البدعة وخطرها >> أصول الفقه - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

البدعة وخطرها >> أصول الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-22, 13:56   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المشروع في متابعة المؤذن أن
يقول مثل ما يقول بلا زيادة


السؤال:


هل يجوز أن يقول الشخص عند انتهاء الآذان : " لا اله الا الله وحده لا شريك له " ، أم هي بدعة ؟

الجواب :

الحمد لله

آخر جملة من جمل الآذان هي : " لا إله إلا الله " ، فإذا سمعها المسلم فإنه يتابع المؤذن ويقول مثله بلا زيادة عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة ... إلى آخر الدعاء المعروف .

هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ) رواه مسلم (577) .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ . ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ قَالَ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ قَالَ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم (578) .

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري (579) .

ففي هذه الأحاديث حدَّد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقوله في متابعة المؤذن ، وما نقوله بعد الانتهاء من ذلك .

فالمشروع للمؤمن أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ويمتثل أمره ولا يقصر عن ذلك ولا يزيد عليه ، فإن ( خَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم (867) .

فالذي يزيد على ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأمرنا به يفتح على نفسه بابا عظيما من أبواب الفتن والزيغ ، وهو أن يقع في قلبه أنه فعله عبادة قصَّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنه يتهم الشريعة التي أنزلها الله بأنها غير كاملة ، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغها كما ينبغي .

وقد قَالَ رَجُلٌ لِلإمام مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رحمه الله : مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ ؟ قَالَ : أَحْرِمْ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا ، وَقَالَ : فَإِنْ زِدْتُ عَلَى ذَلِكَ ؟

قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ الْفِتْنَةَ .

قَالَ : وَمَا فِي هَذِهِ مِنْ الْفِتْنَةِ إنَّمَا هِيَ أَمْيَالٌ أَزِيدُهَا ؟

فَقَالَ مَالِكٌ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [النور: 63] .

قَالَ : وَأَيُّ فِتْنَةٍ فِي هَذَا ؟

قَالَ : وَأَيُّ فِتْنَةٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَرَى أَنَّكَ أَصَبْتَ فَضْلًا قَصَّرَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! أَوْ تَرَى أَنَّ اخْتِيَارَكَ لِنَفْسِكَ فِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ اخْتِيَارِ اللَّهِ لَكَ وَاخْتِيَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! "

انتهى من " مواهب الجليل " (3/40) .

فالذي ينبغي للمسلم أن يتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم بلا زيادة ولا نقص ، فهي خير الهدي وأحسنه وأكمله

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-22, 14:03   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل قال الإمام أحمد أو أحد من السلف بالتأويل ؟

السؤال

هل قال الإمام أحمد بن حنبل والسلف بالتأويل ؟


الجواب :

الحمد لله

مراد من نسب إلى الإمام أحمد ، أو غيره من أئمة العلم والدين ، أنه قال بالتأويل ، أو نسب إلى السلف أنهم قالوا بالتاويل مراد من قال ذلك : أنهم صرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها الذي تدل عليه بمقتضى الوضع اللغوي ، والسياق الذي وردت فيه ، إلى معنى آخر مجازي ، ليس هو المتبادر من اللفظ .

ولا شك أنه من نسب إلى الإمام أحمد أو غيره من الأئمة ، من الصحابة والتابعين ، والقرون المفضلة : شيئا من ذلك ، فإنه لم يأت ببرهان على ما قال ، وإنما هي نسبة تلقاها بعضهم عن بعض ، دون تمحيص لأسانيدها ، أو نظر في صحتها وثبوتها عمن نسبت إليه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ عَنْ بَعْضِ الْحَنْبَلِيَّةِ : أَنَّ أَحْمَد لَمْ يَتَأَوَّلْ إلَّا " ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ : (الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ) و (قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ) و (وَإِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ) : فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ كَذِبٌ عَلَى أَحْمَد لَمْ يَنْقُلْهَا أَحَدٌ عَنْهُ بِإِسْنَادِ؛ وَلَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ نَقْلَ ذَلِكَ عَنْهُ.

وَهَذَا الْحَنْبَلِيُّ الَّذِي ذَكَرَ عَنْهُ أَبُو حَامِدٍ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ لَا عِلْمُهُ بِمَا قَالَ ، وَلَا صِدْقُهُ فِيمَا قَالَ.

وَأَيْضًا: وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ . هَلْ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُ فِي تَأْوِيلِ الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ لِأَنَّ حَنْبَلًا نَقَل عَنْهُ فِي " الْمِحْنَةِ " أَنَّهُمْ لَمَّا احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَجِيءُ الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ إتْيَانُ الْقُرْآنِ وَمَجِيئُهُ. وَقَالُوا لَهُ: لَا يُوصَفُ بِالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ إلَّا مَخْلُوقٌ ؟

فَعَارَضَهُمْ أَحْمَد بِقَوْلِهِ: - وَأَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ - فَسَّرُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَجِيءُ ثَوَابِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ ، كَمَا ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ مَجِيءِ الْأَعْمَالِ فِي الْقَبْرِ وَفِي الْقِيَامَةِ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ ثَوَابُ الْأَعْمَالِ.

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا يَجِيئَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ غَمَامَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا) ، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ ، فَلَمَّا أَمَرَ بِقِرَاءَتِهِمَا ، وَذَكَرَ مَجِيئَهُمَا يُحَاجَّانِ عَنْ الْقَارِئِ: عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ قِرَاءَةَ الْقَارِئِ لَهُمَا

وَهُوَ عَمَلُهُ ، وَأَخْبَرَ بِمَجِيءِ عَمَلِهِ الَّذِي هُوَ التِّلَاوَةُ لَهُمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ، كَمَا أَخْبَرَ بِمَجِيءِ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ... ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ نَفْسَ كَلَامِهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ ، وَهُوَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ، يَتَصَوَّرُ صُورَةَ غَمَامَتَيْنِ ؛ فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا حُجَّةٌ للجهمية عَلَى مَا ادَّعَوْهُ.

ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد فِي الْمِحْنَةِ عَارَضَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ) ؟

قَالَ قِيلَ: إنَّمَا يَأْتِي أَمْرُهُ هَكَذَا نَقَلَ حَنْبَلٌ .

وَلَمْ يَنْقُلْ هَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ نَقَلَ مُنَاظَرَتَهُ فِي " الْمِحْنَةِ " ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَد وَصَالِحِ بْنِ أَحْمَد والمروذي وَغَيْرِهِ .
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَحْمَد فِي ذَلِكَ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: غَلِطَ حَنْبَلٌ ، لَمْ يَقُلْ أَحْمَد هَذَا. وَقَالُوا : حَنْبَلٌ لَهُ غَلَطَاتٌ مَعْرُوفَةٌ ، وَهَذَا مِنْهَا ؛ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي إسْحَاقَ بْنِ شاقلا.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ أَحْمَد قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ لَهُمْ ؛ يَقُولُ: إذَا كَانَ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؛ بَلْ تَأَوَّلْتُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ أَمْرُهُ ، فَكَذَلِكَ قُولُوا: جَاءَ ثَوَابُ الْقُرْآنِ ، لَا أَنَّهُ نَفْسُهُ هُوَ الْجَائِي، فَإِنَّ التَّأْوِيلَ هُنَا أَلْزَمُ ؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْإِخْبَارُ بِثَوَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ ، وَثَوَابُهُ عَمَلٌ لَهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ نَفْسِ الْقُرْآنِ ...

وَإِذَا قَالَهُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لَهُمْ عَلَيْهِ .

وَذَهَبَ " طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ " مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد إلَى أَنَّ أَحْمَد قَالَ هَذَا ذَلِكَ الْوَقْتُ ، وَجَعَلُوا هَذَا رِوَايَةً عَنْهُ، ثُمَّ مَنْ يَذْهَبُ مِنْهُمْ إلَى التَّأْوِيلِ - كَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا - يَجْعَلُونَ هَذِهِ عُمْدَتَهُمْ. حَتَّى يَذْكُرَهَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ؛ وَلَا يَذْكُرَ مِنْ كَلَامِ أَحْمَد وَالسَّلَفِ مَا يُنَاقِضُهَا.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَنْقُولَ الْمُتَوَاتِرَ عَنْ أَحْمَد يُنَاقِضُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ: إنَّ الرَّبَّ يَجِيءُ وَيَأْتِي وَيَنْزِلُ أَمْرُهُ بَلْ هُوَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ .

" انتهى ، مختصرا من " مجموع الفتاوى : (5/ 398-401) .

وانظر ردا مطولا جدا لشيخ الإسلام على هذا الكلام في "بيان تلبيس الجهمية" (6/105) وما بعدها ، وأيضا : "درء تعارض العقل والنقل" (5/234) وما بعدها .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" دعوى أن الإمام أحمد أوّل بعض نصوص الصفات دعوى غير صحيحة " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/ 235)

والخلاصة :

أن رواية حنبل هذه لا تصح نسبتها إلى الإمام أحمد ، وقد قال الذهبي في ترجمته من "السير" (13/52) : " له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب " انتهى
\
وعلى فرض صحتها ، فيقال : إنما قال الإمام أحمد ذلك على وجه الإلزام لخصومه .

فلا يثبت عن الإمام أحمد ولا غيره من أئمة السلف تأويل الصفات ، لأن هذا التأويل تحريف وتبديل لمعاني كلام الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-22, 14:21   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يشرع حمد الله بعد الجشاء
والاستعاذة بعد التثاؤب ؟


السؤال :


لاحظت أن البعض يستغفر أو يحمد الله بعد أن يتجشأ، فهل ذلك سنة أم بدعة يجب الابتعاد عنها؟


الجواب :

الحمد لله :

أولاً : الجُشاء هو : خروج الهواء بصوت من المعدة عن طريق الفم عند حصول الشبع ‏.‏ ‏

ولم يرد في السنة ما يدل على أنه يستحب للمسلم إذا تجشأ أن يحمد الله أو يستغفره أو يذكره بأي ذكر ، وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يأمره بشيء من ذكر الله تعالى بعد الجشاء .

فقد روى الترمذي (2478) وحسنه ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ القِيَامَةِ) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .

فالجشاء ناتج عن كثرة الأكل ، وكثرة الأكل مذمومة في الشرع .

قال المناوي رحمه الله : " لأَن من كثر أكله كثر شربه فَكثر نَومه فكسل جِسْمه " انتهى .

"التيسير" (1/ 312) .

فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجشاء بحضرة الناس ، لأن ذلك يؤذيهم ، فهو خلاف الأدب ، وحضه على قلة الأكل .

ولم يحضه على ذكر خاص ، ولا أمره بالاستغفار ولا غيره ، فدل ذلك على أن الذكر عند التجشؤ ليس من السنة .

ثانياً : قول ( الحمد الله ) بعد التجشؤ ، له أحوال :

1= أن يقول ذلك معتقدا أنه سنة وعبادة خاصة يتقرب به إلى الله .

فتكون بدعة ؛ لأنها تقرب إلى الله بما لم يشرعه .

2= أن يجري ذلك على لسانه على سبيل العادة دون اعتقادٍ لفضيلة خاصة.

فهذا لا يوصف بكونه سنة ولا بدعة ، بل هو من الأمور المباحة .

3= أن يقولها مراعياً لمعنىً قام في ذهنه ، وهو أن التجشؤ ناتج عن الشبع ، فهو نعمة يستحق الله الحمد عليها ، ومثله من يتثاءب ويستحضر أن هذا التثاؤب من الشيطان ، فيستعيذ بالله منه ، ولكنه لا يعتقد أن هذا سنةٌ مشروعة ، بل يقوله للمعنى الذي قام في نفسه .

فهذه الحالة الأقرب : أنه لا حرج فيها .

وهذا التفصيل بين هذه الحالات الثلاث هو خلاصة ما أفادنا به شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى بعد عرض المسألة عليه.

قال ابن مفلح : " وَلَا يُجِيب الْمُجَشِّي بِشَيْءٍ ، فَإِنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ، قِيلَ لَهُ : هَنِيئًا مَرِيئًا ، أَوْ هَنَّأَكَ اللَّهُ وَأَمْرَاك ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيم ، وَكَذَا ابْنُ عَقِيلٍ ، وَقَالَ : لَا نَعْرِفُ فِيهِ سُنَّةً، بَلْ هُوَ عَادَة مَوْضُوعَة "

انتهى من "الآداب الشرعية " (2/346).

وسئل الشيخ عبد المحسن العباد: ما حكم الحمد عند التجشؤ؟

فقال: " لا يوجد شيء يدل عليه ، لكن كون الإنسان يحمد الله على كل حال ، وأن هذا الشبع الذي حصل له من نعمة الله عز وجل : لا بأس بذلك ، لكن كونه يعتقد أن هذا أمر مشروع في هذه المناسبة ، فليس هناك شيء يدل عليه فيما أعلم". انتهى من "شرح سنن أبي داود" (492/ 19، بترقيم الشاملة آليا).

ومن فتاوى العلماء في مسألة ( الاستعاذة بعد التثاؤب ) وهي نظير مسألتنا .

ففي فتاوى "اللجنة الدائمة " (5/320) برئاسة الشيخ ابن باز : " فإن الاستعاذة بعد التثاؤب لم ترد أصلا ، لكن يكظم ما استطاع ، ولو استعاذ من الشيطان عند التثاؤب في الصلاة أو خارجها فلا شيء عليه ". انتهى .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : ما حكم الاستعاذة عند التثاؤب، وهل ورد دليل على ذلك؟

فقال : " لا حرج فيها ؛ لأنها من الشيطان ، لكن لم يرد شيء يدل على استحبابها ، لكن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ( التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع ) ، وفي لفظ آخر: (فليضع يده على فيه) ، فهذا يدل على أنه من الشيطان.

فإذا قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فلا بأس ، لكن لم يرد في هذا شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم".


https://up./downloadf-811agi2n1-zip.html

وقال أيضاً : " كثير من العامة يفعلون ذلك لأنهم علموا أن هذا من الشيطان فلهذا فعلوه ، وإلا فلا نعلم شيئاً في السنة جاء في هذا الباب ، ولا شك أن التثاؤب من الشيطان ، وأنه يشرع للمؤمن عند الكسل وعندما يحصل له ما يضره من عدو الله يشرع له التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والإكثار من ذكر الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا نعلم أنه ورد شيء معين في هذه المسألة، فإذا تعوذ بالله من الشيطان عند التثاؤب لعلمه بأنه من الشيطان فلا حرج في ذلك، لكن لا نقول أنه سنة لعدم الدليل".

https://up./downloadf-811qbv8f1-zip.html

وقال الشيخ عبد المحسن العباد :

" فالإنسان إذا تعوذ بالله من الشيطان على اعتبار أن التثاؤب من الشيطان ، ولم يعتقد أن في ذلك سنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام : فليس فيه بأس ، ولكن كونه يعتقد أن هذه سنة أو يقول : إن الإنسان يشرع له عند التثاؤب أن يقول كذا وكذا ، فهذا غير صحيح ، ولكن كونه يتذكر بأن التثاؤب من الشيطان فيتعوذ بالله من الشيطان بسبب ذلك دون أن يعتقد أن هذه سنة لا بأس بذلك". انتهى من "شرح سنن أبي داود" (492/ 17، بترقيم الشاملة آليا)

والله تعالى أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:07   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



يدعي أن لديه شعرة من شعر
النبي صلى الله عليه وسلم
ويعزم على بناء مسجد ، ويحفظها فيه !


السؤال:

أنا من مدينة كيرلا في جنوب الهند ، وقد ادّعى أحد وجهاء المنطقة من المسلمين هنا أن لديه شعرة من شعر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وأنه سيبني مسجداً ويحفظها فيه ، وهذا بدوره أثار كثيراً من الجدل في أوساط المتدينين خصوصاً فيما يتعلق بمسألة التبرُك ، فأتمنى التفصيل في المسألة على ضوء الكتاب والسنة ؟

الجواب :


الحمد لله

أولا :

التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم كان معمولاً به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل ماء وضوئه ، وثوبه وطعامه وشرابه وشعره وكل شيء منه .

أما التبرك بما مس جسده عليه الصلاة والسلام من وضوء أو عرق أو شعر أو نحو ذلك ، فهذا أمر معروف وجائز عند الصحابة رضي الله عنهم ، وأتباعهم بإحسان لما في ذلك من الخير والبركة ، وهذا أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (10/ 70):

" اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَوْرَدَ عُلَمَاءُ السِّيرَةِ وَالشَّمَائِل وَالْحَدِيثِ أَخْبَارًا كَثِيرَةً تُمَثِّل تَبَرُّكَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِأَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ آثَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى .

ثانيا :

هذا التبرك لا يجوز بغير آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز قياس غيره عليه ، فالتبرك بآثار غيره من الصالحين بدعة منكرة ، وهو وسيلة إلى الشرك .

قال ابن عثيمين رحمه الله :

" كان الصحابة يتبركون بعرق النبي صلى الله عليه وسلم ويتبركون بريقه ويتبركون بثيابه ويتبركون بشعره ، أما غيره صلى الله عليه وسلم فإنه لا يتبرك بشيء من هذا منه ، فلا يتبرك بثياب الإنسان ولا بشعره ولا بأظفاره ولا بشيء من متعلقاته إلا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "

انتهى من "شرح رياض الصالحين" (4/ 243) .

ثالثا :

لا يثبت وجود شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم الآن ، ومن ادعى وجود شيء من ذلك فلا دليل معه عليه ، وعلى ذلك : فلا يجوز لأحد أن يدعي أن بحوزته شيئا من آثار النبي صلى الله عليه وسلم إلا بدليل قاطع ، وأنى له ؟
قال العلامة المؤرخ : أحمد باشا تيمور :

" فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد ذلك ، فإنما وصل إليهم مما قسم بين الأصحاب رضي الله عنهم ، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها " .

انتهى من "الآثار النبوية" ، أحمد باشا تيمور(91) .

وقال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله :

" هذا ولابد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ، ولا ننكره خلافاً لما يوهمه صنيع خصومنا .

ولكن لهذا التبرك شروطاً منها الإيمان الشرعي المقبول عند الله ، فمن لم يكن مسلماً صادق الإسلام فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا ، كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلاً على أثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ويستعمله .
ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين ، وإذا كان الأمر كذلك فإن التبرك بهذه الآثار يصبح أمراً غير ذي موضوع في زماننا هذا ويكون أمراً نظرياً محضاً، فلا ينبغي إطالة القول فيه " .

انتهى من "التوسل أنواعه وأحكامه " (144) .

وينظر للفائدة : كتاب "التبرك أنواعه وأحكامه" ، د. ناصر الجديع (256-260) .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما حكم التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد موته كشعر رأسه ونحوه ؟

فأجاب :

" الجواب على هذا: أنه لا يمكن إثبات أن هذا من شعر الرسول عليه الصلاة والسلام أبداً، وما ذكر من أنه في مصر في مجمع الآثار : هذا لا صحة له ، ولا يوجد .

ولا عرف أن الصحابة رضي الله عنهم يهتمون بهذا الأمر ، إلا ما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت عندها شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جلجل من فضة ، إذا مرض أحد أتى إليها وصبت عليه الماء ورجت الماء ثم شربه .

وعلى هذا: فلا يمكن أن يثبت هذا : أن هذا من شعر الرسول عليه الصلاة والسلام.

وأهم شيء آثاره المعنوية ، الآثار الشرعية ، أما الآثار الحسية فهي آثار ، والقلب يحن إليها ويحبها ويألفها، لكن المهم الآثار الشرعية " .

انتهى من "دروس للشيخ العثيمين" (2/ 64) بترقيم الشاملة .

ومن أراد البركة حقا في أمر دينه ودنياه فعليه باتباع النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا ، والاهتداء بهديه ، والانتهاء عما نهى عنه من الأقوال والأفعال والاعتقادات ، ففي ذلك كل الخير والبركة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَرَكَتِهِ لَمَّا آمَنُوا بِهِ وَأَطَاعُوهُ، فَبِبَرَكَةِ ذَلِكَ حَصَلَ لَهُمْ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، بَلْ كُلُّ مُؤْمِنٍ آمَنَ بِالرَّسُولِ وَأَطَاعَهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ بَرَكَةِ الرَّسُولِ بِسَبَبِ إيمَانِهِ وَطَاعَتِهِ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/ 113) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" النبي صلى الله عليه وسلم وإن أقر الصحابة في غزوة الحديبية وغيرها على التبرك بآثاره والتمسح بها، وذلك لغرض مهم ، وخاصة في تلك المناسبة ، وذلك الغرض هو إرهاب كفار قريش وإظهار مدى تعلق المسلمين بنبيهم ، وحبهم له ، وتفانيهم في خدمته وتعظيم شأنه ، إلا أن الذي لا يجوز التغافل عنه ولا كتمانه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد تلك الغزوة رغّب المسلمين بأسلوب حكيم وطريقة لطيفة عن هذا التبرك ، وصرفهم عنه ، وأرشدهم إلى أعمال صالحة خير لهم منه عند الله عز وجل ، وأجدى ، وهذا ما يدل عليه الحديث الآتي:

عن عبد الرحمن بن أبي قراد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوماً، فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ما يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سره أن يحب الله ورسوله ، أو يحبه الله ورسوله، فليصدق حديثه إذا حدث ، وليؤد أمانته إذا اؤتمن، وليحسن جوار من جاوره ) وهو حديث ثابت له طرق وشواهد في معجمي الطبراني وغيرهما " .

انتهى من "التوسل" (ص 145) .

والحاصل :

أن ادعاء هذا الرجل أن لديه شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ادعاء قائم على غير برهان ، وإنما هي مجرد دعوى ، لا يجوز لأحد أن يأخذ بها أو يصدقه بما يقول فيها . لا سيما وأمر كهذا ، لو كان صحيحا : لم يكن ليخفى ، بل كانت تتوافر الهمم والدواعي على نقله ، وإثبات سنده ، واشتهار أمره .

رابعا :

عزمه على بناء مسجد ، ووضع هذه الشعرة فيه ، عزم فاسد مردود ؛ وهو فيه إنما يتبع سنن أهل الكتاب ، وينحرف به عن صراط الله المستقيم .

وبلاء القوم في الغلو ، الذي يسوغ لهم مثل هذا ، ويسلك بهم سبيل البدع والضلالة.

روى البخاري (427) ، ومسلم (528) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ : " أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) .

فإذا كان هؤلاء شرار الخلق عند الله يوم القيامة ، لأجل ذلك العمل ، وقد تحققوا من جسد النبي الذي يجعلون قبره مسجدا ، فكيف بمن يلبس الشيطان عليه ، بأمر لا يعلم صحته ، ولا يدر له إسناد تقوم به حجة في دين الله ، ثم يعمل به عملا مردودا ، لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، بل نهاهم عن مثله ، وحذرهم من سبيله .

وأين كان الصحابة والتابعون عن هذا الفضل العظيم ؟! لماذا لم يحافظوا على آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتواصوا فيما بينهم بحفظها ، ويجعلوا بعضها في المساجد ؟!

والخلاصة :

أن التبرك بهذه الشعرة لا يجوز ، وهو وسيلة إلى الشرك ؛ وذلك لاستحالة ثبوت كونها من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ، كما لا يجوز بناء مسجد لأجلها وحفظها فيه ، حتى لو افترضنا جدلا أنه من شعر النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة ، وأن الإسناد الصحيح المتصل ، ثبت بها .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:12   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول سيف النبي صلى الله عليه
وسلم " البتار " وآثاره في المتاحف


السؤال

لقد شاهدت صوراً لسيف يسمى " البتَّار " ، ويقال إنه كان للرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنه منقوش عليه أسماء الأنبياء ، وصورة للنبي داود عليه السلام وهو يقطع رأس جالوت ، وقد شاهدت هذه الصور وقرأت هذا الكلا

وسؤالي هو :

إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم صور الأشخاص والحيوانات ، فكيف يمتلك سيفاً عليه صور ؟.


الجواب

الحمد لله

أولاً :

ورد في كتب السيرة أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم عدة أسياف ، وقد ذكر بعض العلماء أنها تسعة أسياف ، وليس يثبت من ذلك في السنة الصحيحة إلا واحد فقط ! .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

كان له – صلى الله عليه وسلم - تسعة أسياف :

" مأثور " ، وهو أول سيف ملكه ، ورثه من أبيه ، و " العضب " و " ذو الفقار " - بكسر الفاء وبفتح الفاء - وكان لا يكاد يفارقه ، وكانت قائمته ، وقبيعته ، وحلقته ، وذؤابته ، وبكراته ، ونعله من فضة ، و " القلعي " ، و " البتار " ، و " الحتف " ، و " الرسوب " ، و " المخذم " ، و " القضيب " ، وكان نعل سيفه فضة ، وما بين حلق فضة .

وكان سيفه " ذو الفقار " تنفله يوم بدر ، وهو الذي أُري فيها الرؤيا .

ودخل يوم الفتح مكة وعلى سيفه ذهب وفضة [ ضعفه الألباني في مختصر الشمائل (87) ]

" زاد المعاد " ( 1 / 130 ) . وانظر : التراتيب الإدارية ، للكتاني (1/343) .

ومما ثبت من ذلك في السنَّة الصحيحة " ذو الفقار " :

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ .

رواه الترمذي ( 1561 ) وابن ماجه ( 2808 ) وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

وقوله : ( تنفل سيفه ) أي : أخذه زيادة عن السهم .

ورواه أحمد ( 2441 ) – وحسنه الأرناؤط - بأتم من هذا ، وفيه بيان الرؤيا :

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ : ( رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلًّا فَأَوَّلْتُهُ فَلا يَكُونُ فِيكُمْ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ ) فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وسمِّي سيف النبي صلى الله عليه وسلم " ذا الفقار " لأنه كانت فيه حفر صغار حسان ، ويقال للحفرة فقرة ، وهو أشهر سيوفه .

وأما سيفه " البتَّار " فقد جاء ذِكره عند ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 486 ) لكنه مرسل – وهو من أقسام الضعيف - ، وفي سنده الواقدي ، وأحاديث غير صحيحة .

قال الحافظ العراقي – رحمه الله - :

ولابن سعد في " الطبقات " من رواية مروان بن أبي سعيد ابن المعلى مرسلاً قال : أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع ثلاثة أسياف : سيف " قلعي " ، وسيف يدعى " بتَّارا " ، وسيف يدعى " الحتف " ، وكان عنده بعد ذلك " المخذم " ، و " رسوب " ، أصابهما من الفلْس .

وفي سنده الواقدي .

" تخريج أحاديث الإحياء " ( 2471 ) .

و" القلعي " نسبة إلى " مرج القلعة " موضع بالبادية .

وإذا كان لم يثبت في السنَّة الصحيحة وجود سيف بهذا الاسم للنبي صلى الله عليه وسلم : فكيف نصدق وجوده على تلك الصورة التي ينشرها من يزعم أنها صورة سيف النبي صلى الله عليه وسلم ؟! .

ثانياً :

قد ورد في السنة الصحيحة وصف سيف النبي صلى الله عليه " ذو الفقار " ، وليس فيه أنه يحوي صوراً لأحدٍ ، وكيف يمكن أن يقتني النبي صلى الله عليه وسلم سيفاً كهذا ، وهو الذي نهى عن الصور وأمر بطمسها ؟! .

وعندما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة لم يدخل الكعبة إلا بعد أن أمر بطمس ما كان فيها من صور .

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَمَنَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا ، فَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مُحِيَتْ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا .

رواه أبو داود ( 4156 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وقد ثبت في السنَّة أن مقبض سيفه " ذو الفقار " كان من فضة .

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ : كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ .

رواه النسائي ( 5373 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

والسيف يباح تحليته بيسير الفضة فإن سيف النبي كان فيه فضة .

" مجموع الفتاوى " ( 25 / 64 ) .

ثالثاً :

يردُّ على ما ورد في الموقع – من وجه آخر - من زعمهم أن هذا سيف النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يثبت بقاء شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم على وجه اليقين ، فقد زُعم وجود نعل وشعر وثياب وأحجار تخص النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة في العالم ، وكل دولة تزعم أنها المحقة وغيرها ليس محقّاً ، وثبت في القديم والحديث زيف ادعاءات كثيرين بنسبة ما يملكونه للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لما في ذلك من التكسب من أموال الناس .

وقد ذكر ابن طولون في كتابه " مفاكهة الخلان في حوادث الزمان " في حوادث سنة تسع عشرة وتسعمائة أن بعضهم زعم أنه يملك قدحاً وبعض عكاز للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه " تبيَّن أنهما ليسا من الأثر النبوي ، وإنما هما من أثر الليث بن سعد " !!

وقد حافظ بعض الخلفاء والكبراء على بعض آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن ذهب كثير منها في الفتن التي تعاقبت على دولة الإسلام .

ومن ذلك : إحراق التتار عند غزوهم بغداد ( سنة 656 هـ ) بردة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي فتنة تيمورلنك في دمسق ( سنة 803 هـ ) ذهب نعلان ينسبان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .

ولذا شكك الأئمة بثبوت شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم باقٍ إلى الآن ، بل إن منهم من جزم بعدم ثبوته .

1. قال ابن كثير – رحمه الله – وهو يتحدث عن أثواب النبي صلى الله عليه وسلم - :

قلت : وهذه الأثواب الثلاثة لا يدرى ما كان من أمرها بعد هذا .

" البداية والنهاية " ( 6 / 10 ) ، و" السيرة النبوية " ( 4 / 713 ) .

2. وقال السيوطي – رحمه الله - :

وقد كانت هذه البردة عند الخلفاء يتوارثونها ويطرحونها على أكتافهم في المواكب جلوساً وركوباً ، وكانت على المقتدر حين قتل وتلوثت بالدم ، وأظن أنها فقدت في فتنة التتار ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

" تاريخ الخلفاء " ( ص 14 ) .

3. ويقول العلامة أحمد تيمور باشا - بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقسطنطينية في ( إسطنبول ) ـ:

لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة ؛ غير أنّا لم نرَ أحداً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي ، فالله سبحانه أعلم بها ، وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها في الشكوك .

" الآثار النبوية " ( ص 78 ) .

وقال في ( ص 82 ) - بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه رضي الله عنهم - :

فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك : فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب رضي الله عنهم ، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها . انتهى

4. وقال الشيخ الألباني – رحمه الله - :

هذا ولا بد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ولا ننكره ، خلافاً لما يوهمه صنيع خصومنا ، ولكن لهذا التبرك شروطاً ، منها :

الإيمان الشرعي المقبول عند الله ، فمن لم يكن مسلماً صادق الإسلام : فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا .

كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلاً على أثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ويستعمله .

ونحن نعلم أن آثاره من ثياب ، أو شعر ، أو فضلات : قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين .

" التوسل " ( 1 / 145 ) .

5. وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – في مقال " تعقيب على ملاحظات الشيخ محمد المجذوب بن مصطفى - :

وأما ما انفصل من جسده صلى الله عليه وسلم أو لامسه : فهذا يُتَبَرَّك إذا وُجد وتحقق في حال حياته وبعد موته إذا بقي ، لكن الأغلب أن لا يبقى بعد موته ، وما يدَّعيه الآن بعض الخرافيين من وجود شيء من شعره أو غير ذلك : فهي دعوى باطلة لا دليل عليها ... .

لا وجود لهذه الآثار الآن ؛ لتطاول الزمن الذي تبلى معه هذه الآثار وتزول ؛ ولعدم الدليل على ما يُدَّعى بقاؤه منها بالفعل .

" البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " ( ص 154 ) .

6. وتحت عنوان " هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر " بيَّن الدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع في " التبرك ، أنواعه وأحكامه " - ( ص 256 - 260 ) - أنه يشك في ثبوت نسبة ما يوجد الآن من هذه الآثار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى القرون والأيام بسبب الضياع ، أو الحروب والفتن . انتهى

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:15   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التبرك بماء قيل إنه فيه شعرة
للنبي صلى الله عليه وسلم


السؤال


لقد حضرت محاضرة في الأردن و قد كان الموضوع عن المسجد الأقصى و نصرة الدين و قد كانت المحاضِرة قد أحضرت لنا ماء مغموس بشعرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ,

وهذه الشعرة موجودة في مسجد الجزار في عكا في فلسطين.وقد وضع الماء داخل قارورة ثم خلطوها بخزان الماء حتى يستفيد منه أكبر عدد من النسوة و قد أخذت الماء مثلهن ..والسؤال هل يجوز التبرك بهذا الماء بهدف الشفاء وأخذ البركة أفتونا جزاك الله كل خير مع العلم أن الماء ما زال عندي ولم أستخدمه بعد.


الجواب


الحمد لله

اتفق العلماء على جواز التبرك بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم ، من شعر وعرق وغيره ؛ لقيام الأدلة على ذلك ، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ فَقَالَ احْلِقْ فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ ) رواه مسلم (1305).

وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِطَعًا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى ذَلِكَ النِّطَعِ ، فَإِذَا نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ فَجَمَعَتْهُ فِي قَارُورَةٍ ثُمَّ جَمَعَتْهُ فِي سُكٍّ . قَالَ [القائل هو ثمامة بن عبد الله بن أنس] : فَلَمَّا حَضَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَيَّ أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ قَالَ فَجُعِلَ فِي حَنُوطِهِ . رواه البخاري (6281)

والنطع : بساط من جلد .

والسُّك : نوع من الطيب يركب من المسك وغيره.

فهذا وغيره يدل على أن ذات الرسول صلى الله عليه وسلم وما انفصل عنها من شعر وعرق ونحوه قد جعل الله فيه من البركة ما يتبرك بها ويرجى بسببها الفائدة في الدنيا والآخرة ، والواهب لهذا الخير هو الله تبارك وتعالى.

لكن الزعم الآن بأن هذا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أو آثاره ، زعم لا يسنده دليل . وعامة ما يقال في هذا الباب هو نوع من الدجل والخرافة ، كقولهم : إن هذه شعرة للنبي صلى الله عليه وسلم لأنها إذا وضعت تحت الشمس لم يكن لها ظل !! ومثل هذا الكلام لا ينبغي أن يلتفت إليه.

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم من ثياب أو شعر أو فضلات ، قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين "

التوسل ص 147

وعليه فلا يجوز التبرك بالماء المسئول عنه ، حتى يعلم جزما أن ما وضع فيه هو من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا سبيل لإثبات ذلك . وينبغي الحذر من أهل الدجل والخرافة ، ومروجي البدع

كما ينبغي تلقي العلم والدعوة على يد المعروفين بالسنة الذابين عنها والناشرين لها ، وليتأمل العاقل كيف يتحول الحديث عن نصرة الدين إلى تعليق الناس بالأمور غير الثابتة ! وكان الأجدى بالمحاضِرة أن تدعو الناس إلى تعلم السنة والتمسك بها ؛ لأن ذلك من أسباب النصر .

رزقنا الله وإياكم حسن الاتباع .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:19   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خبر تبرك خالد بن الوليد رضي الله عنه
بشعر النبي صلى الله عليه وسلم


السؤال :
يروى أن خالد بن الوليد كان عنده ضفيرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم, والتي احتفظ بها خالد بن الوليد في خوذته , وفي مرة وقعت الخوذة بسبب الريح , حينئذ توقف , والتقطها من الأرض خوفا عليها من الضياع

. هل هذه القصة صحيحة ؟ وهل موجودة في الأحاديث النبوية الشريفة الصحاح , أو في أحاديث السيرة ؟ لو كانت هذه القصة حقيقية , فكيف نرى هذه القصة في ضوء القرآن والسنة ووحدانية الله ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم ، كشعره وعرقه وسؤره جائز باتفاق أهل العلم ؛ لما ثبت من الأحاديث الصحيحة في ذلك .

وهذه الفضيلة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وليست لأحد غيره ، فلا يقاس غيره عليه .

وقد جعل الله تعالى في آثاره صلى الله عليه وسلم البركة ، وما يرجى به الخير والنفع في الدنيا والآخرة ، وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم التماس البركة في آثاره ، وليس ذلك من الشرك - والعياذ بالله - لأنه من الأخذ بالأسباب

الشرعية ، ولأن الذي أجازه هو الذي حارب الشرك ومنع كل الطرق المؤدية إليه ، بخلاف التبرك بآثار غيره ، فإنه بدعة مخالفة لهدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ذريعة إلى التعلق الشركي بغير الله تعالى .

ثانيا :

روى الحاكم في "المستدرك" (5299) ، والطبراني في "الكبير" (3804) ، وأبو يعلى في مسنده (7183) من طريق هُشَيْم ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ : " أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، فَقَدْ قَلَنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَقَالَ: اطْلُبُوهَا فَلَمْ يَجِدُوهَا، ثُمَّ طَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا، وَإِذَا هِيَ قَلَنْسُوَةٌ خَلِقَةٌ ، فَقَالَ خَالِدٌ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ ، وَابْتَدَرَ النَّاسُ جَوَانِبَ شَعْرِهِ ، فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةِ ، فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِيَ مَعِي إِلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ " .

سكت عنه الحاكم ، وأعله الذهبي بالانقطاع ، وهو الصحيح ؛ فإن جعفرا هذا ، وهو ابن عبد الله بن الحكم بن رافع ، إنما يروي عن صغار الصحابة كأنس ، ومحمود بن لبيد ، كما في "التهذيب" (2/99) ، وخالد بن الوليد رضي الله عنه قديم الوفاة ، فقد توفي في خلافة عمر رضي الله عنه - كما في "طبقات ابن سعد" (7/ 279) ، و "أسد الغابة" (2/140) ، فلا يتهيأ لجعفر إدراكه والسماع منه ؛ ولذلك قال البخاري في " التاريخ الكبير" (2/195) في ترجمة جعفر هذا : " رأى أنسا " ، وهذا مشعر أنه لم يدرك كبار الصحابة ومتقدمي الوفاة منهم .

وقد أشار ابن كثير رحمه الله إلى ضعف هذا الحديث بتصديره بــ " رُوي " ، المشعرة بالضعف وعدم الثبوت ؛ فقال :
" وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ خَالِدًا سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ وَهُوَ فِي الْحَرْبِ ، فَجَعَلَ يَسْتَحِثُّ فِي طَلَبِهَا فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ: إِنَّ فِيهَا شَيْئًا مِنْ شَعْرِ نَاصِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّهَا مَا كَانَتْ مَعِيَ فِي مَوْقِفٍ إِلَّا نُصِرْتُ بِهَا "
.
انتهى من "البداية والنهاية" (7/ 113) .

وينظر : "مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك الحاكم" لابن الملقن ، حاشية المحقق (4/1953-1954) .

ثم على فرض صحت القصة وثبوتها : فلم يعد لها واقع عملي ، لأن هذا خاص بآثار النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد انقطع إسنادها جميعا ، فلم يبق في أيدي الناس شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، تصح نسبته إليه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:23   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحجر المنقوش عليه أصابع الرسول
صلى الله عليه وسلم في مسجد البدوي


السؤال :

يوجد في مدينتنا مسجد به ضريح السيد البدوي ، ويوجد بنفس المقبرة حجر منقوش عليه خمسة أصابع ، والكل يدَّعي أن هذه أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويوجد في مدينة أخرى حجر منقوش عليه أصابع لقدم ، فهل هذه حقيقة أم خرافات؟ علماً بأنني كنت أقبل وأتمسح بهذا الحجر كما كان يفعل الناس عندنا

والحمد لله فقد تبت إلى الله من هذا وأرجو الله أن يقبل توبتي . ولكن أريد أن أعرف هل هذه حقيقة أصابع رسول الله أو قدمه ، أفيدونا أفادكم الله؟


الجواب :

الحمد لله


"كل هذا لا أصل له ، ليست أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم وليست أصابع قدمه ، وكل هذا باطل ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت إلى مصر ولم يزرها ، ولم توجد أصابعه في أي حجر حتى نقلت إلى هناك ، وكل هذا من الباطل والكذب ، فلا يجوز التمسح بها ، ولا التبرك بها ، بل يجب إزالتها وتحطيمها

والمساجد التي تبنى على القبور ، فلا يجوز أن يبنى مسجد على القبر ، ولا يجوز الطواف بالقبور ، ولا دعاء أهلها دون الله ، ولا التمسح بقبورهم ، ولا النذر لأهلها ، كما يفعل عند البدوي أو غيره ، كل هذا منكر عظيم ، فبناء المساجد على القبور أنكره النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ) .

ولما ذكرت له بعض الصحابيات المهاجرات إلى الحبشة كنيسة رأينها في أرض الحبشة ، وفيها ما فيها من الصور ، قال صلى الله عليه وسلم : (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه تلك الصور) . ثم قال : (أولئك شرار الخلق عند الله) فأخبر أن هؤلاء الذين يبنون المساجد على القبور ، ويتخذون عليها الصور هم شرار الخلق ، لأنهم دعاة للنار – ونعوذ بالله – ودعاة للشرك .

فيجب الحذر من هذه البلايا ، وهذه البدع ، وهذه الشرور التي أحدثها الجهلة ، ويجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور ، وتكون مستقلة عن القبور ، والقبور مستقلة عن المساجد ، أما أن يتخذ المسجد على المقبرة ، أو يدفن في المسجد فكل هذا منكر ولا يجوز الدفن في المساجد ، بل تكون المقابر مستقلة وتكون المساجد مستقلة ، ولا يبنى المسجد على القبر ، ولو كان من قبور الأنبياء فلا يبنى عليه مسجد ، لأن ذلك من وسائل الشرك ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم زجر عن ذلك ولعن من فعله .

أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي في المدينة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيته ولم يدفن في المسجد ، هو وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فكان مدفوناً في بيت عائشة رضي الله عنها رضي الله عنها ثم دفن معه أبو بكر ، ثم دفن معه عمر .

لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك المسجد في عهده أدخل الحجرة في المسجد اجتهاداً منه ، وقد غلط ، ولو تركها على حالها لكان أسلم وأبعد الشبهة ، فإن بعض الناس اغتروا بهذا ، وظنوا أن اتخاذ المساجد على القبور أمر مطلوب ، وهذا غلط ، فالنبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيت عائشة رضي الله عنها وليس في المسجد

وهكذا صاحباه دُفنا معه في البيت ، ثم أُدخلت الحجرة برمتها في المسجد ، لا يجوز لأحد أن يغتر بهذا ، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من هذا عليه الصلاة والسلام ، وأبدأ وأعاد في ذلك ، فيجب الحذر مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وألا يدفن إنسان في مسجد ، وألا يقام مسجد على قبر لأن الرسول لعن من فعل ذلك ، فيجب الحذر ، ولأنه وسيلة للشرك" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (1/265 – 267) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:29   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم تجنب أكل اللحم في العشر الأول من المحرم

السؤال:

اعتادت أسرة زوجي تجنب أكل اللحم من بداية الشهر حتى العاشر من محرم ، ويقولون : إن هذا عهد آبائهم الذي قطعوه على أنفسهم ، وبالتالي يجب على كل واحد منهم أن يلتزم بالعهد ، فهل هذا جائز؟

الجواب :

الحمد لله


ترك تناول المباحات مما أحل الله : من الرهبانية التي نهى الله تعالى عنها ورسوله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الرَّهْبَانِيَّةُ تَرْكُ الْمُبَاحَاتِ مِنَ النِّكَاحِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - هَمُّوا بِالرَّهْبَانِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَهْيَهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة/ 87 ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ لَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ لَا أَنَامُ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ.

فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا فَقَالَ: (مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) وَقَدْ بَيَّنَتِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ ".

انتهى ملخصا من "الجواب الصحيح" (2/ 194-197) .

وحاصل ذلك : أن من تعبَّد لله تعالى بترك أكل اللحم ، أو غيره من المباحات : في أيام مخصوصة : فهذا من تشريع الدين الذي لم يأذن بالله .

وسواء كان ذلك لاعتقاده أن لهذه الأيام خصوصية تقتضي ترك أكل اللحم ،

أو إما تحريما ، أو كراهة .

أو لاعتقاده : أن ترك أكل اللحم في هذه الأيام : واجب أو مستحب .

أو اعتقادا : أن الله يتقرب إليه بترك أكل اللحم ، أو غيره من المباحات : على صفة مخصوصة :

فكل ذلك من بدع الضلالة التي لم يأذن بها الله .

قال الشاطبي رحمه الله :

" كُلُّ مَنْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ تَنَاوُلِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْعَامِلُ بِغَيْرِ السُّنَّةِ تَدَيُّنًا، هُوَ الْمُبْتَدِعُ بِعَيْنِهِ "

انتهى من "الاعتصام" (ص 59) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الْخَلْقَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا وَيَعْبُدُوهُ بِمَا شَرَعَ وَأَمَرَ أَنْ لَا يَعْبُدُوهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، قَالَ تَعَالَى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } وَقَالَ تَعَالَى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } . فَالسَّالِكُ طَرِيقَ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ إذَا كَانَ مُتَّبِعًا لِلشَّرِيعَةِ فِي الظَّاهِرِ وَقَصَدَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ وَتَعْظِيمَ النَّاسِ لَهُ كَانَ عَمَلُهُ بَاطِلًا لَا يَقْبَلُهُ اللَّهُ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ

أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : { أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ . وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ } "
.
وَإِنْ كَانَ خَالِصًا فِي نِيَّتِهِ لَكِنَّهُ يَتَعَبَّدُ بِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةِ : مِثْلُ الَّذِي يَصْمُتُ دَائِمًا أَوْ يَقُومُ فِي الشَّمْسِ أَوْ عَلَى السَّطْحِ دَائِمًا أَوْ يَتَعَرَّى مِنْ الثِّيَابِ دَائِمًا وَيُلَازِمُ لُبْسَ الصُّوفِ أَوْ لُبْسَ اللِّيفِ وَنَحْوِهِ أَوْ يُغَطِّي وَجْهَهُ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْلِ الْخُبْزِ أَوْ اللَّحْمِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - كَانَتْ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ بَاطِلَةً وَمَرْدُودَةً كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ } " ..
.
وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَنَامُ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ : كَيْت وَكَيْت لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي } " .
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَا هُوَ جِنْسُهُ عِبَادَةً ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ جِنْسُهُمَا عِبَادَةٌ .

وَتَرْكَ اللَّحْمِ وَالتَّزْوِيجِ جَائِزٌ لَكِنْ لَمَّا خَرَجَ فِي ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ فَالْتَزَمَ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَالْتَزَمَ هَذَا تَرْكَ الْمُبَاحِ كَمَا يَفْعَلُ الرُّهْبَانُ تَبَرَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَيْثُ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ إلَى خِلَافِهَا وَقَالَ : { لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ } "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/612-614) .

والحاصل :

أن اعتياد ترك أكل اللحم ، في هذه الأيام ، على الصفة المذكورة ، سواء كان ذلك بعهد مع الله ، أو مع الناس ، أو مع النفس ، أو من غير عهد : كل ذلك من البدع التي لا يحل التقرب إلى الله تعالى بها ، ولا يحل طاعة الآباء والأجداد فيها ، ولا متابعتهم عليها .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:34   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما يشاع من كراهية النكاح في شهر الله المحرم

السؤال:

هل عقد النكاح في شهر محرم مكروه كما سمعت من بعض الناس ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في الزواج أو الخطبة في شهر الله الحرام ( محرَّم ) الذي هو بداية السنة القمرية ، وليس ذلك من المكروهات ولا من المحرمات ، وذلك لأدلة كثيرة ، منها :

أولا :

أصل الإباحة والبراءة الذي لم يرد ما ينقله ويغيّره ، والقاعدة الشرعية المتفق عليها بين العلماء : أن الأصل في العادات والأفعال الإباحة ، ما لم يرد دليل التحريم ، ولمّا لم يَرد في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع والقياس والآثار شيء يدل على المنع من الزواج في شهر محرّم ، كان العمل والفتوى مبنيا على حكم الإباحة الأصلي .

ثانيا :

إجماع العلماء على الجواز ، إجماعا سكوتيا على الأقل ، حيث لم نجد أحدا من العلماء المتقدمين أو المتأخرين ، من الصحابة والتابعين والأئمة المرضيين وأتباعهم إلى يومنا هذا ، يحرّم ، أو حتى يكره : الزواج أو الخطبة في شهر محرم .

ومَن منع مِن ذلك : كفاه دليلا على نكارة قوله وبطلانه : أن يفتي بما لم يدل عليه دليل ، أو يقل به أحد من العلماء .

ثالثا :

شهر محرم من شهور الله المعظَّمة والمكرَّمة ، وقد ورد في فضله قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ ) رواه مسلم (1163) ، فشهر أضافه الله لنفسه ، وجعل الصيام فيه أعظم أجرا من غيره ، حري أن تُطلب بركته وفضله في مثل ذلك ، لا أن يتحزن فيه ، أو يتخوف الزواج فيه ، أو يتطير به ، كما هي عادة الجاهلية
.
رابعا :

إن احتج أحدٌ على المنع بأن شهر محرّم هو شهر استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه ، كما فعل ذلك بعض الروافض .

قيل له : لا شك أن يوم استشهاده رضي الله عنه يوم ثَلم عظيمٍ في تاريخ الإسلام ، غير أنه لا يستلزم الفتوى بتحريم الزواج أو الخطبة فيه ، وليس في شريعتنا تجديد الأحزان في الذكرى السنوية ، واستمرار الحداد إلى حد المنع من مظاهر الفرح .

وإلا فمِن حقنا أن نسأل مَن يقول بذلك : أليس اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مصيبة حلت بالأمة الإسلامية ! فلماذا لا يحرُم الزواج أيضا في ذلك الشهر كله الذي هو ربيع الأول ؟! ولماذا لم يُنقل ذلك التحريم أو الكراهة عن أحد من الصحابة أو من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والعلماء من بعدهم !!

وهكذا لو رحنا نجدد الأحزان في كل يومٍ قُتل فيه أو استشهد أو توفي أحد أئمة الإسلام الكبار ، من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيرهم ، لضاقت الأيام والشهور عن يوم فرح وسرور ، ولأصاب الناس من العنت والحرج ما لا طاقة لهم به . ولا شك أن الإحداث في الدين أول ما يجني على أصحابه الذين ناقضوا الشريعة ، واستدركوا على كمالها الذي ارتضاه الله لعباده .

وقد ذكر بعض المؤرخين أن أول من أحدث هذا القول ، بل أول من أحدث تجديد مظاهر الحداد في بداية شهر محرم هو الشاه إسماعيل الصفوي (907-930هـ)، كما يقول الدكتور علي الوردي في " لمحات اجتماعية من تاريخ العراق " (1/59) : " لم يكتف الشاه إسماعيل بالإرهاب وحده في سبيل نشر التشيع ، بل عمد كذلك إلى اتخاذ وسيلة أخرى

هي وسيلة الدعاية والإقناع النفسي ، فقد أمر بتنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الحسين على النحو الذي يتبع الآن . وهذا الاحتفال كان قد بدأ به البويهيون في بغداد في القرن الرابع الهجري ، ولكنه أهمل وتضاءل شأنه من بعدهم . ثم جاء الشاه إسماعيل أخيرا ، فطوره وأضاف إليه مجالس التعزية ، بحيث جعله قوي الأثر في القلوب

وقد يصح القول : إنه كان من أهم العوامل في نشر التشيع في إيران ؛ لأن ما فيه من مظاهر الحزن والبكاء ، وما يصاحبه من كثرة الأعلام ودق الطبول وغيرهما ، يؤدي إلى تغلغل العقيدة في أعماق النفس ، والضرب على أوتارها الكامنة " انتهى.

خامسا :

ثم إن بعض المؤرخين يرجحون أن زواج علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنهما ، إنما وقع في أوائل السنة الثالثة للهجرة .

يقول ابن كثير رحمه الله :

" نقل البيهقي عن كتاب "المعرفة" لأبي عبد الله بن منده ، أن عليا تزوج فاطمة بعد سنة من الهجرة ، وابتنى بها بعد ذلك لسنة أخرى ، فعلى هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة "

انتهى من " البداية والنهاية " (3/419)

وثمة أقوال أخرى في المسألة ، ولكن الشاهد أن أحدا من العلماء لم يستنكر الزواج في محرم ، بل ومن دخل فيه فله أسوة حسنة في أمير المؤمنين علي وزوجته السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:39   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم أخذ العلم عن المبتدع

السؤال:

هل يجوز أخد العلم عن المبتدعين في الأمور المتعلقة بالعبادات ، في حال لم يتوفر هذا عند أهل السنة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الابتداع في الدين سواء في الاعتقادات أو في العبادات من أخطر الأمور ؛ لأنه يؤدي إلى ضياع السنة وموتها ، وما أحدث الناس بدعة ، إلا ضيعوا من السنة ما هو خير منها ؛ فإن مسلك الابتداع ، مؤداه : أن هناك طريقا يوصل إلى مرضات الله ، غير الطريق الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم.

ولأجل ما في ذلك من الخطر ، أمر العلماء بهجر المبتدع ، وهذا الهجر لمصلحة المبتدع ولمصلحة المجتمع المسلم ، فالمبتدع قد يرتدع بالهجر فيترك بدعته ، والمجتمع يعلم بذلك مدى خطر هذا المبتدع فلا يغتر به .
لكن يجب التنبه أن لهذا الهجر ضوابط تضبطه وليس على إطلاقه .

ثانيا :

الدراسة العامة الظاهرة ، على شخص معروف بالبدعة ، متعالن بها : من شأنه أن يساعد على استمراره في بدعته ، وعلى اغترار الناس به .

قال الشاطبي رحمه الله تعالى :

" فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان بالهدم على الإسلام :

أحدهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير ، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس ، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره ، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته دون اتباع أهل السنة على سنتهم .

والثانية: أنه إذا وقر من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على انشاء الابتداع في كل شيء .

وعلى كل حال ؛ فتحيا البدع ، وتموت السنن ، وهو هدم الإسلام بعينه "

انتهى من " الاعتصام " ( 1 / 202 ) .

ثالثا :

أخذ العلم عن المبتدع : إما أن يكون في الأمور التي تدخل في نطاق بدعته أو لا ؟

فإن كان العلم الذي ستأخذه منه مما تلحقه بدعته ، ويظهر أثرها فيه : ففي هذه الحالة لا شك في النهي عن الأخذ عنه ؛ لأن في أخذ العلم عنه تحقيقا لمفسدتين ؛ مفسدة مخالطة المبتدع وتوقيره ؛ ومفسدة تعريض النفس للشبهات وأخذ العلم الذي يختلط فيه الحق بالباطل
.
وربما يستثنى من ذلك : من كان له أداة كاملة ، في تمييز مواقع هذه البدعة ، وغلب على ظنه السلامة من تأثير المأخوذ عنه ، واحتاج إلى شيء من الأخذ عنه لأجل دراسة ، أو معرفة ما عند القوم ، أو نحو ذلك ، فنرجو ألا يكون على مثل ذلك حرج في الأخذ عن هؤلاء، وإن كان الظاهر أن يقيد ذلك بمن لم تكن بدعته مغلظة ، مع أن الاحتياط : الترك مطلقا .

أما إذا كان العلم الذي ستأخذه منه من العلوم التي لا تدخلها بدعته ؛ كعلم النحو واللغة وتجويد القرآن الكريم ، بل وغالب الفقه ـ كذلك ـ ؛ فهنا تعارضت مفسدة مخالطة المبتدع ، مع مصلحة العلم النافع ، ففي هذه الحالة يرجح بينهما ، وينظر أيهما أقل مفسدة : أخذ العلم عنه ، أو تركه ؟

فإذا كانت هناك حاجة ماسّة لعلمه ، ولا يوجد غيره ، وأمنت فتنته : ففي هذه الحالة يجوز الأخذ عنه .

أما إذا كان العلم المراد تعلمه ليس هناك حاجة شديدة إليه ، أو كان يوجد غير هذا المبتدع يمكن التعلم على يديه ، أو كانت فتنة بدعته أشد من فوات علمه ؛ ففي هذه الحالة ينهى عن الأخذ عن هذا المبتدع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ، ولا انتهاء أحد ؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها : لم تكن هجرة مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية [أي : لم يكونوا يستطيعون أن يظهروا العداوة للجهمية ] .

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة ، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي .

وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة [أي : بدعة نقي القدر] ، فلو ترك رواية الحديث عنهم ، لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم .

فإذا تعذر إقامة الواجبات ، من العلم والجهاد وغير ذلك ، إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب = كان تحصيل مصلحة الواجب ، مع مفسدة مرجوحة معه : خيرا من العكس .

ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل "

انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 28 / 212 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:42   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تشرع مقاطعة المبتدع في هذا العصر ؟

السؤال

متى تشرع مقاطعة المبتدع ؟

ومتى يشرع البغض في الله ؟

وهل تشرع المقاطعة في هذا العصر؟.


الحمد لله

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فينبغي على المؤمن أن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان والشرع والتجرد من الهوى ، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم فإن هجره حق ، وأقل أحواله أن يكون سنة ، وهكذا هجر من أعلن المعاصي وأظهرها أقل أحواله أنه سنة أما إن كان عدم الهجر أصلح لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين ، وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم يؤثر فيهم ويزيدهم هدى فلا يعجل في الهجر

ولكن يبغضهم في الله كما يبغض الكفار والعصاة ، لكن يكون بغضه للكفار أشد ؛ مع دعوتهم إلى الله سبحانه والحرص على هدايتهم عملا بجميع الأدلة الشرعية ؛ ويبغض المبتدع على قدر بدعته إن كانت غير مكفرة ، ويبغض العاصي على قدر معصيته ، ويحبه في الله على قدر إسلامه وإيمانه ، وبذلك يُعلم أن الهجر فيه تفصيل .

والخلاصة :

أن الأرجح والأولى النظر إلى المصلحة الشرعية في ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية ، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر ؛ هجرهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم ، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية دعت إلى ذلك .

فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر والمبتدع والعاصي في الله سبحانه ومحبة المسلم في الله عز وجل ، وعليه أن يراعي المصلحة العامة في ذلك ، فإن اقتضت الهجر هجر ، وإن اقتضت المصلحة الشرعية الاستمرار في دعوتهم إلى الله عز وجل وعدم هجرهم فعل ذلك مراعاةً لهديه صلى الله عليه وسلم . والله ولي التوفيق .

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (9 / 423 ).









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 06:53   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بدعة وضع المصحف على الرؤوس عند الدعاء

السؤال:

هل يجوز وضع المصحف فوق الرأس عند الدعاء ؟

الجواب :

الحمد لله

لم يزل الروافض يأتون كل يوم بكل عجيب ، إلى أن أفاضت عقولُهم النيرةُ بدعةً جديدةً ، ألا وهي : وضع المصحف على الرؤوس عند الدعاء في ليلة القدر ، ويسمونه " دعاء رفع القرآن" يحلفون بالله ثم بالأئمة ، ويطلبون حوائجهم !!
ولعل مستند الشيعة في هذا الفعل :

ما ذكره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (3/144)

عن شعبة قال : أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي ، سمع أبا صالح يقول : " شهدت عليا وضع المصحف على رأسه

حتى سمعت تقعقع الورق فقال : " اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ، اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير أخلاقي ، فأبدلهم بي شرًّا مني ، وأبدلني بهم خيرا منهم ومِثْ [عين : أذب] قلوبهم ميثة الملح في الماء " انتهى .

وقبل الجواب عن هذا الأثر ننوِّه أولا على أمور:

أولا :

مازال النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ، وهيئته في الدعاء معروفة معلومة ، ولم يرد لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع المصحف أو أوراق المصحف على رأسه ليدعو به .

وكذا لم ينقل عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم هذا الفعل ، ومن الصحابة الحسن والحسين وعلي وفاطمة وغيرهم من أهل البيت رضي الله عنهم ، لم ينقل هذا عنهم ، مع كثرة وتكرر الدعاء منهم مرات لا يحصيها إلا الله .

ثانيا :

الدعاء عبادة من أجلِّ وأعظم العبادات ، والأصل في العبادات التوقيف ، وعدم التعدي والتجاوز فيها أو إحداث أمر فيها ، والدعاء بالصورة المذكورة ليس ثابتا ، لا كتابا ولا سنة.

وقد ألف العلماء في آداب الدعاء كتبا عديدة ولم يذكروا منها هذا الأدب ، لأنه لا أصل له .

وأما الجواب عن فعل علي رضي الله عنه :

فعلى تقدير ثبوته ، فليس فيه دليل على مشروعية هذا الفعل على وجه الدوام ، إنما هي حالة ضيق وصلت بعلي رضي الله عنه إلى الشكوى إلى الله بتلك الحالة ، فرفع المصحف عاليا مخاطبا إياهم ومبينا قبح أفعالهم فقال : " اللهم إني سألتهم ما فيه " وفي الرواية الأخرى :" اللَّهمّ إنهم منعوني أن أقوم في الأمة بما فيه " ، فكان حديثه عن القرآن ومخالفة شيعته من أهل الكوفة له ، فرأى أن حمل المصحف سيكون أبلغ في التأثير في السامع ، فهو كما يرفع الرجل المصحف بيده ويقول لخصمه : هذا يحكم بيني وبينك .

فلا يؤخذ من تلك الحادثة دليلٌ على مشروعية هذا الفعل على وجه الدوام ، وفي كل دعاء ، إذ لو كان الأمر كذلك ، فلماذا تركه علي رضي الله عنه ولَمْ يداوم عليه ، ولماذا لم يفعله ثانية ؟

ويزيد الأمر بدعةً وإحداثا أن يُخصص للدعاء بهذه الصورة ليلةٌ معينةٌ في السنة ، فهل فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه ؟

وعليه ؛ فحمل المصحف على الرأس عند الدعاء بدعة ، وآداب الدعاء معروفة في الكتاب والسنة ، فعلى المسلم أن يتقيد بها ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم

الشيخ محمد صالح المنجد .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-26, 06:24   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل أفتى ابن حجر العسقلاني بجواز الرقص الصوفي ؟

السؤال :


قرأت الفتوى التي ذكرتموها في حكم الرقص أثناء الذكر ، ولكن ماذا عن قول ابن حجر العسقلاني الذي يستدل به الصوفية ، حيث ذكر الدكتور يوسف خطار محمد صاحب " الموسوعة اليوسفية في أدلة الصوفية " والتي نشرت في دمشق عام 1999 في الصفحة رقم 185 ما نقله السيوطي في " السيف القاطع " ، ومحمود أبو الشامات في " الإلهامات الإلهية " في أنّ : " الحافظ بن حجر سئل عن رقص الصوفية

وهل له أصل ، وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه ؟

قال: نعم ، إن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال له : أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة الخطاب ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في مصطلح الحديث إقرار، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يسكت عن حرام أو مكروه " ، ولكننا نقرأ في " فتح الباري "

في كتاب المناقب أنّ الحافظ ذكر في شرحه على قصة رقص الحبشة في المسجد أنّ استدلال الصوفية بهذا الحديث على جواز الرقص هو خطأ ، وذلك يتعارض مع ما نقله السيوطي عنه فما هو الصحيح في ذلك ؟ وهل فعلاً نقل السيوطي عن الحافظ ابن حجر ذلك ؟


الجواب :


الحمد لله


رجعنا إلى الكتاب المذكور " الموسوعة اليوسفية " فوجدنا في الصفحة ( 206 وهو منشور ، متاح بصيغة ورد ) قد قال كاتبه :
\
" سئل الحافظ ابن حجر المحدث الكبير عن رقص الصوفية وهل له أصل وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ؟

قال : نعم ، إن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قال له : أشبهت خلقي وخلقي ، وذلك من لذة الخطاب ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو في مصطلح الحديث إقرار والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يسكت عن حرام أو مكروه .

وأفتى بجواز الرقص عند سؤال أحد الحاضرين في مجلسه فقال : يجوز الرقص بدليل فعل الحبشة في المسجد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رقصهم بالوثبات والوجد وإنشاد الشعر جائز بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصل هذه الطرائق من الكتاب والسنة الحاثين على كثرة ذكر الله والاجتماع على محبة الله أما سب المشايخ وتكفيرهم فكفر شرعا بلا خلاف " انتهى .

ونسب هذا النقل في الهامش لـ " السيف القاطع " للسيوطي ، و" الإلهامات الالهية " لأبي الشامات .

وكتاب " الإلهامات الإلهية " لأبي الشامات وجدناه مخطوطا ، وهذا نص كلامه :

" وسُئل الحافظ ابن حجر عن رقص الصوفية وتواجدهم هل له أصل أم لا ؟ ( فأجاب ) بقوله نعم له أصل فقد روى أن جعفر بن أبي طالب رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له ( أشبهت خَلقي وخُلقي ) وذلك من لذة هذا الخطاب ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد صح التمايل والرقص عن جماعة من كبار الأئمة منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام .

انتهى " انتهى ( ص 50 مخطوط ) .

فأبو الشامات أيضا لم يحدد من هو ابن حجر .

وقد بحثنا عن هذا النص فوجدنا أنه لابن حجر الهيتمي ، وليس للحافظ ابن حجر العسقلاني .

وقد ذكر هذا الكلام في كتاب " الفتاوى الحديثية " لابن حجر الهيتمي " ( ص 212 ) ونصه :

" سُئل نفع الله به عن رقص الصوفية عند تواجدهم هل له أصل ؟

( فأجاب ) بقوله : نعم له أصل ؛ فقد روى في الحديث أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، لما قال له : ( أشبهت خَلقي وخُلقي ) ؛ وذلك من لذة هذا الخطاب ، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم ، وقد صح القيام والرقص في مجالس الذكر والسماع عن جماعة من كبار الأئمة، منهم عز الدين شيخ الإسلام بن عبد السلام " انتهى .

فهذه الفتوى ليست للحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب " فتح الباري بشرح صحيح البخاري " ، ، وإنما هي لابن حجر الهيتمي ، الفقيه الشافعي المعروف ، المتوفى (974هـ) .

أما كتاب " السيف القاطع " فلم نجده وصاحب كتاب " الموسوعة اليوسفية

" ذكره في فهرس المصادر والمراجع ، ولم يذكر عنه أيّ معلومات تدل على أنه موجود ، وقد حاول الأستاذ إياد خالد الطباع حصر أسماء مؤلفات السيوطي ، المطبوع منها والمخطوط والمفقود في كتابه " الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية " ففي أكثر من تسعين صفحة ( 314 - 407 ) جمع من أسماء مؤلفاته 1193 عنوانا ، ولم نجد ضمنها هذا العنوان " السيف القاطع " والله أعلم .

لكن وجدنا مثل هذا الكلام في كتاب آخر للسيوطي ، ولم ينسبه إلى ابن حجر العسقلاني ؛ ففي كتاب " الحاوي للفتاوي " للسيوطي ( 2 / 234 ) :

" وقد ورد في الحديث رقص جعفر بن أبي طالب بين يدي النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - لمّا قال له: ( أشبهت خلقي وخلقي ) ، وذلك من لذّة هذا الخطاب ، ولم ينكر ذلك عليه النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فكان هذا أصلا في رقص الصّوفيّة لما يدركونه من لذّات المواجيد ، وقَد صحّ القيام والرقص في مجالس الذّكر والسّماع عن جماعة من كبار الأئمّة ، منهم شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام " انتهى .

فالخلاصة : أن هذا الكلام ثابت عن السيوطي وابن حجر الهيتمي ، أما الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب " فتح الباري " ، فهو ممن ينكر هذا الرقص الصوفي ، فقد نقل رحمه الله تعالى قول القرطبي في إنكاره مقرا له فقال :
" قال القرطبي : وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان

حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال ، وهذا - على التحقيق - من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة والله المستعان" اهـ . وينبغى أن يعكس مرادهم ويقرأ " سيء " – أي بدل " سني الأحوال " تقرأ " سيئ الأحوال " – "

انتهى من " فتح الباري " ( 2 / 442 – 443 ) .

وفي شرحه لحديث عَائِشَةُ : ( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَزَجَرَهُمْ ‏‏عُمَرُ‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : دَعْهُمْ ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ ‏،‏ يَعْنِي مِنَ الأَمْنِ‏ ) رواه البخاري ( 3530 ).‏

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى :

" واستدل قوم من الصوفيّة بحديث الباب على جواز الرّقص وسماع آلات الملاهي ، وطعن فيه الجمهور باختلاف المقصدين ، فإنّ لعب الحبشة بحرابهم كان للتّمرين على الحرب فلا يحتج به للرّقص في اللّهو ، والله أعلم "

انتهى من " فتح الباري " ( 6 / 553 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-26, 06:27   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت حديث أن الصحابة رقصوا ويستدل
بذلك على الرقص في حلَق الذِّكر ؟


السؤال :

الكثير من المتصوفة يتخذون هذا الحديث دليلاً لرقصهم ودروشتهم ويقولون : إن شيخ الاسلام ابن تيمية وغيره قالوا بصحته ، هذا الحديث في " مسند أحمد " برقم ( 860 ) : قال علي رضي الله عنه : زرت النبي صلى الله عليه وسلم مع جعفر وزيد بن حارثة

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد : ( أنت مولاي ) فبدأ زيد يحجل ويقفز على رجل واحدة حول النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لجعفر : ( أما أنت فتشبهني في خَلقي وخُلقي ) فحجل جعفر كذلك ، ثم قال لي : ( أنت مني وأنا منك ) فحجل خلف جعفر .

فما تعيقكم على هذا الحديث ؟

هل هو صحيح ؟

وهل يمكن للشخص أن يرقص ويقفز بهذا الشكل لإرضاء الله ؟ .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

الحديث الوارد في السؤال رواه أحمد ( 2 / 213 ) ، ولم يصححه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فيما نعلم من كتبه التي بين أيدينا ، أو كتب أصحابه . ثم متى كان هؤلاء الصوفية ـ يا عباد الله ـ يقيمون وزناً لشيخ الإسلام ابن تيمية حتى يقبلوا قوله في الحكم على الأحاديث .

ثانياً:

الحديث المذكور في السؤال فيه علتان :

الأولى : جهالة أحد رواته ، وهو " هانئ بن هانئ " .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة ، قال : وكان يتشيع ، وقال ابن المديني : مجهول ، وقال حرملة عن الشافعي : هانئ ابن هانئ لا يُعرف وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله .

" تهذيب التهذيب " ( 11 / 22 ) .

والثانية : تدليس أبي إسحاق السبيعي .

قال أبو سعيد العلائي – رحمه الله - :

عمرو بن عبد الله السبيعي أبو إسحاق ، مشهور بالكنية ، تقدم أنه مكثر من التدليس .

" جامع التحصيل في أحكام المراسيل " ( ص 245 ) .

والحديث ضعفه محققو مسند الإمام أحمد ( 2 / 213 ، 214 ) وقالوا :

إسناده ضعيف ، هانئ بن هانئ تقدم القول فيه ، ومثله لا يحتمل التفرد ، ولفظ " الحجل " في الحديث منكر غريب .

انتهى

وللحديث طريق أخرى رواها ابن سعد في " الطبقات " (4 / 35 ، 36 ) عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال ... فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم دار عليه فقال النبي عليه السلام : ( ما هذا ؟ ) قال : شيء رأيت الحبشة يصنعونه بملوكهم .

والحديث ضعيف مرسل ، فمحمد الباقر بن علي زين العابدين لم يدرك أحداً ممن ذُكر في الحديث من الصحابة رضي الله عنهم .

وقد حكم عليه بالإرسال : الزيلعي في كتابه " نصب الراية لأحاديث الهداية " ( 3 / 268 ) ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 3 / 256 ) .

ثالثاً:

الحديث رواه البخاري في صحيحه - ( 2552 ) – وليس فيه تلك اللفظة المنكرة التي استدل بها الصوفية على رقصهم .

ونص روايته :

" ... فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي ، وَقَالَ جَعْفَرٌ : ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي ، وَقَالَ زَيْدٌ : ابْنَةُ أَخِي ، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا وَقَالَ : ( الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ) وَقَالَ لِعَلِيٍّ : ( أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ ) وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : ( أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ) وَقَالَ لِزَيْدٍ : ( أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ) .

انتهى

رابعاً:

على فرض صحة الحديث فليس فيه أنهم رقصوا في حلقة ذِكر لربهم – حاشاهم - ، وإنما فيه أنهم عبَّروا عن فرحهم بثناء النبي صلى الله عليه وسلم بقفزة على رِجل واحدة ، وهو فعل مباح في نفسه ، وإنما الحكم عليه يكون تبعاً لسبب فرحهم ، وحاشا أحداً من العقلاء أن يستدل به على رقص أثناء ذِكره لربه تعالى .

قال البيهقي – رحمه الله - :

وفى هذا - إن صح ! - دلالة على جواز الحجَل ، وهو أن يرفع رجلاً ويقفز على الأخرى من الفرح ، فالرقص الذي يكون على مثاله يكون مثله في الجواز ، والله أعلم .

" السنن الكبرى " للبيهقي ( 10 / 226 ) .

وقال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي رحمه الله ، في بيان احتجاج المتصوفة ونحوهم بهذا الحديث على جواز الرقص :

" وتمسكوا أيضا بأنه قال لعلي : ( أنت مني وأنا منك ) ، فحجل . وقال لزيد : ( أنت أخونا ومولانا ) فحجل ... "

قال ابن حجر :

" والجواب : أن هذه كلها أحاديث منكرة ، وألفاظ موضوعة مزورة . ولو سلمت صحتها لم تتحقق حجتها ؛ أي : لأن المحرم هو الرقص الذي فيه تثن وتكسر، وهذا ليس كذلك ". انتهى.

"كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" (75) .

خامساً :

صرح غير واحد من فقهاء المذاهب رحمهم الله ببدعية ذلك العمل وضلاله ، إن فعل دينا ، وذمه وتسفيه صاحبه إن فعل عادة ولهوا .

سُئل الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي – رحمه الله - :

ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبانة والغناء ويتواجد ، حتى إنه يرقص ، هل يحل ذلك أم لا ؟ مع اعتقاده أنه محب لله وأن سماعه وتواجده ورقصه في الله ؟! أفتونا مأجورين ، رحمكم الله .

فقال :

الجواب وبالله التوفيق :

إن فاعل هذا مخطئ ، ساقط المروءة ، والدائم على هذا الفعل : مردود الشهادة في الشرع ، غير مقبول القول ، ومقتضى هذا : أنه لا تُقبل روايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شهادته برؤية هلال رمضان ، ولا أخباره الدينية .

وأما اعتقاده محبة الله : فإنه يمكن أن يكون محبّاً لله سبحانه ، مطيعًا له ، في غير هذا ، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه ، وأعمال صالحة في غير هذا المقام .

وأما هذا : فمعصية ولعب ، ذمَّه الله تعالى ورسوله ، وكرهه أهل العلم ، وسموه بدعة ، ونهوا عن فعله ، ولا يُتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه ، ولا يُطاع بارتكاب مناهيه ، ومَن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته : كان حظه الطرد والإبعاد ، ومن اتخذ اللهو واللعب دينًا : كان كمن سعى في الأرض الفساد ، ومن طلب الوصول إلى الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّته : فهو بعيد من الوصول إلى المراد .

" جزء فيه فتيا فى ذم الشبَّابة والرقص والسماع " لابن قدامة ، مخطوط ( ورقة 2 ) .

وقال الإمام العز ابن عبد السلام ، الفقيه والأصولي الشافعي الكبير ، رحمه الله :

" وأما الرقص والتصفيق : فخِفَّة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث ، لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب ؛ وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش لبه وذهب قلبه ، وقد قال عليه السلام : ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يُقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك

وإنما استحوذ الشيطان على قوم يظنون أن طربهم عند السماع إنما هو متعلق بالله عز وجل ، ولقد مانوا [ أي : كذبوا ] فيما قالوا ، وكذبوا فيما ادعوا ؛ من جهة أنهم عند سماع المطربات وجدوا لذتين اثنتين : إحداهما لذة المعارف والأحوال المتعلقة بذي الجلال ، والثانية : لذة الأصوات والنغمات والكلمات الموزونات الموجبات للذات النفس التي ليست من الدين ولا متعلقة بأمور الدين ؛

فلما عظمت عندهم اللذتان غلطوا فظنوا أن مجموع اللذة إنما حصل بالمعارف والأحوال ، وليس كذلك بل الأغلب عليهم حصول لذات النفوس التي ليست من الدين بشيء . وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام : ( إنما التصفيق للنساء ) ، ولعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء .

ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ، ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل ، ولا يصدران من عاقل فاضل .

ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ، ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء ، الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء .

وقد قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } ، وقد مضى السلف ، وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك ، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه ، وليس بقربة إلى ربه : فإن كان ممن يُقْتدى به ، ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة : فبئس ما صنع ، لإيهامه أن هذا من الطاعات ، وإنما هو من أقبح الرعونات " انتهى .

" قواعد الأحكام في مصالح الأنام " (2/349-350) ط مؤسسة الريان .

وسُئل علما اللجنة الدائمة :

عن حكم الإسلام فيمن يذكرون الله وهم يتمايلون يمينًا وشمالًا في حالة قفز ، وفي جماعة ، وفي صوت عالٍ ؟ .

فأجابوا :

لا يجوز ؛ لأنه بهذه الكيفية بدعة محدثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 529 ) .

فالخلاصة :

أن الحديث الوارد في السؤال ضعيف لا يصح ، والشاهد المذكور لا يصلح لتحسينه ؛ لوجود راوٍ مجهول في الحديث الأول ، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يصححه ، وأنه لو صحَّ فليس فيه دليل على الرقص في العبادة ، بل فعل ذلك بدعة منكرة قبيحة لا يليق بعاقل أن ينسبها لدين الله تعالى .

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc