جردة حساب .

[الزمزوم]

الخلافات بين داعش والجماعات المسلحة الى مزيد من التصعيد

لا يختلف اثنان على ان الحركات التكفيرية عموما وداعش خصوصا قد تسيدت المشهد عام 2014 ،ابتداء من المشهد السوري وصولا الى اجتياح الموصل ومناطق أخرى في العراق. فكيف يمكن تقديم جردة الحساب مع هذه الحركات في هذه الايام الاخيرة من هذا العام ؟

الخط البياني لداعش والتكفير

يمكن رسم خط بياني واضح الصعود وصل الى ذروته العليا في شهري تموز وآب الماضيين عندما اقترب داعش مسافة قياسية من العاصمة بغداد من جهة ومن اربيل عاصمة اقليم كردستان من جهة ثانية، ليستقر هذا الخط على نفس المستوى لفترة وجيزة قبل ان يبدأ بالنزول.

وخلال الشهرين الاخيرين خسر داعش حوالي الخمسين بالمئة من مجموع الاراضي العراقية التي كسبها منذ انطلاق حملته في شهر حزيران الماضي. ومن المتوقع ان يستمر هذا الخط البياني بالنزول بعد فك الحصار عن جبال سنجار وعملية الالتفاف التي تجري حول مدينة الموصل ووصول المعارك الى تلعفر، ما أمن للجيش العراقي وقوات البشمركة الوصول الى الحدود السورية. وما سهل عمليات الجيش العراقي وقوات البشمركة في الشمال والشمال الغربي هو قيام داعش بدفع حجم كبير من قواته الى الوسط وتحديدا الى تكريت وديالى والفلوجة في العراق والى الرقة ودير الزور في سوريا.

مسلحو داعش

وبعيدا عن الخطط العسكرية العراقية المقبلة أكانت تسعى للاطباق على الموصل من الشمال او تسعى للنزول من ناحية الغرب لقطع كامل خطوط التواصل بين داعش في العراق وقواته في سوريا، فانه من المتوقع ان تحقق القوات العراقية المزيد من المكاسب الميدانية مع استمرار تطوير الجيش العراقي وبناء قواته من جهة، وقيام المعسكرات التدريبية للحشد الشعبي بتخريج المزيد من المقاتلين من جهة ثانية.

سوريا وخطها البياني

أما في سوريا فقد انطلقت حرب تصفيات الجماعات العسكرية الصغيرة من قبل القوتين الرئيسيتين في الجماعات المسلحة هناك، وهما داعش وجبهة النصرة، ومن المتوقع أن يستقر المشهد على انهاء هذه الجماعات إما عبر تدميرها أو الضغط العسكري عليها وصولا للحصول على البيعة منها. ولئن تراجعت حدة المواجهات العسكرية بين داعش والنصرة منذ انطلاق الحملة العسكرية الغربية على حساب تصاعد المواجهات بينهما من جهة وبين المجموعات الاخرى من جهة ثانية، فان الصدام بين هاتين القوتين مرشح للتصاعد من جديد بفضل ثلاثة عوامل اساسية :

الاول: انتهاء القوى العسكرية الصغيرة والهامشية في سوريا.

الثاني: تضييق الحصار على داعش في العراق ما سيدفعه لمحاولة التعويض في سوريا عن خسائرة في العراق. كما أن تراجع حجم الامتداد الجغرافي سيدفع حتما صراع النفوذ الى اقصاه.

الثالث: تصاعد الصراع بين داعش وتنظيم القاعدة في اكثر من ساحة ابتداء من اليمن وصولا الى باكستان وشبه القارة الهندية.

المشهد التكفيري الاقليمي

لقد كان لاعلان الخلافة وقيام ما يسمى بـ«الدولة الاسلامية» من قبل داعش فعل السحر بين صفوف الجماعات التكفيرية لناحية استقطاب داعش للعناصر سواء من اوروبا وبعض المناطق الاخرى أو من حيث استقطاب العناصر «القاعدية»، ما سيعني حتما أن نجاح العراقيين والسوريين بقطع التواصل بين قوات داعش في سوريا والعراق سيؤدي حتما الى تفريغ مفهوم « الدولة الاسلامية» من معناها بعد تحولها الى مجرد جزر وبقع امنية متباعدة ومنفصلة، وهذا احد الاسباب التي ذكرنا انها ستصعّد من حدة الصدام بين داعش والنصرة في سوريا، لكنها ايضا ستقوي من اسهم تنظيم القاعدة لناحية اثبات ان منطقها كان هو الصحيح لناحية الخطأ في اعلان الخلافة والدولة قبل نضوج شروطها ومقدماتها حسبما اعلن حارث النظاري في التسجيل المصور الذي بثه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الشهر الماضي في رد على زعيم داعش ابو بكر البغدادي.

وامام هذا المشهد فانه من غير المستبعد قيام داعش بتصدير أزماته عبر محاولة التوسع واثبات الوجود (لا سيما في بعض الدول التي اعلنها ولايات تابعة له) في كل من اليمن والسعودية ومصر وتونس والجزائر وليبيا وصولا الى مالي ونيجيريا وباكستان، ما يعني احتمال تصاعد كبير في حدة المواجهات وحرب الاستقطاب بينه وبين تنظيم القاعدة، ما لم تتدخل بعض القوى الاقليمية لمحاولة رأب الصدع والتقريب بينهما.