طرطور والفلاّح العجوز
جلس العمّ يحكي:
كبر أحد الفلاحين ولم يعد قادرا على العمل وحده . بحث عن شريك يساعده ويقتسم معه الغلّة ، فوجد شابّا قويّا ، لكنّه جاهل وغبيّ.
هيّأ الفلاّح وشريكه الأرض ، ثمّ زرعاها جزرا ، ولمّا نزل المطر نبت الزّرع ، وكبرت أوراقه حتّى غطّت الحقل. نظر الشابّ إليها فأعجبته ، وظنّ أنّها الجزر، فقال للشّيخ : نقتسم الغلّة من الآن ، أنا آخذ ما فوق التّراب ، وأنت تأخذ ما تحته . ابتسم الشيخ وقال : أنا موافق يا سي طرطور ، خذ ما تريد .
جاء الشابّ إلى الحقل، وحشّ أوراق الجزر ، وذهب ليبيعها ، فلم يشرها أحد . أمّا الشّيخ فقلع الجزر ، وباعه بنقود كثيرة . عرف طرطور أنّه أخطأ ، فقال للشّيخ : نزرع الحقل مرّة أخرى ، وفي هذه المرّة أنا الّذي آخذ ما تحت التّراب. ضحك الشّيخ وقال : حسن، سنزرع الفول ، هذا وقته.
زرع الشّريكان الفول ، وبعد مدّة نبتت شجيراته ، وظهرت فيها أزهار ، ثمّ سقطت الأزهار ، وظهرت في مكانها قرون صغيرة ، كبرت وامتلأت بالحبّ .
نضج الفول فجناة الشّيخ وجمعه ، أما طرطور فما وجد في التراب إلاّ الجذور.
كلّ هذا كان حلما !
يحكى أنّ جحا ورث مالا عن أبيه ، فبدأ يصرف ويبذِّر حتّى كاد ينفد ماله . وذات يوم تمدّد في فراشه ، وبدأ يفكّر ويفكّر ثمّ قال : لو أبقى على هذه الحال ، ينفد مالي ، وأصير فقيرا ، ماذا أفعل حتّي أصبح غنيّا مثل أبي ؟ آ ، عرفت، سأبني معملا لصنع الأقمشة وتفصيل الملابس.
بنى جحا معملا خارج المدينة ، ثمّ بدأ يجمع الموادّ لصنع الأقمشة : ذهب إلى الصّحراء ، واشترى وبر الجمال ، ليصنع منه البرانس والجلابيب . واشترى الصّوف ليغزله ويصنع منه ملابس الشّتاء . وسافر إلى مصر ، واشترى القطن ، ليصنع منه الملابس الدّاخلية ، ثمّ سافر إلى الهند ، واشترى خيوط الحرير ، ليصنع منها الملابس النّاعمة للنّساء.
جهّز جحا معمله بكلّ ما يلزم من الموادّ والآلات ، ثمّ وظّف مجموعة من العاملين والعاملات ، بعضهم يسيّر الآلات الّتي تنسج القماش ، وبعضهم يفصّل القماش ويخيط الملابس.
بدأ المعمل ينتج أنواع الأقمشة ، وكلّما أنتجت كمّيّة نقلت إلى قسم التفصيل والخياطة ، ليفصّلها الخيّاطون ، ويصنعوا منها ملابس للرّجال ، والنّساء ، والأطفال ، مثل : السّراويل ، والقمصان ، والفساتين ، والمعاطف ، والصّدرات ، وغيرها .
جاء جحا إلى المعمل ، فأعجبه نشاط العمّال ، وكثرة الإنتاج فقال : الآن أكري شاحنات لنقل هذه الملابس وبيعها ، وسأربح أموالا كثيرة.
بقي جحا ينتقل بين أقسام المعمل ويحثّ العمّال قائلا : اعملوا ، زيدوا ، لا تتكاسلوا . تقدّم إليه أحد العمّال وقال : نحن نعمل وأنت تأمر ! نحن نتعب وأنت تجمع الأموال ! يجب أن نقتسم الأرباح ، وإلاّ توقفنا عن العمل .
غضب جحا وبدأ يصيح : المعمل معملي ، والرّبح لي وحدي . العمّال : تريد أن تستغلّنا وتربح على أكتافنا ، لا نقبل بهذا أبدا ، نحن خارجون ، ابق وحدك . جحا : لا تخرجوا ، انتظروا ، وتعالوا لنتفاهم .
سمعته زوجته فجاءت إليه وأيقظته : كنت تحلم يا جحا ، سمعتك تتكلّم كلاما غريبا ، خيرا إن شاء اللّه . تنهّد جحا ، ومسح العرق من جبينه وقال : كلّ هذا كان حلما ! .
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2011-04-24, 21:23
مــساعدهــ لوجه الله
العرض العادي
