حصون اليهود لم يهدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمانه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حصون اليهود لم يهدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمانه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-09-06, 16:20   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










Post حصون اليهود لم يهدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمانه

السلام عليكم ورحمة الله
الحصون أعني حصون اليهووود
لم يهدمها الرسول عليه الصلاة والسلام وبقائها لايؤثر اساسا
واما القبور
جاء في السنة
صحيح مسلم :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه.
وروى مسلم أيضاً عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 16:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل البقيع وتلك القباب كانت في زمن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان تسوى عن طريق المجدد رحمه الله ؟؟؟؟؟










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 16:31   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل أثرت حصون بني خيبر وقريظة وووو في الناس على مر العصور
أم ما أثر في الناس هو تلك القباب ..وكثرة عباد القبوور










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 16:46   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم طلحة الجزائرية مشاهدة المشاركة
هل أثرت حصون بني خيبر وقريظة وووو في الناس على مر العصور
أم ما أثر في الناس هو تلك القباب ..وكثرة عباد القبوور
استغفر الله العظيم انت اذا مع ابقاء الاثار اليهودية و طمس الاثار الاسلامية
بيت النبي عليه الصلاة و السلام عندك اقل شأنا من اثار خيبر اليهودية
حولها ال سعود الى مراحيض و انت تدافعين عن اثار اليهود التي ابقوا عليها في خيبر و هم يريدون ان يدخلوها في التراث العالمي لهيئة اليونسكو
استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم










آخر تعديل احمد الطيباوي 2014-09-06 في 16:53.
رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 16:48   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

النبي ينهى عن هدم الآثار الجاهلية، وآل سعود الوهابية يهدمون الآثار الإسلامية و اضرحة الصحابة بالبقيع

نهى عن آطام المدينة أن تهدم
* أخرج الإمام البيهقي في معرفة السنن والآثار (7/440/10615): [أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِينَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ هَدْمِ آطَامِ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ: «إِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ»]
ــ عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني، ثقة، روى عنه الأئمة، ومنهم من هو أسن منه كابن جريج، وأبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي، وموسى بن عقبة، وجمع غفير من المشاهير، أثنى عليه الإمام مالك فقال: (عليك بابن أبي الزناد) عندما سأله موسى بن سلمة عندما قدم المدينة طالباً للعلم: (إني قدمت لأسمع العلم واسمع ممن تأمرني به)، ولكن تغير حفظه عندما نزل بغداد تغيراً كبيراً حتى ذكره بعضهم في الضعفاء. والصحيح ما قلناه أن من سمع منه في المدينة جيد، وهو من أثبت الناس في هشام بن عروة؛ ولخص الحافظ حاله تلخيصاً متوازناً، فقال في التقريب (ج1/ص340/ت3861): [عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان المدني مولى قريش صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيها من السابعة ولي خراج المدينة فحمد مات سنة أربع وسبعين وله أربع وسبعون سنة (خت م 4)]
ــ عيسى بن مينا، أبو موسى المدني المقرئ، الشهير بلقب (قالون)، إمام في القراءة، وهو الراوية الأول والمقدم لإمام القراء نافع المدني، ليس بكثير الحديث، وهو صدوق بلا شك ولا ريب، إذ لم يرد فيه جرح معتبر مطلقاً على شهرته، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جمع، منهم: الأئمة محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو زرعة الرازي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وحسبك بهم، وموسى بن إسحاق الأنصاري وعلى بن الحسن الهسنجاني، كما هو في الثقات (ج8/ص493/ت14619)؛ وفي الجرح والتعديل (ج6/ص290/ت1609). وأما ما جاء في لسان الميزان (ج4/ص407/ت1246): [عيسى بن ميناء قالون المدني المقري صاحب نافع اما في القراءة فثبت واما في الحديث فيكتب حديثه في الجملة سئل احمد بن صالح المصري عن حديثه فضحك وقال: (تكتبون عن كل أحد!). قلت: روى عن محمد بن جعفر بن أبي كثير وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعنه إسماعيل القاضي وأبو زرعة وطائفة؛ ومات سنة عشرين ومائتين. انتهى. وذكره بن حبان في الثقات وقال كنيته أبو موسى روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري وإسماعيل القاضي وقال بن أبي حاتم سمعت على بن الحسن الهسنجاني يقول كان قالون أصم شديد الصمم وكان ينظر الى شفتي القاري فيرد عليه اللحن والخطاء]، انتهى كلام الحافظ. فاعتبار الذهبي لكلام الإمام الحافظ احمد بن صالح المصري جرحاً فهم خاطئ، فيما أحسب، والله أعلم، وإنما هو تعجب من ذلك الجيل من طلبة الحديث، الملحين، الذين يسألون الناس عن الحديث إلحافاً، فلم يفلت أحد منهم. وأقول: الحمد لله الذي حفظ بهم الذكر، وجزاهم الله خيراً على إلحاحهم وتقصيهم، وحسبك بأن يكون البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا، منهم. وقالون مدني مرابط، لا أظنه رأى بغداد أصلاً، فسماعه من عبد الرحمن بن أبي الزناد مدني قديم قطعاً.
ــ إسماعيل بن إسحاق القاضي، هو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم، الأزدي الجهضمي، مولاهم، قاضي بغداد، ثقة ثبت، كما جاء في الجرح والتعديل (ج2/ص158/ت531): [إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد القاضي روى عن عبد الله بن مسلمة القعنبي وإسماعيل بن أبى أويس وعمرو بن مرزوق وحجاج بن المنهال وعبد الله بن محمد بن أسماء بن اخي جويرية وعيسى بن مينا قالون وسليمان بن حرب كتب إلينا ببعض حديثه وهو ثقة صدوق]؛ وفي الثقات ج8/ص105/ت1244: [إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم كان على قضاء بغداد يروى عن الأنصاري عن سليمان التيمي روى عنه أهل العراق والغرباء مات آخر سنة ثنتين أو أول سنة ثلاث وثمانين ومائتين]
ــ موسى بن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وربما قال الحاكم: موسى بن إسماعيل بن القاضي، هو: موسى بن إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم، أبو عمرو الأزدي الجهضمي، مولاهم؛ قليل الحديث، فلم يشتهر، فهو قطعاً ليس في مرتبة أبيه، آنف الذكر؛ ولا ابن عمه الثقة الثبت العابد إبراهيم بن حماد بن إسحاق، شيخ الطبراني. وصاحبنا هذا من شيوخ الإمام الحاكم، وقد أخرج له في المستدرك مما يدل على وثاقته عنده. والإمام الحاكم، وإن كان فيه بعض تساهل، إلا أنه من أئمة الجرح والتعديل، وهو أدرى بشيوخه؛ وقد كانت الرواية أيام الحاكم رواية كتب وأجزاء مكتوبة، وكانوا يتشددون في الاطلاع على أصول الشيوخ المكتوبة، والتأكد من صحتها وقدمها وأصالتها. وروى عنه جماعة، منهم من الأئمة والنبلاء الكبار: الحافظ الحجة محمد بن أحمد بن محمد بن فارس بن سهل، أبو الفتح بن أبي الفوارس؛ وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري الفقيه المالكي، رأس المالكية وإمامهم في زمانه؛ وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقرئ، ثقة، من أعيان الناس ونبلائهم، شيخ الشهود ومتقدمهم، أم بالناس في المسجد الحرام أيام الموسم وما تقدم فيه من ليس بقرشي غيره؛ والقاضي الشريف المعدَّل أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي (وهو من ولد: عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس) صاحب (فوائد العيسوي)، وهو من ثقات شيوخ البيهقي والخطيب وأبي الفوارس طِرَاد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي الزَّيْنَبي؛ وآخرون. فصاحبنا موسى بن إسماعيل بن القاضي إذاً ثقة، إن شاء الله تعالي.
فالحديث بهذا الإسناد وحده من الحسن الجيد، الذي يصلح للاحتجاج، وتقوم به الحجة، إن شاء الله تعالي. وهو صحيح قطعا بالمتابعات الآتية:
* المتابعة الأولى: ما جاء في شرح معاني الآثار (4/194/6324): [حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «لَا تَهْدِمُوا الْآطَامَ، فَإِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ»]
ــ وطريق ثانية في شرح معاني الآثار (4/194/6325): [حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حدثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ]
ــ أبو خالد يزيد بن سنان بن يزيد القزاز البصري، نزيل مصر؛ وحافظ مصر الشهير أبو محمد سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمد بن سالم الجمحي، مولاهم، المصري؛ وأبو الزِنْباع رَوْح بن الفرج القطان المصري؛ وقاضي المدينة أبو مصعب أحمد بن أبي بكر بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري الفقيه، كلهم ثقات مشاهير مجمع عليهم، من رجال التقريب؛ ونافع مولى ابن عمر أشهر من أن يسأل عن مثله؛
ــ عبد العزيز بن محمد بن عبيد (أو: بن أبى عبيد) الدراوردي، الجهني (أو: القضاعي) مولاهم، أحد الأعلام المشاهير، من فقهاء أهل المدينة وساداتهم مات سنة اثنتين وثمانين ومائة، قيل كان ربما قرأ من كتب الناس فيخطئ؛ احتج به مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً وتعليقاً، واحتج به الجمهور.
ــ بقي عبد الله بن نافع، ولد نافع مولى ابن عمر، وهو علة هذا الإسناد بحق، وهو كالمجمع على ضعفه، استنكر له الأئمة بضعة أحاديث، وليس هو بالمتروك الساقط، فقد قال يحيى بن معين مرة: (ضعيف)، وقال مرة أخرى: (يكتب حديثة)؛ وقال أبو أحمد بن عدي بعد استعراض جملة من حديثه الكامل في الضعفاء (ج4/ص165/ت984): (وهو ممن يكتب حديثه وإن كان غيره يخالفه فيه)؛ وقد أفادنا أبو أحمد بن عدي بطريق ثالثة للحديث هي:
ــ قال أبو أحمد بن عدي الكامل في الضعفاء (ج4/ص165/ت984): [حَدَّثَنَا بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ عَبد الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمد عن عَبد اللَّه بن نافع، عَنْ أَبِيهِ، عنِ ابْنِ عُمَر إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ هَدْمِ الآطَامِ وَقَالَ إِنَّهَا مِنْ زِينَةِ المدينة]
ــ وهناك طريق رابعة للحديث نجدها الضعفاء الكبير للعقيلي (2/311): [حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ هَدْمِ آطَامِ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّهَا مِنْ زِينَةِ الْمَدِينَةِ]؛ ثم فال العقيلي على عادته القبيحة في المجازفة: (وَلَا يُتَابِعُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْ مِثْلُهُ)!
فهذه المتابعة الأولى، على ما في إسنادها من مقال، متابعة تامة للحديث الرئيس، حديث أبي هريرة، الذي أصبح بذلك مقطوعاً بصحته. ويزداد الحديث قوة، وتزداد صحته ثبوتاً، بالمتابعة الجزئية التالية:
* المتابعة الثانية: كما هي في مسند البزار [البحر الزخار (12/230/5951)]: [حَدَّثنا الحسن بن يَحْيَى، حَدَّثنا مُحَمد بْنُ سِنَانٍ، عَن عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر، عَن نافعٍ، عَن ابْنِ عُمَر؛ أَن النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَن آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدَمَ]؛ ولهذه المتابعة طرق كثيرة نسوقها تباعاً:
ــ وهي في شرح معاني الآثار (4/194/6322): [حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدَمَ.
ــ وفي شرح معاني الآثار (4/194/6323): [حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ، قَالَ حدثنا الْعُمَرِيُّ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ]
ــ وفي حديث أبي الفضل الزهري (ص:441/444): [أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ، حدثني الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدَمَ»]
ــ وفي تاريخ أصبهان [أخبار أصبهان (1/186)]: [حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَعْبَدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ، حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، «نَهَى عَنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدِمَ»]
ــ وفي سير أعلام النبلاء [ط الحديث (6/397)]: [أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الآنمِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الجَمَّالُ (ح) وَأَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ عَنْ مَسْعُوْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ السِّمْسَارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا، وَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ، (نَهَى عَنْ آطَامِ المَدِيْنَةِ أَنْ تُهدَمَ)]؛ وزعم محقق الطبعة: (موضوع: فيه أحمد بن جعفر السمسار، مشهور بالوضع. وأحمد بن عصام ضعيف والأطم بالضم: بناء مرتفع جمعه آطام)؛ والناشر: دار الحديث – القاهرة.
¬ ــ وفي طبعة أخرى لسير أعلام النبلاء [ط الرسالة (6/307)]؛ وقال في الهامش: (خبر باطل، آفته: أحمد بن جعفر السمسار)؛ والطبعة بتحقيق: (مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط)؛ والناشر: مؤسسة الرسالة.
ــ وجاء في تذكرة الحفاظ (ج3/ص1092/ت993) خلال ترجمة أبي نعيم الأصبهاني: [أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن مسعود بن أبي منصور (ح) وقرأت على أحمد بن محمد المؤدب أخبرنا بن خليل أخبرنا مسعود أخبرنا أبو علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أحمد بن جعفر السمسار حدثنا أحمد بن عصام حدثنا وهب بن جرير حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن آطام المدينة أن تهدم]، ثم قال الذهبي: (غريب).
فأقول: أولاً: ما جاء في سير أعلام النبلاء: (عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ) خطأ، بلا ريب، إذ أن وهب بن جرير ما أدرك عبيد الله أصلاً، وكما تشهد الطرق الأخرى؛ وإنما هو: (عبد اللهِ بنُ عُمَرَ)، وهو الذي يقال له (العمري)، وهو على الصحيح في تذكرة الحفاظ.
وثانياً: كلام المحقق لطبعة دار الحديث خطأ مركب، فليس أبو يحيى أحمد بن عصام بن عبد المجيد بن كثير بن أبي عمرة الأنصاري، نزيل أصبهان، المتوفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين، الذي يروي عن وهب بن جرير ومعاذ بن هشام ومؤمل بن إسماعيل وأبي أحمد الزبيري وأبى داود وطبقتهم، ليس من الضعفاء حتى يلج الجمل في سم الخياط، [انظر طبقات أصبهان (ج3/ص40/ت24]؛ وإنما الضعيف هو أحمد بن عصام الموصلي، يروي عن مالك كما هو في لسان الميزان (ج 1/ص220/ت686): [(أحمد بن عصام الموصلي عن مالك وعنه يوسف بن يعقوب بن زياد الواسطي قال الدارقطني ضعيف) انتهى. وأخرج له في غرائب مالك في ترجمة نافع عن بن عمر رفعه ذكاة الجنين ذكاة أمه وقال تفرد برفعه هذا الشيخ وهو في الموطأ موقوف]
وثالثاُ: أحمد بن جعفر السمسار الذي يروي هنا عن أحمد بن عصام الأصبهاني هو الذي جاء في طبقات أصبهان (ج4/ص286/ت671): [أحمد بن جعفر بن معبد، شيخ ثقة، عنده عن أحمد بن عصام وأحمد بن مهدي والأصبهانيين.... إلخ]؛ فالمحقق التبس عليه هذا الثقة بالوضاع الكذاب أحمد بن جعفر بن عبد الله، أبو الفرج النسائي، شيخ آخر لأبي نعيم الأصبهاني، كما هو في لسان الميزان (ج1/ص144/ت457 - 45، والله أعلم.
رابعاً: تم تصحيح الخطأ الأول في طبعة دار الرسالة، فلا ذكر هنا لأحمد بن عصام، ولكن الخطأ الثاني بخصوص أحمد بن جعفر السمسار بقي كما هو، وهذا لا يليق بـ(مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط)!
وعلى كل حال فمدار الطرق الكثيرة على عبد الله بن عمر العمري، وهو الآفة، إن كانت هناك آفة. والحق أن الفقرة: («نَهَى عَنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدِمَ») قد ثبتت ثبوتاً لا شك فيه من طرق أخرى، فليس ثمة آفة أو علة هنا، ومتابعة العمري تزيد الخبر قوة ومتانة.
والحق أن أبا عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني ليس بالضعيف الساقط، فقد أخرج له مسلم والأربعة، وهو بدون شك أقوى بكثير من عبد الله بن نافع، ولكن أضر به أن أخاه الأكبر عبيد الله في القمة من الاتقان والتثبت، فإذا قورن به عبد الله سقط، وهذا ليس من العدل في شيء: فالواجب هو تقييم الرواة ومقارنتهم بالجيد المتوسط منهم، وليس بالنوادر من أمثال عبيد الله الذين لا يوجد منهم إلا بضعة نفر في العصر الواحد. وقد روى عنه الجمهور، ولم يتركه أحد، إلا الإمام يحيى بن سعيد القطان، وتبنى موقفه البخاري، وابن حبان فلم يذكروا غير موقف يحيى بن سعيد القطان. وإليك جملة من أقوال الأئمة كما هي في تهذيب التهذيب (ج5/ص286/ت564): [قال أبو طلحة عن أحمد: (لا بأس به قد رُوِى عنه ولكن ليس مثل أخيه عبيد الله)؛ وقال أبو زرعة الدمشقي عن أحمد: (كان يزيد في الأسانيد ويخالف وكان رجلا صالحا)؛ وقال أبو حاتم رأيت أحمد بن حنبل يحسن الثناء عليه]؛...؛ [وقال عثمان الدارمي عن بن معين: (صويلح)، وقال بن أبي مريم عن بن معين: (ليس به بأس يكتب حديثه) وقال عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه: (ضعيف)؛ وقال عمرو بن علي: (كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه وكان عبد الرحمن يحدث عنه)؛ وقال يعقوب بن شيبة: (ثقة صدوق في حديثه اضطراب)؛ وقال صالح جزرة: (لين مختلط الحديث)؛ وقال النسائي: (ضعيف الحديث)؛ وقال بن عدي: (لا بأس به في رواياته صدوق)]؛...؛[وقال أبو حاتم: (وهو أحب إلي من عبد الله بن نافع يكتب حديثه ولا يحتج به)؛ وقال العجلي: (لا بأس به)؛ وقال بن حبان: (كان ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن الضبط فاستحق الترك، مات سنة 173)؛ وقال الترمذي في العلل الكبير عن البخاري: (ذاهب لا أروي عنه شيئاً)؛ وقال البخاري في التاريخ: (كان يحيى بن سعيد يضعفه)؛ وقال أبو أحمد الحاكم: (ليس بالقوي عندهم)؛ وقال يعقوب بن سفيان عن أحمد بن يونس: (لو رأيت هيئته لعرفت أنه ثقة)؛ وقال المروذي: (ذكره أحمد فلم يرضه)؛ وقال بن عمار الموصلي: (لم يتركه أحد إلا يحيى بن سعيد وزعموا أنه أخذ كتب عبيد الله فرواها)؛ وأورد له يعقوب بن شيبة في مسنده حديثا فقال: (هذا حديث حسن الإسناد مدني)، وقال في موضع آخر: (هو رجل صالح مذكور بالعلم والصلاح وفي حديثه بعض الضعف والاضطراب ويزيد في الأسانيد كثيرا)؛ وقال الخليلي: (ثقة غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه)؛ وقول بن معين فيه أنه صويلح إنما حكاه عنه إسحاق الكوسج وأما عثمان الدارمي فقال عن بن معين: (صالح ثقة)]؛
والخلاصة أن يحيى بن سعيد القطان هو فقط الذي تركه، وتبعه علي بن المديني، ثم البخاري، وأما النسائي فهو من المتشددين على كل حال، وابن حبان متساهل في التوثيق والجرح على حد سواء لا يعتمد عليه؛ وانحاز الحافظ إليهم فقال في تقريب التهذيب (ج1/ص314/ت3489): [عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن العمري المدني ضعيف عابد من السابعة مات سنة إحدى وسبعين وقيل بعدها (م 4)]؛
أما أنا فأستخير الله وأقول: (صدوق عابد، في حديثه لين واضطراب، يكتب حديثه ولا يحتج به إذا انفرد)؛ والله أعلم وأحكم.
ومهما يكن من أمر فإن حديثتا الرئيس، حديث أبي هريرة، حسن لذاته، صحيح قطعاً بمجموع متابعاته وطرقه.
وحتى الألباني، الذي لم يطلع على حديث أبي هريرة الرئيس، أقر بأن الفقرة الأولى، وهي: («نَهَى عَنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدِمَ») قابلة للتحسين، عندما قال نصاً: [وأما شطره الأول؛ فمن الممكن تحسينه بمجموع الطريقين الضعيفين عن نافع، ولعل هذا هو وجه سكوت الحافظ على الحديث في "الفتح" (4/71) وتحسينه إياه فيما تقدم؛ وإلا فإني استبعد جداً أن يحسن إسناداً تفرد به العمري الذي جزم هو نفسه بتضعيفه كما تقدم، فضلاً عن غيره! والله أعلم]، وذلك عند دراسته لحديث نافع في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (10/458/4859): [(لا تهدموا الآطام؛ فإنها زينة المدينة): منكر]
والواجب الآن، على كل حال، هو نقل الحديث من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة إلى سلسلة الأحاديث الصحيحة، والحمد لله رب العالمين.
والآطام: جمع «أطم»: وهي قلاع وحصون كانت بالمدينة في العصر الجاهلي، وهي كثيرة. وكانت هناك آطام ليهور بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريضة بقيت – والله أعلم – مهجورة خالية بعد جلاء أصحابه، كما كان حال بني قينقاع، وبني النضير، أو إبادتهم كبني قريضة؛ ولعل هذه الآطام المهجورة هي المقصود الأولي في الحديث لتبقى أثراً وشاهداً حسياً للتاريخ.
وأما قوله: (إِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ) فليس هو من باب تعليل الحكم بحيث يدور الحكم معه وجوداً وعدماً، وإنما هو من باب ذكر المقصد أو الحكمة، أو بعض الحكمة، من الحكم؛ وهو ما يساعد على إحسان فهم الحكم، وإحسان تطبيقه.
كما ينبغي أن يلاحظ أن الزينة المقصودة ليست بالضرورة فقط جمال الشكل أو الصورة للناظرين؛ بل قد تكون "زينة" معنوية كأطلال قصر دمره عدو غازي بالنار: المنظر قبيح، ولكن الأثر يشد إليه الرحال لاستحضار الواقعة التاريخية في الذهن، واستنباط العبر والدروس منها. فالأثر قبيح في ذاته للناظر، ولكنه "زينة" للبلدة التي يقع فيها لأنها تصبح محط الرحال ومقصد السياح لمشاهدة الأثر، ودراسة تاريخه.
والحديث الشريف، وهو صحيح ثابت بدون أدنى شبهة، ينبغي أن يتخذ أصلاً في العناية بالآثار، والمحافظة عليها.
وثانياً: كلام المحقق لطبعة دار الحديث خطأ مركب، فليس أبو يحيى أحمد بن عصام بن عبد المجيد بن كثير بن أبي عمرة الأنصاري، نزيل أصبهان، المتوفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين، الذي يروي عن وهب بن جرير ومعاذ بن هشام ومؤمل بن إسماعيل وأبي أحمد الزبيري وأبى داود وطبقتهم، ليس من الضعفاء حتى يلج الجمل في سم الخياط، [انظر طبقات أصبهان (ج3/ص40/ت24]؛ وإنما الضعيف هو أحمد بن عصام الموصلي، يروي عن مالك كما هو في لسان الميزان (ج 1/ص220/ت686): [(أحمد بن عصام الموصلي عن مالك وعنه يوسف بن يعقوب بن زياد الواسطي قال الدارقطني ضعيف) انتهى. وأخرج له في غرائب مالك في ترجمة نافع عن بن عمر رفعه ذكاة الجنين ذكاة أمه وقال تفرد برفعه هذا الشيخ وهو في الموطأ موقوف]
وثالثاُ: أحمد بن جعفر السمسار الذي يروي هنا عن أحمد بن عصام الأصبهاني هو الذي جاء في طبقات أصبهان (ج4/ص286/ت671): [أحمد بن جعفر بن معبد، شيخ ثقة، عنده عن أحمد بن عصام وأحمد بن مهدي والأصبهانيين.... إلخ]؛ فالمحقق التبس عليه هذا الثقة بالوضاع الكذاب أحمد بن جعفر بن عبد الله، أبو الفرج النسائي، شيخ آخر لأبي نعيم الأصبهاني، كما هو في لسان الميزان (ج1/ص144/ت457 - 45، والله أعلم.
رابعاً: تم تصحيح الخطأ الأول في طبعة دار الرسالة، فلا ذكر هنا لأحمد بن عصام، ولكن الخطأ الثاني بخصوص أحمد بن جعفر السمسار بقي كما هو، وهذا لا يليق بـ(مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط)! وعلى كل حال فمدار الطرق الكثيرة على عبد الله بن عمر العمري، وهو الآفة، إن كانت هناك آفة. والحق أن الفقرة: («نَهَى عَنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدِمَ») قد ثبتت ثبوتاً لا شك فيه من طرق أخرى، فليس ثمة آفة أو علة هنا، ومتابعة العمري تزيد الخبر قوة ومتانة. والحق أن أبا عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني ليس بالضعيف الساقط، فقد أخرج له مسلم والأربعة، وهو بدون شك أقوى بكثير من عبد الله بن نافع، ولكن أضر به أن أخاه الأكبر عبيد الله في القمة من الاتقان والتثبت، فإذا قورن به عبد الله سقط، وهذا ليس من العدل في شيء: فالواجب هو تقييم الرواة ومقارنتهم بالجيد المتوسط منهم، وليس بالنوادر من أمثال عبيد الله الذين لا يوجد منهم إلا بضعة نفر في العصر الواحد. وقد روى عنه الجمهور، ولم يتركه أحد، إلا الإمام يحيى بن سعيد القطان، وتبنى موقفه البخاري، وابن حبان فلم يذكروا غير موقف يحيى بن سعيد القطان. وإليك جملة من أقوال الأئمة كما هي في تهذيب التهذيب (ج5/ص286/ت564): [قال أبو طلحة عن أحمد: (لا بأس به قد رُوِى عنه ولكن ليس مثل أخيه عبيد الله)؛ وقال أبو زرعة الدمشقي عن أحمد: (كان يزيد في الأسانيد ويخالف وكان رجلا صالحا)؛ وقال أبو حاتم رأيت أحمد بن حنبل يحسن الثناء عليه]؛...؛ [وقال عثمان الدارمي عن بن معين: (صويلح)، وقال بن أبي مريم عن بن معين: (ليس به بأس يكتب حديثه) وقال عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه: (ضعيف)؛ وقال عمرو بن علي: (كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه وكان عبد الرحمن يحدث عنه)؛ وقال يعقوب بن شيبة: (ثقة صدوق في حديثه اضطراب)؛ وقال صالح جزرة: (لين مختلط الحديث)؛ وقال النسائي: (ضعيف الحديث)؛ وقال بن عدي: (لا بأس به في رواياته صدوق)]؛...؛[وقال أبو حاتم: (وهو أحب إلي من عبد الله بن نافع يكتب حديثه ولا يحتج به)؛ وقال العجلي: (لا بأس به)؛ وقال بن حبان: (كان ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن الضبط فاستحق الترك، مات سنة 173)؛ وقال الترمذي في العلل الكبير عن البخاري: (ذاهب لا أروي عنه شيئاً)؛ وقال البخاري في التاريخ: (كان يحيى بن سعيد يضعفه)؛ وقال أبو أحمد الحاكم: (ليس بالقوي عندهم)؛ وقال يعقوب بن سفيان عن أحمد بن يونس: (لو رأيت هيئته لعرفت أنه ثقة)؛ وقال المروذي: (ذكره أحمد فلم يرضه)؛ وقال بن عمار الموصلي: (لم يتركه أحد إلا يحيى بن سعيد وزعموا أنه أخذ كتب عبيد الله فرواها)؛ وأورد له يعقوب بن شيبة في مسنده حديثا فقال: (هذا حديث حسن الإسناد مدني)، وقال في موضع آخر: (هو رجل صالح مذكور بالعلم والصلاح وفي حديثه بعض الضعف والاضطراب ويزيد في الأسانيد كثيرا)؛ وقال الخليلي: (ثقة غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه)؛ وقول بن معين فيه أنه صويلح إنما حكاه عنه إسحاق الكوسج وأما عثمان الدارمي فقال عن بن معين: (صالح ثقة)]؛
والخلاصة أن يحيى بن سعيد القطان هو فقط الذي تركه، وتبعه علي بن المديني، ثم البخاري، وأما النسائي فهو من المتشددين على كل حال، وابن حبان متساهل في التوثيق والجرح على حد سواء لا يعتمد عليه؛ وانحاز الحافظ إليهم فقال في تقريب التهذيب (ج1/ص314/ت3489): [عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن العمري المدني ضعيف عابد من السابعة مات سنة إحدى وسبعين وقيل بعدها (م 4)]؛
أما أنا فأستخير الله وأقول: (صدوق عابد، في حديثه لين واضطراب، يكتب حديثه ولا يحتج به إذا انفرد)؛ والله أعلم وأحكم. ومهما يكن من أمر فإن حديثتا الرئيس، حديث أبي هريرة، حسن لذاته، صحيح قطعاً بمجموع متابعاته وطرقه.
وحتى الألباني، الذي لم يطلع على حديث أبي هريرة الرئيس، أقر بأن الفقرة الأولى، وهي: («نَهَى عَنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُهْدِمَ») قابلة للتحسين، عندما قال نصاً: [وأما شطره الأول؛ فمن الممكن تحسينه بمجموع الطريقين الضعيفين عن نافع، ولعل هذا هو وجه سكوت الحافظ على الحديث في "الفتح" (4/71) وتحسينه إياه فيما تقدم؛ وإلا فإني استبعد جداً أن يحسن إسناداً تفرد به العمري الذي جزم هو نفسه بتضعيفه كما تقدم، فضلاً عن غيره! والله أعلم]، وذلك عند دراسته لحديث نافع في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (10/458/4859): [(لا تهدموا الآطام؛ فإنها زينة المدينة): منكر]
والواجب الآن، على كل حال، هو نقل الحديث من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة إلى سلسلة الأحاديث الصحيحة، والحمد لله رب العالمين. والآطام: جمع «أطم»: وهي قلاع وحصون كانت بالمدينة في العصر الجاهلي، وهي كثيرة. وكانت هناك آطام ليهور بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريضة بقيت – والله أعلم – مهجورة خالية بعد جلاء أصحابه، كما كان حال بني قينقاع، وبني النضير، أو إبادتهم كبني قريضة؛ ولعل هذه الآطام المهجورة هي المقصود الأولي في الحديث لتبقى أثراً وشاهداً حسياً للتاريخ.
وأما قوله: (إِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ) فليس هو من باب تعليل الحكم بحيث يدور الحكم معه وجوداً وعدماً، وإنما هو من باب ذكر المقصد أو الحكمة، أو بعض الحكمة، من الحكم؛ وهو ما يساعد على إحسان فهم الحكم، وإحسان تطبيقه.
كما ينبغي أن يلاحظ أن الزينة المقصودة ليست بالضرورة فقط جمال الشكل أو الصورة للناظرين؛ بل قد تكون "زينة" معنوية كأطلال قصر دمره عدو غازي بالنار: المنظر قبيح، ولكن الأثر يشد إليه الرحال لاستحضار الواقعة التاريخية في الذهن، واستنباط العبر والدروس منها. فالأثر قبيح في ذاته للناظر، ولكنه "زينة" للبلدة التي يقع فيها لأنها تصبح محط الرحال ومقصد السياح لمشاهدة الأثر، ودراسة تاريخه. والحديث الشريف، وهو صحيح ثابت بدون أدنى شبهة، ينبغي أن يتخذ أصلاً في العناية بالآثار، والمحافظة عليها.
| فصل: موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، من آثار الأنبياء
أما موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، من آثار الأنبياء، وتخوفه من افتتان الناس بها فهو معروف مشهور، ولعله تفرد بذلك من بين الصحابة:
* فقد أخرج الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج2/ص151/ح7550): [حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المعرور بن سويد قال خرجنا مع عمر في حجة حجها فقرأ بنا في الفجر ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ولإيلاف قريش فلما قضى حجة ورجع والناس يبتدرون فقال ما هذا فقالوا مسجد صلى فيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصل]؛ وهو في شرح مشكل الآثار - (12/544) بأتم وأنظف لفظ: [كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ؛ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: وَافَيْتُ الْمَوْسِمَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ، فَصَلَّى لَنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ، فَقَرَأَ فِيهَا: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}، و{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}، ثُمَّ رَأَى أُنَاسًا يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: (أَيْنَ يَذْهَبُونَ هَؤُلَاءِ؟)، قَالُوا: (يَأْتُونَ مَسْجِدًا هَا هُنَا صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم،!)، قَالَ: (إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَشْبَاهِ هَذِهِ يَتَّبِعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ، فَاتَّخَذُوهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا، وَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وَلَا يَتَعَمَّدَنَّهَا)؛ وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ]؛ وأخرجه الإمام عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (ج2/ص118/ح2734): [عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش]؛ وأخرجه ابن وضاح في البدع - (1/106/9: [حدثني إبراهيم بن محمد قال: حدثنا حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش قال: حدثني المعرور بن سويد الأسدي]؛ وأخرجه ابن وضاح في البدع - (1/107/99): [حدثنا موسى بن معاوية قال: حدثنا جرير، عن الأعمش]؛
قلت: هذه أسانيد متصلة، غاية في الصحة، على شرط الشيخين، وزيادة.
فهذا هو أبو أمية المعرور بن سويد، وهو ثقة حافظ مخضرم، من أكابر التابعين وفقهائهم وعلمائهم، يخرج من المدينة حاجاً مع عمر، أيام خلافته، ثم يقفل معه راجعاً إلى المدينة، ويذكر لنا بدقة متناهية ماذا قرأ عمر في صلاة الفجر في منزلهم بعد مبيت تلك الليلة، ثم رأى ناساً يذهبون مذهباً،... إلى آخر القصة.
وبالضرورة نعلم: أن عمر لم يكن ليحج منفرداً، أو مع بضعة رجال، فهو إمام ورئيس دولة، وفقيه يقتدى به، فهو بلا شك على رأس (حملة) أو قافلة كبيرة تضم الأكابر من الصحابة، من رجالات الدولة الراشدية المدنية، وغيرهم من الصحابة، وطلبة العلم من أكابر التابعين النازلين في المدينة لطلب العلم، من أمثال المعرور بن سويد نفسه، أو من رجالات القبائل التي كانت في طريقها للجهاد في العراق أو الشام، بعد أن استنفر عمر الناس، وتوقفت في المدينة لاستكمال تراتيبهم الإدارية.
وبالضرورة نعلم: أن (الناس) الذين ذهبوا ذلك المذهب لم يكونوا بضعة رجال فحسب، لأن ذلك لا يلفت النظر، بل هم أعداد كبيرة، وحشود وفيرة، تلفت النظر.
وبالضرورة نعلم: أن قسما لا يستهان به من هؤلاء كانوا مع عمر في الصفوف الأُوَل، ولعل عبد الله بن عمر كان واحداً منهم، لأن الصفوف الخلفية البعيدة لا تلفت النظر، ولا تكاد ترى بغلس بُعَيْد صلاة الفجر القصيرة تلك.
فكل أولئك (الناس) كانوا – ضرورة – مخالفين لعمر في مذهبه هذا، وهو: (إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَشْبَاهِ هَذِهِ يَتَّبِعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ، فَاتَّخَذُوهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا، وَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وَلَا يَتَعَمَّدَنَّهَا).
فلا صحة لما زعمه بعض المهووسين بأن رأي عمر هذا هو رأي جمهور الصحابة والتابعين، بل كان الجمهور على خلافه؛ وفي مقدمتهم ابنه: عبد الله بن عمر. ثم إن عمر لم يزد على (فتواه) تلك، فلا هو صاح عليهم، أو رفع عليهم الدرة، أو منعهم بالقوة.
وبهذا يظهر لك الخطأ الفاحش الذي تورط فيه الإمام ابن تيمية في الرد على الأخنائي - (ص108 - 109)حيث قال: [ولو كان سلام التحية خارج الحجرة مستحبا لكان مستحبا لكل أحد ولهذا كان أكثر السلف لا يفرقون بين الغرباء وأهل المدينة ولا بين حال السفر وغيره فان استحباب هذا لهؤلاء وكرامته حكم شرعي يفتقر إلى دليل شرعي ولا يمكن أحدا أن ينقل عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه شرع لأهل المدينة الإتيان عند الوداع للقبر وشرع لهم ولغيرهم ذلك عند القدوم من سفر وشرع للغرباء تكرير ذلك كلما دخلوا المسجد وخرجوا منه ولم يشرع ذلك لأهل المدينة فمثل هذه الشريعة ليس منقولا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه ولا هو معروف من عمل الصحابة وإنما نقل عن ابن عمر السلام عند القدوم من السفر وليس هذا من عمل الخلفاء وأكابر الصحابة كما كان ابن عمر يتحرى الصلاة والنزول والمرور حيث حل ونزل وعبر في السفر وجمهور الصحابة لم يكونوا يصنعون ذلك بل أبوه عمر كان ينهى عن مثل ذلك روى سعيد ابن منصور في سننه حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن عمر قال خرجنا معه في حجة حجها فقرأ بنا في صلاة الفجر: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} (و) {لإيلاف قريش} في الثانية فلما رجع من حجه رأى الناس ابتدروا المسجد فقال ما هذا فقالوا مسجد صلى فيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال هذا ملة أهل الكتاب قبلكم اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل ومن لم تعرض له فليمض. وما اتفق عليه الصحابة ابن عمر وغيره من أنه لا يستحب لأهل المدينة الوقوف عند القبر للسلام إذا دخلوا المسجد وخرجوا بل يكره ذلك؛ فتبين ضعف حجة من احتج بقوله ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام فان هذا لو دل على استحباب السلام عليه من المسجد لما اتفق الصحابة على ترك ذلك ولم يفرق في ذلك بين القادم من السفر وغيره فلما اتفقوا على ترك ذلك مع المنهي عنه كما دلت عليه سائر الأحاديث]
هذه أخطاء متراكمة:
(1) - قوله: (وليس هذا من عمل الخلفاء وأكابر الصحابة كما كان ابن عمر يتحرى الصلاة والنزول والمرور حيث حل ونزل وعبر في السفر وجمهور الصحابة لم يكونوا يصنعون ذلك) زعم محض، وخطأ مجرد؛ بل الجمهور كان موافقاً لابن عمر، والمخالف الشاذ هو عمر، رضي الله عنه، كما هو محرر أعلاه؛
(2) - قوله: (وما اتفق عليه الصحابة ابن عمر وغيره من أنه لا يستحب لأهل المدينة الوقوف عند القبر للسلام إذا دخلوا المسجد وخرجوا، بل يكره ذلك) دعوى إجماع مجردة، من غير برهان، وهي عادة سيئة خطيرة لابن تيمية، سامحه الله، وفعل ابن عمر مع مواظبته عليه يشعر بأنه كان يستحب ذلك، فلا معنى لقوله: (لا يستحب)؛ لا سيما أنه زعم – بقدرة قادر – أن ذلك على الكراهية وذلك بقوله: (بل يكره ذلك)، فحتى لو سلمنا له جدلاً بزعمه الإجماع على أن ذلك لا يستحب، فلا يترتب على ذلك إلا أنه مباح أو مكروه أو حرام، فمن أين جزم بالكراهية: وما أسهل الادعاء، وأصعب البرهان والحق أن مثل هذه المقولات: (إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) لا يمكن قبولها إلا ممن يأتيه الوحي من عند من (قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)؛ وفيما جاءنا في كتاب الله المنزل، من قرآن وسنة ثابتة، غنية عن رأي عمر الشاذ هذا.
والصحيح أن أي مكان يصلي فيه خاتم الأنبياء، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يستحق أن يتخذ مسجداً كما جاء بيانه جلياً في حديث عتبان، المشهور، الصحيح؛ وإليك الحديث بطوله، لما فيه من الأحكام والحكم، كما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (ج1/ص164/ح415): [حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ، وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ» قَالَ: فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَكَبَّرَ، فَقُمْنَا فَصَفَّنَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، قَالَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرَةٍ صَنَعْنَاهَا لَهُ، قَالَ: فَآبَ فِي البَيْتِ، رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخَيْشِنِ (أَوِ ابْنُ الدُّخْشُنِ)؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُلْ ذَلِكَ، أَلاَ تَرَاهُ قَدْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ»؛ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى المُنَافِقِينَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ»؛ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ سَأَلْتُ الحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ - وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ - وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ، عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ: «فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ»]؛ وأخرجه البخاري في صحيحه ج1/ص237/ح636، ج5/ص2063/ح5086؛ ومسلم في صحيحه ج1/ص456/ح33؛ والنسائي في سننه ج2/ص80/ح788، ج3/ص65/ح1327؛ وابن حبان في صحيحه ج1/ص460/ح223، ج4/ص492/ح1612، ج5/ص432/ح2075؛ وابن خزيمة في صحيحه ج3/ص78/ح1653، ج3/ص87/ح1673؛ وابن ماجه في سننه ج1/ص249/ح754؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج4/ص43/ح16527، ج4/ص44/ح16528، ج4/ص44/ح16529، ج5/ص450/ح23823؛ ومالك في الموطأ ج1/ص172/ح415؛ والطبراني في معجمه الكبير ج18/ص29/ح49، ج18/ص30/ح50، ج18/ص31/ح52؛ والنسائي في سننه الكبرى ج1/ص282/ح863؛ وابن أبي عاصم عمرو الشيباني في الآحاد والمثاني ج3/ص472/ح1931؛ والبيهقي في سننه الكبرى ج3/ص53/ح4704، ج3/ص71/ح4804، ج3/ص87/ح4893، ج3/ص88/ح4895، ج10/ص124/ح20179؛ والشافعي في مسنده ج1/ص53/ح0؛ وغيرهم؛ وقد سمعه أنس بن مالك من محمود بن الربيع الأنصاري فأعجبه، ثم لقي عتبان بن مالك حياً فسمعه منه كما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (ج1/ص62/ح33): [حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان يعني بن المغيرة قال حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال حدثني محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال قدمت المدينة فلقيت عتبان فقلت حديث بلغني عنك قال أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي فأتخذه مصلى)؛ قال فأتى النبي، صلى الله عليه وسلم، ومن شاء الله من أصحابه فدخل، وهو يصلي في منزلي، وأصحابه يتحدثون بينهم ثم أسندوا عظم ذلك وكبره إلى مالك بن دخشم قالوا ودوا أنه دعا عليه فهلك وودوا أنه أصابه شر فقضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الصلاة وقال أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قالوا إنه يقول ذلك وما هو في قلبه قال لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه قال أنس فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني اكتبه فكتبه]؛ وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج3/ص135/ح12407؛ والطبراني في معجمه الكبير ج18/ص26/ح43، ج18/ص26/ح44؛ وأبو يعلى في مسنده ج3/ص75/ح1505، ج3/ص76/ح1506، ج3/ص78/ح1507؛ وغيرهم. فمقولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، آنفة الذكر: (هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا) خطأ محض، وزلة شنعاء من زلات العلماء التي كان هو نفسه يتخوفها عندما قال: (إنما يهدم الإسلام: زلة العالم، وجدل المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين)! وأما خبر دانيال، فإليك أهم النقول المتعلقة به:
* وجاء في دلائل النبوة للبيهقي محققا (1/381) بإسناد جيد: [أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ: خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَة قَالَ: لَمَّا افْتَتَحْنَا «تُسْتَرَ» وَجَدْنَا فِي بَيْتِ مَالِ «الْهُرْمُزَانِ» سَرِيرًا عَلَيْهِ رَجُلٌ مَيِّتٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ لَهُ، فَأَخَذْنَا الْمُصْحَفَ، فَحَمَلْنَاهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عَنْهُ، فَدَعَا لَهُ كَعْبًا فَنَسَخَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، أَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، قَرَأَهُ، قَرَأْتُهُ مِثْلَ مَا أَقْرَأُ الْقُرْآنَ هَذَا. فَقُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ: مَا كَانَ فِيهِ؟ فَقَالَ: سِيرَتُكُمْ، وَأُمُورُكُمْ، وَدِينُكُمْ، وَلُحُونُ كَلَامِكُمْ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدُ. قُلْتُ: فَمَا صَنَعْتُمْ بِالرَّجُلِ؟ قَالَ حَفَرْنَا بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا مُتَفَرِّقَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ دَفَنَّاهُ وَسَوَّيْنَا الْقُبُورَ كُلَّهَا، لِنُعَمِّيَهُ عَلَى النَّاسِ لَا يَنْبُشُونَهُ، فَقُلْتُ وَمَا تَرْجُونَ مِنْهُ؟ قَالَ: كَانَتِ السَّمَاءُ إِذَا حُبِسَتْ عَلَيْهِمْ بَرَزُوا بِسَرِيرِهِ فَيُمْطَرُونَ. قُلْتُ: مَنْ كُنْتُمْ تَظُنُّونَ الرَّجُلَ؟ قَالَ: رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: دَانْيَالُ فَقُلْتُ مُذْ كَمْ وَجَدْتُمُوهُ مَاتَ؟ قَالَ: مُذْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ. فَقُلْتُ: مَا كان تغيّر شيئا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا شُعَيْرَاتٌ مِنْ قَفَاهُ، إِنَّ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تُبْلِيهَا الْأَرْضُ، وَلَا تَأْكُلُهَا السِّبَاعُ]؛ وهو في زوائد سيرة ابن اسحاق (السير والمغازي) (ص: 66) بإسناد جيد: [حدثنا أحمد (هو بن عبد الجبار)، بعينه تقريباً] - وجاء في الفتن لنعيم بن حماد (1/38/37) بعضه من طريق ثانية: [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ تُسْتَرُ وَجَدْنَا فِي بَيْتِ مَالِ الْهُرْمُزَانِ مُصْحَفًا عِنْدَ رَأْسِ مَيِّتٍ عَلَى سَرِيرٍ، وَقَالَ: هُوَ دَانْيَالُ فِيمَا يَحْسِبُ، قَالَ: فَحَمَلْنَاهُ إِلَى عُمَرَ، فَأَنَا أَوَّلُ الْعَرَبِ قَرَأْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبٍ فَنَسَخَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، فِيهِ مَا هُوَ كَائِنٌ، يَعْنِي مِنَ الْفِتَنِ]
* وجاء في مصنف ابن أبي شيبة (7/4/3381 بإسناد جيد: [حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ فَتْحَ تُسْتَرَ مَعَ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: فَأَصَبْنَا دَانْيَالَ بِالسُّوسِ، قَالَ: فَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إِذَا أَسَنُّوا أَخْرَجُوهُ فَاسْتَسْقَوْا بِهِ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ سِتِّينَ جَرَّةً مُخَتَّمَةً، قَالَ: فَفَتَحْنَا جَرَّةً مِنْ أَدْنَاهَا وَجَرَّةً مِنْ أَوْسَطِهَا وَجَرَّةً مِنْ أَقْصَاهَا، فَوَجَدْنَا فِي كُلِّ جَرَّةٍ «عَشَرَةُ»، (قَالَ هَمَّامٌ: مَا أَرَاهُ إِلَّا قَالَ: «عَشَرَةُ آلَافٍ») وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْطَتَيْنِ مِنْ كَتَّانٍ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبَعَةً فِيهَا كِتَابٌ، وَكَانَ أَوَّلُ رَجُلٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ بَلْعَنْبَرَ يُقَالُ لَهُ: حُرْقُوصٌ، قَالَ: أَعْطَاهُ الْأَشْعَرِيُّ الرَّبْطَتَيْنِ وَأَعْطَاهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ،










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 16:49   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

b]دفاعاً عن الآثار الإسلامية في كتاب للدكتور عمر عبد الله كامل

لا ذرائع لهدم آثار النبوة

لا ندري ونحن نتحدث عن إصلاحات سياسية وفكرية وانفتاح وتعدد في الرأي الديني والسياسي، كيف أن نقاشاً حول الآثار الإسلامية يستجلب ذلك الكم الهائل من السخط والتشدد عند التيار الوهابي الذي لا يزال يحمل بيد معول الهدم لتدمير النزر المتبقي من الآثار النبوية والمساجد والمآثر الإسلامية في الحجاز؛ فيما يحمل في اليد الأخرى فتاوى التكفير لكل المسلمين الذين يخالفون رجال ذلك التيار فيما يتعلق بأهمية تلك الآثار للجيل المسلم، مشنعين على المخالفين بأنهم يشركون بالله وبرسوله ومتأولين بعض الأحاديث والآيات وتطبيقاتها، ضاربين عرض الحائط الإجتهادات الأخرى والنصوص الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح في طريقة تعاملهم مع الآثار.
كان من الطبيعي أن يثار موضوع الآثار الإسلامية في الحجاز، إذ بالرغم من دعاوى الحوار الوطني، ومقاومة التشدد الديني، لازال الوهابيون يعيثون في الآثار الإسلامية في الحجاز فساداً، فينبشون قبوراً، ويدمرون مساجد، ويطيحون بالمآثر والعمران. فقبل أقل من عامين، وفيما العالم لم يفق بعد من هول صدمة 11 سبتمبر، راح المتنطعون المتطرفون يدمرون مساجد المدينة المنورة. ففي يومي الثلاثاء والأربعاء الموافق 4، 5/6/1423هـ تم هدم مسجد العريضي وملحقاته والذي ابتني في عهد العثمانيين، وقام المتطرفون بنبش قبور السيد علي ومن معه. ثم اتجه معول الهدم الى مسجد بني قريظة الذي صلى النبي فيه في طريق غزوته، وقد بناه الخليفة عمر بن عبد العزيز أثناء ولايته على المدينة بين عامي 87-91 هجرية، والذي بقي عامراً طيلة هذه القرون ومر بأطوار عدة وجدد مرات كثيرة حتى تم هدمه في شهر ربيع الأول من عام 1422هـ من قبل إدارة الأوقاف بالمدينة. فهل مثل هؤلاء يؤتمنون على دين أو دنيا؟!
واتجهت معاول التطرف الى مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو أحد مساجد الفتح المشهورة في منظقة غزوة الخندق في شعب جبل سلع، وهو أحد المساجد التي بناها عمر بن عبد العزيز، وبقي المسجد يجدد ويطور طوال القرون الماضي، والمخزي والمدهش معاً أن آخر تجديد له كان في عهد الملك الحالي فهد، حتى تقرر هدمه بحجة توسعته على حساب أحد المحسنين، ولم تكن تلك إلا حيلة، فبعد أن تم الهدم، اكتفى الوهابيون بذلك بحجة أنه يخالف شرعهم، ويوجد مكانه الآن جهاز للصرف الآلي!
وفي نفس الوقت تعالت الأصوات النشاز بهدم سقف قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم مذكرين العالم بما فعله الصرب والكروات من تدمير للمساجد الأثرية في البوسنة وغيرها، مع أن فعل الوهابيين أشنع، فهم لم يبقوا سوى القليل القليل من آثار الإسلام التي محوها بجهلهم وتعصبهم بحجة خشية الشرك والكفر! حتى المساجد لم تسلم منهم!
ولأن المواطنين الذين كممت الوهابية أفواههم سنيناً طويلة لا يمكنهم أن يتحملوا بعد اليوم أفعال جهلة الوهابيين وفتاواهم التي يحار منها العقل ويأنف منها الخلق والضمير، تنادى كثيرون للكتابة مطالبين بإعادة بناء الآثار المهدومة قديما وحديثاً، وظهرت بعض الكتابات في الصحافة المحلية تتحدث عن أهمية ذلك. فانبرى متطرفو الجهالة، يكتبون ويهددون ويكفرون. وكان من أطلق شعلة النقاش حول الأمر الشيخ الوهابي سعد الحصين، الذي ـ ويا للغرابة في عرف السياسة والدبلوماسية ـ يتولى صفة المستشار الشرعي في السفارة السعودية بالأردن. كتب مقالاً شتم فيه الداعين، فكان النقاش على صفحات الجرائد وغيرها، وقد تولى الدكتور عمر عبد الله كامل وآخرون بمناقشة العقول الصغيرة، على أسس شرعية، فكان هذا الكتاب إحدى ثماره.
يناقش الكتاب مسألة بديهية عند المسلمين كافة إلا الوهابيين وهي جواز إحياء الآثار الإسلامية من عدمه! راداً على المانعين تهمهم الجاهزة لسائر البلاد الإسلامية بالشرك حيث أوضح ومن خلال النصوص الشرعية عدم وقوع أمة محمد في الشرك، كما ناقش ذرائع الوهابيين في هدم المساجد والآثار، كحجة سد الذرائع التي يستخدمونها دونما ضوابط؛ وأيضاً أماط اللثام فيما يتعلق باستدلالات الوهابيين وكيف أنهم يخرجون النصوص من سياقها أو ضعيفة أو يطلقونها من أجل التهويل بدون تدقيق.
ورغم أن النقاش العلني كان صريحاً، كان مشايخ الوهابية مبادرين لكيل السباب والشتائم لمن خالفهم الرأي بشأن الآثار الإسلامية، واتهموهم بالتبديع والتكفير والشرك إضافة الى السباب الذي لا يليق. ولأن الإعتماد كان على النصوص الدينية فقد أوضح المؤلف كثرتها التي تستحسن إحياء الآثار بشكل يدهش المرء الذي يطلع عليها لأول مرة لوضوحها. كما أورد ومن خلال النصوص تبرك الصحابة والتابعين والعلماء بالآثار النبوية ونصوصهم التي تفوق الحصر، والتي تبين بجلاء ان قضية الدفاع عن آثار المسلمين وتبركهم برسول الله مسألة عادلة ومهمة.
ونجد حين نتأمل في موقف النبي وأصحابة من آثار الأمم السابقة التي كانت موجودة في مصر والشام والعراق ومدائن صالح وما بها من آثار لأمم وحضارات سابقة، نجد أنه لم ينقل عن النبي أنه أمر بإزالتها أو طمسها أو التحذير منها، ومازال كثير منها باقياً الى هذه الساعة، وهي أمام نظر علماء الإسلام من القرون الأولى، ولم ينقل عنهم الإنكار او الدعوى الى الطمس والإزالة. وفي حين يعترض الوهابيون على بناء مساجد هي بيوت لله، يتناسون أنها قد بنيت في القرن الأول الهجري، وفي عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه تم ترميمها وبناؤها بالحجر والمنقوش في ولايته ولم يعترض عليه أحد من علماء ذلك العصر من فقهاء المدينة السبعة والإمام مالك وتلاميذه.
والمخزي للوهابيين ومن يقف وراءهم، أنه إزاء ما فعلوه بآثار النبوة والتوحيد، فإن آثار اليهود في المدينة المنورة باقية، فما زال حصن كعب بن الأشرف موجوداً في منطقة السد في المدينة، ومكتوب عنده (منطقة أثرية). وكذلك بالنسبة لخيبر. عجباً أنحافظ على آثار اليهود ولا نحافظ على آثار النبي عليه الصلاة وأزكى السلام؟!
هذه هي العقلية الوهابية الضيقة التي يكشف عنها النقاش في الكتاب.

[/b]










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 16:55   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بل استغفر الله منكم وما تروجونه من اباطيل
لماذا لم يهدموا حصون اليهود الصحابة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي زمن ابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم وحتى بعده
وحتى زمن بني الاتراك مع انهم هم مأسسين الشركيات
ولماذا لم تكن القباب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا في زمن الاتراك
ثم حب الصحابة لا يقارن بالارض الذي عاشوا فيها لو تعرف العقيدة
تعرف ما معنى حبهم باتباعهم وليس بالغلو فيهم لحد الشرك










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 16:59   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أن مذهب السلف الصالح الذي قام بنشره الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يرى هدم القبة ، كما هدَم القبب التي كانت على قبور البقيع ، وكذلك القبب التي كانت في نجد ...
هل أصبحت القبة او هدم قبور واستوائها و هي دليل حب النبي صلى الله عليه وسلم ومتابعته ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، والله لو أحيينا سنة واحدة من سننه عليه الصلاة والسلام لكان خيراً عند الله من ألف قبة او قبر عالي ، ولو قمعنا بدعة من البدع المنتشرة لكان أحب إلى رسول الله من ألف ألف قبة ،او هدم قبور .. ولو علمنا الناس دينهم وعبَّدْناهم إلى ربهم لكان خيراً من كل ذلك ،هذا الدين دين عمل وعلم وجهاد ، وليس دين صور وأقوال فارغة وشعارات جوفاء . وكفاك أن تعلم أن هدم الكعبة نفسها أهون عند الله من قتل مسلم - مثلا - فكيف لو قارنا قبة الحرم بغيرها من أعمال البر والتقوى . أقبل على الله واحرص على العمل الصالح وإصلاح القلب وانشغل بعظائم الأمور لا طاماتها . والله يهدي الى اللصراط المستقيم










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 17:09   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سبق وان كررنا معليش

معماري وعالم آثار سعودي ويزعمون (مع النظام الحاكم) يبين كيف تم محو آثار الرسول وتحويل منزله صلى الله عليه وآله وسلم الى...............
اولا نقول هل للعالم الاثار دليل على مايقول ام كلام صحف وجرائد..ام فقط كلام واتهام لفش غل كل نفس انسان حاقد او على نهج ضال ويريد لافتراء على القوم
لقد .....قال الشيخ عبدالرحمن السحيـم حفظه الله تعالى:
كنت عقبت منذ أكثر من سنة - تقريبا - حول بعض الصور، فقد انتشرت بعض الصور ، ويزعم ناشروها أنها لبيت النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا صحة لما يُزعم أنه صور بيت النبي صلى الله عليه وسلم . لا صحـة لما ذُكر لأسباب منها :
أولاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له في حجة الوداع : يا رسول الله أتنزل في دارك بمكة ؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور . متفق عليه
وفي رواية للبخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال : وهل ترك لنا عقيل منزلا . ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم لم تبقَ له دار قبل فتح مكة وقبل حجة الوداع ، فكيف بعد فتح مكة ؟ فكيف تبقى إلى الآن ؟؟؟
ثانياً : وجود المحراب في المصلى، والمحراب لم يكن موجودا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً : أين السند الصحيح على أن هذا هو بيته صلى الله عليه وسلم ؟ فما يُزعم أنه بيته أو شعره أو سيفه كل هذا بحاجة إلى إثباته عن طريق الأسانيد الصحيحة ، وإلا لقال من شاء ما شاء .
فمن الذي يُثبت أن هذا مكان ميلاد فاطمة رضي الله عنها ؟ وأن هذه غرفة خديجة رضي الله عنها ؟ وما أشبه ذلك .
رابعاً : أنه لو وجد وكان صحيحا لاتخذه دراويش الصوفية معبدا ولاشتهر بين الناس، كما يفعلون عند مكتبة مكة ( شرق الحرم ) يزعمون أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان فيها، فهم يأتونها ويتبركون بها !!
بل كانوا يتبرّكون بمكان في المدينة النبوية يُسمّونه ( مبرك الناقة ) وكانوا يأتونه ويتبركون به ، وربما أخذوا من تربة ذلك المكان بقصد الاستشفاء !! وهؤلاء لا يفقهون !
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم عن الناقة : دعوها فإنها مأمورة . حتى بركت في مكان المسجد .
خامساً : عدم اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بحفظ مثل هذه الآثار ، بل عدم التفاتهم إليها .فقد بلغ عمر بن الخطاب أن أناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها ، فأمر بها فقُطعت . رواه ابن أبي شيبة في المصنف .
وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يهتمون بآثار قدم أو منزل أو مبرك ناقة ونحو ذلك .
ومثل ذلك يُقال..عما يُزعم أنه شعرة الرسول صلى الله عليه وسلم أو موطئ قدمه أو وجود سيفه أو ما يُزعم أنه الصخرة التي صعد عليها النبي يوم أحد لما أُصيب .
حتى زعم بعضهم أن حجرا بقرب جبل أُحد هو مكان ( طاقية ) الرسول صلى الله عليه وسلم !! وأين إثبات هذا بالأسانيد الصحيحة ؟؟؟
وفي زمان الخليفة المهدي جاءه رجل وفي يده نعل ملفوف في منديل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك .
فقال : هاتها .فدفعها الرجل إليه ، فقبّـل باطنها وظاهرها ووضعها على عينيه وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم ، فلما أخذها وانصرف قال المهدي لجلسائه :
أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرها فضلا علن أن يكون لبسها ! ولو كذّبناه لقال للناس :
أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّها عليّ ، وكان من يُصدّقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة ميلها إلىأشكالها !ّ والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما ! فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدّقناه !ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح .
فإذا كان هذا في ذلك الزمان ، ولم يلتفتوا إلى مثل هذه الأشياء ، لعلمهم أن الكذب فيها أكثر من الصدق ! فما بالكم بالأزمنة المتأخرة ؟ والله أعلم.










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 17:15   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اهل مكة ادرى بشعابها

الآثار الإسلامية في مكة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
ألقى الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - " علامة الجزيرة في التاريخ " محاضرة في جامعة "أم القرى" بمكة الأربعاء 13 جمادى الآخرة سنة 1402هـ ، بعنوان:

الآثار الإسلامية في مكة المشرفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الآثار – أيها الإخوة - في هذه البلدة المشرفة نوعان:
1 - مشاعر العبادة المقدسة، في مكة ومِنَى ومزدلفة وعرفات، ومواقيت الحج المكانية، وقد تكفل الله بصيانتها وحفظها، لارتباطها بما تعبّد عباده بالقيام به من أنواع العبادة.

2 - ونوع آخر من الآثار، له ارتباط بحياة من عاش على تراب هذه البلدة الطاهر، كالمساجد والموالد والقبور والأمكنة، وهذا ما سأحاول حصر الحديث حوله، متوخياً الإيجاز ، مشيراً إلى أمرٍ هام وثيق الصلة به، بل هو أساس يقوم عليه هذا الحديث عن هذا النوع من الآثار: هو أن سلفنا الصالح في القرون الثلاثة المفضلة الأولى ما كانوا يهتمون بالمحافظة على آثارهم، ولا يعتنون بتحديد مواقعها أو أزمانها، بل كانوا في كثير من الأحيان عندما يخشون المبالغة في تعظيمها يسعون لإزالتها، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين رأى الناس ينتابون بالزيارة شجرة الرضوان، التي بايع المسلمون المصطفى عليه الصلاة والسلام تحتها، وأنزل الله في تلك البيعة قوله عز وجل: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} فأمر الفاروق رضي الله عنه بقطعها.
وقد أوفى المحققون من العلماء هذا الأمر إيضاحاً وتحقيقاً، وتحسن الإشارة أيضاً إلى أن لتساهل العلماء في رواية ما يتعلق بفضائل المواضع أثراً كبيراً في حدوث كثير من الآثار، كما أن التنافس بين أهل المدن في بعض الأحيان زاد تلك الفضائل كثرة وشهرة، بوسائل مختلفة.
ولا أريد التوسع في الحديث عن هذا، وحسب القارئ أن يستعرض جوانب منه في تشابه كثير من الآثار في المدينتين الكريمتين، ككثرة المساجد المنسوبة إلى بعض المتقدمين، ونسبة كثير من القبور لبعض المشاهير في مقبرتي المعلاة والبقيع، بل حتى في الآبار، كبئر زمزم ـ مثلاً ـ.
الموالد في مكة المكرمة :
لعل أشهر هذه المواضع وأقدمها المكان الذي يرى كثير من متقدمي العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد فيه، الواقع في شعب بني هاشم بقرب سوق الليل، وهو مكان لا يزال معروفاً، مع كثرة ما طرأ عليه من التغيير، غير أن نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم محل شك لدى كثير من العلماء.
ولعل القائلين بصحة تلك النسبة اعتمدوا على القرائن في ذلك، فالرسول عليه الصلاة والسلام من أهل مكة –لا شك في ذلك- وبنو هاشم عشيرته الأقربون كان ربعهم معروفاً في الشِّعب الذي عُرف بهم، ثم بأبي طالب أحدهم، والدار التي يقع فيها المولد كانت في ذاك الشعب، وكانت للرسول صلى الله عليه وسلم، فلما هاجر استولى عليها ابن عمه عقيل بن أبي طالب كما في الحديث الشريف: "وهل ترك لنا عقيل من دار"؟ من هنا قال بعض العلماء ومنهم ابن القيم في كتاب: "زاد المعاد": (لا خلاف في أنه صلى الله عليه وسلم وُلد بجوف مكة).
غير أن ممن تقدم ابن القيم من العلماء من ذكر الخلاف في ذلك، فقد نقل مؤرخ مكة تقي الدين الحسني الفاسي في "شفاء الغرام" وفي مقدمة "العقد الثمين" أن مُغُلطاي العالم الحنفي المصري (689/762) وهو من حفَّاظ الحديث ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد بعُسفان.
ولم غلط اي مؤلف في السيرة في مكتبة الحرم المكي هو كتاب "الإشارة إلى سيرة المصطفى، وتاريخ من بعده من الخلفاء"(1) ورد فيه: (وُلد صلى الله عليه وسلم بمكة، في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، ويقال: بالشِّعب، ويقال بالرَّدم، ويقال: بعُسفان).
وعلى القول بأنه عليه الصلاة والسلام ، وُلد في مكة، فهناك اختلاف بين العلماء في تحديد الموضع الذي وُلد فيه، فقد ذكر محمد بن محمد بن سيد الناس (734-671هـ) في كتاب "عيون الأثر في سيرة سيد البشر" ما نصه: (وولد في الدار التي تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، وقيل: إنه ولد في شعب بني هاشم) كذا أورد الخبر بصيغة: (قيل) . وقال الإمام السهيلي (581-508) في كتاب "الروض الأنف": (وولد بالشِّعب، وقيل: بالدار التي عند الصفا، وكانت بعد لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، ثم بنتها زبيدة مسجدًا، حين حجَّت).
وأورد تقي الدين الفاسي هذا القول واستغربه فقال: (مولد النبي صلى الله عليه وسلم، بسوق الليل وهو مشهور، وذكر السهيلي في خبر مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ما يُستغرب) ثم أورده وأضاف: (وأغرب منه ما قيل من أنه صلى الله عليه وسلم، ولد في الردم، ردم بني جمح).
ويقصد الردم الذي ردم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة: (17) لصيانة المسجد الشريف من دخول السيل، موقعه في أعلى المُدَّعا الموضع الذي ذكر بعض العلماء أن المحرم يقف فيه للدعاء، إذ منه كانت تشاهد الكعبة المطهرة.

وهذا الاختلاف في الموضع الذي وُلد فيه النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على القول بأن الجزم بأنه الموضع المعروف عند عامة الناس باسم المولد لا يقوم على أساس تاريخي صحيح، وهذا أمر أوضحه الشيخ عبد الله العياشي (1090-1037هـ) في رحلته فقال ما نصه: (وقد عُلم من كتب السير ما وقع من الاختلاف في مولده صلى الله عليه وسلم هل هو بمكة أو بالأبواء، وعلى أنه بمكة فقيل بالشِّعب وقيل المحصَّب إلى غير ذلك من الأقوال .

ولا أدري من أين أخذ الناس تعيين هذا المحل بالخصوص، اللهم إلا أن يثبت أن تلك دار والده أو جده صلى الله عليه وسلم فيترجح القول بأنه في مكة في قضية عادية، وهي أن ولادة الإنسان في الغالب في منـزل والده، وإن أُريد بالشِّعب شِعب أبي طالب الذي انحاز إليه مع بني هاشم وبني المطلب في قضية الصحيفة، فلا يبعد ذلك؛ لأن هذه الدار قريبة من الشعب من أسفله.

والعجب أنهم عيّنوا محلاً من الدار مقدار مضجع، وقالوا له: موضع ولادته صلى الله عليه وسلم !! ويبعد عندي كل البعد تعيين ذلك من طريق صحيح أو ضعيف، لما تقدم من الخلاف في كونه في مكة أو غيرها، وعلى القول بأنه فيها ففي أي شعابها ؟! وعلى القول بتعيين هذا الشعب ففي أي الدور؟! وعلى القول بتعيين الدار يبعد كل البعد تعيين الموضع من الدار، بعد مرور الأزمان والأعصار، وانقطاع الآثار.

والولادة وقعت في زمن الجاهلية، وليس هناك من يعتني بحفظ الأمكنة، سيما مع عدم تعلق غرض لهم بذلك، وبعد مجيء الإسلام فقد عُلم من حال الصحابة وتابعيهم ضَعفُ اعتنائهم بالتقييد، بالأماكن التي لم يتعلق بها عمل شرعي، لصرفهم اعتناءهم رضي الله عنهم لما هو أهم : من حفظ الشريعة، والذب عنها بالسنان واللسان، وكان ذلك هو السبب في خفاء كثير من الآثار الواقعة في الإسلام، من مساجده عليه السلام، ومواضع غزواته، ومدافن كثير من أصحابه، مع وقوع ذلك في المشاهد الجليلة، فما بالك بما وقع في الجاهلية؟! لا سيما مالا يكاد يحضره أحد إلا من وقع له، كمولد علي ، ومولد عمر، ومولد فاطمة –رضي الله عنهم جميعهم- فهذه أماكن مشهورة عند أهل مكة، فيقولون: هذا مولد فلان، هذا مولد فلان، وفي ذلك من البعد أبعد من تعيين مولده صلى الله عليه وسلم، لوقوع كثير من الآيات ليلة مولده صلى الله عليه وسلم ، فقد يتنّبه بعض الناس لذلك بسبب ما ظهر من الآيات، وإن كانوا أهل جاهلية، وأما مولد غيره ممن ولد في ذلك العصر فتكاد العادة أن تقطع بعدم معرفته، إلا أن يرد خير عن صاحب الواقعة بتنبهه أو أحد من أهل بيته ) . انتهى كلام العياشي ، وهو شامل لجميع الموالد المنسوبة لمن عاش في عهد المصطفى –عليه الصلاة والسلام- فلا داعي للحديث عنها.

المساجد:
وفي مكة مساجد، كانت تُقصد للزيارة، منها: مسجد بأعلى مكة عند الردم - المدَّعا - يدعى مسجد الراية، يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وركز رايته حين فتح مكة بقربه.
ومسجد عند المُدَّعا ـ أيضاً ـ على يمين الهابط إلى مكة ويسار الصاعد منها، ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه صلى فيه المغرب.
ومسجد المختبا في سوق الليل بقرب ما يُزعم بأنه المولد ، يقال بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختبئ فيه من الكفار.
ومسجد بأسفل مكة بقرب بركة الماجن، ينسب لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ،ومسجد الجن، ويسمى مسجد البيعة، ومسجد الحرس، ومسجد الإجابة في شعب بقرب ثنية أذاخر.
وهناك مساجد أخرى، وكلها وردت منسوبة له صلى الله عليه وسلم أو لأحد من أصحابه في أخبار لا تثبت أمام النقد، من حيث صحة نسبتها إلى من نسبت إليه.
وكذا المساجد المذكورة في منى، باستثناء مسجد الخيف، وهذا لا ينافي قدم تاريخ إنشاء تلك المساجد، واعتبارها من الأماكن القديمة ، فيدرس تاريخها على هذا الأساس، ويهتم بها بصفتها أماكن للعبادة.
أماكن أثرية:
ومن أشهر المواضع الأثرية جبلا حِراء وثور ـ من جبال أم القرى ـ ففي غار الأول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعبد، وفيه نزل عليه الوحي.
وي غار الثاني اختبأ هو وأبو بكر حين هاجرا من مكة، وفيه نزل قوله تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}.
ومن أشهر المواضع الأثرية قرب مكة وادي حُنين (يدعان) أعلى وادي الشرائع ، الذي حدثت فيه الوقعة المذكورة في القرآن الكريم: {ويوم حنين إذ أجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً} الآية. وتحسن الإشارة إلى التفريق بين موضعي حُنينٍ وأوطاس، حيث وقع من بعض المؤرخين ما يُفهم منه اعتبارهما موضعاً واحداً، مع تغايرهما ، فأوطاس يقع شرق سلسلة جبال الحجاز، أقرب المواضع المأهولة منه عُشيرة، يقع غرب وادي العقيق، على مقربة من البركة شمالها بميل نحو الغرب .
القبور:
لا شك أن مقبرة المعلاة في مكة المشرفة حوت من رفات الأجسام الطاهرة من المؤمنين ما لم تحوه مقبرة من حيث الفضل، باستثناء مقبرة البقيع.
وقد ألف الفيروز آبادي صاحب "القاموس المحيط" رسالة دعاها: "إثارة الحَجون، لزيارة الحَجون" ذكر الصحابة المدفونين في تلك المقبرة، ونظم هذه الرسالة علي بن أبي بكر الصايغ، أحد علماء مكة في صفر سنة: (1287) بأرجوزة سماها: "اللؤلؤ المكنون، في ذكر أسماء أهل الحجون" وذكر أن عدد الصحابة المدفونين في مقبرة الحجون ثمانية وثلاثون رجلاً وسبع نسوة، سرد جميع أسمائهم نقلاً عن رسالة الفيروز آبادي، التي تضمنت تراجم أولئك.

ولكن مما تجب ملاحظته:

1- الاختلاف في موقع الحجون الوارد في كتب المتقدمين، فقد ذكر الفاسي أن الحجون جبل على يسار الداخل إلى مكة، ويمين الخارج منها إلى منى على ما ذكر الأزرقي والفاكهي، وهما أقدم مؤرخي مكة ممن وصلت إلينا مؤلفاتهم (2).

وإذن فهو مخالف لما عليه الناس من أن الحجون الثنية التي يهبط منها إلى مقبرة المعلاة.

وأضاف الفاسي: ولعل الحجون على مقتضى كلام الأزرقي والفاكهي والخزاعي هو الجبل الذي يقال: فيه قبر ابن عمر رضي الله عنهما أو الجبل المقابل له، الذي بينهما الشعب المعروف بشعب العفاريت انتهى.

ويرى مؤرخ مكة في عصرنا الأستاذ الشيخ أحمد السباعي أن ثنية الحجون تقع في الجبل المتصل بشعب عامر، وأن إطلاق اسم الحجون على ما هو معروف عند الناس الآن حدث بعد الإسلام (3).

2- ليس كل من مات في مكة قبر في مقبرة الحجون كما يُفهم من رسالة صاحب "القاموس" إذ لمكة عند ظهور الإسلام مقابر غير مقبرة الحجون التي هي مقبرة المعلاة ؛ منها: المقبرة العليا بين المعابدة وثنية الحرمانية –ثنية أذاخر- وكان يدفن فيها في الجاهلية وصدر الإسلام.

ومنها: مقبرة المهاجرين، بالحصحاص، بين فخّ والزاهر (الشهداء).

ومنها: مقبرة الشبيكة، وكانت تعرف بمقبرة الأحلاف، بينما تعرف مقبرة المعلاة بمقبرة المطيبين.

لهذا لا يمكن الجزم بأن من توفي في مكة مقبور بمقبرة المعلاة (الحجون)

3- نص المتقدمون من مؤرخي مكة على عدم معرفة قبر أحدٍ من الصحابة إلا قبر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في سرف.

قال الفاسي: ولا أعلم في مكة، ولا فيما قرب منها قبر أحد ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم سوى قبر ميمونة، لأن الخلف يأثره عن السلف، وقال ابن ظهيرة في "الجامع اللطيف": عن مقبرة المعلاة: لما حوته من سادات الصحابة والتابعين، وكبار العلماء والصالحين، وإن لم يعرف قبر أحد من الصحابة تحقيقاً الآن. انتهى

وفي عصرنا ، بل قبله بنحو ستة قرون- عُرف قبر أم المؤمنين خديجة- رضي الله عنها ، معرفة قائمة على أساس من الجهل، إن صحَّ أن للجهل أساساً، فشُيِّدت قبة عظيمة تحمل ذلك الاسم الطاهر، ثم أقيم بجوار تلك القبة في أول القرن الحادي عشر قُبَّتان تحمل إحداهما اسم (عبد المطلب) وتعرف الأخرى باسم قبة (أبي طالب) !!

وارتباط هذه الأسماء الثلاثة بحياة المصطفى عليه الصلاة والسلام أضفى عليها هالة من الإجلال، حتى اعتقد كثير من الجهال صحة وجود قبر خديجة وقبر عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي طالب عمه، وهو اعتقاد خاطئ كما أشرت إلى ذلك في كلمة لي بعنوان: (خرافة قبة اليهودية) (4) قلت فيها: من الأمور التي لا حقيقة لها ما يصبح بمرور الزمان ذا تاريخ تتناقله الأجيال، حتى يُعد بطول الزمن وبتناقل ذكره بين الناس من الأمور الثابتة التي لا يسوغ إنكارها.
فقبر أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، كان مجهولاً لدى مؤرخي مكة حتى القرن الثامن الهجري ، أي طيلة سبعة قرون بل تزيد، ثم أصبح معروفاً محدد المكان، في القرون الخمسة الماضية حتى يومنا هذا، بعد أن رأى أحد العارفين في المنام (5) كأن نوراً ينبعث من شُعبة النور، في مقبرة المعلاة، ولما علم أمير مكة في ذلك العهد بخبر تلك الرؤيا أمر ببناء قبة فوق المكان الذي رأى ذلك العارف أن النور ينبعث منه، جازماً ذلك الأمير أن ذلك المكان ما هو سوى قبر خديجة رضي الله عنها (6) !!!
ويورد المرجاني في كتاب "بهجة النفوس والأسرار" الخبر باختصار ويعقب عليه: (ولا كان ينبغي تعيينه على الأمر المجهول).
ويدور الزمان فيصبح المكان وما حوله مقبرة للعظماء من أهل مكة ! ؛ فيقبر فيه في القرن الحادي عشر في سنة: (1010هـ) عبد المطلب بن حسن بن أبي نُمي، ثم في سنة: (1012هـ) يموت أحد أمراء مكة ممن عرف بالظلم والجبروت، وهو أبو طالب بن حسن بن أبي نمي، وتُبنى فوقه قبة تعرف بقبة أبي طالب، بجوار قبة خديجة الخرافية وقبة عبد المطلب، ويدور الزمان فيُجهل أمر صاحبي القبة، فتنشأ خرافة قبة عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي مات في زمن الفترة، وقبة أبي طالب بن عبد المطلب عم النبي عليه الصلاة والسلام، الذي مات مشركاً بنص القرآن الكريم.
ويُدون التاريخ تلك الخرافات الثلاث باعتبارها حقائق تاريخية، وتتناقلها الأجيال إلى يومنا هذا، بل تزداد رسوخاً وقوة حين تصدى عالم جليل من علماء العصر(7) بكتابة سفر نفيس دعاه "في منـزل الوحي" إذ تطغى عاطفة التدين على ذلك العالم حين يشاهد مقبرة مكة (المعلاة) فتنتابه الذكريات عمن ضمَّت من أجساد عظماء الأمة خلال الثلاثة عشر قرناً وما فوقها من السنين، وتنطلي عليه خرافة قبر عبد المطلب جد النبي عليه الصلاة والسلام، وقبر أبي طالب عمه، وقبر أم المؤمنين خديجة زوجه، فيتقبل القول على عِلاَّته، ويريح نفسه من عناء البحث والتحقيق، فيجري يراعه السيال بكتابة الصفحات التي يعدد فيها أمجاد السادة الذين ضم تراب تلك المقبرة رفاتهم !!
ويخص بالذكر منهم أولئك الثلاثة، وينحي باللائمة على من أزال تلك القباب الخرافية !!
وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل إن الباحثين ممن جاؤوا بعد ذلك العالم اتخذوا كتابه مصدراً يُعتمد عليه في آثار مكة وأخبارها، بحيث أن إحدى المجلات(8) الدينية تقوم بنشر كُتيب عن الحج في كل عام منذ بضع سنوات، وتعدد فيه آثار قبور المعلاة الثلاثة القبور الخرافية !
وقل أن كتب عن هذه البلدة الكريمة أحدٌ من غير العارفين من أهلها فلم ينظر إلى هذه الآثار ونحوها نظرة الواثق بصحة ما يقال عنها، لِمُلامستها للعواطف.
أما مثقفو هذه البلاد، وأولوا الرأي فيها ؛ فهم يدركون أنها لا سند لها من التاريخ ، وأن ما يروى عنها غير صحيح (9).

حمد الجاسر

ــــــــــــــــــ

الهوامش:

1 - رقمها (87) سيرة في (67) ورقة. مخطوطة سنة: (810) مصححة ومقابلة على الأصل المقرؤ على المؤلف تنتهي بخبر قتل المستعصم سنة: (656) من قبل التتار.

ولمغلطاي كتاب آخر مطول في السيرة هو "الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم" منه مخطوطة في مكتبة (ليدن) في (هولندا) رقمها في فهرس المخطوطات الشرقية (370).

2 - انظر مجلة "العرب" س 16 ص 237.

3 - محاضرة ألقاها سنة: (1388هـ) في نادي الوحدة الرياضي بمكة بعنوان: "عبدالله بن الزبير صاحب فكرة في تاريخ مكة" (العرب) س 2 ص 865.

4 - " العرب" س 10 ص 278.

5 - انظر كتاب "البحر العميق في العمرة والحج إلى بيت الله العتيق" لمحمد بن أحمد بن الضياء القرشي المكي الحنفي (الجزء: 1 الورقة:20) مخطوطة مكتبة الحرم المكي. رقم (40) فقه حنفي فقد أشار إلى هذا الخبر، وأورده مفصلاً أحد مؤرخي مكة المتأخرين.

6 - ذكر كثير من المؤرخين المتأخرين أن خديجة رضي الله عنها قبرت بمقبرة المعلاة، وذكر التجيبي في رحلته أنه شاهد (سنة: 696هـ) في طرف مقبرة المعلاة شعباً ذكر أن فيه قبر خديجة وقال: (وليس لها بالشعب المذكور قبر ظاهر، ولكنهم يقولون إنها به والله أعلم) انتهى. ولهذا فإن المحققين من المؤرخين نصوا على أنه لا يعرف في مكة من قبور الصحابة سوى قبر أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، في سرف خارج مكة بقرب التنعيم، وقبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في ثنية أذاخر مما يلي باب المعلى (رحلة التجبي صفحة: 339) والله أعلم.

7 - هو الدكتور محمد حسين هيكل رحمه الله.

8 - هي مجلة "الوعي الإسلامي" التي تصدر في الكويت.

9 - "منـزل الوحي" صفحة: (204ـ 205).










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-06, 17:18   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الآثار الإسلامية في مكة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
ألقى الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - " علامة الجزيرة في التاريخ " محاضرة في جامعة "أم القرى" بمكة الأربعاء 13 جمادى الآخرة سنة 1402هـ ، بعنوان:

الآثار الإسلامية في مكة المشرفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الآثار – أيها الإخوة - في هذه البلدة المشرفة نوعان:
1 - مشاعر العبادة المقدسة، في مكة ومِنَى ومزدلفة وعرفات، ومواقيت الحج المكانية، وقد تكفل الله بصيانتها وحفظها، لارتباطها بما تعبّد عباده بالقيام به من أنواع العبادة.
2 - ونوع آخر من الآثار، له ارتباط بحياة من عاش على تراب هذه البلدة الطاهر، كالمساجد والموالد والقبور والأمكنة، وهذا ما سأحاول حصر الحديث حوله، متوخياً الإيجاز ، مشيراً إلى أمرٍ هام وثيق الصلة به، بل هو أساس يقوم عليه هذا الحديث عن هذا النوع من الآثار: هو أن سلفنا الصالح في القرون الثلاثة المفضلة الأولى ما كانوا يهتمون بالمحافظة على آثارهم، ولا يعتنون بتحديد مواقعها أو أزمانها، بل كانوا في كثير من الأحيان عندما يخشون المبالغة في تعظيمها يسعون لإزالتها، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين رأى الناس ينتابون بالزيارة شجرة الرضوان، التي بايع المسلمون المصطفى عليه الصلاة والسلام تحتها، وأنزل الله في تلك البيعة قوله عز وجل: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} فأمر الفاروق رضي الله عنه بقطعها.
وقد أوفى المحققون من العلماء هذا الأمر إيضاحاً وتحقيقاً، وتحسن الإشارة أيضاً إلى أن لتساهل العلماء في رواية ما يتعلق بفضائل المواضع أثراً كبيراً في حدوث كثير من الآثار، كما أن التنافس بين أهل المدن في بعض الأحيان زاد تلك الفضائل كثرة وشهرة، بوسائل مختلفة.
ولا أريد التوسع في الحديث عن هذا، وحسب القارئ أن يستعرض جوانب منه في تشابه كثير من الآثار في المدينتين الكريمتين، ككثرة المساجد المنسوبة إلى بعض المتقدمين، ونسبة كثير من القبور لبعض المشاهير في مقبرتي المعلاة والبقيع، بل حتى في الآبار، كبئر زمزم ـ مثلاً ـ.
الموالد في مكة المكرمة :
لعل أشهر هذه المواضع وأقدمها المكان الذي يرى كثير من متقدمي العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد فيه، الواقع في شعب بني هاشم بقرب سوق الليل، وهو مكان لا يزال معروفاً، مع كثرة ما طرأ عليه من التغيير، غير أن نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم محل شك لدى كثير من العلماء.
ولعل القائلين بصحة تلك النسبة اعتمدوا على القرائن في ذلك، فالرسول عليه الصلاة والسلام من أهل مكة –لا شك في ذلك- وبنو هاشم عشيرته الأقربون كان ربعهم معروفاً في الشِّعب الذي عُرف بهم، ثم بأبي طالب أحدهم، والدار التي يقع فيها المولد كانت في ذاك الشعب، وكانت للرسول صلى الله عليه وسلم، فلما هاجر استولى عليها ابن عمه عقيل بن أبي طالب كما في الحديث الشريف: "وهل ترك لنا عقيل من دار"؟ من هنا قال بعض العلماء ومنهم ابن القيم في كتاب: "زاد المعاد": (لا خلاف في أنه صلى الله عليه وسلم وُلد بجوف مكة).
غير أن ممن تقدم ابن القيم من العلماء من ذكر الخلاف في ذلك، فقد نقل مؤرخ مكة تقي الدين الحسني الفاسي في "شفاء الغرام" وفي مقدمة "العقد الثمين" أن مُغُلطاي العالم الحنفي المصري (689/762) وهو من حفَّاظ الحديث ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد بعُسفان.
ولم غلط اي مؤلف في السيرة في مكتبة الحرم المكي هو كتاب "الإشارة إلى سيرة المصطفى، وتاريخ من بعده من الخلفاء"(1) ورد فيه: (وُلد صلى الله عليه وسلم بمكة، في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، ويقال: بالشِّعب، ويقال بالرَّدم، ويقال: بعُسفان).
وعلى القول بأنه عليه الصلاة والسلام ، وُلد في مكة، فهناك اختلاف بين العلماء في تحديد الموضع الذي وُلد فيه، فقد ذكر محمد بن محمد بن سيد الناس (734-671هـ) في كتاب "عيون الأثر في سيرة سيد البشر" ما نصه: (وولد في الدار التي تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، وقيل: إنه ولد في شعب بني هاشم) كذا أورد الخبر بصيغة: (قيل) . وقال الإمام السهيلي (581-508) في كتاب "الروض الأنف": (وولد بالشِّعب، وقيل: بالدار التي عند الصفا، وكانت بعد لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، ثم بنتها زبيدة مسجدًا، حين حجَّت).
وأورد تقي الدين الفاسي هذا القول واستغربه فقال: (مولد النبي صلى الله عليه وسلم، بسوق الليل وهو مشهور، وذكر السهيلي في خبر مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ما يُستغرب) ثم أورده وأضاف: (وأغرب منه ما قيل من أنه صلى الله عليه وسلم، ولد في الردم، ردم بني جمح).
ويقصد الردم الذي ردم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة: (17) لصيانة المسجد الشريف من دخول السيل، موقعه في أعلى المُدَّعا الموضع الذي ذكر بعض العلماء أن المحرم يقف فيه للدعاء، إذ منه كانت تشاهد الكعبة المطهرة.
وهذا الاختلاف في الموضع الذي وُلد فيه النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على القول بأن الجزم بأنه الموضع المعروف عند عامة الناس باسم المولد لا يقوم على أساس تاريخي صحيح، وهذا أمر أوضحه الشيخ عبد الله العياشي (1090-1037هـ) في رحلته فقال ما نصه: (وقد عُلم من كتب السير ما وقع من الاختلاف في مولده صلى الله عليه وسلم هل هو بمكة أو بالأبواء، وعلى أنه بمكة فقيل بالشِّعب وقيل المحصَّب إلى غير ذلك من الأقوال .
ولا أدري من أين أخذ الناس تعيين هذا المحل بالخصوص، اللهم إلا أن يثبت أن تلك دار والده أو جده صلى الله عليه وسلم فيترجح القول بأنه في مكة في قضية عادية، وهي أن ولادة الإنسان في الغالب في منـزل والده، وإن أُريد بالشِّعب شِعب أبي طالب الذي انحاز إليه مع بني هاشم وبني المطلب في قضية الصحيفة، فلا يبعد ذلك؛ لأن هذه الدار قريبة من الشعب من أسفله.
والعجب أنهم عيّنوا محلاً من الدار مقدار مضجع، وقالوا له: موضع ولادته صلى الله عليه وسلم !! ويبعد عندي كل البعد تعيين ذلك من طريق صحيح أو ضعيف، لما تقدم من الخلاف في كونه في مكة أو غيرها، وعلى القول بأنه فيها ففي أي شعابها ؟! وعلى القول بتعيين هذا الشعب ففي أي الدور؟! وعلى القول بتعيين الدار يبعد كل البعد تعيين الموضع من الدار، بعد مرور الأزمان والأعصار، وانقطاع الآثار.
والولادة وقعت في زمن الجاهلية، وليس هناك من يعتني بحفظ الأمكنة، سيما مع عدم تعلق غرض لهم بذلك، وبعد مجيء الإسلام فقد عُلم من حال الصحابة وتابعيهم ضَعفُ اعتنائهم بالتقييد، بالأماكن التي لم يتعلق بها عمل شرعي، لصرفهم اعتناءهم رضي الله عنهم لما هو أهم : من حفظ الشريعة، والذب عنها بالسنان واللسان، وكان ذلك هو السبب في خفاء كثير من الآثار الواقعة في الإسلام، من مساجده عليه السلام، ومواضع غزواته، ومدافن كثير من أصحابه، مع وقوع ذلك في المشاهد الجليلة، فما بالك بما وقع في الجاهلية؟! لا سيما مالا يكاد يحضره أحد إلا من وقع له، كمولد علي ، ومولد عمر، ومولد فاطمة –رضي الله عنهم جميعهم- فهذه أماكن مشهورة عند أهل مكة، فيقولون: هذا مولد فلان، هذا مولد فلان، وفي ذلك من البعد أبعد من تعيين مولده صلى الله عليه وسلم، لوقوع كثير من الآيات ليلة مولده صلى الله عليه وسلم ، فقد يتنّبه بعض الناس لذلك بسبب ما ظهر من الآيات، وإن كانوا أهل جاهلية، وأما مولد غيره ممن ولد في ذلك العصر فتكاد العادة أن تقطع بعدم معرفته، إلا أن يرد خير عن صاحب الواقعة بتنبهه أو أحد من أهل بيته ) . انتهى كلام العياشي ، وهو شامل لجميع الموالد المنسوبة لمن عاش في عهد المصطفى –عليه الصلاة والسلام- فلا داعي للحديث عنها.
المساجد:
وفي مكة مساجد، كانت تُقصد للزيارة، منها: مسجد بأعلى مكة عند الردم - المدَّعا - يدعى مسجد الراية، يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وركز رايته حين فتح مكة بقربه.
ومسجد عند المُدَّعا ـ أيضاً ـ على يمين الهابط إلى مكة ويسار الصاعد منها، ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه صلى فيه المغرب.
ومسجد المختبا في سوق الليل بقرب ما يُزعم بأنه المولد ، يقال بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختبئ فيه من الكفار.
ومسجد بأسفل مكة بقرب بركة الماجن، ينسب لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ،ومسجد الجن، ويسمى مسجد البيعة، ومسجد الحرس، ومسجد الإجابة في شعب بقرب ثنية أذاخر.
وهناك مساجد أخرى، وكلها وردت منسوبة له صلى الله عليه وسلم أو لأحد من أصحابه في أخبار لا تثبت أمام النقد، من حيث صحة نسبتها إلى من نسبت إليه.
وكذا المساجد المذكورة في منى، باستثناء مسجد الخيف، وهذا لا ينافي قدم تاريخ إنشاء تلك المساجد، واعتبارها من الأماكن القديمة ، فيدرس تاريخها على هذا الأساس، ويهتم بها بصفتها أماكن للعبادة.
أماكن أثرية:
ومن أشهر المواضع الأثرية جبلا حِراء وثور ـ من جبال أم القرى ـ ففي غار الأول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعبد، وفيه نزل عليه الوحي.
وي غار الثاني اختبأ هو وأبو بكر حين هاجرا من مكة، وفيه نزل قوله تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}.
ومن أشهر المواضع الأثرية قرب مكة وادي حُنين (يدعان) أعلى وادي الشرائع ، الذي حدثت فيه الوقعة المذكورة في القرآن الكريم: {ويوم حنين إذ أجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً} الآية. وتحسن الإشارة إلى التفريق بين موضعي حُنينٍ وأوطاس، حيث وقع من بعض المؤرخين ما يُفهم منه اعتبارهما موضعاً واحداً، مع تغايرهما ، فأوطاس يقع شرق سلسلة جبال الحجاز، أقرب المواضع المأهولة منه عُشيرة، يقع غرب وادي العقيق، على مقربة من البركة شمالها بميل نحو الغرب .
القبور:
لا شك أن مقبرة المعلاة في مكة المشرفة حوت من رفات الأجسام الطاهرة من المؤمنين ما لم تحوه مقبرة من حيث الفضل، باستثناء مقبرة البقيع.
وقد ألف الفيروز آبادي صاحب "القاموس المحيط" رسالة دعاها: "إثارة الحَجون، لزيارة الحَجون" ذكر الصحابة المدفونين في تلك المقبرة، ونظم هذه الرسالة علي بن أبي بكر الصايغ، أحد علماء مكة في صفر سنة: (1287) بأرجوزة سماها: "اللؤلؤ المكنون، في ذكر أسماء أهل الحجون" وذكر أن عدد الصحابة المدفونين في مقبرة الحجون ثمانية وثلاثون رجلاً وسبع نسوة، سرد جميع أسمائهم نقلاً عن رسالة الفيروز آبادي، التي تضمنت تراجم أولئك.
ولكن مما تجب ملاحظته:
1- الاختلاف في موقع الحجون الوارد في كتب المتقدمين، فقد ذكر الفاسي أن الحجون جبل على يسار الداخل إلى مكة، ويمين الخارج منها إلى منى على ما ذكر الأزرقي والفاكهي، وهما أقدم مؤرخي مكة ممن وصلت إلينا مؤلفاتهم (2).
وإذن فهو مخالف لما عليه الناس من أن الحجون الثنية التي يهبط منها إلى مقبرة المعلاة.
وأضاف الفاسي: ولعل الحجون على مقتضى كلام الأزرقي والفاكهي والخزاعي هو الجبل الذي يقال: فيه قبر ابن عمر رضي الله عنهما أو الجبل المقابل له، الذي بينهما الشعب المعروف بشعب العفاريت انتهى.
ويرى مؤرخ مكة في عصرنا الأستاذ الشيخ أحمد السباعي أن ثنية الحجون تقع في الجبل المتصل بشعب عامر، وأن إطلاق اسم الحجون على ما هو معروف عند الناس الآن حدث بعد الإسلام (3).
2- ليس كل من مات في مكة قبر في مقبرة الحجون كما يُفهم من رسالة صاحب "القاموس" إذ لمكة عند ظهور الإسلام مقابر غير مقبرة الحجون التي هي مقبرة المعلاة ؛ منها: المقبرة العليا بين المعابدة وثنية الحرمانية –ثنية أذاخر- وكان يدفن فيها في الجاهلية وصدر الإسلام.
ومنها: مقبرة المهاجرين، بالحصحاص، بين فخّ والزاهر (الشهداء).
ومنها: مقبرة الشبيكة، وكانت تعرف بمقبرة الأحلاف، بينما تعرف مقبرة المعلاة بمقبرة المطيبين.
لهذا لا يمكن الجزم بأن من توفي في مكة مقبور بمقبرة المعلاة (الحجون)
3- نص المتقدمون من مؤرخي مكة على عدم معرفة قبر أحدٍ من الصحابة إلا قبر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في سرف.
قال الفاسي: ولا أعلم في مكة، ولا فيما قرب منها قبر أحد ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم سوى قبر ميمونة، لأن الخلف يأثره عن السلف، وقال ابن ظهيرة في "الجامع اللطيف": عن مقبرة المعلاة: لما حوته من سادات الصحابة والتابعين، وكبار العلماء والصالحين، وإن لم يعرف قبر أحد من الصحابة تحقيقاً الآن. انتهى
وفي عصرنا ، بل قبله بنحو ستة قرون- عُرف قبر أم المؤمنين خديجة- رضي الله عنها ، معرفة قائمة على أساس من الجهل، إن صحَّ أن للجهل أساساً، فشُيِّدت قبة عظيمة تحمل ذلك الاسم الطاهر، ثم أقيم بجوار تلك القبة في أول القرن الحادي عشر قُبَّتان تحمل إحداهما اسم (عبد المطلب) وتعرف الأخرى باسم قبة (أبي طالب) !!
وارتباط هذه الأسماء الثلاثة بحياة المصطفى عليه الصلاة والسلام أضفى عليها هالة من الإجلال، حتى اعتقد كثير من الجهال صحة وجود قبر خديجة وقبر عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي طالب عمه، وهو اعتقاد خاطئ كما أشرت إلى ذلك في كلمة لي بعنوان: (خرافة قبة اليهودية) (4) قلت فيها: من الأمور التي لا حقيقة لها ما يصبح بمرور الزمان ذا تاريخ تتناقله الأجيال، حتى يُعد بطول الزمن وبتناقل ذكره بين الناس من الأمور الثابتة التي لا يسوغ إنكارها.
فقبر أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، كان مجهولاً لدى مؤرخي مكة حتى القرن الثامن الهجري ، أي طيلة سبعة قرون بل تزيد، ثم أصبح معروفاً محدد المكان، في القرون الخمسة الماضية حتى يومنا هذا، بعد أن رأى أحد العارفين في المنام (5) كأن نوراً ينبعث من شُعبة النور، في مقبرة المعلاة، ولما علم أمير مكة في ذلك العهد بخبر تلك الرؤيا أمر ببناء قبة فوق المكان الذي رأى ذلك العارف أن النور ينبعث منه، جازماً ذلك الأمير أن ذلك المكان ما هو سوى قبر خديجة رضي الله عنها (6) !!!
ويورد المرجاني في كتاب "بهجة النفوس والأسرار" الخبر باختصار ويعقب عليه: (ولا كان ينبغي تعيينه على الأمر المجهول).
ويدور الزمان فيصبح المكان وما حوله مقبرة للعظماء من أهل مكة ! ؛ فيقبر فيه في القرن الحادي عشر في سنة: (1010هـ) عبد المطلب بن حسن بن أبي نُمي، ثم في سنة: (1012هـ) يموت أحد أمراء مكة ممن عرف بالظلم والجبروت، وهو أبو طالب بن حسن بن أبي نمي، وتُبنى فوقه قبة تعرف بقبة أبي طالب، بجوار قبة خديجة الخرافية وقبة عبد المطلب، ويدور الزمان فيُجهل أمر صاحبي القبة، فتنشأ خرافة قبة عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي مات في زمن الفترة، وقبة أبي طالب بن عبد المطلب عم النبي عليه الصلاة والسلام، الذي مات مشركاً بنص القرآن الكريم.
ويُدون التاريخ تلك الخرافات الثلاث باعتبارها حقائق تاريخية، وتتناقلها الأجيال إلى يومنا هذا، بل تزداد رسوخاً وقوة حين تصدى عالم جليل من علماء العصر(7) بكتابة سفر نفيس دعاه "في منـزل الوحي" إذ تطغى عاطفة التدين على ذلك العالم حين يشاهد مقبرة مكة (المعلاة) فتنتابه الذكريات عمن ضمَّت من أجساد عظماء الأمة خلال الثلاثة عشر قرناً وما فوقها من السنين، وتنطلي عليه خرافة قبر عبد المطلب جد النبي عليه الصلاة والسلام، وقبر أبي طالب عمه، وقبر أم المؤمنين خديجة زوجه، فيتقبل القول على عِلاَّته، ويريح نفسه من عناء البحث والتحقيق، فيجري يراعه السيال بكتابة الصفحات التي يعدد فيها أمجاد السادة الذين ضم تراب تلك المقبرة رفاتهم !!
ويخص بالذكر منهم أولئك الثلاثة، وينحي باللائمة على من أزال تلك القباب الخرافية !!
وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل إن الباحثين ممن جاؤوا بعد ذلك العالم اتخذوا كتابه مصدراً يُعتمد عليه في آثار مكة وأخبارها، بحيث أن إحدى المجلات(8) الدينية تقوم بنشر كُتيب عن الحج في كل عام منذ بضع سنوات، وتعدد فيه آثار قبور المعلاة الثلاثة القبور الخرافية !
وقل أن كتب عن هذه البلدة الكريمة أحدٌ من غير العارفين من أهلها فلم ينظر إلى هذه الآثار ونحوها نظرة الواثق بصحة ما يقال عنها، لِمُلامستها للعواطف.
أما مثقفو هذه البلاد، وأولوا الرأي فيها ؛ فهم يدركون أنها لا سند لها من التاريخ ، وأن ما يروى عنها غير صحيح (9).
حمد الجاسر

ــــــــــــــــــ

الهوامش:

1 - رقمها (87) سيرة في (67) ورقة. مخطوطة سنة: (810) مصححة ومقابلة على الأصل المقرؤ على المؤلف تنتهي بخبر قتل المستعصم سنة: (656) من قبل التتار.

ولمغلطاي كتاب آخر مطول في السيرة هو "الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم" منه مخطوطة في مكتبة (ليدن) في (هولندا) رقمها في فهرس المخطوطات الشرقية (370).

2 - انظر مجلة "العرب" س 16 ص 237.

3 - محاضرة ألقاها سنة: (1388هـ) في نادي الوحدة الرياضي بمكة بعنوان: "عبدالله بن الزبير صاحب فكرة في تاريخ مكة" (العرب) س 2 ص 865.

4 - " العرب" س 10 ص 278.

5 - انظر كتاب "البحر العميق في العمرة والحج إلى بيت الله العتيق" لمحمد بن أحمد بن الضياء القرشي المكي الحنفي (الجزء: 1 الورقة:20) مخطوطة مكتبة الحرم المكي. رقم (40) فقه حنفي فقد أشار إلى هذا الخبر، وأورده مفصلاً أحد مؤرخي مكة المتأخرين.

6 - ذكر كثير من المؤرخين المتأخرين أن خديجة رضي الله عنها قبرت بمقبرة المعلاة، وذكر التجيبي في رحلته أنه شاهد (سنة: 696هـ) في طرف مقبرة المعلاة شعباً ذكر أن فيه قبر خديجة وقال: (وليس لها بالشعب المذكور قبر ظاهر، ولكنهم يقولون إنها به والله أعلم) انتهى. ولهذا فإن المحققين من المؤرخين نصوا على أنه لا يعرف في مكة من قبور الصحابة سوى قبر أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، في سرف خارج مكة بقرب التنعيم، وقبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في ثنية أذاخر مما يلي باب المعلى (رحلة التجبي صفحة: 339) والله أعلم.

7 - هو الدكتور محمد حسين هيكل رحمه الله.

8 - هي مجلة "الوعي الإسلامي" التي تصدر في الكويت.

9 - "منـزل الوحي" صفحة: (204ـ 205).

منهج الحق واضح كالشمس لا يزيغ عنها الا هالك فالحق ان تتبع
و اما الباطل يملكه الهوى والنفس تختلج ولكي تداوي هذه النفس التي تختلج فعليك بالاتباع فالهوى لا يعريف الطريق المستقيم










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-07, 16:21   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
fadi-1530
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-07, 16:28   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فضيلة الشيخ وفقكم الله يقول : آثار النبي - صلى الله عليه و سلم - هل هي
موجودة و باقية إلى الآن كثوبه و شعره ؟
فضيلة الشيخ : ارونا اياهن ، من يثبت ان هذا ثوب الرسول و هذا شعر
الرسول و هذا ، من يثبت هذا ، هذه خرافات ، ما لها أصل .
العلامة الفوزان ..









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحصون, اليهود, يهدمها


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc