جريمة اهانة الرؤساء و البعثات الدولية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

جريمة اهانة الرؤساء و البعثات الدولية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-05-20, 17:30   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 جريمة اهانة الرؤساء و البعثات الدولية

المـقدمـــــة:
إذا كان القانون يبسط حمايته على الأشخاص في أبدانهم و أموالهم فإنه يبسطها كذلك على اعتبارهم وشرفهم لاسيما إذا تعلق الأمر بحماية كرامة بعض الشخصيات الهامة من الأفعال التي تهدف إلى المساس بالشرف والاعتبار الشخصي، والمحافظة على المكانة المرموقة التي يتمتعون بها في الوسط الذي يعملون به.

ومن النصوص القانونية التي تجرم هذه الأفعال ما نص عليه المشرع الجزائري في قانون العقوبات و قانون الإعلام رقم 90 /07 فيما يتعلق بجريمة القذف والسب والإهانة.

وسوف نسلط دراستنا هذه على إحدى هذه الجرائم وهي جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية فلقد إعتنى التشريع الجزائري مثله مثل التشريعات المقارنة التي تتبع في نظام حكمها النظام الجمهوري بحماية الصفة أو المركز الذي يحتله رئيس الجمهورية بوصفه ممثلا للدولة ، ذلك لأن إهانته تنال من هيبة الدولة والنظام القائم فضلا على أنها تؤثر في قيامة بمزاولة مهامه على أكمل وجه.

وحرصا للحفاظ على العلاقات الدولـية إتجهت أغلب التشريعـات الجزائية إلى تجريم كل فعـل أو قول يؤدى إلى المساس بكرامة رؤساء الدول الأجنبية و البعثات الدولية والذي قد يعكر صفو العلاقات بين الدول، و لقد جرم المشرع الجزائري أيضا إهانة رؤساء الدول الأجنبية ورؤساء البعثات الدولية وأعضائها ضمانا لحسن سير علاقات الجزائر الدولية .

ويكتسي موضوع بحثنا هذا أهمية قصوى ذلك لأن هذا النوع من الجرائم لا يمس بشرف و اعتبار الانسان بوصفه انسانا فحسب بل بالنظر الى صفته الوظيفية ، حيث يجب أن تحضى الوظيفة وشاغلها بالاحترام و التقدير اللازمين لتمكين شاغلها من أداء مهام وظيفته، الا أن هذه الحماية قد تتعارض أحيانا مع حرية التعبير ذلك لأن هذه الجرائم تعتبر من جرائم الاعتبار التي نظمها قانون العقوبات هذا من جهة، ومن جهة اخرى تعتبر من جرائم الإعلام و هذا ما يجعل هذه الجرائم متميزة.

والأهمية الثانية التي يكتسيها هذا الموضوع تكمن في كيفية التوفيق بين حماية هذه الشخصيات الهامة من الاهانة وبين حرية التعبير المعترف بها عالميا بموجب الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 فالمادة 19 منه جاء فيها ان لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير ، و يشمل هذا الحق حرية






اعتناق الأراء دون أي تدخل ، و استقاء الأنباء و الأفكار و تلقيها و إذاعتها بأية وسيلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية، ولقد نص الدستور الجزائري لسنة 1989 المعدل بموجب استفتاء 28 / 11 / 1996 في المادة 41 منه على ان " حريات التعبير ...مضمونة للمواطن " .

و نظرا لأهمية الموضوع الذي لم يحض بالكتابة عنه خاصة في الجزائر ارتأينا معالجته من خلال الاشكالية التالية :

ماهي أركان جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية ؟
و هل يخضع مرتكبوها الى اجراءات خاصة أثناء المتابعة ؟ و ما هو الجزاء المقرر لها؟

كل هذه التساؤلات يتم الإجابة عليها بالاعتماد على منهجية تقوم على التحليل والمقارنة ، فالتحليل ينصب على مواد قانون العقوبات الجزائري التي تعاقب على جريمة اهانة رئيس الجمهورية و مواد قانون الإعلام الجزائري رقم 90/07 المعاقبة على جريمة اهانة رؤساء الدول الاجنبية و البعثات الدولية وأعضائها ثم نقوم بدراسة مقارنة بين القانون الجزائري والقانون المقارن كقانون العقوبات المصري وكذا قانون الاعلام الفرنسي الصادر بتاريخ 29/07/1881.

وسوف نسلط الضوء على موضوع بحثنا هذا بموجب الخطة التالية :








الخطــــــــــة

مقدمـــة
الفصل الأول: أركان جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية.
المبحث الأول: الأركان العامة المشتركة.
المطلب الأول: الركن المادي.
الفرع الأول: إهانة ترتكب بوسائل معينة.
الفرع الثاني: المناسبـة.
المطلب الثاني: الركـــن المعنوي.
الفرع الأول: القصـد الجنائي العام.
الفرع الثاني: القصد الجنائي الخاص.
المبحث الثاني: الأركان الخاصــة.
المطلب الأول: الأركان الخاصة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية.
الفرع الأول: صفة المجني عليه.
الفرع الثاني: الركن المادي.
الفرع الثالث: القصد الجنائي.
المطلب الثاني: الأركان الخاصة لجريمة إهانة رئيس دولة أجنبية.
الفرع الأول: صفة المجني عليه.
الفرع الثاني: الركن المادي.
الفرع الثالث: القصد الجنائي.
المطلب الثالث: الأركان الخاصة لجريمة إهانة رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها.
الفرع الأول: صفة المجني عليه.
الفرع الثاني: الركن المادي.
الفرع الثالث: القصد الجنائي.




الفصل الثاني: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية.
المبحث الأول: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري.
المطلب الأول: قمع جريمة إهانة رئيس الجمهورية.
الفرع الأول: المتابعة الجزائية .
الفرع الثاني: الجــــزاء.
المطلب الثاني: قمع جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية.
الفرع الأول: المتابعة الجزائية .
الفرع الثاني: الجــــزاء.
المطلب الثالث: قمع جريمة إهانة رئيس بعثة دولية او احد أعضائها.
الفرع الأول: المتابعـة الجزائية .
الفرع الثاني: الجــــزاء.

المبحث الثاني: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المقارن.
المطلب الأول: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المصري.
الفرع الأول: المتابعـة الجزائية.
الفرع الثاني: الجــــزاء.
المطلب الثاني: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الفرنسـي.
الفرع الأول: المتابعـة الجزائية.
الفرع الثاني: الجــــزاء.
الخـاتمــــة.















































الفصل الأول:
أركان جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية


تقوم الجريمة على أركان أساسية لابد من توافرها ، و تتمثل في الركن المــادي و الركن المعنوي و الركن الشرعي .
و بذلك يجب أن تكون كل هذه الأركان لتقوم جريمة اهانة رؤساء الدول بصفة عامة –سواء كان رئيس الجمهورية او رئيس دولة اجنبية – و رؤساء البعثات الدولية و أعضائها .
بالاضافة الى هذه الاركان العامة فان المشرع يشترط ركن اخر خاص بهذه الجرائم و المتمثل في صفة المجني عليه


ولهذا سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في:
- المبحث الأول: الأركان العامة المشتركة.
- المبحث الثاني: الأركان الخاصـة.






























المبحث الأول: الأركان العامة المشتركة
لا تقوم الجريمة إلا بتوافر الركنين المادي والمعنوي، لذا علينا دراسة هاذين الركنين في جريمة الإهانة بصفة عامة، لأنها سواء كانت موجهة إلى رئيس الجمهورية المعاقب عليها بقانون العقوبات الجزائري أو رئيس دولة أجنبية أو رئيس بعثة دولية المعاقب عليها بموجب قانون الاعلام الجزائري لا ينطبق عليها وصف جريمة إلا إذا توافرت على الركن المادي والركن المعنوي.
المطلب الأول: الركن المادي
ان الجريمة ايا كانت طبيعتها لا ينطبق عليها هذا الوصف الا اذا توافرت على ركن مادي، فالمقصود بالركن المادي الفعل او العمل الخارجي الذي يعبر عن النية الجنائية (1)،و يتمثل الركن المادي في جريمة الاهانة بصفة عامة في صدور اهانة مرتكبة بوسائل معينة اثناء تادية الوظيفة او مناسبتها .
الفرع الأول: إهانة ترتكب بوسائل معينة
نتطرق أولا إلى مفهوم الإهانة بصفة عامة ثم إلى الوسائل التي ترتكب بهـا الإهانـة.
أولا: مفهوم الإهانة:
إن عبارة الإهانة « outrage »المنسوخة من اللاتينية « outre » و التي كانت تعني في القديم ظواهر وعلائم وأشهر الشماتة والهزء والسخرية في إلصاقها بالشخص الموجهة إليه(2)، لكن القرآن الكريم كان أول من نهى عن إستخدام التعبير في السخرية بين الناس فجاء في سورة الحجرات ﴿ يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نسآء من نسآء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإثم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون﴾(3)، ولا تلمزوا أنفسكم بمعنى لا يعيب أو يهين بعضكم بعضا، ولتحديد مفهوم الإهانة ينبغي تعريفها وتمييزها عن بعض المصطلحات.
1 .تعريف الإهانة وتمييزها عن بعض المصطلحات:
لم يعرف قانون العقوبات ولا قانون الإعلام الجزائري الإهانة، ونظراً لأن الإهانة كلمة مبهمة فإنه يصعب تعريفها وتحديد معناها، فقد عرف قارو GARAUD الإهانة ﴿ بأنها فعل غير محدود يمكن ارتكابه بكيفيات مختلفة ومن شأنه المساس بشرف الشخص المهان أو كرامته﴾(4).
ويقصد بالإهانة كل فعل أو قول أو إشارة يؤخذ من ظاهرها الاحتقار والاستخفاف بالمجني عليه الموجهة إليه الألفاظ والإشارات وفيها مساس بشرفه وإعتباره.
ونشير إلى أن الإهانة أمر نسبي يتغير تبعا للظروف والملابسات، إذ قد تصدر من شخص ألفاظ سيئة والتي تعتبر جارحة ومهينة ودالة حتما على قصد الإهانة والتحقير، وقد تكون في ظروف أخرى ليس لها هذه الصفة بل قد تتوافر الإهانة من سياق ألفاظ في ظاهرها التكريم والرضا بينما في حقيقتها قد سيقت بقصد الإهانة.
كما أن القانون المصري لم يعرف الإهانة، بينما قضاء محكمة النقض قديما في ظل النظام الملكي كان متشددا قي تحديد معنى الإهانة، فكان يجرم تقييم الأعمال التي يقوم بها الملك أثناء ممارسته لمهامه المتصلة بالمصلحة العامة، فكان معنى الإهانة يشتمل كل قول أو كتابة ولو كانت تتناول مجرد أعمال الملك وفي ذلك ذهبت محكمة النقض قديما أنه «لاشك أن نقد أعمال الحكومة مقرر، إلا أنه لا يصح البتة أن يصلى حد توجيه اللوم إلى الملك في صدد العمل الذي استوجب النقد أو حتى إلى مجرد إلقاء المسؤولية عليه ولـو كـان هذا أو ذاك مسوقا في قالب الإجلال والإكبار، ذلك لأن الملك لا يكون محل مسائلة أبدا»(5).



أ.تمييز الإهـانـة عن العيـب:

قد يختلط معنى الإهانة مع العيب، والذي إستعملته بعض التشريعات للدلالة على الإهانة كقانون العقوبات المصري الذي يعاقب على جريمة العيب في حق الملك أو رئيس دولة أجنبية وكذا على جريمة العيب في حق ممثل لدولة أجنبية.
ومدلول كلمة العيب لا يختلف عن مدلول كلمة الإهانة فالعيب يشمل كل فعل أو تعبير من شأنه أن يتقص من شأن الملك أو رئيس دولة أجنبية، كما تفيد معنى الازدراء والتطاول على المشاعر والمساس بالكرامة والشعور وإسناد أمور تمس بالشرف والاعتبار، ويتحقق ذلك بكل فعل أو قول يمس هيبته أو وقاره أو يؤدي إلى تحقيره مثال ذلك نشر صور لرئيس دولة في هيئة حيوان أو وضع يقلل من شانه أو من احترام المجتمع له(1).

ب .تمييز الإهانة عن الإساءة:

عرفت المادة 144 مكرر من قانون العقوبات الجزائري الإساءة بأنها "عبارات" تتضمن إهانة أو سب أو قذف" وتقابلها في النص الفرنسي:

« Toute personne qui offense le président de la république par une expression outrageante ,injurieuse ou diffamatoire… »

نلاحظ أن مصطلح ״عبارات״ ليس في مكانه لان المادة تـقول "عبارات تـتضمن إهانة أو سـب أو قذف " سواء كان عن طريق الكتابة أو الرسم أو عن طريق الإشارة بينما مصطلح ״une expression״ بمعنى تعبير كما وردت في النص الفرنسي هو الأنسب لغويا وقانونيا، لان الاشارة تدخل في التعبير.
كما نلاحظ أيضا أن المشرع جمع ثلاث جرائم في عبارة واحدة فالإساءة (offense ) لرئيس الجمهورية تجمع الإهانة) outrage) والسب injure) ) والقذف(diffamation) وبالتالي فان الإساءة أشمل من الإهانة(2)، طبقا لما نصت عليه المادة 144 مكرر ق .ع.

وبقراءة نص المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري 90/07 نجد أن هذه المادة تعاقب كل من تعمد إهانة رؤساء الدول، ويقابل كلمة إهانة في النص الفرنسي (offense) والتي قصد بها الإهانة وليس الإساءة في هذا النص. أما المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري التي تعاقب كل من يهين رؤساء البعثات الدولية وأعضائها يقابلها في النص الفرنسي outrage فنلاحظ ان المشرع الجزائري استعمل مصطلح offense
حيانا للدلالة على الاهانة و احيانا اخرى قصد بها الاساءة ، غير ان الإساءة في الفقه والقضاء الفرنسي لها معنى الإهانة offense(3).


ج .تمييز الإهانة عن السب والقذف:

إن الإهانة تتميز عن السب والقذف بما يلي
• الإهانة بصفة عامة تقع على الموظف بينما السب والقذف يقع على عامة الناس سواء الموظفين أوغير الموظفين.
• إن الإهانة مرتبطة بالوظيفة بحيث لا يكون الفعل مهينا ومعاقبا عليه إلا بسبب الوظيفة أو في أثنائها وإن لم يكن الفعل أثناء الوظيفة قد تتوافر جريمة أخرى كالسب أو القذف.
• إن المتهم بالإهانة لا يقبل منه إقامة الدليل لإثبات صحة الأمور المهينة التي وجهها للموظف العام ومن في حكمه مهما كان الباعث عليها لأنه من المقرر أنه إذا كان النقد مباحا دائما فالإهانة غير جائزة، كما سنرى فيما بعد(1).
إن الإهانة لا يشترط فيها أن تكون لها صفة سب أو قذف مشتمل على إسناد عيب معين بل تعتبر من قبيل الإهانة كل الأقوال أو الإشارات التي تدل على الاحتقار للمجني عليه أو لأعماله أو لوظيفته أو كما تقول محكمة النقض الفرنسية التي من شأنها التقليل من احترام الناس لسلطته المعنوية أو للصفة الحائز لها(2).

ولقد قضت محكمة النقض أنه «لا يشترط لتوافر جريمة الإهانة أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر مـعين بل يكفي أن تحــمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الكرامة» ومن خلال هذا التعريف يتضح لنا أن كلمة الإهانة أوسع نطاقا من القذف أو السب إذ تشمل كل قول أو فعل يمس بهيبة المجني عليه أو وقاره أو كرامته أو يقلل من تقديره أو احترامه.

فالإهانة هي كل ما من شأنه الانتقاص من الإحترام والتقدير الواجبين للإنسان ليس بصفته إنسانا فحسب ولكن بالنظر إلى صفته الوظيفية حيث يجب أن تحظى الوظيفة وشاغلها بالاحترام والتقدير اللازمين لتمكين شاغلها من أداء مهام هذه الوظيفة(3).
الإهانة لها مدلول عام يشمل كل ما من شأنه المساس بالشرف أو الاعتبار.

2 . تحديد معنى الشرف والاعتبار:

فتجريم الإهانة هدفه حماية الشخصيات المهمة من المساس بشرفهم أو باعتبارهم، فما استقر عليه القضاء الفرنسي أن الإهانة تتحقق بعبارات مهينة، أو عبارات تكون من شأنها المساس برهافة الأشخاص المشمولين بالحماية.

فلقد قضي في فرنسا بأن المادة 26 من قانون 29 جويلية 1881 تنص وتعاقب على الإهانة الموجهة لرئيس الجمهورية كجنحة مستقلة ومتميزة عن جنح القذف والسب، حتى ولو أن الإهانة كانت نتيجة ادعـاء أو اتهام بفعل طبيعته يمس أو يخدش الشرف والاعتبار(4)، وبالتالي فان الإهانة معاقب عليها حتى ولو لم تكن الوقائع صحيحة أي مجرد ادعاء أو اتهام المهم أنه يخدش الشرف والاعتبار بعكس القذف والسب.














و لقد بينت محكمة النقض الفرنسية أن الإهانة تتكون ماديا من عبارات الاحتقار أو بأي إسناد من شأنه أن يمس الشخص في شرفه أو كرامته أو ما يتعلق بحياته الخاصة أو بمناسبة ممارسته لمهامه(1) فالمصلحة التي يحميها القانون في جريمة الإهانة هو شرف الإنسان واعتباره فهذه المصلحة هي المعتدى عليها في هذه الجرائم، وطالما ان القانون لم يعرف الشرف والاعتبار فقد تصدى الفقه لهما.

فيعرف الشرف "بأنه مجموعة من الصفات الأدبية مثل الأمانة والإخلاص وغير ذلك من الصفات التي تحدد مدى تقدير الفرد في البيئة التي يعيش فيها" ، كما يعرف بأنه "القيم المتصلة بالأخلاق" وأن الاعتبار"يتضمن غير ذلك من الصفات العقلية والمعنوية وما إليها "(2).

وبالتالي فإن الشرف هو ألا يعاب على الإنسان بشيء ينافي القيم التي استقر المجتمع الذي يعيش فيه على احترامها وإنزالها منزلة الاحترام والتقدير، أما الاعتبار فهو الفكرة التي يكونها الناس عن الشخص بعد اختبارهم له. وبالتالي فان كلمة احترام ترادف كلمة اعتبار وكلمة الكرامة ترادف كلمة الشرف.

والفعل الماس بالشرف هو الفعل المخالف للنزاهة والإخلاص سواء كان هذا الفعل يعاقب عليه بالقانون الجزائي أولا.
أما الفعل الماس بالاعتبار هو الذي يمس قيمة الإنسان في نفسه أو يحط من كرامته أو شخصيته عند الغير أي كل ما يحط من قدر المسند إليه وكرامته في نظر الغير(3).

ثانيا: الـوسائــل

يمكن تعريف الوسيلة بأنها كل شيء أو آلة تتدخل أو تتوسط بين الإرادة الإجرامية وارتكاب الجريمة وهي الأداة التي ينفذ الجاني بواسطتها الجريمة(4) ، ولقيام جريمة الإهانة بصفة عامة، يجب استخدام وسائل معينة، ولقد حددها المشرع الجزائري في المواد المعاقبة على الإهانـة فذكرت المادة 144 مكرر من قانون العقوبات المستحدثة بالقانون01/09 الوسائل التي تستعمل في الإهانة الموجهة إلى رئيس الجمهورية كما يلي:
"...سـواء كـان ذلـك عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريـح أو بأيـة آليـة لبث الصـوت أو الـصورة أو بأية وسيلة الكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى" .
أما المادة 97 والمتعلقة بجريمة إهانة رؤساء الدول، والمادة 98 المتعلقة بحماية رؤساء البعثات الدولية وأعضائها فإنهما حصرتا الوسائل التي تنفد بها الجريمة في"أي وسيلة من وسائل الإعلام" .
أما المشرع الفرنسي والذي أدرج الجرائم محل دراستنا في الباب الرابع من قانون الصحافة الصادر في 29 جويلية 1881 تحت عنوان "الجنايات و الجنح التي ترتكب بواسطة الصحافة وغيرها من وسائل النشر" وقد نص على هذه الوسائل في أول مادة من هذا الباب وهي المادة 23 من هذا القانون المتعلقة بجريمة التحريض على الجنايات والجنح إذا ارتكبت:









1. بالحديث أو الصياح أو التهديد في مكان عام أو اجتماع عام.
2. أو بالكتابات أو المطبوعات أو رسوم أو لوحات أو شعارات بيعت، أو وزعت أو عرضت للبيع في أماكن واجتماعات عامة.
3. أو بلوحات أو ملصقات معروضة على العموم.
وفي سنة 1985 أضاف المشرع الفرنسي إلى هذه الوسائل عبارة تشمل وسيلة الإذاعة والتلفزيون حيث جمع جميع صور التعبير عن الأفكار من حديث أو كتابة أو صورة أو رسم، والتي تعرض على العموم بواسطة الوسائل البسيطة مثل توجيه الحديث مباشرة إلى العـموم، أو عرض كتابة أو ما يماثلـها من صور أو رسوم بواسطة وسائل الاتصال الحديثة من إذاعة وتلفزيون كما أن المشرع الفرنسي لم يقصر هذه الوسائل على جريمة التحريض، لأن المواد التالية لها والمتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون تحيل إلى هذه المادة فيما يتعلق بهذه الوسائل، فالمادة 26 التي تعاقب على إهانة رئيس الجمهورية أحالت للمادة 23 لتحديد الوسائل المرتكبة بها هذه الجريمة.

غير أن المادة 36 التي تعاقب على إهانة رؤساء الدول الأجنبية ورؤساء الحكومات الأجنبية ووزراء خارجية إحدى الحكومات الأجنبية، وكذا المادة 37 التي تعاقب على إهانة السفراء والوزراء المفوضين المبعوثين أو المعتمدين السياسيين المعتمدين من قبل حكومة الجمهورية الفرنسية لم تحيلا لتحديد الوسائل للمادة 23 إلا أنهما نصتا فقط على أن هذه الإهانة تكون مرتكبة علنا، و الملاحظ ان المشرع الفرنسي اشترط ان ترتكب هذه الجرائم في علانية.

أما المشرع المصري نص على جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في قانون العقوبات ونص على الوسائل التي ترتكب بها في المادة 171 منه، المتمثلة في القول أو الصياح جهريّةَ علنا أو إيماء صدر علنا أو بكتابة أو رسوم، أو صور شمسية، أو رموز أو أي طريقة من طرق التمثيل وبذلك فإن هذه الوسائل لم ترد على سبيل الحصر وانما وردت على سبيل المثال ذلك لأن المادة 171 ذكرت وبأي طريقة أخرى، و لقد اشترط المشرع المصري أن ترتكب جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في علانية.

و نشير الى ان القانون الجزائري لم ينص على العلانية ، وقد يرجع ذلك الى سهو المشرع الجزائري عندما اقتبس احكام الاهانة من قانون الاعلام الفرنسي المؤرخ في 29/07/1881 اذ اغفل نقل ما نصت عليه المادة 23 من هذا القانون و التي عرفت طرق العلانية (1) فالعلانية ليست مشروطة في جريمة الاهانة في القانون الجزائري ، وبالتالي فيعاقب على الاهانة سواء كانت علنية او غير علنية اما القذف والسب فلا يعاقب عليهما الا اذا وقعا في علانية .


















ويجب على القاضي أن يبين في حكمه الوسائل المرتكبة بما الإهانة، كالقول مثلا، أي بيان ألفاظ التعدي حتى يتسنى لمحكمة العليا معرفة ما إذا كانت هذه الألفاظ أو الإشارات معاقب عليها .

فلقد قضت المحكمة العليا(المجلس الأعلى سابقا) في قرارها الصادر بتاريخ 17/01/1989 ملف رقم 125 ،53 ﴿ أنه من المقرر قانونا أنه لإثبات جريمة الإهانة لابد من تبيان نوعية ونموذج الكلمات الجارية الماسة بكرامة وشرف المعتدى عليه أو نوعية الإشارات المرفقة بالأقوال التي يمكن أن تعد إهانة، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذه المبدأ يعد تطبيقاً سيئاً للقانون.﴾(1).

كما قضت أيضا في قرارها الصادر بتاريخ 26/04/2000 ملف رقم 527/187:﴿ بأن القضاء بإدانة المتهمين بجريمة الإهانة دون تبيان عناصرها ومناقشة الأقوال التي تعد إهانة يعد قصورا في التعليل وتطبيقاً سيئاً للقانون﴾.

ذلك لأن تحديد وضبط هذه العبارات والإدعاءات والتصرفات هو أمر ضروري لتمكين ممارسة رقابة المحكمة العليا على الأسباب المعتمد عليها من قبل قضاة الموضوع عند إثبات جريمة الإهانة(2).

كما يجب أن تبين ألفاظ الإهانة في الحكم ذاته ولا يكفي الاحالة على المحضر، لأن تبيان تلك الألفاظ ضروري حتى تتمكن محكمة النقض من مراقبة ما إذا كانت تعتبر في الحقيقة مهينة أم لا، وقصور الحكم في هذا الصدد مبطل له، وهذا ما قضى به القضاء المصري(3).



الفرع الثـاني: المنـاسبــــــــــــة

لا يحمي القانون رؤساء الدول والبعثات الدولـية من الإهانة إلا إذا وقعت أثناء تأديتهم لوظيفتــهم أو بسببها.
فالقانون لم يقصد بالعقاب على هذه الجريمة إنشاء إمتياز شخصي لمصلحة بعض الأفراد وإنما أراد إحترام سلطة الوظيفة الموكولة للشخص المهان.
غير أن الإهانة إذا كانت موجهة إلى المجني عليه شخصيا فإنه لا تنطبق عليها الأحكام المتعلقة بالإهانة فقد جاز إعتبار الواقعة قذفاً أو سباً.
كما أن إهانة الوظيفة في ذاتها بصرف النظر عمن يقومون بها فلا عقاب عليها بمقتضى هذه المادة.
وقد كان القانون الفرنسي القديم لا يعاقب على الإهانة إلا إذا وجهت للموظف أثناء تأدية وظيفته ولكن لوحظ أن الإهانة تمس كرامة الوظيفة أيضا متى وجهت للموظف بسبب صفته، و لولم يكن حينئذ يؤدى وظيفته، ولذا فإن القانون الفرنسي الحاضر قد إبتكر فكرة العقاب على الإهانة التي تقع بسبب تأدية الوظيفة وأخذها عنه القانون المصري و القانون الجزائري.
ويعاقب القانون على الإهانة التي ترتكب أثناء الوظيفة بنفس العقوبة التي يعاقب بها على الإهانة التي ترتكب بسبب تاديتها، إلا أنه يجب التمييز بين الحالتين.

اولا- الإهانة أثناء الوظيفة:
تعتبر الإهانة الموجهة إلى الموظف أثناء تأدية وظيفته عندما يعمل بصفته موظفاً، أي عندما يؤدي عملا داخلا في إختصاصه أو في شؤون وظيقته.
ولا يمنع كون رؤساء الدول أو البعثات الدولية في أثناء تأديتهم مهامهم، متواجدين باماكن غير اماكن عملهم من قيام جريمة الاهانة بل تعتبر الإهانة موجهة إليهم أثناء تأديتهم وظيفتهم في أي مكان يقومون فيه بعمل من أعمالهم(1).

ثانيا- الإهانة بمناسبة تأدية الوظيفة:
إذا كانت الإهانة موجهة إلى الموظف بوجه عام عندما ترتكب عليه وهو في طريقه إلى عمله أو عند مغادرته مكان العمل أي بمناسبة تادية الوظيفة، كرجل الدرك الوطني الذي يكون مرتديا بدلته النظامية تصدق حتى خارج أوقات العمل.
إلا أنه إذا كانت الإهانة موجهة إلى رئيس الجمهورية أو رؤساء الدول الأجنبية أو البعثات الدولية فإن شرط المناسبة يفقد من أهميته بإعتبار أن هذه الهيئات تؤدي وظيفتها على الدوام(2).

و نشير الى انه لا عقوبة على الشروع في جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية على اساس انها جنحة والشروع في الجنح يتطلب نصا خاصا طبقا للمادة 31 من قانون العقوبات الجزائري .















المطلب الثاني: الركن المعنوي
بعد ما تعرضنا للركن المادي لجريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية، حيث يرتكب الجاني الفعل المادي بوسائل معنية، لكن هذا لا يكفي لقيام الجريمة ووجوب العقاب، ما لم ينصرف قصد الجاني إلى هذه الجريمة، أي يتجه علمه وإراداته إلى إرتكابها.
وبإعتبار أن هذه الجرائم عمدية فإن الركن المعنوي يتخذ صورة القصد الجنائي، لذا سنكتفي في هذا المطلب بدراسة القصد الجنائي بإعتباره يمثل الركن المعنوي في جريمة الإهانة بصفة عامة،سواء كانت مرتكبة في حق رئيس الجمهورية أو رئيس دولة أجنبية، أو رئيس بعثة أجنبية أو أحد أعضائها.
فلا عقاب على جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية إلا إذا حصلت بقصد جنائي.
ويعرف جارسون"GARÇON" والذي ينتمي للمذهب التقليدي القصد الجنائي بأنه﴿ علم الجاني بأنه يقوم بعمل غير شرعي ﴾.
وبالتالي فإن القصد الجنائي كما عرفته المدرسة التقليدية هو إنصراف إدارة الجاني إلى إرتكاب الجريمة مع العلم بأركانها كما يتطلبها القانون.
أما فيري FERRI والذي هو من رواد المدرسة الوضعية يرى أن ﴿النية ليست إرادة مجردة وإنما هي إرادة محددة بسبب أو بباعث ومن ثم يتعين تحليل الباعث والبحث عما إذا كان إجتماعـيا أم لا، فالفعل لا يكون معاقب عليه إلا إذا كانت الغاية منه مخالفة النظام الإجتماعي﴾.
ونشير إلى ان المشرع الجزائري قد أخذ بالمذهب التقليدي الذي لا ينظر للباعث(1). كما أن المبدأ المستقر عليه في التشريعات الجزائية الحديثة أن الباعث لا يحسب بين عناصر القصد الجنائي.
و قد يكون القصد الجنائي عاما و قد يكون خاصا .
الفرع الاول: القصــد العــام
إذا كان القصد العام يتمثل في إنصراف إرادة الجاني نحو القيام بفعل وهو يعلم أن القانون ينهي عنه فإن القصد العام في جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية، يكمن في إنصراف إرادة الجاني نحو إهانة المجني عليه مع عمله بصفته(2).
إذن يشترط في جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية علم الجاني بالصفات التي يتطلبها القانون في المجني عليه، فيتعين إثبات أن الجاني يعلم بأن المجني عليه هو رئيس دولة أوعضو بعثة دولية، والعلم يعد جوهري في هذه الحالة بحيث أنه بإنتفائه لدى الجاني ينتفى القصد الجنائي لديه.
وقد قضت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 17 نوفمبر 1981، القسم الأول للغرفة الجنائية الثانية في الطعن رقم 23.005 بأنه ﴿ يمكن إثبات القصد الجنائي في جريمة الإهانة بأمرين إثنين تعمد المتهم لإستعمال الأقوال والإشارات أو العبارات المهينة ومعرفته لصفة الشخص المهان﴾(3).
وإذا كان الفاعل قد قصد إهانة المجني عليه ولكنه لم يكن يعلم بصفته فإن الفعل لا يعتبر إهانة، وإنما يمكن أن يعتبر سب في حق أحد الأفراد(4).



الفرع الثاني: القصـد الخـاص

إذا كان القصد العام ضروريا لقيام كافة الجرائم العمديّة فقد يشترط القانون علاوة على القصد العام قصدا خاصا، ويتمثل القصد الخاص في الغاية التي يقصدها الجاني من إرتكاب الجريمة فضلا عن إرادته الواعية لمخالفة القانون الجزائي(1).
ونشير إلى أن المادة 144 من قانون العقوبات التي تعاقب على إهانة الموظفين أو أحد رجال القوة العـمومية أو القاضي أو قائد أو ضابط عـمومي تستوجب القصد الخاص والمتـمثل في نيّة المساس بالشرف أو بالإحترام الواجب، ولقد نـصت على القصد الخاص صراحة «...وذلك بقصد المساس بشرفهم أو باعتبارهم أو بالإحترام الواجب لسلطتهم». بينما لم تنص المادة 144 مكرر ق.ع التي تعاقب على جريمة اهانة رئيس الجمهورية ولا في المادة 97 من قانون الاعلام رقم90/07 و التي تعاقب على جريمة اهانة رؤساء الدول و لا حتى في المادة 98 من نفس القانون علي القصد الخاص.
ومن هنا نتساءل حول ما إذا كان يشترط بالإضافة إلى القصد العام نية المساس بالشرف والإعتبار والإحترام الواجب في هذه الجرائم ؟

بالنسبة للقانون المصري فإنه لم يتطلب في جريمة الإهانة بصفة عامة سواء كانت موجهة إلى الهيئات النظامية أو إلى رئيس الجمهورية أو ملك أو رئيس دولة أجنبية أو ممثل دولة أجنبية سوى القصد العام، حيث أن القول السيئ إذا ما أطلقه المتهم قد صار بذاته نتيجة لما يلازمه حتما من المساس بالشرف والإعتبار للمجني عليه وهو ما يكفي لتوافر القصد الجنائي دون تطلّـب نيـة خاصـة أو قصـد جنائي خاص، أو ما يطلق عليه نية الإضرار، إذ أن الإضرار واقع بمجرد توجيه العبارة موضوع الإهانة، فإذا ما كانت العبارات تحمل معنى الإهانة بوضوح لا شك فيه، بحيث يكون من المفروض علم الجاني بها وبمدلولها فلا حاجة بعد ذلك إلى إثبات ذلك القصد وهو علم مفترض طالما أن العبارة موضوع الإتهـام شائنة بذاتها(2)، هذا ما استقر عليه القضاء المصري .
أما بالنسبة للمشرع الفرنسي، ومن خلال قراءتنا للمادة 26 من قانون الصحافة الفرنسي والتي تعاقب على إهانة رئيس الجمهورية، والمادة 36 التي تعاقب على إهانة رئيس دولـة أجنبية، والمادة 37 التي تعاقب على إهانة رئيس بعثة دولية، نلاحظ أن هذه النصوص لم تنص على القصـد الخاص، و سنحاول مـعرفـة موقـف القضاء الفرنسي في ما بخص القصـد الخاص في هذه الجرائم عند التـطرق للقصد الجنائي المتعلق بكل جريمة من هذه الجرائم في المبحث الثاني .

ونشير إلى أن الإهانة لا يجوز أن تتعارض مع حرية التعبير المكفولة بنص المادة 41 من الدستور(3) مادامت العبارات المستخدمة لا تتضـمن اهانة لرؤساء الـدول أو رؤساء البعثات الدولية ، وكانت تنحصر بصفة موضوعية في الأعمال التي يقومون بها بمناسبة مزاولتهم لمهامهم.















ولقد قضى في فرنسا بأن النقد التاريخي أو المدعى أو المزعوم بأنه كذلك لا يمكن من التهرب من الأحكام المنصوص عليها في المواد 23، 26 من قانون 29 جويلية 1881(1)

ولذلك يجب ان لا تخرج العبارات المستخدمة عن النقد المباح ، و الذي يقصد به بأنه إبداء الرأي أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته، وهو تعليق على تصرف وقع بالفعل، أما إختراع الوقائع المشينة أو مسخ الوقائع الصحيحة بشيء يجعلها مشينة لا يعتبر نقـدا.

وقد يكون النـقد أدبي أو علمي أو فـني وهنا تكون حرية النـقد واسـعة فلكل إنـسان نقد كـتاب أو مقال، أما النقد التاريخي، فهو حق سرد وقائع وتقرير ما جرى في حياة الأشخاص من تلك التي تهم المجتمع ولكن يجب أن تتقيد بحق الأشخاص في حماية شرفهم وإعتبارهم لذلك .


المبحث الثاني: الأركــان الخاصـــة
تتطلب جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية بالإضافة الى الركن المادي و المعنوي ركـن آخـر و هـو صفة المجني عليه ، و تختـلف هذه الصفة حسب الشــخص المحمي من الاهانة ، كما أن عناصر الركن المادي والمعنوي في هذه الجرائـم تخــتلف من جريمة لاخرى ، لذا فانـنا سنتناول في هذا المبحث الأركان الخاصـة بكل جريمة .
المطلب الأول: الأركـان الخاصـة بجريمة إهانة رئيس الجمهوريـة
تنص المادة 144 مكرر" يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر الى اثني عشر شهرا و بغرامة من 50.000 دج الى 250.000دج او باحدى هاتـين العقوبتين فقط كل من اساء الى رئـيس الجمهورية بعبارات تتضـمن اهانـة او سـبا او قذفا سواء كان ذلك عن طريق الكتابة او الرسم او التصريح او بايـة الية لبـث الصـوت او الصورة او باية وسيلة الكترونية او معلوماتية او اعلامية اخرى .
تباشر النيابة العامة اجراءات المتابعة الجزائية تلقائيا .
في حالة العود تضاعف عقوبات الحبس و الغرامة المنصوص عليها في هذه المادة ".
من خلال نص هذه المادة يمكن استخلاص الاركان الخاصة لجريمة اهانة رئيس الجمهورية .
الفرع الأول: صفـة المجني عليـه
يشترط قانون العقوبات الجزائري في المادة 144 مكرر منه و المذكورة أعلاه(1) أن يكون المجني عليه متمتعا بصفة رئيس الجمهورية وقت ارتكاب الجريمة.
أولا: تحديد المقصود برئيس الجمهورية
إن للدولة شخصية إعتبارية والرئيس هو الشخص الطبيعي الذي يعبر عنها أمام باقي أشخاص القانون الدولي، فهو أسمى ممثل لها.
ويعتبر لقب رئيس الجمهورية خاص بالدول ذات النظام الجمهوري، وبإعتبار أن الدولة الجزائرية جمهورية ديمقراطية شعبية طبقا للمادة الأولى من الدستور، فإن رئيس الجمهورية هو الذي يمثلها، إذ تنص المادة 70 من الدستور: "يجسد رئيس الجمهورية، رئيس الدولة وحدة الأمة، وهو حامي الدستور، ويجسد الدولة داخل البلاد وخارجها له أن يخاطب الأمة مباشرة"(2).
ويتولى رئيس الجمهورية الرئاسة في النظام الجمهوري عن طريق الإنتخاب(3)، والذي هو فرد عادي من أفراد الشعب، ولا يتميز بإنتمائه إلى أسرة أو نسب معيّـن.
وبالرجوع لقانون الاعلام الفرنسي الذي يعاقب على إهانة رئيس الجمهورية بالمادة 26 منه والتي تنص على أنه: "يعاقب على جريمة إهانة رئيس الجمهورية إذا ارتكبت بواسطة وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في المادة 23..."
فنلاحظ ان المشرع الفرنسي قد اشترط تمتع المجني عليه بصـفة رئيس الجمهوريـة، كما أنه قد مدّد الحـماية في الفقرة الثانيـة من الــمادة 26 حتى إلى الشخــص الذي يــمارس كل أو بعض امتيازات رئـيس الجمهوريـة، وقررت نـفس العقوبة المــوقعة على مرتكب إهانة رئيـس الجمـهورية، ويـقصد بالشخص الذي يمارس كل او بعـض امتيازات رئيس الجمـهورية ״رئـيس الحكومـة المؤقتة״ ، كما ان
المـادة 26 من قانون الإعلام الفرنـسي تنطـق كـذلك على رئيس مجــلس الشــــيوخ وذلك عندما
يمارس بالإنابة par l’intérimاعمال رئيس الجمهورية(4).








ويجب أن توجه الإهانة إلى شخص رئيس الجمهورية بالذات، وليس إلى الحكومة القائمة بأعضائها وأعمالـها لأنه ليس عضـوا فيها، كما أن نص المادة 144 مكرر ق ع لا ينصرف تطبيقه إلى ما يسمى شرف أو اعتبار أفراد رئيس الدولة، وإن كان المقصود منها المساس بشخص رئيس الدولة، غير أن رئيس الجمهورية يصبح مجنيا عليه في حالة ما إذا كانت العبارات تمس أيضا بشرفه واعتباره.
أما في مصر فإن قانون العقوبات يعاقب على إهانة رئيس الجمهورية بالمادة 179 وقد كان يعاقب بالمادة 183 قبل إلغائها بالقانون رقم 112 لسنة 1957 كل من أهان أحد أفراد أسرة الملك، وذلك عندما كانت مصر تتبع النظام الملكي. وتم إلغاؤها بعد زوال هذه الصفة من دستور البلاد.
وبالتالي فإن الأحكام الخاصة بالقذف والسب هي الواجبة التطبيق إذا كان المجني عليه أحد أفراد أسرة رئيس الدولة أو رئيس سابق(1).
ثانيا: التمتع بصفة رئيس الجمهورية وقت ارتكاب النشاط المادي
يجب أن يكون المجني عليه ممتعا بصفة رئيس الجمهوريـة وقت إرتكاب النشاط المادي المكون لجريمة الإهانـة.
فلا تقوم الجريمة إذا ارتكب الفعل قبل أن يتولى رئيس الجمهورية هذا المركز كما لو كان مرشحا للإنتخابات ولم يتم انتخابه بعد أو زالت عنه هذه الصفة، فالمراحل السابقة على انتخابه من الشعب سواء أثناء ترشحه للإنتخابات وطوال الفترة السابقة على إبداء الشعب لرأيه في انتخابه لا يكسب الصفة.
وتعتبر صفة رئيس الجمهورية قائمة في حقه حتى تنتهي مدة الرئاسة طبقا للدستور وتزول عنه مهامهـا(2).
وتجريم الإهانـة المرتكبة في حق رئيس الجمهوريـة تجد مبررهـا في أنه لا يجوز التعرض بأي طريقـة للمواطن الأول الذي هو فوق الشبهات، وتدوم هذه الحصانة طيلة وجود رئيس الدولة في الرئاسة وتسقط عنه حال إنتهاء مدة ولايته إذ يصبح كمواطن عادي، ولكن لا يجوز التعرض له لياقة(3).
ولقـد اعتبر القضاء الفرنــسي أن الإهانة المرتكبة بعد إنتهاء الوظيفة لا تطـــبق أبدا عليها هذه الأحكـام(4). كذلك فان الغرفة الجنائية لمحكمة النـقض رفضـت تطبـيق أحـكام الاهانة لرئــيس الدولة على نقد اعمال " نابلـيون الثالث NAPOLEON Ш " بعد انتهاء مهامه رغم ان تلك الأعمال قام بها اثناء حكمه .
غير انه و في حكم اخر بتاريخ 24/04/1823 تم معاقـبة مرتكبي جريمة الاهانـة الموجهة لـ " ديوق دو بيريDUC DE BERRY " رغم انه كان متوفى.
ونشير الي أن المادة 118 من قانون 82/01 المؤرخ في 06 /02 /1982 المتعلق بالاعلام كانت تعاقب على اهانة رئيس الجمهورية و قد تم الغاء هذا القانون فاصبح رئيس الجمهورية محمي من الاهانة بموجب المادة 97 من قانون 90/07 التي تعاقب على اهانة رؤساء الدول بصفة عامة، كما أن المادة 144 من قانون العقوبات تشمل رئيس الجمهورية بالحماية من الاهانة بصفته قاضيا كما استقر على ذلك القضاء الفرنسي اذ قضى في فرنسا بان مفهوم القاضي من النظام الإداري يشمل رئيس الجمهورية(5).
وقد استحدثت المادة 144 في قانون العقوبات و التي تعاقب على اهانة رئيس الجمهورية و ذلك بصفة واضحة و مبـاشرة و رغم هذا الا ان المشرع الجزائري ابقى على الــمادة 97 من قانون الاعلام كما هي و باعتبار ان نص المادة 144 مكرر من قانون العقوبات هو النص الاحدث ، و بالتالي فهو النص الواجب التطبيق .














الفرع الثاني: الركــن المــادي
نظرا لأننا تطرقنا في المبحث الأول إلى مفهوم الإهانة فإننا نتطرق مباشرة في هذا الفرع إلى الوسائل التي ترتكب بها إهانة رئيس الجمهورية ثم المناسبـة.

أولا: الوسائـــل
إذا كان القانون لم يعرّف الإهانة كما سبق وان ذكرنا إلا أنه بين الوسائل التي ترتكب بها، فبالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية فقد بيّنت المادة 144 مكرر ق.ع الوسائل التي ترتكب بها الإهانة، إلا أن هناك بعض الوسائل لم تنص عليها المادة 144 مكرر ق .ع والتي قد ترتكب بها هذه الجريمة.

1-الوسائل المنصوص عليها بالمادة 144 مكرر ق.ع:
أ-الكتابـــة:
الإهانة يمكن أن ترتكب بكل ما دون بلغة مفهومة أيا كانت لغته، أو الأداة التي صبّ فيها أو الطريقة التي تمّت بهـا الكتابـة ما دامت تـؤدي إلى معنى معيّن(1)، ولا يهـم شكل المكتوب سواء بخط اليـد أو مطبوعا بأية وسيلة من وسائل الطبع كالكتب أو مثلا كالنشريات التي نصت عليها المادة 144 مكرر1 ق.ع :
"عندما ترتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 144 مكرر بواسطة نشرية يومية أو أسبوعية أو شهرية".
ولقد عرفت المادة 15 من قانون 90/07 المتعلق الإعلام النشرية بأنها كل الصحف والمجلات بكل أنواعها والتي تصدر في فترات منتظــمة وقد تكون النـشرية الـدورية تصـدر يوميا بصورة مستمرة، أو تصدر مرّة في الأسبوع أو في مدة أطول شهر أو أكثر، وسواء كانت النشرية الدورية هي صحف إخبارية عامة وهي التي تشكل مصدرا للإعلام حول الأحداث الوطنية او الدولية والموجهة للجمهور(2) أو دوريات متخصصة وهي النشريات التي تتعلق بموضوعات خاصة في ميادين معينة(3).
ب-الرســـم:
يندرج تحت باب الرسم الرسوم والصور الشمسية، لقـد قضـى في فرنسا بأنه قد ترتكب الإهانة في حق رئيس الجمهورية بواسطة الرسم وكذا بواسطة تصوير شمسي(4)، وبصفة عامة كل ما تنتجه فنون الرسم والتصوير والكاريكاتير، فالكاريكاتير في الرسم طريقة مألوفة من طرق التعبير تعتمد على الدعاية والمبالغة والتشويق واجتذاب النظر، ففي الكاريكاتير تحل الرسوم محل الألفاظ والعبارات في الدلالة على المعنى الذي يقصده الفنان.
ولكل رسم كاريكاتوري معنيان أحدهما قريب ظاهر وهو المعنى الذي يستفاد مباشرة من الرسم والآخر بعيد وهو الذي يقصده الرسام ويريد نقله إلى أذهان ونفسية الآخرين، فرسام يحاسب على هذا المعنى البعيد إذا كان هذا المعنى يشكل إهانة ولكن قد يحاسب على المعنى القريب إذا خرج فيه عن الحدود المعقولة للدعاية كأن تكون الصورة التي استخدمها شائنة في ذاتها بقصد التحقير.













هناك من يرى أن الأداء الكاريكاتوري في حق الأشخاص الذين يعاقب القانون على مجرد الإهانة في حقهم كرؤساء الدول، لأن الكاريكاتير في ذاته فيه قلة التوقير والتي تكفي لتحقيق جريمة الإهانة.
إلا أن هناك من يرى أن الكاريكاتير ليس فيه قلة توقير فهو نوع من أنواع الفنون وطريقة من طرق التعبير، شأنه شأن الكتابة إذ ليس من المعقول أن يباح النقد بالكتابة ويحرم بالكاريكاتير.
وبالتالي يمكن للكاريكاتير أن يتناول شخصية رئيس الدولة أو رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها بشرط ألا يكون المعنى البعيد للرسم معاقبا عليه، فلا جريمة مثلا إذا رسم شخص رئيس الجمهورية في صورة إنسان مفتول العضلات وقد شمّر على ساعديه ويواجه حيوان شرس مكتوب عليه مثلا "مشكلة التضخم" فهذا لا يعتبر قلة احترام لرئيس الجمهورية لمجرد انه رسم بالكاريكاتير أو كان موضوعا أساسيا للصورة الكاريكاتورية، بل يفهم من هذه الصورة مدح وتعظيم لقوة رئيس الجمهورية وموقفه الحاسم لمواجهة مشكلة التضخّم وتصدّيه لهـا(1).

جـ -الـــكلام:
و تعتبر هذه الوسيلة من الظواهر التعبيرية الخارجية التي تتحقق بها الاهانة ، غير أن المشرع استعمل مصطلح "التصريح" في المادة 144 مكرر من قانون العقوبات و التي يقابلها في النص الفرنسي "déclaration" و لكن من الأحسن استعمال لفظ الكلام "parole"(2) لأن المقصود بالتصريح تبيين أو اظهار أو ابداء الشخص ما في نفسه ، أما الكلام فهو القول أو الأصوات المفيدة ، و قد يكون جملة تامة أو لفظ واحد أيا كانت صورته كالخطاب أو الحديت أو الغناء أو الصياح بعبارات لغوية مفهومة(3).
ويكون الكلام بكل إخراج للصوت يمكن أن يطرق السمع ويجوز أن تكون الإهانة بالصفير، ولكن بالعكس من ذلك لا يعدّ إهانة بالكلام ما لا يحدث مباشرة من صوت الإنسان كالضجيج الناتج عن آلات مقرقعة(4)، ويعتبر من قبيل الكلام تقليد لصوت الحيوان أو التشويش(5) .

د-مختلف آليات بث الصورة والصوت:
ويعتبر كذلك التلفزيون الذي قد ترتكب الإهانة عن طريقه باعتباره آلية لبث الصوت والصورة في نفس الوقت، فمثلا قد يعرض فيلم يتضمن إهانة إلى رئيس الجمهورية.
و قد ترتكب الإهانة كاميرا الفيديو أو بمسجل الفيديو عن طريق تسجيل شريط فيديو يتضمن إهانة لرئيس الجمهورية.
كما أن السينما التي تجمع بين الصوت والصورة والتي تعتبر صورتها موحية، قد ترتكب بها الإهانة بعرض فيلم سينمائي.
وحاليا بظهور الهواتف النقالة والتي تعتبر آلية لبث الصوت فقط، وأحيانا لبث الصوت والصورة المتوفرة في الهواتف النقالة المتطورة فإنها تعتبر وسيلة من الوسائل التي قد ترتكب بها إهانة رئيس الجمهورية.














هـ-وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى:
ذكرت المادة 144 مكرر من ق.ع المستحدثة بقانون 01/09 هذه الوسائل، ونلاحظ أن النص أشار لأول مرة إلى الوسائل الإلكترونية والمعلوماتية كالحاسوب والأنترنت.

• الحـاسـوب: هو جهاز إلكتروني أي وسيلة إلكترونية يستطيع أن يقوم بأداء العمليات المنطقية طبقا للتعليمات المعطاة له بسرعة كبيرة تصل إلى عشرات الملايين من العمليات الحسابية في الثانية الواحدة وبسرعة عالية الدقة، يطلق على الحاسوب لفظ " الكمبيوتر " وهو لفظ إنجليزي ويطلق عليه أيضا لفظ" الحاسب الآلي" ومصطلح" الحاسوب " هو المصطلح الذي إعتمدته المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس(1).
والحاسوب عبارة عن مجموعة من الكيانات التي تسمح بدخول المعلومات، ومعالجتها وتخزينها وإسترجاعها عند الطلب وهي تتكون من كيانين مادي ومعنوي، يضم الكيان المادي الأجهزة المادية المختلفة وهي جهاز الإدخال وجهاز الإخراج ووحدات التشغيل المركزية التي يتم من خلالها معالجة المعلومات وتخزينها وإخراجها.
أما الكيان المعنوي فيشمل البرامج المختلفة التي يتحقق من خلالها قيام الحاسب بوظائفه المختلفة بالإضافة إلى المعلومات المطلـوب معالجتها بالفعل، ومن بين البرامج التي تكون عـادة مثبتـة على دعامة أو حامل مثل الأقراص، أو الشرائط الممغنطة من البلاستيك (2).
وقد يستعمل الجاني الحاسوب لإرتكاب جريمة إهانة رئيس الجمهورية فهنا الجريمة لا تقع على جهاز الكومبيوتر ذاته أو ما يحتويه من معلومات وبرامج، ولكن تقع بإستخدام الكومبيوتر كأداة لتنفيذ الجريمة.
• الأنتـرنـت: يعتبر فضاء واسع للاتصال، وتعرف بأنها توصيلات تعاونية لعدد من شبكات الحاسبـات الآليـة، وهي مكونـة من كلمتيـن هـما INTER CONNECTION وكلمة NETWORK، وهذا يعني أن مئات الشبكات المربوطة مع بعضها البعض مكونة من حواسيب آلية مختلفة وكذلك تكنولوجيا مختلفة تم توصيلها ببعضها البعض بطريقة تبدوا كأنها قطعة واحدة أو نظام واحد(3).
وتتنوع صور الإهانة بتنوع الغرض من إستخدام الأنترنت والطريقة التي يستخدم بها فقد تكون الإهانة عن طريق الكتابة أو المطبوعات، وجميع هذه الصور ترتكب عبر الأنترنت من خلال المبادلات الإلكترونية الكتابية أو الصوتية أو الفيديوية، وهي إما أن تكون بين طرفيات الانترنت متصلة الحواسيب بمعنى أن كل جهاز حاسب آلي متصل بشبكة الأنترنت بواسطة موديم عبر خطوط الهاتف يشكل طرفية متصلة بشبكة الأنترنت يؤدى إلى نقل المعلومات إلكترونيا من حاسوب إلى حاسوب آخر.
والبريد الإلـكتروني هو أكثر استخدامـات الانترنت والذي من خلاله يستطيع الجاني أن يمس بـشرف و إعتبار رئيس الجمهورية.
وبما أن الكتابة تشكل الإستخدام الأكبر للأنترنت فإن الإهانة الخطية تشكل الصورة الغالبة لمثل هذا النوع من الجرائم، والتي تقع بما ينشر بين الناس ويذاع عن طريق البريد الإلكتروني من خلال إرسال الرسالة المتضمنة المادة التي تشكل الإهانة إلى أكثر من شخص بقصد إهانة المجني عليه، وذلك سوى في مكان عام كمقاهي الأنترنت أو من مكان خاص وقد تقع الإهانة عن طريق رسوم أو صور مثيرة للسخرية أو بواسطة المطبوعات، فالجرائد والصحف اليومية أصبحت تأخذ مكانتها على شبكة الأنترنت من خلال مواقعها على صفحات الويب العالمية.












وقد يتم تنظيم حتى صحيفة شخصية تشمل صفحاتها عبارات تتضمن إهانة لرئيس الجمهورية ويتم نشر موقع هذه الصحيفة عبر البريد الإلكتروني.

وقد تكون المراسلات الالكترونية عبر طرفية أنترنت منفصلة، والتي تمثل كل تقنية علمية حديثة غير الحاسوب تسمح بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالتبادل الإلكتروني للبيانات فيمكن إجراء المبادلات الإلكترونية من خلال الهواتف النقالة كإرسال بيانات أو رسائل منها تتضمن إهانة لرئيس الجمهورية(1).

بعدما تطرقنا للوسائل المنصوص عليها في المادة 144 مكرر ق.ع فإننا نتساءل حول ما إذا كانت هذه الوسائل قد وردت على سبيل الحصر أو المثـال؟
من خلال قراءتنا للنص فإنه يظهر لنا أن هذه الوسائل قد وردت على سبيل الحصر، ودليل ذلك ما ورد في نص المادة "...سـواء كان ذـلك عـن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو بأية آلية لبث الصوت أو الصورة أو بأية وسيلة إلكترونية أو معلوماتية او إعلامية أخرى"،فلم يذكر المشرع عبارة أي وسيلة اخرى ولكن حسب وجهة نظرنا أن المشرع بذكره أية وسيلة إعلامية أخرى فإنه فسح المجال وواكب التطوّر إذ قد تظهر وسائل إعلامية جديدة قد ترتكب بها الجريمة.
ويبقى لنا أن نتساءل إذا أقدم شخص على إهانة رئيس الجمهورية دون استعمال الوسائل المذكورة سابقا وذلك مثلا بالإشارة أو إرسال شيء أو تسليم شيء، وهي الوسائل المذكورة في المادة 144 ق ع، فهل نطبّق هذه المادة رغم أن الإهانة الموجهة لرئيس الجمهورية معاقب عليها بالمادة 144 مكرر ق.ع ؟
2-الوسائل المنصوص عليها في المادة 144 ق.ع:
أ-الإشــارة :
قضى القضاء الفرنسي بأن "الإهانة بواسطة الإشارة لا تطبق عليها الأحكام المتعلقة بجريمة إهانة رئيس الجمهورية ولكن يمكن أن تشكل جنحة الإهانة" (2).
ولقد اتفق العلماء الجزائيّون على أن هذا التعبير يطلق إلى جانب ما يصدر عن الفم أو اللسان على كل ما يمكن حصوله باليد أو بالأصابع أو أي عضو آخر، ولو تحرك جسدي، لكن بشرط أن تكون هذه الوسيلة ترجمة لما يكنّه الجاني لشخص المجني عليه من احتقار وازدراء واستخفاف، وما لا ينسجم مع المقام(3).
إذن فان الإهانـة بالإشارة تتحقق بكل إشارة مهينة أي بكل حركة للجسم أو وضع يدل دلالة واضحة على الإحتقـار، أو الإزدراء بالشخص الموجهة إليه، مثل رفع الصوت او بقهقهة، حركات الرأس أو الكتـف أو اللسان أو الحواجب ، وقد تكون باليد أو الغمز، أو بالذراع.
ب-إرسال أو تسليم شيء:
كـمن يرسـل طـردا به كفنـا أوقـذورات، او يرسـل ظـرفا فـيه صـور بذيئــة (4).
أما بالنسبة للمشرع المصري رغم أنه يعاقب على جريمة إهانة رئيس الجمهورية بالمادة 179 إلا أنــه نصّ على الوسائل التي ترتكب بها جريمة إهانـة رئيـس الجمهورية في المادة 171 والمتمـثلة في القـول











أو الصياح أو الكتابة او رسوم أو صور شمسية أو رموز أو أي طريقة من طرق التمثيل، واشترط فيها العلانيّـة.
وبالرجوع للقانون الفرنسي نجد ان المادة 26 والتي تعاقب على إهانة رئيس الجمهورية أحالت المادة 23 لتحديد الوسائل المرتكبة بها الجريمة، والمتمثلة في الحديث و الصياح او التهديد او الكتابات او المطبوعات او الرسوم ولوحات او الشعارات بيعت او وزعت او عرضت للبيع او بلوحات او ملصقات معروضــة وسنحاول عرض ما قضى به القضاء الفرنسي في هذا المجال.

فلقد اعتـبر القضاء الفرنســي أن الإهانـة قد ترتكب بالخــطاب أو الصراخ المتفوّه به في الأماكن أو الاجتماعات العامة، أو بواسطة كتابات أو مطبوعات بيعت أو وزّعت أو عرضت للبيع أو معروضة في أماكن واجتماعات عمومية ملصقة أو معروضة لنظر العامة، أو بعرض وتوزيع صـور أو رسوم أو رموز أو شعارات، فالمشرع الفرنسي لا يكتفي بوسائل معينة ترتكب بها الجريمة و انما يشترط فيها ان تكون قد ارتكبت في علانية .
ولقد قضى في فرنسا بأن العلنية قد تنتج خصوصا عن أقوال تتضمّن إهانة نطق بها بصوت عالي في قاعة شاي، وتعتبر كذلك الأقوال المهينة الموجهة لرئيس الجمهورية مباشرة عند مروره(1)، مع الإشارة أنه في هذه الحالة فإن المادة 26 من قانون الصحافة الفرنسي لا تطبق لأن الإهانة في هذه الحالة لم ترتكب بوسيلة إعلامية، إنما تطبق المادة 222 من قانون العقوبات الفرنسي التي تعاقب على الإهانة، وعليه فإننا بالنسبة للقانون الجزائري وحسب رأي الدكتور أحسن بوسقيعة، فإنه إذا ارتكبت إهانة رئيس الجمهورية بالإشارة او تسليم شيء فإننا نطبق المـادة 144 ق.ع (2).

ثانيا: المناسبـــة

تعتبر الإهانة موجهة إلى رئيس الجمهورية أثناء تأدية وظيفته في أي مكان يقوم فيه بعمل من أعماله فقد يقوم رئيس الجمهورية بزيارة مدينة ما ويلقي خطابا، ذلك لأن إهانة رئيس الجمهورية لا تستدعي وجوده في المكان المخصص أصلا لإدارة عملـه.

ونشير إلى أنه إذا كانت المادة 144 من قانون العقوبات التي تعاقب على إهانة قاضي أو موظف أو ضابط عمومي أو قائد او أحد رجال القوة العمومية، قد نصت صراحة على أن الإهانة يجب أن تكون أثناء تأدية وظائفهم أو بمناسبة تأديتها، إلا أن المادة 144 مكرر المستحدثة بموجب قانون 01/09 التي تعاقب على إهانة رئيس الجمهورية لم تنص على أنه يجب أن ترتكب الإهانة أثناء تأدية الرئيس لوظائفه أو بمناسبة تأديتها و أن عدم النص عليها يرجع إلى اعتبار ان رئيس الجمهورية يؤدي مهامه على الدوام كما سبق و ان رأينا.

كما أنه بالرجوع إلى قانون العقوبات المصري والذي يعاقب على جريمة إهانة رئيس الجمهورية بالمادة 179 منه لم تشترط أن ترتكب الإهانة أثناء تأدية الوظيفة أو بمناسبتهـا، وكذلك الحال بالنسبة للمادة 26 من قانون 29/07/1881 من قانون الاعلام الفرنسي والتي لم تنص على شرط المناسبة، ولذا فقد قضى القضاء الفرنسي بأن نص المادة 26 لم تضع أي تفرقة بين الإهانة الموجهة بمناسبة وظائفه أو تلك التي تمس حياته الخاصة(3).













الفـرع الثــالث: القـصد الجنـائي
يجب توفر القصد العام في جريمة اهانة رئيس الجمهورية المتمثل في انصراف إرادة الجاني نحو إهانة المجني عليه –رئيس الجمهورية- مع علمه بصفته، وإذا كان الجاني لا يعلم بصفة المجني عليه فانه في هذه الحالة ينتفي القصد الجنائي لديه.

وبالنسبة للمشرع المصري فانه يتطلب لقيام جريمة اهانة رئيس الجمهورية توافر القصد الجنائي العام فلقد استقر القضاء المصري على ان القصد الجنائي العام وحده كافي لقيام الجريمة دون القصد الجنائي الخاص.

أما بالنسبة للمشرع الفرنسي و الذي لم ينص صراحة على القصد الخاص ولكن من خلال الاطلاع على ما قضى به القضاء الفرنسي فإننا نستشف أنه يشترط بالإضافة إلى القصد العام القصد الخاص، فلقد اعتبر أن الأفعال المرتكبة بواسطة وسيلة من الوسائل المذكورة في المادة 23 من قانون 29 جويلية1881 والتي تتضمن تعابير مهنية، أو تتضمن الكراهية وكل الاتهامات التي بطبيعتها تمس برئيس الجمهورية في شرفه أو كرامته فان نية الاهانة تعتبر قائمة(1)، أي يشترط في التعابير المهينة المساس بالشرف او الاعتبار و هو ما يشكل القصد الجنائي الخاص .

أما بالنسبة للمشرع الجزائري فإن المادة 144 مكرر من قانون العقوبات لم تنص صراحة على القصد الخاص فيمكن تفسير ذلك كون ان الاهانة تعتبر قائمة في حق رئيس الجمهورية ولو لم تكن التعابير المهينة تمس بكرامة وشرف رئيس الجمهورية ولكن اذا اعتبرنا ان القصد العام وحده كافي لقيام الجريمة فان ذلك يؤدي بنا الى التضيق من حرية التعبير والتوسيع من دائرة الاعمال المجرمة وبالتالي فانه حسب وجهة نظرنا أننا يمكن ان نطبق ما استقر عليه القضاء الفرنسي في الجزائر خاصة وان الدستور ينص على حرية التعبير .

ولقد قضى القضاء الفرنسي بأنه إذا كانت حرية التعبير في المسائل السياسية لرئيس الجمهورية منصوص عليها في دستور 04 أكتوبر 1958 فان ممارستها تتوقف حيث تبدأ الاهانة الموجهة بمناسبة الأعمال السياسية التي تلحق بأهميتها ضررا للشخص.

و يرى الدكتور سعد سند بان اهانة رئيس الجمهورية تختلف تماما عن حق النقد الـمباح لرئيس الدولة أو نقد أعمال الحكومة حيث أن ذلك عمل مشروع بل هو واجب أما المعاقب عليه في هذا النص هو التطاول الذي في غير محله، وقد قضت محكمة المنشية الجزئية بأن " التطاول المعاقب عليه هو كل ما من شأنه أن يمس كرامته بحيث يضف احترام الناس له ويقلل من هيبته ونفوذه الأدبي لدى الشعب وللقاضي في ذلك سلطة تقديرية بحيث يختلف التقدير بالنسبة للأمر الواحد حسب الظروف والأحوال"(2).


















كما أن الدفع بصحة الواقعة، أو الدفع بالحقيقة غير مقبول للإعفاء من جريمة إهانة رئيس الجمهورية خلافا لما هو وارد في القذف.

فلقد قضى في فرنسا بان المادة 26 من قانون 29 جويلية 1881 تنص وتعاقب على الاهانة الموجهة لرئيس الجمهورية كجنحة متميزة ومستقلة عن جنح القذف والسب حتى ولو كانت الإهانة نتيجة ادعاء أو إتمام بفعل طبيعته يمس أو يخدش الشـرف والاعتبـار، فان المادة 35 من نفس القانون – صحة الواقعة- لا تطبق(1).

فصحة الوقائع لا تمحي الجنحة ولا تعد عذر للفاعل ولا أثر لحسن النية على المسؤولية عن اهانة رئيس الجمهورية(2)، فلقد قضى في مصر على أنه متى توافرت الجريمة بأركانها، كان توقيع العقاب أمرا لامناص منه فلا يجد المتهم في دفع ما نسب إليه أن يتمسك بحسن نيته أو شرف غايته وأهمية ما سعى إليه في تحقيق الصالح العام(3).

و حسب وجهة نظرنا انه مادام المشرع الجزائري لا يعتبر الباعث عنصر من عناصر القصد الجنائي فانه لا يأخذ بالباعث او الغاية من وراء الاهانة سواء كانت للمصلحة العامة او غيرها فلا يجوز التمسك بحسن النية .



المطلب الثاني: الأركان الخاصة لجريمة اهانة رئيس دولة أجنبية.
تنص المادة 97 من قانون الإعلام(1) الجزائري على مايلي " يعاقب بالحبس من شهر الى سنة و بغرامة مالية تتراوح ما بين 3000 دج و 30.000 دج او باحدى هاتين العقوبتين فقط كل من تعمد باية وسيلة من وسائل الاعلام اهانة رؤساء الدول الذين يمارسون مهامهم مع مراعاة احكام المادة 3 اعلاه "
من خلال نص المادة يمكن استخلاص الاركان الخاصة لجريمة اهانة رئيس الدولة الاجنبية .
الفرع الأول: صفة المجني عليه.
تشترط المادة 97 من قانون الاعلام المذكورة اعلاه على أن يكون المجني عليه متمتعا بصفة رئيس دولة أجنبية وقت ارتكاب الجريمة.
أولا: تحديد المقصود برئيس دولة أجنبية:
رئيس الدولة هو الذي يعبر عن إرادة الدولة أمام المجتمع الدولي، وبالتالي يدير العلاقات الخارجية لدولته مع الدول الأخرى، ويمثل دولته أمام الحكومات والدول الأخرى ويراقب حقوق ومصالح دولته(2).
ونشير إلى أن لرؤساء الدول ألقاب تختلف من دولة إلى أخرى وتختلف كذلك حسب نظام الحكم المتبع ويقصد بالألقاب العبارات التي ينادى بها رؤساء الدول بعضهم بعضا ويخاطبون بها داخليا وخارجيا في المقابلات والمراسلات الرسمية على سبل التكريم والمجاملة، وكأمثلة على ذلك نجد من ألقاب الرؤساء في الأنظمة الملكية المعاصرة لقب "ملك"، ويسمى أيضا "عاهل" كرؤساء دول انجـلترا وهولندا والأردن والمغرب، وكذا لقب "امبراطور" وهو لقب انحصر في أضيق الحدود بل ربما لم يعد يطلق على أي رئيس دولة سوى على رئيس دولة اليابان، لقب"سلطان" كما هو الحال في عمان، لقب "أمير" مثل دولة الكويت.
أما لقب "رئيس الجمهورية" أكثر ألقاب رؤساء الدول شيوعا في الغالبية العظمى من الدول ذات النظام الجمهوري (3).
ونلاحظ أن المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري ؤقم 90/ 07 قد أشارت بصفة عامة "لرؤساء الدول" خلافا للمادة 181 قانون العقوبات المصري والتي تعاقب علىجريمة العيب في ق رئيس دولة أجنبية أو ملك، والتي تضمنت وصف "ملك أو رئيس دولة أجنبية" فالمادة 97 من قانون 90/ 07 لم تنـص على وصـف ملك ،ولكن حسب وجهة نظرنا أن وصف رئيس دولة يشمل كل رؤساء الدول مهما كانـت ألقابهـم.
و لا يمتد تطبيق نص المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري إلى ما يمس شرف أو اعتبار أفراد أسرة رئيس الدولة الأجنبية.
كما ان اهانة رئيس الحكومة الاجنبية لاتقع تحت طائلة المادة 97 من قانون الاعلام ، كون ان هذه المادة نصت صراحةعلى حماية رئيس دولة اجنبية ،مع الاشارة الى ان المادة 122من قانون 82/01 الملغى بموجب المادة 105من قانون 90/07 كانت تنص على حماية اعضاء الحكومات الاجنبية من الاهانة ، خلافا

















للمشرّع الفرنسي والذي يمد الحماية لرؤساء الحكومة ووزراء الخارجية للدول الأجنبية من الإهانة بنص المادة 37 من قانون الإعلام الفرنسي.

ثانيا-التمتع بصفة رئيس دولة اجنبية وقت ارتكاب النشاط المادي

نلاحظ أن المادة 97 تحمي رؤساء الدول الأجانب الذين يمارسون مهامهم، أما رؤساء الدول السابقون لا يتمتعون بهذه الحماية إلا بمقتضى الأحكام الخاصة بجرائم القذف والسب، كون أن نص المادة 97 جاء صريحا إذا عاقب كل من يهين رؤساء الدول الذين يمارسون مهامهم، خلافا للمادة 144 مكرر من قانون العقوبات والتي لم تحدد بان الاهانة يجب أن توجه إلى رئيس الجمهورية الذي يمارس مهامه.
غير أنه بالرجوع للقانون المصري الذي يعاقب على جريمة العيب في حق الملك أو رئيس دولة أجنبية بالمادة 181 من قانون العقوبات نجد أن هناك من يرى ومن بينهم الدكتور عبد الحميد الشواربي أن العيب معاقب عليه ولو كان منصبّا على أمور غير متعلقة بصفته كرئيس للدولة، ولو كانت هذه الأمور قد وقعت قبل ولايته للرئاسة(1).
ونشير في الاخير انه يفترض أن تكون الدولة معترفا بها في الجزائر فمسألة الاعتراف بالدولة مسألة مهمة لأن الرئيس هو الممثل الأصيل للدولة في مواجهة الدول الأخرى لذا يجب أن يكون شخصه معلوما وصفته الرسمية ثابتة لدى هذه الدول حتى يكون محميا من الإهانة إذن فعلى الدولة أن تقوم بإبلاغ الدول الأخرى رسميا باسم الشخص الذي يتولى رئاستها وألقابه، ورغم أن الاتصالات العالمية فورية لا توجد صعوبة في معرفة الرئيس الجديد لكن الأخطار يبقى هو الوسيلة الرسمية المعتبرة بين الدول والذي يتضمن عاده وعدا باستمرار العلاقات الودية بين الطرفين على ما كان جاري من قبل(2)، فلا يحق للدولة التي يصلها إخطار باسم الرئيس الجديد مثلا، وتقع في حقه جريمة اهانة أن ترفض الاعتراف به.







الفرع الثاني: الركن المادي

نتنــاول في هذا الفــرع الوسائـل التي ترتكـب بهـا جريمـة اهانـة رئيـس دولـة أجنبيـة، ثم المناسبـة.
أولا: الوسائــل:
نصت المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري على أنه "يعاقب... كل من يتعمد بأية وسيلة من وسائل الإعلام اهانة رؤساء الدول الذين يمارسون مهامهم مع مراعاة احكام المادة 3 اعلاه".
من خلال قراءتنا لنص هذه المادة نجد أن المشرع الجزائري ذكر لنا الوسائل التي ترتكب بها جريمة اهانة رؤساء الدول الأجنبية، والمتمثلة في الوسائل الإعلامية. وبالرجوع لنص المادة 04 من قانون الإعلام نجدها تنص على أنه يمارس الحق في الإعـلام خصوصـا مـن خـلال أي سند اتصال كتابي أو إذاعـي صوتـي أو تلفزيوني، وبالتالي فان هذه المادة بينت لنا وسائل الإعلام بأنها قد تكون مكتوبة، أو مسموعة أو مرئية والتي قد تكون أداة لارتكاب جريمة.

غير أنه لوسائل الإعلام مفهوم واسع بحيث تتناول كامل أشكال التعبير عن الفكر كالمطبوعات والكتب والمنشورات والراديو والتلفزيون بالإضافة إلى المسرح والسينما.

1- التلفزيون (الإذاعة المرئية):

يعتبر التلفزيون وسيلة إعلامية والتي تحتل في وقتنا الحالي مكانة بارزة، فهو الآن منتشر في كل أنحاء العالم حيث يعم البيوت ومساكن البشر، ويؤثر في أوساط الجماهير.
وعن طريق هذه الوسيلة يمكن عرض خبر، أو فيلم قد يتضمن اهانة لأحد رؤساء الدول الأجنبية.
كما حدث في فرنسا، إذا أتيح للمحاكم الجزائية الفرنسية معاقبة أشخاص أنتجوا فيلما يحمل عنوان "المهرجون Les comédiens" أعتبر مهينا للدكتاتور دوفاليه Duvalier رئيس هايتي(1).

2- الإذاعـة المسموعـة:

قد ترتكب جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية عن طريق الإذاعة، والتي تنقل لنا الصوت دون الصورة مثلا بث برنامج إذاعي يتضمن اهانة لرئيس دولة أجنبية ما.

3- الصحافة المكتوبــة:

ا ن الجرائم التي ترتكب عن طريق الصحافة لا تزداد أهميتها إلا في مجتمع مثقف، وفي الدول النامية حيث تزداد نسبة الأميين لا تلعب الصحافة الدور الخطير الذي يلعبه جهاز الإذاعة المسموعة، أو جهاز الإذاعة المـــرئية التلفزيون.ومع ذلك قد ترتكب جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية عن طريق الصــحف أو المجلات.












وفي فرنسا عرضت إحدى الصحف الكبرى مقال تحت عنوان " المصدر العالمي للحشيش" وتحت عنوان فرعي: "تقرير سري يقحم حاشية ... (اسم رئيس دولة أجنبية)"، أعتبر مهينا لرئيس دولة أجنبية فصدر حكم قضى بإدانة المتهمين بجريمة إهانة رئيس دولة أجنبية(1).

بالإضافة إلى أنه قد ترتكب الجريمة عن طريق الكتب ولقد حدث أن عاقبت إحدى المحاكم الجزائية الفرنسية أشخاص نشروا مؤلفات اعتبرت مهينة للجنرال موبوتو رئيس دولة الزائير آنذاك(2).

كما قد ترتكب الجريمة عن طريق المسرح، أو السينما ، كان يعرض في قاعات السينما فيلم سينمائي قد يكون الغرض منه اهانة رئيس دولة أجنبية.

ونلاحظ أن المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري قد حصرت الوسائل التي ترتكب بها جريمة اهانة رؤساء الدول الأجنبية في "وسائل الإعلام".

ولكن قد يكون الرؤساء أثناء زياراتهم للخارج عرضة للشـتائم والمظاهرات الصاخبة والرمي بالحجارة أو غيرها مع العلم أن هذه المظاهر المهينة قد كثرت في عصرنا الحالي، فـقد حدث أن حكمت محكمة برن – سويسرا- على اثنين من مواطنيها بسبب إلقائها بعض المواد على سيارة جونسون رئيس الولايات المتحدة وبالرجوع للتشريع الفرنسي نجد أنه لم يحدد الوسائل كما فعل المشرع الجزائري الذي حصرها في وسائل الإعلام، إذ أن المادة 36 من قانون 29 يوليو1881 المتعلق بالاعلام ذكرت فقط بان الإهانة المرتكبة يجب أن تكون علنا،وبالتالي فقد ترتكب بالكتابة أو الرسم أو بإشارات غير محترمة أو بتحية هازئة.(3)

أما بالنسبة للتشريع المصري والذي نص على جريمة العيب في حق الملك أو رئيس دولة أجنبية في قانون العقوبات في المادة 181، وأحال للمادة 171 التي حددت الوسائل بالكتابة، أو الرسوم، أو الصور الشمسية، أو رموز.
وحسب وجهة نظرنا أنه كان على المشرع الجزائري أن ينص على هذه الجريمة فـي قانـون العقوبات، ولا يحصر الوسائل المرتكبة بها الجريمة في الوسائل الإعلامية.
ثانيــا:المناسبــة:
بقراءتنا لنص المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري نجد أنها أشارت إلى أن الإهانة الموجهة لرؤساء الدول تكون أثناء تأديتهم لمهامهم.فقد يفهم من هذه العبارة انه إذا كان رئيس الدولة الأجنبية لا يؤدي مهامه فان نص المادة 97 لا يطبق.
أما بالنسبة للتشريع المصري والذي يعاقب بالمادة 181 من قانون العقوبات على جريمة العيب في حق الملك أو رئيس دولة أجنبية فلم ينص على شرط المناسبة، كذلك الحال بالنسبة للتشريع الفرنسي فان المادة 36 من قانون 29 يوليو سنة 1881 المتعلق الاعلام لم تنص على هذا الشرط.
وبالرجوع للقضاء الفرنسي نجد أنه قضى أن الإهانة يمكن أن توجه لرئيس دولة أجنبية دون أن نعرف إذا كانت الإهانة بمناسبة أدائـه لوظيفته، أو حياته الخاصة، أو كانـت الإهانـة المنسوبة نتيجة للأعمال السابقة أو اللاحقة لأدائه لعمله(4).









الفرع الثالث : القصد الجنائي
رغم أن المشرع الجزائري لم يعرف القصد الجنائي، لكنه أشار إليه في المادة 97 من قانون الإعلام والتي نص على مايلي: "يعاقب... كل من يتعمد بأية وسيلة من وسائل الإعلام إهانة رؤساء الدول الذين يمارسون مهامهم مع مراعاة أحكام المادة 3 أعلاه".
يشترط لقيام جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية بالإضافة للركن المادي، توافر القصد الجنائي العام المتمثل في علم الجاني بأن الشخص الذي وجه له الإهانة رئيس دولة أجنبية، وإذا ثبت أنه لم يكن يعلم بصفته فإن الفعل لا يعتبر إهانة، ولكن يمكن اعتباره سبّـا او قذفا .
بالنسبة للمشرع المصري فانه اعتبر أن جريمة العيب في حـق الملك أو رئيس دولة أجنبـية جريمة عمديّـة، والتي يكفي لقيامها القصد الجنائي العام دون تطلب نيّة خاصة أو قصد جنائي خـاص.
أما بالنسبة للقانون الفرنسي الذي لم ينص صراحة على القصد الخاص الا ان القضاء الفرنسي استقر على ان جنحة إهانة رئيس دولة أجنبية تستلزم توافر النيّـة الإجرامية لدى الفاعـل(1).اي يشترط القصد الخاص وحسب وجهة نظرنا ان المشرع الجزائري يشترط بالاضافة للقصد العام القصد الخاص وبالتالي يمكن ان نطبق ما استقر عليه القضاء الفرنسي ضمانا لحرية التعبير والاعلام .

وبالرجوع لأحكام المادة 03 من قانون الإعلام نجدها تنص على ما يلي: "يمارس حق الإعلام بحرية مع احترام الشخصية الإنسانية ومقتضيات السياسة الخارجية والدفاع الوطني".
معنى ذلك انه لكل شخص ان يمارس الاعلام بحرية لكن بشرط أن ممارسة الإعلام يجب أن لا يمس بكرامة الشخصية الإنسانيـة أي لا يمس بشرف و اعتبار رؤساء الدول .
ولقد حدد القضاء الفرنسي نطاق تطبيق المادة 36 من قانون الاعلام والتي تعاقب على إهانة رؤساء الدول الأجنبية، واعتبر أن التجريم الوارد في المادة 36 لا يعوق حق النقد السياسي، وانه لا يجوز التمسّك بهذه المادة إلا في حالة مهاجمة شخص رئيس الدولة الأجنبي ذلك لأن الإهانة تمس الشخص ذاته وسمعته لا السياسة التي ينفذهـا.

وقد رأى القضاء الفرنسي أن النبرة المبالغ فيها والساخرة المندمجة في النوع الهجائي الذي يستخدمه مقدمو البث التلفزيوني لا يعتبر ماسا بالإحترام الواجب لحياة الشخصيات الأجنبيـة.

إلا أن محكمة باريس اعتبرت أن التهمة المقررة بموجب المادة 36 من قانون الاعلام وتطبيق القضاء لها لا تفي بمجموع المتطلبات المنصوص عليها في المادة 10 من الاتفاقيّة الأوروبية لحقوق الإنسان وذلك في حكمها الصادر بتاريخ 25 أفريل 2001، بصدد واقعة تمثل جريمة إهانة ثلاث رؤساء دول أجنبية بسبب نشر كتاب عنوانه "الصمت الأسود – من يوقف أفريقيا الفرنسية"، ولقد اعتبرت محكمة باريس أن المادة 36 تقرر لصالح رؤساء الدول الأجنبية نظاما غير مألوف ومبالغ فيه من القانون العام يرجع إلى تعريف واسع للتصرفات المؤثمة مع استبعاد إمكانية إثبات حقيقة الوقائع المدعى بها إلى الحد الذي جعل الفقه يتفق في القول بأن رؤساء الدول الأجنبية يتمتعون في فرنسا بحماية تفوق الحماية الخاصة برئيس الدولة الفرنسية ذاته أو برئيس الحكومة الفرنسية.














وأكثر من ذلك فقد اعتبرت المحكمة أن التمييز الذي حاول الفقه تطبيقه بين النقد المقبول الذي ينصرف إلى الأعمال السياسية لرئيس الدولة الأجنبية وبين الإهانة المعاقب عليها وهي الإهانة الموجهة لشخص رئيس الدولة الأجنبية ذاته يعتبر عسيرا في تطبيقه كما استقر القضاء الفرنسي في هذا الصدد أن الإهانة الموجهة بسبب الأعمال السياسية هي بالضرورة ماسة بالشخص.

وأخيرا ذهبت المحكمة بأن الإهانة كلمة مبهمة فضفاضة لا تسمح بدفاع مناسب في إطار قانون 29 يوليو 1881، وأن رفض إتاحة الفرصة للمتهم لتقديم ما يثبت صحة الوقائع المدعى بها يجرده أيضا من مبدأ المساواة في الأسلحـة(1).
كما قضى في فرنسا أيضا بأن الدفع بصحة الوقائع ممنوع، وذلك حتى لا ندخل شخصية رئيس الدولة في مناقشـة تمس بالاحترام المستحق أو الواجـب(2) لا يمكن كذلك التمسك بحسن النيّــة.




































المطلب الثالث: الأركان الخاصة لجريمة إهانة رئيس بعثة دولية او احد اعضائها
يتمتع المبعوث الدبلوماسي بحصانات وفقا للأستاذ "بيتري PETRY " عند كلامه عن الحصانات الدبلوماسية أن "حرمة المبعوث الدبلوماسي ليست مجرد الحماية العادية التي تمنحها كل دولة لأي شخص يعيش في سلام على أرضها، وإنما هي الحق في الأمان المطلق الكامل وهي الحرية التي لا قيد عليها وفي عدم جواز المساس بشخصه في كل الظروف".
وتؤكد المادة 29 من اتفاقية فيينا على حرمة ذات المبعوث الدبلوماسي بقولها: "ذات المبعوث مصونة... وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام الواجب له وأن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع كل اعتداء على شخصه أو على حريته أو على كرامته"(1).
لذا فإنه في حالة وقوع إهانة في حق المبعوث الدبلوماسي يجب على الدولة المعتمد لديها أن تجري ما يلزم لمؤاخذة أو عقاب المسؤولين، ولهذا الغرض ترتب القوانين الجزائية لأغلب الدول عقوبات خاصة لأفعال الاعتداء التي توجه ضد المبعوثين الدبلوماسيين وبالأخص الأفعال التي من شأنها أن تمس كرامتهم، ولقد جرم المشرع الجزائري اهانة رؤساء البعثات الدولية او احد اعضائها في المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري رقم90/07.
الفرع الأول: صفة المجني عليه
تنص المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري رقم90/07 على ما يلي:"يعاقب بالحبس... كل من يهين بأية وسيلة من وسائل الإعلام رؤساء البعثات الدولية وأعضائها المعتمدين لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية"ويقابلها في النص الفرنسي:
(l’outrage commis par l’intermédiaire…envers les chefs et les membres des missions diplomatiques)
نلاحظ أن النص الفرنسي أدق في التعبير من النص العربي كون أن مصطلح"البعثات الدولية"كما ورد في النص العربي جاء عاما قد يشمل أي بعثة دولية بعكس النص الفرنسي الذي حدد صفة المجني عليه بأن تكون رئيس أو عضو بعثة دبلوماسية لذا فاننا نرجح الاخذ بالنص الفرنسي باعتباره النص الاصلي ونشير الى ان قانون 82/01 المتعلق بالاعلام الملغى كان يستعمل مصطلح البعثات الدبلوماسية في النص العربي ونستخلص من خلال نص المادة أنه يجب توافر شروط معينة في المجني عليه:
• أن يكون المجني عليه متمتعا بصفة رئيس بعثة دبلوماسية أو عضو في البعثة الدبلوماسية.
• أن يكون معتمدا لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
أولا: التمتع بصفة رئيس أو عضو بعثة دبلوماسية
يطلق لفظ الدبلوماسي diplomate على الشخص الذي يمارس الدبلوماسية باعتبارها"علم وفن تمثيل الدول والمفاوضة."
والبعثة الدبلوماسية هي أداة الاتصال بين الدولة الموفدة لها والدولة الموفدة لديها وتقوم هذه البعثة بتمثيل الدولة الموفدة لها وذلك بحضور الحفلات والاستقبالات الرسمية وأداء زيارات المجاملة التي جرى عليها العرف والتفاوض مع حكومة الدولة الموفدة لديها في كل ما يهم الدولة الموفدة وكذا العمل على تقريب وجهات النظر في المسائل المشتركة وغيرها من المهام.
وتتشكل البعثة الدبلوماسية عادة من رئيس البعثة وأعضائها والخدم الخصوصيين.












1- رئيس البعثــة:
وهو الشخص الذي تعهد إليه الدولة بتمثيلها وبرئاسة بعثتها الدبلوماسية لدى دولة معينة وتنصرف عبارة رئيس بعثة حسب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المبرمة في 18/04/1961 إلى الشخص المكلف من قبل الحكومة المعتمدة بالعمل بهذه الصفة.
2- أعضاء البعثـة:
هم الموظفون الذين تعينهم الدولة الموفدة للبعثة للعمل مع رئيس البعثة وهم ثلاث فئات:
أ- الموظفون الدبلوماسيون: هم الأشخاص الذين يعهد إليهم بمعاونة رئيس البعثة وتحت إشرافه بالقيام بالمهام الدبلوماسية المختلفة، ويشمل هؤلاء المستشارين والسكرتاريين على اختلاف درجاتهم والملحقين على اختلاف صفاتهم.
ب- الموظفون الإداريون والفنيون: هم الذين يتولون الأعمال الإدارية والفنية للبعثة كأمناء المحفوظات ومديري الحسابات وغيرهم.
ج- مستخدمي البعثـة: هم الأشخاص الذين يقومون بأعمال الخدمة والصيانة والحراسة في دار البعثة الدبلوماسية كالحراس وغيرهم.
3- الخدم الخصوصيون:
هم الأشخاص الذين يعملون في الخدمة المنزلية لرئيس البعثة ولأعضائها، وحسب وجهة نظرنا المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري تشترط في المجني عليه أن يكون متمتعا بصفة رئيس أو عضو بعثة دبلوماسية و بالتالي فلا تشمل الخدم الخصوصيين.
ولقد ورد تعداد كل الأشخاص الذين يمكن أن تتضمنهم البعثة الدبلوماسية في المادة الأولى من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 سنة أفريل 18 المبرمة في (1).
كما أن المادة 98 من قانون 90 /07 نصت بصفة عامة على رؤساء البعثات الدبلوماسية دون ذكر مراتبهم كما فعل المشرع الفرنسي والذي ذكـر في المـادة 37 السفراء والوزراء المفوضين المبعوثين أو القائمين بالأعمال، و حسب وجهة نظرنا انه حسنا ما فعل المشرع الجزائري لأنه لا فرق بين رؤساء البعثات الدبلوماسية تبعا لمراتبهم إذ يتمتعون بذات الحقوق والحصانات والامتيازات طبقا لنص المادة 14 ف2 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 فيما عدا ما يتصل بشؤون الصدارة والمراسيم فرئيس البعثة الدبلوماسية قد يكون بمرتبة سفير أو بمرتبة مبعوث فوق العادة أو وزير مفوض أو بمرتبة القائم بالأعمال.







• مرتبة السفراء: هي أعلى مرتبة بالنسبة للمبعوثين ولهذه الفئة حق الاتصال مباشرة بالرئيس وطلب مقابلته كلما كان هناك ما يقتضي ذلك ويتمتعون بأكبر مظاهر الحفاوة والتكريم في استقبالهم وفي الحفلات الرسمية التي يدعون إليها.
• مرتبة المبعوثين فوق العادة والوزراء المفوضين: تلي مرتبة السفراء وهم ممثلين لرئيس دولتهم.
• مرتبة القائمين بالأعمال: وهم على خلاف الفئتين السابقتين يعتبرون مبعوثين من قبل وزير خارجية دولتهم لدى وزير خارجية الدولة الموفدين إليها ولا يحق لهم الاتصال مباشرة برئيس الدولة المعتمدين لديها.
البعثات القنصليــة:
إذا كان التمثيل القنصلي كالتمثيل الدبلوماسي يعد مظهرا من مظاهر السيادة إلا أن مهمة البعثات القنصلية تختلف عن مهمة البعثات الدبلوماسية فإذا كان المبعوث الدبلوماسي ينوب عن الرئيس أو حكومة الدولة الموفدة له في مواجهة رئيس أو حكومة الدولة المعتمد لديها فان القنصل نيابته عن دولته محددة بشؤون معينة بالذات يغلب عليها العنصر الاقتصادي والإداري كالدفاع عن مصالح مواطنيه والقيام كذلك بعمل موثق العقود مثل عقود الزواج بين مواطنيه وكذا مراقبة تنفيذ المعاهدات التجارية الصناعية والتي تكون بين دولته والدولة التي يقوم بعمل فيها.
وبالرجوع للمادة 182 من قانون العقوبات المصري نجد أنها تعاقب على جريمة العيب في حق ممثل دولة أجنبية معتمد في مصر، والملاحظ على هذه المادة أنها وسعت الحماية لتشمل كل ممثل لدولة أجنبية سواء كان سـفير أو قنـصل أو وزير مـفوض، وحـتى مـستشار في أي مجـال سواء ثقافي أو تجاري أو إعلامي(1)، وبالتالي فان حماية الممثلين الأجانب اتسعت لتشمل القناصلة وحتى المستشارون خلافا للمادة 37 من قانون الاعلام الفرنسي و التي لا تحمي القناصلة الأجانب في فرنسا من جريمة الإهانة و الذين ليسوا كرؤساء البعثات الدبلوماسية الفرنسيين لذا فقد استقر القضاء الفرنسي على أن القناصلة الأجانب في فرنسا لا يعتبرون أعضاء بعثة دبلوماسية، والإهانة المرتكبة في حقهم لا يعاقب عليها بهذه المادة(2).
اما بالنسبة للجزائر فحسب وجهة نظرنا أن البعثات القنصلية لا تدخل تحت طائلة المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري كون أن النص جاء واضحا بالنص الفرنسي فالمقصود بالمجني عليه في هذه المادة هم رؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية.
البعثات الخاصـة:
كما يخرج من نطاق المادة 98 من قانون الإعلام البعثات الخاصة والتي يعهد إليها مهام معينة خلافا للمهام العامة التي تتولاها البعثات الدبلوماسية،فقد توفدهم الدول لحضور اجتماعاتها والاشتراك في مناقشة الموضوعات التي تعرض لبحثها والدفاع عن وجهات نظر دولتهم فيما يعرض من أمور تهمها في المؤتمرات والمنظمات الدولية، وقد توفدها الدولة لدى دولة أخرى للقيام بمهمة خاصة محددة.
ثانيا: أن يكون معتمدا لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
تشترط المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري أن يكون رئيس أو عضو البعثة الدبلوماسية معتمدا لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وتجمع الدساتير الوطنية على إفراد رئيس الدولة بوظيفة إعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب فالرئيس هو رمز الأمة الذي يمثل وحدتها، وينص الدستور الجزائري في المادة 78 منه(3) على ما يلي: "...يتسلم أوراق إعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب وأوراق إنهاء مهامهم".











وبالتالي فإن رئيس الجمهورية الجزائرية هو المختص بإعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب ، ولقد استقر العرف أن تبعث الدولة الموفدة باسم مرشحها مع بعض البيانات الخاصة به للدولة الموفدة لها طالبة إبداء رأيها بشأن إعتماده ممثلا لديها وترد هذه على ما هو مطلوب إليها في وقت مناسب، ولا يكفي التثبت من قبول الدولة الموفد إليها ليتولى القيام بمهامه بل يجب أن يقدم رئيس البعثة ما يسمى"خطاب الاعتماد " وهو عبارة عن مذكرة تتضمن كافة البيانات المتعلقة به اسمه ومرتبته وصفته والغرض من إيفاده والرغبة في استمرار العلاقات الودية بين البلدين بما يخدم مصالحهما المشتركـة.
ونشير إلى أن ضرورة قبول الدولة الموفد إليها الشخص المبعوث قبل تعيينه يتناول رئيس البعثة الدبلوماسية أما بقية أعضاء البعثة فلا يشترط إبتداءا لتعيينهم الحصول على هذا القبول وللدولة الموفدة أن تختارهم دون الرجوع إلى رأي الدولة الموفد إليها(1).


الفرع الثاني: الركــن المـــادي
نتطــرّق أوّلا إلـى الوسائـل التـي ترتكـب بهـا جريمـة إهانة رؤساء البعثات الدولية وأعضائها ثم المناسبـة.

أولا: الوسائــــل:
تنص المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري على ما يلي: " يعاقب... كل من يهين بأي وسيلة من وسائل الإعلام رؤساء البعثات الدولية وأعضائها المعتمدين لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ".
نلاحظ أن هذه المادة نصت كذلك على أن الإهانة تكون بأي وسيلة من وسائل الإعلام وهي نفس الوسائل المنصوص عليها في المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري السابق ذكرها .
فقـد ترتكـب الإهانـة عن طريـق الإذاعة المرئية أو المسموعة أو عن طريـق الصحافـة المكتوبــة او عن طريق المسرح او السينما .
أما بالنسبة للتشريع المصري والذي يعاقب على جريمة العيب في حق ممثل دولة أجنبية معتمد في مصر بالمادة 182 من قانون العقوبات فإنه أحال أيضا للمادة 171 التي حددت الوسائل بالكتابة او الرسوم أو الصور الشمسية أو رموز، أو أية طريقة من طرق التمثيل ، فنلاحظ أن التشريع المصري وسّع من الوسائل التي ترتكب بها الجريمة مقارنة مع المشرع الجزائري الذي أورد المادة التي تعاقب على إهانة رؤساء البعثات الدولية في الباب التاسع من قانون الإعلام تحت عنوان أحكام جزائية واعتبرها جريمة إعلامية فحسب وجهة نظرنا أنه كان من الأجدر أن ينص على هذه المادة ضمن قانون العقوبات، ولا يحصر الوسائل التي ترتكب بها الجريمة في الوسائل الإعلامية، إذ قد ترتكب الجريمة بغير هذه الوسائل.

وبالرجوع للقانون الفرنسي، نجد أنه لم يحدد الوسائل ترتكب بها جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 37 من قانون 29 يوليو 1881 كما فعل بالنسبة لجريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية، ولكن نص فقط على أن تكون الإهانة مرتكبة علنا فالإهانة لا يعاقب عليها إلا إذا كانت علنـا،دون أن تحيل على الوسائل المذكورة في المادة 23 من قانون الإعلام.
ولذا فقد قـضي في فرنسا بانه قد ترتكب الجنحة بالـصفير أو عن طريق الجلب أو بإشـارات غير محترمة، أو بتحية هازئة مسموعة جيدا (1).




ثانيا:المناسبــة
بالرجوع لنص المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري نلاحظ أن المشرع الجزائري لم ينص على أن الإهانة الموجهة لرؤساء البعثات الدولية وأعضائها المعتمدين في الجزائر يجب أن تكون أثناء تأديتهم لمهامهم خلافا لنص المادة 97 والتي تعاقب على إهانة رؤساء الدول التي وضحت بأن الإهانة ترتكب في حق رؤساء الدول الذين يؤدّون مهامهم كما سبق وأن ذكرنـا، وكذالك التشريع الفرنسي الذي يعاقب على إهانة رؤساء البعثات الدولية بالمادة 37 من قانون الاعلام، فلم تتضمن هذه المادة ولم توضح أن الإهانة يجب أن تكون أثناء ممارسة رؤساء البعثات الدولية لمهامهم أو بمناسبتها .
غير ان المشرع المصري الذي يعاقب على جريمة العيب في حق ممثل دولة أجنبية بالمادة 182 من قانون العقوبات اشار في هذه المادة الى ان العيب في حق ممثل دولة اجنبية يجب ان يكون بسبب امور تتعلق باداء وظيفته بمعنى انه اذا كان العيب يمس بحياته الخاصة فان هذه المادة لا تطبق والتي لم تنص على شرط المناسبة .




الفرع الثالث : القصد الجنائي
لا يكفي لقيام جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية أو أحد أعضائها توافر صفة المجني عليه وكذا الركن المادي، ولكن بالإضافة إلى هذين الركنين لا تقوم الجريمة إلا إذا كان الجاني يعلم بصفة المجني عليه بأنه رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها، أما إذا ثبت إنتقاء العلم لدى الجاني بهذه الصفة فإن جريمة إهانة رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها لا تقوم.
لقد سبق و ان راينا بان القضاء المصري قد استقر على ان القصد عام وحده كافي في جرائم الاهانة بصفة عامة دون حاجة للقصد الخاص، كما ان المشرع الفرنسي لم ينص على القصد الخاص في المادة 37 من قانون الاعلام الفرنسي و التي تعاقب على اهانة رؤساء البعثات الدولية و حسب وجهة نظرنا ان هذه الجريمة تستلزم بالاضافة الى القصد العام القصد الخاص، رغم ان المشرع الجزائري لم ينص صراحة على ذلك في المادة 98 من قانون الاعلام الجزائري ذلك لانه لا يكفي علم المتهم بصفة المجني عليه بانه رئيس بعثة دولية او احد اعضائها و انما يستلزم نية المساس بشرف و اعتبار المجني عليه ذلك انه لكل انسان الحق في التعبير وحرية الكلمة، لكن بشرط عدم الاضرار او المساس بشرف واعتبار المجني عليه خاصة و ان المشرع الجزائري قد نص في المادة الثالثة من قانون الاعلام على حرية الاعلام .
ونشير إلى أن المشرع الجزائري، وإن كان قد نص على انه يجب مراعاة أحكام المادة 03 من قانون الإعلام بالنسبة لجريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية في المادة 97 من قانون الإعلام فإنه أغفل ذلك في نص المادة 98 من نفس القانون.
ولا عذر بالاستفزاز في جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية أو أحد أعضائها، فلا يجوز للمتهم أن يتمسك ويحتج بالاستفزاز لكي يفلت من العقاب، فالاستفزاز لا يبيح جريمة الإهانة المرتكبة ضد رؤساء البعثات الدولية أو أحد أعضائها.
كما أنه لا يجوز التمسك بصحة الوقائع، فالدفع بصحة الواقعة لا يعد عذرا مقبولا للإعفاء من جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية أو أحد أعضائها.
ولا يجوز التمسك بحسن النية، فلا ينتفي القصد الجنائي إذا تمسك مثلاً الصحفي كاتب المقال بمنفعة البلاد.
ويرى الأستاذ الدكتور عماد عبد الحميد على أنه يجب التوسع في معنى القصد الجنائي، وإدخال عناصر لا بد من إدخالها في كل نظام قانون رشيد يحترم العقل ويؤمن بالمصلحة العامة و يؤيد حرية الرأي ويساندها(1).






































الفصل الثاني:
قمــــع جريمــــة اهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية

تعد جريمة الإهانة المرتكبة في حق رؤساء الدول والبعثات الدولية من جرائم الاعتبار التي نظمها قانون العقوبات ، ومن جهة ثانية تعتبر من جرائم الإعلام في أغلب الحالات هذا ما أدى بالتشريعات الجزائية إلى تقرير نظام خاص ومتميز عن الأحكام العامة سواء من حيث المتابعة الجزائية أو من حيث الجزاء.
لذا سنتناول في هذا الفصل قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري وكذا في القانون المقارن.

وسوف نقسم هذه الدراسة إلى مبحثين:
المبحث الأول:قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري.
المبحث الثاني: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المقارن.



















المبحث الأول: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري
الأصل أن للنيابة في القانون الجزائري سلطة من حيث الملائمة غير أنه في بعض الجرائم قد توجد قيود على تحريك الدعوى العمومية كوجوب تقديم شكوى من الطرف المضرور أو الحصول على طلب من جهة معينة لكي تتمكن النيابة من تحريك الدعوى العمومية. فهل وضع المشرع الجزائري قيود على تحريك الدعوى العمومية بالنسبة للجرائم محل الدراسة هذا من جهة ؟ ومن جهة أخرى نظرا لتعدد المتدخلين في حالة ارتكاب الجريمة بوسيلة من الوسائل الإعلامية، فمن يتم متابعته جزائيا؟
كما نتساءل حول ما إذا كانت هناك قواعد خاصة تحدد اختصاص الجهات القضائية الناظرة في الدعوى وكذا قواعد خاصة بتقادم الدعوى العمومية الناشئة عن هذه الجريمة في القانون الجزائري؟وما هو الجزاء المقرر لهذه الجرائم المتميزة؟
المطلب الأول: قمع جريمــة إهانـة رئيس الجمهوريــة
بموجب المادتين 144 مكرر و144 مكرر 1 المستحدثتين بالقانون رقم 01/09 المؤرخ في 26 يونيو2001 المعدل والمتمم لقانون العقوبات،وضع المشرع الجزائري قواعد خاصة للجزاء المقرر لجريمة إهانة رئيس الجمهورية كما أنه خرج عن الأحكام العامة المتعلقة بالمتابعة الجزائية لمرتكب الجريمة.
الفرع الأول: المتابعة الجزائية
وضع المشرع قواعد خاصة للمتابعة الجزائية لمرتكب جريمة اهانة رئيس الجمهورية لذا سنتطرق لمسالة الشكوى و التقادم ثم الاختصاص و المتابعة الجزائية في حالة ارتكاب الجريمة بواسطة نشرية .
اولا- الشكــوى:
قبل صدور قانون 2001(1) المعدل والمتمم لقانون العقوبات لم تكن المادة 144 من قانون العقوبات التي تعاقب على اهانة القاضي والهيئات النظامية ، ولا المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري التي تعاقب على إهانة رؤساء الدول تستلزم شكوى المجني عليه للمتابعة من أجل إهانة رئيس الجمهورية، فالنيابة تتابع من تلقاء نفسها دون التقيد بالحصول على شكوى رئيس الجمهورية، وللنيابة سلطة الملائمة بين تحريك الدعوى العمومية وبين عدم تحريكها.
وبعد صدور قانون 2001 المعدل والمتمم لقانون العقوبات نصت المادتان 144 مكرر و144 مكرر1المستحدثتين بموجب هذا القانون صراحة على المتابعة التلقائية من أجل إهانة رئيس الجمهورية "تباشر النيابة العامة إجراءات المتابعة الجزائية تلقائيا".
فالأصل أن للنيابة سلطة من حيث الملائمة في اختيار الإجراء المناسب طبقا لنص المادة 36 مـن ق إ ج وبما في ذلك إجراء عدم المتابعة بإصدار أمر بحفظ الأوراق، لكن بموجب التعديل فان النيابة تفقد سلطة الملائمة في حالة ما إذا عرضت عليها قضية تتعلق بإهانة رئيس الجمهورية فتقوم بالمتابعة التلقائية ولا يحق لها إصدار أمر بالحفظ كما أنها لا تتقيد بشكوى المجني عليه ذلك أن المادة 144 مكرر و144 مكرر1 نصت صراحة على تلقائية المتابعة وهذا في الواقع يعد خروجا عن القواعد العامة التي تحكم الدعوى العمومية في النظام الجزائري الذي اعتنق مذهب الملائمة في المتابعة.





وفي حالة ما إذا تمت المتابعة بناء على شكوى المجني عليه فان سحب شكواه لا يوقف المتابعة لأن المشرع لم يعلق المتابعة على شكوى(1) وحسب وجهة نظرنا أن عدم اشتراط شكوى المجني عليه له ما يبرره كون أن المعتدى عليه هو فخامة رئيس الجمهورية و هو رئيس الدولة ورمز الدولة وسيادتها والاعتداء عليه إنما يمثل اعتداء على سيادة الدولة.

ثانيا- التقـــادم:
المشرع الجزائري لم ينص على مدة خاصة لتقادم الدعوى العمومية في جريمة إهانة رئيس الجمهورية وعليه فانه تطبق على هذه الجريمة الأحكام العامة للتقادم أي بمرور ثلاث سنوات كاملة طبقا للمادة 08 من قانون الاجراءات الجزائية باعتبار أن جريمة إهانة رئيس الجمهورية تشكل جنحة.

ثالثا-الإختصـاص:
إن مسألة الإختصاص تطرح إشكالات وخاصة بالنسبة للاختصاص المحلي فلا يوجد نص خاص يحدد الاختصاص المحلي في حالة ارتكاب جريمة إهانة رئيس الجمهورية و حسب وجهة نظرنا أنه في هذه الحالة يجب الرجوع إلى القواعد العامة للاختصاص المحلي ،إذ تنص المادة 329 من ق إ ج"تختص محليا بالنظر في الجنحة محكمة محل الجريمة أو محل إقامة أحد المتهمين أو شركائهم أو محل القبض عليـهم ولو كان القبض قد وقع لسبب آخر"وبالتالي ومن خلال هذه المادة فان المحكمة تختص بالجريمة التي ارتكبت في اختصاصها الإقليمي والتي يقع فيها محل إقامة أحد المتهمين وكذلك المحكمة التي يقع القبض على المتهم في دائرة اختصاصها،وان كانت هذه القواعد يمكن تطبيقها إذا ارتكبت جريمة إهانة رئيس الجمهورية من قبل شخص طبيعي ولكن المشكل يثار عندما ترتكب الجريمة بواسطة نشرية تصدرها مؤسسة النشر والطباعة والتي لها فروع ومراسلون في عدة مناطق فمن هي المحكمة المختصة؟.

لم يضع المشرع الجزائري نص صريح لا في قانون الإجراءات الجزائية، ولا في فانون الإعلام يحدد لنا الإختصاص المحلي في هذه الحالة، ويرى الدكتور أحسن بوسقيعة أن الإختصاص يكون لكل المحاكم التي توزع فيها الصحيفة وتكون الأسبقية للمحكمة الأولى التي بادرت المتابعة(2)، وفي غياب نص صريح فما علينا إلا تطبيق القواعد العامة السابقة الذكر.

أما فيما يتعلق الإختصاص النوعي فلم ينص قانون العقوبات ولا قانون الإعلام على 'قواعد خاصة بالإختصاص النوعي في حالة ما إذا ارتكبت هذه الجريمة بواسطة نشرية، وما دامت هذه الجريمة تحمل وصف الجنحة تختص بها المحكمة التي تنظر في الجنح طبقا لنص المادة 328 ق إ ج.







رابعا- المتابعة الجزائية في حالة ارتكاب جريمة إهانة رئيس الجمهورية المرتكبة بواسطة نشرية:
نظرا لكثرة المتدخلين في عمليات التأليف والنشر و الطبع والتوزيع لذا فانه في حالة ما إذا ارتكبت جريمة إهانة رئيس الجمهورية عن طريق نشرية فان المادة 144 مكرر1 ق.ع المستحدثة بموجب القانون01/09 تضمنت أحكاما خاصة للمتابعة الجزائية التي تتخذ ضد مرتكب الإهانة كاتب المقال وضد المسؤول عن النشرية مدير النشرية وعن المسؤول عن تحريرها رئيس التحرير وحتى ضد النشرية نفسها غير ان قانون الاعلام نص كذلك على المتابعة الجزائية للناشر وفئة اخرى من المتدخلين.

1. المتابعة الجزائية للكاتب والمدير:
من خلال قراءتنا لنص المادة 144 مكرر1 ق.ع اتضح لنا بأن المتابعة الجزائية تتخذ ضد مرتكب الإهانة وهو كاتب المقال المنشور، وضد المسؤول عن النشرية وهو مدير النشرية بإعتبارهما فاعلين أصلين قانونا بالنسبة للنشريات.
غير أن المادة 41 من قانون 90/07 المتضمن قانون الإعلام تنص على أنه " يتحمل المدير أو كاتب المقال أو الخبر مسؤولية أي مقال ينشر في نشرية دورية ".

ويقابلها النص الفرنسي:
« la responsabilité du directeur et de l’auteur de l’écrit ou de l’information »
يتبين لنا من خلال هاتين المادتين أن المدير والكاتب مسؤولين باعتبارهما فاعلين أصليين رغم أن المادة 41 باللغة العربية تنص أن المسؤولية يتحملها المدير أو الكاتب ولكننا نرجح النص الفرنسي لانه النص الاصلي .
وبالرجوع لنص المادة 42 و 43 من قانون الاعلام رقم 90/07 نلاحظ أنه لم يذكر الكاتب في كلا النصين،كما يبدو لنا أن المدير يعتبر شريك في نص المادة 43 .
إذ تنص المادة 42 على أنه "يتحمل مسؤولية المخالفات المرتكبة المكتوبـة والمنطوقــة أو المصورة المديرون والناشرون في أجهزة الإعلام"
أما المادة 43 "إذا أدين مرتكبو المخالفات المكتوبة أو المنطوقة أو المصورة يتابع مدير النشرية أو ناشرها باعتبارهما متواطئين"
ويقابلها في النص الفرنسي:

« le directeur de publication ou l’éditeur sont poursuivis comme complices »
فالمادة 43 منحت للمدير مكانة الشريك complice وفي النص العربـي اعتبرته متواطــئ ولا يوجد في الأحكام العامة لقانون العقوبات ما يعرف بالمتواطئ لذا فاننا نرجح النص الفرنسي في كل مــرة.









وبالتالي نلاحظ سوء صياغة هذه النصوص التي تجعل المدير فاعل أصلي بنص المادة 41 وشريك طبقا لنص المادة 43 فما هو النص الواجب التطبيق ؟
و حسب وجهة نظرنا انه نظرا لهذا التناقض فإننا نطبق المادة 144 مكرر من قانون العقوبات بإعتباره النص الأحدث والذي يعتبر المدير فاعل أصلي مثله كاتب المقال.

2. المتابعة الجزائية لرئيس التحرير:

نصت المادة 144 مكرر 1 ق ع على المتابعة الجزائية للمسؤول عن تحرير النشرية وهو "رئيس التحرير".
غيرأن قانون الإعلام لم ينص في المادة 41 منه على مسؤولية رئيس التحرير، وتعتبر مسؤولية رئيس التحرير مسؤولية مستحدثة خلافا لمسؤولية مدير النشرية التي تعتبر مقررة في قانون الإعلام الجزائري وكذا في القانون المقارن(1).
ويسأل رئيس التحرير بصفته فاعلا أصليا وأساس مسؤوليته مبناها صفته أو وظيفته في الجريدة كون أن له دور الإشراف وتبقى مسؤوليته قائمة سواء عرف الكاتب أو لم يعرف.

3. المتابعة الجزائية للناشر:

الناشر هو الشخص الذي يتولى نشر أي مطبوع، ولم تنص لا المادة 144 مكرر1 من قانون العقوبات ولا المادة 41 من قانون الإعلام على مسؤولية الناشر، ولكن المادتين 42 و43 من نفس القانون نصتا على متابعته.
ونلاحظ أن الناشر طبقا للمادة 43 يعتبر شريك"يتابع مدير النشرية أو ناشرها باعتبارهما متواطئان" أما المادة 42 والتي حددت الفاعلين الأصليين ورتبتهم اعتبرته فاعل أصلي.

وحسب وجهة نظرنا فانه من الأرجح اعتبار الناشر فاعل أصلي مادام قد ثبت أنه هو الذي قام بالنشر وحقق هذا الفعل بما استلزمه من طبع ففي حالة ما إذا لم يعرف كاتب المقال أو رئيس التحرير فالناشر هنا مسئول كفاعل أصلي على أساس نظرية المسئولية المفترضة والتي مفادها بان المسؤولية الجزائية موجودة بدون حاجة لاثباتها ، وانها تستغرق كل من ساهم في النشر حتى ولو لم يرقى دوره الى مستوى الفاعل في الجريمة وفقا للقواعد العامة في قانون العقوبات وذلك في حالة عدم معرفة المؤلف مثلا فتفترض مسؤولية الناشر كفاعل أصلي لا كشريك على اساس ان الجريمة لا يتصور تمامها وتنفيذها إلا بالـنشر الذي يباشره المدير او الناشر ونشير أن المادة 144 مكــرر1 ق.ع لم تنص على متابعة الناشر.










4. المتابعة الجزائية للمتدخلين المنصوص عليهم في المادة 42 من قانون الإعلام:
تنص المادة 43 أنه إذا أدين مرتكبو المخالفة المكتوبة:"يتابع في جميع الأحوال المتدخلون المنصوص عليهم في المادة 42 " وهم:
• الطابـع: وهو الأول في فئة المتدخلون بعد المسؤولين بصفة أساسية طبقا لقانون العقوبات وهم صاحب المقال أو الخبر، مدير النشرية ورئيس التحرير،حيث يتحمل الطابع المسئولية الجزائية إذا تعذرت مساءلة الأولين.

• الموزع: وهو من يتولى توزيع المطبوع وتقوم مسؤوليته إذا تعذرت معاقبة من سبقوا على سبيل التتابع طبقا لنص المادة 43 لعدم العلم بهم ومعرفتهم اسما أو صفة.

• البائـع: وهو من يمارس البيع في المطبوع موضوع الجريمة على سبيل التجارة، ويسأل في حالة تعذر معرفة صاحب المقال أو الخبر، أو مدير النشرية، رئيس التحرير، الطابع الموزع.

• ملصق الإعلانات الحائطية: وهو من يقوم بلصق المطبوع على الحوائط ويسأل اللاصق بصفته فاعل أصلي للجريمة التي تضمنها المطبوع الجاري لصقه وذلك عند تعذر معرفة الطبقة التي تعلوه(1).
وبالتالي فإن المسئولين في نظر القانون قد تم حصرهم وترتيبهم على نحو معين بحيث لا يسأل منـهم شخص ما دام يوجد غيره ممن قدمه القانون عليه في الترتيب ، وهذا ما تقوم عليه المسئولية المبنية على التتابع والتي أخذ بها قانون الإعلام الجزائري وبالتالي فانه استبعد نظرية المسؤولية المفترضة .

5. المتابعة الجزائية للنشرية:

نصت المادة 144مكرر1 ق. ع على المتابعة الجزائية ضد النشرية نفسها فنلاحظ أن المشرع الجزائري نص على المسئولية الجزائية للنشرية على الرغم من أنها لا تتمتع بالشخصية القانونية ومن ثمة فليس لها كيان قانوني، فالكيان القانوني هو مؤسسة الطباعة و النشر التي تصدر عنها الصحيفة والتي تعتبر شخص معنوي يمكن النص على مسئوليته الجزائية أما النشرية في حد ذاتها ليس لها كيان فلا يمكن مساءلتها ومتابعتها(2).



الفرع الثاني: الجــــــــــــــــــزاء
نص المشرع الجزائري على العقوبات المقررة لمرتكب جريمة اهانة رئيس الجمهورية كما نص ايضا على العقوبة المقررة في حالة العود .

أولا: العقوبات الأصلية
1. العقوبة الاصلية المقررة للشخص الطبيعي
قبل تعديل قانون العقوبات الجزائري بموجب قانون 01/09 لم تكن المادة 144 ق.ع تفرق من حيث الجزاء بيـن المجني عليهم فالعقوبة كانت الحبس من شهرين إلى سنتين وغرامة من 1000 دج إلى 500.000 دج(1).

كما ان المادة 97 من قانون 90/07 المتعلق بالاعلام تعاقب على اهانة رؤساء الدول بالحبس من شهر الى سنة و بغرامة مالية تتراوح ما بين 3000دج 300.000 دج او باحدى هاتين العقوبتين فقط ، وبعد تعديل قانون العقوبات بالقانون01/09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 والذي خصص بموجبه المادة 144 مكرر والمادة 144 مكرر1 ق ع لحماية رئيس الجمهورية من الإهانة أصبحت العقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى اثني عشرة شهراً وبغرامة من 50.000 دج إلى 250.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط وهذا ما نصت عليه المادة 144 مكرر ق ع .

ونلاحظ أن بموجب هذا التعديل الذي أدخل على نص المادة 144 ق.ع أصبحت إهانة رئيس الجمهورية أقل شأنا من إهانة قاض أو أي موظف عمومي آخر من حيث الجزاء، لأن عقوبة الحبس المقررة للإهانة الموجهة لرئيس الجمهورية هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى اثني عشرة شهراً في حين أن عقوبة الإهانة الموجهة إلى موظف أو أحد أفراد القوة العمومية هي الحبس من شهرين إلى سنتين(2).

2. العقوبة الاصلية المقررة للنشرية
نصت المادة 144 مكرر1 ق.ع على أنه تعاقب النشرية بغرامة من 500.000 دج إلى 2.500.000 دج ونلاحظ أن المشرع الجزائري قرر عقوبة الغرامة للنشرية وأن قيمة الغرامة أشد بكثيرمن قيمة الغرامة المقررة كعقوبة للأشخاص.
وبالتالي فإن المشرع الجزائري شدد العقوبة في حالة إرتكاب الجريمة عن طريق الصحافة وهذا ما يراه بعض الصحفيين إجحافا في حق الصحافة.

ثانيا: العقوبات التكميلية

نصت المادة 18 من قانون العقوبات أن نشر الحكم لا يمكن أن تحكم به المحكمة إلا في الحالات التي يحددها القانون، ونلاحظ انه إذا كانت المادة 144 ق.ع قد أجازت الأمر بنشر الحكم وتعليقه على نفقة المحكوم عليه على أن لا تتجاوز هذه المصاريف الحد الأقصى للغرامة المقررة لجريمة إهانة الأشخاص والهيئات المذكورين في المادة 144 مكرر ق.ع(3).



إلا أن المشرع لم ينص على نشر الحكم كعقوبة تكميلية إذا كانت الإهانة موجهة إلى رئيس الجمهورية في المادة 144 مكررق.ع.



ثالثا: العقوبة المقررة في حالة العود
تنص المادة 144 مكرر ق ع على أنه:"في حالة العود تضاعف عقوبات الحبس والغرامة المنصوص عليها في هذه المادة ".
بالرجوع إلى الأحكام العامة في قانون العقوبات والخاصة بالعود المنصوص عليها في المواد 54 إلى 58 منه يمكن تعريف العود بأنه ارتكاب جريمة جديدة بعد حكم نهائي عن جريمة سابقة.
وباعتبار أن جريمة إهانة رئيس الجمهورية تشكل جنحة فيمكن أن نستخلص شروط العود في هذه الجريمة:
1- أن يكون الحكم السابق صادر في جنحة إهانة رئيس الجمهورية.
2- أن تكون الجريمة الثانية جنحة مماثلة للجنحة الأولى تماثل حقيقي.
3- أن تقع الجريمة الجديدة قبل مضي خمس سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة الأولى أو سقوطها بالتقادم.
مع الإشارة إلى أن المادة 144 مكرر ق.ع لم تحدد مدة خاصة التي تفصل بين الحكم الأول البات والجريمة الثانية لذا فانه حسب وجهة نظرنا أننا نطبق الأحكام العامة في قانون العقوبات والمحددة بخمس سنوات.
ونشير إلى أن المادة 144 مكرر ق ع جاءت بحكم مميز كونها نصت على انه تضاعف عقوبة الحبس والغرامة خلافا للأحكام العامة للعود في قانون العقوبات.


















المطلب الثاني: قمع جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية
نص المشرع الجزائري على اجراءات المتابعة الجزائية و الجزاء المقرر لمرتكب جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية في قانون 90/07 المتعلق بالإعلام

الفرع الأول: المتابعة الجزائية
نظرا لان جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية تمس العلاقات بين الدولة و الدول الأجنبية ، لذا فإننا سنعالج مسالة الطلب، ثم نتطرق إلى مسالة التقادم ، الاختصاص و المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب هذه الجريمة .
أولا- الطـــلب:
لا تشترط المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري طلب كتابي من وزير العدل للمتابعة من أجل جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية، فالنيابة تتابع من تلقاء نفسها دون التقيد بالحصول على الطلب وبالتالي فان للنيابة العامة وحدها سلطة الملائمة في اختيار الإجراء المناسـب دون تقيدها بطلـب وزير العدل ، فلها المتابعة أو عدم المتابعة بإصدار أمر بحفظ الأوراق. ونشير إلى أن المادة 97 لم تنص على مباشرة النيابة العامة لإجراءات المتابعة الجزائية التلقائية كما سبق وأن رأينا بالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية .

وهذا خلافا لبعض التشريعات المقارنة التي تشترط طلب كتابي من وزير العدل في هذه الجريمة كونها تمس العلاقات بين الدولة والدول الأجنبية ولتقدير المصلحة في تحريك الدعوى العمومية أو عدم تحريكها فإنها تترك لوزير العدل الذي يعتبر أدرى بما تقتضيه السياسة العامة للدولة في علاقتها مع الدولة التي ينتمي إليها الرئيس الأجنبي المجني عليه(1).

ثانيا- التقــادم:
تطبق على جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية بإعتبارها جنحة الأحكام العامة المقررة لتقادم الدعوى العمومية والمتمثلة في ثلاث سنوات كاملة طبقا للمادة 08 من قانون الإجراءات الجزائية.

ثالثا- الاختصـاص:
لم يحدد المشرع الجزائري لجريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية قواعد اختصاص خاصة بها فبالنسبة للاختصاص المحلي نطبق القواعد العامة للاختصاص المحلي طبقا المادة 329 ق إ ج و التي تعطي الاختصاص للمحكمة التي ارتكب في دائرة اختصاصها الجريمة أو مكان إقامة أحد المتهمين أو محل القبض عليهم.




أما الاختصاص النوعي فلم يضع المشرع الجزائري قواعد خاصة للاختصاص النوعي بشأن بعض الجرائم التي ترتكب عن طريق وسائل الإعلام خلافا لبعض التشريعات المقارنة التي تجعل الجنح التي تقع بواسطة الصحف من اختصاص محكمة الجنايات كما سنرى لاحقا، وبالتالي تتحدد الجهة القضائية المختصة للفصل في نوع الجريمة طبقا للقواعد المقررة في المادة 328 ق.ا.ج إذ تختص المحكمة الناظرة في الجنح وبالتالي لا تختص بها محكمة الجنايات.

رابعا-المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس دولة أجنبية
نشير الى أن جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية ترتكب بالوسائل الإعلامية طبقا للمادة 97 من قانون الإعلام وهذا ما يعني المتابعة الجزائية تكون ضد المدير والكاتب وذلك سواء أرتكبت الجريمة عن طريق نشرية أو بوسطة بث خبر عن طريق الوسائل السمعية البصرية، كما يسأل الناشر طبقا للمادة 41 من قانون الإعلام، والمتدخلون المنصوص عليهم في المادة 43 من قانون الإعلام كما حددتهم على التوالي الطابع، الموزع، البائع،أو الباث ، ملصق الإعلانات الحائطية وذلك على سبيل التتابع كما سبق و ان وضحنا ذلك عندما تطرقنا الى المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس الجمهورية بواسطة نشرية.









 


قديم 2011-05-20, 17:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع

الفرع الثاني: الجـــــــزاء
قرر المشرع الجزائري في قانون الإعلام عقوبات أصلية وكذا عقوبات تكميلية جوازيه لمرتكب جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية كما قرر أيضا أحد تدابير الأمن العينية.

أولا:العقوبـات الأصليـة
تنص المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري على أن العقوبة المقررة لمرتكب جريمة إهانة رئيس دولة تتمثل في الحبس من شهر إلى سنة، وبغرامة مالية تتراوح ما بين 3000 دج و300.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
يعتبر قانون الاعلام جريمة اهانة رئيس دولة اجنبية جنحة، ولقد كانت المادة 122 من فانون 82/01 المتعلق بالاعلام الملغى تقرر نفس العقوبة لهذه الجنحة .

ثانيا:المصادرة
لقد نصت المادة 99 من قانون الإعلام الجزائري على انه يمكن للمحكمة أن تأمر في جميع الحالات الواردة في باب الأحكـام الجزائية من قانـون الأعلام بحـجز الأملاك، والمقصود بحـجز الأمــلاك في هذه المـادة هو"المصادرة" ذلك أن مصـطلح حجز الأملاك يقابلـها في النـص الفرنــسي للمـادة 99
confixation des biens » « la بمعنى مصادرة الأملاك و بالتالي فاننا نرجح النص الفرنسي لكونه النص الاصلي، ولقد استعمل المشرع الجزائري نفس المصطلح في النص الفرنسي للمادة 15 من قانون العقوبات التي تعرف المصادرة، بأنها الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال معين أو أكثر والتي تنصب على الأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ الجريمة أو تلك التي تحصلت منها وكذلك الهبات والمنافع التي استعملت لمكافئة مرتكب الجريمة.
وبما ان المادة 97 جاءت تحت باب الاحكام الجزائية فانه اذا ارتكبت جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية يجوز للقاضي مصادرة الوسائل التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ هذه الجريمة والتي قد تكون جرائد أو مجلات،أو أشرطة فيديو، وتعتبر المصادرة عقوبة تكميلية جوازيه وللقاضي طبقا للمادة 99 من قانون الإعلام أن يأمر بها أولا.
وبموجب تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06 /23 (1) استحدثت المادة 15 مكرر 1 والتي نصـت على انه " في حالة الادانة لارتكاب جنحة او مخالفة يؤمر بمصادرة الاشياء ...وجوبا اذا كان القانون ينص صراحة على هذه العقوبة ..." فنلاحظ ان المادة 15 مكرر1 جعلت المصادرة وجوبية فنتساءل عن النص الواجب التطبيق ؟.
فهل نطبق المادة 99 من قانون الاعلام ونعتبر المصادرة عقوبة تكميلية جوازية ونطبق قاعدة الخاص يقيد العام او نطبق المادة 15 مكرر 1 ونعتبر المصادرة عقوبة وجوبية باعتبارها النص الأحدث؟
حسب وجهة نظرنا ان المادة 99 من قانون الاعلام نصت صراحة ان عقوبة المصادرة عقوبة جوازية وعليه فاننا نطبق قاعدة الخاص يقيد العام .





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1) القانون رقم 06 /23 المؤرخ في 29 ذي القعدة عام 1427 الموافق ل 20 ديسمبر سنة 2006 المعدل والمتمم للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 08 يونيو 1966، المتضمن قانون العقوبات.



ثالثا: إغلاق المؤسسات الإعلامية

يعتبر إغلاق المؤسسة تدبير من تدابير الأمن العينية التي نصت عليها المادة 20 من قانون العقوبات، ولقد أجازت المادة 26 أن يأمر بإغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحالات وبالشروط المنصوص عليها في القانون.
فالمادة 99 من قانون الإعلام الجزائري أجازت للقاضي أن يأمر بإغلاق المؤسسة الإعلامية نهائيا أو مؤقتا دون أن تحدد هذه المدة و حسب وجهة نظرنا انه تبقى للقاضي السلطة التقديرية لتحديد هذه المدة كون أن مدة الغلق المؤقت غير محددة.

و نشير الى انه بموجب تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06 /23 استحدثت المادة 16 مكرر01 التي نصت على انه " يترتب على عقوبة غلق المؤسسة منع المحكوم عليه من ان يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته أو يحكم بهذه العقوبة اما بصفة نهائية...أو لمدة لا تزيد عن خمس سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جنحة "

و بالتالي فاذا حكم القاضي بغلق المؤسسة الإعلامية فانه يترتب على ذلك منع المحكوم عليهم من ممارسة نشاطهم كما انه بموجب هذا التعديل تم تحديد مدة الغلق فطبقا لهذه المادة فانه لا يجوز للقاضي ان يحكم بمدة تتجاوز خمس سنوات لارتكاب جنحة اهانة رئيس دولة أجنبية .



المطلب الثالث: قمع جريمة إهانة رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها
نص المشرع الجزائري على اجراءات المتابعة الجزائية و الجزاء المقرر لمرتكب جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها في قانون 90/07 المتعلق بالإعلام .

الفرع الأول: المتابعة الجزائية
نتناول مسالة الطلب و التقادم والاختصاص ، ثم المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها.

أولا-الطلــب:
لم يشترط المشرع الجزائري لا في المادة 98 من قانون 90/07 المتعلق بالإعلام، و لا في قانون الاجراءات الجزائية لمتابعة مرتكب جريمة إهانة رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها المعتمدين في الجزائر طلب من وزير العدل ، وبالتالي فان تحريك الدعوى العمومية يخضع لسلطة ملائمة النيابة العامة وحدها في اتخاذ الإجراء المناسب دون توقيف ذلك على طلب وزير العدل.

ثانيا- التقــادم:
لم تنص المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري، ولا قانون الإجراءات الجزائية على مدة خاصة لتقادم جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية أو أحد أعضائها مثلها مثل جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية .وباعتبار أنها جنحة فإنها تتقادم بمرور ثلاث سنوات كاملة طبقا للمادة 8 ق.ا.ج.

ثالثا- الاختصـاص:
تطبق القواعد العامة للاختصاص المحلي المنصوص عليها في ق.ا.ج على جريمة إهانة رؤساء البـعثات الدولـية أو أحد أعضائها المعتمدين في الجزائر المطبقة على جريمة إهانة رئيس الجمهوريـة أو رؤساء الدول الأجنبية السابق ذكرها.
وباعتبار ان جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها يشكل جنحة فان المحكمة الناظرة في الجنح هي التي تختص بها طبقا للمادة 328 ق.ا.ج .

رابعا-المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضاءها :
نطبق المواد 41 و42 من قانون الإعلام الجزائري إذ يتابع كل من المدير، والكاتب، والناشر، وإذا تعذر متابعتهم فإنه يتابع الطابع، الموزع، البائع، وملصق الإعلانات الحائطية، وذلك على سيبل التتابع طبقا للمادة 43 من قانون الإعلام الجزائري.








الفرع الثاني: الجـــــــــــــــــــزاء
قرر المشرع الجزائري عقوبات أصلية و تكميلية و كذا تدابير امن لجريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها

أولا:العقوبات الأصلية
تعاقب المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري مرتكب جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية وأعضائها المعتمدين في الجزائر.
- بالحبس من عشرة أيام إلى سنة.
- و بغرامة مالية تتراوح من 3000 دج إلى 30.000 دج.
و لقد كان قانون 82/01 المتعلق بالإعلام قبل إلغاءه ينص في المادة 123 منه على معاقبة مرتكب جريمة اهانة رؤساء البعثات الدولية أو احد أعضائها بالحبس من عشرة أيام الى سنة و بغرامة من 300دج الى 1000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين .
فنلاحظ ان المشرع الجزائري ترك عقوبة الحبس كما كانت الا انه رفع في قيمة الغرامة .

ثانيا: المصـادرة
بالإضافة إلى العقوبات الأصلية يمكن للقاضي طبقا للمادة 99 من قانون الإعلام الجزائري أن يأمر بالمصادرة الوسائل التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ جريمة إهانة رؤساء الدول البعثات الدولية و يبقى للقاضي السلطة التقديرية في ان يأمر بالمصادرة ام لا باعتبار ان هذه الاخيرة تعتبر عقوبة تكميلية جوازية .

ثالثا: إغلاق المؤسسات الإعلامية
كما يجوز أيضا للقاضي أن يأمر بإغلاق المؤسسة الإعلامية مؤقتا أو نهائيا طبقا للمادة 99 من فانون الإعلام الجزائري ولكن بشرط ان لا يتجاوز خمس سنوات اذا قضى باغلاق المؤسسة اعلامية مؤقتا طبقا للمادة 16 مكرر 1 ق.ع .



المبحث الثاني: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المقارن
إذا كان القانون الجزائري قد وضع قواعد مميزة سواء من حيث المتابعة الجزائية أو من حيث الجزاء فإننا نتساءل عن موقف التشريعات الجزائية المقارنة لاسيما التشريع المصري والفرنسي في قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية.

المطلب الأول:قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المصري
وضع المشرع المصري نظام خاص للمتابعة الجزائية لمرتكب جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية وكذلك بالنسبة للجزاء.
الفرع الأول: المتابعة الجزائية
نظــم المــشرع المـصري إجـــراءات المتـابعة الجزائيـة فـــي قانــون الاجـراءات الــجـنائيــة .
اولا- الشكوى و الطلب:
بالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية والمنصوص عليها في المادة 179 من قانون العقوبات المصري فانها لم تنص على اجراءات خاصة للمتابعة الجزائية ولم تقيد تحريك الدعوى العمومية بشكوى المجني عليه.
غير ان المادة 08 من قانون الإجراءات الجنائية المصري نصت على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراء فيها إلا بناء على طلب كتابي من وزير العدل في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 181 و182 من قانون العقوبات وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون".
وهاتين الجريمتين المشار اليهما في المادة المذكورة هما جريمة العيب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية المعاقب عليها بالمادة 181 والعيب في حق ممثل لدولة أجنبية معتمد في مصر بسبب أمور تتعلق بأداء وظيفته المعاقب عليها بالمادة 182.
ويشترط في الطلب:
- أن يكون كتابي وليس شفوي.
- أن يتقدم من وزير العدل أو من ينوب عنه.
والحكمة المتوخاة من اشتراط طلب كتابي من وزير العدل في هاتين الجريمتين أنهما تمسان بالعلاقات بين مصر والدول الأجنبية.

ثانيا- تقادم الدعوى العمومية:
تخضع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية إلى القاعدة العامة لجميع الجرائم والمنصوص عليها في نص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على "أن الدعوى الجنائية في مواد الجنايات تنقضي بمضي عشرة سنوات من يوم وقوع الجريمة وفي مواد الجنح بمضي ثلاثة سنوات وفي مواد المخالفات بمضي سنة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".








ورغم أن الفقرة الثانية من هذه المادة تستثني بعض الجرائم الإعلامية من نطاق أحكام تقادم دعوى الجنائية(1) إلا أنها لم تشمل جريمة إهانة رئيس الجمهورية ولا جريمة العيب في حق الملك أو رئيس دولة أجنبية ولا حتى جريمة العيب في حق ممثل دولة أجنبية معتمد في مصر لذا فان تقادم هذه الجرائم يخضع للقواعد العامة للتقادم النصوص عليها في المادة 15 المذكورة أعلاه وباعتبار أن هذه الجرائم تشكل جنح فإنها تتقادم بمضي سنتين.

ثالثا- الاختصـــاص:
وضع المشرع المصري قواعد عامة لتنظيم الاختصاص في المسائل الجزائية مثله مثل المشرع الجزائري.
إلا انه وضع نظام خاص فيما يتعلق بالاختصاص النوعي، إذ خص محكمة الجنايات بالفصل في الجنايات والجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا المضرة بأفراد الناس، إذ تنص المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 353 لسنة 1952 على ما يلي:"تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس وغيرها من الجرائم الأخرى التي ينص القانون على اختصاصها بها"(2).

وبالتالي فإذا كانت الإهانة مرتكبة بواسطة الصحف وغيرها من وسائل النشر موجهة للمجني عليه بصفته فردا من أفراد الناس يكون الاختصاص لمحكمة الجنح والتي تسمى بالمحكمة الجزئية أما إذا كانت هذه الإهانة موجهة مثلا إلى رئيس الجمهورية فيكون الاختصاص لمحكمة الجنايات.

ويرى الدكتور محسن فؤاد فرج أن جعل الجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من وسائل النشر من اختصاص محاكم الجنايات يعد تأكيدا لضمان نزاهة الفصل في هذه النوعية من الجنح الهامة ولكن يرى البعض أن هذا يعد مساسا بحق المحكوم عليه في استـئناف الحـكم على أساس أن أحـكام محاكم الجنايات لا تخضع للاستئناف ، ومن ثم أعتبر هذا التعديل ماسا بحقوق الصحافيين والصحافة بوجه عام لأنه يفوت عليهم درجة هامة من درجات التقاضي(3).

أما بالنسبة للاختصاص المحلي ففي غياب نص خاص يحدد الاختصاص المحلي لجريمة إهانة رئيس الجمهورية المصري أو العيب في حق رئيس دولة أجنبية أو ممثلها، فإنها تخضع للقواعد العامة للاختصاص المحلي المنصوص عليها في المادة 218 من قانون الإجراءات الجنائية المصري "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم به المتهم،أو الذي يقبض عليه فيه".








رابعا- المتابعة الجزائية في حالة ارتكاب جريمة الإهانة بواسطة المطبوعات
لقد بينت المادتين 195،196 من قانون العقوبات المصري أحكام المسؤولية الجزائية عن الجرائم التي ترتكب عن طريق الصحافة .
وقد أشارت المادة 195 ق.ع إلى المسئولين فيما يتعلق بالمطبوعات الدورية التي تصدر في مصر عن مصدر معلوم أما المسئولين عن المطبوعات الدورية التي تصدر في الخارج أو عن مصدر غير معلوم في مصر والمسئولين عن المطبوعات غير الدورية فقد تناولتهم المادة 196.
1-المؤلـف
لكي يتابع المؤلف يجب توفر شرطين:
- الشرط الأول: أن يكون هذا الشخص هو مصدر الكلام أو المعلومات أو الرسوم ولو لم يكن هو كاتبها أو مبتكرها غير أنه هو الذي قدمها لرئيس التحرير أو للناشر بحساب نفسه لا لحساب صاحبها الأصلي ولكن إذا قدمها هذا الأخير بتفويض منه كان هو المسئول عنها باعتباره مؤلفا.
- الشرط الثاني: أن يكون هذا الشخص قد قدم هذه المعلومات أو الرسم بنفسه أو بواسطة شخص آخر مفوض من طرفه إلى الجريدة فإذا حصل النشر بغير علمه أو بغير رضاه فلا يجوز مساءلته جزائيا.
2-رئيس التحرير:
يتابع رئيس التحرير سواء عرف المؤلف أو لم يعرف ولا يمكن له الدفع بعدم علمه بالنشر أو إثباته أنه كان غائبا وقت النشر.
ولقد ذهبت المحكمة العليا في مصر في قرارها المؤرخ في 17/11/1964 طعن رقم 482 أن "مسؤولية رئيس التحرير مسؤولية مفترضة مبناها صفته ووظيفته في الجريدة فهي تلازمه متى ثبت أنه يباشر عادة وبصورة عامة دوره في الإشراف ولو صادف أنه لم يشرف بالفعل على إصدار هذا العدد أو ذاك من أعداد الجريدة ولا يرفع هذا المسؤولية عن عاتقه أن يكون قد عهد ببعض اختصاصاته لشخص آخر ما دام قد استبقى لنفسه حق الإشراف عليها".
غير أن هناك حالتين يعفى فيهما رئيس التحرير
الحالة الأولى: في حالة ما إذا حصل النشر خلسة ولكن بشرط أن يثبت رئيس التحرير أن المقال قد نشر بدون علمه سواء كان ذلك بسبب عدم عرض المقال عليه أو نتيجة لعدم تنفيذ أمره بمنع نشره، وأن يقدم رئيس التحرير منذ بدأ التحقيق كل ما لديه من المعلومات والأوراق للمساعدة على معرفة المسؤول عما نشره.
الحالة الثانية: في حالة ما إذا رضخ رئيس التحرير لإكراه أدبي وهذه الحالة أخطر من الأولى كون أن رئيس التحرير قد أقدم على نشر المقال المعاقب عليه عن علم تحت تأثير الخوف من فقدان الوظيفة ويشترط لهذا الإعفاء أن يثبت رئيس التحرير أنه اضطر إلى النشر وأنه لو لم يقم به لعرض نفسه لخسارة وظيفته في الجريدة أو لضرر جسيم آخر، وأن يقدم رئيس التحرير أثناء التحقيق كل ما لديه من معلومات لإثبات مسؤولية مرتكب الجريمة والذي هو مصدر المقال أو الخبر أي المؤلف.




3-مالك الجريدة:
لم تشر المادة 195 ق.ع إليه لذلك فانه لا يسأل إلا إذا ثبت فعلا أنه ساهم في تأليف المقال أو الخبر المعاقب عليه أو في نشره غير أنه يسأل مدنيا مع محررها عما يقع بواسطتها مما يستوجب التعويض طبقا لمسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.
4-الناشـــر:
فإذا كان الناشر هو كل من يهيمن على نشر مطبوع فانه يعتبر فاعل أصلي للجريمة بدون حاجة لإثبات علمه بما تضمنه المطبوع إذا قام مثلا بنشر كتاب ممنوع ما دام قد ثبت أنه هو الذي حقق هذا النشر بالفعل بما إستلزمه من طبع وإعلان ولصق وتوزيع.
ويعتبر الأشخاص المذكورين أساسين في الجرائم التي ترتكب بالمطبوعات ولكن يسأل الأشخاص الذين لهم دور ثانوي كالطابع مثلا.
5- الطابــع:
يعاقب الطابع بصفته فاعلا أصليا إذا لم يعرف مرتكب الجريمة أي إذا لم يعرف المؤلف أو رئيس التحرير أو الناشر سواء ثبت علمه بمضمون المطبوع أو لم يثبت لأن مسئوليته مادية افترضها القانون ولقد نصت على ذلك المادة 196 من قانون العقوبات المصري.
6- المستورد:
إذا كان المطبوع المتضمن للجريمة قد نشر في الخارج فانه طبقا للمادة 196 ق.ع يعاقب مستورده إلى مصر بصفته فاعلا أصليا وذلك على أساس أن المستورد هو الذي يباشر نشر هذا المطبوع في مصر وطبيعي أن يعتبر فاعلا أصليا للجريمة بغير حاجة لإثبات علمه بمضمون المطبوع.
7- القائمون بالترويج والتداول:
إن المادة 196 ق.ع تنص على عقاب البائعين والموزعين والملصقين في حالة ما إذا تعذر عقاب الطابع باعتباره فاعلا أصليا.ولكي يتحـمل البائع أو الموزع أو الملصق المـسئولية المفترضة لكونهم المروجون للمطبوع ينبغي ألا يتبين من الظــروف عدم استطاعته معرفة مضـــمون المطبوع(1)



الفرع الثاني: الجـــــــــزاء
نص المشرع المصري على الجزاء المقرر لجريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية في قانون العقوبات
أولا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة رئيس الجمهورية
1- العقوبات الأصلية:
تنص المادة 179 من قانون العقوبات المصري على ما يلي:"يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين كل من اهان رئيس الجمهورية بواسطة أحد الطرق المتقدم ذكرها"
يعتبر قانون العقوبات المصري جريمة اهانة رئيس الجمهورية جنحة وهي جريمة عمدية ورصد لها عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن سنتين مع مراعاة حكم المادة 308 قانون عقوبات والمعدلة بالقانون رقم 112 لسنـة 1957 الـذي أدخـل في نطاق تطبيقها المـادة 179 قانون عقوبات والتي تنص:"إذا تضمن العيب أو الاهانة أو القـذف أو السـب الذي ارتكب بإحدى الطرق المبينة في المادة 181 طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات يعاقب بالحبس والغرامة معا في الحدود المبينة في المواد179،181،182،303،306،307 "
هذه المادة تقرر حدودا خاصة فيما يتعلق بالعقوبة إذا ارتكبت الجريمة بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات وبالتالي فيجب ألا يقل الحبس عن ستة شهور إذا تضمن الاهانة الذي ارتكب طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات(1).
ولقد كانت المادة 179 تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهور، ولا تزيد على خمس سنين على العيب في حق الملك، وتعاقب بالحبس على العيب في حق الملكة أو ولي العهد أو أحد أوصياء العرش وأنه لما كانت هذه الأحكام تنطوي على عقوبات طابعها الشدة تميزا للأشخاص الذين يمثلون نظام الحكم الملكي وبرروا ذالك النظام وبإقامة الحكم الجمهوري في مصر وضع النص المقترح ليعاقب على إهانة رئيس الجمهورية بالحبس لمدة لا تزيد عن سنتين اتفاقا مع العقوبة المقررة بالمادة 181 من قانون العقوبات المصري إذا وقعت الإهانة في حق رئيس دولة أجنبية(2).

2- العقوبات التكميلية:
قد نصت المادة 200 من قانون العقوبات المصري:"إذا حكم على رئيس تحرير جريدة أو المحرر المسئول أو الناشر أو صاحب الجريدة في جناية ارتكبت بواسطة الجريدة المذكورة أو في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادتين 179 و308 قضى الحكم بتعطيل الجريدة لمدة شهر بالنسبة للجرائد التي تصدر ثلاث مرات في الأسبوع أو أكثر ولمدة ثلاث أشهر بالنسبة للجرائد الأسبوعية ولمدة سنة في الأحوال الأخرى...".

يعتبر تعطيل الجريدة كعقوبة تكمــيلية وجوبية في حالة ما إذا حـكم على رئيس تحرير الجريدة أو المسؤول أو الناشر أو صاحب الجريدة في الجريمة محل الدراسة ومدة التعطيل:
- شهر بالنسبة للجرائد التي تصدر ثلاث مرات في الأسبوع أو أكثر.
- ثلاث أشهر بالنسبة للجرائد الأسبوعية.





- سنة بالنسبة للأحوال الأخرى أي بالنسبة للجرائد التي تصدر كل أكثر من أسبوع(1)، ونشير إلى أن المشرع المصري نص على مدة تعطيل الجريدة خلافا للمشرع الجزائري والذي لم يحدد مدة غلق المؤسسات الإعلامية.

ثانيا: الجزاء المقرر لجريمة العيب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية

تنص المادة 181 من قانون العقوبات المصري تنص على ما يلي: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين كل من عاب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية"
نلاحظ أن العقوبة تتطابق مع عقوبة إهانة رئيس الجمهورية الواردة في المادة 179 المتمثلة في الحبس الذي لا تزيد عن سنتين. ولكن إذا وقعت الجريمة بطريق النشر رفع الحد الأقصى للعقوبة المبينة في هذه المادة إلى ضعفها عملا بنص المادة 307 من قانون العقوبات ومع مراعاة حكم المادة 308 ق.ع التي سبق وأن تعرضنا اليها.
وتنص المادة 307 :"إذا ارتكبت جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد من 181 إلى 185. 303. 306 بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات رفعت الحدود الدنيا والقصوى لعقوبة الغرامة المبينة في المواد المذكورة إلى ضعفها...".

ثالثا: الجزاء المقرر لجريمة العيب في حق ممثل دولة أجنبية

تنص المادة 182 من قانون العقوبات المصري على مايلي :"يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة،وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من عاب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها في حق ممثل لدولة أجنبية معتمد في مصر بسبب أمور تتعلق بأداء وظيفته."

فنلاحظ ان العقوبة هي الحبس مدة لاتتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولكن إذا وقعت الجريمة بطريق النشر رفع الحدين الأدنى والأقصى لعقوبة الغرامة المبينة في هذه المادة إلى ضعفها طبقا للمادة 307 من قانون العقوبات، ومع مراعاة حكم المادة 308 من نفس القانون واللتين سبق التعرض لهما.

أي أنه إذا تضمن العيب طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا في الحدود المبينة في المادة 182 قانون العقوبات المصري.

وفي حالة نشر هذه الأمور في إحدى الجرائد أو المطبوعات أوجب القانون ألا تقل الغرامة عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور هذا ما نصت عليه المادة 308 من قانون العقوبات المصري(2).






المطلب الثاني: قمع جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية في القانون الفرنسي
وضع المشرع الفرنسي قواعد خاصة للمتابعة الجزائية لمرتكب جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية كما قرر لهذه الجرائم باعتبارها من جرائم الاعلام جزاء متميز .
الفرع الأول: المتابعة الجزائية
اولا-الشكوى او الطلب :
إذا كانت الاهانة المرتكبة ضد رئيس الجمهورية فان النيابة العامة تتابع مرتكب الجريمة من تلقاء نفسها ودون حاجة للطلب من جهة مختصة أو شكوى من رئيس الجمهورية(1).
غير ان المادة 48 من قانون 29/07/1881 المتضمن قانون الاعلام الفرنسي نصت على أن رفع الشكوى يكون من الأشخاص المؤهلين قانون لذلك، وفي حالة إهانة رئيس دولة أجنبية أو أعضاء بعثة دبلوماسية فالمتابعة لا تكون إلا بناءا على شكوى من المجني عليه أو طلبه الذي يوجهه إلى وزير الخارجية الذي يقوم بدوره بإرسالها إلى وزير العدل، وبالتالي فلا يمكن للنيابة العامة أن تحرك الدعوى العمومية إلا بناءا على شكوى المجني عليه كما أن سحب الشكوى يوقف المتابعة(2).

ثانيا- التقـــادم:
نصت المادة 65 من قانون الاعلام الفرنسي 29/07/1881، على أن تقادم الدعوى العمومية الناشئة عن جناية أو جنحة أو مخالفة منصوص عليها بهذا القانون –أي قانون الصحافة – تتقادم بمرور 3 أشهر ابتداء من يوم ارتكابها(3).

ثالثا- الاختصــاص:
لم يضع المشرع الفرنسي بالنسبة لجريمة اهانة رؤساء الدول والبعثات الدبلوماسية قواعد خاصة للاختصاص وبالتالي يطبق عليها القواعد العامة للاختصاص .
فبالنسبة للاختصاص النوعي فلقد كانت محاكم الجنايات تختص بنظر الجرائم المرتكبة عن طريق الصحافة في فرنسا لضمان حرية الرأي، ولكن الأمر الصادر في 06 ماي 1944 جعل من حق محاكم الجنح نظرها.
ويرى الدكتور عبد الرحيم صدقي أن السبب من وراء ذلك سياسي وهو الزج بالثوار من أصحاب الآراء الحرة في السجون، لأن نظام المحلفين ووجوده في محاكم الجنايات كان يؤدي دائما إلى تبرئة من يتهجم على الحكومة الموالية للاستعمار الفرنسي في فيشي(4).
وبالتالي فان محاكم الجنح هي المختصة للنظر في جرائم الاهانة في حق رؤساء الدول والبعثات الدولية ولو ارتكبت عن طريق الصحافة.



أما فيما يخص الاختصاص المحلي فان المشرع الفرنسي لم يضع لها قواعد خاصة لذا فانه تطبق عليه القواعد العامة المعروفة للاختصاص المحلي.
ولقد حاول الاجتهاد القضائي الفرنسي، وخاصة محكمة النقص الفرنسية إيجاد حلول لمشكلة الاختصاص المحلي إذا ارتكبت الجريمة بواسطة نشرية "لما كانت الجريمة المرتكبة عن طريق النشرية تتجسد أساسا في واقعة النشر فإنها تعد مرتكبة في دائرة كل محكمة يتم نشر كتابة فيها لان النشر هو الذي يشكل الجريمة"(1).

رابعا- الحالة الخاصة بارتكاب جريمة الاهانة عن طريق الصحافة المكتوبة
أخذ المشرع الفرنسي وجميع التشريعات التي أخذت منه كقانون الإعلام الجزائري كما سبق وأن ذكرنا بنظرية المسؤولية المبنية على التتابع .
ويعتبر قانون الاعلام الفرنسي الصادر في 26 يوليو 1881 المدير أول المسئولين بالنسبة للنشرات الدورية فيعد مسؤولا جزائيا عن جرائم النشر التي تقترف بواسطتها، ويعتبر مسؤولا دائما سواء كان حسن النية أو سيئها، وسواء وقع على الصحيفة أو المقال أو لم يوقع ولا يسأل إلا إذا اثبت أنه نتيجة لقوة قاهرة لم يتمكن من الاطلاع على المقال موضوع الجريدة ومنع نشره.

وبصدور الأمر 26 أغسطس 1944 المتعلق بتنظيم الصحافة الفرنسية تم استبدال كلمة مديرGERANT بعبارة مدير النشرDerecteur de publication وعلى هذا الأساس يعتبر مالك الجريدة أو المالك لمعظم رأسمالها أو رئيس مجلس إدارة الشركة التي تملكها أو رئيس الهيئة أو الجمعية التي تملكها فيعتبر بحكم القانون – مديرا للنشر – وبالتالي فمالك الجريدة يعتبر مسئولا جنائيا عما ينشر فيها مما يعاقب عليه القانون.

ولقد أكدت المادة 42 من قانون الاعلام الفرنسي لسنة 1881 على ضرورة مسائلة مدير النشرية والكاتب باعتبار أن المدير يعد مسئولا باعتباره المراقب والمفتش(2).

ولقد نظمت المادتين 42 و43 آلية المسؤولية التتابعية والملاحظ أن المادة 42 حددت بدقة مرتبة الأشخاص المتدخلين، فيسأل الطابع باعتباره فاعلا أصليا عند عدم وجود الكاتب أو المدير(3).
أما البائعون والموزعون والمعلنون فأنهم يسألون باعتبارهم فاعلين عند عدم وجود المدير أو الكاتب أو الطابع مسؤولية لا تدفع إلا بان يقيموا الدليل على حسن نيتهم.



الفرع الثاني: الجـــــزاء
نص المشرع الفرنسي على العقوبات المقررة لجريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية في قانون 29/07 1881 المتعلق بالاعلام.

أولا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة رئيس الجمهورية

تعاقب المادة 26 من قانون الاعلام الفرنسي على جريمة اهانة رئيس الجمهورية إذا ارتكبت بواسطة وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في المادة 23 بالحبس لمدة عام وغرامة 300000 فرنك أو بواحدة من هذه العقوبات.
ونصت الفقرة الثانية على أن العقوبات المعروضة في الفقرة السابقة تطبق على الاهانة الموجهة للشخص الذي يمارس كل أو بعض امتيازات رئيس الجمهورية.

ونشير إلى أن قانون الاعلام الفرنسي قد نص على إيقاف الجريدة كعقوبة تكميلية، وذلك في المادة 62 منه، إذ يجوز للقاضي أن يأمر بوقف الجريدة لمدة لا تتجاوز 3 أشهر لكن في جرائم صحفية محددة نصت عليها المواد 23،24 ،27 وبذلك لم ينص على إيقاف الجريدة في حالة ارتكاب جريمة اهانة رئيس الجمهورية، أو رئيس دولة أجنبية، أو رؤساء البعثات الدولية.

ثانيا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة رؤساء الدول الأجنبية
وردت جريمة الاهانة لرئيس دولة أجنبية في قانون الاعلام الفرنسي في المادة 36 من قانون 29 يوليو 1881 والتي نصت على ما يلي: "تعاقب الاهانة المرتكبة علنا لرؤساء الدول الأجنبية ورؤساء الحكومات الأجنبية ووزراء خارجية إحدى الحكومات الأجنبية بالحبس مدة سنة وبغرامة قدرها 300000 فرنك، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

ثم جاء قانون 15 يونيو 2000 والخاص بقرينة البراءة وحقوق المتهمين ليعدل من هذا النص بإلغاء عقوبة الحبس كالآتي: "تعاقب الاهانة المرتكبة علنا لرؤساء الدول الأجنبية ورؤساء الحكومات الأجنبية ووزراء خارجية إحدى الحكومات الأجنبية بغرامة قدرها 45000 أورو "(1).
و بالتالي نلاحظ انه قد تم الغاء عقوبة الحبس بموجب هذا القانون .

ثالثا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة البعثات الدولية
تنص المادة 37 من قانون 26 يوليو 1881 على ما يلي: " الاهانة المرتكبة علنا للسفراء، والوزراء المفوضين، المبعوثين أو القائمين بالأعمال أو المعتمدين السياسيين المعتمدين من قبل الحكومة الجمهورية يعاقب عليها بعام حبس أو غرامة 300000 فرنك، أو بإحدى هاتين العقوبتين"(2).






و نلاحظ ان المشرع الفرنسي نص على عقوبة الغرامة و الحبس و هي نفس العقوبة التي قررها المشرع المصري و الجزائري، غير ان هناك بعض التشريعات وضعت عقوبات اخرى كقانون العقوبات السويدي الصادر سنة 1864 الذي قرر عقوبة الاشغال الشاقة لمدة سنتين، كما انه حدث ان حكم في السويد سنة 1728 بالاعدام على شخص لمجرد انه اهان لويس الخامس عشر(3).
ونشير إلى أن مصادرة الكتابات المسيئة أو المهينة مسموح بها طبقا للمادة 51،52،61 من قانون 1881 المعدل بالأمر 13 سبتمبر 1945.





































































الخـاتمــة:

بهذا يكون بحثنا الذي عالجنا فيه جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية قد إنتهى، وخلاصة قولنا نفضل أن تكون عبارة عن مجموعة نقاط مختلف فيها بين القانون الجزائري و القانون الفرنسي و المصري فيما يتعلق بهذه الجرائم.

فلقد سبق وأن رأينا أن هذه الجرائم المتميزة قد تناولتها أغلب التشريعات كالمشرع الفرنسي الذي نظم هذه الجرائم في قانون 29 جويلية 1881 المتعلق بالإعلام، و المشرع المصري الذي نص عليها في قانون العقوبات.
أما المشرع الجزائري فقد نص على جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية و رؤسـاء البـعثات الدولـية و أعضائها في قانون 90/07 المتعلق بالإعلام وبالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية فلقد كان محمي من الإهانة بموجب المادة 97 من قانون الإعلام والتي تعاقب على إهانة رؤساء الدول بصفة عامة سواء كان رئيس الجمهورية أو رئيس دولة أجنبية، في حالة ما إذا ارتكبت الجريمة بإحدى الوسائل الإعلامية، كما أن نص المادة 144 من قانون العقوبات يحمي رئيس الجمهورية من الإهانة بصفته قاضيا حسب ما استقر عليه القضاء الفرنسي بان مفهوم القاضي يشمل رئيس الجمهورية، ورأينا انه بموجب قانون 01/09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل والمتمم لقانون العقوبات تم استحداث المادتين 144 مكرر، و144 مكرر واللتان تعاقبان على إهانة رئيس الجمهورية.

وبهذا فإن المشرع الجزائري لم يتبع خطة معينة بالنسبة لهذه الجرائم، وحسب وجهة نظرنا فان هذه الجرائم مكانها هو قانون العقوبات، ذلك أن هذه الجرائم لا ترتكب فقط بالوسائل الإعلامية أو في مجالها ولكن قد ترتكب خارجها سواء بالفعل أو القول أو الكلام .

كما أن المشرع الجزائري أشار لأول مرة إلى الوسائل الإلكترونية والمعلوماتية التي قد ترتكب بها جريمة اهانة رئيس الجمهورية في المادة 144 مكرر ق.ع وهذا ما لم نلاحظه في القانون المصري والفرنسي.

ونشير إلى أن المشرع الفرنسي قد وسع مجال حماية رؤساء الدول من الأهانة مقارنة مع القانون المصري والقانون الجزائري فبالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية مدد المشرع الفرنسي الحماية إلى الشخص الذي يمارس كـل أو بعـض امـتيازات رئيس الجـمهورية كرئيـس الحكومة المؤقتة خـلافا للمشرع المصري و الجزائري اللذان قصرا الحماية على رئيس الجمهورية.

كذلك الحال بالنسبة لجريمة إهانة رئيس دولة أجنبية فإنه وسع الحماية إلى رؤساء الحكومة و وزراء الخارجية ،غير أن المشرع الجزائري كان يحمي أعضاء الحكومة الأجنبية بموجب المادة 122 من قــانون 82/01 المتعلق بالإعلام الملغى، إلا أنه لم ينص على ذلك في المادة 97 من قانون الإعلام 90/07 المعمول به حاليا.

أما المشرع المصري وسع الحماية بالنسبة للبعثات الدولية وأعضاءها إذ نص في المادة 182 من قانون العقوبات المصري على معاقبة كل من يهين ممثل دولة أجنبية لتشمل بهذه الحماية القناصلة وحتى المستشارين في أي مجال.

كما ان العلانية لا تعتبر شرطا لقيام جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري،وبالتالي فإنه يعاقب على الإهانة سواء ارتكبت في علانية أو غير علانية خلافا للقانون المصري والفرنسي اللذان يشترطان العلانية لقيام هذه الجريمة.






إذا كان كل من المشرع الجزائري والمصري والفرنسي يتفقون حول أن الجرائم محل دراستنا يشترط لقيامها توافر القصد العام بإعتبارها جرائم عمدية إلا أننا تسألنا حول وجوب القصد الجنائي الخاص، فتبين لنا أن القضاء المصري إستقر على أن القصد العام وحده كافي لقيام هذه الجرائم. لكن من خلال ما قضى به القضاء الفرنسي لاحظنا انه اشترط في كل مرة لقيام جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية توافر القصد الجنائي الخاص.

أما المشرع الجزائري الذي لم ينص صراحة على القصد الجنائي الخاص ، إلا أنه حسب وجهة نظرنا أن علم المتهم بصفة المجني عليه لا يكفي لقيام القصد الجنائي ، وإنما يستلزم نية المساس بشرف وإعتبار المجني عليه، ذلك لأن لكل إنسان الـحق في التعبير طبقا للدستور ولكن بشرط عـدم الإضرار أو المساس بشرف وإعتبار المجني عليه.

ولقد خرج المشرع الجزائري عما هو معمول به في التشريعات المقارنة فيما يتعلق بمسألة الطلب، فلم يقيد تحريك الدعوى العمومية بطلب من وزير العدل في حالة ارتكاب جريمة إهانة رئيس دولة أجـنبية أو رئيس بعثة دولية أو أحد أعضاءها، خلافا للمشرع الفرنسي و المشرع المصري اللذان اشترطا لتحريك الدعوى العمومية طلب من وزير العدل نظرا لأن هذه الجرائم تمس العلاقات بين الدولة والدول الأجنبية حتى يترك تقدير المصلحة في تحريكها أو عدم تحريكها إلى وزير العدل الذي يعتبر أدرى بما تقتضيه المصلحة.

كما أن المشرع الجزائري لم يحدد مدة خاصة لتقادم الدعوى العمومية مثله مثل المشرع المصري غير أن المشرع الفرنسي حدد مدة التقادم بثلاثة أشهر.

وإن المادة 42 من قانون الإعلام الجزائري90/07 لم تعاقب المستورد و إكتفت بذكر كل من البائع والموزع والطابع وملصق الإعلانات، خلافا للمشرع المصري الذي عاقب المستورد بصفته فاعل أصلي لأنه هو الذي يباشر نشر هذا المطبوع في مصر، كما أن المشرع المصري أعفى رئيس التحرير من المسؤولية في حالتين وذلك إذا ما حصل النشر خلسة، وفي حالة ما إذا رضخ رئيس التحرير الاكراه أدبي، غير أن المشرع الجزائري لم يعفى رئيس التحرير واعتبره مسؤولا في كل الحالات بناءا على المسؤولية المفترضة.

ولقد نصت المادة 144 مكرر 1 ق.ع على متابعة المسؤولين عن النشرية وحتى النشرية ذاتها في حالة مااذا كانت هذه الأخيرة هي الوسيلة التي ارتكبت بها الجريمة، وشددت في عقوبة الغرامة وهو ما يراه بعض الصحفيين إجحافا في حقهم و انه فيه مساس بحرية التعبير والإعلام، ولكن سبق وأن وضحنا أن جريمة إهانة رؤساء الدول بصفة عامة، ورئيس الجمهورية بصفة خاصة وجريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية تستوجب التشديد لان الأمريتعلق بكرامة هذه الشخصيات الهامة والمركز الذي تحتله، وأن اهانة إحدى هذه الشخصيات ينال من هيبة الدولة وسيادتها ، فما على القاضي إلا مراقبة مدى توافر نية أو قصد الصحفي للمساس بشرفهم و إعتبارهم، مع الإشارة إلى أن القانون الفرنسي عدل المادة 36 من قانون 29 يونيو 1881 بقانون 15 يونيو 2000 الخاص بقرينة البراءة وحقوق المتهمين وبموجب هذا القانون ألغى عقوبة الحبس وأبقى على عقوبة الغرامة فقط.

وأخيـرا أرجـوا أن أكـون قـد وفقـت فـي إضافـة لبـنة تسـدي نفعـا للمكتبـة القانونيـة الـجزائريــة.











































المـــــــراجــــــع:

أولا: القوانيــــــن

- دستــور 1989 المعدل بموجب استفتاء 28 نوفمبر 1996.
- القانون رقم 82/01 المؤرخ في 12 ربيع الثاني 1402 الموافق لـ 06 فبراير سنة 1982 المتضمن قانون الإعلام .
- القانون رقـم 90 – 07 المؤرخ في 18 رمضان عام 1410 الموافق لـ 03 أبريل سنة 1990 المتعلق بالإعـلام.
- الأمـر رقـم 66 – 155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 08 يونيو سنة 1966 المتضمن قانـون العقـوبات المعـدل والمتمـــم بالقانون رقم 06 / 23 المؤرخ في 29 ذي القعدة عام 1427 الموافق ل 20 ديسمبر 2006 .
- الأمـر رقـم 66 – 156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 08 يونيو سنة 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، المعدل والمتمم بالقانون رقم 06 / 22 المؤرخ في 29 ذي القعدة عام 1427 الموافق ل 20 ديسمبر 2006 .

ثانيا: المؤلفات

* المؤلفات باللغـــة العربيـــــــة

- الدكتور أبو الهيف على صادق ، القانون الدبلوماسي، منشأة المعارف الإسكندرية.
- الدكتور بوسقيعة أحسن ، الوجيز في القانون الجنائي الخاص، الجزء الأول، دار هومة، الجزائـر 2002.
- الدكتور بوسقيعة أحسن ، الوجيز في القانون الجزائي العام،الطبعة الثالثة، دار هومة للطباعة والنشر2006.
- الدكتور بيومي حجازي عبد الفتاح ،الأحداث والانترنت،دار الفكر الجامعي الاسكندرية،2004
- بغدادي جيلالي، الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الجزء الأول، المؤسسة الوطنية للإتصال والنشر والإشهار وحدة الطباعة بالرويبة الجزائر 1996.
- جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثاني، دار العلم للجميع بيروت ، الطبعة الثانية 1932.
- الدكتور جذوب محمد ، القانون الدولي العام، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الخامسة 2004.
- الدكتور الخشن محمد عبد المطلب ، الوضع القانوني لرئيس الدولة في القانون الدولي العام، دار الجامعة الجديدة للنشر، الأسكندارية2005.
- الرومي محمد أمين ، جرائم الكمبيوتر والأنترنت، دار المطبوعات الجامعية 2003.
- زغبي فريد ، الموسوعة الجزائية،دار صادربيروت.1995
- الدكتور سرور طارق ، جرائم النشر والإعلام، دار النهضة العربية، القاهرة 2004.
- الدكتور سند حسن سعد ، الوجيز في الجرائم الصحافة والنشر، دار الفكر الجامعي 2002.
- الدكتور شواربي عبد الحميد ، جرائم الصحافة والنشر، منشأة المعارف الإسكندرية1997.


- الدكتور شواربي عبد الحميد ، جرائم الصحافة والنشر، منشأة المعارف الإسكندرية2004.
- الدكتور شواربي عبد الحميد، التعليق الموضوعي على قانون الإجراءات الجزائية، الكتاب الثاني، منشأة المعارف الإسكندرية2003.
- شوابكة محمد أمين أحمد ، جرائم الحاسوب والأنترنت، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2004.
- الدكـتور صـدقي عبد الرحيم ، جرائم الإعـلام والرأي في تـشريعات الإعلام وقانوني العقوبـات، والإجراءات الجنائية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي 1987.
- الدكتور فرج محسن فؤاد ، جرائم الفكر والرأي والنشر، الطبعة الثانية، دار الفكر العربي، 1993.
- قارة أمـال، الحماية الجزائية للمعلوماتية في التشريع الجزائري، الطبعة الأولى دار هومة الجزائـر2006.
- الدكتور مرصفاوي حسن صادق ،المرصفاوي في قانون العقوبات تشريعا وقضاءا في مائة عام ،الطبعة الثانية ،منشأة المعارف بالأسكندرية،1994.

* المؤلفات باللغـــة الفرنسيــــــة
- RIPERT Georges. vergé Emmanuel, Nouveau répertoire de droit, Dalloz 1949
- Yves Mayaud, code pénal, nouveau code pénal Ancien code pénal .Dalloz, 1994- 1995.
- Michèle laure Rassat, Droit pénal spécial page 424 édition Dalloz 1997.
- Juris classeur pénal. commentaires fascicule 80 Paris 1996.

ثالثا: المجلات القضائية:
- المجلة القضائية 1990 الصادرة عن قسم الوثائق بالمحكمة العليا، العدد الثالث.
- المجلة القضائية 2002، الاجتهاد القضائي فيالجنح والمخالفات، الصادرة عن قسم الوثائق بالمحكمة العليا، عدد خاص الجزء الأول.






















































مـلحــــــــــــــق رقم: 01
ملف رقم 125.53 قرار بتاريخ 17/01/1989.
قضية: (م ص) ضـد: (ن ع).
إهانة_ إدانة_ دون إبراز الكلمات الجارية. _ دون تبيان الإشارات التي تعد إهانة_ اسأة في تطبيق القانون.
(المادة 144 من ق ع)

من المقرر قانونا أنه لإثبات جريمة الإهانة لا بد من تبيان نوعية ونموذج الكلمات الجارية الماسة بكرامة وشرف المتعدى عليه أو نوعية الإشارات العصبية المرفقة بالأقوال التي يمكن أن تعد إهانة ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد تطبيقاً سيئاً للقانون.
لما كان قضاة الموضوع _ في قضية الحال _ أدانوا الطاعن بجريمة الإهانة والشتم طبقا للمادة 144 من قانون العقوبات، دون أن يبينوا نوعية الكلمات الجارية أو نوعية الإشارات التي يمكن أن تعد إهانة، فإنهم بقضائهم كما فعلوا أساؤا تطبيق القانون.
ومتى كان كذلك استوجب نقص وإبطال القرار المطعون فيه.
إن المجلـس الأعــلـى
بعد الاستماع إلى المستشار موساوي عبد القادر في تلاوة تقريره وإلى المدعي العام بوفامة عبد القادر في طلباته الرامية إلى الرفض.
فصلاً في الطعن بالنقص المقدم بتاريخ 22/06/1986 من المسمى (م ص) القرار الصادر من مجلس قضاء سطيف (الغرفة الجنائية) في 22 جوان 1986 الذي حكم بتأييده مبدئياً الحكم المتخذ من محكمة الجنح لمدينة سطيف المؤرخ في 27 جوان 1986 الذي حكم على المدعي المتهم الملاحق جنائياً لارتكابه جريمة الإهانة والشتم.
الواقعتان المعاقب عليها بنص المادتين رقم 144 _ و247 من قانون العقوبات وإصدار في شأنه عقوبة ثلاثة (03) أشهر حبسا مع إيقاف التنفيذ وأداء مبلغ ألفي دينار(2000 دج) غرامة أما القرار المطعون فيه فاحتفظ في حق المتهم بعقوبة السجن فقط.
حيث أن الرسم القضائي مسدد والطعن يستوفي الشروط القانونية فهو مقبول شكلاً وتأييداً للطعن قدم نيابة وبإسم المدعي المذكور وكليه الأستاذ هيشور مذكرة تتضمن وجهين:
الوجهان المقترنان: المأخوذ الأول منهما من خرق وأساؤا تطبيق القانون لأن عناصر جريمة الإهانة غير متوفرة وأقوال المدعي في الطعن لا تشكل إهانة.
أما الثاني: المأخوذ من انعدام وقصور الأسباب لعدم ذكر القرار المطعون فيه نموذج من هذه الأقوال المكونة تعابيرها للإهانة.
حيث أسس مجلس قضاء سطيف تقريره العقوبة ضد المدعي في الطعن لكون هذا الأخير وجه لرئيس المجلس الشعبي البلدي الخطاب التالـي: تركنهم يتصرفون فيكم وأردف مجلس القضاء المذكور في الشأن أن هذه الأقوال كانت مرفقة بإشارات غير لائقة.
حيث لا يورد القرار المطعون فيه نوعية ونموذج، الكلمات الجارية الماسة بكرامة وشرف السلطة المتمثلة في مقام المشتكي كرئيس للمجلس الشعبي البلدي ومن جهة أخرى لا يبين القرار المطعون فيه نوعية






الإشارات العصبية المرفقة بالأقوال المنسوبة للمدعي في الطعن أنه تلفظ بها والتي يمكن أن تعد إهانة وعليه فهذان الوجهان مؤسسان مما يترتب عليه نقض وإبطال القرار المطعون فيه.


لهــــذه الأسبـاب
قرار المجلس الأعلى مايلي: قبول الطعن لصحته شكلا والتصريح بتأسيسه موضوعا ونقض وإبطال القرار المطعون فيه الصادر من مجلس قضاء سطيف بتاريخ 22 جوان 1986.
إحالة القضية والأطراف أمام نفس مجلس القضاء المذكور للفصل من جديد وفقا القانون، ترك المصاريف على ذمة الخزينة العامة.
بهذا صدر القرار بالتاريخ المذكور أعلاه من طرف الغرفة الجنائية الثانية القسم الأول للمجلس الأعلى المتركبة من السادة:
مـــراد بن طبـــاق: الرئيــس.
مـوسـاوي عبد القـادر: المستشـار المقـرر.
حســـان السعـيــد: المستشـار.
وبحضور السيـد/ بوفامة عبد القادر المحامي العام وبمساعدة السيد شرابي أحمد كاتب الضبط.






















مـلحــــــــــــــق رقم: 02

ملف رقم 187527 قرار بتاريخ 26/04/2000.
قضـية (ب_ ع/ ح _ ج) ضــد (وزارة الصحة والسكن _ النيابة العامة)

الموضـوع: جريمة الإهانة _ إدانة _ عدم تبيان عناصر التهمة_ عدم مناقشة الأقوال التي تعد إهانة _ قصور التعليل _ نقض وإحالة.
المرجــع: المـادة 144 قانون العقوبات.
المبـــدأ: إن القضاء بإدانة المتهمين بجريمة الإهانة دون تبيان عناصرها ومناقشة الأقوال التي تعد إهانة يعد قصوراً في التعليل وتطبيقاً سيئاً للقانون.

إن المحكمة العلـيا
فصلا في الطعن بالنقص الذي رفعه المتهمان (ب _ ع)و(ح _ ج) بواسطة محاميهما يوم 21/01/1997 ضد القرار الصادر عن مجلس قضاء الجزائر العاصمة بتاريخ 20/01/1997 والذي قضي بتأبيد الحكم المستأنف في جميع مقتضياته، هذا الحكم الذي أدان المتهم (ح _ ج) بعد إعادة التكيـيف طبقا للمادة 144 من قانون العقوبات بغرامة نافذة قدرها خمسة آلاف دينار (5000 دج)، و(ب _ ع) بغرامة قدرها 2000 دج مع وقف التنفيذ وذلك طبقا للمادتين 41 و144 من قانون العقوبات والمادة 43 من قانون الإعلام، مع إلزام المحكوم عليهما بدفعهما معا مبلغ عشرة آلاف دينار (10.000 دج) تعويضا عن كافة الأضرار للطرف المدني.
حيث أودع الطاعنان عريضة في الطعن بواسطة الأستاذ محمد بورايو المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا أثار فيها أربعة أوجهة للنقض.
عن أوجه الطعـن:

الوجه الأول: المأخوذ من مخالفة أحكام المادة 500/4 من قانون الإجراءات الجزائية والمتضمنة الانعدام والقصور والتناقض في الأسباب.

الوجه الثـاني: عدم تسبيب عناصر التهمة والمؤدي وحده للنقض.
ومفاد ذلك أن قضاة الموضوع لم يسببوا على الإطلاق عناصر التهمة المنسوبة إلى المتهمين المتمثلة في جريمة الإهانة، إذا اكتفوا بعبارة ((أن الوقائع ثابتة)) ضد المتهمين، ذلك أن القانون والاجتهاد القضائي إستقر على إلزامية تحديد العبارات أو الإدعاءات أو التصرفات الماسة بكرامة وشرف المعتدى عليه، أو نوعية الإشارات المرفقة بالأقوال التي يمكن أن تعد إهانة ((قرار المحكمة العليا بتاريخ 17/01/1989، ملف رقم 153125، المجلة القضائية لسنة 1990، العدد الثالث)) وبذلك فإن تحديد وضبط هذه العبارات الإدعاءات والتصرفات هو أمر ضروري لتمكن ممارسة رقابة المحكمة العليا على الأسباب المعتمد عليها من قبل قضاة الموضوع عند إثبات جريمة الإهانة، واعتبارا أنهم لم يفعلوا فإن قرارهم مشوب بالقصور في التسبيب وهو ما يؤدي إلى نقضه وإبطاله.






حيث أنه بالفعل يتضح من قراءة القرار المطعون فيه أنه قد جاء غير معلل وغير مسبب بما فيه الكفاية، فهو قد اعتمد على الحيثية التالية لإدانة الطاعنين: ((وحيث أنه تبين للمجلس من خلال دراسة الملف والمناقشة التي دارت بالجلسة وبعد المداولة بأن الوقائع ثابتة ضد المتهمين)) فهو لم يبين عناصر التهمة المتمثلة في الإهانة والمشاركة طبقا للمادتين 41 و144 من قانون العقوبات والمادة 43 من قانون الأعلام، ولم يناقشها بتبيانه لنوعية الكلمات الجارحة، الماسة بكرامة وشرف المعتدى عليه، أو نوعية الإشارات المرفقة بالأقوال التي يمكن أن تعد إهانة، وهو ما يجعل بالتالي أن ما ينعاه الطاعنان على القرار المطعون فيه في هذا الوجه الثاني كان صائباً وموفقاً، ويتجلى ذلك في القصور الواضح في التعليل والتسبيب، وقضاة الموضوع بتصرفهم هذا يكونوا لم يوفقوا فيما ذهبوا إليه، ولم يطبقوا القانون تطبيقاً سليماً بعدم تعليلهم وتسبيبهم لقرارهم تسبيباً كافياً، وهو ما يعرضه للنقض والبطلان، وهذا الوجه وحده كاف لذلك وبدون حاجة لمناقشة بقية الأوجـه.

لهـذه الأسباب

تقضــي المحكمة العلـيا بالنقض والإحالــة


























مـلحــــــــــــــق رقم: 03

جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية وفقا للقضاء الفرنسي.
أولا: الوقائع
ارتأت لجنة المجموعات الأوروبية عندما تقدمت إحدى الدول بأوراق ترشيحها للإتحاد الأوروبي أن تحصل على معلومات وافية عن مسألة إنتاج تلك الدولة للقنب، والإجراءات التي اتخذتها لاستئصالهـا، وذلك من أجل تقدير ترشيح تلك الدولة.
فدعا السكرتير العام للجنة مرصد المخدرات الجغرافي السياسي لإجراء دراسة عن إنتاج وتجارة المخدرات في هذه الدولة.
وفي شهر فبراير 1994 قدم مرصد المخدرات الجغرافي السياسي تقريره للجنة المجموعات الأوروبية، وذكر في التقرير أسماء الأشخاص المتورطين في تجارة المخدرات في هذه الدولة.
وطلبت اللجنة من مرصد المخدرات الجغرافي السياسي نسخة جديدة من التقرير محذوفا منه أسماء تجار المخدرات، ونشرت هذه النسخة مع التقرير الأصلي في مؤلف "مخدرات الدول Drogues des états" والذي نشره مرصد المخدرات الجغرافي السياسي في عدده الصادر بتاريخ 25 ماي 1994، والذي خصص فيه فصل كامل لهذا البلد.
أما النسخة الأصلية بقيت سرّية لمدة من الزمن إلى أن بدأت في التداول، ويتكون هذا التقرير في نسخته الأصلية من تسعة فصول عنوانها على التوالي:
1- القنب في ...(اسم الدولة) في مضمونة التاريخي.
2- الانعكاسات الاجتماعية و الاقتصادية ومناطق الإنتاج.
3- امتداد المساحات المزروعة.
4- المغرب أول مصدر عالمي للحشيش.
5- سبـل التجـارة.
6- الشبكــــات.
7- ظهـور مخدرات صلبـة
8- مـآل المخدرات.
9- الحرب ضد المخدرات.
وفي الأربعة الفصول الأولى قيل أنّه خلال عشر سنوات قد تضاعفت أرض الجدود المخصصة لزراعة القنب عشرة أضعاف، وأن أهمية الإنتاج كانت إلى يومنا هذا تجعل من الدولة المطالب الحقيقي للقنب المصدر العالمي الأول للحشيش.
وفي العدد الصادر بتاريخ 03 نوفمبر 1995 عرضت جريدة وهي إحدى الصحف الكبرى هذا التقرير ومقالا منشورا، وقد ظهر المقال في الصفحة الأولى تحت عنوان:
"المـــصـــــدر العالــــمي الأول للـــحشـــــــــيش"


وتحت عنوان فرعي:
"تــــــقرير ســـري يقحــــم حاشــــية...(اسم رئيســـها)"
والمقال كان في حوالي ثلاثين سطرا كان يلخص نصوص تقرير مرصـد المخدرات الجغرافي السياسي.
وفي الصفحة الثانية نشر مقال أكثر توسعا تحت عنوان:
"تـــقرير ســـــري يقحـــم السلـــطة... في تجــــارة الحشـــيش".
وتحت عنوان فرعي:
"طبقا لهذا المستند الذي طلبه الإتحاد الأوروبي من مرصد المخدرات الجغرافي السياسي كان... (اسم الدولة) هو المصدر العالمي الأول والمورد الأول للسوق الأوروبيـة".
وأشار المقال إلى مسؤولية سلطات هذه الدولة المباشرة في هذا النشاط المربح، وكان هذا المقال مختصرا في مقال افتتاحي نصه كالآتي:
"المخدرات – في تقرري سري سلّم في 1994 إلى الإتحـاد الأوروبي"
وقد حصلت الجريدة على نسخة منه والذي ذكر فيها مصدر المخدرات الجغرافي السياسي أن هذه الدولة أصبحت من خلال بضع سنوات المصدر الأول للحشيش والمورد الأول للسوق الأوروبية، وذكر صاحب المقال أن هذه الدراسة تشكك في نوايا سلطة الدولة المذكورة في وضع حد لهذه التجارة، بالرغم من حرب المخدرات التي أطلقتها في خريف 1992 وجاء بالمقال أن الرشوة تضمن لشبكة التجار دعم وحمايـة.
وبعد نشر هذا المقال أرسل رئيس الدولة... في خطابه المؤرخ 23 نوفمبر 1995 إلى وزير الخارجية الفرنسي طلبا رسميا لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضد الجريدة، وقد أرسل وزير الخارجية الطلب إلى مستشار وزير العدل الذي رفع الأمر بدوره إلى نيابة باريس طبقا لأحكام المادة 48 فقرة 05 من قانون 29 يوليو 1881 لاتخاذ اللازم قانونا.
فكلف كل من مدير النشر للشركة وصاحب المقال للحضور أمام محكمة جنح باريس بتهمة إهانة رئيس دولة أجنبية وبتاريخ 05 يوليو 1996 أصدرت محكمة أول درجة حكما ببراءة المتهمين استنادا إلى أن الصحفي قد اكتفى بذكر ملخصات من تقرير لاشك في جديته، دون هجوم مقصود ولا تحريف ولا تفسير تعسّفي، وانه بالتالي قد قصد هدفا مشروعا وتصرف بحسن نيـة، وبرأت أيضا مدير النشر من التهمة المنسوبة إليـه.
استأنف رئيس الدولة والنيابة العامة، أمام محكمة استئناف باريس والتي أصدرت حكمها بتاريخ 06 مارس 1997 والذي أدانت فيه المتهمين، على أساس أنه وإن كان إعلام الجمهور عن طريق الصحافة عن موضوع تجارة العقاقير الدولية تعتبر هدفا مشروعا، الا أن رغبة الجريدة في اجتذاب الجمهور نحو مسؤولية حاشية ...(رئيس الدولة) وعن تسامح رئيس الدولة تحمل طابع سوء النية، وان المقالات تتضمن اتهاما بالحيلة والمكر المكوّن لإهانة رئيس دولة أجنبية، لأن الصحفي لم يحاول التأكد من صحة تعليق مرصد المخدرات الجغرافي السياسي، ولكنه اكتفى بالنسخة الوحيدة لهذا المرصد بأن جعل نفسه المتكلم عن أطروحة تتضمن اتهامات خطيرة دون أن يترك مجالا للشك في جدية مصدر المعلومات، كما أن كل هذه الظروف كانت تستبعد حسن النية حسب ما أكدته محكمة الاستئناف:
- أن الصحفي لم يحاول التأكد مما إذا كان البحث الذي تم في سنة 1994 كان مازال ساريا في شهر نوفمبر 1995.
- كما أنه لم يحاول الحصول على تفسير من الشخصيات ومسئولي تلك الدولة بما جاء في مرصد المخدرات الجغرافي السياسي.
- بالإضافة إلى ذلك فقد امتنع الصحفي عن ذكر صدور "الكتاب الأبيض LIVRE BLANC" والذي نشرته سلطات الدولة في شهر نوفمبر 1994 والمتعلق بسياستها العامة المتخذة لمكافحة تجارة المخدرات والتنمية الاقتصادية في أقاليم الشمـال.
وعلى هذا الأساس أصدرت محكمة الإستئناف حكما تدين فيه المتهمين بجريمة إهانة رئيس دولة أجنبية، وصدر حكم على كل منهما بغرامة 5000 فرنك وبأن يدفعوا لرئيس الدولة كمدعى بالحق المدني تعويضا مؤقتاً يقدر بمبلغ 01 فرنك ومبلغ 10.000 فرنك تطبيقا لنص المادة 475/1 من قانون الإجراءات الجنائية، وبأن تنشر الجريدة بيانا يذكر فيه حكم الإدانة.
طعن المتهمان عن طريق النقض في هذا الحكم فأصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض حكم بتاريخ 20 أكتوبر 1998 برفض الطـــعن على أساس أن طابع الإهانة في المقال يتمثل في التشكيك في رغبة... رئيس الدولة ذاته في إنهاء تجارة المخدرات في بلده، وتهامة بحديث خبيث، كون أن المقال المذكور قدم الدولة كمصدر عالمي أو للحشيش، وألقي المسؤولية على السلطة وأعضاء عائلة رئيس الدولة عن تجارة المخدرات، وأن هذا الإصدار من الصحفي على جذب إنتباه القارئ على شخص الرئيس كان يحمل طابع سوء النية.










قديم 2011-05-21, 14:22   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
البعثات, الدولية, الرؤساء, اهانة, جريمة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc