موضوع مميز ¨°o.O(«۩☼۩ « عبقات وقطوف رمضانية /أوَّل رمضان / وَفَاْءُ اليَاسَمِيْن » ۩☼۩»)O.o°¨ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

¨°o.O(«۩☼۩ « عبقات وقطوف رمضانية /أوَّل رمضان / وَفَاْءُ اليَاسَمِيْن » ۩☼۩»)O.o°¨

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-06-06, 04:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي ¨°o.O(«۩☼۩ « عبقات وقطوف رمضانية /أوَّل رمضان / وَفَاْءُ اليَاسَمِيْن » ۩☼۩»)O.o°¨


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين,
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً,
وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه,
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين,
أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .



أما بعد :

أهل المنتدى الكرام إنَّه لشرف لي أن أنزل ضيفة على صفحاتكم ،
حاملة معي عبقات و قطوف من كل الكتب و كل الرفوف ...

رمضان شهر خير و شهر دروس و عبر ...
نتعلم فيه ترويض النفس على كل ما يربيها و ينزع منها الكبر..

أسأل الله أن يوفقني في أن أقدم لكم كل خير و جميل الشعر و النثر ...

رمضان سر الله في أيامه* * * يهدي العصي وللنعيم يقوده
فالليل تال والكتاب مرتل * * * ومن الملائكة الكرام شهوده
والذكر والدعوات في آنائه * * * سيل يفيض فلا تبين حدوده
والرحمة العظمى تبارك أهلها* * * ولكل أهل حظه وسعوده



خير مانبدأ به صفحاتنا هو و ما تيسر من الدعاء و خير ما يبدأ به العبد يومه حمد الله وشكره

إخترت لكم دعاء الحسن البصري كما نقله ابن القيم :
الحمد لله اللهم ربنا لك الحمد بما خلقتنا ورزقتنا ، وهديتنا وعلمتنا ، وأنقذتنا وفرجت عنا ،
لك الحمد بالإيمان ، ولك الحمد بالإسلام ، ولك الحمد بالقرآن ، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة ،
كبت عدونا ، وبسطت رزقنا ،وأظهرت أمننا ، وجمعت فرقتنا ، وأحسنت معافاتنا ، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا ،
فلك الحمد على ذلك حمداً كثيراً ،
لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث ، أو سر أو علانية ، أو خاصة أو عامة ،
أو حي أو ميت ، أو شاهد أو غائب ، لك الحمد حتى ترضى ، ولك الحمد إذا رضيت ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

عن شداد بن أوس ، رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
" سيد الاستغفار اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت خلقتني ، وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ،
أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
من قالها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة ، ومن قالها حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة " خرجه البخاري وغيره

عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه كان يعلم أصحابه يقول :
" إذا أصبح أحدكم فليقل اللهم بك أصبحنا ، وبك أمسينا ، وبك نحيا ، وبك نموت ، وإليك النشور،
وإذا أمسى فليقل اللهم بك أمسينا ، وبك أصبحنا ، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير "

أ- أن النشور مأخوذ من نشر اذا عاش بعد الموت ولذا ناسب أن يقال في الصباح : وإليك النشور
فإنه يقع في القيام من النوم وهو كالموت . وناسب أن يقال في المساء : وإليه المصير لأنه يصير إلى النوم .
ب - أن النهار محل الكسب فيناسبه الانتشار ، والليل محل السكون فيناسبه المصير .


عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن أبا بكر الصديق ، رضي الله عنه قال : يا رسول الله علمني شيئاً أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت
قال : قل " اللهم عالم الغيب والشهادة ، فاطر السموات والأرض ، رَبَّ كل شيء ومليكه ،
أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه "
وفي رواية " وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره على مسلم . قال إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك "
قال الترمذي . حديث حسن صحيح .

عن عبدالله بن عمر ، رضي الله عنهما ، أنه قال : لم يكن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم -
يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح :" اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ،
اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ،
اللهم احفظني من بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي ، ومن فوقي ،
وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي" قال وكيع : يعني الخسف
خرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وقال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي..



قال ابن القيم رحمه الله
ليس الصوم صوم جماعة عن الطعام
وإنما الصوم صوم الجــوارح عن الآثام
وصـمت اللـسـان عن فـضـول الـكلام
وغـض الـعـيـن عـن النظر إلى الحرام
وكـــف الـــكـــف عن أخـــذ الــخـطام
ومــنــع الأقدام عن قـبـيـح الإقـــدام









 


آخر تعديل ابو اكرام فتحون 2016-06-06 في 08:38.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:23   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


فضائل شهر رمضان
من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زماناً ومكاناً، ففضل بعض الأمكنة على بعض،
وفضل بعض الأزمنة على بعض،
ففضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب،
واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن،
قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان} (البقرة:185)،
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان،
والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان) رواه أحمد.

وهو الشهر الذي فرض الله صيامه، فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة:183).


وهو شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم،
من صامه وقامه إيماناً بموعود الله، واحتساباً للأجر والثواب عند الله، غفر له ما تقدم من ذنبه،
ففي "الصحيح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه)،
وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)،
وقال أيضاً: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).


ومن أدركه فلم يُغفر له فقد رغم أنفه وأبعده الله، بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام،
وأمَّن على تلك الدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم، فما ظنك بدعوة من أفضل ملائكة الله، يؤمّن عليها خير خلق الله.


وهو شهر العتق من النار، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم:
(وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة) رواه الترمذي.

وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار، وصفِّدت الشياطين)، وفي لفظ (وسلسلت الشياطين)،
أي: أنهم يجعلون في الأصفاد والسلاسل، فلا يصلون في رمضان إلى ما كانوا يصلون إليه في غيره.

وهو شهر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها،

ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمر:10).

وهو شهر الدعاء، قال تعالى عقيب آيات الصيام: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} (البقرة:186)،

وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم) رواه أحمد.

وهو شهر الجود والإحسان؛ ولذا كان صلى الله عليه وسلم -كما ثبت في الصحيح- أجود ما يكون في شهر رمضان.

وهو شهر فيه ليلة القدر، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر، والمحروم من حُرِم خيرها،

قال تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر} (القدر:3)، روى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رمضان،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمها فقد حُرِم الخير كله، ولا يُحْرَم خيرَها إلا محروم).

فانظروا -يا رعاكم الله- إلى هذه الفضائل الجمّة، والمزايا العظيمة في هذا الشهر المبارك ،

فحري بكم -اخوتي- أن تعرفوا له حقه, وأن تقدروه حق قدره، وأن تغتنموا أيامه ولياليه، عسى أن تفوزوا برضوان الله،
فيغفر الله لكم ذنوبكم وييسر لكم أموركم، ويكتب لكم السعادة في الدنيا والآخرة، جعلنا الله وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام.

إذًا حل علينا شهر رمضان بنفحاته ونسماته الإيمانية التي تروي عطش القلوب
وها قد بلغت أشواقنا عنان السماء
هل استعددت أخي بشد الحزام و ووضع برامج لختم القرآن ؟
و هل استعدت لقيام الليل و حسن التعبد و طيب الكلام ؟
هل وفَّرت بعض المال لتُفرح به المحتاج و ترسم البسمة على وجه اليتيم و المسكين؟
أم أنَّك اجتهدت في صرف و اسراف المال في كل ما لذَّ و طاب و أشهى الأواني و غالي الثياب؟
و هل استعددتِ أخيتي للاستمتاع بسحر و بركة أيام رمضان؟
أم ما زلتِ مشغولة بتحضير وتخزين الطعام؟
هل بدأتِ بالتوبة والاستغفار لتخففي من أثقالك فتُقبلي على رمضان بقلب نقي وصافي؟
أم انشغلتِ بترتيب البيت وتنظيفه استعدادا للضيوف؟

إن كنتم لم تبدؤوا بعد، فلا تحزنوا ...
فما زال الوقت أمامكم نحن في أول يوم لهذا الشهر الفضيل فاغتنموه
~ ابدؤوا الاستغفار من الآن ورددوه آناء الليل والنهار حتى تألفوه فلا تنسوه
~ عليكم بالدعاء خاصة في أوقات الإجابة فقد روي عن السلف الصالح أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم الله رمضان،
وإذا بلغوا رمضان ظلوا يدعون الله ستة أشهر بعده حتى يتقبله منهم.
~ واحرصوا على استقبال شهر رمضان بالفرح والسرور فقد قال الله تعالى : (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)


جعلنا الله ممن صام رمضان إيمانًا و احتسابًا و أعاده علينا بالخير و البركات



في رمضان وفي غيره من الأيام اخوتي في الله



( ليكن ويحك بصرك من النظر إلى المحارم معدولا
وسمعك عن سماع القبيح من القول معزولا
وبطنك من أكل الحرام محمولا
وقلبك بالفكرة في الحسنات والمعاد مشغولا
وذكر مولاك وسيدك في لسانك مجعولا
ومالك في طاعة العزيز الجبار مبذولا
{ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا }
- الإسراء 36-

وقد أعلمك مولاك أن الشيطان كان للإنسان خذولا
فلم خنت عهد مولاك وأمانته وكنت لنفسك ظلوما جهولا

وأنشدوا


قل لأهل الذنوب والآثام ...قابلوا بالمتاب شهر الصيام
إنه في الشهور شهر جليل...واجب حقه وكيد الزمام
واقلوا الكلام فيه نهارا...واقطعوا ليله بطول القيام
واطلبوا العفو من إله عظيم...ليس يخفى عليه فعل الأنام
كم له فيه من إزاحة ذنب...وخطايا من الذنوب عظام
كم له فيه من أياد حسان...عند عبد يراه تحت الظلام
كم له فيه من عتيق شهيد...آمن في القيام خزي المقام
إن دعاه مذلل بخضوع...وخشوع ودمعه ذو سجام
أين من يحذر العذاب ويخشى...أن يصلي الجحيم مأوى اللئام
أين من يشتهي التذاذا بحور...في جنان الخلود بين الخيام
التمس فيه ليلة القدر واترك...التماسا لها لذيذ المنام
واجتهد في عبادة الله واسأل...فضله عند غفلة النوام
يا لها خيبة لمن خاب فيه...عن بلوغ المنى بدار السلام
يا لها حسرة لمن كان فيه...ساترا شره بثوب الظلام
يا إله الجميع أنت بحالي...عالم فاهدني سبيل القوام
وأمتني على اعتقاد جميل...واتباع لملة الإسلام )
اهـ - من كلام ابن الجوزي


" بستان الواعظين "


















رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:24   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

العمل عبادة و شهر رمضان شهر العبادات

العبادة والعمل في الإسلام صنوان لا يفترقان وقيمتان متلازمتان , فالعبادة عمل يسعى به المسلم إلى إرضاء ربه ومولاه ,
وهي المقصد الأسمى والأعلى من خلق الإنسان , قال سبحانه : \" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) سورة الذاريات .


والعمل عبادة لأنه يحقق معنى الاستخلاف في الأرض الذي هو الغاية أيضا من خلق الإنسان ,
قال عز من قائل : \"هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61) سورة هود.
لذا فقد ربط سبحانه بين الصلاة كعبادة والسعي في الأرض كعبادة أيضاً , قال تعالى :
" فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) سورة الجمعة .

إلَّا أنَّ المسلمين حوَّلوا هذا الشهر إلى شهر كسل وتراخٍ بما يسهرونه من الليل وينامونه من النهار،
ولو أنهم صاموا حق الصيام، وتحرَّوا الوصول إلى مقاصد الصيام العظيمة لتحقق للأمة في هذا الشهر من الكفاية الإنتاجية ما يكفيها باقي السنة.

وتاريخ المسلمين الطويل شاهد على أن هذا الشهر هو شهر الإنتاج والعمل، وشهر الانتصارات الكبرى،
حين تهب ريح الإيمان، ونسمات التقوى، وتتعالى صيحات الله أكبر فيتنزل النصر من الله تعالى، على قلة العَدد وقلة العُدد ,
ومن أشهر الانتصارات الكبرى للمسلمين في شهر رمضان :

- بدر الكبرى 2هـ
في العام الثاني من الهجرة، وفي شهر رمضان المبارك وقعت معركة هي من أهم المعارك الإسلامية،
كيف لا وهي المعركة الأولى التي فصل الله فيها بين الحق والباطل، فكانت كلمة الله هي العليا وكلمة الباطل السفلى؟!
كيف لا وهي أولى معارك الدولة الإسلامية؟! ولو لا أن الله كتب النصر في هذه المعركة لدينه ونبيه وجنده لاندثر الإسلام ولم تقم له قائمة،
كما كان يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم ربه:\" اللهم إن تهلك هذه العصابة، فلن تعبد في الأرض \" .

- فتح مكة 8هـ :
وفي رمضان في السنة الثامنة للهجرة، كان الفتح الأعظم، فتح مكة المكرمة،وتطهيرها من الرجس والأوثان والمشركين،
وعلت كلمة الحق في حَرَم الله، وعاد إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم، هو وصحبه بعد ثماني سنوات قضوها في المدينة مجاهدين ناشرين لدين الله.

- موقعة البويب 13هـ :
وفي شهر رمضان من العام الثالث عشر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
كانت موقعة " البويب" على ضفاف نهر الفرات في بلاد فارس، بوصية من أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم،
و كان قائد المسلمين المثنى بن حارثة، و انتصر المسلمون على الفرس، وارتفع فيها لواء الإسلام.

- فتح الأندلس 92هـ :
وفي رمضان عام 92هـ ، فُتحت الأندلس على يد طارق بن زياد، بعد أن انتصر المسلمون على جيوش القوط بقيادة روزريق،
و كان يوما من أيام الله المباركة، و سيطر فيها طارق على الجبل الذي سُمي باسمه.

- فتح عمورية 223هـ :
وفي الشهر الكريم من عام 223هـ كان فتح عمورية ، إحدى أقوى وأمتن الحصون الرومية آنذاك،
كانت الجحافل الإسلامية في هذا الفتح تحت قيادة الخليفة العباسي المعتصم بالله، و سبب هذا الفتح العظيم أن الروم أغاروا على المسلمين،
وأسروا منهم أعدادا كبيرة، ووصل إلى المعتصم خبر استنجاد امرأة مسلمة به، بقولها:
" وامعتصماه" ولم كد يسمع هذه الاستغاثة حتى جهز جيشا جرّارا، وأعده بعدة و عتاد لم يسمع له مثيل من قبل على مَرّ التاريخ،
و سار على رأس الجيش إلى عَمّورية مُلبّيا النداء، وهزم الروم و فتح عمّورية.

- عين جالوت 658هـ :
وفي رمضان عام 658هـ دارت رحى معركة عين جالوت على أرض المسرى فلسطين الحبيبة،
و كانت هذه المعركة بين المسلمين المماليك بقيادة القائد المملوكي الفذ المظفر قطز ، وبين المغول الهمجيين، الذين عاثوا فسادا في أرض المسلمين،
وزرعوا الخوف والرعب في نفوسهم، وكان النصر حليف المسلمين، وكسر القائد مظفر قطز حاجز الخوف وأباد الجيش المغولي، وهزمه شر هزيمة.

- فتح أنطاكية 666هـ :
وفي شهر رمضان من العام 666هـ كان فتح إمارة أنطاكية، عاصمة الصليبيين في بلاد الشام،
وكان قائد المسلمين في هذا الفتح العظيم السلطان الظاهر بيبرس، الذي كُتب على يديه هزيمة الصليبيين والمغول من قبلهم، ورفعة الإسلام والمسلمين.

- معركة شقحب 702هـ :
وفي العام 702هـ في الشهر المبارك أيضا، كانت معركة شقحب، على مشارف مدينة دمشق( سوريا ) ،
بين المسلمين بتحريض من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وبين المغول، بعد أن استباحوا ديار المسلمين مرة أخرى.
وأقسم شيخ الإسلام على الله أن يكون النصر للمسلمين، ثم أمر المسلمين بالإفطار ليَتَقَوَّوا على عدوّهم،
وفعلا أبرّ الله بقسم ذلك العالم العابد المجاهد، ونُصر جند الحق وخُذل المَغول، فتحقق نصر آخر للمسلمين في هذا الشهر الكريم.

-العاشر من رمضان 1393هـ :
في رمضان عام 1393هـ السادس من أكتوبر 1973م ، التقى المسلمون المصريون والعرب مع اليهود الخونة قتلة الأنبياء والأبرياء.
وعلى أرض سيناء، هَزم المصريون اليهود واستردوا شبه جزيرة سيناء، بعد أن بقيت تحت وطأة الاحتلال والاغتصاب الصهيوني بضع سنوات .

فلقد فهم المسلمون الأوائل أن شهر رمضان شهر جهاد وعمل لا شهر نوم وخمول وكسل ,
وأنه لا تعارض بين العبادة والتهجد لله رب العالمين وبين الجهاد لتحقيق معاني الاستخلاف على هذه الأرض .
لما أرسل عبد الله بن المبارك رحمه الله بقصيدته الجميلة المعروفة للفضَيل بن عياض؛
حيث كان فضيل في مكة ملازماً للحرم الشريف ـ الذي تعادل الصلاة فيه مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد

ـ وكان ابن المبارك مرابطاً في الثغور في طرسوس .. ومما جاء في قصيدته، قوله:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * * * لعلمت أنك بالعبادة تلعبُ
من كان يخضِبُ جيدَهُ بدموعه * * * فنحورنا بدمائنا تتخضَّبُ
أوْ كان يُتعِبُ خيلَهُ في باطلٍ * * * فخيولنا يومَ الصبيحةِ تتعبُ
ريحُ العبير لكم ونحنُ عبيرُنا* * * رهَجُ السنابكِ والغُبارُ الأطيبُ
ولقد أتانا من مقالِ نبينا * * * قولٌ صحيحٌ صادقٌ لا يكذبُ
لا يستوي وغُبار خيل الله في* * * أنف امرئٍ ودُخانُ نارٍ تلهَبُ
هذا كتابُ الله ينطق بيننا * * * ليس الشهيدُ بميتٍ لا يُكذَبُ

ولما ألقي بكتاب ابن المبارك إلى الفضيل وكان في الحرم، قرأه وبكى، ثم قال: صدق أبو عبد الرحمن ونصح . انظر سير أعلام النبلاء: 8/412.
فلنجعل من شهر رمضان فرصة لإتقان العمل لأن إتقان العمل دليل على التقوى والتربية على التقوى أول أهداف الصيام .


هذا موقع قد يفيدك











آخر تعديل وفاء الياسمين 2016-06-08 في 11:27.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:25   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


أخطاء في قراءة القرآن

القرآن الكريم كتاب الله المنـزل على سيد المرسلين، يستمد عظمته من عظمة المتكلم به، ومن مكانة المنزَّل عليه،
وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فلما كان القرآن بهذه العظمة لزم على من يقرأه أن يكون معظِّماً له في هيئته وحاله.

ومعلوم أن الإقبال على قراءة القرآن يزداد في رمضان، بل إن بعض الناس لا يقرأ القرآن إلا في رمضان،
وقد يقع بعض قارئي القرآن بأخطاء تتنافى مع آداب تلاوة القرآن، ومن هذه الأخطاء ما يلي:


أولاً: ظنُّ بعض الناس أن ختم القرآن مقصود لذاته، فيسرع في قراءة القرآن بهدف إكمال أكبر عدد من الأجزاء والسور،
دون مراعاة التدبر وأحكام التلاوة والترتيل، مع أن المقصود من قراءة القرآن إنما هو التدبر والوقوف عند معاني الآيات،
وتحريك القلب بها، وقد قال رجل لابن مسعود رضي الله عنه: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال له ابن مسعود:
"أهذًّا كهذِّ الشعر؟! إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب، فرسخ فيه نفع" رواه مسلم.

ثانياً: التفريط من بعض الناس في ختم القرآن خلال شهر رمضان، فربما مرَّ عليه الشهر دون أن يختم فيه القرآن مرة واحدة،

وهذا بلا شك من التفريط في شهر القرآن، وهذا النوع مقابل للصنف الأول.

ثالثاً:
رفع الصوت بالتلاوة في المسجد بحيث يشوش على المصلين، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،
قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال:
(ألا إن كلكم مناجٍ ربَّه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصلاة) رواه أبو داود.


رابعًا: ومن الأمور التي قد يتساهل فيها بعض من يجتمعون للتلاوة وتدارس القرآن، الضحك واللغط،

وقطع القراءة للانشغال بأحاديث جانبية، والذي ينبغي الاستماع والإنصات، وتجنب كل ما يشغل ويقطع عن التلاوة.

خامساً: عدم الالتزام بآداب التلاوة من طهارة، وسواك، واستعاذة، وتحسين صوت،

وغيرها من آداب التلاوة المعروفة التي ينبغي أن يكون القارئ منها على بينة من أمره، وهو يتلو كلام الله جل وعلا.




أخطاء في الإفطار

وقت الإفطار في رمضان هو الوقت الذي يكون فيه الصائم قد استنفد الكثير من طاقته الجسمية، والفكرية، والعاطفية،
ما يدفع البعض إلى القيام ببعض الأخطاء التي لا تليق بأخلاق الصائم وآداب الصيام، وإليك بعضها:

أولاً: تأخير الإفطار بعد دخول وقته، وهو خلاف السنَّة التي جاءت بتعجيل الفطر إذا دخل الوقت،
كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) متفق عليه.

ثانياً: ومن ذلك أن بعض الصائمين لا يفطر إلا بعد أن ينتهي المؤذن من أذانه احتياطاً، وهو من التنطع والتكلف الذي لم يُطَالَب به العبد.

ثالثاً: ومن الأخطاء انشغال بعض الصائمين بالإفطار عن إجابة المؤذن، والسنة للصائم وغيره أن يتابع المؤذن عند سماعه ويقول مثل قوله،
لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) متفق عليه.
ولا يلزم الصائم أن يقطع أكله أو شربه من أجل المتابعة، بل يتابعه مع مواصلة الإفطار، حيث لم يرد نهي عن الأكل حال متابعة المؤذن وترديد الأذان.

رابعاً: ومن الأخطاء غفلة بعض الصائمين عن الدعاء عند الإفطار، مع أن هذا الموطن من مواطن إجابة الدعاء،
ومن الغبن والحرمان أن يضيع العبد على نفسه هذه الفرصة العظيمة يقول صلى الله عليه وسلم:
(ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر) رواه أحمد وصححه الألباني،
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: (ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله) رواه أبو داود.

خامساً: ومن الأخطاء الإكثار والتوسع في تنويع الطعام والشراب حال الإفطار دون حاجة، ما قد يجر إلى الإسراف الذي نهى الله عنه،
كما أن الإكثار من الأكل والشرب يثقل الإنسان عن العبادة وأداء الصلاة بخشوع وحضور قلب، وهو خلاف ما شرع له الصوم.

سادساً: ما يفعله بعض الصائمين من الفطر على ما حرم الله كالسجائر وغيرها من الخبائث، ولا شك أن الصوم فرصة عظيمة للتخلص من هذه الأمور،
وتدريب للإنسان على ترك المألوفات التي تعودها، فمن استطاع أن يتركها نهاراً كاملاً، لا يعجزه -بالصبر والعزيمة- الإقلاع عن هذه الخبائث في ليله أيضاً،
حتى إذا انتهى رمضان كان قد تعود على تركها، فيسهل عليه المداومة والاستمرار على ذلك.






أخطاء في القيام

رمضان شهر الطاعات والقربات، وفرصة لزيادة المبرَّات وفعل الخيرات، ومن السنن المشروعة في هذا الشهر المبارك
قيام لياليه بالعبادة لله سبحانه، وقد يتخلل ذلك بعض الممارسات التي تخلُّ بأخلاق المتعبدين والقائمين، من ذلك:

أولاً: التهاون في أداء صلاة التراويح، بحجة أنها سنة وليست واجبة، فترى الرجل ربما أضاع وقته في المجالس

أو الأسواق أو أمام الشاشة أو غير ذلك مما ضرره أكثر من نفعه،
ويفرَّط في هذه السُنَّة العظيمة مع علمه بما ورد في فضل قيام رمضان إيماناً واحتساباً، ولا شك أن ذلك من الغبن والحرمان،
والذي ينبغي على المسلم أن يصلي التراويح كاملة مع الإمام حتى ينصرف ليكتب له أجر قيام ليلة.

ثانياً: ومن الأخطاء أن بعض الناس إذا بلغه أن هذه الليلة هي أول ليلة في رمضان لا يصلي صلاة التراويح ظناً منه أن هذه الليلة ليست من ليالي رمضان،
وهو خطأ فبمجرد رؤية هلال رمضان يكون الإنسان قد دخل في أول ليلة من رمضان، ولذا فإن من السنة أن تصلى التراويح جماعة في المسجد في هذه الليلة.

ثالثاً: الإسراع من بعض الأئمة في صلاة التراويح إسراعاً يخل بالصلاة والمقصود منها، فيسرع في التلاوة إسراعاً شديداً، ولا يراعي الطمأنينة والخشوع،
وكل همه إنهاء تلك الرُّكيعات لينصرف الناس بعدها لأعمالهم، وأشغالهم، ومسامراتهم، ومساهراتهم...، والواجب أن يطمئن الإمام في صلاته،
وإذا لم يتيسر له ختم القرآن أو قراءة قدر كبير منه في صلاة القيام تخفيفاً على الناس، فلا أقل من أن يحسن صلاته فيطمئن فيها ويتم ركوعها وسجودها.

رابعاً: مسابقة كثير من المأمومين لإمامهم في صلاة التراويح في الركوع والسجود والرفع منهما، والمشروع في حق المأموم إنما هو متابعة الإمام في أفعال الصلاة
فيأتي بها بعده مباشرة لا يسبقه ولا يتخلف عنه، وقد ورد الوعيد الشديد في مسابقة الإمام، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في "الصحيحين" :
(أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار).

خامساً: حَمْلُ بعض المأمومين المصحف أثناء صلاة القيام، وذلك من أجل متابعة قراءة الإمام، وهذا الأمر بجانب كونه غير مأثور عن السلف،
فإن فيه شُغلاً للمصلي عن الخشوع وتدبر الآيات؛ وبالتالي فلا ينبغي أن يُفعل ذلك، إلا لمن كان يتابع الإمام من أجل تصويبه إذا أخطأ.

سادساً: تطويل دعاء القنوت، والتكلف فيه، والإتيان بأدعية غير مأثورة مما يسبب الملل والسآمة،

وربما حول بعضهم القنوت إلى موعظة يذكر فيها أشياء تتعلق بالقبر وعذابه،
والصراط والبعث والجزاء، وكل هذا من الاعتداء المنهي عنه في الدعاء، والذي ينبغي الاقتصار على الأدعية المأثورة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة،
وقد كان صلى الله عليه وسلم كما تقول عائشة: (يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك) رواه أبوداود.

سابعاً: ومن الأخطاء رفع الصوت بدعاء القنوت أكثر مما ينبغي، وهو مناف لأدب الدعاء فقد قال الله تعالى:

{ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} (الأعراف:55)،
ولما رفع الصحابة رضي الله عنهم أصواتهم بالتكبير نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال:
(يا أيها الناس! اربعوا على أنفسكم -أي اخفضوا أصواتكم- فإنكم لا تدعون أصمَّ، ولا غائباً) متفق عليه،

والذي ينبغي على الإمام أن يرفع صوته بالقدر الذي يُسْمِع مَن خلفه من المأمومين.

ثامناً: رفع الصوت بالبكاء والصراخ بحيث يتسبب في إشغال المصلين من حوله، فإن البكاء وإن كان مطلوباً عند قراءة القرآن وسماعه
إلا أنه ينبغي على العبد أن يحرص على خفض صوته وإخفائه ما أمكن، حتى يكون أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء،
وبعض الناس ربما اشتد بكاؤه وتأثره إذا جاء وقت الدعاء والقنوت، ولا شك أن الأولى أن يكون البكاء والتأثر عند سماع كلام الله.

تاسعاً: تَرْكُ التهجد في العشر الأواخر من رمضان، والانشغال بالتجوال في الأسواق وشراء الأغراض وحاجيات العيد،
فتضيع على العبد -رجلاً كان أو امرأة- هذه الليالي المباركة، وتضيع عليه ليلة القدر، التي من حرم خيرها فقد حرم الخير كله،
وهو أمر -مع الأسف الشديد- يقع فيه كثير من المسلمين في أواخر هذا الشهر المبارك، مخالفين بذلك سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم
الذي كان إذا دخلت ليالي العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وجدَّ، وشدَّ المئزر.

عاشراً: من الأخطاء التي يقع فيها البعض في ليالي القيام، إقامة صلاة الجماعة في المسجد، وقد فاتته صلاة العشاء مع الجماعة الأولى،
وهذا لا يجوز؛ لأن فيها تشويشاً على المصلين، وفيها أيضاً إقامة لجماعتين في وقت واحد ومكان واحد.
والواجب على من فاتته صلاة العشاء مع الجماعة أن يصلي مع الجماعة التي تصلي صلاة التراويح، وينوي فرض العشاء،
وبعد أن تنتهي الجماعة من أداء الركعتين، يأتي بركعتين أخريين.




هذا موقع قد يفيدك










آخر تعديل وفاء الياسمين 2016-06-08 في 11:54.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:26   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }
الآية 46 من سورة الأنفال / * تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: أطيعوا أيها المؤمنون ربكم ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه، ولا تخالفوهما في شيء.
{ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا } يقول: ولا تختلفوا فتفرّقوا وتختلف قلوبكم فتفشلوا، يقول: فتضعفوا وتجبنوا،
{ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } وهذا مثل، يقال للرجل إذا كان مقبلاً عليه ما يحبه ويُسَرّ به: الريح مقبلة عليه،
يعني بذلك ما يحبه، ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص: كمَا حَمَيْناكَ يَوْمَ النَّعْفِ مِنْ شَطِبٍ والفَضْلُ للْقَوْمِ مِنْ رِيحٍ وَمِنْ عَدَدِ
يعني من البأس والكثرة. وإنما يراد به في هذا الموضع: وتذهب قوّتكم وبأسكم فتضعفوا، ويدخلكم الوهن والخلل.

{ وَاصْبِرُوا } يقول: اصبروا مع نبيّ الله صلى الله عليه وسلم عند لقاء عدوّكم، ولا تنهزموا عنه وتتركوه.

{ إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } يقول: اصبروا فإني معكم. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }
قال: نصركم. قال: وذهبت ريح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نازعوه يوم أُحد.

حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } فذكر نحوه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه، إلا أنه قال: ريح أصحاب محمد حين تركوه يوم أُحد.

حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } قال: حربكم وجدّكم.

حدثنا بشر قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } قال: ريح الحرب.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } قال: الريح: النصر.
لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله تضرب وجوه العدوّ، فإذا كان ذلك لم يكن لهم قوام.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: { وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا } أي لا تختلفوا فيتفرّق أمركم.
{ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } فيذهب جدّكم. { وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }: أي إني معكم إذا فعلتم ذلك.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا }

قال: الفشل: الضعف عن جهاد عدوّه والانكسار لهم، فذلك الفشل.

إليكَ إلـهَ الخلقِ أرفعُ رغـبتي*****وإنْ كنتُ- يا ذا المنِّ والجودِ- مُجْرِمَا
ولمَّا قسى قلبي و ضاقتْ مذاهبي***** جعلتُ الرَّجا منِّي لِعَفْوِكَ سُلَّمَا
تـعاظـمـنـي ذنـبـي فـلـمَّا قـَرَنْـتُـهُ ***** بعفوِكَ ربي كان عفوُكَ أَعْظَمَا
فما زلتَ ذا عَفْوٍ عن الذَّنبِ لم تَزَلْ***** تجـودُ و تعفـو مِنَّـةً و تَكَرُّمَا
فإنْ تَعْفُ عنِّي تَعْفُ عن متمردٍ***** ظلومٍ غشومٍ حينَ يلقاكَ مُسْلِمَا
و إنْ تَـنْـتَـقِـمْ منِّي فلستُ بآيسٍ***** ولو أُدْخِلَتْ نفسي بِجُرْمِي جَهَنَّمَا
فلولاكَ لم يصمدْ لإبليسَ عابدٌ***** فكيفَ و قَـدْ أغوى صَـفِـيَّكَ آدَمَا
فياليت شِعْرِي هل أَصِيْرُ لِجَنَّةٍ***** أُهَــنـَّا و إمَّا لـلسَّـعـيـرِ فَـأَنْـدَمَا
فَلِلَّهِ دَرُّ العَارِفِ النَّدْبِ إنَّهُ***** تفيضُ لِـفَـرْطِ الْـوَجْـدِ أَجْـفَـانُـهُ دَمَا
يُـقـِيْـمُ إذا ما الـليـلُ مَدَّ ظلامَهُ***** على نفسِهِ مِنْ شِدَّةِ الخوفِ مَأْتَمَا
فصيحا إذا ما كان في ذكرِ ربِّهِ***** وفيما سِوَاهُ في الْوَرَى كان أَعْجَمَا
و يذكرُ أَيَّامَا مَضَتْ مِنْ شَبَابِهِ***** و ما كان فيها بِالْجَهَالَةِ أَجْرَمَا
فصارَ قرينَ الهَمِّ طولَ نَهَارِهِ***** أخا السَّهْدِ و النَّجْوَى إذا الليلُ أَظْلَمَا
يقولُ حبيبي أنتَ سُؤْلِي و بُغْيَتِي***** كفى بكَ للرَّاجِيْنَ سُؤْلا و مَغْنَمَا
ألـسـتَ الذي غَـذَّيـْتَـنِي وهديتني***** ولا زِلْـتَ مَـنَّـانا عليَّ و مُنْعِمَا
عسى مَنْ له الإحسانُ يغفرُ زلتي***** و يسترُ أَوْزَارِي و ما قَدْ تَقَدَّمَا


الإمام الشافعي رحمه الله










آخر تعديل وفاء الياسمين 2016-06-06 في 05:51.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:27   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

إن الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كثيرة جداً ولكننا سوف نقتصر على طرف منها:
1- ورد في الصحيحين ومسند أحمد وسنن النسائي والدارمي عن سعيد بن أبي بردة عن
أبيه عن جده عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((على كل مسلم صدقة. قال أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق. قال أرأيت إن لم يستطع؟
قال: يأمر بالمعروف أو الخير. قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال يمسك عن الشر فإنه له صدقة)) (1) .

فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ندب الأمة إلى نفع الخلق بالتصدق عليهم، صدقة حسية أو معنوية.
فمن وجد الحسية فهو خير وإلا تصدق بالمعنوية ففيها خير، وإن أمكنه فعل ذلك كله فهو أفضل.
قال ابن حجر -رحمه الله-: فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق وأن يغيث الملهوف وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويمسك عن الشر فليفعل الجميع (2) .

ويؤخذ من هذا الحديث أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم ندب إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد يرد سؤال هنا ألا وهو. كيف جعل الأمر بالمعروف من الصدقات. وهو من فروض الكفاية؟
نقول يتعين هذا الأمر إذا حصل من غيره القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وإلا لا يكون من باب الصدقات وقد أشار ابن حجر –رحمه الله- إلى هذه المسألة (3) .

2- وعن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة،
وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة. يجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) (4) .

3- وفي رواية أخرى عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله
وسبح الله واستغفر الله وعزل حجراً عن طريق الناس أو شوكة أو عظماً عن طريق الناس،
وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين وثلاثمائة مفصل فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار)) (5) .

4- عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((تبسمك في وجه أخيك لك صدقة،
وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وإماطتك الحجر
والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة)) (6) .

ففي هذه الأحاديث الشريفة ترغيب من المصطفى صلى الله عليه وسلم بفعل الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر، وأنهما سبب في نجاة العبد من النار.

5- وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: ((كنا عند عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال:
أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ فقلت: أنا أحفظه كما هو. قال: هات إنك عليه –أو عليها- لجريء.
قلت: فتنة الرجل أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال: ليس هذا أريد ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر. قال ليس عليكم منها بأس يا أمير المؤمنين،
إن بينك وبينها باباً مغلقاً. قال: أيكسر أم يفتح؟ قال: يكسر قال: إذن لا يغلق أبداً. قلنا أكان عمر يعلم الباب؟
قال: نعم كما أن دون الغد الليلة. إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأل حذيفة، فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: عمر)) (7) .

فهذا الحديث الشريف الصحيح دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب في تكفير الذنوب
التي تحصل بسبب الفتنة في الأهل والمال والولد والجار. وقد قرنه صلى الله عليه وسلم بالصلاة والصوم والصدقة،
وهما من أركان الإسلام، فهذا دليل على فضله وعظمته.

6- وعن أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري -رضي الله عنه- أنا ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم.
قال: ((أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون. إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة،
وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا:
يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟
فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) (8) .
ففي هذا الحديث دليل على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه يقوم مقام الصدقات المادية أو الحسية.

7- وعن درة بنت أبي لهب –رضي الله عنها- قالت قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر.
فقال يا رسول الله أي الناس خير؟ فقال: ((خير الناس أقرؤهم وأتقاهم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم)) (9) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين في هذا الحديث أن من أفضل الناس من اتصف بالصفات المذكورة في هذا الحديث

ومنها أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر.










رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:28   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


القواعد الأصولية المؤثرة في فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


ناصر بن علي العلي الغامدي
عنوان الكتاب:
القواعِدُ الأُصوليَّةُ المؤثِّرةُ في فِقهِ الأَمرِ بالمَعروفِ والنَّهي عن المنكَر- دراسةٌ أصوليَّةٌ تطبيقيَّة
النَّوع: أصل هذا الكتاب رسالةُ دكتوراه من قِسم أصول الفِقه بكليَّة الشَّريعة - الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة (1435هـ)
النَّاشر: الدُّرَر السَّنية للنشر- الظهران - السعودية
الطبعة: الأولى
سَنة الطَّبع: 1436ه – 2015م
عدد الصَّفحات: 1360

التَّعريف بموضوع الكتاب:
شعيرةُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكَرِ لها منزلةٌ كبرى، ومكانة عُظمى؛نالتْ بها أمَّةُ الإسلام الخيريَّةَ على سائر الأمم، ولا تتمُّ طاعةُ الله تعالى على الوجه الأكمل إلَّا بها؛ فإنَّ
(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القُطْبُ الأعظمُ في الدِّين، وهو الْمُهِمُّ الذي ابتعثَ اللهُ له النبيِّين أجمعين،
ولو طُوِي بساطُه وأُهْمِل عِلْمُه وعَمَلُه، لتعطَّلَتِ النُّبوة، واضمحلَّتِ الدِّيانة، وعَمَّتِ الفَتْرة، وفَشَتِ الضَّلالة، وشاعتِ الجهالة،
واسْتَشرى الفساد، واتَّسَعَ الخَرْقُ وخَرِبَتِ البلادُ، وهَلَك العبادُ، ولم يشعروا بالهلاك إلا يومَ التَّنَاد)!

ولَمَّا كان مِن المقرَّر: أنَّ قواعدَ كلِّ فنٍّ هي أساسُه ومعتمَدُه، وأنَّ القواعد الأصوليَّة بالنسبة للفِقه بمنزلة الرَّأس لجسدِ الإنسان،
أو الأساس لسقفِ البُنيان، وأنَّ الفروعَ إنما تُبْنَى على الأصول- كانتِ الحاجةُ ماسَّةً إلى تخريجِ الفُروع على الأصول
في مسائلِ فِقه الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكَر، وجعْلِها مادةً فِقهيَّةً تطبيقيةً مُخرَّجةً على القواعد الأصوليَّة.
والكتاب مهم وبخاصَّة للمهتمين بالحسبة، وننصحُ بقراءته.


هذه بعض الكتب اقترحها عليكم ، أتمنى أن تعجبكم ..












وهذا موقع قد يفيدكم










آخر تعديل وفاء الياسمين 2016-06-08 في 12:03.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:30   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي




قطوف من الزمن الجميل

العجيبة الثامنة
علي الطنطاوي (ت 1420هـ - 1999 م) نشر عام 1987م
عجائب العالم القديم سبع: أهرام مصر، وحدائق بابل، وبقية السبع التي تعرفونها.

وهي عجائب حقًّا، ولكنها هياكل شيدت من حجارة قطعت من صخور الجبل أو آجر جبل من تراب الأرض

ونضج على جمر الأفران، وهذه العجيبة الثامنة أثر من عمل الأذهان. تلك تحف من عمل السواعد القوية والأيدي الصناع،
وهذه من عمل الفكر الخالص والقرائح العبقرية... إنها كتبٌ لو جمعت لبني منها هرم صغير أو لشيد برج هائل.

فهل يقاس أثر لا روح فيه- وإن لم يخل من عبقرية تروع ناظريها ويكبرها المتأمل فيها- بآثار حية تبعث الأرواح في الأجساد،
وتثير السواكن من الأفكار، وتحرك القرائح فتدفعها إلى الابتكار؟
هل عرفتم (القاموس المحيط)؟ إن فيه ستين ألف مادة، فهل فيكم من قرأه كله؟ من يستطيع أن ينسخه بخطه نسخاً؟

فكيف بمن ألفه تأليفاً؟! و(لسان العرب)، وهو أكبر منه وأوسع، فيه ثمانون ألف مادة. من قرأه منكم؟
ومن يستطيع أن يكتبه؟ و(تاج العروس شرح القاموس)؟ و(الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني،
العربي الأموي الذي كان على أمويته يتشيع؟ و(نهاية الأرب)، و(صبح الأعشى)، و(تفسير الطبري)،
و(فتح الباري)، و(المبسوط)، و(شرح المواقف) للسيد الجرجاني، والزرقاني على (المواهب)، و(معجم البلدان)...

وأمثال هذه الكتب التي تعد بالعشرات، بل بالمئات؟ إنها تمضي الأعمار دون قراءتها قراءة، فضلاً عن كتابتها كتابة.
فتصوروا كيف ألَّفها مؤلفوها وكتبوها بأيديهم، وتناقلها الناس ونسخوا منها نسخاً؟ حتى كان في مكتبة العزيز بن المعز،

وهو من ملوك الدولة العبيدية التي تُدعَى بالفاطمية، بضع وثلاثون نسخة من كتاب (العين). وهو أول المعجمات بالعربية،
بل لعلي لا أكون مبالغاً إن قلت إنه أول المعجمات في الألسن كلها، ابتكره رجل كان من أذكى البشر جميعاً،
هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي وضع علماً جاء به كاملاً، هو علم العروض. استنبطه من أصوات القصارين
وهم يخبطون بالمخابط على الثياب فتختلف أصواتها، فميز منها (السبب) (طق) من (الوتد) (ططق)،
وطبق ذلك على شعر العرب ووضع هذه الأوزان.

وكان في هذه المكتبة عشرون نسخة من تاريخ الطبري، منها - كما يقول المقريزي في (خططه)- نسخة بخط الطبري نفسه،
وفيها مائة نسخة من (الجمهرة) لابن دريد. وكل ذلك في عهد لم تكن عرفت فيه المطابع ولا الطابعات.
المكتبة الإسلامية هي عجيبة العجائب، ذهب جلها ولم يبق منها إلا قُلُّها. وهذا الذي بقى هو الأقل الأقل،

وهو – على ذلك – شيء عظيم؛ ففي مكتبات إسطنبول – كما نقلوا – أكثر من مئتي ألف مخطوطة جلبها العثمانيون من العواصم العربية والإسلامية،
وفي شمالي إفريقيا مئتا ألف مخطوط في مكتبات القيروان وفاس وحواضر الشمال الإفريقي المسلم،
وفي مصر ثمانون ألف مخطوط، وفي موريتانيا واليمن وغيرهما.

ولا نزال مع ذلك نجد بالمصادفة نوادر أخرى لم نكن نعرف لها وجوداً، آتيكم عليها بأمثلة.
فهذا كتاب (الفصول والغايات) الذي قالوا إن المعري عارض به القرآن، واستمرت التهمة أكثر من تسعة قرون والمتهم بريء،
والكتاب مفقود، وفقده يؤكد التهمة ويقويها، حتى وجده خالي محب الدين الخطيب في مكة في موسم الحج أيام الشريف حسين،
لما كان محرر (القبلة) التي حلت محلها الجريدة الرسمية (أم القرى) رآه بيد أحد الباعة، فاشتراه بثمن بخس،
وأهداه إلى مكتبة صديقه أحمد تيمور باشا (التي ضُمَّت بعدُ إلى دار الكتب)، ثم طبعة الأستاذ الزناتي،
وهو ثالث الإخوان الثلاثة: الزيات، وطه حسين، والزناتي.

وكان صديقنا الأستاذ عز الدين التنوخي يفتش عن رسالة لأبي الطيب اللغوي في خزانة شيخنا مفتي الشام،
الطبيب الشيخ أبي اليسر عابدين، فوجد بالمصادفة كتابه (الإبدال) -الذي كان يعتقد بأنه مفقود- ضمن مجموعة من المخطوطات.
وكنت قبل قدومي إلى المملكة من نحو خمس وعشرين سنة أزور مكتبة محدث الشام، الشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله ...
فوجدت كتاباً عظيماً هو ركيزة من ركائز علم اللغة، كان المعتقد أنه فقد فيما فقد من كنوز مكتبنا الإسلامية، وهو (معجم الأصلين)،
أي الكتاب والسنة، للإمام الهروي، أحد أئمة اللغة في القرن الرابع. وقد ذكره ابن الأثير في مقدمة (النهاية) وعدَّه خير ما أُلِّف في هذا الموضوع.
وجدت منه نسخة صحيحة، مشكولاً أكثرها مكتوبة من ثمانمائة سنة عليها خطوط بعض الأعلام،
وقد سألت صديقنا الدكتور صلاح الدين المنجد، وكان يومئذ مدير معهد المخطوطات،
فعلمت أنه ليس في الدنيا من هذا الكتاب إلا نسخة ناقصة في جامعة بوسطن في أمريكا، ونسخة أخرى ناقصة أيضاً في إسطنبول.
وهذا الكتاب إذا طبع كان أصلاً من الأصول، وصحح عليه القاموس ولسان العرب.

وقد كتبت إلى كل جامعة أو مجمع آمل أن يعتني به وأن يطبعه، فما وجدت عند أحد اهتماماً ولا تلقيت منه جواباً!
وبيعت مرة تركة عالم في دمشق بالمزاد، وكانت عنده كتب كثيرة، فجرد أولاده- وهم جهلة-

الكتب المطبوعة المجلدة فاحتفظوا بها ثم أشعلوا النار بالباقي.
وبينما كانت النار تأكل هذا الكنز الذي لا يقدر بثمن رأوا بينها كتاباً فيه صور ملونة أعجبتهم،
فسلُّوه من وسط اللهب وقد احترق طرفه, عرضوه على الوراقين، فإذا هو نسخة من (عجائب المخلوقات) للقزويني
مكتوبة من أكثر من أربعمائة سنة، ميزتها أن فيها صوراً ملونة مذهبة كأنما صورت الآن، لها قيمة فنية لا تقدر،
فباعوه بمئة ليرة (يوم كانت لليرة منزلتها)، وباعه الذي اشتراه للمتحف البريطاني بألف ومئتي ليرة، وأحسب هذه النسخة قد استقرت هناك.

هذه المكتبة التي أصابتها المصائب وحاقت بها النكبات، العامة الشاملة والخاصة المفردة؛
كنكبتها بالمغول لما انحدر علينا سيلهم المدمر من أقصى الشرق، فجرف في طريقه مظاهر العمران
وثمار الفكر حتى وصل إلى هذه المكتبة، فألقوا – من جهلهم – كتبها في دجلة يمرون عليها يتخذونها جسراً!
حتى نقلوا أن ماء دجلة حيال الضفتين قد اسود مسافات مما ذاب فيه من المداد والحبر، بل من حصاد الأدمغة ونتاج العقول.

ولما دخل الإسبان الأندلس أحرقوا مكتباتها، حتى صار ليلها نهاراً مما صعد منها من اللهب.
وحسبكم أن تعلموا أن واحدة من مكتبات قرطبة كانت فهارس دواوين الشعر فيها – كما يقول ابن خلدون – أربعة وأربعين دفتراً كبيراً.
فهارس دواوين الشعر فقط! أحرقها الإسبان فأضاءت ليالي الأندلس...
هذا عدا ما أصابها من النكبات الفردية، من التحريق والتخريق والتمزيق والتغريق، حتى لم يبق من هذه المكتبة إلا الأقل الأقل،

وهذا الأقل لا تزال المطابع في الشرق والغرب تطبع منه من مئتي سنة إلى الآن، ولم تطبع إلا بعض هذا القليل الذي بقي.

لقد اطلع عالم تركي على طرف من هذا التراث، هو حاجي خليفة صاحب (كشف الظنون)،
فوصف في كتابه العظيم ما اطلع عليه فكان نحو عشرين ألف كتاب،
وألفت ذيول لكشف الظنون تزيد عليه أضعافاً، وكلها مطبوع معروف تتداوله أيدي الناس.
وعالم تركي آخر هو طاش كبري زاده، صاحب (مفتاح السعادة)، وصف جانباً آخر اطلع عليه

فكان في ثلاثمائة وستة عشر علماً (أو بحثاً إذا شئتم التدقيق والتحقيق).

وذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) أن مكتبة الخليفة العبيدي- الذي يسميه الناس الفاطمي-
لما استولى عليها صلاح الدين الأيوبي كانت كتبها تقرب من المليون.
إن من هذه الكتب ما لا يستطيع الواحد منا أن يقرأه قراءة، فكيف إذا حاول أن ينسخه نسخاً؟

فكيف وكثير منها أملاه مؤلفوه إملاء لأنهم كانوا من مكفوفي البصر؟ كـ(المخصص) لابن سيده،
أوسع كتاب في اللغة، أملاه إملاء. و(الاستيعاب) لابن عبد البر، أملاه إملاء وهو ضرير لا يقدر أن يأخذ من الكتب.
و(المبسوط) أوسع كتاب في الفقه، أملاه مؤلفه وهو محبوس في الجب تحت الأرض لكلمة حق قالها عند حاكم ظالم،
فكان تلاميذه يقفون في الطريق يستملون ويكتبون، وهو يملي عليهم من بطن الجبِّ، ما عنده كتاب ينظر فيه،
ولا مرجع يرجع إليه، وقد بين ذلك في كتاب العبادات في آخر باب الإقرار.
والطبري كان يريد أن يجعل تاريخه في ثلاثين ألف ورقة، فسأل تلاميذه فاستكثروه، فجعله في ثلاثة آلاف

وقال: وا أسفاه، لقد كلَّت الهمم عن طلب العلم!
وقاضي مصر بكار بن قتيبة، لما سجنه ابن طولون وطال سجنه سأله طلاب الحديث أن يأذن لهم بالسماع منه،

فكان يحدثهم وهو في السجن يأخذون عنه من راء الباب.
وابن تيمية كتب كثيراً من رسائله وهو في السجن. وابن سينا ألف رسالته عن القولنج (ونحن لا نزال إلى الآن نستعمل في الشام كلمة القولنج)

ورسالة حي بن يقظان (التي قلدها ابن طفيل الأندلسي، فاشتهرت قصته وماتت قصة ابن سينا) كتبها وهو سجين.

وقصة (حي ابن يقظان) هي التي نسج على منوالها ومشى على أثرها مؤلف رواية روبنسون كروزو المشهورة.
بل إن الكتاب العظيم لابن سينا، وهو (الشفاء) الذي بقي الأساس في دراسة الكتب في جامعات أوربا إلى ما قبل أربعمائة سنة،
ألَّفه وهو هارب متنقل في البلدان متوارٍ عن الأبصار.

بل لقد أخرجت هذه العصور المتأخرة كتباً كبيرة، كشرح القاموس للزَّبيدي (الهندي الأصل اليماني المقام).
بل لقد ألفت في عصرنا هذا كتاب كبار، ككتاب (الأعلام) للزركلي، ومجموعة (فجر الإسلام) و(ضحى الإسلام) و(ظهر الإسلام) لأحمد أمين،
و(تاريخ العرب قبل الإسلام) لجواد علي العراقي الذي توفي حديثاً، و(شرح الكامل) للمرصفي.
ولقد حدث أحد تلاميذه أنه دخل عليه يوماً - وكان يسكن غرفة مقفرة من دار خربة في حي قديم من أحياء القاهرة، يضل الماشي في أزقته ويغوص في وحله، لأنه كان من فقره لا يستطيع أن يجد غير هذه الدار في غير هذا الحي-
فوجده قاعداً على حصير بالٍ مفروش في وسط الغرفة، ليس فيها سواه، وأمامه كتب منثورة والصحائف منشورة،
وحول الحصير خيط من الدبس مصبوب على الأرض. فسأله: ما هذا الدبس يا مولانا؟ فضحك الشيخ وقال: إنه سور يحميني من هجمات البق!
... في هذه الغرفة العارية، على هذه القطعة من الحصير، ألَّف الشيخ كتابه العظيم (شرح الكامل للمبرد)،

هذا الكتاب من الكتب التي يفاخر بها عصرنا العصور الخوالي، لهذا العالم الذي ينافس بأمثاله القرون الماضيات.

ولا تزال في المكتبات العامة والخاصة عشرات، بل مئات، من المخطوطات؛ في دار الكتب المصرية،
وفي المكتبة الظاهرية في الشام، وفي مكتبات إسطنبول وبغداد، وفي مكتبة باريس، وفي مكتبة المتحف البريطاني،
وفي الإسكوريال في إسبانيا، وفي مكتبة عارف حكمة في المدينة، وفي مكتبات فاس وغيرها في المغرب،
هذه التي سلمت من أيدي المتعصبين من أعضاء محكمة التفتيش، ولو بقي كل ما كان في الأندلس لوجدنا شيئاً عظيماً،
وفي ليدن في هولندا، وفي مكتبة بوسطن في أمريكا... في هذه المكتبات التي رأيت بعضاً منها واطلعت على فهارس بعض،
وسمعت الأخبار عن بعض، لا تزال فيها الآن آلاف مؤلفة من هذه المخطوطات.



أقترح عليكم الكتاب التالي











آخر تعديل وفاء الياسمين 2016-06-06 في 06:02.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:31   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


صدق العزيمة - أو قوة الإرادة
محمد الخضر حسين (ت:1377هـ) نُشر عام 1349هـ الموافق 1930م

يخطرُ في النفس أمرٌ فتثِقُ بأنه حقٌ أو نافع، فتحرص على حصوله، فإذا أضافت إلى هذا الحرص النظر في وسيلة بلوغها إياه؛
وبدا لها أنه في حدود استطاعتها، فسرعان ما تقبل عليه وتبذل سعيها للوصول إليه؛ وذلك ما نسميه بالعزم أو الإرادة.
فما يخطر في النفس مما تعتقد حقيته أو نفعه، وتود أن يكون حاصلًا لديها ثم لا تسعى له سعيه؛

ولا تضع لبلوغه خطة، فإنما هو التمني الذي لا يفرق بين المحال والمستطاع؛
والذي يخطر في نفوس القاعدين كما يخطر في نفوس المجاهدين، وما مثله إلا كمثل الشرر الذي يلمع حول النار ثم يتصاعد هباء.
وإذا تحدثنا في هذا المقال عن قوة الإرادة وذهبنا في حديثها مذهب خصال الحمد،

فإنما نعني الإرادة المتوجهة إلى ما هو خير، ومن أفضل ما يمدح به الرجل أن يتوجه بعزمه القاطع إلى إظهار حق أو إقامة مصلحة.
تنشأ قوة الإرادة من التجارب، فمن تعلق همه بأمر كان قد عُرف بطريق التجربة أنه ميسور وأن عاقبته سلامة ونجاح،

انقلب همه في الحال عزمًا صادقًا، أما من لم تسبق له تجربة فقد يتخيل الأمر بمكان لا تناله يده،
أو يخشى من أن يلاقي وراء السعي إليه خيبة؛ فيقف في تردد وإحجام، فذو العمر الطويل من أولى الألباب
قد يكون أسرع إلى بعض الأمور وأشد عزمًا عليها من حديث السن، لما تفيده التجارب من إمكانها ونجاح السعي لها.

وتنشأ قوة الإرادة من درس التاريخ؛ فالذي يخطر في باله أمر قرأ في سيرة شخص أنه كان قد هم بمثله وعمل لحصوله فنجح عمله
وصلحت عاقبته، شأنه أن يعزم على ذلك الخاطر ويجعله بعد العزم عملا نافذًا، فمن يخطر في باله أن يدعو الحاكم الجائر بالموعظة الحسنة،
وقد قرأ سير العلماء الذين كانوا يأمرون بعض الجبارين بالمعروف فيأتمرون، أو يكظمون في الأقل غيظهم ولا يبطشون،
يكون أقوى عزمًا على الدعوة ممن لم يقرأ في هذا الشأن خبرًا، لما عرفه من أن للحق الذي يخرج في أسلوبه الحكيم
سطوة على النفوس وإن كانت طاغية، فيقدم على وعظه في رفق وحسن خطاب،
فإن لم يهده سبيل الرشد قضى حق النصيحة له، وما على الذين أوتوا الحكمة إلا البلاغ.

وتنشأ قوة الإرادة من أدلة خاصة تجعل الرجل على يقين من نجاح العمل وحسن العاقبة،
واعتبروا في هذا بتصميم أبي بكر الصديق رضي الله عنه على قتال أهل الردة ومانعي الزكاة،
فإنه كان عالمًا بأنه على حق من قتالهم، وكان على ثقة من أنه سينتصر بفئته القليلة على جموعهم الكثيرة،
ومما دلَّه على أنه الظافر، وأن المرتدين عن الدين لا يفلحون قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون} [التوبة : 33]
ولو تقاعد أبو بكر عن جهاد تلك القبائل، وخلَّى الردة تتفشَّى في جزيرة العرب وباء فاتكًا، لانفصمت عرى الوحدة العربية الإسلامية،
ولم يستقم أمر تلك الفتوح التي كانت عاقبتها ظهور دين الحق على سائر الأديان.

وتنشأ قوة الإرادة من كمال بعض السجايا الأخرى وبلوغها غاية قصوى،
كسجية إباءة الضيم تهز الضعيف، وتثير في نفسه العزم على أن يدافع القوي عن حقوقه ما استطاع دفاعه، و
كذلك خلق الشجاعة يجعل الرجل أمضى عزمًا، وأسبق إلى الحرب من الجبان الذي يتمثل له الموت في كل سبيل.

ومما يساعد الرجل على صدق العزيمة خلق التعفف وشرف الهمة، فلتجدنَّ أنزه القوم نفسًا وأبعدهم عن الطمع وجهة،
أشدهم عزمًا على أن يقول حقًّا أو يعمل صالحًا، وإن لم يرض من قوله الحق أو عمله الصالح ذو مال أو سلطان.
تتفاوت الإرادة في القوة، وتفاوتها على قدر قوة شعور الرجل بما للشيء من حقية أو نفع،

وعلى قدر ثقته من تيسره وإمكان حصوله، فالذي أتقن علمًا فأحاط بأصوله، وغاص على أسراره يكون عزمه
في الدعاية إلى الأعمال المرتبطة به أقوى من عزم ذلك الذي وقف في دراسته عند حد لا يجعله من أعلامه،
والرئيس العادل يكون أقوى عزمًا على حرب أعدائه من الرئيس الجائر، لأن العادل يثق من قومه بحسن الطاعة أكثر مما يثق الجائر،
ومن ظفر من قومه حسن الطاعة فقد ظفر بأكبر أسباب الفوز والانتصار.

نقرأ في التاريخ أن المنصور بن أبي عامر الذي جذب عنان الملك من يد هشام بن الحكم في قرطبة قد غزا ستًّا وخمسين غزوة
دون أن تنتكس له راية أو يتخاذل له جيش، أو يصاب له بعث، أو تهلك له سرية، ومن درس سيرته
لم يعجب لهذا الانتصار المطرد، إذ يجد فيها عدلًا ومساواة يأخذان النفوس إلى أن تلقي إليه بالمودة والامتثال،
ومن الأخبار الشاهدة بما وصفنا أن رجلًا من العامة وقف بمجلسه وقال له: إن لي مظلمة عند ذلك الوصيف الذي على رأسك.
وأشار إلى الفتى صاحب الدرقة [أي: الترس]، وكان للفتي فضل محل عنده، فقال المنصور: ما أعظم بليتنا بهذه الحاشية،
ثم نظر إلى الفتى وقال له: ادفع الدرقة إلى فلان وانزل صاغرًا وساوِ خصمك في مقامه حتى يرفعك الحق أو يضعك؛
ثم قال لصاحب شرطته الخاص به: خذ بيد هذا الفاسق الظالم وقدِّمه مع خصمه إلى صاحب المظالم؛
لينفذ عليه حكمه بأغلظ ما يوجبه الحق من سجن أو غيره. وبعد أن جازاه القضاء بما يستحق أبعده المنصور عن خدمته،
وصاحب مثل هذه السيرة حقيق بأن يكون له - متى همَّ بالحرب - عزم لا يختلج بتردد.

فمن وضع أمامه غاية شريفة ورام من قومه العمل لها بعزم لا يخالطه فتور،
فما عليه إلا أن يريهم بالأسلوب السائغ والدليل المقنع وجه شرف تلك الغاية، ثم يصف لهم طريقها الناجح،
فلا يكون منهم إلا أن يتسابقوا إليها ويقتحموا كل عقبة تلاقيهم في سبيلها.

فإذا رأيت قومًا يذكرون في صباحهم ومسائهم شيئًا من معالي الأمور ولم ترهم يسعون له سعيه،
ولا يتقدَّمون إليه بخطوة فاعلم أن العزم لم يأخذ من قلوبهم مأخذه، فهم إما أن يكونوا عن حقيقته وشرف غايته غائبين،
وإما أنهم ضلُّوا طريقه وما كانوا مهتدين.

وإذا ذكرنا العزم النافذ في خصال الشرف فإنما نريد الإقدام على الأمر بعد استبانة عاقبته، ولو على وجه الظن الغالب،
وذلك ما يعنيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله: ولكن الحرب لا يصلحها إلا الرجل المكيث.
والمكيث من لا يخف إلى الهجوم إلى بعد روية وتدبر.
ولا يُعدُّ في قلة العزم أن يستبين الرجل الحق أو المصلحة ويقف دون عزمه مانع، كان يعلم أن عقول الجمهور لا تتسع لقبوله،

ويخشى الفتنة فيرجئه ريثما يمهد له بما يجعله مقبولًا سائغًا. قال عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز لأبيه عمر: يا أبت ما لك لا تنفذ الأمور؟
فوالله لا أبالي في الحق لو غلت بي وبك القدور. فقال له عمر: لا تعجل يا بني، إن الله تعالى ذمَّ الخمر مرتين وحرَّمها في الثالثة،
وإني أخاف أن أحمل الحق على الناس جملة فيدفعوه وتكون فتنة.

ولا يُعدُّ في قلة العزم أن يرى الرجل رأيًا ويعقد النية على إنفاذه ثم يبدو له على طريق الحجة أنه غير صالح فينصرف عنه،
وقوي العزيمة هو الذي تكون إرادته تحت سلطان عقله، فيقبل بها على ما يراه صوابًا، ويدبر بها عما يراه فسادًا.
وإذا قال الشاعر مادحًا:
إذا همَّ ألقَى بينَ عَيْنَيْه عزمَه *** ونكَّب عن ذِكْرِ العواقِبِ جانبًا

فإنما يريد الهمَّ الناشئ عن رجاحة رأي.


وقويُّ العزم متى بصر بالأمر ووثق بأنه سداد قطع نظره عن العواقب، ونهض له في قوة،
أما ضعيف العزم فإنه يترك نفسه مجالًا للخواطر، وذكر العواقب، هذه تغريه على العمل،
وهذه تصده عنه حتى تفوت الفرصة، ويذهب وقت العمل ضائعًا.

ومن صرامة العزم أن تفرغ فؤادك من كل داعية شأنها أن تلحق بعزمك، أو تصرف وجهك عنه صفحًا، وتتمثل هذه الصرامة في عبد الرحمن الداخل (صقر قريش) إذ خرج من البحر أول قدومه على الأندلس،
وأهديت له جارية بارعة الجمال، فنظر إليها وقال: إن هذه من القلب والعين بمكان، وإن أنا شُغلت عنها بما أهمُّ به ظلمتها،
وإن أنا اشتغلت بها عما أهمُّ به ظلمت همتي، فلا حاجة لي بها الآن. وردَّها على صاحبها.

وكثيرًا ما يجيء التردد في الأمر من ناحية الشهوات والعواطف، كالذي يثق بما في طلب العلم من خير وشرف،
ويقعده عنه حب الراحة، وإيثار ما تنزع إليه النفس من اللذات الحاضرة، والذي يقول.

إذا كنتَ ذَا رأيٍ فكُنْ ذَا عزيمةٍ *** فإنَّ فسادَ الرأْيِ أن تتردَّدَا

إنما ينبه على التردد الناشئ عن نحو الشهوات والعواطف، فذلك هو التردد المفسد للرأي والموقع في خسر.

لقوة الإرادة أثر في انقلاب حال الأفراد والجماعات عظيم، فكم من فتى يساويه في نباهة الذهن وسائر وسائل السؤدد فتيان كثيرون،
ولكنه يجد من قوة الإرادة ما لا يجدون، فيكون له شأن غير شأنهم، ويبلغ في المحامد شأوًا أبعد من شأوهم،
ولو نظرت إلى كثير ممن ظهروا أكثر مما ظهر غيرهم، وأقمت موازنة بينهم وبين كثير من لداتهم
لم تجد في أولئك الظاهرين مزية يرجح بها وزنهم غير أنهم يهمون بالأمر فيعملون.

وإذا جعلت تتقصى أثر دولة الموحدين التي وضعت قدمها في فاس، وبسطت أجنحتها على الأندلس والجزائر وتونس،
وجدت أقصى هذه الدولة همة طفحت بها نفس محمد بن تومرت بعد انصرافه عن مجالس أبي حامد الغزالي وأبي بكر الطرطوشي وغيرهما
عائدًا إلى بلده بالمغرب الأقصى.

وكم من أمة أو دولة لم ينقذها ممن يبتغي بها سوء سوى قوة الإرادة،
وقد يكون فيما صنع هارون الرشيد بالبرامكة غلو في الانتقام وسرف في القتل،
ولكن تنقية مناصب الدولة منهم لم تكن إلا بنت اليقظة والإرادة التي لا يأخذها التردد في قطع المكر السيئ من جذوره،
وإذا صحَّ ما يصفهم به بعض أهل العلم من أنهم كانوا يكيدون للإسلام كيد الباطنية،
كان لهارون الرشيد موقف خير من موقف المنتقم لملكه أو ملك أسرته من بعده.

فإذا كان صدق العزيمة من أفضل خصال الشرف وأجلها في الإصلاح أثرًا،
فجدير بأساتذة التربية أن يعطوه من عنايتهم نصيبًا وافرًا، وحقيق بالرجال القوامين على الشؤون العامة أن يأخذوا به أنفسهم،
ويقيموه شاهدًا على كفايتهم، فإنَّ ما بيننا وبين المدنية الفاضلة والحياة الآمنة مسافة طويلة المدَى صعبة المرتقَى،
إذا لم نقطعها بالعزم الصارم والعمل والمتواصل ظلمنا أنفسنا، ولم نقض حق الأجيال بعدنا،
فمن واجبهم علينا أن نبني لهم صروحًا من العزِّ شامخة، فإن لم نستطع هيَّأنا لهم أسسًا ليرفعوا عليها قواعد الشرف والمنعة،
فإذا هم أحرار في أوطانهم حقًّا، مكرمون لنزلائهم طوعًا.

وما اقترن العزم الصحيح بأدب التوكل على من بيده ملكوت كل شيء إلا كانت عاقبته نجاحًا ورشدًا
{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
المصدر: كتاب (موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين، دار النوادر بسوريا، ط1، 1431هـ، (5/136)












آخر تعديل وفاء الياسمين 2016-06-06 في 06:15.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 04:33   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
وفاء الياسمين
رحِــمَها الله
 
الصورة الرمزية وفاء الياسمين
 

 

 
الأوسمة
احسن موضوع المريبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



الحمد لله الذي أتمَّ علينا نعمه ، الحمد لله وحده لا شريك له .

أسأل الله أن يفيدكم ما اخترته لكم ، فالله من وراء القصد ..


فإن أصبت فبتوفيق من الله ...

و إن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ...

إن رأيتم ماهو غير صحيح أو سنده ضعيف يُرجى تنبيهي بارك الله فيكم ...

أسأل الله أن يتقبل منَّ الصيام و القيام و يغفر لنا ذنوبنا و يهدينا لسواء السبيل ...












آخر تعديل وفاء الياسمين 2016-06-06 في 13:06.
رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 16:20   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
و نفع بكم وبا قدمتم .










رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 16:37   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
anis sebaihia
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله الذي أتمَّ علينا نعمه ، الحمد لله وحده لا شريك له .

أسأل الله أن يفيدكم ما اخترته لكم ، فالله من وراء القصد ..










رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 16:41   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أثيلة
مؤهل أقسام الدّيكور
 
الصورة الرمزية أثيلة
 

 

 
الأوسمة
أحسن خيمة رمضانية 1437هـ العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكي أختي الغالية
أكذب لو قلت أني قرأتها كلها ،، و لكن قرأت أجزاء لابأس بها ، سأقوم بقراءتها كلها و التعقيب
و طبعا وفقت لدرجة كبيرة حقا










رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 18:38   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك ـ أحسنتي وأجدتي ـ ولقد أتعبتي من بعدك ـ إبتسامة أخوية ـ









رد مع اقتباس
قديم 2016-06-06, 20:43   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ألبْ أرْسَلان
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع مميّز جزاك الله خيرًا.

تقبّل اللهُ الصّلاةَ والصيّام وصالحَ الأعمال.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
عبقات،قطوف


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc