النيابة العامة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

النيابة العامة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-08, 15:51   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 النيابة العامة

مقدمة
كل جريمة ترتكب قد ينشأ عنها ضرر عام يسمح للسلطات العامة أن تتدخل طالبة من القضاء توقيع العقوبة المقررة لها ويكون تدخل السلطات العامة في تحريك الدعوى والتحقيق فيها وتسمى تلك الدعوى بالدعوى العمومية ويطلق عليها أحيانا أيضا الدعوى الجنائية أو الدعوى العامة.
ووقوع الجريمة ينشأ عنه أحيانا ضررا يصيب أحد الأفراد من المجتمع، قد يكون ضررا ماديا أو معنويا، فينشأ عنه حينئذ هذا الشخص المضرور حق في إقامة دعوى يطلب فيها تعويضا عن الضرر الذي أصابه في ماله أو عرضه أو شرفه، وهذا الحق يباشره عن طريق ما يسمى بالدعوى المدنية، وقد يعبر عنها أحيانا دعوى المطالبة بالحق المدني، أو الدعوى المطالبة بالتعويضات.
ويكون من أطراف الخصومة في الدعوى العمومية ممثل النيابة العامة وكيلا عن المجتمع، و هو يمثل الإدعاء، أما الدعوى المدنية فيكون المدعي هو الشخص الذي أصابه شخصيا الضرر مباشرة، تسبب عن الجريمة، ويكون الطرف الثاني في الدعوى العمومية هو المتهم، بينما يكون في الدعوى المدنية هو الشخص المطالب بالتعويضات أو المسؤول المدني، ويكون موضوع الدعوى العمومية هو المطالبة بإنزال العقوبة على المتهم جزاء لما اقترفه من جرم، والنيابة العامة هي التي تطالب بهذه العقوبة، في حين يكون موضوع الدعوى المدنية هو المطالبة بالتعويض الذي أصاب الشخص المتضرر.
ويكون سبب الدعوى العمومية هو الضرر الذي ألحقه المتهم بالمجتمع وتكدير الحياة فيه واضطرابها والإخلال بالأمن فيه، أما الدعوى المدنية فالسبب فيها هو الضرر الذي أصاب المجني عليه أو الضحية، وهو المدعي بالحق المدني بصفته الشخصية أو النيابة عن من له حق النيابة عنه، وسواء أكان هذا الضرر اللاحق به ضررا ماديا أو معنويا.
إذا فما هو عمل النيابة العامة واختصاصاتها كسلطة اتهام ؟، وما هي اختصاصات النيابة العامة (وكيل الجمهورية) كسلطة تحقيق وحقه في إصدار الطلبات لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق افتتاحي واختصاصاتها الأخرى حسب قانون الإجراءات الجزائية ؟.
وما هي مهام واختصاصات وكيل الجمهورية بصفته ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة ؟ وما هو دوره كسلطة اتهام وحقه في إصدار الطلبات لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق افتتاحي؟، وما هي اختصاصاته الأخرى حسب قانون الإجراءات الجزائية ؟.

















عموميات :
تتشكل كل دولة من الدول الحديثة من ثلاثة سلطات أساسية وهي السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية والسلطة القضائية، حيث تضيف بعض الدول السلطة الإعلامية كرابع سلطة. أما بالنسبة للسلطة القضائية فهي مكلفة بحماية الحقوق والحريات العامة في المجتمع وتسليط العقوبات على الجانحين، كما نصت عليه المادة 139 من الدستور " تحمي السلطة القضائية المجتمع والحريات و تضمن للجميع ولكل واحد المحافظة على حقوقهم الأساسية ".
حسب التنظيم القضائي الجزائري فالسلطة القضائية تتشكل من المجلس الأعلى للقضاء الذي أنشأ بموجب القانون رقم 63/218 الصادر في 15/06/1963 يترأسه رئيس الجمهورية كما جاء في المادة 154 من الدستور " يرأس رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للقضاء". ويطلع بإقرار الشروط المحددة قانونا بتعيين القضاة ونقلهم وسير سلمهم الوظيفي كما يسهر على احترام القانون الأساسي للقضاء وانضباط القضاة تحت رئاسة الرئيس الأول للمحكمة العليا وهذا ما نصت عليه المادة 155 من الدستور، كما يبدي المجلس الأعلى رئيسا استشاريا قبليا في ممارسة رئيس الجمهورية لحق العفو ( المادة 156 من الدستور).
تتشكل أيضا من المحكمة العليا التي تمثل في جميع مجالات القانون الهيئة المقومة لأعمال المجالس القضائية والمحاكم كما تضمن توحيد الاجتهاد القضائي في البلاد وتسهر على احترام تطبيق القانون.
تتشكل المحكمة العليا من الرئيس الأول للمحكمة ونائب الرئيس ورؤساء الغرف والمستشارون كلهم قضاة، كما تتشكل من النائب العام والنائب العام المساعد والنواب العامون المساعدون (قضاة النيابة العامة)، إلى جانب رئيس كتابة الضبط وكتاب الضبط.
وتعتبر المحكمة العليا درجة ثانية من درجات التقاضي، و في المسائل الإدارية التي تكون الدولة أو الولاية أو المؤسسات العامة طرفا فيها بالنظر في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المركزية لتجاوز سلطتها وهذا ما نصت عليه المادة 152 من الدستور: " تمثل المحكمة العليا الهيئة المقومة لأعمال المجالس القضائية و المحاكم، يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية.
- تضمن المحكمة العليا ومجلس الدولة توحيد الاجتهاد القضائي في جميع أنحاء البلاد ويسهران على احترام القانون.
- تؤسس محكمة التنازع تتولى الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا ومجلس الدولة.
كما تتشكل من المجالس القضائية حيث نص المرسوم المحدد للتنظيم القضائي في الجزائر والصادر في 16 نوفمبر 1965 على تأسيس مجلس قضائي واحد في كل ولاية من ولايات الوطن، حيث يتشكل المجلس من رئيس المجلس ونائبه ورؤساء الغرف والمستشارون والنائب العام المساعد والنواب العامون ورئيس كتابة الضبط وكاتب الضبط، ويمتد اختصاص المجلس القضائي إلى كامل تراب الولاية وهو يعتبر درجة أولى من درجات التقاضي التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية طرفا فيها، كما يختص في استئناف الأحكام الصادرة على المحاكم وتوجد المحكمة في كل دائرة من دوائر الولاية وهي تتشكل من رئيس المحكمة ونائبه ووكيل الجمهورية المساعد ووكلاء الجمهورية المساعدون ورئيس كتابة الضبط وكتاب الضبط إلى جانب رؤساء الأقسام.


























الفصل الأول : الدعوى العمومية.
يمكن تعريف الدعوى العمومية بأنها الطلب الموجه من الدولة بواسطة جهازها المختص (النيابة العامة) إلى المحكمة اتجاه المتهم الذي ارتكب جريمة ضد أحد أفراد المجتمع. والقاعدة العامة في القانون الجزائري هي أنه لا عقوبة بغير دعوى وإجراءات جزائية، فلابد من رفع هذه الدعوى أمام القضاء للوصول إلى معاقبة الجاني.
والخصومة الجزائية اصطلاح يطلق على مجموعة الإجراءات التي تبدأ من تحريك الدعوى إلى أن تنقضي سواء بصدور حكم بات فيها أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء. وهي تستهدف الكشف عن الحقيقة وتطبيق قانون العقوبات على المتهم في إطار الضمانات التي منحه القانون إياها .














المبحث الأول : نشوء الدعوى العمومية.
تنشأ الدعوى العمومية منذ وقت ارتكاب الجريمة، بل تولد معها وبعد نشوئها قد تتحرك الدعوى العمومية على أساس حق المجتمع في إنزال العقاب على المجرم، وقد لا تتحرك إذا لم يقدم المجني عليه شكوى أو لم يبلغ السلطات المختصة بالحادث أو لأسباب أخرى كثيرة .
المطلب الأول : تحريك الدعوى العمومية .
يقصد بتحريك الدعوى العمومية بداية السير فيها أو تسهيلها وتقديمها للمحكمة الجزائية المختصة للفصل فيها، فالتحريك هو المرحلة الأولى من الإجراءات الجزائية في الدعوى .
وهناك فرق بين الدعوى العمومية والخصومة الجزائية، فالأولى هي الطلب الموجه من النيابة العامة إلى القضاء لإقرار حق المجتمع في العقاب عن طريق إثبات وقوع الجريمة ونسبها إلى متهم معين.
أما الخصومة فتشمل هذا الطلب وكل الإجراءات الجزائية اللاحقة لها حتى تنتهي بحكم بات أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء.
فتحريك الدعوى الجزائية هي العمل الافتتاحي للخصومة والأداة المحركة لها، أما الخصومة فتكون من جميع الإجراءات التي تبدأ بتحريكها وتنتهي بالفصل فيها بحكم أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء.
قد يتم تحريك الدعوى العمومية دون أن تنشأ الخصومة كاملة وذلك في حالة ما إذا كان الجاني مجهولا.
المطلب الثاني : مراحل الدعوى العمومية.
تمر الخصومة الجزائية في أغلب الأحيان بالمراحل التالية:
1- مرحلة تمهيدية : تسبق نشوء الخصومة، وهي مرحلة جمع الاستدلالات، ويتولاها ضابط الشرطة القضائية وهي تهدف إلى جمع المعلومات الأولية عن المتهم وعن الجريمة وظروفها.
2- مرحلة الاتهام: وهي المرحلة الأولى من مراحل الخصومة الجزائية، وتقوم بها النيابة العامة أصلا، وبها يتم تحريك الدعوى العمومية واستعمالها. ومرحلة الاتهام هذه لازمة لنشوء الخصومة وتبقى مستمرة أثناء إجراءات الخصومة إلى أن يصدر في الدعوى حكم بات أو تنقضي لسبب آخر.
3- مرحلة التحقيق الابتدائي : وهي المرحلة التي تهدف إلى جمع أكبر قدر ممكن من الأدلة عن وقوع الجريمة ونسبها إلى مرتكبيها، وهي مرحلة وجوبية في الجرائم الجنائية واختيارية في الجنح والمخالفات.
4- مرحلة الإحالة: وهذه المرحلة قاصرة على الجرائم الجنائية وعلى الجرائم وقعها في شأنها تحقيق من قاضي التحقيق.
المبحث الثاني : مباشرة واستعمال الدعوى العمومية.
ويقصد بكلمة مباشرة الدعوى العمومية أو استعمالها، اتخاذ بعض الإجراءات حيالها وذلك بعد رفعها أمام القضاء، ويكون ذلك عن طريق إبداء الطلبات من ممثل النيابة العامة، إما كتابيا أو شفويا. والقاعدة العامة أن المدعي في الدعوى العمومية هي النيابة العامة، فهي التي تحركها وتشرف عليها وتباشرها في جميع مراحلها، ولكن أباح القانون أيضا للمدعي المدني في بعض الحالات تحريكها وذلك طبقا للشروط المحددة قانونا.كما أباح القانون غير النيابة العامة أو الطرف المتضرر تحريك الدعوى العمومية وذلك في جرائم الجلسات.

غير أن هذه الاستفادات الموجودة والتي تخول لغير أعضاء النيابة العامة تحريك ومباشرة الدعوى العمومية، فإن القانون أعطى للنيابة وحدها الحق في مباشرتها واستعمالها بالرغم من أن تحريكها كان من طرف المتضرر أو في جرائم الجلسات. وأن المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية تنص أن:
"الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء، أو الموظفون المعهود إليهم بها بمقتضى القانون. كما يجوز أيضا للطرف المضرور أن يحرك هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون".
ولهذا يكون لكل من النيابة العامة والمدعي المدني و ورؤساء الجلسات الحق في تحريك الدعوى العمومية .
المطلب الأول: حق النيابة العامة في تحريك ومباشرة الدعوى العمومية .
تنص الفقرة الأولى من المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية على مايلي:
" تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطالب بتطبيق القانون.وهي تمثل أمام كل جهة قضائية ".
والمقصود هنا بتحريك الدعوى العمومية هو بداية السير فيها وتقديمها للمحكمة الجزائية المختصة للحكم فيها، فالتحريك هو المرحلة الأولى من الإجراءات في الدعوى العمومية التي يقوم بها ممثل النيابة العامة وذلك طبقا للمادة 29 من ق.إ.ج وما بعدها.
المطلب الثاني : حق رؤساء الجلسات بالمجالس والمحاكم في تحريك الدعوى العمومية.
من إستقراء المواد 567 إلى غاية 571 من قانون الإجراءات الجزائية يتضح أن المشرع قد خول كل من رؤساء الجلسات بالمحاكم ومحكمة الجنايات ورؤساء الجلسات بالمجالس القضائية حق تحريك الدعوى العمومية، ولكنه قد حصر هذه الجرائم وقيد تحريكها. فقد حصر هذا الحق في الجرائم التي ترتكب في الجلسات فقط وأثناء انعقادها، و وقد جعل بذلك استثناء من القاعدة العامة التي تخول النيابة العامة وحدها هذا الحق في تحريك الدعوى العمومية.
وعلى هذا الأساس فقد نصت المادة 568 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:
" إذا ارتكبت جنحة أو مخالفة في جلسة مجلس قضائي، أمر الرئيس بتحرير محضر عنها وإرساله إلى وكيل الجمهورية. فإذا كانت الجنحة معاقب عليها بعقوبة الحبس الذي تزيد مدته عن ستة اشهر جاز له أن يأمر بالقبض على المتهم وإرساله فورا للمثول أمام وكيل الجمهورية ".
- "إذا ارتكبت جنحة أو مخالفة في جلسة محكمة تنظر في قضايا الجنح أو المخالفات، أمر الرئيس بتحرير محضر عنها وقضى فيها في الحال بعد سماع أقوال المتهم والشهود والنيابة العامة والدفاع عند الاقتضاء" . المادة 569 من قانون الإجراءات الجزائية.
- "إذا ارتكبت جنحة أو مخالفة في جلسة محكمة الجنايات، طبقت بشأنها أحكام المادة 569 ق.إ.ج ". المادة 570 ق. إ.ج .
- " إذا ارتكبت جناية في جلسة محكمة أو مجلس قضائي فإن تلك الجهة القضائية تحرر محضرا وتستجوب الجاني وتسوقه ومعه أوراق الدعوى إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب افتتاح تحقيق قضائي".المادة 571 ق. إ.ج.
المطلب الثالث: حق المدعي المدني في تحريك الدعوى العمومية.
تنص المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية الفقرة الثانية على جواز تحريك الدعوى العمومية للطرف المضرور، وذلك طبقا للشروط المحددة في هذا القانون، وهو ما يعرف عادة بالادعاء المباشر، إذ يملك المدعي المدني (الطرف المتضرر) حقا في مباشرة عمل إجرائي معين هو تحريك الدعوى العمومية. وتحريك هذه الدعوى من طرف المضرور يهدف في الواقع إلى هدفين اثنين في وقت واحد هما عقاب الجاني وتعويض المجني عليه.

ويكون تحريك الدعوى العمومية إما برفعها إلى السيد وكيل الجمهورية على شكل شكوى مع الادعاء مدنيا وأن يتقدم المجني عليه بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص، وعلى هذا الأساس تنص المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية: أنه يجوز لكل شخص يدعي أنه مضار بجريمة أن يدعي مدنيا بأن يتقدم بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص.















































مقدمة :
النيابة العامة هي الهيئة المنوطة بالدعوى العمومية في تحريكها و رفعها مباشرة أمام القضاء، و لا شك أن النيابة العامة هي هيئة قضائية لأنها تتألف من قضاة بحكم قانون التنظيم القضائي ، و يتمتعون بنفس الضمانات التي يتمتع بها قضاة الحكم.
أما أعمال النيابة العامة فهي مزيج من الأعمال القضائية كالتحقيق مثلا و من الأعمال غير قضائية كتوجيه الاتهام و القيام بتنفيذ الأحكام ، و بالرغم من الأعمال غير القضائية التي تقوم بها فإن ذلك لا يغير من طبيعتها و من وضيفتها القضائية التي حددها القانون ، إذ أناط بها رفع الدعوى العمومية و مباشرتها أمام القضاء من أجل معاقبة المجرم الذي أساء للمجتمع بارتكابه الأفعال المعاقب عليها ، لأن وضيفة النيابة العامة هي تحريك الدعوى العمومية التي تهدف إلى تقرير حق الدولة في العقاب .
و النيابة العامة هيئة قضائية إجرائية مهمتها تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها نيابة عن المجتمع ، إذ دورها يتمثل في توجيه الاتهام للمجرم نيابة عن المجتمع و تطالب بتطبيق القانون .










المبحث الأول : تشكيل النيابة العامة و خصائصها.
المطلب الأول : تشكيل النيابة العامة.
النيابة العامة جهاز قضائي جنائي ، أنيط به تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها أمام القضاء الجزائي ، فتنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية : " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون و هي تمثل أمام كل جهة قضائية ، و يحضر ممثلها المرافعات أمام الجهات المختصة بالحكم و يتعين أن ينطق بالأحكام في حضوره ...." ، و هي جهة تتخذ صفة الخصم لأنها حتى في ضل الحالات التي يسمح فيها القانون الأطراف الأخرى بسلطة تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها ، فان النيابة العامة تظل هي الخصم ، لأن هذه الصفة لا تتخذ بالاختصاص ، بتحريك الدعوى أو رفعها ،و إنما تتخذ بما ينشأ عنها من مراكز قانونية في ظل الرابطة الإجرامية التي تنشأ من اتخاذ إجراء تحريك الدعوى العمومية ، و التي تكون فيها النيابة العامة صاحبة الإختصاص في مباشرة ما بقي من إجراءات لحين إستصدار حكم بات في الدعوى .
يشكل جهاز النيابة العامة من مجموعة من قضاة ، يعتبر كل عضو من سلك القضاء ، طبقا لحكم المادة 2 من القانون 21-89 المتضمن القانون الأساسي للقضاة المؤرخ في 1989/12/12 فتقرر تلك المادة أن سلك القضاء يشمل قضاة الحكم و النيابة للمحكمة العليا و المجالس القضائية و المحاكم ، يعينون بمرسوم رئاسي بناءا على اقتراح من وزير العدل و يؤدون اليمين أمام الجهة التي يتبعونها ، و تنص المادة 3 من نفس القانون " يعين القضاة بموجب مرسوم رئاسي باقتراح من وزير العدل و بعد مداولة المجلس الأعلى للقضاء" ، و تنص المادة 4 من القانون نفسه على أنه " يؤدي القضاة عند تعيينهم الأول و قبل توليهم لوظائفهم اليمين التالية ( أقسم بالله العظيم أن أقوم بمهمتي بعناية و إخلاص و أن أكتم سر المداولات و أن أسلك في ذلك سلوك القاضي النزيه و الوفي بمبادئ العدالة ) ، تؤدى اليمين أمام المجلس القضائي الذي عين القاضي بدائرته ، غير أن القضاة المعينين مباشرة في المحكمة العليا يؤدون اليمين أمام هذه المحكمة " .
- المادة 33: يمثل النائب العام النيابة العامة أمام المجلس القضائي و مجموعة المحاكم و يباشر قضاة النيابة العامة الدعوى العمومية تحت إشرافه.
- المادة 34 : النيابة العامة لدى المجلس القضائي يمثلها النائب العام و يساعد النائب العام في ذلك النائب العام مساعد الأول وواحد أو أكثر من مساعدي النائب العام .
- المادة 35: يمثل وكيل الجمهورية النائب العام لدى المحكمة بنفسه أو بواسطة أحد مساعديه و هو يباشر الدعوى العمومية في دائرة المحكمة التي بها مقر عمله .
و نستنتج من المواد 35-34-33 من قانون الإجراءات الجزائية أن النيابة العامة تتشكل على النحو التالي :
- لدى المحاكم :
يمثل وكيل الجمهورية النائب العام لدى المحكمة بنفسه أو بواسطة أحد مساعديه لدى نفس المحكمة و هو يباشر الدعوى العمومية في دائرة اختصاص المحكمة التابع لها .
- لدى المجلس القضائي :
يمثل النيابة العامة لدى كل مجلس قضائي النائب العام ، يساعده في ذلك مساعد النائب العام الأول و واحد أو أكثر من مساعدي النائب العام (المادة 34).
- لدى المحكمة العليا :
يمثل النيابة العامة لدى المحكمة العليا النائب العام لدى المجلس الأعلى يساعده في ذلك عدد من أعضاء النيابة العامة ، و قد يتلقى كل من النائب العام لدى المجلس القضائي و النائب العام لدى المجلس الأعلى تعليمات كتابية من وزير العدل لتطبيعها إذ اقتضى الأمر ذلك ، و ذلك ما تشير إليه المادتان 530-30 من قانون الإجراءات الجزائية إذ تنص الأولي على أنه (يسوغ لوزير العدل أن يخطر النائب العام بالجرائم المتعلقة بقانون العقوبات ، كما يسوغ له فضلا عن ذلك أن يكلفه كتابة بأن يباشر أو يعهد بمباشرة متابعات أو يخطر الجهة القضائية المختصة بما يراه ملائما من طلبات كتابية .
و بصفة عامة يوضع قضاة النيابة العامة تحت إدارة و مراقبة رؤسائهم السلميين و تحت سلطة وزير العدل ، حامل الأختام (المادة 6 من الأمر 27-69 المؤرخ في 1969/05/13 .
المطلب الثاني : هيكلة جهاز النيابة و اختصاصاتها.
تتشكل النيابة العامة من مجموعة قضاة تختص بوظيفة المتابعة و الاتهام ، فتقوم بدور الإدعاء العام ، تخضع في علاقاتها فيما بين أعضائها لمجموعة خصائص تميزها عن بقية الجهاز القضائي ، حيث تضم النيابة العامة في هيكلها مجموعة من الأعضاء ، لكل عضو منها سلطاته و صلاحياته التي تحددها القواعد العامة المنظمة لاختصاصات هرم القضاء الجنائي بوجه عام ، و اختصاصات أعضاء النيابة بوجه خاص.
الفرع الأول : وكيل الجمهورية.
يعتبر وكيل الجمهورية في التنظيم القانوني المعاصر العضو الحساس و النشيط في النيابة العامة و هو الذي يمثل المجتمع أمام المحاكم نيابة عن النائب العام و يطالب بتطبيق القانون و بذلك نصت المادة 35 من قانون الإجراءات الجزائية على أن يمثل وكيل الجمهورية النائب العام لدى المحكمة بنفسه أو بواسطة أحد مساعديه و هو يباشر الدعوى العمومية في دائرة المحكمة التي بها مقر عمله.
و قد حدد المشرع اختصاصات و سلطات وكيل الجمهورية سواء منها الأصلية أو الاستثنائية ، المكانية منها أو الوظيفية .
فمن حيث الاختصاص المكاني يتحدد الإختصاص لوكيل الجمهورية طبقا لنص المادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية بمكان وقوع الجريمة أو بمحل إقامة أحد الأشخاص المشتبه فيهم ، أو بمكان إلقاء القبض على أحد المتهمين أو المشتبه فيهم .
أما الاختصاص الوظيفي لوكيل الجمهورية فقد حددته المادتان 36-35 من قانون الإجراءات الجزائية ، و خلاصتهما أن وكيل الجمهورية من وظيفته تلقي المحاضر الواردة من الشرطة القضائية أو الشكاوي و البلاغات و يقرر ما يتخذ بشأنها ، و يباشر بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات ، و يبلغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة لكي تنظر فيها ، و يبدي أمام تلك الجهات القضائية ما يراه لازما من الطلبات ، ويطعن عند الإقتضاء في القرارات و الأوامر التحقيق و جهات الحكم.
و أن وكيل الجمهورية الذي هو الركيزة الأساسية في هيئة النيابة العامة يتوقف عليه النظام و سير العدالة إلى حد كبير و حسن تطبيق القانون .
الفرع الثاني : اختصاصات النيابة العامة.
تطبيقا لأحكام المواد 36-29-1 من قانون الإجراءات الجزائية ، فان الاختصاص الأساسي للنيابة العامة باعتبارها طرفا أصيلا في تشكيل الهيئات القضائية الجزائية حيث تمثل في كل هيئة جنائية - هي وظيفة الاهتمام بوجه عام ابتداءا بقيامها بتحريك الدعوى العمومية و مباشرتها فتنص المادة الأولى في فقرتها الأولى : " الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها و يباشرها رجال القضاء و الموظفون المعهود إليهم بمقتضى القانون ، " و تنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون ، و هي تمثل أمام كل جهة قضائية " ، و تنص المادة 36 منه على أنه :" يقوم وكيل الجمهورية :
- بتلقى المحاضر و الشكاوي و البلاغات و يقرر بشأنها،
- يباشر بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع إجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات،
- يدير نشاط ضباط الشرطة القضائية في دائرة اختصاص المحكمة و يراقب تدابير الوقف للنظر،
- و يبلغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة لكي تنظر فيها أو تأمر بحفظها بقرار قابل دائما للإلغاء ،
- و يبدي أمام تلك الجهات القضائية ما يراه لازما من الطلبات
- و يطعن عند الاقتضاء في القرارات التي تصدرها بكافة طرق الطعن القانونية ،
- و يعمل على تنفيذ قرارات التحقيق و جهات الحكم ."
و يتحدد نطاق اختصاص عضو النيابة و مجاله بدرجة عضوها في سلم هيكلة النيابة العامة أو هرمها ، فتتفاوت إختصاصات كل عضو فيها بحسب تفاوت درجاته فالنائب العام مثلا يمثل النيابة العامة على مستوى المجلس القضائي و مجموع المحاكم التابعة له حيث يشرف على مجموع أعضاء النيابة العامة على مستوى ذلك المجلس ، فيباشر الإجراءات بنفسه أو يعهد بها إلى أحد مساعديه ، فيباشر كل منهم – النائب المساعد الأول ، النواب العامين المساعدين . وكلاء الجمهورية ، وكلاء الجمهورية المساعدون – وظيفة المتابعة و الاتهام في حدود اختصاصه الإقليمي و النوعي تحت إشراف النائب العام، و يحتل وكيل الجمهورية باعتباره أحد مساعدي النائب العام على مستوى المحكمة مركزا هاما في جهاز النيابة العامة ، بحيث يعتبر نقطة انطلاق لوظيفة الاتهام بوجه عام ، فيمارسها وفقا لأحكام المادتين 29-1 من قانون إجراءات الجزائية ، بالإضافة إلى هذه الوظيفة - المتابعة و الإتهام – فإن النيابة العامة تلعب دورا مهما في ممارستها لعملها بأن خولها القانون مجموعة إختصاصات عبر المراحل الإجرائية المختلفة .
1- إدارة مرحلة البحث و التحري :
تتولى النيابة العامة إدارة و الإشراف على جهاز الضبطية القضائية ، فتنص المادة 2-12 من قانون الإجراءات الجزائية: " و يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي و يشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة إختصاص كل مجلس قضائي و ذلك تحت رقابة غرفة الاتهام بذلك المجلس" ، و تنص المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية : " يدير نشاط ضباط الشرطة القضائية في دائرة إختصاص المحكمة و يراقب تدابير التوقف للنظر." و عليه يمارس وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي على مستوى المحكمة تحت إشراف النائب العام على مستوى المجلس القضائي ، و تبدو مظاهر هذه الإدارة الإشراف ، أن رجال الضبط القضائي.
يقومون بتبليغ وكيل الجمهورية بكل ما يصل إليهم من معلومات عن الجريمة بواسطة الشكاوي و البلاغات ، بالإضافة إلى ذلك فإن حضور وكيل الجمهورية مكان الحادث يرتب رفع الضابط يده عن البحث و التحري عن الجريمة المتلبس بها ، التي انتقل لمعاينتها و يعود اختصاص لوكيل الجمهورية الذي له سلطة مباشرة الإجراءات بنفسه أو تكليف الضباط بمتابعة الإجراءات فتنص المادة 56 من قانون الإجراءات الجزائية على رفع يد ضابط الشرطة القضائية عن التحقيق بوصول وكيل الجمهورية إلى مكان الحادث ، و يقوم هذا الأخير بإتمام جميع أعمال الضبط القضائي المنصوص عليها في القانون ، و يسوغ له أن يكلف ضابط الشرطة القضائية بمتابعتها .
و تبدو مظاهر الإدارة والإشراف أكثر أن السلطة التصرف في نتائج البحث و التحري بوجه عام ، من اختصاص السلطة التي تباشر صلاحية الإدارة و الإشراف الممثلة في النيابة العامة ، إذ أن ضابط الشرطة عند انتهائه من عمله و تحريره محاضر الاستدلال بما قام به ، يقوم بإرسالها لوكيل الجمهورية الذي يعود له وحده الاختصاص في اختيار الإجراء المناسب – عملا بسلطة الملائمة – بين تحريك الدعوى العمومية بصفة عامة و بين الأمر بحفظها ، بل إن القانون نفسه يقرر أن قاضي التحقيق رغم ما يقرره له القانون من سلطة في مجال البحث و التحري في الجرائم المتلبس بها و حقه في اتخاذ جميع الإجراءات المقررة قانونا بنفسه أو بتكليف الضابط بذلك ، تقرر له هذه السلطة عن عدم حضور وكيل الجمهورية فإذا كان هذا الأخير حاضرا فإن قاضي التحقيق يرفع يده عن القضية لغاية أن يطلب منه وكيل الجمهورية فتح تحقيق في الموضوع ، فتنص المادة 60 من قانون الإجراءات الجزائية " و إذا وصل وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق إلى مكان الحادث في آن واحد جاز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق الحاضر إفتتاح تحقيق قانوني. " .
- في مرحلة التحقيق :
تلعب النيابة العامة دورا مهما في مرحلة التحقيق : فهي الجهة التي تختار القاضي المحقق في الموضوع الذي تعرضه على قضاء التحقيق ، فتنص المادة 70 من قانون الإجراءات الجزائية " إذا وجد بإحدى المحاكم عدة قضاة تحقيق فإن وكيل الجمهورية يعين لكل تحقيق القاضي الذي يكلفه بإجرائه " و إذا كان وكيل الجمهورية يملك حق اختيار قاضي التحقيق الإجراء التحقيق ، فإنه لم يعد يملك سلطة تنحيه قاضي التحقيق عن القضية بتعديل حكم المادة 71 من قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 08-01 التي نقلت الاختصاص لرئيس غرفة الاتهام ، و خولت لوكيل الجمهورية فقط تقديم طلب التنحية متى رأى داع لذلك ، فتنص " يجوز لوكيل الجمهورية أو المتهم أو الطرف المدني ، لحسن سير العدالة ، طلب تنحية الملف من قاضي التحقيق لقاضي آخر من قضاة التحقيق "، " يرفع طلب التنحية بعريضة مسببة إلى رئيس غرفة الاتهام و تبلغ إلى القاضي المعني الذي يجوز له تقديم ملاحظاته الكتابية " ، " يصدر رئيس غرفة الاتهام قراره في ظرف 30 يوما من تاريخ الطلب بعد إستطلاع رأي النائب العام ، و يكون هذا القرار غير قابل لأي طعن ".
و لوكيل الجمهورية الحق في أن يطلب من قاضي التحقيق أي إجراء يراه لازما لإظهار الحقيقة ، فتنص المادة 1/69 من ق. إ. ج : " يجوز لوكيل الجمهورية سواء في طلبه الإفتتاحي لإجراء التحقيق أو بطلب إضافي في أية مرحلة من مراحل التحقيق أن يطلب من القاضي المحقق كل إجراء يراه لازما لإظهار الحقيقة ... " ، فإذا لم يجبه قاضي التحقيق لطلباته أو تراءى لوكيل الجمهورية نقصا في الإجراءات ، فله حق الطعن لدى غرفة الاتهام أو الانتظار لحين انتهاء التحقيق ،فتنص المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية لوكيل الجمهورية الحق في أن يستأنف أمام غرفة الإتهام جميع أوامر قاضي التحقيق . "
النيابة العامة كجهة للتحقيق :
إذا كان القانون الجزائري قد خول النيابة العامة سلطة المتابعة و الاتهام فإنه خولها أيضا سلطة التحقيق في حدود معينة استثناء من الأصل العام و هذا يعني امتناع مباشرتها لأي إجراء من إجراءات التحقيق ما لم ينص القانون صراحة على ذلك و هي سلطة – أي التحقيق استثناء – أوكلت للنيابة للعامة بسبب أن قاضي التحقيق لم يخطر بعد بالقضية أو بعبارة أخرى أن يضع يده عليها كالحالات المقررة في التلبس أو لعدم طلب وكيل الجمهورية منه فتح تحقيق و إما لعدم وجود قاضي التحقيق ، فاستدعت ظروف الحال تدخل وكيل الجمهورية عملا على عدم ضياع الحقيقة بتخويله سلطة مباشرة بعض إجراءات التحقيق.
- أولا : إصدار الأمر بالإحضار : يجوز لوكيل الجمهورية في الجنايات و الجنح المتلبس بها المعاقب عليها بالحبس إذا لم يكن قاض التحقيق قد أبلغ عنها أن يصدر أمرا بإحضار كل من يشتبه في مساهمته في جريمة و يقوم باستجوابه بحضور محاميه من حضر معه و هو ما تقرره المادة 110 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها الثالثة و المادة 58 ق.إ.ج.
- ثانيا : الأمر بالإيداع في الحبس :
يجوز لوكيل الجمهورية الأمر بحبس المتهم بجنحة متلبس بها المعاقب عليها بالحبس : طبقا لحكمي المادتين 338-59 ق.إ.ج إذ لم يستطع المتهم تقديم الضمات الكافية على حضور ، و نلاحظ أن هذا الحبس الذي يأمر به وكيل الجمهورية لا يمكن أن نطلق عليه مصطلح الحبس المؤقت لأن هناك فرقا جوهريا بينهما ، فهذا الأخير أحاطه القانون بمجموعة من الضمانات القانونية قررت للمتهم ، من أهمها ضمانة جهة التحقيق و هو أن يأمر به قاضي التحقيق أو غرفة الإتهام ، في حين أن الحبس المخول لوكيل الجمهورية يخلو من أي ضمانة كانت ، لأن المأمور بحبسه يعتبر مشتبها فيه فقط و يأمر وكيل الجمهورية بحبسه لمحاكمته في الآجال القانونية ، و يشترط في الأمر به الشروط التالية :
1- أن لا يكون قاضي التحقيق المختص قد أخطر بالحادث ، لأنه في هذه الحالة يصبح الأمر بالإحضار من اختصاصه هو وحده.
2- أن لا تكون الجنحة المعاقب عليها بعقوبة الحبس ، و المأمور للحبس بسبها من جنح الصحافة أو الجنح ذات الطبيعة السياسية ، أو تلك الجنح التي يشترط القانون في المتابعة بشأنها إجراءات تحقيق خاصة .
3- أن لا يكون المتهم المأمور بحبسه من الأحداث الذين لم يبلغوا سن الرشد الجنائي المحدد ب (18) سنة كاملة .
4- أن لا يكون المتهم من الأشخاص المعرضين لحكم الاعتقال .
5- أن لا تتجاوز مدة الحبس الذي يأمر به ثمانية أيام ، إذ على وكيل الجمهورية تحديد جلسة للنظر في القضية خلالها .
ثالثا : الانتقال إلى مكان الحادث.
يجوز لوكيل الجمهورية أيضا لانتقال إلى مكان الحادث في حالة العثور على جثة شخص يجهل سبب وفاته ، أو الإشتباه في وفاته لإجراء المعاينات اللازمة ، و له في صدد ذلك أن يصطحب معه من الأشخاص المؤهلين كالأطباء الشرعيين القادرين على تقدير ظروف الوفاة و تحليفهم اليمين القانونية على أن يبدو رأيهم بما يمليه عليهم ضميرهم و شرف المهنة ، كما له سلطة ندب ضابط الشرطة القضائية المختص لمثل هذا الغرض ، طبقا للفقرتين الثانية و الثالثة من المادة 62 من ق.إ.ج .
رابعا : إبداء الرأي في المسائل المحددة.
بموجب القانون قاضي التحقيق قبل المبادرة باتخاذ بعض لإجراءات ، أن يستطلع رأي النيابة العامة ممثلة في وكيل الجمهورية ، كاستطلاع قاضي التحقيق رأي وكيل الجمهورية قبل الأمر بالقبض على المتهم الفار من العدالة : أو غير المقيم في الجزائر ، المتهم بجناية أو جنحة معاقبة عليها بالحبس طبقا للمادة 119 / 2من ق.إ.ج ، و استطلاع رأي وكيل الجمهورية في تمديد مدة الحبس المؤقت طبقا للفقرة الثانية من المادة 125 و المادة 1/125 من ق.إ.ج ، و استطلاع رأيه في بطلان إجراء من إجراءات التحقيق منى رأى أنه مشوب بعيب البطلان قبل رفع الأمر لغرفة الإتهام للقضاء ببطلانه
المادة 158 من ق.إ.ج .
بإضافة لذلك فإن قانون الإجراءات الجزائية في تفتيش مسكن المتهم بجناية خارج الميقات القانوني المنصوص عليه في المادة 47 من ق.إ.ج ، يوجب حضور وكيل الجمهورية مع قاضي التحقيق عملية التفتيش كشرط لصحة التفتيش و مشروعيته.
– في مرحلة المحاكمة :
تتمتع النيابة العامة بسلطات هامة أثناء النظر الدعوى العمومية أمام القضاء الجنائي ، فهي الجهة التي ترسل ملف الدعوى و أدلة الاتهام إلى قلم كتاب المحكمة المادة 269 من ق .إ.ج ، و لها صلاحية توجيه الأسئلة مباشرة للمتهمين و الشهود المادة 288 من ق.إ.ج ، و لها تقديم ما تراه لازما من طلبات أمام جهات الحكم ، و على هذه الأخيرة أن تمكنها من إبداء طلباتها و التداول بشأنها طبقا للمادة 289 من ق.إ.ج ، و للنيابة حق النعي بالطعن بالإستئناف و النقض في الأوامر و الأحكام و القرارات الجزائية ، بحسب ما يقرره القانون في المواد 497-495-420-417 ... من ق.إ.ج .
الفرع الثالث : اختصاصات أخرى.
إذا كانت النيابة العامة تمارس وظيفة المتابعة و الاتهام كقاعدة عامة باعتبارها صاحبة الاختصاص ، إلا أن هذا لم يمنع المشرع الجنائي من إعطائها صلاحية مباشرة بعض الاختصاصات الأخرى ،ينص عليها قانون الإجراءات الجزائية .
أولا : المساهمة في تشكيل جهات الحكم.
إن المبادئ الأساسية في تنظيم القضاء الجنائي أن تمثل النيابة العامة في جميع جهات الحكم ، بحسب الاختصاص النوعي و بالتالي فإن جهات الحكم تفقد تشكيلها الصحيح إذا تخلف منه عضو النيابة العامة ، بل إن تخلف ممثل النيابة عن إحدى جلساتها يفقد تشكيل المحكمة صحته و يترتب البطلان على ذلك ، فتنص المادة 29 من ق.إ.ج " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون ، و هي تمثل أمام كل جهة قضائية ، و يحضر ممثلها المرافعات أمام الجهات القضائية المختصة بالحكم و يتعين أن ينطق بالأحكام في حضوره" .
ثانيا : تنفيذ الأحكام الجزائية :
تنص المادة 29 ق.إ.ج على أنه " ... كما تتولى العمل على تنفيذ أحكام القضاء و لها في سبيل مباشرة وضيفتها أن تلجأ للقوة العمومية كما تستعين بضباط و أعوان الشرطة القضائية " ، و تنص المادة 36 ق.إ.ج أيضا على اختصاص النيابة العامة بملاحقة تنفيذ قرارات التحقيق و جهات الحكم ، فتنص " ... و يعمل – أي وكيل الجمهورية – على تنفيذ قرارات التحقيق و جهات الحكم ..." ، فتنص المادة 2/8 من قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين على أنه " تختص النيابة العامة دون سواها بملاحقة تنفيذ الأحكام الجزائية و إن الملاحقات الرامية لتحصيل الغرامات أو مصادرة الأموال يقوم به على وجه الترتيب قابض الضرائب أو سلطة أملاك الدولة بطلب من النيابة العامة " ، و في مباشرة النيابة العامة لوظيفة تنفيذ الأحكام يحق لها الاستعانة بالقوة العمومية ، فتنص الفقرة الثالثة من المادة8 من القانون السابق على أنه " يحق للنائب العام و وكيل الجمهورية أن يطلبا مباشرة القوة العمومية لتنفيذ الأحكام الجزائية " .
المطلب الثالث : خصائص النيابة العامة.
للنيابة العامة خصائص تميزها عن غيرها من أجهزة الدولة أي أن إعضاء النيابة العامة يتسمون بصفات خاصة ، بحيث تعتبر تلك الخصائص من صفات نظام السلطة الاتهام على أساس أنها الجهاز المنوط به مباشرة تحريك الدعوى العمومية الناشئة عن ارتكاب الجريمة و هذه الخصائص هي كالتالي .
الفرع الأول : التبعية التدريجية.
يخضع أعضاء النيابة العامة لنظام التبعية التدريجية على عكس قضاة الحكم أي بمعنى أنه تكون للرئيس السلطة القانونية كافية للمراقبة و الإشراف على المرؤوس و ذلك من الناحية الإدارية و الفنية و إن هذه التبعية التدريجية يترأسها السيد وزير العدل حامل الأختام و أن سلطته هذه تشكل العنصرين الإداري و الفني معا حيث يمكنه أن يخطر النائب العام بالعقوبات المتعلقة بقانون العقوبات ( المادة 30 من ق.إ.ج) كما يسوغ له فضلا عن ذلك أن يكلفه كتابة بأن يباشر أو يعهد إليه مباشرة متابعات أو يخطر الجهة القضائية المختصة بما يراه ملائما من طلبات كتابية (المادة 30 / الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية ) بالرغم من أن وزير العدل ليس ممثلا للنيابة العامة أمام القضاء ، و ليس عضوا من أعضاء النيابة إلا أنه يملك سلطة إخطار النائب العام بالجرائم المتعلقة بقانون العقوبات و أو يكلفه كتابة ما يراه ملائما من طلبات كتابية مادة 30 من قانون الإجراءات الجزائية، فأعضاء النيابة العامة ملزمون بأن تكون طلباتهم كتابية طبقا للتعليمات التي ترد لهم عن طريق التدريجي (و يوضع قضاة النيابة العامة تحت إدارة و مراقبة رؤسائهم السلميين و تحت سلطة وزير العدل حامل الأختام المادة السادسة من أمر رقم 27-69 السابق الإشارة إليه) و هناك رأي بالنسبة للإشراف للوزير يقول بأنه يملك الرقابة التامة على تصرفات أعضاء النيابة العامة على أساس أنهم موظفون عموميين ليس إلا .
و ليس الإشراف على تصرفاتهم القضائية أي التي تتعلق باختصاصاتهم في تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها و معنى ذلك أن رقابته عليهم تقف فقط عند حد التأكد من حسن قيامهم بواجباتهم الوظيفية في قانون ، و هو رأي لا ينسجم مع نصوص القانون الجزائري الحالي.
و تنص المادة 33 من قانون إجراءات الجزائية على أنه : يمثل النائب العام النيابة العامة أمام المجلس القضائي و مجموعة المحاكم و يباشر أعضاء النيابة العامة الدعوى العمومية تحت إشرافه . و يمثل وكيل الجمهورية النائب العام لدى المحكمة بنفسه أو بواسطة أحد مساعديه و هو يباشر الدعوى العمومية في دائرة المحكمة التي بها مقر عمله (المادة 35 من ق.إ.ج ) يتضح من المواد 35/34-33 أن النائب العام يمثل النيابة العامة على مستوى المجلس القضائي و مجموعة المحاكم التابعة لهذا المجلس أما أعضاء النيابة على مستوى نفس المجلس يباشرون الدعوى العمومية تحت إشراف النائب العام ، أما على مستوى المحكمة فإنه يمثله وكيل الجمهورية لدى المحكمة بنفسه إن كان بالمحكمة وكيل الجمهورية واحد أو بواسطة أحد مساعديه إن كان له مساعدون .
و في كل هذا يختلف قضاة النيابة عن قضاة الحكم ، فقضاة النيابة (القضاء الواقف ) يخضعون بصفة قانونية إلى رؤسائهم وفقا للقانون فوكيل الجمهورية يخضع إلى النائب العام لدى المجلس و المساعدون هم أيضا يخضعون إلى النائب العام بالمجلس ، و هذا الأخير أي النائب العام يخضع إلى وزير العدل حامل الأختام و الذي يسوغ له أن يخطر النائب العام بالجرائم المتعلقة بقانون العقوبات .
أما القضاة الحكم فليس لهم هذا الخضوع التدريجي أو التبعية التدريجية لرؤسائهم فهم لا يخضعون لأي نوع من الرقابة الفنية من أي شخص كان سوى رقابة ضمائرهم و احترام القانون و عدم الخروج عن قواعده و مبادئه .
يبدو أن الحكمة و الفائدة المرجوة من هذه التبعية التدريجية هو تسهيل عمل القضاة النيابة العامة عندما تطرح عليهم مشاكل عويصة قد تحتاج إلى استشارة رؤسائهم فيها و لهذا فكل أعضاء النيابة على مستوى كل من المجلس القضائي و المحاكم يستشيرون النائب العام لدى المجلس ، و هذا الأخير يستشير الوزير في شأن قضايا الهامة أو العويصة التي تعترضهم أثناء تأدية وظيفتهم .
الفرع الثاني : عدم القابلية للتجزئة.
و معنى عدم القابلية للتجزئة فإن أعضاء النيابة العامة يعتبرون وحدة لا تتجزأ ، فهي جهاز متكامل ، فتصرفات أي عضو من أعضاء النيابة العامة لا تنسب إليه وحده ، بل إلى جهاز النيابة كلها ، و أن أي عضو من أعضاء النيابة العامة يمكنه أن يحل محل أي عضو آخر في تصرفاته القضائية ، فالدعوى الواحدة قد يتعدد أعضاء النيابة في مباشرتها، فقد يشرف أحدهم على التحقيق أو يكمله و يجري المعاينة ثالث ، و يتصرف الرابع في التحقيق و يرافع في نفس الدعوى عضو خامس ، و هكذا دواليك.
غير أن عدم تجزئة النيابة العامة هذه ترد عليها قيود أساسية و هي أن العضو الذي يحل مكان العضو الآخر يجب أن يكون هو أيضا مختصا نوعيا و محليا ، لأن وجوب مراعاة الاختصاص المحلي و النوعي شرط لابد منه في حلول أعضاء النيابة العامة مكان أعضاء آخرين في نفس القضايا .
الفرع الثالث : استقلال النيابة العامة.
إن النيابة العامة و هي تباشر الدعوى العمومية ، هدفها في ذلك هو سلامة المجتمع و المحافظة على كيانه ، و السهر على تطبيق القانون تطبيقا سليما ، لأنها تباشر الدعوى العمومية باسم المجتمع و لصالحه فكان من الآزم أن يكفل لهذا الجهاز كل الحرية في العمل و ذلك بالاستقلال عن باقي الأجهزة الأخرى داخل الدولة ، كي تستطيع النيابة العامة القيام بواجبها أحسن قيام و دون تأثير عليها أو التحكم في تصرفاتها أو توجيهها وجهة معينة : فإن النيابة و هي تباشر الدعوى العمومية فإنها لا تخضع إلا لسلطات الضمير و القانون و تطبيق قواعده على أحسن وجه و لا تخضع إلا لاعتبارات الصالح العام للمجتمع و بالتالي فالنيابة العامة جهاز مستقل استقلالا تاما عن قضاء الحكم . فلا تخضع النيابة العامة أيضا للسلطة التشريعية ، فهي مستقلة عنها تمام الإستقلال إلاّ في الدول التي تنتهج فكرة وحدة السلطات و تركيزها في يد الهيئة الشعبية إن وجدت .
الفرع الرابع : عدم مسؤولية النيابة العامة.
إن النيابة لا تسأل عن الأعمال التي تقوم بها بخصوص الدعوى العمومية من تحقيق أو اتهام ، فليس للمتهم الحق في أن يطالب النيابة العامة بالتعويض إذ ما قضي ببراءته من التهمة الموجهة إليه ، على أساس أن مباشرة النيابة لإجراءات الاتهام أو التحقيق إنما هو استعمال لسلطاتها المخولة لها بمقتضى القانون ، و ممارسة هذه السلطة بسبب من الأسباب الإباحة و أداء الواجب ، كما أن النيابة العامة و هي ترعى المصالح العليا للمجتمع فلا يجوز بالتالي مساءلتها عن الأعمال التي تقوم بها كالقبض و التفتيش في حدود القانون و داخل العدالة .
غير أن قاعدة عدم مساءلة النيابة ليست مطلقة دون قيد أو شرط ، بل أوجب المشرع لكي تكون أعمال النيابة سببا للإباحة أوجب أن تكون هذه التصرفات طبقا للحدود التي رسمها القانون و مطابقة تماما لمبدأ العدالة و عدم تجاوز السلطة . فالموظف العام أو عضو النيابة قد يكون محل مساءلة تطبيقا للقواعد العامة ، إذا صدر منه ، أثناء عمله ، غش ، أو تدليس ، أو غدر ، أو خطأ مهني جسيم .
الفرع الخامس : عدم قابلية أعضاء النيابة للرد في الجزائي.
و بناءا على أن النيابة العامة خصم في الدعوى العمومية فلا يجوز للخصم أن يردّ خصمه ، إذ تنص المادة 555 من ق.إ.ج على "أنه ، لا يجوز رد رجال القضاء أعضاء النيابة العامة . أما إذا كانت النيابة العامة خصما منضما في الدعوى و لا سيما في القضايا ذات المهمة الاستشارية ، فقد أجاز القانون لأحد الأطراف ، عند الحاجة ، أن يطلب رد ممثل النيابة العامة إذ كان طلبه مؤسسا و له ما يبرره قانونا .



المبحث الثاني : سلطات النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية والطعن في الأحكام وتنفيذها.
متى وقعت الجريمة كان للنيابة العامة حق تحريك الدعوى وتوجيه الاتهام للوصول إلى محاكمة المتهم والمقترف للجريمة.
والقاعدة العامة أن النيابة العامة هي صاحبة حق رفع الدعوى العمومية لأنها تمثل سلطة الاتهام وتنوب عن المجتمع في استعمال حق المتابعة والمطالبة بتطبيق القانون وتطبيق العقوبة المنصوص عليها فيه، غير أن هذه القاعدة يشملها استثناءان هما:
1- حق الضحية أو الطرف المضرور في رفع الدعوى للمطالبة بالتعويض.
2- الحصول على إذن وتقديم شكوى أو طلب في الدعاوي الخاصة التي يشترط فيها القانون هذا النوع من الاجراءات حتى تستطيع النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها أمام قضاء الحكم، ويضل حق الاتهام في حالة سكون حتى تستعمله النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية، وهو العمل الإفتتاحي للخصومة الجنائية.
- ويتم تحريك الدعوى أمام قضاء التحقيق تمهيدا لرفعها أمام المحكمة المختصة بعد إجراء التحقيق، أو يتم مباشرة أمام قضاء الحكم.
المطلب الأول : تحريك الدعوى العمومية أمام قضاء التحقيق.
تنص المادة 36/1 من قانون الاجراءات الجزائية على مايلي:" ويبلغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة لكي تنظر فيها أو تأمر بحفظها بقرار قابل دائما للإلغاء، أي أن النيابة العامة يمكنها أن تقوم بتحريك الدعوى العمومية وذلك بتبليغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق حول الجناية أو الجريمة المرتكبة، وتسند إلى قاضي التحقيق مهمة إجراء البحث و التحري للوصول إلى المجرم الحقيقي".
وتنص المادة 66 من قانون الاجراءات الجزائية على أن: " التحقيق الابتدائي وجوبي في مواد الجنايات أما في مواد الجنح فيكون اختياريا ما لم يكن ثمة نصوص خاصة".
كما يجوز إجراؤه في مواد المخالفات إذا طلبه وكيل الجمهورية، وعلى هذا الأساس فإن النيابة العامة يمكنها تحريك الدعوى العمومية عن طريق قضاء التحقيق خصوصا في القضايا الجنائية لأن التحقيق الابتدائي وجوبي بنص القانون (المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية) في مواد الجنايات و جوازي، أو اختياري في مادتي الجنح والمخالفات وذلك وفقا لما تراه النيابة العامة.
وتحريك النيابة العامة للدعوى العمومية عن طريق قضاء التحقيق قد يكون طلب إجراء التحقيق موجها ضد شخص معين بالذات، وقد يكون ضد فاعل مجهول أصلا، ولهذا تنص المادة 67/2 من قانون الإجراءات الجزائية على :" ويجوز أن يوجه الطلب ضد شخص مسمى أو غير مسمى".
ولا يجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيقا إلا بموجب طلب من وكيل الجمهورية.
المطلب الثاني : تحريك الدعوى العمومية أمام قضاء الحكم مباشرة.
لا يتسنى تحريك الدعوى العمومية مباشرة أمام المحكمة إلا في الجنح والمخالفات ويعرف بالاستدعاء المباشر للمثول أمام المحكمة الجزائية ويتم بواسطة الاستدعاء المباشر أي التكليف بالحضور للمحاكمة وتعيين النيابة العامة تاريخ الجلسة لجميع الأطراف ويرسل ملف الدعوى إلى المحكمة المختصة للبث فيه طبقا للمادة 333 من قانون الإجراءات الجزائية، أو بحضور أطراف الدعوى بإرادتهم بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 334 من ق.إ.ج وأما تطبيق إجراء التلبس بالجنحة المنصوص عليه في المادة 338 من قانون الاجراءات الجزائية وما بعدها، ولهذا تنص المادة 338 من قانون الإجراءات الجزائية على أن ترفع إلى المحكمة الجرائم المختصة بنظرها إما بطريق الإحالة إليها من الجهة القضائية المنوط بها إجراء التحقيق وإما بحضور أطراف الدعوى بإرادتهم بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 334، وإما بتكليف بالحضور يسلم إلى المتهم وإلى الأشخاص المسؤولين مدنيا عن الجريمة، وإما بتطبيق إجراء التلبس بالجنحة المنصوص عليه في المادة 338 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثالث : مباشرة الدعوى العمومية.
لا يتضمن حق النيابة العامة في حفظ الدعوى العمومية للأسباب السالف ذكرها، أو تحريك الدعوى العمومية أمام القضاء، بل للنيابة العامة بالإضافة إلى ذلك حق مباشرة الدعوى العمومية واستعمال حق المجتمع الذي تمثله و تباشر الدعوى أمام القضاء، وذلك عن طريق إبداء طلباتها أمام الهيئة القضائية التي تفصل الدعوى، تأسيسا على أن النيابة العامة هي التي تسهر على تطبيق القانون بصفة صارمة وموضوعية، وحق النيابة العامة هذا في مطالبتها بتطبيق القانون يكون لها حتى في القضايا التي يحركها المدعى المدني أو في القضايا التي يحركها رؤساء الجلسات في جرائم الجلسات، في القضايا التي يتوقف تحريكها على تقديم شكوى أو طلب أو الحصول على إذن، بحيث أن النيابة العامة تبدي طلباتها أمام الجهة القضائية وأثناء الجلسة وفقا للمادة 36/4 من قانون الإجراءات الجزائية.
وحق مباشرة الدعوى العمومية ملك للنيابة العامة وحدها، وعند مباشرتها لا تملك النيابة العامة أن تتنازل أو تتراجع عن هذا الحق وباختصار لا تملك النيابة التنازل عن الدعوى العمومية أو ترك الدعوى، لأن النيابة العامة تمثل المجتمع وتنوب عنه في المطالبة بتطبيق القانون بكل صرامة وإنزال العقوبات منازلها وقطع دابر المعتدين، وليس للنيابة حق التنازل عن الدعوى.
المطلب الرابع : تقييد حق النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية .
الأصل في تحريك الدعوى العمومية ورفعها ومباشرتها أنه من اختصاص النيابة العامة فتنص المادة 29/1 من ق.إ.ج :" تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطالب بتطبيق القانون"، إلا أن القانون لم يطلق يد النيابة بصفة مطلقة خالية من كل قيد، فيقيدها أحيانا من حيث سلطتها في تحريك الدعوى العمومية، فيغل يدها لحين رفع القيد عنها بتقديم الشكوى أو الطلب أو الإذن، وهي قيود لا تتعلق إلا بحق النيابة العامة في المبادرة باتخاذ الإجراء الأول وهو تحريك الدعوى العمومية فتطلق يدها في متابعة بقية الإجراءات التي تتطلبها الدعوى العمومية التي أقامتها بمجرد رفع القيد هذا من جهة ومن جهة أخرى أنها قيود يترك أمر تقييدها للمجني عليه أو الجهة التي خولها القانون الحق في رفع القيد بتقديم شكوى أو طلب أو إذن، وتنحصر هذه الصلاحية فقط في عدم إعطاء الضوء الأخضر للنيابة لإطلاق يدها في الإجراءات ولا يتعداه بعد ذلك عند رفع القيد بتقديم الشكوى أو الطلب أو الإذن في المشاركة في إجراءات مباشرة الدعوى.
الفرع الأول: الشكوى.
الشكوى إجراء يباشره المجني عليه أو وكيل خاص عنه، يطلب فيه من القضاء تحريك الدعوى العمومية في جرائم معينة يحددها القانون على سبيل الحصر لإثبات مدى قيام المسؤولية الجنائية في حق المشكو في حقه، ويرجع أساس تقرير هذا القيد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية للمصلحة المحمية قانونا والمراد تحقيقها من عدم السير في الإجراءات، حيث يعلق المشرع هذه الحرية في السير في الإجراءات بوجوب حصول النيابة العامة على شكوى من المجني عليه، فإذا رأى هذا الأخير التقاضي من المتابعة بشأن الجريمة التي وقعت عليه أو ضد حق من حقوقه بعدم تقديمه الشكوى، فلا يجوز لها تحريكها لأن مسألة مراعاة المصلحة العامة وتقديرها في هذا النوع من الجرائم ترك أمره للمجني عن طريق موازنته بين تقديم الشكوى وتحريك الدعوى، وبين عدم تقديمها وبالتالي عدم تحريكها، فرأى المشرع أن تحقيق مصلحة المجني عليه في عدم تحريك الدعوى أولى بالرعاية والحماية ويحقق المصلحة العامة لأنها أقل إضرارا بها مما لو أثير أمرها امام القضاء، وعليه فإن العلة من القيد هو الحرص على سمعة الأسرة واستبقاء للصلات الودية القائمة بين أفرادها والتستر على أسرارها حفاظا لسمعتها وكرامتها لأن تحقيق المصلحة الإجتماعية مرهون بتحقيق مصالح الأسرة لأن روابطها ومصالحها وحمايتها يعد حماية للمجتمع بأسره، لأن الأسرة تعتبر النواة الأولى في المجتمع.
وإذا كانت الشكوى إذن هي ذلك العمل الذي يطلب بواسطته المجني عليه من الجريمة التي تقيد النيابة العامة بشأنها – وهي جرائم محددة على سبيل الحصر – أو من وكيله الخاص، يطلب فيه تحريك الدعوى العمومية للإثبات المسؤولية الجنائية وتوقيع العقاب على المشكو منه، فإن القانون لم ينص على وجوب إفراغها في شكل معين، وعليه تطبيقا للقواعد العامة يجب أن يبدي الشاكي رغبته في متابعة الفاعل من الجريمة التي ألحقت به ضررا ، أي يمكن أن تتم الشكوى في أي صورة تعبر عن الرغبة في المتابعة من الجريمة المشمولة بالقيد، وبالتالي يستوي أن تكون الشكوى كتابة أو شفاهة يدلي بها المجني عليه أو وكيله الخاص أمام أي جهة مختصة كضباط الشرطة القضائية ووكيل الجمهورية أو أي من رجال السلطة العامة المتواجد بمكان ارتكاب الجريمة، فتدل على إرادته ورغبته في تحريك الدعوى العمومية ضد المتهم المشكو ضده.
الفرع الثاني : الطلب.
الطلب بلاغ مكتوب يقدمه موظف يمثل هيئة معينة، مثلا كوزير الدفاع ممثلا لهيئة الدفاع الوطني للنيابة العامة، لكي تحرك الدعوى العمومية ضد شخص ارتكب جريمة أو جرائم يشترط القانون لتحريك الدعوى العمومية بشانها تقديم طلب منه، ويهدف الطلب إلى محاكمة الجاني وعقابه، ويجب أن يكون هذا المعني واضحا أو مستفادا من عبارات الطلب لأن استهداف الطلب غاية أخرى محاكمة الجاني وعقابه لا يوصف بالطلب بل يمكن اعتباره بلاغا، ولا يعتبر قيدا على النيابة العامة في تحريك الدعوى، ولا يعيد لها حريتها في تحريك الدعوى العمومية، حتى قيدت بوجوب الحصول على طلب من جهة معينة.
وفي الجرائم المعنية بقيد الطلب ينص قانون العقوبات على الجنايات والجنح التي يرتكبها متعهدو التوريد للجيش الوطني الشعبي لا يجوز تحريك الدعوى العمومية بشأنها إلا بناءا على طلب يقدمه وزير الدفاع إلى النيابة العامة لرفع القيد من حريتها في تحريك الدعوى العمومية فتنص المادة 164 من ق.ع.ج على أته :" وفي جميع الأحوال المنصوص عليها في هذا القسم لا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناءا على شكوى من وزير الدفاع الوطني".

الفرع الثالث: الإذن.
الإذن رخصة مكتوبة صادرة من هيئة محددة قانونا تتضمن الموافقة أو الأمر باتخاذ إجراءات المتابعة في مواجهة شخص ينتمي إليها ويتمتع بحصانة قانونية بوجه عام، وهو يختلف عن الطلب رغم أنهما يصدران عن هيئة أو سلطة عامة بصورة مكتوبة في أنه لا يتضمن المطالة بمحاكمة المتهم وتوقيع العقاب عليه وإنما هو مجرد ترخيص منها للسير في الإجراءات في مواجهة المأذون ضده وهو يختلف عن الشكوى التي يشترط فيها شكلا معينا تفرغ فيه، بالإضافة إلى أن الإذن بخلافهما -أي الشكوى والطلب- لا يجوز التنازل عنه ابتدءا، فتنص المادة 147 من الدستور " لا يخضع القاضي إلا للقانون" وفصلت المواد 573-581 من ق.إ.ج أحكام هذه الحصانة فحددت أحكامها، وتنص المادة 109/1 من دستور 1996"الحصانة النيابية معترف بها للنواب وأعضاء مجلس الأمة مدة نيابتهم ومهمتهم البرلمانية".
والملاحظ أن مجال الإذن يقتصر على بعض الجرائم التي تقع من أشخاص يشغلون مناصب ومراكز خاصة أو يتمتعون بصفة نيابية أو برلمانية مما يطفي عليه حصانة دستورية وقانونية، وهي حصانة إجرائية يقصد بها إحاطة هؤلاء الأشخاص بسياج من الضمانات تضمن لهم أداء مهمتهم بغير خشية من اتهام ظالم، مما قد يعرض اتخاذ بعض الإجراءات المقيدة لحريتهم كالحبس المؤقت والقبض والتفتيش، ويستفيد من هذه الحصانة الإجرائية المقررة، البرلمانيون في البرلمان في المجلسين- الشعبي الوطني والأمة-، وكذلك رجال القضاء.
المطلب الخامس : الطعن في القرارات والأحكام القضائية.
تنص المادة 36/5 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي: "ويطعن رأي عضو النيابة عند الاقتضاء في القرارات التي تصدرها الجهات القضائية بكافة طرق الطعن القانونية".
ولهذا فإن النيابة العامة بصفتها سلطة اتهام لها الحق في أن تطعن في القرارات القضائية، سواء منها التي يصدرها قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام إذا قضت هذه الجهة القضائية بأن لا وجه للمتابعة أو قضت بالإفراج المؤقت عن المتهم المحبوس احتياطيا.
وينظر الطعن باستئناف أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام بالمجلس القضائي كما ينظر الطعن ببطلان إجراءات وقرارات غرفة الاتهام أمام المجلس الأعلى.
أما الطعن في الأحكام القضائية فيكون عن طريق الاستئناف أمام المجلس القضائي في الأحكام الابتدائية الجزائية بواسطة وكيل الجمهورية وإما عن طريق الطعن فيها بالنقض أمام المجلس الأعلى بواسطة النائب العام لدى المجلس الذي أصدر القرار المطعون فيه بالنقض.
المطلب السادس : تنفيذ القرارات والأحكام القضائية.
تطبيقا لنص المادة 36/6 من قانون الإجراءات الجزائية فإن النيابة العامة تعمل على تنفيذ قرارات التحقيق وجهات الحكم. فالأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق فيما يخص إحضار المتهم أو القبض عليه أو الأمر بإيداعه السجن فإن القانون ينص على أن يكلف وكيل الجمهورية بتنفيذها، كما أنه يكلف بما تصدره غرفة الاتهام من قرارات بخصوص الإفراج عن المتهم السجين أو القبض على المتهم الطليق.
كما يعمل وكيل الجمهورية على تنفيذ الأحكام النهائية على الوجه المبين في القانون ويستعين على تنفيذ الأحكام القضائية النهائية بالقوة العمومية وبمأموري الضبط القضائي.
وبناءا على ما تقدم يتضح عمل النيابة العامة واختصاصها كسلطة اتهام، وبعد ذلك يجوز أن نشير إلى التعريف باختصاصات النيابة العامة (وكيل الجمهورية) كسلطة تحقيق، ثم حق النيابة في إصدار الطلبات لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق افتتاحي، وحقها في تنحية قاضي التحقيق، واختصاصاتها الأخرى حسب قانون الإجراءات الجزائية.
المبحث الثالث : النيابة ودورها في التحقيق.
الجدير بالذكر أن التحقيق الابتدائي عملية إجرائية العرض منها هو أن يقف المحقق موقف الفصل في التنازع المعروض عليه من اجل الكشف عن الحقيقة وتطبيق القانون تطبيقا سليما مع مراعاة الحياد التام والنزاهة ولهذا استندت معظم التشريعات الحديثة مهمة التحقيق إلى جهات التحقيق لما يتوفر فيها من حياد واستقلال وتأمين، والغرض الأساسي من الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق هو أن يسند التحقيق إلى أيادي أمينة ومحايدة بعيدة عن الأهواء، وأن تتولاه سلطة مستقلة، والمشرع الجزائري قد أعطى النيابة العامة بالإضافة إلى كونها سلطة اتهام، حق إجراء تحقيق ابتدائي طبقا لقانون الإجراءات الجزائية (المواد 57، 58، 59 من ق.إ.ج)، وهذه المواد هي اختصاصات استثنائية، والاستثناء يحفظ لا يقاس عليه، وهي اختصاصات ضيقة جدا فلا يمكن التوسع فيها كثيرا، وأن هذا الاستثناء يكون فقط في حالات التي تتطلب السرعة القصوى حفاظا على حقوق المتقاضين وحرياتهم، وعند استقرائنا للمواد والنصوص الخاصة بالتحقيق في قانون الإجراءات الجزائية نجد أن للنيابة العامة دور هام وخطير في نفس الوقت ولها سلطة استجواب المتهم في الجنايات المتلبس بها، كما لها حبسه احتياطيا وفقا للمادة 59/2 وسلطة إصدار طلب لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق افتتاحي أواتخاذ إجراءات معينة أو تكميلية في التحقيق، ولها حق تنحية قاضي التحقيق أو استبداله بقاضي آخر، كما لها سلطة إصدار الأمر بالإحضار أو بالقبض.
ولبيان ذلك نشرح بإيجاز سلطات النيابة العامة في هذا المجال كي ينجلي الغموض وتتوضح هذه الاختصاصات المخولة لها والتي تنقسم إلى السلطات التالية:
- سلطة إدارة التحقيق.
- سلطة مراقبة التحقيق.
- سلطة إصدار الأمر بالإحضار أو القبض.
- استجواب المتهم وحبسه احتياطيا في الجنايات أو الجنح المتلبس بها.
المطلب الأول: حق النيابة العامة في تعيين أوتنحية قاضي التحقيق.
الفرع الأول: سلطة النيابة العامة في تعيين قاضي التحقيق.
تنص المادة 67/1 من ق.إ.ج، على أنه :" لايجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيقا إلا بموجب طلب من وكيل الجمهورية لإجراء التحقيق حتى لو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس فيها..."، ويجوز أن يوجه الطلب الافتتاحي بإجراء التحقيق ضد أحد الأشخاص المعينين أو قد يكون ضد شخص مجهول وقد خول قانون الإجراءات الجزائية سلطات واسعة لقاضي التحقيق في إجراء التحقيق والمتابعة، وسلطة إتهام محل شخص يشتبه فيه أو ساهم فاعلا أو متواطئا أو شريكا في الجرائم المحال لتحقيقها إليه، فإذا وصلت لعلم قاضي التحقيق وقائع لم يشر إليها الطلب الافتتاحي بإجراء تحقيق وجب عليه أن يحيل هذه المعلومات أو الشكاوي أو المحاضر المثبتة لتلك الوقائع إلى وكيل الجمهورية، وتنص المادة 70 من قانون ق.إ.ج على أنه: " إذا وجد بإحدى المحاكم عدة قضاة تحقيق فإن وكيل الجمهورية يعين لكل تحقيق قاضي الذي يكلف بإجرائه".
الفرع الثاني: سلطة النيابة العامة في تنحية قاضي التحقيق.
تنص المادة 71 من ق.إ.ج، ولضمان حسن سير العدالة، وبطلب من المتهم أو المدعي المدني يمكن لوكيل الجمهورية تنحية قاضي التحقيق عن الدعوى لقاضي آخر من قضاة التحقيق وعلى وكيل الجمهورية أن يثبت في هذا الطلب خلال ثمانية 8 أيام ويكون قراره غير قابل لأي طعن.
وتنحية قاضي التحقيق هنا مشروطة لحسن سير العدالة ولضمان حياد قاضي التحقيق ولهذا يجب على وكيل الجمهورية أن يفحص طلب التنحية فحصا جيدا بحيث تكون أسباب طلب التنحية منطقية وقانونية وليس الغرض منها التعسف في استعمال هذا الحق كما أن حق النيابة في تنحية قاضي التحقيق جوازي في حالة ما إذا رأت طلب التنحية سواء من المتهم أو من المدعي المدني غير مؤسس.
وبالرغم من أن لوكيل الجمهورية الحق في تعيين لكل القاضي الذي يكلف بإجرائه ويجوز له سواء في طلبه الإفتتاحي لإجراء التحقيق أوطلب إضافي في أية مرحلة من مراحل التحقيق أن يطلب من القاضي المحقق كل إجراء يراه لازما لإظهار الحقيقة، كما يجوز له تنحيته بطلب من المتهم أو المدعي المدني، ولكن ليس للنيابة الحق في توجيه التحقيق وجهة معينة أثناء التحقيق أو تملي عليه فكرة ما مهما كانت الظروف أو الدواعي، وإذا رأى قاضي التحقيق أنه لا موجب اتخاذ الإجراءات المطلوبة منه فبتعين عليه أن يصدر قرارا مسببا خلال الأيام الخمسة التالية بطلب وكيل الجمهورية ( المادة 69/3 من ق.إ.ج) وليس لوكيل الجمهورية سلطة اللوم أو الاعتراض عن ذلك بل له أن يطعن تلك القرارات بالاستئناف أمام غرفة الاتهام بالمجلس التابعة له المحكمة التي يباشر فيها وظيفته.
الفرع الثالث :سلطة النيابة في إصدار طلبات إضافية لفائدة التحقيق.
إن المادة 69 من ق.إ.ج تنص على أنه: " يجوز لكل وكيل جمهورية سواء في طلبه الافتتاحي لإجراء التحقيق أو بطلب إضافي في أية مرحلة من مراحل التحقيق أن يطلب من القاضي المحقق كل اجراء يراه لازما بإظهار الحقيقة" .
ويجوز له في سبيل هذا الغرض للإطلاع على أوراق التحقيق على أن يعيدها في ظرف ثمانية وأربعون ساعة، وإذا رأى قاضي التحقيق على أنه لا موجب لاتخاذ الإجراءات المطلوبة منه فيتعين عليه أن يصدر قرارا مسببا خلال الأيام الخمسة التالية لطلب وكيل الجمهورية.
إن طلب وكيل الجمهورية الإضافي للقاضي المحقق يجب أن يكون الغرض منه إظهار الحقيقة ولفائدة العدالة، سواءا أكان لمصلحة المتهم أو الضحية أو المدعي المدني، المهم أن يكون هذا الإجراء لازما لإظهار الحقيقة، وأنه جوازي، فقد يكون عند الاقتضاء إجحافا للحق وانصافا لأطراف الخصومة.
وليس لقاضي التحقيق أن يقوم بهذا الإجراء الإضافي في جميع الحالات، بل إذا رأى أنه لا موجب لاتخاذ الاجراءات المطلوبة منه فيتعين أن يصدر قرارا مسببا خلال الأيام الخمسة التالية لطلب وكيل الجمهورية وفقا للمادة 69/3 من ق.إ.ج.
المطلب الثاني: سلطة النيابة في الإشراف على التحقيق.
بالإضافة إلى سلطة النيابة في إدارة التحقيق، فإن المشرع قد خول لها سلطة الإشراف المستمر على التحقيق ودلك وفقا للمواد : 79، 106، 175 من ق.إ.ج.
الفرع الأول: الإطلاع على ملف التحقيق.
ولحسن سير العدالة يجوز لوكيل الجمهورية الإطلاع على أوراق التحقيق في أية مرحلة من مراحل التحقيق على أن يعيدها للقاضي المحقق في ظرف أربع وعشرون 24 ساعة، وذلك كي يتسنى له أن يصدر طلبات إضافية أو كل إجراء يراه لازما لإظهار الحقيقة.
الفرع الثاني : الانتقال إلى مكان الجريمة مع قاضي التحقيق.
وقد نصت المادة 79 من ق.إ.ج على أنه: " يجوز لقاضي التحقيق الانتقال إلى مكان الجرائم لإجراء جميع المعاينات اللازمة أو القيام بتفتيشها ويحضر بذلك وكيل الجمهورية الذي له الحق في مراقبته، ويستعين قاضي التحقيق دائما بكاتب التحقيق ويحرر محضرا يقوم به من إجراءات.
ولا ينتقل قاضي التحقيق إلى دوائر اختصاص المحاكم المجاورة للدائرة التي يباشر فيها وظيفته للقيام بإجراءات التحقيق الضرورية و اللازمة إلا بعد إخطار وكيل الجمهورية بمحكمته وفقا للمادة 80 من ق.إ.ج.
الفرع الثالث: حضور استجواب المتهم.
يجوز لوكيل الجمهورية حضورا استجواب المتهمين ومواجهتهم وسماع أقوال المدعي المدني ويجوز له أن يوجه مباشرة ما يراه لازما من الأسئلة، ويتعين على كاتب الضبط التحقيق في كل مرة يبدي فيها وكيل الجمهورية لقاضي التحقيق رغبته في حضور الاستجواب أن يخطره بمذكرة بسيطة قبل الاستجواب بيومين على الأقل (المادة 106 من ق.إ.ج).
المطلب الثالث :سلطة النيابة في طلب إعادة التحقيق لظهور أدلة جديدة.
لقد خول المشرع الجزائري للنيابة العامة وحدها حق طلب إعادة التحقيق لظهور أدلة جديدة، وذلك وفقا للشروط القانونية الواردة في المادة 175 من ق.إ.ج والتي تنص على أنه: "... المتهم الذي صدر بالنسبة إليه أمر من قاضي التحقيق بألاّ وجه للمتابعة، لا يجوز متابعته من أجل الواقعة نفسها ما لم تطرأ أدلة جديدة...."
وتعد أدلة جديدة أقوال الشهود والأوراق والمحاضر التي لم يكن عرضها على قاضي التحقيق تمحيصها ومن شأنها تعزيز الأدلة التي سبق أن وجدها ضعيفة، وأن من شأنها أن تعطي الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة والنيابة العامة وحدها تقرير ما إذا كان ثمة محل لطلب و إعادة التحقيق بناءا على الأدلة الجديدة أم ليس هناك محل لطلب إعادة التحقيق بناءا على الأدلة الجديدة.
وبناء على ما تقدم فإن للنيابة العامة وحدها تقرير ما إذا كان هناك ما يبرر طلب إعادة التحقيق من جديد وبناءا على ظهور أدلة جديدة لم تكن قد عرضت على قاضي التحقيق وتم فحصها فحصا جيدا ودقيقا لإظهار الحقيقة.
المطلب الرابع: حق النيابة في استئناف أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام.
من السلطات التي أعطاها المشرع للنيابة العامة في خصوص مراقبة سير التحقيق هو حق استئناف أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام، إذ تنص المادة 170 من ق.إ.ج على أن: " يكون لوكيل الجمهورية الحق أن يستأنف أمام غرفة الاتهام جميع أوامر قاضي التحقيق..."
ويكون هذا الاستئناف بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة ويجب أن يرفع في خلال 3 أيام من تاريخ صدور الأمر، ومتى رفع الاستئناف من النيابة العامة بقي المتهم محبوس احتياطيا في حبسه حتى يفصل الاستئناف ويبقى كذلك في جميع الأحوال إلى حين انقضاء ميعاد استئناف وكيل الجمهورية إلا إذا وافق وكيل الجمهورية على الإفراج عن المتهم في الحال.
وتنص المادة 171 من ق.إ.ج على أنه: " يحق الاستئناف أيضا في جميع الأحوال ويجب أن يبلغ استئنافه للخصوم خلال العشرين يوما التالية لصدور أمر قاضي التحقيق، ولا يوقف هذا الميعاد و لا رفع الاستئناف بتنفيذ الأمر بالإفراج المؤقت، والجديد بالملاحظة في هذا الصدد فإنه بالرغم من السلطات المخولة للنيابة في شأن إدارة التحقيق ومراقبته فإنها لا تملك أن توجه تعليمات معينة لقاضي التحقيق في شأن السير بالتحقيق وجهة معينة بل فإن قاضي التحقيق لا يخضع في هذا المجال إلا للضمير والقانون، فهو يستطيع وبكل حرية أن يسير بالتحقيق في الاتجاه الذي يراه صالحا لإظهار الحقيقة وله أن يصدر الأوامر التي يراها ملائمة في القضية وعلى النيابة أن تستأنف أمام غرفة الاتهام أو أوامر قاضي التحقيق وهو الحق الذي أعطاه إياها المشرع الجزائري وفقا للمادة 170، 171 من ق.إ.ج، ولكن ليس لها الحق أن توجهه وأن تفرض عليه أسلوبا معينا في سير التحقيق.


































الفصل الثالث : سلطات وكيل الجمهورية الأخرى والاستثنائية.
إن دور السيد وكيل الدولة في مجال الجرائم المشهودة أو المتلبس بها هو دور هام لا يستهان به، ولا يقل أهمية عن دوره الذي يلعبه في مجال الجرائم الأخرى، وذلك نظرا إلى أنه شخص يجمع وظيفة الاتهام من جهة ووظيفة التحقيق من جهة أخرى، إذن فهو وحده الذي له سلطة متابعة المجرمين وتحريك الدعوى العمومية ضدهم دون باقي قضاة المحكمة، وهو وحده الذي خوله القانون إلى جانب ذلك سلطة ممارسة بعض الأعمال في التحقيق سواء بنفسه أو بواسطة ضباط الشرطة القضائية الذين يخضعون بحكم القانون إلى سلطته، وأجاز له إصدار أوامر الإحضار، وأوامر الإيداع في السجن، كما يسمح له دون غيره بالتصريح لضباط الشرطة القضائية بتمديد مدة الاحتجاز إلى أكثر من ثمانية وأربعين ساعة، وكذلك الأمر بتعيين طبيب لفحص أي شخص محتجزا سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد أفراد عائلته الشخص المحتجز لدى الشرطة أو لدى مراكز الدرك الوطني.
لذلك فإننا نعتقد أنه من الأفضل أن نتناول القواعد القانونية التي تحدد وتنظم دور وكيل الجمهورية في مجال الجرائم المشهودة فتخرجها من محيط النصوص المعقدة الجافة، ثم نعرضها في إطار تحليلي مبسط، مقسمين إياها إلى قسمين اثنين هما: قسم القواعد التي تحدد دور وكيل الجمهورية في مجال الجناية المشهودة وقسم القواعد التي تحدد دور وكيل الجمهورية في مجال الجنح المشهودة التي يقرر لها القانون عقوبة الحبس.
المطلب الأول : القواعد التي تنظم دور وكيل الجمهورية في مجال الجناية المشهودة.
تتلخص القواعد التي تنظم دور وكيل الجمهورية في مجال الجناية المشهودة فيما تضمنته المواد: 52،56،57،58 من قانون الإجراءات الجزائية، إذ نصت الفقرة الأخيرة من المادة 52 على أنه يجوز لوكيل الدولة إذا اقتضى الأمر أن يندب طبيبا لفحص المحتجز في أي وقت من المواعيد المنصوص عليها في المادة 51 من ق.إ.ج سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب أحد أفراد عائلة الشخص المحتجز تحت المراقبة، ونصت المادة 56 من ق.إ.ج على أن يقوم وكيل الجمهورية بإتمام جميع أعمال الضبط القضائي المنصوص عليها في هذا الفصل.
كما نصت المادة 57 من ق.إ.ج على أنه يجوز لوكيل الجمهورية أن ينتقل إلى دوائر اختصاص المحاكم المجاورة لمباشرة الإجراءات، ونصت المادة 58 من ق.إ.ج على أنه يجوز لوكيل الجمهورية أن يصدر أمرا بإحضار كل شخص مشتبه في مساهمته في الجريمة واستجوابه فورا.
ومن محاولتنا لتحليل أحكام هذه النصوص، واستخلاص معانيها ثم تبسيطها في عرض مختصر، ولهذا يمكننا أن نبين أهم مهام وكيل الجمهورية في مجال الجناية المشهودة وأن نوجزها في النقاط التالية :
الفرع الأول : تعيين طبيب لفحص الشخص المحتجز لدى الشرطة القضائية.
إذا حصل أن احتجز ضباط الشرطة القضائية شخصا ما، بسبب احتمال مساهمته في جناية مشهودة ورأوا أن إجراءات التحقيق معه ضرورية لإظهار الحقيقة، وأن احتجازه قد يطول لمدة ثماني وأربعين ساعة أو أكثر، فإن لهذا الشخص المحتجز ولأفراد عائلته الحق في أن يطلبوا من وكيل الجمهورية أن ينتدب طبيبا لمعاينة الشخص المحتجز كلما وقع لهم شك في تعذيبه من قبل الشرطة من أجل استنطاقه وانتزاع اعترافاته، أو كلما ظهر لهم أن نفسيته أو صحته لا تمكنه من التعبيرعمن إرادته تعبيرا طوعيا سليما، أو أنهما لا تسمحان باحتجازه لمدة معينة.
ويجوز للمحتجز ولأفراد عائلته ممارسة هذا الحق خلال فترة الاحتجاز كما يجوز لوكيل الجمهورية ممارسة هذا الحق من تلقاء نفسه، حتى ولو لم يطلب منه أحد، وذلك كلما تبينت له أسباب جديدة تستدعي انتداب لطبيب الفحص الشخص الموجود قيد الاحتجاز لدى الشرطة.


الفرع الثاني :إصدار أوامر الإحضار.
لقد ورد النص في الفقرة الأولى من المادة 58 من ق. إ.ج على أنه " يجوز لوكيل الدولة في حالة الجناية المشهودة أن يصدر أمرا بإحضار كل شخص مشتبه في مساهمته في الجريمة إذا لم يكن قاضي التحقيق قد أبلغ بها" ومعنى ذلك أنه إذا وصل إلى علم وكيل الجمهورية وقوع جريمة من الجرائم التي يعتبرها القانون جناية مشهودة أو متلبسا بها، ولم يكن قاضي التحقيق قد أخبر بها بواسطة شكوى مصحوبة بادعاء مدني من قبل شخص يزعم أنه متضرر من هذه الجريمة، أو بواسطة طلب فتح تحقيق رسمي مقدم من قبل ممثل النيابة العامة، فإن وكيل الجمهورية يستطيع في مثل هذه الحالة أن يصدر أمرا بإحضار كل شخص مشتبه فيه ويقوم باستجوابه. أما المفهوم المقابل لمعنى هذا النص فهو أن وكيل الجمهورية لا يستطيع إصدار أي أمر بإحضار شخص مشتبه في أنه ساهم في جنحة مشهودة ولا بإحضار أي شخص مشتبه في مساهمته في جناية مشهودة سبق أن وقع إبلاغ قاضي التحقيق بها، أو طلب منه إجراء تحقيق رسمي بشأنها لأن سلطة الإختصاص بإصدار أوامر الإحضار تنتقل بحم القانون إلى قاضي التحقيق ليمارسها تطبيقا لنص المادة 110 من قانون الإجراءات الجزائية.
وأما ما يفعله بعض وكلاء الجمهورية وبعض قضاة الحكم من إصدار أوامر إيداع شخص في السجن أو القبض عليه لا لشيء إلا أنه متابع من أجل جنحة الامتناع عن دفع نفقة مقررة قضاء لزوجته أو لأولاده، واستدعي إلى الجلسة فتغيب ولم يحضر فإنه إجراء يمكن وصفه بأنه إجراء تعسفي ومخالف للقانون مخالفة صريحة صارخة، وتجاوز للسلطة وربما يعتبر استغلالا لها أيضا و لا يجوز التمادي فيه أو التقليل من آثاره على حريات الأشخاص وكرامتهم.
الفرع الثالث :استجواب المتهم.
عندما تتوفر شروط إصدار أمر بإحضار شخص مشتبه في مساهمته في جناية مشهودة، ويصدر وكيل الجمهورية مثل هذا الأمر، ثم يتم إحضار هذا الشخص – كرها وتقديمه إلى السيد /وكيل الجمهورية، فإنه يتعين عليه أن يقوم على الفور باستجوابه عن هويته وعن وقوع الجريمة وظروفها، ثم عن دوره ومدى مساهمته فيها، وما إذا كان له شركاء في الإعداد لها، أو في تنفيذها إلى غير ذلك. وإذا حصل أن حضر المتهم طوعا امام السيد/وكيل الجمهورية مصحوبا بمحاميه، فإن وكيل الجمهورية لا يجوز له أن يقوم بأي تحقيق مع المتهم في غياب المحامي بل يتعين عليه أن يسمعه ويحقق معه بحضور هذا المحامي الذي رافقه، وبعد الإنتهاء من إجراءات التحقيق يصبح بإمكانه اتخاذ ما يراه مناسبا لإحالة المتهم إلى الجهة القضائية المختصة سواء بمتابعة التحقيق أو بإصدار الحكم، وهذا هو المعنى الذي أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة 58 من ق.إ.ج السابق ذكرها حين نصت على أنّ :" يقوم وكيل الجمهورية فورا باستجواب الشخص المقدم إليه، فإذا حضر ذلك الشخص طوعا ومعه محاميه يستجوب بحضوره ".
الفرع الرابع :الترخيص بتمديد مهلة الاحتجاز.
لقد منحت المادة 51 من ق.إ.ج لضباط الشرطة القضائية سلطة احتجاز كل شخص تقوم حوله الشبهات وتقتضي ظروف الجريمة ضرورة التعرف على هويته والتحقيق معه، بسبب قيام جريمة يعتبرها القانون جناية مشهودة، وذلك لمدة لا يجوز أن تتعدى ثمانية وأربعين ساعة.لكن إذا كانت ظروف وملابسات الجريمة تبدو غامضة أو معقدة، وأن إجراءات التحقيق يمكن أن تطول فيصبح من الضروري الاحتفاظ بالمتهم محتجزا لديهم مدة تفوق الثمانية وأربعين ساعة الممنوحة لهم بحكم القانون، فإنه يتعين عليهم حينئذ تقديم الشخص المحتجز إلى وكيل الجمهورية مرفوقا بملف الإجراءات الأولية التي توصلوا إلى إنجازها، ثم يطلبون منه الترخيص لهم بتمديد مدة الإحتجاز إلى مدة ثمانية وأربعين ساعة أخرى، وهنا يجب على وكيل الجمهورية قبل أن يقرر الترخيص أو عدم الترخيص بتمديد مدة الاحتجاز أن يقوم بالاطلاع على الملف وفحصه، واستجواب المتهم المحتجز حول ظروف الجريمة، وأدلة إسنادها إليه ومدى مساهمته أو عدم مساهمته فيها، وبتقييم دقيق لما أنجز من أعمال وما لم ينجز، ثم يعد ذلك يستطيع أن يرخص للشرطة القضائية بتمديد مدة احتجاز المتهم لمدة 48 ساعة جديدة إذا رأى أن مقتضيات التحقيق تتطلب تمديد مدة الاحتجاز، وذلك بترخيص كتابي على ذيل ورقة طلب التمديد أو في ورقة منفصلة عنه، وإذا كانت الجناية المشهودة المتابع من اجلها الشخص المحتجز هي من الجناية الواقعة على أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، فإن مدة 48 ساعة المقررة قانونا للإحتجاز يمكن أن ترفع إلى مدة تساوي ضعفها، أما إذا رأى وكيل الجمهورية أنه لا توجد دلائل كافية على احتمال مساهمة الشخص المحتجز في الأفعال الجرمية المنسوبة إليه، أو رأى أن الإجراءات التي ما زالت لم تنجز تتعلق بغيره، أو أنها لا تفيد ولا تجدي فإنه ينبغي ألاّ يرخص بتمديد مدة الاحتجاز بل يتعبن عليه إطلاق سراحه والإفراج عنه حالا دون قيد أو شرط ويأمر بمتابعة التحقيق أو يقرر إحالته على المحكمة فورا.
المطلب الثاني:القواعد التي تنظم دور وكيل الجمهورية في مجال الجنح المشهودة.
تتلخص أهم القواعد التي تنظم دور وكيل الجمهورية في مجال الجنح المشهودة فيما تضمنته نصوص المواد "59"، "65"، "117" والفقرة الأولى من المادة 338 من قانون الإجراءات الجزائية، إذ نصت الأولى على أنه: " في حالة الجنحة المشهودة أو في حالة ما إذا كان مرتكب الجنحة لم يقدم ضمانات كافية للحضور، وكان الفعل معاقب عليه بعقوبة الحبس، ولم يكن قاضي التحقيق قد أحظر بالحادث، فإن وكيل الجمهورية يصدر أمرا بإيداع المتهم الحبس، وبعد أن يكون قد استجوبه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه، ثم يحيله فورا إلى المحكمة وفقا لإجراءات الجنح المشهودة، ويحدد لنظر القضية جلسة خلال أجل لا يجوز أن يتعدى ثمانية (08) أيام ابتداءا من تاريخ صدور الأمر".
ونصّت الفقرة الأخيرة من المادة 117 من نفس القانون على أنه:
" يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر إيداع المتهم الحبس ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة: "59" من قانون الإجراءات الجزائية إذا ما رأى أن مرتكب الجنحة لم يقدم ضمانات كافية لحضوره من جديد".
وعليه فإن تحليل نصوص هذه المواد الثلاث المشار إليها يمكن أن يسهل علينا معرفة أهم العناصر الأساسية للدور الفعال الذي يستطيع أن يقوم به وكيل الجمهورية في مجال الجنحة المشهودة أو المتلبس بها، كما يمكن أن يسمح لنا بعرض هذه العناصر على نحو مبسط يمكننا أن نتحدث عنها وفقا للترتيب التالي :
الفرع الأول :استجواب المتهم المحتجز.
بعد أن ينتهي ضباط الشرطة القضائية من إنجاز إجراءات التحقيق اللازمة أو بعد أن تنتهي مدة الإحتجاز الأول أو الممدد ويقوم رجال الشرطة بتقديم الملف إلى وكيل الجمهورية، وقبل أن يصدر هذا الأخير أمر بإيداع المتهم المحتجز الحبس، يتعين عليه أن يقوم هو نفسه باستجواب هذا المتهم وإجراء تحقيق جدي حول هويته، وحول الأفعال المنسوبة إليه، وعن حقيقة الدور الذي يحتمل أن يكون قد لعبه للمساهمة الفعلية في تنفيذ الجنحة أو تسهيلها، أو الترخيص عليها، ولا يكفي مطلقا أن يملأ وكيل الجمهورية ورقة من الأوراق المطبوعة يضمنها عبارة أن المتهم قد اعترف بالأفعال أو بالجريمة المنسوبة إليه، وذلك أن المقصود من إجراء هذا الاستجواب في مجال الجنح المشهودة هو أن يقوم وكيل الجمهورية شخصيا بإجراء تحقيق شامل مفصل حول ظروف قيام جدلية الجنحة وملابستها حول إثبات عناصرها المادية المكونة لها، ومدى إسنادها إلى الشخص المتهم بها، وبيان الوصف القانوني المقرر لها، وهو في الواقع تحقيق لا ينبغي أن يقل كثيرا عماّ يقوم به قاضي التحقيق عندما يطلب منه إجراء تحقيق حول قيام جريمة ما من الجرائم العادية.


الفرع الثاني : سلطة إصدار أمر الإيداع:
لقد تضمنت المادة "59" من قانون الإجراءات الجزائية حالتين اثنتين فقط يمكن لوكيل الجمهورية بسببها إصدار مذكرة إيداع ضد كل شخص قدم إليه على أساس أنه مشتبه فيه بأنه ساهم في ارتكاب الجريمة، وهتان الحالتان هما: حالة القبض على الشخص في جنحة متلبس بها واقتياده إلى السيد /وكيل الجمهورية وحالة ما إذا كان الشخص متهما بارتكاب جنحة عادية معاقب عليها بعقوبة الحبس قد قدم إلى السيد/ وكيل الجمهورية ولم يقدم ضمانات كافية لمثوله من جديد، وأن قاضي التحقيق لم يكن قد أخطر بالحادث.
وعليه فإذا توفرت واحدة من هاتين الحالتين بأن وقع القبض على المتهم وهو متلبسا بالجنحة ثم احضر أمام السيد/وكيل الجمهورية أو عجز عن تقديم ضمانات كافية للمثول من جديد أمام القضاء، فإن وكيل الجمهورية يستطيع أن يصدر أمرا بإيداع المتهم الحبس ريثما تتم إجراءات التحقيق معه .
وتتم إمكانيات إطلاق سراحه أو إحالته على المحكمة المختصة للنظر في قضيته ضمن الأجل القانوني المحدد وخاصة إذا كان أجنبيا يخشى فراره من يد العدالة، أو كان مجرما عاتيا يخشى تأثيره على وسائل إثبات الجريمة.
الفرع الثالث :شروط ممارسة سلطة الأمر بالإيداع.
إن سلطة السيد/ وكيل الجمهورية في إصدار أوامر الإيداع ضد الأشخاص المقدمين إليه بسبب ارتكابهم جنحة مشهودة أو متلبسا بها أو جنحة عادية غير متلبس بها، لم تكن سلطة مطلقة يستطيع أن يمارسها متى شاء، ولا كيف يشاء، بل أنها سلطة مقيدة وموقوفة على ضرورة توفر شروط معينة يمكن أن نوجزها فيما يلي :
أ- أن تكون الجنحة المتابع من أجلها المتهم من الجنح التي يعتبرها القانون جنحا مشهودة، أو ملتبسا بها.
ب- أن تكون الجنحة غير مشهودة ولا متلبس بها، ولكن جنحة يقرر لها القانون عقوبة الحبس ولو مدة بسيطة مع الغرامة أو بدونها .
ج- أن تكون الجنحة غير مشهودة، ولم يكن قاضي التحقيق قد أخطر بها بواسطة شكوى مصحوبة بادعاء مدني تطبيقا لنص المادة "72" من ق.إ.ج ولا بواسطة وكيل الجمهورية تطبيقا لنص الفقرة "01" من المادة "38" من ق.إ.ج ونص الفقرة (01) من المادة 67 من ق.إ.ج.
د- أن تكون الجنحة غير مشهودة وأن يعجز المتهم عن تقديم ضمانات كافية لمثوله أمام القضاء من جديد سواء في مرحلة التحقيق أو في مرحلة الحكم.
لذلك فإن توفر شرط قيام جنحة متلبس بها، أو توفرت شروط جنحة عادية معاقب عليها بالحبس، لم يكن قاضي التحقيق قد أخبر بها، ولم يكن الشخص المقدم إلى السيد/وكيل الجمهورية قد قدم ضمانات كافية لحضوره من جديد، فإن السيد/ وكيل الجمهورية يمكنه عندئذ أن يأمر بإيداعه الحبس فورا ثم يقدمه إلى المحاكمة وفقا لإجراءات الجنح المشهودة، أما إذا لم تتوفر شروط قيام حالة التلبس أو لم تتوفر شروط عدم تقديم الضمانات، عدم إخبار قاضي التحقيق بجنحة عادية معاقب عليها بالحبس مجتمعا، فإنه لا يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر الإيداع ضد أي شخص من أجل اتهامه بجريمة يعتبرها القانون جنحة.
الفرع الرابع: الاستثناء من سلطة الأمر بالإيداع.
إذا كانت الفقرتان الأولى والثانية من المادة 59 من ق.إ.ج قد وضعتا قاعدة عامة لشروط ممارسة وكيل الجمهورية سلطة استجواب وإصدار أمر الإيداع ضد شخص جانح، وحددتا كيفية تقديمه إلى المحكمة، فإن الفقرة الأخيرة من هذه المادة نفسها قد تعرضت إلى النص على حالات خاصة فأخرجتها من إطار هذه القاعدة العامة وقررت استثنائها من تطبيق قواعد إجراءات التلبس ونتائجها فنصت على :" لا تطبق أحكام هذه المادة بشأن جنح الصحافة و الجنح ذات الصبغة السياسية والجرائم التي تخضع للمتابعة عنها إلى إجراءات تحقيق خاصة، أو إذا كان الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجنحة قاصرين لم يكملوا الثامنة عشر من أعمارهم، أو بشأن أشخاص معرضين للحكم عليهم بعقوبة الإبعاد" .
لذلك فإننا وإن كنا نعتقد أن هذا النص واضح بما فيه الكفاية ولا يحتاج إلى توضيح آخر إلا أننا مع ذلك نود أن نشير إلى أن الأشخاص المتهمين بهذه اجرائم لا يجوز لوكيل الجمهورية استجوابهم، ولا الامر بإيداعهم الحبس ولا بإحالتهم إلى المحاكمة وفقا لإجراءات الجنح المشهودة، حتى ولو عجزوا أو امتنعوا عن تقديم ضمانات كافية بحضورهم من جديد أمام القضاء، ذلك لأن الإستثناء الذي تضمنه المادة المشار إليها سابقا هو استثناء عام وشامل، فلم يخصص لحالة معينة بذاتها، وليس لوكيل الجمهورية الذي يقدم إليه شخص متهم بارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم المشار إليها إلا أن يحيله قاضي التحقيق ويطلب منه فتح تحقيق رسمي في الموضوع، أو يحيله إلى المحكمة ويكلفه بالحضور أو اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القوانين الخاصة.
الفرع الخامس :إحالة المتهم على محكمة الجنح.
لقد نصت الفقرة الثانية من المادة 59 من ق.إ.ج على أنه :" يجب على وكيل الجمهورية أن يحيل المتهم فورا إلى المحكمة طبقا لإجراءات الجنح المشهودة ويحدد جلسة للفصل في القضية لا يجوز أن تزيد عن 8 أيام ابتداءا من يوم صدور الأمر بإيداعه الحبس " .
ونصت الفقرة (01) من المادة "338" من ق.إ.ج على أن: " الشخص الذي يقبض عليه في جنحة متلبس بها، أو الذي لم يقدم ضمانات كافية لحضوره من جديد، يحال إلى المحكمة وفقا للمادة "59" من ق إ ج إذا كان قد قدم إلى السيد وكيل الجمهورية ويقر إيداعه الحبس.
ومن دراسة وتحليل هذين النصين يتبين ويتضح لنا أن وكيل الجمهورية لا يمكنه إحالة أي شخص جانح إلى المحكمة وفقا لإجراءات الجنح المشهودة التي تضمنتها المادة 59 من ق.إ.ج في الفقرتين الاولى والثانية إلا إذا توفر شرط قيام حالة التلبس بالجنحة أو توفرت شروط قيام جنحة عادية معاقب عليها بالحبس، لم يكم قاضي التحقيق قد أخطر بها ولم يكن المتهم المقدم إلى وكيل الجمهورية قد قدم ضمانات كافية لحضوره من جديد، وهي في الحقيقة نفس الشروط التي يتطلبها القانون لإمكانية إصدار أمر بإيداع شخص ما الحبس والتي سبق لنا الحديث عنها عندما تحدثنا عن مدى سلطة وكيل الجمهورية في إصدار أوامر الإيداع.
كما يتضح لنا أيضا أنه لا يمكن لوكيل الجمهورية إحالة أي شخص على المحكمة قبل أن يكون قد استجوبه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه وقبل أن يكون أصدر أمرا بإيداعه السجن.
لكن إذا توفرت هذه الشروط فإن السيد وكيل الجمهورية يمكنه حينئذ إحالة المتهم على المحكمة، وتحديد جلسة للفصل في موضوع الدعوى خلال مهلة لا يجوز أن تزيد او تتعدى 8 أيام ابتداءا من صدور أمر الإيداع، وإذا حصل أن تجاوز هذه الشروط عمدا أو خطأ، وقدم المتهم إلى محكمة الجنح دون مراعاتها فإننا نعتقد أن على قاضي الحكم الذي سيتصدى للفصل في الدعوى أن يقرر عدم قبولها كجنحة متلبس بها استنادا إلى تخلف شرط أو أكثر من الشروط الأساسية التي أوجب القانون ضرورة احترامها وألزم وكيل الجمهورية بتطبيقها، كما يجب على وكيل الجمهورية إطلاق سراح المتهم في الحال وإلا اعتبر محبوسا حبسا تعسفيا لأن اغفال مثل هذه الشروط يشكل خرقا للقواعد الجوهرية في الإجراءات.
الفرع السادس: تمديد مهلة الاحتجاز.
من المهام الأساسية التي اقتصر قانون الإجراءات الجزائية على إسنادها إلى وكيل الجمهورية دون سواه في مجال الجنح المشهودة هي مهمة أو سلطة تمديد و تجديد مدة الاحتجاز الذي قام به بتنفيذه ضابط الشرطة القضائية نتيجة وقوع جنحة مشهودة، أو لوقوع جنحة عادية غير مشهودة، وإذا كانت الفقرة الأولى من المادة 51 من ق.إ.ج قد منحت لضباط الشرطة القضائية سلطة احتجاز أي شخص لمدة 48 ساعة على الأكثر بسبب الاشتباه في مساهمته في جناية مشهودة، وأن الفقرة الثالثة منها قد منحت لوكيل الجمهورية سلطة تمديد هذه المدة، فإن الفقرة الأولى من المادة 65 من ق.إ.ج قد منحت هي الأخرى لضباط الشرطة القضائية سلطة احتجاز أي شخص لمدة 48 ساعة كلما تطلبت مقتضيات التحقيق الأولي ذلك، حيث نصت على أنه :" إذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي ضباط الشرطة القضائية إلى أن يوقفوا للنظر شخصا ما مدة تزيد عن 48 ساعة، فإنه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل انقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية.
كما نصت الفقرة الثانية من المادة 65 من ق.إ.ج على أنه :" وبعد أن يقوم وكيل الجمهورية باستجواب الشخص المقدم إليه يجوز بإذن كتابي أن يمدد حجزه إلى مدة لا تتجاوز 48 ساعة أخرى بعد فحص ملف التحقيق".
أما الفقرة الثالثة فقد نصت على أن :" ويجوز بصفة استثنائية منح ذلك الإذن بقرار مسبب دون تقديم الشخص إلى النيابة، تضاعف جميع الآجال المنصوص عليها في هذه المادة إذا تعلق الأمر بجنايات أو جنح ضد امن الدولة، ويجوز تمديدها دون أن تتجاوز 12 يوما إذا تعلق الأمر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية".
الفرع السابع : عدم ممارسة إجراءات التلبس مراعاة لاتفاقات أو نصوص خاصة.
عندما يتعلق الأمر بحالة من حالات الجريمة المشهودة المنسوبة إلى شخص يتمتع بالحصانة الدبلوماسية في الأشخاص الذين تشملهم الاتفاقات أو المعاهدات الدولية الثنائية أو الجماعية، فإن دور وكيل الجمهورية سيكون محدودا جدا، وأنه يستعين عليه مراعاة الإجراءات التي تتضمنها مثل هذه المعاهدات أو الاتفاقات ولا يجوز له تجاهلها أن تعديلها إلى غيرها .
أما إذا تعلقت الجريمة المشهودة بأحد أعضاء الحكومة فإن دور وكيل الجمهورية في ممارسة إجراءات معينة لمتابعة يتوقف على رخصة كتابية مسبقة من وزير العدل، ويمنع عليه قبل ذلك ممارسة إجراءات التلبس وأن دوره في هذا المجال سيقتصر على إحالة الملف كما هو إلى النائب العام بالمجلس القضائي الأعلى (المحكمة العليا حاليا) عن طريق النائب العام بالمجلس القضائي التابع له، أما إذا تعلقت الجريمة بأحد قضاة المجلس القضائي الأعلى (المحكمة العليا حاليا) أو بأحد الولاة أو بأحد رؤساء المجالس القضائية أو النواب العامين لدى أحد هذه المجالس، فإن دور وكيل الجمهورية الذي يبلغ بالحادث سيكون محصورا ضمن ما نصت عليه المادة "573" من ق.إ.ج من وجوب إحالة الملف مباشرة إلى النائب العام بالمحكمة العليا، ثم تنتهي مهمته وينتهي دوره.
- نص المادة "573": القانون رقم (90-24 المؤرخ في 18/08/1990) " إذا كان عضوا من أعضاء الحكومة أو أحد قضاة المحكمة العليا أو أحد الولاة أو رئيس أحد المجالس القضائية أو النائب العام لدى المجلس القضائي قابلا للاتهام بارتكاب جناية أو جنحة أثناء مباشرة مهامه أو بمناسبتها يحيل وكيل الجمهورية الذي يخطر بالقضية الملف عندئذ بالطريق السلمي على النائب العام لدى المحكمة العليا، فترفعه هذه بدورها إلى الرئيس الأول لهذه المحكمة إذا ارتأت أن هناك ما يقضي المتابعة وتعيّن هذه الأخيرة أحد أعضاء المحكمة العليا ليجري التحقيق" .
ويقوم القاضي المعين للتحقيق في جميع الحالات المشار إليها في هذه المادة بإجراءات التحقيق ضمن الأشكال والأوضاع المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية المتعلقة بالتحقيق الابتدائي في الجرائم مع مراعاة أحكام المادة: "574" من ق.إ.ج.
والأمر كذلك بالنسبة إلى الأشخاص المشار إليهم في المواد: "575"، "576"، "577"من ق.إ.ج وهم قضاة المجالس القضائية ورؤساء المحاكم ووكلاء الجمهورية وقضاة المحاكم وضباط الشرطة القضائية، حيث يتعين على وكيل الجمهورية عندما يخطر بالجريمة المرتكبة من أحد هؤلاء الأشخاص أن يتخذ التدابير والإجراءات المنصوص عليها في هذه المواد السالفة الذكر، ولا يجوز له ممارسة متابعة الدعوى العمومية ولا ممارسة إجراءات التلبس باعتبار أنه يستخلص من دراسة المواد السابقة ذكرها أن وكيل الجمهورية ليس له أي دور قضائي في مثل هذه الحالات وأن ليس من اختصاصه تحريك الدعوى العمومية، ولا فتح تحقيق بشأنها ولا إحالتها مباشرة إلى جهة الحكم لأن الاختصاص في متابعة هؤلاء الأشخاص مسند مباشرة إلى النائب العام بالمجلس القضائي الأعلى للمحكمة العليا أو إلى النائب العام بالمجلس القضائي الأعلى للمحكمة العليا أو إلى النائب العام حسب الأحوال.
هذه هي إذن أهم العناصر الأساسية للدور الفعال الذي يمكن أن يلعبه السيد وكيل الجمهورية في ميدان الجناية المشهودة أو المتلبس بها، وفي ميدان الجنحة المشهودة والجنحة العادية المعاقب عليها بالحبس والتي لم يقدم مرتكبها ضمانات كافية للمثول من جديد أمام القضاء، فلنتركه الآن هو و دوره ولننتقل إلى الآخرين ودورهم في مجال هذا النوع من الجرائم المشهودة.
المبحث الثاني: الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية.
تمهيد:
لقد عرّفت المادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية وحددته بصفة واضحة وموضوعية والاختصاص المحلي هو تلك الدائرة القضائية التي يستطيع فيها وكيل الجمهورية مباشرة وظيفته بصفة مباشرة طبقا لقانون الإجراءات الجزائرية.

المطلب الأول: الاختصاص المحلي من النظام العام.
وقواعد الاختصاص المحلي من النظام العام، ويمكن إثارتها في أي وقت وأمام أية جهة قضائية أو أي درجة من التقاضي، سواء أمام المحكمة أو حتى أمام المجلس في حالة الاستئناف لأول مرة ،أو أمام المجلس الأعلى، وبناء على قواعد الاختصاص المحلي من النظام العام فيجب على قاضي الموضوع إثارتها من تلقاء نفسه، حتى ولو لم يثرها الأطراف و يكون وكيل الجمهورية مختصا محليا في الحالات التالية:
1- بمكان وقوع الجريمة.
2- أو محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة.
3- أو بالمكان الذي تم في دائرته القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو حصل هذا القبض لسبب آخر.
ونشرح الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية فيما يلي:
1- بمكان وقوع الجريمة:
من الطبيعي أن يكون وكيل الجمهورية مختصا محليا في جميع الجرائم التي تقع ضمن حدود دائرته القضائية التي يباشر فيها مهامه ****ل جمهورية، فيخوله القانون طبقا للمادة 37 من ق.إ.ج حق اتخاذ الإجراءات اللازمة قانونا من الانتقال إلى عين المكان أو استجواب المتهم الموجود في حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بها (المادة 58،59) ضمن الشروط القانونية وبهذا يحدد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية.
2- بمحل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة:
والمقصود بمحل الإقامة هو الموطن الفعلي الذي يتخذه المتهم مقاما له وسكنا حين وقعت الشكوى ضده أو حين وقوع الجريمة إذا كانت متبوعا مباشرة بعد وقوعها، إذا كانت للمتهم أو المشبوه فيه أكثر من مكان واحد للإقامة والسكن، فيعتبر كل وكيل الجمهورية يقع في دائرته محل إقامة المتهم أو المشتبه فيه مختصا محليا، ومن ألقي عليه القبض الأول في دائرته يمكنه أن يكلف بملف الجريمة ضمن قواعد الاختصاص المحلي من ق.إ.ج.
3- مكان توقيف المتهم:
والمقصود به المكان الذي تم في دائرته القبض على المتهم أو على أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة، حتى ولو كان هذا القبض قد حصل لسبب آخر.
والجدير بالذكر أن منح الاختصاص إلى وكيل الجمهورية بالمكان الذي تمّ فيه القبض على المتهم فيه فوائد كثيرة ومتعددة في معظم الحالات وخصوصا في السرقات التي يقترفها في قطار مثلا دون أن يعرف على وجه الدقة في أي مكان اقترف السارق فعلته، ودون أن يكون له موطن معروف في المدينة التي توقف فيها القطار، أو قام المتهم المتشرد بعدة سرقات من أماكن متعددة ثم ألقي القبض عليه مع أو بدون تلك الأشياء، فوكيل الجمهورية المختص محليا هو الذي ألقي القبض على المتهم في حدود دائرته القضائية، والمادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على ذلك بقولها:" يتحدد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية بمكان وقوع الجريمة، وبمحل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فيها تؤكد بالمكان الذي تم في دائرته القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو حصل هذا القبض لسبب آخر".
وباختصار فإنه يتحدد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية بمكان وقوع الجريمة، فإذا وقعت جريمة ما في دائرة اختصاص محكمة معينة (دائرة قضائية) فإن وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة محليا هو المختص بالإجراءات الجزائية الواجب اتخاذها إزاء الجريمة المرتكبة هذا إذا ألقي القبض على المجرم الذي قام باقتراف هذه الجريمة.
أما إذا لم يقبض على المجرم، بل فر هاربا فإن وكيل الجمهورية المختصة هو الذي يقع بدائرته مقر إقامة المجرم المتهم أو أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فيها، إذا كان له محل إقامة معين، أما إذا قبض على المتهم أو المشتبه فيه فإن وكيل الجمهورية المختص هو الذي تم في دائرته القضائية مقر إقامة المجرم المتهم أو أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فيها، إذا كان له محل إقامة معين، أما إذا قبض على المتهم أو المشتبه فيه فإن وكيل الجمهورية المختص هو الذي تم في دائرته القضائية القبض على المتهم طبقا للمادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثاني : وكيل الجمهورية وإدارة الضبط القضائي.
تنص المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية، الفقرة الثانية على أنه: " يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي ويشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي وذلك تحت رقابة غرفة الاتهام بذلك المجلس".
إذن من خلال نص هذه المادة نستنتج أن إدارة الضبط القضائي موكولة إلى وكيل الجمهورية ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة، نظرا لما يقوم به من مهام وله الحق في أن يباشرها بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، وله سلطة إدارة الشرطة القضائية.
وقد جعل القانون ضباط وأعوان الشرطة القضائية تحت إشراف السيد وكيل الجمهورية على مستوى المحكمة فيما يخص أعمالهم الخاصة بالضبط القضائي، وقد خول له القانون أيضا أن يطلب من غرفة الاتهام النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته المهنية أو تقصير في أداء عمله.
وفي هذا المجال إذا تعلق الأمر بضابط الشرطة للأمن العسكري، تحال الفضية على غرفة الاتهام من طرف النائب العام بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية العسكري الموجود بالمحكمة العسكرية المختصة إقليميا، وغرفة الاتهام المتواجدة بالجزائر العاصمة تعتبر صاحبة الاختصاص فيما يتعلق بضباط الشرطة القضائية للأمن العسكري حسب نص المادة 207 من قانون الإجراءات الجزائية.
وفيما يخص إجراءات التحقيق التي يقوم بها ضباط وأعوان الشرطة القضائية في جريمة ما منصوص عليها قانونا فإن وكيل الجمهورية يقوم باتمام جميع أعمال الضبط القضائي، كما تنص المادة 56 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه (ترفع يد ضابط الشرطة القضائية من التحقيق بوصول وكيل الجمهورية لمكان الحادث، ويقوم وكيل الجمهورية بإتمام جميع أعمال الضبط القضائي المنصوص عليها في هذا الفصل).
وتتم إدارة الضبط القضائي من قبل وكيل الجمهورية في إصدار تعليمات نيابية، فما هي التعليمية النيابية ؟.
الفرع الأول :التعليمية النيابية.
تعريف : التعليمية النيابية هي مجموعة الأوامر التي تتلقاها الضبطية القضائية من قبل وكلاء الجمهورية والغرض منها فتح تحقيق في قضية ما أو الإستمرار في التحقيق الأولي بحيث يجب التقيد بمحتواها أي أنه لا يحق بأي حال من الأحوال أن يخرج ضابط الشرطة القضائية عن النطاق المطلوب تنفيذه، والملاحظ أن تعليمات النيابة على اختلاف أنواعها يمكن تقسيمها إلى قسمين : فهناك تعليمات يطلب فيها السماع أو إجراء تحقيق وهناك تعليمات موضوعها التبليغ بالحفظ، والتعليمات هذه تكون نتيجة الشكاوي التي يتلقاها وكلاء الجمهورية مباشرة من المواطنين بحيث تقيد وتسجل هذه الشكاوي في سجل خاص لدى كتابة ضبط نيابة الجمهورية أين ترقم وتسجل ثم ترسل بعدها إلى الجهة المحددة من قبل وكيل الجمهورية.
الفرع الثاني : أنواع التعليمات النيابية.
إن السند القانوني للتعليمات النيابية نجده في المادتين: 36 و 63 من ق.إ.ج، حيث هناك نوعان من التعليمات : كتابية وأخرى شفاهية.
1- التعليمات النيابية الكتابية :
تتخذ هذه التعليمات الشكل الرسمي وتتم بناءا على شكوى مصحوبة بادعاء مدني يتلقاها وكيل الجمهورية لدى محكمة ما من طرف أحد المواطنين يطلب منه التدخل لأمر جزائي يهمه، وبعد دراسة الشكل القانوني للشكوى يوضح وكيل الجمهورية المهمة المطلوبة على جدول إرسال يرفقه بشكل المواطن، وعلى رجال الشرطة القضائية التقيد والإلتزام بما هو مطلوب منهم تنفيذه، ثم يعاد الملف إلى وكيل الجمهورية بعد تنفيذ المضمون، كما قد تكون تعليمات النيابة بناءا على ملفات قضائية ناقصة قد أرسلت إلى وكيل الجمهورية من طرف ضابط الشرطة القضائية، فيطلب إكمال ما يلاحظه من نقائص بناءا على تعليمات نيابية ترفق بالملف.
2- التعليمات النيابية الشفوية :
هذا النوع من التعليمات يتلقاها ضابط الشرطة القضائية معاملة مع وكيل الجمهورية بمناسبة التحقيق في مختلف الجنايات والجنح التي تقع في دائرة اختصاصه، حيث أن قانون الإجراءات الجزائية يلزم ضابط الشرطة القضائية بضرورة إخطار وكيل الجمهورية عن كافة الجرائم التي تصل إلى علمه، ومن الوسائل القانونية المستعملة في ذلك الهاتف، حيث يتلقى ضابط الشرطة القضائية تعليمات من السيد/وكيل الجمهورية من أجل البدء في التحقيق أو مواصلة أو القيام بأية مهمة من مهام الضبط القضائي، وقد تطرق قانون الإجراءات الجزائية في المواد من 12 إلى 27 إلى مهام الضبطية القضائية و علاقتها بوكيل الجمهورية.












الخلاصة:
من خلال ما تطرقنا إليه في هذا البحث الذي شمل مهام واختصاصات النيابة العامة، ومهام واختصاصات وكيل الجمهورية بصفة خاصة كونه ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة، يمكننا أن نستخلص أن إدارة الضبط القضائي موكلة إلى وكيل الجمهورية حسب ما نصت عليه المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية الفقرة الثانية " يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي ويشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي وذلك تحت رقابة غرفة الاتهام بذلك المجلس".
إذا كانت إدارة الضبط القضائي موكلة إلى وكيل الجمهورية، فإن ذلك يعود إلى ما هو مكلف به من مهام يباشرها بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات وذلك طبقا للمادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية، فهو مكلف أيضا بمباشرة الدعوى العمومية وهو الحاصل على المعلومات القانونية لمتابعة المتهمين، وإذا لم تكن له سلطة إدارة الشرطة القضائية لا يمكنه أن يباشر المهام الملقاة على عاتقه، ونظرا لمكانته الخاصة في هيئة القضاء تمكنه من أداء دور الإدارة بكل حزم وصرامة.
وقد جعل قانون الإجراءات الجزائية ضباط وأعوان الشرطة القضائية تحت إشراف السيد/وكيل الجمهورية فيما يتعلق بأعمال وظائفهم الخاصة بالضبط القضائي، وقد خول له القانون أيضا أن يطلب من الجهة المختصة والتي هي غرفة الاتهام النظر في أمر كل ما تقع منه مخالفة لواجباته الوظيفية أو تقصير في أداء عمله.









 


قديم 2011-04-10, 19:47   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الف الف الف شكر على هذا العمل المتميز.










 

الكلمات الدلالية (Tags)
العامة, النيابة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc