التكليف >> أصول الفقه - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التكليف >> أصول الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-15, 06:53   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فرَّقوا بين أختهم وزوجها وولدها بالإكراه تارة ، وبالسحر تارة ، حتى كرهت ولدها وهجرته إلى أن مات

السؤال:

عندي عمة كانت متزوجة ولها ولد ، أجبرها أعمامي وأبي على أن تطلب الطلاق من زوجها ؛ لأن أخته تطلقت من عمي لأنه لا ينجب ، وعندما رفضت أخذوها بالقوة ولم يتركوها تأخذ ابنها ، وعملوا لها عملا لكي لا تطلب ابنها ، وبالفعل كرهت ولدها ، ولا تحب حتى أن تسمع باسمه وتدعو عليه بالموت وبأـبشع الادعية

عندما كبر الولد كان يحاول مرات عديدة مقابلتها ولكنها ترمي عليه الأحذية ، وتتهرب وتدعي عليه ، وعندما تزوج ورزق بأولاد كان يحضرهم لها ، ولكنها أيضاً نفس الشي تدعو عليه وعلى أبنائه ، توفي ولدها امس بعمر ٣٣ فجأة ، أخبرناها فقالت : لما كان حيا لم أشعر به ، والآن مات ولا أشعر به ورفضت رؤيته قبل دفنه

أبي ندم على ما فعلوه بها ، حاول أن يكفر عن ذنبه ولكنه فشل ، هو اليوم من يقوم برعايتها فهي تعيش وحيدة ، طلب ممن قام بالعمل أن يبطله ولكن الرجل رفض وهو من أهلنا .

ماذا يجب على أبي لكي يكفر عن ذنبه ؟ وهل تؤاخذ عمتي على ما تقوم به وهل تأثم ؟


الجواب :

الحمد لله

ما فعله أعمامك ووالدك مع أختهم التي هي عمتك جرم كبير وإثم عظيم اشتمل على جملة من الفواحش والكبائر التي حرمها الله سبحانه ، ولعن فاعلها ، وغضب عليه ، وتوعده بالعذاب المهين في الدنيا والآخرة ، ومن هذه الفواحش
:
أولا :

إفساد ما بينها وبين زوجها وإجبارها على فراقه ، وهذا فعل محرم ورد فيه الوعيد الشديد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ [أي : أفسد] امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا )

رواه أبو داود (2175) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله :

- " فسعي الرجل في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة ، وهو من فعل السحرة ، وهو من أعظم فعل الشياطين . "

انتهى من مجموع الفتاوى " ( 23 / 363 ).

وقال الشيخ صالح الفوزان- وفقه الله :

- " وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يفسد الزوجة على زوجها ، ويخببها عليه ؛ فقد جاء في الحديث : ( ملعون من خبَّب امرأة على زوجها ) ومعناه : أفسد أخلاقها عليه ، وتسبب في نشوزها عنه ، والواجب على أهل الزوجة أن يحرصوا على صلاح ما بينها وبين زوجها ؛ لأن ذلك من مصلحتها ومصلحتهم

. " انتهى من " المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 248 ، 249 ) .

ثانيا :

التفريق بين أختهم وولدها ، وهذا من أعظم الذنوب التي تدل على شقاء فاعلها وقسوة قلبه ، وذلك لأن تعلق الأم بولدها ورحمتها به وحنانها عليه فطرة فطر الله عليها جميع المخلوقات من بشر وحيوان ووحش وطير ، وأشد شيء على الأم أن يحال بينها وبين ولدها الذي هو فلذة كبدها وثمرة فؤادها ، وهذا لا يخص البشر وحدهم بل يشاركهم في ذلك البهائم العجماوات، ففي مسند أحمد (3835) ، و" الأدب المفرد " للبخاري (382) عَنْ عَبْدِ اللهِ

قَالَ: " نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا ، فَانْطَلَقَ إِنْسَانٌ إِلَى غَيْضَةٍ ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا بَيْضَ حُمَّرَةٍ [طائر كالعصفور] ، فَجَاءَتِ اَلْحُمَّرَةُ تَرِفُّ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُءُوسِ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ: ( أَيُّكُمْ فَجَعَ هَذِهِ؟ ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : أَنَا أَصَبْتُ لَهَا بَيْضًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ارْدُدْهُ ) وفي رواية أخرى في المسند (3836) قَالَ: ( رُدَّهُ ، رَحْمَةً لَهَا ) صححه الألباني في " الأدب المفرد "

للبخاري مخرجا برقم (382).

وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يفرق بين أم وولدها أن يفرق الله سبحانه بينه وبين أحبته يوم القيامة ، والجزاء من جنس العمل ، فقد أخرج الترمذي في سننه (1283) عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) حسنه الألباني في "

مشكاة المصابيح"(3361) .

ثالثا:

لجوؤهم إلى السحر للتفريق بين أختهم وولدها ، وهو ما يسمى بسحر الصرف ، والسحر يفرق بين الأحبة ، قال الله تعالى في تأثير السحر : (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) ، والسحر من كبائر الذنوب والموبقات حتى جرت عادة علماء الإسلام أن يدرجوه في كتب العقيدة ومسائل الإيمان ؛ لأنه كثيرا ما يستلزم الكفر بالله سبحانه والشرك به ، قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى :

" وجه إدخال السحر في أبواب التوحيد أن كثيرا من أقسامه لا يتأتى إلا بالشرك والتوسل بالأرواح الشيطانية ، إلى مقاصد الساحر ، فلا يتم للعبد توحيد حتى يدع السحر كله قليله وكثيره ، ولهذا قرنه الشارع بالشرك ، فالسحر يدخل في الشرك من جهتين : من جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلق بهم وربما تقرب إليهم بما يحبون ليقوموا بخدمته ومطلوبه ، ومن جهة ما فيه من دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في علمه وسلوك الطرق المفضية إلى ذلك ، وذلك من شعب الشرك والكفر

وفيه أيضا من التصرفات المحرمة والأفعال القبيحة كالقتل والتفريق بين المتحابين والصرف والعطف والسعي في تغيير العقول ، وهذا من أفظع المحرمات ، وذلك من الشرك ووسائله ولذلك تعين قتل الساحر لشدة مضرته وإفساده "

انتهى من " القول السديد شرح كتاب التوحيد " (1 / 109).

فالواجب على والدك وأعمامك أن يسارعوا بالتوبة إلى الله سبحانه من هذه الذنوب والآثام وأن يصلحوا ما أفسدوه في علاقتهم بأختهم وزوجها وابنها ، وأن يطلبوا الطرق الشرعية لعلاج أختهم من هذا السحر وذلك يكون برقيتها رقية شرعية وإفساد هذه الأشياء التي يظن أن السحرة قد عقدوا عليها للتأثير على المسحور

قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

" ومن العلاج أيضاً : إتلاف الشيء الذي يظن أنه عمل فيه السحر من صوف أو خيوط معقدة أو غير ذلك مما يظن أنه سبب السحر ، مع العناية من المسحور بالتعوذات الشرعية ومنها التعوذ " بكلمات الله التامات من شر ما خلق " ثلاث مرات صباحا ومساء ، وقراءة السور الثلاث– وهي " الإخلاص " و " الفلق " و " الناس " - بعد الصبح والمغرب ثلاث مرات ، وقراءة آية الكرسي بعد الصلاة

وعند النوم . ويستحب أن يقول صباحاً ومساء : " بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم " ثلاث مرات ؛ لصحة ذلك كله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مع حسن الظن بالله والإيمان بأنه مسبب الأسباب وأنه هو الذي يشفي المريض إذا شاء"

انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 7 / 80 ، 81 ) .

وأما ما كانت تفعله عمتك من نفورها من ولدها وهجرها له فإن كان هذا قد تم تحت تأثير السحر بدون اختيار وإرادة منها ، فإنها لا تؤاخذ على شيء من ذلك إن شاء الله ؛ لأنها لم تكن في وعيها وقت هذه التصرفات ، وإنما كانت مغلوبة عليها بتأثير السحر .

قال الشيخ الصادق الغرياني المفتي العام لدولة ليبيا : " إذا بلغت درجة السحر أن جعلت الإنسان مسلوب الإرادة ، فإن الله سبحانه لا يحاسبه على ما بدر منه حينئذ من أقوال وأفعال ، بخلاف المسحور الذي لم تصل حالته إلى درجة سلب الإرادة ، وبخلاف العاقل المختار الذي لم يفقد الإدراك ، فهذان محاسبان على أقوالهما وأفعالهما" انتهى من " موقع دار الإفتاء الليبية

نسأل الله تعالى أن يشفي عمتك وأن يتوب على والدك وأعمامك .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 06:59   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إمامهم لا يحسن قراءة الفاتحة
فهل يصلون خلفه ثم يعيدون خشية الفتنة ؟


السؤال
:

هل يجوز ترك صلاة الجماعة بسبب سوء قراءة الإمام للقرآن ؟

وخاصة أنه يلحن لحن الجلي في سورة الفاتحة . وإذا كانت لا تصح ! فهل نصلي خلفه ثم نعيد لوحدنا خشية الفتنة ؟

وهل نفعل نفس الشيء في صلاة السرية ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الأعيان ، لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر

ثانيا :

من كان يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى ويغيره ، مثل أن يقرأ ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) بكسر الكاف ، أو كان يترك من حروفها حرفا أو يبدله بغيره لم يجز أن يأتم به في الصلاة إلا من هو مثله .

أما من كان يلحن لحنا لا يغير المعنى ، كأن يقرأ ( الحمدُ لله ربِّ العَالَمِين ) فينصب ( ربّ ) أو يرفعها فتجوز الصلاة خلفه ، والصلاة خلف من يقيمها ولا يلحن أولى وأكمل .

ثالثا :

يجب تعليم هذا الإمام وتنبيهه إلى أخطائه التي يقع فيها ؛ لأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة .
فإن استجاب وأحسن القراءة فالحمد لله ، وإلا وجب إخبار الجهات المسئولة والسعي في إقالته وتعيين غيره ممن يحسن القراءة .

سئل علماء اللجنة الدائمة عن الصلاة خلف إمام لا يحسن القراءة ، وهل الأفضل الانفرادر، أم الصلاة خلفه ؟
فأجابوا : " إذا أردت أن تصلي فإنك تتحرى الصلاة خلف إمام يحسن القراءة ، وإذا علمت عن إمام أنه لا يحسن القراءة بمعنى أنه يلحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى مثل قوله (إياك نعبد) بكسر الكاف و(أنعمت) بالضم أو الكسر فلا يجوز أن تصلي خلفه ، والواجب تنبيهه فإن أجاب فالحمد لله ، وإلا وجب عليك أن تبلغ عنه الجهة المختصة لإبداله بإمام أصلح منه "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (7 /348).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إذا كان لحنه يحيل المعنى في الفاتحة أو غيرها فلا تجوز الصلاة خلفه ، ولكن يجب على أهل المسجد أن يرفعوا الأمر إلى المسؤولين عن المساجد بأن يتعدل هذا الإمام أو يبدل ، أما كونه إماما للمسلمين في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وهو لا يحسن ما يجب من القراءة : فلا يجوز أن يكون إماما ، ومن نصبه إماما فهو آثم آثم في حق الله ؛ لأنه ولى من ليس أهلا ، وآثم في حق المصلين ؛ لأنه إما أن يوقعهم في حرج في الصلاة خلفه ، أو يحرجهم إلى أن يطلبوا مسجدا آخر أبعد منه ويكون ذلك شاقا عليهم "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (182 /15) .

رابعا :

لا يصح أن تصلوا خلف هذا الإمام ثم تعيدوا الصلاة إذا كان يلحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى ؛ لأن الصلاة خلفه مع لحنه هذا لا تجوز أصلا لا في السرية ولا في الجهرية ، ولأن صلاتكم خلفه إقرار منكم لإمامته ، فيغترّ بكم غيركم ، وهذا منكر يجب تغييره لا إقراره ، وإنما الواجب تعليمه ونصحه بالمعروف

فإن استجاب وإلا وجب إبلاغ الجهات المسئولة كما تقدم ، فإن لم يفلح شيء من ذلك في تغييره فالواجب عليكم إعلام الناس أن الصلاة خلفه لا تصح ، ثم تتركون الصلاة خلفه وتصلون في مسجد آخر غير هذا المسجد يكون إمامه قارئا يحسن القراءة في الفاتحة وغيرها .

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" وأما اعتزالكم المسجد فلا أرى له مبررا إلا إذا كان هذا الإمام يلحن لحنا يغير المعنى ، أو كان هذا الإمام فاسقا يرتكب شيئا من الكبائر " .

انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (80 /29) .

ولا يجوز لكم أن تتركوا صلاة الجماعة بالكلية وتصلوا في بيوتكم فرادى أو في جماعة ؛ لما تقدم من وجوب صلاة الجماعة في بيوت الله التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:01   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من أحق الناس بالإمامة في الصلاة

السؤال


من أحق الناس بالإمامة في الصلاة ؟

حبذا لو احتوى الجواب على أدلة من القرآن والأحاديث .

السؤال الثاني :

أثناء قول الأذكار، هل يجوز قول "إلا الله"؟

وماذا يعني هذا الذكر؟.


الجواب

الحمد لله


أولاً :

أحق الناس بالإمامة هو العالم بأحكام الصلاة والحافظ لكتاب الله .

عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنَّة " .

رواه الإمام مسلم (1530) .

وليس المراد بـ " الأقرأ " الأحسن قراءة بل المراد به الحافظ لكتاب الله ، ومما يدل عليه حديث عمرو بن سلمة قال : … فكنتُ أحفظ ذلك الكلام – أي : القرآن – وكأنما يقر في صدري ، … فلمَّا كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومي بإسلامهم فلما قدم قال : جئتكم والله من عند النَّبي صلى الله عليه وسلم حقا فقال صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا صلاة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا ، فنظروا ، فلم يكن أحد أكثر قرآناً منِّي لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين .

رواه البخاري ( 4051 ) .

وإنما قلنا إنه لا بدَّ أن يكون على علم بأحكام الصلاة ؛ لأنه قد يطرأ عليه طارئ مثل نقض الوضوء أو نقص ركعة فلا يحسن التصرف ، فيقع في أخطاء ويوقع غيره في نقص صلاتهم أو بطلانها .

والحديث السابق : استدل به بعض العلماء على تقديم الأفقه :

قال النووي :

وقال مالك والشافعي وأصحابهما : الأفقه مقدم على الأقرأ ؛ لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط ، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه قالوا ولهذا قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه في الصلاة على الباقين مع أنه نص صلى الله عليه و سلم على أن غيره أقرأ منه ، وأجابوا عن الحديث بأن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه ، لكن في قوله: " فإن كانوا في القراءة سواء ، فأعلمهم بالسنَّة " دليل على تقديم الأقرأ مطلقاً .

شرح مسلم (5/ 177) .

فالنووي وإن خالف إمامه الشافعي في الاستدلال بالحديث ، لكن كلامهم له اعتباره على أساس أنه ليس بين الصحابة من يحسن القراءة وهو جاهل بأحكام الشرع كما هو الحال في كثير من أهل زماننا .

وقال ابن قدامة :

وإن كان أحدهما أفقه في أحكام الصلاة والآخر أفقه في غير الصلاة : قُدِّم الأفقه في الصلاة .

" المغني " ( 2 / 19 ) .

وقالت اللجنة الدائمة :

... فإذا علم ذلك ، فلا تصح إمامة الجاهل إلا بمن هو مثله مع عدم وجود من يصلح للإمامة.

" فتاوى إسلامية " (1/ 264) .

ثانياً :

لم نفهم ما هو المراد من السؤال ، ولفظة " إلا الله " ليست ذكراً وحده ، ولم يأتِ في الشرع في أي ذِكرٍ من الأذكار وحده ، بل جاء مع غيره مثل " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير " وغيره من الأذكار الكثيرة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:05   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يشترط لمن أراد الدخول في الإسلام
معرفة اسم الرسول صلى الله عليه وسلم؟


السؤال:

ما حكم من أراد دخول الإسلام وعلم أن هناك رسولاً للبشرية وآمن به إلا أنه لم يعرف اسمه؟ فهل يدخل الإسلام أم لا بد أولا من معرفة اسم الرسول؟ وهل يقبل منه معرفة الكنية أو اسم آخر غير محمد كأحمد أو الماحي؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا يدخل العبد في الإسلام حتى ينطق بالشهادتين ، إذا كان يقدر على النطق بهما ، ويقر بمعناهما ،

قال النووي رحمه الله :

" اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَنِ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ اعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنَ الشُّكُوكِ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَصْلًا، إِلَّا إِذَا عَجَزَ عَنِ النُّطْقِ لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ ، لِمُعَاجَلَةِ الْمَنِيَّةِ ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ : فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا "

انتهى من "شرح النووي على مسلم" (1/ 149)

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" لا بد من النطق بالشهادتين، فلو أمكنه النطق ، ولكنه امتنع من النطق : لم يدخل في الإسلام حتى ينطق بالشهادتين، وهذا محل إجماع من أهل العلم، ثم مع النطق لا بد من اعتقاد معنى الشهادتين والصدق في ذلك "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 340)

فإن لم يقدر على النطق بهما ، كالأخرس : فيكون إسلامه بالكتابة إذا كان يستطيعها ، أو الإشارة بما يدل على صحة دخوله في الإسلام، عن رضا وقبول.

ثانيا :

يجب أن يذكر في الشهادة اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ويستوي في ذلك جميع أسمائه وكذلك : كنيته صلى الله عليه وسلم ، كمحمد ، وأحمد ، والماحي ، وأبي القاسم .... ونحو ذلك .

قال الحليمي رحمه الله :

" وإذا قال الكافر: لا إله إلا الله ، أحمد رسول الله ، فذلك وقوله : محمد رسول الله : سواء . قال الله عز وجل: (ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) . وتأويل اللفظين واحد ..
.
فلا فرق بين أحمد ومحمد .
وإن قال: أبو القاسم رسول الله ؛ فكذلك . والله أعلم." .

انتهى من " المنهاج في شعب الإيمان" للحليمي (1/140) .

ثالثا :

من علم أن هناك رسولا للبشرية أرسله الله للناس كافة ، ولم يعرف اسمه ، فآمن به : وشهد بذلك بلسانه فإنه يكون مسلما ، كما لو قال : أسلمت . أو : آمنت بالرسول الذي يؤمن به المسلمون ، وقد حكى الله تعالى عن فرعون أنه قال حين أدركه الغرق : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فرد الله تعالى عليه بقوله : (أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ) يونس/91 .

فدل ذلك على أنه لو قال هذه الكلمة ، قبل أن يدركه الغرق : لكانت مقبولة منه .

فإذا قال الكافر ما يدل على أنه دخل دين الإسلام ، وآمن بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم : فإنه يقبل منه ، ويحكم بإسلامه ، ثم بعد ذلك يُعَلَّم الشهادتين على وجههما الأكمل .

بل لو اقتصر الكافر على قوله : "لا إله إلا الله" ، فإنه يحكم بإسلامه ، ثم يعلم الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، ويؤمر بها .

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر بعض الأحاديث التي فيها أمر الكافر بالشهادتين :

""فهذه الأدلة وأشباهها : تدل على أنه لا يتم الإسلام إلا بالشهادتين .

ولكن هناك نصوصاً أخرى تدل على أن الإنسان يدخل في الإسلام بالشهادة الأولى فقط، وهي لا إله إلاَّ الله، ومن ذلك حديث أسامة رضي الله عنه في قصة المشرك الذي أرهقه أسامة، فلما أرهقه قال: لا إله إلاَّ الله فقتله، فأَخبرَ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم بذلك، فقال: (أقتلته بعد أن قال: لا إله إلاَّ الله؟!)، قال: نعم، إنما قالها تعوُّذاً، أي: ليعوذ بها من القتل، فقال: (أقتلته بعد أن قال: لا إله إلاَّ الله؟!)، فما زال يكررها حتى قال أسامة: تمنيت لو لم أكن أسلمت بعد ؛ لأنه إذا أسلم فإن الإسلام يهدم ما قبله.

وهذا يدل على أنه بقوله: «لا إله إلاَّ الله» دخل في الإسلام، وَعَصَم دمه، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حضر وفاة عمه أبي طالب، وكان يقول له: (يا عم قل: لا إله إلاَّ الله، كلمةً أحاجّ لك بها عند الله) ، ولم يذكر الشهادة الثانية، وهي شهادة أن محمداً رسول الله ...

والظاهر لي من الأدلة : أنه إذا شهد أن لا إله إلاَّ الله : فقد دخل في الإسلام، ثم يؤمر بشهادة أن محمداً رسول الله"

انتهى باختصار من "الشرح الممتع" (14/464- 466) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:11   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف يُسْلِم الأخرس والألثغ ؟

السؤال:

إذا أراد الكافر أو المرتد أن يسلم وكان أخرسا أو ألثغا فكيف يسلم؟

الجواب:

الحمد لله

أولا :

توبة كل كافر وكل مرتد : النطق بالشهادتين ، فإذا نطق بالشهادتين ثبت له حكم الإسلام ظاهرا

قال ابن مفلح رحمه الله في "المبدع" (7/ 488):

" (وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ) وَكُلِّ كَافِرٍ (إِسْلَامُهُ ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا يَثْبُتُ بِهِ إِسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، فَكَذَا الْمُرْتَدُّ " انتهى .

ثانيا :

النطق بالشهادتين شرط في دخول الإسلام لمن يقدر على النطق بهما .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فَأَمَّا " الشَّهَادَتَانِ " إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ كَافِرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَجَمَاهِيرِ عُلَمَائِهَا " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 609)

ثالثا :

" (اللثغة): تحول اللِّسَان من حرف إِلَى حرف، و(لثغ) فلَان لثغا: تحول لِسَانه من حرف إِلَى حرف غَيره ، كَأَن يَجْعَل السِّين ثاء أَو الرَّاء غينا، فَهُوَ ألثغ وَهِي لثغاء .

"المعجم الوسيط" (2/ 815) .

وإذا أسلم الألثغ نطق بالشهادتين بحسب ما يقدر عليه ، ولا يضره قلب الراء غينا ، أو قلب السين شينا ، ونحو ذلك ، ما دام قلبه مطمئنا بالإيمان ، قاصدا للنطق بالشهادتين ، على ما أمره الله ، ولا يكلفه الله ما لا طاقة له به ، قال تعالى : ( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) البقرة/286 ، وقال سبحانه وتعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا ) الطلاق/7 .
وقال عز وجل : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن / 16.

قال السعدي رحمه الله :

" هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 868) .

وروى البخاري (7288) ، ومسلم (1337) - واللفظ له - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ ) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" إذا عجز المكلف عن جملة المأمور به أتى بما يقدر عليه منه " .

انتهى من "مدارج السالكين" (1 /382) .

رابعا :

الخَرَسُ : ذَهَابُ الْكَلَامِ عِيّاً أَو خِلْقَةً ، وَهُوَ أَخْرَسُ، وهي خرساء .

"لسان العرب" (6/ 62) .

فالأخرس إذا أراد أن يسلم لم يشترط عليه نطقه بالشهادتين ، إذ كان عاجزا عنه .

ومثله : الأعجمي ، وكل من كان عاجزا عن النطق بالشهادتين ، أو غيرهما من الواجبات القوليه ، لم يكن عليه أن يتكلف ما لا طاقة له به .

قال ابن القيم رحمه الله :

" مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ الْكُلِّيَّةِ أَنَّهُ : " لَا وَاجِبَ مَعَ عَجْزٍ، وَلَا حَرَامَ مَعَ ضَرُورَةٍ " .

انتهى من" إعلام الموقعين" (2/ 17) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وأما الأخرس: فليس من شرط إيمانه نطق لسانه "

انتهى من "المسائل والأجوبة" (ص 131)

وقال القاضي عياض رحمه الله :

" ومذهب أهل السنة : أن المعرفة مرتبطة بالشهادتين ، لا تنفع إحداهما ولا تُنجى من النار دون الأخرى ، إلا لمن لم يقدر عليها من آفة بلسانه ، أو لم تمُهله المدة ليقولها حتى اخْتُرم "

انتهى من "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(1/ 253-254) .

ويكون إسلامه بالكتابة إذا كان يستطيعها ، أو الإشارة بما يدل على صحة دخوله في الإسلام عن رضا وقبول .
روى أحمد (7906) ، وأبو داود (3284) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : "

أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ أَعْجَمِيَّةٍ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عَلَيَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ : ( أَيْنَ اللهُ؟ ) فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ بِإِصْبَعِهَا السَّبَّابَةِ ، فَقَالَ لَهَا: ( مَنْ أَنَا؟ ) فَأَشَارَتْ بِإِصْبَعِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ وَإِلَى السَّمَاءِ، أَيْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: ( أَعْتِقْهَا ) .

حسنه الذهبي في "العلو" (ص16) ، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" .

قال الأبي رحمه الله في "جواهر الإكليل" (2/ 52) :

" ... النطق بها شرط في صحته ، إلا لعجز بخرس أو نحوه ، مع قيام القرينة على تصديقه ، فيحكم له بالإسلام، وتجري عليه أحكامه " انتهى .

وينظر: "الموسوعة الفقهية" (4/ 278) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:14   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف يصلي الأصم الأبكم؟

السؤال:

لدي صديق لا يتحدث اللغة العربية ، وهو أصم وأبكم ، فلا يستطيع تلاوة القرآن . هل تجب عليه التلاوة في الصلاة ?

كيف يقوم بأداء الصلاة في هذه الحالة؟


الجواب :


الحمد لله :

القاعدة العامة في الشريعة : أن من عجز عن شيء من الواجبات سقط عنه ، ولزمه الإتيان بما يقدر عليه منها ؛ لقول الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16].

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق عليه .

وعليه : فالأبكم والأخرس الذي لا يستطيع القراءة : يسقط عنه ما عجز عنه .

فإن كان يحسن أن يسبح أو يذكر الله ، فإنه يسبح ويذكر في مواضع القراءة .

وإن كان يعجز أيضا عن التسبيح ، فلا يعلمه ، ولا يمكنه أن يتعلم بدله : سقط عنه ، ولم يلزمه شيء بدلا من قراءته .

وإن كان يحسن التكبير في مواضعه : لزمه الإتيان به .

فإن كان يعجز عن القول مطلقا ، سقطت عنه جميع الواجبات والأركان القولية في الصلاة ، ويلزمه الإتيان بالواجبات والأركان الفعلية كالقيام والركوع والسجود .

فينوي الدخول في الصلاة بقلبه وهو قائم ، ثم يركع ويسجد ، دون قراءة للقرآن ، ولا تلاوة للأذكار.

وقد سئلت اللجنة الدائمة : كيف يصلي من لا يستطيع أن يتكلم ولا يسمع، أو يتكلم ولا يسمع؟

فقالوا : " يصلي على قدر استطاعته لقوله تعالى: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ، وقوله: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) ، وقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) ، وقوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (6/403) .

واختلف العلماء هل يلزمه مع ذلك تحريك لسانه وشفتيه وقت القراءة والأذكار؟

جاء في "الموسوعة الفقهية " (19/92) :

" مَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ النُّطْقِ لِخَرَسٍ : تَسْقُطُ عَنْهُ الأْقْوَال ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .

وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ تَحْرِيكِ لِسَانِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ.

فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ : لاَ يَجِبُ عَلَى الأْخْرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ ، وَإِنَّمَا يُحْرمُ لِلصَّلاَةِ بِقَلْبِهِ ؛ لأِنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ عَبَثٌ ، وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِهِ .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجِبُ عَلَى الأْخْرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْه وَلَهَاتِهِ بِالتَّكْبِيرِ قَدْرَ إِمْكَانِهِ ، قَال فِي الْمَجْمُوعِ : وَهَكَذَا حُكْمُ تَشَهُّدِه ، وَسَلاَمِهِ ، وَسَائِرِ أَذْكَارِهِ ، قَال ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَالْمَرِيضِ .

لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَرَسِ الطَّارِئِ ، أَمَّا الْخَرَسُ الْخِلْقِيُّ فَلاَ يَجِبُ مَعَهُ تَحْرِيكُ شَيْءٍ" . انتهى.

وما ذهب إليه جمهور العلماء من سقوط التحريك هو الأقرب .

قال ابن قدامة المقدسي :

" فَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ ، أَوْ عَاجِزًا عَنْ التَّكْبِيرِ بِكُلِّ لِسَانٍ : سَقَطَ عَنْهُ ... ولَمْ يَلْزَمْهُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ فِي مَوْضِعِهِ كَالْقِرَاءَةِ ...؛ لِأَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ : عَبَثٌ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ ، فَلَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ ، كَالْعَبَثِ بِسَائِرِ جَوَارِحِهِ "

انتهى من "المغني" بتصرف (2/130).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقِرَاءَةَ ، وَلَا الذِّكْرَ ، أَوْ الْأَخْرَسُ : لَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ حَرَكَةً مُجَرَّدَةً ، وَلَوْ قِيلَ إنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ كَانَ أَقْرَبَ ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ يُنَافِي الْخُشُوعَ ، وَزِيَادَةٌ عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوعِ"

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/ 336)

والحاصل :

أنه يأتي بما يستطيع من أركان الصلاة ، ويسقط عنه ما عجز عن عنه من التكبير وقراءة الفاتحة وأذكار الركوع والسجود والتشهد .

وهذا عام في جميع أحواله : فكل ما عجز عنه : لا يؤاخذ به .

قال الشيخ ابن عثيمين :

" الأصم الأبكم من فقد حاستين من حواسه ، وهما السمع والنطق ، ولكن بقي عليه النظر ، فما كان يدركه من دين الإسلام بالنظر ؛ فإنه لا يسقط عنه ، وما كان لا يدركه ؛ فإنه يسقط عنه .

أما ما كان طريقه السمع ، إذا كان لا يدركه بالإشارة : فإنه يسقط عنه .

وعلى هذا : فإذا كان لا يفهم شيئاً من الدين فإننا نقول : إذا كان أبواه مسلمين أو أبوه أو أمه فهو مسلم تبعاً لهما ، وإن كان بالغاً عاقلاً مستقلاً بنفسه فأمره إلى الله ، لكنه ما دام يعيش بين المسلمين ، فإننا نحكم له ظاهراً بالإسلام ، يُعلم بعض الأشياء بالإشارة .."

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (11/22، بترقيم الشاملة آليا).

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:17   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وجوب التكاليف على الأصم والأبكم

السؤال

هل الصم والبكم مكلفون وعليهم أداء الواجبات الشرعية ؟.

الجواب

الحمد لله

أوضح سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن الولد الأبكم والأصم إذا كان قد بلغ الحلم يعتبر مكلفاً بأنواع التكاليف من الصلاة وغيرها ، وأضاف أنه يعلم ما يلزمه بالكتابة والإشارة لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب التكاليف على من يبلغ الحلم وهو عاقل

ويحصل البلوغ بإكمال خمسة عشر عاماً أو بإنزال مني عن شهوة في الاحتلام أو غيره وبإنبات الشعر الخشن من حول الفرج وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو الحيض .

ودعا سماحته ولي أمر الأصم الأبكم إلى أن يؤدي عنه ما يلزمه من زكاة وغيرها من الحقوق المالية وعليه أن يعلمه ما يخفى عليه بالطرق الممكنة حتى يفهم ما أوجب الله عليه وما حرم عليه .

واستشهد سماحته بقول الله سبحانه : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) وبين سماحته أن المكلف الذي لا يسمع أو لا ينطق أو قد أصيب بالصمم والبكم عليه أن يتقي الله ما استطاع بفعل الواجبات وترك المحرمات . إن عليه أن يتفقه في الدين حسب قدرته بالمشاهدة والكتابة والإشارة حتى يفهم المطلوب .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/336.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:21   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هو المكلف الملزم بالدخول في الإسلام، والعمل بشريعته ؟

السؤال:

1. من هو المكلف الملزم بدخول الإسلام والعمل بشرعيته؟ ٢.

هل يشترط للدخول في دين الإسلام لفظ: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟


الجواب:

الحمد لله


أولا :

المكلف الملزم بالدخول في الإسلام والعمل بشريعته: هو العاقل البالغ ، الذي بلغته دعوة الإسلام ، وأقيمت عليه الحجة.
روى أبو داود (4403) والترمذي (1423) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ )

وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (4/36) :

" ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَنَاطَ التَّكْلِيفِ فِي الإْنْسَانِ هُوَ الْبُلُوغُ ، وَلَيْسَ التَّمْيِيزَ ، وَأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْوَاجِبَاتِ ، وَلاَ يُعَاقَبُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهَا ، أَوْ بِفِعْل شَيْءٍ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الآْخِرَةِ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ ) " انتهى .

وجاء فيها أيضا (30/ 264):

" أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَقْل هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ فِي الإْنْسَانِ، فَلاَ تَجِبُ عِبَادَةٌ مِنْ صَلاَةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى مَنْ لاَ عَقْل لَهُ كَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا بَالِغًا " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" ... فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ : قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إلَّا بَعْدَ إبْلَاغِ الرِّسَالَةِ، فَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ جُمْلَةً لَمْ يُعَذِّبْهُ رَأْسًا، وَمَنْ بَلَغَتْهُ جُمْلَةً دُونَ بَعْضِ التَّفْصِيلِ : لَمْ يُعَذِّبْهُ إلَّا عَلَى إنْكَارِ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية. وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) وَقَوْلِهِ: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي) الْآيَةَ. وَقَوْلِهِ: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) وَقَوْلِهِ: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (12/ 493)

ثانيا :

النطق بالشهادتين شرط في الدخول في الإسلام، لمن يقدر على النطق بهما .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فَأَمَّا " الشَّهَادَتَانِ " إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ كَافِرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَجَمَاهِيرِ عُلَمَائِهَا "
.
انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 609)

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:25   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: ما هو مصير الخنثى يوم القيامة ؟

السؤال:


ما حكم المخنثين في الآخرة ، وهل سيدخلون الجنة ، وكيف ستكون هيئتهم أو شكلهم ؟

الجواب :

الحمد لله


الجنس البشري نوعان : ذكر وأنثى ، ولا ثالث لهما .

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) النساء/ 1 .

وقال تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) القيامة/ 36 – 39 .

والخنثى ليس بنوع ثالث، إنما مرده إلى أحد النوعين ، فهو في الحقيقة إما ذكر ، وإما أنثى ، وإنما أشكل حاله علينا.

قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) :

" حَصَرَ ذُرِّيَّتَهُمَا فِي نَوْعَيْنِ ، فَاقْتَضَى أَنَّ الْخُنْثَى لَيْسَ بِنَوْعٍ ، لَكِنْ لَهُ حَقِيقَةٌ تَرُدُّهُ إِلَى هَذَيْنَ النَّوْعَيْنِ وَهِيَ الْآدَمِيَّةُ ، فَيَلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا "

انتهى من "تفسير القرطبي" (5/ 2) .

وقد أخبر الله تعالى أن الناس يوم القيامة فريقان اثنان لا ثالث لهما ، فقال عز وجل : (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) الشورى/ 7 .

وأخبر عن أهل الجنة أنهم قسمان : مؤمنين ومؤمنات ، ولا ثالث لهما .

كما أخبر عن أهل النفاق ، وأهل الكفر والإشراك أنهما قسمان ، ولا ثالث لهما ، فقال تعالى :

( لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا * وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) الفتح/ 5، 6 .

فعُلم بذلك أن مردّ الخلق جميعا إلى الذكورة والأنوثة ، وإلى الجنة والنار .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:31   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى عن الأمانة
: ( وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) .


السؤال :

ما معنى الآية في سورة الأحزاب : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ) ؟

وهل صحيح أننا خيرنا بين خلافة الأرض وحرية الاختيار وعليه لم نوفق لاختيار الأنسب لنا ؟

وهل صحيح أن الأمانة عرضت علينا قبل أن نوجد ثم بعد أن أتينا إلى الوجود محي ذلك من ذاكرتنا ؟ هل يعني ذلك أنني سئلت ذلك وأجبت بنعم قبل أن أوجد في هذه الحياة ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

قال الله عز وجل : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب / 72 .

فعرض الله تعالى طاعته وفرائضه وحدوده على السموات والأرض والجبال ، على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت ، وإن ضيعت عوقبت ، فأبت حملها إشفاقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها ، وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا .
\
قال الواحدي :

" والأمانة في هذه الآية في قول جميعهم: الطاعة والفرائض التي يتعلق بأدائها الثواب وبتضييعها العقاب .."

انتهى من "التفسير البسيط" (18/302) .

وقال السعدي في تفسيره ( ص 674) :

" يعظم تعالى شأن الأمانة ، التي ائتمن الله عليها المكلفين ، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السر والخفية ، كحال العلانية ، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة ، السماوات والأرض والجبال ، عرض تخيير لا تحتيم ، وأنك إن قمت بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلك الثواب، وإن لم تقومي بها، ولم تؤديها فعليك العقاب.

{فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} أي: خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ، لا عصيانًا لربهن ، ولا زهدًا في ثوابه ، وعرضها الله على الإنسان، على ذلك الشرط المذكور، فقبلها، وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل. فانقسم الناس -بحسب قيامهم بها وعدمه- إلى ثلاثة أقسام:

منافقون ، أظهروا أنهم قاموا بها ظاهرًا لا باطنًا، ومشركون ، تركوها ظاهرًا وباطنًا، ومؤمنون، قائمون بها ظاهرًا وباطنًا.

فذكر الله تعالى أعمال هؤلاء الأقسام الثلاثة ، وما لهم من الثواب والعقاب فقال: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .

فله الحمد تعالى ، حيث ختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين، الدالين على تمام مغفرة الله، وسعة رحمته، وعموم جوده، مع أن المحكوم عليهم، كثير منهم، لم يستحق المغفرة والرحمة، لنفاقه وشركه" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" المراد بالأمانة هنا: كل ما كلف به الإنسان من العبادات والمعاملات فإنها أمانة، لأنه مؤتمن عليها وواجب عليه أداؤها، فالصلاة من الأمانة ، والزكاة من الأمانة، والصيام من الأمانة ، والحج من الأمانة، والجهاد من الأمانة ، وبر الوالدين من الأمانة، والوفاء بالعقود من الأمانة ، وهكذا جميع ما كلف به الإنسان فهو داخل في الأمانة "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (5/ 2) بترقيم الشاملة .

ثانيا :

قوله تعالى : ( وحملها الإنسان ) المقصود بالإنسان: آدم عليه السلام ، فقد روى الطبري في تفسيره (19/ 197) بسند صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ) قَالَ: " عُرِضَتْ عَلَى آدَمَ، فَقَالَ: خُذْهَا بِمَا فِيهَا، فَإِنْ أَطَعْتَ غَفَرْتُ لَكَ، وَإِنْ عَصِيتَ عَذَّبْتُكَ، قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ، فَمَا كَانَ إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى أَصَابَ الْخَطِيئَةَ " .

وكذا قال الضحاك بن مزاحم وجويبر وابن زيد وغيرهم .

انظر : "تفسير الطبري" (19/196-200) ، "تفسير ابن كثير" (6/488) ، "تفسير القرطبي" (14/257) .

فليس معنى الآية أن الله تعالى عرض علينا الأمانة قبل أن نوجد ونخلق ، ونحن في علم الغيب ، فاخترنا تحملها ، ثم لما خلقنا نسينا هذا التخيير ، الذي لم نوفق فيه ، فهذا غير صحيح ، لعدة أوجه :

أولا :

أنه قول لا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه .

ثانيا :

المراد بالإنسان في الآية هو آدم أبو البشر عليه السلام كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من السلف ، فليس كل الناس خيروا فاختاروا أجمعون تحملها ، وإنما اختار تحملها أبوهم ، وكانوا له في ذلك تبعا
.
ثالثا :

هذا الاختيار الحاصل هو في الحقيقة تشريف من الله تعالى ، وتوفيق منه لآدم عليه السلام وذريته ، لأن تحمل الأمانة والقيام بأعمال العبودية لله ، من صلاة وصيام وزكاة وذكر وبر وحسن خلق وغير ذلك : هو من باب الكرامة والتشريف والتوفيق ، وليس بسبب عدم التوفيق في الاختيار .

وقد قيل : إن الإنسان لم يخير ، وإنما أخبر الله تعالى أنه حملها ، ولم يخبر أنه خيره ، فحمّله الله إياها إكراما له وتشريفا، لكنه قصّر في تحملها، قال القرطبي رحمه الله :

" هَذَا الْعَرْضُ على السموات والأرض والجِبال عَرْضُ تَخْيِيرٍ لَا إِلْزَامٍ. وَالْعَرْضُ عَلَى الْإِنْسَانِ إِلْزَامٌ "

انتهى من " تفسير القرطبي " (14/ 255) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

" وجُمْلَةُ : ( إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) ... ليست تَعْلِيلِيَّةً ؛ لأن تَحَمُّلَ الْأَمَانَةِ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِ الْإِنْسَانِ ، فَكَيْفَ يُعَلَّلُ بِأَنَّ حَمْلَهُ الْأَمَانَةَ مِنْ أَجْلِ ظُلْمِهِ وَجَهْلِهِ.

فَمَعْنَى (كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) أَنَّهُ قَصَّرَ فِي الْوَفَاءِ بِحَقِّ مَا تَحَمَّلَهُ تقصيرا: بعضه عَن عَمْدٍ ، وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بِوَصْفِ ظَلُومٍ، وَبَعْضُهُ عَنْ تَفْرِيطٍ فِي الْأَخْذِ بِأَسْبَابِ الْوَفَاءِ ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِكَوْنِهِ جَهُولًا، فَظَلُومٌ مُبَالَغَةٌ فِي الظُّلْمِ وَكَذَلِكَ جَهُولٌ مُبَالَغَةٌ فِي الْجَهْلِ.

وَالظُّلْمُ: الِاعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ وَأُرِيدُ بِهِ هُنَا الِاعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ الْمُلْتَزَمِ لَهُ بِتَحَمُّلِ الْأَمَانَةِ، وَهُوَ حَقُّ الْوَفَاءِ بِالْأَمَانَةِ.
وَالْجَهْلُ: انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِمَا يَتَعَيَّنُ عِلْمُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا انْتِفَاءُ عِلْمِ الْإِنْسَانِ بِمَوَاقِعِ الصَّوَابِ فِيمَا تَحَمَّلَ بِهِ، فَقَوْلُهُ: (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) : مُؤْذِنٌ بِكَلَامٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ هُوَ عَلَيْهِ ، إِذِ التَّقْدِيرُ: وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ فَلَمْ يَفِ بِهَا إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا، وَلَوْلَا هَذَا التَّقْدِيرُ لَمْ يَلْتَئِمِ الْكَلَامُ ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمْ يُحَمَّلِ الْأَمَانَةَ بِاخْتِيَارِهِ ، بَلْ فُطِرَ عَلَى تَحَمُّلِهَا.

وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ ظَلُوماً جَهُولًا فِي فِطْرَتِهِ ، أَيْ فِي طَبْعِ الظُّلْمِ، وَالْجَهْلِ ؛ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لَهُمَا ، مَا لَمْ يَعْصِمْهُ وَازِعُ الدِّينِ، فَكَانَ مِنْ ظُلْمِهِ وَجَهْلِهِ أَنْ أَضَاعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةَ الَّتِي حَمَلَهَا "

انتهى من "التحرير والتنوير" (22/ 129) .

فليس المعنى أنه ظلوم جهول لأنه اختار تحمل الأمانة، بل لأنه لم يف بها .

وبكل حال :

فهذا تحمل تشريف وتوفيق وكرامة ، وليس هو من عدم التوفيق والخذلان ، ولكن من تحمل الأمانة فأداها فقد وفق حقا ورزق خيري الدنيا والآخرة ، ومن تحملها فلم يؤدها : فهذا هو المخذول غير الموفق .

فعدم التوفيق في عدم أداء الأمانة ، لا في تحملها .

والتوفيق كل التوفيق في تحملها وأدائها .

قال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر أو أنثى من بني آدم ، وقلبه مؤمن بالله ورسوله ، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله - بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة ، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت"

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4 /601) .

فالخلاصة :

أن تحمل الأمانة تحمل تشريف وتوفيق ، وإنما الخذلان في عدم أدائها ، لا في تحملها .
والذي عرضت عليه فقبلها وتحملها هو آدم عليه السلام ، ثم تحملتها ذريته من بعده.

والقول بأن الله تعالى أوجد الخلق كلهم في عالم الغيب قبل أن يخلقهم ، فعرض عليهم الأمانة ، فقبلوا تحملها جميعا ، ثم لما أوجدهم نسوا هذا العرض وهذا التحمل : قول غير صحيح ، ولا دليل عليه .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-15, 07:35   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما المقصود بالأمانة في قول الله تعالى :
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ)؟


السؤال

: ما هي الأمانة التي عرضها الله سبحانه وتعالي علي السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا .


الجواب :

الحمد لله


عرض الله تعالى طاعته وفرائضه وحدوده على السموات والأرض والجبال على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت ، وإن ضيعت عوقبت ، فأبت حملها إشفاقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها ، وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا .

هذا هو تفسير قول الله عز وجل : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب / 72 .

وتفسير الأمانة بالتكاليف الشرعية هو قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم وابن زيد وأكثر المفسرين .

راجع : "تفسير الطبري" (20 /336- 340) – "تفسير ابن كثير" (6 / 488-489) – "الجامع لأحكام القرآن" (14 /252- 253) – "فتح القدير" (4/437) .

قال قتادة : الأمانة : الدين والفرائض والحدود .

وقيل : بل عنى بالأمانة في هذا الموضع : أمانات الناس .

وقال بعضهم : الغسل من الجنابة .

وقال زيد بن أسلم : الأمانة ثلاثة : الصلاة ، والصوم ، والاغتسال من الجنابة .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها ، بل هي متفقة وراجعة إلى أنها التكليف ، وقبول الأوامر والنواهي بشرطها ، وهو أنه إن قام بذلك أثيب ، وإن تركها عُوقِبَ ، فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه ، إلا مَنْ وفق اللَّهُ " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (6 / 489) .

وقال الطبري رحمه الله :

" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قاله الذين قالوا: إنه عُنِي بالأمانة في هذا الموضع: جميع معاني الأمانات في الدين وأمانات الناس وذلك أن الله لم يخص بقوله : (عَرَضْنَا الأمَانَةَ) بعض معاني الأمانات لما وصفنا"

انتهى . "تفسير الطبري" (20 / 342) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" الأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال ، وهو قول الجمهور " انتهى .

"الجامع لأحكام القرآن" (14 / 252)

وقال السعدي رحمه الله :

" جميع ما أوجبه الله على عبده أمانة ، على العبد حفظها بالقيام التام بها ، وكذلك يدخل في ذلك أمانات الآدميين ، كأمانات الأموال والأسرار ونحوهما ، فعلى العبد مراعاة الأمرين ، وأداء الأمانتين ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 547) .

وقال الشنقيطي رحمه الله :

" ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه عرض الأمانة ، وهي التكاليف مع ما يتبعها من ثواب وعقاب على السماوات والأرض والجبال ، وأنهن أبين أن يحملنها وأشفقن منها ، أي : خفن من عواقب حملها أن ينشأ لهن من ذلك عذاب الله وسخطه ، وهذا العرض والإباء والإشفاق كله حق ، وقد خلق الله للسماوات والأرض والجبال إدراكا يعلمه هو جل وعلا ، ونحن لا بعلمه ، وبذلك الإدراك أدركت عرض الأمانة عليها ، وأبت وأشفقت ، أي : خافت "

انتهى . "أضواء البيان" (36 / 139) .

والخلاصة :

أن الأمانة المذكورة في هذه الآية الكريمة ، والتي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال ، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ، وحملها الإنسان ، هي التكاليف الشرعية ، سواء في ذلك حقوق الله تعالى ، وحقوق عباده ، فمن أدى حق الله وحق عباده أثيب ، ومن فرط في حق الله وحق عباده استحق العقاب .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 16:18   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



لماذا يصوم المسلمون ؟

السؤال

أعيش في بريطانيا وكثيراً ما يسألني غير المسلمين لماذا يصوم المسلمون ؟ فماذا أقول لهم ؟.


الجواب


الحمد لله

أولاً :

نصوم – نحن المسلمين- شهر رمضان لأن الله تعالى أمرنا بذلك ، بقوله سبحانه تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183.

فنحن نتعبد لله تعالى بهذه العبادة المحبوبة إلى الله تعالى ، والتي أمرنا بها .

والمؤمن يبادر إلى امتثال أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عملاً بقوله تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور/51.

وقوله : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب /36.

ثانياً :

"من حكمة الله عز وجل ، أن الله نوع العبادات في التكليف ؛ ليختبر المكلف كيف يكون امتثاله لهذه الأنواع ، فهل يمتثل ويقبل ما يوافق طبعه ، أو يمتثل ما به رضا الله عز وجل ؟ فإذا تأملنا العبادات الخمس : الشهادة والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج وجدنا أن بعضها بدني محض ، وبعضها مالي محض ، وبعضها مركب ، حتى يتبين الشحيح من الجواد ، فربما يهون على بعض الناس أن يصلي ألف ركعة ، ولا يبذل درهما ، وربما يهون على بعض الناس أن يبذل ألف درهم ولا يصلي ركعة واحدة .

فجاءت الشريعة بالتقسيم والتنويع حتى يعرف من يمتثل تعبدا لله ، ومن يمتثل تبعا لهواه .

فالصلاة مثلا عبادة بدنية محضة وما يجب لها مما يحتاج إلى المال كماء الوضوء الذي يشتريه الإنسان ، والثياب لستر العورة تابع ، وليس داخلا في صلب العبادة .

والزكاة : مالية محضة ، وما تحتاج إليه من عمل بدني كإحصاء المال وحسابه ، ونقل الزكاة إلى الفقير والمستحق فهو تابع ، وليس داخلا في صلب العبادة .

والحج : مركب من مال وبدن إلا في أهل مكة فقد لا يحتاجون إلى المال ، لكن هذا شيء نادر ، أو قليل بالنسبة لغير أهل مكة .

والجهاد في سبيل الله : مركب من مال وبدن ، ربما يستحق المال وربما يستحق البدن .

والتكليف أيضا ينقسم إلى : كف عن المحبوبات ، وإلى بذل للمحبوبات ، وهذا نوع من التكليف أيضا .

كف عن المحبوبات مثل : الصوم ، وبذل للمحبوبات كالزكاة ؛ لأن المال محبوب إلى النفس ، فلا يبذل المال المحبوب إلى النفس إلا لشيء أحب منه .

وكذلك الكف عن المحبوبات ، وربما يهون على المرء أن ينفق ألف درهم ، ولا يصوم يوما واحدا أو بالعكس"

اهـ قاله الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/190).

ثالثاً :

سئل الشيخ ابن عثيمين عن الحكمة من إيجاب الصوم ؟

فأجاب :

إذا قرأنا قول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة /183 ، عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم ، وهي التقوى والتعبد لله سبحانه وتعالى، والتقوى هي ترك المحارم وهو عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك المحظور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) رواه البخاري (6057) .

وعلى هذا يتأكد على الصائم القيام بالواجبات وكذلك اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال ، فلا يغتاب الناس ولا يكذب ، ولا ينم بينهم ، ولا يبيع بيعا محرما ، ويجتنب جميع المحرمات ، وإذا فعل الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام . ولكن المؤسف أن كثيرا من الصائمين لا يفرقون بين يوم صومهم ويوم فطرهم فهم على العادة التي هم عليها من ترك الواجبات وفعل المحرمات ، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم ، وهذه الأفعال لا تبطل الصوم ، ولكن تنقص من أجره ، وربما عند المعادلة ترجح على أجر الصوم فيضيع ثوابه اهـ .

"فتاوى أركان الإسلام" (ص 451) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 16:22   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحكمة من مشروعية الصيام

السؤال

ما الحكمة من مشروعية الصيام ؟.


الجواب

الحمد لله

لا بد أولاً أن نعلم أن الله تعالى من أسمائه الحسنى ( الحكيم ) والحكيم مشتق من الحُكْم ومن الحِكْمة .

فالله تعالى له الحكم وحده ، وأحكامه سبحانه في غاية الحكمة والكمال والإتقان .

ثانياً :

أن الله تعالى لم يشرع حكماً من الأحكام إلا وله فيه حكم عظيمة ، قد نعلمها ، وقد لا تهتدي عقولنا إليها ، وقد نعلم بعضها ويخفى علينا الكثير منها .

ثالثاً :

قد ذكر الله تعالى الحكمة من مشروعية الصيام وفرضِه علينا في قوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183 .

فالصيام وسيلة لتحقيق التقوى ، والتقوى هي فعل ما أمر الله تعالى به ، وترك ما نهى عنه .

فالصيام من أعظم الأسباب التي تعين العبد على القيام بأوامر الدين .

وقد ذكر العلماء رحمهم الله بعض الحكم من مشروعية الصيام ، وكلها من خصال التقوى ، ولكن لا بأس من ذكرها ، ليتنبه الصائم لها ، ويحرص على تحقيقها .

فمن حكم الصوم :

1- أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى شُكْرِ النِّعْم , فالصيام هُوَ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ , وهذه مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَعْلاهَا , وَالامْتِنَاعُ عَنْهَا زَمَانًا مُعْتَبَرًا يُعَرِّفُ قَدْرَهَا , إذْ النِّعَمُ مَجْهُولَةٌ , فَإِذَا فُقِدَتْ عُرِفَتْ, فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى قَضَاءِ حَقِّهَا بِالشُّكْرِ .

2- أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى ترك المحرمات , لأَنَّهُ إذَا انْقَادَتْ النَفْسٌ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَلالِ طَمَعًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى , وَخَوْفًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ , فَأَوْلَى أَنْ تَنْقَادَ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَرَامِ , فَكَانَ الصَّوْمُ سَبَبًا لاتِّقَاءِ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى .

3- أَنَّ فِي الصَّوْمِ التغلب على الشَّهْوَةِ , لأَنَّ النَّفْسَ إذَا شَبِعَتْ تَمَنَّتْ الشَّهَوَاتِ , وَإِذَا جَاعَتْ امْتَنَعَتْ عَمَّا تَهْوَى , وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ : مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ; فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ , وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ , فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) .

4- أَنَّ الصَّوْمَ مُوجِبٌ لِلرَّحْمَةِ وَالْعَطْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ , فَإِنَّ الصَّائِمَ إذَا ذَاقَ أَلَمَ الْجُوعِ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ , ذَكَرَ مَنْ هَذَا حَالُهُ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ , فَتُسَارِعُ إلَيْهِ الرِّقَّةُ عَلَيْهِ , وَالرَّحْمَةُ بِهِ , بِالإِحْسَانِ إلَيْهِ , فكان الصوم سبباً للعطف على المساكين .

5- فِي الصَّوْمِ قَهْرٌ لِلشَّيْطَانِ ، وإضعاف له , فتضعف وسوسته للإنسان ، فتقل منه المعاصي ، وذلك لأن ( الشَّيْطَان يَجْرِيَ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ ) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فبالصيام تضيق مجاري الشيطان فيضعف ، ويقل نفوذه .

قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/246) :

ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب ، وإذا أكل أو شرب اتسعت مجاري الشياطين - الذي هو الدم - وإذا صام ضاقت مجاري الشياطين ، فتنبعث القلوب إلى فعل الخيرات ، وترك المنكرات اهـ بتصرف .

6- أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه ، لعلمه باطلاع الله عليه .

7- وفي الصيام التزهيد في الدنيا وشهواتها ، والترغيب فيما عند الله تعالى .

8- تعويد المؤمن على الإكثار من الطاعات ، وذلك لأن الصائم في الغالب تكثر طاعته فيعتاد ذلك .

فهذه بعض الحكم من مشروعية الصيام ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لتحقيقها ويعيننا على حسن عبادته.

والله أعلم .

انظر : تفسير السعدي (ص 116) ، حاشية ابن قاسم على الروض المربع (3/344) ، الموسوعة الفقهية (28/9) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 16:25   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القصاص بين البهائم يوم القيامة

السؤال

سمعت أن هناك قصاصاً بين الحيوانات يوم القيامة ، فهل هذا صحيح ؟ وإذا كان صحيحاً فكيف يحصل لها ذلك وهي غير مكلفة ؟.

الجواب

الحمد لله

جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي له شواهد وطرق كثيرة - قوله : ( يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم ، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء ، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله : كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر : " يا ليتني كنت تراباً " .

صححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 1966

ومن الطرق التي ذكرها للحديث :

- ( يقتص الخلق بعضهم من بعض ، حتى الجماء من القرناء ، وحتى الذّرة من الذرة )

- عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً ، وشاتان تقترنان ، فنطحت إحداهما الأخرى فأجهضتها ، قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له : ما يضحكك يا رسول الله ! قال : " عجبت لها ، والذي نفسي بيده ، ليقادنّ لها يوم القيامة "

- ( يا أبا ذر ! هل تدري فيم تنتطحان ؟ قال : لا ، قال : لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما )

قال النووي في شرح مسلم تحت حديث الترجمة :

( هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة ، وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين ، وكما يعاد الأطفال والمجانين ، ومن لم تبلغه الدعوة ، وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن والسنة ، قال الله تعالى : ( وإذا الوحوش حشرت ) ، وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع ، وجب حمله على ظاهره ، قال العلماء : وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب ، وأما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف ، إذ لا تكليف عليها ، بل هو قصاص مقابلة ، و( الجلحاء ) بالمد هي الجماء التي لا قرن لها ، والله أعلم . انتهى .

ونقل عنه العلامة الشيخ علي القاري في المرقاة ( 4/761 ) أنه قال :

( فإن قيل : الشاة غير مكلفة ، فكيف يقتص منها ؟ قلنا : إن الله تعالى فعال لما يريد ، ولا يسأل عما يفعل ، والغرض منه إعلام العباد أن الحقوق لا تضيع ، بل يقتص حق المظلوم من الظالم ) .

قال القاري : ( وهو وجه حسن وتوجيه مستحسن ... ، وجملة الأمر أن القضية دالة بطريق المبالغة على كمال العدالة بين كافة المكلفين ، فإنه إذا كان هذا حال الحيوانات الخارجة عن التكليف ، فكيف بذوي العقول من الوضيع والشريف ، والقوي والضعيف ؟)

انظر السلسلة الصحيحة ص 612.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 16:29   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ضلال المعتزلة في الاعتماد على العقل

السؤال:

أعطت المعتزلة أهمية كبيرة للعقل كمصدر للعلم والمعرفة ، فما سبب اعتراض الكثير من السلمين على ذلك؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

الإسلام أعلى من شأن العقل، ورفع مكانته، وخاطبه بالتكاليف الشرعية، وجعله مناطا لها، وأمر بالتفكر والتذكر، وأثنى على أهله، كما قال سبحانه: (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) البقرة/269 ، وقال تعالى: (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) الرعد/19، وقال تعالى: (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) إبراهيم/52، وقال تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) ص/29، وقال تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) الزمر/18 .

قال الشاطبي رحمه الله: " مورد التكليف هو العقل، وذلك ثابت قطعًا بالاستقراء التام؛ حتى إذا فُقِدَ : ارتفع التكليف رأسًا، وعد فاقده كالبهيمة المهملة"

انتهى من "الموافقات "(3/209).

ودور العقل هو التفكر في النصوص ، وتدبر الوحي المعصوم، لا التحكم في النصوص، ولا محاكمتها.

وهذا من وسطية الإسلام، فلا هو يلغي العقل، كما تفعل الصوفية وأشبهاهها، ولا يجعله حكما على الوحي ، كما تفعل المعتزلة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان هذه الوسطية، وبيان منزلة العقل:

" ولما أعرض كثير من أرباب الكلام والحروف، وأرباب العمل والصوت ، عن القرآن والإيمان : تجدهم في العقل على طريق :

كثير من المتكلمة يجعلون العقل وحده أصل علمهم ، ويفردونه ، ويجعلون الإيمان والقرآن تابعين له . والمعقولات عندهم هي الأصول الكلية الأولية المستغنية بنفسها عن الإيمان والقرآن .

وكثير من المتصوفة يذمون العقل ويعيبونه ، ويرون أن الأحوال العالية والمقامات الرفيعة لا تحصل إلا مع عدمه، ويقرون من الأمور بما يكذب به صريح العقل . ويمدحون السكر والجنون والوله وأمورا من المعارف والأحوال التي لا تكون إلا مع زوال العقل والتمييز، كما يصدقون بأمور يعلم بالعقل الصريح بطلانها ممن لم يُعلم صدقه.

وكلا الطرفين مذموم ، بل العقل شرط في معرفة العلوم ، وكمال وصلاح الأعمال، وبه يكمل العلم والعمل ؛ لكنه ليس مستقلا بذلك ؛ بل هو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين ؛ فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار.

وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها.

وإن عزل بالكلية : كانت الأقوال والأفعال مع عدمه : أموراً حيوانية قد يكون فيها محبة ووجد وذوق كما قد يحصل للبهيمة .

فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل : ناقصة ، والأقوال المخالفة للعقل باطلة . والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه، لم تأت بما يُعلم بالعقل امتناعه.

لكنِ المسرفون فيه قضوا بوجوب أشياء وجوازها وامتناعها ، لحجج عقلية بزعمهم اعتقدوها حقا، وهي باطل، وعارضوا بها النبوات وما جاءت به.

والمعرضون عنه صدقوا بأشياء باطلة ، ودخلوا في أحوال وأعمال فاسدة ، وخرجوا عن التمييز الذي فضل الله به بني آدم على غيرهم"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/338).

وينظر للفائدة : "منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد" عثمان علي حسن (1/157-182) .

ثانيا:

تبين بما سبق : أن ضلال المعتزلة إنما كان بمبالغتهم في تعظيم العقل ، حتى قدموه على نصوص الشرع ، وأدخلوه فيما ليس في حدوده ، ولا في طوقه ، ولا هو تحت سلطانه ، من التحكم في أمور الغيب ، والقضاء فيها بمجرد النظر العقلي .

وعامة أصول المعتزلة التي انحرفوا فيها عن منهج الكتاب والسنة، كان رائدهم فيها هو ما ظنوه معقولا ، كنفي الصفات ، والقول بالمنزلة بين المنزلتين ، وإنكار خلق أفعال العباد ، ونفي رؤية الله في الآخرة ، والزعم بأن القرآن مخلوق ، وغير ذلك من ضلالاتهم ، ولهذا أعرض أهل السنة والجماعة عنهم، وعلموا قبح معارضة الوحي بالأقيسة والخيالات التي يظن أصحابها أنها معقولات ، وإلا فالعقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح ، ولا تأتي الشريعة بشيء من محالات العقول ، لكن قد تأتي بما تحار فيه العقول.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وغيره كله حق يصدق بعضه بعضا، وهو موافق لفطرة الخلائق، وما جعل فيهم من العقول الصريحة، والقصود الصحيحة، لا يخالف العقل الصريح، ولا القصد الصحيح، ولا الفطرة المستقيمة، ولا النقل الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإنما يظن تعارضها : من صدق بباطل من النقول، أو فهم منه ما لم يدل عليه، أو اعتقد شيئا ظنه من العقليات وهو من الجهليات، أو من الكشوفات وهو من الكسوفات ، إن كان ذلك معارضا لمنقول صحيح، وإلا عارض بالعقل الصريح، أو الكشف الصحيح، ما يظنه منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون كذبا عليه، أو ما يظنه لفظا دالا على شيء ، ولا يكون دالا عليه "

انتهى ممن "الرسالة العرشية" (ص: 35).

وقال أيضا: " ما خالف العقل الصريح فهو باطلٌ . وليس في الكتاب والسنَّةِ والإجماع باطل ، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعضُ النَّاس ، أو يفهمون منها معنى باطلاً ، فالآفةُ منهم ، لا من الكتاب والسُّنَّة "

انتهى من "مجموع الفتاوى" ( 11 / 490 ).

وقال ابن القيم رحمه الله :

"الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يخبروا بما تحيله العقول وتقطع باستحالته ، بل أخبارهم قسمان:

أحدهما : ما تشهد به العقول والفطر.

الثاني: ما لا تدركه العقول بمجردها ، كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الآخر وتفاصيل الثواب

والعقاب ، ولا يكون خبرهم محالا في العقول أصلا ، وكل خبر يظن أن العقل يحيله ، فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون الخبر كذبا عليهم ، أو يكون ذلك العقل فاسدًا ، وهو شبهة خيالية ، يظن صاحبها أنها معقول صريح "

انتهى من "الروح" (ص 62) .

والحاصل أن العقل له دوره وأهميته، لكن من عارض به الوحي، وأقحمه في غير مجاله، ضل عن سواء السبيل.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعه الفقه الاسلامي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:10

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc