السؤال :
ما الحكم فيمن قبل الطيب من غيره وهو محرم ، مع علمه بأن المُحْرِم لا يجوز له استعمال الطيب ؟ .
الجواب :
الحمد لله
المحرم ليس له أن يستعمل شيئا من الطيب في بدنه أو ثوبه :
أما بدنه فلقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الذي مات محرما : ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ ، وَلا تُحَنِّطُوهُ ...ُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا )
رواه البخاري 1265 ومسلم 1206
وقوله : ( وَلا تُحَنِّطُوهُ ) أَيْ : لا تُمِسُّوه حَنُوطًا , وَالْحَنُوط َ أَخْلَاط مِنْ طِيب تُجْمَع لِلْمَيِّتِ خَاصَّة , لا تُسْتَعْمَل فِي غَيْره .
وفي رواية لمسلم : ( ولا تمسوه بطيب ) ، فنهي النبي ، صلى الله عليه وسلم عن أن يُمَسَّ هذا الميت بحنوط ، وهو الطيب كما في رواية مسلم ، مع أن وضع الطيب في غسل الميت وكفنه مستحب وذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علة ذلك وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبياً : أي أن إحرامه لم يبطل بموته
وهذا يدل على أن المحرم ممنوع من الطيب .
وعلى هذا أجمع العلماء .
قال ابن قدامة :
( أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب )
المغني 5/140 .
وأما ثوبه ، فلقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا الورس )
البخاري 1838 ومسلم 1177 .
قال ابن قدامة :
( لا نعلم بين أهل العلم اختلافا في هذا )
المغني 5/142 .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين :
عن رجل نوى الحج ، ثم طيبه آخر ، فقبل منه الطيب ، مجاملة ، وهو يعرف أن الطيب ممنوع على المحرم ، فما الحكم ؟
فأجاب :
( لا يجوز للإنسان أن يجامل في معصية الله ، عز وجل ؛ فيعصي الله من أجل المجاملة ، فالواجب عليك حين عرض عليك الطيب ، أن تقول : إنه لا يجوز للمحرم الطيب .
وهذا الرجل [ الذي أعطى الطيب لغيره ] قد يخفى عليه أن المحرم يحرم عليه استعمال الطيب ، وربما ينسى فيطيبك ...
وبناء على أنك لم تفعل هذا وجاملته في معصية الله ، فإنه يجب عليك التوبة إلى الله مما صنعت ،
والعلماء يقولون :
يجب عليك واحد من أمور ثلاثة :
إما ذبح شاة في مكة ؛ تتصدق بها على الفقراء ، وإما إطعام ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع ، بمكة أيضا ، وإما أن تصوم ثلاثة أيام ، ولو في بلدك .
وقالوا أيضا :
يجوز أن يذبح الشاة ، وأن يطعم المساكين في مكة ، ويجوز في المكان الذي وقع فيه المحظور )
الفتاوى 22/153-154 .