و ولاؤه للبلد الأجنبي يكون قد تلاشى نهائيا و استبدل بولائه للجزائر(1). و تجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة أي الجمع بين حق الإقليم و حق الدم يطلق عليه الفقه تسمية حالة الميلاد المضاعف و ترجع هذه التسمية إلى اشتراط المشرع ميلاد كل من الطفل و أبيه في الجزائر.

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب نفس المرجع السابق ص 190.

- 25 -

الـفـصـل الأول

و دائما و في إطار المادة 07/2 من قانون الجنسية الجزائري اشتـراط المشـرع الشروط الآتي بيانها من أجل منح ثبوت الجنسية الجزائريـة الأصلية و هي:
1- أن تكون ولادة الطفل قد تمت في القطر الجزائري. 2- أن تكون ولادة أب الطفل قد تمت كذلك في الإقليم الجزائري. 3- أن تكون أم الطفل جزائرية الجنسية و لا يهـم إن كانـت جنسيتـها أصليـة أم مكتسبة. و بالتالي متى اجتمعت هذه الشروط الثلاثة ثبتت الجنسية الجزائرية الأصلية للطفل بأثر رجعي أي ابتداء من تاريخ ازدياده. إلا أن المشرع الجزائري و بموجب المادة 7/2 دائمـا وضـع إمكانية رفـض الجنسية الجزائرية للولد الذي سبق الحديث عنه، و قيد هذا الرفض بشرط إعلانه في أجل عام قبل بلوغه سن الرشد. و على صعيد آخر نجد المادة 8/2 من قانون الجنسية تنص: << إن إعطاء صفة مواطن جزائـري منذ الـولادة و كذلك سحـب هـذه الصفـة أو التخلي عنهـا بموجب أحكام الفقرة 3 من المادة 6 و الفقرتيـن 1 و 2 من المادة 7 لا يمس بصحة العقود المبرمة من قبل المعني بالأمـر و لا بصحة الحقوق المكتسبة من قبل الغير استنادا إلى الجنسية الظاهرة المكتسبة سابقا من قبل الولد >>. و بالتالي حسب هذه المادة فإن تخلي الولد عن الجنسية الجزائرية في الأجل المحدد له بعام قبل بلوغه سن الرشد لا يمكن في أي حال من الأحوال
- 26 -
الـفـصـل الأول

أن تمـس بصحة العقود المبرمة من طرفه و لا بصحة الحقوق التي اكتسبها و كـل هـذا استنادا إلى الجنسية الجزائرية الظاهرة بحيث أن الولد كان يظهر للغيـر بمظهـر الجزائري و على هذا الأساس قبلوا التعامل معه.


















- 27 -
الـفـصـل الأول
المطلـب الثانـي:ثبـوت الجنسيـة الجزائريـة بصفـة لاحقـة (الجنسية المكتسبة ):

على خلاف الجنسية الجزائرية الأصلية التي رأينا أنها تثبت للشخص فور ميلاده فإن الجنسية الجزائريـة المكتسبـة (ثبوتها بصفة لاحقة ) لا تثبت للشخص فور ميلاده و إنما تنجم عن عمل قانوني إيجابي، و لا تنتج آثارهـا إلا اعتبارا من هذا العمل و بالتالي لا يكون لثبوتها أثر رجعي(1).
و قد اقتصـر القانـون الجزائـري على ثلاث إمكانيات لاكتساب الجنسيـة الجزائرية و هي :
- اكتساب الجنسية بفضل القانون.
- اكتساب الجنسية عن طريق التجنس.
- اكتساب الجنسية بالاسترداد.
و قد نص المشرع الجزائري على هذه الحالات الثلاث في المواد مـن 09 إلى 14 من قانون الجنسية، و كان فيما سبق أي في قانون 1963 ينـص على نفس الحالات كسبب لاكتساب الجنسية و كان يدرج تحت الحالة الأولى أي اكتساب الجنسية بفضل القانون ثلاثة أسباب و هي:
1) اكتساب الجنسية الجزائرية بسبب المساهمة في حركة التحرير.
2) اكتسابها عن طريق الخيار حسب ما هو منصوص عليه فـي اتفاقيـات << إيفيان>> و تخص الأشخاص الذين ولدوا بالجزائر و أقاموا بها بصفـة منتظمة لمدة 20 سنة أو 10 سنين مع توافر شروط أخرى.

- 28 –
-
الـفـصـل الأول

3) اكتسابها بالميلاد و الإقامة و كان يدخل ضمن هذه الحالة حالتان: حـالة مـن يولد بالجزائر من أم جزائرية و أب أجنبي غير مولود بالجزائر و قـد
ذكر المشرع هذه الحالة في القانون الجديد (70/86) أما الحالة الثانية و التي أغفلها المشرع في القانون الجديد و هي حالة الأجنبية التي تتزوج جزائريـا، حيث كانـت الأجنبيـة تكتسب الجنسية الجزائرية بزواجها من جزائري في القانـون القديـم، إلا أن المشرع الجزائري جانب الصواب بعدم نصه على هذه الحالة غير أنه تدارك هذا الخطأ من خلال مشروع تعديل قانون الجنسية الذي عرض على مجلـس الوزراء بتاريخ 25 أوت 2004 لمناقشته أين لم يعرض لحد الآن على البرلمان للمصادقة عليه.
و بذلك تتضح نية المشرع لتدارك ذلك الفراغ حيث أن حالة اكتسـاب الـزوج الأجنبـي لجنسيـة زوجـه وهو مبدأ متفق عليه في سائر قوانين الجنسيـة الخاصـة بدول العالـم، لما فيـه مـن إيجابيـات و ذلك لمـا يضمنه من وحدة الجنسية في الأسرة، و فيما يلي سنتناول طـرق ثبـوت الجنسيـة بصفـة لاحقة حالة بحالة في ثلاث فروع.

- الفرع الأول: اكتساب الجنسية الجزائرية بفضل القانون:

نصت المادة 9 من قانون الجنسية على هذه الحالة ألا و هي اكتساب الجنسية بفضل القانون إلا أن هناك من يعيب على المشرع الجزائري اختياره لهـذه التسمية لأن اكتساب الجنسية ضمن هذه الحالة لا يعتبر حقا خالصـا يكتسبـه الطفل بقوة القانون وإنما يعتبر منحة من الدولة يتوقف الحصول عليها على عدم معارضة وزير العدل على منحها لطالبها كما سنراه لاحقا و
- 29 -
الـفـصـل الأول

بالتالـي فتسمية اكتساب الجنسية بفضل القانون غيـر صائبـة و تنقصـها الدقـة(1).
و هناك من يرى بأن اكتساب الجنسية وفقا لهذه الحالة لا يمثل إلا نوعا مـن أنواع التجنس لأن هذا الأخير يستلزم شرطان جوهريان يميزانه عـن غيـره من طرق الاكتساب و هما شرطا الإعلان عن الرغبة فـي اكتسـاب الجنسيـة (الطلب)، و شرط موافقة السلطة المختصـة و هـذان الشرطـان نفسهما نجدهما ضمن شروط اكتساب الجنسية الجزائرية بفضل القانــون و لولا هــذان الشرطان لصار هذا الاكتساب بقوة القانون(2).
و تتلخص شروط اكتساب الجنسية الجزائرية بقوة القانون فيما يلي:

1) أن يولـد الولـد بالجزائـر:

و يفهم من عبارة << الجزائر >> مجموع التراب الجزائري، و الميــاه الإقليمية الجزائرية و السفن و الطائرات الجزائرية ( المادة 5 من قانـون الجنسية ).

2) أن تكون أم الطفل جزائرية:

إن الوقت الذي يعتد به في تمتع الأم بالجنسية الجزائرية هـو وقـت ولادة طفلها، أما تمتعها بها قبل ولادته، فلا يعتبر به إذا كانت قد فقدت التمتع

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب نفس المرجع السابق ص 194.
(2)- الدكتور بلقاسم أعراب نفس المرجع السابق ص195.
- 30 -
الـفـصـل الأول

بها عند الولادة، كما أنه لا يعتد بتمتعها بها بعد ولادته، أمـا عـن نوعيـة الجنسية التي تتمتع بها، فيعتد بها سواء أكانت أصلية أو مكتسبـة، ذلك مـا نستشفه من النص الذي جاء في صياغته مطلقا.

3) أن يكـون أبـوه أجنبيـا:

وفقا لهذا الشرط فإن أب الطفل يجب أن يكون حامـلا لجنسيـة دولـة أجنبية، فإذا كان حاملا للجنسية الجزائرية أو إذا كان عديم الجنسية فإن ابنـه يتمتع بالجنسية الأصلية حسب المادة 6 ق ج.

4) أن يكون أبوه الأجنبي مولودا خارج الجزائر:

يشترط في أب الطفل المولود في الجزائر من أم جزائرية أن يكـون مولودا خارج الجزائر، لأنه إذا كان مولودا في الجزائر فإن الجنسيـة التـي يتمتع بها طفله هي الجنسية الجزائرية الأصلية المنصوص عليها في المـادة 7/2 من قانون الجنسية.

5) أن يعلن الولد عن رغبته في اكتساب الجنسية الجزائرية خلال 12 شهرا السابق لبلوغه سن الرشد:

يفيد هذا الشرط أن الطفل لا يستطيع بعد بلوغه سن الرشد - الذي هو سن 21 سنة في مجال الجنسية وفقا للمادة 4 ق ج - الإعلان عن رغبته في اكتسابها.
- 31 -
الـفـصـل الأول

6) أن تكون للطفـل إقامة معتادة و منتظمـة في الجزائـر عنـد إعــلان رغبته في اكتساب الجنسية الجزائريـة:

أراد المشرع الجزائري بهذا الشرط أن يعزز ولادة الشخـص مـن أم جزائرية و على الإقليم الجزائري بعنصر مادي هو الإقامة في الجزائر إقامة معتـادة و منتظمة لما لهذه الإقامة من أهمية في تأكيـد صلتـه بالمجتمـع الجزائـري ورغبته في الاندماج فيه.
و نلاحظ أن المشرع الجزائـري لم يحدد مدة معينة للإقامة، و إنمــا اكتفـى بالقول بأن تكون إقامة معتادة و منتظمة، مما يفيد أن المسألة متروكة لتقدير السلطة و نشير إلى أن الإقامة العادية و المنتظمة للشخـص لا يؤثـر فيها الغياب المؤقت أو العارض، كخروجه من الإقليم إلى بلد أجنبي لتفقــد أعماله، أو لمواصلة دراسته، شريطة عدم الولاء لذلك البلد الأجنبي، كمـا أن المشرع لا يستلزم وجوب توافر نية الإقامة بالتـراب الوطنـي مـن أجـل الحصول على الجنسية الجزائرية.

7) عـدم معارضـة وزيـر العـدل:

يجب أن لا يعـارض وزيـر العـدل في حصول هـذا الولـد علـى الجنسيـة الجزائريـة طبقا لنص المادة 26 و تقضي هذه المادة بأن لوزيـر العـدل أن يقرر عدم قبول إعلان الرغبة سواء كانـت هـذه الشـروط قـد


- 32 -

الـفـصـل الأول

توافرت كلها لطلب الجنسية أو لم تتوافر، و يجب أن تتم معارضـة وزيـر
العدل في خلال 12 شهرا من إبداء الرغبة و اكتمال ملف الطلب، و يعتبـر سكوت وزيـر العدل عن المعارضة خلال هذه المدة موافقة ضمنية.

































- 33 -
الـفـصـل الأول

الـفـرع الثانـي: اكتسـاب الجنسيـة الجزائريـة بالتجنـس:

التجنس هو اكتساب الجنسية الجزائرية بعد طلبها من المعني لاستيفائه كافة الشروط القانونية و موافقة السلطة المختصة على منحها له.
فالتجنس بذلك قائم على توافق إرادتين إرادة الفرد و إرادة الدولة، فـلا يمكن للدولة أن تفرض جنسيتها على شخص استوفى كل شروط التجنـس إذا لم يقم بطلبها كما أن استيفاء المعني لكل شروط التجنس، و تقدمه بطلب إلى الدولة للحصول على جنسيتها لا يجعل له حقا فيها و إنمـا للدولـة سلطـة تقديرية، إن شاءت منحت له جنسيتها و إن شاءت رفضت، فلا يـرد علـى إرادتها أي قيد.
و قد اشترطت المادة 10 من قانون الجنسيـة سبعـة شـروط يمكـن بتوافرهـا كاملة في الشخص التمتع بالجنسية الجزائرية عن طريق التجنـس و تتمثل هذه الشروط في:









- 34 -
الـفـصـل الأول

أ) شروط التجنس:

1) أن يكون مقيما في الجزائر منذ 7 سنوات على الأقل بتاريخ تقديم الطلب:

إن شرط الإقامة هو من أهم شروط التجنس، لأنه الشرط الذي يعبـر عـن الرابطة الموجودة بين الشخص طالب التجنس و الدولة و بـدون هـذا الشرط لا توجد أية رابطة بينهما تبرر منح الدولة جنسيتها لمن طلبها، إضافة إلى ذلك فإنه الشرط الذي يجعل الأجنبي تحت نظر الدولة، مما يمكنها مـن مراقبـة مدى اندماجه في جماعتها، و تراخي ترابطـه بالدولـة الأجنبيـة، الأمـر الـذي يبرر منحها أو عدم منحها لجنسيتها له.
جعل المشرع الجزائري في القانون الحالي 7 سنوات بعدما كانت 5 سنوات في قانون الجنسية السابق الصادر في 1963.
و يشترط في المدة أن تكون متصلة، بدون انقطاع، و هذا ما يفهم من عبارة النص" منذ 7 سنوات على الأقل بتاريخ تقديم الطلـب "، فلفظ "منذ" و
" يفيد الاتصال في المـدة، و عليـه إذا كـان Depuis" باللغـة الفرنسية
الشخـص مقيما بالجزائر لمدة 5 سنوات ثم انقطع عن الإقامة فيها، ثم عاود الإقامة لمدة سنتين فإن شرط الإقامة لمدة 7 سنوات لا يعتبر متوافرا نظـرا لعدم استمرار مدة الإقامة.
و يفهم كذلك من النص أن مدة 7 سنوات المنصوص عليها يجب أن تكـون متصلة بتاريخ تقديم طلب التجنس، و بالتالي فإن الأجنبي الذي يقيم

- 35 -
الـفـصـل الأول

سبع سنوات متصلة بالجزائر ثم يعود للخارج للإقامة به، لا يعتبر مستوفيـا لشرط الإقامة.
و تجدر الإشارة إلى أن الإقامة المشترطة في التجنـس هـي الإقامـة المشروعة بمقتضى التنظيم الساري المفعول بالنسبة لإقامة الأجانـب علـى أرض الجزائر أما الإقامة اللاشرعية فلا يعتد بها.

2) أن يكـون طالـب التجنس مقيما في الجزائر وقـت التوقيع علـى المرسوم الذي يمنح التجنس:

هذا الشرط يعتبر شرطا مستقلا عن الشرط السابق، و لا يغني أحدهما عن الآخر فالشرط الأول يقتضي كون الشخص طلب التجنس مقيما بالجزائر وقت التوقيع على المرسوم الذي يمنح التجنس و عليه فإنه يمكـن أن يكـون الشخص قد استوفى 7 سنوات لما قدم طلب التجنس ثم غادر الجزائر ليقيـم بالخارج، فيعتبر الشرط الأول متوافرا دون الشرط الثاني (1)، و الشرط الثاني لا يقتضي بالضرورة الإقامة 7 سنوات أخرى خلال فتـرة توقيـع مرسـوم التجنس، فيجوز لطالب التجنس بعد إقامته لمدة 7 سنوات بالجزائر، الذهاب إلى الخارج لمدة ثم يرجع ليقيم مرة أخرى بالجزائر، و لو لعدة أيـام يتـم خلالها توقيع مرسوم التجنس فيعد بذلك مستوفيا للشرط الثانـي(2).

(1)- الدكتور أعراب بلقاسم نفس المرجع ص 198.
(2)- الدكتور علي علي سليمان نفس المرجع ص 256.

- 36 -
الـفـصـل الأول

3) أن يكون بالغا سن الرشد:

كما ذكرنا آنفا أن طلب التجنس عمـل إرادي يقوم به الأجنبـي عـن طريـق التعبير عن إرادته، لإحداث الأثر القانوني المرغوب فيه ألا و هـو اكتسـاب الجنسية الجزائرية، و العمل الإرادي يستلزم لصحته توافر الإرادة الكاملـة و السليمـة، لذلك اشترط المشرع ضرورة بلوغ طالب التجنس سن الـرشد القانوني المنصوص عليه في قانون الجنسية ألا و هو 21 سنة خلافا للقاعدة العامة المنصوص عليها في أحكام الأمر 75/58 المتضمن القانـون المدني و الذي ينص على تحديد سن الرشد ب 19 سنة، و إعمالا لمبدأ تقييد القانون الخاص للقانون العام فإن قانون الجنسية هو الذي يطبق بالنسبة لسـن الـرشد فيما يتعلق بمسائل الجنسية، فببلوغ الشخص لسـن الرشـد تكتمـل أهليته، لكن توافر شرط بلوغ سن الرشد لوحده لا يعني اكتمال الأهليـة بـل يجب توافر شرط عدم إعتراء الأهلية عارض من العوارض الذي ينقص منها أو يعدمها نهائيا كالجنون و العته و السفه، غير أن المشرع سهى عن ذكـر هذا الشرط العام. و هناك من يرى أن المشرع قد استـدرك الخطأ بإضافة شرط سلامـة الجسد و العقل (1). غير أننا نرى بأن شرط سلامـة العقـل

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب- المرجع السابق- ص 202.



- 37 -
الـفـصـل الأول

و الجسد لا يعنـي خلو الأجنبي من بعض عوارض الأهلية كالسفه الـذي لا يعد عيبـا عقليـا أو جسديا و بالتالي فالسفيه سليم الجسد و العقـل يمكنـه طلب الجنسية الجزائريـة و لربما كان محجورا عليه لسفهـه ممـا يخـول أشخاصا دون المستوى التسلل داخل المجتمع الجزائري، بمـا فـي ذلك من سلبيـات يمكن أن تلحق به، أمـا الوقت الذي يعتد به باكتمال سن الرشد هو وقت تقديم طلب التجنس.

4) أن تكون سيرته حسنة و لم يسبق الحكم عليه بعقوبـة مخلـة بالشرف:

ليس من مصلحة الدولة الجزائرية أن يدخل فـي جنسيتهـا أصحـاب الأخـلاق الرديئة و السمعة السيئة، خاصة الذيـن ارتكبـوا جرائـم مخلـة بالشرف، لكونهم يخلقون لها متاعب بعد اكتسابهم الجنسية الجزائرية، فضـلا عن أن حسـن السلوك و السمعة من الدلائل المعبرة عن اندماج الشخص في المجتمع و صلاحيته للانضمام إليه، فذلك هو السبب وراء اشتراط المشـرع الجزائري هذا الشرط .
و عليه فمن لم يكن حسن السيرة أو كان محكوما عليـه بجريمـة من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة، كالسرقـة أو التزويـر، أو التزييـف، أو الاحتيال، فإنه لا يصلح للتجنس بالجنسية الجزائرية.



- 38 -
الـفـصـل الأول

و التأكد من أن الشخص لم يحكم عليه بعقوبة مخلة بالشرف يكون بالرجوع إلى صحيفة سوابقه العدلية أما عن حسن سيرته فإنه يعود إلى قناعة السلطة التنفيذية بناء على التقارير المقدمة إليها بشأنه. و بالنسبة للمحكمة التي أصدرت الحكم بعقوبة مخلة بالشرف، فإن كانت أجنبية، فبإمكان الحكومة حسب المادة 11 من قانون الجنسية ألا تأخذ بعين الاعتبار بأحكامها. لكن هناك من يقول أنه إذا ارتكب الأجنبي فعل غير معاقب عليه في بلده الأصلي غير أنه يعد جريمة مخلة بالشرف في الجزائر فإن ذلك يحـول دون تحقق الشرط الرابع.
لكن يرد البعض على هذا الرأي بأنه مادام أنه لم يصدر عليه أي حكم بعقوبة على فعل مخل بالشرف، سواء في بلد طالب التجنس أو بالجزائر، فإن ذلك يعد دون أثر على ثبوت الشرط الرابع.
5) أن يثبـت الوسائـل الكافيـة للمعيشـة:
وضعت أغلب التشريعات هذا الشرط لمن يريد التجنس بجنسيتها و ذلك مراعاة، لعدم إدخال أشخاص معوزين و معدمين ضمن مواطنيها، يزاحمون مواطنيها في كسب الرزق و يشكل عالة على ميزانية الدولة، غير أن بعض الدول التي تسعى إلى اجتذاب اليد العاملة، تعفي من يريد التجنس بجنسيتها من هذا الشرط و تسمح للفقراء و المعوزين الاندماج ضمن مواطنيها.

- 39 -
الـفـصـل الأول

6) أن يكـون سليـم العقـل و الجسـد:

يشترط المشرع الجزائـري في طالب الجنسيـة الجزائريـة سلامـة العقـل و الجسم، و ذلك منطقي لأنه لا تقبل أي دولـة السمـاح لأشخـاص مجنونين، أو معتوهين، أو مصابين بأمـراض خطيــرة و معديـة، التسلل داخـل المجتمـع الجزائري، معرضين بذلك الصحـة العموميـة للخطـر، و المشرع الجزائري لم يحدد هيئة معنية تتكفل بمعاينة صحة طالـب التجنس العقلية و الجسدية حتى تتأكد من سلامتها، بل تكفي شهادة طبية عامة لإثبات الصحة البدنية، و شهادة طبية عقلية، تثبت خلو المعني من أي مرض عقلي.
7) إثبـات اندمـاج المعنـي المجتمـع الجزائـري:

يشترط المشرع اندماج طالب التجنس في المجتمع الجزائـري، غيـر أن إثبات ذلك يجوز عن طريق قرائن مثل إجادة الشخص اللغة العربيـة، أو بعـض اللهجات المحلية أو معرفته لتاريخ الجزائر، أو ارتباطه بالزواج من امـرأة جزائرية.
و يوجد بالإضافة إلى هذه الشروط شرط آخر لم يتم النص عليه فـي المادة 10 المحتوية لشروط التجنس. و إنما نصت عليـه المـادة 3 و التـي اشترطت لاكتساب الجنسية الجزائرية تقديم التصريح بالتخلي عـن الجنسيـة الأصلية، و يسري مفعول هذا التصريح من يوم اكتساب الجنسية الجزائرية.


- 40 –

الـفـصـل الأول

و قد اقتصر المشرع على اشتراط التصريح بالتخلي عن الجنسيــة الجزائرية دون اشتراط موافقة الدولة الأجنبية الأصلية على تخلي مواطنها عن جنسيته الأصلية.

ب) الإستثناءات الواردة على شروط التجنس:

تسمح المادة 11 من قانون الجنسية للحكومة بإغفـال تطبيـق بعـض الشـروط الواردة في المادة 10 أو تخفيفها.
وعلى هذا الأساس يحق للحكومة أن لا تأخذ بعين الاعتبـار العقوبـة الشائنـة التي حكم بها في الخـارج، و صحيــح أن الأحكـام الجزائريـة الأجنبيـة لا ينصرف أثرها إلى الجزائر إلا أن التجنـس يشكـل عمــلا حكوميـا تقديريـا و سياسيا، و لذلك فإنه يحق للحكومة في حالة الحكم على صاحب العلاقة في الخارج بعقوبة شائنة أن تتمسك بها كشرط من الشـروط الواردة في المادة 10 أو تستبعدها تطبيقا للمادة 11 .
و الأمر كذلك فيما يتعلق بمهلة الإقامة لمـدة سبـع سنـوات التـي يمكـن أن تخفض إلى 18 شهرا بالنسبة للولد المولود في الخـارج مـن أم جزائرية و أب أجنبي و يمكن تبرير هذه الإمكانية بصلة البنـوة الأموميـة التي تربط الولـد بالمجموعة الجزائرية كماـ يجـوز عـدم أخـذ العاهـة أو المرض بعين الاعتبار إذا أصيـب صاحب العلاقة بهما في خدمة الجزائر أو لمصلحتها.

- 41 -

الـفـصـل الأول

و أخيرا يحق للحكومة أن تستبعد تماما كافة الشروط إذا أدى الأجنبي خدمات استثنائية للجزائر، و إذا كان تجنسه ينطوي على مصلحة استثنائيـة بالنسبـة لها.
كما يحق لزوجة و أولاد الأجنبي المتوفى و الـذي كـان بوسعـه أن يدخـل أثناء حياته ضمن هذه الفئة، أن يطلبوا تجنسه بعد وفاته، إضافة إلى تجنسهم بالذات.

ج) إجــراءات التجنـس:

عهد المشرع الجزائري بموجب المادة 25 من قانون الجنسيـة إلـى وزيـر العدل أمر تلقي طلبات التجنس و البت فيهـا، بنصـه: << ترفـع الطلبـات أو التصريحات المقدمة لاكتساب الجنسية الجزائريـة أو التنـازل عنها أو رفضها و كذا استردادها إلى وزير العدل >>.
و على طالب التجنس لما يتقدم بطلبه إلـى وزيـر العـدل أن يرفقـه بالشهادات و الوثائق و المستندات التي من شأنها إثبات أنــه تتوفـر فيـه الشـروط القانونيـة المطلوبة، أو أنه من الفئة التـي تستفيـد مـن بعـض التخفيفات من شروط التجنس حسب المادة 25 الفقرتين أ،ب.




- 42 -

الـفـصـل الأول

و إذا كان طالب التجنس مقيما بالخارج فيمكن تقديم طلبه إلى ممثلـي الجزائر الدبلوماسيين أو القنصليين و يعتبر طلبه مقدما في اليوم المبين فـي الوصـل المسلم له من طرف السلطـات المؤهلة لتسليمه، أو المضمن فـي الإشعـار بالوصل البريدي المادة 25 الفقرة الأخيرة.
بعد أن يتـم تقديم طلب التجنـس مـن صاحبـه مرفوقـا بالوثائـق المطلوبـة قانونا يتولى وزير العدل فحصه، فإذا رأى أن بعـض الشـروط القانونية غيـر متوفرة فيه يعلن عن عدم قبوله للطلب بموجب قـرار مبلـغ إليه، و يشترط في هذا القرار أن يكـون معللا، أمـا إذا رأى أن الشـروط القانونية متوفرة كلها فيه، فبإمكانه أن يرفض الطلب، و دون تعليل لما يملكه من سلطة تقديريـة، لأن التجنس منحة من الدولة و ليست حقا لطالبه حسب المادة 26.
و منح المشرع لوزير العدل أجل 12 شهرا ابتداء من إعـداد الملـف بصورة كاملة للبت في الطلب أو التصريح باكتساب الجنسيـة الجزائريـة، و اعتبر سكوته في غير حالة التجنس إلى ما بعد انقضاء 12 شهرا موافقـة منه، مما يعني بمفهوم المخالفة أن سكوت وزير العدل في مجال التجنس بعد انقضاء 12 شهرا ابتداء من إعداد الملف بصورة كاملة يعد رفضا له.
و متى نشر المرسوم المتعلق باكتساب الجنسية الجزائريـة في الجريدة الرسمية أحدث أثره تجاه الغير من تاريخ هذا النشر.


- 43 -

الـفـصـل الأول

الـفـرع الثالـث: اكتسـاب الجنسيـة الجزائريـة عـن طريـق
الاستـرداد:

تنص المادة 14 من قانون الجنسية على ما يلي: << يمكـن استـرداد الجنسية الجزائريـة بموجب مرسوم لكل شخص كان متمتعـا بها كجنسيـة أصليـة و فقدها، و ذلك عن طريق تقديم طلب بعد 18 شهرا على الأقـل من الإقامة المعتادة و المنتظمة بالجزائر>>.
حسب هذه المادة فإن الاسترداد قاصر فقط على من كان متمتعا بالجنسية الجزائرية الأصلية ثم فقدها. فالاسترداد مفتوح بذلك لمن اكتسب عن طواعية في الخارج جنسيـة أجنبية و أذن له بموجب مرسوم في التخلي عن جنسيته الجزائريـة المادة 18 الفقرة 1 و للجزائري و لو كان قاصرا الذي كانت لـه جنسيـة أصليـة و أذن له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية الأصلية المادة 18 الفقرة 2، و للمرأة الجزائرية المتزوجة بأجنبي و اكتسبت من جراء زواجها جنسية زوجها و أذن لها بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية.
ويناط الاسترداد حسب ذات المادة بإرادة الفرد و إرادة الدولة فالاسترداد لا يتم إلا بتقديم طلب من المعني بالأمر بعد 08 أشهر على الأقل من الإقامة المعتادة و المنتظمة في الجزائر، و للدولة سلطة تقديرية، فبإمكانها ردها له، و بإمكانها الرفض.
- 44 -

الـفـصـل الأول

وفي حالة قبول طلبه يتم الاسترداد بموجب مرسوم، و هذا ما يجعل الاسترداد منحة من الدولة. و تعتبر الجنسية الجزائرية التي استردها الشخص جنسية مكتسبة، و تجعله يتمتع بجميع الحقوق المتعلقة بالصفة الجزائرية من تاريخ اكتسابها حسب المادة 15.















- 45 -

الـفـصـل الأول

الفـرع الـرابـع: آثـار الجنسيـة المكتسبـة:

ما إن تثبت الجنسية الجزائرية للشخص، سواء كان اكتسابها بفضل القانون أو عن طريق التجنس، أو الاسترداد، حتى يترتب عن ذلك آثار هامة تمس شخص مكتسب الجنسية بذاته، و كذلك تمس أولاده، فأما عن الآثار التي تخص شخص مكتسب الجنسية الجزائرية و التي ذكرها المشرع تحت اسم الآثار الفردية المذكورة في المادة 15 و هي تمتعه بجميع الحقوق المتعلقة بالصفة الجزائرية، و من ذلك نفهم بأن الشخص المكتسب للجنسية الجزائرية يصبح متساويا في الواجبات و الحقوق المدنية و السياسية مثله مثل أي مواطن جزائري أصلي بما في ذلك الحق في تولي وظائف عامة، و حق الاقتراع إلى غير ذلك من الحقوق المقررة للمواطنين الجزائريين، غير أنه
يرد استثناء خاص بمكتسبي الجنسية عن طريق التجنس إذ أنهم يحرمون من حق تولي نيابة انتخابية طيلة 5 سنوات من تجنسهم، غير أنهم يعفون من هذا الشرط إذا ذكر ذلك في مرسوم التجنس و قد ورد ذلك في المادة 16، و الغاية من ذلك هو وضع المتجنس تحت المراقبة قصد التأكد من ولائه لدولته الجديدة و انسجامه داخل مجتمعها الذي أصبح جزءا لا يتجزأ منه.
و أما عن الآثار الجماعية المذكورة بالمادة 17 فتعني أولاد مكتسب الجنسية فبالنسبة للشخص الذي اكتسب الجنسية الجزائرية بفضل القانون يمتد أثر اكتساب الجنسية الجزائرية لأولاده القصر، في نفس الوقت مع أبيهم فيصبحون باكتساب أبيهم للجنسية الجزائرية جزائريين.

- 46 -

الـفـصـل الأول

أما مكتسب الجنسية الجزائرية عن طريق الاسترداد فإن أولاده كذلك يستردون معه في نفس الوقت جنسيتهم، و كما في الحالة السابقة يشترط أن يكون الأولاد قصرا و يضاف إلى ذلك الشـرط أن يكونوا غير متزوجيـن، و أن يكونوا مقيمين معه إقامة فعلية، و يعتد بهذه الإقامة وقت صدور المرسوم. أما عن أبناء الشخص مكتسب الجنسية عن طريق التجنس، فلا ينصرف إليهم أثر التجنس بصفة تلقائية بل يتوقف الأمر على تقدير السلطة العامة أي وزارة العدل فإن شاءت منحت للأولاد القصر جنسية أبيهم الجديدة و إن شاءت منعت عنهم ذلك، و في حالة منحهم الجنسية فيجوز لهم التنازل عنها خلال الفترة المتراوحة من 18 إلى 21 سنة من عمرهم.
أما عن حالة الأولاد البالغين و الزوجة فقد سكت عنهم المشرع الجزائـري و قد جانب الصواب عندما حرم الزوجة من اكتساب الجنسيـة مع زوجهـا، مخالفا بذلك النهج الذي سارت عليه اغلب تشريعات العالم لما يوفـره مـن وحدة الجنسيـة بالأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع و ما يتبع ذلك من تقويـة ولاء المواطنيـن لدولتهم، و قد أخذت هذه النقطة بعين الاعتبار في مشـروع تعديل قانون الجنسية الـذي ذكرناه آنـفـا.
و مما جاء فيه جواز اكتساب الزوجـة الأجنبية الجنسية الجزائريـة بزواجها من جزائـري و كذلك الأمـر بالنسبـة للأزواج الأجانـب الذيـن يتزوجون بأجنبيات.


- 47 -

الـفـصـل الأول

المبحث الثاني : فقـدان الجنسيـة الجزائريـة:

الجنسية كما أسلفنا البيان صفة في الفرد تفيد انتمائه الى دولة معينـة ، و هي صفة يتم إسباغها على الفرد ، إذا استوفى الشروط التي يقررها النظام القانوني في الدولة، و تقوم تلك الشروط في جوهرها، على الاستيثاق مـن توفر الولاء للدولة و الانتماء الروحي و النفسي إليها . غير أن ذلك الولاء و الانتماء قد يكونان عرضة للتغيير و الفتور ليس فقط بفعل طبيعتها المعنوية أو النفسية ، بل أيضا بفعـل تغيير الظـروف الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و التي يحياها الفرد. و إدراكا لذلك لم تغلق النظم القانونية المختلفة، باب تغيير الجنسية أمام الأفراد(1) و يتم فقد الجنسية الجزائرية إما بسحبها من المعني و إما تجريده منها و إما باكتسابه جنسية دولة أجنبية ، و إما بإسقاطها عنه عقوبة له (2). فقد الجنسية إما يكون اختياريا بإرادة الشخص المعني و إما يكون بصفة لا إرادية. و قد افرد المشرع الجزائري الفصل الرابع للتحدث عن فقدان الجنسية الجزائرية تحت عنوان فقدان الجنسية و التجريد منها و هذا في المواد من 18الى 24 من الأمر 70/86 المتضمن قانون الجنسية الجزائري .

(1)- الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة - المبسوط في شرح نظام الجنسية- الطبعة الأولى 1993- دار النهضة العربية- القاهرة
(2)- الدكتور بلقاسم أعراب -المرجع السابق - ص 211.



- 48 -
الـفـصـل الأول

المطلـب الأول: الفقـد الإرادي للجنسيـة الجزائريـة :

تعرض المشرع الجزائري لحالات الفقد الإرادي للجنسية الجزائرية في المادة 18 من قانون الجنسية بنصها :<< يفقد الجنسية الجزائرية: 1) -الجزائري الذي اكتسب عن طواعية في الخارج جنسية أجنبيـة وأذن له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية .
2)- الجزائري ، و لو كان قاصرا ، الذي له جنسية أجنبية أصلية و إذن لـه بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية.
3)- المرأة الجزائرية المتزوجة بأجنبي و تكتسب من جراء زواجها جنسيـة زوجها و إذن لها بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية .
4)- الجزائري الذي يعلن عن تخليه عن الجنسية الجزائرية، في الحالـة المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 17 أعلاه>>.
و سنحاول تفصيل هذه الحالات فيما يلي:








- 49 -

الـفـصـل الأول

الفـرع الأول : الجزائري الذي اكتسب عن طواعية في الخارج
جنسية أجنبية:

تتفق اكثر التشريعات الوضعية على أن للشخص الحق في تغيير جنسيته و قد نصت المادة 15 من إعلان حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في سنة 1945 على انه لا يجوز أن يحرم الإنسان من الحق في تغيير جنسيته(1). و يشترط في اكتساب الجنسية الأجنبية من الشخص المعني بصفة إرادية و حرة، و عليه فإن فرض الجنسية الأجنبية على شخص يتمتع بالجنسية الجزائرية بفضل قانونها فهذا لا يؤثر على جنسيته الجزائرية لأنه من غير المنطقي أن تتنحى دولة عن سيادتها لصالح دولة أخرى و تتنازل لها عن رعاياها ، و لذلك فإذا ولد لجزائري ولد على إقليم دولة تقيم أساس جنسيتها على رابطة الأقاليم و أعطته جنسيتها بناء على ذلك ، فإنه يكون جزائريا بحق الدم و لا تتأثر الجنسية الجزائرية بجنسية الدولة التي ولد على إقليمها(2). و يشترط لفقد الجنسية الجزائرية في هذه الحالة ما يلي:




(1)، (2)- الدكتور علي علي سليمان- المرجع السابق- ص 271.

- 50 -

الـفـصـل الأول

الشـرط الأول: أن يكون الأجنبي قد اكتسب جنسية دولة أجنبية:

هذا باعتبار أن مجرد تقديم طلب للحصول على جنسية دولة أجنبية غير كاف وحده لفقد الجنسية الجزائرية و إنما ينبغي أن يكون قد اكتسب فعلا الجنسيـة الجزائرية، لأنه إذا قلنا أن الشخص المعني يفقد الجنسية الجزائرية بمجـرد تقديم طلب بغرض الحصول على الجنسية الجزائرية، فهذا قد يؤدي إلـى انعدام جنسية المعني و هذا في حالة عدم تحصله على جنسيـة الدولـة الأجنبية و هي وضعية تسعى الدول ومن خلال المؤتمرات الدولية لتجنبها.
الشـرط الثانـي: أن يكتسب الجزائري الجنسية الأجنبية طواعية:

لا يكفي لفقد الجنسية الجزائرية اكتساب الجزائري لجنسية دولة أجنبية، وإنما يجب أن يكون هذا الاكتساب عن طواعية، بمعنى أن يكون بطلب منه أما إذا كان اكتسابه لها بقوة القانون، فهذا الشرط يعد متخل، و لا يبرر بالتالي صدور مرسوم أذن له بالتخلي عن الجنسية الجزائرية (1).


(1)- الدكتور بلقاسم أعراب - المرجع السابق- ص 221.



- 51 -
الـفـصـل الأول

الشـرط الثالـث: أن يكتسب الجزائري الجنسية الأجنبية بحرية و
نزاهة:

يشترط في الجزائري الذي يتجنس بجنسية أجنبية أن يكون رضاؤه خاليا من العيوب التي تشوب الرضا و ألا يكون تجنسه بهذه الجنسية قد وقع غشا نحو القانون الجزائري. كما يشترط لذلك في طالب التجنس أن يكون أهلا لذلك و بالغا من السن 21 سنة و هذا طبقا للمادة 04 من قانون الجنسية، و بالتالي فمن الأولى أن يكون سن الرشد لتغيير الجنسية الجزائرية هي 21 سنة.
الشرط الرابع: أن يكون الفقد بطلب من المعني: إن اكتساب الجزائري جنسية دولة أجنبية عن طواعية و إرادة حرة غير كاف لفقد الجنسية الجزائرية، و إنما يشترط أن يتقدم المعني بعد هذا الاكتساب بطلب إلى السلطة لتأذن له بالتخلي عن الجنسية الجزائرية ذلك أن المشرع يقول << و أذن له بموجب مرسوم>> و الإذن كما هو معلوم أن يكون إلا بعد الاستئذان و الاستئذان يكون بتقديم طلب بالتخلي.




- 52 -
الـفـصـل الأول

الشـرط الخامـس:صدور مرسوم يأذن للجزائري المكتسب للجنسية الأجنبية عن طواعية في التخلي عن الجنسية الجزائرية:

لفقد الجزائري لجنسيته الجزائرية لاكتسابه عن طواعية جنسية دولة أجنبية لا بد من صدور مرسوم يأذن له بالتخلي عـن الجنسيـة الجزائريـة و صدور هذا المرسوم ليس إلزاميا على السلطة. و هذا ما يفهم من تعبير النص << و أذن له>>. فبالإمكان أن لا يؤذن له بالتخلي عن الجنسية الجزائرية و في هذه الحالة يكون المعني مزدوج الجنسية، فمن جهة قد اكتسب جنسية دولة أجنبية، و من جهة أخرى لم يصدر مرسوم يأذن له بالتخلي عن الجنسية الجزائرية، فالأمر الذي يجعله في نظر الدولة الجزائرية جزائريا(1).






(1)- الدكتور بلقاسم أعراب - المرجع السابق - ص 222.



- 53 -
الـفـصـل الأول

الفـرع الثانـي: حالة الجزائري- و لو كان قاصرا - الـذي لـه جنسية أجنبية أصلية و أذن له بموجب مرسوم بالتخلـي عـن الجنسية الجزائرية:
تتمثل هذه الحالة في الشخص الذي يفرض عليه القانون الأجنبي جنسيته بحكم مولده في إقليم دولة هذا القانون أو بحكم أنه مولود لأم تحمل جنسية هذه الدولة في حين أن أباه جزائري - بمعنى آخر أن تكون له جنسية أجنبية أصلية تثبت له منذ ميلاده، و حسب رأي الأستاذ علي علي سليمان فإن عبارة << و لو كان قاصرا >> ليس لها معنى في القانون الجزائري كونها نقلت من النص الفرنسي المادة 91 من قانون1945 و الذي لم يشترط أن تكـون الجنسيـة الأجنبية أصلية، و بالتالي فمعنـى النــص هو أنـه << يجوز لكل جزائري اكتسب جنسية أجنبية أصلية أن يطلب و لو كان قاصرا التخلي عن جنسيته الجزائرية >>. و هذا النص يهدف إلى تفادي ازدواج الجنسية.
فيجوز للشخص المعني سواء كان بالغا سن الرشد أو قاصرا تقديم طلب التخلي عن الجنسية الجزائرية و بالنسبة لهذه الحالة الأخيرة يقدم الطلب ممن ينوب عن القاصر، و هذا الطلب لا يلزم السلطة المختصة، فبإمكانها الاستجابة لهذا الطلب فتصدر مرسوما بالتخلي عـن الجنسيـة الجزائريـة، و بإمكانها عدم الاستجابة له، فإذا استجابت لهذا الطلب فقد الطالب جنسيته الجزائرية و إذا لم يصدر هذا المرسوم بقي الطالـب محتفظـا بالجنسيــة

- 54 -
الـفـصـل الأول

الجزائرية و للسلطة العامة، قبل أن يصدر مرسوم التخلي، أن تطالب الطالب بتقديم المستندات الدالة على كسب الجنسية الأجنبية حتى تتأكد من انـه لـن يكون عديم الجنسية.(1)













(1)- الدكتور علي علي سليمان - المرجع السابق- ص275.



- 55 -

الـفـصـل الأول

الفـرع الثالـث: حالة المرأة الجزائرية التي اكتسبت فعلا جنسية الأجنبي بسبب زواجها و أذن لها بموجب مرسوم بالتخلـي عـن الجنسية الجزائرية:

يشترط في هذه الحالة لفقد الجنسية الجزائرية توافر الشروط التالية:

الشـرط الأول: اكتساب المرأة الجزائرية جنسية زوجها الأجنبي من جراء زواجها به:

و هذا يعني أن قانون زوجها يفتح لها الباب للدخول في جنسية سواء كأثر مباشر لزواجها به، أو بناء على طلبها احتراما لإرادتها، أما إذا كان دخولها في جنسيته بالتجنس وفق الشروط العادية للتجنس لا كأثر لزواجها، فإن هذا الشرط يعد متخلفا و تدخل حالته في الحالة الأولى إلى درسناها. إذ انه يشترط أن يكون فقد الجنسية الجزائرية بسبب الـزواج بأجنبيـة و من ناحية أخرى ينظر إلى تأثير الزواج على جنسية الزوجة منذ بدايتـه، و لقد كان القانون القديم يشترط أن يصدر مرسوم التخلي قبل شهر الزواج مع أن كسب جنسية الزوج في حالة تجنسه سوف يكون بسبب الـزواج، و على ذلك فإذا تجنس جزائري متزوج بجزائرية بجنسية أجنبية و فرض قانون جنسيته الجديدة انصـراف أثـر التجنـس إلـى زوجتـه تلقائيــا،


- 56 -
الـفـصـل الأول

فسوف تكون الزوجة مزدوجة الجنسية لأن القانون الجزائري لن يسمح لها بالتخلي عن جنسيتها الجزائرية، بما أن الهدف بحكم النص الحالي هو محاربة ازدواج الجنسية قد كان يتعين تعميم النص و السماح للزوجة الجزائرية بطلب الإذن لها بالتخلي عن جنسيتها الجزائرية، لأنها أخذت جنسية زوجها سواء في بداية الزواج أو في خلاله لان السبب في الحالتين هو الزواج و توحيد جنسية الأسرة.
غير أن هناك اعتبار آخر يبرز عدم تعميم النص هو أن مصلحة الدولة العليا تقتضي الاحتفاظ برعاياها كلما كان ذلك سائغا، و ما من شك في أن المصلحة العليا للدولة أولى بالرعاية من احترام مبدأ نظري و محاربة ازدواج الجنسية (1).
و يشترط أخيرا في هذه الحالة أن يكون الزواج صحيحا طبقا لقانـون الزوج و للقانون الجزائري، ويشترط في الزوجـة أن تكـون لهـا جنسيـة صحيحة كون النص يوجب أن تكتسب فعلا جنسية زوجها، و عليه فلا ينطبق النص إذا كان الزواج غير صحيح أو كان الزوج عديم الجنسية.




(1)- الدكتور علي علي سليمان - المرجع السابق- ص 276.

- 57 -

الـفـصـل الأول


الفـرع الرابـع:حالة الجزائري الذي يعلن عن تنازله عن الجنسية الجزائرية طبقا للفقرة 3 من المادة 17 من الأمر 70/86:

و هي حالة الأولاد القصر للأجنبي الذي يتجنس بالجنسية الجزائرية فينصرف أثر تجنسه إليهم إذا منحهم مرسوم التجنس هذه الجنسية، و يكون لهم الخيار فيما بين سن 18 سنة و 21 سنة من عمرهم بين أن يتنازلوا عن هذه الجنسية أو يستبقونها، فإذا هم تنازلوا عنها سرى عليهم حكم الفقرة 4 من المادة 18 من قانون الجنسية و فقد الجنسية الجزائرية من يوم ثبوت تاريخ الطلب المقدم منهم بصفة قانونية. و ليس لهم بعدها الحق في استرداد الجنسية التي كانت مكتسبة.









- 58 -

الـفـصـل الأول

الفـرع الخامـس: آثار فقد الجنسية في الحالات السابقة:

تنص المادة 21 من قانون الجنسية: << يمتد أثر فقدان الجنسية في الحالات المنصوص عليها في الفقرات 1و2 و 4 من المادة 18 المذكورة أعلاه بحكم القانون، إلى أولاد المعني بالأمر القصر غير المتزوجين إذا كانوا يعيشون معه فعلا.>> و هذه الحالات هي حالة الجزائري الذي يتجنس بجنسية أجنبية، و حالة الجزائري الذي له جنسية أصلية أجنبية، و حالة الأبناء القصر لمن تجنس الجنسية الجزائرية إذا تنازلوا عن هذه الجنسية فيما بين 18 و 21 من عمرهم.
و على هذا فلا يمتد أثر الفقد إلى الأبناء القصر للمرأة الجزائرية التي تتزوج أجنبيا و تأخذ جنسيته. و قد يكون لها أبناء قصر من زواج سابق يعيشون معها فعلا و يكونون غير متزوجين، فلا يمتد أثر فقد أمهم لجنسيتها الجزائرية إليهم.
و يشترط في الحالات هذه لانصراف أثر الفقد إلى الأبناء ما يلي: 1) - أن يكونوا قصرا دون 21 سنة طبقا للمادة 4 من قانون الجنسية. 2)- أن يكونوا غير متزوجين، و ذلك لان القاصر إذ ما تزوج أصبح رب أسرة مستقلا بنفسه.
3)- أن يكونوا يعيشون فعلا مع من فقد جنسيته الجزائرية و ذلك لأنهم إذا كانوا يعيشون وحدهم يكونون مستقلين عنه.


- 59 –

الـفـصـل الأول

و ما يلاحظ على هذا النص هو عدم انصراف الفقد الى الزوجة ، فلا تتأثر الزوجة بفقد الزوج جنسيته الجزائرية، و هو ما يؤيد وجهة نظر المشرع الجزائري.






















- 60 -

الـفـصـل الأول

المطلب الثاني: الفقد اللاإرادي للجنسية الجزائرية:

كما أسلفنا الذكر فإن فقد الجنسية قد يكون بصفة إرادية أو لا إرادية و قد نصت المادة 18من قانون الجنسية حالات الفقد الإرادي ، بينما حددت المواد 13و 19و 22 من القانون السابق حالات الفقد اللاإرادي للجنسية الجزائريـة و المتمثلة في السحب و التجريد و الإسقاط و سنحاول شرح و تفصيل هاتـه الحالات فيما يلي:

الفرع الأول: إسقاط الجنسية الجزائرية:

هي حالة جوازية لفقد الجنسية الجزائرية نصت عليها المادة 19/1 من من قانون الجنسية و التى جاء فيها :<< يمكن أن بفقد الجنسيـة الجزائريـة كل جزائري الذي يشغل وظيفة في بلد أجنبي أومنظمة دولية ليست الجزائـر عضو فيها أو بصفة عامة يقدم لها مساعدتـه و لم يتخـل عـن منصبـه أو مساعدته بالرغم من انذاره من قبل الحكومة الجزائرية .>>
ما يلاحظ ان فقد الجنسية في هذه الحالة يتم رغم ارادة المعني عكـس الحالات المذكورة في المادة 18من نفس الأمر.
فما هي الشروط الواجب توافرها لإسقاط الجنسية الجزائرية؟.



- 61 -

الـفـصـل الأول

الشرط الأول : أن يشغل الجزائري وظيفة في بلد أجنبي أو في منظمة دولية ليست الجزائر عضو فيها:

فما هو معنى شغل وظيفة في هذا النص؟.
تقتضي قواعد التفسير بأن المطلق لا يقيد من إطلاقه إلا نص أخر و بما أن النص الجزائري عام و مطلق فينبغي أن يطبق على كل عمـل مأجـور شهريا أو أسبوعيا أو يوميـا ، سـواء فـي المصالـح العموميـة أو فـي المشروعـات الخاصة بالدولة الأجنبية و هذا إذا نظرنا الى عمـوم لفـظ EMPLOI) ( باللغـة الفرنسية، غير أنه بالرجوع الى مصدر نص المادة 19 و هو المادة 97 من قانون الجنسية الفرنسي الذي استعمل مصطلحFonctionبمعنى وظيفـة و بالتالي يقصد بذلك العمل بالمصالح العمومية الأجنبية (1).





(1) – الدكتور علي علي سليمان – المرجع السابق – ص 279.



- 62 -

الـفـصـل الأول

الشرط الثاني : أن لا يكون تولي الوظيفة أو تقديم المساعدات بإذن سابق من الحكومة الجزائرية:

و نجد أن كثير من الدول تشترط لقيام رعاياها بعمـل فـي الخـارج الحصول على تصريح أو إذن من السلطة المختصة ، و متى حصـل هـذا التصريح أصبح في مأمن من خطر نزع الجنسية.

الشرط الثالث: توجيه الحكومة الجزائرية إنذار الى الجزائري تطلب منه ترك وظيفته أو وقف مساعداته:

و يشترط في هذا الإنذار أن يكون شخصا و فرديا ، و توجيه الإنـذار أمر جوازي و متروك لتقدير الحكومة ، فقد ترى في قيام رعيتها بالخـارج بعمل فيه مصلحة لها و لو دعائية فتتفادى إنذاره، و قد ترى في ذلك العكس فتقوم بإنذاره.
و يحدد الإنذار أجل للشخص المعني و يترك عمله أو لقطـع مساعدتـه و قد حددت المادة 19/2 هذه المدة شرط أن لا تقل عن 15 يوم و أن لا تزيد عن شهرين بنصها: << و يحدد الإنذار آجلا لا يجوز أن يكون أقل من 15 يوم أو أكثر من شهرين.>>



- 63 -

الـفـصـل الأول

و بالنسبة لهذه المدة فهناك من الفقهاء غير كافية كون أن الشخص المعني قد يكون مرتبط بقصد عمل يتطلب إنتهائه مدة معينة و إنهاء العمل قد يترتب مسؤولية هذا الشخص و بالتالي كان من الاجدر مراعاة هذه الحالة، و ذلك مثلا يجعلها أطول ستة أشهر كما هو الشأن بالنسبة للمشروعين التونسي و المغربي.

الشرط الرابع:عدم استجابة الجزائري لهذا الإنذار في المدة المحددة:

و يكون ذلك بعدم تجليه عن وظيفته و إستمراره في تقديم المساعدات التـي طلب منه قطعها، و السؤال الذي طرح في هذه الحالة، هل يكفي سكـوت الشخص المعني أو انه يجب عليه أن يعلن صراحة عن إرادته ورغبته في التخلي عن عمله و قطع مساعداته؟.
يرى الأستاذ علي علي سليمان في هذه النقطة أن المهم طبقا للمادة 19 من الأمر 70/86 هو إما أمن يتخلى عن عمله في الخارج و يقطع مساعداته و لا تنزع عنه الجنسية و يكون قد أطاع الإنذار ، و إما أن يستمر في عمله أو في تقديم مساعداته فلا تنزع عنه الحنسية و يكون قد أطاع الإنذار و تنزع عنه الجنسية الجزائرية.






الـفـصـل الأول

الشرط الخامس: صدور مرسوم لفقد الجنسيـة ينشر في الجريـدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية:

لفقد الجنسيـة الجزائرية عن طريق الإسقاط لابد من صدور مرسـوم لذلك، و يتخذ هذا المرسوم بعد أن يكون المعني بالأمر قد أعطيت له فرصـة تقديـم ملاحظاته(1).
و هذا طبقا للمادة 20/3 التي جاء فيها: << في الحالة المنصوص عليها فـي المادة 19 أعلاه إبتداءا من نشر المرسوم المعلن عن فقدان الجنسية الجزائرية في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على شرط أن يكون قد أعطيت له فرصة تقديم ملاحظاته >>.
و مع ذلك بإمكان السلطة إلغاء هذا المرسوم إذا أثبت المعني بالأمر أنه كـان يستحيل عليه أن يتخلى عن وظيفته في الخارج، و يتوقف عن تقديم مساعداته ضمن الأجل المضروب له و هو ما نصت عليه المادة 20 فقرة أخيرة ، غير أن هذا النص غير مستاغ ذلك أن الهدف من الإنذار لنزع الجنسية، هنا إنما هو كما سبق القول محاربة استنزاف الكفاءات الوطنية و الحيلولة دون تسريبها إلى الدول الأجنبية، فإذا قدرت الحكومة الجزائرية ان في تولي جزائري وظظيفة في بلد أجنبي أو في منظمة دولية أو في تقديم مساعدات لهما مايدخل في نطاق ماتهدف.

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب – المرجع السابق – ص 228.



الـفـصـل الأول

و وجهت إليه إنذار لنزع جنسيته إذا أستمر في عمله، فلن تتغير طبيعة عمله إذا استحال عليه التخلي عنه خلال مدة الإنذار فلماذا إذن الحكومة المرسوم و مازال تقديرها لطبيعة هذا العمل كما هو لم يتغير، لقد كان المنطق يقتضي بأن تبدأ مدة شهري الإنذار في هذه الحالة من يوم زوال الاستحالة، و لذا كان نص الفصل 32 من قانون الجنسية التونسية أكثر توفيقا حين قضى بأنه إذا أثبت المعني بالأمر أنه تعذر عليه التخلي عن عمله ففي هذه الحالة لا يسري أجل 6 أشهر إلا من يوم زوال المانع(1).

أثر الفقد عن طريق الإسقاط:
بالرجوع الى النصوص الأمر 70/86 لا نجد هناك نص يتحدث عن هذه الآثار و هذا بالرغم من نصه على الآثار في حالة الفقد الإرادي و هذا في المادة21 من نفس الأمر و كذا الفقد عن طريق التجريد في المادة 24 من نفس الأمر كذلك .



(1)- الدكتور علي علي سليملن – المرجع السابق – ص 282.





الـفـصـل الأول

و عليه و في غياب نص على ذلك و بالنظر الى طبيعة فقد الجنسيـة عـن طريق الإسقاط التي هي جزاء و عقاب على عدم الاستجابة بالإنذار الموجه للمعني للتخلي عن العمل لدى المصالـح الأجنبيـة ، أو قطع المساعــدات و الإعانات التي تقدمها للخارج، و بالتالي فإن العقوبـة تكون شخصيــة و لا تنصرف الى الأبناء القصر، غير أنه و مع غيـاب النص التصريـح بالنسبة لهذه النقطة فإن بإمكان السلطة المختصة تمديد أثر الفقد الى الأبناء القصر و هذا بالنص على ذلك في مرسوم الفقد، خصوصا إذا م علمنا أن المادة 24 من الأمر المذكور سابقا قد أجازت مد إجراء الفقد الى الأبناء القصر في حالة تجريد آبائهم من الجنسية الجزائرية .

الـفـرع الثانـي: التجـريد مـن الجنسيـة الجزائريـة:

في هذه الحالة ، يستهدف نزع الجنسية حصرا هؤلاء الذين يحملون جنسية جزائريـة مكتسبة، و لا يمتد الى الجزائرييـن ذوي الجنسيـة الأصليـة، و بشكل عقوبة ترمي الى استفـادة الأفراد الخطرين بالنسبة للمجموعـة الوطنية و يصدر قرار نزع الجنسية في اربعة حالات ضد الشخص الذي اكتسب الجنسية الجزائرية(1).

(1)- الدكتور محند إسعاد – المرجع السابق – ص 165.




الـفـصـل الأول

و التي نصت عليها المادة 22 من الأمر70/86 جاء فيها : << كل شخص اكتسب الجنسية الجزائرية يمكن أن يجرد منها:
1 – إذا صدر حكم عليه من اجل عمل يعد جناية او جنحة تمس بأمن الدولة.
2- إذا صدر حكم عليه في الجزائر أو الخارج من اجل عمل يعد جريمة بعقوبة لأكثر من خمس سنوات سجنا .
3- إذا تهرب عن قصد من الخدمة الوطنية.
4- إذا قام لفائدة دولة أجنبية بأعمال تتنافى مع صفته كجزائري أو مضرة بمصلحة الدولة الجزائرية....>>.
و يقصد بالاكتساب حسب نص هذه المادة الاكتساب عن طريق التجنس أو بفضل القانون و إما كأثر لاكتساب الأجنبي للجنسية الجزائرية وفقا لما تقضي به الفقرة الاولى من المادة 17 من قانون الجنسية (1).
و سنحاول شرح حالات التجريد فيما يأتي:
الحالة الاولى :الحكم على مكتسب الجنسية الجزائرية في جناية أو جنحة تمس بأمن الدولة :
يقصد بهذه الحالة إدانة مكتسب الجنسية الجزائرية في عمل يعد في نظر القانون جناية أو جنحة ضد أمن الدولة الجزائرية.و امن الدولة يقصد به أمن الدولة في الخارج ، و هذاوفقا و تماشيا لقانون العقوبات الجزائري الذي نص على الجنايات و الجنح ضد أمن الدولة في الفصل الاول من الباب الاول من الكتاب الثالث من الزء الثاني و المواد من 61الى96 .

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب – المرجع السابق –ص 215

الـفـصـل الأول

و نفهم من نص المادة 22/2 ق ج أن حكم الإدانة يجب أن يصدر من المحاكم الجزائرية .
الحالة الثانية:صدور حكم على مكتسب الجنسية الجزائرية من أجل عمل يعد جريمة بعقوبة لأكثر من خمس سنوات:
تتعلق هذه الحالة بالجزائري الذي حكم عليه في عمل يعتبر جنايـة بعقوبـة تتجاوز خمس سنوات سجن من المحاكم الجزائرية أو الأجنبية .
كما ان المشرع لا يفرق في هذه الحالة بين العمل المرتكب الذي يعد جريمة مخلة بالشرف ، و العمل المرتكب الذي لا يعد كذلك، فكلاهما لا يبرر التجريد و العمل المبرر للتجريد هو العمل الذي يعد جناية ، أما الجنحة فـلا تبرر التجرد ، و هذه التفرقة غير واضحة في النـص العربـي لاستعمـال المشرع فيه لفظ << جريمة >> و الذي يطلق على الجناية و الجنحة و حتى المخالفة بينما النص الفرنسي استعمل لفظ << CRIME >>، و الـذي لا يطلق إلا على الجناية، فهو بذلك أكثر وضوح من النص العربي(1) .


(1)- الدكتور بلقاسم أعراب – المرجع السابق – ص 217.






الـفـصـل الأول

و فيما يخص تحديد القانون الذي يعتمد عليه في تحديد وصف الفعل هل هو جناية ام جنحة، فإنه يتم الرجوع في ذلك الى قانون العقوبات الجزائـري لا الى قانون البلد الذي اصدر قضائه الحكم، و عليه إذا الفعل المرتكـب من المعني بشكل جنحة وفقا للقانون العقوبات الجزائري بينما يشكل جناية حسب قانون البلد الذي اصدر قضاؤه الحكم ففي هذه الحالة لا مجـال لتطبيــق التجريد و لو كانت العقوبة الصادرة ضد المعني تفوق مدتها خمس (05) سنوات .
و يشترط مع توافر وصف الفعل بجناية أن تكون مدة العقوبة المحكوم بها تزيد عن خمس سنوات سجنا، فإذا كانت مدة السجن تساوي بها تزيد عن 05 سنوات ، فل يكون هناك مسوغ للتجريد.
فلا بد إذن لتجريد الشخص من الجنسية الجزائرية المكتسبة أن يوفر شرط الوصف الجنائي في الفصل المرتكب منه و كذا الحكم عليه بعقوبة تتجاوز مدتها خمس (05) سنوات سجن.
الحالة الثالثة :التهرب عن قصد من التزام الخدمة الوطنية:
يشترط في الحالة هذه أن يكون التهرب عن قصد من التزامــات الخدمـة الوطنية و أظهر مثال على ذلك التخلف عن أداء الخدمة العسكرية، و يرجع في تحديد ما يراد بها الى قانون الخدمة الوطنية، و الملاحظ في نص المادة 22 من قانون الجنسية أنها تشرط صدور حكم قضائي بالتهرب من الخدمة الوطنية، و هذا بخلاف القانون الفرنسي الذي اشترط هذا الحكـم لتجريـد المعني من الجنسية، و كان على المشرع الجزائري أن ينص على هـذا


الـفـصـل الأول

الشرط، ذلك أن هذا الحكم يكون دليل قاطع على أن الشخص المعني لم يلزم بواجباته الوطنية و التي من بينها أداء الخدمة الوطنية و التي هي دليل للوفاء و الولاء للدولة الجزائرية.
الحالة الرابعة: القيام لفائدة دولة أجنبية بأعمال تتنافى وضعيته كجزائري أو مضرة بمصلحة الدولة الجزائرية:
يشترط في الحالة هذه لتجريد الشخص من الجنسية الجزائرية قيامه بأعمال لفائدة دولة أجنبية ، و يشترط في هذه الأعمال أن تكون :
أولا:أن تتنافى هذه الأعمال مع صفة المواطنة:
و يشترط في هذه الحالة الأعمال التي يؤديها الفرد لصالح الدولة الأجنبية أن تتنافى مع صفته كمواطن جزائري و الأعمال هنا مفهومها أعم مما ورد في المادة 59 السابق شرحها فيستوي أن يكون بمقتضى وظيفة أو بدون وظيفة، كما شمل الأعمال المادية و المعنوية، مثل الدعاية و الكتابة و التجنس ، و لابد أن يكون العامل لصالح الدولة الأجنبية بدون تصريح سابق من السلطات الجزائرية، كون التصريح أو الإذن ينفي عن العمل وصفه المسقط للجلسة عن طريق التجريد.
ثانيا:أن تكون معبرة بالمصلحة الوطنية:
و يلاحظ أنه ورد في النص حين وضع << أو >> بدلا من << و >> مع أن الشرطين اللازمين أو لا بد من توافرهما، و تقدير طبيعـة الأعمـال ما إذا كانت مضرة بالمصحة الوطنية للدولة الجزائرية، مسألة التدخل في السياسـة



الـفـصـل الأول

العليا للبلاد، و كما أن تحديد الدول الصديقة من غيرها كذلك أمر متـروك تقديره للسلطات المختصة في الدولة.
و اعتبارا أن التجريد عقوبة لها صفة جنائية، فيجب أن يقوم بها الجزائري و هو عالم بأنها تتنافى مع صفته كجزائري، و تضر بمصلحة وطنية أي أن يكون سيئ النية.
المدة التي تقع خلالها الأعمال المبررة للتجريد:
وفقا للمادة 22 من قانون الجنسية، فإنه يشترط في العمل المبرر للتجريد أن يكون وقع في خلال مدة 10 سنوات من تاريخ اكتساب الجنسية الجزائرية بنصها : <<... و لا يترتب التجريد إلا إذا كانت الأعمال المنسوبة إلى المعني بالأمر قد وقعت ضمن أجل 10 سنوات ابتداء من تاريخ اكتساب الجنسية الجزائرية.....>>.
مما يعني أن الفعل بعد مرور 10 سنوات و لو بيوم واحد يحول دون اللجوء إلى التجريد، غير أن هذا الشرط وحده لا يكفي لإمكان تجريد الشخص من الجنسية الجزائرية بل لا بد أن يتم الإعلان عن التجريد خلال خمس سنوات من تاريخ وقوع الفعل المبرر لتجريد و هذا حسب ما نصت عليه المادة 22 فقرة أخيرة من قانون الجنسية ، فإذا لم يعلن عنه خلال هذه المدة امتنع عن السلطة الإعلان بعد مرورها ، لأن مدة 5 سنوات هي مدة تقادم سقط لمضيها اللجوء إلى التجريد(1).

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب – المرجع السابق – ص 218.


الـفـصـل الأول

إجــراءات الـتـجـريــد:
تنص المادة 23 على ان يتم التجريد من الجنسية الجزائرية بمرسوم بعــد تمكين المعني من الأمر من تقديم ملاحظاته و له أجل شهرين للقيـام بذلك و التجريد يتم بمرسوم من السلطة التنفيذية وزارة العدل(1).
غير أن الملاحظ على نص المادة 23 من قانون الجنسية نجد أنها لم تحــدد بداية مدة الشهرين الممنوحة للمعني بالأمر لتقديم ملاحظاته، و كان ينبغي أن يكون هناك إنذار بالتبليغ يسري من تاريخه مدة الشهرين المنصوص عليهـا بالمادة 23 السابقة الذكر.
و بالنسبة لسريان الفقد عن طريق التجريد فبرر الأستاذ علي علي سليمـان أنها تبدأ من تاريخ صدور المرسوم بالجريدة الرسمية.
أما بالنسبة إلى الغير فتعتبر تصرفاته التي قام بها بصفته جزائري في الفترة ما بين صدور المرسوم و يوم نشره صحيحة و منتجة لآثارها القانونية.
آثـار الـتجـريــد:
نصت عليها المادة 24 من قانون الجنسية و التي جاء فيها:<< يمكن تمديـد التجريد من الجنسية إلى زوجة المعني بالأمر و أولاده القصر، غير أنـه لا يجوز تمديد التجريد إلى الأولاد إذا لم يكن إذا لم يكن شاملا الأولاد أيضا>>.

(1)- الدكتور علي علي سليمان – المرجع السابق – ص 290.




الـفـصـل الأول

وفقا لهذه المادة، فإن تمديد أثر التجريد إلى زوجة المعني، و إلـى أولاده القصر أمرا جوازي، لأن النص ورد بصيغة << يمكن >> كما يفهم من نص المادة أيضا أن اثر التجريد لا يمدد إلا إلى الأولاد القصر دون البالغين كما لا يمدد أثر التجريد إلى الأولاد القصر إلا إذا إمتد إلى أمهم، و على ذلك فإن لم تكن أمهم فلا يمتد أثر التجريد إليهم، كما لو كانت زوجة المعني بالأمر ليست أما لأولاد المعني بالأمر و إنما زوجة أبيهم، و مما لا شك فيه كذلك أن المقصود بالأولاد القصر في هذه الحالة هم الأولاد القصر غير المتزوجين و المقيمين فعلا مع المعني بالأمر.















الـفـصـل الأول

الفرع الثالث :سحب الجنسية الجزائرية:

تنص المادة 13/ 1 من قانون الجنسية الجزائرية على: << يمكن دائما سحب الجنسية من المستفيد إذا تبين بعد عامين من نشر مرسوم التجنس في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بأنه لا تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في القانون أو أنه استعمل وسائل الغش في الحصول على الجنسية>>.
و حسب نص المادة فإنه يشترط لسحب الجنسية الجزائرية من مكسبها ما يلي:
الشرط الاول: ان يكون الشخص المعـرض للسحب متمتعا بالجنسيــة الجزائرية المكتسبة عن طريق التجنس ، إما المتمتع بالجنسية الجزائرية عن طريق التجنس فلا يمكن تطبق إجراءات السحب في حقه.
الشرط الثاني: تحقق أحد السببين للذين أوردتهما المادة 13 للسحب، أوردت المادة 13 ق.ج سببين يجيزان للسلطة المختلفة باللجوء إلى إجراء سحب الجنسية الجزائرية ممن إكتسبها عن طريق التجنس و هذين السببين هما:
السبب الاول:ألا تتوفر في الشخص المعني الشروط المنصوص عليها في القانون لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس.
السبب الثاني: أن يستعمل الشخص المعني وسائل غش في الحصول على الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس.



الـفـصـل الأول

الشرط الثالث:الكشف عن سبب السحب خلال عامين من نشـر المرسـوم الذي يمنع الجنسية للتجنس.
حسب نص المادة 13 من قانون الجنسية فإنه في حالة اكتشاف أحد السببيـن المبررين للسحب بعد عامين من نشر مرسوم التجنس في الجريدة الرسميـة فإنه يجوز إجراء السحب، و هذا يعني أن الاكتساب الذي يتم قبل العاميـن لا يبرر السحب و هذا أمر غير منطقي و لا مقبول لذلك نقول أن تعبير المشرع تنقصه الدقة و التصحيح يكون كالتالي: << خلال عامين من نشر مرسـوم التجنس >> بدل من << بعد عامين من نشر مرسوم التجنس>>(1).
و عليه و وفقا لهذا التصحيح فإن السبب الذي يبرر السحب لا بد أن يكتشف خلال عامين من نشر مرسوم التجنس بالجريدة الرسمية، و كل كشف له بعد هذه المدة لا يمكن الاعتماد عليه كسبب لمباشرة إجراء السحب.
إجــراءات الـسـحـب:
فتح المشرع الجزائري، لمن سحبت منه الجنسية الجزائرية التي اكتسبها عن طريق التجنس الباب لتقديم وثائق، و مذكرات خلال شهريـن مـن إعلامـه بالسحب، و بمرور الشهرين يفقد هذا الحق، و يتم سحب الجنسية في نفـس الإشكال التي تم فيها منح التجنس بمعنـى أن السحب يتم بموجب مرسـوم منشور بالجريدة الرسمية.

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب – المرجع السابق – ص 214.



الـفـصـل الأول

آثـار الـسحـب:
فيما يتعلق بالتصرفات التي أجراها المعني قبل نشر القرار الخاص بالسحب فلا يمكن الطعن فيها بحجة أنه لم يكتسب الجنسية الجزائرية، و هذا ما تنص عليه المادة 13 فقرة أخيرة من قانون الجنسية.
فالسحب ينتج أثره من تاريخ صدوره، أما قبل هذا التاريخ فليس له أثر على صحة تصرفات المعني .






















الفـصـل الثـانـي

الفصل الثاني: القواعد الشكلية في الجنسية الجزائرية:

بعد إستعراضنا للقواعد الموضوعية في الجنسية الجزائرية في الفصل الأول من المذكرة، و التي تمثلت في موضوعيـن همـا موضـوع ثبـوت الجنسيـة الجزائرية بشقيها الجنسيـة الأصليـة و الجنسيـة المكتسبــة، و موضـوع فقـدان الجنسية الذي ينقسم بدوره إلى الفقدان الإرادي و الفقدان اللاإرادي. ســوف نتطرق بالضرورة إلى القواعد الشكلية في الجنسية ، و التي تتجسد أساسـا في موضوعين نتناولها في مبحثين، المبحـث الأول سنخصصه لموضـوع الإثبات في الجنسية الذي يعد من الموضوعات الهامة في علم الجنسيـة ذلك لكون أن الجنسية صفة في الفرد تتأثر بها حقوقه و التزاماته و هويته الدولية أو بصفة عامة مركزه القانوني في الدولة، و سوف نبين في هذا المقام عبء الإثبات في الجنسية و كذا وسائل إثباتها.
أما المبحث الثاني فسوف نخصصه لموضوع المنازعات المتعلقـة بالجنسية الذي لا يقل أهمية عـن موضوع الإثبـات كمـا سبـق ذكـره، و تتعلـق المنازعات بصفة أساسية بمسألة الاختصاص في الجنسية الـذي سوف نقسمه الى مبحثين، المبحث الأول نخصصه لمسألة الاختصاص فـي الجنسية الـذي ينقسم إلى قسمين القسم الأول يتعلق بالاختصاص الوطنـي بنوعيه الاختصاص المحلي و الاختصاص النوعي في مادة الجنسية ، أمـا القسم الثاني فسنتطرق فيه الى الاختصاص الدولي فنتناول فيه التنازع السلبي و التنـازع الإيجابـي في الجنسية.

الفـصـل الثـانـي

كما أنه لا يفوتنا و نحن بصدد التعرض للمنازعات في الجنسية أن ندرس
موضوع حجية الأحكام الصادرة في مادة الجنسية و ذلك في المبحث الثاني.




















الفـصـل الثـانـي

المبحث الأول: مسألة الإثبات في مواد الجنسية:

إن الإثبات حسب القواعد العامة يعمل عموما على تأكيـد وجـود حـق أو مركز قانوني معين، و لا يخرج إثبات الجنسية عن ذلك ، فإذا كانـت الجنسية وفقا لمفهومها الوظيفي صفة في الفرد تفيد انتمائه الى دولة معينـة و من يتمتع بها يشغل مركز قانوني معين هو مركز الوطني فـي الدولـة فإن إثبات الجنسية يعني إقامة الدليل على تمتع الشخص بصفـة الوطنـي أو بصفة الأجنبي(1).

المطلب الاول: عبء الاثبات في الجنسية:

لقد بينت المادة 31 من الامر 70/86 المتضمـن قانــون الجنسيـة الجزائـري من يقع عليه عبء الإثبات في الجنسية بنصها على أنه يقع على عاتق مـن يدعـي سواء بواسطة الدعوى أو الدفع بأنه أو غيـره متمتـع أو غيـر متمتـع بالجنسية الجزائرية.
فطبقا لهذه المادة فإن الإدعاء قد يكون صادرا من الشخـص نفسـه سـواء بواسطة الدعوة أو عن طريق الدفع، و قد يكون صادرا من الغير سواء كان ذلك أيضا بواسطة الدعوى أو عن طريق الدفع. فإذا صـدر الإدعـاء مـن الشخص نفسه سواء بواسطة الدعوى أو عن طريق الدفع فإنه متمتع بالجنسية

(1)- الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة – المرجع السابق- ص 898.


الفـصـل الثـانـي

الجزائرية أو أنه غير متمتع بها فعلى عاتقه لا على عاتق غيره يقـع عـبء إثبات ذلك، أو إذا كان الإدعاء غير صادر من الشخص نفسه و إنما من الغير و ينكر عليه تمتعه أو عدم تمتعه بالجنسية الجزائرية فإن عبء الإثبات يقـع على عاتق هذا الغير و ليس على عاتق الذي جنسيته محل إنكار (1).
و النتيجة هي أن المشرع الجزائري في هذه المـادة لـم يخرج عـن القواعـد العامة في الإثبات، و التي مفادها أن << البينة على من ادعى>> فمن ادعى أو زعم بشيء فعليه يقع عبء إثبات ما يدعيه أو يزعمه.
غير أن هناك من التشريعات ما نظم عبء الإثبات في الجنسية و جاء هـذا التنظيم مخالفا للقواعد العامة، حيث يجعل عبء الإثبات دائمـتا علـى عاتـق الشخص الذي يثور النزاع حول جنسيته أيا كان مركـزه القانونـي سواء كـان في مركز المدعـي أو في مركـز المدعـي عليه. و مـن تلك التشريعـات نذكـر قانون الجنسية الفرنسي الصادر في عام 1973 حيـث جاءت المادة 138 منه تنص على أن: << عبء الإثبات في الجنسية الفرنسية يقع على من تكـون جنسيته محـلا للنزاع >>. و بذلك قـد يفلت المدعي من التدليل على مزاعمـه ليلقي على عاتق من أثير الشـك حـول جنسيته بعبء الإثبات (2).
و تجدر الإشارة إلى أنه و بصدد الحديث عن عبء الإثبات في الجنسية لابد من بيان محل الإثبات في الجنسية. إن الصحيح قانونا هو أن محل

(1)- الدكتور بلقاسم أعراب – المرجع السابق – ص 231.
(2)- الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة – المرجع السابق- ص 898.

الفـصـل الثـانـي

الإثبـات الحقيقي بصفة عامة هو الحق ذاته، غير أنه و بالنظر إلى الطابـع غير المادي لفكرة الحق عموما فإن محل الإثبات صار هو الواقعة القانونيـة المنشئة للحق أو المركز القانوني، و الأمر لا يخرج عن ذلك فـي شـأن الجنسيـة، فمحـل الإثبات فيها ليس هو الحـق فـي الجنسيـة ذاتـه، لأن الجنسيـة فـي مفهومهـا الوظيفي الذي يهم عادة هي صفة في الفرد تفيد إنتمائه للدولة و تلك الصفـة أمر معنوي يصعب إثباتها، إنما محل الإثبات هو الواقعة القانونية أو العمـل القانوني الذي ثبت بمقتضاه الصفة الوطنية للفرد أو انتفت عنه(1).












(1)- الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة – المرجع السابق- ص 895.

الفـصـل الثـانـي

المطلب الثاني: وسائل الإثبات في الجنسية الجزائرية:

على غرار التشريعات المقارنة نظم المشرع الجزائري بدوره وسائـل إثبـات الجنسية في قانون الجنسية الجزائري و ذلك في ستـة (06) مـواد و ذلك مـن المادة 31 إلى المادة 36 منه.
و وسائل الإثبات في الجنسية تتعدد و تختلف و المراد دائما هو إيجـاد قرينـة مقنعة بأن هذا الشخص أو ذلك يتمتع أو لا يتمتع بالجنسية الجزائرية. و يرى بعض الفقه أن إثبات الجنسية يجوز بكافة طـرق الإثبـات، غيــر أن البعـض الآخر يستبعد اليمين و الإقرار و شهادة الشهود و يستبقي الكتابة ذلك لما في الاعتراف بالجنسية من خطورة قد تمس بمصالح الغير.
و لقد أجاز المشرع الجزائري إثبـات الجنسيـة الجزائريـة بإحـدى الوسائـل القانونية التالية:
1- بتقديم شهادة الجنسية لتي تمنح من السلطات القضائية المختصة لإثبات الجنسية الجزائرية الأصلية.
2- بتقديم نص المعاهدة إذا اكتسبت الجنسية عن طريق المعاهدة.
3- بتقديم مرسوم التجنس إذا اكتسبت الجنسية عن طريق التجنس.
4- إثبات الجنسية الجزائرية عن طريق ما اصطلح عليه بتسمية حيازة الحالة الظاهرة.




الفـصـل الثـانـي

الفرع الأول: وسائل إثبات الجنسية الوطنية (الجزائرية):

تختلف وسائل إثبات الجنسية الجزائرية من حالة إلى حالة و من إثباتها أمـام السلطات القضائية إلى إثباتها أمام السلطات الإدارية.
1- وسائل إثبات الجنسية الجزائرية أمام الإدارة:
لقد جاء قانون الجنسية الجزائري رقم 70/86 خاليا من بيان وسائــل إثبــات الجنسية أمام الإدارات الجزائرية، لذلك تولى هذا الأمـر القـرار الــوزاري المؤرخ في 04/04/1977 المحـدد لكيفيـة طلـب و تسليـم جـوازات السفـر الفردية و الجماعية في التراب الوطني، و هنـاك كـذلك الأمر رقم 77-01 المؤرخ في 23/01/1977 و المتعلـق بوثائـق السفـر للمواطنين الجزائرييـن.
سوف نتطرق أولا إلى القرار الوزاري الأول حيث جاءت عدة مـواد منـه لتعفي المعني بالأمر من تقديم شهادة الجنسية أمام الهيئـات الإداريـة، و مـن هذه المواد نجد المادة 04 منه التي تجعل شهادة ميـلاد أب المعنـي بالأمــر المولود بالجزائر كوسيلة إثبات تحل محل إبراز شهادة الجنسيـة، و التـي نصهـا كالآتي: << طالبي جوازات السفر المزدادين بالجزائر من أب مزداد هو الآخر بالجزائر فإن تقديم نسخة ميلاد الأب تكفي و تعـوض شهادة الجنسية >>.




الفـصـل الثـانـي

و جاءت كذلك المادة 05 منه لتعفـي مـن إبـراز شهـادة الجنسيـة و استبدالهـا ببطاقة تعريف المعني بالأمر التي تكون قد تجـاوزت خمـس سنوات من تاريخ إصدارها و ذلك بنصها : << يعفى من الجنسية الأشخاص الحائزون علـى بطاقة تعريف أكثر من خمس سنوات>>.
و من جهة أخرى جاءت المادة 06 تنص على أن بطاقة الناخب أقل من سنة تعوض شهادة الإقامة.
و خلاصة القول أن كل من شهادة ميـلاد المعنـي بالأمـر المولـود بالجزائـر و بطاقة التعريف الوطنية التي تجاوزت مدة خمس (5) من تاريخ إصدارهـا و كذا بطاقة الناخب أقل من سنة، تعتبر كلها وثائق ثبوتية تسمح بالحصـول على جواز السفر الجزائري الـذي يعتبـر كعنـوان للجنسيـة الجزائرية.
و لقد سبق الإشارة إلى أن الأمـر رقــم 77 –01 المـؤرخ فــي 23/01/1977 و المتعلق بوثائق السفر للمواطنين الجزائريين حيث جاء فـي مادته الثانية التي تنص على أن << تتضمن وثيقة السفر الدمغة الجافة لخاتم الدولة و هي تثبت هوية و جنسية صاحبها >>.
و بالتالي هذه المادة جعلت من وثيقة السفر كوسيلة إثبات تغنـي عـن تقديـم شهادة الجنسية بإعطائها نفس القوة الثبوتية لها مع شهـادة الجنسيـة الجزائريـة و بطاقة الهوية.



الفـصـل الثـانـي

2- وسائل إثبات الجنسية الجزائرية أمام القضاء:
لقد أسلفنا فيما سبق الإشارة إلى أن وسائل الإثبات أمام السلطـات القضائيـة تختلف من الجنسية الأصلية إلى الجنسية المكتسبة.
أولا: وسائل إثبات الجنسية الأصلية:
نميز كذلك في هذا المقام بين وسائل إثبات الجنسية الأصليـة حسـب الحـالات التالية:
- الجنسية الأصلية المبنية على حق الدم.
- الجنسية الأصلية المبنية على حق الإقليم.
- الجنسية الأصلية المبنية على الجمع بين حق الدم و حق الإقليم.
- الجنسية الأصلية المبنية على حيازة الحالة الظاهرة.
أ‌- إثبات الجنسية الأصلية المبنية على حق الدم:
يخضع إثبات الجنسية الجزائرية في هذه الحالة إلى نـص المـادة 34 مـن قانون الجنسية التي تنص: << تثبت الجنسيـة الجزائريـة بالإدلاء بشهـادة الجنسية يسلمها وزير العدل أو سلطات مؤهلة لذلك>>.
و بالتالي فإن إبراز شهادة الجنسية التي تسلمها السلطـة المؤهلـة لـذلك و هي المحاكم الابتدائية ممثلة من طرف القاضي هي وسيلة الإثبات فـي هذه الحالة.




الفـصـل الثـانـي

و فيما يخص وسائل إثبات الجنسية أمـام السلطـات القضائيـة فـي هـذا المجال، قد حددها المنشـور الـوزاري رقـم – 01- لسنـة 1997 الصـادر عن وزارة العدل و الذي صنف كل حالـة من حـالات الجنسيـة الأصليـة الأصلية المبنية على حق الدم حالة بحالة، و حدد لكل واحد منهـا كيفيـة إثباتها أمام القضاء و التي سوف نتطرق لها كالآتي:

الحالة الأولى: و هي الحالة العامة وهي حالة الولد المـولـود مـن أب جزائري:
يكون إثباتها كالآتي:
- تقديم شهادة ميلاد المعني بالأمر.
- شهادة ميلاد الأب.
- شهادة ميلاد الجد.
بشرط أن تكون كلها نسخ كاملة أي مطابقة لسجل قيد المواليد الموجود فـي مصلحة الحالة المدنية ببلدية مسقط الرأس.
و في حالة تعذر الحصول على شهادة ميلاد الأب أو شهادة ميلاد الجد لعدم التسجيل في سجلات الحالة المدنية يتم تعويضها بواسطة شهادة الوفاة شريطة أن تكون متضمنة تاريخ الميلاد .
أما في حالة عدم وجود كذلك شهادة ميلاد أو وفاة الجـد بسبب كـذلك عدم التسجيل في سجلات الحالة المدنية ، يجوز تقديم عقـد اللفيـف للجـد،


الفـصـل الثـانـي

بشرط أن يكون الشاهدين الموقعين في العقد مولودين في الفترة الزمنية التي ولد فيها الجد ، و عدم ظهور ما يخالف صحة هذا العقد.
و من جهة أخرى نجـد وسيلـة أخـرى للإثبات فـي قانـون الجنسيـة و هي ما جاءت به المادة 32/01، و التي تنـص: << عندمـا يدعي شخـص الجنسية الجزائرية كجنسية أصلية يمكن إثباتها عن طريـق النسب بوجـود أصلين ذكرين مـن جهـة الأب مولوديـن فـي الجزائـر و متمتعيـن بالشريعــة الإسلامية.>>
و مفاد هذه المادة أنه يمكـن إثبـات الأصـل الجزائـري بإثبـات وجـود اصلين ذكرين من جهة الأب مولودين في الجزائـر و متمتعيـن بالشريعة الإسلامية و يتعلق الأمر بالجد و أب الجـد،و هـذا مـا ذهبت إليـه المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 21/05/1996 تحـت رقم 136077 (انظر الملحق).
الحالة الثانية: الولد المولود من أم جزائرية و أب مجهول:
و يتم إثباتها بتقديم:
- شهادة ميلاد الطالب صادرة من مكان ميلاده نسخة كاملة.
- شهادة الجنسية الجزائرية لامه أو الوثائق الثبوتية الخاصة بها.





الفـصـل الثـانـي

الحالة الثالثة: الولد المولود من أم جزائرية و أب عديم الجنسية:
و يكون إثباتها بتقديم:
- شهادة ميلاد المعني بالأمر نسخة كاملة و صادرة من مسقط رأسه.
- شهادة الجنسية الجزائرية للام أو وثائقها الثبوتية.
- عقد زواج الوالدين.
ب- إثبات الجنسية الأصلية المبنية على حق الإقليم:
و هي حالة وحيدة في القانون الجزائري، و يتعلق الأمر بحالـة الولـد المولـود في الجزائر من أبوين مجهولين التي نصت عليها المادة 7 الفقـرة الأولى من قانون الجنسية، و يكون إثبات جنسيتـه بتقديـم شهـادة ميـلاده بالجزائر مع الإشارة فيها الى كون والديه مجهولين.
ج- إثبات الجنسية الأصلية المبنية على الجمع بين حق الدم و حق الإقليم:
و يتعلق الأمر بالولد المولود في الجزائر من أم جزائرية و أب أجنبي هو نفسه مولود بالجزائر، و يكون بالتالي إثبات جنسيته بتقديم الوثائق التالية و هي :
- شهادة ميلاد المعني بالأمر نسخة كاملة تثبت ميلاده بالجزائر.
- شهادة ميلاد الأب تثبت ميلاده بالجزائر و يجب أن تكون كذلك نسخة كاملة.
- شهادة الجنسية الجزائرية للام أو وثائقها الثبوتية.
- عقد زواج الوالدين.









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الجزائري, الجنسية, القانون

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc