الأخلاق - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الأخلاق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-06-02, 22:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة الأخلاق

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




اهلا و مرحبا بكم في سلسلة جديدة


الأخلاق أهميتها وفوائدها


الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على هديه إلى يوم الدين، وبعد: فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثت لأتممَ مكارم الأخلاق» سنن البيهقي، وصححه الألباني في الصحيحة.

فكأن مكارمَ الأخلاق بناء شيَّده الأنبياء، وبُعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتم هذا البناء، فيكتمل صرح مكارم الأخلاق ببِعثته صلى الله عليه وسلم ولأن الدِّينَ بغير خُلق كمحكمة بغير قاضٍ، كذلك فإن الأخلاقَ بغير دِين عبث، والمتأمل في حال الأمَّة اليوم يجد أن أَزْمَتَها أزمةٌ أخلاقية؛ لذلك نتناول في هذه السلسلة بعضَ المفاهيم الأخلاقية، وبعضَ محاسن الأخلاق التي يجب على المسلم أن يتحلى بها، ومساوئ الأخلاق التي يجبُ على المسلم أن يتخلَّى عنها.


مفهوم الأخلاق لغة واصطلاحًا:


الخلق لغة: هو السَّجيَّة والطَّبع والدِّين، وهو صورة الإنسان الباطنية، أما صورة الإنسان الظاهرة فهي الخُلق؛ لذلك كان من دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «... واهدِني لأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها، لا يصرِفُ عني سيِّئها إلا أنت» (رواه مسلم). ويوصَفُ المرءُ بأنه حسَنُ الظاهر والباطن إذا كان حسَنَ الخَلْق والخُلُق.

والخُلق اصطلاحًا: عبارة عن هيئة في النفس راسخةٍ تصدُرُ عنها الأفعالُ بسهولةٍ ويُسرٍ، من غير حاجة إلى فكرٍ ولا رويَّة، وهذه الهيئة إما أن تصدُرَ عنها أفعالٌ محمودة، وإما أن تصدُرَ عنها أفعالٌ مذمومةٌ، فإن كانت الأولى، كان الخُلُق حسَنًا، وإن كانت الثانية، كان الخُلُق سيِّئًا. هناك فَرْقٌ بين الخُلُق والتخلُّق؛ إذ التخلُّق هو التكلُّف والتصنُّع، وهو لا يدوم طويلاً، بل يرجع إلى الأصل، والسلوك المتكلَّف لا يسمَّى خُلقًا حتى يصير عادةً وحالةً للنفس راسخةً، يصدُرُ عن صاحبِه في يُسر وسهولة؛ فالذي يصدُقُ مرة لا يوصَفُ بأن خُلقَه الصدقُ، ومن يكذِبُ مرَّةً لا يقال: إن خُلقَه الكذب، بل العبرةُ بالاستمرار في الفعل، حتى يصيرَ طابعًا عامًّا في سلوكه.


أهمية الأخلاق: أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام:


يمكن تبيُّن أهمية الأخلاق في الإسلام من عدة أمور، منها

أولاً: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الغاية من بِعثته الدعوة للأخلاق. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعِثْتُ لأتممَ مكارم الأخلاق». لقد بين رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب أهمية الخُلق، بالرغم من أنه ليس أهمَّ شيء بُعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أجله؛ فالعقيدة أهم منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوي لبيان أهمية الشيء، وإن كان غيرُه أهمَّ منه، فإن قال قائل: ما وجه أهمية الخُلق حتى يقدَّم على العقيدة والعبادة؟

فالجواب: إن الخُلق هو أبرز ما يراه الناسُ، ويُدركونه من سائر أعمال الإسلام؛ فالناس لا يرون عقيدةَ الشخص؛ لأن محلَّها القلبُ، كما لا يرون كلَّ عباداته، لكنهم يرَوْن أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها؛ لذا فإنهم سيُقيِّمون دِينَه بِناءً على تعامله، فيحكُمون على صحتِه من عدمه عن طريق خُلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله، وقد حدَّثَنا التاريخ أن الشرق الأقصى ممثَّلاً اليوم في إندونسيا والملايو والفلبين وماليزيا، لم يعتنقْ أهلُها الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاقِ التجَّار وسلوكِهم، من أهل حضرموت وعمان؛ وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة. وإن مما يؤسَفُ له اليوم أن الوسيلةَ التي جذبت كثيرًا من الناس إلى الإسلام هي نفسها التي غدَت تصرِفُ الناس عنه؛ وذلك لما فسَدت الأخلاق والسلوك، فرأى الناس تباينًا بل تناقضًا بين الادِّعاء والواقع!


ثانيًا: تعظيم الإسلام لحُسن الخُلق:


لم يعُدِ الإسلام الخلق سلوكًا مجرَّدًا، بل عده عبادةً يؤجر عليها الإنسان، ومجالاً للتنافس بين العباد؛ فقد جعله النبيُّ صلى الله عليه وسلم أساسَ الخيريَّة والتفاضل يوم القيامة، فقال: «إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المُتفَيْهِقون المُتشدِّقون» (السلسلة الصحيحة: 2/379). وكذلك جعَل أجر حُسن الخُلق ثقيلاً في الميزان، بل لا شيء أثقلُ منه، فقال: «ما من شيءِ أثقلَ في الميزان مِن حُسن الخُلق» (صحيح أبي داوود: 4799).

وجعَل كذلك أجرَ حُسن الخُلق كأجرِ العبادات الأساسية، مِن صيام وقيام، فقال: «إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن خلقه درجةَ الصائمِ القائم» (صحيح الترغيب: 2643)، بل بلَغ من تعظيم الشارع لحُسن الخُلق أنْ جعَله وسيلة من وسائل دخول الحنة؛ فقد سُئل صلى الله عليه وسلم عن أكثرِ ما يُدخِل الناسَ الجنَّةَ؟

فقال: «تقوى اللهِ وحُسن الخُلق» (صحيح الترمذي)، وفي حديث آخرَ ضمِن لصاحب الخُلق دخولَ الجنة، بل أعلى درجاتها، فقال: «أنا زعيمٌ ببيت في ربَضِ أطراف الجنَّةِ لِمَن ترَك المِراءَ وإن كان محقًّا، وببيتٍ في وسَط الجنة لِمَن ترَك الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حسُن خلُقه» (صحيح أبي داوود).


ثالثًا: أنها أساس بقاء الأمم: فالأخلاق هي المؤشِّر على استمرار أمَّة ما أو انهيارها؛ فالأمة التي تنهار أخلاقُها يوشك أن ينهارَ كيانُها، كما قال شوقي: وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم *** فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلا ويدلُّ على هذه القضية قولُه تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16

رابعًا: أنها من أسبابِ المودة، وإنهاء العداوة: يقول الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].

والواقع يشهد بذلك، فكم من عداوةٍ انتهت لحُسن الخُلق؛ كعداوة عمرَ وعكرمة، بل عداوة قريش له صلى الله عليه وسلم . ومن هنا قال: «إنكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم ، ولكن يَسَعهم منكم بَسْطُ الوجهِ ، وحُسْنُ الخُلُقِ» (صحيح الترغيب)

يقول أبو حاتم رحمه الله: "الواجب على العاقل أن يتحبَّب إلى الناس بلزوم حُسن الخُلق، وتَرْكِ سوء الخُلق؛ لأن الخُلق الحسَن يُذيب الخطايا كما تذيب الشمسُ الجليد، وإن الخُلق السيِّئ لَيُفسد العمل، كما يفسد الخلُّ العسلَ".


خامسًا:
إن الخُلق أفضلُ الجمالينِ: الجمال جمالان؛ جمال حسي، يتمثل في الشَّكل والهيئة والزينة والمركَب والجاه والمنصب،

وجمال معنوي، يتمثل في النفس والسلوك والذكاء والفطنة والعلم والأدب

وقد ذكر اللهُ أن للإنسان عورتينِ؛ عورة الجسم، وعورة النفس، ولكل منهما ستر؛ فستر الأولى بالملابس، وستر الثانية بالخُلق، وقد أمر الله بالسترين، ونبَّه أن الستر المعنوي أهمُّ من الستر الحسي فقال: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26]؛ فطهارةُ الباطن أعظمُ من طهارة الظاهر.








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-06-02, 22:13   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة



ما يُعين على اكتساب الأخلاق

1- سلامة العقيدة:

فالسلوك ثمرة لِما يحمله الإنسانُ من فكر ومعتقد، وما يَدين به من دِين، والانحراف في السلوك ناتجٌ عن خَلَل في المعتقد؛ فالعقيدة هي الإيمان، وأكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم أخلاقا؛ فإذا صحت العقيدة، حسُنَتِ الأخلاقُ تبعًا لذلك؛ فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبَها على مكارم الأخلاق، كما أنها تردَعُه عن مساوئِ الأخلاق.

2- الدعاء:

فيلجأ إلى ربه، ليرزقه حُسن الخُلق، ويصرف عنه سيِّئه، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء الاستفتاح: «... اهدِني لأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنِها إلَّا أنتَ، واصرف عنِّي سيِّئَها، لا يصرفُ عنِّي سيِّئَها إلَّا أنتَ» (رواه مسلم)، وكان يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن منكَراتِ الأخلاق والأعمالِ والأهواءِ» (رواه الترمذي)

. 3- المجاهدة:

فالخُلق الحسَن نوع من الهداية، يحصل عليه المرء بالمجاهدة؛ قال عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]. والمجاهدة لا تعني أن يجاهد المرءُ نفسَه مرة، أو مرتين، أو أكثر، بل تعني أن يجاهد نفسَه حتى يموت؛ ذلك أن المجاهدة عبادة، والله يقول: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99].

4- المحاسَبة:


وذلك بنقدِ النفس إذا ارتكبت أخلاقًا ذميمة، وحملها على ألا تعود إليها مرة أخرى، مع أخذِها بمبدأ الثواب، فإذا أحسَنَت أراحها، وأرسَلها على سجيتِها بعض الوقت في المباح، وإذا أساءت وقصَّرت، أخَذها بالحزمِ والجد، وحرَمها مِن بعض ما تريد.

5- التفكر في الآثار المترتبة على حُسن الخُلق:


فإن معرفة ثمرات الأشياء، واستحضار حُسن عواقبها، من أكبر الدواعي إلى فعلها، وتمثُّلها، والسعي إليها، والمرء إذا رغِب في مكارم الأخلاق، وأدرك أنها من أولى ما اكتسبته النفوس، وأجلُّ غنيمة غنِمها الموفَّقون، سهُل عليه نيلُها واكتسابها.

6- النظر في عواقب سوء الخُلق:

وذلك بتأمُّل ما يجلبه سوءُ الخُلق من الأسف الدائم، والهم الملازم، والحسرة والندامة، والبغضة في قلوب الخلق؛ فذلك يدعو المرءَ إلى أن يقصر عن مساوئ الأخلاق، وينبعث إلى محاسنها.


7- الحذر من اليأس من إصلاح النفس:


فهناك مَن إذا ابتلي بمساوئ الأخلاق، وحاول التخلُّص من عيوبه فلم يُفلح أيِس من إصلاح نفسه، وترَك المحاولة، وهذا الأمر لا يحسُن بالمسلم، ولا يليق به، بل ينبغي له أن يقوِّيَ إرادته، وأن يسعى لتكميل نفسه، وأن يجدَّ في تلافي عيوبه؛ فكم من الناس مَن تبدَّلت حاله، وسمَتْ نفسُه، وقلت عيوبه بسبب مجاهدته، وسعيه، وجدِّه، ومغالبته لطبعه.

8- علو الهمة:

فعلو الهمة يستلزم الجد، ونشدان المعالي، والترفُّع عن الدنايا ومحقرات الأمور، والهمة العالية لا تزال بصاحبها تزجُره عن مواقف الذل، واكتساب الرذائل، وحرمان الفضائل، حتى ترفَعَه من أدنى دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسُّؤدَد؛

قال ابن القيم رحمه الله : "فمن علَتْ همتُه، وخشعت نفسه، اتصف بكل خُلق جميل، ومن دنت همتُه، وطغت نفسُه، اتصف بكل خُلق رذيل". وقال رحمه الله : "فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، وأفضلها، وأحمدها عاقبة، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات، وتقعُ عليها كما يقع الذبابُ على الأقذار؛ فالنفوس العليَّة لا ترضى بالظُّلم، ولا بالفواحش، ولا بالسرقة ولا بالخيانة؛ لأنها أكبرُ من ذلك وأجلُّ، والنفوس المَهِينة الحقيرة الخسيسة بالضد من ذلك". فإذا توفر المرءُ على اقتناء الفضائل، وألزم نفسه على التخلق بالمحاسن، ولم يرضَ من منقبة إلا بأعلاها، لم يقفْ عند فضيلة إلا وطلب الزيادة عليها.


9- الصبر:


فالصبر من الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها الخُلق الحسن، فالصبر يحمل على الاحتمال، وكَظْم الغيظ، وكف الأذى، والحِلْم، والأناة، والرفق، وترك الطيش والعجلة. وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي شَيْءٍ تَطَلَّبَهُ *** وَاسْتَشْعَرَ الصَّبْرَ إلَّا فَازَ بِالظَّفَرِ


10- العفة:

فهي تحمل على اجتناب الرذائل من القول والفعل، وتحمل على الحياء؛ وهو رأسُ كلِّ خير، وتمنع من الفحشاء.


11- الشجاعة:


فهي تحمل على عزة النفس، وإباء الضيم، وإيثار معالي الأخلاق والشِّيم، وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس، وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته، وهي تحمل صاحبَها على كظم الغيظ، والحِلْم.

