اشكالات التنفيذ في المادة الادارية 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

اشكالات التنفيذ في المادة الادارية 2

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-22, 11:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 اشكالات التنفيذ في المادة الادارية 2

الـفصـل الأول : القرارات القضائية الإدارية وتنفيذهـا

عن كل دعوى قضائية ترفع للقضاء تنتهي بحكم ولو بالشطب ، ولما كانت المنازعات الإدارية تشكل دعاوي قضائية كان مآل هذه الأخيرة صدور قرار قضائي إداري تختلف طبيعته حسب الجهة المصدرة له سواء الغرف الإدارية على مستوى المجالس القضائية أو الغرف الإدارية على مستوى مجلس الدولة .
وانطلاقا من ذلك كان لزوما علينا أن نتطرق لطبيعة القرار القضائي الإداري وكيفية تنفيذه وكذا امتناع الإدارة عن التنفيذ هذه العناصر وغيرها سوف نعالجها ضمن مبحثين أساسيين .
المبحث الأول نتطرق فيه للقرار محل التنفيذ وطريقة تنفيذه .
أما المبحث الثاني فخصصناه لامتناع الإدارة عن التنفيذ والمسؤولية التي تنجر عن ذلك وكذا الجزاء المترتب عن تلك المسؤولية .

المبحث الأول : القرار محل التنفيذ وكيفية تنفيذه

إن الخوض في دراسة القرارات القضائية الإدارية يستوجب البحث في مفهومها في كونها تشكل سندات تنفيذية حسب نص المادة 320 من ق.إ.م فإذا استوفت لشروطها كانت قابلة للتنفيذ .

المطلب الأول : القرار القضائي الإداري
يترتب على النطق بالحكم أن يخرج النزاع من ولاية القضاء الذي أصدر الحكم أو القرار ويصير هذا الأخير حائزا للحجية كما يترتب عليه بدء مواعيد الطعن .
الفرع الأول : مفهوم القرار القضائي الإداري
كان المشرع الجزائري يصطلح بعبارة الحكم للإشارة إلى جميع ما تصدره الجهات القضائية من أحكام وقرارات وأوامر استعجالية وبتعديله لقانون الإجراءات المدنية بالقانون رقم 2001/05 عدلت المادة 320 من القانون نفسه ليضيف المشرع لمصطلح الحكم مفهوم القرار وهذا ليفصل بين ما تصدره المحاكم وبين ما تصدر المجالس القضائية (1)

ــــــــــــ
(1)كانت المادة 320 من ق.إ.م قبل التعديل واضحة لاكتفاء المشرع بعبارة الحكم للدلالة على الأحكام والقرارات والأوامر ، لكن ووفقا للتعديل رقم 2001/05 التبس الأمر حول تصنيف الأوامر الاستعجالية وهل هي مستثناة من تذييلها بالصيغة التنفيذية ؟!
- 01 -

إذن فالقرار القضائي الإداري هو حكم إذا ما توفرت فيه أركان وشروط الأحكام ، وعليه فالقرار القضائي الإداري يصدر في خصومة كأصل عام تكون أحد الجهات المنصوص عليها في المادة 07 من ق.إ.م طرف فيه (1) كما أن هذا القرار يصدر من جهة أو محكمة مختصة قانونا بالمنازعة الإدارية ، ودائما يكون مكتوب وهو في الأساس لا يختلف في ظاهره عن الأحكام المدنية طبقا لما نص عليه قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
وعليه يتبين أن العمل القضائي لا يعتبر حكما إلا بتوافر شرطين أساسيين أولهما أن يكون قد اتخذته سلطة قضائية أوجدتها الدولة للفصل في الخصومات ، وثانيها أن يكون هذا القرار متخذا في منازعة رفعت عنها قضية بين خصمين ، وفي المنازعات الإدارية يجب أن تكون الإدارة أحد هذين الخصمين .
وإن أتينا لإيجاد تعريف للقرار القضائي الإداري نقول أنه "... حكم بمعنى الكلمة إذا توافرت فيه أركان الأحكام فيصدر بمناسبة خصومة أحد طرفيها جهة إدارية ويصدر عن محكمة مختصة بالمنازعات الإدارية .... " (2)
نشير فقط أن هناك تماثلا بين الأحكام المدنية والقرارات القضائية الإدارية من حيث إجراءات إصدارها غير أن النظام القانوني الذي تخضع له يختلف باختلاف القضاء الذي يحكمها (3) باعتبار أن أول درجة تصدر فيها الأحكام الإدارية أو بالأحرى القرارات القضائية الإدارية هي الغرف الإدارية على مستوى المجالس القضائية سواء المحلية منها أو الجهوية ، وكذا الغرف الإدارية على مستوى مجلس الدولة في بعض الطعون المرفوعة أمامه(4) .

الفرع الثاني : الآثار المترتبة على القرار القضائي الإداري
كسائر الأحكام القضائية يرتب القرار القضائي الإداري آثارا منها ما هو موضوعي ومنها ما هو إجرائي .


ــــــــــــ
(1) حدد المشرع ضمن المادة المذكورة وطبقا للمعيار العضوي الجهات الإدارية التي بواسطتها تنعقد اختصاص القضاء الإداري وهي : الدولة ، الولاية ، البلدية ، المؤسسة الإدارية .
(2)رسالة ماجستير - من إعداد السيدة : حسينة شرون – امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الإدارة -جامعة محمد حيضر بسكرة 6 نوفمبر 2003
(3)صلاح عبد الحميد السيد - الحكم الإداري والحكم المدني - مجلة مجلس الدولة السنة 8/9/10 ص 216 .
(4) انظر المواد (9 ، 11 ) من القانون العضوي المنظم لمجلس الدولة رقم 98/01 الصادر في 30/05/1998 .
- 02 -

أولا : الآثار الموضوعية
أصل هذه الآثار القانون الموضوعي المطبق على الخصومة وهي تختلف فهناك :
أ‌- الأثر التقريري للقرار القضائي الإداري : فهنا القرار القضائي يتضمن الإقرار سواء الإيجابي منه أو السلبي بأن الحق الكامن فيه يخص شخصا معينا (1)، نذكر مثلا الحكم بإلغاء حظر نشاط أو الحكم بإلغاء نتائج الانتخابات المحلية .
ب‌- الأثر المنشئ للحق : منها القرار القضائي يتضمن إنشاء حق من أمثلته القرار القضائي بالتعويض عن تصرف وقع من الدولة أو أحد أجهزتها سواء عن خطأ أو بدونه .
ت‌- الأثر الملزم للقرار القضائي : فهنا يصدر القرار بإلزام المحكوم عليه بأدائه مبلغ معين للمحكوم له للإشارة فقط فإن هذه القرارات هي تعد سندات تنفيذية يمكن الاستعانة فيها بالقوة العمومية الإكراه المالي .
كما يترتب عن القرار القضائي الصادر بدء تقادم الحق المحكوم به وإعطاء المحكوم له سندا رسميـا لإثبـات الحــق المدعـي بـه .
ثانيا : الآثار الإجرائية
من أهم الآثار التي يرتبها القرار القضائي الإداري :
حجية الشيء المقضي فيه : أن حجية الشيء المحكوم فيه مقررة للأحكام القطعية إذ لا يجوز إثارة النزاع في شأنه باعتباره أنه سبق حسمه بالقرار القضائي الصادر وتنصرف هذه الحجية إلى ما بين الخصوم أنفسهم وبالنسبة لذات الحق محلا وسببا (2) ، ويترتب عن هذه الحجية احترام المحاكم لها وذلك بعدم البحث في نفس الموضوع من جديد والتسليم بما قضى به الحكم بين الخصوم (3) ، على أن حجية الشيء المقضي فيه وفقا للتشريع الجزائري وبالخصوص في المواد المدنية بما فيها الإدارية لا تعد من قبيل النظام العام فلا يمكن إثارتها تلقائيا من طرف القضاة وهذا ما ورد في نص المادة 338 من القانون المدني وما أكدته المحكمة العليا ضمن غرفتها الإدارية ( سابقا ) في القرار رقم 30 الصادر بتاريخ 15/02/1978 الذي جاء فيه :



ـــــــــــــ
(1)نيبل اسماعيل عمر – الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية – الطبعة 2 مصر دار الجامعة الجديدة ، سنة 2000 ص 766 .
(2) عبد الرزاق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني المصري "آثار الالتزام"- الكتاب الثاني ،مصر،دار النهضة العربية دون سنة نشر ص 632
(3) عبد الحكيم فودة – حجية الأمر المقضي وقوته في المواد المدنية والتجارية – الإسكندرية منشأة المعارف ، سنة 1994 ص 13 .
- 03 -

" ... أن سلطة حجية الشيء المقضي به والتي تتمتع بها هذه القرارات الصادرة عن المجالس القضائية ، ليست من النظام العام فالقاضي لا يستطيع التعرض لها تلقائيا ، كما لا يمكن للأطراف التخلي عن الاستظهار بها (1) وهو نفس المسلك الذي انتهجه المشرع الفرنسي (2) وقد خالف المشرع المصري ذلك إذ اعتبر الحجية من النظام العام للمحكمة القضاء بها من تلقاء نفسها مع الأخذ بعين الاعتبار نطاق ومجال حجية الأحكام الإدارية (3) ، للذكر فقط أن حجية الأمر لا تمنع من تفسير الحكم ولا من تصحيحه إذا ما شاب القرار القضائي من أخطاء مادية أو غموض في المنطوق .
ب-خروج النزاع من ولاية القضاء : إن ما تقتضيه هذه الفكرة أن يمتنع القاضي المصدر للحكم أن يمس ما قضى به أن يعدل الحكم أو أن يحدث فيه إضافات من تلقاء نفسه ولو كان القرار القضائي الإداري باطلا إذ فالحل المسوح به هو ممارسة طرق الطعن المكفولة قانونا .
ت-أنها تعطي الحق في التنفيذ : يترتب صدور الأحكام القضائية الحاسمة في النزاع الحق في تنفيذها ويسقط هذا الحق بمضي ثلاثين سنة من يوم صدورها (4) .

المطلب الثاني : تنفيذ القرار القضائي الإداري
ترفع أمام الغرف الإدارية بمختلف جهاتها القضائية دعاوي خاصة إما بإلغاء القرارات الصادرة عن الإدارة أو دعاوي المسؤولية الرامي للتعويض وفي كلتا الحالتين يصدر قرار قضائي إداري حائز على الحجية والذي من المفروض أن تلتزم الإدارة بتنفيذه .
الفرع الأول : مفهوم التنفيذ للقرار القضائي الإداري
لم يورد المشرع الجزائري نصوص خاصة فيما يتعلق بطرق تنفيذ القرارات القضائية الإدارية لذا فإن مسألة التنفيذ القضائي في المواد المدنية ذات أهمية في توضيح مجال تنفيذ القرارات القضائية الإدارية لأن التنفيذ طبقا للمبدأ العام يعني تمكين المحكوم له من حقه إلا أنه من الناحية الإجرائية يختلف عن ما هو معمول به في المواد المدنية لاختلاف المراكز القانونية لأطراف التنفيذ من جهة وما تتمتع به الإدارة من امتيازات من جهة أخرى أهمها أن للإدارة عند مباشرة نشاطها سلطة تقديرية وتمتعها بحق التنفيذ المباشر لقراراتها تجاه الأفراد (4) .
ـــــــــــــ
(1) ابراهيم أوفائدة – تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة – رسالة ماجستير ، جامعة الجزائر سنة 1986 ص 13
(2) Gustave Peiser - *******ieux Administratif 11 eme Edition - Dolloz 1999 P 211
(3) ابراهيم المنجي – المرافعات الإدارية – الإسكندرية ، منشأة المعارف 1999 ص 679 .
(4) أنظر المادة 344 من ق.إ.م وقارن بينها وبين المادة 319 ق.م إن الإشكال يثار في النص الواجب التطبيق ،خاصة أن القانون المدني أورد ضمن أحكامه خاصة نص المادة 319 من ق . م مدة أخرى لتقادم الأحكام وهي 15 سنة .
(4) ابراهيم عبد العزيز شيحا – الوسيط في مبادئ وأحكام القانون الإداري – مصر ، دار المطبوعات الجامعية سنة 1999 ص 409
- 04 -

لهذا فإنه كلما كان الحكم أو بالأحرى القرار القضائي الإداري صادرا لصالح الإدارة فإن لهذه القرارات حماية تنفيذية أوسع من تلك الصادرة لصالح الأفراد بحيث أن هذه الأخيرة تتقلص الحماية فيها .
وتنفيذ القرار القضائي الإداري ضد الإدارة الأصل فيه أن يكون اختياريا وهو الأمر المفترض في الإدارة فتتخذ ما يلزم من إجراءات لترجمة الآثار القانونية المترتبة عن منطوق القرار القضائي وذلك لواقع ملموس باعتبارها القائمة على تنفيذ الأحكام بشكل عام أو أن يكون باستعمال وسائل تحملها على التنفيذ دون أن تتعارض مع طبيعتها مع الحماية القانونية التي تمتاز بها .
وإن كان المشرع إعمالا لنص المادة 171 /03 من ق.إ.م (1) قد قرر في المواد الإدارية القاعدة المعروفة أن الاستئناف لا يوقف تنفيذ القرار القضائي الإداري لذا يتعين على الإدارة الالتزام بتنفيذ القرارات القضائية الإدارية الصادرة ضدها في أول درجة ، وإعمالا لما قلناه فإن الإدارة ملزمة بتنفيذ القرار القضائي الإداري إذا استوفى شروط تنفيذه وهي إجمالا تتحدد في الشروط التاليـة :
أ- أن يكون قرار قضائيا باتا إن استنفد طرق الطعن العادية .
ب- أن يكون قرار قضائيا من قرارات الإلزام : نشير فقط أن القرارات التقريرية والإنشائية متى تضمنت في شق منها إلزام أمكن تنفيذها في ذلك الشق المتضمن الإلزام .
ج- أن يتم تبليغ القرار القضائي الإداري لها : إن الأحكام المدنية تبلغ بناء على طلب أحد الأطراف (2) فعلى خلاف ذلك فإن القرارات القضائية الإدارية بمعرفة كاتب ضبط الغرفة الإدارية إلى جميع أطراف الخصومة وذلك دون الإخلال بحق الخصوم في التبليغ بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 147 من ق.إ.م هذا ما أشار إليه المشرع الجزائري في المادة 171 فقرة 4 من ق.إ.م .
لذا فإن المشرع الجزائري قد استوجب تبليغ القرارات القضائية الإدارية بقوة القانون مع ذلك فقد أبقى على القواعد العامة في تبليغ الأحكام القضائية كتلك المتعلقة بحالات ضياع النسخة التنفيذية أوبالنسبة لإجراءات التبليغ(3)
وقد اتبع المشرع الفرنسي نفس الطريق في تبليغ الأحكام الإدارية وهو ما أكدته المادة 177 من قانون المحاكم الإدارية الفرنسية والتي تستوجب تبليغ الأحكام والقرارات الإدارية إلى أطراف الخصومة برسائل مضمنة إلى عناوينهم الفعلية مع تسليم الإشعار بالوصول (4) .

ـــــــــــــ
(1) هذه القاعدة متفق عليها فقها وقضاءا وقد كرسها المشرع الفرنسي في المادة 48 من الأمر 21/07/1945 وكذا المشرع المصري في المادة 50 من قانون رقم 47/72 .
(2) هذا ما أكدته المواد ( 141،42،41 ) من ق.إ.م .
(3) أنظر المواد : 321-322-467-472 من قانون الإجراءات المدنية .
(4) Paraskeir Mouzanraki :" L'exécution des décisions des autorités a administratives" http w.w.w. coe . int /t/f/ affaires juridiques / coop .
- 05 -

د – أن يكون القرار القضائي الإداري ممهورا بالصيغة التنفيذية المبدأ العام أن الأحكام القضائية لا تكون محلا للتنفيذ ما لم تمهر بالصيغة التنفيذية ، هذه الأخيرة هي التي تجعل من القرار القضائي صالحا للتنفيذ ، وتسلم النسخة التنفيذية لطالبها مرة واحدة وهذا ما تقضي به المادة 322 من ق.إ.م (1) .
ويتضح من خلال تفحص قانون الإجراءات المدنية أن المشرع الجزائري وضع صيغة تنفيذية خاصة بالقرار الإداري تختلف عن باقي الأحكام ويرى بعض الفقهاء أن هذا الاتجاه الذي سار عليه كل من التشريعين المصري والفرنسي مرده إلى عدم جواز التنفيذ الجبري ضد القرارات القضائية الإدارية الصادرة ضد الإدارة .
لذلك نجد أن المشرع الجزائري في نص المادة 320 من ق.إ.م متفق مع المشرع الفرنسي في المادة 70من قانون مجلس الدولة(2) بحيث وردت نفس الصيغة التنفيذية التي تنطبق على الأحكام الإدارية سواء كانت صادرة ضد الإدارة أو ضد الأفراد ، وسواء تعلقت بالإلغاء أو التعويض مستثنين استعمال القوة العمومية ضد الإدارة لعدم إمكان إجبارها بالقوة أو ضد أجهزتها (3) .
فيتضح من المادة المذكورة أعلاه أنها لا تتضمن سوى دعوة أو أمر الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي كل فيما يخصه بالقيام بالتنفيذ في مواجهة طالب التنفيذ .
هـ - عدم وجود حكم صادر بوقف التنفيذ :
إن الإدارة ملزمة بالتقيد متى استوفى القرار القضائي الإداري الشروط السابقة الذكر بإضافة شرط أخير وهو عدم وجود طلب بوقف التنفيذ واستجاب له القاضي طبقا للشروط الواردة في نص المادتين 171 مكرر و 283 من ق.إ. م الذي سوف نتطرق له في المطلب الأخير من هذا المبحث .









ـــــــــــــ
(1) محمد حسنين – طرق التنفيذ في الإجراءات المدنية – الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية 1982 ، ص 42 .
(2)J.M.Auby et R.Drago:traite de *******ieux administratif torne 02 .02éditions.L.G.D.J.Paris1975 P526
(3) بوبشير محند أمقران – السلطة القضائية في الجزائر – الجزائر ، دار الأمل للطباعة والنشر سنة 2002 ص 84 .
- 06 -

الفرع الثاني : تنفيذ القرار القضائي الإداري في كل من دعوى الإلغاء ودعوى التعويض

يصدر القرار القضائي الإداري في النازعة المقامة ضد نشاط الإدارة وهي تنحصر أساسا في دعوتين أساسيتين هي دعوى الإلغاء ودعوى التعويض .

الحالة الأولى : تنفيذ القرار القضائي الإداري في دعوى الإلغاء
يترتب عن دعوى الإلغاء المقامة ضد القرار الإداري إلى إعدام القرار الإداري وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أي يمتد بأثر رجعي إلى تاريخ صدوره وهنا تلتزم الإدارة بإزالة أثر هذا القرار وإعادة تصحيح الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدوره .
ومن أمثلة أحكام الإلغاء ، إلغاء قرار إداري بتوقيع عقوبة تأديبية على موظف أو الحكم بإلغاء قرار يتضمن غلق مؤسسة وإن كان أن حكم الإلغاء لا يحدث أثاره بنفسه وإنما تتطلب تدخل أو مساعدة إيجابية من الإدارة لأنه لا يضمن قضاء بإلزام (1) .
ومن البديهي أن تكون الجهة الإدارية التي أصدرت القرار محل الإلغاء هي الملزمة بتنفيذ القرار القضائي وفقا لما استقر عليه القضاء الإداري إلا أن هذا التنفيذ يخضع للموقف الذي تتخذه الإدارة .

أولا : الالتـزام السلبــي
فهنا تمتنع الإدارة عن اتخاذ أي إجراء لتنفيذ القرار القضائي ويترتب عن ذلك وقف سريان القرار الملغى (2) وأن مخالفة ذلك يعد خطأ من جانب الإدارة .








ـــــــــــــ
(1) المستشار حمدي ياسين عكاشة – الأحكام الإدارية في قضاء مجلس الدولة – الإسكندرية 1996 ص 306 .
(2) هذا ما يشكل أحد العقبات المادية في تنفيذ القرار القضائي الإداري الذي يكون محل دعوى المسؤولية عن التعويض أو إشكال في التنفيذ .
- 07 -


ثانيا : الالتـزام الإيجابـي
هنا تلتزم الإدارة بالتنفيذ بأن تعيد الحال إلى ما كان عليه قبل إصدار القرار الملغى ويترتب عن هذا التزامها بإزالة الآثار المترتبة على القرار الملغى من جهة وكذا هدم الأعمال القانونية التي اعتمدتها بناء عليه (1) ، فقد تقوم الإدارة بإصدار قرار إداري جديد بإلغاء القرار الإداري الذي كان محل لدعوى الإلغاء ، أو تقوم بإصدار قرار إداري تهدف من خلاله سحب القرار الملغي (2) .
مما سبق يتضح أن تنفيذ القرار القضائي الإداري مرتبط بنوعية الآثار التي يرتبها وإن استحال التنفيذ تكون الإدارة ملزمة بتقديم تعويض مناسب ليقوم مقام التنفيذ العيني (3) .

الحالة الثانية : تنفيذ القرار القضائي الإداري في دعوى التعويض
إذا تحققت مسؤولية الإدارة استوجب الحكم على الإدارة بناء على مسؤولياتها باختلاف أنواعها بالتعويض ، والأحكام الصادرة في دعاوي القضاء الكامل وإن كانت أغلبها أحكام مالية قد تبدو لأول وهلة من أنها أحكام بالالتزام لأنها تتضمن دائما قضاء بإلزام الإدارة أو المتعاقد معها أو أحد موظفيها بأداء مبلغ معين من المال ، ولكن قد تكتفي هذه الأحكام أو القرارات القضائية بتقرير مبدأ المسؤولية عن عمل ضار دون تحديد مبلغ التعويض أو الالتزام به وهي في هذه الحالة لا يلحقها التنفيذ (4) .
وسوف نرى أن المشرع الجزائري قد أضفى على هذا النوع من القرارات اهتماما خاصا بحيث أصدر بشأنها القانـون رقـم 91-02 المؤرخ في 08 جانفي 1991 المتعلق بتنفيذ أحكام القضاء لصالح الإدارة والأفراد .







ـــــــــــــ
(1) حسينة شرون – رسالة ماجستير – امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الإدارية – جامعة بسكرة 1986 ص 19 .
(2) عمار عوابدي – نظرية القرارات الإدارية بين علم الإدارة والقانون الإداري – الجزائر ، دار هومة سنة 1999 ص 170 .
(3) ابراهيم أوفايدة – تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة – رسالة ماجستير ، جامعة الجزائر 1986 ص 162.
(4) محكمة القضاء الإداري – قضية رقم 1015/6 ق جلسة 25/06/1953 س 7 ق 1803 .
- 08 -

للإشارة فقط فإن طرق تنفيذ القرار القضائي الإداري بالتعويض لا يختلف عن تلك التي حددها القانون المدني فقد نصت المادة 132 من ق. م على أن "... يقدر القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف ويصح أن يكون التعويض مقسطا كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا ، ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يكتتب تأمينا ..." ويقابل هذا النص المادة 171 من القانون المدني المصري .
وتبعا لذلك فإن الإدارة ملزمة بتنفيذ القرار القضائي الإداري وفقا للتعويض الذي حدده القاضي .
أما عن إجراءات تنفيذ الحكم بالتعويض فإنها تخضع إما لكون التعويضات المالية التي تلتزم بها الإدارة في القرار القضائي الإداري الصادر ضدها من النفقات المالية الإلزامية أو أن تكون من النفقات العادية أو المحتملة من التعويضات المتعلقة بمرتبات الموظفين أو أن تكون من المبالغ والتعويضات غير المحتملة كالتعويضات التي يحكم بها على أساس نظرية المخاطر (1) .

المطلب الثالث : وقف تنفيذ القرار القضائي الإداري

رأينا أن الأصل في القرارات القضائية الإدارية هو الأثر الفوري للتنفيذ تطبيقا لنص المادة 171 –3 من ق.إ.م لكن قد يتم وقف تنفيذ ذلك القرار القضائي ويكون ذلك ترتيبا على إحدى الحالتين .

الفرع الأول : الوقف المترتب على قاعدة الأثر الواقف للطعن استثناءا .
إن القرارات القضائية الإدارية الصادرة عن مختلف الغرف الإدارية تكون متمتعة بالقوة التنفيذية لمجرد إعلانها وتبلغيها ضد الإدارة فلو قامت الإدارة باستئناف تلك القرارات أمام مجلس الدولة فلا يكون لطعنها هذا أثر موقف(2)
لكن هناك حالات لا يمكن فيها تنفيذ القرار القضائي الإداري رغم أن الطعن فيه لا يوقف التنفيذ إذ أنه من المنطقي متى تبين لقاضي الاستئناف أن تنفيذ القرار القضائي المستأنف سيؤدي لا محالة إلى أوضاع يكون من العسير إصلاحها أو أن الوثائق والمستندات المقدمة في الطعن تحمل من الجدية ما يؤدي بالضرورة إلى إلغاء القرار القضائي المستأنف فله إيقاف تنفيذه إلى غاية صدور قرار محكمة الاستئناف(3) .

ـــــــــــــ
(1) ابراهيم أوفائدة – المرجع السابق - ص 505 .
(2) نفس القاعدة التي تبناها المشرع في المادة 171/03 من ق.إ.م تبناها المشرع الفرنسي ضمن المادة 48 من الأمر 31 جويلية 1945 المنظم لمجلس الدولة بنصها على أنه ... " لا يترتب على الطعن أمام مجلس الدولة أي أثر واقف " .
(3) بشير محند – الطعن بالاستئناف ضد الأحكام الإدارية في الجزائر – مرجع سابق ص 109 .
- 09 -

ونجد أن المشرع الفرنسي حدد حالات يكون فيها لاستئناف أحكام المحاكم الإدارية الأثر الموقف لتنفيذها فيعلق الأمر بالأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية المتعلقة بالمواد الانتخابية ( الطعون في الانتخابات المحلية والأحكام الصادرة في مواد الغابات وكذا الأمر بالنسبة للأحكام التأديبية (1) *) .

الفرع الثاني : وقف التنفيذ أمام مجلس الدولة .
بمقتضى المادة 283/ فقرة 02 من ق.إ.م "... يسوغ لرئيس الغرفة الإدارية للمحكمة العليا ( مجلس الدولة حاليا ) أن يأمر بصفة استثنائية وبناء على طلب صريح من المدعي بإيقاف القرار المطعون فيه بحضور الأطراف أو من أبلغ قانونا ... " .
وتطبيقا لهذه المادة فإنه عندما يكون مجلس الدولة يمارس اختصاصه كقاضي استئناف طبقا للمـادة 9 من القانون العضوي رقم 98/01 يستطيع بعريضة مقدمة من الإدارة بوقف تنفيذ القرار القضائي الصادر عن الغرفة الإدارية سواء المحلية منها أو الجهوية (2) .
وعليه فإن مجلس الدولة يختص وحده دون الغرف الإدارية بالمجالس القضائية بتقرير وقف تنفيذ القرارات القضائية الإدارية المستأنفة أمامه إلا أن هذا الوقف يخضع لمجموعة من الشروط منها ما هو إجرائي ومنها ما هو موضوعي .

أولا : فالشروط الإجرائية تتعلق أساسا بوحدة العريضة بمعنى أنه يجب تقديم طلب إلغاء القرار القضائي مع طلب وقف التنفيذ بصورة مستقلة عن عريضة الاستئناف (3) ولعلى الدافع الأساسي لهذا الشرط هو مخالفة المساس بحجية القرار القضائي محل وقف التنفيذ وحتى يتسنى لقاضي مجلس الدولة إن كان طلب وقف التنفيذ ليس بهدف تعطيل تنفيذ القرار القضائي وإعاقته . كما يجب أن تكون العريضة ممضاة من طرف محام معتمد لدى مجلس الدولة والمحكمة العليا ، بالإضافة إلى أن طلب وقف التنفيذ يكون في شكل عريضة موجهة إلى رئيس مجلس الدولة .


ـــــــــــــ
(1) محمد باهي أبو يونس – الغرامة التهديدية كوسيلة لإجبار الإدارة عن تنفيذ الأحكام الإدارية – مصر دار الجامعة الجديدة للنشر 2001 ص 142
* نشير فقط أن المادة 170 فقرة 11 من ق.إ.م حصر القضاء والفقه أن سلطة المجلس القضائي بوقف التنفيذ يتعلق بالقرار الإداري الصادر من الإدارة ولا يتعدى للقرار القضائي الذي تصدره تلك المجالس عند فصلها في الدعاوي القضائية المرفوعة ضدها .
(2) بن ناصر محمد ، محافظ الدولة بمجلس الدولة – إجراءات الاستعجال في المادة الإدارية – مجلة مجلس الدولة ، عدد 2003/4 ،ص 24 .
(3) تمثل عريضة وقف التنفيذ طلبا تبعيا للطعن الأصلي ، بمعنى أن طلب وقف التنفيذ يجب أن يكون لا حقا أو متزامنا مع استئناف القرار المراد إيقاف تنفيذه .
- 10 -

ثانيا : أما من ناحية الشروط الموضوعية فيتعلق الأمر بضرورة أن يؤدي تنفيذ القرار القضائي الإداري إلى نتائج يصعب تداركها وأن تكون هناك أسباب جدية فيما استند إليه تبرر إلغاء القرار القضائي المطعون فيه (4) .
ويتساءل محافظ مجلس الدولة ... بالنسبة لقرارات مجلس الدولة المطعون فيها بالطرق الاستثنائية كالتماس إعادة النظر ، طلب تصحيح خطأ مادي أو طعن تفسيري ... والتي يمكن أن تكون موضوع طلب وقف التنفيذ في انتظار صدور قرار مجلس الدولة الفاصل في موضوع هذه الطعون .
يرى المحافظ أن مجلس الدولة يكون قد أباح ذلك إلا أنه تراجع في العديد من قراراته ليقر عدم قبول طلبات وقف التنفيذ كون تلك القرارات صادرة من آخر درجة فهي نهائية .
ولعل من أشهر القضايا التي عرضت على مجلس الدولة القرار رقم 000663 المؤرخ في 21/12/1998 .. أين قضى بوقف تنفيذ القرار القضائي الصادر بتاريخ 02/06/1997 عن الغرفة الإدارية بمجلس قضاء تيزي وزو ، ومما جاء في هذا القرار "... أنه بناء على إرجاع القضية فالغرفة الإدارية قضت بعد خبرة بإلزام المدعي بدفع مبلغ 42.800.000.00 دج كتعويض عن الأضرار ، حيث أن الدفوع المقدمة من طرف المدعي جدية ، حيث أنه ومن جهة أخرى ، فإن تنفيذ القرار المستأنف سيؤدي إلى أضرار على ميزانية الولاية لا يمكن تصليحها في حالة إلغائه من طرف مجلس الدولة ، مما يتعين قبول الطلب شكلا وموضوعا (2) " .
ونتفق مع هذا الاتجاه القضائي في جواز الأمر بوقف تنفيذ القرار القضائي متى كان تنفيذه يحدث نتائج يصعب تداركها أو متى كانت الدفوع المقدمة في الطعن بإلغائه مؤسسة .
ويرى محافظ الدولة أن هذين الشرطين غير مطلوبين في حالة الحكم على الدولة أو جماعة محلية في أول درجة بتسديد مبالغ مالية ذلك أن مجلس الدولة حسب رأيه يستطيع في هذه الحالة بطلب من المستأنف الأمر بوقف تنفيذ قرار الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي إذا رأى بأن تنفيذه سوف ينتج عنه إتلاف المبلغ نهائيا ويمكن إعفائه كليا أو جزئيا من تسديده في حالة قبول دفوع استئنافه
ويضيف قائلا .... بعبارة أخرى أن شروط قبول وقف التنفيذ في هذه الحالة واسعة جدا إلى حد يصبح فيه الاستئناف في واقع الأمر ذو أثر موقف حفاظا على الأموال العامة (3) .

ـــــــــــــ
(1) إن نص المادة 283 من ق.إ.م ورد غامضا من حيث أنه لم يفرق بين القرارات الإدارية والقرارات القضائية بالإضافة إلى أن هذا النص لم يحدد شروط منح الأمر بوقف التنفيذ .
(2) قرار مجلس الدولة عن رقم 000663 المؤرخ في 21/12/1998 ( غير منشور ) .
(3) السيد بن ناصر محمد ، محافظ الدولة بمجلس الدولة – إجراءات الاستعجال في المادة الإدارية – مجلة مجلس الدولة 2003/04 ص 26 .
- 11 -

المبحث الثـانـي : امتناع الإدارة عن التنفيذ ومسؤوليتها عن ذلك والجزاء المترتب عن الامتناع

إن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة مسألة ترتبط أولا وأخيرا بشرف هذه الإدارة ( الدولة ) التي يفترض فيها أن تنصاع تلقائيا لحكم القانون وبالتالي حتمية التزامها بتنفيذ أحكام تصدر باسـم الشعب (1) ، لكن قد تخالف الإدارة هذا الالتزام في بعض الحالات إن لم نقل دائما وقد تستند إلى مبررات قانونية أو إلى مبررات واقعية يفرضها واقع الإدارة عند التنفيذ .

المطلب الأول : حالات الامتناع ومبرراتـه
اعتبارات قد تتمسك بها الإدارة فتدفعها إلى عرقلة تنفيذ القرار القضائي الإداري ، وضمن هذه الاعتبارات نجد حالات معينة يتوقف فيها التنفيذ بالتالي فإن الإدارة تختلق الأعذار والمبررات .

الفرع الأول : حالات الامتناع
يأخذ الامتناع إما شكل امتناع إرداي في التنفيذ إما صراحة في شكل قرار إداري أو عمل مادي صادر منها أو يكون نتيجة لسكوت الإدارة عن اتخاذ أي إجراء من شأنه التأكيد على نيتها على التنفيذ ، وقد يأخذ الامتناع شكلا مغايرا يفهم منه إحجام الإدارة عن التنفيذ ويتجلى ذلك في إهمال الإدارة القيام بالتنفيذ أو التنفيذ المعيب .

أولا : الامتناع عن التنفيذ الإرادي
إن الامتناع هنا يأخذ صورتين تبعا للطريقة المعبر بها في إصرار الإدارة ، فإما أن يكون مكشوفا واضح المعالم أو أن يكون بأحد المظاهر الدالة دلالة قاطعة عليه فهو إما أن يكون امتناع صريح أو أن يكون امتناع ضمني .





ـــــــــــــ
(1) مسعود شيهوب – المبادئ العامة ، المنازعات الإدارية ، الهيآت والإجراءات أمامها- الجزء 03 ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1999 ص 342 .
- 12 -

• الصورة الأولى : الامتناع الصريح
يتجسد هذا الامتناع بصدور قرار صريح من الإدارة يفهم منه رفض تلك الأخيرة تنفيذ القرار القضائي بما لا يدع الشك في مخالفتها لحجية الشيء المقضي فيه ومجاهرتها بالخروج على أحكام القانون .
ولعل الامتناع هنا قد يكون مبررا من الإدارة وفي بعض الأحيان أو أغلبها يخفي النية السيئة للإدارة لعدم التنفيذ وعلى هذا الحال فإن حصول قوة قاهرة أو حادث فجائي يحول دون مقدرة الإدارة على تنفيذ التزامها فيحرر الإدارة من التزام التنفيذ ويبرر صراحة امتناعها عن إجراءه (1) .
وقد ساير القضاء الفرنسي هذا الغرض فأصدر مجلس الدولة قرارات عديدة برفض الحكم بالغرامة التهديدية لإجبار الإدارة عن تنفيذ أحكام وقرارات صادرة ضدها متى تبين له أن ظرفا استئنائيا حال دون قيامها بذلك تطبيقا لأحكام المادة 4 من القانون رقم 539-80 المتعلق بالغرامة التهديدية ، ولعل هذا ما أقره المفوض Pauté في تقريره في قضية السيدة Menneret أن " ... قانون الغرامة التهديدية قد أعطى لمجلس الدولة إمكانية إلغائها حال تصفيتهـا إذا ما تحقق لديه توفر ظرف غير عادي أو ضرورة أدت إلى رفض الإدارة تنفيذ الحكم الصادر في مواجهتها ..." (2) ، ويكون الامتناع في غير هذه الحالة غير مبرر إذا ثبت عدم مبادرة الإدارة إلى التنفيذ رغم وجود أي ظرف أو قوة قاهرة وهنا يتضح أن الإدارة عمدت إلى عدم التنفيذ بقصد .
لذا فإن الإدارة لا يكفي عند حد إصدراها لقرار إداري يوحي أنها ستنفذ القرار القضائي الإداري بل يجب أن يلي إصدار هذا القرار وضعه موضع التنفيذ الفعلي ومضمون القرار الإداري يجب فيه أن ينفذ القرار القضائي الإداري بما جاء فيه من نتائج قانونية تطبيقا فعليا (3) .

• الصورة الثانية : الامتناع عن التنفيذ الضمني
يرى البعض أن هذه الصورة هي الأكثر شيوعا في تجسيد الإدارة تنفيذ القرارات القضائية الإدارية فهي تلجأ إلى هذه الوسيلة دون الحاجة إلى إصدار قرار صريح بالرفض كما رأينا ، فتلزم السكوت إزاء القرار القضائي ذو الحجية وللإدارة وفقا لهذه الصورة موقفين إما تستمر في تنفيذ القرار الإداري الذي ألغي أو تقوم بإعادة إصدار قرار إداري مماثل للذي ألغي .



ـــــــــــــ
(1) حسينة شرون – امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الإدارية – رسالة ماجستير ، جامعة بسكرة 2003 ص 56 .
(2),(3) Jacqueline , Morende ,de viller ,op.cit, p 723 .
- 13 -

أ- ففي الحالة الأولى فإن الإدارة تتجاهل القرار القضائي وعليه فإنها تستمر في تطبيق القرار الإداري الذي ألغي ومن أشهر هذه الحالة ما جاء في قضاء مجلس الدولة الفرنسي في قضية "Rousset" التي تتلخص وقائعها في أن الإدارة أصدرت قرار بعزل السيد "Rousset" من منصبه دون وجه حق فطعن في القرار المذكور ليحصل على إلغائه قضائيا من طرف مجلس الدولة غير أن الإدارة لم تعده إلى وظيفته مما دفعه إلى رفع دعوى جديدة لإلغاء قرار الامتناع عن تنفيذ حكم الإلغاء الصادر لصالحه والتعويض له عما أصابه من أضرار نتيجة ذلك (1) .
ووفقا لذلك نجد أن القضاء المصري للتأكيد على أن الإدارة تلتزم دائما بالمبادرة في تنفيذ الأحكام في وقت مناسب من تاريخ صدورها وإعلانها ، وإن تقاعست أو امتنعت دون وجه حق اعتبر هذا الامتناع بمثابة قرار إداري سلبي مخالف للقانون يستوجب التعويض (2) .
أما عندنا فنشير إلى قرار رئيس الغرفة الإدارية بمجلس قضاء الجزائر العاصمة المؤرخ في 13/03/1979 في قضية تتلخص وقائعها أن اقتطعت إدارة الضرائب المتنوعة من إحدى الشركات الفرنسية العاملة بالجزائر مبلغا ماليا قدره : 1.932.677.78 دج بدون وجه حق فرفعت الشركة دعوى أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر لوقف الإجراءات التنفيذية لهذا الاقتطاع ورد المبلغ المقتطع وكان أن صدر الأمر بذلك غير أن إدارة الضرائب لم تستجب لأمر الغرفة الإدارية ولم تتوقف عن الإجراءات التنفيذية إلى غاية تأميم تلك الشركة (3) .
ب- أما الحالة الثانية أن تقوم الإدارة بإعادة إصدار القرار الملغي فتعمد الإدارة هنا بإعادة إصدار القرار المحكوم بإلغائه فتتحايل الإدارة على تنفيذ القرار القضائي بإصدار قرار جديد يحقق هذا القرار الملغي ولو بوسيلة أخرى (4) .
وقد تحتج الإدارة في إصدار قرارها الثاني لتصحيح العيب الذي شاب القرار الذي ألغي وتستند بصورة خاصة في تغيير الأسانيد القانونية أو المادية وكذلك في حالة إلغاء القرار لعيب الشكل أو الاختصاص .
ونجد أن موقف القضاء الجزائري من هذا الأسلوب الذي تنتهجه الإدارة من خلال الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا ( سابقا ) ومن المبادئ المقررة أن على الإدارة تنفيذ القرار الصادر بالإلغاء يعيب الشكل أو الاختصاص حتى ولو كان الخطأ ثابتا على الموظف ولها بعد ذلك أن تعيد إصداره بعد تصحيحه إن أمكن ، لأنه لا يوجد ما يمنعها من ذلك ما دام هدفها هو تصويب التصرفات القانونية الخاطئة(5) .

ـــــــــــــ
(1) Conseil d'état , 08 Fev 1961 , Rouset , Recueil des décisions ,P 85 .
(2) عبد الغني بسيوني عبد الله – القضاء الإداري " قضاء الإلغاء " – المرجع السابق ص 330 وما بعدها .
(3) الأمر الاستعجالي رقم 60 الصادر في 13/05/1979 مشار إليه في ابراهيم أوفائدة – المرجع السابق ص 189 .
(4) مثال عن ذلك أن تقوم الإدارة بفصل الموظف بغير الطريق التأديبي بعد أن يكون الحكم قد صدر له بإلغاء قرار فصله بالطريق التأديبي .
(5) ابراهيم أوفائدة – المرجع السابق- ص 126-127 .
- 14 -

أما قضاء مجلس الدولة الفرنسي رأى أن تنفيذ حكم الإلغاء مطلوب حتى ولو أمكن التصحيح تطبيقا لقاعدة عدم جواز تصحيح القرار الإداري بأثر رجعي حتى ولو كان العيب خارجيا (1) .
أما في مصر فقد تباينت أحكام القضاء بين جواز التدارك اللاحق للشكل شرط أن يكون غير مؤثر على مضمون القرار الإداري وبين القول بأن هذا الاستيفاء أو التصحيح من الإدارة المتأخر للإجراءات لا يصحح القرار الإداري محل الإلغاء .
- نخلص أن هذا الامتناع المتكرر من الإدارة أدى إلى اللجوء إلى القضاء الإداري لإلغاء القرار الإداري أو الاكتفاء بالتعويض مع الإشارة إلى أن امتناع الإدارة ليس دائما ظاهرا بل هي في أحيان كثيرة تتذرع بدواعي النظام العام وأحيانا تلجأ إلى الانحراف بالإجراءات بما يسمح لها بإصدار قرارات إدارية تراعي فيها الشكليات القانونية لكنها تهدف لنتيجة واحدة وهي عرقلة تنفيذ قرارات القضاء (2) .
ثانيــا : التنفيذ المعيب للقرار القضائي
استقر الفقه والقضاء على المبدأ الذي يقضي بأن التنفيذ يجب أن يكون في وقت مناسب ومدة معقولة فإن خرج الأمر عن ذلك اعتبر أن التنفيذ معيب يوحي بأن هناك امتناع من جهة المحكوم عليه .
أمام هذا فإن الإدارة قد تلجأ لهذا الحل متخذة في الحال ذاته صورتيــــن :

• الصورة الأولى : التنفيذ الجزئي للقرار
إن الإدارة ملزمة عند إعلانها بقرار قضائي إداري أن تقوم بالتزامها بالتنفيذ الكامل لمقتضى القرار وذلك بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار الملغي فلا يحق لها أن تخضع ما قضى به القرار القضائي لسلطتها التقديرية لأنه ما يفرضه القضاء من أحكام حائزة لقوة الشيء المقضي به التزام مفروض عليها (3) .
والتنفيذ الجزئي قد يكون ناقصا فلا تنفذ الإدارة بعض ما جاء به القرار القضائي ويعد هذا العمل من الإدارة امتناعا منها ومن أمثلتها : القرار القضائي الإداري الذي يلزم الإدارة بإعادة الموظف المفصول إلى منصبه وتمكينه من حقوقه المالية فتعمد الإدارة إلى تنفيذ الشق الأول من القرار القضائي دون الشق الثاني .




ـــــــــــــ
(1) سليمان الطماوي – قضاء الإلغاء – الكتاب الأول ، مصر ، دار الفكر العربي سنة 1976 ص 790 ومايليها .
(2) حسينة شرون ، المرجع السابق - امتناع الإدارة في تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الإدارية – ص 64 .
(3) فريدة أبركان– رقابة القاضي على السلطة التقديرية للإدارة –ترجمة عبد العزيز أمقران ، الجزائر ، مجلة مجلس الدولة ، عدد 01 سنة 2002ص36
- 15 -

وقد أشار مجلس الدولة الفرنسي لهذه الحالة في قراره المؤرخ في 30/06/1997 بقوله " ... إذا كانت الإدارة قد اكتفت بأداء التعويض المحكوم به دون الفوائد القانونية المترتبة على التأخير في تنفيذه فإن هذا يعني أنها لم تنفذ القرار إلا جزئيا مما يستوجب القضاء ضدها بغرامة تهديدية 500 فرنك يوميا حتى تقوم بدفع هذه الفوائد (1) .
وقد يكون التنفيذ المعيب نتيجة فهم خاطئ للإدارة لفحوى منطوق القرار القضائي الإداري ، ولعل الحل المتبع هنا هو إرجاع الفصل في مشكلة الغموض في المنطوق إلى القاضي الإداري لبيان كيفية تنفيذه ويكون ذلك في شكل دعوى تفسيرية ترفعها الإدارة إلى القاضي الإداري لتفسير الغموض ، أما قيامها بالتنفيذ دون هذا الإجراء وفقا لما أملته عليها تفسيراتها اعتبر تنفيذا معيب يؤسس الامتناع في التنفيذ .
- وتفاديا لذلك فقد درج قضاء مجلس الدولة الفرنسي على تحديد كيفية تنفيذ قراراته خاصة بعدما تعددت حالات تأخير التنفيذ نتيجة لذلك بعدما ألغى المشرع الفرنسي الخطر الذي كان مفروضا على القاضي الإداري بأن لا يوجه أمر للإدارة بما يراه مناسبا لتنفيذ حكمه (2) .

• الصورة الثانية : التنفيذ المتأخر للقرار القضائي
لعل هذه الحالة الأكثر شيوعا من سابقتها فهنا تلجأ الإدارة إلى التباطؤ في التنفيذ متحججة تارة بانتظار الفصل في الاستئناف وأخرى لعدم تحديد القرار لمدة التنفيذ (3).
وفي هذا الصدد نجد أن التشريع الفرنسي بموجب القانون رقم 95/125 الصادر في 08/02/1995 المتعلق بصلاحيات المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف وكذا القانون رقم 80/539 الصادر في 17/06/1980 المتعلق بالغرامة التهديدية في تنفيذ الأحكام من طرف أشخاص ، القانون العام قد أعطى للقاضي الإداري سلطة تحرير مدة تنفيذ أوامر القضاء المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية ، التي متى لم تنفذ الإدارة التزامها بفواتها اعتبر إخلال بالتنفيذ خاصة إذا كان التأخير مبالغا فيه .




ـــــــــــــ
(1) جورج فوديل وبيار د يلفولفيه – القانون الإداري – الجزء 02 ، ترجمة منصور قاضي ، لبنان ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع سنة 2001 ص 225 .
(2) محمد باهي أبو يونس – المرجع السابق - ص 164 .
(3) وتجدر الملاحظة أن القضاء الفرنسي وعلى خلاف نظيريه المصري والجزائري قد لجأ في بعض أحكامه إلى تحديد المدة التي يجب على الإدارة أن تقوم خلالها بالتنفيذ وإلا فرضت عليها الغرامة التهديدية أو التعويض أو بهما معا .
- 16 -
أما بالنسبة للنظام الجزائري وعلى الرغم من تحديد المدة القصوى لتنفيذ القرار القضائي المتضمن إدانة مالية ضد الإدارة (1) فقد أوجب على أمين الخزينة العامة أن يتخذ إجراءات السداد في أجل أقصاه شهران من تاريخ إبداع طلب التنفيذ بالنسبة لتلك الصادرة لصالح الإدارة وخلال ثلاثة أشهر بالنسبة للأفراد لكن الأمر يبقى عالقا بالنسبة لأحكام الإلغاء والتي تفتقد مدة لتنفيذها .

الفرع الثاني : مبررات الإدارة عن عدم التنفيذ
لما كان من المقرر فقها أنه لا تكليف بمستحيل ولا إجبار إلا على تأدية مقدورة فإنه لا مجال للبحث عن وسائل قانونية لإجبار الإدارية على تنفيذ القرارات القضائية الإدارة إذا استحال تنفيذها وذلك إذا كان المبرر قائما وشرعيا وإلا عد الامتناع في غير هذه الحالة إخلال بالمسؤولية يترتب عنه جزاء قانوني .
ولعل من أهم المبررات التي تحتج بها الإدارة إما يرجع إلى استحالة قانونية أو واقعية .

أولا : الاستحالة القانونية
وتجتمع هذه الحالة في ثلاث أمور فقد تتعلق بالتصحيح التشريعي أو بوقف تنفيذ القرار القضائي أو نتيجة لإلغاء القرار القضائي من طرف مجلس الدولة .

أ‌- التصحيح التشريعي :
يراد بالتصحيح التشريعي أن يقوم المشرع بإصدار تشريع أو تقوم الإدارة بإصدار قرار تنظيمي أو لائحي يتم بموجبه تصحيح أثار تترتب على حكم الإلغاء ، وهذه الحالة يراد منها تصحيح القرار الإداري الملغى وتجد الإدارة بهذه الحالة نوع من التحرر إزاء التزامها بالتنفيذ لكن يثار الإشكال حول التصحيح التشريعي ومدى التوافق بينه وبين حجية القرار القضائي الإداري .
وهنا يتم التمييز بين حالتيــــن :







ـــــــــــــ
(1) القانون رقم 91/02 المؤرخ في 17/01/1991 .
- 17 -

• الأولى : أن التصحيح لا يشمل إلا الآثار المترتبة على القرار الملغى ولا يتعد إلى المضمون ، فهنا الإدارة تعفى من التزامها بتنفيذه بالنسبة للمرحلة الأولى غير أنها تظل ملتزمة بتنفيذ مقتضيات القرار القضائي التالية لصدوره .
• الثانية : أن المشرع لا يستطيع القيام بإجراء التصحيح لدافع شخصي بل تكون غاية التصحيح تحقيق الصالح العام ، ومن أمثلة ذلك نجده في القضاء الفرنسي حينما ألغى مجلس الدولة الفرنسي مرسوم تعديل القانون الأساسي للمسرح الفرنسي بسبب الانحراف بالسلطة لأنه الباعث على التعديل في القانون الأساسي كان الامتناع عن تنفيذ قرارات قضائية (1) .
ب- وقف تنفيذ القرار القضائي الإداري :
هذه الحالة رأيناها سابقا بحيث رأينا أن المشرع الجزائري نص على وقف تنفيذ القرار القضائي وجعله من اختصاص رئيس مجلس الدولة حاليا في شكل دعوى استعجالية تمارسها الإدارة بالموازاة مع الاستئناف المرفوع منها ضد القرار القضائي الإداري وخلصنا أن القضاء راح يوقف تنفيذ القرار القضائي الإداري متى تبين له أن تنفيذه يحدث نتائج يصعب تداركها .
ج- إلغاء القرار من طرف مجلس الدولة :
هذه الحالة هي أن يصدر من مجلس الدولة قرارا قضائيا يقضي بإلغاء القرار القضائي محل التنفيذ فيصير بذلك محل التنفيذ منعدما وفي هذه الحالة تحرر الإدارة من التزامها بالتنفيذ .
ومن تطبيقات ذلك ما صدر في القضاء المصري من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2202 لسنة 93 جلسة 27/07/1993 مما جاء فيه "... ومن حيث أنه من المعلوم أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم صادر من محكمة القضاء الإداري أن يزول لكل ما كان للحكم الملغى من آثار بحيث يعود الحال إلى ما كان عليه قبل صدور الحكم المذكور (2) .





ـــــــــــــ
(1) أنظر بالتفصيل ذلك : أحمد محيو – المنازعات الإدارية – ترجمة فائز أنجق وبيوض خالد ، الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية 1994 ص 201 .
(2) طعن وارد بـ: حميدي ياسين عكاشة – الأحكام الإدارية في قضاء مجلس الدولة – مصر ، منشأة العارف الإسكندرية سنة 1997 ص971،970
- 18 -

ثانيـا : الاستحالة الواقعية ( المادية )
إن امتناع الإدارة في التزامها بالتنفيذ هنا يرجع إلى واقعة خارجة عن نطاق القرار القضائي بحيث يعتري تنفيذ القرار عارضا يستحيل معه التنفيذ .
ومرد هذه الاستحالة لا يخرج عن صورتيـــن :

- الصورة الأولى : الاستحالة الشخصية : فهنا يستحيل تنفيذ القرار القضائي يرجع إلى الشخص المحكوم له بحيث تطرأ ظروف تؤدي إلى الاستحالة ولعل المثال الأتي أدل على الفكرة هي أن يصدر قرار قضائي إداري يقضي بإلغاء القرار الإداري الذي فصل الموظف عن وظيفته وعن تنفيذ القرار القضائي يكون الموظف المحكوم له قد وصل إلى سن التقاعد ، فتنفيذ القرار يعد من الناحية العلمية مستحيلا .
ويضرب لنا القضاء الفرنسي عن ذلك ضمن قراره الصادر بتاريخ 27/03/1987 بإلغاء فصل موظف بعد بلوغه سن المعاش مما استوجب معه القضاء برفض طلب الغرامة التهديدية لإجبار الإدارة عن تنفيذه (1) .
أما بالنسبة للجزائر فإنه في حالة صدور قرار قضائي بإلغاء فصل موظف بلغ سن التقاعد فيما بعد فإنه يتعين على الإدارة أن تصدر قرارين إداريين يقضي القرار الأول بإعادة إدراج الموظف المفصول تنفيذا للقرار القضائي ، أما الثاني فيقضي بإحالته على التقاعد وذلك من أجل احتساب وتقدير معاش التقاعد ويكون بذلك التنفيذ صوريا (2) .












ـــــــــــــ
(1) محمد باهي أبو يونس – المرجع السابق- ص 145 .
(2) شرون حسينة – المرجع السابق- ص 45 .
- 19 -

- الصورة الثانية : الاستحالة الظرفية
مرد هذه الحالة ظروف استثنائية لا يكون فيها أمام الإدارة إلا أن تؤثرها على تنفيذ القرار القضائي ، إذن فعدم التنفيذ هنا يكون راجع لظروف خارجية .
ومن أمثلة ذلك القرار القضائي الإداري الذي يطالب الإدارة بتسليم وثائق معينة للمحكوم له لكن عند التنفيذ يتضح أن تلك الوثائق قد تلفت نتيجة حريق أو سرقة ، ومن ذلك نجد قضاء مجلس الدولة الفرنسي الذي فرض الغرامة التهديدية لإجبار الإدارة على تسليم الوثائق المطلوبة تنفيذا لإلغاء قرار الامتناع عن تسليمها نتيجة لفقدانها مما يترتب استحالة تنفيذه (1) .
أو القرار القضائي الإداري الذي يقضي بإزالة المباني التي تمت إقامتها على أرض المحكوم لصالحه وعند التنفيذ تكون تلك المباني قد هلكت من قبل .
وقد يكون الامتناع يرجع أن الاستمرار في التنفيذ سوف يهدد النظام العام ويترتب عنه إخلال خطير يتعذر تداركه كحدوث فتنة أو تعطيل سير مرفق عام ، فهنا ترجيحا للمصلحة العامة يوقف التنفيذ .
كما قد تكون الاستحالة راجعة إلى عدم توفر الاعتمادات المالية ونجد هذا شائعا في أحكام التعويض لأن عدم توفر المال يعتبر العقبة التي تحول دون التنفيذ .
إلا أن الفقه يرى أن هذه العقبة مؤقتة لأن الإدارة ملزمة بالحصول على الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ في السنة المالية ذاتها أو في السنة الموالية لها (2) .
ونجد أن المشرع الجزائري قد اعتبر القرار القضائي بالتعويض ضد الإدارة بمثابة الأمر بالدفع بمقتضى الأمـر 91/02 المتعلق بضمان تنفيذ أحكام التعويض الصادرة ضد الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية إذ يقوم أمين الخزينة الموجودة في دائرة الاختصاص بعد انقضاء أجل أربعة أشهر من اتخاذ إجراءات التنفيذ القضائي دون جدوى ، بإجراءات السداد خلال ثلاثة اشهر بالنسبة للأفراد العاديين ، وخلال شهرين بالنسبة للتنفيذ لصالح الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية (3) .




ـــــــــــــ
(1) محمد باهي أبو يونس – المرجع السابق- ص 147 .
(2) عبد الفتاح مراد – جرائم الامتناع عن تنفيذ الأحكام وغيرها من جرائم الامتناع – مصر دار الكتاب والوثائق ، دون سنة نشر ص 131 .
(3) على غرار التشريع الجزائري فإن التشريع الفرنسي تصدى لهذه المشكلة بالقانون رقم 539/80 الصادر في 16/07/1980 المتعلق بتنفيذ الأحكام المتضمنة مبالغ مالية وقد تم تعديل هذا القانون بالقانون رقم 321/2000 .
- 20 -

تبقى الحالة الأخيرة والمتمثلة في خشية وقوع اضطرابات تمس النظام العام ، فهنا والذي استقر عليه الاجتهاد القضائي المقارن أن لجهة الإدارة أن تمتنع عن تنفيذ القرار القضائي إذا كان يترتب على تنفيذه إخلال بالأمن والنظام العام .
ولعل من أشهر تطبيقات هذه الحالة امتناع الإدارة الفرنسية عن تنفيذ حكم قضائي بدعوى المساس الخطير بالأمن العام وتتلخص وقائع القضية أن أحد الأفراد المقيمين بتونس حصل على حكم بملكيته لقطعة أرض وعندما ذهب لوضع يده عليها فوجئ بأن قبيلة عربية استقرت عليها منذ زمن بعيد ويستغلونها لمورد رزق ، رفضت التخلي عن الأرض والخروج منها فلجأ إلى الإدارة الفرنسية طالبا منها دعمه بالقوة العمومية لتنفيذ الحكم غير أن السلطات المعنية رفضت ذلك بحجة أن نتيجة ذلك إشعال فتنة وثورات جانب الأهالي ، فلجأ المعني بالأمر أمام مجلس الدولة الذي قضى لصالحه بالتعويض لاعتبارات العدالة (1) .
أما في الجزائر فقد نص المشرع صراحة لهذا المبدأ في المادة 324 من ق.إ.م " ... وعندما يكون التنفيذ من شأنه أم يعكر الأمن العمومي إلى درجة الخطورة فيمكن للوالي أن يطلب التوقيف المؤقت لهذا التنفيذ ..."(2) .

والملاحظ أنه لا يوجد معيار دقيق لتحديد درجة خطورة الإخلال بالنظام العام فالأمر متروك للسلطة التقديرية للقضاة تبعا لموضوع المنازعة المعروضة أمامهم .











ـــــــــــــ
(1) مسعود شيهوب – المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة – دراسة مقارنة ، الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية سنة 2002 ص 53 –54 .
(2)قرار المحكمة العليافي20/01/1979قضية "بوشاط وسعيدي" انظر مسعود شيهوب– المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة- المرجع السابق ص 66
- 21 -
المطلب الثاني : مسؤولية الإدارة عن عدم التنفيذ
إن عدم احترام الإدارة لحجية القرارات القضائية الإدارية يعد إخلال من طرفها ومخالفة لالتزام قانوني مفروض عليها يترتب عنه مخالفة قانونية تعرض عملها لعدم المشروعية ، وعلى هذا الأساس فإن القانون قد أوجد نظام المسؤولية تختلف أنماطها بدرجة نوع الخطأ المرتكب من طرف الإدارة أو الموظف القائم بالتنفيذ ويتفق الفقه أن هذا الإخلال من الإدارة يرتب مسؤوليتين إحداها إدارية محضة وثانيها جزائيــــــة :

الفرع الأول : المسؤولية الإدارية
إن المسؤولية التي سوف نعالجها في هذا الفرع لا تعني مسؤولية التعويض التي تنشأ على أساس العقد الإداري أو التعدي و لا الاستيلاء إنما نعني تلك المسؤولية المترتبة من جانب الإدارة حين تتقاعس أو تمتنع عن تنفيذ القرارات القضائية الإدارية الصادرة ضدها لصالح الأشخاص الطبيعية والمعنوية .
ونجد أن قواعد المسؤولية الإدارية هنا مستقلة عن قواعد المسؤولية المدنية في جوانب معينة وفي حالات أخرى نجد أن القاضي الإداري يطبق بعض قواعد المسؤولية المدنية (1) مع مراعاة قواعد الاختصاص النوعي للمحاكم .
ويكون أساس هذه المسؤولية إما ناتجا عن الخطأ الشخصي الذي يصدر في الشخص أو الموظف التابع لجهة إدارية دون أن يكون لهذه الأخيرة دورا في وقوعه (2) .
وقد يكون الخطأ مرفقيا ومن أهم صورة لصعوبة وضع معيار محدد لتعريفه نجد حالة عدم أداء الموفق العام للخدمات الواجب عليه أداءها وكذا قيام المرفق بالخدمات على نحو سيئ وأخيرا التنظيم السيئ للمرفق العام .
وقد أخذ مجلس الدولة الجزائري وقبله الغرفة الإدارية بهذا النهج ومن أمثلة ذلك قيام المسؤولية الإدارية ضد وزارة العدل في قضية تتلخص أن أحد كتاب الضبط نسي أن يبدل الأوراق النقدية التي صادرتها الشرطة ، فكان أم صدرت أوراق نقدية جديدة حلت محل القديمة ، وبعد الحكم بالإفراج على صاحب تلك الأموال قام هذا الأخير بمطالبة وزارة العدل عن حقوقه بسبب إهمال أحد موظفيها (3) .
وقد تقوم مسؤولية الإدارة على الإخلال عن تنفيذ القرارات القضائية الإدارية على أساس نظرية المخاطر أي المسؤولية دون خطأ .

ــــــــــــ
(1) مجدي محمد النهري – مسؤولية الدولة عن أضرار التلوث البيئي – مصر مكتبة الجلاء الجديدة ، سنة 2002 ، ص 8 .
(2) إن تحديد نوع الخطأ وطبيعته ومصدره إشكالية عرضت على القضاء المقارن وقد تبنى المشرع أو بالأحرى القضاء الفرنسي أسس ومعايير أهمها مدى انفصال الخطأ عن الوظيفة – وما ذا إذا كان الخطأ جسيما – ومدى جسامته .
(3) محفوظ لعشب – المسؤولية في القانون الإداري – ديوان المطبوعات الجامعية ، سنة 1994 ص 48 .
- 22 -
ومن الأمثلة البارزة لتقرير المسؤولية الإدارية على أساس الخطأ الشخصي بالامتناع عن التنفيذ ما قضى به مجلس الدولة الفرنسي في قضية Fabraques بحيث تقرر مسؤولية العمدة بعد إصراره على استمرار إيقاف الشرطي رغم صدور عدة أحكام تقضي بإلغاء قراره ، وكذا مسؤولية العمدة الذي رفض تعيين سيدة رغم صدور حكم قضائي بأحقيتها قضية Venturini (1) .
ومن ذلك يتفق الفقه والقضاء الفرنسيان بصورة عامة بأن القرارات الإدارية التي تخالف حجية الشيء المقضي فيه أو التي يترتب عليها عدم تنفيذ الأحكام ، مخالفات جسيمة تؤدي إلى مسؤولية الإدارة بناء على الخطأ المرفقي .
وتحقق مسؤولية الإدارة عن عدم تنفيذ القرار القضائي الإداري بإصدارها قرارا إداريا يتعارض مع حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه فتساؤل الإدارة بناء على الخطأ المرفقي عدم تنفيذها أصلا أو عن التنفيذ المعيب أو التأخر في التنفيذ (1) .
وقد تكون علاقة الامتناع في التنفيذ بمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة ونشير هنا لقضاء مجلس الدولة الفرنسي الذي منح التعويض لا لسبب وجود خطأ وإنما على أساس العدالة المجردة التي تأبى أن يضحي فرد لوحده لصالح المجتمع ما دام في الإمكان توزيع الأعباء العامة على الجميع ، ذلك أن امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية هو أمر استثنائي (2) .
الفرع الثاني : المسؤولية الجنائية
إن إشكالية تحديد المسؤولية جنائيا عن جريمة الامتناع عن التنفيذ ترتبط ارتباط وثيقا بتحديد المسؤول جنائيا أمام القضاء ، فمن جانب القانون نجده يفرق بين الخطأ الذي يترتب على ذمة الشخص الطبيعي وفي الغالب يكون الخطأ شخصي أما الشخص المعنوي فالمسؤولية المترتبة عنه مرفقية أو على أساس المخاطر .
ويثار الإشكال من يحمل جزاء ومسؤولية الامتناع عن التنفيذ هل الموظف أم الإدارة كشخص معنوي مستقل عن موظفيها .
أولا : المسؤولية الجنائية للموظف العام
الأصل أن المسؤولية شخصية وتكون المسؤولية الجنائية في جريمة الامتناع عن التنفيذ متى امتنع الموظف عمدا عن تنفيذ أحكام وقرارات القضاء ولقيام مسؤولية يجب توافر الأهلية الجنائية للموظف العام والتي يتطلب توافرها إرادة معتبرة قانونا تدفع بالموظف العام إلى الامتناع عن التنفيذ هذه الإرادة تخضع للشروط ذاتها طبقا للأحكام العامة للمسؤولية الجنائية .
(1) سامي حامد سليمان–نظرية الخطأ الشخصي في مجال المسؤولية الإدارية –دراسة مقارنة الطبعة الثالثة ،مصر، دار الفكر العربي 1978 ص 270 .
(2) قرار مجلس الدولة الفرنسي قضية Franqures بتاريخ 23/07/1909 و 22/07/1910 .
(3) إن القضاء الجزائري درج على هذا الموقف في عدة قرارات قضائية صدرت عن الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا نذكر - قضية زرميط في 21/04/1965 وقضية تبروقي في 21/05/1965 وقضية بوشاط في 20/01/1979 وقضية منسوة في 27/01/1982 – أنظر تفصيلا ، مسعود شيهوب ، المرجع السابق ص 66 وما بعدها .
- 23 -
والإشكالية التي تثار هنا تحديد المسؤول جنائيا عن جريمة الامتناع عن التنفيذ مع تحديد الموظف المختص بالتنفيذ لأن مسألة الموظف المختص قد تمتد إلى رئيسه الأعلى في الحالات التي يجوز فيها للرئيس الحلول محل المرؤوس أو في الحالات التي يكون فيها الفعل المجرم نتيجة أوامر صدرت إلى المرؤوس من الرئيس (1)،ضف إلى ذلك صعوبة تحديد المسؤول جنائيا عن فعل الامتناع كمافي حالات القرارات التداولية التي تصدرمن هيئة معينة مثل المجلس الشعبي الولائي أو المجلس الشعبي البلدي ، ففي هذه الحالات لا يمكن تحديد الخطأ الشخصي وإلى من يمكن إسناده .
وقد قرر المشرع المسؤولية الجنائية للموظف بموجب المادة 138 مكرر من قانون العقوبات التي جاء نصهـا "... كل موظف عمومي استعمل وظيفته لوقف تنفيذ حكم قضائي أو امتنع أو اعترض أو عرقل عمدا تنفيذه يعاقب بالحبس من ستة (06) أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 5.000 دج إلى 50.000 دج ... " .
وجدير بالذكر أن المسؤولية الجنائية للموظف العام تسقط إذا سارع بعد رفع الدعوى العمومية إلى تنفيذ الحكم محل الإشهاد إذ يعتبر في هذه الحالة متأخر في التنفيذ وليس ممتنعا عنه (2) .
ثانيـا : المسؤولية الجنائية للإدارة الممتنعة
المبدأ العام والذي كان سائد في التشريع الجزائري قبل تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون رقم 04/14 أن محل المسؤولية الجنائية هو الإنسان ولكن التطور القانوني انتهى إلى الاعتراف بالشخصية القانونية لما اصطلح عليه تسميته الشخص المعنوي (3) ، وثار الجدال الفقهي حول إمكانية مساءلة الأشخاص المعنوية جنائيا .
ولقد انقسم الفقه بين مؤيد ومعارض لهذه المسؤولية ولكي لا نخوض في هذه الآراء نحاول أن نقف على ما توصل إليه التشريع الجزائري .
فبموجب القانون 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية وخاصة المادة 06 من ذلك القانون تقرر إسناد المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية فبموجب المادة 65 مكرر من القانون أجاز لقاضي التحقيق كما لقاضي الحكم توقيع العقوبات على الشخص المعنوي – لكن يثار الإشكال حول طبيعة بعض العقوبات مثل الحل والتوقيف المؤقت لنشاط الشخص المعنوي فهل يعقل توقيع مثل هذه العقوبات على الإدارة خاصة أن هذه الأخيرة تعتبر مرفق عام وتشكل أحد عناصر الأموال العمومية التي تحكمها قاعدة عدم الحجز على أموال الإدارة ولا رهنها ...(4) .
غير أنه من اللازم لمساءلة الشخص المعنوي جنائيا توافر شرطين أساسيين ، أن يكون العمل أو الامتناع على العمل المكون للجريمة واقعا من الممثل القانوني طبقا للنظام والقانون الأساسي للشخص المعنوي الإداري (5)ــــــــــــ
(1) لذا يرى الدكتور – احسن بوسقيعة – أن المادة 198 مكرر من قانون العقوبات التي استحدثها المشرع بالقانون رقم 01/09 المؤرخ في 26/06/2001 المتعلقة بالمسؤولية الجزائية للموظف عن امتناعه عن تنفيذ القرارات القضائية ... " أنها ولدت ميتة ..." .
(2) عبد الفتاح مراد – المرجع السابق ص 133 .
(3) حدد المشرع الجزائري الأشخاص المعنوية من خلال نص المادتين 49-50 من القانون المدني .
(4) أنظر المادة 689 من ق. م والمادة 04 من قانون 90/30 المتعلق بالأملاك الوطنية .
(5) إدوارد غالي الذهبي – دراسات في قانون العقوبات المقارن – مصر مكتبة غريب سنة 1992 ص 33 –36 .
- 24 -
وأن الأخذ بالمسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية الإدارية ستقيم الاعتبارات العلمية والضروريات الواقعية لما تقوم به الإدارة حاليا من تعسف وتعنت في تنفيذ عرقلة أحكام القضاء دون مبرر قانوني يستحق ذلك ،وأن هذه المسؤولية تعتبر ترسيخا لدولة القانون وإقرارا للحماية الجنائية لتنفيذ الأحكام والقرارات القضائية بصفة خاصة من جهة والحد من تحايل الإدارة والموظف العام خصوصا في التنصل من المسؤولية الجنائية عن عدم التنفيذ (1) .
ويكون بذلك المشرع الجزائري سباقا لتقرير المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بما في ذلك أشخاص القانون العام على غرار التشريعين الفرنسي والمصري هذا الأخير الذي اكتفى بتقرير المسؤولية الجنائية للموظف العام فقد قرر المبدأ الذي سار عليه التشريع الجزائري في نص المادة 138 مكرر من قانون العقوبات (2) .
المطلب الثالث : الجزاء المترتب عن عدم التنفيذ
لما كان تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الحائزة حجية الشيء المقضي فيه يمثل قاعدة قانونية وأصلا من أصول القانون التي يجب الالتزام بها فإن مخالفتها توجب توقيع الجزاء على من قام بالمخالفة .
وامتناع الإدارة أو موظفيها في التنفيذ كما رأينا يفرز عدة مسؤوليات تتضمن عدة صور من الجزاء حسب المسؤولية المقامة ، فالقاضي الذي يلتزم بتوقيع الجزاء يختلف فإن كان القاضي الإداري فإنه كما سوف نرى ملزم بعدة قيود الناتجة عن الميراث الموروث في التشريعات والقضاء المقارن كعدم توجيه أوامر للإدارة وعدم فرض غرامة تهديدية مع عدم الحجز على أموال الإدارة ، أما إذا كان قاضي عادي وبالخصوص القاضي الجزائري سوف يستشكل عليه الأمر حول فرز وحصر المسؤولية الجزائية على من يوقعها هل على الإدارة كشخص معنوي أم على الموظف العام ؟
الفرع الأول : الجزاء الإداري
استقرت أحكام القضاء الإداري عموما على أن امتناع الإدارة عن تنفيذ القرارات القضائية الإدارية الصادرة ضدها يشكل عملا غير مشروع .
ويلجأ المتضرر إلى القضاء لمطالبته بالتدخل تصطدم دعوى المواطن بعدة حواجز أهمها استحالة ممارسة وسائل الإكــراه المالي ( الغرامة التهديدية ) وكذا استحالة ممارسة الحجز على أموال الإدارة وأخيرا وإجمالا لكل هذا استحالة إعطاء القاضي الإداري أوامر للإدارة ، ونجد هذه العقبات بالخصوص في التشريع الجزائري والقضاء معا .

ــــــــــــ
(1) شرون حسينة – المرجع السابق - ص 163 .
(2) المادة 123 من قانون العقوبات المصري ..." يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته .. في وقت تنفيذ حكم أو أي أمر صادر من المحكمة أو من أي جهة مختصة كذلك يعاقب كل موظف عمومي أمتنع عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره بمحضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص الموظف ... "
- 25 -

فالمشرع الجزائري رغم أخذه بمبدأ الفصل بين السلطات لا زال يحصر سلطة القاضي الإداري في مواجهة الإدارة في إلغاء القرار الإداري وتفسيره وبيان مدى مشروعيته ووقف تنفيذه والتعويض عن القرار المعيب دون أن تتعداها إلى التدخل في أعمالها بتوجيه الأوامر للإدارة لإلزامها بالقيام بعمل أو الامتناع عنه وذلك باستثناء حالات التعدي والاستيلاء (1) .
أولا : الغرامة التهديدية
لعل أن الاستعانة بالتشريع المقارن في هذا العنصر ضرورة فرضها الواقع ، لذا فإن المشرع الفرنسي تبنى أول خطوة في الاعتراف للقاضي الإداري بسلطة توجيه الأوامر للإدارة بموجب قانون رقم 198 المؤرخ في 16 جويلية 1980 وبعد أن ركز المشرع الاختصاص بالحكم بالغرامة التهديدية لسلطة مجلس الدولة وحده جعل الاختصاص الاستشاري لكفالة تنفيذ الأحكام الإدارية له ، جاء القانون رقم 125/1995 المؤرخ في 08 فيفري 1995 ، فاعترفت محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم الإدارية بسلطة توجيه أوامر للإدارة بفرض الغرامة التهديدية (2) .
إن استحداث المشرع الفرنسي لنظام الغرامة التهديدية كجزاء لمسؤولية الإدارة له من الأهمية بالقدر الذي ينبئ بمرحلة جديدة لتحقيق جديد وفعل بنقل عدالة القاضي الإداري من نطاقها النظري إلى أفاق التطبيق الفعلي .
لكن المشرع الجزائري ضمن قانون الإجراءات المدنية نص ضمن الأحكام العامة في المادة 471 من ق.إ.م على جواز استعمال القاضي للغرامة التهديدية بطلب من أحد الخصوم ورغم أن هذا القانون يطبق على المنازعات الإداري والمنازعات العادية لخضوعها لنفس القانون رغم ذلك فإن القضاء الجزائري وبالخصوص قضاء مجلس الدولة الجزائري حسم هذه المسألة في عدة قرارات (3) آخرها قراره المؤرخ في 08/04/2003 الحامل لرقم 014989 فجاء بالمبدأ الآتي والغريب من نوعه "... الغرامة التهديدية ينطق بها القاضي كعقوبة ، وبالتالي ينبغي تطبيق مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات عليها أي يجب سنها بقانون ولا يجوز للقاضي الإداري النطق في المسائل الإدارية بالغرامة التهديدية ما دام لا يوجد قانون يرخص بها (4) .
ــــــــــــ
(1) يوسف بن ناصر – عدم تنفيذ الإدارة العامة لأحكام القضاء الإداري الجزائري – المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية العدد 64 سنة 1991 ص 915 –916 .
(2) Code administrative "partie législative " ART L 911 -4 L911 -5 (a jour ou 15/08/2002 ) http/W.W.W.Luissit/ erasmuslw / France Amm ;Gustave peiser "*******ieux administratif "11eme Edition ,Dalloz ,1999 P 207 .
(3) قرار المحكمة العليا رقم 115284 المؤرخ في 19/04/97 مجلة قضائية 1998/ عدد 01 ص 195 ، قصية بين (ب.م)، (بلدية الأغواط) ، هذا القرار رفض فرض الغرامة التهديدية على الإدارة .
(4) كتب الأستاذ غناي رمضان معلقا على هذا القرار قائلا ... " أن هذا القرار جاء ضمن الصلاحيات الممنوحة لرئيس مجلس الدولة ... وأن قرار مجلس الدولة لا يرقى إلى مرتبة القرار المبدئي ... لا توجد أسباب قانونية تلزم القاضي الإداري الحفاظ على هذا الاجتهاد وخلص أن اجتهادات القضاء الاستعجالي لا تلزم قضاة الموضوع ...." .
- 26 -

إن استبعاد مجلس الدولة لسلطة القاضي الإداري من شأنه كذلك الإنقاص من سلطة اجتهاد القاضي الإداري غياب النص القانوني المكرس للغرامة التهديدية في المادة الإدارية لا يترتب عليه حرمان القاضي الإداري من الاجتهاد بالعكس فإن اجتهاد القاضي الإداري هو أمر لابد منه لا سيما في غياب النص القانوني (1) .
ولا يمكن تبرير هذا الموقف هو النظرة العامة لقضاة الغرف الإدارية على جميع المستويات وتشبثهم بالمادة 168 من ق.إ.م هذه المادة التي استبعدت تطبيق القاضي الإداري لمواد قانون الإجراءات المدنية ( المادة 174 و182 ) ، المتعلقة بأوامر الأداء .

ثانيا : الاقتطاع من أموال الإدارة على مستوى الخزينة العمومية
نظرا لاستحالة استعمال طرق التنفيذ العادية ضد الإدارة ونظرا لاستحالة تطبيق الإكراه على أموال الإدارة لا يبقى للمحكوم له إلا التنفيذ بواسطة الاقتطاع من أموال الإدارة على مستوى الخزينة العمومية .
كان التنفيذ يثير نفس الإشكالات التي سبق ذكرها خاصة في دعاوي التعويض إلى غاية صدور الأمر رقـم 48/75 المؤرخ في 17/06/1975 المتضمن تنفيذ الأحكام القضائية الفاصلة في قضايا التعويض ، ثم جاء القانون رقم 02/91 المؤرخ في 08/01/1991 والذي ألغيت المادة 11 منه أحكام الأمر 48/75 السالف الذكر وتضمن أحكاما جديدة لضمان تنفيذ أحكام التعويض الصادرة ضد الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري .
وقد تناول المشرع في هذا القانون بالإضافة إلى تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح الأشخاص العاديين تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح المؤسسات العمومية وكذا الجماعات المحلية فقد قررت المادة 03 منه على أنه يسوغ لأمين الخزينة أن يأمر تلقائيا بسحب مبلغ الدين من حسابات الهيئة المحكوم عليها لصالح الهيئة الدائنة في أجل أقصاه شهران من تاريخ إيداع عريضة الاقتطاع ، وبعد استنفاذ كافة مساعي تنفيذ الحكم لمدة أربعة أشهر دون نتيجة وكل طلب لإجراء التحقيق لدى النائب العام أو مساعديه لدى الجهة القضائية المصدرة للحكم لا يعتبر مبررا لإيقاف أجل السداد .
وترفع المهلة الممنوحة للأفراد المحكوم لهم ضد القرارات الصادرة ضد الإدارة لمدة 04 أشهر بنفس الإجراءات(2)



ــــــــــــ
(1) تعليق الأستاذ – غناي رمضان – مجلة مجلس الدولة 2003 /عدد 4 ص 159 .
(2) على طالب التنفيذ أن يسعى شخصيا لدى أمين الخزينة بعريضة مكتوبة مرفقة بالوثائق التاليـــــة :
- نسخة من محضر الإلزام بالدفع - نسخة تنفيذية من الحكم - نسخة من محضر حجز على أن يتم تقديم عريضة الطالب إلى أمين الخزينة الولائية في أجل شهرين ابتداء من تاريخ إيداع الملف لدى المحضر .
- 27 -

الفرع الثاني : الجزاء الجنائـي
رأينا فيما سبق أن المشرع رتب المسؤولية الجزائية للموظف العام تطبيقا لنص المادة 138 مكرر من قانون العقوبات ورتب بتعديل القانون 04/14 مسؤولية الشخص المعنوي .
نشير فقط أن المشرع الدستوري الجزائري قد اكتفى بالنص على وجوب تنفيذ الأحكام القضائية من خلال نص المادة 145 من دستور 1996 بقوله ... " على كل أجهزة الدولة المختصة أن تقوم في كل وقت وفي كل مكان وفي جميع الظروف بتنفيذ أحكام القضاء " ، بناء على ذلك يكون المشرع وفقا للتعديلات التي مست قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية تماشى مع التشريعات التي رتبت المسؤولية الجنائية على الأشخاص الإدارية سواء الطبيعة منها أو المعنوية .
ففي مسؤولية الموظف العام الجنائية حدد المشرع مدة الحبس بين ست (06) أشهر وثلاث (03) سنوات وقرنها بعقوبة الغرامة ما بين 500 دج و 50.000 دج كعقوبتين أصليتين ، ثم أجاز الحكم بعقوبات تبعية وتكميلية بنصه في المادة 139 من قانون العقوبات على "...ويعاقب الجاني فضلا عن ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 (1) .
وما تجدر الإشارة إليه هو إسراف المحاكم المصرية في استخدام إمكانية إيقاف تنفيذ العقوبة في جريمة الامتناع عن التنفيذ مما أدى إلى تحويل نص المادة 123 من قانون العقوبات المصري من نظام المسؤولية الجنائية لسبب عدم تنفيذ الحكم إلى مجرد أسلوب لحث الإدارة عن التنفيذ (2) .

ــــــــــــ
(1) حدد المشرع هذه العقوبات في نص المادة 08 من قانون العقوبات وعددها كما يلـي :
1- عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السياسية
2- الحرمان من حق الانتخاب والترشح
3- عدم الأهلية
4- الحرمان من الحق في حمل السلاح .... إلخ
(2) عبد الفتاح مراد – المرجع السابق - ص 188 .
- 28 -



الـفصـل الثانـي : إشكالات تنفيذ القرار القضائي الإداري

لقد أنشأ المشرع نظام القضاء المستعجل إلى جانب القضاء العادي ، وهو يتميز ببساطة الإجراءات وسرعة البث في السائل التي تطرح أمامه بقصد حماية الحق ، حماية مؤقتة عاجلة إلى أن يفصل في أصل النزاع من محكمة الموضوع أو محكمة الطعن .
ولعل القرار القضائي الإداري كما رأينا في الفصل الأول يخضع لعملية التنفيذ متى استوف شروط قيامه ، بحيث يقوم المحكوم له بمجرد حصوله على نسخة تنفيذية للقرار القضائي الإداري بعملية التبليغ لتلي بعد ذلك عملية التنفيذ ولكن هذه العملية الأخيرة قد يترتب عنها عقبات مادية أو قانونية تحول وعملية التنفيذ وتجعل من عملية التنفيذ متوقفة إلى حين البت في الإشكال سواء كان إشكال موضوعي أو إشكال مؤقت .
فترفع المنازعة المطروحة والمتعلقة بإشكالات التنفيذ على القاضي والذي يصدر حكمه فيها والذي لا يغدو أن يكون عاجلا وقتيا لا يمس صميم الحق المتنازع عليه ، ولا تتقيد به محكمة الموضوع .إذ ووفقا لهذا التوجه إرتيأنا في هذا الفصل التطرق لإشكالات التنفيذ ضمن مبحثين أساسيين .
في المبحث الأول نبين فيه منازعات التنفيذ للقرار القضائي الإداري ، أما المبحث الثاني فخصصناه للجهة القضائية المختصة في البت في إشكالات التنفيذ الوقتية والإجراءات المتبعة في حل النزاع وكذا طرق الطعن في القرارات الصادرة في إشكالات التنفيذ الوقتية .

المبحث الأول : منازعات التنفيذ للقرار القضائي الإداري
تتمحور هذه المنازعات في الاعتراضات القانونية أو المادية التي قد تثار بمناسبة إجراءات تنفيذ القرار القضائي الإداري ، وهي في الأساس وسيلة قانونية الغاية منها الدفاع لتجنب تنفيذ القرار القضائي ولو مؤقتا ، يتخذها المحكوم عليه غالبا ويثيرها في شكل منازعة قضائية وقد تثار من الغير أحيانا أو من المحكوم له .
وهي تتعلق أساسا إما بعدم توفر الشروط الموضوعية اللازمة من حيث أطراف التنفيذ وقد تتعدى من أطراف التنفيذ إلى القرار القضائي الإداري محل التنفيذ أو إلى موضوع التنفيذ ذاته .






- 29 -

المطلب الأول : مفـهـوم المنازعـة في التنفيـذ
الأصل في الأحكام والقرارات القضائية إذا حازت الحجية المطلقة أن تنفذ ، لكن قد تعترض هذه الحجية حالات يوقف فيها التنفيذ وتظهر بذلك منازعة أخرى ناتجة عن القرار القضائي محل التنفيذ .
ولقد جرى القانون والقضاء والفقه على أن هذه المنازعات نوعان ، فإما أن تكون منازعات موضوعية وإما منازعات وقتية .
وطبقا لنص المادة 172/02 (ق.إ.م) فإن رئيس الجهة القضائية هو الذي يختص بنظر المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ سند واجب التنفيذ ليتخذ بشأنها أمر أو قرار مؤقتا من غير أن يعترض لموضوع هذا السند أو تأويله (1) .

الفرع الأول : المدلول القانوني
يراد بمنازعات التنفيذ كل ما يتعلق به أو أريد به عرقلة القرار القضائي وهي المنازعات سواء تعلقت بالإجراءات المتخذة في التنفيذ أو المتعلقة بموضوع التنفيذ أو معا .
وتعتبر هذه المنازعات الوسيلة الوحيدة للدفاع عن حقوق أطراف التنفيذ بما فيهم الغير ، وإن كانت هذه المنازعات في غالب الأحيان تهدف إلى عرقلة مجرى التنفيذ وتخلق بذلك إشكالات في التنفيذ إما موضوعية أو وقتية كما سوف نرى .

الفرع الثاني : طبيعة منازعة التنفيذ الإدارية
إن المشرع الجزائري قد أخذ بوحدة تشريع الإجراءات القضائية فلم يفصل بين الإجراءات المدنية والإجراءات الإدارية أو يعطي لكل منها استقلالية ذاتية متميزة بل العكس نجد أن قانون الإجراءات المدنية رغم تخصيصه بعض القواعد الإجرائية للمنازعات التي تفصل فيها الغرف الإدارية إلا أنه في كثير من هذه القواعد يحيل إلى القواعد الإجرائية الأخرى التي تفصل وفقا لها منازعات تدخل ضمن اختصاص الغرف القضائية الأخرى كما فعل في المواد 168 –171 –277 –283 من ق.إ.م .




ـــــــــــــ
(1) رئيس مجلس قضاء بلعباس – القضاء المستعجل – الندوة الوطنية للقضاء المستعجل 1995، ص 36 .

- 30 -

لذلك يصعب القول باختلاف طبيعة المنازعة في التنفيذ في ظل هذا القانون عن نظيرتها المطبقة في المواد المدنية .
وعلى هذا الأساس وإن كانت المنازعة في التنفيذ تنقسم إلى منازعات موضوعية ومنازعات وقتية فهي لا تختلف عن ما هو مطبق في المنازعة المدنية إلا أن ما يميزها هو إضفاء طابعها الإداري خاصة ما تعلق بقواعد الاختصاص .
لذا نخلص أن منازعة التنفيذ الإدارية لا تختلف عن باقي منازعات التنفيذ المدنية إلا ما تعلق منها بقواعد الاختصاص سواء الموضوعي منه أو الاستعجالي والذي يتحدد وفق نوع المنازعة في التنفيذ المثار كما سوف نرى ضمن المطلب الموالي .
من هذا المنطلق تتأكد أن الغرف الإدارية عند تعرضها لمنازعات التنفيذ سواء الموضوعية منها أو الوقتية نجدها تسنائنس بما هو ساري العمل به في القضايا المدنية مع إضفاء طابع خاص بمنازعات خاصة ما تعلق منها بقواعد الاختصاص .
وتنقسم المنازعة في التنفيذ إلى قسمين منازعة موضوعية قد تتعلق باستئناف و إبطلال الحجر أو بصحة التنفيذ وهذا النوع لا يهمنا ضمن معالجتنا لهذا الموضوع .
وإلى منازعات وقتية وهي أساس هذه المذكرة والتي يطلق عليها اسم اشكالات التنفيذ .


المطلـب الثانـي : المـنـازعــات الـوقـتـيــة
الأصل أن الإشكال هو إثارة مسألة لو صححت لأصبح التنفيذ غير قانوني لهذا فإن الغرض من المنازعة في إشكال تنفيذ القرار القضائي الإداري هو وقف تنفيذه مؤقتا .
الفرع الأول : وجود إشكال في التنفيذ
إن القرارات القضائية الصادرة في المواد الإدارية واجبة النفاذ ما لم يصدر قرار بوقف تنفيذها طبقا لنص المادة 283 من ق.إ.م رغم ذلك فإن تلك القرارات القضائية قد يتم وقفها كذلك بواسطة الإشكال في التنفيذ تبعا للشروط المقررة قانونا إذ يشترط لقبول إشكالات التنفيذ في القرارات الإدارية ما يشترط لقبولها في باقي الأحكام القضائية مع بعض الخصوصية .





-31 -

أولا : شروط قبول الإشكال في التنفيذ في المواد الإدارية
ذكر المشرع في المادة الاستعجالية العادية في المادة 183 الفقرة الأخيرة بالخصوص صلاحية قاضي الاستعجال في البت في اشكالات التنفيذ فتقدم له الاعتراضات المتعلقة بوقف التنفيذ .
وقد يكون الاعتراض المعلق بوقف التنفيذ مرفوعا من الغير أي من شخص ليس طرف في التنفيذ وذلك إذا كان قد بدئ التنفيذ فعلا بناءا على القرار القضائي الإداري (1) .
ولعل الواقع أفرز مظاهر أخرى لإشكالات التنفيذ الغاية منها وقف تنفيذ القرار القضائي الإداري فقد يلجأ المنفذ ضده أو الغير برفع دعاوي استعجالية من أجل إيقاف التنفيذ مقدما أسباب موضوعية أحيانا متقديم استئناف ضد القرار القضائي أو معارضة أو براءة ذمة وغيرها أو على أسباب غير موضوعية كالتجريح في الحكم أو القرار القضائـي والدفع بعدم الاختصاص أو تقديم إلتماس إعادة النظر أو الطعن بالنقض كل ذلك من أجل إيقاف تنفيذ القرار القضائي (2) .
بعد شروط الإشكال الوقتي أما في المادة الإدارية 171 مكرر سكت وعلى العموم يرى الفقه أن الشروط تكاد تتماثل بين القضائيـن .
الفرع الثاني : شروط قبول منازعات الاشكالات في التنفيذ
إن الاشكال الوقتي في التنفيذ هو منازعة قانونية في التنفيذ يختص بها كأصل عام قاضي الأمور المستعجلة والذي هو الجهة القضائية المطروح على دائرتها النزاع (3) .
ولكن كي يقبل الإشكال في التنفيذ في المنازعة المرفوعة أمام الغرفة الإدارية وقياسا على ما هو معمول به في المواد المدنية يشترط قيام شروط معينة .









ـــــــــــــ
(1) د/ محمد حسنين – المرجع السابق -ص 99 .
(2) حنيبة فرحات – القضاء الاستعجالي – الندوة الوطنية للقضاء المستعجل 1995 ، ص 47 –48 .
(3) عمارة بلغيث – التنفيذ الجبري واشكالاته – دار العلوم سنة 2004 ص 139 .
- 32 -

01- الشــروط العامــة
وهي شروط يتطلبها قانون الإجراءات المدنية في أي دعوى أي كانت ، وهي تتعلق بالمطالبة القضائية ونظم المشرع هذه الشروط ضمن المادة 459 من ق.إ.م (1) وهي الصفة والمصلحة والأهلية .
وكي لا نخوض في القواعد الفقهية لهذه الشروط نكتفي بتحديد حالات عملية نقف من خلالها على كل شرط

أ‌- الأهليــة :
إذا كان المستشكل أحد الأفراد فيشترط القانون توفره على الأهلية القانونية والمحددة بـ 19 سنة كاملة يوم رفع الدعوى حسب نص المادة 41 من ق.م .
وفي حالة وفاته فإن الخصومة القضائية تتوقف إلى غاية تصحيح الإجراءات وتتبع في هذه الحالة ما نصت عليه المواد 86 –87 –88 من ق.إ.م (2) .
أما إذا كان المستشكل الإدارة فإنه يتبع في ذلك قواعد التمثيل القانوني وتخضع كل إدارة للقانون الذي ينظمها ويكون التمثيل إما للوزير إذا تعلق الأمر بالدولة وبالوالي إذا تعلق الأمر بالولاية وبرئيس المجلس الشعبي البلدي إذا تعلق الأمر بالبلدية وبالمدير أو من يمثله قانونا إذا تعلق الأمر بالمؤسسة الإدارية (3) .
ب-الصفــة :
ونعني بها التمثيل الإجرائي في الخصومة القائمة في الإشكال، وتحدد بحسب موضوع النزاع وأطرافه وغالبا ما تتعلق بمن له الحق أو عليه التزام على ذلك الحق .
ج- المصلحـة : إن الإشكال الوقتي لا يأتي من الفراغ إنما هو كأي دعوى يجب أن يكون في رافعه أو الذي أثاره مصلحة فيه وأن تكون هذه الأخيرة قانونية أي غير مخالفة للنظام العام ، ومؤكدة أي غير مستقبلية أو غير محققة الوقوع بالإضافة إلى كونها مشروعة أي أن تكون مصلحة في وقف التنفيذ وليس تعسفا أو امتناعا .


ـــــــــــــ
(1) تنص المادة 459 من ق.إ.م ... " لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائز لصفة وأهلية التقاضي وله مصلحة في ذلك ... " .
(2) نصت المادة 331 من ق.إ.م .... " إذا توفى من صدر الحكم لمصلحته قبل أن يباشر التنفيذ يلزم ورثته الذين يطلبون التنفيذ بإثبات صفتهم ، فإذا حصلت المنازعة في صحة هذه الصفة فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بذلك ويحيل الخصوم إلى الجهة القضائية المختصة ،وإنما يجوز له أن يقوم بإجراءات .." أما المادة 332 تضمنت نفس الحل بالنسبة للمحكوم عليه ( كلا المادتين تخاطب الشخص الطبيعي ).
(3) أنظر في ذلك المواد 07 و 467 من ق.إ.م .
- 33 -
02- الشــروط الـخـاصـــة
إذا ما توفرت الشروط العامة التي تم ذكرها بإيجاز يتطلب إلى جانب ذلك توفر شروط خاصة بدعوى أو منازعة الإشكال في التنفيذ وهـــي :
أ‌- أن يكون الإشكال مرفوعا قبل تمام التنفيذ
إن القرار القضائي الإداري إذا ما نفذ استوفى إجراءات التنفيذ في هذه الحالة لا محل من إثارة أي إشكال حوله ولا تكون هناك مصلحة من القرار بوقفه ، لكن إذا رفع الإشكال قبل تمام التنفيذ (1) جاز قبول الطلب .
ومن ثم فإن تمام التنفيذ قبل رفع الإشكال الوقتي يؤدي إلى الحكم بعدم قبول هذا الإشكال .
وإن كان جانب من الفقه يرى أن قاضي الاستعجال لا يجوز له الحكم بعدم الاختصاص باعتبار أنه مختص فعلا بنظر مثل هذه المنازعة إذن فحكمه يكون بعدم قبول الإشكال .
ولكن ذلك لا يمنع كما يرى الدكتور عبد الباسط جمعي " أنه إذا كان التنفيذ قد تم جعل في جملته أو في جزء منه ، وكان باطلا بطلانا جوهريا كحالة وقوع التنفيذ بدون سند التنفيذي فهنا يجوز رفع الأمر إلى قاضي التنفيذ بعدم الاعتداد بما تم من أعمال التنفيذ ويرد الحال إلى ما كانت عليه إذا كان ذلك ممكنا .."
ويضيف الدكتور مبررا أن التنفيذ الذي تم في هذه الحالة لايعدو أن يكون عملا ماديا لا سند له أي عملا من أعمال العدوان(2) .
ب - أن يكون أساسه وقائع لاحقة على صدور القرار
يشترط لقبول الإشكال الوقتي أن يكون موضوعه وقائع لاحقة على صدور القرار القضائي الإداري ، بمعنى أن يكون موضوع المنازعة التي سوف تطرح على القاضي فيها وقائع جديدة لم يتطرق إليها القرار القضائي محل التنفيذ وإلا كان مصير الطلب بالرفض وعدم القبول فلا يجوز للمستشكل إثارة تلك الوقائع من جديد أمام قاضي الإشكال لأن ذلك مساس بحجية الأمر المقضي ، أما أن يكون قد أهمل في إبداء حجته فيكون هو الملوم وأمامه باب الاستئناف ليتمسك بها (3)
ج‌- أن يكون الطلب مجرد إجراء تحفظي لا يمس أصل الحق
كشرط أخير ولقبول الإشكال الوقتي أن يكون الإجراء المطلوب منه هو إجراء وقتي تحفظي أي يهدف إلى وقف التنفيذ مؤقتا أو الاستمرار فيه مؤقتا ، ويعتبر هذا الإجراء كذلك لأن مصيره يظل مرهونا بما يسفر عنه الحكم الفاصل في المنازعة الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ (4) .
1) مصطفى مجدي هرجة – اشكالات التنفيذ الجنائية الإدارية في ضوء الفقه والقضاء – دار محمود للنشر والتوزيع ، بدون سنة نشر ص 147 .
(2) الدكتور عبد الباسط جمعي – طرق التنفيذ واشكالاته – مصر دار النشر 1975 ص 184 .
(3) عبد الباسط جميعي – مبادئ التنفيذ – القاهرة ، دار الفكر 1974 –1975 ص 182 .
(4) محمد عبد اللطيف – القضاء المستعجل – المرجع السابق ص 466 .
- 34 -

والمبدأ الذي قرره القضاء أن الحكم الذي يصدر من قاضي المختص باشكالات التنفيذ وبوصفه قاضيا للأمور المستعجلة في المنازعة الوقتية هو حكم أو قرار وقتي فلا يمكن أن يبت مثلا في مسألة الوفاء بل يؤسس على أرجحية براءة الذمة أخذا من ظاهر المستندات فمتى كان ظاهر المستندات كاشفا على أرجحية الوفاء الذي يقرره المستشكل حكم قاضي الإشكال بوقف التنفيذ مؤقتا حتى يفصل قاضي الموضوع في أصل النزاع المتمثل في شأن صحة الوفاء من عدمه أي براءة الذمة من عدمها (1) .
ومن جهة أخرى فإن الإجراء الوقتي ليس فيه مساس بأصل الحق إذ أنه ما هو إلا ترجيح لإدعاء المستشكل في حالة الوقف من ظاهر المستندات وقد ينتهي البحث الموضوعي إلى خلاف ذلك .
نشير فقط أن في مصر يختص قاضي التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة بالحكم في الإجراء الوقتي ولو كان النزاع الموضوعي مطروحا على محكمة الموضوع (2) .
وإن كان الواقع العملي يظهر أن قاضي الأمور المستعجلة لا يستطيع أعمال ولايته دون أن يتحسس الموضوع ليصل إلى ما يستهدف من وقف التنفيذ أو الاستمرار فيه .
بقي لنا أن نشير إلى عنصر توفر ركن الاستعجال إن كان يشكل أحد الشروط المطلوبة ، بطبيعة الحال فما دام القاضي الناظر في اشكالات التنفيذ هو قاضي الأمور المستعجلة فبالضرورة أي يلزم القانون توفر هذا الشرط .
يرى الفقه أن شرط الاستعجال في الإشكال هو في الواقع مفترض بقوة القانون ، رغم ذلك فإذا ما اثبت المستشكل ضده انتفاء الخطر وانعدام عنصر الاستعجال فإن ذلك يؤدي إلى عدم قبول الإشكال وبالضرورة عدم الاختصاص (3) .








ـــــــــــــ
(1) الأستاذ اسكندر سعد زعلول – قاضي التنفيذ علما وعملا – القاهرة سنة 1974 ص 22 .
(2) نقض مدني 07/06/1951 مجموعة أحكام النقض – س 02 ص 989 .
(3) لا شك أن هذا الفرض نادر الوقوع ويصعب تصوره بيد أن احتمال تحققه يفيد أن افتراض الاستعجال في اشكالات التنفيذ ليس افتراضا مطلقا بل هو قابل لإثبات العكس .
- 35 -
المطلـب الثالـث : سلطة القاضي الناظر في اشكالات التنفيذ والحالات التي تواجهه
الفرع الأول : سلطـة القاضــي
إذا عرضت على القاضي المختص اشكالات التنفيذ في المواد الإدارية ، حالة كأن يكون القرار القضائي عبارته غير ظاهرة المعنى أو كان منطوق الحكم مبهما بحسب الظاهر أو كانت أسباب الحكم الجوهرية تتعارض مع المنطوق فإنه لا يجوز له أن يقضي بعدم الاختصاص لأنه لا يملك تفسير السند التنفيذي ، بل يتعين عليه أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتا إلى أن تصدر الغرفة الإدارية المختصة قرار مفسرا لهذا القرار القضائي الذي هو محل الاستشكال .
وبالتالي فإن سلطة القاضي المختص في اشكالات التنفيذ بوجه عام تنحصر في اتخاذ إجراء وقتي إلى حين الفصل في المنازعة الموضوعية(1) .
فالقاضي يفصل في اشكالات التنفيذ بصفته قاضيا للأمور المستعجلة وفقا للقواعد العامة المتبعة في الدعاوي الاستعجالية ، فيصدر حكما أو قرار إما بوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه .
ويبني قراره ذلك على أساس ترجيح موقف أحد الخصمين بناءا على ظاهر المستندات وفي هذا الصدد له أن يتعرض لما يثار أمامه من نزاع في الواقع ليقدر مدى جديته لكنه لا يتعرض إطلاقا لأصل الحق (2) .
وخلاصة القول أن القاضي المختص في اشكالات التنفيذ في المواد الإدارية تشابه اختصاصه ومهام قاضي الأمور المستعجلة العادي إذ يقتصر دوره على وقائع لاحقة على صدور القرار القضائي الحاصل التنفيذ بمقتضاه ، إذ ليس له أن ينظر في الوقائع السابقة على القرار ، لأن القرار القضائي قد حسم فيها ولو لم تعرض على الغرفة الإدارية المختصة
إذ يجب أن تكون الأسباب التي يبني عليها القاضي المختص في اشكالات التنفيذ في المواد الإدارية قراره متصلة بظاهر الدعوى وليست حاسمة في النزاع .
وعندما تكون الدولة أو أحد هيئاتها هي المنفذ أي المحكوم لها وتكون المنازعة في قرار قضائي يتعلق بوقوع حجر (3) *على أحد أموال المدين لها ، فلو عرضت على القاضي المختص في اشكالات التنفيذ في المادة الإدارية حالة معينة لهذه يوقف التنفيذ استنادا إلى تقرير القاضي ببطلان الحجر بسبب وقوعه على حال لا يجوز عليه (4) وبناء على ذلك ليس لقاضي التنفيذ أن يقدر ما إذا كانت الأموال أو الكتب المحجوز عليها لازمة لمهنة المدرس أو غير لازمة له لأنه ليس من اختصاصه .
1) تتعدد صور المنازعة الموضوعية ، فقد تكون دعوى من أجل تفسير القرار القضائي أو تحديد أطراف النزاع أو تحديد المبلغ المحكوم به بالأرقام ...إلخ
(2) أ / عمارة بلغيث – التنفيذ الجبري واشكالاته - المرجع السابق ، دار العلوم للنشر والتوزيع 2004 ، ص 146
(3) سواء كان حجز تنفيذي على منقول أو حجز على عقار
* لا نجد حالة واحدة في الجزائر يكون المواطن أو الشخص الطبيعي أو المعنوي كمدعي ويطلب فرض حجز على أموال الإدارة ، هذا مرجعه للحظر المضروب على أموال الدولة ، أنظر المواد 689 من ق.م والمادة 04ق 90/30 المادة 368 /1 من ق.إ.م .
(4) أن يقع ضمن الحالات الواردة في المادة 389 من ق.إ.م .
- 36 -
الفرع الثانـي : حالات الإشكال في التنفيـذ
01- حالات قانونية وعملية لمنازعة التنفيذ
قد يكون الإشكال الوقتي مبنيا على سبب إجرائي كعدم توافر إجراء معين أو على سبب موضوعي كإنقضاء الحق الذي يجري التنفيذ لاستيفائه بالوفاء أو المقاصة أو الإبراء ولكنه يستهدف في جميع الأحوال وقف التنفيذ مؤقتا أو الاستمرار فيه مؤقتا دون الفصل في النزاع الموضوعي (1) .
وقد يكون موضوع وقف التنفيذ أن القرار القضائي محل التنفيذ قد سقط بالتقادم عملا بنص المادة 344 من ق.إ.م (2).
أو بحجة أن القرار القضائي غير حائز لقوة الأمر المقضي فيه ففي هذه الحالة تضطر الإدارة المدينة لرفع دعوى استعجالية تتضمن إشكال في التنفيذ بوقف تنفيذ القرار القضائي ، ويلجأ الدائن إلى القضاء الإداري (3) .

والخلاصة هي أن سبب الإشكال في التنفيذ ينبغي ألا يمس الحجية الواجبة في القرار القضائي الإداري فكلما تحقق في الواقع إشكال وقتي مؤسس على ما يمس الحجية الواجبة لها تعين على قاضي التنفيذ أن يقضي برفضه (4) .

02- حالات عملية لاشكالات التنفيذ
قد تثار عدة اشكالات في التنفيذ في القرار القضائي الإداري نذكر منهـــا :







ــــــــــــ
(1) د.محمد حسنين – طرق التنفيذ في قانون الإجراءات المدنية - ديوان المطبوعات الجامعية ، طبعة 2001 ص 98 .
(2) نص المادة 344 من ق.إ.م ... " تكون الأحكام قابلة للتنفيذ خلال مدة ثلاثين سنة تبدأ من يوم صدورها وتسقط بعد انقضاء هذه المدة " .
(3) تطرح هنا مسألة الاختصاص هي تطبيق نص المادة 183 أو 171 أو 283 من قانون الإجراءات المدنية .
(4) مصطفى مجدي هرجة – المرجع السابق – ص 165 .
- 37 -



- أن يكون الإشكال في التنفيذ مبنيا على أن القرار صدر نحو شخص متوفي أو خصم لم يعلن بعريضة الدعوى أو صدر القرار من جهة غير مختصة أو أن القرار القضائي محل التنفيذ غير موصوف بأنه نهائي أو ابتدائي أو أن الغرفة الإدارية قد سهت أو أخطأت بالنفاذ المعجل (1) ، أو في حالة ما إذا كان الشيء المحكوم به لم يعين تعيينا كافيا مثلا الإشكال المتعلق بوقف تنفيذ قرار قضائي إداري الذي قضى على مديرية أملاك الدولة بالتعويض العيني للأرض محل النزاع طبقا للمرسوم التشريعي 95/26 المعدل والمتمم للقانون 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري ، لكن عند التنفيذ ثبت أن الأرض قد تم التصرف فيها من طرف الولاية لمنفعة عامة .
- ونذر كذلك القرار القضائي القاضي بإلزام مديرية أملاك الدولة بتحرير عقد تنازل عن السكن للمدعو (م.م) ، فإن هذا القرار رفعت بشأنه مديرية أملاك الدولة إشكال وقتي بوقف تنفيذه على أساس أن القانون 81/01 المتعلق بالتنازل عن السكنات يشترط لتحرير مثل هذه العقود أن يعرض الملف على لجنة الدائرة فإذا ما وافقت يحال الملف على مدير أملاك الدولة لتحرير العقد بإعتباره موثق الدولة (2) .














ــــــــــــ
(1) قرار الغرفة الإدارية مجلس قضاء بسكرة رقم الفهرس 46/96 المؤرخ في 14/07/1996 بين ك.س و بلدية بسكرة .
(2) قرار الغرفة الإدارية – مجلس قضاء معسكر – رقم الفهرس 109/2000 المؤرخ في 20/01/2000 .
- 38 -


المبحث الثـانـي: الجهة المختصة باشكالات التنفيذ والإجراءات المتبعة وطرق الطعن

المطلب الأول : الجهة المختصة بنظر اشكالات التنفيذ في المواد الإداريـة

الفرع الأول : فـي فـرنـســا
تبنى المشرع الفرنسي نظاما خاصا في حل اشكالات تنفيذ القرارات القضائية الإدارية وهي طريقة بدون المخاصمة القضائية خاصة إذا كان الحكم الصادر من المحاكم الإدارية الاستئنافية ضد الإدارة .
بحيث أنشأ الفرنسيون لجنة على مستوى مجلس الدولة (1) وجاء ذلك تطبيقا للمرسوم رقم 63 –766 الصادر بتاريخ 30 يوليو 1963 الذي أنشأ داخل مجلس الدولة الفرنسي قسما خاصا يختص بحل كل إشكال تنفيذي لحكم إداري صادر ضد الإدارة ، وقد أعطى الحق بطلب حل الإشكال لجميع الأطراف سواء للإدارة أو المجلس أو الأفراد وسواء كان هذا الحكم صادرا بالإلغاء أو بغير الإلغاء (2) .
ولقد نصت المادة 58 من المرسوم السابق ذكره على أنه عندما يتعلق الأمر بإلغاء قرار لتجاوز السلطة أو بحكم صادر في القضاء الكامل فإن الوزراء المعينون بالأمر لهم الحق أن يقدموا طلب لمجلس الدولة لتوضيح الحكم للإدارة والكيفية التي يتم بها تنفيذه كما يمكن لنائب رئيس مجلس الدولة ورئيس القسم القضائي أن يطلب من رئيس لجنة التقرير والدراسات لفت انتباه الإدارة بالنتائج التي تترتب على تنفيذ أحكام مجلس الدولة .
وبالتالي فإن المشرع الفرنسي قد وزع صلاحية حل إشكال التنفيذ على كل من الوزير المعني ونائب رئيس مجلس الدولة أو لرئيس القسم القضائي للمجلس ، فلكل واحد من هؤلاء الحق في أن يطلب من رئيس لجنة التقرير والدراسات تنبيه الإدارة بالنتائج التي تترتب على تنفيذ أحكامها (3) .
ولما جاء المرسوم 76/286 الصادر بتاريخ 24 مارس 1976 المعدل والمتمم للمرسوم 1963 سن هذا المرسوم للفرد صاحب المصلحة في التنفيذ وبعد مضي 03 أشهر من إعلانه بالحكم أن يشعر لجنة التقرير والدراسات بالمشاكل التي تواجهه في تنفيذ الحكم الإداري الصادر لمصلحته .



ـــــــــــــ
(1) لقد كان حل اشكالات تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة في النظام الفرنسي قبل سنة 1963 يخضع لنظام الدعوى العادية أو الموضوعية التي تتطلب شروط وشكليات أمام المحاكم الإدارية المختصة .
(2) ، (3) تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة – ابراهيم أوفائدة – المرجع السابق ص 202 - 203 .
- 39 -

وللذكر فقط أن رئيس لجنة التقرير والدراسات أن يعين مقررا تحت سلطته في متابعة تنفيذ الأحكام الإدارية ومساعدة الإدارة المعينة وتوجيهها توجيها صحيحا لتنفيذ الحكم بالكيفية التي يتطلبها لتحقيق مضمون الحكم الإداري نصا وروحا .
وسلطة مجلس الدولة تتوقف عند حل الإشكال التنفيذي ، فهو لا يستطيع أن يتخذ إجراءات تنفيذية عملية ، لأن ذلك يبقى دائما من صلاحيات الإدارة وحدها ، غير أنه إذا وجد أن هناك إشكال يصعب حله من طرف الإدارة المعينة أن يتصل بالسلطات العليا ويطلب منها التدخل لحل هذا الإشكال (1) .
الملاحظ فقط رغم هذا المسلك الذي انتهجه المشرع الفرنسي فإن الاشكالات لا زالت ترفع أما القضاء للبت فيه .
ويعرف القضاء الفرنسي وقف تنفيذ القرارات القضائية منظم بالمواد 125 –127 القسم التنظيمي من قانون المحاكم الإدارية ويتم طلب تنفيذ القرارات القضائية بنفس إجراءات وقف تنفيذ القرارات القضائية الإدارية وهكذا فإن دعوى وقف التنفيذ تقدم خلال 15 يوما من تاريخ التبليغ أمام محكمة الاستئناف الإدارية وأحكام هذه الأخيرة قابله للطعن بالنقض أمام مجلس الدولة في نفس الميعاد .
وأمام هذا يميز التشريع الفرنسي في هذه المسألة بين ثلاث حـــالات :
الحالة الأولـى :
إذا تم رفع الاستئناف من غير المدعي في الدعوى الابتدائية فهنا المحكمة الاستئنافية تستطيع أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم المستأنف إذا كان تنفيذ الحكم يعرض المستأنف نهائيا لخسارة مبلغ مال لن يبقى ملزما بها ولو قبل استئنافــه ( مرسوم 92/245 ) المؤرخ في 17/03/1992 .
الحالة الثانيـة :
إذا كان موضوع الاستئناف هو حكم يتضمن التصريح بإلغاء قرار إداري فإن المحكمة تستطيع بناء على طلب المستأنف أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم إذا ظهرت دفوع المستأنف في الدعوى .
الحالة الثالثـة :
في غير الحالتين السابقتين فإنه يجوز الأمر بوقف تنفيذ قرار قضائي إداري بناء على طلب المدعي إذا ما كان تنفيذ الحكم سيؤدي إلى نتائج يصعب إصلاحها إذا كانت الدفوع المقدمة في الدعوى جدية ومن طبيعتها أن تؤدي إلى إلغاء الحكم (2) .
ــــــــــــ
(1) وقد رأى بعض الفقهاء أن هذا النظام له مساوئ عدة لنفور الأفراد منه نظرا لأن إجراءاته غير مضمونة عمليا ، وأمام هذا قام المشرع الفرنسي باستحداث نظام الوسيط " Médiateur Le " الذي تم إنشاؤه بالقانون رقم 73/6 المؤرخ في 03/01/1973 هذا الأخير الذي هو موظف سامي يعين بمرسوم من مجلس الوزراء لمدة 06 سنوات وينحصر دوره في تلقي الاشكالات المعلقة بالتنفيذ للبت فسها .
(2) مسعود شيهوب – المبادئ العامة للمنازعات الإدارية - نظرية الاختصاص – الجزء 03 ، ديوان المطبوعات الجامعية 1999 ، الجزائر ص 520 .
- 40 -









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
المادة, الادارية, التنفيذ, اشكالات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc