جزاكم الله خيرا اخي عبد الله
واضيف قال الشيخ صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي
وعلى ذلك تكون الأدلَّة السَّابقة في وجوب توفير اللِّحية وإرخائها جاريةً على هَـٰذَا الخلاف، فيكون الأمر فيها متَّسِعًا، وهَـٰذَا كلُّه من رقَّة الدِّين وضعفه في قلوب الخلْق، وأهلُ العلم والمنتسبون للشَّريعة ينبغي أن يبنوا تديَّنهم على العزائم لا على الرُّخص، ومن ظنَّ أن بناءَ الدِّين على الرُّخص يُوجبُ قَبوله في قلوب الخلق فقد زلَّ، فإنَّ ابن مسعود كان يقول: (إنَّ هَـٰذَا الأمر جدٌّ، فإذا خلطُّتموهُ بالهزل مَّجتهُ قلوب النَّاس).
فمن يظنُّ أنَّه بتيسيره للدِّين كما يتوهَّم ببنائه على الرُّخص المجزوم بها، أو المظنونة، أو المتوهَّمة، فقد أخطأ طريقة الكتاب والسُّنّة، فإنَّ الله عز وجل لما أمر أهل الكتاب قال لهم: خذوا الكتاب بقوة، فالدِّين إنَّما يقوم وتقبله القلوب إذا كان معظَّمًا في النُّفوس، وإذا رُقِّق الدِّين لهم وحُبِّب بهَـٰذَا المسلك، فإنَّهم ينفرون منه؛ بل ينفرون من الدَّاعي الذي اختار هَـٰذَا.
ومن تلاعب الشَّيطان بالنَّاس ما ارتكبه بعض المنتسبين إلى الدَّعوة من ابتغاءِ هَـٰذَا الأصل ظانِّين أنَّهم يُوصلون الدِّين بذلك إلى قلوب الخلق، وهو خلافُ طريقةَ الكتاب والسُّنّة، فإنَّ الكتاب والسُّنّة لم تنسج هَـٰذَا في تقعيد الدِّين في قلوب النَّاس وتقليله فيهم؛ بل جرت على طلبهم بالعزائم والكمالات، لأنَّ النُّفوس إذا عُزِّمت وكُمِّلت قَوَت على سُلوك الطَّريق، وإذا أُضعفت بهَـٰذَه الرُّخص انقطعت عن سلوك الطَّريق، فينبغي على طالب العلم أن يلازم الأخذ بالعزيمة المُقوِّية، لأنَّ الرُّخص الموهنة المتوهِّمة تضعف دين الإنسان، فإنَّ المرء يبدأ برخصةٍ مُجمع عليها، ثم يتسارع إلى رخصة مختلفٍ فيها، ثم يرتكب بعدها رخصة متوهَّمةً، حتى يتلاشى دينه بالكلِّية، كما ترونه اليوم في حال النَّاس، فلا تنظر إلى من هلك كيف هلك، ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا!.
واعلم أنَّ أعظم الطُّرق المؤدِّية إلى تعظيم الدِّين في قلوب النَّاس هو تعظيمهُ لهم وبناءُ فعلهم له على الكامل، وأمَّا النَّاقص فإنَّه لا ينفعهم, وما يجري عليه النَّاس من ابتغاء غير هَـٰذَا السَّبيل لا ينفع الدَّاعي ولا المدعو، وستنبئك الأيَّام عن حقائق ذلك، ومن يسلك هَـٰذَا المسلك ممَّن يطلبُ رضا الجماهير، يخسر الجماهير حتما، وقد سلكه قبله أناسٌ فخسروا جماهيرهم وربَّما رجع عليهم جماهيرهم باللَّعن، وربَّما هم انخلعوا من الإسلام بالكلِّية وانتحلوا مذاهب الزَّندقة والنِّفاق الرَّائجة في كلِّ عصر تحت أسماءٍ مختلفة كالعلمانية واللِّبرالية وغيرها.
فليحذر الطَّالبُ هَـٰذَا الأمر ويأخذ نفسه بالأحوط ليسلم له دينُه). اهـ كلامه حفظه الله على التوحيد والسنة