والقول الثاني :
لا يفسد صومه بذلك كما لا يفسد صوم الناسي .
وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في
"الفتاوى الكبرى" (2/19) :
" الصَّائِمُ إذَا فَعَلَ مَا يُفْطِرُ بِهِ جَاهِلا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ : فَهَلْ عَلَيْهِ الإِعَادَةُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ . . . وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ لا يَجِبُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلا يَثْبُتُ الْخِطَابُ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ , لقوله تعالى : ( لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) .
وَقَوْلِهِ : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ) .
وَلِقَوْلِهِ : ( لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ مُتَعَدِّدٌ , بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لا يُعَاقِبُ أَحَدًا حَتَّى يُبَلِّغَهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ .
وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَآمَنَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَعْلَمْ كَثِيرًا مِمَّا جَاءَ بِهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ عَلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ , فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُعَذِّبْهُ عَلَى تَرْكِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ , فَإِنَّهُ لا يُعَذِّبُهُ عَلَى بَعْضِ شَرَائِطِهِ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ أَوْلَى وَأَحْرَى , وَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ .
فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ظَنُّوا أَنَّ قوله تعالى : ( الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ) هُوَ الْحَبْلُ الأَبْيَضُ مِنْ الْحَبْلِ الأَسْوَدِ . فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَرْبِطُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا .
ثُمَّ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَذَا مِنْ هَذَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُرَادَ بَيَاضُ النَّهَارِ , وَسَوَادُ اللَّيْلِ . وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِعَادَةِ اهـ .
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/66) :
" وَقَدْ عَفَا (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) عَمَّنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ عَمْدًا غَيْرَ نَاسٍ لَمَّا تَأَوَّلَ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ بِالْحَبْلَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ , فَجَعَلَ يَأْكُلُ حَتَّى تَبَيَّنَا لَهُ وَقَدْ طَلَعَ النَّهَارُ , وَعَفَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَضَاءِ , لِتَأْوِيلِهِ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
عن شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته ، فما الحكم ؟
فأجاب :
الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط : العلم ، والذكر ، والإرادة .
ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء، لأنه حرام لقول الله تعالى: ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ ) المؤمنون/5-7.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )
رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه أيسر على المكلف ، ولأن الإنسان يجد فيه متعة ، بخلاف الصوم ففيه مشقة ، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم ، دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/981) .
والأحوط لك أن تقضي تلك الأيام ، واجتهد في تحديد عددها بما يغلب على ظنك .
قال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (15/304) :
"أما من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصيام ، لكونه بالغا صحيحا مقيما ، جهلا منه ، فقد اختلف أهل العلم في شأنه ، فقال بعضهم : عليه الكفارة ؛ لأنه مفرط في عدم السؤال والتفقه في الدين ، وقال آخرون من أهل العلم : لا كفارة عليه من أجل الجهل ، وبذلك تعلم أن الأحوط لك هو الكفارة ، من أجل تفريطك وعدم سؤالك عما يحرم عليك قبل أن تفعل ما فعلت" اهـ .
فأمره بالكفارة احتياطاً ، ووجوب الكفارة هنا لأنه أفطر بالجماع ، والكفارة لا تجب بشيء من مفسدات الصيام إلا بالجماع في نهار رمضان .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين