DECEMBER 14, 2017
خالد الجيوسي: إذا كان أحدهم يُتقن التمثيل فليُخرج أفضل من مسرحيّة نصرالله التمثيليّة: هل كان على “سيّد المُقاومة” حقّاً تحريك سِلاحِه نُصرةً للقُدس بدل إزعاجنا بخِطاباتِه؟.. غابت قناة “العربيّة” عن قِمّة اسطنبول وحضرت جُرأة “الجزيرة” ضِد الرياض: ماذا لو كانت العلاقات السعوديّة- القطريّة على ما يُرام؟.. الرئيس الأسد سيّد الأمّة العربيّة: لماذا يُصادر الإعلامي التونسي صالح الأزرق الرأي الآخر؟
khalid jayousi last one
خالد الجيوسي
تَقشعرُّ الأبدان، وتصحو الضمائر، ويتمنّى المرء لو أنه يَملُك السلاح، مُقبلٍ كجُلمودِ صَخرٍ حَطّه السّيل من عَلِ، على وقع هتافات أبناء الضاحية الجنوبيّة في بيروت، ضاحية المُقاومين الأبطال الشرفاء، المُحتشدين لأجل عُيون عاصمة بلادي فِلسطين، رافضين إعلان الرئيس الأمريكي الأهوج دونالد ترامب، القُدس عاصمةً لإسرائيل الغاصبة، ومُلبيّن نداء “سيّد المُقاومة” أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، الذي دعاهم للتظاهر والاحتشاد لأجل تلك العاصمة المُقدّسة.
هذه المشاعر وحدها فقط، يُمكن أن تصيب المُشاهد على شاشة “المنار” المحجوبة بالمُناسبة للتذكير، وهو يرى بحر من المُتظاهرين اللبنانيين، يحملون العلم الفلسطيني، ويَهتفون “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، وأصواتهم لوحدها أرعبت الكيان الغاصب، وجعلته يحسب حِساب معركته معهم، سواء كانوا مُقاومين، أم صامدين في حرب قد يُشعلها هذا الكيان المسخ إسرائيل.
على شاشة “السعوديّة 24″، والتي تَبُث من العاصمة الرياض، كان لمُقدّم البرنامج الحواري رأيٌ آخر في هذه المُظاهرات، والتي استعرض مشاهد منها، ووصفها بأنّها مشهد تمثيلي، يستعطف الشارع العربي، ويَستغل مُجدّداً القدس، وهذا برأيه لا يعدو كونه خداع خميني، خامنئي، يُحرّكه نصرالله، ويُخرجه حتى يُحكم سيطرته هو وأسياده على حد قوله، على ما تبقّى من منطقة الشرق الأوسط، ويتساءل الزميل المُقدّم، ألم يكن على “المدعو” نصرالله أن يُحرّك سلاحه المزعوم، نُصرةً للأقصى والقدس، بدل أن يُهدّد فيه الداخل اللبناني، ويُزعجنا بصُراخ خِطاباته.
نحتار حقّاً هذه الأيام مع المنطق الذي يُفكّر به الإعلام السعودي، أو بالأحرى ما طَلبت التعليمات ترويجه، فكيف يُطلب من نصرالله تحريك سلاحه، الذي أول من سيُعارض تحريكه هي بلاد الإعلام المذكور التي تطلب نزعه بالأساس، ثم لماذا لم تخرج مُظاهرات في السعوديّة حتى لو كانت شكليّة على شاكلة المشهد التمثيلي الذي أخرجه حسن نصر الله كما يقول الزميل، نُصرةً للقُدس، لماذا تسمح السعوديّة بالأصل لنصرالله حصد تعاطف الشارع العربي من خلال تمثيليّاته، أليس بإمكانها حشد بحر أكبر من بحر المُتظاهرين اللبنانيين، وأن يهتفوا سندعم القُدس بالريالات والملايين، ومع ذلك فعل نصرالله أضعف الإيمان وتضامن، أنتم ماذا قدّمتم؟، لكن وكما يقول زعيم حزب الله “يا أخي ما بدنا شي منكم، بس حلّوا عنّا”!
“العربيّة” الغائبة.. و”الجزيرة” الجريئة!
غابت قناة “العربيّة” عن تغطية القمّة الإسلاميّة تماماً، والتي عُقدت في اسطنبول للتصدّي لقرار دونالد ترامب المُعترف بالقُدس عاصِمةً لإسرائيل بديلاً لبلادي، ويبدو أنها غابت على وقع غِياب قادة الدول التي تدعمها (السعوديّة)، ومتى كانت القُدس على رأس قائمة اهتمام القناة المذكورة، حتى نعتب على غيابِها، فإن حضرت أو غابت، فالأمر سيّان على الأقل بالنسبة لفلسطين، وهذه بلادي، وأعرف كرامتها جيّداً.
لم يعنينا لا من قريب، ولا من بعيد غياب القناة المذكورة، لكن كتبنا تلك المُقدّمة التي تذكر غِيابها عن “قمّة القدس″، لما لفتنا من هُجوم جريء، عزفت على أوتاره قناة “الجزيرة”، ومن تلقّى دعم بلادها (قطر)، على المُموّل لقناة العربية الإخباريّة (السعوديّة)، وبدا الجميع حزيناً، مُتألماً، ومقهوراً على فِلسطين، لا بل مُنصدماً من “هول” فداحة ما ارتكبته القيادة السعوديّة لغِيابها عن القمّة، لتتحوّل القدس لشمّاعة، وحُجّة، لاتهامات التخوين، والهُجوم المُضاد ضمن معركة الخصومة والقطيعة الخليجيّة، التي بات الجميع يعرف جُنودها الأشقاء.
نحن بالتأكيد، لا نبحث عن تبريرات للقيادة السعوديّة، لتتغيّب عن تلك القمّة الاستثنائيّة، فنحن بالأساس لا نُعوّل حتى ننتظر، وانتقادنا سيكون مُكرّراً بحُكم تواجدنا في الخندق المُقابل لبلاد الحرمين، وكُنّا نتمنّى أن نصطف خلفها لمُحاربة مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، المهم، ماذا لو كانت العلاقات القطريّة- السعوديّة على ما يُرام، هل كان يُمكن أن تنتقد شاشات قنوات قطر، الشقيقة الكُبرى لتخاذلها، كُرمى عُيون القُدس؟ نستبعد ذلك!