تحريض القصر على الفسق و الدعارة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تحريض القصر على الفسق و الدعارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-18, 18:36   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تحريض القصر على الفسق و الدعارة

مقدمــة
إن انتشار ظاهرة تجارة الجنس في صورها العديدة لدرجة أهدرت قيمة الإنسان جعلنا نغوص في دوامة القضايا المصيرية للمجتمع خاصة بعدما أصبحت طفولتنا محطة لترســب كل الأمراض النفسية و الآفات الاجتماعية ذلك إن جريمة المواقعة والعلاقات الجنسية غـير المشروعة محرمة وممنوعة بقوانين وضعية ليس في حد ذاتها وإنما لأخطارها الصحية والأمراض الناتجة عنــــها (الزهري . السيدا ) هذا في حق البالغ فما بالك في حق شريحة حساسة من المجتمع وهـي القصر الذين لا يملكون مقاومة الإغراءات والتهديدات لإجبارهم وتحريضهم على الفسق وفساد الأخلاق .
ولعل موقف الدين كان أكثر صرامة فالإسلام جاء بقواعد لتنظيم الحياة الإنسانية ومحاربة ظاهرتي الفسق والدعارة مصداقا لقوله تعالى : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردنا تحصنا لتبتغوا عرض الحيواة الدنيا ) كما حذر وتوعد المحرضين على هذه الآفة في قوله : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا و الآخرة والهق يعلم وانتم لا تعلمون ...) سورة النور 19
والإسلام بتحريمه العلاقات الجنسية غير المشروعة ووضعه القصاص لم يتعامل فقط معها كجريمة وقعت ويعاقب مرتكبها وإنما أوضح السبل وبين الطريق لمنعها بالأصل وبتر الداء من جذوره ونص في هذا الإطار على وجوب التقيد بسنة الأنبياء و الرسل وجعل الله عز و جل الزواج من نعمه على عباده حيث قال : ( و خلقنا لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعلنا بينكم مودة و رحمة ) .
وينصب الإسلام إلى أبعد من ذلك في اتقاء الظاهرة و الوقاية منها حين ينص على ضرورة اختيار و انتقاء الأصل الطيب و النسب الحسن و يأمر بالتفريق بين الأبناء في المضاجع ليصد الباب أمام المنافذ التي تؤدي إلى إثارة الأبناء جنسيا و التقيد بستر العورات و غض الأبصار ليسد باب المؤثرات القوية التي تنتهي بالتفكير و التفكير تتبعه حركة و الفعل و هذا ما جاء في قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها و ليضربن بخمورهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ) سورة النور" 30-31 " .
1
فمن هذا الجانب اتصلت الشريعة الإسلامية بالضمير الإنساني و كانت أحكامها متجاوبة معه هذا الاتصال يجعل المؤمن يحس بأنه في رقابة مستمرة و ما خفي على أعين الناس فلا يخفى على الله مما يجعل الأفراد في وقاية نفسية من الجرائم خشية الله بحكم أنه مطلع على أفعالنا .
أما المشرع الجزائري فقد خصص لجرائم الاعتداء على العرض القسم السادس و السابع من الفصل الثاني من قانون العقوبات الجزائري تحت عنوان الجنايات و الجنح ضد الأسرة و الآداب العامة و تضمن القسم السابع موضوع تحريض القصر على الفسق و الدعارة من خلال المواد من 342 إلى غاية 349 و من التساؤلات التي تشغلنا في هذا الإطار مايلي :
ما مدى حرية الفرد في سلوكياته ؟ و ما هي طرق اجتناب الأفعال المخلة بالآداب العامة ؟ و كيف يكون الاجتناب ؟ هل يكون بالنقاش العلمي الموضوعي أم يكون بالتجاهل والتستر على الجرائم المرتكبة يوميا ؟ ما هو موقف القانون و ما المقصود بتحريض القصر على الفسق و الدعارة ؟ما هو مفهوم الآفتين حسب التشريع الجزائري؟
- ومن ثم يمكننا الوقوف على ما هو المظهر العقابي في قانون العقوبات الجزائري في قسمه الخاص بجرائم تحريض القصر على ممارسة الفسق والدعارة . وتشكل مجمل هذه التساؤلات محاور دراستنا في هذا البحث التي قسمناها إلى فصلين تعرضنا في :

الفصل الأول :
- ماهية جريمة تحريض القصر على الدعارة والفسق .
أما الفصل الثاني فتعرضنا فيه إلى :
- المظهر العقابي في قانون العقوبات الجزائري لجرائم تحريض القصر على ممارسة الدعارة والفسق .
- على أنه قبل ذلك رأينا من الضروري التعرض في المبحث التمهيدي إلى مقدمة عامة حول مشكلتي الدعارة و الفسق عبر مختلف العصور .



2










































المبحث التمهيدي : مقدمة عامة حول مشكلتي الفسق والدعارة عبر مختلف العصور :
من أشد الآفات الاجتماعية خطورة وفتكا في كيان المجتمع البشري آفتا الدعارة والفسق ،ولقد ظهرت هذه الآفتين وتفشت في كل بقعة من بقاع العالم القديم والحديث وكافحته الديانات والتشريعات الوضعية والجمعيات الخيرية والإصلاحية وسنت من اجل محاربتها والحد من انتشارهما العلني أو السري قوانين صارمة .وبالرغم من كل ذلك فقد تواجدت هذه الرذائل ومارستها الشعوب على اختلاف أجناسها ومذاهبها، وكانت تزداد انتشارا وتخف أحيانا تبعا للأزمنة والأمكنة كظهور الإسلام الذي حاربها وعمل على علاجها وتظم العلاقات الجنسية بين الأفراد .
المطلب الأول : لمحة تاريخية لمشكلتي الفسق والدعارة:
وهذا نتطرق إلى معرفة ما مرت به أفتى الفسق و الدعارة وما نشأ عنهما من آثار .
الفرع الأول : مشكلتي الفسق و الدعارة في العصور القديمة :
ينفرد البغاء من بين الانحرافات كلها، بأن نظرة المجتمع إليه قد تختلف حسب الأزمنة والأمكنة فبينما نجد القتل والجرح والسرقة جرائم و أفعال محرمة في كل زمان ومكان، باستثناء حالات نادرة، كالقتل في بعض العصور اليونانية القديمة، نجد أن البغاء يتجاوز ذلك من نواح كثيرة، فقد كان في العصور القديمة وفي بعض القبائل البدائية عملا ينطوي على قيم دينية .
وقد انتشر البغاء بشكل لافت في أوروبا في العصور الوسطى وكانت بيوت الدعارة مصدر دخل كبير للحكومات المحلية ولما أخذت الأمراض الزهرية تنتشر كداء وبائي في القرن السادس عشر، بدأت الجهود الجدية في ضبط البغاء .1 فأغلقت بيوت الدعارة في غرب أوروبا ووسطها، فيما بين 1530 و1565 وشددت العقوبة على ممارسة هذه المهنة، وعندما ثبت إخفاق الإجراءات التي كانت متخذة في سبيل القضاء عليها وعلى الأمراض الزهرية الناجمة عنها بدأت مدن كثيرة في تنظيم البغاء، فكانت مدينة برلين مثلا تحتم الفحص الطبي للبغايا مرة كل أسبوعين وهذا ابتداء


1-الدكتورة سامية حسن الساعاتي، الجريمة والمجتمع ،بحوث في علم الاجتماع الجنائي، دار النهضة العربية للطباعة، بيروت، الطبعة 02، 1983، صفحة 171 .

3
من عام 1700، بينما بدأت في باريس في تسجيل البغايا سنة 1875، أما إنجلترا فقد نص قانونها الخاص الصادر سنة 1864 على منع انتشار الأمراض المعدية باللمس وعلى الفحص الطبي الدوري للبغايا اللواتي يقمن في المناطق العسكرية والبحرية . وكذلك نص على حجز المصابات بهذه الأمراض ولكن هذا القانون لم يعمر طويلا، تم إلغاؤه في سنة 1886 وفي سنة 1898 حرم قانون التشرد على الرجال أن يعيشوا على الكسب من الدعارة، وفي أواخر القرن 19 بذلت جهود كبيرة لضبط التجارة الدولية في النساء لأغراض البغاء وبدأ التعاون وتبادل المعلومات عن أولئك الذين يستغلون قوا دين النساء لأغراض غير خلقية .
ويحدثنا التاريخ أن الناس في مصر في عهد الفاطميين، كانوا يخرجون في الأعياد لقضاء شهواتهم الجنسية في أحضان العاهرات، أما في عهد المماليك فيبدوا أن البغاء كان منتشرا إلى درجة جعلت الحاكم يعترف به ويفرض الضرائب على البيوت التي يمارس فيها .
وقد استمر الحال على هذا المنوال حتى جاء الظاهر بيبرس فحارب البغاء وألغى المكوس المفروضة. لكن ذلك لم يدم طويلا، فلقد لاقت الدعارة سوقا رائجة بعد الفتح العثماني بمصر ففرضوا عليها المكوس ووضعوا نظاما خاصا لجبايتها .
وبدخول الفرنسيين مصر سنة 1798 نشطت حركة الدعارة نشاطا ملحوظا وأقام الفرنسيون مساكن خاصة لممارستها، وبدؤوا يستقدمون عاهرات أوروبيات فانتشرت بيوت الدعارة في القاهرة لاستقبال الجنود.1
والذي يمكن أن نستخلصه من هذا العرض التاريخي المقتضب أن البغاء كان مباحا أو بمعنى آخر لم يكن مشكلة في بعض العصور وفي بعض المجتمعات، حتى ظهرت أخطاره الصحية تهدد المجتمع .





1-الدكتورة سامية حسن الساعاتي ، المرجع السابق ، صفحة 173 .


4
فانزعاج الدولة المختلفة لم يكن من ظاهرة البغاء، فهو لم يكن بالنسبة لها مشكلة في حد ذاته بل إن انزعاجها كان من الأمراض الناتجة عنه.1
وترتبط بمشكلة البغاء أيضا تجارة الرقيق الأبيض وإكراه الفتيات على البغاء وخاصة القاصرات اللاتي كن هدفا لاستغلال شائن، يزيده شناعة وقوعه من فئة قوية قادرة على أخرى مستضعفة لا حول لها ولا قوة . ولا يمكن أن يكون لها إرادة في اختبار ممارسة البغاء كمهنة للكسب .2 وقد بدأ التفكير في تصحيح هذه الأوضاع وحماية القاصرات والبالغات من الاستغلال والإكراه، عندما نشطت الحركة الإنسانية أيان القرن 19 وهي حركة غيرت النظرة إلى انحرافات القصر تغييرا جوهريا . وكانت تهدف إلى رعايتهم وحمايتهم وإعفائهم من المسؤولية الكاملة، وإصلاحهم بشتى الطرق لا بتجريمهم وعقابهم على انحرافات كانوا يدفعون إليها دفعا لحاجتهم إلى الحماية والرعاية .وقد تأكد هذا الاتجاه في عصرنا الحديث وظهر بشكل لافت في الجهود الدولية التي تبذل لمحاربة تجارة الرقيق الأبيض وحماية القاصرات من الاستغلال .
وعلى الرغم من ذلك فإن استغلال القاصرات ودفعهن إلى ممارسة الدعارة ظاهرة عادت إلى الظهور في كل الدول المتقدمة والمختلفة على السواء بحيث صارت محط أنظار الباحثين والمهتمين .
الفرع الثاني : الإسلام والبغاء
جاء الإسلام بقواعد لتنظيم الحياة الإنسانية ومن بين صور هذا التنظيم محاربة ظاهرتي الفسق و الدعارة وتنظيم الحياة الإنسانية .
البند الأول : تنظيم الإسلام للعلاقة الجنسية
الإسلام هو دين الفطرة الذي ارتضاه الله عز وجل لعباده. وقد تضمن الأسس الصحيحة للحياة كما أوضح طريق سلوك كل إنسان . ومن الأمور التي اهتم بها هذا الدين، تنظيمه للعلاقات الجنسية بين الذكر و الأنثى، فقد حدد لها الضوابط ووضع لها الأصول وبين ما يصح منها وما لا يصح وأشار إلى ما هو حرام وما هو حلال .


1-2 دكتورة سامية حسن الساعاتي، المرجع السابق، صفحة 174


5

وقد أباح الله تعالى للبشر علاقة جنسية واحدة وهي الزواج وجعل من هذا الأخير أساس تحقيق مقاصد وأهداف الإنسان الكثيرة من بينها إشباع الغريزة والرغبة الجنسية لدى الجنسين مع، حتى لا يشيع الفساد والفحشاء في الأرض . فالزواج سنة الأنبياء والرسل من عهد آدم عليه السلام وجعل الله عز وجل الزواج من نعمه على عباده لقوله تعالى :"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء"1 ومن آياته للناس "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها" 2
يقر الإسلام على أن أساس الزواج مودة ورحمة متبادلتين بين الزوجين، ومن ثمراته تكوين أسرة وبناء مجتمع مستقر و بالتالي تربية على حسن الخلق وامتداد واستمرار الجنس البشري على الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . فرعاية النسل وحفظ الأنساب و المحافظة على كيان الأسرة يكون خير خلف لخير سلف، فإذا ما شاع الفسق وانتشرت الدعارة ضاع النسل وكان في هذه لآفات اعتداء على حد من حدود الله تعالى وعلى النظام الاجتماعي .
إن الإسلام قد جاء بقواعد منظمة لسلوك الفرد والجماعة وجاء بأسس صارمة لمكافحة جميع أنواع الرذائل، هكذا نجده قد نص على عقوبات ووضع الحدود، من هذا القبيل وعلى رأسها تجارة الجسد أو الدعارة، والغاية من هذا التحريم هو أن هذه الأفعال تشكل جريمة في حق الفرد والأسرة والأبناء والمجتمع. قال تعالى: " ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا". 3
البند الثاني: علاج الإسلام لافتي الدعارة والفسق
إن الله تعالى بتحريمه الزنا ووضعه القصاص له لم يتعامل فقط مع الزنا كجريمة وقعت ويعاقب مرتكبها وانما أوضح السبيل وبين الطريق لمنعها بالأصل وبتر الداء من جذوره في حين



1- سورة النساء، الآية(01)
2- سورة الروم، الآية (21)
3- سورة الإسراء(32)


6
يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم "تخيروا لنطفكم فان العرق دساس"، فهذا الأمر واضح للمسلمين لاختيار وانتقاء الأصل الطيب والنسب الحسن اتقاء السوء والفحشاء وحتى يكون يتبعهم الأبناء في الخلق، فعندما يأمرنا الدين الحنيف بالتفريق بين الأبناء في المضاجع عند بلوغ العاشرة، فهنا الإسلام يوصد الباب أما المنافذ التي تؤدي إلى إثارة الأبناء جنسيا في السن التي تبدأ فيها الغريزة الجنسية في النمو والنشاط.
وحين يأمرنا الله عز وجل بالحجاب وستر العورات وغض البصر للرجال والنساء معا فإنه يمنعنا من فتح باب المؤثرات القوية التي تنتهي دائما بالتفكير والتفكير يتبعه الحركة والعمل. هذا ما جاء في قوله تعالى. " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن" 1
وقال تعالى: " والذين هم لفروجهن حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون » 2
فالله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى الطريق السليم حتى لا نقع في الخطيئة ومن هنا لا يجب على الإنسان أن يصل إلى مرحلة الصراع بين الغريزة الجنسية التي تدفعها الشهوة إلى المحرمات والتي يسببها النظر إلى العورات وبين عقيدته وإيمانه، فهي الوقاية خير من العلاج.
البند الثالث: العقوبة في الإسلام والضمير الإنساني:
إن الإسلام يمقت الآفتين، وهذا لأن الشريعة الإسلامية تتصل قوانينها بقانون السلوك الإنساني العام فأحكامها تتفق مع قانون الأخلاق والفضيلة وهي تعاقب كل من ارتكب رذيلة من الرذائل وعقابها قسمان: عقاب دنيوي وعقاب أخروي.
إن ما يمكن أن يجري عليه الإثبات من الأعمال الظاهرة غير تجسس وكشف أمره، فيعاقب عليه الشرع في الدنيا، فلكل مرتكب خطيئة مأخوذة بما ارتطب لا محالة ويعاقب على ما ارتكب من خطيئة ثم خطيئة ثم أمره إلى الله يوم القيامة.

1- سورة النور، الآية(من 30 إلى 31)
2- سورة المؤمنون، الآية(5 إلى 7)


7
وهناك ما لا يمكن أن تجري فيه البيانات وليس ظاهرا ولا مكشوفا، فمن لم يأخذ بجريمته في الدنيا لأنه استطاع النجاة من العقاب فان العقاب لاحق به أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.
فالله تعالى مطلع على عباده، سرهم وجهرهم، خافيتهم وعلانيتهم وهو سبحانه"يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور".1 فعلى الإنسان أن يذكر ربه في كل تصرفاته حتى حينما يفكر عليه أن يتيقن تمام اليقين أن الله مطلع على أفكاره وعالم بأسراره ومحيط بما هو أخفى من الأسرار في فكر الإنسان.
جاء في قوله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين". 2
ومن هذا الجانب اتصلت الشريعة الإسلامية بالضمير الإنساني وكانت أحكامها متجاوبة معه، فهذا الاتصال يجعل المؤمن يحس بأنه في رقابة مستمرة ومهما خفي عن أعين الناس فلا يخفى عن الله تعالى، وهذا الاتصال يجعل الأفراد في وقاية نفسية من الجرائم فيقلل من وقعها لخشية من الله والإحساس أن الله تعالى دائما خبير بما يعملون وعليه. فخشية الله تعالى أكثر من خشية الناس وأن الضمير الديني يجعل المسلم مطمئنا راضيا بقضاء الله وقدره.3
إن شريعة الله تعالى لا تتجه إلى الأعراف لتحميها بل تتجه إليها لتصليحها وتقويمها أو تهذيبها وليس فيها ملك يحميه الملك إن ارتكب ظلما أو من تحميه الأوضاع إن ارتكب إثما بل الجميع أمام الله تعالى سواء لأنه هو الحاكم فيها وهو خير الحاكمين وهو القاهر فوق عباده، فلا عزة إلا إذا كانت منه سبحانه ولا فاضل ولا مفضول عند ارتكاب الآثام إنما الفضل في التحلي بالفضائل والأخلاق ومقدار الأخذ بها.4
ونظرا لأن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي قبل التكليف والإلزام فهو المسؤول عن كل ما ينتج عنه من تصرفات كلما ينتج عنه من تصرفات تخالف أحكام الشريعة المقدسة مصدقا



1- سورة غافر، الآية(19)
2- سورة النور، الآية(02)
3- 4- الغمام محمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، دار الفكر العربي، القاهرة ، ص 93

8
لقوله تعالى " أنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا" 1
واعتبار الإنسان مخلوق ضعيف وجد من يضله عن الطريق ويريه الشر خيرا والخير شرا، فالشيطان هو الذي يزين لكل فرد ما تهوى نفسه ويميل إليه هواه من حب للجنس وتطلع إلى الجاه وحب الاستبداد وميلاً إلى الطغيان والفساد. فالشيطان يفسد بين المؤمنين بكلمة خشنة قاسية والفساد الذي انتشر في العالم فهو من إيحاء الشيطان ووساوسه . أخبرنا به الله قبل أن يقع وينتشر ويستفحل كما حصل في هذا العصر. 2
قال تعالى: " يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوأتهما" 3
على الرغم من أن البغاء موضع استنكار من الناحية الاجتماعية وعلى الرغم من أنه وصمة في جبين من يمارسه فان الواقع يبت انتشاره في جميع المجتمعات المتحضرة منها والمختلفة، وسواء كان البغاء يمارس بصورة سرية أو بصورة علنية فان وجوده يدل على وجود طلب عليه قائم بالفعل، بل متزايد في كثير من المناطق وفي كثير من الأحيان، من قبل فئات كثيرة من الرجال الذين يبحثون عن ممارسات له بشتى الطرق وينفقون في سبيل ذلك الأموال الكثيرة بشكل يجعل سوق البغاء رائحة دائمة ومغرية للكسب السريع دون بذل مشقة كبرى. ومن ثم نجد ألوانا مختلفة من أساليب التفنن في مراوغة القانون والإفلات من قبضته، الأمر الذي يجعل رجال القانون دائبين في تغييره، لسد الثغرات التي يستطيع المستفيدون من البغاء أن ينفذوا منها الوقوع تحت طائلة القانون.


1. سورة الأحزاب، الآية(72)
2. الدكتور عفيف عبد الفتاح طيارة، مع الأنبياء في الفران الكريم، قصص ودروس وعبر، دار الكتب القانونية، الطبعة 11، 1982، صفحة 19
3. سورة الأعراف، الآية (27)




9
المطلب الثاني: مفهوم البغاء
للوقوف على معنى البغاء، نجد أنفسنا مضطرين إلى التقديم له بهذا الكلام.
الفرع الأول: التعريف العام للبغاء
ليس من اليسير تعريف البغاء تعريفا جامعا وذلك لاعتبارات اجتماعية مخلفة تتعلق أساسا بالمخادعة والمعاشرة الزوجية الغير المشروعة، والشائع تعريف البغاء بأنه ذلك الفعل الذي تقدم فيه الأنثى نفسها للاتصال الجنسي مع الذكور بدون تمييز وبصد الحصول على المال. وظاهر من هذا التعريف أن هناك شرطين أساسيين لتحديد ممارسة البغاء، هذان الشرطان هما عدم التمييز في علاقة الأنثى بالذكر ، الذين يمارسون الاتصال الجنسي بها، وقصد الفائدة المادية من ذلك.
وقد يضاف إلى هذين الشرطين شرط ثالث وهو الاعتياد على فعل الفحشاء ومن أشهر ما عرف به البغاء هو ذلك التعريف الذي وضعه" أبرا هام فلكسر" في دراسته الشاملة للبغاء في أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى، فهو يعرف البغاء بأنه " الاتصال الجنسي المرسوم بالمقايضة وعدم التمييز وعدم التجاوب الانفعالي" . وتتفق " جلادس ميري هول" إلي حد كبير مع هافلك الس في تعريف البغي، فهو يعرفها بأنها " أي شخص يجعل مهمة له إشباع شهوات أشخاص مختلفين من الجنس الآخر أو من الجنس نفسه". وتقيم هي دراستها للبغاء على أساس أنه " علاقات جنسية مختلطة مأجورة أو غير مأجورة " وبذلك وسعت نطاق تعريفها للبغايا، بحيث شمل من أسمتهن "الهاويات" اللواتي هن على استعداد لتكوين علاقات جنسية مختلفة نضير هدايا أو ملذات أو حتى الحصول على أي فائدة مادية.
والعنصر المشترك بين كل هذه التعريفات للبغايا والبغي وبين غيرها من التعاريف أيضا هو أن العلاقات الجنسية يجب أن يكون تبادلها في سبيل الحصول على مغنم أو ربح وأن تكون مجردة من التخصيص أو التمييز. 1




1- الدكتورة سامية حسن الساعاتي، المرجع السابق صفحة ،169-176-177

10

ويحصلوا على مبتغاهم عن طريق المعاشرة المختلطة، وفي بعض الأحيان، يكون الحافز إلى مثل هذا السلوك اقتصاديا في أساسه ومن ثم نجد أن الشباب في سن الزواج إما أن يتزوجوا متأخرين جدا أو لا يتزوجون إطلاقا، ومن هنا نجد أن الرجال الذين تبعدهم مقتضيات عملهم أو خدمتهم العسكرية عن زوجاتهم يلجئون إلى البغايا القريبات المنال والمستعدات لإشباع الطلب الناشئ عن فترات الغياب الطويلة.1 وبهذا يؤدي هذا إلى البديل في حياة الشخص.

الفرع الثاني: أسباب أو دوافع ممارسة البغاء
لا يحدث البغاء من غير أسباب، فهو محدد بأسباب ولا يتم إلا بها. ويمكن ذكرها كما يلي:
البند الأول: البغاء والفقر
تنشأ الحاجة الى المال دائما مع العوز، الذي قد تبلغ قسوته درجة تعرض الأنثى أو الأسرة بأكملها من للحرمان الثقيل وما يصاحبه من هوان أليم.
وليس هناك مجال للشك في أن الغالبية العظمى من البغايا يجلبن من الأوساط المحرومة التي يسودها الفقر والمستويات الاقتصادية المنخفضة، فحسب الإحصائيات التي أجريت في السنوات ما بين 1954 الى غاية سنة 1958 فإن فئة البغايا الحقيقية كانت تحتل المركز الثاني من حيث الترتيب الحجمي بعد فئة خادمات المنازل والطاهيات .
وهذه هي الحال أيضا فيما يتعلق بأولئك اللواتي يمارسن عادة أعمالا منخفضة الأجور في الدول الأجنبية مثل خادمات المطاعم وفتيات المصاعد وفتيات الحانات وعلى ذلك فليس من الخطأ أن يقال أن أعمال النساء المنخفضة هي أعظم مصدر لتوريد البغايا، لأن الشابات يستطعن بسهولة أن يكسبن عن طريق الاتجار بأجسادهن أكثر مما يستطعن كسبه عن طريق العمل في المحلات والمصانع أو في الخدمة في المنازل . وقد قالت بغي ذات مرة لأحد الباحثين الاجتماعية :
لقد ظللت أعمل في المصنع خمس سنوات فبل أن أدرك أني كنت أمتلك ثروة طوال الوقت .
إلا أنه يجب أن يلاحظ أن الفقر نسبي بمعنى أن أولئك اللاتي يتقاضين أجورا منخفضة، قد يشعرن بالحرمان لو عجزن عن ارتداء ملابس فاخرة وملابس داخلية غالية، أو عن استخدام وسائل التجميل الحديثة الغالية الثمن أو الاستمتاع بوسائل لهو معينة.1 1- الدكتورة سامية حسن الساعاتي، المرجع السابق صفحة 179 – 180 .

11
البند الثاني : البغاء والنمو الاقتصادي
المقصود بالنمو الاقتصادي هو عملية زيادة الدخل بطرق وأساليب ترفع مستوى الإنتاج في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها وسعيا إلى تحقيق هذه النتيجة يجري تقديم خدمات مختلفة اجتماعية وثقافية وصحية وترفيهية ....الخ . بقصد زيادة الكفاءة الإنتاجية البشرية وعلى ذلك فإن هناك في الدول السريعة النمو زيادة ملحوظة في الدخل مع توفر فرص كثيرة للعمل ليس للرجال فقط وإنما للنساء اللاتي تحقق لهن خلال فترة قصيرة قدر كبير من المساواة بالرجال فيما يتعلق بالتعليم وكسب الرزق عن طريق العمل في مختلف الميادين والتمتع بقدر كبير من الحرية .
والتصنيع عامل رئيسي في التنمية الاقتصادية السريعة حيث يؤدي التصنيع بالتعاون مع عوامل أخرى كامنة في عملية التغيير السريع إلى انتشار النمط الحضري للمجتمع . إن النمو السريع للمدن يزيد من مشكلاتها الاجتماعية وحدتها ومن العرض والطلب في سوق المتعة الجنسية يضاف إلى ذلك أن لا مركزية الصناعة وتوزيع المنشآت في البلاد الأصغر حجما والمناطق الريفية للتخفيف من وطأة الازدحام والنتائج الملازمة له في المناطق الحضرية المفرطة النمو قد أدت بدورها إلى ظهور البغاء وطلب المتعة الجنسية في مناطق كان مجهولا فيها نسبيا أو تماما من قبل .
فالمدن التي أنشأت اصطناعيا بسكانها الذين يتألقون في أغلبهم من الذكور والأجور المنخفضة وندرة الأعمال المتاحة للنساء والافتقار إلى وسائل التسلية وقضاء وقت الفراغ بالإضافة إلى القهر الاجتماعي والسياسي، الذي لا يستطيع الإفريقي منه فرارا في اتحاد جنوب إفريقيا اليوم، كل هذه العوامل قد تضافرت لتنتج مجتمعا لا يزيد فيه البغاء عن مجرد مظهر واحد من المظاهر العديدة التي تصور الأمراض والفوضى الاجتماعية العميقة الجذور التي تميز جنوب إفريقيا في عصرنا هذا .



1- الدكتورة سامية حسن الساعاتي، المرجع السابق صفحة 183 – 181 .


12
وليس يخفى أن تأخير الزواج من الظواهر التي تميز النمو الاقتصادي السريع إذ يؤجل كل من الذكور والإناث زواجهم بالضرورة، لأنهم ينفقون سنين شبابهم المبكرة في التدريب على الوظائف والمهن التي تضمن لهم الأشغال بها، حياة طيبة .
وهذا العامل بالإضافة إلى العوامل الأخرى مثل استقلال النساء اقتصاديا وحرية اختلاط الجنسين وفكرة 'الكبت الجنسي" والاهتمام الشديد بالخبرة الجنسية، كل هذا يفسر وجود العلاقات الجنسية المؤقتة والمتعددة التي تنتشر بين الجنسين على النطاق واسع .1



















1- الدكتورة سامية حسن الساعاتي، المرجع السابق صفحة 183 – 181 .

13









































الفصل الأول: ماهية جريمة تحريض القصر على ممارسة الفسق والدعارة:
نعني بجرائم التحريض على الفسق والدعارة تلك التصرفات والأفعال والأقوال التي يقوم بها شخص ما وتلك الوسائل التي يستعملها مع شخص آخر ذكرا أو أنثى بقصد التأثير عليه واقتناع من أجل دفعه إلى تعاطي الدعارة وممارسة أعمال الفسق وإفساد الأخلاق .ولقد ورد النص على هذه الجرائم في الفقرة 01 من المادة 342 قانون العقوبات والفقرة الأولى من المادة 343 وفي المادة 347 من نفس القانون.
المبحث الأول:الأساس القانوني لمفاهيم الفسق و الدعارة:
عن الحديث عن الأساس القانوني لمفاهيم الفسق والدعارة يقتضي منا الحديث ولو بإنجاز عن مبدأ أساسي وهام جدا ولا بد على أي دولة من رعايته وتحقيقه والذي هو العدالة التي هي بدورها مركز الثقل الذي يحكم جميع المجتمعات ، فهي القطب الذي يدور حوله العالم السياسي وهي المبدأ والقاعدة في كل المبادرات ، فلا توجد علاقة ما بين الأفراد إلا وتحصل بموجب القانون والذي يكون وفق العدالة.
فالعدالة ليست من عمل القانون بل العكس من ذلك أن القانون هو مجرد تصريح وتطبيق للعدل في كل الظروف التي يكون فيها الأفراد في علاقة ذات مصالح فإذا كانت فكرة العدل التي بنيناها ناقصة أو خاطئة فبالضروري تكون جميع تشريعاتنا فاشلة وبالتالي يتولد عن ذلك ألم اجتماعي بسبب عدم تحقيقنا للعدالة. 1
المطلب الأول: مفهوم الآفتين ومدى ارتباطهما بفكرة الآداب العامة:
إن فكرة الآداب العامة شأنها شأن النظام العام، تعتبر من الأفكار المرنة والتي لا يمكن وضع لها تعريف جامع ومانع كون أن هذه الفكرة تختلف من دولة إلى أخرى كما أنها تختلف بداخل الدولة من منطقة إلى أخرى وهي تتغير من مرحلة إلى أخرى، فالسلوكيات والمظاهر التي تعتبر من قبيل الأفعال المباحة في فرنسا أو إيطاليا لا تعتبر مخالفة للآداب العامة في هذه الدول ولكنها تعتبر مخالفة للآداب في الجزائر أو سوريا، كون أن هذه الفكرة تتحكم فيها عدة عوامل وضوابط حضارية وبيئية ودينية خاصة بكل بلد وبكل نظام قانوني.

1- الدكتور عبد العزيز سعد، الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع 1 ، الجزائر، طبعة 1982، صفحة09

14

الفرع الأول:تعريف الفسق ébauche
الفسق هو كل سلوك جنسي يخالف الآداب العامة سواء كان هذا السلوك متمثلا في المواقعة الجنسية الكاملة أو الناقضة التي تتفق مع الطبيعة أو السلوك الشاذ الذي يخرج عن العادي والمألوف.
فلفظ فسق لفظ عام يتسع لكل الأعمال الشهوانية أو المخالفة للآداب.
ففسق المرأة يستطيل إلى الانهماك في اللذة غير المشروعة بتكرار الاتصال الجنسي غير المشروع، سواء كانت متزوجة أو لا، و يدخل في ذلك المساس بعرضها من رجل أو امرأة أخرى.
أما فسق الرجل، فيشمل مواقعة النساء واللواط مع الرجال، بل إفساد الأخلاق كإرسال الرجل ابنته أو زوجه لمخالطة الرجال ولو لم يصل الأمر إلى حد الاتصال الجنسي، وبصفة عامة، فان لفظ فسق أعم وأشمل من لفظ البغاء، إذ يتسع الأول لكل أعمال الفحشاء والأعمال المخالفة للآداب الجنسية بينما يقصر الثاني على حالات خاصة من حالات الفسق والتي تصطحب بشروط معنية.1
الفرع الثاني : مفهوم الدعارة
لم يضع المشرع الجزائري تعريفا للدعارة والبغاء رغم أننا نجدهما مذكوران في عنوان تحريض القصر على الفسق والدعارة والذي تضمه المواد المتسلسلة من 324 إلى 349 من قانون العقوبات. لم يشترط أي شرط في تعريف الدعارة كما أنه لم ينسبها إلى المرأة دون الرجل وترك أمر كل هذا للقواعد العامة للعرف والى الفقهاء وأحكام المحاكم.
لهذا ارتأينا في هذا النوع إلى تعريف للدعارة كما حددته اللغة وكما هو في القوانين الوضعية المختلفة والأسباب التي أدت إلى انتشارها، وفي الأخير نعرض الفرق بينها وبين الفسق.
البند الأول:تعريف الدعارة
أولا في اللغة:
هو الاتصال الجنسي غير المشروع، يقال بغت المرأة تبغي فهي البغي.
وجاء في أقرب الموارد: بغت الأمة أي زنت، وبغت الأمة مباغاة وبغاء مثل بغاء مثل بغت والبغي الأمة أو الحرة الفاجرة، جميعها بغايا.
1- الدكتور عبد الحكيم فوده، الجرائم الجنسية في ضوء الفقه وقضاء النقض، مكتبة ومطبعة الإشعاع للطباعة والنشر والتوزيع، 1997، صفحة 14،13
15
والعاهرة هي الفسق والفجور، فالمرأة عاهر أو عاهرة والرجل الذي يفسق بمها عاهر كذلك.
وجاء في أقرب الموارد:عهرا – يفتح العين وتسكين الهاء أو بكسر العين وتسكين الهاء أو بفتح العين والهاء – وعاهرة أداؤها للفجور فهو عاهر.
والفجر أو الفجور هو الفسق أو الفسوق، فالرجل فاجر أو فاسق والمرأة فاجرة أو فاسقة.
يقال فجر الرجل فجرا وفجورا: انبعث في المعاصي وزناً وفسق، وفاجر المرأة مفاجرة وفجارا.
هذه المعاني التي وضعتها اللغة لألفاظ مختلفة تكاد تتقارب حتى ليشعر الإنسان بأن اللفظ الواحد منها قد يغني عن بقية الألفاظ.
وقد سلكت القوانين الوضعية مسلكا يقارب مسلك اللغة، فلم تحد هذه القوانين في مراحلها المختلفة حدودا لهذه الألفاظ يتميز بها البعض عن البعض الآخر، لذلك كان لزاما علينا أن نحاول إيجاد مثل هذا التمييز، حتى يكون لكل لفظ معناه حين نذكره مستندين في ذلك إلى اللغة ذاتها والى قصد القانون.
ثانيا: في القوانين الوضعية
رغم مرور القرون الطويلة على التعريف الروماني للدعارة، فقد ظلت عناصره كلها أو بعضها أساسا لتعريف البغاء في معظم التشريعات الحديثة وتكاد تنقسم هذه التشريعات بصدد تعريف الدعارة ألي أربعة أنواع رئيسية وهي:
• وجود الدعارة يستلزم تحقيق شهوة للغير مقابل أجرة.ففي قانون أستراليا، يعرفه بأنه العمل أو التجارة التي تتخذها المرأة في تسخير نفسها للرجال قصد الكسب.
وفي القانون اللبناني يعرف بأنه مهنة المرأة التي يشتهر عنها تقديم جسدها لقاء المال سواء كان ذلك سرا أو علنا.
وبناء على هذه التعاريف التي تجعل من الفعل الجنسي دعارة إذا وقع على وجه من الوجوه ومقابل الأجر تكون الدعارة هي الصورة التي تخرج فيها الغريزة عن هدفها الأصيل وهو حفظ النوع والنفس وصرفها إلى غرض آخر فتتعرض الحياة للتفكك والانحلال إرضاء لغريزة الجنس.
يستلزم منها وجود العمومية أي عدم التميز لتعريف الدعارة، ويقصد بالعمومية أن يقدم الشخص نفسه لإرضاء شهوات الناس عموما، أي دون أن يقصر ذلك على أشخاص معنيين.
فاللوائح المحلية في إندونيسيا تعرف مرتكب الدعارة بأنه كل شخص ذكر أو أم أنثى، يباشر الزنا أو الأفعال الفاضحة مع عموم الناس.
16
ويقصد بعمومية المرأة أو ارتكابها الفحشاء مع عموم الناس قابلتها تقديم نفسها لكل طالب أو لكل قادم. ويقصد بعبارة عدم التميز أن المرأة تعتبر بغيا إذا سعت لإرضاء شهواتها الجنسية مع كل من هيأته الظروف لها دون أن يستند اختيارها له إلى أي عاطفة سواء استغلت أو لم تستغل سلوكها في الحصول على أجر منه.
• من القوانين التي تجمع بين شطري الأجر وعدم التميز لتعريف الدعارة، كالبغي طبقا لحكم مشهور للقضاء على الإنجليزي هي المرأة التي تعرض نفسها لعموم الناس ابتغاء الفسق نظير أجر.
وطبقا للقانون البيبريا يعرفه أنه فسق المرأة مع عموم الناس بقصد الكسب.1
• من القوانين التي تعرف الداعرة دون اشتراط الأجر أو العمومية:
في دومينيكا عرفته بأنه فعل المرأة التي تتخذ نفسها بطريقة ظاهرة مباشرة الفحشاء بدافع المصلحة أو بدافع فساد الأخلاق.
وطبقا للتعريف الروماني للبغاء لم يكن ينسب البغاء إلا للمرأة، وقد استمر هذا المعنى سائدا حتى بداية القرن العشرين حيث بدأ البغاء ينسب إلى الذكر كما ينسب إلى الأنثى. ومعظم التشريعات ولا سيما الحديثة منها ينسب الدعارة إلى الجنسين معا مثل قوانين ولاية أوهايو وباكستان واليونان وهولندا وبلجيكا...........
ونحن نرى بأن تعرف الدعارة إلى أنها استخدام الجسم إرضاء لشهوات الغير مباشرة نظير أجر أو بغير أجر.2
البند الثاني: الفرق بين الدعارة والفسق
إن الدعارة طبقا للقضاء الفرنسي هي استخدام الجسم في إرضاء شهوات الناس الجنسية بقصد الحصول على أجر، فإذا انعدم هذا القصد فلا يكون الفعل دعارة، إنما يكون فسق.

1 - 2 الدكتور عبد الحكم فوده، المرجع السابق، صفحة 17،16







17

يقول غارسون: ان القانون لم يعرف كلمة الفسق ويرى أنها تتسع لكل الأعمال الشهوانية المخالفة للاداب.
ويرى الفقه اليوناني أن الفسق La debauche هو كل وسائل الاستمتاع الجنسي في غير المتزوجين. أما محكمة النقض الاتحادية السويسرية فترى أن الفسق ليس هو فقط المواقعة الجنسية بين المتزوجين أو الاتصال الجنسي المخالف للطبيعة ولكنه أيضا كل فعل يتعدى حدود الاداب الجنسية.
وتقول محكمة النقض المصرية أن مدلول كلمتي الفجور والفسق ليس قاصرا على اللذة الجسمانية بل يشتمل أيضا افساد الأخلاق بأي طريقة كانت كارسال والد ابنته للرقص في المحلات والملاهي أو لمجالسة الرجال والتحدث اليهم في محل معد للدعارة أو غير ذلك من طرق افساد الأخلاق.1
الفرع الثالث: ارتباط الافتين بالاداب العامة
إن فكرة الآداب العامة تمثل مجموع الأسس الأخلاقية والدينية والاجتماعية والأعراف والتقاليد المستقرة في مفهوم الجماعة والتي يرى الناس أنها واجبة الاتباع في علاقاتهم، ولا يمكن الخروج عنها ومخالفتها بالاتفاق الخاص، لذلك قيل أن العنصر المعنوي لفكرة النظام العام وقوامه الرئيسي هو المحافظة على الآداب والأخلاق العامة والتقاليد والعادات المرعية. وعلى هذا المنوال سار التشريع الجزائري من خلال جعله لفكرة الآداب العامة والأخلاق العامة لعنصر معنوي من عناصر النظام العام.2 ويترتب عن ذلك تدخل السلطات في الحد والتقييد من ممارسة الحريات وحقوق المواطن بالقدر اللازم فقط للمحافظة على الآداب العامة.
لقد تدخل المشرع بتجريم الأفعال الماسة بالآداب والأخلاق، وهذا بنص قانوني يفرض عقابا معينا على من يأتي فعلا ماديا محددا، وهذا التدخل يمكن تبريره بمعيار الرغبة في تهذيب الشخص بإلزامه باحترام شكل معين للكرامة أو المحافظة على الأخلاق.3



1 لدكتور محمد رشا متولي،جرائم الاعتداء على العرض في قانون العقوبات الجزائري والمقارن، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، طبعة2، 1989 ،ص 200
2 لدكتور عبد الحكم فودة، المرجع السابق، صفحة 401
3 الدكتور أحمد أمين، شرح قانون العقوبات الأهلي، القسم الخاص، دار النهضة العربية، سنة 1923 صفحة 436،435
18
إن فكرة الآداب العامة تمثل الحضارة التي توصلت إليها الدولة، أما الفكرة الجنائية للآداب العامة في قانون العقوبات فهي على ارتباط وطيد بأحكام وأسس الشريعة الإسلامية السمحاء ومن هنا نجد المشرع الجزائري سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يعتمد أساس فيما يخص الجرائم الأخلاقية على ما يعد من المبادئ الأساسية التي جاء بها الإسلام. وهكذا نجده قد اعتبر الزنا من الطرفين جريمة يعاقب عليها القانون بالاستناد إلى الدين الإسلامي الذي اعتبرها من الكبائر.1
لقد شدد المشرع الجزائري العقوبة وذلك من دون الوقوع في الخطأ احتواء القاعدة الأدبية للقانون الجنائي. انه مدرك تماما للتعلق والاحترام الذي يوليه مجتمعنا للقيم الأدبية الجنسية، وربما هذا هو السبب الدافع للتعديلات التشريعية التي أحدثها المشرع في هذا المجال والتي كانت أكثر شدة وصرامة. فتجسيد شدة العقوبة في القانون الجنائي يتجلى في رفع سن القصور الجنائي إلى (16) ستة عشر سنة بموجب تعديل سنة 1975 بخصوص جرائم الفعل المخل بالحياء في المواد 334و 335 فقرة 02 وكذا هتك العرض بموجب نص المادة 342 فقرة 01 من قانون العقوبات وبالتالي وجدنا أن جل التعديلات قد عمدت إلى تشديد العقوبة ورفع مبلغ الغرامة.
وهكذا وجدنا أن المشرع الجزائري قد أعطى لفكرة الآداب العامة في الجانب الجزائي ميزة التشديد وتغليط العقوبات، الكل من أجل ضمان توازن واستقرار المجتمع من حيث الأخلاق وكذلك الآداب ولم لا تحقيق الانضباط السلوكي في مجال العلاقات الجنسية.2
المطلب الثاني: الفسق و الدعارة ما بين التجريم والإباحة
إذا كان التشريع الجنائي لم يعتمد إلى تجريم أفعال الفسق و الدعارة ، فان ذلك يرجع إلى عدة عوامل ومقاييس تأثر بها المشرع الجزائري وهذا بالنظر إلى التحولات الحضارية التي يشهدها المجتمع الجزائري، ومنها كذلك تأثر قانون العقوبات الجزائري وفي كثير من الأحيان بأحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن ذلك لا يظهر بخصوص تعامله مع الدعارة والفسق. فإذا انعقد الإجماع على أن الدعارة والفسق يشكلان آفات اجتماعية خطيرة فهي من


1 نص المادة 339 قانون رقم 82-04 المؤرخ في 13/02/1982، والمتضمن تعديل قانون العقوبات الجزائري.
2-Mr CHOUKI Kalafat, rapport sur le thème de recherche : la protection pénale de la famille contre les atteintes à la moralité sexuelle, décembre 1989 Université ABOU BAKR BELKAID Tlemcen
19
جهة تؤدي إلى انتشار الأمراض الزهرية وقد تؤدي كذلك إلى ارتفاع نسبة الاعتداءات الجنسية وتعمل على إفساد الأخلاق لدى الشباب، ومن الناحية الأدبية، فهي مرفوضة من قبل المجتمع إلا أن التحليل الدقيق والمعمق يؤدي إلى القول بأن هذا الإجماع لا يحمل إلا نتائج نسبية، ففي الولايات المتحدة نجد أن الدعارة خاضعة لقوانين صارمة ومانعة لمثل هذه الحرفة ووجد كذلك ارتفاع متزايد في نسبة انتشار الأمراض الزهرية بينما في المكسيك وجد أن هذا المرض يقل عما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية والسبب هو شرعية الدعارة.
الفرع الأول: موقف المشرع الجزائري من مفاهيم الفسق و الدعارة
أن الأمر الذي يثير دهشة رجل القانون وبالخصوص المختصين في القانون الجنائي هو أن الجزائر تعتبر من الدول القليلة في العالم الإسلامي التي تعترف بالدعارة في بعض الولايات ولا تعترف بها في ولايات أخرى وتجعلها بطريقة غير مباشرة من الحريات الفردية لدى المجتمع الجزائري. وهكذا وجدنا الدعارة في ولاية وهران، سيدي بلعباس منظمة بموجب قوانين محلية تنظيمية ووجدناها في ولايات أخرى كتلمسان و بجاية وحتى في بعض القرى في القبائل.
وهذا الاختلاف هو الذي يطرح أكثر من سؤال على الطريقة والسياسة الجنائية التي اعتمد عليها التشريع الجنائي الجزائري. ومن جهة أخرى وبالرجوع إلى قانون العقوبات الجزائري نجده لم يجرم الدعارة ولا الفسق ولكنه حاول تضييق الخناق عليهما من خلال تجريمه للإغراء العلني بموجب نص المادة 347 من قانون العقوبات الجزائري، وهو النص الذي يثير جدالا قانونيا حساسا من حيث حماية الحريات الفردية من جهة ثانية الدفاع عن المصالح الجماعية للمجتمع من خلال ضرورة حماية الحريات الجماعية.1







1 الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق صفحة 12

20

الفرع الثاني: موقف القضاء الجزائري من مفاهيم الفسق و الدعارة
إن القضاء الذي يقع على عاتقه مسؤولية تطبيق القاعدة القانونية لم يكن بوسعه التعرض إلى الدعارة واعطائها تعريفا جامعا كون أن هذه الأخيرة غير مجرمة بموجب قانون العقوبات، ولكن هذا لم يمنع القضاء من التعرض لها وهذا بطريقة غير مباشرة من أجل الوصول إلى إضفاء الصبغة الإجرامية على بعض السلوكيات التي طالما عدها القضاء من قبيل الأفعال المخالفة للآداب العامة. ومن هنا لعب القضاء الجزائري دورا كبيرا في مجال الجرائم الأخلاقية وشهد مواقف مختلفة ما بين مواقف شجاعة وأخرى سلبية، الكل من أجل الوقوف على واجب الوصول إلى حقيقة نية المشرع الجزائري في تجريمه لبعض السلوكات جنسية أخرى.
ومن هنا كانت مواقف القضاء الجزائري بشأن جرائم الإغراء وجرائم إنشاء محلات الدعارة وجرائم الفعل بالحياء هي السند والنموذج الذي من خلاله يمكن الوقوف على الدور الذي يقوم به القضاء في مجال الحد من آفة الفسق و آفة الدعارة.ووجدنا من الناحية العملية أن قضاة الموضوع يركزون على عنصر الرضا والسن والاعتياد والعلنية من أجل إعطاء السلوك الطابع الإجرامي الذي هو منصوص عليه في قانون العقوبات الجزائري، وعليه فإننا وجدنا أن القضاء الجزائري استقر على أن ممارسة علاقات جنسية من قبل أشخاص لهم الأهلية الكاملة، ومتى كانت هذه العلاقة قد تمت برضا الطرفين وبدون استعمال العنف1 فإنها لا تشكل أية جريمة من منظور قانون العقوبات الجزائري، وعليه فان القضاء الجزائري قد وقف على إرادة المشرع بشأن حرية ممارسة العلاقات الجنسية. ولكن عند وقوع هذه الأفعال علنية أو ارتكابها ضد قصر أو باستعمال العنف والتهديد، هذا يصبح تطبيق القاعدة القانونية أمرا واجبا وحتميا وهذا لحماية أدب الشارع والمجتمع من الوقوع في الفساد والخراب الخلقي. هكذا وجدنا عدة قرارات صادرة على أعلى هيئة قضائية في البلاد تحث وتلزم ضرورة ذكر





1- غرفة الجنح والمخالفات، قرار رقم 127512، الصادر بتاريخ 25/02/1975 م ق، العدد 1 لسنة 1998 صفحة 215.
21
جميع العناصر القانونية والمادية التي تشكل أركان الجرائم الأخلاقية من أجل تمكين هذه الجهة من ممارسة رقابتها على مشروعية القرارات.
إذا نجد أن القضاء الجزائري استقر على أن القرارات التي لا تكون مسببة بما فيه الكفاية، فإنها تكون مشوبة بالقصور في التسبب وانعدام الأساس القانوني.
جنحة الإغراء أولا تشير إلى وقوع الاتصال الجنسي ما بين طرفي الدعوى وينتج عن هذه العلاقة مولد، فان هذا السلوك يدل على رضا الطرفين وبالتالي انتفاء جنحة الإغراء المعاقب عليها بموجب نص المادة 347 من قانون العقوبات الجزائري. هكذا أكد القضاء الجزائري بخصوص جريمة الإغراء، وأن هذه الجريمة لا يمكن أن تتجسد في حالة عدم وجود الأركان الموضوعية القصدية المنصوص عليها والمستخلصة من سلوك المتهم والتي تكون نتيجتها الفسق المرتكب علنا أو في مكان علني بصورة مخلة بالحياء العام وبالتالي، فإن إدانة متهم بجنحة الإغراء على أركان ذاتية يعتبر مجحفا بحقوقه كون أن نص المادة 347 من قانون العقوبات الجزائري تفترض :
- دعوى مرسلة لأي شخص بقصد ممارسة علاقات جنسية غير شرعية
- دعوى الإشارة أو الأقوال أو بأية وسيلة أخرى
- العلنية
- أن يرتكب الإغراء بقصد التحريض على الفسق
فعبر هذه الجريمة لا ينوي القانون حماية الأشخاص، بل خاصة حماية أدب الشارع والأماكن العمومية بمعنى أنه يجب اعتبار الإغراء كفعل أو تصرف لا لبس فيه مرتكب علنا أو في مكان مفتوح للجمهور كفيل بالمساس بالحياء العام.1





1- القرار رقم 127412 السابق الإشارة إليه، صفحة 215



22

المبحث الثاني: ماهية التحريض على ممارسة الفسق و الدعارة
إذا كان المشرع الجزائري لم يستعمل مصطلح أو عبارة التحريض في نص المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري كما فعل في نص المادة 342 من نفس القانون على أنه أوردها في عنوان القسم السابع الخاص بهذه المجموعة من الجرائم، بل أورد بدلا منها عبارات المساعدة، المحاولة أو الإغراء مما يجعلها نعتقد بأن هذه العبارات ليست إلا صور التحريض ذاته، وبالتالي فان أي شخص يسهل ويشجع على ممارسة الدعارة أو يستعمل دعارة الغير يعتبر تحريضا على ممارستها ويعرض نفسه إلى العقوبات المقررة في نفس المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري.
المطلب الأول : مفهوم التحريض على الدعارة
ومن أجل معرفة خصوصيات هذه الجريمة من جميع النواحي، خصصنا هذا المطلب والذي يحتوي على تعريف التحريض وصوره وأخيرا قيام التحريض.
الفرع الأول: تعريف التحريض على الفسق و الدعارة
يقصد بالتحريض على الفسق والدعارة دفع المجني عليه إلى ارتكاب الرذيلة لدى الغير أي الداعرة والتي لم تكن موجودة لديه قبل التحريض، والأصل أن التحريض كوسيلة للمساهمة التبعية لا يعاقب القانون عليها إلا إذا أفضى إلى وقوع الجريمة أي أن القانون لا يعاقب عليه لذاته و إنما يعاقب عليه بالنظر إلى تأثيره المفضي إلى وقوع الجريمة، ولكن القانون اعتبر التحريض جريمة قائمة بذاتها في جريمة التحريض على الدعارة وذلك بغض النظر عن تحقيق النتيجة أو عدم تحقيقها وهي ممارسة الدعارة. ذلك أن ممارسة هذه الحرفة ليست سوى نتيجة لهذه الجريمة وليست عنصرا فيها ولا يقوم التحريض إلا في حق من يحرض غيره على ممارسة الدعارة مع الناس، ولذلك فانه لا يقع من الأنثى التي تقدم نفسها للغير و إنما تقع ممن يحرض غيره على ذلك أو يسهل لها ذلك الفعل، ونظرا لأن التحريض على الدعارة يتجرد في أغلب حالاته من مظهر تلمسه الحواس، لذلك فانه يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات ويجوز الاستناد إلى وقائع لاحقة على الجريمة لاستخلاص الدليل عليه ومناط ذلك أن تكون أدلة الإثبات
أن تكون أدلة الإثبات منصبة على واقعة التحريض ذاتها وأن يكون الدليل المستخلص منها
ائغا لا يتنافى مع العقل أو القانون. ويعتبر تقدير قيام التحريض على الدعارة من المسائل الموضوعية التي يترك تقديرها لقاضي الموضوع، وتطبيقا لذلك، فقد قضى بأنه لما كان

23
القانون لم يبين ما هو المراد من كلمة التحريض، فان تقدير قيام التحريض أو عدم قيامه في الظروف التي وقع فيها يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ويكفي أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له.1
الفرع الثاني: الفرق بين التحريض والتحرش الجنسي وعدم الربط بينهما
سبق أن انتهينا إلى أن التحريض على الفجور أو الدعارة يقصد به التأثير في نفس المجني عليه وصولا إلى إقناعه بارتكاب الدعارة أو الفجور وذلك باستعمال كافة الطرق من تحقيق وقوع هذه الجريمة لا لغرض المحرض بل لغرض غيره. ومن هنا فان التحرش الجنسي، وهو أن الجاني يقوم بالفعل لنفسه ولإشباع رغباته.
وبعد اتصالنا بمصالح الشرطة وجدنا لديهم قضية أخذت على أساس أنها تحريض على الفسق و الدعارة ، وبعد التكييف ثبت عكس ذلك.
فقد جاء في القضية :
) أن الفتاة التي لم تبلغ من العمر 17 سنة تم هتك عرضها من طرف حمى أمها والذي قام بفض بكارتها، وذلك نشأ عن علاقة غرامية، ونتج عن هذه العلاقة طفل حيث قامت الفتاة بإنجابه في بيت عجوز أمها وبعد ولادة الطفل قتل عمدا وهذا بعد وضعه في كيس بلاستيكي. (
كيفت القضية على أنها جريمة تحريض قاصرة على الفسق، ومن ثم جاء ما يلي: « يكفي لرد هذا التكييف واثبات عدم وجود هذه الجريمة في القضية المطروحة أمامنا أن نستدل باجتهاد المحكمة العليا في الملفان:
1- جنائي 27/10/1987 ملف رقم 43267
2- جنائي 15/05/1990 ملف رقم 450
فمن هنا يشترط أن يقوم المحرض بالفعل لغيره لا لنفسه، ومادام الجاني في قضية الحال قام بالفعل لنفسه لإشباع رغباته وهذا لأنه بالممارسة الجنسية على الضحية ولم يقدمها لشخص آخر،

1- الدكتور أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، طبعة05، 199، ص 532.




24


حيث أن الضحية كانت راضية بممارسة العلاقة الجنسية وعمرها يفوق 16 سنة من العمر، فهي في هذه الحالة قاصرة مميزة. فحتى على فرض ثبوت الأفعال بالكيفية المشار إليها، فإنها لا تكفي لقيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري.
وفي اجتهاد آخر في : جنائي 02/02/1982 رقم 72، قالت: مادام الضحية أقامت مع الجاني علاقة جنسية برضاها فان أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري التي تشترط أن يكون الجاني قد حرضها للفسق مع الأسر لم تتوفر في الدعوى الراهنة.
نعتقد أن الاجتهاديين يطبقان تماما على قضية أمن ولاية غليزان والشيء المؤسف أن التحريض على الفسق يكون لفائدة الغير لا للذات أمر معروف حتى لدى العامة وعليه فالوقوع في الخطأ من طرف ضابط الشرطة القضائية يعتبر أمرا غير مقبول تماما.
وحسب الإحصائيات التي قامت بها فرقة حماية الطفولة لأمن ولاية تلمسان لسنة 2005، فان الإحصائيات كانت تتمثل في حالتين(02) من الذكور وحالتين(02) من الإناث، وهذا لحد الساعة.1
الفرع الثالث: صور التحريض على الفسق و الدعارة
ملاحظ : في قانون العقوبات الجزائري أن المشرع الجزائري لم يحدد لنا الوسائل التي يقع بها التحريض على الدعارة، ولذلك فقد يقع بالقول أو بالفعل.
البند الأول: التحريض بالقول
إن التحريض على الدعارة بالقول قد يكون بالقول الذي يتضمن إغراء بهدية أو وعد أو وعيد أو مخادعة من أجل حمل المجني عليه على ممارسة الدعارة ويمكن أن يكون القول مجردا أو مصحوبا بإغراء، فالقول هو وسيلة من وسائل التأثير على الإرادة بحيث يدفع المجني عليه إلى الاتجاه إلى ممارسة الدعارة و وهنا تجب الإشارة إلى أنه لا يجب أن يكتفي قاضي



1- دراسة ميدانية، فرقة حماية الطفولة بتاريخ 28/03/2005 على الساعة 10:50 صباحا، مع السيد مفتش الشرطة لأمن تلمسان .

25

الموضوع بسلوك الجاني عند تقدير توفر الركن المادي للتحريض، بل يقدر أيضا حالة المجني عليه وقت التحريض ومدى تأثير ذلك عليه، وما إذا كان ذكرا أو أنثى، صغيرا أو متقدما في السن، دون اشتراط تحقق نتيجة بالفعل من جراء التحريض، فالتأثيم على النشاط مجردا عن نتيجة ولكن يشترط أن يكون القول كافيا لإنتاج أثره في نفس المجني عليه ولذلك فإنه لا يعتبر تحريضا مجرد العرض أو النصح السيئ أو القدوة السيئة.1
البند الثاني: التحريض بالفعل
قد يكون التحريض على الدعارة بالفعل بأن تصدر من الجاني إشارات تحمل معنى التحريض كالإشارة على مسكن للدعارة اشتهر عنه ذلك أو الإشارة بكلتا اليدين بما يعني المصاحبة، فلا يشترط أن يكون الفعل مصاحبا للقول بأن الفعل في ذاته كاف لقيام التحريض إذ لا يتعين في كل الأحوال أن تمتزج الأفعال المادية للمساهمة الجنائية بالنصائح أو التحريض أو الموعظة غير الأخلاقية. فالقانون الذي لا يعاقب إلا على التعدي على الآداب لا يريد التأثيم إلا على الأفعال المادية لوساطة الفحشاء والذي من نتائجه تلويث الشخص نفسه.2
المطلب الثاني: أركان التحريض على الفسق و الدعارة
عن القوانين القديمة كانت تعاقب على وساطة الفحشاء والذي كان يعرف بأنه المساعدة أو التشجيع على الفسق أو الفساد من خلال استغلال نساء أو فتيات داعرات من خلال أجرة أو غيرها من المنافع أو من خلال جلبهن على أماكن الفسق أو الدعارة.
ولكن بعض التطور الذي شهدته التشريعات الجنائية الحديثة أصبحت جريمة تحريض القصر على الفسق أو الفساد الأخلاق مستقلة عما يعرف بالقوادة أو التحريض على الدعارة ثلاثة ولا بد من الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد ميز ما بين القصر الذين لا يتجاوز سنهم 16 سنة والقصر ما بين 16 و19 سنة. وعليه وبصفة عامة يمكن القول أن الأركان الأساسية المكونة لهذه الجريمة هي :
- فعل مادي يتمثل في التحريض أو تشجيع أو تسهيل فساد الأخلاق أو الفسق.
- عنصر السن
- الركن المعنوي للجريمة.


1-2 الدكتور عبد الحكم فودة، المرجع السابق172
26
الفرع الأول: الركن المادي
ويتضمن هذا الفرع ركنان يحتويان على الحيثيات المادية للجريمة.
البند الأول: الركن المادي للجريمة من حيث الأشخاص
عن أولئك الذين يتخذون من تحريض القصر على الفسق كحرفة وذلك من أجل إشباع شهوات الغير مقابل حصولهم على منافع، فانهم يقعون تحت طائلة العقوبات المقررة في نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري. ولكن الأشخاص الذين يحرضون قصرا على الفسق أو الفساد من أجل إشباع شهواتهم الشخصية أي الذين يتصرفون كمفسدين وليس كوسطاء للفسق أو الفساد، فهل يقعون تحت طائلة نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري؟
عن القضاء الجزائري ذهب إلى ما اشترطته المحكمة العليا في العديد من قراراتها 1 من أجل تطبيق مقتضيات نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري أن يقوم المحرض بالفعل لغيره لا لنفسه. وهكذا فان الذي يعمد على تحريض قصر على الفسق أو فساد الأخلاق من أجل إشباع شهواته الشخصية لا يطبق عليه نص المادة المذكورة.
وعليه فإنه بخصوص هذا الموقف، نجد أنه يثير عدة مشاكل من الناحية العملية كون أن الجاني الذي يرتكب الجنحة المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري يمكنه أن يحرض القصر على الفسق إما لإشباع شهوات الغير مقابل حصوله على منافع، و أما من أجل إشباع شهواته الشخصية والتي قد لا تصل إلى حد المواقعة الجنسية، وهو ما يشكل في حد ذاته تحريضا على الفسق أو الفساد. ذلك أن العبرة ليست بما ينوي الجاني الحصول عليه، و إنما العبرة هي في ضرورة توفير الحماية الجنائية الكاملة للقاصر.
فالقضاء الجزائري يكون قد وقع في لبس من خلال الأخذ بعين الاعتبار الهدف الذي ينشده الجاني من مثل هذه الجرائم كون أن إشباع شهوات الغير عن طريق الوساطة أو إشباع الشهوات الشخصية ما بين الفاسق والقاصر، لا يعدوا أن يكون مانعا من أجل تطبيق مقتضيات نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائرية. فالهدف من تحريم هذه الأفعال ليس هو قمع الفسق أو الفساد في حد ذاته، و إنما هو القصر من الوقوع في الرذيلة وهذا قبل أن يقع القصر في قفص احتراف الدعارة أي أن المشرع الجزائري الذي خصص لهذه الأفعال نصا قانونيا محددا

1- ملف رقم 43167 بتاريخ 27/01/1987والملف رقم 450 بتاريخ 15/05/1990 عن غ.ج.م.م.ع

27
بموجب المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري يكون قد فرق ما بين هذه الأفعال وجريمة الوساطة في الدعارة التي يكون فيها الضحية قصرا من خلال اختبار سن الضحية كظرف مشدد، وهذا بموجب نص المادة 344 من قانون العقوبات الجزائري فقرة01.
البند الثاني: الركن المادي للجريمة من حيث الأفعال
عن نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري يميز ما بين ثلاثة أفعال مختلفة وهي التحريض والتشجيع وكذلك تسهيل الفسق أو فساد الأخلاق. وهذه الأفعال كلها معاقب عليها بموجب نص المادة المذكورة ولا يهم بعد ذلك أن تقع هذه الأفعال مجتمعة أو لا، ذلك أن كل فعل منها يعتبر مجرما المهم أن يكون الجاني قام بتحريض قصر على الفسق أو فساد الأخلاق وهذا كله بغض النظر على الوسيلة التي يستعملها المحرض لتمهيد طريق الضحية إلى فعل التحريض على الفسق وتزين الفعل له.
غير أن المشرع الجزائري لم يحدد لنا الطرق التي بواسطتها يمكننا الوقوف على فعل التحريض أو التشجيع أو التسهيل على الفسق أو فساد الأخلاق. ذلك أن الوقوف على توفر فعل من هذه الأفعال يبقى من اختصاص القضاء وبالخصوص قضاة الموضوع، ذلك أن فعل التحريض يتجرد في أغلب حالاته من مظهر تلمسه الحواس.1 لذلك فانه يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات ويجوز الاستناد إلى وقائع لاحقة على الجريمة لاستخلاص الدليل عليه، ومناط ذلك أن تكون أدلة الإثبات منصبة على واقعة التحريض ذاتها وأن يكون الدليل المستخلص منها محكمة الموضوع بغير معقب. ويكفي أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له.
من هنا كان من الضروري الإشارة إلى الفرق ما بين الأفعال التي يكون الغرض منها التحريض أو التشجيع أو التسهيل على فساد الأخلاق، والأفعال التي الواردة في نص المادة 343 الفقرة 05 من قانون العقوبات الجزائري التي تتضمن استخدام أو استدراج أو إعالة أشخاص بقصد ارتكاب الدعارة أو الفسق. ففعل التشجيع مثلا يمكن أن يقع من خلال إعطاء القصر الهدايا أو الوعود أو بالتأثير عليهم بسبب ضعفهم أو بالأحرى ضعف مقاومتهم أو بأي سبب آخر من الأسباب المادية أو النفسية ومن هنا فالمنطق يقتضي أن الجاني الذي يستخدم أو يستدرج

1- عبد العزيز سعد، المرجع السابق، ص 84

28
أو يعيل قصرا على ارتكاب وممارسة الفسق والدعارة يكون قد ساهم بطريقة غير مباشرة على إفساد أخلاقهم ودفعهم إلى الفسق كون أن المشرع لم يشترط أن تكون فكرة الفسق والفساد موجودة ومتوفرة لدى القاصر قبل تحريضه عليها. وهكذا إذاً نقول أن المادة 344 الفقرة 01 من قانون العقوبات الجزائري والمادة 342 من قانون العقوبات الجزائري كلاهما يثيران عدة تناقضات وملابسات من الناحية العملية، فالقضاء في هذه الحالة يجد نفسه أمام وضعين مختلفين من الناحية القانونية ومتشابهين من الناحية العملية. 1
الفرع الثاني: الركن المعنوي
إن القصد الجنائي الذي يتطلب وجوده في هذا النوع من الجرائم هو علم الجاني بأنه وسيط في فساد وفسق القصر، أي أن يكون المتهم يعلم تماما أن ما يقوم به فيه تحريض للقصر على الفسق أو تشجيع عليه أو تسهيل له. فمن اعتاد على نقل قصر في سيارته وهو يعلم انهم ذاهبون لممارسة الفسق أو الفساد أو يضع تحت تصرفهم مكانا لممارسة أفعال لا أخلاقية، يكون قد شجعهم وساعدهم إلى الوصول إلى الهدف المنشود. وسواء وقع هذا الفعل أي الفسق أو الفساد بعد ذلك أو لم يقع أي أن النتيجة هي الوقوع في الفسق غير مشترطة لتوقيع العقوبة على الجاني، وان علم الجاني بالقانون فهو مفترض ويجب أن تتجه إرادة الجاني صوب ارتكاب الفعل المكون للجريمة وأن تكون إرادته حرة وكاملة، ولا يهم بعد ذلك الباعث على ارتكاب هذه الجريمة كونه لا يعتبر من عناصر القصد الجنائي.
فالجاني الذي يدفع بأنه لم يكن يقصد سوى تحقيق أرباح من هذه الأفعال أو أنه قام بهذه الأفعال من أجل إشباع شهواته الشخصية لا يعدو أن يكون مانعا من تطبيق مقتضيات المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري ولكن المحكمة العليا ذهبت إلى اعتبار أن حقيقة جنحة تحريض قصر على الفسق يفترض أن يكون هناك باعث معين الذي هو تحريض أو إشباع عواطف الغير أي أن المحكمة تعتبر أن أشخاص الجريمة المعاقب عليها بموجب نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري هم ثلاثة : الوسيط، الصحية وأخيرا المستفيد من فسق وفساد القصر، حيث أن المحكمة العليا ذهبت إلى حد اعتبار أن إشباع المتهم لرغباته الغرامية مع القاصرة،

1- عبد العزيز سعد، المرجع السابق، ص 84


29
لا يستطيع أن يكون جنحة) المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري( لأن الفاعل المتهم ليس له هدف معين لتحريض عواطف الغير.1
الفرع الثالث:عنصر السن
إن نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري قد ميز ما بين فئتين:
البند الأول:القصر الذين يفوق سنهم 16 سنة ولم يكملوا 19 سنة
إن إدانة المتهم بجنحة تحريض قصر لم يكملوا 19 سنة ويفوق سنهم 16 سنة أو إدانته على أساس تشجيع أو تسهيل الفسق لهم أو فساد أخلاقهم دون ذكر توفر عنصر الاعتياد لدى المتهم يؤدي إلى جعل هذه الإدانة شرعية. ذلك أن الاعتياد هو عنصر أساسي في هذه الجريمة التي تقع ضد هذه الفئة من القصر، ويقصد بالاعتياد التكرار. ولكي يمكن إثباته يجب أن يثبت بصفة قاطعة أن الفاعل النهم قد مارس فعل التحريض أكثر من مرة واحدة، أي أن يكون قد باشر أعمال التحريض مرتين أو ثلاثة أو أكثر من شخص أو عدة أشخاص متعددين، لأن المشرع الجزائري في الحقيقة لا يعاقب فقط على الاعتياد على فعل التحريض أو التشجيع أو التسهيل وممارسته بصفة متكررة باعتبار أن ذلك ينبئ على المتهم صيانتها والحفاظ عليها. وليس شرطا لاثبات صفة الاعتياد أن يكون المتهم قد سبق أو وقف أمام المحكمة وتمت إدانته أو أن صحيفة سوابقه العدلية تشير إلى ذلك بان صفة الاعتياد يمكن إثباتها بجميع وسائل الإثبات.
بما في ذلك الاعتراف وشهادات الشهود،2 ولكن بالرجوع إلى ما استقر عليه القضاء الجزائري حيث أنه وصل الحد إلى درجة اعتبار أن رضا الضحية بممارسة علاقات جنسية مع الفاعل ومتى كانت هذه العلاقة هي من أجل إشباع الشهوات الشخصية للفاعل وكان عمر القاصر يزيد عن 16 سنة، فان ذلك لا يعدو أن يكون الجريمة المعاقب عليها بموجب المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري.



1- جنائي15 /05/1990، ملف رقم 450 ع.ج.م.م.غ.م
2- الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق،ص 85


30
البند الثاني: الذين لم يكملوا سن 16 سنة
إن نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري أشار إلى أن ارتكاب أفعال التحريض على الفسق أو فساد الأخلاق أو التشجيع على هذه الأفعال التي ترتكب بصفة عريضة بالنسبة للقصر لم يكملوا سن 16 سنة معاقب عليها وبالتالي نقول أنه بالنسبة لهذه الفئة من الضحايا لا يشترط المشرع لتوقيع العقوبة على الجاني عنصر الاعتياد، إذ أن مجرد ارتكاب فعل من الأفعال المشار إليها يفترض معه توقيع العقوبة المقررة بموجب نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري، فالمشرع الجزائري يرى أن التحريض الواقع بصفة عرضية ضد شخص قاصر يفوق عمره 16 سنة ويقل عن 19 سنة غير معاقب عليه نظرا لعدم خطورة الجاني المحرض.
ومن خلال الوقوف على هذه الفقرة يمكننا القياس على أن التحريض من أجل إشباع شهوات الغير والتحريض من أجل إشباع الشهوات الشخصية للجاني مثلا إذا كان الجاني قد حرض قاصرا لم يكمل سن 16 سنة ووصل الحد إلى المواقعة الجنسية الكاملة، فلا نكون بصدد المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري و إنما نكون بصدد جريمة أخرى وهي الاغتصاب المعاقب عليها بموجب نص المادة 336 الفقرة02 من قانون العقوبات الجزائري لأن المشرع جعل من صغر السن ما يكفي لعدم الاعتداء بالرضا الصادر من القصر بصورة مطلقة، وفي هذه الحالة لا تكون الضحية سوى قاصرة، أما إذا كان التحريض من أجل إشباع شهوات الغير، فهنا يصبح تطبيق نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري ساري المفعول كون أن أركان الجريمة متوفرة كلها. بالإضافة إلى هذه المقارنة البسيطة يمكننا الاستدلال بمقتضيات المادة 334 من قانون العقوبات الجزائري بخصوص هتك العرض والذي فيه اعتداء على حق الحرية الجنسية، فعلاً جنسيا. فالفعل المخل بالحياء على ذهن المجني عليه فكرة الاتصال الجنسي، وهو اتصال لا يرغب فيه، فعلى الرغم من رضاء المجني عليه بالفعل، فان هذا الرضاء ليست له قيمة قانونية كاملة بالنظر إلى صغر سن المجني عليه.
ففي جريمة هتك العرض، يعتبر صعر السن من الظروف العينية المشددة للجريمة ويتحقق إذا كان عمر من وقعت عليه جريمة هتك العرض بغير عنف لم يكمل ستة عشرة سنة ذكرا كان أو أنثى، إذ يجوز في هذه الحالة الوصول بمدة العقوبة إلى الحبس 10 سنوات، أما إذا وقعت


31

الجريمة بعنف على المجني عليه الذي لم يكمل سن 16 سنة ذكرا كان أو أنثى، فيجوز الوصول بمدة العقوبة إلى السجن لمدة 20 سنة.
ومن هنا نشير إلى أن القانون قد أعفى الجاني الذي يهتك عرض المجني عليه بلغ 16 سنة من عمره بغير عنف باعتبار أن من يبلغ 16 سنة ويقع عليه هتك عرض بغير عنف ويكون راضيا عن ذلك، فانه بعد أن يكون قد بلغ هذا العمر ويقبل ما يقع عليه من أفعال هتك عرض ، بهذه الصورة لا يجوز مسألة الجاني عن فعل ارتضاه المجني عليه، وهذا أمر غريب في القانون لأن المشرع بذلك يكون قد ائتمن الشخص على عرضه إذا بلغ 16 سنة كاملة، إذا كانت هذه الأفعال قد وقعت من قبل المحرض من أجل إشباع شهواته الشخصية، فلا مجال لتطبيق مقتضيات المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري وإنما إذا وقعت من أجل إشباع شهوات الغير، فعلى النيابة متابعة المحرض بتهمة تحريض قصر على الفسق وفساد في الأخلاق.1
المطلب الثالث: آثار الجريمة على القصر
إن السلطة التشريعية لا تجرم فعلا إلا لكونه أنتج آثارا وخيمة ومصرة بمصلحة المجتمع غير أنه في جرائم تحريض القصر على الفسق أو فساد الأخلاق، فالمعلوم أن الصحية الأولى هو ذلك القاصر الذي لا بد على الدولة أن توفر له الحماية القانونية اللازمة من أجل تكوين مجتمع صالح.
ومن هذا المنطلق نقول أن الصحية في هذا النوع من الجرائم هو ذلك القاصر الذي تتعرض لأضرار مادية أو معنوية تسبب فيها الجاني من خلال اقترافه لجرمه.
فالفسق أو فساد الأخلاق يشكل في حد ذاته ضررا كون أن أفراد المجتمع يعتبرونه كذلك وعليه، فعلى المشرع الاعتراف للقصر بأن لهم صفة الضحية في هذه الجرائم كون أن ملكة الإدراك لدى هذه الفئة من المجتمع غير مكتملة. وعليه فلا بد من التحدث إلى هذه الفئة وهذا من قبل الأشخاص المقربين إليها وهم الأولياء وبالخصوص بالنظر إلى طبيعة الجريمة المرتكبة حقهم وعليه، يمكن اعتبار، في هذه الحالة، أن أولياء القصر هم ضحايا في هذه الجرائم لكن هذا بصفة غير مباشرة.



1—الدكتور محمد رشا متولي، المرجع السابق ص 145

32
والرأي الذي استقر عليه في كون أن هذه الجريمة تشكل خطرا حقيقيا وحتميا على القصر، في كون أن هذا النوع من الجرائم تتولد عنه آفات اجتماعية خطيرة جدا لا يمكن التحكم فيها فيما بعد ولا السيطرة عليها، وكأن هذا النوع من الجرائم في غالبية الحالات يولد إقبال القصر على ظاهرة الإجرام على اختلاف أنواعه، وهو الأمر الذي تفطن له المشرع الفرنسي.
من خلال الإشارة إلى بعض الحالات التي يقصد من ورائها المحرض إلى دفع القاصر إلى ارتكاب جرائم أو حيازة مخدرات أو نقلها أو استهلاكها أو تحريضه إلى الفسق، كما أن هذا النوع من الجرائم كان في غالبية الحالات سببا في ارتكاب القصر لجرائم السرقة أو تعاطي المخدرات إلى أن ينتهي بهم الأمر إلى حد ممارسة واحتراف الدعارة. وتفيد غالبية الإحصائيات في العالم إلى أن إقبال القصر على الإجرام وهو ما يعرف بجنوح الأحداث الذي غالبا ما يكون مصدره هو تحريضهم على الفسق أو فساد الأخلاق، وعليه، فان القاصر قد أقرت له جميع التشريعات العالمية والمواثيق الدولية الحماية القانونية اللازمة، كونه يكون دائما في مركز الضعيف ويمكن بسهولة التحكم فيه واستغلاله لأغراض هي في الحقيقة غير إنسانية، لا يقبلها العقل ولا الخلق ولا ديننا الحنيف.1












1- الدكتور محمد عبد القادر قواسمية، جنوح الأحداث في التشريع الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1992 ص 268

33










































الفصل الثاني: المظهر العقابي لقانون العقوبات في جرائم تحريض القصر على الدعارة والفسق
إن الهدف الأساسي المنشود من قانون العقوبات، هو حماية المجتمع من الأفعال الإجرامية التي من شأنها زعزعة النظام الاجتماعي وتهديده، وللمحافظة على هذا النظام وصيانته من المخاطر لا يتحقق إلا من خلال حماية المصالح الأساسية للمجتمع. فحين يقع اعتداء على الحرية الجنسية، فهذا يفترض معه أن المجتمع قد تضرر وتزعزع من هذا الاعتداء وإن كان بصورة غير مباشرة وبالتالي يصبح هذا المجتمع مهدد في استقراره وكيانه، ذلك أن هذا الاعتداء يمس بشرفه، وأن شرف واعتبار وسمعة المجتمع تعتبر من قبيل المصالح الأساسية التي لا بد من توفير الحماية القانونية لها.
ومن هنا كانت التصرفات أو الأفعال أو الأقوال التي يقوم بها شخص ما أو الوسائل التي يستعملها هذا الأخير مع شخص آخر ذكرا أو أنثى، بقصد إقناعه أو التأثير عليه وذلك من أجل دفعه إلى ممارسة الفسق وفساد الأخلاق أو ممارسة الدعارة، وهذا من شأنه إفساد وزعزعة النظام الاجتماعي وذلك من حيث تنظيمه ومن حيث استقراره.1
ومن هنا سنخص بالحديث في الفصل عن جرائم تحريض القصر على الفسق في المبحث الأول، ثم نتناول دراسة الجرائم التحريض عن الدعارة) القوادة( في المبحث الثاني ومن ثم نحاول الوقوف على المظهر العقابي لكل منهما.
المبحث الأول: قانون العقوبات وجريمة تحريض القصر على الفسق
عن الحديث عن جرائم التحريض على الفسق في قانون العقوبات الجزائري يضع دائما الشخص الصحية في هذا النوع من الجرائم هم القصر، كما نصت عليه المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري، ذلك أن الشخص الكامل الأهلية يفترض فيه المشرع الجزائري أن يكون راشدا ليستطيع التمييز بين ما ينفعه أو ما يضره وبين ما هو قبيح أو مستحسن من المجتمع، ولم يعد من الممكن بعد ذلك التأثير عليه بسهولة أو تحريضه على الرذيلة و دفعه إليها وبالتالي يصبح قادرا على حماية نفسه بنفسه دونما الحاجة إلى حماية القانون له.



1- الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق، ص 94-99

34

المطلب الأول: الإطار القانوني لجرائم تحريض القصر على الفسق
والواقع أن التحريض لا يعاقب عليه القانون لذاته و إنما يعاقب عليه بالنظر إلى تأثيره المفضي إلى وقوع الجريمة، ولكن قانون العقوبات الجزائري اعتبر تحريض القصر على الفسق جريمة قائمة بذاتها ولذلك بغض النظر عن تحقق أو عدم تحقق المراد، فممارسة الفسق ليس سوى نتيجة لهذه الجريمة وليس عنصرا فيه.
وأما الفسق فهو كل سلوك جنسي مخالف للآداب العامة، ولقد عرفه الفقه اليوناني بأنه كل وسائل الاستمتاع الجنسي من غير زواج، أما محكمة النقض السويسرية فترى أن الفسق ليس هو فقط المواقعة الجنسية بين غير المتزوجين أو الاتصال الجنسي المخالف للطبيعة ولكنه أيضا كل فعل يتعدى حدود الآداب الجنسية ذلك أن هذه الكلمة ليست قاصرة على اللذة الجنسية بل تشتمل أيضا إفساد الأخلاق بأي طريقة كانت1 وكذلك الفسق يقصد به جميع التصرفات الخلقية والاجتماعية والدينية السائدة في أي مجتمع، والتي تكون بالضرورة مخالفة للآداب العامة. وقد نص المشرع الجزائري في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري على تحريض القصر على الفسق على أنه مجرما، وعليه كان لا بد من الوقوف عند الإطار القانوني لهذه الجريمة وذلك من خلال الوقوف على عناصر الجريمة و صفة الجاني وكذا المجني عليه.
الفرع الأول :
*عناصر الجريمة :
لقيام هذه الجريمة أي جريمة تحريض القصر على الفسق و فساد الأخلاق لا بد من توفر العناصر التالية :
1- الفعل المادي : يشترط لإثبات جريمة التحريض على الفسق أن يقع من المتهم فعل مادي بالقول أو غيره و يتمثل في التحريض على أعمال الفسق أو تسهيل أو مساعدة أو إفساد الأخلاق وذلك بغض النظر عن الوسيلة المستعملة من طرف المحرض لتمهيد الطريقة للضحية وتزيين الفعل بالإغراء و الهدايا والوعود لإيقاعه في الجريمة
2- صغر سن المحرض : أن يكون الشخص الذي وقع عليه فعل التحريض لم يبلغ سن 18 لأن البالغ يفترض فيه حسب المشرع الجزائري أن يميز أفعاله ما ينفعه وما يضره و يصعب التأثير عليه بسهولة أو دفعه أو تحريضه على الرذيلة و فساد الأخلاق .
1- الدكتور كامل سعيد، شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات الأردني والقانون المقارن ، الجزء الأول، دار الفكر للنشر والتوزيع الطبعة 02 1983 ، ص 405
35
3- الاعتياد على التحريض : أن يكون المتهم قد مارس فعل التحريض من قبل أكثر من مرة وهو ما ينبأ عن النية الإجرامية الخطيرة التي تؤثر على الأخلاق و المجتمع و تهدد الروابط الاجتماعية و الاعتياد يكون بوقوف الشخص أمام المحاكمة أكثر من مرة و تثبت إدانته و يمكن إثباتها بشتى الوسائل بما في ذلك الاعتراف أو بشهادة الشهود
4- القصد الجنائي : هو علم الجاني بأفعاله باعتياده المستمر على التحريض كأن ينقل فتاة متوجهة إلى صديقتها لممارسة الفسق أو يدفع لها أجرة ركوبها أو يضع تحت تصرفها مكاناً أو يساعدها ويشجعها بشتى الطرق للوصول إلى الهدف المنشود وهو الفسق و فساد الأخلاق .
الفرع الثاني: صفة الجاني
إن لكل فرد من أفراد المجتمع كامل السلطة والصلاحية والحرية في التصرف في جسده كما يتصرف بذكائه، وهو حر في أن يكون شريفا محترما فاسقا أو فاسدا من دون أن تتدخل الجماعة في هذه الحرية، ولكن وبمقابل ذلك ليس لأحد الحق في أن يأتي أفعالا يكون الهدف والغرض منها إشاعة الفساد بين أفراد المجتمع. ومن هنا حين يأتي الفاسق بتحريض الغير على القيام بأفعال مخلة ومنافية للآداب العامة في المجتمع، فان تدخل القاعدة الجنائية في هذه الحالة يصبح أمرا لازما وحتميا، يعلل في كون أن هذه الأفعال هي في الحقيقة عملية تصبح موجهة نحو المجتمع وبالتالي نتيجتها هي الأضرار بالجماعة.1 وعليه فان الجاني في هذا النوع من الجرائم له نية إجرامية خطيرة على المجتمع كما له إرادة وعزيمة كبيرة في الوصول إلى مبتغاة الإجرامي وهو إيقاع الغير في الفسق ومنه لابد من أجل حسن تطبيق القانون وتحقيق عدالة اجتماعية الوقوف على شخصية المجرم وهذا بالأخذ بعين الاعتبار أن الضحايا في هذه الجريمة المعاقب عليها بموجب نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري هم القصر ينبغي توفير الحماية الجنائية الكاملة والفعالة لهم.2 فمن خلال الرجوع إلى مقتضيات المادة 344 من قانون العقوبات الجزائري الفقرة الأولى والتي تنص على أن ارتكاب الجنحة المنصوص عليها في المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري هم القصر ينبغي توفير

1 .الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق، صفحة 98
2.الدكتور محمد صبحي نجم، شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم الخاص، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، الطبعة 4 2003، ص 93

36
الحماية الجنائية الكاملة والفعالة لهم. فمن خلال الرجوع إلى مقتضيات المادة 344 من قانون العقوبات الجزائري الفقرة الأولى والتي تنص على أن ارتكاب الجنحة المنصوص عليها في المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري ضد قاصر لم يكمل 19 سنة يعتبر كظرف مشدد للعقوبة والتي تكون من 5 سنوات وبغرامة مالية من 10.000 د.ج إلى 100.000 د.ج في حين أن ارتكاب الجنحة المعاقب عليها بموجب نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري قرر لها المشرع عقوبة الحبس الذي يتراوح ما بين سنتين(02) وخمس سنوات (05)وبغرامة مالية من 500 د.ج إلى 200.000 د.ج.
وفي نفس النص القانوني وفي فقرته الخامسة نجده قد ساوى ما بين البالغ والقاصر الذي يستخدم أو يستدرج أو يغوي على احتراف الدعارة وهكذا يثار أكثر من سؤال بخصوص شخصية المجرم حيث أن المنطلق القانوني يجعلنا نؤكد وبإصرار على أن الجاني الذي يحرض ويشجع القصر على الفسق أو فساد الأخلاق هو أكثر خطورة إجرامية من الجاني الذي يحرض ويشجع البالغين على الفسق وفساد الأخلاق أو الدعارة كما أن الفرق شاسع ما بين الجاني الذي يحرض قصرا على الفسق والجاني الذي يحرض قصرا على احتراف الدعارة، ذلك أن الفسق لا تكون نتيجته الحتمية هي المواقعة الجنسية الكاملة وعليه فان صفة الجاني في هذا النوع من الجرائم سنحللها بدقة من خلال دراستنا لأركان جريمة تحريض القصر على الفسق أو فساد الأخلاق.
الفرع الثالث: صفة المجني عليه
ليس للطفل أية أهلية بدنية وعقلية ومن ثم على أي مجتمع أن يضع في اعتباره إجراءات وقائية ورعاية خاصة بما في ذلك الحماية القانونية المناسبة لهذا الطفل وذلك قبل الولادة وبعدها وحتى بلوغه السن القانوني، وبهذا يكون المجتمع قد أرسى أول لبنة لحياة إنسانية وبذلك صيانة حقوقه الفردية وكرامته.1 ولما كان الفسق من الآفات الاجتماعية التي يرفضها وينبذها المجتمع ويعتبرها السوسة التي تنخر في جسده، فهذا يعتبر سببا كافيا يلزم المشرع بالتدخل وتنظيم العقوبة الجازرة ضد كل من تسول له نفسه تحريض أو تشجيع القصر على هذه الآفات. وبالفعل كان المشرع الجزائري بالمرصاد فأقر عقوبة الحبس ضد

1- الدكتور محمد عبد القادر قواسمية، المرجع السابق، ص 103-167


37
كل من يرتكب الأفعال المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري.
إن الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل المصادق عليها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة
بتاريخ 20/11/1989 قد تضمنتها المادة 19 حيث جاء فيها أنه يقع على عاتق الدول الموقعة واجب اتخاذ جميع التدابير الشرعية والاجتماعية والإدارية والتعليمية الملائمة للطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على الإهمال وإساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الجنسية، وقد أكدت الاتفاقية على أن تشمل هذه التدابير الوقائية حسب الاقتضاء الإجراءات الفعالة لوضع برامج اجتماعية من أجل توفير الدعم اللازم للطفل وقد أكدت المادة 34 من نفس الاتفاقية على ضرورة حماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال والانتهاك الجنسي.1
من خلال هذه المواد وبالرجوع كذلك إلى نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري أن صفة المجني عبيه في الجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة الذكر هم بالضرورة القصر أي فئة من المجتمع التي ليس لها الأهلية الكاملة التي تمكنها من التمييز بين الأفعال الدنيئة والأفعال الفاضحة، ومن ثم وجب تدخل المشرع الجنائي من أجل توفير الحماية القانونية لها.
المطلب الثاني: عدم مسؤولية القاصر في ارتكاب الجريمة
إن إطار ارتكاب الجريمة من قبل الطفل يتجاوز إطار القانون الجزائي لكون تصرفه يخضع للطبيب أكثر من خضوعه للقاضي، فهو فعل خطير بالنسبة للمجتمع، لأن جنوح القصر أو الأحداث يعد إجرام الغد ويتطلب ذلك تدخل المجتمع ليس من أجل العقاب بل من أجل العلاج، لأن الجريمة تعد رد فعل عن مرض أكثر عمقا ويجب علاجه للوقاية من العود.
فالجانح يكون مضطربا بسبب الصدمات المعنوية المؤثرة، فهو يتألم أو تألم سابقا من عوارض جسمية أو ذهنية لكزن تطور شخصيته وتكوينها أوقف من قبل نقص في الحنان أو رعاية الأولياء.فالطفل عاش في محيط فاسد وبالتالي يكون بدون جدوى ومن غير عدل نسبة الجريمة إليه بالرغم من ارتكابه لها بإرادته وفي حالة وعي، أي بصفة مقصودة.
المهم هو النظر إلى الضرر من جذوره والقضاء عليه بواسطة علاج ناجح. ولقد انتشرت هذه


1 . الدكتور محمد عبد القادر قواسمية، المرجع السابق، ص 103-167

38
الأفكار وتبناها القانون الذي يفترض في يومنا هذا عدم مسؤولية القصر أو الأحداث الذين يقل عمرهم عن 18 سنة 1
الفرع الأول: نشأة قرينة عدم المسؤولية
إن قانون العقوبات لعام 1810 يجهل هذه القرينة، إذا كان يحدد سن الرشد الجنائي ببلوغ 16 سنة، وهي السن التي يطبق ابتداء منها القانون على البالغين من الشباب، كما أوجب على قاضي البحث عما إذا كان الحدث الذي يقل سنه عن 16 سنة قد تصرف وهو مميز أم لا، و إذا كان أخذا في عين الاعتبار ومدركا لنتائج أفعاله أم لا.
فإذا تبين للقاضي ) وهو قاضي القانون العام المختص في محاكمة الأحداث( بأن الحدث مميز، فان العقوبة الموقعة على البالغين تخفض باللجوء إلى الظروف المختلفة نظرا لحداثة الفاعل عند ثبوت الإدانة ويقضي الحدث تلك العقوبة في المؤسسات العقابية الخاصة للبالغين وبالعكس من ذلك إذا ثبت للقاضي انعدام التمييز فإن التسريح هو الواجب التطبيق، لكن هذا لا يمنع من إرسال الحدث إلى مؤسسات تهذيبية أين يبقى لغاية بلوغه 20 عاما على الأكثر. ونظرا لكون المؤسسات المخصصة ناقصة، فان التوقيف ينفذ عموما في جناح لسجن عاد ولقد كان هذا منخفضا جدا. فالسجن كان يسبب أضرار للأحداث أكثر مما يسبب نفعا باختلاطهم بالبالغين. وفي القرن 19 تدخل المشرع جزئيا بواسطة قانون مؤرخ في 25/06/1824 بأن أنشأ امتيازا قضائيا وضع بفضله حدا لمثول الأحداث الجانحين. وفي سنة 1998 وسعت قائمة التدابير الممكنة اتخاذها في مواجهة الأحداث الجانحين. وفي سنة 1998 وسعت قائمة التدابير الممكنة اتخاذها في مواجهة الأحداث الجانحين كالتسليم للوالدين، أو التسليم لشخص يتكفل بهم على سبيل الشفقة والرأفة.
وفي 12/04/1906 صدر قانون رفع سن الحداثة الجنائية إلى 18 سنة وممدد إلى هذه السن إمكانية استبعاد التمييز. أن القانون الذي سن في 22/07/1912 خطا خطوة كبيرة حاسمة بأن ألغى مسألة التمييز في مواجهة الأحداث الذين يقل سنهم عن 13 سنة بأن افتراضهم غير مسؤولين إطلاقا، وهكذا صار مستحيلا توقيع العقوبة عليهم بينما أبقت مسألة التمييز بالنسبة

1.الأستاذ بن شيخة أحمد، مبادئ الجزائي العام، النظرية العامة للجريمة، العقوبات وتدابير الأمن، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، الطبعة 2-2002، ص 131

39
للأحداث الذين يتجاوز سنهم 13 سنة ويقل عن 18 سنة كما أسست محاكم خاصة للأطفال، وأنشأ نظام خاص بالحرية المراقبة.
لكن لم يظهر المشرع الحاسم إلا بعد صدور أمر 2 فبراير 1945 والذي يعد ميثاقا حديثا لقانون الأحداث الجانحين والمتمم من قبل بعض النصوص اللاحقة والذي مدد قرينة عدم المسؤولية إلى 18 سنة. 1
الفرع الثاني: طبيعة قرينة عدم المسؤولية
هي قرينة مطلقة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة، ويبسط بالنسبة للأحداث من 13 إلى 18 سنة.
1-فهي مطلقة بالنسبة للأحداث أقل من 13 سنة، ولا يمكن إثبات عكس مدلولها من قبل أي شخص، وبالتالي لا يمكن توقيع عقوبة على الحدث حتى وان كان ميالا إلى الشر فالقانون لا يسمح إلا بتوقيع تدابير الحماية أو المساعدة أو المراقبة.
2- وهي بسيطة من جهة أخرى في مواجهة الأحداث من 13 إلى 18 سنة، إذ يمكن إثبات عكس مدلولها عندما تجعل الظروف والشخصية الحدث ذلك ضروريا في نظر القضاة، والعقوبة تخفف بواسطة الاستفادة من الظروف المخففة للأحداث.
الفرع الثالث: موقف المشرع الجزائري
أسوة بالمشرع الفرنسي القانون القديم أخذ المشرع الجزائري بقرينة عدم مسؤولية الحدث بنوعيها المطلقة والبسيطة:
البند الأول:هي قرينة مطلقة للأحداث:
الذين يقل عمرهم عن 13 سنة، ولا يمكن إثبات عكس مدلولها من قبل أي شخص نجد المادة 49/1 من قانون العقوبات تنص على ) لا توقع على القاصر الذي لم يبلغ 13 سنة إلا تدابير الحماية أو التربية، ولا يكون محلا إلا للتوبيخ في مواد المخالفات(.2


1- محمد عبد القادر قواسمية، المرجع السابق، ص 230
2. الأستاذ بن شيخ لحسن، المرجع السابق، ص 133

40

فلا يمكن تسليط عقوبة جنائية عليه لكون المشرع يفترض فيه عدم التمييز) قرينة عدم التمييز( ولا يمكن إثبات عكس مدلول ذلك الافتراض.
ولقد نصت المادة 444 من قانون العقوبات الجزائية على تدابير الحماية أو التربية كما يلي:
1- التسليم للوالدين أو الوصي أو لشخص جدير بالثقة.
2- تطبيق نظام الحرية المراقبة عليه
3- وضعه في مؤسسة أو منظمة عامة أو خاصة للتربية أو التكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض.
4- وضعه في مؤسسة طبية، أو طبية تربوية مؤهلة لذلك.
5- وضعه في مصلحة عمومية مكلفة بالمساعدة
6- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث الناجحين في سن الدراسة غير أنه يجوز أن يتخذ في شأن الحدث الذي يتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه القاصر سن الرشد المدني، وهو 19 سنة.
البند الثاني:
هي قرينة بسيطة بالنسبة للأحداث من 13 إلى 18
إذ يمكن إثبات عكس مدلولها، فالحدث غير مسؤول في هذه السن إلا إذا أثبت القاضي عكس مدلول تلك القرينة، وبالتالي آنذاك باستطاعته تطبيق العقوبات المخففة على الحدث، وعليه نصت المادة 49/2 من قانون العقوبات على أنه: « يخضع القاصر الذي يبلغ من 13 إلى 18 سنة إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة. »
ونصت المادة 445 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه : « يجوز لجهة الحكم بصفة استثنائية للأحداث البالغين من العمر أكثر من 13 سنة أن تستبدل أو تستكمل التدابير المنصوص عليه في المادة 50 من قانون العقوبات، إذا ما رأت ذلك ضروريا نظرا لظروف أو لشخصية الحدث الجانح على أن يكون ذلك الحكم مسببا بصفة خصوصية بشأن هذه النقطة. »
فالمحكمة تطبق على الحدث البالغ من 13 إلى 18 سنة قرينة عدم المسؤولية بأن تجعله محلا لتدابير الحماية أو التربية المذكورة أعلاه، وان استطاعت المحكمة إثبات عكس مدلول تلك القرينة، فإنها تستبدل التدابير المنصوص عليها في المادة 444 إجراءات جزائية، بالعقوبات
المخففة المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العقوبات) أي توقع العقوبات وحدها( أو
41
تستكمل التدابير الخاصة بالحماية بعقوبات مخففة) أي توقيع العقوبات وحدها( أو تستكمل التدابير الخاصة بالحماية بعقوبات مخففة ) أي توقيع العقوبات مع التدابير الخاصة بالحماية( ولا يكون توقيع العقوبات إلا استثنائيا، وعلى القاضي تسبيب حكمه بصفة خصوصية ولقد نصت المادة 50 من قانون العقوبات على العقوبات المخففة كما يلي:
- إذا كانت العقوبات المفروضة قانونا للجريمة فهي الإعدام أو السجن المؤبد فانه يحكم على الحدث بعقوبة الحبس من عشر إلى عشرين سنة.
- وإذا كانت العقوبة المفروضة قانونا للجريمة هي السجن المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي يتعين الحكم بها لو كان بالغا.
- أم في مواد المخالفات فقد نصت المادة 51 من قانون العقوبات بأنه بحكم على الحدث إما بالتوبيخ أو العقوبة الغرامة.
- و يستنبط من ذلك انه لا يمكن توقيع عقوبة السجن الجنائية أو الإعدام على الحدث المرتكب للجناية أو الجنحة، بل تطبق عليه فقط عقوبة الحبس فكل الجرائم التي يرتكبها الحدث تعتبر جنحا، وليست جنايات أما في مواد المخالفات فلا يعاقب إلا بالتوبيخ أو الغرامة المالية فقط.
مع الملاحظة بأن سن الرشد الجنائي يكون ببلوغ الحدث ثمانية عشر سنة، والعبرة بتحديد سن الرشد هو سن الجانح يوم ارتكاب الجريمة.1
المطلب الثالث: النظام القانوني لجريمة تحريض القصر على الفسق
إن جريمة تحريض القصر على الفسق الأخلاق قرر لها المشرع الجزائري عقوبة الحبس، ونجد لهذه الجريمة عقوبة واحدة دون الإشارة أو إرفاق العقوبة بظروف مشددة كون هذه الجريمة تقع إلا في صورة واحدة منصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري، كما نجد أن هذه الجريمة تولد آثارا وخيمة على المجني عليه والذي هو قاصر ومحتاج إلى الحماية القانونية الكاملة من طرف المشرع، وعليه سنتناول الحديث عن عقوبة جريمة تحريض القصر على الفسق.
الفرع الأول: عقوبة جريمة تحريض القصر على الفسق
إن العقوبة التي قررها المشرع الجزائري في هذه الحالة هي الحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات وغرامة مالية من 500 د.ج إلى 25000 د.ج سواء كان التحريض واقعا على
1- بن شيخ لحسن، المرجع السابق، ص 136-135
42
القصر من 16 سنة إلى 19 سنة أو القصر أقل من 16 سنة. وهو الأمر الذي يجعلنا نقول أن المشرع الجزائري قد أشار فقط إلى جنحة بسيطة وهذا لا نجده لدى المشرع الفرنسي والذي اعتبر أنه إذا كان سن الضحية يقل عن 15 سنة. 1 فان ذلك يعتبر ظرفا مشددا لجريمة تحريض القصر على الفسق أو فساد الأخلاق .
ومن هنا نجد تباينا بين التشريع الفرنسي والتشريع الجزائري، عدا أن المشرع الجزائري اعتبر أن وقوع الأفعال ضد قصر لم يكملوا 16 سنة معاقب عليه بعقوبة الحبس حتى وان كانت الأفعال هذه أي التحريض أو التشجيع أو التسهيل على الفسق قد وقعت بصفة عرضية2
وفي حالة إدانة المتهم وتوقيع عليه العقوبة ينبغي على القاضي أن يحكم أيضا بغرامة مالية المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري. ووجدنا أن مقدار الغرامة بالمقارنة مع الفانون الجنائي الفرنسي هي ضعيفة جدا لكون المشرع الفرنسي حددها 500.000 فرنك فرنسي في الجنحة البسيطة و700.000 )ف.ف( في حالة وقوع جنحة صد قاصر لم يبلغ سن 15 سنة.3
إن المشرع الجزائري اعتبر هذه الجريمة جنحة وان كان مقدار العقوبة فيها يتجاوز بكثير ما استقرت عليه العقوبات في الجنح، وبالإضافة إلى ذلك فان المشرع الجزائري نص صراحة على أن الشروع في ارتكاب هذه الجنحة معاقب عليه بموجب نص المادة 342، فقرة 02 من قانون العقوبات الجزائري. كما أننا نجد عقوبات أخرى تكميلية يمكن توقيعها على الجاني كالحرمان من حق أو أكثر الواردة في نفس المادة 14 من قانون العقوبات الجزائري والمتمثلة في الحقوق المدنية أو السياسية وغيرهما4 ولكن لمدة 05 سنوات.




1- نص المادة 227، فقرة 2، قانون العقوبات الفرنسي
2 الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق، ص 94
3 نص المادة 227، قانون العقوبات الفرنسي، السابق الذكر
4 نص المادة 08 من القانون رقم 82-04 المؤرخ في 13/02/1982 المعدلة في قانون العقوبات الجزائري لسنة 1966، كذلك نص المادة 349 من قانون العقوبات الجزائري
43

المبحث الثاني: قانون العقوبات وجرائم تحريض القصر على الدعارة:
عن مفهوم الفكرة التي يتضمنها القانون الوضعي الحديث تتمثل في اتخاذ وسائل قمعية ضد كل من تسول له نفسه على توسيع ونشر الدعارة، وذلك مقارنة مع ما تقتضيه التدابير الخاصة بالقصر وغيرهم من هذه الآفة، فمن جهة نجد أن قانون العقوبات لا يوقع أي عقوبة على الدعارة ومن جهة أخرى نجد أن القانون الجزائري يحارب بشدة وسطاء الفحشاء، لكن هذه السياسة لم تأت أكلها، لأن محاربتهم جد صعبة. ذلك أن الإيقاع بهم يقتضي متابعة وتعاون مع رجال الشرطة ويبدو هذا الأمر مستحيلا كون أن هذه الأخيرة تحت حماية وسيطرة وسيط الفحشاء وبالتالي فإنه من الصعب جدا على النيابة العامة إقامة الأدلة ضد أولئك الذين يشغلون دعارة الغير كون أن هذه العلاقة جد معقدة. فوسيط الفحشاء يحصل على السكوت من خلال تهديدها الذي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى القتل، غير أن عزيمة المشرع جاءت بالمرصاد كون أن الرهان ذو أهمية كبيرة جدا.1 وكل هذه الأسباب دعت المشرع الجزائري إلى التدخل من أجل كبح والحد من هذه الآفة التي هي أخطر وأبشع من الدعارة نفسها. وبالرجوع إلى نفس المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري لم نجد عبارة التحريض كما فعل المشرع في نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري، وعلى الرغم من أن المشرع أوردها في عنوان القسم السابع الخاص بهذه المجموعة، بل أورد بدلا عنها عبارات) المساعدة أو المعاونة أو الحماية أو الإغراء( مما يجعلنا نعتقد بأن هذه العبارات ليست إلا صورا ومعان متميزة لأفعال متنوعة مستقلة عن بعضها البعض. ومن هنا نقول أن كل تصرف من شأنه التأثير على نفسية الشخص واقناعه على مباشرة الدعارة أو تسهيلها له أو دفعه لها، يعتبر إذن تحريضا على الدعارة.






1- الدكتور محمد رشا، المرجع السابق، ص 207

44

*المطلب الأول : الإطار القانوني لجريمة التحريض على الدعارة
*الفرع الأول :
تعريف التحريض على الدعارة : المقصود بالتحريض على الدعارة : المقصود بالتحريض على الدعارة هو كل ما من شأنه التأثير على نفسية المرأة و إقناعها أو تقوية عزيمتها و مباشرة فعل الدعارة أو تسهيله لها أو دفعها إليه أما بالمساعدة أو المعاونة أو الإغراء أو حمايتها للممارسة الدعارة بتهيئة الظروف المناسبة
* الفرع الثاني : أركان جريمة التحريض على الدعارة
البند الأول :
فعل التحريض: لقيام العنصر المادي لجريمة التحريض على الدعارة يجب أن يقع من المتهم احد الأفعال المنصوص عليها في قانون العقوبات وهي المساعدة أو المعاونة أو الحماية أو الإغراء غير أن القانون لا يهتم بوسائل المساعدة أو المعاونة ولا يكفيه الحماية أو الإغراء إذ اعتبر إن العنصر المادي للجريمة يتم بمجرد حصول أحد الأفعال التي ذكرها القانون على سبيل الحصر وترك لقاضي الموضوع حرية تقدير ما إذا كانت الوقائع المنسوب ارتكابها إلى المتهم يمكن وصفها بأفعال مساعدة أو معاونة أو إغراء أو حماية لها
البند الثاني :
تحقيق النتيجة :يجب أن يسفر فعل المساعدة أو المعاونة أو الإغراء على نتيجة مادية تتمثل في مباشرة الدعارة بصفة فعلية وحقيقية أي حصول نتيجة .
البند الثالث :
القصد الجنائي:وهو علم المتهم وإدراكه تماما انه يعاون أو يساعد امرأة على ممارسة الدعارة أو يقوم بحمايتها أو تقديمها إلى محل رسمي للدعارة بمحض إرادته والقصد الجنائي هنا قصد خاص ويتوفر بمجرد انصراف نية المتهم إلى تحقيق فعل الدعارة ارضاءا لشهوة الغير وإشباعا لرغبته الجنسية .



45

البند الرابع:
- العلاقة السببية : لتقوم جريمة التحريض على الدعارة في نطاق الصورالمشار اليها سابقا يجب أن يتوفر شرط قيام العلاقة السببية بين فعل المساعدة أو المعاونة أو الحماية أو الإغراء بين ممارسة الدعارة بمعنى أن يكون الفعل الذي قام به المتهم هو الذي أدى إلى حمل المرأة على ممارسة فعل الدعارة
*المطلب الثاني :النظام القانوني لجريمة التحريض على الدعارة
أكد المشرع الجزائري في نصوصه على محاربة وسطاء الفحشاء بشدة حيث توعدهم باتخاذ إجراءات قمعية ضد كل من تسول له نفسه نشر وتوسيع وتطوير هاته الظاهرة وذلك من خلال المواد من 342 إلى 349 ق .ع. ج واقر عقوبات أصلية وتبعية تكميلية
الفرع الأول: العقوبات المقررة
البند الأول :
العقوبات الأصلية : وهي العقوبات بصورها البسيطة والمشددة
أ- البسيطة :عقوبة الحبس من سنتين إلى 05 سنوات وغرامة من 500دج إلى 20000 دج بنص المواد 343و346و 348 ق.ع.ج
ب- المشددة: قسمها المشرع إلى ثلاث أقسام :
1. القسم الأول :- الضحية : إذا كان المجني عليه قاصر لم يكتمل 19 سنة تعدد الضحايا
2. القسم الثاني :- الجاني : شدد المشرع العقوبة على الجاني إذا وقع من احد الفئات المذكورة في المادة 343 الفقرة 4و5 الخاصة بتعدد الجناة –الفاعلين الشركاء وكذا الصفة بالانتماء إلى أصول المجني عليه –العلاقة الأسرية
3. القسم الثالث : الوسائل المستعملة
• ارتكاب جنحة في هذه الجريمة باستعمال العنف أو الإكراه أو اعتداء أو إساءة استعمال السلطة
• ارتكاب جنحة مع حمل السلاح – يكفي فقط سواء ظاهري او خفي
• التحريض على الدعارة خارج الحدود الجزائرية –شبكات دولية سرية

46

البند الثاني:
العقوبات التبعية:
بالرجوع لنص المادة 349 من قانون العقوبات الجزائري نجد المشرع الجزائري نص صراحة على : « لا يجوز في جميع الحالات المنصوص عليها في القسم الخاص بجرائم القصر على الدعارة والفسق حرمان الجناة من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 ق ع ج والتي هي بدورها تحلينا إلى مقتضيات نص المادة 08 ق ع ج وعليه فانه في حالة إدانة المتهم بجريمة تحريض على الدعارة يمكن للقاضي أن يحكم عليه أيضا بالحرمان من الحقوق الوطنية السياسية والمدنية كعزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السامية في الدولة أو كحرمانه من حق الانتخابات والترشيح وغيره من الواردة في المادة 08 ق ع ج.
البند الثالث :
العقوبات التكميلية : هي تلك العقوبات التي اقرها المشرع الجزائري في جرائم الاعتياد والسماح بممارسة الدعارة داخل المحلات الخاصة بالخمور والملاهي والفنادق المادة 346 ق.ع.ج
- عقوبة الغلق لمدة لا تقل عن سنة وسحب رخصة الاستغلال
أ- عقوبات تكميلية تتعلق بجميع جرائم التحريض على الدعارة
من بين العقوبات التكميلية التي يجوز الحكم بها المنع من الإقامة وهذا لمدة لا يقل عن سنة واحدة ولا تزيد عن خمس سنوات نص المادة 349 ق ع ج، إن هذه العقوبات دليل على وجود إرادة لدى المشرع الجزائري في عزل وسطاء الفحشاء عن المحيط الذين يعيشون فيه كون أن هذا المنع يعطي ضمانات من أجل إمكانية العودة لدى هؤلاء الجناة.
ب- عقوبات تكميلية تتعلق بجرائم الاعتياد والسماح بممارسة الدعارة داخل محلات عمومية
نص المشرع الجزائري على عقوبات تكميلية تخص جرائم الاعتياد على قبول ممارسة الدعارة في محلات مفتوحة للجمهور أو السماح بالبحث عن عملاء بغرض الدعارة وهي أفعال مجرمة بنص المادة 346 ق ع ج.


47

وتتمثل هذه العقوبات في :
1- سحب الرخصة التي كانت ممنوحة للمستغل
2- إغلاق المحل لمدة تقل عن سنة.
1. سحب الرخصة التي كانت ممنوحة للمستغل:
أوجب المشرع الجزائري للقاضي عند إدانة المتهم بالأفعال المعاقب عليها بموجب نص المادة 346 ق ع ج أن يحكم بعقوبة سحب الرخصة التي كانت ممنوحة للجاني وهذه العقوبة قابلة للتطبيق على مختلف الترخيصات التي تتعلق بالاستفادة من المحلات التي تباع فيها المشروبات الكحولية وكذلك تشمل على جميع المحلات المفتوحة للجمهور.
ونجد أن هذه العقوبات بحد ذاتها تؤدي بالضرورة إلى غلق المحل الذي يشغله الجاني ومن هنا نجد أن المشرع الجزائري قرر هذه العقوبة مهما كانت صفة الشخص المستفيد من هذه الرخصة، كونه أشار إلى عبارة مستغل، ولكن نجد أن هذه العقوبات تؤدي إلى عدة صعوبات من الناحية العملية ، فمثلا قد يقوم مالك الفندق بالاستعانة بشخص آخر غير مسير ويكون هذا الشخص لم يسبق له أن أدين بجرائم التحريض على الدعارة أو أنه يعمد إلى إيجار إحدى الغرف الموجودة بالفندق لأشخاص لا يحترفون الدعارة وبالتالي يصبح أمر طردهم من الغرف مستحيلا، وعليه إذا وجدنا المشرع قرر هذه العقوبة مهما كانت صفة المستغل وهو الأمر الذي لا نجد عند المشرع الفرنسي الذي تدارك هذا النقص وجعل هذه العقوبات غير ملتزم بها القاضي عند إدانة المتهم بالأفعال المعاقب عليها بموجب نص المادة 225/10 قانون العقوبات الفرنسي.
حيث أصبح للقاضي الجزائي في فرنسا الحرية المطلقة وبإمكانه تقرير العقوبات بكاملها كما أن المشرع الفرنسي احتفظ بالطابع العيني للعقوبات التي تطبق حتى في حالة ما إذا كان جائزا الترخيص أو المستغل غير مسبوق قضائيا بتهمة وساطة الفحشاء.1



1- الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق، ص 144


48
إغلاق المحل:
إن المشرع الجزائري أوجب للقاضي أيضا أن يحكم على الجاني الذي ثبت ضده الأفعال المعاقب عليها بموجب المادة 348 ق ع ج بغلق المحل الذي ارتكب فيه هذه الأفعال ونجد المشرع جعل الحد الأدنى لهذه العقوبة لا تقل عن سنة واحدة، فهي في حين جعل الحد الأقصى يرجع للسلطة التقديرية لقاضي، ومن هنا يطرح أكثر من سؤال بخصوص غلق المحل كون أن المشرع قرر عقوبتين تكميليتين إلزاميتين عند الحكم بالإدانة، فإذا كان سحب الرخصة لوحه فان هذا العقاب يسمح ويفتح المجال أمام الجناة من تغيير النشاط الذي كان يزاول بداخل هذا المحل، ومن هنا العقوبات التكميلية لها جانب سلبي وبالخصوص من الناحية الاقتصادية ومن ناحية مركز القانوني للأفراد، خاصة إذا كان الجاني مستأجر للمحل أو مسيرا لفندق وهو ملك للدولة إضافة على أن المشرع الجزائري لم يتناول ما إذا كان بالإمكان الحكم بعقوبة غلق المحل بصفة نهائية أم لا ؟
إن التشريع الفرنسي أعطى الحماية القانونية اللازمة لمالك المحل حسن النية الذي له حق فسخ عقد الإيجار بمجرد علمه بأن المحل هذا هو من قبيل المحلات التي تستغل لدعارة الغير أو بمجرد علمه بوجود متابعات قضائية ضد المستأجر بتهمة السماح بممارسة الدعارة داخل محله، وهكذا عمد المشرع الفرنسي على حماية المراكز القانونية للأفراد من خلال توفير حماية قانونية للمالك حسن النية، كما عمل على أن هذه العقوبة غير إلزامية بالنسبة للقاضي بل بإمكانه الحكم بإحداها وهو من شأنه أن يمنح الحرية للقاضي في تقدير الظروف كما أن المدة هي محددة وتنص على إمكانية الغلق بصفة نهائية للمحل.1






1- الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق، صفحة 144


49







































خاتمة
إن جريمة تحريض القصر على الفسق و الدعارة من المواضيع الحساسة جدا لذا وجب التعامل معها بكل مرونة و شمولية و ما يلاحظ أن هذه الآفات خلقت مع الإنسان وترعرعت عبر مختلف مراحل الحياة بحيث امتدت أثارها إلى أطفال قصر ليس لهم ما يعنيهم على مقاومتها حتى أصبحوا بضاعة تباع و تشترى في حين كان يستوجب الاعتناء بهم لأنهم أمل المستقبل و قوام المجتمع و هذا يعكس الوعي الحضاري وسعة الإدراك و سعة الإدراك التربوي .
لكن بالنظر الواقع المعاش نرى أن المجتمعات المعاصرة لم تعد راكدة أو محافظة لأن روح العصر قد انبعثت ثائرة على كل ما هو تقليدي فهزت القيم والأخلاق بعنف و أصبحت جريمة تحريض القصر على الفسق و الدعارة محل صراع بين فئة قوية قادرة و أخرى مستضعفة لا حول لها و لا قوة و من كان ضحية فهم قصر أبرياء قصرت في حقهم أسرتهم من خلال الدور الهزيل للوالدين وسوء التنشئة الاجتماعية و عجز النظم التربوية و قذف المجتمع لهم بعدما أصبح خزاناً يعج بكل أصناف المنحرفين و الجانحين و الظاهرة في انتشار واسع يستدعي التدخل بسرعة للحد منها.
فأين دور الوالدين اللذان انغمسا في الحياة المادية و انعدم التواصل مع الأبناء مما فسح المجال لكل أشكال الانحراف و الانسياق وراء الرذيلة في حق أطفال قصر في عمر الزهور غير واعين بمخاطر و انعكاسات سلوكاتهم و أين دور المدرسة التي أصبحت تفتقر لبرامج التوعية ونظم التدريس.
وبعد
كل هذا نقول أن القضاء على هذه الظاهرة يبقى من الأمور الصعبة و لكن غير مستحيل إذا ما تكاثفت الجهود لأن محاربة جريمة تحريض القصر على الفسق و الدعارة و فساد الأخلاق لا تقع على عاتق مصالح الأمن فقط بل هي مهمة يشترك فيها الجميع بدأً من الأسرة ومروراً بالمدرسة ووصولا إلى المجتمع وما يمثله من مثل عليا و قيم وضوابط وعادات وتقاليد .



50












































قائمة المراجع
I- المراجع باللغة العربية:
1- أحمد أمين، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، دار النهضة، القاهرة، سنة 1923
2- أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة، سنة 1999
3- الإمام أحمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، بدون سنة.
4- بن شيخ لحسن، مبادئ القانون الجزائري، النظرية العامة للجريمة، العقوبات وتدابير الأماكن، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، الطبعة الثانية لسنة 2000.
5- سامية حسن الساعاتي، الجريمة والمجتمع، بحوث في العلم الاجتماع الجنائي، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، سنة 1983.
6- عبد الحكيم فودة، الجرائم الجنسية في ضوء الفقه وقضاء النقض، مكتبة الإشعاع للطباعة والنشر والتوزيع، سنة 1997.
7- عبد الحميد الشواربي، جريمة الزنا، جرائم الاغتصاب، هتك العرض، الفعل الفاضح، الدعارة، منشأ المعارف بالإسكندرية، بدون طبعة وبدون سنة.
8- عبد العزيز سعد، الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجرائم الطبعة 1982.
9- عبد العزيز سعد، الجرائم الواقعة على نظام الأسرة، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الثانية منفتحة ومزيد، سنة 2002.
10- عفيف عبد الفتاح طيارة، مع الأنبياء في القران الكريم، الجرائم، قصص ودروس وعبر، دار الكتب القانونية، الطبعة 11، سنة 1982.

11- على مانع، جنوح الأحداث في الجزائر، نتائج دراسة ميدانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،الطبعة الثانية، سنة 1997.
12- فتوح عبد الله الشاذلي، شرح قانون العقوبات، القسم العام، أوليات القانون الجنائي والنظرية العامة للجريمة، المسؤولية والجزاء، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية ،الطبعة الأولى والثانية، سنة 2003.
13- كامل سعيد، شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات الأردني وقانون المارن، الجزء الأول، دار الفكر للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، سنة 1983.
14- مجدي محب حافظ، الجرائم المخلة بالآداب العامة، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الثانية، سنة 1997.
15- محمد رشا متولي، جرائم الاعتداء على العرض في قانون العقوبات الجزائري والمقارن، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،الطبعة الثانية، سنة 1989.
16- شتا أبو سعد، الوجيز في قانون الطفل وجرائم الأحداث، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ، سنة 1997.
17- صبحي نجم، شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم الخاص، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، الطبعة الرابعة ، سنة 2003.
18- عبد القادر قواسمية، جنوح الأحداث في التشريع الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، سنة 1992.
19- توفيق المجالي، شرح قانون العقوبات، قسم عام، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الكتاب الأول، سنة 1998.

II- المراجع باللغة الفرنسية:
Etude et article :
1.CHOUKRI KALFAT, rapport sur le thème de recherche « la protection pénale de la famille contre les atteintes à la moralité sexuelle « décembre 1998 », université de Tlemcen.
2. Arrêté du 05/01/1960 : réglementation de la prostitution dans le département de Tlemcen N° 381-01-59.
3. Recueil des actes administratifs wilaya de Tlemcen 03 mars 1978
4.Ordonnance N° 66-156 du 08/06/1966 portant code pénal INJORA 1975 N° 53
III- القوانين والمجلات
1- أمر رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 08
2- يونيو سنة 1966 يتضمن قانون العقوبات الجزائري.
3- المجلة القضائية الصادرة عن المحكمة العليا، العدد واحد لسنة 1998.
4- المجلة القضائية الصادرة عن المحكمة العليا، العدد الرابع لسنة 1990.









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الدعارة, الفسق, القصر, تحريض

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:08

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc