اسباب ثورة الامازيغ ضد الحكم العروبي الاموي في الاندلس: - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأنساب ، القبائل و البطون > منتدى القبائل العربية و البربرية

منتدى القبائل العربية و البربرية دردشة حول أنساب، فروع، و مشجرات قبائل المغرب الأقصى، تونس، ليبيا، مصر، موريتانيا و كذا باقي الدول العربية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

اسباب ثورة الامازيغ ضد الحكم العروبي الاموي في الاندلس:

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-03-18, 23:16   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
امير حريش
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي اسباب ثورة الامازيغ ضد الحكم العروبي الاموي في الاندلس:

ما هي اسباب ثورة الامازيغ ضد الحكم العروبي الاموي في الاندلس:

عندما تطالع كتب التراث تلا حظ أن اختزالا عاما وقع لفائدة العرب ، فلا تقرأ فيها سوى الفعل العربي مقرونا بالإسلام ، الفتح العربي الإسلامي للأندلس ! ، الحضارة العربية الإسلامية ! ، حتى ليخيل إليك بأن جزيرة العرب وبلاد الشام تحولت برمتها تجاه شمال إفريقيا والأندلس !! ، في ظل غياب شبه كلي لفعل الشعوب المحلية التي وقع عليها الغزو ، وأن العرب والإسلام جسم واحد غير قابل للانفصام والإنفصال ، ومنه يتضح مفهومٌ انغرس عند العوام أن لا إسلام بلا عروبة ، وأن الإنتقاص من العرب ونقدهم هو انتقاص من الدين ، وبذلك أصبح تقديم العرب وتأخير غيرهم من الأقوام عنوان لصدق الإيمان ، وخضوع كامل لذوي السلطان
عندما نتصفح هذه المصادر بنوع من الحصافة والذاتية ، نلحظ أن فيها توجيها مركزا لاختزال عمل وجهد عامة المسلمين بجعله عملا عربيا خالصا ، ولا أدري ما العيب بتسمية الأفعال والمنجزات باسم عام لا يقصي أحدا وهو (الإسلام) ، كقولنا الفتح الإسلامي ، والحضارة الإسلامية ، باعتبار أن العنصر العربي هو جزء من عناصر ومكونات عدة شاركت في الأفعال والمنجزات ، وقد يتساءل الإنسان عن مبلغ التضحيات التي قدمها الأمازيغ في غزو الأندلس تحت أمرة العرب ، ومبلغ العرفان العربي لهذه التضحيات ماديا ومعنويا .
** لا يمكن الجزم بأن التوسع العربي الأمازيغي على الأندلس عملا روحيا خالصا ، غرضه ديني لا دنيوي ، فا لظواهر والمعطيات توضح تداخلا بين الأمرين ، بل و ترجح غالبا المطلب المادي والمغنمي ، وهي مطالب غريزية في الإنسان ، قد لا يستطيع المعتقد إخفاءها أو منعها وحجبها .
أن سياسة العرب تشكلت من "سمو العنصر العربي" المنطلقة من المفهوم العنصري "فضل العرب على العجم" وجعل النسب القريشي الشريفي أساس التمايز الطبقي والشرف، والذي يوازي شعارها القومي "جعل كلمة العرب هي العليا". وكل هذه العناصر العنصرية تدخل ضمن الأساطير المؤسسة لدولة بني أمية بالأندلس. هكذا استولت الأرستقراطية العربية الحاكمة بالأندلس على جل الأراضي الصالحة للزراعة، وتمتعت بامتيازات لا حصر لها، طاردين العجم الأمازيغ نحو الجبال في الشمال، ولم يهتم الجشعون العرب في تقسيم الثروات والغنائم، بشكل عادل ومتوافق مع الشرع الإسلامي، مع العلم أن غزو الأندلس كان عملا أمازيغيا محضا، ويقتضي الشرع أن يكون أكثر المستفيدين من مكاسب الغزو، ويورد ابن حزم في هذا الصدد: "إن الأندلس لم تخمس كما فعل رسول الله فيما فتح، ولا استطيبت أنفس المستفتحين وأقرت لجميع المسلمين كما فعل عمر رضي الله عنه فيما فتح، بل نفذ الحكم فيها بأن لكل يد ما أخذت"(19). في حين يقول الزهري بأنها وزعت على طريقة قانون الغاب: "لما فتح المسلمون بلاد الأندلس، أخذ القوي بقوته والضعيف بضعفه، ولم تنقسم على الحقيقة"(20). كما تعرض الأمازيغ لاضطهاد ومآسٍ كثيرة من الجشعين العرب، ويعبر عنه هذا النص بوضوح: "وقد مثل والي الأندلس بالمغاربة الذين كانوا يفدون كثيرا إلى إسبانيا, أنزل بهم أشد العقوبات لما أخفوا بين أيديهم من كنوز الأموال وطرحهم في غياهب السجون ترهقهم الديدان والقمل مصفدين بأغلال الحديد، وجعل يعذبهم بضرب السياط ويشتد في إساءتهم ومحاسبتهم، ويتولاهم بأشد العقوبات، وقد تجلى رد الفعل على هذه المعاملة بثورة محلية صغيرة في الشمال معروفة باسم مونوسه"(21)، إضافة إلى هذا، الأمويون انتهجوا "سياسة الميز العنصري" و"سياسة إذلال الأمازيغ"، وهذا ما يشير إليه صاحب "أخبار مجموعة"، حيث "فاخر حفص بن ميمون (الأمازيغي) غالب بن تمام (العربي) ففضل مصمودة على العرب فضربه غالب بالسيف فقتله، فلم يكن من الأمير في ذلك نكير"(22)؛ أي لم يقتص الأمير "الظالم" عبد الرحمن الداخل من القاتل، بل قام هو وجماعته من عرب قريش بحماية القاتل غالب بن تمام، وما يفيد ذلك، أن وهبا صرح بعد مقتل أخيه حفص بن ميمون بقوله: "والله لئن تغضب لنا قريش ليغضبن لنا سبعون ألف سيف"(23).
خلاصة على ما سبق، يتضح أن السياسة التي انتهجتها الدولة الأموية اتجاه الأمازيغ، تحمل الكثير من العنصرية والابتزازات والإهانات المتكررة، حيث أصبحت معاملة الأمويين قاسية وهمجية تصل في كثير من الأحيان إلى العنف والتعذيب والقتل، واغتصاب النساء، كما قام هؤلاء العرب المتعصبون لعروبتهم ونعرتهم القريشية بإقصاء الأمازيغ من دوائر المسؤوليات وميادين النفوذ السياسي ومجالات الانتفاع الاقتصادي، دون إعارة أي انتباه لتعاليم الإسلام المساواتية.
أمام انتشار الظلم والطغيان الأموي، بشكل قوي، قام السكان الأمازيغ بتشكيل كتلة واحدة في جميع مناطق الأندلس، وأعلنوا الثورة على الطغاة الولاة الأمويين، دفاعا عن كيانهم وحقوقهم الضائعة، وضد السياسة الأموية القائمة على التمييز لعرقي، وضد كل أشكال الاستغلال والاستعباد والذل والهوان، وسرعان ما تحولت الثورة إلى ثورة عارمة على الحكم الأموي بأكمله، وخلعوا طاعة الخليفة، وبايعوا زعماءهم الأمازيغ في سنة 746م، التي تزامنت مع ثورة قادها الزعيم الأمازيغي ميسرة المطغري –ربما اسمه المدغري- وخليفته حبيب بن حميد الزياني ضد المحتلين العرب، دفاعا عن أرض تامازغا وقيم تيموزغا، وحقق البطل الأمازيغي ميسرة المطغري، الذي يلقب في الكتب التاريخية العربية بميسرة الحقير والسقاء والخفير والفقير، ملاحم بطولية على وادي نهري سبو وشلف بانتصاره وسحقه للجيوش العربية المستعمرة، وبوصول أخبار الملاحم البطولية التي حققها الجيش الأمازيغي بتاماغا إلى الأندلس، ازداد الشعور القومي عند الثوار الأمازيغ بالأندلس واتخذت الثورة في البداية شكل مطاردة العناصر العربية العنصرية، ثم توجه الثوار نحو مدينة طليطلة قصد السيطرة عليها، وزحفوا نحو العاصمة قرطبة وحاصروها من الشمال والجنوب، وألحق الجيش الأمازيغي خسائر وهزائم متكررة على جيش والي الأندلس قطن ابن عبد الملك، وهذا الأخير أدى به الوضع إلى طلب المساعدة والاستنجاد من أحد خصومه يدعى بلج بن بشر القشيري، الذي كان محاصر من طرف الجيوش الأمازيغية بمدينة سبتة الأمازيغية، ولبى بلج بن بشر الدعوة وانتصر المبدأ الجاهلي العربي "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، حيث سارعت فلول جيوش بلج بن بشر إلى الأندلس، وزادت من قوى جحافل العساكر الأموية بالأندلس، وانعكس ذلك في توقف الزحف الأمازيغي وظلت بين العنصر العربي والامازيغ حروب لعدت سنوات بين غالب ومغلوب حتى القرن 11 م.
تصاعدت موجة العنصرية العربية الهمجية بشكل قوي جدا، خلال القرن 11م، وبلغت ذروتها عندما قام "الجزار الوحشي" عباد بن المعتمد بالاحتفاظ برؤوس أعدائه الأمازيغ في خزانته للمباهاة بقتلهم(40)، وكذلك عندما قام محمد بن هشام بن عبد الجبار المهدي بتسليط العامة من العرب على دور الأمازيغ فنهبتها وقتلت كل من قدرت عليه رغبة في الجائزة التي خصصها المهدي لكل من قتل أمازيغيا(41). وعندما نشبت الحرب بين الجيوش الأمازيغية وجيوش المهدي حاكم قرطبة، ومحاصرة هذه الأخيرة من طرف الجيوش الأمازيغية، قامت المافيا الدينية المشكلة من علماء ومشايخ قرطبة بإصدار فتوى في منتهى الوقاحة، حيث اعتبروا كل من قتله الأمازيغ شهيدا!!! وهدرت الدم الأمازيغي!!! فأحد عرب قرطبة "استقبلهم شاهرا سيفه يناديهم: إلي! إلي! يا حطب النار، طوبى لي إن كنت من قتلاكم، حتى قتلوه"(42). ويذكر ابن بشكوال عند حديثه عن أحد هؤلاء ”الشهداء“!! بقرطبة بقوله: "ثم ختم الله له آخر ذلك كله بالسعادة فقتله البرابرة يوم تغلبهم على قرطبة"(43). عقب انتصار الجيوش الأمازيغية على جيوش المهدي، ودخول الأمازيغ للعاصمة قرطبة في شوال 403هـ/1012م، ابرم اتفاق بين الزعماء الأمازيغ وبين أحد معارضي المهدي ويدعى سليمان بن الحكم بن سليمان الأموي الذي يلقب قسرا بـ "المستعين بالله"!!. فحصل هذا الأخير على لقب خليفة الأندلس بتحكمه على قرطبة وبعض المناطق المجاورة، في حين أصبح الأمازيغ يتحكمون في معظم مناطق الأندلس، الشيء الذي شكل عارا وعيبا على لعرب ومهانة لهم، مادام ينظرون إلى أنفسهم نظرة تفوق على الأمازيغ المتغذية من طرف الأساطير التي ذكرناها في السابق،

وتعبر عن هذه العنصىرية بوضوح أبيات لزعيم العنصريين سليمان الأموي، وجاء فيها:
فواعجبا من عبشمي مهلـك* يزعم العوالي والمعالي تبربرا
فلو أن أمري بالخيار نبذتهم *وحاكمتهم للسيف حكما محررا
فإمـا حياة تستـلـذ بفقدهمْ * وإما حمام لا نرى فيه ما ورا
وفي أبيات المرتضي جاء فيها(45):
قد بلغ البـربر فينـا وبنا.* أفسد الأحـوال والنظام
كالسهم للطائر لولا الذي* فيه من الريش لما أصمى
فقوموا بنا في شأنهم قومة* تزيل عنا العار والرغما
إما بها نهلك أو لا نرى* رجع الطرف به أعمى
ويورد المقري في هذا الجانب أيضا، أبياتا لأحد المورسكيين العرب العنصريين، يهجو فيها الأمازيغ، جاء فيها(46):
رأيت آدم في نومي فقلت له*أبا البرية إن الناس قد حكموا
إن البربر نسل منك، قال: * حواء طالق إن صحّ ما زعموا
فتنة قرطبة الأندلسية. 403 هج/1013م، هل هي فتنة أمازيغية أم عربية ؟؟
تثيرا ما يُشهر سيف التَّزييف والكراهية ضد الأمازيغ بكونهم رأس الفتنة، هذا الوصْف الذي رافقهم طيلة العهد الإسلامي، و كلما حالوا الإبانةَ َ عن نفسهم، أو أخْذ حقوقهم، أو نفضِ الغبار عن ماضيهم الذي شابه الغموض والتزوير، إلا ووصفوا بأشنع الأوصاف وقرئت عليهم آيات اللطيف، وعدوا من أهل الفتنة، وتُبغ الغرب، والطابور الخامس، وأهل الكُفر ..وما شابه .

هذا الماضي الذي اكتوْوا بنيرانه، والذي دفعوا فيه الغالي والنفيس دون الإبانة عن مبلغ التضحية التي قدموها لأرضهم وعقيدتهم، والتي غالبا ما تنضوي وتنسب للعربِ عُنصرية باسم الإسلام، بدعوى أن العربي ممثل سامي للإسلام، والعجيب في الأمر أن العربي الغازي يعتبر المُساواة في الحقوق والوجبات مظْلمة في حقه ، فهم يُمارس سياسة مناهضة للدين العادل، بعدما صاغ أحاديث ملفقة للرَّسول الأعظم غرضُها الأساس الهيمنة والحضوة، وجعل الموالي من العجم تابعة لهالة العرب متشفعة بها، وما عليهم إلا الرُّكوع والإنحناء، وبوس الأيدي واضعين تعاليم الرَّحمن خلف ظُهورهم وتحت أقدامهم.

وما رابني هو قراءتي في بعض الكُتب عن فتنة الأمازيغ في خراب قرطبة، ومسح الخنجر فيهم بدعْوى أنهم أهل بربرية وتخريب وعدوان، وهو ما زاد من فضولي في البحث عن حقيقة هذه الفتنة القرطبية خلال بداية القرن الخامس الهجري وما رافقها من تسنجات، فلم أعثر على مبتغاي لأن جُل ما كُتب، دُوِّن من طرف العرب أنفسهم، وفي خبرهم ميلٌ للفضل العربي ومناصرةٌ مستترة لهم لا لغيرهم، وهم في ذلك مسايرون لطابع ذلك الزمان ، أمثال ابن عذارى ، وابن قيم القرطبي ، أمَّا الناقلون من المؤرخين فقلما يشيرون إلى موقع الداء ، فهم يمارسون الحَجْب والإِظهار تبعا لميولهم وانتماءاتهم ومشاربهم وقناعاتهم وأهوائهم السابقة واللاَّحقة .، وأهم ما وجدته بنوع من التَّوسع تضمنه كتاب ابن عذارى المراكشي في ثنايا كتابه الموسوم بالبيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب في جزئه الثالث .وتناوله المؤرخ الهولندي دوزي في كتابه تاريخ اسبانيا الإسلامية، وحسين مؤنس في معالمه عن تاريخ المغرب والأندلس .
سيناريُو الصِّراع في قرطبة :
للتقرب من واقعة قرطبة ونكبتها لا بد من معرفة العناصر الفاعلة والمفعول فيها ، إعتمادا على مصادر نقلت الخبر أو بحثت فيه، وأهم ما وجدناه في المراجع المعتمدة مثبت أدناه :
*الخليفة هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ( المؤيد بالله) (366-401ه ) أمه جارية أم ولد تعرف بصبح، حكمه دام 33 سنة تقريبا، وتحت ملكه نشأت الدولة العامرية، وتعد فترة حكمه من أكثر الحقب دموية في تاريخ الأندلس، وتدحرجت قيمها الحضارية والإنسانية والإسلامية من ذروة مجدها وقوتها وبحبوحة عيشها إلى حضيض الحرب الأهلية الدامية التي لم تبق ولم تذر، ولم يبق للسلطة المركزية وجود وذكر، رغم محاولات تجديدها بأسماء وألقاب ما لها من سلطان، وقد تعاقب على كرسي الخلافة في هذه الحقبة العصيبة ستة أفراد من البيت الأموي، وانتهت فصول الحقبة بإلغاء الخلافةِ تماما في 1031م بإقامة مجلس دولة .

** العامريون( بنو عامر) / بدأ عهدهم ب / بمحمد بن أبي عامر . الذي لقب نفسه بالملك المنصور. و خلفه ابنه عبد الملك الملقب بالمظفر، ثم من بعدهما الملك عبد الرحمن ابن أبي عامر الملقب بسنجول نسبة إلى جده سانشة، والأخير منهم له اليد الطولى في الأزمة، لما أبداه من مجون وعربدة ورغبة في الوُصول إلى منصب الخلافة مجبرا الخليفة الصُّوري على الاعتراف به كولي لعرشه، وهؤلاء الثلاثة كانوا الحكام الفعليين في الدولة لضعف الخليفة هشام بن عبد الملك (المؤيد بالله .) وهو ما يشير الى الفصل بين السلطتين الروحية ( المؤيد بالله ) والزمنية لدولة الحُجاب بزعامة محمد بن أبي عامر وأبنائه من بعده .

** محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي).
ورد في البيان المغرب للمراكشي، بأنه محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، لقب (بالمهدي)، أمه جارية تعرف بمزنة العرجاء لخلع كان بها، اشتهر بالهشاشة والطيش والخفة، وهو سبب بداية الفتنة التي عرفتها قرطبة، عمره 33سنة، ولي مرتين ألأولى( لمدة 9أشهر) يوم خلع هشام، سنة 399، والثانية بعد سليمان ( 49 يوما) بمجموع وصل إلى عشرة أشهر وتسعة عشر يوما . ويذكر كذلك بأنه (أشأم خليفة على وجه الدنيا )[2]، أساء لزاوي بن زيري بن مناد عظيم صنهاجة احتباسا بالباب، ونهبت دورهم بالرصافة، (ولما أراد الله خذلانه مُظهرا البغض للبربر? لا يقدر أن يستر ذلك فكان يتكلم بسوء الثناء عليهم، وبلغهم الخبر بذلك ..) [3]، (لم يكن يملك أية موهبة، كان سفاكا قاسيا منحط النزعات، ولم يهده ذكاؤه إلا شيء غير الاستبداد بالبربر وأذاهم وإهانتهم عقابا لهم على تأييد بني عامر ?. ناصب البربر العداء .. يحاول استذلال البربر ? أخرج كل البربر الذين كانوا في خدمة المنصور من قرطبة ، فرفض هؤلاء الخروج ، وبدأ الصراع بين البربر والأندلسيين في عاصمة الخلافة )[4] .

وعندما اشْتعلت الفتنة ُ التي غذاها بين العامة في قرطبة (كان ينادي في الناس من أتى برأس بربري فله كذا ..، فتسارع أهل قرطبة قتل من قدروا عليه ?.. ونهبت ديار البربر وهُتك حريمهم وسبي نساؤُهم وباعُوهن في دار البنات، وقتلوا النساء الحوامل، وقتل قوم من أهل خراسان وأهل الشام على أنهم بربر .. !!!؟؟ . لذلك هاجر الكثير منهم وناصروا أخيه سليمان، وسبق لمحمد بن هشام أن اتخذ جندا من العامة وأطراف الناس وقربهم وآثرهم على العبيد العامرية وعلى الطائفة البربرية وأساء إلى هذين الطائفيين فستوحشوا منه ) [5]، وهو ما يستشف منه صدق القول بأن [ الفتنة العظيمة الطويلة التي يسميها أهل الأندلس بالفتنة البربرية ولو سموها بفتنة ابن عبد الجبار لكان الأحق والأولى ] [6] .

** سليمان هو شقيق الخليفة هشام ( المؤيد بالله )، نصبه الأمازيغ خليفة باسم المستعين بالله ، وهو الذي تزعم الثورة ، وحارب ابن عمه محمد بن هشام ( المهدي )، ثم أخاه الشقيق هشام ( المؤيد بالله) بعد رجوعه لمنصبه بتأييد من واضح الفتى . ( فهي حرب بين ألأمويين أنفسهم ( المهدي ، والمؤيد ، والمستعين) .
** الفتى واضح العامري، من الصقالبة الذين كانت لهم مكانة في الدولة العامرية ، يحلم بأخذ نصيبه في الحكم، تقلب أدوارا خطيرة في تأييد محمد بن هشام المهدي والانقلاب عليه، وحلم باسترجاع نفوذه متخفيا وراء إعادة الخليفة هشام المؤيد بالله إلى منصبه استعانة بالنّصارى، انتهى أمره بالقتل بعد محاولة التوفيق بين القرطبيين والمهاجمين .

*** فصول الفتنة القرطبية :
ذليلة مقابل الحفاظ على السلطة تمثلت في تنازل الخليفة هشام عن كل الحصون العسكرية الإسلامية في الشمال لصالح القشتاليين المسيحيين، مقابل ضمان تعاونهم مع هشام في الدفاع عن قرطبة ضد قوات سليمان ومناصريه من الأمازيغ .

*** دلائل تشير إلى ميوعة القضية القرطبية :

** واضح الفتى العامري الصقلبي يسيء التقدير بأمره السفهاء تخريب الرصافة حرقا وتدميرا وقطعا لأشجارها خوفا من دخول ألأمازيغ من جهتها، وندم بعدها على الفعلة حيث لا ينفع الندم .

** تفضيل الخليفة هشام ( المؤيد) وحاجبه واضح مفاوضة النصارى بشروط مذلة ( التنازل عن الحصون الشمالية ) بدلا من مفاوضة الخليفة سليمان (المستعين بالله ) ومناصروه من الأمازيغ الذين أحكموا قبضتهم الحصارية على قرطبة، لعل في ذاك التفاوض ما يقضي على الفتنة .

** تأييد أهالي قرطبة التفاوض الذي كان قائما بين نصارى قشتالة والخليفة المهزوم هشام بمباركة من فقهائها الذين اصدروا فتوى تعتبر فيها كل من قتله الأمازيغ شهيد! وهدروا الدم الأمازيغي! فأحد عرب قرطبة ?استقبلهم شاهرا سيفه يناديهم: إلي إلي يا حطب النار!!!، طوبى لي إن كنت من قتلاكم، حتى قتلوه[9].

** رفض التفاوض مع سليمان وأتباعه الأمازيغ ، وعقاب كل من حاول وأد الفتنة أو التخفيف من وقعها ، فيذكر ابن عذارى المراكشي عزم الجند والرعية على قتال البربر ( ألأمازيغ ) وعندما حاول الفتى واضح العامري الصقلبي التفاوض مع المُحا صرين دفع روحه ثمنا لتلك المحاولة باجتزاز رأسه والطواف به في طرقات قرطبة ترهيبا للأهاليها الذين يفكرون مفاوضة الأمازيغ وخليفتهم سليمان حقنا لدماء المسلمين، رغم وصول أنباء من الثغور تنصح الأندلسيين القرطبيين بالتصالح أو الجد في الحرب .

** ساهمت السيول الجارفة في خراب قرطبة ، وسقوط الدور والقناطر والمساجد وهلاك أزيد من 5000 قرطبي غرقا أو ردما ، وضاعت الكثير من الأمتعة على مدار ثلاثة أيام .

** مكاتبة سليمان لأهل قرطبة يحذرهم من عواقب الفتنة ، ويذكرهم بما فعلوه بالبربر ( الأمازيغ) من الأذى والفعل القبيح ، وذكرهم بحجج بالغة من مخاطر التعامل مع النصارى .

** اندلاع حريق بسوق الخشابين قبل اجتياح الأمازيغ لها ، فأحرقت أسواق كثيرة ، ونهب العبيد ما لم تمسسه النار ، وأحرقوا جامع الزهراء واستولوا على متاعه ومحتوياته ، وساء حال أهل قرطبة حتى أكل الناس الدم ، وأكل بعض السجناء زميلا لهم مات بقربهم !! ورغم ذلك كله لا زالت ظاهرت الزنا واللواط مباحة عندهم جهارا نهارا .

** إظهار أهالي قرطبة السرور والفرح بوصول المدد النصراني لهم لمنع سقوط المدينة بين يدي خصومهم الأمازيغ. غير أن المدينة سقطت سريعا في يد المهاجمين البربر ( الأمازيغ ) بالزعامة الإسمية لسليمان (المستعين بالله ) .

*** قراءة للحادثة:
يتضحُ مما تقدم أن الأسباب الرئيسية لهذه الفتنة التي عاشت قرطبة فصولها الدامية طيلة سنوات عدة ، تعود إلى خطأ استراتيجي في اختيار الخليفة ، فأسندت لأمير ضعيف لحداثة سنه ، وكثر الطامعون في الحكم ،أو التأثير فيه بشكل أو بآخر ، وهو ما فتح المجال واسعا للتنافس على الريادة، فكانت أسرة آل عامر مستأثرة لحين من الدهر ، إلا أن هبت رياح الفتنة على يد محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي)، والذي أدخل البلاد والعباد بسياسته العنصرية العرجاء، وسوء تقديره للعواقب الناجمة عن استبعاد أكثر العناصر تأثيرا في الدولة سابقا والإساءة لرموزها وأملاكها والاعتداء على مصالحها وتهديد وجودها بالقتل والترويع ، وهو ما فتح جبهة المعارضة واسعا في وجه الخليفة الجديد على يد الأمازيغ باعتبارهم القوة الضاربة في الدولة أيام محمد بن عامر المنصور أثناء غزواته المارطونية ضد المسيحيين ، وهو ما ولد صراعا عنصريا برؤس ثلاثة ، العرب ، والأمازيغ ، والصقالبة ..
وما أذهلني هو غياب الحس الإسلامي في الصراع الذي كانت فيه العنصرية، ورغبة الاستئثار بالحكم، هي البادية والظاهرة على كل المتنافسين ولو على حساب تعاليم الإسلام التي وضعت جانبا، وهو إشارة ضمنية أن حضور المصلحة والمنفعة المادية والمعنوية يلغي القيم الدينية ؟؟؟. وهو ما تجلى في الصراع بين مسلمي الأندلس بعدم الإحتكام للشرع، بل يمكن الجزم أن الفقهاء زادوا الفتنة اشتعالا بما افتوا به، ناهيك عن ضرب عقيدة الولاء والبراء في المقتل، فغدت ظاهرة الاستعانة بالأعداء النصارى سنة ينتهجها كل راغب في السلطة أو البقاء فيها، وهو ما التجأ إليها الخلفاء المتصارعون هشام ، ومحمد المهدي ، وسليمان . الذين تلقبوا بأسماء وألقاب ليسوا أهلا لها من مؤيد بالله ، والناصر ، والمهدي ، والمستعين بالله .. حتى صدق فيهم ماقله الشاعر الأندلسي ابن أبي شرف متحسرًا على حال بلاده في عهد أمثال هؤلاء الملوك قائلا/
وممـا يزهدني فـي ارض أندلـس *** أسمـاء معتمـد فيهـا ومعتـضدٍ
ألقابُ مملكـة فـي غير موضعـها ***كالهرِّ يحكي انتفاخًا صولة الأسدِ.

إذا كان الصراعُ العنصري ، والسلطوي يلغيان القيم الروحية ، فإن حب الملكية والحكم يفسد الود بين الأخوة الأشقاء داخل الأسرة الواحدة ، وهو ما حدث بين الأسرة الأموية ، وبين أشقاء وأبناء عمامة الذين تصدق فيهم عبارة (الأخوة الأعداء )، فكان سليمان شقيقا لهشام ، واستعان كل منهما بالنصارى في قتال أخية .
فتنة قرطبة لم تكن أمازيغية ، فالأمازيغ كانوا طرفا فيها إلى جانب الخليفة سليمان ، وقد يكون طلب الثأر من محمد المهدي عما أقترفه في حقهم هو الدافع للثورة ضد ألأندلسيين القرطبيين من باب العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص ، والباديء أظلم .

أما ظاهرة البربرية في عمومها التي بدأت جليه في التخريب والقتل والإعتداء والسلب والنهب ، فهي ظاهرة عامة دشنها الخليفة المهدي بتكليف أوباشه وبلطجيته وجنده بتخريب مدينة الزاهرة ، والاستيلاء على كنوزها ونقلها إلى الزهراء ، كما عاث فقراء المدينة سطوا على الممتلكات العامة والخاصة تحت ذريعة الجوع ، ناهيك عم اقترفه الفتى واضح بحرقة وتخريبه للرصافة خوفا من دخول المهاجمين الأمازيغ من جهتها ، أما الأمازيغ فقد احتوت الكتب الشيء الكثير مما أقترفوه من تعد على أهالي قرطبة ، وهي ظاهرة شائعة يمارسها المنتصر على المنهزم ، يتحمل وزرها الخليفة سليمان باعتباره خليفة عليهم ، ووقعت أحداث مثيلة مشابهة قبلها وبعدها ، منها ما فعله أعراب هلال وسليم عندما دخلوا القيروان دون أدنى مقاومة ورغم ذلك فقد عاثوا فيها فسادا ؟ وتلك صورة من صور البداوة المنغرسة في البشر جميعهم والتي تبرز كلما حانت المناسبة والفرصة ، لأنهم مجبلون عليها.
نتيجة الفتنة في الاندلس:
من ضيع الأندلس في النهاية هم كل المسلمين من عرب وامازيغ الذين لم يحافظوا على هذا الفردوس الذي وهبنا الله اياه ولاننسى دور الامازيغ في تقسيم الأندلس خصوصا في عصر ملوك الطوائف فنصف ملوك الطوائف كانوا من البربر !
يقول الله تعالى في القران الكريم:
"وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " ونحن لم نكن صالحين في الأندلس لذا فقدنا ميراث هذا الارض المباركة.
المراجع:

[1] ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 21
[2] ابن عذارى المراكشي / البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ، ج3 ، دار الثقافة بيروت ص75.
[3] نفس المرجع صفحة .78
[4] حسين مؤنس معالم تاريخ المغرب والأندلس ، دار الرشاد 2004.
[5] ابن عذارى المراكشي / البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ، ج3 ، دار الثقافة بيروت / ص 82.
[6]نفس المصدر ج3 ص 76.
[7] نفس المصدر ج3 ص 73 .
[8] نفس المصدر ج3 ص 114.
[9]. ابن بشكوال، الصلة، مطبعة روخس، مدريد، 1982، ج2، ص: 46









 


رد مع اقتباس
قديم 2017-03-19, 13:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
OUM DOUAA
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك مشكور على الموضوع










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc