النظام القانوني لحماية البيئة في الجزائر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

النظام القانوني لحماية البيئة في الجزائر

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-12-31, 12:28   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي النظام القانوني لحماية البيئة في الجزائر

مذكرة تخرج لنيل اجازى المدرسة الوطنية للقضاء للطالب بن قري سفيان




الفصل التمهيدي
ماهية قانون حماية البيئة

إن دراسة موضوع البيئة من الناحية القانونية يتطلب تحديد بعض المصطلحات نظرا لأهميتها و ارتباطها بمجال الحماية ، فحينما نحدد مفهوم البيئة هناك مصطلحات أخرى تقترب منها في الفهم كمصطلح الطبيعة ، التلوث و التنمية المستدامة ، و تظهر أهمية ذلك لاسيما فيما يخص وصف الضرر البيئي من جهة و من جهة أخرى فإن الإجراءات القانونية التي تضمنها قانون اليبئة لها علاقة وثيقة بهذه المفاهيم هذا من ناحية .
و من ناحية ثانية فإن اشكالية بحثنا لها علاقة بتحديد مفهوم قانون حماية البيئة الذي يحدد لنا مكانة قانون البيئة من فروع القانون .
و من ناحية أخيرة فمن الأولى أن نتعرض إلى التطور التشريعي الذي مر به قانون البيئة الجزائري بغرض معرفة تطور مجالات الحماية .
و ستتم معالجة النقاط الثلاث السالفة الذكر في مباحث ثلاثة :
المبحث الأول
مفهـــوم البيــئة
إن موضوع البيئة يعد موضوعا متشعبا لا يمكن اعتباره موضوعا مستوفيا لجميع الجوانب كما لا يمكن تجسيد مفهومه بمعزل عن جملة الجوانب المتعلقة به،نظرا لطبيعة المشاكل المطروحة في هذا السياق من جهة و من جهة أخرى بالنظر إلى طبيعة الدراسة التي تتناول هذا الموضوع ،فنظرة البيولوجي للبيئة ترتكز على الجانب الصحي فيما تقتصر نظرة الإقتصادي على الجانب المالي وحتى نتفادى وجود إلتباس في مفهوم البيئة تعين تحديده وفقا للمفاهيم الأخرى المرتبطة به .





المطلب الأول
تعريف البيـئة
لأجل البحث في موضوع البيئة و كافة الإشكالات التي يثيرها يستوجب إعطاء تعريف دقيق للبيئة و نستهل ذلك بتعريفها لغة و اصطلاحا لنصل في الأخير إلى وضع تعريف قانوني لها .
الفرع الأول
التعريف اللغوي و الإصطلاحي
إن كلمة بيئة ، كلمة مشتقة من الفعل "بوأ" و هذا ما يستشف من الآية الكريمة بعد قوله تعالى : " و اذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد و بوّّأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا و تنحتون من الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله و لا تعثوا في الأرض مفسدين "(1).
و يقال لغة :تبوّأت منزلا بمعنى هيأته و اتخذته محل إقامة لي (2) ، و قد يعنى لغويا بالبيئة الوسط و الاكتناف و الإحاطة .(3)
فيما يرى البعض الآخر أن البيئة لفظ شائع يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها و بين مستخدميها حيث نجد أن بيئة الإنسان الأولى هي رحم أمه ثم بيته فمدرسته (4).
أما فيما يخص علم البيئة فهو مصطلح إغريقي مركب من كلمتين :"oikos" بمعنى منزل و"logos" بمعنى العلم ، و بذلك فعلم البيئة هو العلم الذي يهتم بدراسة الكائن في منزله حيث يتأثر الكائن الحي بمجموعة من العوامل الحية و البيولوجية و غير الحية الكيميائية و الفيزيائية (5).
أما التعريف الإصطلاحي فمن الصعوبة بما كان وضع تعريف جامع مانع للبيئة نظرا لوجود عدة مفاهيـم لها صلة وثيقـة بها،لذا فهناك من يرى أن مفهوم البيئة يعكـس كل شيء يرتبـط



1- سورة الأعراف الآية رقم 74 .
2- د.إحسان علي محاسنه،البيئة والصحة العامة،دار الشروق ،1991 ص 17.
3-د.سهيل إدريس ،د.جبور عبد النور ،قاموس المنهل الوسيط ،فرنسي عربي،دار الأدب ص 934 .
4-د.عبد الحكم عبد اللطيف الصغيري ،البيئة في الفكر الإنساني والواقع الإيماني،الدار المصرية اللبنانية،1994 ص17 .
5-د.إحسان علي محاسنه ،المرجع السابق، ص17 .أنظر كذلك :
P/Prieur Michel ,Droit de l’environnement,Presise Dalloz, 2eme édition 1991,page2
بالكائنات الحية (1)، و هناك من يعتبر البيئة جميع العوامل الحية و غير الحية التي تؤثر على الكائن الحي بطريق مباشر أو غير مباشر و في أي فترة من فترات حياته (2).
فيما نجد تعريفا آخر يتجه إلى أن البيئة هي المحيط الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمله من ماء ، هواء فضاء ، تربة ، كائنات حية و منشآت أقامها الإنسان لإشباع حاجاته (3)¬.
وبالنظر إلى هذا التعريف نجده وعلى خلاف التعاريف السابقة قد أضاف عنصرا جديدا إلى جانب العناصر الحية وغير الحية ، ويتمثل في جملة المنشآت التي أقامها الإنسان كجزء هام من مكونات الموارد البيئية.
ومن جملة التعاريف السابقة، يمكننا وضع تعريف تقريبي للبيئة قوامه أنها مجموعة من العوامل الطبيعية الحية منها و غير الحية من جهة ، و مجموعة من العوامل الوضعية المتمثلة في كل ما أقامه الإنسان من منشآت لسد حاجياته من جهة أخرى.
الفرع الثاني
التعريف القانوني
بالرجوع إلى القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة(4) ، نجد أن المشرع الجزائري لم يعط تعريفا دقيقا للبيئة ، حيث نجد المادة 2 منه تنص على أهداف حماية البيئة فيما تضمنت المادة 3 منه مكونات البيئة .
ولئن كان المشرع الجزائري لم يفرد البيئة بتعريف خاص إلا أنه و بالرجوع إلى القانون رقم 03/10 السالف الذكر، يمكن اعتبار البيئة ذلك المحيط الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمله من ماء هواء ، تربة ، كائنات حية و غير حية و منشآت مختلفة ، و بذلك فالبيئة تضم كلاّ من البيئة الطبيعية و الاصطناعية .

1- د.منى قاسم ،التلوث البيئي والتنمية الاقتصادية ،الدار المصرية ،الطبعة الثانية ،1994 ص 35
2- نفس المرجع ،نفس الصفحة.
3-د.ماجد راغب الحلو،قانون حماية البيئة ،دار المطبوعات الجامعية ،الإسكندرية ،الطبعة 1994 ص 21 أنظر كذلك ا الموسوعة العربية العالمية ، الجزء الخامس ، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع ص 350 .
4-Prieur Michel , Droit de l’environnement , op cit , page2
و بخلاف التشريع الجزائري نجد تشريعات بعض الدول قد خصت البيئة بتعاريف مضبوطة منها التشريع المصري الذي عرّف البيئة بأنها المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية و ما تحتويه من مواد و ما يحيط بها من هواء ، ماء ، تربة و ما يقيمه الإنسان من منشآت (1).
أما التشريع الفرنسي فقد تبنى تعريف مصطلح البيئة لأول مرة في القانون الصادر بتاريخ 10/07/1976 المتعلق بحماية الطبيعة ، فجاء في المادة الأولى منه بأن البيئة مجموعة من العناصر هي: الطبيعة، الفصائل الحيوانية والنباتية ، الهواء ،الأرض ، الثروة المنجمية والمظاهر الطبيعية المختلفة .(2)
من خلال التعاريف السابقة، يتضح لنا أن مدلول البيئة لا يخرج عن مجموعة من العناصر يمكن حصرها في صنفين :
الصنف الأول : و يشمل مجموعة من العوامل الطبيعية من ماء ، هواء ، تربة و كائنات حيوانية و نباتية .
الصنف الثاني : و يشمل كل مااستحدثه الإنسان من منشآت .
المطلب الثاني
علاقة البيئة ببعض المفاهيم
تبعا للتعاريف المشار إليها سابقا، لاحظنا أنها ترتكز على الطبيعة ، إذ تشكل هذه الأخيرة الجزء الأكبر من مفهوم البيئة ،كما يظهر مصطلح التلوث كلما أثيرت مسألة حماية البيئة، بالإضافة إلى الترابط الوثيق بين البيئة و الفكرة التي جاء بها مؤتمر ريودي جانيرو(3) , المتمثلة في التنمية المستدامة .
لأجل ذلك تعين إبراز علاقة البيئة بالمفاهيم المذكورة أعلاه ، كي نتمكن من التوصل إلى مدى


1- القانون رقم 03/10 المؤرخ في 20/07/2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ،الجريدة الرسمية العدد 43
لسنة 2003.
2- المادة 1 من القانون المصري الجديد رقم 04 الصادر في 02/02/1994 الجريدة الرسمية العدد 5 الصادرة في
03 /02/1994 أنظر كذلك :
د.عبد الفتاح مراد ،شرح تشريعات البيئة في مصر وفي الدول العربية محليا ودوليا ،دار نشر الكتب والوثائق المصرية1996
ص 359 -397 .
-3مؤتمر ريودي جانيرو :هو ثاني مؤتمر دولي حول البيئة ،انعقد في مدينة ريودي جانيرو البرازيلية في جوان 1992 وهو ما يعرف بقمة الأرض وقد ركز هذا الأخير على علاقة البيئة بالتنمية المستدامة .
الانسجام الذي يمكن ملاحظته بين كل من الواقع و النصوص القانونية .
الفرع الأول
علاقة البيئة بالطبيعة
تعتبر الطبيعة كل ما يحيط بالإنسان من موارد الحياة المختلفة ، و الفصائل الحيوانية و النباتية و الموارد الطبيعية و ما يترتب على استغلالها من آثار سلبية أو إيجابية.
إن الكلام على البيئة هو الكلام على حماية الموارد الطبيعية، باعتبار أن الطبيعة هي عامل من عوامل التكيف بين الإنسان و البيئة ،و لعل تطور حياة الإنسان زامن زيادة رغبته و حاجته في استغلال الطبيعة،وعليه فإن المحافظة على البيئة يعني صيانة كل ماهو مصدر من مصادر الطبيعة (1).
كما تظهر علاقة البيئة بالطبيعة من خلال المشاكل التي تواجهها الطبيعة و التي لها علاقة باستنـزاف الموارد البيئية ، منها مشكلة التصحر ، مشكلة انقراض الكائنات الحيوانية و النباتية اختلاف العناصر الطبيعية ، تدهور السواحل ...إلخ .
و في هذا الإطار ستقتصر دراستنا على التطرق لبعض المشاكل على سبيل المثال لا الحصر
1/ مشكلة التصحر : عرفته منظمة الثقافة و العلوم و التربية "اليونيسكو" بأنه :" تحطيم القدرات البيولوجية للأرض و الذي قد يؤدي في النهاية إلى ظهور ظروف قاحلة من شأنها أن تؤدي إلى الإتلاف الشامل للأنظمة البيئية من بينها فقدان الأراضي لخصوبتها و التدهور النوعي للغطاء النباتي و هجرة الحيوانات و الطيور و تقليص عددها" (2).
2/ تدهور السواحل : تشهد السواحل وضعية مزرية، بسبب تراكم المواد السامة الملوثة الناتجة عن عمليات تفريغ الملوثات الصناعية و النفايات الحضرية و نهب الرمال .
3/ خطر يهدد التنوع البيولوجي : يعرّف التنوع البيولوجي بأنه رصيد البيئة الطبيعية من الأنواع النباتية و الحيوانية المرئية المتفاعلة مع بعضها البعض من ناحية و مع العناصر غير الحية من غذاء وكساء و راحة نفسية و معرفة و ثقافة و ابتكار (3).

1- د.يسري دعبس ،الموارد الإقتصادية ،ماهيتها ،أنواعها ،اقتصاديتها ،سلسلة المعارف الاقتصادية 1996 ص 13-18 .
2 - ندوات مشروع الحزام الأخضر لدول شمال إفريقيا بعنوان وقف التصحر لدول الشمال الإفريقي ،من إعداد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،مراكش ،المملكة المغربية ،أيام دراسية دامت من 7 إلى 11 أكتوبر 1985 ص 49.
3- أنظر المقال بعنوان :التنوع البيولوجي في خطر ،منشور في جريدة الجامعة ،الصادرة في 16/06/1998 العدد 94 ص 14 .

و يبرز الخطر الذي يهدد التنوع البيولوجي مثلا من خلال انقراض بعض الأنواع من النباتات أو الحيوانات مما يؤدي إلى خسائر عديدة أبرزها :
1- فقدان مصادر المعرفة العلمية ،ذلك أن معظم الإبتكارات مستوحاة من العالم الحي .
2- خسارة مصادر معتبرة من الأدوية التي تنقذ الكائن البشري من الأمراض والأوبئة .
و أمام هذا الوضع المستعصي، يتعين الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة كإجراء عملية المسح لمعرفة الكائنات الحية و تحديد أماكن انتشارها، بالإضافة إلى ضرورة إنشاء المحميات الطبيعية في مختلف المواقع الجزائرية، بغية الحفاظ على الأصناف المتواجدة و كذلك إجراء دراسات معمقة للأماكن التي ستقام عليها المصانع و المنشآت مستقبلا.
لكن بالرجوع إلى نص المادتين : 10و11 من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة يتضح أن المشرع الجزائري لم يقف موقفا سلبيا اتجاه الاستنـزاف الخطير للموارد الطبيعية ، إذ اعتبر أن الدولة ملزمة بضمان حراسة مختلف مكونات البيئة، كما أنها تسهر على حماية الطبيعة .
الفرع الثاني
علاقة البيئة بالتلوث
يعرّف البعض التلوث على أنه مجموعة التغيرات غير المرغوبة التي تحيط بالإنسان من خلال حدوث تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة من شأنها التغيير في المكونات الطبيعية، الكيمائية و البيولوجية للبيئة مما يؤثر على الإنسان و نوعية الحياة (1).
و لقد ورد في تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي التابع للأمم المتحدة لسنة 1956 حول تلوث الوسط و التدابير المتخذة لمكافحته تعريف لمصطلح التلوث بأنه: " التغيير الذي يحدث بفعل التأثير المباشر أو غير المباشر للأنشطة الإنسانية في تكوين أو في حالة الوسط على نحو يخل ببعض









 


قديم 2009-12-31, 12:29   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الاستعلامات أو الأنشطة التي كانت من المستطاع القيام بها في الحالة الطبيعية لذلك الوسط ".(1)
من خلال استعراض بعض التعاريف المعطاة لمصطلح التلوث و كذا التعاريف التي خص بها مصطلح البيئة ، يمكن ملاحظة العلاقة الموجودة بين هذين المفهومين :
فإذا كانت البيئة هي مجموعة من العوامل الطبيعية الحية و غير الحية من جهة و كل ما وضعه الإنسان من منشآت بمختلف أشكالها من جهة أخرى ، فإن التلوث هو ذلك التغيير الذي يؤثر في تلك العناصر المكونة للبيئة ، و هو تغيير يؤثر سلبا على هذه المكونات ، فهو بذلك يعد أهم العوامل بل و يكاد يكون العامل الوحيد المؤثر على البيئة و عليه فحينما نتكلم على حماية البيئة فإن هذه الحماية مرتكزة حول الوقاية من مضار التلوث لذلك ذهب البعض إلى القول أن الثلوث هو مفتاح قانون حماية البيئة (2).
الفرع الثالث
علاقة البيئة بالتنمية المستدامة
جاء في أحد تقارير المهتمين بحماية البيئة: "لقد نجح مؤتمر قمة الأرض الذي عقد عام 1992 في أن يستنهض ضمير العالم إلى تحقيق تنمية مستدامة بيئيا". (3)
و يعنى بالتنمية المستدامة : " التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون أن تعرض للخطر احتياجات جيل المستقبل ."(4)
و بالرجوع إلى نص المادة 4 من القانون رقم : 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة نجد أن هذه الأخيرة : " مفهوم يعني التوفيق بين تنمية اجتماعية و اقتصادية قابلة للاستمرار و حماية البيئة أي إدراج البعد البيئي في إطار تنمية تضمن تلبية حاجات الأجيال الحاضرة و الأجيال المستقبلية".



1- د.أحمد عبد الكريم سلامة ،التلوث النفطي وحماية البيئة البحرية ،الجمعية المصرية للقانون الدولي ص 95-127 .
2- العبارة مستمدة من تعريف د.أحمد عبد الكريم سلامة ،المرجع السابق ص 96.
3-د. اسماعيل سراج ،"حتى تصبح التنمية المستدامة" ،مجلة التمويل والتنمية ، صندوق النقد الدولي ،ديسمبر 1993 ص 6.
4- د. اسماعيل سراج ،المرجع السابق ص 7.

و هذا التعريف يقارب التعريف الذي جاء به القانون المتضمن السياحة (1).
من التعاريف السابقة للتنمية المستدامة يتبين أنه توجد ضرورة للتوفيق بين التنمية الإقتصادية و متطلباتها من جهة ،و ضرورة حماية الموارد البيئية من جهة أخرى ، و بذلك فإن المشكل المثار اليوم هو أن تحقيق النمو الإقتصادي قد تم على حساب الموارد البيئية كالمياه و الغابات و الهواء لذا قرّرت معظم القوانين و التنظيمات استحالة الفصل بين قضايا التنمية و مشكلة البيئة .
كما أن التنمية المستدامة تعد بمثابة إحدى الثوابت الجوهرية في سياسة الدولة، كون أن البيئة و التنمية يشكلان وجهان لعملة واحدة و هي الإستمرارية و البقاء و المحافظة على حقوق الأجيال المقبلة و أي إخلال بهما يؤدي حتما إلى تدهور الحياة الطبيعية و الإقتصادية .
و الملاحظ على التنمية الإقتصادية في الجزائر أنها تمت على حساب البيئة و هذا بالرغم من وجود جملة من النصوص القانونية التي تؤكد ضرورة مراعاة البيئة .
المبحث الثاني
مفهوم قانون حماية البيئة
إنّ التعرض إلى الوسائل القانونية الكفيلة بحماية البيئة، يقتضي بالضرورة التعريف بالقانون المتضمن حماية البيئة و تبيان خصائصه و علاقته بقواعد القانون العام باعتباره فرعا من فروعه .
المطلب الأول
تعريف قانون حماية البيئة و خصائصه
وفي هذا الإطار نتناول بالدراسة أولا تعريف قانون حماية البيئة وثانيا خصائصه
الفرع الأول
تعريف قانون حماية البيئة
نظرا لظهور مشاكل بيئية و ازدياد حدّتها ، تطلب الأمر وضع قانون يضمن حماية للبيئة


1- أنظر المادة 3 من القانون 03/01 المؤرخ في 17/02/2003 المتضمن التنمية المستدامة للسياحة،الجريدة الرسمية عدد 11 ص 4 .


لذلك ارتأى المشرع الجزائري سن قواعد تنظم البيئة و تحميها رغم تشعب مشاكل البيئة و كثرتها
و انطلاقا من التعريف الذي أعطي لمصطلح البيئة ، و أمام صمت المشرع عن وضع تعريف لقانون حماية البيئة ، يمكننا تعريفه على أنه مجموعة القواعد التشريعية و التنظيمية المهتمة بتنظيم المحيط الذي يعيش فيه الكائن الحي بمختلف مشتملا ته (الماء ، الهواء ، الفضاء ، التربة ) و كذا المنشآت التي وضعها الإنسان سواء كانت مرافق صناعية أو اجتماعية أو اقتصادية .
و بذلك فإن قواعد قانون حماية البيئة تهتم بحماية الطبيعة بكل مشتملاتها من جهة ،و من جهة أخرى فهي قواعد تهتم بحماية البيئة الوضعية .
كما أن هناك من عرف قانون حماية البيئة بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تسعى من أجل احترام و حماية كل ما تحمله من الطبيعة ،وتمنع أي اعتداء عليها .(1)
و تجدر الإشارة إلى أن تعريف قانون حماية البيئة يشمل جميع القواعد القانونية التي يعتمدها المشرع ، قاصدا بها تنظيم أي مجال من المجالات المتعلقة بحماية البيئة ، سواء ما تعلق منها بحماية الأوساط الطبيعية أو الصحة العمومية أو السكن أو الأراضي الفلاحية أو الصناعية ...
فالمقصود إذن بالحماية هي الحماية بمفهومها الواسع، لكونها ليست وليدة تشريع عاد، إنما هي مجسدة في المواثيق الدولية (2) و القواعد الدستورية، حيث نجد غالبية دساتير العالم و إن لم تضع حماية خاصة للبيئة، فإنها على الأقل تضمن حق الحياة في ظروف بيئية لائقة و منها الدستور الجزائري في مادته 54 بنصّها على حق المواطنين في الرعاية الصحية (3).
و بالرجوع إلى نص المادة الأولى ، الثانية و الثالثة من القانون 03/10 نجد أنه حدد الآفاق التي يصبو إلى تحقيقها و المبادئ التي يتأسس عليها ، حيث نصت المادة الأولى على مايلي : " يحدد هذا القانون قواعد حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ".


1- Dr . Prieur Michel .Op cit .p4.
2- المرصد الوطني لحقوق الإنسان ،الجزائر :الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد والمنشور على الملأ بقرار الجمعية العامة المؤرخ في 10/12/1948 ،1996 ،المادة 3:"لكل فرد الحق في الحياة وفي الأمان وعلى شخصه".
3- دستور 1996 المؤرخ في 28/11/1996 ،مطبوعات الديوان الوطني للأشغال التربوية ،الطبعة الثانية ،1998 .


كما تضمنت المادة الثانية جملة من الأهداف التي يرجى تجسيدها من وراء سن قواعد حماية البيئة ومن هذه الأهداف نجد ترقية تنمية وطنية مستدامة و العمل على ضمان إطار معيشي سليم و الوقاية من كل أشكال التلوث و الأضرار الملحقة بالبيئة و ذلك بضمان الحفاظ على مكوناتها وإصلاح الأوساط المتضررة ، و ترقية الإستعمال الإيكولوجي العقلاني للموارد الطبيعية و كذلك استعمال التكنولوجيات الأكثر نقاء و تدعيم الإعلام و تحسيس الجمهور لضمان مشاركته في تدابير حماية البيئة كما احتوت المادة 3 من القانون السالف الذكر على مبادئ عامة و أساسية ينبغي احترامها والعمل بها كمبدأ المحافظة على التنوع البيولوجي الذي بمقتضاه يجب مراعاة عند القيام بأي نشاط، تجنب إلحاق ضرر بالتنوع البيولوجي .
و تضمنت ذات المادة مبدأ يتحمل من خلاله كل شخص يتسبب بنشاطه في إلحاق ضرر بالبيئة نفقات كل تدابير الوقاية من التلوث و التقليص منه(1).
الفرع الثاني
خصائص قانون حماية البيئة
من قراءتنا لقواعد قانون حماية البيئة الجزائري، توصلنا إلى استخلاص جملة من الخصائص التي يتسم بها و تتلخص أساسا فيما يأتي :
أولا : قانون حماية البيئة هو قانون ذو طابع إداري : و ذلك ما يتجلى بوضوح من السلطات و الامتيازات الممنوحة للدولة لتحقيق المنفعة العامة ، كما يظهر ذلك أيضا في الوسائل الإدارية التي خوّلها المشرع للإدارة للتدخل من أجل حماية النظام العام البيئي مثل سلطة الدولة في منح التراخيص ، الأوامر ، الحظر ...
ثانيا : قانون حماية البيئة هو فرع من فروع القانون العام : كونه ينظّم العلاقة بين الإدارة و الأفراد كما أن حماية البيئة تدخل في إطار المصلحة العامة .
ثالثا : قواعد قانون حماية البيئة تتسم بالطابع الإلزامي : ذلك لأنها قواعد آمرة، لا يجوز للأفراد الإتفاق على مخالفتها لكونه قد تضمن نصوصا قمعية و جزاءات ضد كل مخالف لأحكامه ، بل

1- للمزيد من الإيضاحات بشأن المبادئ ارجع إلى المادة 3 من القانون 03/10 المتضمن قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة .
وتعدى الأمر ذلك ، حيث تلزم السلطات الإدارية المكلفة بتطبيق قانون حماية البيئة باحترام قواعده إعمالا لمبدأ المشروعية .(1)
رابعا : قانون حماية البيئة قانون متعدد المجالات : و هذا نظرا لكونه يعالج موضوع البيئة ، هذا الأخير الذي يتسم بتشعبه و كثرة مجالاته و المشاكل البيئية المثارة في الواقع .
خامسا : قواعد قانون حماية البيئة تتسم بالجمع بين الجانب التشريعي والجانب المؤسساتي: ذلك لأنه يحدد بعض الإجراءات الكفيلة بحماية البيئة وفي المقابل يرصد جملة من الأجهزة من وزارات و جماعات إقليمية و هيئات(2) تعمل على ضمان حماية البيئة .
سادسا : قانون حماية البيئة يتسم بالحداثة ؛ ذلك أن سن قواعده كان كرد فعل للتطورات الصناعية و التكنولوجية و البيئية التي عاشتها الجزائر كغيرها من الدول الأخرى .
1
المطلب الثاني
علاقة قانون حماية البيئة بالقانون العام
إن أهمية قانون حماية البيئة تتجلى في كونه يهتم بالحفاظ على النظام العام، وهذا ما يجعله ذا صلة بالقانون العام ،ولعل ما يبرر هذا الطرح هو أن هذا القانون ينظم العلاقة بين الإدارة والأفراد أكثر مما ينظمها فيما بين الأفراد، لأن حماية البيئة تندرج في إطار المصلحة الوطنية ،ومن ثمة فإن مهمة حماية البيئة تضطلع بها السلطة العامة ،وبالنظر إلى الأهداف التي سن من أجلها قانون حماية البيئة بصفته فرع من فروع القانون العام نجده يتكيف مع بعض القوانين العامة منها ما هو داخلي ومنها ما هو دولي .







1- د.سامي جمال الدين ،اللوائح الإدارية وضمانة الرقابة الإدارية ،الإسكندرية ،منشأة المعارف ،1982 ،ص52-53.
2- Dr. Prieur Michel . Op cit .page 143-145.

الفرع الأول
علاقة قانون حماية البيئة بالقانون العام الداخلي
يتبين من نصوص قانون حماية البيئة، أنها تستمد مبادئها من أحكام القانون الإداري كما أنه في المقابل تضمن ذات القانون جزاءات تطبق ضد كل من خالف أحكامه وبذلك نستشف نشوء علاقة بين قانون حماية البيئة والقانون الإداري من جهة ومن جهة أخرى بينه وبين القانون الجزائي .
أولا: علاقة قانون حماية البيئة بالقانون الإداري :
من بين المواضيع الهامة التي يتناولها القانون الإداري ما يعرف بنشاط الضبط الإداري الذي يهدف إلى المحافظة على النظام العام بمشتملاته الثلاث : الأمن ،الصحة والسكينة،وينشئ لهذا الغرض هيئات ومؤسسات تسهر على ذلك وتتولى مهام الضبط الإداري.
والسلطات الإدارية المنوطة بتطبيق وتنفيذ قانون حماية البيئة قد منحها هذا القانون سلطة إصدار اللوائح، لاسيما تلك المتعلقة بمكافحة التلوث والمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئية وهذا لن يتأتى لها إلا باستعمال وسائل الضبط الإداري من أجل الحفاظ على النظام العام البيئي والجدير بالذكر أن الضبط الإداري في مجال حماية البيئة يتضمن ثلاثة أنظمة قانونية هي: نظام الإباحة الترخيص والحظر.
وبناء على ما تقدم يمكن القول، أن ثمة ارتباط وثيق بين كل من القانون الإداري وقانون حماية البيئة ،لذلك يمكن اعتبار هذا الأخير فرعا من فروع القانون الإداري، كون أن غالبية نصوصه ذات طابع إداري .










ثانيا : علاقة قانون حماية البيئة بالقانون الجزائي :
لقد تضمنت بعض القوانين جزاءات رتبها المشرع في حالة التجاوزات والاعتداءات المرتكبة في حق البيئة ، ومن ذلك نجد قانون العقوبات(1) ،قانون الصحة(2)،قانون الغابات(3) و قانون حماية المستهلك(4).
ومن جهته كذلك فإن قانون حماية البيئة تضمن جزاءات عقابية ضد كل من لم يحترم قواعده وهذا بالرغم مما قيل بشأن هذا الإتجاه لكون أن ما تضمنه القانون الجزائي من عقوبات غير قادر على تحقيق الردع للتصرفات المخلة بالأنظمة البيئية إذ أن الردع - حسب هؤلاء – إنما يأتي في مرحلة لاحقة بعد ارتكاب السلوك الضار بالبيئة (5).
ولكن في رأينا فإن هذا الرأي وإن كان سليما في بعض جوانبه إلا أنه يمكن القول أن تشريعات البيئة حاولت انتهاج سياسة ترجح من خلالها أسلوب الوقاية على أسلوب العقاب وبالتالي فهي تبين القواعد التي يتعين احترامها مسبقا وذلك بضرورة المرور على طلب الترخيص أو الحصول على الموافقة من قبل المصالح المعنية،تحت طائلة المتابعة الجزائية والعقوبة المكرسة لها.
الفرع الثاني
علاقة قانون حماية البيئة بالقانون العام الدولي
تتجلى علاقة قانون حماية البيئة بالقانون الدولي،كون أن الأول قواعده تجسد ظهورها لأول وهلة في القواعد الدولية التي ظهرت في شكل إتفاقيات بين الدول،لحماية البيئة البحرية من الثلوث الناتج عن إلقاء الزيوت والمواد البترولية ، لذلك يمكن القول بأن القانون الدولي هو الذي كرس العناية الخاصة للبيئة البحرية.
ولقد طرح موضوع حماية البيئة لأول مرة ، على الساحة الدولية من خلال ندوة الأمم المتحدة المنعقدة بستوكهولم سنة :1972 ولقد لقي هذا الطرح تجاوبا متباينا من قبل الدول الغربية

1- أنظر المواد 464،463،462،461،460،459،458،457،455 من القانون رقم 82/04 المؤرخ في 13/02/1982 المعدل والمتمم للأمر رقم 66/156 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون العقوبات.
2- القانون رقم 85/05 المؤرخ في 16/02/1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها،الجريدة الرسمية ،العدد8 في17/02/1985ص176 .
3-القانون رقم 84/12 المؤرخ في 23 يونيو 1984 المتضمن النظام العام للغابات .
4-القانون رقم 89/02 المؤرخ في 07/02/1989 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك .
5-د.ماجد راغب الحلو ،قانون حماية البيئة ،المرجع السابق ص 12و13
والدول النامية،كما توالت النداءات الدولية الداعية للموازنة بين التنمية وحماية البيئة ،وقد عبرت
الجزائر عن رأيها في مسألة حماية البيئة من خلال ندوة ستوكهولم وقمة الجزائر لدول عدم الانحياز.
فبالنسبة للندوة الأولى فلقد أشار ممثل الجزائر في مداخلته عن ربط الانشغال البيئي بالوضعية السياسية والاجتماعية المتردية التي تعيشها الأغلبية الساحقة لشعوب العالم المستعمرة ،وكذا تطور الرأسمالية والثورة الصناعية...(1)
أما خلال قمة الجزائر لدول عدم الانحياز ،في ندوتها الرابعة المنعقدة من : 5 إلى 9 سبتمبر 1973 وطبقا للإتفاقية المكرسة لها فقد أعربت الدول النامية عن عدم استعدادها لإدماج الانشغال البيئي ضمن الخيارات الاقتصادية واعتبرت أن هذه المناورة تشكل عائقا إضافيا لتحقيق التنمية، التي تسعى إليها هذه الدول لأنها لا ترغب في تخصيص نفقات إضافية لحماية البيئة،وأنها تفضل توجيه هذه النفقات لتلبية الحاجات الملحة لشعوبها (2).
من خلال ما تقدم، يتبين أن الجزائر وسعيا منها لضمان حماية أفضل للبيئة شاركت في عدة ندوات دولية تناقش الموضوع ،بل وتعدى الأمر ذلك حينما صارت تدمج بنود اتفاقيات دولية تعالج مسألة حماية البيئة في القانون الداخلي ،وبذلك فلقد صادقت الجزائر على اتفاقية ريودي جانيرو المتعلقة بحماية البيئة و المنعقدة من 3 إلى 14 جوان 1992 وذلك بموجب الأمر رقم :03/95 المؤرخ في: 21 جانفي 1995 (3) إذ كرست هذه الإتفاقية الإعلان الذي تم اعتماده في ندوة ستوكهولم وحاولت ضمان استمراريته ونصت على الإعتراف بسيادة الدول على مصادرها الطبيعية طبقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي العام، وعلى أن ممارسة الحق في التنمية يخضع لمقتضيات التنمية المستديمة وضمان حاجيات الأجيال الحاضرة والمستقبلة في التنمية والبيئة (4).إضافة إلى ما سبق، فقد صادقت الجزائر بموجب المرسوم رقم 63/344 المؤرخ في 11/09/1963 على الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة تلوث مياه البحر بالمواد البترولية.

1- أ.وناس يحي،تبلور التنمية المستديمة من خلال التجربة الجزائرية ،مجلة العلوم القانونية والإدارية،كلية الحقوق جامعة تلمسان، ، عدد 2003 ص 34-35 .
2- أ.وناس يحي ،المقال السابق،المرجع السابق ص 36 .
3-الجريدة الرسمية رقم 32 مؤرخة في 14/06/1995 ص 3.
4-أ.وناس يحي ،المقال السابق ،المرجع السابق ص 39-40.

إذن يستخلص مما سلف، أنه ثمة علاقة وثيقة بين قانون حماية البيئة والقانون الدولي العام إذ لا نتصور أن يستغني أحدهما عن الآخر، فكثيرا ما تطرح مشكلة بيئية على المستوى الدولي تعاني منها دولة أو أكثر و ذلك ربما يرجع إلى طبيعة المشاكل التي تهدد البيئة و التي هي مشاكل عامة تمس بسلامة العالم البيئية بأسرها .
المبحث الثالث
التطور التشريعي لقانون حماية البيئة
كان لظهور الثورة الصناعية إلى الوجود تدهورا تدريجيا في البيئة، بسبب الاستغلال المفرط للثروات الطبيعية و قد برزت عوامل التسمم في مختلف دول العالم ، مما أدى بالدول إلى التفكير في ضرورة إيجاد الصيغ القانونية التي يمكنها أن تضع حدّا للإنتهاكات الخطيرة للبيئة .
و يعود إصدار النصوص الخاصة بحماية البيئة إلى ما قبل القرن 19 إذ قام عدد من الحكام بسن تشريعات و أوامر في عدة دول، انحصرت في البداية في منع إلقاء القاذورات و الفضلات البشرية في الأنهار و البحيرات حفاظا على الصحة العمومية ، كما اهتم البعض بإصدار تنظيمات تتعلق بتحديد أصناف معينة من الطيور و الحيوانات بنية المحافظة على هذه الفصائل لخدمة الإنسان (1).
ومع التطور الصناعي و التكنولوجي اللذين عرفتهما البشرية تزايد اهتمام الإنسان بالمشاكل البيئية بالقدر الذي تزايد معه صدور تشريعات منظمة لهذا الجانب، إضافة إلى ظاهرة التمدن التي تمت على حساب البيئة ، كل هذه الإشكاليات تبين لنا الأوضاع المساهمة في استمرارية الثلوث التي هي مرتبطة بالنماذج المختلفة للنمو الإقتصادي .
و مما تقدم ارتأينا التعرض بالدراسة إلى التطور التشريعي لقانون حماية البيئة سواء في التشريعات المقارنة أو في التشريع الجزائري.
المطلب الأول
التطور التشريعي لقانون حماية البيئة في التشريعات المقارنة
و نخص بالدراسة في هذا المجال النموذجين الفرنسي و المصري.



1- د.معوض عبد الثواب ،المرجع السابق ص 12 .

الفرع الأول
التطور التشريعي لقانون حماية البيئة في فرنسا
لقد ظهرت بوادر قانون حماية البيئة في فرنسا لأول مرة إثر صدور قانون خاص بتنظيم صيد الأسماك سنة 1829 حيث نص في المادة 25 على حظر إلقاء أي نوع من المخلفات التي من شأنها أن تؤدي إلى هلاك الثروة السمكية ، تحت طائلة عقوبة مالية قدرها 30فرنك و الحبس من شهر إلى 3 أشهر ،كما صدر قانون حماية الثروة المائية بتاريخ 08/04/1898 و قانون الصحة العامة في15/02/1902 ومع ظهور الثورة الصناعية عمد المشرع الفرنسي إلى سن قانون خاص بالمنشآت المصنفة سنة1917 و بذلك تعد هذه الترسانة القانونية المرحلة الأولى من التشريع في هذا الباب .
و لقد صدر منشور سنة 1951 وضع بموجبه قانون الصحة العامة السالف الذكر حيز التنفيذ وأشار هذا المنشور إلى إنشاء محطات تنقية و تصفية مياه الصرف الحضري من كافة المخلفات والنفايات المؤثرة على الصحة العامة ، و قد صدرت التعليمة الوزارية رقم :97/1954المؤرخة في10/06/1954 ألغت من خلاله المنشور السابق و ألزمت الولاة باتخاذ كافة التدابير الخاصة بمعالجة النفايات الصناعية و هذا في إطار برامج التطهير الحضري (1).
و بمقتضى الأمر الصادر في 23 أكتوبر 1958 ، تم تعديل قانون الصحة الذي ألزم ربط العقارات بقنوات الصرف(2)؛ أما في مطلع الستينات فأول قانون ظهر في فرنسا هو القانون رقم 64/1331 المؤرخ في 26/12/1964 المتعلق بحماية المياه من الثلوث بالمواد البترولية و من المسائل التي تضمنها هذا القانون حظر إلقاء المواد الخطرة في الأوساط المائية (3) و ضرورة وضع جرد خاص بالموارد المائية .
كما صدرت مجموعة من القوانين الخاصة بحماية البيئة و المراسيم التنفيذية في السبعينات كالمرسوم التنفيذي رقم 73/438 الصادر بتاريخ 22 مارس 1973 المتعلق بالمنشآت المصنفة و يعد

1- Colas Rence , la pollution des eaux,France : presse universitaire de France ,1962 p48.
2- د.مراد عبد الفتاح ،المرجع السابق ص 10.
3-Colas Rence, IBID p66.

القانون الصادر سنة 1976 و المرسوم المطبق له رقم 77/1141 و المتعلق بحماية الطبيعة والذي نص في مادته الثانية على ما يسمى بدراسة مدى التأثير في البيئة ، أهم قانون خاص بحماية البيئة .
أمّا عند حلول الثمانينات، صدرت بعض التشريعات الخاصة بحماية البيئة كقوانين التهيئة العمرانية ومنح رخص البناء و التجزئة و الهدم ، و من أهم هذه القوانين ؛ القانون الصادر بتاريخ 07/01/1983 تحت رقم 83/ 08 (1) و المرسوم المؤرخ في 9/09/1983 المعدل له و المتعلق بمخطط شغل الأراضي ، و كذلك المرسوم رقم 83/1262 المتعلق بشهادة التعمير .
و في التسعينات صدرت عدة تشريعات متعلقة بحماية البيئة ، نخص بالذكر القانون رقم 92/646 المؤرخ في 13/07/1992 المتعلق بالتخلص من النفايات الناجمة عن نشاطات المنشآت المصنفة .
و يبقى أهم قانون صدر لتدعيم حماية البيئة في فرنسا هو القانون المسمى بقانون بارني نسبة إلى وزير البيئة آنذاك « BARNIER MICHEL » و لقد صدر سنة 1995 و أهم ما تضمنه هذا القانون الوقاية من التلوث و تسيير النفايات ، و من الأخطار الطبيعية ...إلخ.
ويمكن تلخيص التطور التشريعي لقانون حماية البيئة الفرنسي في مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى : تبدأ من صدور قانون الصيد سنة 1829 إلى غاية 1951 .
المرحلة الثانية : وتبدأ من صدور المنشور رقم 51/110 إلى غاية صدور قانون التهيئة والتعمير .
المرحلة الثالثة : وهي المرحلة التي تبنى فيها المشرع الفرنسي مبادئ مؤتمر ستوكهولم إلى غاية صدور القانون رقم 95/108 المعزز بمبادئ مؤتمر قمة الأرض المنعقد بمدينة ريودي جانيرو البرازيلية سنة 1992 .
الفرع الثاني
التطور التشريعي لقانون حماية البيئة في مصر
لقد خص المشرع المصري للبيئة أول حماية قانونية بموجب القانون رقم 35 لسنة 1946 والمتعلق بصرف المياه من المحلات والمصانع في المجاري العامة ،وقد تم تعديل هذا القانون بموجب

1- يتعلق هذا القانون بتوزيع الإختصاص بين البلديات ومقاطعات الدولة في منح التراخيص الخاصة بعمليات البناء.

القانون رقم 47 لسنة 1948 والملاحظ على هذه النصوص أنها تضمنت قواعد مختصرة وإجراءات وقائية لحماية البيئة ،وبمقتضى القانون رقم 137 لسنة 1958 صدر قرار رئاسي بشأن الإحتياطات والوقاية من الأمراض المعدية ،وأهم ما تضمنه أنه نص على إمكانية وزير الصحة من إصدار القرارات اللازمة لمراقبة الأشخاص والحيوانات القادمة من الخارج وكذلك السلع المستوردة(1).
وفي سنة 1974 صدر القرار رقم 291 تضمن أحكاما تتعلق بالمرور ،حيث نص على ضرورة أن يكون محرك المركبات في حالة جيدة لا يخرج منه دخان مكثف يؤدي إلى الإضرار بالصحة العمومية ، وفي سنة 1982 صدر القانون رقم 48 ولائحته التنفيذية رقم 08،المتعلق بحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث بحيث يمنع معه رمي المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت الصناعية والسياحية في مجاري المياه إلا بالحصول على ترخيص.
وفي سنة 1994 صدر القانون رقم 04 الذي دخل حيز النفاذ في 04/02/1994 والذي يعتبر أول قانون يصدر في مجال حماية البيئة جامعا لكل محتويات ومكونات البيئة .
المطلب الثاني
التطور التشريعي لقانون حماية البيئة في الجزائر
لقد كان موضوع البيئة الشغل الشاغل للدول وهذا نظرا للأهمية البالغة التي يكتسيها وكثرة المشاكل التي تطرحها البيئة ،وعلى هذا الأساس ارتأينا البحث حول أهم المراحل التي مر بها تشريع حماية البيئة الجزائري وذلك خلال الحقبة الاستعمارية التي عاشتها الجزائر وبعد أن نالت استقلالها.
الفرع الأول
تطور قانون حماية البيئة أثناء الفترة الاستعمارية
تعد الجزائر من الدول التي خضعت لفترة طويلة من الاستعمار ،وبذلك فإن مصيرها كان هو مصير أية دولة مستعمرة ،تتداول عليها القوانين والأنظمة الاستعمارية ،لكن لما يتعلق الأمر بقواعد حماية البيئة فإن المستعمر الفرنسي يأبى تطبيقها في الأراضي الجزائريـة لأن هذا يتعـارض


1- د. عبد الفتاح مراد ،المرجع السابق ص 339 .
ومصالحه الاستعمارية ،فالجزائر بالنظر لما تتمتع به من ثروات وموارد طبيعية مهدت للمستعمر باستغلالها فأدى هذا الطمع إلى استنـزاف الموارد البيئية ، ومن ذلك الثروة الغابية حيث تعرضت لقطع الأشجار وحرق الغابات ،كما قام المعمر بعمليات الحفر الهمجية رغبة منه في الحصول على الثروات المعدنية مما أدى إلى تعكير طبقات المياه الجوفية وتشويه سطح الأرض كما قام المستعمر بإنشاء المستوطنات على حساب الأراضي الفلاحية .
ومما تقدم يمكن القول أن القوانين التي طبقتها فرنسا في الجزائر خلال الفترة الإستعمارية لعبت الدور الكبير في استنـزاف الموارد البيئية وتقليصها.
الفرع الثاني
تطور قانون حماية البيئة بعد الإستقلال
بعد الاستقلال مباشرة ،انصب اهتمام الجزائر على إعادة بناء ما خلفه المستعمر وبذلك فقد أهملت إلى حد بعيد الجانب البيئي ،لكن بمرور الزمن أخذت الجزائر العناية بالبيئة، وهذا بدليل صدور عدة تشريعات تناهض فكرة حماية البيئة وكان ذلك في شكل مراسيم تنظيمية منها مــا
يتعلق بحماية السواحل (1) ومنها ما يتعلق بالحماية الساحلية للمدن(2) ،كما تم إنشاء لجنة المياه(3).
وقد صدر أول تشريع يتعلق بتنظيم الجماعات الإقليمية وصلاحياتها وهو قانون البلدية الصادر سنة 1967 إلا أنه لم يبين صراحة الحماية القانونية للبيئة واكتفى فقط بتبيان صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره يسعى إلى حماية النظام العام(4).
أما قانون الولاية الصادر سنة 1969 فإنه يمكن القول بشأنه أنه تضمن شيئا عن حماية البيئة وهذا من خلال نصه على التزام السلطات العمومية، بالتدخل لمكافحة الأمراض المعدية والوبائية.


1- المرسوم رقم 63/73 المتعلق بحماية السواحل ،الجريدة الرسمية ،العدد 13 في 04/03/1963 .
2- المرسوم رقم 63/478 المتعلق بالحماية الساحلية للمدن ،الجريدة الرسمية ،العدد 98 في 20/12/1963.
3-المرسوم رقم 67/38 المتعلق بإنشاء لجنة المياه ،الجريدة الرسمية العدد 52 في 24/07/1963.
4- الأمر رقم 67/73 المتضمن قانون البلدية ،الجريدة الرسمية ،عدد 6 في 18/01/1967 .


وفي مطلع السبعينات وغداة دخول الجزائر مرحلة التصنيع ،بدأت تظهر بوادر تشريعية تجسد اهتمام الدولة بحماية البيئة وهذا ما نجده مبررا بإنشاء المجلس الوطني للبيئة كهيئة استشارية تقدم اقتراحاتها في مجال حماية البيئة (1).
وفي سنة 1983 صدر قانون حماية البيئة الذي تضمن المبادئ العامة لمختلف جوانب حماية البيئة ،ويعد هذا القانون نهضة قانونية في سبيل حماية البيئة والطبيعة من جميع أشكال الاستنـزاف وقد فتح ذات القانون كذلك المجال واسعا للاهتمام بالبيئة، مما أدى إلى صدور عدة قوانين وتنظيمات أهمها القانون المتعلق بحماية الصحة وترقيتها(2)، الذي عبر من خلاله المشرع على العلاقة بين حماية الصحة وحماية البيئة تحت عنوان "تدابير حماية المحيط والبيئة" (3).
كما صدر سنة 1987 القانون المتعلق بالتهيئة العمرانية ،وهذا ما يعني اتجاه الدولة إلى انتهاج سياسة التوزيع المحكم والأمثل للأنشطة الإقتصادية والموارد البيئية والطبيعية (4).
وإلى جانب ما سبق ذكره ،نجد أن المشرع لم يورد مسألة حماية البيئة في القانون العادي والقوانين الفرعية فحسب ،بل تعدى اهتماهه وخصها بالدراسة في دستور 1989 حينما كرس الحماية القانونية للبيئية معتبرا إياها مصلحة عامة تجب حمايتها كما أضاف ضرورة الاعتناء بصحة المواطن ووقايته من الأمراض المعدية وذلك من خلال إلزام الدولة بالتكفل بهذا المجال(5).
وفي بداية التسعينات صدر قانونا البلدية والولاية (6)،حيث نصت المادة 58 من قانون الولاية على اختصاص المجلس الشعبي الولائي في أعمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وكذا تهيئة الإقليم الولائي ،وحماية البيئة وترقيتها.
وأضافت المادة 78 أنه ملزم كذلك بالسهر على أعمال الوقاية الصحية واتخاذ الإجراءات المشجعة

1- المرسوم رقم 74/156 المتضمن إنشاء المجلس الوطني للبيئة ،الجريدة الرسمية ،عدد 59 في 23/07/1974.
2-القانون رقم 85/05 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها ،الجريدة الرسمية العدد 8 في 17/02/1985 ص 176.
3-المواد من 32إلى 51 من القانون رقم 85/05.
4-المرسوم رقم 87/03 المتعلق بالتهيئة العمرانية ،الجريدة الرسمية ،العدد 5 في 27/11/1987.
5-دستور 1989 ،المادة 51 .
6-القانون رقم 90/09 المتضمن قانون الولاية ،الجريدة الرسمية ،عدد 15 في 11/04/1990 والقانون رقم 90/08 المتضمن قانون
البلدية ،الجريدة الرسمية،عدد 15 في 11/04/1990 .

لإنشاء هياكل مرتبطة بمراقبة وحفظ الصحة ،كما أكدت المادة 66 من جهتها على ضرورة المبادرة بحماية الأراضي الفلاحية.
وفيما يخص قانون البلدية ،فالبرجوع إلى نص المادة 107 منه نجد أنه تضمن عدة أحكام تنصب مجملها حول حماية البيئة منها ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الأوبئة.
وقصدا من المشرع لإحداث الموازنة بين قواعد العمران وقواعد حماية البيئة ،صدر قانون التهيئة والتعمير ¬(1)الذي يهدف إلى إحداث التوازن في تسيير الأراضي بين وظيفة السكن،الفلاحة الصناعة والمحافظة على البيئة والأوساط الطبيعية .
ورغبة منه في إفراد حماية خاصة بالموارد المائية خصها المشرع بالتنظيم في الأمر رقم 96/13، وهذا بغرض وضع سياسة محكمة من أجل تلبية متطلبات الري ، القطاع الصناعي واحتياجات الأفراد.
ويتجلى لنا بوضوح تأثر المشرع الجزائري بموضوع البيئة والإشكالات التي يطرحها من خلال صدور القانون رقم 03/10 المتضمن حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة والذي يمكن القول بشأنه أنه جاء ثمرة مشاركة الدولة الجزائرية في عدة محافل دولية تخص هذا الموضوع منها ندوة ستوكهولم وقمة الجزائر لدول عدم الإنحياز وكذا مصادقة الجزائر على العديد من الإتفاقيات التي تصب في نفس الإطار وأهمها إتفاقية ريودي جانيرو المنعقدة بالبرازيل التي تعتبر نقطة التحول الكبرى في السياسة البيئية الدولية بصفة عامة والجزائرية بصفة خاصة، وخير دليل على النهضة البيئية التي جاء بها القانون السالف الذكر، تضمنه على مجموعة من المبادئ والأهداف التي تجسد حماية أفضل للبيئة، بما يتناسب ومتطلبات التنمية المستدامة ومبادئها.
إضافة إلى ما سبق نجد أنه وفي كل سنة مالية يصدر قانون يتضمن بنودا تتعلق بالبيئة(2)، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حرص المشرع على مواكبة متطلبات العصرنة بما تفرزه من مشاكل

1-القانون رقم 90/29 المتعلق بالتهيئة والتعمير،الجريدة الرسمية،العدد 52 في01/12/1990 المعدل بالأمر 04/50في 14/08/2004.
2-أنظر المادة 263 مكرر 3 من القانون 01/21 المتضمن قانون المالية لسنة 2002 والذي جاء به المشرع ليجسد مبدأ الملوث الدافع برفع نسب رسوم رفع النفايات وهذا لمعالجة مشكلة النفايات الحضرية والتي كان مقدارها في ظل قانون المالية لسنة 1993 زهيدا ،مما شكل صعوبة للبلديات في تطوير أساليب معالجة النفايات .

بيئية متعددة، وفي المقابل على متابعته عن كثب لمختلف الحلول المقترحة لها سواء على المستوى الدولي بمناسبة المؤتمرات المنعقدة في هذا الخصوص أو من خلال الندوات الدراسية الوطنية الخاصة بالبيئة .
من خلال هذا الفصل التمهيدي ،حاولنا إزالة اللبس والغموض حول بعض المفاهيم والمصطلحات المقترنة بموضوع البيئة ،وهذا لكي يتسنى لنا الخوض في كافة الجوانب التي يتطلبها هذا الموضوع.
وفي هذا الصدد شرعنا في استنباط مفهوم البيئة، وعلاقته ببعض المفاهيم المرتبطة به ،ثم سعينا إلى إيجاد تعريف قانوني جامع مانع لقانون حماية البيئة وحددنا خصائصه ووصلنا إلى إيجاد العلاقة التي تربطه بباقي فروع القانون وانتهينا في الأخير إلى البحث في التطور التشريعي الذي مر به قانون حماية البيئة سواء في التشريعات المقارنة أو في التشريع الجزائري .















الفصل الأول
الإجراءات الإدارية الكفيلة بحماية البيئة
ينتهج المشرع الجزائري في وصفه للقواعد القانونية المتعلقة بحماية البيئة الطابع الإزدواجي في الصياغة، فهو يحدد الإجراءات الوقائية التي تحول دون وقوع الاعتداء على البيئة من جهة،ومن جهة أخرى يحدد الجزاءات المترتبة عن مخالفتها ، و حينما نتكلم عن الإجراءات الوقائية التي يضعها المشرع بصفة عامة فإننا نقصد بذلك تلك القواعد القانونية التي تمنع وقوع السلوك المخالف لإرادة المشرع و هي تعد بمثابة الوقاية السابقة المخولة للمؤسسات التنفيذية لضبط كافة الاعتداءات التي تنتهك القواعد القانونية .
و بالمقابل هناك ما يعرف بالقواعد الجزائية هذه الأخيرة عبارة عن وسائل ردعية تضمنها المشرع كجزاء قانوني وليد الاعتداءات و المخالفات و عليه فهي تعد بمثابة رقابة لاحقة لسلوكات الأفراد تجاه القواعد القانونية .
لقد وضع المشرع الجزائري مجموعة من الإجراءات الوقائية لحماية البيئة في مختلف جوانبها سواء فيما تعلق منها بحماية الموارد المائية أو المجال الطبيعي أو الإطار المعيشي ، من خلال الإجراءات القانونية التي تناولتها القوانين التي تصب في الإطار العام لحماية البيئة و تتمثل أهم هذه الوسائل في التراخيص ، المنع (الحظر) دراسات التأثير و التصريح أو نظام التقارير .
و نظرا لاعتبار الترخيص أهم هذه الأساليب كونه الأسلوب الأكثر تحكما و نجاعة لما يحققه من حماية مسبقة على وقوع الاعتداء كما أنه يرتبط بالمشاريع ذات الأهمية و الخطورة على البيئة سيما المشاريع الصناعية و أشغال البناء و كذلك المركبات و المنقولات الأخرى التي يؤدي في الغالب استعمالها إلى استنزاف الموارد الطبيعية و المساس بالتنوع البيولوجي ، و عليه خصصنا له مجالا واسعا مقارنة بالأساليب الأخرى إلا أن هذا لا يعني التقليل من أهمية الوسائل الأخرى إذ أن البعض منها يتداخل و من ذلك علاقة الترخيص بدراسة التأثير، إذ أن الحصول على الأولى يستدعي استيفاء الثانية ، غير أن مجال تطبيق أسلوب الترخيص ينصب حول المشاريع ذات الخطورة مقارنة مع نظام التقارير الذي يتطلبه المشرع في بعض النشاطات التي لا تصل فيها الخطورة إلى الدرجة التي تتطلبها المشاريع الخاضعة للترخيص.

يتبين انطلاقا من النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة أنها تكتسي طابع المصلحة العامة(1) ،إذ من خلالها نرى أن ثمة إلزام عام يجبر كل شخص مهما كان مركزه سواء أعتبر شخصا طبيعيا أو معنويا أن يساهم بسلوكه في حماية الموارد البيئية إذ نصت المادة 08من القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على أنه يتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي بحوزته معلومات متعلقة بالعناصر البيئية التي يمكنها التأثير بصفة مباشرة أو غير مباشرة على الصحة العمومية ، تبليغ هذه المعلومات إلى السلطات المحلية أو السلطات المكلفة بالبيئة .
كذلك إن القواعد البيئية المتعلقة بحماية البيئة جلها قواعد آمرة (2) ،بما أنها تهدف إلى حماية الصالح العام ،و لا يكون أدنى اختيار للأشخاص المكلفين بها ، إلا احترامها في حدود ما ينص عليه القانون .
إن مكافحة كل أشكال الاستنزاف للموارد البيئية يتطلب من الإدارة فرض بعض الالتزامات والقيود على الحريات الفردية عن طريق وسائل محددة كالتراخيص ،الأوامر، الدراسات المسبقة لبعض المشاريع لتفادي الأضرار التي من شأنها المساس بالبيئة (3) ، و هي تعد إجراءات إدارية لأن الإدارة هي التي تتدخل في تطبيقها و مراقبتها وفق الشروط القانونية ، و عليه سنتطرق إلى هذه الإجراءات بالتفصيل .







1-أنظر المواد 08 ،09 ،10 ،11 ،و12 من القانون03 /10 المتعلق بحماية البيئة ،وكذا المادة 03 من القانون 03 /03 المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية والتي تنص علي مايلي "ًيكتسي تحديد وتصنيف وحماية وتهيئة وترقية مناطق التوسع والمواقع السياحية وإعادة الاعتبار لهل طابع المنفعة العمومية"ً
2-من خلال قراءتنا لقانون حماية البيئة نجد أن المشرع يستعمل مصطلحات توحي بإلزامية هذه القواعد من"ذلكً
"يتعينً"،"ًيجبً" ،"يتخذ"،"يحظـرً"،ً "يمنـع"،...الخ.
-4Aliscandre Kiss et ****ton Dinach ,Traité de droit Europein de l environnement ,p18,19










قديم 2009-12-31, 12:30   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الأول
الترخيص
يقصد بالترخيص باعتباره عملا من الأعمال القانونية ، ذلك الإذن الصادر عن الإدارة لممارسة نشاط معين ، وبالتالي فإن ممارسة النشاط الإداري هنا مرهون بمنح الترخيص ،فلا بد من الحصول على الإذن المسبق من طرف السلطات المعنية وهي السلطة الضابطة (1) ،والرخصة الإدارية من حيث طبيعتها تعد قرارا إداريا أي تصرف إداري إنفرادي (2) ،و الترخيص من حيث الأصل يكون دائما مالم بنص القانون على خلاف ذلك ، ومن حيث السلطة المختصة بإصداره فقد يصدر من السلطات المركزية ،كما في حالة إقامة مشاريع ذات أهمية ، وقد يصدر من السلطات المحلية كرئيس البلدية أو الوالي كرخصة البناء مثل.
والتشريع الجزائري و على غرار تشريعات العالم يتضمن الكثير من الأمثلة في مجال الضبط الإداري المتعلق بحماية البيئة وسنقتصر على بعض الأمثلة فقط ، فأسلوب الترخيص نجده في قانون المياه، قانون المناجم ،القانون المتعلق بحماية الساحل وتثمينه ، القانون المحدد لمناطق التوسع والمواقع السياحية ، كما نجده أيضا في التشريع الأساسي للبيئة بالإضافة إلى قانون التهيئة والتعمير وقانون المنشآت المصنفة...الخ ، وعليه سنقتصر على أهم تطبيقات أسلوب الترخيص .
المطلب الأول
رخصة البناء وعلاقتها بحماية المجال الطبيعي
قد يتبادر في الذهن أن قانون التعمير و مايؤديه من دور استهلاكي للأراضي يجعله يتجاوز القواعد التي تبناها قانون حماية البيئة ،لكن في حقيقة الأمر نرى أن القواعد التي جاء بها المشرع في قانون التهيئة و التعمير تهدف إلى سد الفراغ القانوني و ذلك بتكريسها للصلة الموجودة بين عملية التهيئة


1- د . عبد الغاني بسيوني عبد الله ،القانون الإداري ،دراسة مقارنة لأسس ومبادئ القانون الإداري وتطبيقاتها في مصر ،الإسكندرية ،منشأة المعارف بالإسكندرية،1991 ص385
2- د.عمار عوابدي القانون الإداري،الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية،1990،ص407
و حماية البيئة (1).
ونفس الشيئ يقال عن القانون 03/ 03المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية الذي أخضع منح رخصة البناء داخل مناطق التوسع و المواقع السياحية إلى الرأي المسبق من الوزارة المكلفة بالسياحة و بالتنسيق مع الإدارة المكلفة بالثقافة عندما تحتوي هذه المناطق على معالم ثقافية مصنفة (2) وقد أحالت المادة 10 من نفس القانون على قانون التهيئة و التعمير بنصها على أن شغل و استغلال الأراضي الموجودة داخل مناطق التوسع و المواقع السياحية يكون في ظل احترام قواعد التهيئة والتعمير .
من خلال هذا العرض تتضح الصلة الموجودة بين القانونين باعتبارهما ميدانين متكاملين ومترابطين ، و تتجسد هذه العلاقة أكثر فيما يتطلبه المشرع من إجراءات بغرض الحصول على رخصة البناء ، و من خلال التمعن في نصوص القانونين المذكورين أعلاه يتضح أن المشرع حاول إقرار وسائل تعمير مشجعة و بالمقابل حاول وضع قواعد للتصدي لكل التجاوزات التي لا تحترم القواعد و الشروط المنصوص عليها قانونا من جهة، و من جهة أخرى لحماية الأراضي الفلاحية والمناطق التي تحتوي على مناظر أرضية و بحرية محمية (3) .
الفرع الأول
مجال الحصول على رخصة البناء
كما سبق القول فإن رخصة البناء تشكل جانبا هاما من جوانب الرقابة الممارسة على الاستهلاك العشوائي للمحيط ، و إذا كانت الرخص المتعلقة بتنظيم شغل الأراضي و استعمالاتها متعددة منها شهادة المطابقة رخصة التجزئة ،رخصة الهدم ، الرخصة الخاصة بالأشغال العامة المختلفة،ورخص الوقف تعد كلها ذات أهمية في استهلاك المجال الطبيعي، فإن رخصة البناء تعد أهم هذه الرخص(4)


1- تنص المادة الأولي من القانون 90 /29 المتعلق بالتهيئة والتعمير علي ما يلي:"يهدف هذا القانون إلي ...وأيضا وقاية المحيط والأوساط الطبيعية والمناظر والتراث الثقافي والتاريخي علي أساس احترام مبادئ وأهداف السياسة الوطنية للتهيئة العمرانية".
2- أنظر المادة 24 من القانون 03 /03 المذكور أعلاه.
3- أنظر المادة 05 من القانون 03 /03، وكذا المادة 29 وما بعدها من القانون 03 /10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة.
-4 Dr : Delabdere André et les autres ,Droit administratif 15éme édition,Librirairie générale et de droit et de jurisprudence ,1995,p388 .
فقد نص القانون المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي للبناء (1) ،على ضرورة الحصول على رخصة البناء في حالة تشيد بنايات جديدة مهما كان استعمالها ،أو تغير البناء الذي يمس الجدران الضخمة أو الواجهات أو هيكل البناية أو الزيادات في العلو التي ينجر عنها تغير في التوزيع الخارجي.
من خلال هذا النص فالمشروع لم يقتصر على شرط الرخصة في إقامة البناءات الجديدة فحسب وإنها في حالة تغير جوهري في المبنى وهو التغير الذي يمس بالجدران الضخمة، ويشترط المشرع بعض المقاييس في مشاريع البناء الخاضعة للترخيص من ذلك ضرورة وضعها من قبل مهندس معمـاري بالإضافة إلى بعض الوثائق التي تشير إلى موقع البناية وتكوينها وتنظيمها ومظهر واجهتها (2) .
وبهذا يكون القانون المتعلق برخصة البناء في مادته الخامسة قد تبنى ثقافة واسعة في مجال البناء والتعمير والترخيص المتعلق بالبناء وحماية البيئة ،حيث يقضى بأن رخصة البناء إجبارية في عملية البناء التي تتعلق بالمنشآت الصناعية أو النقل المدني والجوي والبحري أوتصفية المياه ومعالجتها أو تصفية المياه المستعملة و صرفها أو معالجة النفايات المنزلية و إعادة استعمالها ،والملاحظ من خلال هذا النص أن المشرع قد جعل الحصول على رخصة البناء شرطا إجباريا لإقامة هذه المشاريع المشار إليها من خلال نص المادة ،و قد يطرح السؤال مالهدف من وراء ذلك .
للإجابة عن هذا السؤال نرى أن مثل هذه المشاريع لها علاقة بالصحة العمومية و قد سبق أن بينا أن حماية الصحة العمومية يعد عنصر من عناصر النظام العام الذي تسعى إجراءات الضبط لحمايته، و عليه فإن النصوص المتعلقة برخصة البناء لها علاقة تكميلية مع قوانين حماية الصحة العمومية، ففي حالة مخالفة الشروط المتعلقة بحماية البيئة فإن السلطات الإدارية ملزمة برفض تسليم رخصة البناء.


1- القانون رقم 82/ 02 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي للبناء ،( الجريدة الرسميــة العـدد 06 المؤرخ في 06 /02 /1982 ).
2- المادة 55 من القانون 90 /29 .

وهناك بعض المجالات المتعلقة بمنح رخصة البناء نصت عليها بعض القوانين الخاصة مثل القانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه الذي نص في مادته الثالثة عشر و الرابعة عشر على انه يجب أن يراعى في علو المجمعات السكنية والبناءات الأخرى المبرمجة على مرتفعات المدن الساحلية التقاطيع الطبيعية .
ونصت المادة 45 من القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، على وجوب أن تخضع عمليات بناء واستعمال واستغلال البنايات و المؤسسات الصناعية و التجارية و الحرفية والزراعية إلي مقتضيات حماية البيئة و تفادي إحداث التلوث الجوي و الحد منه .
لكن السؤال الأهم الذي يطرح هو هل أن سلطة الإدارة مقيدة بما هو منصوص عليه في مادة 15 من القانون 82/02 والتي تقضي بوجوب مراعاة الأحكام التشريعية و التنظيمية،لاسيما في مجال البناء والنظافة و الأمن و حماية الأراضي الفلاحية ،أم أنه يمكن لها رفض تسليم التراخيص في حالات أخرى ؟
لقد نص المشرع على حالات معنية تتعلق بالنظافة و الأمن وحماية الأراضي الفلاحية وهذه المفاهيم لها مدلولات مرنة ومجالات واسعة ،و بالتالي يكون للإدارة السلطة التقديرية الواسعة في مجال منح رخص البناء ، وبالتالي فإن الإدارة ليست مقيدة بما نص عليه المشرع فقط،إذ أن النص التشريعي جاء عاما.
ثم جاء القانون 90/ 29 المتعلق بالتهيئة و التعمير الذي نص صراحة في المادة 52 على ضرورة الحصول على رخصة البناء ،ومن هنا يظهر التوفيق بين قواعد العمران وحماية البيئة بصفة جد واضحة وهذا ليس من خلال المواد التي ذكرناها سابقا فحسب وإنما نجد أن المادة الأولى منه تؤكد هذه الحماية (1) ،ونفس الشيء قد أكدته المادة الأولى من القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية التي نصت على أن تهيئة وترقية مناطق التوسع يتم في إطار الاستعمال العقلاني والمنسجم للفضاءات والموارد السياحية قصد ضمان التنمية المستدامة للسياحة(2).

1-تنص المادة الأولي من القانون 90 /29 علي ما يلي: "يهدف هذا القانون ... حماية المحيط والأوساط الطبيعية والمناظر والتراث الثقافي ...".
2-أنظر أيضا في هذا الإطار نص المادة 05 من القانون 03 /01 المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة وكذا نص المادة 03 من القانون 02 /02 المتعلق بحماية الساحل وتثمينه.

ومن خلال ما سبق فإن السلطة التقديرية للإدارة في منح رخصة البناء تمتاز بالمرونة والمراقبة التشريعية الصارمة سيما إدا تعلق الأمر بالمناطق المحمية .
الفـرع الثـاني
الشروط القانونية للحصول على رخصة البناء
نصت المادة السابعة و الثامنة من قانون التهيئة و التعمير على ضرورة أن تكون المباني ذات الاستعمال السكني مجهزة بجهاز لصرف المياه يحول دون تدفقها على سطح الأرض.
وقد جاء المرسوم التنفيذي لهذا القانون (1) ،حيث نص على ضرورة الموازنة بين تسليم رخصة البناء وحماية البيئة (2) ،كما شمل النص على جميع الوثائق التي تتطلبها رخصة البناء و تتمثل في مـــايلي :
أولاـ مذكرة بالنسبة للمباني الصناعية : في هذا المجال وجب تحديد جميع المواد السائلة وكميتها ودرجة إضرارها بالصحة العمومية ، و انبعاث الغازات و تراتيب المعالجة و التخزين والتصفية ، و كذا مستوى الضجيج المنبعث بالنسبة للبنايات ذات الاستعمال الصناعي و التجاري و مؤسسات استقبال الجمهور .
ثانيا ـ قرار من الوالي يتضمن الترخيص بإنشاء المؤسسات الخطرة و غير الصحية و المزعجة :
و عليه فلا يكتفي بتحضير مذكرة تحديد المباني ذات التأثير على البيئة و حسب و إنما يجب زيادة على ذلك الحصول على ترخيص ولائي لإقامة المنشآت .
ثالثاـ إحضار وثيقة دراسة مدى التأثير: و هي دراسة تقام بغرض التعرف على عمليات الاستثمار في المجال البيئي، و قد ظهر أول نص قانوني يتعلق بدراسة مدى التأثير في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1969 عرف ب National environment policy act ،حيث تطلب القانون من الوكالات الفدرالية إعـداد دراسة بيئية لكل النشاطات الفيدرالية التي يمكن أن تلحــق


(1) المرسوم التنفيذي رقم 91 /176 المتعلق بتحديد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم (الجريدة الرسمية العدد 26 المؤرخ في 28/05/1991 ).
(2) المادة 35 من المرسوم التنفيذي رقم 91/176.

أضرار كبرى بالبيئة البشرية (1) ، كما أعلنت عن قيمة هذه الدراسة أيضا وثيقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة تحت رقم 07/14 Unep – GC بتاريخ 02/02/1987 المتعلق بحماية أهداف ومبادئ تقييم الآثار على البيئة، لذلك أقرت التشريعات سواء الداخلية أو الدولية دراسة التأثير و استعملت كمصطلح تقني وضيفي في وثائق دولية (2).
أما المشرع الجزائري فقد أدرج هذا الإجراء ضمن قانون حمايةالبيئة لسنة 1983 في الباب الخامس ثم جاء النص التطبيقي له في التسعينات (3) ، و تم إدراجه في القانون الجديد رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة في الفصل الرابع من الباب الثاني و يبقى النص التطبيقي السابق قابل للتطبيق لحين صدور نصوص تنظيمية جديدة(4) .
و قد نصت المادة 15 من القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على أن تخضع مسبقا و حسب الحالة لدراسة التأثير على البيئة أو لموجز التأثير على البيئة مشاريع التنمية والهياكل و المنشآت الثابتة و برامج البناء و التهيئة التي تؤثر بصفة مباشرة أو غير مباشرة فورا أولاحقا على البيئة .
إن الملاحظ من خلال النصوص أنه ليس من السهولة بمكان الحصول على رخصة البناء لإقامة مشاريع مهما كان نوعها لاسيما التي ذكرتها المادة 15 من القانون 82/02 ، بل نجد أن المشرع قد اشترط عدة إجراءات قانونية و آليات و ضوابط تقنية بهدف الحصول على التراخيص بالبناء .
كما يشترط الاختصاص الإداري في منح الترخيص ، فلا يمكن تسليم رخصة البناء إلا من طرف الهيئة الإدارية المختصة و إلا اعتبر قرار الإدارة في هذا المجال معيبا بعيب عدم الاختصاص الإداري و عليه نكون بصدد الخروج عن مبدأ المشروعية الإدارية .
و تجدر الإشارة أن التشريع الفرنسي يربط تسليم رخصة البناء بضرورة أن تكون البلدية المعينة




1- أنظر الدكتور :طه طيار ،دراسة التأثير علي البيئة في التشريع الجزائري ،مجلة الإدارة الصادرة عن المدرسة الوطنية للإدارة
ص 03 ،13 العدد الأول سنة 1991 .
2- د.طه طيار ،المقال المذكور سابقا،ص 04.
3- المرسوم التنفيذي رقم 90/78 المتعلق بدراسة مدي التأثير (الجريدة الرسمية العدد 10 المؤرخ في 27/02/1990 .
4- المادة 113 من القانون 03/10.
مغطاة بمخطط شغل الأراضي، وعليه فان رئيس البلدية يمكن له رفض تسليم البناء بقرار غير مسبب لأن الأمر يتعلق بضرورة وجود مخطط شغل الأراضي و هذا الحكم تضمنه المرسوم الصادر في 07/07/1977 و عليه تكون سلطة رئيس البلدية سلطة تقديرية واسعة (1) ، أما بالنسبة للبلديات التي تم تغطيتها بمخطط شغل الأراضي فإن رئيس البلدية ملزم بمنح رخصة البناء ( المادة 59 من قانون 07/07/1983 المتعلق بالتهيئة و التعمير الفرنسي ) .
كما أن القانون الفرنسي يستثني بعض الأشغال من الخضوع لرخصة البناء منها الأشغال التي يكون لها انعكاس ضعيف على البيئة و بالتالي فليس من المهم إخضاعها لرخصة البناء و إنما يكتفي فيها المشرع بمجرد التصريح السابق Déclaration préalable و هذا بمقتضى القانون الصادر في 06/01/1986(2).
وبمقارنة هذا النص الأخير بنص المادة 62 من قانون التهيئة و التعمير الجزائري التي لم تحدد لنا طبيعة البناءات الخاضعة لرخصة البناء فهل يمكن القول بأن المشرع الجزائري جاء مطلقا في طلب رخصة البناء و بالتالي فكل بناية مهما كان استعمالها من الضروري أن تخضع لرخصة البناء ؟ المشرع الجزائري استثنى فقط المشاريع التي تحتمي بسرية الدفاع الوطني (3) ، و ماعدا هذا الاستثناء فكل البنايات يجب أن تخضع للترخيص .
وإذا كان نص المادة 55 من قانون التهيئة والتعمير قبل التعديل الأخير(4) يعفي من اللجوء إلي مهندس معماري في البناءات القليلة الأهمية،فان النص الجديد المعدل لأحكام المادة والمستحدث اثر زلزال بومرداس قد جاء مطلقا دون استثناء .
لكن ثمة مناطق و نظرا لأهميتها مثل الأراضي الفلاحيـة و السواحـل (5)، فقـد أخضعهــا


1 Prieur Michel .op cit .p607.
-2 De Lanbadre André et les autres .op.cit.p389.
3- المادة 53 من القانون 90/29 .
4- القانون 04/05 المؤرخ في 14/08/2004 المعدل والمتمم للقانون 90/29 (الجريدة الرسمية 51 لسنة 2004).
5- فقد نصت المادة 24 من القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية على أن يخضع منح رخصة البناء داخل مناطق التوسع والمواقع السياحية إلى الرأي المسبق من الوزارة المكلفة بالسياحة و بالتنسيق مع الإدارة المكلفة بالثقافة عندما تحتوي هذه عل معالم ثقافية مصنفة.

المشرع الجزائري إلى بعض الإجراءات الخاصة و هي وضع تصاميم من قبل مهنــدس معماري معتمد ، هذا الأخير يلتزم بضمان التصاميم و المستندات المكتوبة التي تعرف بموقع البنايات وتكوينها و تنظيمها و حجمها و مظهرها و أهميتها (1).
إن الحكمة من الاستناد إلى تصميم مهندس معماري دليل على أن المشرع يعتبر هذه المناطق أقاليم ذات أهمية خاصة في مجال حماية البيئة و المحافظة عليها (2).
في الأخير نشير إلى أن رخصة البناء تعتبر من أهم التراخيص التي تعبر عن الرقابة السابقة على المحيط البيئي و الوسط الطبيعي ، و بالنظر إلى ما جاءت به النصوص القانونية يمكن القول أن المشرع الجزائري رغبة منه في حماية المحيط قد وضع إجراءات صارمة تستطيع من خلالها السلطات الإدارية ممارسة رقابة واسعة و اتخاذ القرارات المناسبة و المشرع من وراء هذا يهدف إلى ضبط المحافظة على الطابع الجمالي للعمران في إطار احترام متطلبات البيئة و التوازن الإيكولوجي و هي نفس الأهداف التي نرى أن القانون 01/20(3) المتعلق بتهيئة الإقليم و تنميته المستدامة يرمي إلى تحقيقها من خلال المخططات سواء الوطنية أو الجهوية (4) ،إلا انه ومع ذلك يلاحظ أن هناك اعتداءات خطيرة على المحيط الطبيعي بسبب انتشار البناءات الفوضوية لعدم وجود رقابة مشددة من جهة و من جهة أخرى عدم وعي المواطن الذي يرغب في إقامة مشروع دون أهمية الحصول على رخصة البناء ظنا منه أن هذا الإجراء يعد بمثابة قيد على ممارسة حقه في الملكية .






1- المادة 55الفقرة الأولى من القانون90/29 .
2- حميدة جميلة ، الوسائل القانونية لحماية البيئة ، دراسة على ضوء التشريع الجزائري ، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير
جامعة البليدة ، 2001 .
3- القانون 01/20 المتعلق بتهيئة الإقليم وتنميته المستدامة الصادر بتاريخ 15/12/2001 (الجريدة الرسمية عدد 77 سنة 2001).
4- أنظر المادة 04 من نفس القانون.

المطلب الثاني
رخصة الصب و علاقتها بحماية الموارد المائية
تعتبر الموارد المائية من أكبر الأوساط المستقبلة و الأشد تعرضا لمختلف الملوثات التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض المتنقلة عن طريق المياه هذه الأمراض ناتجة بلا شك عن الملوثات التي تتعرض لها الموارد المائية يوميا ، و التي يبقي الإنسان هو المسؤول الأول و الأخير عنها نظرا لكثافة النشاطات الصناعية التي يمارسها و ما ينتج عنها من أضرار و عليه حاول المشرع وضع حد لمختلف أشكال هذه التجاوزات و ذلك بوضع النصوص و الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية الموارد المائية من عمليات الصب و التصريف و الغمر والترميد (1) المخالفة للمقاييس القانونية، هذه الإجراءات كثيرة أهمها التراخيص ، و قد تناول المشرع هذا الإجراء في نصوص عديدة و اعتبرها إجراء وقائي يهدف إلى الحد من النشاطات التي تعد خطرا على الموارد المائية ، و عليه فقد تدارك المشرع خطورة الموقف الناتج عن عملية التصريف أو الصب ووضع مجموعة من النصوص القانونية الكفيلة بحماية الموارد المائية من خطر التلوث .
الفرع الأول
طبيعة التصريف و مجاله
يعتبر قانون المياه الصادر في سنة 1983 التشريع الأساسي الخاص بحماية الموارد المائية حيث وضع المقاييس الضرورية للمحافظة على استمرارية هذه الموارد كما و نوعا (2) ، و إلي جانب قانون المياه نجد أن القانون 03/10 قد خص الفصل الثالث من الباب الثالث لحماية المياه والأوساط المائية .
و بموجب قانون المياه يمنع المشرع كل عملية تتعلق بتصريف أو قذف أو صب أية مادة في عقارات الملكية العامة للمياه، خاصة منها إفرازات المدن و المصانع التي تحتوي على مواد صلبة


1- جاء القانون المتعلق بالنفايات بمصطلح الغمر ،وعرفه بأنه كل عمليات رمي النفايات في الوسط المائي ،كما استعملت مصطلحات أخري في المرسوم 02/01 المتعلق بالنظام العام لاستغلال الموانئ وأمنها ،مثل الطرح ،الرمي،الإلقاء...الخ ،كما تضمنت المادة 52 من القانون 03/10 مصطلح الترميد.
2- أنظر المادة 48 وما بعدها من القانون المتعلق بحماية البيئة.

أو سائلة أو غازية أو على عوامل مولدة لأضرار قد تمس من حيث كميتها و درجة سميتها بالصحة العمومية والثروة الحيوانية والنباتية أو تضر بالتنمية الاقتصادية (1) ،وهو نفس المنع الذي تضمنته المادة 51 من القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة بنصها على مايلي: "يمنع كل صب أو طرح للمياه المستعملة أو رمي للنفايات أيا كانت طبيعتها في المياه المخصصة لإعادة تزويد طبقات المياه الجوفية و في الآبار والحفر و سراديب جذب المياه التي غير تخصيصها .
من خلال قراءتنا للمادتين نلاحظ أن المشرع استعمل أسلوب الحظر المطلق بالنسبة لتصريف المواد التي لها انعكاسات سلبية على الصحة العمومية والموارد الطبيعية الحيوية أو التنمية الاقتصادية.
كما أن التصريف الذي يقصده المشرع في نص المادة هو التصريف أو الصب أو القذف الذي يتم في الملكية العامة للمياه سواء كانت سطحية أو جوفية أو مجاري المياه و البحيرات و البرك و المياه الساحلية (2).
و المقصود بالملكية العامة للمياه على حــد تعبير المشرع الجزائري هي تلك الموارد المائية التي تملكها المجموعة الوطنية (3) ،و تتكون الملكية العامة للمياه طبقا للتشريع الجزائري مما يلي (4):
- المياه الجوفية و مياه الينابيع والمياه المعدنية و مياه الحمامات و المياه السطحية .
- مياه البحار التي أزيلت منها المعدنيان من طرف الدولة و لحسابها من أجل المنفعة العامة.
- مجاري المياه و البحيرات و البرك و السياخ و الشطوط و كذلك الأراضي و النباتات الموجودة ضمن حدودها .
-منشآت تعبئة المياه و تحويلها و تخزينها و معالجتها أو توزيعها أو تطهيرها و بصفة عامة كل منشأة مائية و ملحقاتها منجزة من قبل الدولة أو لحسابها من أجل المنفعة العامة، و إلى جانب هذا النص يوجد نص المادة 52 من القانون 03/10 المتعلقة بحماية المياه البحرية إذ بموجبه يمنع داخل




1- المادة 99 من القانون 83/17.
2- أنظر المادة 49 من القانون03/10.
3- المادة 17 من دستور 1996.
4- المادة 02 من القانون 83/17.
المياه البحرية الخاضعة للقضاء الجزائري كل صب أو غمر أو ترميد لمواد من نشأنها الأضرار بالصحة العمومية و الأنظمة البيئية البحرية ،و قد أحال المشرع بشأن قائمة المواد المذكورة في نص المادة على التنظيم لضبط القائمة، كما تضمنت المادة 56 من المرسوم 02/01(1) حظرا مطلقا على كل طرح في أحواض الميناء و المرسى لمياه قد تحتوي على المحروقات أو مواد خطرة أو نفايات سامة أو مواد عالقة و بصفة عامة كل مادة مضرة بالمحيط البحري .
و بعد إن استعمل المشرع وسيلة المنع بالنسبة للمواد التي لها خطر على المجالات المذكورة سابقا ، فإنه بالمقابل أخضع المواد التي لا تشكل خطرا على تلك المجالات إلى الترخيص أو ما سماه المشرع برخصة الصب هذه الأخيرة تعد وسيلة من أهم وسائل الضبط الإداري الخاص بحماية الموارد المائية من خطر التلوث باعتبارها إجراء وقائي يحول دون وصول الملوثات للموارد المائية .
غير أن دارستنا لرخصة الصب كوسيلة من الوسائل المتاحة لحماية الموارد المائية ، هو على سبيل المثال ، إذ توجد طرق أخرى تتعلق بالنفايات الصلبة نذكر منها طريقة الغمر و الترميد السالفتا الذكر و التي لها إجراءات خاصة لم تكتمل من الناحية التنظيمية .
وإذا كان المشرع قد أحاط بمخاطر النفايات السائلة فإن النفايات الصلبة و رغم خطورتها سيما منها بقايا النشاطات الصناعية و العلاجية لم تحظ بالعناية اللازمة إلا منذ صدور القانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها ، و كذا المرسوم 02/01 المتعلق باستغلال الموانئ و أمنها .
و قبل أن نتعرض إلى شروط تسليم الترخيص و إجراءاته ارتأينا الوقوف على المقصود بالصب .
لقد عرف المرسوم 93/160 (2) مفهوم الصب بقوله كل تصريف أو تدفق أو إيداع مباشر أو غير مباشر لنفاية صناعية في وسط طبيعي، و الملاحظ من خلال التعريف الذي ورد في نص المادة أن المشرع قد ذكر عبارة "وسط طبيعي" هذه العبارة لها مفهوم واسع فهي تشمل مياه الملكية العامة
كما تشمل التصريف في الوسط البحري، أما المادة 53 من قانون حماية البيئة(3) ، فهي تتعلــق

1- المرسوم 02/01 الصادر بتاريخ 06/01/2002 المحدد للنظام العام لاستغلال الموانئ وأمنها ،(الجريدة الرسمية العدد الأول لسنة2001).
2- المرسوم 93/160 المتعلق بتنظيم النفايات الصناعية السائلة (الجريدة الرسمية عدد 46 لسنة 1993 ).
3- لقد أخضعت المادة 55 من القانون 03/10 عمليات غمر النفايات في البحر إلى الترخيص المسبق من الوزير المكلف بحماية البيئة .
بحماية مياه البحر فقط و عليه ستقتصر دراستنا على الترخيص المشار إليه في المادة 100 من قانون
المياه و المتعلق بالصب الذي يتم في الملكية العامة للمياه، للنفايات الصناعية السائلة كنموذج من نماذج الترخيص الخاص بحماية الموارد المائية .
إن المشرع من خلال نص المادة 02 من المرسوم 93/160 قد حصر طلب رخصة الصب في النفايات الصناعية السائلة في حين أن المشرع المصري اشترط رخصة التصريف في العديد من المخلفات سواء الصلبة ،أو السائلة أو الغازية، غير أن المشرع الجزائري تدارك هذا النقص بموجب القانون 01/19 السالف الذكر الذي جاء بغرض سد الفراغ ،وقد تناول في مواده مجموعة تعار يف لمختلف النفايات الصلبة نذكر منها ، النفايات المنزلية ، النفايات الخاصة النفايات الهامدة ونفايات النشاطات الفلاحية (1).
أما المقصود بالمخلفات السائلة فهي كل مخلفات صادرة عن المجال الصناعي أو الآدمي أو الحيواني الناتجة عن عمليات الصرف الصحي أو المخلفات الناتجة عن مزارع الدواجن و الحظائر(2).
ولقد حدد المرسوم 93/160 الشروط الخاصة بتسليم رخصة الصب بقوله " لا يمكن الترخيص بتصريف النفايات الصناعية السائلة إلا بتوافر شرطين ضروريين:
أولا:ألا يتعدى في المصدر القيم القصوى و المحددة في المرسوم .
ثانيا:ضرورة تحديد الشروط التقنية التي يكون تحديدها موضوع قرار من الوزير المكلف بحماية البيئة (3) .
إن هذه الشروط التقنية التي وضعها المشرع تعبر عن تداركه لخطورة المخلفات الصناعية السائلة نظرا لما تحتوي عليه من مواد كيميائية ضارة يصعب تحليلها أو التخلص من آثارها الضارة و هذا ما حاول المشرع تأكيده بموجب القانون 01/19 و ذلك في إطار سياسة تشريعية، إدراكا منه لما أصبحت تشكله من تهديد على الصحة و البيئة إذ خص المشرع إنجاز منشآت معالجــة


1- أنظر نص المادة 03 من القانون 01/19 ، وكذا نص المادة 05 التي أحالت علي التنظيم لتحديد قائمة النفايات بما في ذالك النفايات الخاصة و الخطرة.
2- د.معوض عبد التواب ،الحماية الجنائية الخاصة بحماية البيئة ،منشأة المعارف ،الإسكندرية ،1990 ،ص 25 .
3- المرسوم 93/160 المادة 04.
النفايات بتدابير خاصة (1) ، و فيما يتعلق بالشواطئ باعتبارها أكثر عرضة للتلوث لسهولة رمي النفايات بها لقربها في غالب الأحيان من المجمعات الصناعية ، فقد خصها المشرع هي الأخرى بحماية خاصة بموجب القانون 03/02 (2) إذ نصت المادتين 10و12 منه على أنه يمنع رمي النفايات المنزلية و الصناعية و الفلاحية في الشواطئ أو بمحاذاتها أو القيام بكل عمل يمس بالصحة العمومية كما أن المرسوم 02/01 المتعلق باستغلال الموانئ و أمنها نص على المنع من طرح نفايات السفن في الميناء إلا بعد التحقق بمساعدة خبير معين من السلطة المينائية من أن مياه الصابورة نظيفة(3) .










قديم 2009-12-31, 12:44   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني
إجراءات الحصول على رخصة الصب
فيما يخص إجراء الحصول على رخصة الصب فإنها تتم عن طريق تقديم المعني سواء كان شخصا معنويا أو طبيعيا ، ملف طلب رخصة الصب، هذا الأخير يشمل على مايلي :
أولا: أسماء و ألقاب الطالب و صفته ، فإن كانت مؤسسة عمومية ففي هذه الحالة لابد من تقديم البيانات الخاصة بالطبيعة و المقر و الهدف و الأسماء و الألقاب و الممثل و المتعامل مع الإدارة المعنية بالترخيص .
ثانيا:وصف موقع العملية المزمع القيام بها، و عند الاقتضاء عمقها و المستويات الباطنية التي تتم فيها
ثالثا: طبيعة التصريف و أهميته، و شروطه، و التدابير المقترحة لمعالجة شكل تلوث المياه.
رابعا: طبيعة العناصر الملوثة التي يمكن أن تفسد حالة المياه.
خامسا: الوصف التقني للأجهزة ،بغرض تجنب إفساد نوعية المياه أو المساس بالسلامة العمومية .
إن هذه الشروط تطرح عدة أسئلة خاصة من ناحية صحتها فغالبا ما يتجنب صاحب الطلب ذكر

1- المادة 41 وما بعدها من القانون 01 /19.
2- القانون 03/02 المؤرخ في 17/02/2003 ،المحدد للقواعد العامة لاستعمال واستغلال الشواطئ،(الجريدة الرسمية العدد 11،2003).
3- المادة 58 من المرسوم 02/01.
العناصر الملوثة أو التقليل من مخاطرها ، و عليه كان من الأجدر اعتماد خبراء تقنيين في مجال الري للقيام بالتحاليل و تقديم النتائج عن طريق وثائق ، تضم لملف طلب الرخصة .
و في حالة عدم مطابقة التصريف لما تضمنته رخصة الصب فإن المشرع يخول لمفتشي البيئة بعد إعذار الوالي المختص لصاحب الجهاز أن يتخذ التدابير التي تجعل التصريف مطابق لمضمون الرخصة إلا أنه لم يحدد لنا تلك الآجال (1) ، و لا ندري لماذا أغفل المشرع تحديد الآجال فهل هي متروكة للسلطة التقديرية للإدارة ؟
ردا على تساؤلنا نرى أنه من الأفضل لو حدد المشرع هذه المواعيد بدقة حتى لا تتهاون الإدارة في اتخاذ الجزاء المنصوص عنه قانونا من جهة ، و لإلزام الأفراد على اتخاذ التدابير الضرورية للقيام بعملية المعالجة حتى يتطابق التصريف مع مضمون الرخصة إذ بقدر ما تكون النصوص القانونية مضبوطة بقدر ما يؤدي ذلك إلى الالتزام بتطبيقها سواء من طرف السلطات الإدارية المعنية أو من طرف الأفراد الملزمين بها (2) .
غير أن الملاحظ في هذا الشأن أن المشرع تداركا منه لهذا الوضع نص بموجب القانون 03/02 في مادته 45 على أنه في حالة عدم استجابة المخالف للإعذار الأول الموجه إليه من الوالي و المنصوص عليه في المادة 44 خلال أسبوع من تاريخ تبليغ الإعذار ، يعذر المخالف للمرة الثانية و إذا لم يفي بالتزاماته المحددة في دفتر الشروط و التي من بينها حسب نص المادة 10 الامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه إفساد نوعية مياه البحر ، يتم سحب الامتياز من صاحبه دون الإخلال بالمتابعات القضائية، و بهذا يكون المشرع قد تدارك نسبيا ما سها عنه قانون المياه و ذلك بمنح مدة من تاريخ الإعذار من أجل الكف عن المخالفة و إعادة الأماكن إلى حالتها .
غير أن الشرط المهم الذي نجده في التشريع المصري هو شرط إجراء المعاينة اللازمة لإصدار الترخيص ، يتولاها مهندس الري الذي تقع في دائرة عمله المنشأة عن طريق تقديم الدراسات الفنية


1- المادة 11 من المرسوم 93/160.
2- نجد أيضا أن المشرع قد سها عن تحديد آجال إصلاح الأوضاع في نص المادة 48 من القانون 01/19 بعد أمر السلطات بذالك.

اللازمة ، و على مهندس الري المختص استطلاع رأي وزارة الصحة عن نتيجة التحاليل (1) ، أما المشرع الجزائري محاولة منه لفرض تدابير لاحقة وتداركا للنقص مقارنة بالتشريع المصري قضى بموجب نص المادة 49 من القانون 01/19 على إمكانية طلب إجراء خبرة للقيام بالتحاليل اللازمة لتقييم الأضرار و آثارها على الصحة العمومية و البيئة .
و الجهة المختصة بتسليم رخصة التصريف حسب المرسوم 93/160 هو الوزير المكلف بالبيئة بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالري (2) ، إلا أن المشرع لم يحدد مدى إلزامية رأي الوزير المكلف بالري في هذه الحالة .
و في حالة ما إذا لم يقم صاحب الشأن بالمعالجة إذا ثبت عدم مطابقة التصريف لمضمون الرخصة فإن الوالي يقرر الإيقاف المؤقت لسير التجهيزات في نهاية الآجال المحددة (3) .
والملاحظ على التشريع الجزائري هو غياب نص قانوني موحد للإجراءات سواء منها المتعلق بالمعاينات و إثبات المخالفات أو تلك المتعلقة بإجراءات سحب الرخصة ، إذ أن النصوص المتوفرة حاليا موزعة بين عدة قوانين و حتى مراسيم و هذا ما يصعب الجمع بينها ، فمثلا في حالة وجود مخالفة فإنه يستلزم الرجوع إلى القانون 01/19 في مادته 49 لمعرفة إجراءات إثبات المخالفة عن طريق الخبرة ، و بالنسبة لإلزامية إصلاح الضرر في حالة ثبوت المخالفة فإنه يجب الرجوع إلى المرسوم 02/01 في مادته 57 التي تنص على أن يلزم المسئول بالرمي بالقيام أو التكليف بالقيام على نفقته بتنظيف المساحات المائية ، و في حالة العجز يباشر في الأشغال على نفقة مرتكب المخالفة ،و هي نفس الأحكام التي تضمنتها المادة 100 من القانون 03/10 في فقرتها الثالثة بنصها أنه يمكن للمحكمة أن تفرض على المحكوم عليه بإصلاح الوسط المائي و هذه المادة أشمل من المادة 57 المذكورة أعلاه ، فإذا كانت هذه الأخيرة تتعلق بالأوساط البحرية فإن نص المادة 100 قابل للتطبيق على كل صب في المياه سواء السطحية أو الجوفية أومياه البحر الخاضعة للقضاء الجزائري .


1- د. معوض عبد التواب،مرجع سابق ، ص 29.
2- المادة 10 من المرسوم 93/160.
3- المادة 11 من المرسوم 93/163.

وفي الأخير نشير إلى أن التلوث المائي يعد أهم أخطار التلوث التي لها انعكاسات على البيئة الصحية للمواطن ، لذلك فقد سعت مختلف التشريعات لاتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بوضع حد لهذه الأخطار ، كما أن الأوساط المائية تعد أكثر المجالات الطبيعية استقبالا للملوثات لأن أغلب النشاطات البشرية تحتاج إلى إقامتها بالقرب من الموارد المائية ، مما يسبب ضررا لصحة الإنسان.
خلاصة القول أن رخصة الصب التي أشار إليها المشرع ما هي إلا صورة من صور الترخص الخاص بحماية الموارد المائية من التلوث ، و هي وسيلة قانونية تهدف إلى محاربة مصدر من مصادر التلوث و هو التلوث الناجم عن النفايات الصناعية السائلة بتوافر شروط قانونية ذات طابع تقني يجب مراعاتها قبل تسليم الترخيص للمعني بالمشروع ، و تبقى النفايات الصلبة في حاجة إلى نصوص تنظيمية من أجل تفعيل تطبيق القانون 01/19 .
المطلب الثالث
رخصة استغلال المنشآت المصنفة و علاقتها بحماية الأمن الصناعي
لم يظهر الاهتمام بمشكل المؤسسات الصناعية و التجارية التي تسبب مساوئ للجوار وأخطار على البيئة إلا منذ سنة 1976 ، من خلال صدور المرسوم 76/34(1)المتعلق بالعمارات والمؤسسات الخطيرة الغير صحية والمزعجة التي تفتقر إلى عنصر النظافة أو الغير اللائقة،وهذا المرسوم هو أول تشريع تناول حماية البيئة من أخطار التلوث الصناعي في الجزائر، والذي عدل بجملة من القوانين والمراسيم أهمها القانون 83/03 المتعلق بحماية البيئة والذي نظم هذه المؤسسات
الخطرة في الباب الرابع منه تحت عنوان الحماية من المضار و الذي أطلق على هذه المؤسسات اسم المنشآت المصنفة،هذا القانون الذي ألغي بموجب القانون المؤرخ في 20/07/2003 والذي تناول المنشأة المصنفة في الفصل الخامس،والتنظيم المعمول به حاليا في مجال المنشأة المصنفة هو المرسوم التنفيذي رقم 98/339 الذي يضبط المنشأة المصنفة ويحدد قائمتها (2) .


1- المرسوم 76/34 المؤرخ في 20/02/1976 المتعلق بالعمارات الخطيرة واللاصحية أو المزعجة.
2- المرسوم التنفيذي رقم 98/339 المؤرخ في 03/11/1998 الخاص بالتنظيم المطبق علي المنشأة المصنفة والمحدد لقائمتها (الجريدة الرسمية العدد 82لسنة 1998 ) .

الفرع الأول
المقصود بالمنشآت المصنفة
نصت المادة الأولى من المرسوم 76/34 على مايلي :" تخضع المعامل اليدوية و المعامل والمصانع والمخازن و الورشات و جميع المؤسسات الصناعية أو التجارية التي تتعرض لأسباب الأخطار والأضرار سواء بالنسبة للأمن و سلامة الجوار و الصحة العمومية أو البيئة أيضا لمراقبة السلطة الإدارية ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم " ، كما نصت المادة 18 من القانون المتعلق بحماية البيئة لسنة 2003 على مايلي : " تخضع لأحكام هذا القانون المصانع والورشات والمشاغل و مقالع الحجارة و المناجم، و بصفة عامة المنشآت التي يشغلها أو يملكها كل شخص طبيعي أو معنوي ، عمومي أو خاص ، و التي قد تتسبب في أخطار على الصحة العمومية والنظافة و الأمن و الفلاحة و الأنظمة البيئية و الموارد الطبيعية و المواقع و المعالم و المناطق السياحية أو قد تتسبب في مساس براحة الجوار ".
وانطلاقا من هاتين المادتين يمكن تعريف المنشأة بأنها منشأة صناعية أو تجارية تسبب مخاطر أو مضايقات في ما يتعلق بالأمن العام و الصحة و النظافة العمومية أو البيئة مما يستدعي خضوعها لرقابة خاصة بهدف منع مخاطرها أو مضايقاتها و التي أهمها خطر الانفجار و الدخان و الروائح (2)
و المشرع الجزائري تأثر تأثيرا واضحا بالمشرع الفرنسي الذي قسم المنشآت إلى درجتين منشآت خاضعة للترخيص و منشآت خاضعة للتصريح، حيث تمثل المنشآت الخاضعة للترخيص الصنف الأكثر خطورة على المصالح من تلك الخاضعة للتصريح.
وبالنظر إلى التنظيم الجديد الخاص بالمنشآت المنصفة فقد رتب المشرع المنشآت الخاضعة للترخيص حسب درجة الأخطار أو المساوئ التي تنجم عن استغلالها إلى ثلاثة أصناف، حيث تخضع المنشآت من الصنف الأول إلى ترخيص الوزير المكلف بالبيئة ويخضع الصنف الثاني إلى ترخيص الوالي المختص إقليميا في حين يخضع الصنف الثالث إلى ترخيص رئيس المجلس الشعبي البلدي (2)، و من هذا القبيل أيضا خضوع منشآت معالجة النفايات إلى هذا التقسيم فقـد نصت


1- د. ماجد راغب الحلو، مرجع سابق ،ص 91.
2- المادة 55 من المرسوم 98/339 .
المادة 42 من القانون 01/19 على أن تخضع كل منشآت لمعالجة النفايات قبل الشروع في عملها إلى مايأتى:
-رخصة الوزير المكلف بالبيئة بالنسبة للنفايات الخاصة .
-رخصة من الوالي المختص إقليميا بالنسبة للنفايات المنزلية وما شابهها .
-رخصة من رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا بالنسبة للنفايات الهامدة.
و هذا النص يتماشى ونص المادة 76 من المرسوم 89/339 التي أشارت إلى خضوع المنشآت التي تشكل أخطار أو مساوئ على المصالح المنصوص عليها في مادة 74 لترخيص من الوزير المكلف بحماية البيئة أو الوالي أو الرئيس المجلس الشعبي البلدي.
في حين أن المنشآت الخاضعة للتصريح هي تلك المنشآت التي لا تسبب أي خطر أو مساوئ للمصالح المنصوص عليها في المادة 74 (1).
وبشأن صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في هذا المجال فقد نص قانون البلدية الصادر سنة 1990 على اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي في الموافقة على إقامة أي مشروع على تراب بلديته من شأنه أن يتضمن مخاطر مضرة بالبيئة (2).
ولعل عبارة المخاطر المضرة بالبيئة على حد تعبير النص هي عبارة واسعة تحمل في طياتها العديد من المفاهيم و من ذلك المخاطر التي تنجم عن النشاطات الصناعية .
الفـرع الثاني
الإجراءات الخاصة بإقامة المنشآت المصنفة
فيما يتعلق بإجراءات الحصول على الترخيص فإن القانون يتطلب شروط قانونية، و هي طبقا للمرسوم الجديد تتمثل في ضرورة إيداع طلب الترخيص لدى السلطة المانحة، يشمل كافة المعلومات الخاصة بصاحب المنشأة سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا (3) ، أما المعلومات الخاصة بالمنشـأة فهي ترتكز على الموقع بالدرجة الأولى ، وتركيز المشرع على الموقع يعد تداركا لإقامة

1- المادة 21 من المرسوم 98/339 .
2- المادة 92 من القانون 90/08.
3- المادة 06 من المرسوم 98/339 .

المنشآت المنصوص عنها في الملحق في المناطق الفلاحية أو الساحلية أو ذات الأهمية التاريخية و هذه الأخيرة نظرا لأهميتها فقد خصها المشرع بعناية خاصة نص عنها صراحة في قانون التهيئة و التعمير فبالنسبة للأقاليم ذات الميزة الطبيعية و الثقافية البارزة كتلك التي تتميز بموقعها المناخي أوالجيولوجي فإنه لابد من تدخل النصوص التشريعية و التنظيمية لتحديد لالتزامات الخاصة التي تطبق عليها وكل ما يتعلق بالموقع و تهيئة محيط التراث الطبيعي الثقافي و حمايته و تنميته (1) ، أما فيما يخص الأراضي الفلاحية، فإن حقوق البناء لا بد أن تنحصر في البناءات الضرورية و الحيوية للإستغلالات الفلاحية أما بالنسبة للسواحل فقد أولاها هي الأخرى حماية خاصة باعتبارها مصدرا من مصادر النشاطات الساحلية (2) ،و عليه فإنه بموجب نص المادة 12من القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه يمنع التوسع الطولي للمحيط العمراني للمجمعات السكانية الموجودة على الشريط الساحلي على مسافة تزيد عن ثلاثة كيلومترات من الشريط الساحلي ، و فيما يتعلق بالأنشطة الصناعية فإن القانون 02/02 (3) ،جاء بحظر مطلق على إقامة أي نشاط صناعي جديد على الساحل (4) .
لكن المشرع رغم استعماله للحظر المطلق من خلال النص المذكور أعلاه كأصل، فإنه كاستثناء يرخص بالأنشطة الصناعية والمرفئية ذات الأهمية الوطنية التي تنص عليها أدوات تهيئة الإقليم، وهذا النص ينطبق مع النص الذي تضمنه قانون حماية البيئة الذي يقضي بإخضاع المنشآت المصنفة حسب أهميتها و حسب الأخطار أو المضار التي تنجر عن استغلالها ، للترخيص أوالتصريح حسب جسامة الأخطار الناجمة عن عمليات الاستغلال(5).

1- المادتين 46و47 من القانون 90/29.
2- اعتبر المشرع أعمال التنمية في الساحل على أنها أعمال تندرج ضمن بعد وطني لتهيئة الإقليم والبيئة (أنظر المادة 03 من القانون 03/03 ).
3- المادة 15 من القانون 02/02.
4- يشمل الساحل حسب نص المادة 07 من نفس القانون على جميع الجزر و الجزيرات و الجرف القاري .
5- المادة 19 من القانون 03/10.

وبالإضافة إلى شرط الموقع ثمة شروط قانونية أخرى منها تحديد طبيعة الأعمال التي يعتزم القيام بها و حجمها و كذا أساليب الصنع التي ينتجها المعني و المواد التي يستخدمها، مما يسمح بتقدير الأخطار التي تتسبب فيها المنشأة (1) .
وفرق المشرع بين ما إذا تعلق طلب الترخيص بإنشاء منشأة من الصنفين الأول و الثاني التي تتطلب وثائق تتعلق أساسا بخريطة مقاييس التصميم و بين المنشآت من الصنف الثالث (2) وهذا بالنظر إلى خطورة المساوئ الناجمة عنها مما يجعل الاختصاص بمنح الترخيص يختلف حسب هذه المقاييس .
كما يتطلب إضافة إلى ذلك دراسة التأثير المنصوص عنها في قانون حماية البيئة، إذ يسبق تسليم رخصة استغلال المنشآت المصنفة تقديم دراسة التأثير أو موجز التأثير ، و تحقيق عمومي ودراسة تتعلق بالأخطار و الانعكاسات المحتملة للمشروع على المصالح المذكورة في المادة 18 والملاحظ على نص المادة أن :
1- المشرع استحدث ما يسمى بالتحقيـق العمومي غير أنه لم يبين ماهيته و الجهة التي تقوم به أو إجراءاته .
2- كما نص على ما سماه "دارسة تتعلق بالأخطار و الانعكاسات المحتملة " فهل هذه الدراسة هي نفسها دارسة التأثير أم أنها تختلف عنها ؟ لقد نصت المادة 21 علي أن الدراسة المتعلقة بالأخطـار و الانعكاسات المحتملة تكون بغرض معرفة تأثير المنشأة على الساحة العمومية و النظافة و الأمـن و الفلاحة و الأنظمة البيئية ، و هي في رأينا نفس النتائج التي تسعى إلى تحقيقها دراسة التأثير حسب نص المادة 16 ، و عليه فإن المشرع إذا وفق في استحداث إجراء التحقيق العمومي لما يحققه نتائج لصالح الإدارة المانحة في بسط رقابة أشد ، فإن الدراسة المتعلقة بالأخطار والانعكاسات تعد من باب الحشو و التزيد .
إن الملاحظ من خلال هذه الشروط أن المشرع ركز على أهم المقاييس التقنية التي تسمح للإدارة المختصة سواء مركزية أو محلية برفض أو منح الرخصة بالنظر إلى مدى توافرها أوإغفالها للشروط.


1- المادة 06 فقرة 3 و 4 من المرسوم التنفيذي رقم 98/339.
2- المادة 07 من المرسوم 98/339.
أما فيما يخص إجراءات الحصول على الرخصة في التشريع الجزائري،فقد رأينا أن هذه المنشآت محددة عن طريق قائمة و عليه فإنه في حالة عدم ورود المنشأة ضمن قائمة المنشآت، تقوم السلطة التي تم إيداع الملف لديها بإشعار صاحب الطلب خلال مدة 15 يوما التي تلي تاريخ الإيداع ، ثم يعاد المـــلف إلى المعني (1) .
لكن السؤال الذي يطرح ماذا لو كانت هذه المنشأة ذات تأثير علي البيئة، و غير مدرجة في قائمة المنشآت المصنفة ؟
لقد وضع المشرع حلول من اجل تجنب مثل هذا الوضع ، إذ نصت المادة 25 من القانون 03/10 على أنه عندما ينجم عن استغلال منشأة غير واردة في قائمة المنشآت المصنفة أخطار أو أضرار تمس بالمصالح المذكورة في المادة 18 ، و بناءا على تقرير من مصالح البيئة يعذر الوالي المستغــل و يحدد له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة ، و إذا لم يمتثل المستغل في الأجل المحدد يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة .
وفي حالة ما إذا كانت المنشأة ضمن المنشآت المنصوص عليها في الصنف الثالث (2) ، ففي هذه الحالة يقرر الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي بمقتضى قرار الشروع في تحقيق علني بمجرد تسلم الملف المتعلق بالمنشأة المصنفة مبينا فيه موضوع التحقيق و تاريخه و كذلك الأوقات و المكان الذي يمكن للجمهور الإطلاع فيه على الملف و فتح سجل تجمع فيه آراء الجمهور على مستوى مقرات المجالس الشعبية التي تقام فيها المنشأة و الموقع الذي ستقام فيه ، و تقع مسؤولية الالتزام بنشر هذا الإعلان على عاتق الولاة المختصين إقليميا (3) ، غير أن رؤساء المجالس الشعبية البلدية الذين يمس المحيط المذكور جزء من إقليمها ملزمون بتعليق الإعلان للجمهور على نفقة صاحب الطلب (4) .
1- المادة 08 من المرسوم 98/339.
2- الماة 05 فقرة 4 من المرسوم 98/339 الخاصة بالصنف الثالث للمنشآت التي تخضع لترخيص رئيس المجلس الشعبي البلدي.
3- المادة 09 من المرسوم 98/339.
4- المادة 10 من المرسوم 89/339.
و يتم هذا التعليق في مقر البلدية المعنية قبل ثمانية أيام على الأقل من الشروع في التحـقيق العلني(1) .
و يتطلب الأمر تقديم نسخة من طلب الرخصة للمصالح المحلية المكلفة بالبيئة و الري والفلاحة والصحة و الشؤون الاجتماعية و الحماية المدنية و مفتشية العمل و التعمير و البناء والصناعة والسياحة من أجل إبداء رأيها مع إلزامها بتقديم أرائها في آجال 60 يوما و إلا فصل في الأمر من دونها (2).
لكن ما يلاحظ أن المشرع أشار إلى ضرورة الاستشارة لكنه لم يبين هل يعتبر رأيها ملزما أم لا ؟.
و بعد ذلك يتم استدعاء صاحب الطلب خلال ثمانية أيام للقيام بتقديم مذكرة إجابة خلال مدة حددها المشرع باثنين و عشرين يوما ، ثم يتم إرسال ملف التحقيق إلى الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي ، و يمكن لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يطلع في الولاية أو البلدية على مذكرة صاحب الطلب و على استنتاجات المندوب المحقق (3) .
من خلال هذه الإجراءات التي تضمنها المرسوم، نلاحظ أن المشرع أعطى ضمانة للمجهول للمساهمة في إعداد القرارات لاسيما في مثل هذه المشاريع التي ينجم عن إنجازها أثر مهم على حياة المواطنين، و على حد تعبير البعض فإن هذا يعد صورة حقيقية لتجسيد الديمقراطية الإيكولوجية (4) .
أما بالنسبة للمجالس الشعبية البلدية التي يعتزم أن تقام فيها المنشأة فعليها أن تبدي برأيها في طلب الرخصة بمجرد افتتاح التحقيق، إلا أنه لا يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار إلا الآراء المعللة التي يجب التعبير عنها في مهلة تقدر ب 15 يوما الموالية لإغلاق سجل التحقيق ، و قد فرق المشرع بين المنشآت من الصنف الثالث و المنشآت من الصنف الأول، فإذا كان قد أخضع المنشآت من الصنف الثالث إلى هذه الإجراءات، فإنه بالنسبة للمنشآت من الصنف الأول جعلها


1- المادة 11 فقرة 2 من المرسوم 98/339.
2- المادة 12 من المرسوم 98/339.
3- المادة 13 من المرسوم 98/339.
4- د.طه طيار، مرجع سابق ، ص 24 و 25.

تتم تحت مسؤولية الوالي المختص إقليميا(1).
وفي حالة رفض الطلب يجب تبليغ المعني بالرفض مع ضرورة تبرير موقف الإدارة و يقوم بالتبليغ الجهة المختصة حسب الحالة ، و يمكن للمعني في هذه الحالة أن يتقدم بالطعن في هذا الرفض .
هذا و قد أعطى المشرع فضلا عن كل الصلاحيات حق اتخاذ قرار يمنح الترخيص لمدة مؤقتة بناءا على طلب المعني و هذا في حالتين(2):










قديم 2009-12-31, 12:44   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني
إجراءات الحصول على رخصة الصب
فيما يخص إجراء الحصول على رخصة الصب فإنها تتم عن طريق تقديم المعني سواء كان شخصا معنويا أو طبيعيا ، ملف طلب رخصة الصب، هذا الأخير يشمل على مايلي :
أولا: أسماء و ألقاب الطالب و صفته ، فإن كانت مؤسسة عمومية ففي هذه الحالة لابد من تقديم البيانات الخاصة بالطبيعة و المقر و الهدف و الأسماء و الألقاب و الممثل و المتعامل مع الإدارة المعنية بالترخيص .
ثانيا:وصف موقع العملية المزمع القيام بها، و عند الاقتضاء عمقها و المستويات الباطنية التي تتم فيها
ثالثا: طبيعة التصريف و أهميته، و شروطه، و التدابير المقترحة لمعالجة شكل تلوث المياه.
رابعا: طبيعة العناصر الملوثة التي يمكن أن تفسد حالة المياه.
خامسا: الوصف التقني للأجهزة ،بغرض تجنب إفساد نوعية المياه أو المساس بالسلامة العمومية .
إن هذه الشروط تطرح عدة أسئلة خاصة من ناحية صحتها فغالبا ما يتجنب صاحب الطلب ذكر

1- المادة 41 وما بعدها من القانون 01 /19.
2- القانون 03/02 المؤرخ في 17/02/2003 ،المحدد للقواعد العامة لاستعمال واستغلال الشواطئ،(الجريدة الرسمية العدد 11،2003).
3- المادة 58 من المرسوم 02/01.
العناصر الملوثة أو التقليل من مخاطرها ، و عليه كان من الأجدر اعتماد خبراء تقنيين في مجال الري للقيام بالتحاليل و تقديم النتائج عن طريق وثائق ، تضم لملف طلب الرخصة .
و في حالة عدم مطابقة التصريف لما تضمنته رخصة الصب فإن المشرع يخول لمفتشي البيئة بعد إعذار الوالي المختص لصاحب الجهاز أن يتخذ التدابير التي تجعل التصريف مطابق لمضمون الرخصة إلا أنه لم يحدد لنا تلك الآجال (1) ، و لا ندري لماذا أغفل المشرع تحديد الآجال فهل هي متروكة للسلطة التقديرية للإدارة ؟
ردا على تساؤلنا نرى أنه من الأفضل لو حدد المشرع هذه المواعيد بدقة حتى لا تتهاون الإدارة في اتخاذ الجزاء المنصوص عنه قانونا من جهة ، و لإلزام الأفراد على اتخاذ التدابير الضرورية للقيام بعملية المعالجة حتى يتطابق التصريف مع مضمون الرخصة إذ بقدر ما تكون النصوص القانونية مضبوطة بقدر ما يؤدي ذلك إلى الالتزام بتطبيقها سواء من طرف السلطات الإدارية المعنية أو من طرف الأفراد الملزمين بها (2) .
غير أن الملاحظ في هذا الشأن أن المشرع تداركا منه لهذا الوضع نص بموجب القانون 03/02 في مادته 45 على أنه في حالة عدم استجابة المخالف للإعذار الأول الموجه إليه من الوالي و المنصوص عليه في المادة 44 خلال أسبوع من تاريخ تبليغ الإعذار ، يعذر المخالف للمرة الثانية و إذا لم يفي بالتزاماته المحددة في دفتر الشروط و التي من بينها حسب نص المادة 10 الامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه إفساد نوعية مياه البحر ، يتم سحب الامتياز من صاحبه دون الإخلال بالمتابعات القضائية، و بهذا يكون المشرع قد تدارك نسبيا ما سها عنه قانون المياه و ذلك بمنح مدة من تاريخ الإعذار من أجل الكف عن المخالفة و إعادة الأماكن إلى حالتها .
غير أن الشرط المهم الذي نجده في التشريع المصري هو شرط إجراء المعاينة اللازمة لإصدار الترخيص ، يتولاها مهندس الري الذي تقع في دائرة عمله المنشأة عن طريق تقديم الدراسات الفنية


1- المادة 11 من المرسوم 93/160.
2- نجد أيضا أن المشرع قد سها عن تحديد آجال إصلاح الأوضاع في نص المادة 48 من القانون 01/19 بعد أمر السلطات بذالك.

اللازمة ، و على مهندس الري المختص استطلاع رأي وزارة الصحة عن نتيجة التحاليل (1) ، أما المشرع الجزائري محاولة منه لفرض تدابير لاحقة وتداركا للنقص مقارنة بالتشريع المصري قضى بموجب نص المادة 49 من القانون 01/19 على إمكانية طلب إجراء خبرة للقيام بالتحاليل اللازمة لتقييم الأضرار و آثارها على الصحة العمومية و البيئة .
و الجهة المختصة بتسليم رخصة التصريف حسب المرسوم 93/160 هو الوزير المكلف بالبيئة بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالري (2) ، إلا أن المشرع لم يحدد مدى إلزامية رأي الوزير المكلف بالري في هذه الحالة .
و في حالة ما إذا لم يقم صاحب الشأن بالمعالجة إذا ثبت عدم مطابقة التصريف لمضمون الرخصة فإن الوالي يقرر الإيقاف المؤقت لسير التجهيزات في نهاية الآجال المحددة (3) .
والملاحظ على التشريع الجزائري هو غياب نص قانوني موحد للإجراءات سواء منها المتعلق بالمعاينات و إثبات المخالفات أو تلك المتعلقة بإجراءات سحب الرخصة ، إذ أن النصوص المتوفرة حاليا موزعة بين عدة قوانين و حتى مراسيم و هذا ما يصعب الجمع بينها ، فمثلا في حالة وجود مخالفة فإنه يستلزم الرجوع إلى القانون 01/19 في مادته 49 لمعرفة إجراءات إثبات المخالفة عن طريق الخبرة ، و بالنسبة لإلزامية إصلاح الضرر في حالة ثبوت المخالفة فإنه يجب الرجوع إلى المرسوم 02/01 في مادته 57 التي تنص على أن يلزم المسئول بالرمي بالقيام أو التكليف بالقيام على نفقته بتنظيف المساحات المائية ، و في حالة العجز يباشر في الأشغال على نفقة مرتكب المخالفة ،و هي نفس الأحكام التي تضمنتها المادة 100 من القانون 03/10 في فقرتها الثالثة بنصها أنه يمكن للمحكمة أن تفرض على المحكوم عليه بإصلاح الوسط المائي و هذه المادة أشمل من المادة 57 المذكورة أعلاه ، فإذا كانت هذه الأخيرة تتعلق بالأوساط البحرية فإن نص المادة 100 قابل للتطبيق على كل صب في المياه سواء السطحية أو الجوفية أومياه البحر الخاضعة للقضاء الجزائري .


1- د. معوض عبد التواب،مرجع سابق ، ص 29.
2- المادة 10 من المرسوم 93/160.
3- المادة 11 من المرسوم 93/163.

وفي الأخير نشير إلى أن التلوث المائي يعد أهم أخطار التلوث التي لها انعكاسات على البيئة الصحية للمواطن ، لذلك فقد سعت مختلف التشريعات لاتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بوضع حد لهذه الأخطار ، كما أن الأوساط المائية تعد أكثر المجالات الطبيعية استقبالا للملوثات لأن أغلب النشاطات البشرية تحتاج إلى إقامتها بالقرب من الموارد المائية ، مما يسبب ضررا لصحة الإنسان.
خلاصة القول أن رخصة الصب التي أشار إليها المشرع ما هي إلا صورة من صور الترخص الخاص بحماية الموارد المائية من التلوث ، و هي وسيلة قانونية تهدف إلى محاربة مصدر من مصادر التلوث و هو التلوث الناجم عن النفايات الصناعية السائلة بتوافر شروط قانونية ذات طابع تقني يجب مراعاتها قبل تسليم الترخيص للمعني بالمشروع ، و تبقى النفايات الصلبة في حاجة إلى نصوص تنظيمية من أجل تفعيل تطبيق القانون 01/19 .
المطلب الثالث
رخصة استغلال المنشآت المصنفة و علاقتها بحماية الأمن الصناعي
لم يظهر الاهتمام بمشكل المؤسسات الصناعية و التجارية التي تسبب مساوئ للجوار وأخطار على البيئة إلا منذ سنة 1976 ، من خلال صدور المرسوم 76/34(1)المتعلق بالعمارات والمؤسسات الخطيرة الغير صحية والمزعجة التي تفتقر إلى عنصر النظافة أو الغير اللائقة،وهذا المرسوم هو أول تشريع تناول حماية البيئة من أخطار التلوث الصناعي في الجزائر، والذي عدل بجملة من القوانين والمراسيم أهمها القانون 83/03 المتعلق بحماية البيئة والذي نظم هذه المؤسسات
الخطرة في الباب الرابع منه تحت عنوان الحماية من المضار و الذي أطلق على هذه المؤسسات اسم المنشآت المصنفة،هذا القانون الذي ألغي بموجب القانون المؤرخ في 20/07/2003 والذي تناول المنشأة المصنفة في الفصل الخامس،والتنظيم المعمول به حاليا في مجال المنشأة المصنفة هو المرسوم التنفيذي رقم 98/339 الذي يضبط المنشأة المصنفة ويحدد قائمتها (2) .


1- المرسوم 76/34 المؤرخ في 20/02/1976 المتعلق بالعمارات الخطيرة واللاصحية أو المزعجة.
2- المرسوم التنفيذي رقم 98/339 المؤرخ في 03/11/1998 الخاص بالتنظيم المطبق علي المنشأة المصنفة والمحدد لقائمتها (الجريدة الرسمية العدد 82لسنة 1998 ) .

الفرع الأول
المقصود بالمنشآت المصنفة
نصت المادة الأولى من المرسوم 76/34 على مايلي :" تخضع المعامل اليدوية و المعامل والمصانع والمخازن و الورشات و جميع المؤسسات الصناعية أو التجارية التي تتعرض لأسباب الأخطار والأضرار سواء بالنسبة للأمن و سلامة الجوار و الصحة العمومية أو البيئة أيضا لمراقبة السلطة الإدارية ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم " ، كما نصت المادة 18 من القانون المتعلق بحماية البيئة لسنة 2003 على مايلي : " تخضع لأحكام هذا القانون المصانع والورشات والمشاغل و مقالع الحجارة و المناجم، و بصفة عامة المنشآت التي يشغلها أو يملكها كل شخص طبيعي أو معنوي ، عمومي أو خاص ، و التي قد تتسبب في أخطار على الصحة العمومية والنظافة و الأمن و الفلاحة و الأنظمة البيئية و الموارد الطبيعية و المواقع و المعالم و المناطق السياحية أو قد تتسبب في مساس براحة الجوار ".
وانطلاقا من هاتين المادتين يمكن تعريف المنشأة بأنها منشأة صناعية أو تجارية تسبب مخاطر أو مضايقات في ما يتعلق بالأمن العام و الصحة و النظافة العمومية أو البيئة مما يستدعي خضوعها لرقابة خاصة بهدف منع مخاطرها أو مضايقاتها و التي أهمها خطر الانفجار و الدخان و الروائح (2)
و المشرع الجزائري تأثر تأثيرا واضحا بالمشرع الفرنسي الذي قسم المنشآت إلى درجتين منشآت خاضعة للترخيص و منشآت خاضعة للتصريح، حيث تمثل المنشآت الخاضعة للترخيص الصنف الأكثر خطورة على المصالح من تلك الخاضعة للتصريح.
وبالنظر إلى التنظيم الجديد الخاص بالمنشآت المنصفة فقد رتب المشرع المنشآت الخاضعة للترخيص حسب درجة الأخطار أو المساوئ التي تنجم عن استغلالها إلى ثلاثة أصناف، حيث تخضع المنشآت من الصنف الأول إلى ترخيص الوزير المكلف بالبيئة ويخضع الصنف الثاني إلى ترخيص الوالي المختص إقليميا في حين يخضع الصنف الثالث إلى ترخيص رئيس المجلس الشعبي البلدي (2)، و من هذا القبيل أيضا خضوع منشآت معالجة النفايات إلى هذا التقسيم فقـد نصت


1- د. ماجد راغب الحلو، مرجع سابق ،ص 91.
2- المادة 55 من المرسوم 98/339 .
المادة 42 من القانون 01/19 على أن تخضع كل منشآت لمعالجة النفايات قبل الشروع في عملها إلى مايأتى:
-رخصة الوزير المكلف بالبيئة بالنسبة للنفايات الخاصة .
-رخصة من الوالي المختص إقليميا بالنسبة للنفايات المنزلية وما شابهها .
-رخصة من رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا بالنسبة للنفايات الهامدة.
و هذا النص يتماشى ونص المادة 76 من المرسوم 89/339 التي أشارت إلى خضوع المنشآت التي تشكل أخطار أو مساوئ على المصالح المنصوص عليها في مادة 74 لترخيص من الوزير المكلف بحماية البيئة أو الوالي أو الرئيس المجلس الشعبي البلدي.
في حين أن المنشآت الخاضعة للتصريح هي تلك المنشآت التي لا تسبب أي خطر أو مساوئ للمصالح المنصوص عليها في المادة 74 (1).
وبشأن صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في هذا المجال فقد نص قانون البلدية الصادر سنة 1990 على اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي في الموافقة على إقامة أي مشروع على تراب بلديته من شأنه أن يتضمن مخاطر مضرة بالبيئة (2).
ولعل عبارة المخاطر المضرة بالبيئة على حد تعبير النص هي عبارة واسعة تحمل في طياتها العديد من المفاهيم و من ذلك المخاطر التي تنجم عن النشاطات الصناعية .
الفـرع الثاني
الإجراءات الخاصة بإقامة المنشآت المصنفة
فيما يتعلق بإجراءات الحصول على الترخيص فإن القانون يتطلب شروط قانونية، و هي طبقا للمرسوم الجديد تتمثل في ضرورة إيداع طلب الترخيص لدى السلطة المانحة، يشمل كافة المعلومات الخاصة بصاحب المنشأة سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا (3) ، أما المعلومات الخاصة بالمنشـأة فهي ترتكز على الموقع بالدرجة الأولى ، وتركيز المشرع على الموقع يعد تداركا لإقامة

1- المادة 21 من المرسوم 98/339 .
2- المادة 92 من القانون 90/08.
3- المادة 06 من المرسوم 98/339 .

المنشآت المنصوص عنها في الملحق في المناطق الفلاحية أو الساحلية أو ذات الأهمية التاريخية و هذه الأخيرة نظرا لأهميتها فقد خصها المشرع بعناية خاصة نص عنها صراحة في قانون التهيئة و التعمير فبالنسبة للأقاليم ذات الميزة الطبيعية و الثقافية البارزة كتلك التي تتميز بموقعها المناخي أوالجيولوجي فإنه لابد من تدخل النصوص التشريعية و التنظيمية لتحديد لالتزامات الخاصة التي تطبق عليها وكل ما يتعلق بالموقع و تهيئة محيط التراث الطبيعي الثقافي و حمايته و تنميته (1) ، أما فيما يخص الأراضي الفلاحية، فإن حقوق البناء لا بد أن تنحصر في البناءات الضرورية و الحيوية للإستغلالات الفلاحية أما بالنسبة للسواحل فقد أولاها هي الأخرى حماية خاصة باعتبارها مصدرا من مصادر النشاطات الساحلية (2) ،و عليه فإنه بموجب نص المادة 12من القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه يمنع التوسع الطولي للمحيط العمراني للمجمعات السكانية الموجودة على الشريط الساحلي على مسافة تزيد عن ثلاثة كيلومترات من الشريط الساحلي ، و فيما يتعلق بالأنشطة الصناعية فإن القانون 02/02 (3) ،جاء بحظر مطلق على إقامة أي نشاط صناعي جديد على الساحل (4) .
لكن المشرع رغم استعماله للحظر المطلق من خلال النص المذكور أعلاه كأصل، فإنه كاستثناء يرخص بالأنشطة الصناعية والمرفئية ذات الأهمية الوطنية التي تنص عليها أدوات تهيئة الإقليم، وهذا النص ينطبق مع النص الذي تضمنه قانون حماية البيئة الذي يقضي بإخضاع المنشآت المصنفة حسب أهميتها و حسب الأخطار أو المضار التي تنجر عن استغلالها ، للترخيص أوالتصريح حسب جسامة الأخطار الناجمة عن عمليات الاستغلال(5).

1- المادتين 46و47 من القانون 90/29.
2- اعتبر المشرع أعمال التنمية في الساحل على أنها أعمال تندرج ضمن بعد وطني لتهيئة الإقليم والبيئة (أنظر المادة 03 من القانون 03/03 ).
3- المادة 15 من القانون 02/02.
4- يشمل الساحل حسب نص المادة 07 من نفس القانون على جميع الجزر و الجزيرات و الجرف القاري .
5- المادة 19 من القانون 03/10.

وبالإضافة إلى شرط الموقع ثمة شروط قانونية أخرى منها تحديد طبيعة الأعمال التي يعتزم القيام بها و حجمها و كذا أساليب الصنع التي ينتجها المعني و المواد التي يستخدمها، مما يسمح بتقدير الأخطار التي تتسبب فيها المنشأة (1) .
وفرق المشرع بين ما إذا تعلق طلب الترخيص بإنشاء منشأة من الصنفين الأول و الثاني التي تتطلب وثائق تتعلق أساسا بخريطة مقاييس التصميم و بين المنشآت من الصنف الثالث (2) وهذا بالنظر إلى خطورة المساوئ الناجمة عنها مما يجعل الاختصاص بمنح الترخيص يختلف حسب هذه المقاييس .
كما يتطلب إضافة إلى ذلك دراسة التأثير المنصوص عنها في قانون حماية البيئة، إذ يسبق تسليم رخصة استغلال المنشآت المصنفة تقديم دراسة التأثير أو موجز التأثير ، و تحقيق عمومي ودراسة تتعلق بالأخطار و الانعكاسات المحتملة للمشروع على المصالح المذكورة في المادة 18 والملاحظ على نص المادة أن :
1- المشرع استحدث ما يسمى بالتحقيـق العمومي غير أنه لم يبين ماهيته و الجهة التي تقوم به أو إجراءاته .
2- كما نص على ما سماه "دارسة تتعلق بالأخطار و الانعكاسات المحتملة " فهل هذه الدراسة هي نفسها دارسة التأثير أم أنها تختلف عنها ؟ لقد نصت المادة 21 علي أن الدراسة المتعلقة بالأخطـار و الانعكاسات المحتملة تكون بغرض معرفة تأثير المنشأة على الساحة العمومية و النظافة و الأمـن و الفلاحة و الأنظمة البيئية ، و هي في رأينا نفس النتائج التي تسعى إلى تحقيقها دراسة التأثير حسب نص المادة 16 ، و عليه فإن المشرع إذا وفق في استحداث إجراء التحقيق العمومي لما يحققه نتائج لصالح الإدارة المانحة في بسط رقابة أشد ، فإن الدراسة المتعلقة بالأخطار والانعكاسات تعد من باب الحشو و التزيد .
إن الملاحظ من خلال هذه الشروط أن المشرع ركز على أهم المقاييس التقنية التي تسمح للإدارة المختصة سواء مركزية أو محلية برفض أو منح الرخصة بالنظر إلى مدى توافرها أوإغفالها للشروط.


1- المادة 06 فقرة 3 و 4 من المرسوم التنفيذي رقم 98/339.
2- المادة 07 من المرسوم 98/339.
أما فيما يخص إجراءات الحصول على الرخصة في التشريع الجزائري،فقد رأينا أن هذه المنشآت محددة عن طريق قائمة و عليه فإنه في حالة عدم ورود المنشأة ضمن قائمة المنشآت، تقوم السلطة التي تم إيداع الملف لديها بإشعار صاحب الطلب خلال مدة 15 يوما التي تلي تاريخ الإيداع ، ثم يعاد المـــلف إلى المعني (1) .
لكن السؤال الذي يطرح ماذا لو كانت هذه المنشأة ذات تأثير علي البيئة، و غير مدرجة في قائمة المنشآت المصنفة ؟
لقد وضع المشرع حلول من اجل تجنب مثل هذا الوضع ، إذ نصت المادة 25 من القانون 03/10 على أنه عندما ينجم عن استغلال منشأة غير واردة في قائمة المنشآت المصنفة أخطار أو أضرار تمس بالمصالح المذكورة في المادة 18 ، و بناءا على تقرير من مصالح البيئة يعذر الوالي المستغــل و يحدد له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة ، و إذا لم يمتثل المستغل في الأجل المحدد يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة .
وفي حالة ما إذا كانت المنشأة ضمن المنشآت المنصوص عليها في الصنف الثالث (2) ، ففي هذه الحالة يقرر الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي بمقتضى قرار الشروع في تحقيق علني بمجرد تسلم الملف المتعلق بالمنشأة المصنفة مبينا فيه موضوع التحقيق و تاريخه و كذلك الأوقات و المكان الذي يمكن للجمهور الإطلاع فيه على الملف و فتح سجل تجمع فيه آراء الجمهور على مستوى مقرات المجالس الشعبية التي تقام فيها المنشأة و الموقع الذي ستقام فيه ، و تقع مسؤولية الالتزام بنشر هذا الإعلان على عاتق الولاة المختصين إقليميا (3) ، غير أن رؤساء المجالس الشعبية البلدية الذين يمس المحيط المذكور جزء من إقليمها ملزمون بتعليق الإعلان للجمهور على نفقة صاحب الطلب (4) .
1- المادة 08 من المرسوم 98/339.
2- الماة 05 فقرة 4 من المرسوم 98/339 الخاصة بالصنف الثالث للمنشآت التي تخضع لترخيص رئيس المجلس الشعبي البلدي.
3- المادة 09 من المرسوم 98/339.
4- المادة 10 من المرسوم 89/339.
و يتم هذا التعليق في مقر البلدية المعنية قبل ثمانية أيام على الأقل من الشروع في التحـقيق العلني(1) .
و يتطلب الأمر تقديم نسخة من طلب الرخصة للمصالح المحلية المكلفة بالبيئة و الري والفلاحة والصحة و الشؤون الاجتماعية و الحماية المدنية و مفتشية العمل و التعمير و البناء والصناعة والسياحة من أجل إبداء رأيها مع إلزامها بتقديم أرائها في آجال 60 يوما و إلا فصل في الأمر من دونها (2).
لكن ما يلاحظ أن المشرع أشار إلى ضرورة الاستشارة لكنه لم يبين هل يعتبر رأيها ملزما أم لا ؟.
و بعد ذلك يتم استدعاء صاحب الطلب خلال ثمانية أيام للقيام بتقديم مذكرة إجابة خلال مدة حددها المشرع باثنين و عشرين يوما ، ثم يتم إرسال ملف التحقيق إلى الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي ، و يمكن لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يطلع في الولاية أو البلدية على مذكرة صاحب الطلب و على استنتاجات المندوب المحقق (3) .
من خلال هذه الإجراءات التي تضمنها المرسوم، نلاحظ أن المشرع أعطى ضمانة للمجهول للمساهمة في إعداد القرارات لاسيما في مثل هذه المشاريع التي ينجم عن إنجازها أثر مهم على حياة المواطنين، و على حد تعبير البعض فإن هذا يعد صورة حقيقية لتجسيد الديمقراطية الإيكولوجية (4) .
أما بالنسبة للمجالس الشعبية البلدية التي يعتزم أن تقام فيها المنشأة فعليها أن تبدي برأيها في طلب الرخصة بمجرد افتتاح التحقيق، إلا أنه لا يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار إلا الآراء المعللة التي يجب التعبير عنها في مهلة تقدر ب 15 يوما الموالية لإغلاق سجل التحقيق ، و قد فرق المشرع بين المنشآت من الصنف الثالث و المنشآت من الصنف الأول، فإذا كان قد أخضع المنشآت من الصنف الثالث إلى هذه الإجراءات، فإنه بالنسبة للمنشآت من الصنف الأول جعلها


1- المادة 11 فقرة 2 من المرسوم 98/339.
2- المادة 12 من المرسوم 98/339.
3- المادة 13 من المرسوم 98/339.
4- د.طه طيار، مرجع سابق ، ص 24 و 25.

تتم تحت مسؤولية الوالي المختص إقليميا(1).
وفي حالة رفض الطلب يجب تبليغ المعني بالرفض مع ضرورة تبرير موقف الإدارة و يقوم بالتبليغ الجهة المختصة حسب الحالة ، و يمكن للمعني في هذه الحالة أن يتقدم بالطعن في هذا الرفض .
هذا و قد أعطى المشرع فضلا عن كل الصلاحيات حق اتخاذ قرار يمنح الترخيص لمدة مؤقتة بناءا على طلب المعني و هذا في حالتين(2):










قديم 2009-12-31, 12:46   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحالة الأولى :حالة تطبيق أساليب جديدة للعمل في المنشأة .
الحالة الثانية : حالة توقع تحويل في الأراضي المجاورة التي تعتزم إنشاء المنشأة عليها ، أن يمس ظروف الإسكان أو طريقة استعمال الأراضي .
من خلال الشروط السالفة الذكر يمكن القول أن المشرع خطى من خلال هذه النصوص خطوات إيجابية في مجال حماية البيئة ، كما أنه تدارك طبيعة الخطورة الناجمة عن ممارسة النشاط ويتضح لنا ذلك من خلال إدخال المشرع نوعين من الوثائق يجب إرفاقها في الملف وهي كل من وثيقة المخاطر ودراسة التأثير المشار إليهما سابقا ،وفي حالة غياب مثل هذه الوثائق يعتبر إغفالا جوهريا في ملف طلب منح الترخيص .
نصل في النهاية إلى أن هذه النماذج التي ذكرناها بشأن الترخيص ما هي إلا صور قليلة للتراخيص التي تهدف إلى حماية البيئة و وقايتها من الأضرار التي يصعب تحديد مجالاتها أو تقدير التعويض بشأنها (3) .





(1) المادة 14 من المرسوم 981/339.
(2) المادة 18 من المرسوم 98/339.
(3) أنظر في اطار التراخيص الأخري المنصوص عليها قانونا المواد:24 و26 من القانون 01/ 19 ، والماد 20 و40 من القانون 02/02 ، والماد 24،30 من القانون 03/03 ،والماد 84 ،94،102،118 ،128 ،1314 ،156 من القانون 01/10 وكذا المادة 28 من المرسوم 2000/73 المتعلق بافراز الدخان والغبار في الجو.

المبحث الثاني
الحظر و الإلزام و نظام التقارير
كون أن موضوع حماية البيئة يتعلق في الغالب بحماية الصحة العامة ، فإن قواعده القانونية تأتي في الغالب في شكل قواعد آمرة ، هذه الأخيرة تأتي في أسلوبين ، إما أسلوب الحظر أو الإلزام و يتبنى المشرع أسلوب الإلزام حينما يأمر الأفراد بإتيان سلوك معين توجبه القاعدة القانونية ، أما أسلوب الحظر فالمشرع يتبناه حينما يأمر الأفراد بالابتعاد عن سلوك تحظره القاعدة القانونية ومن خلال دراستنا لنصوص قانون حماية البيئة نجد أن هناك من الإجراءات ما يأتي في شكل أوامر هذه الأخيرة تتخذ صورتين إما الأمر بإلزام أو الأمر بالحظر ، و منها ما يأتي في شكل إلزام بتصريحات أو تقارير .
المطلب الأول
الحظر
يقصد بالحظر الوسيلة التي تلجأ إليها سلطات الضبط الإداري ، تهدف من خلالها منع إتيان بعض التصرفات بسبب الخطورة التي تنجم عن ممارستها كحالة حظر المرور في اتجاه معين أومنع وقوف السيارات في أماكن معينة (1) .
والحظر وسيلة قانونية تقوم الإدارة بتطبيقه عن طريق القرارات الإدارية ، و هذه الأخيرة من الأعمال الانفرادية شأنها شأن الترخيص الإداري تصدرها الإدارة لما لها من امتيازات السلطة العامة.
ولكي يكون أسلوب الحظر قانونيا لابد أن يكون نهائيا و مطلقا و ألا تتعسف الإدارة إلى درجة المساس بحقوق الأفراد و حرياتهم الأساسية و ألا يتحول إلى عمل غير مشروع فيصبح مجرد اعتداء مادي أو عمل من أعمال الغصب كما يسميه رجال القانون الإداري (2) ، و للحظر الإداري صورتان : حظر مطلق و حظر نسبي أو مؤقت .
الحظر المطلق هو الغالب في قوانين حماية البيئة ،حيث ينظم المشرع بعض القوانين التي من خلالهـا

1- د.عمار عوابدي ،مرجع سابق ،ص 407.
2- د. عبد الغاني بسيو ني ،مرجع سابق ،ص384.
يمنع إتيان بعض التصرفات التي لها خطورة كبيرة من شأنها أن تسبب ضررا جسيما للبيئة وللمحيط الطبيعي ، و بالتالي هذا المنع يكون منعا باتا لا ترد عليه أية استثناءات ، و لا يخضع للإجراءات التي يخضع لها الترخيص الإداري (1) .
أما بالنسبة للحظر النسبي فهو حينما ينص المشرع على منع إتيان بعض الأعمال من شأنها الإضرار بالبيئة و في هذه الحالة يكون الحظر مرهونا بشروط و هي ضرورة استفاء إجراءات الترخيص الإداري ، ففي هذه الحالة يربط المشرع إتيان التصرف بشرط الحصول على ترخيص إداري بشأنه.
إذن ما نلاحظه هو أن هناك علاقة وثيقة بين كل من الحظر النسبي و الترخيص الإداري تكمن هذه العلاقة في كونهما أسلوبين قانونيين متكاملين ذلك أن المشرع في الحظر النسبي لا يجعل التصرف مبدئيا محظورا ، لكن هذا الحظر يزول إذا استوفى طلب المعني شروط الترخيص الإداري ،بعدها يمكن له مزاولة نشاطه .
الفرع الأول
الحظر المطلق
إن قواعد قانون حماية البيئة أغلبها عبارة عن قواعد آمرة لا يمكن للأفراد مخالفتها باعتبارها تتصل بالنظام العام ، و الحظر المطلق صورة من صور القواعد الآمرة لا يضع فيه المشرع استثناءات .
و لاشك أن الحظر المطلق هو نصيب محتجز للمشرع لا يمكن للإدارة الخيار فيه و لا يمكنها فتح المجال لسلطاتها التقديرية فيه ، لأنها قواعد آمرة لا يمكن للإدارة مخالفتها .
هذا و برجوعنا إلى قوانين حماية البيئة نجد الكثير من هذه القواعد التي تقيد كل من الإدارة والأشخاص الذين يزاولون نشاطات مضرة بالبيئة ومن ذلك ما نص عنه المشرع الجزائري في بعض المجالات مثل إلقاء النفايات في غير الأماكن التي تحددها السلطات الإدارية المعنية أواستعمال بعض المواد الكيميائية في الصناعات الغذائية التي من شأنها المساس بالصحة العمومية .
و بصدد حديثنا على الحظر المطلق يقضي المشرع الجزائري في قانون حماية البيئة بحظر كل صـب


1- حميدة جميلة ،مرجع سابق ،ص 103.
أو طرح للمياه المستعملة أو رمي للنفايات أيا كانت طبيعتها في المياه المخصصة لإعادة تزويد طبقات المياه الجوفية و في الآبار و الحفر و سراديب جذب المياه التي غير تخصيصها (1) ، والملاحظ من خلال هذا النص أن المشرع احتجز كل سلطاته بشأن الصب الذي يتسبب في الإضرار بالطبيعة طبقا للمادة 51 من قانون حماية البيئة و في الواقع و بقراءتنا للمادة ونصوص القانون لانجد أية إشارة لهذه المواد أو النفايات ،غير أنه يتعين في هذه الحالة الرجوع إلى قانون المياه لتحديد مفهوم المياه المستعملة و إلى القانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات لتحديد قائمة النفايات(2) .
ونص المادة 51 من القانون الجديد 03/10 يقابل نص المادة 48 من قانون 1983، هذا الأخير الذي كان يحمل عبارات عامة ، فقد كان الحظر الوارد في المادة 48 يتعلق بالمواد التي من شأنها المساس بالصحة العامة ، و الصحة العامة لها مفهوم واسع لهذا تجنب المشرع في التعديل الجديد هذا التوسع في المعاني الذي قد يؤدي إلى أضرار و ذلك لعدم دقة المصطلحات ، إذ جاء نص المادة 51 بحظر مطلق لأي صب دون أن يربط بين المواد المفرزة و الصحة العمومية .
و قد أحال المشرع بموجب نص المادة 50 على التنظيم لتحديد شروط منع التدفقات و السيلان والطرح و الترسيب المباشر أو غير المباشر للمياه و المواد .
وفي ظل نص المادة 48 من القانون 83/03 صدرت نصوص تطبيقية تبقى قابلة للتطبيق حاليا إلى حين صدور نصوص تنظيمية جديدة ، و قد صدرت تلك النصوص التطبيقية سنة 1993 سيما منها المرسوم 93/161 الذي نجده يحظر الصب في الوسط الطبيعي لبعض المواد الزيتية، ثم تناول ذكر أنواع هذه المواد و المتمثلة خصوصا فيما يلي :
- زيوت المحركات وزيوت التشحيم و الزيوت السوداء المسماة مازوت التشحيم و زيوت المسقى و الزيوت العازلة ...الخ .



1- المادة 51 من القانون 03/10 .
2- المادة 03 من القانون 01/19.

و ما يلاحظ على هذا المرسوم أنه أشار فقط إلى مادة واحدة وهي الزيـوت في حين أن نـص المادة 50 أشار إلى مصطلح "مواد" بصفة مطلقة ، و بالتالي الزيوت هي جزء فقط من المواد الملوثة للبيئة و عليه وجب علينا الرجوع إلى القانون 01/19 الذي يمكن الإستناد إليه في معرفة قائمة النفايات(1) ، التي نصت عليها المادة 50 في انتظار نصوص تنظيمية لتطبيق القانون 03/10 .
كما نلمس هذا الحظر أيضا في مواد أخرى من المرسوم التنفيذي 93/161 (2) ، حيث يحظر زيادة على الصب في الأوساط الطبيعية ، تفريغ الشحوم الزيتية في شبكات التطهير و إن كانت مجهزة بمحطات التصفية .
وإذا كان القانون الأساسي المتعلق بحماية البيئة لا يتضمن تطبيقات كثيرة في مجال الحظر فإن القوانين الأخرى المكملة له تأخذ في موادها جانبا كبيرا من أسلوب الحظر ، و من ذلك القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه،الذي نص على أنه يمنع المساس بوضعية الساحل و بكل نشاط على مستوى المناطق المحمية و المواقع الإيكولوجية و كذا كل إقامة لنشاط صناعي جديد أوبناءات أو منشآت أو طرق أو حظائر توقف السيارات على الساحل (3).
و في مجال حماية الفضاءات المشجرة تضمن القانون حظرا مطلقا لكل قطع أو اقتلاع للفصائل النباتية .
أما قانون المناجم فنجده ينص على عدم إمكانية منح الترخيص بأي نشاط منجمي في المواقع المحمية بالقانون والاتفاقيات الدولية ، و يبدو أن المشرع هنا يخاطب الإدارة المختصة بمنح التراخيص المنصوص عليها في المادة 156 .
و بغرض حماية و تثمين الشواطئ نص القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال والاستغلال السياحيين للشواطئ على منع كل مستغل للشواطئ القيام بأي عمل يمس بالصحة العمومية أو يتسبب في إفساد نوعية مياه البحر أو إتلاف قيمتها النوعية،و إذا كان القانون الأساسي لحماية البيئة قد أغفل تحديد و تفصيل المواد المضرة بالأوساط المائية فإن المادة 12 مـن

1- المادة 03 من القانون 01/19.
2- المادة 03 من المرسوم 93/161.
3- المادة 09و11 فقرة 2 و15 و30 من القانون 02/02.

القانون 03/02 قد جاءت بحظر مطلق على كل رمي للنفايات المنزلية أو الصناعية أو الفلاحية في الشواطئ أو بمحاذاتها .
ونظرا لما أصبحت تشكله ظاهرة استنـزاف رمال البحر من مساس بالمظهر الجمالي للشواطئ وتقدم لمياه البحر اتجاه البر ، نصت المادة 32 من نفس القانون على أنه يمنع استخراج الرمل و الحصى والحجارة ، و أحالت المادة 50 منه بشأن مخالفة هذا الحظر على نص المادة 40 من القانون 02/02 و التي تعاقب على هذا الفعل بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين و بغرامة مالية من 200.000 دج إلى 2000.000 دج مع إمكانية مصادرة الآلات و الأجهزة و المعدات التي استعملت في ارتكاب المخالفات .
و بهدف منع التعامل العشوائي و اللاعقلاني مع النفايات فإنه يمنع على كل منتج للنفايات الخاصة و الخطرة أو الحائز عليها من تسليمها إلى شخص آخر غير مستغل لمنشأة معالجة النفايات أوالمستغل لمنشأة غير مرخص بها (1) .
و قد نصت المادة 08-3 من المرسوم 200/37 المنظم لإفراز الدخان و الغبار و الروائح والجسيمات الصلبة في الجو (2) ، على أنه يحظر استيراد و تصدير المواد المستعملة و كذا المواد المحددة المذكورة في الملحق الأول من المرسوم ، و قد جاء الملحق بقائمة كاملة للمواد مع رقم تعريفتها الجمركية .
كما تضمن تشريع الصحة الجزائري بعض الأحكام لها علاقة بحماية صحة المستهلك و لعل هذا يتماشى مع اعتبار الصحة بمفهومها القانوني مجموعة التدابير الوقائية و الفلاحية و التربوية والاجتماعية التي تستهدف المحافظة على صحة الفرد و الجماعة و تجسيدهما (3) .
و من هذه التدابير هناك بعض منها له علاقة بحماية صحة المستهلك مثل منع المشرع استعمال مواد التغليف و التعليب التي تثبت خطورتها على صحة المستهلك (4) .

1- المادة 19 من القانون 01/19.
2- المرسوم 2000/37 المتعلق بإفراز الدخان والغبار والروائح و الجسيمات الصلبة في الجو،المؤرخ في 01/04/200 (الجريدة الرسمية عدد 18 سنة 2000 ).
3- المادة 01 من القانون 85/05.
4- المادة 36 من القانون 85/05 وكذا المادة 09 من القانون 01/19 .

وهناك العديد من النصوص القانونية الأخرى التي تبنت أسلوب الحظر في مجال الحماية القانونية للبيئة ففي مجال حماية الثروة الغابية يحظر المشرع تفريغ الأوساخ و الردوم في الأملاك الغابية أووضع أو إهمال كل شيء آخر من شأنه أن يتسبب في الحرائق (1) .
من خلال النصوص القانونية التي أشرنا إليها على سبيل المثال أن المشرع الجزائري يستعين بأسلوب الحظر كلما توقع وجود خطر يهدد التوازن البيئي، مقررا بذلك جزاءات على كل إتيان لسلوك مخالف فقد تكون هذه الجزاءات إدارية أو جنائية هذه الأخيرة تتمثل في العقوبات الرادعة المنصوص عنها في قانون العقوبات و القوانين الخاصة بحماية البيئة .
الفرع الثاني
الحظر النسبي
المقصود بالحظر النسبي كما سبق الإشارة إليه منع القيام بأعمال أو نشاطات معينة تعد خطرا على البيئة ، إلا أن المنع في هذه الحالة لا يكون مطلقا ، إنما هو مرهون بضرورة الحصول على تراخيص من طرف السلطات المختصة و وفقا للشروط و الضوابط التي تحددها التنظيمات الخاصة بحماية البيئة (2) .
ومن خلال دراستنا لأسلوب الترخيص ، باعتباره إجراء من الإجراءات الوقائية لحماية البيئة نصل إلى القول أن الحظر النسبي له علاقة بأسلوب الترخيص ، فالمشرع حينما ينص على حظر مؤقت يبيح إتيان السلوك سواء تعلق الأمر بإقامة منشأة ذات نشاط خطر على البيئة أو منع صب بعض المواد الخطرة في الأوساط المستقبلة ، أو منع تداول سلع معينة فإنه يبيحه إذا توافرت الشروط القانونية التي تسمح بمنح الترخيص .
و بما أننا سبق و أن تعرضنا إلى أسلوب الترخيص بنوع من التفصيل فإننا سنكتفي فقط بالإشارة إلى التمييز بين كل من الحظر المطلق و الحظر النسبي.
فالحظر المطلق هو نصيب محجوز للمشرع و المقصود بذلك أن سلطات المشرع في استعماله هي سلطة كاملة و ما على الإدارة في هذه الحالة إلا تنفيذ القواعد القانونيـة دون توسيع لسلطتـها

1- القانون 84/12 المتعلق بالغابات .
2- د. ماجد راغب الحلو ،مرجع سابق ،ص96 و 97.

وعليه فإن مجاله الخصب هو السلطة المقيدة ، في حين أن الحظر النسبي يمنع فيه المشرع إتيان السلوك المخالف للتشريع، إلا أنه يرخص به في حالة توافر الشروط القانونية التي تسمح بإتيانه هذه الشروط تقوم الإدارة بدراستها بدقة ثم يكون لها حق استعمال سلطتها في منح الترخيص أورفض الطلب حسب المصلحة التي يقتضيها القانون ، و بالتالي فالإدارة لا يمكن أن تستعين بسلطتها التقديرية بصفة مطلقة ، كما لا يمكن للمشرع أن يقيد لها المجال التقديري بصفة مطلقة أيضا و على حد تعبيرنا فسلطة الإدارة هنا تتأرجح بين التقييد و التقدير في نفس الوقت ، و بعبارة أخرى فنكون بصدد سلطة تقديرية في حدها الأوسط .
من جهة أخرى يمكن القول أن الحظر المطلق يكون دائما نهائيا و الحكمة من ذلك أن المشرع لا يستعمل هذا الأسلوب إلا في حالة الأخطار الجسيمة التي من شأنها أن تسبب أضرار جسيمة سواء للمحيط بصفة عامة أو للصحة البشرية بصفة خاصة ، في حين أن الحظر النسبي لا يمكن أن يتحول إلى حظر مطلق ذلك لأن الشخص الذي يرغب في مزاولة نشاط ما و تتوفر فيه الشروط القانونية تكون الإدارة ملزمة بمنح الترخيص متى توافرت الشروط القانونية .
وقد تضمن التشريع الجزائري أمثلة لحالات الحظر النسبي، نذكر البعض منها على سـبيل المثال:
منها ما نصت عليه المادة 55 من القانون 03/10 التي اشترطت في عمليات الشحن و تحميل المواد و النفايات الموجهة للغمر في البحر الحصول على ترخيص يسلمه الوزير المكلف بالبيئة و عليه فإن الحظر المنصوص عليه في المادة 52 (1) ، هو حظر نسبي ما دام أنه يخضع لشرط استيفاء الرخصة .
و خارج قانون حماية البيئة نجد نص المادة 23 من القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه تنص على أنه يمنع مرور العربات و وقوفها على الضفة الطبيعية ، غير أن الفقرة الثانية من نفس المادة تنص على أنه يرخص عند الحاجة بمرور عربات مصالح الأمن و الإسعاف و مصالح تنظيف الشواطئ و صيانتها ، و من قراءة نص المادة نخلص أنها تحمل حظر مطلق على الجميع وحظر نسبي يتوقف على رخصة بالنسبة للمصالح و الهيئات المذكورة أعلاه .


1- تنص المادة 52 "...يمنع داخل المياه البحرية الخاضعة للقضاء الجزائري كل صب أو غمر أو ترميد ..."، ونصت المادة 53 علي إمكانية الصب والغمر في البحر بناء علي ترخيص الوزير المكتف بالبيئة بعد إجراء تحقيق عمومي .

ومن ذلك أيضا ما نصت عليه المادة 118 من القانون المتعلق بالمناجم 01/10 بشأن منح الرخص المنجمية في الأماكن الغابية و المائية إذ أخضعت المادة مباشرة هذا النشاط إلى الموافقة الرسمية للوزير المكلف بالبيئة .
المطلب الثاني
الإلزام
قد يلجأ المشرع إلى إلزام الأفراد بالقيام ببعض التصرفات ، و عليه فالإلزام هو عكس الحظر ، لأن هذا الأخير هو إجراء قانوني إداري يتم من خلاله منع إتيان النشاط فهو بهذا إجراء سلبي في حين أن الإلزام هو ضرورة إتيان التصرف ، فهو إيجابي لا يتحقق هدفه إلا بإتيان التصرف الذي يوجبه القانون ، و مع ذلك فالإلزام نجده يتقيد ببعض الشروط أهمها أن تكون ثمة حاجة ضرورية وواقعية زمانا و مكانا للقيام بالتصرف المنصوص عليه و يجب ألا يكون هناك نص تشريعي يمنع الإدارة من إصدار الأوامر التي تأتي على شكل قرارات فردية (1) .
إن النصوص القانونية الخاصة بحماية البيئة ثرية بمثل هذه القواعد ، باعتبار حماية البيئة عملا ذا مصلحة عامة ، هذا المبدأ تتفرع عنه الالتزامات البيئية التي تقع على عاتق الأشخاص سواء الطبيعية أو المعنوية منها ، و بالتالي فإن حماية البيئة مدرجة ضمن مهام و أعمال السلطة العامة وحمايتها قانونا بمقتضى قوانين ذات طابع إداري ،وعلى هذا تكون الأوامر هي الوسيلة المناسبة للتعبير عن هذه الأهداف و تحقيق الحماية و المحافظة على النظام العام .
وفي التشريعات البيئية هناك العديد من الأمثلة التي تجسد أسلوب الإلزام سواء في القانون الأساسي للبيئة أو في التشريعات الأخرى التي تهدف إلى حماية البيئة ، من ذلك قانون التوجيه العقاري قانون حماية الساحل و تثمينه ، قانون المناجم و القانون المتعلق بالساحل ، و عليه سنكتفي بإعطاء بعض الأمثلة من خلال وقوفنا على بعض القوانين .
ففيما يخص النفايات المنزلية أصبح لزاما على كل حائز للنفايات و ما شابهها استعمال نظام الفرز و الجمع و النقل الموضوع تحت تصرفه (2) من طرف البلدية التي ألزمها القانون بوضع مخطط بلدي

1-د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون الإداري ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،1997 ،ص 788.
2-المادة 35 من القانون 01/19.

لتسيير النفايات البلدية و ما شابهها يتضمن على وجه الخصوص:
- جرد كمية النفايات المنزلية و ما شابهها و النفايات الهامدة المنتجة في إقليم البلدية.
- جرد و تحديد مواقع و منشآت المعالجة الموجودة في إقليم البلدية .
و يجب أن يوضع المخطط المذكور أعلاه تحت سلطة رئيس المجلس الشعبي البلدي و يشمل كافة إقليم البلدية و أن يكون مطابقا للمخطط الولائي للتهيئة و يصادق عليه الوالي .
أما النفايات التي تتخلف عن عملية الإنتاج و التحويل أو استعمال أية مادة فالمشرع يلزم كل شخص طبيعي أو معنوي ينتج نفايات أو يملكها، إذا كانت مضرة بالصحة و الموارد البيئية أوتدهور الأماكن السياحية أو تلويث الهواء و المياه أو إحداث صخب أو روائح أن يعمل على ضمان إزالتها ، و في نفس الإطار نصت المادة 06 من القانون 01/19 على أن يلزم كل منتج للنفايات أو حائز لها باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتفادي إنتاج النفايات بأقصى قدر ممكن سيما الامتناع عن تسويق المواد المنتجة للنفايات غير القابلة للانحلال البيولـوجي و الامتناع عن استعمال المواد التي من شأنها أن تشكل خطرا على الإنسان لاسيما عند صناعة منتجات التغليف .
و بغرض تثمين النفايات (1) ، ألزمت المادة 07 من نفس القانون كل منتج أو حائز للنفايات ضمان العمل على تثمين النفايات الناجمة عن المواد التي يستوردها أو يصنعها أو يسوقها، و في حالة عدم قدرته على تثمينها فإنه يلزم بضمان أو العمل على ضمان إزالة النفايات على حسابه الخاص ، بطريقة عقلانية بيئيا، و عملية تثمين و إزالة النفايات ألزم المشرع أن تتم وفقا للشروط و المعايير البيئية و عدم تعريض صحة الإنسان و الحيوان للخطر ، و تأتي هذه النصوص لضبط حركة النفايات الصناعية باعتبارها أخطر أنواع النفايات تأثيرا على الصحة و حالة المحيط ، و قد أخضع المشرع نقـل و تصدير و عبور النفايات الخاصة و الخطرة إلى ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالبيئة و لا يمنح هذا الترخيص إلا عند توافر الشـروط الآتية :
- احترام قواعد و معايير التوضيب المتفق عليه دوليا .
- تقديم عقد مكتوب بين المتعامل الاقتصادي المصدر و مركز المعالجة .

1- عرفت المادة 03 من القانون 01/19 تثمين النفايات: أنه طل العمليات الرامية إلي إعادة استعمال النفايات أو رسكلتها أو تسميدها.

- تقديم عقد تأمين يشمل كل الضمانات المالية اللازمة.
- تقديم وثيقة حركة، موقع عليها من طرف الشخص المكلف بعملية النقل عبر الحدود.
وإذا كان المشرع قد سمح بتصـدير النفايـات فإنه يمنع منعا باتا استـيراد النـفايات الخـاصة الخطرة (1) ، و في حالة وقوع ذلك يلزم الوزير المكلف بالبيئة حائزها أو ناقلها بإرجاعها إلى البلد الأصلي في أجل يحدده الوزير ، و العكس صحيح في حالة تصدير النفايات دون رخصة إذ يتم إلزام الأشخاص الذين ساهموا في تصديرها بضمان إرجاعها إلى الإقليم الوطني(2) .
و في مجال حماية مياه البحر فإنه يلزم ملاك السفن العائمة التي تشكل خطرا أكيدا على البيئة للقيام بإعادة ترميمها أو نزعها بعد إعذار موجه من طرف السلطة المينائية (3) .
لكن بالنظر إلى النص القانوني المشار إليه و المتعلق بإلزام المشرع الأشخاص بضمان إزالة النفايات الناجمة عن مفرزات نشاطاتهم ، و الواقع الذي نعيشه، يمكن القول أن معالجة النفايات الخاصة لاسيما الصناعية تكاد تنعدم في الجزائر ، حيث أن 80% من النفايات الصناعية يتم التخلص منها بطريقة التخزين غير المنتظم في العراء ، و رغم هذه القواعد الآمرة فإنه لم يتم القيام بأي عمل من أجل نقل النفايات السامة ، و كمثال على ذلك مصنع الزنك بالغزوات ، حيث تفرز عملية التصنيع فيه حمض الكبريت ، و هي مادة قاتلة في مرحلة الإنتاج (4) .
و برجوعنا إلى القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة لاستغلال الشواطئ نجده ينص على مجموعة التزامات تقع على صاحب امتياز الشاطئ، منها حماية الحالة الطبيعية و إعادة الأماكن إلى حالتها بعد انتهاء موسم الاصطياف ، كما يقع عليه عبء القيام بنزع النفايات و مختلف الأشياء الخطرة .
و من خلال النصوص السابقة و رغم استعمال أسلوب الإلزام إلا أنه يبقى بدون فعالية في غياب قائمة دقيقة للنفايات ، إذ اكتفى المشرع بذكر عواقب أضرارها ، حيث اعتبر النفايات ذات خطورة في حالة ما إذا كانت لها عواقب مضرة بالتربة و النباتات و الحيوانات و بصفة عامة إذا كانت تضر بصحة الإنسان و البيئة .

1- المادة 25 من القانون 01/19.
2- المادة 27 و 28 من القانون 01/19 .
3- المادة 61 من المرسوم 02/01.
4- المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر،رهان التنمية ،الدورة التاسعة1997.

كما يلاحظ غياب آليات إزالة النفايات، بينما نجد التشريع المصري يستعمل أسلوب استعمال السجل الخاص بالنفايات و تبيان طريقة التخلص منها، و في رأينا أن هذه الطريقة تساعد الإدارة المختصة على المراقبة المستمرة.
و عكس قانون حماية البيئة الذي لا يرتب المسؤولية في غالب الأحوال إلا عند عدم إزالة النفايات فإن القانون 01/19 يرتب المسؤولية على كل منتج لهذه النفايات (1) .
و فيما يتعلق بالنفايات التي يلتزم المجلس الشعبي البلدي بالتخلص منها فهي تتمثل في النفايات الحضرية الصلبة ، و حددها كما يلي (2) :
- الأزبال المنزلية الفردية أو الجماعية .
- نفايات التشريح أو التعفن التي ترميها المستشفيات.
- نفايات المسالخ و جثث الحيوانات ، و الفضلات المضايقة كالأشياء الضخمة و الخردة الحديدية و هياكل السيارات .
يبدو أن هذه القائمة قد اعتمد عليها المشرع في صياغة تعريف النفايات المنزلية و التي عرفها على أنها كل النفايات الناتجة عن النشاطات المنزلية و النفايات المماثلة الناجمة عن النشاطات الصناعية والتجارية و الحرفية و غيرها ، و التي بفعل طبيعتها و مكوناتها تشبه النفايات المنزلية (3).
فهذه الأنواع من النفايات قد خصها المشرع بطريقة معالجتها و التخلص منها بما في ذلك جمعها واختيار الموقع لمعالجتها و الذي يخضع إلى ترخيص الوزير المكلف بالبيئة بالنسبة للنفايات الخاصة وإلى رخصة الوالي بالنسبة للنفايات المنزلية و ما شابهها و إلى رخصة رئيس المجلس الشعبي البلدي بالنسبة للنفايات الهامدة .
و في هذا الإطار تبنى المشرع أيضا أسلوب الإلزام فيما يخص الشروط الواجب توفرها في الموقـع



1- المادة 19 من القانون 01/19 .
2- المادة 02 من المرسوم 84/378 .
3- أنظر تعريف النفايات المنزلية وما شابهها نص المادة 03 من القانون 01/19 .

المختار و تتمثل هذه الشروط في ما يلي (1):
- أن يكون الموقع المختار أقرب ما يمكن إلى مركز القطاع الذي يتم فيه الجمع قصد التقليل من تكاليف النقل، لكنه بعيد في نفس الوقت من المساكن.
- يحب ألا تقل المسافة الدنيا الواجب احترامها بين موقع المعالجة و أقرب المنازل عن 200 متر.
- تحديد مسافة بعد مكان المعالجة عن مجرى الماء .
- القيام بتحقيق هيدرولوجي للتأكد من كون المياه السائلة أو المتسربة لا يمكن بأي حال أن تصل إلى المياه الجوفية .
- منع إفراغ النفايات و البقايا الحضرية في نقاط المياه مهما كان نوعها .
- منع استعمال المحاجر الباطنية و الآبار و الكهوف مزابل للتفريغ .
إلا أن المشرع بعد ذلك نص على عدم قبول النفايات الصناعية الحضرية في المزابل العمومية لاسيما الآتي ذكرها (2) :
- السوائل التي تحتوي على مواد كيميائية و لو كانت معبأة في أوعية مغلفة.
- النفايات الصناعية الصلبة المختلفة إذا كانت قابلة للاشتعال التلقائي .
- الفضلات الصناعية القابلة للذوبان .
- المواد الملوثة و المواد المشاعة .
- المواد التي تحمل خطر التلوث الكيميائي أو التسممي .
وبعد استشهادنا ببعض الأمثلة نصل إلى أن الإلزام كأسلوب من أساليب الضبط ، في حقيقة الأمر هو المجال الخصب الذي يتمكن من خلاله المشرع الوقاية من الأخطار و الأضرار التي تمس بالبيئة والمحيط في مختلف المجالات ، و قد أخذ هذا الأسلوب نصيبا معتبرا من نصوص التشريع البيئي سواء التشريع الرئيسي أو التشريعات الأخرى التي كرست الحماية القانونية للبيئة ، كقانون المياه ، قانون الغابات و القانون المتعلق بالنفايات، و أسلوب الإلزام تكمن أهميته في أنه يأتي في شكل إجراء إيجابي عكس أسلوب الحظر الذي يأتي في شكل إجراء سلبي.


1- المادة 25 من المرسوم 84/378 .
2- المادة 32 فقرة 2 من المرسوم 84/378










قديم 2009-12-31, 12:47   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحالة الأولى :حالة تطبيق أساليب جديدة للعمل في المنشأة .
الحالة الثانية : حالة توقع تحويل في الأراضي المجاورة التي تعتزم إنشاء المنشأة عليها ، أن يمس ظروف الإسكان أو طريقة استعمال الأراضي .
من خلال الشروط السالفة الذكر يمكن القول أن المشرع خطى من خلال هذه النصوص خطوات إيجابية في مجال حماية البيئة ، كما أنه تدارك طبيعة الخطورة الناجمة عن ممارسة النشاط ويتضح لنا ذلك من خلال إدخال المشرع نوعين من الوثائق يجب إرفاقها في الملف وهي كل من وثيقة المخاطر ودراسة التأثير المشار إليهما سابقا ،وفي حالة غياب مثل هذه الوثائق يعتبر إغفالا جوهريا في ملف طلب منح الترخيص .
نصل في النهاية إلى أن هذه النماذج التي ذكرناها بشأن الترخيص ما هي إلا صور قليلة للتراخيص التي تهدف إلى حماية البيئة و وقايتها من الأضرار التي يصعب تحديد مجالاتها أو تقدير التعويض بشأنها (3) .





(1) المادة 14 من المرسوم 981/339.
(2) المادة 18 من المرسوم 98/339.
(3) أنظر في اطار التراخيص الأخري المنصوص عليها قانونا المواد:24 و26 من القانون 01/ 19 ، والماد 20 و40 من القانون 02/02 ، والماد 24،30 من القانون 03/03 ،والماد 84 ،94،102،118 ،128 ،1314 ،156 من القانون 01/10 وكذا المادة 28 من المرسوم 2000/73 المتعلق بافراز الدخان والغبار في الجو.

المبحث الثاني
الحظر و الإلزام و نظام التقارير
كون أن موضوع حماية البيئة يتعلق في الغالب بحماية الصحة العامة ، فإن قواعده القانونية تأتي في الغالب في شكل قواعد آمرة ، هذه الأخيرة تأتي في أسلوبين ، إما أسلوب الحظر أو الإلزام و يتبنى المشرع أسلوب الإلزام حينما يأمر الأفراد بإتيان سلوك معين توجبه القاعدة القانونية ، أما أسلوب الحظر فالمشرع يتبناه حينما يأمر الأفراد بالابتعاد عن سلوك تحظره القاعدة القانونية ومن خلال دراستنا لنصوص قانون حماية البيئة نجد أن هناك من الإجراءات ما يأتي في شكل أوامر هذه الأخيرة تتخذ صورتين إما الأمر بإلزام أو الأمر بالحظر ، و منها ما يأتي في شكل إلزام بتصريحات أو تقارير .
المطلب الأول
الحظر
يقصد بالحظر الوسيلة التي تلجأ إليها سلطات الضبط الإداري ، تهدف من خلالها منع إتيان بعض التصرفات بسبب الخطورة التي تنجم عن ممارستها كحالة حظر المرور في اتجاه معين أومنع وقوف السيارات في أماكن معينة (1) .
والحظر وسيلة قانونية تقوم الإدارة بتطبيقه عن طريق القرارات الإدارية ، و هذه الأخيرة من الأعمال الانفرادية شأنها شأن الترخيص الإداري تصدرها الإدارة لما لها من امتيازات السلطة العامة.
ولكي يكون أسلوب الحظر قانونيا لابد أن يكون نهائيا و مطلقا و ألا تتعسف الإدارة إلى درجة المساس بحقوق الأفراد و حرياتهم الأساسية و ألا يتحول إلى عمل غير مشروع فيصبح مجرد اعتداء مادي أو عمل من أعمال الغصب كما يسميه رجال القانون الإداري (2) ، و للحظر الإداري صورتان : حظر مطلق و حظر نسبي أو مؤقت .
الحظر المطلق هو الغالب في قوانين حماية البيئة ،حيث ينظم المشرع بعض القوانين التي من خلالهـا

1- د.عمار عوابدي ،مرجع سابق ،ص 407.
2- د. عبد الغاني بسيو ني ،مرجع سابق ،ص384.
يمنع إتيان بعض التصرفات التي لها خطورة كبيرة من شأنها أن تسبب ضررا جسيما للبيئة وللمحيط الطبيعي ، و بالتالي هذا المنع يكون منعا باتا لا ترد عليه أية استثناءات ، و لا يخضع للإجراءات التي يخضع لها الترخيص الإداري (1) .
أما بالنسبة للحظر النسبي فهو حينما ينص المشرع على منع إتيان بعض الأعمال من شأنها الإضرار بالبيئة و في هذه الحالة يكون الحظر مرهونا بشروط و هي ضرورة استفاء إجراءات الترخيص الإداري ، ففي هذه الحالة يربط المشرع إتيان التصرف بشرط الحصول على ترخيص إداري بشأنه.
إذن ما نلاحظه هو أن هناك علاقة وثيقة بين كل من الحظر النسبي و الترخيص الإداري تكمن هذه العلاقة في كونهما أسلوبين قانونيين متكاملين ذلك أن المشرع في الحظر النسبي لا يجعل التصرف مبدئيا محظورا ، لكن هذا الحظر يزول إذا استوفى طلب المعني شروط الترخيص الإداري ،بعدها يمكن له مزاولة نشاطه .
الفرع الأول
الحظر المطلق
إن قواعد قانون حماية البيئة أغلبها عبارة عن قواعد آمرة لا يمكن للأفراد مخالفتها باعتبارها تتصل بالنظام العام ، و الحظر المطلق صورة من صور القواعد الآمرة لا يضع فيه المشرع استثناءات .
و لاشك أن الحظر المطلق هو نصيب محتجز للمشرع لا يمكن للإدارة الخيار فيه و لا يمكنها فتح المجال لسلطاتها التقديرية فيه ، لأنها قواعد آمرة لا يمكن للإدارة مخالفتها .
هذا و برجوعنا إلى قوانين حماية البيئة نجد الكثير من هذه القواعد التي تقيد كل من الإدارة والأشخاص الذين يزاولون نشاطات مضرة بالبيئة ومن ذلك ما نص عنه المشرع الجزائري في بعض المجالات مثل إلقاء النفايات في غير الأماكن التي تحددها السلطات الإدارية المعنية أواستعمال بعض المواد الكيميائية في الصناعات الغذائية التي من شأنها المساس بالصحة العمومية .
و بصدد حديثنا على الحظر المطلق يقضي المشرع الجزائري في قانون حماية البيئة بحظر كل صـب


1- حميدة جميلة ،مرجع سابق ،ص 103.
أو طرح للمياه المستعملة أو رمي للنفايات أيا كانت طبيعتها في المياه المخصصة لإعادة تزويد طبقات المياه الجوفية و في الآبار و الحفر و سراديب جذب المياه التي غير تخصيصها (1) ، والملاحظ من خلال هذا النص أن المشرع احتجز كل سلطاته بشأن الصب الذي يتسبب في الإضرار بالطبيعة طبقا للمادة 51 من قانون حماية البيئة و في الواقع و بقراءتنا للمادة ونصوص القانون لانجد أية إشارة لهذه المواد أو النفايات ،غير أنه يتعين في هذه الحالة الرجوع إلى قانون المياه لتحديد مفهوم المياه المستعملة و إلى القانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات لتحديد قائمة النفايات(2) .
ونص المادة 51 من القانون الجديد 03/10 يقابل نص المادة 48 من قانون 1983، هذا الأخير الذي كان يحمل عبارات عامة ، فقد كان الحظر الوارد في المادة 48 يتعلق بالمواد التي من شأنها المساس بالصحة العامة ، و الصحة العامة لها مفهوم واسع لهذا تجنب المشرع في التعديل الجديد هذا التوسع في المعاني الذي قد يؤدي إلى أضرار و ذلك لعدم دقة المصطلحات ، إذ جاء نص المادة 51 بحظر مطلق لأي صب دون أن يربط بين المواد المفرزة و الصحة العمومية .
و قد أحال المشرع بموجب نص المادة 50 على التنظيم لتحديد شروط منع التدفقات و السيلان والطرح و الترسيب المباشر أو غير المباشر للمياه و المواد .
وفي ظل نص المادة 48 من القانون 83/03 صدرت نصوص تطبيقية تبقى قابلة للتطبيق حاليا إلى حين صدور نصوص تنظيمية جديدة ، و قد صدرت تلك النصوص التطبيقية سنة 1993 سيما منها المرسوم 93/161 الذي نجده يحظر الصب في الوسط الطبيعي لبعض المواد الزيتية، ثم تناول ذكر أنواع هذه المواد و المتمثلة خصوصا فيما يلي :
- زيوت المحركات وزيوت التشحيم و الزيوت السوداء المسماة مازوت التشحيم و زيوت المسقى و الزيوت العازلة ...الخ .



1- المادة 51 من القانون 03/10 .
2- المادة 03 من القانون 01/19.

و ما يلاحظ على هذا المرسوم أنه أشار فقط إلى مادة واحدة وهي الزيـوت في حين أن نـص المادة 50 أشار إلى مصطلح "مواد" بصفة مطلقة ، و بالتالي الزيوت هي جزء فقط من المواد الملوثة للبيئة و عليه وجب علينا الرجوع إلى القانون 01/19 الذي يمكن الإستناد إليه في معرفة قائمة النفايات(1) ، التي نصت عليها المادة 50 في انتظار نصوص تنظيمية لتطبيق القانون 03/10 .
كما نلمس هذا الحظر أيضا في مواد أخرى من المرسوم التنفيذي 93/161 (2) ، حيث يحظر زيادة على الصب في الأوساط الطبيعية ، تفريغ الشحوم الزيتية في شبكات التطهير و إن كانت مجهزة بمحطات التصفية .
وإذا كان القانون الأساسي المتعلق بحماية البيئة لا يتضمن تطبيقات كثيرة في مجال الحظر فإن القوانين الأخرى المكملة له تأخذ في موادها جانبا كبيرا من أسلوب الحظر ، و من ذلك القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه،الذي نص على أنه يمنع المساس بوضعية الساحل و بكل نشاط على مستوى المناطق المحمية و المواقع الإيكولوجية و كذا كل إقامة لنشاط صناعي جديد أوبناءات أو منشآت أو طرق أو حظائر توقف السيارات على الساحل (3).
و في مجال حماية الفضاءات المشجرة تضمن القانون حظرا مطلقا لكل قطع أو اقتلاع للفصائل النباتية .
أما قانون المناجم فنجده ينص على عدم إمكانية منح الترخيص بأي نشاط منجمي في المواقع المحمية بالقانون والاتفاقيات الدولية ، و يبدو أن المشرع هنا يخاطب الإدارة المختصة بمنح التراخيص المنصوص عليها في المادة 156 .
و بغرض حماية و تثمين الشواطئ نص القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال والاستغلال السياحيين للشواطئ على منع كل مستغل للشواطئ القيام بأي عمل يمس بالصحة العمومية أو يتسبب في إفساد نوعية مياه البحر أو إتلاف قيمتها النوعية،و إذا كان القانون الأساسي لحماية البيئة قد أغفل تحديد و تفصيل المواد المضرة بالأوساط المائية فإن المادة 12 مـن

1- المادة 03 من القانون 01/19.
2- المادة 03 من المرسوم 93/161.
3- المادة 09و11 فقرة 2 و15 و30 من القانون 02/02.

القانون 03/02 قد جاءت بحظر مطلق على كل رمي للنفايات المنزلية أو الصناعية أو الفلاحية في الشواطئ أو بمحاذاتها .
ونظرا لما أصبحت تشكله ظاهرة استنـزاف رمال البحر من مساس بالمظهر الجمالي للشواطئ وتقدم لمياه البحر اتجاه البر ، نصت المادة 32 من نفس القانون على أنه يمنع استخراج الرمل و الحصى والحجارة ، و أحالت المادة 50 منه بشأن مخالفة هذا الحظر على نص المادة 40 من القانون 02/02 و التي تعاقب على هذا الفعل بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين و بغرامة مالية من 200.000 دج إلى 2000.000 دج مع إمكانية مصادرة الآلات و الأجهزة و المعدات التي استعملت في ارتكاب المخالفات .
و بهدف منع التعامل العشوائي و اللاعقلاني مع النفايات فإنه يمنع على كل منتج للنفايات الخاصة و الخطرة أو الحائز عليها من تسليمها إلى شخص آخر غير مستغل لمنشأة معالجة النفايات أوالمستغل لمنشأة غير مرخص بها (1) .
و قد نصت المادة 08-3 من المرسوم 200/37 المنظم لإفراز الدخان و الغبار و الروائح والجسيمات الصلبة في الجو (2) ، على أنه يحظر استيراد و تصدير المواد المستعملة و كذا المواد المحددة المذكورة في الملحق الأول من المرسوم ، و قد جاء الملحق بقائمة كاملة للمواد مع رقم تعريفتها الجمركية .
كما تضمن تشريع الصحة الجزائري بعض الأحكام لها علاقة بحماية صحة المستهلك و لعل هذا يتماشى مع اعتبار الصحة بمفهومها القانوني مجموعة التدابير الوقائية و الفلاحية و التربوية والاجتماعية التي تستهدف المحافظة على صحة الفرد و الجماعة و تجسيدهما (3) .
و من هذه التدابير هناك بعض منها له علاقة بحماية صحة المستهلك مثل منع المشرع استعمال مواد التغليف و التعليب التي تثبت خطورتها على صحة المستهلك (4) .

1- المادة 19 من القانون 01/19.
2- المرسوم 2000/37 المتعلق بإفراز الدخان والغبار والروائح و الجسيمات الصلبة في الجو،المؤرخ في 01/04/200 (الجريدة الرسمية عدد 18 سنة 2000 ).
3- المادة 01 من القانون 85/05.
4- المادة 36 من القانون 85/05 وكذا المادة 09 من القانون 01/19 .

وهناك العديد من النصوص القانونية الأخرى التي تبنت أسلوب الحظر في مجال الحماية القانونية للبيئة ففي مجال حماية الثروة الغابية يحظر المشرع تفريغ الأوساخ و الردوم في الأملاك الغابية أووضع أو إهمال كل شيء آخر من شأنه أن يتسبب في الحرائق (1) .
من خلال النصوص القانونية التي أشرنا إليها على سبيل المثال أن المشرع الجزائري يستعين بأسلوب الحظر كلما توقع وجود خطر يهدد التوازن البيئي، مقررا بذلك جزاءات على كل إتيان لسلوك مخالف فقد تكون هذه الجزاءات إدارية أو جنائية هذه الأخيرة تتمثل في العقوبات الرادعة المنصوص عنها في قانون العقوبات و القوانين الخاصة بحماية البيئة .
الفرع الثاني
الحظر النسبي
المقصود بالحظر النسبي كما سبق الإشارة إليه منع القيام بأعمال أو نشاطات معينة تعد خطرا على البيئة ، إلا أن المنع في هذه الحالة لا يكون مطلقا ، إنما هو مرهون بضرورة الحصول على تراخيص من طرف السلطات المختصة و وفقا للشروط و الضوابط التي تحددها التنظيمات الخاصة بحماية البيئة (2) .
ومن خلال دراستنا لأسلوب الترخيص ، باعتباره إجراء من الإجراءات الوقائية لحماية البيئة نصل إلى القول أن الحظر النسبي له علاقة بأسلوب الترخيص ، فالمشرع حينما ينص على حظر مؤقت يبيح إتيان السلوك سواء تعلق الأمر بإقامة منشأة ذات نشاط خطر على البيئة أو منع صب بعض المواد الخطرة في الأوساط المستقبلة ، أو منع تداول سلع معينة فإنه يبيحه إذا توافرت الشروط القانونية التي تسمح بمنح الترخيص .
و بما أننا سبق و أن تعرضنا إلى أسلوب الترخيص بنوع من التفصيل فإننا سنكتفي فقط بالإشارة إلى التمييز بين كل من الحظر المطلق و الحظر النسبي.
فالحظر المطلق هو نصيب محجوز للمشرع و المقصود بذلك أن سلطات المشرع في استعماله هي سلطة كاملة و ما على الإدارة في هذه الحالة إلا تنفيذ القواعد القانونيـة دون توسيع لسلطتـها

1- القانون 84/12 المتعلق بالغابات .
2- د. ماجد راغب الحلو ،مرجع سابق ،ص96 و 97.

وعليه فإن مجاله الخصب هو السلطة المقيدة ، في حين أن الحظر النسبي يمنع فيه المشرع إتيان السلوك المخالف للتشريع، إلا أنه يرخص به في حالة توافر الشروط القانونية التي تسمح بإتيانه هذه الشروط تقوم الإدارة بدراستها بدقة ثم يكون لها حق استعمال سلطتها في منح الترخيص أورفض الطلب حسب المصلحة التي يقتضيها القانون ، و بالتالي فالإدارة لا يمكن أن تستعين بسلطتها التقديرية بصفة مطلقة ، كما لا يمكن للمشرع أن يقيد لها المجال التقديري بصفة مطلقة أيضا و على حد تعبيرنا فسلطة الإدارة هنا تتأرجح بين التقييد و التقدير في نفس الوقت ، و بعبارة أخرى فنكون بصدد سلطة تقديرية في حدها الأوسط .
من جهة أخرى يمكن القول أن الحظر المطلق يكون دائما نهائيا و الحكمة من ذلك أن المشرع لا يستعمل هذا الأسلوب إلا في حالة الأخطار الجسيمة التي من شأنها أن تسبب أضرار جسيمة سواء للمحيط بصفة عامة أو للصحة البشرية بصفة خاصة ، في حين أن الحظر النسبي لا يمكن أن يتحول إلى حظر مطلق ذلك لأن الشخص الذي يرغب في مزاولة نشاط ما و تتوفر فيه الشروط القانونية تكون الإدارة ملزمة بمنح الترخيص متى توافرت الشروط القانونية .
وقد تضمن التشريع الجزائري أمثلة لحالات الحظر النسبي، نذكر البعض منها على سـبيل المثال:
منها ما نصت عليه المادة 55 من القانون 03/10 التي اشترطت في عمليات الشحن و تحميل المواد و النفايات الموجهة للغمر في البحر الحصول على ترخيص يسلمه الوزير المكلف بالبيئة و عليه فإن الحظر المنصوص عليه في المادة 52 (1) ، هو حظر نسبي ما دام أنه يخضع لشرط استيفاء الرخصة .
و خارج قانون حماية البيئة نجد نص المادة 23 من القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه تنص على أنه يمنع مرور العربات و وقوفها على الضفة الطبيعية ، غير أن الفقرة الثانية من نفس المادة تنص على أنه يرخص عند الحاجة بمرور عربات مصالح الأمن و الإسعاف و مصالح تنظيف الشواطئ و صيانتها ، و من قراءة نص المادة نخلص أنها تحمل حظر مطلق على الجميع وحظر نسبي يتوقف على رخصة بالنسبة للمصالح و الهيئات المذكورة أعلاه .


1- تنص المادة 52 "...يمنع داخل المياه البحرية الخاضعة للقضاء الجزائري كل صب أو غمر أو ترميد ..."، ونصت المادة 53 علي إمكانية الصب والغمر في البحر بناء علي ترخيص الوزير المكتف بالبيئة بعد إجراء تحقيق عمومي .

ومن ذلك أيضا ما نصت عليه المادة 118 من القانون المتعلق بالمناجم 01/10 بشأن منح الرخص المنجمية في الأماكن الغابية و المائية إذ أخضعت المادة مباشرة هذا النشاط إلى الموافقة الرسمية للوزير المكلف بالبيئة .
المطلب الثاني
الإلزام
قد يلجأ المشرع إلى إلزام الأفراد بالقيام ببعض التصرفات ، و عليه فالإلزام هو عكس الحظر ، لأن هذا الأخير هو إجراء قانوني إداري يتم من خلاله منع إتيان النشاط فهو بهذا إجراء سلبي في حين أن الإلزام هو ضرورة إتيان التصرف ، فهو إيجابي لا يتحقق هدفه إلا بإتيان التصرف الذي يوجبه القانون ، و مع ذلك فالإلزام نجده يتقيد ببعض الشروط أهمها أن تكون ثمة حاجة ضرورية وواقعية زمانا و مكانا للقيام بالتصرف المنصوص عليه و يجب ألا يكون هناك نص تشريعي يمنع الإدارة من إصدار الأوامر التي تأتي على شكل قرارات فردية (1) .
إن النصوص القانونية الخاصة بحماية البيئة ثرية بمثل هذه القواعد ، باعتبار حماية البيئة عملا ذا مصلحة عامة ، هذا المبدأ تتفرع عنه الالتزامات البيئية التي تقع على عاتق الأشخاص سواء الطبيعية أو المعنوية منها ، و بالتالي فإن حماية البيئة مدرجة ضمن مهام و أعمال السلطة العامة وحمايتها قانونا بمقتضى قوانين ذات طابع إداري ،وعلى هذا تكون الأوامر هي الوسيلة المناسبة للتعبير عن هذه الأهداف و تحقيق الحماية و المحافظة على النظام العام .
وفي التشريعات البيئية هناك العديد من الأمثلة التي تجسد أسلوب الإلزام سواء في القانون الأساسي للبيئة أو في التشريعات الأخرى التي تهدف إلى حماية البيئة ، من ذلك قانون التوجيه العقاري قانون حماية الساحل و تثمينه ، قانون المناجم و القانون المتعلق بالساحل ، و عليه سنكتفي بإعطاء بعض الأمثلة من خلال وقوفنا على بعض القوانين .
ففيما يخص النفايات المنزلية أصبح لزاما على كل حائز للنفايات و ما شابهها استعمال نظام الفرز و الجمع و النقل الموضوع تحت تصرفه (2) من طرف البلدية التي ألزمها القانون بوضع مخطط بلدي

1-د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون الإداري ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،1997 ،ص 788.
2-المادة 35 من القانون 01/19.

لتسيير النفايات البلدية و ما شابهها يتضمن على وجه الخصوص:
- جرد كمية النفايات المنزلية و ما شابهها و النفايات الهامدة المنتجة في إقليم البلدية.
- جرد و تحديد مواقع و منشآت المعالجة الموجودة في إقليم البلدية .
و يجب أن يوضع المخطط المذكور أعلاه تحت سلطة رئيس المجلس الشعبي البلدي و يشمل كافة إقليم البلدية و أن يكون مطابقا للمخطط الولائي للتهيئة و يصادق عليه الوالي .
أما النفايات التي تتخلف عن عملية الإنتاج و التحويل أو استعمال أية مادة فالمشرع يلزم كل شخص طبيعي أو معنوي ينتج نفايات أو يملكها، إذا كانت مضرة بالصحة و الموارد البيئية أوتدهور الأماكن السياحية أو تلويث الهواء و المياه أو إحداث صخب أو روائح أن يعمل على ضمان إزالتها ، و في نفس الإطار نصت المادة 06 من القانون 01/19 على أن يلزم كل منتج للنفايات أو حائز لها باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتفادي إنتاج النفايات بأقصى قدر ممكن سيما الامتناع عن تسويق المواد المنتجة للنفايات غير القابلة للانحلال البيولـوجي و الامتناع عن استعمال المواد التي من شأنها أن تشكل خطرا على الإنسان لاسيما عند صناعة منتجات التغليف .
و بغرض تثمين النفايات (1) ، ألزمت المادة 07 من نفس القانون كل منتج أو حائز للنفايات ضمان العمل على تثمين النفايات الناجمة عن المواد التي يستوردها أو يصنعها أو يسوقها، و في حالة عدم قدرته على تثمينها فإنه يلزم بضمان أو العمل على ضمان إزالة النفايات على حسابه الخاص ، بطريقة عقلانية بيئيا، و عملية تثمين و إزالة النفايات ألزم المشرع أن تتم وفقا للشروط و المعايير البيئية و عدم تعريض صحة الإنسان و الحيوان للخطر ، و تأتي هذه النصوص لضبط حركة النفايات الصناعية باعتبارها أخطر أنواع النفايات تأثيرا على الصحة و حالة المحيط ، و قد أخضع المشرع نقـل و تصدير و عبور النفايات الخاصة و الخطرة إلى ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالبيئة و لا يمنح هذا الترخيص إلا عند توافر الشـروط الآتية :
- احترام قواعد و معايير التوضيب المتفق عليه دوليا .
- تقديم عقد مكتوب بين المتعامل الاقتصادي المصدر و مركز المعالجة .

1- عرفت المادة 03 من القانون 01/19 تثمين النفايات: أنه طل العمليات الرامية إلي إعادة استعمال النفايات أو رسكلتها أو تسميدها.

- تقديم عقد تأمين يشمل كل الضمانات المالية اللازمة.
- تقديم وثيقة حركة، موقع عليها من طرف الشخص المكلف بعملية النقل عبر الحدود.
وإذا كان المشرع قد سمح بتصـدير النفايـات فإنه يمنع منعا باتا استـيراد النـفايات الخـاصة الخطرة (1) ، و في حالة وقوع ذلك يلزم الوزير المكلف بالبيئة حائزها أو ناقلها بإرجاعها إلى البلد الأصلي في أجل يحدده الوزير ، و العكس صحيح في حالة تصدير النفايات دون رخصة إذ يتم إلزام الأشخاص الذين ساهموا في تصديرها بضمان إرجاعها إلى الإقليم الوطني(2) .
و في مجال حماية مياه البحر فإنه يلزم ملاك السفن العائمة التي تشكل خطرا أكيدا على البيئة للقيام بإعادة ترميمها أو نزعها بعد إعذار موجه من طرف السلطة المينائية (3) .
لكن بالنظر إلى النص القانوني المشار إليه و المتعلق بإلزام المشرع الأشخاص بضمان إزالة النفايات الناجمة عن مفرزات نشاطاتهم ، و الواقع الذي نعيشه، يمكن القول أن معالجة النفايات الخاصة لاسيما الصناعية تكاد تنعدم في الجزائر ، حيث أن 80% من النفايات الصناعية يتم التخلص منها بطريقة التخزين غير المنتظم في العراء ، و رغم هذه القواعد الآمرة فإنه لم يتم القيام بأي عمل من أجل نقل النفايات السامة ، و كمثال على ذلك مصنع الزنك بالغزوات ، حيث تفرز عملية التصنيع فيه حمض الكبريت ، و هي مادة قاتلة في مرحلة الإنتاج (4) .
و برجوعنا إلى القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة لاستغلال الشواطئ نجده ينص على مجموعة التزامات تقع على صاحب امتياز الشاطئ، منها حماية الحالة الطبيعية و إعادة الأماكن إلى حالتها بعد انتهاء موسم الاصطياف ، كما يقع عليه عبء القيام بنزع النفايات و مختلف الأشياء الخطرة .
و من خلال النصوص السابقة و رغم استعمال أسلوب الإلزام إلا أنه يبقى بدون فعالية في غياب قائمة دقيقة للنفايات ، إذ اكتفى المشرع بذكر عواقب أضرارها ، حيث اعتبر النفايات ذات خطورة في حالة ما إذا كانت لها عواقب مضرة بالتربة و النباتات و الحيوانات و بصفة عامة إذا كانت تضر بصحة الإنسان و البيئة .

1- المادة 25 من القانون 01/19.
2- المادة 27 و 28 من القانون 01/19 .
3- المادة 61 من المرسوم 02/01.
4- المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر،رهان التنمية ،الدورة التاسعة1997.

كما يلاحظ غياب آليات إزالة النفايات، بينما نجد التشريع المصري يستعمل أسلوب استعمال السجل الخاص بالنفايات و تبيان طريقة التخلص منها، و في رأينا أن هذه الطريقة تساعد الإدارة المختصة على المراقبة المستمرة.
و عكس قانون حماية البيئة الذي لا يرتب المسؤولية في غالب الأحوال إلا عند عدم إزالة النفايات فإن القانون 01/19 يرتب المسؤولية على كل منتج لهذه النفايات (1) .
و فيما يتعلق بالنفايات التي يلتزم المجلس الشعبي البلدي بالتخلص منها فهي تتمثل في النفايات الحضرية الصلبة ، و حددها كما يلي (2) :
- الأزبال المنزلية الفردية أو الجماعية .
- نفايات التشريح أو التعفن التي ترميها المستشفيات.
- نفايات المسالخ و جثث الحيوانات ، و الفضلات المضايقة كالأشياء الضخمة و الخردة الحديدية و هياكل السيارات .
يبدو أن هذه القائمة قد اعتمد عليها المشرع في صياغة تعريف النفايات المنزلية و التي عرفها على أنها كل النفايات الناتجة عن النشاطات المنزلية و النفايات المماثلة الناجمة عن النشاطات الصناعية والتجارية و الحرفية و غيرها ، و التي بفعل طبيعتها و مكوناتها تشبه النفايات المنزلية (3).
فهذه الأنواع من النفايات قد خصها المشرع بطريقة معالجتها و التخلص منها بما في ذلك جمعها واختيار الموقع لمعالجتها و الذي يخضع إلى ترخيص الوزير المكلف بالبيئة بالنسبة للنفايات الخاصة وإلى رخصة الوالي بالنسبة للنفايات المنزلية و ما شابهها و إلى رخصة رئيس المجلس الشعبي البلدي بالنسبة للنفايات الهامدة .
و في هذا الإطار تبنى المشرع أيضا أسلوب الإلزام فيما يخص الشروط الواجب توفرها في الموقـع



1- المادة 19 من القانون 01/19 .
2- المادة 02 من المرسوم 84/378 .
3- أنظر تعريف النفايات المنزلية وما شابهها نص المادة 03 من القانون 01/19 .

المختار و تتمثل هذه الشروط في ما يلي (1):
- أن يكون الموقع المختار أقرب ما يمكن إلى مركز القطاع الذي يتم فيه الجمع قصد التقليل من تكاليف النقل، لكنه بعيد في نفس الوقت من المساكن.
- يحب ألا تقل المسافة الدنيا الواجب احترامها بين موقع المعالجة و أقرب المنازل عن 200 متر.
- تحديد مسافة بعد مكان المعالجة عن مجرى الماء .
- القيام بتحقيق هيدرولوجي للتأكد من كون المياه السائلة أو المتسربة لا يمكن بأي حال أن تصل إلى المياه الجوفية .
- منع إفراغ النفايات و البقايا الحضرية في نقاط المياه مهما كان نوعها .
- منع استعمال المحاجر الباطنية و الآبار و الكهوف مزابل للتفريغ .
إلا أن المشرع بعد ذلك نص على عدم قبول النفايات الصناعية الحضرية في المزابل العمومية لاسيما الآتي ذكرها (2) :
- السوائل التي تحتوي على مواد كيميائية و لو كانت معبأة في أوعية مغلفة.
- النفايات الصناعية الصلبة المختلفة إذا كانت قابلة للاشتعال التلقائي .
- الفضلات الصناعية القابلة للذوبان .
- المواد الملوثة و المواد المشاعة .
- المواد التي تحمل خطر التلوث الكيميائي أو التسممي .
وبعد استشهادنا ببعض الأمثلة نصل إلى أن الإلزام كأسلوب من أساليب الضبط ، في حقيقة الأمر هو المجال الخصب الذي يتمكن من خلاله المشرع الوقاية من الأخطار و الأضرار التي تمس بالبيئة والمحيط في مختلف المجالات ، و قد أخذ هذا الأسلوب نصيبا معتبرا من نصوص التشريع البيئي سواء التشريع الرئيسي أو التشريعات الأخرى التي كرست الحماية القانونية للبيئة ، كقانون المياه ، قانون الغابات و القانون المتعلق بالنفايات، و أسلوب الإلزام تكمن أهميته في أنه يأتي في شكل إجراء إيجابي عكس أسلوب الحظر الذي يأتي في شكل إجراء سلبي.


1- المادة 25 من المرسوم 84/378 .
2- المادة 32 فقرة 2 من المرسوم 84/378










قديم 2009-12-31, 12:48   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الثالث
نظـام التقـاريـر
يعد نظام التقارير أسلوب جديد استحدثه المشرع تماشيا مع التطور الدولي في مجال حماية البيئــة ونظام التقارير أو التصريحات يهدف إلى فرض رقابة لاحقة و مستمرة على منح الترخيص فهو أسلوب مكمل لأسلوب الترخيص ، و هو يقترب من الإلزام كونه يفرض على صاحبه القيام بتقديم تقارير دورية عن نشاطاته حتى تتمكن السلطة الضابطة من فرض الرقابة وهو أسلوب يسهل على الإدارة عملية المتابعة من الناحية المالية و البشرية ، فبدلا من أن تقوم الإدارة بإرسال أعوانها للتحقيق من السير العادي للنشاط المرخص به، يتولى صاحب الرخصة تزويد الإدارة بالتطورات الحاصلة ، و يرتب القانون على عدم القيام بهذا الإلزام جزاءات مختلفة نتعرض لها لاحقا .
و أسلوب نظام التقارير هو شبيه بنظام التقييم البيئي فإذا كان هذا الأخير يقع على عاتق الإدارة فإن الأول يقع على صاحب الرخصة.
وكون أسلوب التقارير أسلوب جديد في حاجة إلى نصوص تنظيمية ، فإننا نكتفي بذكر بعض القوانين التي نصت عليه ، و منها قانون المناجم الذي ألزم أصحاب السندات المنجمية أوالرخص بأن يوجهوا خلال مدة الاستغلال و البحث إلى الوكالة الوطنية للجيولوجيا و المراقبة المنجمية تقريرا سنويا متعلقا بنشاطاتهم و كذا الانعكاسات على حيازة الأراضي و خصوصيات الوسط البيئي (1) ،و رتب القانون عقوبات جزائية على كل مستغل أغفل تبليغ التقرير، تتمثل في الحبس من شهرين إلى ستة أشهر و بغرامة مالية 5000دج إلى 20000دج(2) ،كما يتعين على صاحب رخصة التنقيب تقديم تقرير مفصل عن الأشغال المنجزة كل ستة أشهر إلى الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية ، أما صاحب رخصة الاستكشاف فهو ملزم بإرسال تقرير سنوي إلى نفس الوكالة .

1- المادة 61 من القانون 01/10.
2- المادة 182 من القانون 01/10 .
3- المادة 112 من القانون 01/10 .
ونجد نفس الالتزام يقع على صاحب السند المنجمي إضافة إلى التزامه بحماية البيئة و الأمن والصحة ، فهو ملزم كذلك بتقديم تقرير عن نشاطه السنوي للوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية
والوكالة الوطنية للجيولوجية و المراقبة المالية ، و قد أحال القانون على التنظيم لتحديد محتوى التقرير .
أما القانون المتعلق بتسيير النفايات 01/19 فقد جاء بنظام التقرير في مادته 21 بنصها "يلزم منتجو أو حائزو النفايات الخاصة الخطرة بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة و كمية و خصائص النفايات " ، كما يتعين عليهم دوريا تقديم المعلومات الخاصة بمعالجة هذه النفايات و كذلك الإجراءات العملية المتخذة و المتوقعة لتفادي إنتاج هذه النفايات بأكبر قدر ممكن .
و هذا الأسلوب يساعد بشكل كبير في مراقبة و تحديد كيفيات تسيير و معالجة النفايات معالجة عقلانية ، غير أنه يبقى في حاجة إلى نصوص تنظيمية لتحديد مواعيد تقديم التقارير و الجزاءات التي قد تترتب على مخالفة هذا الإجراء .
و رغم ما تمثله النفايات من خطر على الصحة العمومية و المحيط البيئي إلا أن المشرع لم يكن متشددا في فرض العقوبات اللازمة عن عدم الالتزام بنص المادة إذ خص هذا الامتناع بغرامة مالية فقط (1) ، بينما نجد نص على عقوبات سالبة للحرية في قانون المناجم عن عدم الالتزام بنظام التقارير .
في الأخير نخلص إلى أن قواعد أسلوب نظام التقارير جاءت في شكل قواعد آمرة يترتب عن عدم الالتزام بها عقوبات سالبة للحرية و الأكيد أن هذا الأسلوب سيساهم بلا شك في دعم باقي الأساليب ، و الأجدر بالمشرع أن يعمل على تعميمه على باقي المنشآت سيما منها المنشآت المصنفة .





1- المادة 58 من القانون 01/19 .
الفصل الثاني
الجزاءات المرتبة على مخالفة الإجراءات القانونية
إن مواجهة المشاكل البيئية و إن كان يعتمد في غالبية الأحيان على حلول تقنية وتكنولوجية إلا أن جل الدول لجأت إلى توظيف التقنية القانونية من أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة.
فالمشاكل المرتبطة بالبيئة تلقى اهتماما يتزايد يوما بعد يوم على المستوى العالمي و ذلك لظهور مخاطر التلوث البيئي و اتساع مفهوم البيئة كذلك.
فعلى مستوى الدول أنشئت وزارات و مجالس عليا و أجهزة متخصصة أوكل إليها أمر البيئة وصدر فيها العديد من التشريعات ذات الطابع الإلزامي .
وعلى المستوى الدولي صيغت العديد من الاتفاقيات و المعاهدات و البروتوكولات لحماية البيئة وأصبح التعاون الدولي في موضوع البيئة أمرا حتميا خاصة في المنـاطق المشتركـة و المحيطـات و الفضاء .(1)
ومن بين التوصيات الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المنعقد في جــوان 92 بريودي جانيرو( البرازيل ) و الذي سمي بقمة الأرض،حث الدول على ضرورة سن تشريعات فعالة بشأن البيئة مع وضع قانون بشأن المسؤولية و كذلك تعويض ضحايا التلوث .(2)
والجزائر كدولة نامية لجأت إلى هذه الوسيلة فأصبحت تحوز منظومة قانونية مكثفة خاصة بعد صدور القانون 83/03 المتعلق بحماية البيئة الذي كان يشكل الإطار العام للمجهود التشريعي الرامي إلى وضع الخطوط العريضة و المحاور الرئيسية للسياسة البيئية في الجزائر و قبل إلغائه بموجب القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في أيطار التنمية المستدامة و ذلك من خلال الاعتماد على طرق قانونية غير جنائية تعتمد على الجزاءات الإدارية من جهة و المسؤولية المدنية من جهة أخرى إلى جانب الجزاءات الجنائية لقمع الجرائم البيئية .

1- المادة 214 فقرة 2 من القانون 01/10 المتضمن قانون المناجم التي نصت على أنه تطبق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتلوث البحري التي وقعت عليها الجزائر على المخالفات المعاقب عليها بموجب هذا القانون.
2- على سبيل المثال المادة 2من اتفاقيات فيينا لحماية طبقة الأوزون – الوثيقة الختامية – المبرمة في فيينا بتاريخ 22 مارس 1985 و التي انضمت إليها الجزائر بموجب ملحق المرسوم الرئاسي 92/54 جريدة رسمية رقم 17 المؤرخة في 29 مارس 2000 .
المبحث الأول
آليات الحماية الإدارية
بدأ الإشكال البيئي يطفو بطريقة موضوعية ابتداء من الثمانينات و ذلك بوضع الإطار القانوني لحماية البيئة لسنة 1983 عن معاينة أن البيئة تعتبر ركيزة أساسية في المساهمة في التطور الاقتصادي و الاجتماعي ،فالإستراتيجية الوطنية تمحورت أساسا في وضع عدة أهداف رامية إلى الحماية و الحفاظ من كل أشكال التلوث و ذلك بإدخال الإدارة كعنصر أساسي و توضيح معالم تدخلها كسلطة عامة .
وإن أعطى المشرَع الإدارة سلطة الضبط في مراقبة التوازن البيئي و ذالك بمنحها وسائل التدخل عن طريق استعمال امتيازات السلطة العامة إلا أنه قيدها بإتباع جسامة المخالفة المرتكبة ونوع التدخل ،وعادة ما تأخذ شكل الإخطار (الإعذار) ، الوقف الجزئي للنشاط أو الوقف الكلي عن طريق سحب الرخصة ، كما أن المتمعن في قوانين المالية يلاحظ آلية جديدة في يد الإدارة رسمها المشرع في قانون المالية 91 /25 لسنة 1992 وهو الرسم على التلويث خاصة لمواجهة آثار التلويث الصناعي .
المطلب الأول
الإخـــطار
وإن لم يعد الإخطار في حد ذاته جزاء في يد سلطة الإدارة و إنما عادة ما يأخذ شكل التنبيه لتذكير المخالف بإلزامية معالجة الوضع و اتخاذه التدابير الكفيلة للجعل من نشاطه مطابقا للمقاييس القانونية المعمول بها.
وقد تطرق المشرع إلى هذه الآلية في القانون الأساسي لحماية البيئة لسنة 1983، لاسيما المادة 53 منه ،الملغى بموجب القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة لاسيما المادة 25 منه التي تنص " عندما تنجم عن استغلال المنشأة غير واردة في قائمة المنشآت المصنفة أخطار أو أضرار تمس بالمصالح المذكورة في المادة 18 أعلاه وبناء على تقرير من مصالح البيئة يعذر

الوالي المستغل و يحدد له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة ..." (1).
و يلاحظ من صلب النص أن المشرع الجزائري قد استعمل مصطلح الإعذار الذي يقابله بالنص الفرنسي مصطلح (mise en demeure) و ذلك لما يحظى به هذا المصطلح بقوة قانونية وذلك لدرء الخطر كخطوة أولى قبل المستغل و كملاحظة ثانية أن المشرع قد أدرج هذه المادة تحت الفصل الخامس بعنوان - الأنظمة القانونية الخاصة – لأن الهدف من الإخطار أو الإعذار هو حماية أولية قبل أخذ إجراءات ردعية أكثر صرامة.
كما ينص المرسوم الصادر في سنة 1994، الخاص بحماية مياه الحمامات المعدنية على أنه إذا رأى مفتش البيئة أو المصالح المختصة التابعة للصحة العمومية أن شروط استغلال المياه المعدنية غير مطابقة لعقد الامتياز فإن الوالي المختص إقليميا يرسل بناء على إعذار للمستغل بغرض اتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعلها مطابقة و إذا لم يقم بذلك خلال المهلة المحددة له في الإعذار فإن الوالي يقرر وقف عمل المؤسسة مؤقتا إلى غاية تنفيذ الشروط (2) .
و قد نص القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة في مادته 56 على أنه "في حالة وقوع عطب أو حادث في المياه الخاصة الخاضعة للقضاء الجزائري ، لكل سفينة أو طائرة أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو تحمل مواد ضارة أوخطيرة أو محروقات من شأنها أن تشكل خطرا لايمكن دفعه ، و من طبيعته إلحاق ضرر بالساحل أو المنافع المرتبطة به ، بعذر صاحب السفينة أوالطائرة أو الآلية أو القاعدة العائمة باتخاذ كل التدابير اللازمة لوضع حد لهذا الإخطار ...".(3)
المطلب الثاني
سحب الترخيص
عملا بقاعدة توازي الأشكال فإن الإدارة تقوم بتجريد المستغل الذي لم يجعل من نشاطه مطابقا للمقاييس القانونية البيئية من الرخصة و ذلك عن طريق سحبها بقرار إداري و يعد من أخطر

1- المادة 25 من القانون 03/10 .
2- المادتان 38 و 39 من المرسوم 94/91 .
3- المادة 56 من القانون 03/10 .
4- رسالة الماجستير، حميدة جميلة، المرجع السابق
- في استمرارية المشروع خطر يداهم النظام العام ،إما الصحة العمومية أو الأمن العمومي أوالسكينة العامة .
- إذا لم يستوف المشروع الشروط القانونية التي ألزم المشرع ضرورة توافرها.
- إذا توقف العمل بمشروع من أكثر من مدة معينة حددها.
- إذا صدر حكما قضائيا بغلق المشروع أو إزالته.
ونجد لهذه الآلية في المنظومة التشريعية البيئية عدة تطبيقات منها ما نص عليها القانون 98/02 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك في مادته 19 منها التي تنص على سحب المنتوج من حيز الاستهلاك من طرف السلطة بعد تحققها في عدم مطابقته .
كما نصت على هذه الآلية المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 93/160 المتعلق بتنظيم النفايات الصناعية السائلة و التي تنص: "إذا لم يمتثل مالك التجهيزات في نهاية الأجل المحدد أعلاه ،يقدر الوالي الإيقاف المؤقت لسير التجهيزات المتسببة في التلوث،حتى غاية تنفيذ الشروط المفروضة وفي هذه الحالة يعلن الوزير المكلف بالبيئة عن سحب رخصة التصريف بناء على تقرير الوالي وذلك دون المساس بالمتابعة القضائية المنصوص عليها في التشريع المعمول "(1) .
واستعمل المشرع نفس الآلية في المادة 7 من المرسوم 93/162 الذي يحدد الشروط وكيفية استرداد الزيوت المستعملة ومعالجتها و في هذه الحالة يمكن سحب الاعتماد الذي يمنحه الوزير المكلف بالبيئة عندما يثبت تهاون أو عدم احترام الالتزامات المنصوص عليها في دفتر الشروط .
المطلب الثالث
وقف النشـاط
عادة ما ينصب وقف النشاط على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية مما لها من تأثير سلبي على البيئة خاصة تلك المنبعثة منها الجزئيات الكيميائية المتناثرة جويا أو التي عادة ما تكرر زيوتا شحمية تؤثر بالدرجة الأولى على المحيط البيئي مؤدية إلى تلويثه أو المساس بالصحة العمومية .



1- المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 93/160 .

وفي هذا المجال نص المشرع الجزائري على هذه الآلية الحمائية في المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 93 /165 المنظم لإفراز الدخان والغاز و الغبار والروائح والجسيمات الصلبة في الجو :" إذا كان استغلال التجهيزات يمثل خطرا أو مساوئ أو حرجا خطيرا على امن الجوار وسلامته وملاءمته أو على الصحة العمومية ،فعلى الوالي أن ينذر المستغل , بناء على تقرير مفتش البيئة بأن يتخذ كل التدابير اللازمة لإنهاء الخطر والمساوئ الملاحظة وإزالتها ،وإذا لم يمتثل المستغل أو المسير في الآجال المحددة لهذا الإنذار , يمكن إعلان التوقيف المؤقت لسير التجهيزات كليا أو جزئيا بناء على اقتراح مفتش البيئة بقرار من الوالي المختص إقليميا دون المساس بالمتابعات القضائية ..."(1).
كما تناول قانون المياه رقم 83/17 في مادته 108،المعدل بموجب الأمر 96/13 نفس الحماية وذلك عن طريق إيقاف سير الوحدة المسببة في التلوث ،إلا أن الإيقاف يأخذ هنا شكل الطابع المؤقت إلى حين زوال التلوث وقد نصت هذه المادة في صلبها على ما يأتي : ( تقرر الإدارة إيقاف سير الوحدة المسؤولة عن التلوث إلى غاية زواله , عندما يشكل تلوث المياه , خطرا على الصحة العمومية أو يلحق ضررا بالاقتصاد الوطني )(2).
نفس المعنى تناولته المادة 25 في فقرتها الثانية من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة "... إذا لم يمتثل المستغل في أجل المحدد, يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة مع اتخاذ التدابير المؤقتة الضرورية بما فيها التي تضمن دفع مستحقات المستخدمين مهما كان نوعها "(3).
كما نلاحظ أن المشرع لم يهمل النص على حماية البيئة وذلك باشتراطه الموافقة القبلية من طرف المجلس الشعبي البلدي على إنشاء أي مشروع على تراب البلدية يتضمن مخاطرا من شأنها إضرار البيئة وهو نص المادة 92 من قانون البلدية لسنة 1990 ،وتناول نفس الهدف في نص المادة 58 من القانون 90/09 المتضمن قانون الولاية.


1- المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 93/165.
2- المادة 108 من القانون 83/17 المعدل و المتمم بموجب الأمر 96/13 .
3- المادة 25 من القانون 03/10 .
كما أعطت المادة 212 من القانون رقم 01/01 المتضمن قانون المناجم للجهة القضائية الإدارية وفقا للإجراء الاستعجالي أن يأمر بتعليق أشغال البحث أو الاستغلال بناء على طلب السلطة الإدارية المؤهلة والتي تنص: " في حالة معاينة مخالفة كما هو منصوص عليها في المادة 210 أعلاه يمكن لرئيس الجهة القضائية الإدارية المختصة وفقا للإجراء الاستعجالي أن يأمر بتعليق أشغال البحث أو الاستغلال بناء على طلب السلطة الإدارية المؤهلة ويمكن للجهة القضائية أن تأمر في كل وقت برفع اليد عن التدابير المتخذة لتوقيف الإشغال أو الإبقاء عليها وذلك بطلب من السلطة الإدارية المؤهلة أو من المالك المستغل "(1).
إلا أن الملاحظ من هذا النص استعماله لازدواجية هيكلية في اتخاذ القرار،حيث أن المادة 212 قيدت سلطة الإدارة المؤهلة وهي إدارة المناجم أن تعلق بقرار منفرد أشغال البحث أو الاستغلال إلا بعد تقديم الطلب إلى الجهة القضائية الإدارية والتي هي الغرفة الإدارية .
وهو الشيء الذي يجعل في رأينا تعقيدا للإجراءات ،حيث أن عدم التعليق الفوري قد يؤدي إلى خطورة الأمر وما يؤكد ذلك أن المادة 212 تحيلنا على المادة 210 لنفس القانون هذه الأخيرة التي تتناول باب حماية البيئة , والتي تتطلب عادة عجلة السرعة في اتخاذ الأمر .
المطلب الرابع
العقوبة الماليـة
لقد سبق القول أن المشرع الجزائري استحدث آلية جديدة في قانون المالية 91/25 لسنة 1992 تتمثل في الرسم على التلويث وذلك في حالة تجاوز المستغل أو المنشأة للوسائل الكفيلة لحماية البيئة وهذه الآلية لها طابع مالي تساهم من جهة في الإيرادات العامة ومن جهة ثانية تفرض جزاء ماليا على مرتكبي المخالفات في حق النظام البيئي وقد ظهرت هذه الوسيلة في مختلف الأنظمة الدولية بعد انتشار الصناعة بعدما طرحت مشاكل بيئية عديدة و خطيرة.
وعادة ما تكون على شكل رسوم مالية على المواد الملوثة وتهدف أساسا هذه الرسوم إلى إزالة ومعاقبة كل ما تسبب في التلوث الصناعي ومن أجل ذلك وضعت عدة تدابير لازمة من أجل معالجة الأخطار والأضرار أو على الأقل التقليص من أثارها وذلك عن طريق اقتناء الأجهزة لتصفية الغبار والغازات وهذا ما حدث مع العديد من الوحدات الصناعية.

1- المادة 212 من قانون 01/01 .
من ذلك مؤسسة إنتاج الإسمنت و مؤسسة إنتاج الأسمدة الآزوتية " أسميدال " حيث اتخذ بشأنهما إجراءات إزالة التلوث تمثلت في تفكيك الوحدة الأكثر تلوثا وتعديل الإفرازات الغازية المحملة وكذلك الشأن بالنسبة لمركب الحديد والصلب بالحجار الذي وضع برنامجه في حيز التنفيذ وذلك بالترميم وتصليح الأفران العالية الحرارة من أجل تقليص الإفرازات الغازية المحملة بثاني أكسيد الكبريت وأكسيد الآزوت(1) .
وقد تضمن قانون المالية لسنة 1992 إحداث صندوق الوطني للبيئة في مادته 189 التي تفيد أن موارد الصندوق تشمل الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة بالإضافة إلى حاصل الغرامات الناتجة عن المخالفات للتنظيم المتعلق بالبيئة وكذا التعويضات عن النفقات الخاصة بمكافحة التلوث المفاجئ الناتج عن تدفق المواد الكيميائية الخطيرة في البحر ومجالات الري والمياه الجوفية (2).
وبالرجوع إلى نص المادة 117 من نفس القانون نجد أن المشرع حدد هذا الرسم القاعدي بالنسبة للمنشآت المصنفة الخاضعة لإجراء التصريح بحوالي 3000 دج أما بالنسبة للمنشآت المصنفة الخاضعة لإجراء الترخيص بحوالي 30 ألف دج ،أما المنشآت التي لا تشغل أكثر من شخصين فقد خفض الرسم القاعدي إلى 750 دج .
و العبرة من وضع هذه الرسوم هي الموازنة بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة التي تقتضي الحفاظ على السلامة والصحة العامة ومحاربة كل أشكال التلويث وقد أخد هذا الرسم من مبدأ الملوث الدافع " pollueur payeur " وهو مبدأ اقتصادي principe économique لأن ضبط قيمة هذا الرسم تسمح بوضع سياسة مالية لمكافحة التلويث وتقليل من أثاره وعليه فله فعالية قد تنتهي إلى ظهور سوق التلويث marché de la pollution(3).
وخلاصة القول فإن الحماية الإدارية لديها وظيفة أساسية في مراقبة التوازن البيئي وقد سمح لها المشرع التدخل بمجرد دق ناقوس الخطر الداهم قبل وقوعه وذلك بتوجيهه الإنذار من طرف المصالح المؤهلة للمستغل أو بعد حدوث الخطر بتوقيفه عن طريق سحب الرخصة أو توقيف المنشأة كليا أو جزئيا .

1- حميدة جميلة ،المرجع السابق ،ص 154 .
2- المادة 189 من قانون المالية 91/25 لسنة 1992 .
3-Sousse marcel op.cit P 395
المبحث الثاني
الجزاء الـمدني
لقد سبق القول أن تطور الحياة الاقتصادية والعلمية الناجمة عن توسيع استخدام الآلات والمواد المضرة قد شكل عائقا كبيرا أمام تفاقم الأزمة البيئية التي يعيشها الإنسان حاليا مما دعى بالمشرع في كل الدول أن يتدخل محاولا منه إيجاد صيغة قانونية لإعادة هذا التوازن البيئي بدءا من استعماله لآلية الحماية الإدارية ،لكن لم يكتفي بهذا فقط بل أدخل نوعا جديدا من الحماية المدنية هذه الأخيرة تأخذ طابعا خاصا عن المفهوم التقليدي للمسؤولية المدنية في القانون المدني، لذا يجب أولا تحديد عناصر الضرر البيئي لتحديد المسؤولية ومن تم تحديد نوع التعويض المنجر عنه.
المطلب الأول
خصائص الضرر البيئي
ذهب العديد من الفقهاء الفرنسيين أن الضرر البيئي له صفات خصوصية تجعله يختلف عن تعويض الأضرار التي تنطبق عليها القواعد العامة للمسؤولية المدنية(1) .
وبالرجوع إلى قواعد المسؤولية المدنية في التشريع الجزائري ،فخصائص الضرر قد يكون مباشرا أو غير مباشرا ،متوقعا أو غير متوقعا وقد نصت المادة 124 من القانون المدني الجزائري على " كل عمل أيا كان ،يرتكبه المرء ( بخطئه) ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"(2) .
والسؤال المطروح : هل تجد هذه المادة تطبيقاتها على الأضرار التي تصيب البيئة ؟ يرى الأستاذ Goulloud Renald أن للضرر البيئي أهم خاصية فيه هو مساسه بالمحيط الطبيعي بطريق غير مباشر وجماعي مما يطرح إشكالية وضع مقاييس التعويض عنه،كما أن القواعد العامة للتعويض في حالة القيام المسؤولية المدنية تحتوي على أحكام قليلة مقارنة بطبيعة هذا الضرر(3).
وتتمثل خصائص هذا الضرر كونه غير شخصي من جهة وضرر غير مباشر من جهة أخـرى
بالإضافة إلى أنه ضرر من طبيعة خاصة.

1- المسؤولية المدنية الناجمة عن أضرار التلوث الصناعي في القانون الجزائري ،وعلي جمال ،رسالة الماجستير ، جامعة تلمسان 2002-2003 .
2- المادة 124 من القانون المدني .
3-Sousse marcel.OpCit.
الفرع الأول
الضرر البيئي ضرر غيرشخصي
ويقصد بذلك أن الضرر يتعلق بالمساس بشيء لا يملكه شخص معين وإنما مستعمل من قبل الجميع دون استثناء ، إذ نجد أن أغلب التشريعات تعطي للجمعيات البيئية حق التمثيل القانوني للحد من الاعتداءات البيئية وهذا ما انتهجه المشرع الجزائر في الترسانة القانونية البيئية نذكر منها المواد 35-36-37- من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة فأتى نص المادة 36 بما يلي : " دون الإخلال بالأحكام القانونية السارية المفعول يمكن للجمعيات المنصوص عليها في المادة 35 أعلاه رفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئية ،حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المتسببين لها بانتظام"(1).
وهذا ما يؤكد أن الضرر الذي يمس البيئة ضرر غير شخصي لذا تماشى المشرع الجزائري مع فكرة إعطاء الجمعيات حق التمثيل القانوني والقضائي ضد المتسبب في ذلك ،كما نصت المادة 08 من القانون السالف الذكر على أنه يتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي وبحوزته معلومات حول حالة مؤثرة على التوازن البيئي ومؤثرة على الصحة العمومية تبليغها إلى السلطات المحلية و /أو السلطة المكلفة بالبيئة لأن الضرر هنا لا يمس مصلحة الفرد كفرد وإنما يمس المصلحة الوطنية ككل.










قديم 2009-12-31, 12:49   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الثالث
نظـام التقـاريـر
يعد نظام التقارير أسلوب جديد استحدثه المشرع تماشيا مع التطور الدولي في مجال حماية البيئــة ونظام التقارير أو التصريحات يهدف إلى فرض رقابة لاحقة و مستمرة على منح الترخيص فهو أسلوب مكمل لأسلوب الترخيص ، و هو يقترب من الإلزام كونه يفرض على صاحبه القيام بتقديم تقارير دورية عن نشاطاته حتى تتمكن السلطة الضابطة من فرض الرقابة وهو أسلوب يسهل على الإدارة عملية المتابعة من الناحية المالية و البشرية ، فبدلا من أن تقوم الإدارة بإرسال أعوانها للتحقيق من السير العادي للنشاط المرخص به، يتولى صاحب الرخصة تزويد الإدارة بالتطورات الحاصلة ، و يرتب القانون على عدم القيام بهذا الإلزام جزاءات مختلفة نتعرض لها لاحقا .
و أسلوب نظام التقارير هو شبيه بنظام التقييم البيئي فإذا كان هذا الأخير يقع على عاتق الإدارة فإن الأول يقع على صاحب الرخصة.
وكون أسلوب التقارير أسلوب جديد في حاجة إلى نصوص تنظيمية ، فإننا نكتفي بذكر بعض القوانين التي نصت عليه ، و منها قانون المناجم الذي ألزم أصحاب السندات المنجمية أوالرخص بأن يوجهوا خلال مدة الاستغلال و البحث إلى الوكالة الوطنية للجيولوجيا و المراقبة المنجمية تقريرا سنويا متعلقا بنشاطاتهم و كذا الانعكاسات على حيازة الأراضي و خصوصيات الوسط البيئي (1) ،و رتب القانون عقوبات جزائية على كل مستغل أغفل تبليغ التقرير، تتمثل في الحبس من شهرين إلى ستة أشهر و بغرامة مالية 5000دج إلى 20000دج(2) ،كما يتعين على صاحب رخصة التنقيب تقديم تقرير مفصل عن الأشغال المنجزة كل ستة أشهر إلى الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية ، أما صاحب رخصة الاستكشاف فهو ملزم بإرسال تقرير سنوي إلى نفس الوكالة .

1- المادة 61 من القانون 01/10.
2- المادة 182 من القانون 01/10 .
3- المادة 112 من القانون 01/10 .
ونجد نفس الالتزام يقع على صاحب السند المنجمي إضافة إلى التزامه بحماية البيئة و الأمن والصحة ، فهو ملزم كذلك بتقديم تقرير عن نشاطه السنوي للوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية
والوكالة الوطنية للجيولوجية و المراقبة المالية ، و قد أحال القانون على التنظيم لتحديد محتوى التقرير .
أما القانون المتعلق بتسيير النفايات 01/19 فقد جاء بنظام التقرير في مادته 21 بنصها "يلزم منتجو أو حائزو النفايات الخاصة الخطرة بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة و كمية و خصائص النفايات " ، كما يتعين عليهم دوريا تقديم المعلومات الخاصة بمعالجة هذه النفايات و كذلك الإجراءات العملية المتخذة و المتوقعة لتفادي إنتاج هذه النفايات بأكبر قدر ممكن .
و هذا الأسلوب يساعد بشكل كبير في مراقبة و تحديد كيفيات تسيير و معالجة النفايات معالجة عقلانية ، غير أنه يبقى في حاجة إلى نصوص تنظيمية لتحديد مواعيد تقديم التقارير و الجزاءات التي قد تترتب على مخالفة هذا الإجراء .
و رغم ما تمثله النفايات من خطر على الصحة العمومية و المحيط البيئي إلا أن المشرع لم يكن متشددا في فرض العقوبات اللازمة عن عدم الالتزام بنص المادة إذ خص هذا الامتناع بغرامة مالية فقط (1) ، بينما نجد نص على عقوبات سالبة للحرية في قانون المناجم عن عدم الالتزام بنظام التقارير .
في الأخير نخلص إلى أن قواعد أسلوب نظام التقارير جاءت في شكل قواعد آمرة يترتب عن عدم الالتزام بها عقوبات سالبة للحرية و الأكيد أن هذا الأسلوب سيساهم بلا شك في دعم باقي الأساليب ، و الأجدر بالمشرع أن يعمل على تعميمه على باقي المنشآت سيما منها المنشآت المصنفة .





1- المادة 58 من القانون 01/19 .
الفصل الثاني
الجزاءات المرتبة على مخالفة الإجراءات القانونية
إن مواجهة المشاكل البيئية و إن كان يعتمد في غالبية الأحيان على حلول تقنية وتكنولوجية إلا أن جل الدول لجأت إلى توظيف التقنية القانونية من أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة.
فالمشاكل المرتبطة بالبيئة تلقى اهتماما يتزايد يوما بعد يوم على المستوى العالمي و ذلك لظهور مخاطر التلوث البيئي و اتساع مفهوم البيئة كذلك.
فعلى مستوى الدول أنشئت وزارات و مجالس عليا و أجهزة متخصصة أوكل إليها أمر البيئة وصدر فيها العديد من التشريعات ذات الطابع الإلزامي .
وعلى المستوى الدولي صيغت العديد من الاتفاقيات و المعاهدات و البروتوكولات لحماية البيئة وأصبح التعاون الدولي في موضوع البيئة أمرا حتميا خاصة في المنـاطق المشتركـة و المحيطـات و الفضاء .(1)
ومن بين التوصيات الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المنعقد في جــوان 92 بريودي جانيرو( البرازيل ) و الذي سمي بقمة الأرض،حث الدول على ضرورة سن تشريعات فعالة بشأن البيئة مع وضع قانون بشأن المسؤولية و كذلك تعويض ضحايا التلوث .(2)
والجزائر كدولة نامية لجأت إلى هذه الوسيلة فأصبحت تحوز منظومة قانونية مكثفة خاصة بعد صدور القانون 83/03 المتعلق بحماية البيئة الذي كان يشكل الإطار العام للمجهود التشريعي الرامي إلى وضع الخطوط العريضة و المحاور الرئيسية للسياسة البيئية في الجزائر و قبل إلغائه بموجب القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في أيطار التنمية المستدامة و ذلك من خلال الاعتماد على طرق قانونية غير جنائية تعتمد على الجزاءات الإدارية من جهة و المسؤولية المدنية من جهة أخرى إلى جانب الجزاءات الجنائية لقمع الجرائم البيئية .

1- المادة 214 فقرة 2 من القانون 01/10 المتضمن قانون المناجم التي نصت على أنه تطبق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتلوث البحري التي وقعت عليها الجزائر على المخالفات المعاقب عليها بموجب هذا القانون.
2- على سبيل المثال المادة 2من اتفاقيات فيينا لحماية طبقة الأوزون – الوثيقة الختامية – المبرمة في فيينا بتاريخ 22 مارس 1985 و التي انضمت إليها الجزائر بموجب ملحق المرسوم الرئاسي 92/54 جريدة رسمية رقم 17 المؤرخة في 29 مارس 2000 .
المبحث الأول
آليات الحماية الإدارية
بدأ الإشكال البيئي يطفو بطريقة موضوعية ابتداء من الثمانينات و ذلك بوضع الإطار القانوني لحماية البيئة لسنة 1983 عن معاينة أن البيئة تعتبر ركيزة أساسية في المساهمة في التطور الاقتصادي و الاجتماعي ،فالإستراتيجية الوطنية تمحورت أساسا في وضع عدة أهداف رامية إلى الحماية و الحفاظ من كل أشكال التلوث و ذلك بإدخال الإدارة كعنصر أساسي و توضيح معالم تدخلها كسلطة عامة .
وإن أعطى المشرَع الإدارة سلطة الضبط في مراقبة التوازن البيئي و ذالك بمنحها وسائل التدخل عن طريق استعمال امتيازات السلطة العامة إلا أنه قيدها بإتباع جسامة المخالفة المرتكبة ونوع التدخل ،وعادة ما تأخذ شكل الإخطار (الإعذار) ، الوقف الجزئي للنشاط أو الوقف الكلي عن طريق سحب الرخصة ، كما أن المتمعن في قوانين المالية يلاحظ آلية جديدة في يد الإدارة رسمها المشرع في قانون المالية 91 /25 لسنة 1992 وهو الرسم على التلويث خاصة لمواجهة آثار التلويث الصناعي .
المطلب الأول
الإخـــطار
وإن لم يعد الإخطار في حد ذاته جزاء في يد سلطة الإدارة و إنما عادة ما يأخذ شكل التنبيه لتذكير المخالف بإلزامية معالجة الوضع و اتخاذه التدابير الكفيلة للجعل من نشاطه مطابقا للمقاييس القانونية المعمول بها.
وقد تطرق المشرع إلى هذه الآلية في القانون الأساسي لحماية البيئة لسنة 1983، لاسيما المادة 53 منه ،الملغى بموجب القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة لاسيما المادة 25 منه التي تنص " عندما تنجم عن استغلال المنشأة غير واردة في قائمة المنشآت المصنفة أخطار أو أضرار تمس بالمصالح المذكورة في المادة 18 أعلاه وبناء على تقرير من مصالح البيئة يعذر

الوالي المستغل و يحدد له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة ..." (1).
و يلاحظ من صلب النص أن المشرع الجزائري قد استعمل مصطلح الإعذار الذي يقابله بالنص الفرنسي مصطلح (mise en demeure) و ذلك لما يحظى به هذا المصطلح بقوة قانونية وذلك لدرء الخطر كخطوة أولى قبل المستغل و كملاحظة ثانية أن المشرع قد أدرج هذه المادة تحت الفصل الخامس بعنوان - الأنظمة القانونية الخاصة – لأن الهدف من الإخطار أو الإعذار هو حماية أولية قبل أخذ إجراءات ردعية أكثر صرامة.
كما ينص المرسوم الصادر في سنة 1994، الخاص بحماية مياه الحمامات المعدنية على أنه إذا رأى مفتش البيئة أو المصالح المختصة التابعة للصحة العمومية أن شروط استغلال المياه المعدنية غير مطابقة لعقد الامتياز فإن الوالي المختص إقليميا يرسل بناء على إعذار للمستغل بغرض اتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعلها مطابقة و إذا لم يقم بذلك خلال المهلة المحددة له في الإعذار فإن الوالي يقرر وقف عمل المؤسسة مؤقتا إلى غاية تنفيذ الشروط (2) .
و قد نص القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة في مادته 56 على أنه "في حالة وقوع عطب أو حادث في المياه الخاصة الخاضعة للقضاء الجزائري ، لكل سفينة أو طائرة أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو تحمل مواد ضارة أوخطيرة أو محروقات من شأنها أن تشكل خطرا لايمكن دفعه ، و من طبيعته إلحاق ضرر بالساحل أو المنافع المرتبطة به ، بعذر صاحب السفينة أوالطائرة أو الآلية أو القاعدة العائمة باتخاذ كل التدابير اللازمة لوضع حد لهذا الإخطار ...".(3)
المطلب الثاني
سحب الترخيص
عملا بقاعدة توازي الأشكال فإن الإدارة تقوم بتجريد المستغل الذي لم يجعل من نشاطه مطابقا للمقاييس القانونية البيئية من الرخصة و ذلك عن طريق سحبها بقرار إداري و يعد من أخطر

1- المادة 25 من القانون 03/10 .
2- المادتان 38 و 39 من المرسوم 94/91 .
3- المادة 56 من القانون 03/10 .
4- رسالة الماجستير، حميدة جميلة، المرجع السابق
- في استمرارية المشروع خطر يداهم النظام العام ،إما الصحة العمومية أو الأمن العمومي أوالسكينة العامة .
- إذا لم يستوف المشروع الشروط القانونية التي ألزم المشرع ضرورة توافرها.
- إذا توقف العمل بمشروع من أكثر من مدة معينة حددها.
- إذا صدر حكما قضائيا بغلق المشروع أو إزالته.
ونجد لهذه الآلية في المنظومة التشريعية البيئية عدة تطبيقات منها ما نص عليها القانون 98/02 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك في مادته 19 منها التي تنص على سحب المنتوج من حيز الاستهلاك من طرف السلطة بعد تحققها في عدم مطابقته .
كما نصت على هذه الآلية المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 93/160 المتعلق بتنظيم النفايات الصناعية السائلة و التي تنص: "إذا لم يمتثل مالك التجهيزات في نهاية الأجل المحدد أعلاه ،يقدر الوالي الإيقاف المؤقت لسير التجهيزات المتسببة في التلوث،حتى غاية تنفيذ الشروط المفروضة وفي هذه الحالة يعلن الوزير المكلف بالبيئة عن سحب رخصة التصريف بناء على تقرير الوالي وذلك دون المساس بالمتابعة القضائية المنصوص عليها في التشريع المعمول "(1) .
واستعمل المشرع نفس الآلية في المادة 7 من المرسوم 93/162 الذي يحدد الشروط وكيفية استرداد الزيوت المستعملة ومعالجتها و في هذه الحالة يمكن سحب الاعتماد الذي يمنحه الوزير المكلف بالبيئة عندما يثبت تهاون أو عدم احترام الالتزامات المنصوص عليها في دفتر الشروط .
المطلب الثالث
وقف النشـاط
عادة ما ينصب وقف النشاط على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية مما لها من تأثير سلبي على البيئة خاصة تلك المنبعثة منها الجزئيات الكيميائية المتناثرة جويا أو التي عادة ما تكرر زيوتا شحمية تؤثر بالدرجة الأولى على المحيط البيئي مؤدية إلى تلويثه أو المساس بالصحة العمومية .



1- المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 93/160 .

وفي هذا المجال نص المشرع الجزائري على هذه الآلية الحمائية في المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 93 /165 المنظم لإفراز الدخان والغاز و الغبار والروائح والجسيمات الصلبة في الجو :" إذا كان استغلال التجهيزات يمثل خطرا أو مساوئ أو حرجا خطيرا على امن الجوار وسلامته وملاءمته أو على الصحة العمومية ،فعلى الوالي أن ينذر المستغل , بناء على تقرير مفتش البيئة بأن يتخذ كل التدابير اللازمة لإنهاء الخطر والمساوئ الملاحظة وإزالتها ،وإذا لم يمتثل المستغل أو المسير في الآجال المحددة لهذا الإنذار , يمكن إعلان التوقيف المؤقت لسير التجهيزات كليا أو جزئيا بناء على اقتراح مفتش البيئة بقرار من الوالي المختص إقليميا دون المساس بالمتابعات القضائية ..."(1).
كما تناول قانون المياه رقم 83/17 في مادته 108،المعدل بموجب الأمر 96/13 نفس الحماية وذلك عن طريق إيقاف سير الوحدة المسببة في التلوث ،إلا أن الإيقاف يأخذ هنا شكل الطابع المؤقت إلى حين زوال التلوث وقد نصت هذه المادة في صلبها على ما يأتي : ( تقرر الإدارة إيقاف سير الوحدة المسؤولة عن التلوث إلى غاية زواله , عندما يشكل تلوث المياه , خطرا على الصحة العمومية أو يلحق ضررا بالاقتصاد الوطني )(2).
نفس المعنى تناولته المادة 25 في فقرتها الثانية من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة "... إذا لم يمتثل المستغل في أجل المحدد, يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة مع اتخاذ التدابير المؤقتة الضرورية بما فيها التي تضمن دفع مستحقات المستخدمين مهما كان نوعها "(3).
كما نلاحظ أن المشرع لم يهمل النص على حماية البيئة وذلك باشتراطه الموافقة القبلية من طرف المجلس الشعبي البلدي على إنشاء أي مشروع على تراب البلدية يتضمن مخاطرا من شأنها إضرار البيئة وهو نص المادة 92 من قانون البلدية لسنة 1990 ،وتناول نفس الهدف في نص المادة 58 من القانون 90/09 المتضمن قانون الولاية.


1- المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 93/165.
2- المادة 108 من القانون 83/17 المعدل و المتمم بموجب الأمر 96/13 .
3- المادة 25 من القانون 03/10 .
كما أعطت المادة 212 من القانون رقم 01/01 المتضمن قانون المناجم للجهة القضائية الإدارية وفقا للإجراء الاستعجالي أن يأمر بتعليق أشغال البحث أو الاستغلال بناء على طلب السلطة الإدارية المؤهلة والتي تنص: " في حالة معاينة مخالفة كما هو منصوص عليها في المادة 210 أعلاه يمكن لرئيس الجهة القضائية الإدارية المختصة وفقا للإجراء الاستعجالي أن يأمر بتعليق أشغال البحث أو الاستغلال بناء على طلب السلطة الإدارية المؤهلة ويمكن للجهة القضائية أن تأمر في كل وقت برفع اليد عن التدابير المتخذة لتوقيف الإشغال أو الإبقاء عليها وذلك بطلب من السلطة الإدارية المؤهلة أو من المالك المستغل "(1).
إلا أن الملاحظ من هذا النص استعماله لازدواجية هيكلية في اتخاذ القرار،حيث أن المادة 212 قيدت سلطة الإدارة المؤهلة وهي إدارة المناجم أن تعلق بقرار منفرد أشغال البحث أو الاستغلال إلا بعد تقديم الطلب إلى الجهة القضائية الإدارية والتي هي الغرفة الإدارية .
وهو الشيء الذي يجعل في رأينا تعقيدا للإجراءات ،حيث أن عدم التعليق الفوري قد يؤدي إلى خطورة الأمر وما يؤكد ذلك أن المادة 212 تحيلنا على المادة 210 لنفس القانون هذه الأخيرة التي تتناول باب حماية البيئة , والتي تتطلب عادة عجلة السرعة في اتخاذ الأمر .
المطلب الرابع
العقوبة الماليـة
لقد سبق القول أن المشرع الجزائري استحدث آلية جديدة في قانون المالية 91/25 لسنة 1992 تتمثل في الرسم على التلويث وذلك في حالة تجاوز المستغل أو المنشأة للوسائل الكفيلة لحماية البيئة وهذه الآلية لها طابع مالي تساهم من جهة في الإيرادات العامة ومن جهة ثانية تفرض جزاء ماليا على مرتكبي المخالفات في حق النظام البيئي وقد ظهرت هذه الوسيلة في مختلف الأنظمة الدولية بعد انتشار الصناعة بعدما طرحت مشاكل بيئية عديدة و خطيرة.
وعادة ما تكون على شكل رسوم مالية على المواد الملوثة وتهدف أساسا هذه الرسوم إلى إزالة ومعاقبة كل ما تسبب في التلوث الصناعي ومن أجل ذلك وضعت عدة تدابير لازمة من أجل معالجة الأخطار والأضرار أو على الأقل التقليص من أثارها وذلك عن طريق اقتناء الأجهزة لتصفية الغبار والغازات وهذا ما حدث مع العديد من الوحدات الصناعية.

1- المادة 212 من قانون 01/01 .
من ذلك مؤسسة إنتاج الإسمنت و مؤسسة إنتاج الأسمدة الآزوتية " أسميدال " حيث اتخذ بشأنهما إجراءات إزالة التلوث تمثلت في تفكيك الوحدة الأكثر تلوثا وتعديل الإفرازات الغازية المحملة وكذلك الشأن بالنسبة لمركب الحديد والصلب بالحجار الذي وضع برنامجه في حيز التنفيذ وذلك بالترميم وتصليح الأفران العالية الحرارة من أجل تقليص الإفرازات الغازية المحملة بثاني أكسيد الكبريت وأكسيد الآزوت(1) .
وقد تضمن قانون المالية لسنة 1992 إحداث صندوق الوطني للبيئة في مادته 189 التي تفيد أن موارد الصندوق تشمل الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة بالإضافة إلى حاصل الغرامات الناتجة عن المخالفات للتنظيم المتعلق بالبيئة وكذا التعويضات عن النفقات الخاصة بمكافحة التلوث المفاجئ الناتج عن تدفق المواد الكيميائية الخطيرة في البحر ومجالات الري والمياه الجوفية (2).
وبالرجوع إلى نص المادة 117 من نفس القانون نجد أن المشرع حدد هذا الرسم القاعدي بالنسبة للمنشآت المصنفة الخاضعة لإجراء التصريح بحوالي 3000 دج أما بالنسبة للمنشآت المصنفة الخاضعة لإجراء الترخيص بحوالي 30 ألف دج ،أما المنشآت التي لا تشغل أكثر من شخصين فقد خفض الرسم القاعدي إلى 750 دج .
و العبرة من وضع هذه الرسوم هي الموازنة بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة التي تقتضي الحفاظ على السلامة والصحة العامة ومحاربة كل أشكال التلويث وقد أخد هذا الرسم من مبدأ الملوث الدافع " pollueur payeur " وهو مبدأ اقتصادي principe économique لأن ضبط قيمة هذا الرسم تسمح بوضع سياسة مالية لمكافحة التلويث وتقليل من أثاره وعليه فله فعالية قد تنتهي إلى ظهور سوق التلويث marché de la pollution(3).
وخلاصة القول فإن الحماية الإدارية لديها وظيفة أساسية في مراقبة التوازن البيئي وقد سمح لها المشرع التدخل بمجرد دق ناقوس الخطر الداهم قبل وقوعه وذلك بتوجيهه الإنذار من طرف المصالح المؤهلة للمستغل أو بعد حدوث الخطر بتوقيفه عن طريق سحب الرخصة أو توقيف المنشأة كليا أو جزئيا .

1- حميدة جميلة ،المرجع السابق ،ص 154 .
2- المادة 189 من قانون المالية 91/25 لسنة 1992 .
3-Sousse marcel op.cit P 395
المبحث الثاني
الجزاء الـمدني
لقد سبق القول أن تطور الحياة الاقتصادية والعلمية الناجمة عن توسيع استخدام الآلات والمواد المضرة قد شكل عائقا كبيرا أمام تفاقم الأزمة البيئية التي يعيشها الإنسان حاليا مما دعى بالمشرع في كل الدول أن يتدخل محاولا منه إيجاد صيغة قانونية لإعادة هذا التوازن البيئي بدءا من استعماله لآلية الحماية الإدارية ،لكن لم يكتفي بهذا فقط بل أدخل نوعا جديدا من الحماية المدنية هذه الأخيرة تأخذ طابعا خاصا عن المفهوم التقليدي للمسؤولية المدنية في القانون المدني، لذا يجب أولا تحديد عناصر الضرر البيئي لتحديد المسؤولية ومن تم تحديد نوع التعويض المنجر عنه.
المطلب الأول
خصائص الضرر البيئي
ذهب العديد من الفقهاء الفرنسيين أن الضرر البيئي له صفات خصوصية تجعله يختلف عن تعويض الأضرار التي تنطبق عليها القواعد العامة للمسؤولية المدنية(1) .
وبالرجوع إلى قواعد المسؤولية المدنية في التشريع الجزائري ،فخصائص الضرر قد يكون مباشرا أو غير مباشرا ،متوقعا أو غير متوقعا وقد نصت المادة 124 من القانون المدني الجزائري على " كل عمل أيا كان ،يرتكبه المرء ( بخطئه) ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"(2) .
والسؤال المطروح : هل تجد هذه المادة تطبيقاتها على الأضرار التي تصيب البيئة ؟ يرى الأستاذ Goulloud Renald أن للضرر البيئي أهم خاصية فيه هو مساسه بالمحيط الطبيعي بطريق غير مباشر وجماعي مما يطرح إشكالية وضع مقاييس التعويض عنه،كما أن القواعد العامة للتعويض في حالة القيام المسؤولية المدنية تحتوي على أحكام قليلة مقارنة بطبيعة هذا الضرر(3).
وتتمثل خصائص هذا الضرر كونه غير شخصي من جهة وضرر غير مباشر من جهة أخـرى
بالإضافة إلى أنه ضرر من طبيعة خاصة.

1- المسؤولية المدنية الناجمة عن أضرار التلوث الصناعي في القانون الجزائري ،وعلي جمال ،رسالة الماجستير ، جامعة تلمسان 2002-2003 .
2- المادة 124 من القانون المدني .
3-Sousse marcel.OpCit.
الفرع الأول
الضرر البيئي ضرر غيرشخصي
ويقصد بذلك أن الضرر يتعلق بالمساس بشيء لا يملكه شخص معين وإنما مستعمل من قبل الجميع دون استثناء ، إذ نجد أن أغلب التشريعات تعطي للجمعيات البيئية حق التمثيل القانوني للحد من الاعتداءات البيئية وهذا ما انتهجه المشرع الجزائر في الترسانة القانونية البيئية نذكر منها المواد 35-36-37- من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة فأتى نص المادة 36 بما يلي : " دون الإخلال بالأحكام القانونية السارية المفعول يمكن للجمعيات المنصوص عليها في المادة 35 أعلاه رفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئية ،حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المتسببين لها بانتظام"(1).
وهذا ما يؤكد أن الضرر الذي يمس البيئة ضرر غير شخصي لذا تماشى المشرع الجزائري مع فكرة إعطاء الجمعيات حق التمثيل القانوني والقضائي ضد المتسبب في ذلك ،كما نصت المادة 08 من القانون السالف الذكر على أنه يتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي وبحوزته معلومات حول حالة مؤثرة على التوازن البيئي ومؤثرة على الصحة العمومية تبليغها إلى السلطات المحلية و /أو السلطة المكلفة بالبيئة لأن الضرر هنا لا يمس مصلحة الفرد كفرد وإنما يمس المصلحة الوطنية ككل.










قديم 2009-12-31, 12:50   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني
الضرر البيئي ضرر غير مباشر
يحل هذا النوع من الضرر بالوسط الطبيعي، وكثيرا ما لا يمكن إصلاحه عن طريق إعادة الحالة إلى أصلها كما هو معمول به أصلا في قواعد المسؤولية المدنية أوما يعرف بالتعويض العيني ومن الأمثلة الشهيرة في مجال اعتبار الضرر البيئي غير مباشر مجال الموارد المائية إذ غالبا عندما تمس بشكل من أشكال الثلوت الصناعي يصعب تقنيا إعادة الحالة إلى أصلها.



ــــــــــــــــــ
1- المادة 36 من القانون 03/10 .

الفرع الثالث
الضرر البيئي ذوطبيعة خاصة
إن الضرر البيئي له طبيعة خاصة لأنه لايمس الإنسان فقط في حد ذاته وإنما هذا الأخير جزء من الوسط الذي يعيش فيه وكثيرا ما يتعداه ليمس الثروة الحيوانية ، النباتية وممتلكات ثقافية سواء مادية منقولة أو عقارية بحكم طبيعتها.
وهذا مانصت عليه المادة 29 من قانون 03/10 " تعتبر مجالات محمية وفق هذا القانون ، المناطق الخاضعة إلى الأنظمة الخاصة لحماية المواقع والأرض والنبات والحيوان والأنظمة البيئية وبصفة عامة كل المتعلقة بحماية البيئة " (1).
المطلب الثاني
أنواع التعويض عن الضرر البيئي
إذا كان أساس التعويض عن الضرر البيئي مقتبس من المواثيق الدولية التي تعطي للأشخاص حق التمتع والعيش في بيئة سليمة إلا أن المساس بها يجعل التعويض قائما ضد مرتكبي المخالفة ،فأساس التعويض هنا لا يقوم على الخطأ بالمفهوم التقليدي لقواعد المسؤولية المدنية وإنما يرتكز على الضرر في حد ذاته وتغطيته، وهذا ما يعرف بمبدأ الملوث الدافع المنصوص عليه في الباب الأول تحت عنوان الأحكام العامة 03/10 الذي عرفه بما يلي : هو المبدأ الذي يتحمل بمقتضاه كل شخص يسبب نشاطه أو يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالبيئة ، نفقات كل تدابير الوقاية من الثلوت والتقليص منه وإعادة الأماكن وبيئتها إلى حالتها الأصلية .
وفي هذا المجال نجد أن الجزائر انضمت إلى اتفاقية برشلونة الخاصة بحماية البحر الأبيض المتوسط من الثلوت المبرمة في 16 فبراير 1976 .(2)


1- المادة 29 من القانون 03/10 .
2- المرسوم رقم 81/02 المؤرخ في 17 يناير 1981 ، المتضمن المصادقة على البروتوكول الخاص بحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث الناشئ عن رمي النفايات من السفن و الطائرات و الموقع في برشلونة يوم 16/02/1976 .
- أنظر كذلك المرسوم 81/03 المؤرخ في 17 يناير 1981 المتضمن المصادقة على البروتوكول الخاص بالتعاون على مكافحة تلوث البحر الأبيض المتوسط بالنفط و المواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة و الموقع في برشلونة يوم 16/02/1976 .

وكذلك اتفاقيات بروكسل الخاصة بالمسؤولية المدنية في حالة التلوث البحري و الأضرار الناجمة عن التلوث بالمحروقات (1) .
لذا يمكن لنا أن نصنف هذه الأنواع إلى :
الفرع الأول
التعويض العيــني
وهو التعويض الذي يطالب به الضحايا غالبا و ذلك استنادا لنص المادة 691 من القانون المدني التي تنص على إعادة الحالة إلى أصلها كما يجوز طلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف و على القاضي أن يراعي في ذلك العرف و طبيعة العقارات و يكون إعادة الحالة إلى أصلها عن طــريق غلق المنشأة الملوثة أو إعادة تنظيمها لكي تتماشى مع القوانين البيئية وفي حالة تعسف صاحب الحق يمكن للقاضي إرغامه عن طريق الغرامة التهديدية . .
ومما تقدم نخلص أن القاضي المدني يملك سلطة واسعة تمكنه من الأمر بإصلاح لأضرار الناجمة عن الأنشطة الصناعية الملوثة .
الفرع الثاني
التعويض النقدي
ما يلاحظ في نص المادة 691 من القانون المدني أنها و لو سمحت بإزالة الأضرار و إعادة الحالة إلى أصلها إلا أنها لم تنص على حق الجار المتضرر في المطالبة بالتعويض النقدي ،فقد يصاب الجار من فعل المنشأة بأضرار جسمانية مثلما حدث في المنشأة الصناعية الخاصة بالإسمنت بعنابة إذ أصيب عدد من المواطنين بمرض الربو ، فهذا المرض يستلزم اتخاذ تدابير علاجية تضطر بالمصاب دفع مبالغ باهظة للعلاج أو تؤدي هذه الغازات السامة إلى الإضرار بالمحاصيل الزراعية لذا فإن الحل الأمثل هو التعويض النقدي لأنه في مثل هذه الحالات يستحيل إعادة الحالة إلى أصلها


ـــــــــــــــ
1- أنظر الأمر 72/17 المتعلق بمصادقة الجزائر على الاتفاقية الدولية الخاصة بالمسؤولية المدنية الناجمة عن التلوث البترولي ،المنعقدة في بروكسل ج رع: 53 لـ 04/08/1972 .

ويعتبر التعويض النقدي القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لذلك يشمل التعويض عن الضرر المادي و المعنوي و يتغير مبلغ التعويض بحسب طبيعة الضرر لذا فإن للقاضي سلطة واسعة في تقدير هذا التعويض ، و من الطرق التي يلجأ إليها القاضي، إما التقدير الوحدوي أي تقدير ثمن كل عنصر و ذلك بالاستعانة بجداول رسمية و هو النظام المعتمد في الولايات المتحدة الأمريكي وإما التقدير الجزافي و هو التقدير العام المعتمد عادة هنا في الجزائر ويرتكز القاضي فيه على تقرير الخبرة الذي يحدد العجز الجزئي الدائم و العجز المؤقت .
وعادة ما يكون التعويض جزء من المسؤولية الجنائية إذ يمكن للمتضررين أن يتأسسوا كأطـراف
مدنية بالتبعية للدعوى العمومية و في هذا السياق نصت المادة 157 مكرر 1 من الأمر 96/13 المعدل و المتمم للقانون رقم 83/17 المتضمن قانون المياه ، على: " ...و في هذا الشأن يمكن أن تـتأسس كطرف مدني أمام الجهات القضائية المختصة التي رفعت أمامها المتابعات إثر المخالفة المرتكبة ".













المبحث الثالث
الجزاء الجنــائي
لم يكتف المشرع الجزائري بالحماية المقررة بموجب أحكام القانون الإداري،و لا تلك الحماية المنصوص عليها في أحكام القانون المدني بل ذهب إلى أبعد من ذلك و أقر الحماية الجنائية للبيئة من خلال وضع جزاءات جنائية تطبق في حالة مخالفة القواعد القانونية المنصوص عنها في مختلف النصوص المتعلقة بحماية البيئة .
فلمواجهة المشاكل المرتبطة بالبيئة يقتضي تنفيذ القوانين المتعلقة بها ،و ذلك من خلال وضع قواعد جنائية تقوم عليها حماية البيئة ، أي تحديد القواعد التي لابد من احترامها لأجل حماية البيئة من جهة، و من جهة أخرى المعاقبة على مخالفتها(1).
فإذا كان الاعتداء على البيئة سواء بالإيجاب أو السلب يشكل جريمة فذلك كونه يهدد سلام المجتمع و أمنه و سكينته لذلك رتب القانون على هذا الاعتداء عقوبة و حتى و إن كان هذا الأخير ينصب هنا على البيئة و ليس على الفرد مباشرة .
لذلك هناك جانب من الفقه عرف الجريمة البيئية بأنها: " خرق لالتزام قانوني لحماية البيئة "(2) فهي بذلك تشكل اعتداء غير مشروع على البيئة بالمخالفة للقواعد النظامية التي تحظر ذلك الاعتداء وبيان العقوبات المقررة لها .
إن المشرع الجزائري من خلال النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة اعتمد على القواعد المنصوص عنها في قانون العقوبات و هكذا وصفت الأفعال المجرمة بالمخالفات أو الجنح و في بعض الأحيان بالجنايات و هو نفس التقسيم المعتمد في التشريعات المقارنة ، أما بالنسبة للعقوبات المقررة فإنها أتت هي الأخرى متماشية مع ما تضمنه قانون العقوبات الجزائري من جزاءات .
و هكذا أقرت جل النصوص العقابية في مجال حماية البيئة عقوبتي الحبس أو الغرامة أو الحبس والغرامة معا أو السجن مع بعض التدابير الاحترازية.

1- الغوثي بن ملحة ،حماية البيئة في التشريع الجزائري ، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية ،العدد (3) لسنة 1994، ص 722.
2- أحمد عبد الكريم سلامة ، قانون حماية البيئة ، دراسة تأصيلية في الأنظمة الوطنية و الاتفاقية ، مطابع جامعة الملك سعود ،السعودية ،طبعة 1997 ،ص 21 .
و هو كما يرى البعض مسلك تقليدي كون أن المشرع الجزائري لم يتبع سياسة جنائية حديثة في مجال تجريم الاعتداءات على المكونات البيئية بالرغم من أن الفرصة كانت متاحة لوضع جزاءات بديلة تتماشى و السياسة الجنائية الحديثة .
و كونه يتعارض مع الخصوصية التي تتميز بها البيئة و التي تعد ضحية من نوع خاص و هذا نتيجة كون الضرر البيئي يظهر بفترة متباعدة عن تاريخ ارتكاب الجريمة مما يصعب مسالة تحديد الشخص المسؤول عن ذلك .(1)
المطلب الأول
تقسيم الجرائم الماسة بالبيئة
المشرع الجزائري فيما يخص الجزاء الجنائي اعتمد على القواعد المنصوص عنها في قانون العقوبات من جهة و على القواعد المنصوص عليها في التشريعات البيئية من جهة أخرى ، و هذه الجزاءات لها أهمية مقارنة بتلك المنصوص عنها في قانون العقوبات و التي تكمن في تجسيدها الفعلي لمبدأ المحافظة على حقوق الإنسان لاسيما حق العيش في بيئة سليمة تخلو من كافة صور التلوث والأمراض المختلفة ، و هو في نفس الوقت يعد حقا دستوريا نصت عليه مختلف دسـاتير دول العالم (2) .
فحسب قانون البيئة (3) كرس المشرع حماية جنائية لكل مجال طبيعي ، فمنع الاعتداء أوالمساس بالتنوع البيولوجي ، و البيئة الهوائية و المائية و كذلك البيئة الأرضية و المحميات إلى جانب المساحات الغابية (4) و ذلك من خلال نصوص تشريعية متنوعة تضمنت أحكاما جزائية تطبق بشأن المخالفين لها، مع عدم خروجها عن المسلك المتبع ضمن قانون العقوبات في مادته 25 التي تقسم الجرائم إلى ثلاثة أنواع: جنايات ،جنح و مخالفات .



1- عبـد اللاوي جواد ، الحماية الجنائية للبيئة ،دراسة مقارنة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،كلية الحقوق جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،2004-2005 ، ص 8 .
2 - الدستور الجزائري ساير كلا من الدستورين الفرنسي و المصري في عدم النص صراحة على ذلك .
3- القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة .
4- القانون رقم 84/12 المتعلق بالنظام العام للغابات ،المعدل بالقانون 91/05 .
الفرع الأول
الجنــايـــات
يعد قانون العقوبات القانون الأساسي للسياسة الجزائية في التشريع الجزائري و نجد فيه مجموعة من النصوص الخاصة المصنفة في القسم الأول و هي الجنايات ، في حين هذا النوع من الجرائم لم يذكره المشرع الجزائري في القانون الأساسي لحماية البيئة (1) .
في حين نجد بعض النصوص التشريعية المتعلقة بالبيئة تجرم بعض الأفعال و تصنفها ضمن الجنايات فعلى سبيل المثال بالنسبة للقانون المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها (2) ، و القانون المتعلق بالصحة (3) ،و القانون البحري (4) ، وهذه الجريمة كما ذكرنا سابقا نجد بعض تطبيقاتها في نصوص قانون العقوبات الجزائري ، فالمشرع أقر بحماية البيئة جنائيا من الإعتداءات الناجمة عن أعمال إرهابية ، و ذلك من خلال نص المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي جرمت الإعتداء على المحيط و ذلك بإدخال مواد سامة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها في مياه من شأنها أن تجعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر فهي أعمال تستهدف المجال البيئي ، كذلك القانون رقم 83/17 المعدل بالأمر 96/13 المادة 149منه تعاقب كل من أتلف عمدا منشآت المياه طبقا لأحكام المادة 406 من قانون العقوبات .
و الجرائم ضد البيئة التي تأخذ وصف الجنايات تتحقق بتوافر الأركان الثلاث التقليدية لأية جريمة الركن الشرعي ، الركن المادي ثم أخيرا الركن المعنوي ، إلا أن الطبيعة الخاصة للبيئة محل الحماية تجعل من هذه الأركان تتميز بصفات خاصة تعكس خصوصية هذه الجريمة .


1- القانون رقم 03/10 .
2-المادة 66 من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها التي تعاقب ... بالسجن من (5) الى (8)سنوات و غرامة مالية من 1 مليون دينار الي 5 ملايين دينار أو بإحداهما .
3-المادة 248 من القانون رقم 85/05 المتعلق بالصحة ،المؤرخ في 16/02/1985 التي تعاقب بالإعدام إذا كان طابع إحدى المخالفات المنصوص عليها بالمادتين 243،244 مخلا بالصحة المعنوية للشعب الجزائري .
4- المادة 500 من الامر 76/80 المؤرخ في 23/10/1976 ،المعدلة و المتممة بالمادة 42 من القانون رقم 98/05 المؤرخ في 25 يونيو 1998 ، ج رع: 47 ، التى تعاقب بالاعدام كل ربان سفينة جزائرية أو أجنبية ألقى عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الجزائري .
أولا: الركن الشرعي :
فإذا كان الركن الشرعي في الجريمة البيئية الموصوفة جناية لا يطرح أي إشكال بالنظر إلى أن جل النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة تعاقب على مخالفة أحكامها بالحبس و الغرامة أو بإحداهما فقط فتعد بذلك جنح أو مخالفات ،بينما الجرائم الموصوفة جنايات تكاد تنعدم فجميع الأحكام الجزائية التي تضمنها القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة تعد جنح أو مخالفات كما أشرنا إليه سابقا كذلك جل النصوص المتعلقة بالبيئة باستثناء بعض المواد المتفرقة التي نص عليها قانون العقوبات.
كالمادة 87 مكرر و المادتين 396 فقرة 3 /4 و 401 المتعلقتين بجناية الحريق العمدي للغابات والحقول المزروعة و قطع الأشجار و بعض المواد الأخرى التي سبق الإشارة إليها كالمادة (42) من القانون رقم 98/05 المتضمن القانون البحري والمادة (66) من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها و كذلك المادة (149) من قانون المياه (1) .
ثانيا : الركن المادي :
يعد الركن المادي لأي جريمة بمثابة عمودها الفقري الذي لا تتحقق إلا به بحيث يشكل مظهرها الخارجي ، و لتوفر الركن المادي يشترط ثلاث عناصر و هي :
1- الفعل الإجرامي و يتمثل في قيام الشخص بكل إرادته و دون أي إكراه بفعل سلوك إيجابي محضور قانونا بغرض إتلاف الموارد البيئية .
2- الضرر الناجم عن السلوك و المتمثل في إتلاف الموارد البيئية أو هلاك الأموال أو تدميرها .
3- العلاقة السببية التي تربط بين الفعل الإجرامي و النتيجة .
ثالثا:الركن المعنوي :
و هو القصد الجنائي العمدي ، أي اتجاه نية الشخص إلى الإضرار بهذه الموارد و الممتلكات و تعريض صحة الإنسان أو الحيوان للخطر .



1- وهو القانون رقم 83/17 المؤرخ في 16 يوليو 1983 ،المعدل بالأمر 96/13 المؤرخ في 15 يونيو 1996.

الفرع الثاني
الجنـــح
جل النصوص التشريعية المتعلقة بالبيئة تعاقب على مخالفة أحكامها بالحبس أو الغرامة أوبإحداهما فقط ، فتعد بذلك جنح أو مخالفات ، فمن خلال قراءة نصوص القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة (1) ، و القوانين الأخرى التي لها علاقة بحماية البيئة (2) .
فالجريمة البيئية تتحقق بتوفر أركانها الثلاث، الركن الشرعي، الركن المادي ، الركن المعنوي ، إلا أن الطبيعة الخاصة للبيئة محل الحماية تجعل من هذه الأركان تتميز بصفات خاصة تعكس خصوصية هذه الجريمة .
أولا: الركن الشرعي:
الركن الشرعي في الجريمة البيئية الموصوفة جنحة يخلق بعض الصعوبات نتيجة كثرة التشريعات من جهة و من جهة أخرى الطابع التقني الغالب على القانون البيئي في حد ذاته ، فهذا الثراء التشريعي نلمسه على المستوى الداخلي و نجده مجسدا كذلك على الصعيد الدولي من خلال العدد الهائل للاتفاقيات و المعاهدات الدولية المكرسة لحماية البيئة ، إلا أن له من جهة أخرى جانب إيجابي كونه يغطي جميع مجالات البيئة و يشملها بالحماية، وعلى هذا يكون المشرع قد جرم الاعتداء أوالمساس بالتنوع البيولوجي و البيئة الهوائية و المائية و كذلك البيئة الأرضية على النحو التالى :

1- القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة ، المواد من ( 81 إلى 110 ).
2- أنظر القانون رقم 83/17 المعدل بالأمر 96/13 المتضمن قانون المياه ، المواد من ( 151 إلى 154 ).
- و القانون رقم 84/12 المعدل بالقانون 91/20 المتضمن النظام العام للغابات ،المواد من (71 إلى 87 ).
- و القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها ،المواد من ( 55 إلى 63) .
- و القانون 01/10 المتعلق بالمناجم ، المواد من ( 179 إلى 191 و 211 ).
- و القانون رقم 01/11 المتعلق بالصيد البحري ، المواد : 82/1 ،89، 90 منه .
- والقانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه ، المواد من ( 39 إلى 43 ).
- و القانون 98/04 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، المواد من ( 93 إلى 104 ).
- و القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال و الاستغلال السياحي ، المواد من ( 47 الى 53 ).
- و القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية ، المواد من( 43 الى 49 ) .
- و القانون 01/13 المتظمن توجيه النقل البري و تنظيمه .
- و القانون 04/07 المتعلق بالصيد ، المواد من (85 الى 99 ).
1- حماية التنوع البيولوجي :
و ذلك للحفاظ على التوازن البيئي سواء كان ذلك بخصوص الثروة الحيوانية أو النباتية و حتى الغابية و الثروة البحرية .
- فلأجل الحفاظ على الثروة الغابية جرم المشرع كل مساس بهذه الثروة سواء كان ذلك عن طريق الرعي في الأملاك الغابية و البناء داخل الغابات وبالقرب منها وكذا استغلال هذه الثروة بشكل غير منظم وكذا حرقها(1).
- وفي مجال الثروة النباتية منع إتلاف النباتات المحمية وتخريب الأوساط التي توجد بـها. والرعي والحرث العشوائيين(2) .
- وبخصوص الثروة الحيوانية نضم الصيد البري والبحري فمنع الصيد العشوائي والمعاملة السيئة للحيوان إلى جانب استعمال وسائل صيد غير مرخص بها(3).
2-حماية البيئة الأرضية والهوائية والمائية :
ففي هذا المجال جرم المشرع كل اعتداء على الثروات السطحية والباطنية للأرض وذلك من خلال حماية الساحل وحماية الوسط المائي العذب والبحار(4).
3-حماية البيئة الثقافية:
فالحماية كذلك تشمل البيئة الثقافية كالآثار التاريخية ثم امتدت لتشمل كذلك النهج المعماري داخل المدن (5)
4-حماية البيئة من المضار الأخرى :
كحمايتها من النشاطات الملوثة وذلك عن طريق وضع مواصفات تقنية محددة .




1-المواد 26،27، 45 من قانون الغابات .
2-المادة 40/2 من قانون حماية البيئة .
3-المادة 40/1 من قانون حماية البيئة و المادتين 94 و 102 من قانون الصيد البحري.
4-المادتين 94 و 102 من قانون المناجم و القانون المتعلق بحماية الساحل و قانون المياه .
5- القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي و القانون رقم 02/08 المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها .
ثانيا- الركن المادي :
يعد أهم أركان الجريمة البيئية ،فالنصوص البيئية التنظيمية تجعل من مجرد الامتناع عن تنفيذ أحكامها جريمة قائمة في حد ذاتها.
1-الجرائم البيئية الشكلية:
ويتمثل السلوك الإجرامي في هذا النوع ،من الجرائم في "عدم احترام الالتزامات الإدارية أوالمدنية أو الأحكام التقنية والتنظيمية كغياب الترخيص ،أو القيام بنشاط غير موافق للأنظمة" وهذا بغض النظر عن حدوث ضرر بيئي ومن أمثلتها عدم احترام الشروط اللازمة لنقل البضائع والمواد الحساسة ¬(1) فهذا النوع من التجريم يسمح بحماية البيئة قبل حدوث الضرر.
2-الجرائم البيئية بالامتناع:
فهي تقع نتيجة سلوك سلبي من الجانح
3-الجرائم البيئية بالنتيجة:
فهذه الجرائم لا تقع إلا من خلال إعتداء مادي على إحدى المجالات البيئية سواء كان ذلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة ومن أمثلتها جرائم الإعتداء المادي على الثروة الحيوانية والثروة البحرية.
فإلى جانب السلوك الإجرامي لابد من توافر علاقة سببية بين فعل الجانح والضرر البيئي (النتيجة) لمتابعة الجانح عن أفعاله.
ثالثا:الركن المعنوي:
أغلب النصوص البيئية لا نجدها تشير إلى الركن المعنوي مما يجعل أغلب الجرائم البيئية جرائم مادية تستخلص المحاكم الركن المعنوي فيها من السلوك المادي نفسه،وتكتفي النيابة العامة بإثبات الركن الشرعي والمادي للجريمة لينجم عن ذلك قيام مسؤولية المتهم ،فلقد تم تمديد قاعدة عدم ضرورة إثبات وجود الخطأ الجنائي من مادة المخالفات والتي تعد كثيرة في المجال البيئي فلا نجد في النصوص البيئية ما يشير إلى ضرورة توفر قصد ارتكاب هذه الجرائم(2).


1-المادتين 04 و 05 من المرسوم التشريعي رقم 94/16 المتعلق بشروط ممارسة أعمال حراسة الاموال و المواد الحساسة و نقلها
2- عبد اللاوي جواد ، مرجع سابق ، ص 34 .

الفرع الثالث
المخالفــــات
تعد المخالفات كثيرة في المجال البيئي فلقد وردت هذه الجرائم في العديد من النصوص القانونية الخاصة بحماية البيئة ،بل أغلب الجزاءات المقررة لمخالفة أحكام هذه النصوص تعد جنح ومخالفات(1).
والمخالفة في الجرائم البيئية تتحقق بتوفر أركانها.
أولا: الركن الشرعي:
فالمشرع الجزائري وضع نصوص لحماية البيئة وأقر جزاءات على مخالفة أحكامها ،فشمل جميع المجالات البيئية بالحماية (2) ،وما قيل عن الجنح يقال كذلك عن المخالفات ،فمن خلال هذه النصوص منع الاعتداء أو المساس بالتنوع البيولوجي والبيئة الهوائية والمائية وكذلك الأرضية وحتى الثقافية .
ثانيا : الركن المادي:
الذي قد يكون في شكل سلبي كحالة امتناع شخص عن تقديم مساهمته في حالة حرائق الغابات أوامتناعه عن تطبيق الأحكام الواردة في قانون حماية البيئة أو النصوص المتعلقة به (3) أو قد يكون السلوك في صورة عمل إيجابي ،كذلك في حالة سوء التصرف أو الرعونة أو الغفلة أو الإخلال بالقوانين والأنظمة التي تحكم المجال البيئي (4).
ويتحقق هذا النوع من الجرائم بوجود سلوك إجرامي لفعل يحضره القانون و وجود العلاقة السببية بين الفعل المجرم والنتيجة التي تتحقق.
ثالثا: الركن المعنوي:
فالقانون الجنائي البيئي نتيجة كونه يتشكل من جنح ومخالفات تنجم عن مجرد خرق التنظيمات واللوائح البيئية في الغالب فإننا في كثير من الأحيان نكون أم جريمة بيئية غير عمدية

1- فعلى سبيل المثال نجد أن كل الجزاءات المقررة في القانون رقم 84/12 المتضمن النظام العام للغابات تعد مخالفات ، انظر ا المواد من ( 72 إلى 87 ) منه .
2- أنظر النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة المشار إليها سابقا .
3- على سبيل المثال المادة 75 من القانون المتعلق بالغابات.
مما يؤكد لنا مدى ضعف الركن المعنوي في هذه الجريمة، إلى جانب ذلك فإن النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة لا تكاد تنص على هذا الركن بخلاف قانون العقوبات(1).
المطلب الثاني
العقوبات المقررة للجرائم الماسة بالبيئة وتدابير الأمن المتخذة للوقاية منها
العقوبات المقررة لمواجهة الجريمة المرتكبة في حق البيئة جاءت متماشية مع ما تضمنه قانون العقوبات ،وهكذا أقرت النصوص العقابية في مجال حماية البيئة عقوبات كجزاء للجرائم المرتكبة وهذه العقوبات قد تكون أصلية أو تبعية أو تكميلية أو هما معا ،إلى جانب العقوبات تضمنت قوانين حماية البيئة بعض التدابير الاحترازية أو تدابير الأمن ذات الهدف الوقائي (2).
الفرع الأول
العقوبات المقررة لقمع الجرائم الماسة بالبيئة
العقوبة الجزائية تتخذ شكل جزاء يوقع على النفس أو الحرية أو المال وهي عبارة عن " رد فعل اجتماعي على انتهاك قاعدة قانونية جنائية ينص عليها القانون ،ويأمر بها القضاء وتطبقها السلطات العامة ،وتتمثل في تقييد محيط الحقوق الشخصية للمحكوم عليه"(3).
والعقوبة قد تكون أصلية أو تبعية كما قد تكون تكميلية :
أولا : العقوبات الأصلية :
وهي أربعة أنواع نص عليها المشرع الجزائري :الإعدام ،السجن ،الحبس والغرامة وتعكس لنا هذه العقوبات خطورة الجانح ونوع الجريمة المرتكبة ،جناية أو جنحة أو مخالفة .




1- على سبيل المثال المادة 75 من قانون الغابات التي تعاقب على استغلال المنتجات الغابية أو نقلها بدون رخصة بالحبس من 10 ايام الى 2 شهرين ،و كذلك المادة 76 من نفس القانون التى تعاقب على استخراج او رفع بدون رخصة للأحجار او الرمال ...فى الأملاك الغابية لأغراض الاستغلال بدون رخصة ...
2- المادة 04 من قانون العقوبات تنص على انه ( يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات و تكون الوقاية منها باتخاذ تدابير امن .
3- عبد الله سليمان،النظرية العامة للتدابير الاحترازية ،دراسة مقارنة،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،طبعة 1990،ص63.
1- عقوبة الإعدام :
رغم الجدل الكبير الدائر حول هذه العقوبة فإننا يمكننا القول بأنها تعكس خطورة الأفعال المرتكبة بحيث لا يرجى إعادة تأهيل الشخص المقترف لها.
المشرع الجزائري لا يزال يحتفظ بهذه العقوبة لمواجهة بعض الجرائم الخطيرة ،فنص عليها في القانون البحري حيث يعاقب بالإعدام كل ربان سفينة جزائرية أو أجنبية ألقى عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الوطنى(1).
كذلك نص عليها المشرع الجزائري في قانون العقوبات حيث تعاقب المادة 87 مكرر 1 منه بالإعدام كل فعل إرهابي أو تخريبي غرضه الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها في المياه بما فيها الإقليمية والتي من شأنها جعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر .
ونص عليها كذلك في المادة 151 من قانون المياه(2) ،في حالة تلويث المياه والتي تنجم عنها وفاة وكذلك المادة 248 من قانون الصحة (3)،و المادة 403 من قانون العقوبات (4) . ¬
1-عقوبة السجن :
هي تلك العقوبة المقيدة للحرية وتأخذ صورتان، سجن مؤبد وسجن مؤقت.
ومن النصوص التي أشار فيها المشرع لعقوبة السجن المؤقت ما تضمنه قانون العقوبات في المواد 432/2 ،396/3و4 ،فالمادة الأولى تعاقب الجناة الذين يعرضون أو يضعون للبيع أويبيعون مواد غذائية أو طبية فاسدة بالسجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة إذا تسببت تلك المادة في مرض غير قابل للشفاء أو في فقد استعمال عضو أو في عاهة مستديمة .

1- المادة 500 من الآمر 76/80 المعدلة بالمادة 42من القانون رقم 98/05 المتضمن القانون البحري .
2- المادة 151 من قانون المياه أحالت على المادة 432 من قانون العقوبات ،هذه الأخيرة تعاقب في فقرتها الثالثة الجاني بالإعدام إذا تسببت تلك المادة في موت شخص أو عدة أشخاص .
3- تعاقب المادة 248 من قانون الصحة بالإعدام ،إذا كان طابع إحدى المخالفات المنصوص عليها في المادتين 243 و244 مخلا بالصحة المعنوية للشعب الجزائري .
4- تعاقب المادة 403 من قانون العقوبات بالإعدام إذا نتجت وفاة لشخص أو أكثر من ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادة 401 منه .
والمادة الثانية فهي تعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل من وضع النار عمدا في غابات أو حقول مزروعة أو أشجار أو أخشاب...الخ.
ونص كذلك المشرع على عقوبة السجن في المادة 66 من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها (1).










قديم 2009-12-31, 13:04   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني
الضرر البيئي ضرر غير مباشر
يحل هذا النوع من الضرر بالوسط الطبيعي، وكثيرا ما لا يمكن إصلاحه عن طريق إعادة الحالة إلى أصلها كما هو معمول به أصلا في قواعد المسؤولية المدنية أوما يعرف بالتعويض العيني ومن الأمثلة الشهيرة في مجال اعتبار الضرر البيئي غير مباشر مجال الموارد المائية إذ غالبا عندما تمس بشكل من أشكال الثلوت الصناعي يصعب تقنيا إعادة الحالة إلى أصلها.



ــــــــــــــــــ
1- المادة 36 من القانون 03/10 .

الفرع الثالث
الضرر البيئي ذوطبيعة خاصة
إن الضرر البيئي له طبيعة خاصة لأنه لايمس الإنسان فقط في حد ذاته وإنما هذا الأخير جزء من الوسط الذي يعيش فيه وكثيرا ما يتعداه ليمس الثروة الحيوانية ، النباتية وممتلكات ثقافية سواء مادية منقولة أو عقارية بحكم طبيعتها.
وهذا مانصت عليه المادة 29 من قانون 03/10 " تعتبر مجالات محمية وفق هذا القانون ، المناطق الخاضعة إلى الأنظمة الخاصة لحماية المواقع والأرض والنبات والحيوان والأنظمة البيئية وبصفة عامة كل المتعلقة بحماية البيئة " (1).
المطلب الثاني
أنواع التعويض عن الضرر البيئي
إذا كان أساس التعويض عن الضرر البيئي مقتبس من المواثيق الدولية التي تعطي للأشخاص حق التمتع والعيش في بيئة سليمة إلا أن المساس بها يجعل التعويض قائما ضد مرتكبي المخالفة ،فأساس التعويض هنا لا يقوم على الخطأ بالمفهوم التقليدي لقواعد المسؤولية المدنية وإنما يرتكز على الضرر في حد ذاته وتغطيته، وهذا ما يعرف بمبدأ الملوث الدافع المنصوص عليه في الباب الأول تحت عنوان الأحكام العامة 03/10 الذي عرفه بما يلي : هو المبدأ الذي يتحمل بمقتضاه كل شخص يسبب نشاطه أو يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالبيئة ، نفقات كل تدابير الوقاية من الثلوت والتقليص منه وإعادة الأماكن وبيئتها إلى حالتها الأصلية .
وفي هذا المجال نجد أن الجزائر انضمت إلى اتفاقية برشلونة الخاصة بحماية البحر الأبيض المتوسط من الثلوت المبرمة في 16 فبراير 1976 .(2)


1- المادة 29 من القانون 03/10 .
2- المرسوم رقم 81/02 المؤرخ في 17 يناير 1981 ، المتضمن المصادقة على البروتوكول الخاص بحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث الناشئ عن رمي النفايات من السفن و الطائرات و الموقع في برشلونة يوم 16/02/1976 .
- أنظر كذلك المرسوم 81/03 المؤرخ في 17 يناير 1981 المتضمن المصادقة على البروتوكول الخاص بالتعاون على مكافحة تلوث البحر الأبيض المتوسط بالنفط و المواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة و الموقع في برشلونة يوم 16/02/1976 .

وكذلك اتفاقيات بروكسل الخاصة بالمسؤولية المدنية في حالة التلوث البحري و الأضرار الناجمة عن التلوث بالمحروقات (1) .
لذا يمكن لنا أن نصنف هذه الأنواع إلى :
الفرع الأول
التعويض العيــني
وهو التعويض الذي يطالب به الضحايا غالبا و ذلك استنادا لنص المادة 691 من القانون المدني التي تنص على إعادة الحالة إلى أصلها كما يجوز طلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف و على القاضي أن يراعي في ذلك العرف و طبيعة العقارات و يكون إعادة الحالة إلى أصلها عن طــريق غلق المنشأة الملوثة أو إعادة تنظيمها لكي تتماشى مع القوانين البيئية وفي حالة تعسف صاحب الحق يمكن للقاضي إرغامه عن طريق الغرامة التهديدية . .
ومما تقدم نخلص أن القاضي المدني يملك سلطة واسعة تمكنه من الأمر بإصلاح لأضرار الناجمة عن الأنشطة الصناعية الملوثة .
الفرع الثاني
التعويض النقدي
ما يلاحظ في نص المادة 691 من القانون المدني أنها و لو سمحت بإزالة الأضرار و إعادة الحالة إلى أصلها إلا أنها لم تنص على حق الجار المتضرر في المطالبة بالتعويض النقدي ،فقد يصاب الجار من فعل المنشأة بأضرار جسمانية مثلما حدث في المنشأة الصناعية الخاصة بالإسمنت بعنابة إذ أصيب عدد من المواطنين بمرض الربو ، فهذا المرض يستلزم اتخاذ تدابير علاجية تضطر بالمصاب دفع مبالغ باهظة للعلاج أو تؤدي هذه الغازات السامة إلى الإضرار بالمحاصيل الزراعية لذا فإن الحل الأمثل هو التعويض النقدي لأنه في مثل هذه الحالات يستحيل إعادة الحالة إلى أصلها


ـــــــــــــــ
1- أنظر الأمر 72/17 المتعلق بمصادقة الجزائر على الاتفاقية الدولية الخاصة بالمسؤولية المدنية الناجمة عن التلوث البترولي ،المنعقدة في بروكسل ج رع: 53 لـ 04/08/1972 .

ويعتبر التعويض النقدي القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لذلك يشمل التعويض عن الضرر المادي و المعنوي و يتغير مبلغ التعويض بحسب طبيعة الضرر لذا فإن للقاضي سلطة واسعة في تقدير هذا التعويض ، و من الطرق التي يلجأ إليها القاضي، إما التقدير الوحدوي أي تقدير ثمن كل عنصر و ذلك بالاستعانة بجداول رسمية و هو النظام المعتمد في الولايات المتحدة الأمريكي وإما التقدير الجزافي و هو التقدير العام المعتمد عادة هنا في الجزائر ويرتكز القاضي فيه على تقرير الخبرة الذي يحدد العجز الجزئي الدائم و العجز المؤقت .
وعادة ما يكون التعويض جزء من المسؤولية الجنائية إذ يمكن للمتضررين أن يتأسسوا كأطـراف
مدنية بالتبعية للدعوى العمومية و في هذا السياق نصت المادة 157 مكرر 1 من الأمر 96/13 المعدل و المتمم للقانون رقم 83/17 المتضمن قانون المياه ، على: " ...و في هذا الشأن يمكن أن تـتأسس كطرف مدني أمام الجهات القضائية المختصة التي رفعت أمامها المتابعات إثر المخالفة المرتكبة ".













المبحث الثالث
الجزاء الجنــائي
لم يكتف المشرع الجزائري بالحماية المقررة بموجب أحكام القانون الإداري،و لا تلك الحماية المنصوص عليها في أحكام القانون المدني بل ذهب إلى أبعد من ذلك و أقر الحماية الجنائية للبيئة من خلال وضع جزاءات جنائية تطبق في حالة مخالفة القواعد القانونية المنصوص عنها في مختلف النصوص المتعلقة بحماية البيئة .
فلمواجهة المشاكل المرتبطة بالبيئة يقتضي تنفيذ القوانين المتعلقة بها ،و ذلك من خلال وضع قواعد جنائية تقوم عليها حماية البيئة ، أي تحديد القواعد التي لابد من احترامها لأجل حماية البيئة من جهة، و من جهة أخرى المعاقبة على مخالفتها(1).
فإذا كان الاعتداء على البيئة سواء بالإيجاب أو السلب يشكل جريمة فذلك كونه يهدد سلام المجتمع و أمنه و سكينته لذلك رتب القانون على هذا الاعتداء عقوبة و حتى و إن كان هذا الأخير ينصب هنا على البيئة و ليس على الفرد مباشرة .
لذلك هناك جانب من الفقه عرف الجريمة البيئية بأنها: " خرق لالتزام قانوني لحماية البيئة "(2) فهي بذلك تشكل اعتداء غير مشروع على البيئة بالمخالفة للقواعد النظامية التي تحظر ذلك الاعتداء وبيان العقوبات المقررة لها .
إن المشرع الجزائري من خلال النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة اعتمد على القواعد المنصوص عنها في قانون العقوبات و هكذا وصفت الأفعال المجرمة بالمخالفات أو الجنح و في بعض الأحيان بالجنايات و هو نفس التقسيم المعتمد في التشريعات المقارنة ، أما بالنسبة للعقوبات المقررة فإنها أتت هي الأخرى متماشية مع ما تضمنه قانون العقوبات الجزائري من جزاءات .
و هكذا أقرت جل النصوص العقابية في مجال حماية البيئة عقوبتي الحبس أو الغرامة أو الحبس والغرامة معا أو السجن مع بعض التدابير الاحترازية.

1- الغوثي بن ملحة ،حماية البيئة في التشريع الجزائري ، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية ،العدد (3) لسنة 1994، ص 722.
2- أحمد عبد الكريم سلامة ، قانون حماية البيئة ، دراسة تأصيلية في الأنظمة الوطنية و الاتفاقية ، مطابع جامعة الملك سعود ،السعودية ،طبعة 1997 ،ص 21 .
و هو كما يرى البعض مسلك تقليدي كون أن المشرع الجزائري لم يتبع سياسة جنائية حديثة في مجال تجريم الاعتداءات على المكونات البيئية بالرغم من أن الفرصة كانت متاحة لوضع جزاءات بديلة تتماشى و السياسة الجنائية الحديثة .
و كونه يتعارض مع الخصوصية التي تتميز بها البيئة و التي تعد ضحية من نوع خاص و هذا نتيجة كون الضرر البيئي يظهر بفترة متباعدة عن تاريخ ارتكاب الجريمة مما يصعب مسالة تحديد الشخص المسؤول عن ذلك .(1)
المطلب الأول
تقسيم الجرائم الماسة بالبيئة
المشرع الجزائري فيما يخص الجزاء الجنائي اعتمد على القواعد المنصوص عنها في قانون العقوبات من جهة و على القواعد المنصوص عليها في التشريعات البيئية من جهة أخرى ، و هذه الجزاءات لها أهمية مقارنة بتلك المنصوص عنها في قانون العقوبات و التي تكمن في تجسيدها الفعلي لمبدأ المحافظة على حقوق الإنسان لاسيما حق العيش في بيئة سليمة تخلو من كافة صور التلوث والأمراض المختلفة ، و هو في نفس الوقت يعد حقا دستوريا نصت عليه مختلف دسـاتير دول العالم (2) .
فحسب قانون البيئة (3) كرس المشرع حماية جنائية لكل مجال طبيعي ، فمنع الاعتداء أوالمساس بالتنوع البيولوجي ، و البيئة الهوائية و المائية و كذلك البيئة الأرضية و المحميات إلى جانب المساحات الغابية (4) و ذلك من خلال نصوص تشريعية متنوعة تضمنت أحكاما جزائية تطبق بشأن المخالفين لها، مع عدم خروجها عن المسلك المتبع ضمن قانون العقوبات في مادته 25 التي تقسم الجرائم إلى ثلاثة أنواع: جنايات ،جنح و مخالفات .



1- عبـد اللاوي جواد ، الحماية الجنائية للبيئة ،دراسة مقارنة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،كلية الحقوق جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،2004-2005 ، ص 8 .
2 - الدستور الجزائري ساير كلا من الدستورين الفرنسي و المصري في عدم النص صراحة على ذلك .
3- القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة .
4- القانون رقم 84/12 المتعلق بالنظام العام للغابات ،المعدل بالقانون 91/05 .
الفرع الأول
الجنــايـــات
يعد قانون العقوبات القانون الأساسي للسياسة الجزائية في التشريع الجزائري و نجد فيه مجموعة من النصوص الخاصة المصنفة في القسم الأول و هي الجنايات ، في حين هذا النوع من الجرائم لم يذكره المشرع الجزائري في القانون الأساسي لحماية البيئة (1) .
في حين نجد بعض النصوص التشريعية المتعلقة بالبيئة تجرم بعض الأفعال و تصنفها ضمن الجنايات فعلى سبيل المثال بالنسبة للقانون المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها (2) ، و القانون المتعلق بالصحة (3) ،و القانون البحري (4) ، وهذه الجريمة كما ذكرنا سابقا نجد بعض تطبيقاتها في نصوص قانون العقوبات الجزائري ، فالمشرع أقر بحماية البيئة جنائيا من الإعتداءات الناجمة عن أعمال إرهابية ، و ذلك من خلال نص المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي جرمت الإعتداء على المحيط و ذلك بإدخال مواد سامة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها في مياه من شأنها أن تجعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر فهي أعمال تستهدف المجال البيئي ، كذلك القانون رقم 83/17 المعدل بالأمر 96/13 المادة 149منه تعاقب كل من أتلف عمدا منشآت المياه طبقا لأحكام المادة 406 من قانون العقوبات .
و الجرائم ضد البيئة التي تأخذ وصف الجنايات تتحقق بتوافر الأركان الثلاث التقليدية لأية جريمة الركن الشرعي ، الركن المادي ثم أخيرا الركن المعنوي ، إلا أن الطبيعة الخاصة للبيئة محل الحماية تجعل من هذه الأركان تتميز بصفات خاصة تعكس خصوصية هذه الجريمة .


1- القانون رقم 03/10 .
2-المادة 66 من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها التي تعاقب ... بالسجن من (5) الى (8)سنوات و غرامة مالية من 1 مليون دينار الي 5 ملايين دينار أو بإحداهما .
3-المادة 248 من القانون رقم 85/05 المتعلق بالصحة ،المؤرخ في 16/02/1985 التي تعاقب بالإعدام إذا كان طابع إحدى المخالفات المنصوص عليها بالمادتين 243،244 مخلا بالصحة المعنوية للشعب الجزائري .
4- المادة 500 من الامر 76/80 المؤرخ في 23/10/1976 ،المعدلة و المتممة بالمادة 42 من القانون رقم 98/05 المؤرخ في 25 يونيو 1998 ، ج رع: 47 ، التى تعاقب بالاعدام كل ربان سفينة جزائرية أو أجنبية ألقى عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الجزائري .
أولا: الركن الشرعي :
فإذا كان الركن الشرعي في الجريمة البيئية الموصوفة جناية لا يطرح أي إشكال بالنظر إلى أن جل النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة تعاقب على مخالفة أحكامها بالحبس و الغرامة أو بإحداهما فقط فتعد بذلك جنح أو مخالفات ،بينما الجرائم الموصوفة جنايات تكاد تنعدم فجميع الأحكام الجزائية التي تضمنها القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة تعد جنح أو مخالفات كما أشرنا إليه سابقا كذلك جل النصوص المتعلقة بالبيئة باستثناء بعض المواد المتفرقة التي نص عليها قانون العقوبات.
كالمادة 87 مكرر و المادتين 396 فقرة 3 /4 و 401 المتعلقتين بجناية الحريق العمدي للغابات والحقول المزروعة و قطع الأشجار و بعض المواد الأخرى التي سبق الإشارة إليها كالمادة (42) من القانون رقم 98/05 المتضمن القانون البحري والمادة (66) من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها و كذلك المادة (149) من قانون المياه (1) .
ثانيا : الركن المادي :
يعد الركن المادي لأي جريمة بمثابة عمودها الفقري الذي لا تتحقق إلا به بحيث يشكل مظهرها الخارجي ، و لتوفر الركن المادي يشترط ثلاث عناصر و هي :
1- الفعل الإجرامي و يتمثل في قيام الشخص بكل إرادته و دون أي إكراه بفعل سلوك إيجابي محضور قانونا بغرض إتلاف الموارد البيئية .
2- الضرر الناجم عن السلوك و المتمثل في إتلاف الموارد البيئية أو هلاك الأموال أو تدميرها .
3- العلاقة السببية التي تربط بين الفعل الإجرامي و النتيجة .
ثالثا:الركن المعنوي :
و هو القصد الجنائي العمدي ، أي اتجاه نية الشخص إلى الإضرار بهذه الموارد و الممتلكات و تعريض صحة الإنسان أو الحيوان للخطر .



1- وهو القانون رقم 83/17 المؤرخ في 16 يوليو 1983 ،المعدل بالأمر 96/13 المؤرخ في 15 يونيو 1996.

الفرع الثاني
الجنـــح
جل النصوص التشريعية المتعلقة بالبيئة تعاقب على مخالفة أحكامها بالحبس أو الغرامة أوبإحداهما فقط ، فتعد بذلك جنح أو مخالفات ، فمن خلال قراءة نصوص القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة (1) ، و القوانين الأخرى التي لها علاقة بحماية البيئة (2) .
فالجريمة البيئية تتحقق بتوفر أركانها الثلاث، الركن الشرعي، الركن المادي ، الركن المعنوي ، إلا أن الطبيعة الخاصة للبيئة محل الحماية تجعل من هذه الأركان تتميز بصفات خاصة تعكس خصوصية هذه الجريمة .
أولا: الركن الشرعي:
الركن الشرعي في الجريمة البيئية الموصوفة جنحة يخلق بعض الصعوبات نتيجة كثرة التشريعات من جهة و من جهة أخرى الطابع التقني الغالب على القانون البيئي في حد ذاته ، فهذا الثراء التشريعي نلمسه على المستوى الداخلي و نجده مجسدا كذلك على الصعيد الدولي من خلال العدد الهائل للاتفاقيات و المعاهدات الدولية المكرسة لحماية البيئة ، إلا أن له من جهة أخرى جانب إيجابي كونه يغطي جميع مجالات البيئة و يشملها بالحماية، وعلى هذا يكون المشرع قد جرم الاعتداء أوالمساس بالتنوع البيولوجي و البيئة الهوائية و المائية و كذلك البيئة الأرضية على النحو التالى :

1- القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة ، المواد من ( 81 إلى 110 ).
2- أنظر القانون رقم 83/17 المعدل بالأمر 96/13 المتضمن قانون المياه ، المواد من ( 151 إلى 154 ).
- و القانون رقم 84/12 المعدل بالقانون 91/20 المتضمن النظام العام للغابات ،المواد من (71 إلى 87 ).
- و القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها ،المواد من ( 55 إلى 63) .
- و القانون 01/10 المتعلق بالمناجم ، المواد من ( 179 إلى 191 و 211 ).
- و القانون رقم 01/11 المتعلق بالصيد البحري ، المواد : 82/1 ،89، 90 منه .
- والقانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه ، المواد من ( 39 إلى 43 ).
- و القانون 98/04 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، المواد من ( 93 إلى 104 ).
- و القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال و الاستغلال السياحي ، المواد من ( 47 الى 53 ).
- و القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية ، المواد من( 43 الى 49 ) .
- و القانون 01/13 المتظمن توجيه النقل البري و تنظيمه .
- و القانون 04/07 المتعلق بالصيد ، المواد من (85 الى 99 ).
1- حماية التنوع البيولوجي :
و ذلك للحفاظ على التوازن البيئي سواء كان ذلك بخصوص الثروة الحيوانية أو النباتية و حتى الغابية و الثروة البحرية .
- فلأجل الحفاظ على الثروة الغابية جرم المشرع كل مساس بهذه الثروة سواء كان ذلك عن طريق الرعي في الأملاك الغابية و البناء داخل الغابات وبالقرب منها وكذا استغلال هذه الثروة بشكل غير منظم وكذا حرقها(1).
- وفي مجال الثروة النباتية منع إتلاف النباتات المحمية وتخريب الأوساط التي توجد بـها. والرعي والحرث العشوائيين(2) .
- وبخصوص الثروة الحيوانية نضم الصيد البري والبحري فمنع الصيد العشوائي والمعاملة السيئة للحيوان إلى جانب استعمال وسائل صيد غير مرخص بها(3).
2-حماية البيئة الأرضية والهوائية والمائية :
ففي هذا المجال جرم المشرع كل اعتداء على الثروات السطحية والباطنية للأرض وذلك من خلال حماية الساحل وحماية الوسط المائي العذب والبحار(4).
3-حماية البيئة الثقافية:
فالحماية كذلك تشمل البيئة الثقافية كالآثار التاريخية ثم امتدت لتشمل كذلك النهج المعماري داخل المدن (5)
4-حماية البيئة من المضار الأخرى :
كحمايتها من النشاطات الملوثة وذلك عن طريق وضع مواصفات تقنية محددة .




1-المواد 26،27، 45 من قانون الغابات .
2-المادة 40/2 من قانون حماية البيئة .
3-المادة 40/1 من قانون حماية البيئة و المادتين 94 و 102 من قانون الصيد البحري.
4-المادتين 94 و 102 من قانون المناجم و القانون المتعلق بحماية الساحل و قانون المياه .
5- القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي و القانون رقم 02/08 المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها .
ثانيا- الركن المادي :
يعد أهم أركان الجريمة البيئية ،فالنصوص البيئية التنظيمية تجعل من مجرد الامتناع عن تنفيذ أحكامها جريمة قائمة في حد ذاتها.
1-الجرائم البيئية الشكلية:
ويتمثل السلوك الإجرامي في هذا النوع ،من الجرائم في "عدم احترام الالتزامات الإدارية أوالمدنية أو الأحكام التقنية والتنظيمية كغياب الترخيص ،أو القيام بنشاط غير موافق للأنظمة" وهذا بغض النظر عن حدوث ضرر بيئي ومن أمثلتها عدم احترام الشروط اللازمة لنقل البضائع والمواد الحساسة ¬(1) فهذا النوع من التجريم يسمح بحماية البيئة قبل حدوث الضرر.
2-الجرائم البيئية بالامتناع:
فهي تقع نتيجة سلوك سلبي من الجانح
3-الجرائم البيئية بالنتيجة:
فهذه الجرائم لا تقع إلا من خلال إعتداء مادي على إحدى المجالات البيئية سواء كان ذلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة ومن أمثلتها جرائم الإعتداء المادي على الثروة الحيوانية والثروة البحرية.
فإلى جانب السلوك الإجرامي لابد من توافر علاقة سببية بين فعل الجانح والضرر البيئي (النتيجة) لمتابعة الجانح عن أفعاله.
ثالثا:الركن المعنوي:
أغلب النصوص البيئية لا نجدها تشير إلى الركن المعنوي مما يجعل أغلب الجرائم البيئية جرائم مادية تستخلص المحاكم الركن المعنوي فيها من السلوك المادي نفسه،وتكتفي النيابة العامة بإثبات الركن الشرعي والمادي للجريمة لينجم عن ذلك قيام مسؤولية المتهم ،فلقد تم تمديد قاعدة عدم ضرورة إثبات وجود الخطأ الجنائي من مادة المخالفات والتي تعد كثيرة في المجال البيئي فلا نجد في النصوص البيئية ما يشير إلى ضرورة توفر قصد ارتكاب هذه الجرائم(2).


1-المادتين 04 و 05 من المرسوم التشريعي رقم 94/16 المتعلق بشروط ممارسة أعمال حراسة الاموال و المواد الحساسة و نقلها
2- عبد اللاوي جواد ، مرجع سابق ، ص 34 .

الفرع الثالث
المخالفــــات
تعد المخالفات كثيرة في المجال البيئي فلقد وردت هذه الجرائم في العديد من النصوص القانونية الخاصة بحماية البيئة ،بل أغلب الجزاءات المقررة لمخالفة أحكام هذه النصوص تعد جنح ومخالفات(1).
والمخالفة في الجرائم البيئية تتحقق بتوفر أركانها.
أولا: الركن الشرعي:
فالمشرع الجزائري وضع نصوص لحماية البيئة وأقر جزاءات على مخالفة أحكامها ،فشمل جميع المجالات البيئية بالحماية (2) ،وما قيل عن الجنح يقال كذلك عن المخالفات ،فمن خلال هذه النصوص منع الاعتداء أو المساس بالتنوع البيولوجي والبيئة الهوائية والمائية وكذلك الأرضية وحتى الثقافية .
ثانيا : الركن المادي:
الذي قد يكون في شكل سلبي كحالة امتناع شخص عن تقديم مساهمته في حالة حرائق الغابات أوامتناعه عن تطبيق الأحكام الواردة في قانون حماية البيئة أو النصوص المتعلقة به (3) أو قد يكون السلوك في صورة عمل إيجابي ،كذلك في حالة سوء التصرف أو الرعونة أو الغفلة أو الإخلال بالقوانين والأنظمة التي تحكم المجال البيئي (4).
ويتحقق هذا النوع من الجرائم بوجود سلوك إجرامي لفعل يحضره القانون و وجود العلاقة السببية بين الفعل المجرم والنتيجة التي تتحقق.
ثالثا: الركن المعنوي:
فالقانون الجنائي البيئي نتيجة كونه يتشكل من جنح ومخالفات تنجم عن مجرد خرق التنظيمات واللوائح البيئية في الغالب فإننا في كثير من الأحيان نكون أم جريمة بيئية غير عمدية

1- فعلى سبيل المثال نجد أن كل الجزاءات المقررة في القانون رقم 84/12 المتضمن النظام العام للغابات تعد مخالفات ، انظر ا المواد من ( 72 إلى 87 ) منه .
2- أنظر النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة المشار إليها سابقا .
3- على سبيل المثال المادة 75 من القانون المتعلق بالغابات.
مما يؤكد لنا مدى ضعف الركن المعنوي في هذه الجريمة، إلى جانب ذلك فإن النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة لا تكاد تنص على هذا الركن بخلاف قانون العقوبات(1).
المطلب الثاني
العقوبات المقررة للجرائم الماسة بالبيئة وتدابير الأمن المتخذة للوقاية منها
العقوبات المقررة لمواجهة الجريمة المرتكبة في حق البيئة جاءت متماشية مع ما تضمنه قانون العقوبات ،وهكذا أقرت النصوص العقابية في مجال حماية البيئة عقوبات كجزاء للجرائم المرتكبة وهذه العقوبات قد تكون أصلية أو تبعية أو تكميلية أو هما معا ،إلى جانب العقوبات تضمنت قوانين حماية البيئة بعض التدابير الاحترازية أو تدابير الأمن ذات الهدف الوقائي (2).
الفرع الأول
العقوبات المقررة لقمع الجرائم الماسة بالبيئة
العقوبة الجزائية تتخذ شكل جزاء يوقع على النفس أو الحرية أو المال وهي عبارة عن " رد فعل اجتماعي على انتهاك قاعدة قانونية جنائية ينص عليها القانون ،ويأمر بها القضاء وتطبقها السلطات العامة ،وتتمثل في تقييد محيط الحقوق الشخصية للمحكوم عليه"(3).
والعقوبة قد تكون أصلية أو تبعية كما قد تكون تكميلية :
أولا : العقوبات الأصلية :
وهي أربعة أنواع نص عليها المشرع الجزائري :الإعدام ،السجن ،الحبس والغرامة وتعكس لنا هذه العقوبات خطورة الجانح ونوع الجريمة المرتكبة ،جناية أو جنحة أو مخالفة .




1- على سبيل المثال المادة 75 من قانون الغابات التي تعاقب على استغلال المنتجات الغابية أو نقلها بدون رخصة بالحبس من 10 ايام الى 2 شهرين ،و كذلك المادة 76 من نفس القانون التى تعاقب على استخراج او رفع بدون رخصة للأحجار او الرمال ...فى الأملاك الغابية لأغراض الاستغلال بدون رخصة ...
2- المادة 04 من قانون العقوبات تنص على انه ( يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات و تكون الوقاية منها باتخاذ تدابير امن .
3- عبد الله سليمان،النظرية العامة للتدابير الاحترازية ،دراسة مقارنة،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،طبعة 1990،ص63.
1- عقوبة الإعدام :
رغم الجدل الكبير الدائر حول هذه العقوبة فإننا يمكننا القول بأنها تعكس خطورة الأفعال المرتكبة بحيث لا يرجى إعادة تأهيل الشخص المقترف لها.
المشرع الجزائري لا يزال يحتفظ بهذه العقوبة لمواجهة بعض الجرائم الخطيرة ،فنص عليها في القانون البحري حيث يعاقب بالإعدام كل ربان سفينة جزائرية أو أجنبية ألقى عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الوطنى(1).
كذلك نص عليها المشرع الجزائري في قانون العقوبات حيث تعاقب المادة 87 مكرر 1 منه بالإعدام كل فعل إرهابي أو تخريبي غرضه الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها في المياه بما فيها الإقليمية والتي من شأنها جعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر .
ونص عليها كذلك في المادة 151 من قانون المياه(2) ،في حالة تلويث المياه والتي تنجم عنها وفاة وكذلك المادة 248 من قانون الصحة (3)،و المادة 403 من قانون العقوبات (4) . ¬
1-عقوبة السجن :
هي تلك العقوبة المقيدة للحرية وتأخذ صورتان، سجن مؤبد وسجن مؤقت.
ومن النصوص التي أشار فيها المشرع لعقوبة السجن المؤقت ما تضمنه قانون العقوبات في المواد 432/2 ،396/3و4 ،فالمادة الأولى تعاقب الجناة الذين يعرضون أو يضعون للبيع أويبيعون مواد غذائية أو طبية فاسدة بالسجن المؤقت من عشر (10) إلى عشرين (20) سنة إذا تسببت تلك المادة في مرض غير قابل للشفاء أو في فقد استعمال عضو أو في عاهة مستديمة .

1- المادة 500 من الآمر 76/80 المعدلة بالمادة 42من القانون رقم 98/05 المتضمن القانون البحري .
2- المادة 151 من قانون المياه أحالت على المادة 432 من قانون العقوبات ،هذه الأخيرة تعاقب في فقرتها الثالثة الجاني بالإعدام إذا تسببت تلك المادة في موت شخص أو عدة أشخاص .
3- تعاقب المادة 248 من قانون الصحة بالإعدام ،إذا كان طابع إحدى المخالفات المنصوص عليها في المادتين 243 و244 مخلا بالصحة المعنوية للشعب الجزائري .
4- تعاقب المادة 403 من قانون العقوبات بالإعدام إذا نتجت وفاة لشخص أو أكثر من ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادة 401 منه .
والمادة الثانية فهي تعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل من وضع النار عمدا في غابات أو حقول مزروعة أو أشجار أو أخشاب...الخ.
ونص كذلك المشرع على عقوبة السجن في المادة 66 من القانون رقم 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها (1).










قديم 2009-12-31, 13:04   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يتبع انشاء الله










قديم 2010-12-23, 11:35   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
rahma bio
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










Hot News1 شكرا

شكرااخي لدي مسابقة في مديرية البيئة ووضعوا لنا مادة التشريع الوطني و المقرن و المخالفات في مجال البيئة وقد اعجبني موضوعك كثيرا ولااعلم ان كان هذا ما يريدونه










قديم 2009-12-31, 13:26   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك.....................










قديم 2010-12-24, 12:48   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
نسيم الروح و العقل
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا شكرا شكرا شكرا










 

الكلمات الدلالية (Tags)
لحماية, البيئة, الجزائر, النظام, القانوني

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc