يشترك جميع الأطفال الطبيعيين غالباً في الكثير من الخصائص والمظاهر النمائيّة، وتتميّز السنة الأولى من عمر الطفل بسرعة نموّه الجسمي والحسي، ويشمل عامه الأول الكثير من التطوُّرات التي تبدأ بالحركات العشوائيّة لتتطوّر للحبو ثم المشي، وغيرها الكثير كاستجابات الطفل وتفاعلاته لمحيطه بالكلام، واكتساب اللغة، وبناء العلاقات الاجتماعيّة البدائيّة، وينبغي التنبّه لتربية الطفل وكيفيّة التعامل الصحيح والبنَّاء معه؛ لغرس أساس الشخصيّة السليمة في ضوء جميع المؤثرات الداخليّة والخارجيّة المحدِّدة لبيئة الطفل، وتعتمد التنشئة السليمة للطفل واستقراره على سلوك الأهل وآليات تفاعلهم، فإذا كانت استجابة الأهل سليمة ينشأ طفل سليم ومستقر، وعكسها إذا تعامل الأهل بشكل سلبيّ ينشأ طفل مضطرب وغير سويّ
الخصائص النمائيّة للطفل في عمر السنة تختلف مظاهر تطوّر ونموّ الطفل من مرحلة إلى أخرى، إذ تُقسَّم هذه المظاهر إلى مجالات مُتنوّعة، لكل مجالٍ منها طوّر نموٍ خاصّ، ويُمكن تصنيف هذه المظاهر أو المجالات إلى خمسة أقسامٍ على سبيل الذكر لا الحصر وهي: مظاهر النمو العقليّ، والجسميّ، والانفعاليّ، واللغويّ، والاجتماعيّ، ويكمن الغرض من هذا التصنيف في تسهيل عمليّة التعامل مع الأطفال بحسب مراحلهم من خلال الإلمام بخصائصهم، وبالتالي احتياجاتهم الجسديّة أو النفسيّة وغيرها.
النمو الجسمي
تَبرز تغيُّرات هذا المظهر في ازدياد حركات الطفل التي تتمثَّل بقدرته على التحكم بعضلاته بشكل أوضح، كما تبدو قدرته على التآزر البصريّ الحركيّ أفضلَ من السابق، الأمر الذي يمنحه سيطرةً أكثر على حركاته، ويَظهر ذلك بالجلوس؛ فيكون ثابتاً في جلوسه وبمقدوره الحبو على بطنه أو على أطرافه، أمّا وقوفه فيمكن أن يستند الطفل إلى ما يُحيطه من أثاث أو جدران، ويمكن أن يقف لفترة قصيرة دون مساعدة، وربما يكون قادراً على المشي لبضع خطوات، فلا يتردد الطفل باستكشاف كل ما حوله، فيستطيع تناول الأشياء من على الأرض، وتفحُّصها، وخضّها، ورميها، كما يمتلكُ مهارة تفحُّص الأشياء عبر تقليبها في فمه باستخدام أصابعه، وقد ينجَحُ بالعثور على ما يؤكلُ منها والاستمرار في محاولة قضمه أو التخلُّص منه إن لم يكن مُستساغَ الطَّعم والطّبيعة
ومن أهم الإرشادات التربويّة المتعلقة بالنمو الجسميّ للطفل في هذه المرحلة تبنّي الاحتياطات اللازمة لسلامة الطفل، بإبعاد كل ما قد يؤذيه من قطع أثاث أو تُحف وغيرها، فالمطلوب في هذه المرحلة تنمية النشاط الحرّ للطفل، وعدم كبح نشاط حركته، فحركته هذه وإن كانت مزعجة للأهل في أغلب الأحيان فهي تُشبع حاجته للاستطلاع واكتشاف ما حوله، كما أنه من المضر إجباره على المشي أو الحبو قسراً، بل يجب تركه على راحته فهو سيمشي وسيحبو متى ما كان مستعداً لهذا مع تشجيع الأهل ودعمهم له، ومن المحبّذ تشجيع الطفل في أي محاولة فاشلة له في تناول طعامه وشرابه، أو أي مهارة حسيّة يحاول الطفل القيام بها.
النمو الانفعالي
السلوك الانفعالي هو سلوك مكتسَب، يتعلّمه الطفل من الآخرين بتقليدهم، ومنه كيفيَّة تعبيره عن انفعالاته لمن حوله، ويتطوّر هذا السلوك عند الطفل منذ الولادة وحتى عمر السنة، وذلك من كونه ردود فعل عامة عشوائيّة إلى سلوكيات انفعاليّة متمايزة ترتبط بالمؤثرات والظروف الخارجيّة التي يتعرّض لها الطفل، ومما يميّز هذه الانفعالات أنها تكون بشكل قويّ مبالغ فيه سرعان ما تظهر وسرعان ما تختفي، كالصُّراخ والبكاء بصوتٍ عالٍ عند عدم تلبية حاجاته، وسكوته الفوري عند حصوله على ما يريد، أما عن أبرز انفعالاته أو استجاباته لمحيطه فيظهر الفرح عليه بالابتسام أو الضحك عندما يتكلّم الآخرون معه أو يلعبون معه، أو عند نجاحه بالوقوف أو المشي، كما يُظهر الحب لمن حوله خاصَّة والديه، وتتّسع دائرة حبّه لتصل للأشخاص الذين يُلبّون رغباته، أما الخوف فيظهر عند تعرّضه لمثيرات أو خبرات جديدة كالأصوات المُفاجئة أو الأشخاص الغرباء عنه، ويُعبر الطفل عن خوفه إما بالبكاء أو الصراخ أو الانسحاب ولجوئه لأمه، ويظهر غضبه عند عدم حصوله على ما يريد، أو عند أخذ ألعابه منه، أو التدخُّل القسري للكبار في سلوكه كإجباره على تغيير ملابسه مثلاً وهو لا يريد ذلك، أو فشله في محاولة الحصول أو إخراج أو تناول شيء ما، ويظهر هذا الغضب على شكل نوبات من البكاء أو الصراخ والحركات غير الموجَّهة؛ كالرَّفس، والتمرغ بالأرض، وبعض الحركات العدوانيَّة المقاومة، وقد تظهر غيرته ممن حوله عند محاولة أحد التقرّب لوالديه، أو مشاركته حبّهم، ويرافق ذلك أحياناً الصراخ والصياح أو مقاومة الشخص الدخيل وإحداث الضجة، ومن المفروغ منه أنّ الطفل عندما تُلبّى حاجاته الفسيولوجية من جوع ونوم ونظافة فإنه يبقى سعيداً هادئاً بطبيعة الحال، فالطفل يحتاج للحب والحنان والاهتمام والرعاية والاستقرار في المعاملة، وعلى الوالدين في هذا المجال تربية أطفالهم على الحب وإقامة علاقات إيجابيّة مع الآخرين، وعدم كبح انفعالاتهم وقمعها، كما أن الطّفل في هذا العمر لا يُدرك العقاب ومُسبباته فيجب الابتعاد عنه تماماً لما يُولّده من خوف معمم لدى الطفل.