12- العدل:

فهو يحمل على اعتدال الأخلاق، وتوسطها بين طرفي الإفراط والتفريط.


13تكلُّف البِشْرِ والطَّلاقة، وتجنُّب العبوس والتقطيب:

قال ابن حبان رحمه الله: "البشاشة إدامُ العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأن البِشْرَ يُطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجانَ المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي"، وقيل للعتابي: إنك تلقى الناسَ كلَّهم بالبِشْر، قال: دفعُ ضغينة بأيسرِ مؤونة، واكتساب إخوانٍ بأيسرِ مبذول

. وما اكتسب المحامدَ حامدوها *** بمثلِ البِشْرِ والوجهِ الطَّليق

بل إن تبسُّم الرجل في وجه أخيه المسلم صدقةٌ يثاب عليها؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أخيك لك صَدَقَةٌ» (رواه الترمذي). والابتسام للحياة يُضيئها، ويُعين على احتمال مشاقِّها، والمبتسمون للحياة أسعدُ الناس حالاً لأنفسهم ومن حولهم، بل هم أقدرُ على العمل، وأكثر احتمالاً للمسؤولية، وأجدرُ بالإتيان بعظائم الأمور التي تنفعهم، وتنفع الناس؛ فذو النفس الباسمة المشرقة يرى الصعابَ فيلذُّه التغلُّبُ عليها، ينظرها فيبتسم، وينجح فيبتسم، ويُخفِقُ فيبتسم، وإذا كان الأمرُ كذلك، فأحرى بالعاقلِ ألا يُرَى إلا متهلِّلاً.


14- التغاضي والتغافل:


وهو من أخلاقِ الأكابر، ومما يُعينُ على استبقاء المودَّة واستجلابها، وعلى وَأْدِ العداوة، وإخلاد المباغَضة، ثم إنه دليلٌ على سموِّ النفس، وشفافيتها، قال ابنُ الأثير متحدثًا عن صلاح الدين الأيوبي: "وكان صبورًا على ما يكرَه، كثيرَ التغافل عن ذنوب أصحابه، يسمع من أحدهم ما يكره، ولا يُعلِمه بذلك، ولا يتغيَّر عليه، وبلغني أنه كان جالسًا وعنده جماعة، فرمى بعضُ المماليك بعضًا بسرموز (يعني: بنعل) فأخطأته، ووصَلت إلى صلاحِ الدين فأخطأته، ووقَعت بالقرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى يُكلِّم جليسَه؛ ليتغافل عنها". وكان الشيخ محمد الأمين الشنقيطيُّ رحمه الله كثيرَ التغاضي عن كثيرٍ من الأمور في حقِّ نفسه، وحينما يُسأَلُ

عن ذلك كان يقولُ: ليس الغبيُّ بسيدٍ في قومه *** لكنَّ سيِّدَ قومِه المتغابي


15- الإعراض عن الجاهلين:

فمن أعرَض عن الجاهلين حمى عِرْضَه، وأراح نفسه، وسلِم من سماع ما يؤذيه؛ قال عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]. فبالإعراض عن الجاهلين يحفظ الرجلُ على نفسه عزتَها، والعرب تقول: "إن من ابتغاء الخيرِ اتقاءَ الشرِّ"، ورُوي أن رجلاً نال من عمرَ بن عبد العزيز، فلم يُجِبْه، فقيل له: ما يمنعك منه؟ قال: التُّقى مُلجِمٌ.

16- العفو والصفح ومقابلة الإساءة بالإحسان:


فهذا سبب لعلوِّ المنزلة، ورِفعة الدرجة؛ قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: «وما زاد اللهُ عبدًا بعفو إلَّا عزًّا، وما تواضَعَ أحدٌ لله إلا رفعه اللهُ»؛ رواه مسلم، وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "أحبُّ الأمور إلى اللهِ ثلاثة: العفو عند المقدرة، والقصد في الجدةِ، والرِّفق بالعَبَدَةِ"، وقال الشافعي رحمه الله:

أرحتُ نفسي من ظلم العدواتِ *** لَمَّا عفوتُ ولم أحقِدْ على أحدِ

فإذا كان الأمر كذلك، فإنه يجدر بالعاقل كما قال ابن حبان: "توطين نفسه على لزوم العفو عن الناس كافة، وترك الخروج لمجازاة الإساءة؛ إذ لا سبَبَ لتسكين الإساءة أحسنُ من الإحسان، ولا سبب لنماءِ الإساءة وتهييجها أشدُّ من الاستعمال بمثلِها".


17- الرضا بالقليل من الناس، وترك مطالبتهم بالمثل

: وذلك بأن يأخُذَ منهم ما سهُل عليهم، وطوعت له به أنفسُهم سماحة واختيارًا، وألا يحملهم على العَنَتِ والمشقَّةِ؛ قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-02, 22:14   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة


فوائد الأخلاق:


من فوائد حُسن الخُلق:

1- حسن الخلق من أفضل ما يقرِّبُ العبد إلى الله تعالى.

2- إذا أحسن العبدُ خُلقه مع الناس أحبَّه الله والناس

. 3- حَسَن الخُلق يألَفُ الناسَ، ويألَفُه الناسُ

. 4- لا يكرم العبد نفسه بمثل حُسن الخُلق، ولا يُهينها بمثل سوئِه.

5- حُسن الخُلق سبب في رفع الدرجاتِ وعلو الهمم

. 6- حُسن الخلق سبب في حبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب منه يوم القيامة

7- حُسن الخلق يدل على سماحة النفس وكَرَمِ الطَّبع

. 8- حسن الخلق يحوِّل العدوَّ إلى صديق

. 9- حُسن الخلق سبب لعفو الله، وجالبٌ لغفرانه.

10- يمحو الله بحُسن الخُلق السيئات.

11- يُدرِكُ المرءُ بحُسن خُلقه درجةَ الصائم القائم

. 12- حُسن الخُلق من أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ الجنَّةَ.

13- حُسن الخُلق يجعل صاحبَه ممن ثقلت موازينه يوم القيامة

. 14- حسن الخلق يحرِّمُ جسدَ صاحبه على النار.

15- حُسن الخلق يُصلِحُ ما بين الإنسان وبين الناس

. 16- وبالخلق الحسَن يكثر المُصافُون، ويقِلُّ المعادون.

نماذج من الأخلاق الحميدة:

ومن حسن الخلق: برُّ الوالدين، وصلة الأرحام، وليس الواصل بالمكافئِ، ولكن الواصل الذي إذا قَطَعت رحِمُه وصَلها.

ومن حُسن الخلق: الإحسانُ إلى الجيران، وإيصال النفع إليهم.

ومن حُسن الخُلق: إفشاء السلام على الخاص والعام، وطِيب الكلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام؛ فقد بشر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من كان كذلك بدخول الجنة بسلام.

ومن حسن الخُلق: أن تسلِّمَ على أهل بيتك إذا دخَلْتَ عليهم، وهذه سنَّة مشهورة، وقد أصبحت عند الكثير من الناس اليوم مهجورة، مع أنها بركة على الداخل المسلِّم وأهل بيته، كما بيَّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن حسن الخلق: معاشرة الزوجة بالإكرام والاحترام، وبشاشة الوجه، وطيب الكلام؛ قال صلى الله عليه وسلم: «خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (السلسلة الصحيحة).

ومن حُسن الخُلق: معاشرة الناس بالحفاوة والوفاء، وترك التنكُّر لهم والجفاء، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والنصيحة لهم؛ فذلك من أهم أخلاق الإيمان والديانة. ومِن حُسن الخلق: استعمال النظافة في الجسم والثياب، وفي المنزل؛ فإن الله جميلٌ يحب الجمال، طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، وإن الله إذا أنعم على عبدِه نعمة يحبُّ أن يرى أثرَها عليه.


من فوائد الأخلاق للفرد والمجتمع:

1- نشر الأمن والأمان بين الأفراد والمجتمع

. 2- وجود الأُلفة والمحبة بين الناس

. 3- سيادة التعاون والتكافل الاجتماعي بين المجتمع؛ فالمسلمون أمة واحده، يعطف غنيُّهم على فقيرهم.

4- نبذ الفُرقة والخلاف وما يمزق المجتمعَ، والالتزام بالقِيَم والمبادئ.

5- المساهمة في خدمة المجتمع، ورفع معاناته، وتقديم ما يفيد للأمة والبشرية؛ فالمؤمن مثل الغيثِ أينما حلَّ نفَع

6- الإيجابية في المجتمع، وتفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشتملاً على أسسه وقواعده دون تنفير للناس، أو تغييب للشريعة وتعاليمها.

7- بذل الخير للناس بحب وسعادة غامرة، وتفعيل الإنتاج، وثقافة البذل والعطاء بين المجتمع.

8- بث روح التسامح ونشرها بين الناس، تحت شعار: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)، ونحو مجتمع راقٍ تسودُه الألفة والمحبة.


عبد السلام حمود غالب


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-03, 00:26   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الطيب الشريف
مشرف منتدى الترحيب، التعارف و التهاني
 
الصورة الرمزية الطيب الشريف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-06-03, 01:02   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
~ابتسامة~
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية ~ابتسامة~
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-05, 18:07   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيب الشريف مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-05, 18:08   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ~ابتسامة~ مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الرائع مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-06, 22:02   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




السؤال :

ماهى مذاهب العلماء فى الرجوع عن العفو ؟

أو الدعاء على الظالم بعد العفو عنه ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا:

الذي اتفق عليه أهل العلم؛ أن من عفا عن ظالمه في مظلمة مضى وقوعها : فليس له الرجوع عن هذا العفو.

وقد بوّب البخاري في صحيحه بابا؛ قال فيه: بَابُ إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلاَ رُجُوعَ فِيهِ.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"وهو ، فيما مضى : باتفاق .

وأما فيما سيأتي : ففيه خلاف " انتهى. "فتح الباري" (5 / 102).

ثانيا:

العفو عن الظالم؛ حقيقته إسقاط المظلوم لحقه في المطالبة بمظلمته.

والقاعدة التي عليها أهل العلم : "أن الساقط لا يعود" .

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (4 / 254):

" الساقط لا يعود.

من المعلوم أن الساقط ينتهي ويتلاشى، ويصبح كالمعدوم ، لا سبيل إلى إعادته إلا بسبب جديد، يصير مثله ، لا عينه .

فإذا أبرأ الدائن المدين فقد سقط الدين، فلا يكون هناك دين، إلا إذا وجد سبب جديد .

وكالقصاص : لو عفي عنه : فقد سقط ، وسلمت نفس القاتل، ولا تستباح إلا بجناية أخرى، وهكذا " انتهى.

فإذا كانت المظلمة بعد العفو في حكم المعدوم؛ فالدعاء على الظالم بعد العفو : يكون من باب الاعتداء المنهي عنه ، الذي لا يحبه الله تعالى.

قال الله تعالى: ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف (55).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-06, 22:11   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

إذا كان المسلم خيرا وأفضل من سائر البشر، لِمَ نجد اليابانيين ـ الذين هم أغلبهم وثنيِّون، أو ملحدون ـ أفضل أخلاقا وتعاملا وتطورا، بينما المفروض أن يكون المسلمون أعلى منهم بسبب كونهم مسلمين وقريبين من الله أكثر؟

الجواب :

الحمد لله


من الملاحظ في الآونة الأخيرة تكاثر مثل هذه النوع من الأسئلة ، التي تنحو منحى المقارنة بين الأمة الإسلامية وغيرها من الأمم ، على مستوى الأفراد والشعوب والدول، والسبب في هذه التساؤلات ما يعيشه المسلمون اليوم من واقع أليم ، تضاعفت آلامه مع وقع الدماء التي تسيل في العديد من العواصم الإسلامية الكبرى ، لتتراجع معها جميع مظاهر النهضة والتنمية والحضارة ، فيثور مثل هذا التساؤل الكبير .

وهو تساؤل مشروع، ولكنه - في الوقت نفسه – ليس سؤالا أصيلا ، بقدر ما هو عارض وطارئ، بمعنى أن دراسة تأثير الأديان على الأفراد والمجتمعات : لا تتم بهذه الطريقة المختزلة، بالاعتماد على تقدير عام ومجمل عن شعب اليابان مثلا ، مقارنة ببعض الشعوب العربية، بل لا بد أن تؤطر مثل هذه الدراسات بأطر محكمة من الدقة والموضوعية والإحصائيات والأرصاد الاجتماعية. كي يتمكن الباحث من إقناع المخالفين له بالنتيجة التي يتوصل إليها.

ولكن لما كان هذا الأمر متعذرا في صفحات موقعنا المتوسطة ، نشير هنا إلى أجوبة مهمة على هذا التساؤل، لعلها تكون كافية ومقنعة بإذن الله ، فنقول:

أولا:

أكدنا مرارا وتكرارا في أجوبة سابقة ، وفي مقامات عديدة، أن التدين إذا اقتصر على الجانب الشعائري بين العبد وربه ، دون التعبد بما يكون من صلاح العبد فيما بينه وبين الناس ، في صدقه ، وأمانته ، ووفائه بالعهد ، وترك التظالم ، وأكل أموال الناس بالباطل ، ونحو ذلك ؛ إذا حرم العبد هذا التخالق الحسن مع الناس ، فليس هذا هو الإيمان الممدوح من صاحبه ، ولا الحال المرضي عند الله ، وما بهذا يؤمل في فلاح العبد ، ولا صلاح المجتمع .

فالإسلام الذي أمر العباد بالصلاة والصيام والزكاة والحج، هو ذاته سبحانه الذي أمرهم أيضا بحسن الجوار، والعطف على الضعيف والمسكين، والإتقان في العمل، والصدق في القول، والمروءة في التواصل مع سائر البشر، إلى آخر القائمة الطويلة من الأخلاق الفاضلة التي هي سمة المسلم الحقيقي.

يمكنك أن تستنتج من هذا، أن دول العالم الإسلامي، إذا استطاعت حقا أن تلتزم بالإسلام ، عبادة ومنهجا وسلوكا، فلن يكون مكانها أبدا إلا في مصاف الدول المتقدمة، وعلى رأس القوائم في جميع جوانب التنمية ومؤشرات الإصلاح والعدالة والسعادة. وكل ما يخالف هذا "الفرض" فلا يمثل الإسلام الحقيقي ، الكامل الممدوح ، ولا يمثل المسلمين الحقيقيين.

ثانيا:

لا يدعي الإسلام ولا المسلمون أن غير المسلمين تلازمهم حالة التخلف والجهل وفساد الأحوال مطلقا، لم يرد ذلك في القرآن الكريم، ولم تنص عليه السنة النبوية المطهرة، بل إن القرآن الكريم يشهد بخلاف ذلك، وذلك حين أكد صفة "العلم" بالدنيا وأحوالها وطرائقها ، لكثير من غير المسلمين، قال تعالى: (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم: 6، 7]

. وأثنى على بعض أخلاق غير المسلمين مثل الأمانة، قال عز وجل: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا) آل عمران/ 75.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغه شيء عما وصلت الحضارة الرومية والفارسية التي تحيط بالجزيرة العربية من تقدم مادي، وتطور عمراني وصناعي واقتصادي، ولم يخبر أبدا عليه الصلاة والسلام أن ذلك كذب وخرافة ، أو أن واقعهم هو الفقر والجهل والتخلف ؛ وإن لم يكن هذا هو الميزان الكلي الذي يوزن به الناس

ويقدر به حالهم .

وهكذا فالإسلام دين الإنصاف والموضوعية، يرشدنا إلى أن الناس – مسلمهم وكافرهم – فيهم نوازع الخير ونوازع الشر، وأن العباد الذين يملؤون جنبات الأرض فيهم الصالحون وفيهم الفاسدون، والنجاح في الدنيا ليس حكرا على المسلمين أبدا .

وإنما الإسلام الحقيقي سبب أكيد في تحقيق النجاح والفلاح والإصلاح في الدنيا والآخرة، إذا فهم الإسلام بمفهومه الإصلاحي الشامل لكل جوانب الحياة، وامتثل المسلمون ذلك، وليس باجتزاء أهوائي يؤدي إلى الظلم والفساد والطغيان .
وحاصل النظر ، ها هنا :

أن الأخذ بمجامع الإسلام ، وشعب الإيمان : هو أعظم سبيل لنيل الفلاح والنجاح في الدارين .

فأما من لم تكن الآخرة همه ، ولا شأنه ، فإنه يبلغ من الدنيا بحسب سعيه فيها ، وأخذه بأسبابها، ويأتيه من أرزاقها وخيراتها ، بحسب ما عمله من ذلك ، وما قدره الله له ؛ وإن لم يكن بذلك ممدوحا عند الله ، ولا حاله كاملا ، ولا له في الآخرة : نصيب ولا حظ عند الله .

قال الله تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) هود/15-16 .

وقال تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ) الإسراء/18-21 .

ثالثا:

والواقع خير دليل على ذلك ، فقد عاش المسلمون في التاريخ عصورا ذهبية زاهية ، ارتقت فيها البلاد إلى أجمل صور الصلاح والعدالة الممكنة حينها، وازدهرت العلوم والأعمال والأخلاق والأسر والدول حتى غدت مشاعل إصلاح ونهضة للعالم كله، وعن هذه الحضارة الإسلامية العظيمة اقتبست الحضارات الأوروبية المتخلفة في ذلك الوقت

فبلغت هذا التقدم الذي تعيشه اليوم ، بسببٍ مما اقتبسته عن الأمة الإسلامية وأبدعته من تلقاء نفسها، وتراجعت أمتنا بسبب تخليها عن أسباب تقدمها الأولى التي جربتها فيما مضى، وبسبب تخليها عن أسباب النهضة المعاصرة ،وقد سطرت في ذلك الدراسات التاريخية المحكمة، مثل:

1. "العلم عند العرب وأثره في تطور العلم العالمي"، الدوميلي، ترجمة عبد الحميد النجار.

2. "العرب والحضارة الأوروبية"، محمد الشوباشي.

3. "المعجزة العربية"، ماكس فانتاجو، ترجمة رمضان لاوند.

4. "أثر العرب في الحضارة الأوروبية"، جلال مظهر.

5. "فضل الإسلام على الحضارة الغربية"، مونتجمري وات، ترجمة حسين أحمد أمين.

6. "دور الحضارة العربية الإسلامية في النهضة الأوروبية" لكل من الأستاذين: هاني المبارك، وشوقي أبو خليل.

7. "فضل علماء المسلمين على الحضارة الأوروبية" للدكتور عز الدين فراج.

8. "دور الحضارة العربية الإسلامية في تكوين الحضارة الغربية" للدكتور محمد أبو حسان.

وغيرها الكثير جدا مما يشق حصره، فضلا عن إيراد شيء من مباحث هذه الكتب والأمثلة التي تبين للقارئ على وجه القطع التاريخي كيف كانت الحضارة الإسلامية منارة علم وتقدم للعالم كله في وقت من الأوقات، الأمر الذي يزيل عنه الشكوك السلبية حول تأثير الدين على هذا الجانب.

رابعا:

ومع ذلك فإن من المغالطة الظاهرة الجزم بتأخرنا وتقدم الآخرين علينا بهذا الجزم المطلق، فالأمر لا يخلو من نسبية، والتنافس متوفر بشكل أو بآخر، وقد حققت كثير من الدول الإسلامية اليوم والحمد لله جانبا مهما من جوانب السلم والأمان في جميع الجوانب والمعايير الدولية، فبحسب "مؤشر السلام العالمي" الذي يعده "معهد الاقتصاد والسلام"، جاءت ماليزيا في المرتبة (30)، ودولة قطر في المرتبة (34)، وهي من الأعلى سلما، في حين جاءت كل من فرنسا وبريطانيا في المرتبتين (46) (47)، وأمريكا في المرتبة (103)، وذلك بحسب إحصائيات عام (2016م).

يمكنك الاطلاع عليه على الرابط الآتي:

https://economicsandpeace.org/wp-cont...6-Report_2.pdf
https://goo.gl/jTqw9t

وهذا المؤشر ذو مصداقية عالية، يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعايير المنهجية، بحسب الإحصائيات الحكومية الرسمية، مثل عدد جرائم القتل لكل (100) ألف من السكان، مستوى جرائم العنف، عدد المسجونين، الإنفاق العسكري، الحروب الداخلية والخارجية، ونحوها.

هذا وثمة مجموعة مهمة من الأرقام للمعدلات العالية جدا في الدول غير الإسلامية لأنواع الجرائم والفساد، يمكنك الاستعانة بالمقال الآتي للاطلاع عليها:


https://goo.gl/03fq7z

وقد نشرت وكالة رويترز في العام (2002م) – وعنها أخذت معظم وسائل الإعلام - تقريرا عن وصول معدلات الجريمة في اليابان إلى مستويات قياسية جدا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث وصلت إلى نحو (مليونين وثمانمائة ألف جريمة)، الرقم الذي لم تبلغه كثير من الدول العربية والإسلامية، لو روعيت نسبة عدد السكان،

مما استدعى من السلطات اليابانية حملات مكثفة على المستوى القومي للعمل على خفض الرقم إلى أدنى مستوى له، فحققت السلطات نجاحا كبيرا في هذا المضمار، ولكن المقصود التمثيل على أن الأمر ليس دليلا على تصحيح ديانتهم ، ولا على فساد ديانة المسلمين، وإنما لا بد من تناول الموضوع من جميع جوانبه المتعلقة.


https://goo.gl/TFsx4L

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-06, 22:14   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

أنا أخلاقي سيئة جداً ، وأنا أعق أمي ، وأغضبها دائماً ، بعض الأحيان تكون أخلاقي جيدة ، وأغلب الأوقات سيئة ، فكيف يمكنني تحسين أخلاقي ؟ وماهي الأشياء التي تعين على بر الوالدين وحسن الخلق ؟

وهل سأعاقب إن كانت أخلاقي سيئة ؟

أم الأخلاق الحسنة مجرد نافلة ؟

وأنا عندما أحسن أخلاقي أشعر بالرياء ، وأشعر أنني مشركة شركا أصغر في الأخلاق ، فكيف يمكنني الثبات على الأخلاق الحسنة والإخلاص لله فيها ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

الخلق الحسن أثقل شيء في ميزان الأعمال يوم القيامة ، وأحسن الناس خلقا أقربهم مجلسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .

روى الترمذي (2018) وحسنه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ) .

وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وروى البخاري (6035) ، ومسلم (2321) عن عبد الله بن عمرو عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا ) .

قال النووي رحمه الله :

" فِيهِ الْحَثّ عَلَى حُسْن الْخُلُق ، وَبَيَان فَضِيلَة صَاحِبه ، وَهُوَ صِفَة أَنْبِيَاء اللَّه تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ ،

قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : حَقِيقَة حُسْن الْخُلُق : بَذْل الْمَعْرُوف , وَكَفّ الْأَذَى ، وَطَلَاقَة الْوَجْه .

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هُوَ مُخَالَطَة النَّاس بِالْجَمِيلِ وَالْبِشْر ، وَالتَّوَدُّد لَهُمْ ، وَالْإِشْفَاق عَلَيْهِمْ , وَاحْتِمَالهمْ ، وَالْحِلْم عَنْهُمْ ، وَالصَّبْر عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَارِه ، وَتَرْك الْكِبْر وَالِاسْتِطَالَة عَلَيْهِمْ . وَمُجَانَبَة الْغِلَظ وَالْغَضَب ، وَالْمُؤَاخَذَة " انتهى .

ثانيا :

عقوق الوالدين من كبائر الذنوب ، ولا يفلح العاق في الدنيا ولا في الآخرة .

والواجب على المسلم والمسلمة الإحسان التام للوالدين ، والسعي في برهما بكل ممكن ، والبعد عن إغضابهما ومخالفتهما وعقوقهما .

ثالثا :

تحسين الخلق وتهذيبه ممكن ، ويكون ذلك بالوسائل التالية :

- معرفة فضائل حسن الخلق والجزاء الحسن المترتب عليه في الدنيا والآخرة .

- معرفة مساوئ سوء الخلق ، وما يترتب عليه من الجزاء والأثر السيء .

- النظر في سير السلف وأحوال الصالحين .

- البعد عن الغضب ، والتحلي بالصبر ، والتمرس على التأني وعدم العجلة .

- مجالسة أصحاب الخلق الحسن ، والبعد عن مجالسة أصحاب الخلق السيء .

- تمرين النفس على حسن الخلق ، والتعود عليه ، وتكلفه، والصبر على ذلك ، قال الشاعر:

تكَرَّمْ لتَعْتادَ الجَمِيلَ ، ولنْ تَرَى ... أَخَا كَرَمٍ إِلَّا بأَنْ يتَكَرَّمَا .

وأخيرا : بدعاء الله تعالى بأن يحسن خلقه وأن يعينه على ذلك ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي ، فَأَحْسِنْ خُلُقِي) رواه أحمد (24392) وصححه محققو المسند . وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1307).

وإذا ما زل المسلم وساء خلقه في موقف من المواقف ، فإنه يبادر إلى الاعتذار ، وإصلاح ما أفسده ، والعزم على تحسين خلقه .

والمسلم حينما يحسن خلقه يفعل ذلك امتثالاً لأمر الله تعالى ، وطلبا لمرضاته ، واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، شأنه في ذلك شأن جميع العبادات ، فلا يحسن خلقه من أجل أن يمدحه الناس ، فيكون بذلك قد أبطل ثوابه واستحق العقاب على هذا "الرياء" .

وكما يجتهد المسلم في إخلاص عبادته كلها لله ، فكذلك يفعل عندما يحسن خلقه ، فيضع نصب عينيه دائما أمر الله له ، والحساب والميزان والجنة والنار ، وأن الناس لن ينفعوه ولا يضروه بشيء .

فذكر الآخرة من أهم ما يعين المسلم على الإخلاص لله تعالى .

رابعا :

مما يعين على بر الوالدين :

- معرفة حق الوالدين وفضلهما ، وكيف قاما بتربية أولادهما وتحملا كل المشاق في سبيل تحقيق الحياة الهنيئة لهم .
- معرفة النصوص الشرعية الواردة في الحث على بر الوالدين والترغيب فيه . وكذلك النصوص الواردة في الترهيب من العقوق، ومعرفة أثر ذلك وجزائه في الدنيا والآخرة.

- معرفة أن بر الوالدين من أعظم أسباب حصول البر من أبناء الولد البار ، وأن العقوق من أعظم أسباب حصول العقوق من أبناء الولد العاق .

- النظر في سير السلف الصالح ، وكيف كانوا يبرون آباءهم وأمهاتهم .د

- قراءة الكتب والرسائل التي تتحدث عن بر الوالدين وعقوقهما ، وكذلك الاستماع إلى الدروس الشرعية التي تتحدث عن ذلك .

- الهدية ، والكلمة الطيبة ، والوجه الباش ، وكثرة الدعاء ، وحسن الثناء ، من أعظم الأسباب التي تعين على البر .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-06, 22:19   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

1- لقد مات ابني في بطني وهو لا يزال في شهره الثاني ونصف ـ قدر الله وما شاء فعل ـ وأردت أن أعرف : إن كان يمكن أن يكون شفيعا لي يوم القيامة ؟

2- في بلادنا يقال : إن المرأة الحامل عندما تشتهي شيئا ما ، فلابد من تلبيتها ، وإلا ، فإن هذه الشهوة قد تبدو في أحد أعضاء المولود , فهل يصح ذلك شرعا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

نفخ الروح في الجنين يكون بعد أربعة أشهر من الحمل .

فعن عَبْد اللهِ بْن مَسْعُودٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ ، قَالَ: ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا ، يُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، وَيُقَالُ لَهُ : اكْتُبْ عَمَلَهُ ، وَرِزْقَهُ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ... )

رواه البخاري (3208) ، ومسلم (2643) .

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى :

" اختلفت ألفاظ هذا الحديث فى مواضع ، ولم يختلف أن نفخ الروح فيه بعد مائة وعشرين يوما ، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس "

انتهى من" إكمال المعلم " (8 / 123 – 124).

وقال النووي رحمه الله تعالى :

" واتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر " .

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (16 / 191) .

وهذا يدلّ على أن الحمل لا يصبح إنسانا إلا بعد أربعة أشهر ، أما قبلها فهو بداية خلق إنسان وليس إنسانا .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (5 / 296) :

" ( والسِّقْطُ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ : غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ...) :

وإنما قيده ببلوغ أربعة أشهر؛ لأنه قبل ذلك ليس بإنسان ، إذ لا يكون إنساناً حتى يمضي عليه أربعة أشهر ، ودليل ذلك : حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ....

وذكر الحديث المتقدم ثم قال : وعلى هذا فهو قبل هذه المدة يكون جماداً قطعة لحم يدفن في أي مكان بدون تغسيل ، وتكفين ، وصلاة ، لكن بعد أربعة أشهر يكون إنسانا " انتهى .

وعلى هذا : فالحمل الذي له شهران ونصف ، لم تنفخ فيه الروح بعد وليس بإنسان ، وإنما هو قطعة من اللحم ، فلا تثبت له أحكام الأولاد الصغار .

وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، رحمه الله :

" إذا أسقطت المرأة حملها قبل أن تنفخ فيه الروح، هل هذا السقط ينفع والديه يوم القيامة؟ جزاكم الله خيرا " .

فأجاب :

" قبل أربعة أشهر : لا يسمى ولداً، إنما يسمى ولد بعد الأربعة ، بعد نفخ الروح فيه ، يغسل ويصلى عليه ، ويعتبر طفلاً ترجى شفاعته لوالديه .

أما قبل ذلك : فليس بإنسان ، وليس بميت ، ولا يعتبر طفلاً ، ولا يغسل ولا يصلى عليه ، ولو كان لحمةً فيها تخطيط .
ولا يجوز لها إسقاطه ، ليس للمرأة أن تسقطه ، إلا في الأربعين الأولى إذا دعت الحاجة إلى ذلك كالعجز، في الأربعين الأولى : لا بأس إذا دعت الحاجة إلى هذا الشيء ؛ المصلحة الشرعية " .

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .

لكن هذا لا يعني أن الحامل التي فقدت جنينها قبل نفخ الروح فيه لا تؤجر على مصيبتها هذه ، فإذا صبرت واحتسبت فإنّ لها أجرا عظيما ، كما وعد الله تعالى بذلك ؛ حيث قال سبحانه وتعالى : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة /155 – 157 .
وقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر /10 .

ولعل الله أن يأجرك على ما أصابك من الألم والتعب ، وفوات ما كنت تؤملينه من الولد ، فصبرك واحتسابك لذلك : ربما يكون لك به من الأجر فوق أجر شفاعة السقط لأبويه ، وفضل الله واسع على عباده .

ثانيا :

إذا اشتهت الحامل شيئا زائدا على نفقتها الواجبة ، فإنه يندب للزوج شرعا أن يلبي لها ما اشتهته إذا كان ذلك ممكنا شرعا وقدرة لأنه من المعاشرة بالمعروف ومن الإحسان الذي حث عليه الشرع.

أما تأثير الوحم على جلد الجنين ، فلا يعلم له دليل ولا أصل في الكتاب والسنة ، ولا يعلم ـ كذلك ـ له أصلا من ناحية الطب ؛ بل بعض أهل الطب يجزم بنفيه ، فالله أعلم بذلك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-06, 22:23   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

أنا مسلم أعيش في فرنسا وكما تعلمون أن بناء المساجد هنا يتم بأموال الصدقات وتبرعات الجالية الإسلامية ، وسؤالي يتعلق بهذا الموضوع وهو أني : كنت أعيش في مدينة وكنت قد وعدت الجمعية الإسلامية فيها بمبلغ من المال لشراء قطعة من الأرض لبناء المسجد عندما يتم الترخيص لهم من قبل السلطات الفرنسية

وفي انتظار هذا الترخيص رحلت من هذه المدينة إلى مدينة أخرى للإقامة فيها ، ووجدت الجمعية الإسلامية هناك بحاجة إلى المال أيضا لبناء المسجد ، وأردت أن اعطيهم المال الموعود للجمعية الأولى في المدينة التي رحلت منها فهل هذا العمل يعد إخلالا للوعد يأثم عليه ؟


الجواب :

الحمد لله

عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فقال :

" ليس هذا إخلالاً بالوعد ؛ لأنك لم تتعمد ذلك ، لما ذكرت من تأخر الجمعية الأولى ، ووجود فرصة أخرى متاحة للمال الذي رصدته " انتهى .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-06, 22:27   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

ما حكم من رأى امرأة في الزنا عيانا ، ما هو الحكم الشرعي فيها مع العلم أني رأيتها وحدي ، هل يلزم شهود أربعة أو أستطيع أن أحلف أربعة شهادات ؟ ما لحكم إذا أنكرت ذالك أمام أهلها ؟

ما لحكم إذا سألني إنسان يريد الزواج بها ؟

هل أقول له الحقيقة أم أسكت علما أنه من الأقرباء ؟

من فضلكم التمس منكم تفسير دقيق لهذه المسالة ؟


الجواب :


الحمد لله


أولاً :

من رأى شخصاً يزني : فلا يحل له أن يشهد عليه بما رآه من الزنا ، ولو كان واضحا صريحا لا لبس فيه ، حتى يشهد معه بذلك ثلاثة آخرون ، فيكتمل نصاب الشهادة : أربعة شهداء ، كلهم يشهدون بما رأوا من الفعل الصريح ؛ فإن تكلم عنها بذلك ، من غير توفر نصاب الشهادة المذكور : فهو قاذف ، يجب حده حد القذف ، كما ذكر الله في كتابه .

قال ابن قدامة رحمه الله في ذكر شروط الشهادة بالزنا :

" أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونُوا أَرْبَعَةً ، وَهَذَا إجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ( وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ) ، وَقَالَ تَعَالَى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ) .

وَقَالَ تَعَالَى : ( لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) .

وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا ، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ؟

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَعَمْ ) رَوَاهُ مَالِكٌ ، فِي الْمُوَطَّأ وَأَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ "

انتهى من " المغني " (9/69) .

ثانياً:

إذا أنكرت المرأة جريمة الزنا ، سواء كان أمام أهلها ، أو القاضي ، ولم يشهد عليها بذلك أربعة شهداء : فالقول قولها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا )

رواه البخاري (2315) ، ومسلم (1689) .

قال الإمام الشافعي رحمه الله - في حديث أنيس رضي الله عنه - : " فَتِلْكَ امْرَأَةٌ ذَكَرَ أَبُو الزَّانِي بِهَا : أَنَّهَا زَنَتْ ، فَكَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْأَلَ ، فَإِنْ أَقَرَّتْ حُدَّت ، وَسَقَطَ الْحَدُّ عَمَّنْ قَذَفَهَا ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ حُدَّ قَاذِفِهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَاذِفُهَا زَوْجَهَا : لَزِمَهُ الْحَدُّ إنْ لَمْ تُقِرَّ ، وَسَقَطَ عَنْهُ إنْ أَقَرَّتْ ، وَلَزِمَهَا "

انتهى من " الأم " (6/333) .

وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ ، سَمَّاهَا لَهُ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَرْأَةِ ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ ، فَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ زَنَتْ ، فَجَلَدَهُ الْحَدَّ ، وَتَرَكَهَا )

رواه أبو داود (4437) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الأصل أن من قذف شخصاً بالزنا أن يقال له : أقم البينة ، وإلا جلدناك ثمانين جلدة ؛ لأن الأعراض محترمة ، فإذا قال شخص لآخر : أنت زانٍ ، أو يا زاني ، أو ما أشبه ذلك ، قلنا : أقم البيِّنة ، وإلا : فثمانون جلدة في ظهرك .

فإن قال : أنا رأيته بعيني يزني ، قلنا له : إن لم تأتِ بالشهداء : فأنت كاذب عند الله ، ولهذا قال الله تعالى : ( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ما قال في حقيقة الأمر ، لكن عند الله ، أي : في حكمه وشرعه : أنه كاذب ، وإن كان صادقاً في نفس الواقع "

انتهى من " الشرح الممتع " (13/284) .

وأما الأيمان ، فإنها لا تقوم مقام الشهود إلا في حالة واحدة ، هي : أن يشهد على زوجته أنه رآها تزني ؛ فهنا : إما أن يأتي على ذلك بأربعة شهداء ، كما لو شهد على امرأة غيره ، أو أن يُحد لقذفه امرأة ، من غير بينة ، أو : يلاعنها .
وهذا هو الذي يختلف به حال الزوج عن غيره من الشهداء بالزنا .

فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ بْنِ سحْمَاء .
فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْبَيِّنَةَ ؛ أو حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ ) !!

فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا على امرأته رَجُلاً ينطلق يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ ؟!

فَجَعَلَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْبَيِّنَةَ ؛ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ ) !!

فَقَالَ هِلَالٌ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ ، وَلَيَنْزِلَنَّ فِي أَمْرِي مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ ؛ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : ( وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ ) .

فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا ، فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ ؛ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ ) ؟!

ثُمَّ قَامَتْ ، فَشَهِدَتْ ؛ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا : إِنَّهَا مُوجِبَةٌ !!

فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَتَلَكَّأَتْ ، وَنَكَصتْ ، حَتَّى ظَنَّنَا أَنْها تَرْجِعُ ؛ ثم قَالَتْ : لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ ..)

رواه البخاري (6/ 100) .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" لَا لِعَانَ بَيْنَ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ ، فَإِذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً مُحْصَنَةً ، حُدَّ وَلَمْ يُلَاعَنْ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً عُزِّرَ ، وَلَا لِعَانَ أَيْضًا .
وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : ( وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ) .

ثُمَّ خَصَّ الزَّوْجَاتِ مِنْ عُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : ( وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) ، فَفِيمَا عَدَاهُنَّ يَبْقَى عَلَى قَضِيَّةِ الْعُمُومِ "

انتهى من "المغني" (11/129) .

ثالثاً :

إذا شهدتَ جريمة الزنا فلست مطالباً بالإبلاغ عن الحادثة ، ولو مع وجود الشهود ، بل الأولى الستر عليهما ، إذا رجي منهما التوبة والإقلاع عن المعصية والرجوع إلى الله ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( َمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

رواه البخاري (2242) ، ومسلم (2580) .

قال النووي رحمه الله :

" قَالَ الْعُلَمَاءُ : هَذَا السَّتْرُ مَنْدُوبٌ ، فَلَوْ رَفَعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ : لَمْ يَأْثَمْ بِالْإِجْمَاعِ ، لَكِنْ هَذَا خِلَافُ الْأَوْلَى ، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (16/135) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في قصة ماعز :

" وَيُؤْخَذُ مِنْ قَضِيَّتِهِ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَقَعَ فِي مِثْلِ قَضِيَّتِهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَسْتُرَ نَفْسَهُ ، وَلَا يَذْكُرُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ ، كَمَا أَشَارَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى مَاعِزٍ .

وَأَنَّ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ يَسْتُرُ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَا ، وَلَا يَفْضَحُهُ ، وَلَا يَرْفَعُهُ إِلَى الْإِمَامِ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ : ( لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ ) .

وَبِهَذَا جَزَمَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : أُحِبُّ لِمَنْ أَصَابَ ذَنْبًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَتُوبَ ، وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ مَاعِز مَعَ أبي بكر وَعمر .

وَقَالَ ابن الْعَرَبِيِّ : هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُجَاهِرِ ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُتَظَاهِرًا بِالْفَاحِشَةِ مُجَاهِرًا فَإِنِّي أُحِبُّ مُكَاشَفَتَهُ وَالتَّبْرِيحَ بِهِ لِيَنْزَجِرَ هُوَ وَغَيْرُهُ "

انتهى من " فتح الباري " (12/124) .

رابعاً :

إذا سألك شخص ليتزوج بها فلا يخلو من حالين :

1ـ أن تكون قد تابت ورجعت إلى الله ، وعلمتَ توبتها : فلا يجوز لك إخبار الخاطب بحالها السابق ، ولك أن تقول هي على خير وتقصد حالها الآن إن كان الأمر كذلك ؛ لما تقدم بيانه .

2ـ إذا كانت على ما هي عليه من المعاصي.. فالواجب عليك تحذيره منها ؛ لأن ذلك من النصيحة المأمور بها لكل مسلم : ( إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ ) رواه أحمد (14908) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ )

رواه مسلم (55) .

ولكن ليس لك أن تصرح له بزناها ، بل تستعمل العبارات والألفاظ المجملة ، كـ : لا أنصحك بها ، هي ذات خلق سيء ، سلوكها سيء ، لها علاقات مشبوهة ، ونحو ذلك .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-07, 13:56   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
وسام سومة
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا على الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2018-06-22, 18:36   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
IslamVideos
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخي الكريم










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:56

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc